Quantcast
Channel: د.جوزيف زيتون
Viewing all 1470 articles
Browse latest View live

أحذر “الخرزة الزرقاء”تجلب الشيطان

$
0
0

أحذر “الخرزة الزرقاء” تجلب الشيطان

هل فكرتم يوما لماذا لون الخرزة أزرق وما علاقة الوشم بالخرزة الزرقاء؟

وما هو السر الذي يكمن وراء العين والخرزة الزرقاء؟

لماذا يعلق الناس خرزة زرقاء فوق ابواب بيوتهم وعلى ثياب الأطفال الرضع؟

هل فكرتم لماذا البدو وسكان الارياف يضعون نقط زرقاء على وجوههم و ايديهم؟

الجواب

لأن الخرزة الزرقاء بدعة ترمز الى شيطان لونه ازرق وله عين واحدة. جذور هذه البدعة تعود الى العصر البابلي الوثني، وجاءتنا عن طريق المشعوذين والسحرة أتباع الشيطان الذي يُعلم اتباعه طرقا تجعله يدخل البيوت من ابوابها بطرق سهلة وجميلة.

والانسان بطبيعته الساقطة يتقبل بسرعة مثل هذه الاشياء، وخاصة اذا كانت للزينة أوالحماية. زرع الشيطان في بيوتنا منذ القدم هذه البدعة على مدى عصور وباشكال مختلفة حتى يومنا هذا ليبعد البشرعن الحق.

بدأت بخرزة، ثم نقط زرقاء على الوجوه والأيدي.

البدو والناس الذين يعيشون في الارياف خاصة في العراق، هم اكثر الناس استعمالا للنقط الزرقاء على وجوههم وايديهم لانهم منحدرون من البابليين.

كما تعود ايضا فكرة الخرزة الزرقاء إلى العبادات الهندوسية والصينية القديمة، وأرتبطت أيضا بالعبادة الوثنية المصرية القديمة، والتى تسمي بالعبادات الشيطانية!!

ونظرا لان هناك الكثير منا يؤمن بالحسد، بل بعضنا يعانى منه كثيرا، فالحسد مذكور فى الأديان… فالكثير من الناس يلجاؤن الى استخدام العديد من هذه التمائم ” لمنع الحسد “، والتى يعلقها الخائفون من الحسد والعين مثل (خمسة وخميسة، الكف، العين الزرقاء، الخرزة الزرقاء، حدوة الحصان، قرون الشطة، المفتاح) وغيرها من الأدوات بالاضافة إلى كتابة العبارات. حيث أن هناك موروث شعبى خاطئ توارثته الأجيال بأن هناك طاقة شريرة مؤذية تخرج من عين الحاسد تصيب المحسود بالضرر والشر. لذلك يقوم الكثير من الناس بارتداء مثل تلك التمائم للتزين بها… او تعليقها بمرأة السيارة… او على ابواب المنازل … حتى الاطفال الرضع حيث بات الكثيرون يضعون مثل هذه التمائم على ملابس الطفل الرضي .

ان استخدام التمائم الخاصة بالحسد مثل الخمسة وخميسة وغيرها من الاشكال الزرقاء ستجلب لك الشيطان لانها مأخوذة من ” السحر الأسود Black Magic “

فأى تميمة أو خرزة زرقاء يرتديها الشخص المحسود هى بمثابة ” وسيط لإستحضار أرواح شريرة مرتبطة بهذا الخرز ومختفية وراءه. فهذه الأشياء تعمل ما يعرف بـ” الثغرة Faill ” لأن الشخص يكون ضعيف وخائف من الحسد وهذه الحالة تستغلها الأرواح الشريرة لتدخل من خلالها إليك لتستولى على ذهنك، وأن أمكن جسدك أيضا. فاحذر يا اخي من استخدام هذه التمائم أو ارتداء الخرز الذى يجلب لك مصيبة أكبر مثل دخول إبليس إليك.

والشيطان يحاول دائما خداع الناس بأن يعكس اقوال الرب ليسيطر على الإنسان.

حيث يجدد الشيطان خدعه باستمرار لتتماشى مع مختلف العصور، فجاء بالوشم كصرعة جديدة تقبلها الكثير من الشباب السهل الانقياد. فنرى الوشم على أذرعهم وأذرعهن باشكال مختلفة كالعقرب والحية وغيرها من الأشكال المرعبة التي تمثل الشيطان. الهدف واحد وهو السيطرة على تفكير الشباب. لذلك كثيرة هي مشاكل الشباب لان سلطان الشيطان يقوى عليهم من خلال اقتنائهم في ملازمة اجسادهم .

لماذا تعلق العين الزرقاء بالذات على عتبة باب البيت؟

لأن الشيطان يريد أن يقلد الرب ويحل محله في حياتنا. فبدلا من أن يكون الصليب معلقا على الباب، والمسيح واقف يقرع عليه، نعلق العين الزرقاء فيكون الشيطان هو القارع.

كما أن العين فوق عتبة الباب تعني ان عين ابليس على اهل البيت.

وعندما نسمح لعين ابليس أن تكون على بيتنا بدلا من عين الرب علينا الا نستغرب العواقب.

احذروها

يباع في بعض الأماكن ايقونات تشتريها الناس كهدايا. والايقونة عبارة عن صورة للسيد المسيح خلفيتها دائرة معدنية اكبر من الصورة، وخرزة زرقاء فوق الصورة واخرى تحتها، وثلاثة صلبان معلقة تحت الدائرة وخرزة زرقاء فوق كل صليب.!!!

يريد الشيطان أن تكون سيطرته فوق المسيح، ففي الخرزة فوق صورة المسيح يقول انا ملك السماء، والخرزة تحت الصورة، انا ملك الارض، والخرزات فوق الصلبان الثلاثة انا الغالب والصليب هو المغلوب.

هذا هو جهلنا الذي يستغله ابليس حتى في عمل رموزنا الدينية فيدنسها ويدنس أجسادنا التي هي هياكل الروح القدس. ولهذا نرى الناس في ضياع وظروف سيئة ومشاكل وهموم وامراض. لأننا من غير أن نعلم جعلنا من الحجر/ الخرزة الزرقاء صنماً اتكلنا عليه في حمايتنا فصار لنا اله.

فلنطرد هذا الشيطان من بيوتنا، ولنتحرر من العادات الموروثة من الوثنية لكي تعود حياتنا تابعة لرب المجد الذي أحبنا وفدانا بموته على الصليب.

 

(المسي الهي صفحة روم ارثوذكس)

المجاهد الأسقف استفانوس حدّاد…1923-2005

$
0
0

 

المجاهد الأسقف استفانوس حدّاد 1923-2005

مقدّمة

 علم أنطاكي معاصر وحبر متميز  مجاهد من أحبار كرسينا الأنطاكي المقدّس، جاهد في سبيل انطاكية العظمى وكرسيها المقدس في كل الابرشيات المترملة.

الاسقف استفانوس حداد لم يكن شخصاً عادياً، بل كان مجاهدًا كالقديسين والشهداء والنساك الابرار متمتعاً بغيرة رسولية كشفيعه أول الشهداء استفانوس…، مجاهداً وهب نفسه للرعاية والخدمة والبشارة وإشباع النفوس المتعطشة إلى الزاد الإلهي، غير آبه بزادٍ أو ثوب أو بيت أو  مال، منذ دعوته للكهنوت الشريف قبل 69 سنة. وأخيراً وبعد جهاد مستمر في كرم الرب، استدعاه الباري له المجد إلى جواره ليسترح مع بقية أبراره وشهدائه وقدّيسيه وليتمتع معهم بنور وجهه المحيّ.

في استفانوس، صّحّت صرخة شيخ أنطا كية وملاكها، مثلث الرحمات إغناطيوس الرابع، فكانت صرخة مدوّية نابعة من قلبه الأبوي الكبير والحنون ومعبّرة عن تراث عميق من المعرفة والتقدير لهذا العلم المتميّز “استفانوس رحمة الله عليه..”. صرخة أبكت المصلّين على جسده وروحه الطاهرين من عارفيه وسواهم في مريمية الشام تلك الكنيسة التي تعمدت بدم قريبه  الشهيد في الكهنة القديس يوسف الدمشقي “الخوري يوسف مهنا الحداد”وبدماء رفقته شهداء الشام 1860.

صرخة اغناطيوس بلوعتها وحزنها على هذا المجاهد هي صرخة غير مسبوقة كسائر صرخات غبطته، اختصر فيها سجايا وصفات هذا البار.

قرّرت كعهدي دوماً في الكتابة عن أعلامنا لتكريمهم، أن أبادر إلى ترجمة هذا المجاهد، ولكني احترت من أين أبدأ، إذ لا يوجد في وثائقنا البطريركيّة ما يعطيه حقّه، ولم تشفع معرفتي الشخصيّة به منذ 35 سنة وصداقته بكبيريّ عائلتنا جديَّ لأبي المرحومين فارس وأسما العاملين في حقل الكنيسة والجمعيات الخيريّة، وزيارته التفقديّة لهما وخاصة قبيل وفاتهما، ثم ومن خلال وجودي الدائم في البطريركيّة منذ 1987سنة اميناً للمكتبة وللوثائق البطريركية ومحاولتي أن أكتسب منه المعارف، علماً ان وجودي في الصرح البطريركي متطوعاً كأقراني منذ بدء عهد مثلث الرحمات بطريرك العرب وبطل القدس الياس الرابع.

كنت اعرفه واحترم فيه هذا التواضع من ذاك الزمن ولكني لم اكن اعرف هذه السيرة المشرفة لبطل روحي انطاكي وطني مجاهد قارب القديسين الاوائل في جهادهم لعقود مستمرة حتى الانقضاء لكن ما أسعفني في ترجمتي هذه عنه وشَكَّل عمودها الفقري أطروحة الماجستير في التاريخ الكنسي بمعهد القدّيس يوحنّا الدمشقي-البلمند، التي قدّمها الطالب وسيم نعمة (الأب دانيال) 2001-2002،  وقد ترجمه وهو لم يزل في آخر مشوار الجهاد، وأدعو البقية إلى الإقتداء به في ترجمة الكثير من أحبارنا وعلمائنا الأنطاكيين وهم على قيد الحياة خلافًا للنهج المتبع في التكريم بعد الوفاة، فشكراً للأب دانيال.

سيرته الذاتيّة

ولد علمنا داوود فضل الله حدّاد في آذار 1923 في قرية عرمان بمحافظة السويداء. والده هو فضل الله حدّاد، والدته كريمة الياس حدّاد، وهو اصغر أخويه فارس وموسى وله أخت واحدة أصغر منه وتدعى رسميّة(1). ينتسب في نسبه إلى أسرة الحدّاد التي نبغ منها الشهيد في الكهنة القدّيس يوسف الدمشقي(2)، وتعود في أصولها إلى كبيرها شرفان الحدّاد، والأسرة من منطقة أزرع في حوران، كما قال لي بعد أن نُشرت سيرة القدّيس الخوري يوسف الدمشقي في النشرة البطريركيّة.

حدثت للصبي داوود في صغره العديد من الحوادث (كبقية الأطفال) والتي كادت أن تودي بحياته، ولكن العناية الإلهية أرادت له الاستمرار في الحياة وأن يعاني ما عاناه ليصل إلى ما وصل إليه. من هذه الحوادث” أنه وقع في طفولته في غدير ماء، وذلك في غفلة من أبويه ورفقته الصغار الذين كانوا يصرخون إلى الله أن يبعث له من ينتشله من الماء الذي كاد أن يغرق فيه، وقد أنقذت حياته في اللحظات الأخيرة خالته التي رمت بنفسها لإنقاذه(3).

نشأ الطفل داوود في قريته عرمان، وتلقى دراسته الابتدائية فيها. وتعلم عادات أهلها، وحضر معهم العديد من جلسات المضافات التي كان يُلقى فيها الشعر حيث كان يحلو له سماعه وحفظه. ولما بلغ سن الثالثة عشر من عمره، قرر والده في السنة 1936 إرساله مع أقارب المطران أثناسيوس كليلة(4) إلى طرابلس، ومنها إلى إكليريكيّة البلمند. تمنّع الصبي داوود لأنه لم يكن يريد مفارقة قريته وأترابه واللعب معهم. ولكن قرار الأب كان قاطعاً. فودّع الولد والده وأهله بدموع وبكاء شديدين. وترك هذا الفراق أثراً كبيراً في نفسه، حتى أنه بقي طوال ذلك اليوم دون طعام أو شراب، رغم تعب السفر.

رافقه والده من القرية إلى دمشق،  حيث ودّعه ثانية في بيت الزيات في باب توما، مرافقاً بدموع غزيرة من الصبي داوود. وكانت ذكرى لم تمح من ذاكرته حتى آخر حياته.

في مطرانية طرابلس التقاه مطرانها ألكسندروس جحا(5)وكان وكيلاً للمدرسة الأكليريكيّة البلمندية، وعندها صرخ قائلاً: “هذا ولد صغير”. ترك هذا عنده انطباعاً وصفه بقوله: “عندما رأيت المطران ألكسندروس مع كهنته وتلاميذه وأعضاء مجلس الملّة (كانوا قد خرجوا من اجتماع في المطرانية)، أحسست كأن خيطاً رفيعاً انسلّ في داخلي ليبلغني أن هذا ما أنت فيه هو آخر لقاء لك في العالم، صرت أتشوق لأن أكون تلميذاً للمسيح مخلصاً، وبدأت حياتي الجديدة وكأني مولود فيها، وما عاد يخطر في بالي شيء من حياتي القديمة، وابتعدت حتى عن قراءة رسائل رفاقي التي كانوا يرسلونها إليّ”. وبالفعل فقد انخرط الصبي داوود في حياة الأخوية البلمنديّة مأخوذًا بسحر طبيعة البلمند وحسن رفقة إخوته الرهبان، وفرصة إشباع نفسه المتعطشة للقراءة والتعلم(6).

وعندما سلّمه مدير المدرسة الإكليريكيّة الأرشمندريت سرجيوس سمنة الدمشقي(7) جبتة الرهبانيّة، وكان يحدثهم عن القدّيس استفانوس كبير الشمامسة، اختار الصبي المبتدىء داوود هذا القدّيس شفيعاً له وتسمّى به إلى الأبد.

عاد إلى دمشق بعد ثلاث سنوات، كانت مليئة بالفائدة والذكريات الروحيّة، لأن المدرسة البلمنديّة كانت قد أغلقت عام 1939 بسبب قيام الحرب العالمية الثانية(8). فتابع دروسه في مدرسة الآسية الأرثوذكسية(9) بدمشق، وكان يقضي وقته نهاراً ويتناول طعامه في الدار البطريركيّة، وينام ليلاً في ميتم جمعية القدّيس غريغوريوس الارثوذكسية في القصاع(10). وهكذا كان ينشأ علمياً ودينياً في آن واحد حيث كان مواظباً على الاجتماعات الدينيّة التي كانت تعقد في بيت الزيات، البيت ذاته الذي ودّع فيه أبيه وهو في سن الثالثة عشرة قبل ذهابه إلى البلمند. وتخرج من الآسية، وسُجل في الجامعة اليسوعية في بيروت ودرس فيها اللغة الفرنسية والأدب العربي بالمراسلة. وهكذا أصبح هذا المبتدىء على درجة كبيرة من النضوج والوعي العلمي والديني ما لفت إليه نظر المثلث الرحمات البطريرك ألكسندروس طحان الدمشقي(11) الذي عينه مديراً لمدرستي بلدتي قطنا وداريا الأرثوذكسيتين سنة 1945،  وكان لم يتجاوز الثانية والعشرين من العمر. فأدار المدرستين باقتدار ودبر أحوالهما الماديّة خاصة بسبب الفقر السائد وقتئذٍ، إضافة إلى قيامه بالتدريس فيهما. ترك في القريتين أثراً طيباً بصفته راعياً وواعظاً في الكنائس وراعياً للشبيبة، على غرار ما تعلمه في الشام، بالإضافة إلى السهرات الروحيّة والإنجيلية التي كان يقيمها في البيوت، لذا أحبه سكان القريتين حيث وجدوا فيه صفات المعلم والكاهن والمدير الناجح، وصاروا يلجأون إليه في حلّ مشاكلهم.

رسامته

بتكليف من البطريرك ألكسندروس، رسمه الوكيل البطريركي، الأسقف سرجيوس سمنة في أيلول 1447، أي في عيد القدّيسة تقلا، شماساً إنجيليّاً، وكان البطريرك قد سرّ من أخبار نجاحه في قريتي قطنا وداريا. فرسمه بعد أسبوع من شموسيته كاهناً وهيأه لإدارة مدرسة البلمند الإكليريكيّة. وقد برر غبطته هذه الرسامة المتلاحقة، في سن مبكرة بقوله: إنها التقوى، فهو عندما يصلّي، إنما يصلّي بتقوى مما يجعل صلاته مستحبة..”(12) بعد رسامته كاهناً، ذهب الخوري استفانوس مباشرة إلى البلمند مرة أخرى، لكن ليس طالباً بل ناظراً للمدرسة الإكليريكية التي كانت بإدارة الأسقف سرجيوس سمنة، حيث علّم تلامذتها وأشرف عليهم وخدمهم من كل قلبه انطلاقاً من ذكرى طفولته وتلمذته الأولى في هذه المدرسة. فكان لهم أباً عطوفاً وأستاذاً ساعياً لمصلحتهم، وهكذا ساهم في إنشاء جيل إكليريكي أصبح العديد منه مطارنة..

في حلب

 المجاهد الأسقف استفانوس حدّاد...1923-2005
المجاهد الأسقف استفانوس حدّاد…1923-2005

بقي الخوري استفانوس في دير البلمند ثلاث سنوات، حيث غادره في السنة 1950 إلى حلب بأمر من البطريرك ألكسندروس ونزولاً عند رغبة مطرانها الياس معوض(13)، حيث بقي فيها ما يقارب العشر سنوات. وكانت هذه الفترة من أهم المراحل في حياته لأنها كانت مملوءة بالعطاء والإنجازات، وقد استطاع من خلالها أن يكتسب مودة واحترام أهلها، وأن يترك أثره فيهم، بالرغم من تعدد الطوائف بأكثرية من الروم الكاثوليك. وتعامل معهم تعاملاً لائقاً، الأمر الذي ساعده على النجاح في مهامه الرعوية في حقل كنيسته الأرثوذكسية الحلبية بسهولة ودون مضايقات، إضافة إلى معرفته بالدين الإسلامي وعادات أهله التي ساهمت بدورها في كسب ودّ وإعجاب المسلمين في حلب. لذلك أقامه المطران الياس وكيلاً عنه في إدارة شؤون الأبرشية، وقد بدأت وقتئذ بينهما علاقة متميزة قائمة على تقدير المطران لجهود وكيله وعلمه واقتداره، فكلفه بإدارة مدرسة الأقمار الثلاثة الأرثوذكسية في حلب.

كان للخوري استفانوس الدور الرئيس في تأسيس حركة الشبيبة الأرثوذكسية(14)في حلب عام 1956. وكان أول رئيس لمركز حلب الذي ضمّ حينها حوالي 400 عضو. وافتخر الحلبيون برئاسة الخوري استفانوس لمركز شبيبتهم الأرثوذكسية، وحملوا له التقدير والمحبة، وتعلموا منه الكثير.

ولمّا لم تكن في حلب وقتئذٍ إلاّ كنيسة أرثوذكسية واحدة هي كنيسة السيدة، شمّر الخوري استفانوس عن ساعد الجد لتوفير كنيسة جديدة، فقام باستئجار دار عربية كانت تعقد فيها الاجتماعات الروحيّة، وتقام فيها الصلوات، وسرعان ما تحولت إلى كنيسة على اسم القدّيس جاورجيوس في حيّ الحميدية بحلب، وهي قائمة إلى اليوم، وبذلك تحقق مسعاه وتمّ إيجاد كنيسة جديدة.

ثم قام باستئجار غرفة في دار عربية في جبل السيّدة بحلب،(15) وهي منطقة شعبية كانت تسكنها العائلات المسيحيّة الفقيرة من كل الطوائف، وكان يدفع إيجارها مع مجموعة من الشباب تلامذته من مصروفهم الخاص. وصار يقيم فيها القدّاس الإلهي صباح كل يوم جمعة، وبقيت هذه الغرفة بمثابة كنيسة أرثوذكسية إلى أن غادر الأب استفانوس حلب، حيث لم يعد يهتم بها أحد إلى أن أخذها الروم الكاثوليك(16).

هذا وقد جعل جمعية الأربعين شهيداً جزءً من حركة الشبيبة الأرثوذكسية في حلب، وكان أغلب أعضاء هذه الجمعية يزاولون مهنة البناء، فطرح عليهم فكرة بناء كنيسة جديدة حيث وافقوا بالإجماع، وعلى أثر ذلك تأسست جمعية بناء كنيسة مار الياس وفرضت على كل أسرة اشتراكاً شهرياً ليرة سورية واحدة لتمويل هذا المشروع، واستطاعت هذه لجمعية جمع مبلغ ( 40000) ليرة سورية، فاشترت أرضاً أصبح ثمنها لاحقاً ما يقارب (80) مليون ليرة سورية وهكذا كانت بداية المشروع(15). 

اعتز الحلبيون الأرثوذوكسيون به كاهناً تميز بنشاطه الرعوي وبوعظه وتعليمه وشرحه القدّاس الإلهي لهم بشكل مبسّط، وبتشجيعه إياهم على المناولة المستمرة وإعادة إحياء سر الاعتراف، في حين أنهم كانوا يتناولون الزاد الإلهي مرتين في السنة في عيديّ الميلاد والفصح كبقية الأرثوذكسيين في سائر الأبرشيات. وقد أحبه الحلبيون لتعففه عن حب المال ما لم يروه في غيره، حيث أنه كان يعتذر عن تقدماتهم المالية في كلّ مناسبة وزيارة رعوية. لقد شعر الحلبيون بأهمية وجودهم في حياة الكنيسة وأهمية وجود الكنيسة في حياتهم من خلال متابعته الميدانية لهم، خصوصاً إن توانى أحدهم عن الحضور إلى الكنيسة، فأقبلوا بشكل ملفت على الكنائس للصلاة واعتزوا بانتمائهم الأرثوذكسي بعدما كانوا يخجلون قبلاً بهذا الانتماء!(16). وفي حقيقة الأمر فإن الخوري استفانوس بعث نهضة أرثوذكسية روحية وعمرانية حقيقية في حلب بمباركة مطرانها الذي رقاه أرشمندريتاً تقديراً لخدماته وجهوده في سنة 1958 قبيل مغادرته حلب.

في حوران

قرر المجمع الأنطاكي المقدّس برئاسة البطريرك ثيودوسيوس أبو رجيلي(17) قي 29 أيار 1959 في الدار البطريركيّة بدمشق، “تنحية مطران حوران أثناسيوس كليلة عن أبرشيته مع احتفاظه بلقب راعي الأبرشية وأن تنقل إقامته إلى الدار البطريركيّة في دمشق، حيث يعين له راتب شهري، وأن يختار غبطته أحد رجال الأكليروس الذين يرى فيهم المقدرة والكفاية للقيام بأعباء إدارة أبرشية حوران”. فوقع الاختيار على ابن الأبرشية الأرشمندريت استفانوس حدّاد ليكون معتمداً بطريركيّاً فيها. وكان الاختيار حسناً لأنه كان عارفاً بأهل أبرشيته الأم وعاداتهم وعارفاً باحتياجاتها الروحية، فالشعب الأرثوذكسي كان يغط في سبات روحي عميق، وتختطفه الإرساليات الكاثوليكية والبروتستانتية، ولا توجد كنائس، ولا حتى مطرانية لإقامة المطران.

قام الأرشمندريت استفانوس يجاهد في بعث الحياة الروحيّة في هذا الشعب البسيط والحار في إيمانه، فتنقل في قرى الأبرشية لمدة سنة، معلماً واعظاً وكاهناً. وكان يقيم في بيوت رعيته. وكان يعقد الاجتماعات الدينية للشبيبة ويقوم بالتعليم والوعظ والإرشاد والسهرات الروحية. وباشر بوضع مشاريع بناء العديد من الكنائس، وبدأ ببناء دار المطرانية الحالية في السويداء. فتحولت الأبرشية خلال السنة الأولى من رعايته لها إلى ورشة حقيقية في بناء النفوس والأجساد وعمران الكنائس. وقد أوردت مجلة النعمة البطريركية(18) في عددها السادس من السنة الأولى 1960 التالي: “ما زال صاحب الغبطة البطريرك ثيودوسيوس السادس يتعهد هذه الأبرشية بعنايته الأبوية وتدريبه لمعتمده البطريركي فيها قدس الأرشمندريت استفانوس حدّاد العامل النشيط في كرم الرب هذا..”. وعدّدت المجلة الإنجازات التي أجراها المعتمد البطريركي الأرشمندريت استفانوس وهي

  1. إنشاء دار المطرانية في السويداء وتأثيثها بالأثاث البسيط واللائق وهي دار حسنة وتقوم إلى جانب الكنيسة في أرض مساحتها ( 6400) متر مربع.
  2. بناء كنيسة القدّيس جاورجيوس في عرمان..
  3. استمرار العمل في تشييد كنيسة مار الياس في عرى..
  4. افتتاح مشروع بناء كنيسة السيّدة في درعا وتشكيل لجنة الإشراف…

وتتابع مجلة النعمة القول

“زار البطريرك ثيودوسيوس الأبرشية يوم الجمعة 28نيسان 1961 حيث تفقد بناء الكنيسة في درعا ثمّ حلّ في دار المطرانية في السويداء وأشرف على إكمال بنائها، ثم أشرف أيضاً على أعمال حفر الأساس للكنيسة الجديدة في قرية زينبة.. ودشن كنيسة القدّيس جاورجيوس في 14 أيار 1961 بحضور سلطان باشا الأطرش “القائد العام للثورة السورية” ضد المحتل الافرنسي، وزعيم  محافظة السويداء…وألقى المعتمد البطريركي خطاباً ممتعاً…”. وتعود النعمة في عددها الصادر بتاريخ كانون الأول 1961 لتذكر ما ملخصه: “لا يزال الإصلاح ناهضاً بأبرشية حوران ومستمراً على قدم وساق بهمة وعناية غبطة البطريرك وعلى يد المعتمد البطريركي الأرشمندريت حدّاد وذلك بتوفيق إلهي..”.

  “…صلخد، كان فيها كنيسة أرثوذكسية بيزنطية قديمة وشيّد الفرنسيون كنيسة عل أساسها وأرضها، وبعد جلائهم اختلف الكاثوليك والأرثوذكس عليها فربحت الدعوى الطائفة الكاثوليكية مع أنه لا يوجد فيها بيت كاثوليكي واحد. ولكن بمساعي المعتمد البطريركي وبروح المحبة والوداعة وبالمراجعات المسيحية الودّية مع الطائفة الكاثوليكية الشقيقة تمّ التنازل عنها للطائفة الأرثوذكسية وتسلّم المعتمد البطريركي سند تمليكها قبل أيام، وهكذا حصلت الطائفة على كنيسة جديدة...عرى، تحقق أكثر من نصف حلم رعية عرى الكبيرة بإتمام بناء كنيستهم وسقفها. هذه الكنيسة التي كانت أساساتها منذ ثلاث عشرة سنة، أقيمت على سقفها قبة مار الياس العظيمة. والجدير بالذكر كيف تنادت الرعية يوم صبّ السقف لتوفير العمل، فكنت تجد نحو مائتي نسمة من الرجال والنساء في أعمال النقل والجبل والرفع وطبخ الطعام…. والمعتمد البطريركي يعمل معهم طوال النهار وعند المساء، يجمع الأولاد للتعليم المسيحي، وفي الليل تقام السهرة الروحيّة الشعبية والصلاة.

  …الأصلحة والدارة، قريتان مسيحيتان أرثوذوكسيتان، كانت في كلّ منهما كنيسة قديمة معرضة للخطر. شكّل المعتمد البطريركي في كلّ منهما لجنة نشيطة أمينة من الشباب والشيوخ جمعت الديون وما قدّمه المؤمنون من محاصيلهم في الموسم، كل ذلك لترميم وإصلاح هاتين الكنيستين.

  …رخم، شُكلت فيها لجنة لتجمع مبالغ ديون كنيستها القديمة المتداعية، التي لا تصلح أبداً للصلاة، وسلّمتها إلى متعهد لإعادة بنائها.

  …معربة، تشكلت فيها لجنة لبناء كنيسة جديدة وجمعت مبلغاً من المال وكمية من القمح وبدأ العمل، وسميّت على اسم ميلاد السيّدة العذراء.

  …درعا، استؤنف العمل في كنيستها الجديدة على اسم البشارة.

  …الزنيبة، استؤنف العمل فوق الأساس الموضوع في الربيع الماضي على اسم رئيس الملائكة ميخائيل وينتظر أن تكون هذه الكنيسة منارة دينية قائمة على الطريق العام بين السويداء ودمشق.”.

  في 11آذار 1962 انتخب المجمع المقدّس الأسقف باسيليوس سماحة مطراناً على أبرشية حوران فلم يبق فيها الأرشمندريت استفانوس بعد ذلك إلا فترة قصيرة لم تتجاوز الشهرين وذلك بسبب سفره إلى اليونان.

  في اليونان

تحقق حلم علمنا في إيفاده إلى اليونان بمنحة دراسية، لدراسة اللاهوت واللغة اليونانية، وصدق معه وعد مطران حلب الياس معوض (الذي سعى ونفّذ) في الإيفاد بعد أن لمس عنده رغبة قوية في تعلم اليونانية ونقل ما فيها من فوائد إلى كنيستنا الأنطاكية. ويقول في ذلك: ” وقد تعرفت منذ الصف الأول إلى السفر العظيم الذي ألفه الطيب الذكر خريسوستومس رئيس أساقفة اليونان وجمعت ما تيسّر من منحتي القليلة لأجمع ثمن الكتاب الذي اقتنيته أولاً في اليونان” وأقام في اليونان علاقات متميزة مع الإكليروس، ولفت نظر أساتذة الجامعة الكبار بأحاديثه وعظاته. وكان يُشهد له إتقانه اللغة اليونانية، ولا سيّما القديمة منها، تشهد له عمقاً روحيّاً يعمل في داخله، فنال تقديرهم واحترامهم حتى أن رئيس الجامعة الذي كان الكثيرون من رجال الإكليروس يتمنون قبلة يده،  قد بادر هو وقبّل يد علمنا تعبيراً عن تقديره واحترامه له وحذا حذوه أساتذة الجامعة الكبار. ونشير إلى أن الأرشمندريت استفانوس بدأ بتعلم اليونانية متأخراً وهو في سن الأربعين من عمره، وأنهى دراسته تاركاً أثراً طيباً في نفوس اليونانيين لتفوقه واجتهاده وروحانيته، وعاد إلى الوطن في سنة 1970.

في دير القدّيس جاورجيوس الحميراء البطريركي

بعد عودته من اليونان، أسند إليه البطريرك الياس الرابع مهمة  رئاسة الدير خلفاً للأرشمندريت كوستا،(19) وبقي فيه ثلاث سنوات(20) تقريباً أتم فيها بناء المبنى الجديد الخارجي المخصص للمخيمات الصيفية لفروع مدارس الأحد الأرثوذكسية في سورية، ليعود بعدها إلى دمشق عام 1973 راعياً لكنيسة الصليب المقدّس في القصاع، تنفيذًا لتوجيه غبطة البطريرك الياس الرابع.

في رعية الصليب لعب دوراً رعائيّاً متميّزاً ذكّر أبناءها بكاهنهم المرحوم أيوب سميّا 1930-1968. بالإضافة إلى صيرورته اليد اليمنى لغبطته في كلّ الاهتمامات بدمشق، مع فسحة من الوقت كانا يقضيانها ليلاً في تبادل وتراشق أبيات الشعر والأدب الذي عشقاه. ونظراً لما تحلى به علمنا من غيرة وورع وتواضع وجهد وعلم ووداعة بإجماع الجميع، رشحه البطريرك الياس(21) إلى درجة الأسقفية لكن وفاة البطريرك حالت دون تنفيذ ذلك.

أسقفيته

تولى غبطة البطريرك إغناطيوس الرابع السدة الأنطاكية، فأدارها بحكمته المعهودة، ونفخ فيها روح البناء على الصعد كافة. وأعاد اللحمة إلى الجسد الأنطاكي بعد الأزمة الأنطاكية الأخيرة. وتقديراً من غبطته لعلمنا وعطائه غير المحدود واستكمالاً لمشروع أسقفيته، فقد رشحه للأسقفية ووافق المجمع المقدّس عليها، ورسم أسقفًا بتاريخ 17 شباط 1980 في الكاتدرائية المريمية بدمشق (حيث ألقى عظة نادرة). ثم انتدبه بعدها لرئاسة دير سيدة البلمند البطريركي، فقام برعاية طلاب معهد اللاهوت بمحبة فائقة، كما أنه قام بإجراء بعض الإصلاحات الضرورية في الدير، بمقدار ما سمحت به الظروف المادية الصعبة وقتئذٍ. في هذه الفترة، نشط الأسقف استفانوس مجدّداً في مجال رعاية الخراف الأرثوذكسية الناطقة في منطقة الكورة التي كانت قد بعدت جراء الحرب اللبنانية القذرة، وأعاد إلى الحضن الكنسي من تغرب لأسباب حزبية وانتماءات عقائدية. كما أن نشاطه الرعوي اجتاز الحدود ليصل إلى منطقة الشمال السوري والبادية بسبب توفر سيارة الدير التي كان يستخدمها في تنقلاته الرعائية. وكان لتحركه هذا أطيب الأثر، فتشكلت صداقات جمعته ومختلف أبناء الكورة الذين تهافتوا على كنيسة دير البلمند طلباً للزاد الإلهي من يده.

وبعد ثلاث سنوات، تسلّم الأسقف أثناسيوس صليبا رئاسة دير البلمند بدلاً عنه في 22 تشرين الثاني 1982 وعاد الأسقف استفانوس إلى البطريركية بدمشق بتوجيه من البطريرك أغناطيوس الرابع، الذي ما لبث أن أوفده بمهمة جديدة إلى أبرشية عكار ليساعد مطرانها بولس بندلي في رعايتها، حيث بقي من 1983-1986، 

ليعود ثانية إلى دمشق بصفة معاون بطريركي في البطريركية، مترئساً الخدم الإلهية في كنائس دمشق، مشرفاً على الرعاية والتعليم الروحي، وخاصة في كنيسة الصليب المقدّس بالقصاع.

في الجنوب اللبناني بمواجهة الاحتلال الاسرائيلي

  وفي عام 1989 كلفه غبطته بمساعدة المتروبوليت بولس الخوري راعي ابرشية صور وصيدا في رحلة عذاب وأمل في هذه الابرشية المنكوبة بفعل الاحتلال والاجتياحات الإسرائيلية المتكررة. فأقام فيها خمس سنوات متنقلاً في قراها، وكانت هذه الأبرشية ميتة فعلاً، لا حراك فيها بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر ونزوح معظم أبنائها إلى بيروت، وهجرتهم إلى المغتربات، فلم يبق فيها إلا أقلية فقيرة ، إضافة إلى مشكلات مستفحلة على صعيد إدارة الأبرشية. احتمل الأسقف استفانوس كلّ هذا الواقع الصعب بصبر وطول أناة وبمزيد من الجهاد والتبشير متابعاً عمله في الرعاية والتعليم، متنقلاً بين رعايا الأبرشية مقيماً لها الخدمات وهو أشبه برحالة لا يملك قوت يومه ولا مصدر عيشه إلا من فضلات بسيطة من مؤمنين فقراء. ويروي باعتزازيعبر عن وطنيته واصالته والم أنه  كم تعرض مراراً لمضايقات وإشهار السلاح عليه من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي لإبقائه على الحواجز ليلاً.  وكم ظلموه بالمبيت ليلاً على حواجزهم لموقفه المناهض للاحتلال… وهكذا بقي في هذه الأبرشية، متكلاً على الله بصبرٍ وثبات في الجهاد إلى حين عودته إلى دمشق، على أثر انتخاب المطران الياس كفوري مطرانًا لأبرشية صور وصيدا بعد وفاة مطرانها بولس الخوري. وكان لهذا الجهاد المستمر الصامت، مع شظف العيش، دوراً رئيساً في تردٍ تدريجي لصحته، حيث أبعده ذلك رويداً رويداً عن الخدمة والعمل، فأقام ردحاً بسيطاً من الوقت في الدار البطريركية، ثم انتقل إلى منزل شقيقه بناء على طلب أبنائه، حيث اعتزل هناك وأمضى ما تبقى من عمره يكتب ما استطاع، إضافة إلى استمراره بالعطاء الروحي لجيرانه، حيث كان يجمعهم مع أهل بيته ويقيم لهم المجالس الروحية والصلوات.

  وفاته

توفي رحمه الله في يوم 28/3/2005 في بيت شقيقه. وفي اليوم التالي نقل جثمانه الطاهر إلى الكاتدرائية المريمية التي شهدت رساماته المتكررة ليتابع جهده، لتودعه مجاهداً وقد التحق بالرب يسوع، وتهافت أبناء أبرشية حوران برمتها، يتقدمها كهنة الأبرشية، في حين كان مطرانها سابا خارج البلاد، إضافة إلى وفود من سائر قرى أبرشية دمشق، يتقدمهم الكهنة مع الجمعيات الأرثوذكسية. وشاركت وفود عديدة من الإخوة الدروز من أبناء حوران وجبل العرب وريف دمشق بشكل لافت أظهر ما كان لسيادته من مكانة لدى هذه الطائفة العزيزة.

أقيمت له الصلوات المعتادة قبل الموعد الرسمي للجناز الذي رئسه غبطة البطريرك أغناطيوس الرابع وعاونه صاحبا السيادة مطران صور وصيدا الياس ومطران حمص جاورجيوس، مع سيادة الأساقفة المساعدين، موسى ولوقا وغطاس، وكهنة الأبرشية ورهبانها وراهباتها كافة، بحضور ممثلين عن رؤساء الكنائس بدمشق. وكان مأتماً مهيباً زاد من مهابته تأبين غبطته المعهود معدّداً صفاته ككاهن ورئيس كهنة، وذكر أنه كان من أفضل الذين تعلّموا خارجاً وعاد إلى الوطن حاملاً ما لم يحمله سواه: لغة يونانية، معلومات لاهوتية…

وقال غبطته: “كان واحداً من الآباء المحترمين في الكرسي الأنطاكي…استفانوس رحمة الله عليه، كان بسيطاً في كل شيء… كان رئيس كهنة محباً للكلمة… لم يكن يهتم كثيراً بذاته..كان لطيفاً… وحاملاً للكلمة..”. وختم بالقول: “الآن هو أمامنا سنصلي من أجله ونطلب من الله أن يجعله يصلّي من أجلنا، رحمة الله على الأسقف استفانوس والتعزية لكم جميعاً أيها الأحباء آمين”.

  ثم وري الثرى في مدفن الإكليروس في مقام القدّيس جاورجيوس في المقبرة الأرثوذكسية بدمشق.

أعماله الكتابية

  1. قام بتعريب كتاب “تاريخ كنيسة أنطاكية” للمؤرخ اليوناني الشهير خريسوستوموس بابادوبولس عن اليونانية حيث أمضى سنتين في تعريبه، وصدر عن منشورات النور عام 1982.
  2. قام بتعريب كتاب “في الكهنوت ورسائل إلى أوليمبيا” للقدّيس يوحنّا الذهبي الفم عن اليونانية ويعتبر من أهم كتب الذهبي الفم التي ترجمت للعربية.
  3. عرّب كتاب “مختارات من القدّيس غريغوريوس اللاهوتي” الذي صدر عن منشورات النور 1994.
  4. استفاد من تعريبه لكتاب “تاريخ كنيسة أنطاكية” واقتطع أجزاء منه ونشرها في كتيبات ومقالات مثل سيرة القدّيس سمعان العمودي وهي من منشورات البلمند 1982.

إضافة إلى مقالات عديدة نشرها في مجلة النعمة البطريركية والنشرة البطريركية. ومع بالغ الأسف فقد فقدت مخطوطات هامة جدًا خطها بيده عبر تاريخه، منها دراسة عن دير البلمند قدّمها إلى الجامعة اليسوعية في بيروت عام 1945، مع نسخة عنها قدّمها لدير البلمند. كذلك كتاب بعنوان: القدّيسة كاترينا وديرها الشهير سيناء، وكتاب حول سيرة القدّيس يوحنّا الدمشقي، إضافة إلى العديد من مذكراته ووثائقه الشخصية ورسائل البطاركة والمطارنة له.

كما اشترك مع البطريرك الياس الرابع في ترجمة القدّيس باسيليوس الكبير، وترجمة مقاطع من الشعر اليوناني الحديث، وهذه موجودة في كراريس البطريرك الياس.

 أحب الأدب العربي والشعر منذ كان صغيراً فتلقنه في المضافات في عرمان ودرسه في الآسية على يد أستاذها القدير ميشيل فرح الذي شجع فيه ميله وموهبته في اللغة العربية وآدابها. هذه الموهبة وهذا الميل نميا أكثر في دراسته الجامعية في الجامعة اليسوعية في بيروت. وقد وهبه الله ذكاء وفطنة وذاكرة ساعدته على حفظ الشعر منذ صغره، حيث كان يحفظ سبعة أبيات من الشعر بمجرد سماعها لمرة واحدة فقط. وكان قد حفظ دواوين أربعة شعراء كبار عن ظهر قلب هم: أحمد شوقي، خليل مطران، حافظ إبراهيم والمتنبي. كما أتقن بالإضافة إلى العربية، اليونانية والفرنسية، مع نبذة عن الإنكليزية وإلمام باللغة العبرية والسريانية.

  صفاته

كان علمنا مربوع القامة نحيل الجسم وجهه لطيف يزداد لطفاً بابتسامته الدائمة الإشراق حتى في أحلك الظروف النفسية والمادية التي مرّ بها. وكان يكتسي على الدوام حلّة كهنوتية كاملة أينما حلّ وكيفما ارتحل مفاخراً بهذا الزي. وكان طيب المعشر جزل اللسان، كريم النفس يجود بما في جيبه لصالح الفقراء والمساكين والرهبان والمبتدئين بصمت وسكون، لا يدع يساره تعرف ما فعلت يمينه من أفعال الإحسان …

  هذا الإنسان البار كان دائم التردد إلى بيوت الفقراء ليواسيهم وليقدم لهم ما يستطيع من معونات، وليشدّد عزائمهم بالكلمة الإلهية، وكان يتطوع للذهاب إلى أصحاب الأمر من أجل دعم أحد أبناء رعيته. كما لم يترك مناسبة إلا وزار فيها المساجين والمرضى والمستشفيات بعيدًا عن الضجيج الإعلامي. كما صادق الجميع، فقراء ووجهاء، وأحبهم وأحبوه وكانوا يفخرون بزيارته. وهذا ما لمسناه في مأتمه المهيب وحديث الناس عنه من مختلف الطبقات.

الخاتمة

ليس من كلمة تقال في خاتمة بحثنا هذا سوى أن نصرخ بملء الصوت رحمة الله عليك يا سيدنا استفانوس، فأنت كنت حاراً في إيمانك وجهادك وصبرك ووداعتك كما كان شفيعك أول الشهداء استفانوس، اخترت شفاعته وافتديت به، صلّي لأجلنا وليكن ذكرك مؤبدًا.

حواشي البحث

(1) مطران بغداد والكويت قسطنطين بابادوبولس

(2) كان أول لقاء لي معه عندما كنت نائبًا لقائد مخيم فوج القدّيس جاورجيوس الكشفي بجوار الدير. وقد ساعد الكشافة بتنظيم الاحتفال في عيد الصليب والعزف فيه مع جمع تبرعات لمشروع البناء الخارجي وكان ذلك في سنة 1970

(3) الأطروحة

(4) مطران أبرشية حوران وجبل العرب 1935-1960

(5) مطران طرابلس ومن ثم حمص

(6) الأطروحة

(7) المعتمد البطريركي في الأرجنتين والأسقف المعاون البطريركي في دمشق، توفي في السبعينات، كان لاهوتيًّأ ولغويًّا متميزًا ترك عدّة مؤلفات منها الميناون بأجزائه الثلاثة بأسلوبه الجزل ارقيق.

(8) 1939-1945

(9) أسسها البطريرك أفتيموس كرمة 1635 وأعاد إحداثها القدّيس يوسف الدمشقي 1840 حيث جعلها بمصاف الجامعات الأوروبية

(10) تأسست في دمشق جمعية حب التسبيح والترتيل عام 1912 من قبل مجموعة من الدمشقيين الأرثوذكسيين برئاسة المطران استفانوس مقبعة وتسمت في ما بعد بجمعية القدّيس غريغوريوس تيمنًّا بشفيع البطريرك غريغوريوس الرابع وتحول هدفها إلى تربية الأيتام الصبيان وأضافت إلى مهامها في الستينات خدمة العجزة

(11) 1931-1958 أنظر ترجمته في النشرة البطريركيّة

(12) لسان حال البطريركية بدمشق(1909-1914) (1960-1968) ثم توقفت نهائيًا وحلت محلها النشرة البطريركية في عهد البطريرك الياس الرابع واستمرت في عهد مولانا البطريرك أغناطيوس

(13) هكذا كان حال سائر الأرثوذكس ليس في الكرسي الإنطاكي فحسب بل وفي الأورشليمي والإسكندري أيضًا فالأرثوذكس متخلفون بخلاف الكاثوليك

(14) 1958-1969 وكان مطرانًا لأبرشية طرابلس وخلفًا للبطريرك ألكسندروس على السدّة الأنطاكية، اتصف بالحكمة والدراية والبلاغة في العربية والفرنسية

(15) مدارس الأحد الأرثوذكسية تأسست عام 1942 في بيروت من قبل مجموعة من الشباب الأرثوذكسي الدارس في الجامعة الأميركية، وهدفت إلى نهضة حقيقية في الكنيسة

(16) حي الأنصاري

(17) الأطروحة

(18) المصدر السابق

(19) 1931-1958 أنظر ترجمته في النشرة البطريركيّة

(20) الأطروحة

(21) البطريرك الياس الرابع 1970-1979 وقد وصف “رجل المحبة” واتصف بالتقوى والعمل الصامت وكان أديبًا وشاعرًا فقيهًا بالعربية واليونانية..

 

إكتشاف مخطوطة صلاة لوالدة الإله تعود للقرن الثالث ميلادي 

$
0
0

إكتشاف مخطوطة صلاة لوالدة الإله تعود للقرن الثالث ميلادي 

عُثر قرب الإسكندرية على أقدم صلاة حتى الآن موجهّة مباشرة ً إلى والدة الإله بعنوان “إلى رأفتك“.

وقد كُتبت على ورقة بردي قبطية ترقى بحسب علماء متخصّصين إلى القرن الثالث الميلادي.

الصلاة مكتوبة باللغة اليونانية أي باللغة نفسها التي كُتبت فيها الأناجيل والرسائل، وهي كناية عن صلاة تشفعّية صادرة عن المؤمنين المسيحيين أبان الإضطهادات التي كانت تصيبهم لردّهم عن إيمانهم بالله المتجسّد الرّب يسوع المسيح.

ترجمة نص الصلاة المكتشفة إلى اللغة العربيّة

إلى رأفتك  Ὑπὸ τὴν σὴν εὐσπλαγχνίαν نلتجئ، يا والدة الله  καταφεύγομεν  Θεοτόκε  

 فعن طلباتنا Τὰς ἡμῶν ἱκεσίας  لا تغفلي في الضيقات  μὴ παρίδῃς ἐν περιστάσει لكن نجينا من المخاطر

ἀλλ᾽ ἐκ κινδύνων λύτρωσαι ἡμᾶς  يا نقيّة وحدك ، يا مباركة وحدك μόνη Ἁγνή, μόνη εὐλογημένη. 

هذه الصلاة نفسها ما زلنا نرتّلها في صلواتنا الأرثوذكسيّة وهي من صلب ليتورجيتنا ولكن بترجمة محدّثة باللغة العربية.

فالمسيحية منذ البدء عرفت الصلوات التضرّعيّة وشفاعة القدّيسين وعلى رأسهم والدة الإله.

صحيح أن العبادة هي للرّب يسوع فقط ولكن تكريم القدّيسين وطلب شفاعتهم هو من صلب الإيمان المسيحيّ. فنحن مدعوون لتحقيق ما أسّسه الرّب يسوع بتجسّده وفدائه على الصليب وقيامته وهو أن نكون جميعنا واحد أحياءً وراقدين متمحّورين حول خالقنا وسيّدنا وإلهنا الرّب يسوع المسيح.

نلاحظ في هذه الصلاة تكرار المناداة لوالدة الإله:” μόνη Ἁγνή, μόνη εὐλογημένη.” فهذا يعطي قوّة هذه الصلاة التي تسلّط الضوء على أهميّة ودور والدة الإله ومفهوم شفاعة القدّيسين عند المسيحيين الأوّلين.

 أيتّها الفائقة قدسها والدة الإله خلّصينا 

(إعداد المركز الانطاكي الارثوذكسي للإعلام)

ما هو الإبيطافيون أو الإيبيطافيوس ؟

$
0
0

ما هو الإبيطافيون أو الإيبيطافيوس ؟
{باليونانية: Ο Επιτάφιον ،Ο Επιτάφιος}

هو عبارة عن قطعة من القماش المُخمَليّ الأرجوانيّ اللون، توضع عليها أيقونة تنزيل السيّد المسيح عن الصليب وتجهيزه للدفن في القبر، تَحتَضنهُ والدته العذراء الكليّة القداسة، ومن حوله تلميذهُ الحبيب القديس يوحنا اللاهوتي، ويوسف الرّامي ونيقوديموس والنِسوَة حاملات الطيب.

وتُحيط بهذه الأيقونة من جهاتها الأربعة، كلمات الطروبارية التي نُنشدها في يوم السبت العظيم المقدس: “إنَّ يـــــــوسف المُتَّقي أحدَرَ جَسَدَكَ الطاهر من العود ولفَّهُ بالسَباني النقيّة وحَنّطهُ بالطيب وجهّزهُ وأضجَعَهُ في قبرٍ جديد.”
وهي في نَصّها اليوناني كالتالي

Ὁ εὐσχήμων Ἰωσήφ, ἀπὸ τοῦ ξύλου καθελών, τὸ ἄχραντόν σου Σῶμα, σινδόνι καθαρᾷ εἱλήσας καὶ ἀρώμασιν, ἐν μνήματι καινῷ κηδεύσας ἀπέθετο·

وتكون كلماتها مُطرَّزة بخيوطٍ مُذهّبة باللغة اليونانية، وعلى الأطراف أهدابٌ مُذهّبة أيضاً، وأحياناً أوراق الكَرمَة وعناقيد العنب أو سنابل القمح رمز سِرّ الإفخارستيا.

وفي الزوايا الأربعة “للإبيطافيون” توجد أيقونات “الإنجيليين الأربعة” (متى، مرقس، لوقا، ويوحنا) الذين كتبوا في البشائر الأربعة للإنجيل المقدس، أحداث الصَّلب والموت والدفن والقيامة، وشَهدوا باتّفاقٍ واجماعٍ عليها: “على فَمِ شاهِدينِ أو ثلاثة تقومُ كلُّ كلمة.” (تثنية 17: 2-6؛ 19: 15). “قد كُتبَ في ناموسِكم أنّ شهادة رَجُلَين صادقة” (يوحنا 17:8) لذلك فهم ليسوا شاهدين أو ثلاثة فقط لتلك الأحداث الخلاصيّة، بل أربعة شهود، مُتخطّين بذلك العدد الذي يَطلبه الناموس لاعتبار أي شهادة صادقة وحقيقية.

في صلاة الغروب ليوم سِرّ الإفخارستيا.، (التي تُقام يوم الجمعة العظيمة صباحاً) أي في خدمة “تنزيل المصلوب” وأثناء ترتيل القطعة الخشوعيّة: “أيها المُتردّي النور كالسِربال…” يحمل الكهنة الإيبيطافيوس فوق رؤوسهم، ويخرجون من الباب الشمالي للهيكل، ويطوفون به ثلاث مرّات حول النعش الخشبيّ الموضوع في وسط الكنيسة، ثم يوضع بداخله وتُنثر فوقه الزهور والرياحين ويُضمّخ بالعطور، ويُشير ذلك إلى وضع جسد المسيح الراقد في القبر بعد تكفينه بالسَّباني وتطييبه بالطيوب.

وعند المساء، في خدمة جناز السيّد المسيح يُحمَل النعش الخشبيّ المُزدان بالورود وبداخله الايبيطافيوس، ويُطاف به حول الكنيسة، وعند عودة الشعب للدخول إلى الكنيسة يقف حاملو النعش عند الباب الرئيسي للكنيسة رافعين النعش إلى أعلى، ثم يبدأ المؤمنون بالدخول إلى الكنيسة عبر مرورهم مُنحَنين من تحت النعش، وذلك تعبيراً عن إيماننا بأننا نحن الذين إعتمدنا للمسيح، سوف نجتاز الموت يوماً ما، ولكن موتنا هو عبورٌ في موت المسيح المُحيي، مشتركين معه في موته ودفنه، لكي نقوم أيضاً معه بقيامته.

وعند ترتيل الطروباريات الثلاث: “عندما إنحدرت إلى الموت… إنّ يوسف المُتّقي… إنّ الملاك حضَرَ عند القبر….” يطوف الكهنة بالابيطافيون حول المائدة المقدسة داخل الهيكل ثلاث مرات، ثم يضعونه على المائدة المقدسة، ويبقى عليها طيلة الأربعين يوماً المُمتدّة بين الفصح والصعود، وذلك لأنّ حدث موت المسيح وقيامته لا ينفصلان، وهما وَجهان لحقيقةٍ خلاصيةٍ واحدة هي حقيقة الفداء. وتُقام القداديس الإلهية طيلة الزمن الفصحيّ عليه دلالةً على أن الجسد والدم اللّذان نتناولهما في الإفخارستيا هما ذاتهما جسد ودم هذا الذي تألمّ وصُلب ودُفن في القبر وقام في اليوم الثالث بجسدٍ نورانيّ مُمجّد، الذين بتناولهما ننالُ عربون تجديد طبيعتنا، فتلبَسُ أجسادُنا الترابيّة في الدهر العتيد صورة جسده القائم المُمجّد.

القديس الشهيد في الكهنة يوحنا الذي سانتا كروز

$
0
0

القديس الشهيد في الكهنة يوحنا الذي سانتا كروز
السيرة الشخصية

ولد القديس الشهيد الجديد يوحنا سانتا سانتا كروز في عام 1937 في قرية Apoikia في جزيرة Andros وكان يسمى Karastamatis. في سن العشرين ذهب إلى أمريكا وأنشأ أسرة. سيم كاهناً وعمل لمدة 10 سنوات بحماس تبشيري في ألاسكا.

بعد خدمة الكنيسة في العديد من الكنائس ، ذهب في عام 1981 إلى سانتا كروز ، إلى كنيسة النبي إيليا ، التي انهى العمل فيها، دشنها وافتتحها لتصبح مركزًا للاعتراف الأرثوذكسي في جميع أنحاء المنطقة حيث ابتعد الناس عن الله والكنيسة.

كان الاب يوحنا بسيطاً في سلوكه، محباً عطوفاً على ابناء رعيته، وكان باب منزله مفتوحاً دائماً، ليلاً ونهاراً. تميزبعظاته نارية لأنها نابعة من فلبه، ولكونه أحب الله بحمية فائقة وأراد أن يحبه الجميع  على منواله لذلك كانت عظاته نارية تدعو الى عبادة الله. كان يذهب إلى الحدائق ويتحدث إلى الشباب الذين لا يعرفون شيئاً عن الله أو كانوا من مذاهب أخرى فيقوم بتبشيرهم.

القديس الشهيد في الكهنة يوحنا الذي سانتا كروز
القديس الشهيد في الكهنة يوحنا الذي سانتا كروز

معجزة زنابق والدة الاله

في منطقة أندروس تحدث دوماً معجزة مع زنابق والدة الإله. فعندما تزهر الزنابق، يأخذ المؤمنون الزنابق ويقدمونها إلى أيقونة والدة الإله. وبعد زمن في وقت لاحق، بطبيعة الحال، تجف الزنابق وتسقط أوراقها ويبقى الساق الجاف.  لذا يترك المؤمنون هذه السيقان جافة عند الأيقونة، وعندما يأتي عيدها،  في كل عام، تزهر  هذه السيقان اليابسة مجدداًوتنتج براعم يانعة.

كان الأب يوحنا، منذ أن كان طفلاً حيث نشأ في الجزيرة، يعرف هذه المعجزة. لذلك زارها وذهب إلى دير القديس نيقولاوس وسأل الشيخ ذوروثيوس عن زنابق مريم العذراء. ثم أخذ بعض السيقان المجففة معه إلى أميركا. ووضعهم عند أيقونة السيدة العذراء فأزهروا مرة أخرى. بدا الناس المؤمنون هناك سعيدين بهذه الاعجوبة جداً وصار الايمان المسيحي يكبر في قلوبهم  شيئاً فشيئاً فشبوا على هذا الايمان وصاروا يكرمون والدة الإله العذراءاكثر فأكثر.
كان الاب يوحنا يكتب قصائد روحية، وكان متأثراً جداً بمعجزات العذراء وبحياة القديسين وينظم لهم القصائد الروحية.  وقد سأل الشيخ ذوروثيوس أن يرسل له كتباً للتبشير.

غير أن عمله التبشيري أغضب البعض، وصاريتلقى مكالمات هاتفية وخطابات تهدد بمنعه من الوعظ بالقوة. لم تثنه هذه التهديدات عن التبشير بل زادت حماسته لتفعيل التبشير اكثر فأكثر وقال: “طالما أن في عيني ماء، سأبشر بالمسيح والأرثوذكسية”.
في الواقع، عندما نصح الاب يوحنا المسيحيين بأن يحذروا من مصائد اعداء المسيح والمسيحية، وأن لا يحملوا رموز الشيطان وختمه معه واجراء الوشوم على اجسادهم، بدأت المكالمات الهاتفية بتهديد حياته أكثر كثافة.

مساء 17 ايار 1985 ، اتصل بالشيخ ذوروثيوس  في أندروس وطلب منه معلومات عن معجزات “سيدة ميروفليتيسا” لأنه أراد أن يعظ بسيرتها يوم الأحد. في اليوم التالي ، 18 ايار كان الأب يوحنا وحيدًا في المنزل مع ابنه فوتيوس. وكانت زوجته الخورية في منزل ابنتهما ماريا.

استشهاده

ذهب الصبي لبعض الوقت مع أصدقائه، بينما الأب يوحنا ذهب إلى الكنيسة لإعداد العظة.

ولما عاد الصبي إلى المنزل متأخراً، ورأى أن والده لم يعد بعد الى البيت، ذهب بقلق ليجده في الكنيسة. ثم رأى المشهد الرهيب فقد كان والده الاب يوحنا مضرجاً بدمه، وقد  تعرض للطعن وتشويه وجهه ولا يمكن التعرف عليه. بحيث ان القتلة لما وجدوه بمفرده انقضوا عليه ضربا وتعذيباً، وقد عذبوه بضربه على رأسه بمطرقة،وطُعنوا جسده بالسكاكين.وفق تأكيد الشرطة، لأنه لم يكن بعد قد مات، وقد أخذوا  الجناة صليبه مع السلسلة وخنقوه. تم استخدموا دمه، الذي انسكب من جروحه وأغرق أرضية الكنيسة المقدسة، لكتابة شعاراتهم الخاصة على جدران الكنيسة والرقم 666.

ولأن وجه القديس تشوهت ولم يكن من الممكن رؤية وجهه، قاموا بالباسه حلته الكهنوتية الحبرية المطرزة بالذهب،  ووضعوه في نعش وأغلقوه عليه وساروا بالنعش بموكب جنائزي مهيب الى القبر وهناك واروه الثرى وكل الجموع تندبه.

أحداث خارقة

استشهد الاب يوحنا القديس في المكان الذي تم تصويره فيه وكان الصليب في يده ، ربما كان قد تنبأ بما سيصيبه حيث انه قبل وفاته، وقعت ثلاثة أحداث خارقة

1)سقطت زنابق السيدة العذراء المزهرة على الارض فجأة، قبل أسبوع من استشهاده، ولم تتفتح منذ ذلك الحين.

2) بكت أيقونة مريم العذراء والدموع مازالت موجودة على الأيقونة.

3) لمدة ثلاثة أيام متتالية قبل استشهاده ، خلال القداس الإلهي ، أشرق وجهه بأشعة ملأت المكان، وكان الطفل الذي كان يخدم معه في الهيكل قد رأى هذه الظاهرة وأوصاه الاب القديس بألا يقول شيئا عما رأى حتى لا يكشف عن أي شيء.

القتلة الجناة

بحثت الشرطة عن قتلة القديس وقد اتهمت الشرطة  ثلاثة اشخاص وهم زوج وزوجته وابن الرجل  وهومن امرأة أخرى.

 وقد كانوا من كهنة الشيطان وعندما تم القبض عليهم، انتحر اثنان منهم وهما في السجن ، بينما فقد الثالث عقله.

عندما علم الشيخ دوروثيوس باستشهاد الأب يوحنا ، كتب إلى زوجته ليرسلوا إلى ديرمنطقة أندروس البدلة  الكهنوتية التي كان القديس يوحنا يلبسها في الدير وقدس بها في عيد القديس ذوروثيوس عام 1981.

لكنه لم يتلق اي جواب…

في 4 تموز 1986 ، عندما انتهت الخدمة الالهية في الدير، بدأت اجراس الدير تقرع بعنف من تلقاء نفسها.  ثم توقفت لبعض الوقت، وعادت لتقرع مرة أخرى بشكل متناغم جميل لدرجة أن الجميع وقف منبهرا من هذه المعجزة التي لم تتم بيد بشرية، وتوسلوا إلى صاحب الديرالقديس نيقولاس على امل حصولهم على بشرى سارة.

وهذا ما حدث، اذ بعد ظهر اليوم ذاته، اتصلت مارية ابنة الأب الشهيد في الكهنة يوحنا  بالشيخ ذوروثيوس، والتي جاءت بشكل خاص ومفاجىء إلى أندروس، لجلب بدلة والدها الكهنوتية المحكي عنها. أحضرهم الشيخ ذوروثيوس إلى الدير ورحب بهم بفرح. قرعت اجراس الدير بمفردها  في الصباح ، في الوقت التي كانت فيه السفينة وهي تحمل البدلة المقدسة تدخل الميناء.

ظهورات الاب الشهيد يوحنا
ان ظهورات الشهيد الجديد في الكهنة بعد وفاته كثيرة جدًا.

عشية عيد القديس نيقولاوس في عام 1986، أعد الشيخ ديروثيوس الدير مع بعض النساء القرية اللواتي ساعدنه في الترتيب لإستقبال المؤمنين المحتفلين في الدير. في مرحلة ما رأوا يوحنا القديس يمشي في الفناء ويتجه إليهم عبر الباب المفتوح لغرفة  الطعام. الجميع رفعوا أصواتهم من هول المفاجأة لأنهم عرفوه في القرية ودعوه: “البابا – يوحنا”. ثم اختفى من أمامهم. حتى صحوتهم من المفاجأة.

جاء ساعي البريد مع طرد من سويسرا حيث كان في الداخل أيقونة للقديس منحوتة في الخشب من قبل الروس الأرثوذكس الذين يكرمونه كقديس.بناء على طلب الأب يوحنا أن يُشارَك بايقونته في كل مكان وأن يُعلن عن استشهاده، وعن ايمانه الأرثوذكسي.

في شباط 1987 ، ذهب الشيخ دوروثيوس إلى سويسرا لإجراء عملية جراحية. أثناء الحديث مع المؤمنين عن القديس واستشهاده، رأوا القديس يباركهم ويختفي. عندما كانوا قد أقاموا القداس الإلهي سوية مع الشيخ دوروثيوس وعندما اعترف، ان الأب يوحنا  تقدم ببطرشيله إلى الدير. عندما ذهب الشيخ ذوروثيوس إلى سويسرا ، كانت تفوح رائحة زكية لاتوصف من بطرشيل القديس  لهؤلاء المؤمنين.

الكنيسة الروسية في الشتات

الكنيسة الروسية في الشتات وفي اميركا الشمالية يتم تكريمه كقديس وقد أصدروا أيضًا كتب تضرعات للقديس يوحنا. ذكرت ابنته ماريا كل الحقائق وتفاصيل استشهاده للشيخ ذوروثيوس. يتم الاحتفال بذكراه في 19 أيار وهو عشية عيد نقل رفات القديس نيقولاوس .حيث يتم الاحتفال به مع القديس نيقولاوس، لانه احبه من طفولته.

بطرس نقولا قندلفت

$
0
0

بطرس نقولا قندلفت

 

السيرة الذاتية

هو بطرس بن نقولا بن بطرس قندلفت ولد في دمشق اواسط القرن 19  من حارة المريمية من والده نقولا الذي عُرف في عهده بالغيرة الارثوذكسية والنزاهة والاخلاص للمجتمع والمدينة مما اورثه لاولاده كاستمرار لهذه العائلة الدمشقية الغيورة على كنيستها وانتمائها الارثوذكسي والدمشقي..

تعرضت الاسرة كبقية الاسر الدمشقية المسيحية عامة والارثوذكسية خاصة الى منجل الابادة بيد تكفيريي ذاك العصر في المجزرة الطائفية عام 1860، وقد نجاها الله من هذه المجزرة بحماية بعض الاصدقاء من رجالات محلة الميدان(1)

انتقل به والده مع الاسرة كلها الى بيروت فأقاموا فيها سنوات ثم عادوا الى دمشق حوالي العام 1865 فأدخله والده في مدرسة الآسية الارثوذكسية الدمشقية للصبيان  وتعلم فيها مبادىء العربية والعلوم على الاستاذ المربي وطيب الذكر نقولا ابو طبيخ الدمشقي معلم زمانه الذي تعلم عليه ايضاً العديد من شبان الرعية الدمشقية العربية وآدابها وبعض الرياضيات.

توفيت والدته بعد العودة من بيروت واستقرارهم في دمشق بزمن يسير، فترك الدراسة وتعلم حرفة الصياغة بكل الاجتهاد والدقة حتى برز فيها وهو لم يبلغ نهاية العقد الثاني من عمره.

زواجه

اقترن وهو في هذه السن الصغيرة بالابنة فريدة ابو شنب ابنة عبده، وجرى اكليله في كنيسة القديس يوحنا الدمشقي المجاورة لصرح الآسية(2) وقد احبه عمه عبده كثيرا ولنبوغه وجديته قرر عمه مشاركته في عمل جديد. لكنه اعتذر واراد والاستمرار بمهنته الصياغة لكونه اختارها وبز فيها وهو لايزال صغيراً.

حياته العملية

قصد مصر بعد اشهر من اكليله، ومارس فيها مهنة الصياغة وتميز هناك وحقق مدخولاً وفيراً وأقام فيها عازباً سبع سنين كان فيها مثالاً معروفاً في الجد والادب والتقوى والعفاف في المجتمع المصري المنفتح على الحرية الاوربية.

تعرف في مصر على مجموعة من الشباب الدمشقي الارثوذكسي الغيورين وقد ضمهم بيت واحد كان لهم فيه بمقام القيّم والوصي المرشد صوناً لآدابهم وكبير الاسرة بالرغم من حداثته…وكان كل ذلك بفضل غيرته المسيحية وتعمقه في انتمائه الارثوذكسي. فحفظهم سالمين من الانجرار الى مفاسد عصره كما افادوا هم.

وكان ممارساً وهم معه لطقوس كنيسته الارثوذكسية في مصر

عاد الى دمشق ومعه حصيلة تعبه وفق ماوفقه اليه الله، حيث لبث فيها اياماً ثم حكمت الظروف بأن يعود الى مصر مجدداً فأقام فيها سنتين جديدتين، لم يعرف فيها غير العمل الشريف ورجع الى دمشق حاملا معه حصيلته وسمعته واستقامته وقد صار بالرغم من صغر سنه وحداثته في المهنة من شيوخ الكار والمتقدم بينهم.

اهتمامه بكنيسته

شعار الكرسي الانطاكي
شعار الكرسي الانطاكي

ورث عن والده هذا الاهتمام وصار عضواً في الكثير من المؤسسات الارثوذكسية الفاعلة في البطريركية وكان اهمها عضوية المجلس الملي البطريركي في عهد البطريرك جراسيموس (1885-1891) ونظراً لجرأته الموروثة والموصوفة في الدفاع عن مصالح الكنيسة الدمشقيته فقد وقف من المشاكل البطريركية التي بدأت بالظهور في عهد البطريرك المذكوروكان ماكان من مسألة الخلاف على دعوى تمس صالح الرعية فناضل فيها نضال الابطال حتى كتب فيها الفوز القانوني لأرباب الحق وعاد الأمر الى نصابه. ومما ذُكر له في هذه المسألة أنه لما آنس من البطريرك المذكور مع بعض رجال المجلس الملي واراخنة الملة الارثوذكسية تراخياً في العزم وانقياداً مع سياسة ذلك العهد على ماحفظه التاريخ انبرى بجرأة لاتعرف الخشية والحذر ومال على البطريرك وانصاره بكلام صريح وصارم حتى ان البطريرك المذكور مبرراً استعفاءه من الكرسي الانطاكي وقبوله البطريركية الاورشليمية بقوله ذات مرة:”انه لم يزهده بالبطريركية الانطاكية الا كلام (بطرس) وهذه كانت طليعة وقائعه المذكورة في المسألة البطريركية.

ظهر تمسكه بحق البطريركية بالحق الوطني في هذا المنصب، بعد استعفاء البطريرك جراسيموس وانتقاله الى الكرسي الاورشليمي بطريركاً بآلية الانتخاب الصوري وتراخي اقرانه، ما تركها للتاريخ على كونها رواية مُثلت فصولها الفاجعة على الكرسي الانطاكي والمنصب البطريركي وفرض اسبريدون من قبل البطريركيتين المسكونية والاورشليمية مشفوعاً بتعهده بتقديم عطايا للكرسي الأنطاكي عامة وابرشية دمشق خاصة. وبالنتيجة الرضوخ للاغراءات المادية التي فازت واخضعت عزائم اهل الشأن في ذلك الانتخاب بعد جهاد طويل، لكن علمنا  بقي تابت الموقف مع عامة الشعب الارثوذكسي الدمشقي الغيور في مضمار الجهاد بعد ان فازت الرشوة بقوة الاصفر الرنان (كما مر معنا)

استمر في جهاده ضداً لممارسات البطريرك اسبريدون(1891-1898) طيلة سبع سنوات التي ادمت مطارنة الابرشيات والكهنة والرعايا والاستلاب الممنهج لابناء الرعايا من الكنائس والرهبنات الكاثوليكية والارساليات البروتستانتية…

البطريرك ملاتيوس الدوماني
البطريرك ملاتيوس الدوماني

سبع سنوات من النضال ضد البطريرك المستبد اسبريدون قادها ومعه وجهاء مثله والكهنة والرعية الدمشقية ذاقوا فيها انواع الاضطهاد ماتتوقف عن بيانه الالسنة والاقلام، وقد شهد بذلك مطران كيليكيا اليوناني جرمانوس في رسالتيه المتلاحقتين الى المطران ملاتيوس الدوماني مطران اللاذقية عام 1898 وفيها يدعو الى توحيد الجهود معتذرا من الدمشقيين من كهنة وعوام  وقد استبسلوا  وحدهم لاسقاط البطريرك المذكور وتحملوا كل الضيقات.(3) وكان اغلب هؤلاء المجاهدين الدمشقيين الارثوذكسيين  قد وقفوا في وجه هذا المستولي على السدة البطريركية من الدمشقيين الحرفيين البسطاء وعمال اليومية واكثرهم من اهل العوز وكم اصابهم من العوز والفاقة لتوقف اعمالهم بزجهم في التوقيف وهو في مقدمة الموقوفين وقد اوقف مرارا مع بعض رفاقه الغيورين الصادقين. ولما رأى والي دمشق المعلوم بقسوته ان زعيمهم بطرس لم تثن همته ضيقات السجن هم بنفيه وحده…ولما نمي اليه الخبر استعد لفراق عائلته وودعهم متكلاً على رب الكنيسة اضافة الى ان هذا لجهاد لمرير لم يتوقف لأجل الكرسي البطريركي ومصلحة الرعية طيلة عشر سنوات من زمان البطريرك جراسيموس في السنوات الثلاث الاخيرة وطيلة عهد هذا البطريرك اسبريدون المستبد الممتدة سبع سنوات طافحة بالألم. وقد خسر الكثير بسبب هذا الجهاد حيث اهمل عمله ورعاية عائلته، ولم يخضع لاغراءات حاشية البطريرك رافضاً رشاويهم الجزيلة للسكون. ورفض ذلك واهان فاعلها.

وهذا الذي اشار اليه مثلث الرحمات البطريرك غريغوريوس في تأبينه في المريمية ساعة جنازه بقوله:” ان من كان سميّاً لمن سماه الرب من فمه العزيز بطرس لجدير بأن يكون الرب نوره ومخلصه…وانه ظهر صخراً في امانته صخراً في امانته صخراً في شجاعته، صخراً في ثباته، وصخراً في مطالباته…وان غيرة الرجل ونزاهته وشدته وصبره وثباته جعلت الملة في الكرسي الانطاكي مديونة له ومعترفة بجميله…”

وقد قال فيه احد المطارنة في جنازه:” انه لولا المرحوم بطرس قندلفت لما كان احد منا نحن الاساقفة على كرسيه اليوم”

تعريب السدة البطريركية

ان مابذله علمنا في هذا الموقف يوجب علينا ذكره لقد عمل بما يوحيه ضميره الانطاكي واخلاصه نحو قضية عادلة هي تعريب  السدة الانطاكية فأضاف جهداً فوق جهده السابق المستمر المحكي عنه…

لكن في هذ القضية لم يتعرض الى سخط الحكام وتعسفهم ارضاء للبطريرك السابق، لكن هنا يجب حشد الرأى الدمشقي والانطاكي معيناً لرفاق دربه المطارنة واولهم البطريرك المنتخب شرعيا ملاتيوس الدوماني…

لقد تفرد بغيرته وجهده غير المسبوق فاق بعنائه كل جهد سابقبذله في سبيل القضية الانطاكية…وكان مناه تعريب السدة البطريركية واعادة الحق الى اصحابه.

في هذا الجهاد تفوق على الكثير من العلماء والادباء والكتاب والشعراء الذين كانوا يتبجحون بجهودهم لهذه القضية المصيرية، واعتمد/ وهو الذي لم يتلق من العلم في آسية دمشق الارثوذكسية الا اقله/ على عون الباري على بصيرة فطرية انارها الاخلاص وصقلت مرآتها معارك الايام وكفى بذلك شاهداً قول البطريرك غريغوريوس الرابع في تأبينه يوم جنازه في المريمية فقد وصفه بقوله: “وله الآراء الصائبة عند اشتداد الازمات”.

ايقونسطاس الكاتدرائية المريمية والايقونات فيه التي قدمها المطران غفرئيل من روسيا
ايقونسطاس الكاتدرائية المريمية والايقونات فيه التي قدمها المطران غفرئيل من روسيا

بقي يجاهد حتى بعد اعتلاء البطريرك ملاتيوس السدة الانطاكية الى ان افتقده الله وقد تصدى لحل الكثير من المعضلات التي عانتها الرعية الدمشقية واهمها عدم اعتراف بطاركة الكراسي الثلاثة  بالبطريرك ملاتيوس والمشاكل التي نشبت في الابرشيات ذات الحضور اليوناني الكبير ككيليكيا وارضروم وديار بكر مماجعل الكرسي الانطاكي في حالة تأهب دائمة مع شح الموارد، كان علمنا هو العون المخلص في تدبير الكثير من الاعمال البطريركية على ماوسعه اختباره وبلغه جهده واقتداره.

كان يزور البطريرك يوميا حتى ان الكثير من قصاده كانوا يعرفون انه ان لم يكن في بيته فهو في الحضرة البطريركية وفي هذا الكثير من حكايات العائلة حتى انه في كثير من الليالي لم يكن يتناول طعامه اذا حانت ساعة الجلسة القانونية مع غبطته او استدعي لمهمة لم يكن من امرها على انتظار.

لم ينحصر تعلقه فقط بالبطريرك ملاتيوس بل ايضا مع خليفته البطريرك غريغوريوس… ومع مطارنة الكرسي الانطاكي في العهدين. وهذه المناقبية التي تجلت بأبهى مجاليها واسمى معانيها في علمنا جعلته في اشد درجات الحب والثقة والاحترام فكانوا يواصلونه في كل مهمة من شؤونهم مستعينين بغيرته وتقواه على تشييد دعائم الاصلاح…وظهر ذلك الحب في كل هذه المدة الطويلة عند وفاته من  البطريرك غريغوريوس فبكاه قلب غبطته الجريح الحنون، وقام مطارنة الكرسي بارسال برقيات التعزية بوفاته الى البطريرك لما علموا بوقع هذه الوفاة على قلبه الابوي بولده وهو من افاضل الملة الارثوذكسية ومجلسها الملي وبقية الجمعيات والمؤسسات الارثوذكسية الدمشقية.

مناقبه

الجملة التي قيلت عنه يوم جنازه وهي الاساس في وصف عامة الناس له كانت :” كان رحمه الله غيوراً ورعاً صادقاً اميناً مقداماً هماماً وابن كنيسة وايمان.”

 1) اخلاقيته وتجرده عن النفع الذاتي في الشأن الارثوذكسي الدمشقي، بإخلاص خال من طموح الى منصب او جنوح الى وجاهة او طلباً لشهرة، إخلاص خالٍ من الغرض الذاتي لدرجة التهور في سبيل الدفاع عن مصالح الكنيسة والكنيسة في مفهومنا هي جماعة المؤمنين ومايهمهم، هو كان لهم هكذا.

كان لايخشى في قول الحق لومة لائم اذا رأى الحق مع المظلوم… وهذا ظهر في سلوكياته في كل مراحل حياته لذلك كان مرجعاً في حل الخلافات في مهنته بين اربابها.

2) صدقه وامانته، اذا قال فعل وشهادته وفعله دوماً حق، بحيث حاز ثقة الجميع وهي كنزه المصون والاسم العاطر الذي اخذه من عائلته ونماه وحافظ عليه واورثه لأولاده. كان نعم الصديق  الذي لايخون المتعاملين معه على اختلاف  الملل والطبقات، ففي اعماله التجارية تميز بالأمانة التجارية بما تقضيه كلمة التاجر وتعامله النزيه، هكذا كانت امانة ونزاهة علمنا الذي لم يدخل الى صندوقه قرشاً حراماً  واحداً بشهادة كل المتعاملين معه في التجارة، رافضاً الاحتيال والكسب الحرام والسمسرة مايعده الكثير من التجار شطارة في اشغال الوساطة التجارية. وكثيرا ماكان يكتفي بالقليل اذا كان الموضوع يخصه ذاتياً وبدون اي شيء اذا كان الموضوع للنفع العام.

اجمل مايُذكر من امانته المشهودة ان خصمه البطريرك اسبريدون في امر الانتخاب البطريركي لم يختر سواه مؤتمنا على اوراقه المالية التي قدمها للطائفة متعهدا بتنفيذها ان تم انتخابه، حتى يقال وقتئذ انه سلمها له دون اية ثبوتية او شاهد اعتمادا منه على امانته ونزاهته بالرغم من خصومته لسلوكيات البطريرك وشرائه الضمائر.

والذي يستحق الذكر هنا انه هو بسعيه وثباته ومتابعته جرى شراء اكثر الاوقاف التي خصصت كريعية للمدارس الارثوذكسية الدمشقية ولدير سيدة صيدنايا البطريركي لما استلم وكالته البطريركية.

3) غيرته اضافة الى ماسبق في الحديث عنها في سيرته ومناقبيته يصدق فيها قول النبي داود في مزموره:”غيرة بيتك اكلتني يارب” لذلك قال الجميع في وفاته “لقد فقدنا رجل الغيرة الارثوذكسية”

4) كان علمنا الغيورحر القول والفعل لم يكن يتهيب معها اي مقام كبير او متنفذ متى كان على حق كما حصل معه بوقوفه ضد البطريرك اسبريدون ولذلك اوقف في السجن بأمر الوالي المتحيز للبطريرك المستبد. وقد اجمع اصحاب الضمائر النقية على ذلك ويشهدون ان حريته تزداد وتتصاعد بحدة  في قول الحق وفعله ونصرة للمظلوم بمواجهة عارف بالحق ومستبد يتجاهله في علاقته بالناس، بعكس امثاله من افاضل القوم، لما يغلبهم الحياء في قول الحق يكون علمنا بطرس قائدهم المقدام ودليلهم الجريء.

5)ورعه وتقواه وربما هذا يجب ان يتصدر مناقبه، وان الناس من اهل الحكمة والحقيقة كانوا يعترفون بها  لعلمنا وقد انطبق عليه القول الشعبي”بيخاف الله” يعمل بقول الله الازلي “رأس الحكمة مخافة الله” و “التقوى نافعة في كل شيء” لأنه معروف بأنه صاحب ايمان وان صاحب الايمان كعلمنا بطرس قندلفت لايأتي بالخير الا من قلب طهرته نعمة الله القدوس.

فعلمنا كان على قدر موصوف من الورع وخوف الله بشهادة الكارهين قبل المحبين، اذ كان ضميره الحي باعثه الأعلى في كل ماسمت نفسه اليه وعوَّلت عليه، منها تمسكه الشديد في تمسكه بأركان العبادة في ممارسة الصلاة والصوم والاجتهاد المستمر في حفظ شعائر الدين على الاجمال، وان الذين وقفوا على حياته اليومية ومعيشته المنزلية يشهدون له تعبده في الخفية والعلن، فقدكان  يلازم صلاة الجماعة كأي مؤمن بسيط لم يقف في الكرسي المخصص،(4) رغم انه من اراخنة الشعب الارثوذكسي الدمشقي في الكنائس الارثوذكسية ايام الاحاد والاعياد والاصوام، متمسكا بصيامه ولو كان على سفر، وقد شهد من كان معه في سفرته الاخيرة الى مصر انه حين عزم على العودة الى الشام وكان قد الم به آلام صدرية توجب عليه طبياً ان يتناول اللحوم والاجبان الا انه رفض وبقي متمسكا بشعائر الصوم.

في ورعه وتقواه تجاه دينه وارثوذكسيته لم يكن ينظر تلك النظرة المتعصبة نحو اصحاب الاديان والمذاهب الاخرى كما هو حال المتعصبين هو كان مؤمنا متمسكا بايمانه بدون تعصب بل كان يحترم ويوقر كل تقي في دينه عملاً بقول شفيعه الرسول بطرس” بالحقيقة انا اجد ان الله لايقبل الوجوه، بل في كل امة الذي يتقيه ويصنع البر مقبول عنده” (اع34:10 و35) لكنه كان حرالفكر طلق اللسان عن معرفة وتعمق في الرد على المتعصبين الطاعنين في ايمان كنيسته الارثوذكسية ودينه المسيحي.

6) الثبات كان علمنا بطرس قندلفت جبلاً راسخاً ثابتاً في موقفه وقناعته، بشهادة مطارنة عصره وقد رووا عنه الكثير من ثباته.

– اضافة الى المناقب التي ذكرناها بايجاز كان مع تواضعه المسيحي ومحبته للجميع كان كبير النفس شهما بأنفة وكبرياء واباء للضيم، كان يفضل الخسارة بما عز وغلا على ارتكاب الدنايا، لايلفظ بكلام قبيح ولابفاحش الكلام بل كان غاية في التهذيب وآداب السلوك والالفاظ لا في الجد ولا المزاح.

مجلسه انس ورقة مجافياً مجالس المجون على انواعها كارهاً لها كريم المزايا…لايتكلم الا في الكلام الجاد سيما ان كان الموضوع يخص كنيسته عندها صر خطيب الجلسة بلا منازع والكل مهما علت مراتبهم مستمعون مؤمنون على كلماته.

كان يميل الى مؤانسة البسطاء والمستضعفين من عامة الشعب اميل منه الى مقابلة اهل حب الظهور والفخفخة الكاذبة ولو انزلوه بينهم ارفع المنزلة والاحترام والاكرام وبالفعل فقد اكتسب لقب “رجل الملة العظيم”

كان شديد الحرص على امواله لاينفقها الا في موقعها الصحيح، وكان جميل الهندام لائقاً في مظهره وفي مظهره انعكاس للياقة نفسه ومناقبيته وكرامة الانسان.

نتيجة ماذكرنا من جهد واجتهاد في سبيل الكرسي الانطاكي عموماً وابرشية دمشق الارثوذكسية خاصة وسعي دؤوب خلال عقد كامل من الزمان، اصيب بضعف شديد في قواه الجسدية حتى انه كان يعاني من  الالام المبرحة في سنواته الاخيرة، والكل من معاصريه اجمع على انه ضحى شطراً كبيراً من حياته من اجل قومه واعلاء كلمة الحق في سبيل اصلاح الاحوال في كرسينا الانطاكي واعادة الحق الى اصحابه.

من اهتماماته

البطريرك غريغوريوس الرابع
البطريرك غريغوريوس الرابع

اختير مرارا لعضوية المجلس الملي الدمشقي اضافة لعضويته جمعية نور الاحسان الارثوذكسية الارثوذكسية وكلفه البطريركان ملاتيوس وغريغوريوس وكيلاً مشرفاً على دير سيدة صيدنايا البطريركي بماعهد فيه من الغيرة والامانة والحرية

مايستحق الذكر بفخر تجاه  ذكره ان علمنا كان من المحسنين الكرام بحق مستوري عائلته والفقير والمحتاج من الرعية ليس فقط من خلال  عضويته في الجمعيات الخيرية وفي مقدمها جمعية نور الاحسان الارثوذكسية بل باحسان فردي ومشهود عنه بره بالايتام والارامل والمحتاجين والمنقطعين من كبار السن الذين احوجهم الدهر لالتفاتة المحسنين، وكان علمنا يمارس هذا الامر بسرية وبدون ضجيج عملاً بقول السيد له المجد”لاتجعل يمينك تعرف بمافعلت يسارك…”

كان عاشقا بكل معنى الكلمة لافعال الرحمة التي دونها الانجيل عن ربنا يسوع المسيح له المجد واقتدى بها في تقديم ثمار البر المستورة يشهد له الله انه كان لكثير من العائلات أباً شفيقاً وأخاً مؤاسياً يؤثرهم على نفسه…

كان سباقاً الى الاشتراك بمعونات اللجان الخيرية والتبرعات السنوية، كريم النفس في منزله مضيافاً للنزلاء والغرباء.

مع كل هذه المزايا التي تحلى بها الا انه كان دائم الشكوى من حدته مما يوقع في الزلل في بعض الاحيان ويحاسب نفسه من جهة، ومن جهة اخرى كان يشكو دوما من عدم اكماله تحصيله العلمي كون نفسه كانت تتوق الى اكمال كل المراحل الدراسية.

كان مربوع القامة، جميل الطلعة مشرق المحيا واضح الجبين اشهل العينين تشتعلان حدة وذكاء.

وفاته

توفي علمنا في اواخر عام 1910 وكان من الصاغة المرموقين في سوق الصاغة الدمشقي الشهير وترك تركة وفيرة جمعها من تعب يديه في المهجر والوطن بكل نزاهة وامانة…كما ترك سمعة طيبة جداً في المهنة من جهة وفي كرسينا الانطاكي من جهة ثانية.

تبدت هذه السمعة في جنازته الحافلة التي قاربت في ضخامتها جنازات المطارنة المتوفين وشهدت لها مريمية الشام التي ضاقت بالمشيعين الباكين ورئس خدمة الجناز البطريرك غريغوريوس الرابع ولفيف الاكليروس البطريركي كله، وقد فاه غبطته بمناقب علمنا ومزاياه ممن خبرها عنه منذ اول جهاده منذ منتصف عهد البطريرك جراسيوس وطيلة عهد البطريرك اسبريدون حتى تنزله عن الكرسي ونضاله مع اعيان الملة الدمشقية في الانتخاب البطريركي الذي اثمر بانتخاب مطران اللاذقية ملاتيوس الدوماني الدمشقي بطريركا  وطنيا بعد قرابة قرنين من التغرب مع كل الاحترام للمخلصين من الاخوة اليونانيين الذين قدموا مصلحة الكرسي الانطاكي وخدموه باخلاص طيلة القرنين وان بعض غيوم اصحاب المنافع الشخصية كآخر البطاركة لايحجب شمس تعب المخلصين…

وتحدث غبطته عن اخلاقياته واحساناته وسأل الله ان يضمه الى القديسين في الفردوس مكافأة له في الحياة الخالدة، ثم وري الثرى في مقبرة القديس جاورجيوس الارثوذكسية.

شارك في الجنازة كل الجمعيات الارثوذكسية اضافة الى القنصل الروسي في دمشق.

عائلته

ترك عائلة مؤلفة من زوجة وفية تحملت معه تعبه لأجل النفع العام نفع كنيستنا الانطاكية الدمشقية الارثوذكسية العامة واربعة انجال هم امين وتوفيق وسليم وقيصر وابنة وحيدة  بذل في تربيتهم وتهذيبهم بتربية صالحة.

نال من الحكومة الروسية الامبراطورية نيشان القديس ستانسيلاس وقد جاء في الرقيم الامبراطوري في هذا الشأن انه كان” مكافأة على غيرته وحميته وتضحيته في سبيل نجاح الايمان الارثوذكسي في سورية”

وقد نال من الباب العالي والحكومة العثمانية الاذن بتعليق النيشان على صدره وحمل براءته وفق الاصول.

الخاتمة

ان علمنا المغمور الذي لايعرفه احد لاسيما قد مرت فترة طويلة عليه مع امثاله من المضحين في العصر الحاضر لأجل كرسينا الانطاكي المقدس، وهو مادفعنا دوماً (ولازلنا) الى البحث عنهم في خفايا الوثائق  وباطن الاوراق المؤرشفة  ونستعين بعض الاحيان بالذاكرات الشعبية ان كان هؤلاء الاعلام من دمشق مما يُحتمل من يتذكره بما عنه كما عن غيره وفق خطنا الواضح باظهار هؤلاء الافاضل في حقل الكنيسة وكرسينا الانطاكي اقول ان هذا الغيور عدا خدمته الممتازة في تعريب الكرسي الانطاكي وما عاناه من اهوال قام بخدمة الفقراء في جمعية نور الاحسان الارثوذكسية اعواماً عديدة وكان عضواً في المجلس الملي البطريركي الدمشقي اكثر من عشرين عاماً حائزاً في انتخابه على اكثر الاصوات ومع سعة شواغله الفكرية ومشاغله العمومية والخاصة قام بخدمة كنيسته في احلك الظروف مضحياً بوقته وجهده وماله وبصحته ابتغاء الاجر والثواب من سيد الكنيسة ومؤسسها له المجد.

 

حواشي البحث

1) لم تتعرض محلة الميدان للفتنة الطائفية التي ضربت دمشق ومحيطها بفضل مشايخ الميدان المسلمين وقلاء المحلة الذين نأوا بالميدان محلة خارج الفتنة… وبقيادة مباشرة من الامير الكبير عبد القادر الجزائري الذي ساهم بحماية المسيحيين في دمشق بجنوده المغاربة…

2) تم تدشين الكاتدرائية المريمية بعد اعادة بنائها في عام 1868 مع الصرح البطريركي، وكانت كنيسة القديس يوحنا الدمشقي هي الكنيسة الرعوية لذا تم اكليله فيها.

3) وثائق ابرشية كيليكيا…

4) كانت تخصص كراسي مميزة لأراخنة او شيوخ الشعب بجانب كرسيّ البطريرك والمطران وكانت هذه الكراسي متصلة على الجانبين الايمن والايسر  بمعدل 3 او 4 كراسي. وقد الغيت بتدبير مثلث الرحمات البطريرك اغناطيوس الرابع في اول عهده 1979 لقناعته بتساوي الجميع في الكنيسة ولا حاجة لموقع او كرسي تكريمي للعلمانيين فالكل واحد.

مصادر البحث

-الوثائق البطريركية/ وثائق ابرشية دمشق

–  متري قندلفت…مجلة النعمة البطريركية/ الجزء الثامن/ السنة الثانية كانون الثاني1911

خربشات سياسية 22 ايار2020…هل من خلاف بين سورية وروسيا؟

$
0
0

خربشات سياسية 22 ايار2020…هل من خلاف بين سورية وروسيا؟

تتبارى الدوائر العالمية والاقلام المأجورة ووكالات الاعلام والكثير منها مسخرة لتدمير سورية منذ قرابة الشهر، على خلاف جذري بين سورية وروسيا وهي المادة الدسمة فيها لا بل إن تقارير سعت إلى تضخيم الأمر حد وضع الخلافبين الرئيسين  بشار الأسد وفلاديمير بوتين، غير أن الواقع بعيد تماماً عن تضخيم الحالة ككل من دون إغفال أن هناك تبايناً ربما بين دمشق وموسكو، لا يصل سقف الخلاف العميق.

وبالامس صرح السفير الروسي في دمشق تصريحا صحفيا نفى فيه كل هذه الاخبار مبيناً عمق التحالف الروسي السوري الذي لاتنفصم عراه، وتظهر تصريحات من وزارة الخارجية الروسية ممثلة بالناطقة الرسمية ماريا زاخاروفا التي تسلط الضوء على الهم المشترك وهو مكافحة الارهاب في سورية وعلى استمرار العقوبات الاحادية الجانب من اميركا والاتحاد الاوربي بحق سورية مسيئة جدا لجهود الحكومة السورية في مكافحة وباء كورونا وتدعو الاتحاد الاوربي الى ايقاف هذه العقوبات وعدم التسييس لوباء كورونا… وان التنظيمات الارهابية في ادلب هي من يخرق اتفاق سوتشي واكد وزير مكافحة الارهاب في روسيا على انه لايمكن ان يستمر الوضع الارهابي في ادلب الى مالا نهاية…  

– إن ما يجمع سورية وروسيا ليست الأحرف فقط وان اختلف الترتيب، فهنا إنعاش الذاكرة ضرورة للوقوف عند معطيات تبدو مهمة في سياق الحديث عن حليفين كسورية وروسيا، فعلاقات الدولتين تتميز بأنها استراتيجية منذ أربعة عقود وأزيد، لذلك من غير المنطق الترويج لفكرة سهولة فصل العروة الوثقى بينهما لأمر أو لنقيضه، لكون بنية العلاقات بين دمشق وموسكو أساسها استراتيجي فيما هدفها تحقيق مصالح وغايات ثنائية لكليهما.

فتاريخياً، تعود إلى عام 1944 عمر العلاقات العلاقات السورية – الروسية، وقتها كان الاتحاد السوفياتي السباق إلى الاعتراف باستقلال سورية عن المحتل الفرنسي، وإلى تأسيس علاقات دبلوماسية لكلتا الدولتين، ومن الأهمية بمكان التذكير أن وضوح العلاقة بين الدولتين لم يقوَ عودها بشكل كبير إلا بعد تسلم الرئيس الراحل حافظ الأسد مقاليد السلطة في سورية عام 1970، وبعد ثلاث سنوات أثمرت العلاقة موقفاً إيجابياً وتحديداً في حرب تشرين الأول 1973، وقتها لعب الاتحاد السوفياتي دوراً فاعلاً لا بل مؤثراً من خلال دعم سورية عسكرياً. الأمر الذي أوتي ثماره في السياسة عبر تأسيس مكانة لسورية كدولة فاعلة ضمن معادلة الشرق الأوسط برمته.

اضافة الى العلاقات الدبلوماسية والعسكرية مابين الدولتين كان العامل الاقتصادي كان له وزنه “غير الخفيف” إطلاقاً والمتابع للعلاقة بين سورية والاتحاد السوفياتي قبل أن يأفل نجمه، خاصة في الستينيات والسبعينيات وحتى الثمانينيات يدرك تماماً أنها تجربة غنية، بدأت منذ عام 1975، مستندة إلى اتفاقات وبروتوكولات عدة.. وتطورت في ما بعد عبر اتفاقيات التعاون التجاري والاقتصادي والتقني الموقعة في نيسان 1993، حيث تم وبمساعدة روسيا تنفيذ أكثر من ستين مشروعاً اقتصاديا في سورية، منها محطة سد الفرات لتوليد الطاقة الكهربائية، ومحطة البعث ومحطة تشرين الحرارية والعديد من المحطات النفطية والغازية ومشروعات الري واستصلاح الأراضي، وقد سمحت المساعدة التقنية التي قدمتها الشركات والمؤسسات السوفياتية الروسية لشركة النفط السورية باكتشاف وحفر قرابة الخمسين بئراً نفطياً وغازياً واستثمار أكثر من أربعين حقلاً نفطياً رابضاً على تخوم الشمال الشرقي لسورية، حيث لامس التبادل السلعي بين الدولتين أواخر العقد الماضي ما قيمته ملياري دولار تقريباً، وهنا يفرض السؤال ذاته:

“أي أهمية لسورية في المنظار الروسي؟”

الرئيسان الاسد وبوتين والبطريرك يوحنا العاشر في الكاتدرائية المريمية على سجادة النسر الرومي وهو الارثوذكسي
الرئيسان الاسد وبوتين والبطريرك يوحنا العاشر في الكاتدرائية المريمية على سجادة النسر الرومي وهو الارثوذكسي

من الجانب الروحي فالكنيسة الروسية الارثوذكسية وبالتالي تمثل ثلاثة ارباع الشعب الروسي تتجذر في علاقتها مع شقيقتها الارثوذكسية الكبرى بطريركية انطاكية وسائر المشرق وعاصمتها دمشق التي تضم سورية ولبنان والعراق وسائر المشرق والانتشار الانطاكي وتدين لها بعمادها على يد الاسقف ميخائيل السوري من اواخر القرن العاشر كما ان روسيا حازت مركز بطريركية ارثوذكسية منذ القرن 15 بدعم من بطريركية انطاكية لتصبح البطريركية الارثوذكسية الخامسة عالمياً…وما الزيارة التي قام بها الرئيس بوتين لبطريركية انطاكية بدمشق والكاتدرائية المريمية عام 2019 ومعه الرئيس بشار الاسد واستقبالهما من قبل غبطة البطريرك يوحنا العاشر الا من سياق هذا التجذر السوري(الانطاكي) والروسي الروحي في المقام الاول وحتى في ظل الاتحاد السوفيتي كانت العلاقات الروحية بين بطريركيتي انطاكية وروسيا كانت قد وصلت الى حد الذروة…مما لامجال لبحثه في هذه الخربشات وخلال عشرة قرون من التعاون الوثيق بين الكنيستين الارثوذكسيتين.

 ومن الناحية العسكرية الاستراتيجية لروسيا ببساطة ودون عناء، تشكل القاعدة الروسية في طرطوس الساحلية، أبرز تجليات الوجود الروسي في سورية، لكونها القاعدة الروسية الوحيدة “الفاعلة” على البحر المتوسط هذا أولاً وخارج أراضي روسيا ثانياً فضلاً عما تملكه من بعد استراتيجي يوصف بالكبير في المصطلح العسكري، وما يعطيها قيمة مضافة أكثر، أنها تعطي القوات الروسية فرصة الوصول بسرعة وعن قرب إلى البحر الأحمر والمحيط الأطلسي… إذاً القاعدة الروسية في طرطوس غرب سورية لا تقاس أبداً بالقاعدة الروسية في الجزائر التي يدلل على ضعفها بالإصبع وبشكل مباشر.والقاعدة الجوية الروسية في مطار حميميم وتتميز بأهميتها الاستراتيجية القصوى بالقرب من الحدود التركية وادلب والشمال والشرق السوري والمحتل الاميركي فيها والعراق…ومشارف الخليج العربي…

كذلك روسيا بصبغتها السوفياتية “العملاق  وماقبلها  زمن الامبراطورية الروسية منذ كاترين العظيمة ما تمنته روسيا وجدته في سورية كمعبر آمن من خلال المياه الدافئة ومايقال على لسان الامبراطورة كاترين عن التؤامة بين روسيا وسورية هو مايتجسد حالياً، فروسيا تريد أن يكون لها كلمة فصل في القضايا الرئيسية في الشرق الأوسط ككل، وكان ما أرادت من بوابة سورية.

الرئيسان بوتين والاسد والبطريرك يوحنا العاشر في المقر البطريركي بدمشق
الرئيسان بوتين والاسد والبطريرك يوحنا العاشر في المقر البطريركي بدمشق

هذه معطيات لا يمكن القول فيها إن روسيا ليست بحاجة إلى سورية، تماماً كما لا يمكن الهمس أن سورية تقبض على يدها تجاه روسيا، فدمشق ترى في موسكو حليفاً رئيساً في أكثر من قضية شائكة ولا يبدو مطلقاً أن دمشق تسير على خطى “الجفاء” مع موسكو. والأخيرة ليست دولة عابرة على المسرح الدولي، بل في يدها ورقة فيتو في مجلس الأمن الدولي، لكونها عضواً دائماً، وهو ما استفادت منه سورية أكثر من عدد أصابع اليدينفي سنوات الحرب الكونية على سورية ولاتزال في مواجهة الافتراءات الغربية وخاصة لجهة الهجمات الكيميائية المزعومة كذلك روسيا حليف قوي من ناحية العسكر، لديها أهم إنْ لم يكن أقوى أنواع الذخيرة على مستوى العالم دون ترميد للعيون انه مورد مهم ورئيسي للسلاح، الأمر الذي تستفيد منه سورية، فضلاً عن أن روسيا تعتبر داعماً اقتصادياً أساسياً لسورية كما ذكرنا سابقاً ما من شأنها مد الاقتصاد السوري بجرعات إنعاش وتنفس. فهل من المنطق بعد ما يظهره لنا هذا التاريخ الطويل من العلاقات المتجذرة من التحالف بين الدولتين، أن تدير سورية ظهرها لروسيا وان تتخلى روسيا عن سورية؟ وسورية وفية دوما لكل من يمد يد العون لها وحتى كل ماجرى من العربان من طعن بظهرها لاتزال بوصلتها العروبة وفلسطين…فكيف بالروس وقد قدموا العديد من الشهداء في مختلف صنوف الاسلحة وفي كل الجبهات سواء من قبل الغزاة الاتراك او التنظيمات الارهابية …

بعيداً وقريباً عن دمشق وموسكو، سرت وشوشات تقول إن “الفتور” اليوم، يعود إلى عام تقريباً، وتحديداً الرابع والعشرين من حزيران الماضي، حيث عُقِدَ في القدس المحتلة اجتماع روسي أميركي “إسرائيلي” لم يرق لسورية ولا لمحور المقاومة لا سيما أن الاجتماع حضره نيكولاي باتروشيف رئيس مجلس الأمن الروسي وجون بولتون مستشار الأمن القومي الأميركي ومائير بن شبات “رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، وكان مؤسساً للقاء جمع بعد يومين أي الثامن والعشرين من حزيران الماضي الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالروسي فلاديمير بوتين في أوساكا اليابانية أثناء قمة العشرين آنذاك… اجتماع الترويكا في القدس أسس لاتفاق تمثل بضرورة انسحاب القوات الأجنبية التي دخلت سورية بعد عام 2011، وهذا ما ردده في غير محفل الرئيس ترامب، وفي مطلع أيار الحالي جدد جيمس جيفري المبعوث الأميركي الخاص لسورية الدعوة إلى ضرورة انسحاب القوات الأجنبية من سورية،” الأميركية – الإيرانية والتركية” واستثناء القوات الروسية، ولأن الشيطان يكمن في التفاصيل، قرأت إيران الرسالة جيداً.. إخراجها وحزب الله من سورية، ليطرح السؤال هل اجتماع القدس قبل عام بدأ بتنفيذ بنوده اليوم بشكل واضح؟ وهل فعلاً موسكو قدمت تنازلاً لـ “إسرائيل” بخصوص التمركز الإيراني، ثم كيف تفهم اللهجة العالية لأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله بأن إيران لن تخرج من سورية قبل النصر على الإرهاب؟ في أي صندوق بريد أريدَ لرسالة السيد نصر الله أن توضع؟ هل موسكو في الحقيقة غير راضية عن التمركز الإيراني وبالتالي قدمت تنازلاً، أهو شكلي أم فعلي وما الفرق بينهما؟ هل علينا القول إن تصدعاً حصل في محور مكافحة الإرهاب، فيما محور المقاومة يشتد متانة؟ كل ذلك يعود بنا إلى زمن خروج الجيش السوري من لبنان، وقتها فرك كثيرون أيديهم فرحاً لمشاهد الخروج التي تسمرت شاشات الرادار الإعلامي لرصده بتفاصيله الدقيقة والقول إن المارد السوري خر صريعاً، وانهزم، ليتضح في ما بعد أن سورية أصبحت أقوى في لبنان وهي خارجه..

ليبقى الثابت.. انه على وقع تقارير تبث من اتجاهات متنوعة، تفضي للقول إن خلافاً قوياً تشتم رائحته بين سورية وروسيا ويتم البناء عليها، تدار الدفة إلى أن كل من سورية وروسيا وجدت ضالتها في الأخرى، علاقة تبادلية للمصالح وتكاملية في الأهداف وما حاصل اليوم قد يكون تبايناً في وجهات النظر لا أكثر.. ثم من قال إن الحلفاء يجب أن تكون مواقفهم حد التطابق!

سورية وروسيا زواج  ارثوذكسي مؤبد لا انفصام به…لأن الصدق والشفافية والمصالح المشتركة هي الاساس في هذا الزواج المؤبد وهو مايقض مضجع الغرب برئاسة اميركا والحلف الاطلسي وتركيا وكل من له مصلحة بقطع العلاقات بين الدولتين وهذا قطعاً لن يحصل…

القسطنطينية في نبوءات الروم والمسلمين 

$
0
0

القسطنطينية في نبوءات الروم والمسلمين 

السؤال الأول: هل يؤمن الروم بعودتهم إلى القسطنطينية ؟ الجواب نعم.
والسؤال الثاني: هل يؤمن المسلمون بعودة الروم إلى القسطنطينية ؟ الجواب نعم أيضاً.

وإليكم التفصيل

بنى الامبراطور القديس قسطنطين مدينة القسطنطينية عام 335 م وعمّدها وزينها بالكنائس والرموز المسيحية وجعلها عاصمة لامبراطورية الروم. توالت على العاصمة المحن والحصارات إلى أن احتلها الصليبيون (الفرنج) عام 1204 م وحررها الروم من جديد ، ثم العثمانيون عام 1453م ولم يحررها الروم بعد …

منذ عام 1453 حتى الآن، ما زال الروم ينتظرون يوم تحرير “المدينة”، وكثرت النبوءات لدى قديسيهم التي تؤكد حدوث هذا الأمر.

نبؤات القديسين
– القديس “قزما الأيتولي” +1779 ، تنبأ بما يلي: “سيتم تحرير المدينة من جديد . أرى جيشاً محباً للمسيح ولكن لا يتحدث اللغة اليونانية. ثلث الأتراك سيقتل ، ثلثهم الآخر سيصبح مسيحياً، وثلثهم الباقي سيعود إلى ما وراء حدود “الكوكينا ميليا”. (1).

وتجدر الإشارة إلى أن هذا القديس تنبأ بأمور أخرى كثيرة تحققت: منها (الطائرات)”سوف ترون الناس يطيرون في الفضاء كالطيور ويقذفون ناراً على الأرض…” و(السيارات) “سوف ترون في السهل عربة بلا أحصنة تعدو كأسرع من الأرنب” والراديو والتلفزيون.
– القديس الشيخ بايسيوس الآثوسي +1994 تنبأ كذلك بالأمر نفسه ويقول لأحد زواره: “الروس سيحررون القسطنطينية بعد حرب طاحنة. وستختفي “تركيا عن الخريطة”…
 – البار ايوسيف رئيس دير الفاتوبيذي+2009 وعلى غرار الشيخ بايسيوس حين أشار إلى دور الروس في تحرير القسطنطينية، وربط هذا الحدث بقرب ظهور المسيح الدجال ويوم القيامة، يقول: “ستقع اليونان بأزمة اقتصادية كبرى تليها مجاعة. وبعد ذلك يأتي الجيش الروسي ويهزم الأتراك ويطردهم من القسطنطينية”، “الأميركيون والإسرائيليون يحاولون الضغط ويقومون بأعمال عدائية تجاه روسيا بسبب ذلك”.

وقد انتشرت منذ القديم لدى الروم نبوءات تنسب إلى لاون السادس الحكيم وردد صداها ميثوديوس باتارا تؤكد تحرير المدينة على يد “شعب أشقر”.(2).
ويجمع استيريوس ارغيريو وثائق تفسيرات النبوءات التي تصف بمرارة استعباد الروم في مدينتهم وتؤمّل الروم في العالم بتحرير المدينة: من مكسيموس البيلوبونيسي (+ 1630)، إلى زاخاري جرغانوس(+1631)  خريستوفوروس انجيلوس(+1638) جيورجيوس كوريسيوس (+1660) أنستاسيوس غورديوس (+1729) باندازيس لاريسا (+ 1795) ايوانيس لينديوس(+1796)، ثيوذوريتوس يانينا (+1823) كيرلس لافريوتيس (+1829) وانثيموس الأورشليمي (+1808)… وجميعها تشبه فترة احتلال القسطنطينية ب”حكم المسيح الدجال” وتؤكد تحرير المدينة ، متسائلة عن الزمن.(3).
وقد اشتهر أيضاً في هذا المجال كتاب “التأريخ الروسي” المحرر باللغة اليونانية منذ العام 1454، وهو يروي وقائع الاستيلاء على القسطنطينية وتحريرها على يد “الشعب الأشقر” rusji rod”.
وحاول الروم مرارا تحقيق هذا الحلم بحروب عديدة ( الحروب اليونانية- التركية المتكررة 1897 – 1919)  والروس عند حرب القرم (1854) (الطريق نحو القسطنطينية).

النبؤات الاسلامية

أما لدى المسلمين فقد ذكرت نبوءات نبي المسلمين عن أن قيام الساعة (أي نهاية العالم) لن تتم إلا و”الروم أكثر الناس”، والقسطنطينية تكون في قبضتهم، ولن يفتحها المسلمون مجدداً “إلا عشية قيام الساعة” وبعد “إنزال للروم في دابق قرب حلب” وهذا لم يحصل بعد حتى الآن.

والحديث منشور في صحيح مسلم(4) وهنا نصه:
“حدثني زهير بن حرب حدثنا معلى بن منصور حدثنا سليمان بن بلال حدثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«لاتقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق أو بدابِقَ (قرب حلب) فيخرج إليهم جيش من المدينة (السعودية) من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا، قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سُبُوا مِنَّا نقاتلْهم، فيقول المسلمون: لا والله، كيف نُخَلِّي بينكم وبين إخواننا؟ فيقاتلونهم فينهزم ثُلُث ولا يتوب الله عليهم أبدا ، ويُقتَل ثلثُهم أفضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث، لا يُفتَنون أبداً، فيفتَتحِون قسطنطينية، فبينما هم يقتسمون الغنائم، قد عَلَّقوا سُيوفَهْم بالزيتون،إذ صاح فيهم الشيطان: إنَّ المسيحَ الدَّجَّالَ قد خَلَفَكم في أهاليكم، فيخرجون، وذلك باطل ، فإذا جاؤوا الشام خرج، فبينما هم يُعِدِّون القتال، يُسَوُّون صفوفَهم، إذا أقيمت الصلاة، فينزل عيسى بن مريم، فأمَّهم، فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب في الماء فلو تركه لانذاب حتى يهلك، ولكن يقتله الله بيده – يعني المسيح- فيريهم دَمه في حربته»

ومعنى الحديث
أنه في آخر الزمان، ستقوم حرب بين الروم والمسلمين في منطقة قرب حلب اسمها دابق. وسيكون إنزال للروم فيها. وسيكون إنزال للعرب. تتم بعدها “الملحمة الكبرى”، ويقتل ثلث المسلمين، ويستسلم ثلثهم الآخر (ويترك الإسلام) ويستمر الثلث الباقي بالقتال من دابق في سورية، ويتجه باتجاه القسطنطينية لاحتلالها (بما يعني أن القسطنطينية آنذاك ستكون في قبضة الروم، وهي حتى اليوم لا تزال في قبضة المسلمين).

وهذا يعني أن احتلال الأتراك للقسطنطينية عام 1453م هو احتلال عابر، وفق الحديث الإسلامي، لأن الروم سيعودون إليها، ومن ثم تحصل حرب بين الروم والمسلمين في سورية، يستسلم فيها ثلث المسلمين، ويقتل ثلثهم الآخر، ويبقى الثلث الباقي يقاتل حتى “يفتح القسطنطينية”، وبعدها تقوم الساعة ويأتي المسيح في الوقت الذي يكون المحاربون “لا يزالون يقتسمون الغنائم”.
وفي تفسيره للحديث يقول الشيخ ياسين العجلوني “إن الروم سيعيدون احتلال استانبول” عام 1490 للهجرة، بعد “الملحمة الكبرى”، قبل أن يعيد فتحها المسلمون عام 1494 للهجرة، وبعدها “يظهر الدجال”.
ولذلك قال نبي الإسلام في حديث آخر:”وتأتي الساعة والروم أكثر الناس”.
وحديثه عن قيام الساعة، يوضح أن الحرب ستكون بين “العرب من أهل المدينة” “وبين الروم في سورية والقسطنطينية”، ولا يذكر الأتراك… ويقول إن “المسيح يأتي” “وتأتي الساعة” في الوقت الذي تكون فيه الحرب في مرحلة اقتسام الغنائم … وهذا لا ينطبق طبعا على العام 1453م … التي جرى اقتسام غنائمها قبل ظهور المسيح الدجال بقرون.

إن مقارنة نبوءات القديسين بأحاديث نبي المسلمين تظهر تشابهاً نسبياً في وصف الأحداث،
والله أعلم.
+++

(نسور الروم)

المراجع
‏1- “Ξένος στρατός θα έλθει, Χριστό θα πιστεύει, γλώσσα δεν θα ξέρη … “.
‏”Οι αντίχριστοι θα φύγουν, αλλά θάρθουν πάλι• έπειτα θα τούς κυνηγήσετε έως την Κόκκινη Μηλιά”.
‏Οι Τούρκοι θα φύγουν, αλλά θα ξανάρθουν πάλι και θα φθάσουν ως τα Εξαμίλια. Στο τέλος θα τούς διώξουν εις την Κόκκινη Μηλιά. Από τούς Τούρκους το 1/3 θα σκοτωθεί, το άλλο τρίτο θα βαπτισθεί και μονάχα το 1/3 θα πάει στην Κόκκινη Μηλιά”.
2- (ألان دوسيلييه – مسيحيو الشرق والإسلام في العصر الوسيط ص.660).
‏3- Asterios Argyriou, Les exégèses grecques de l’Apocalypse à l’époque turque (1453-1821). Esquisse d’une histoire des courants idéologiques au sein du peuple grec asservi, THESSALONIQUE , 1982
4- صحيح مسلم


خربشات سياسية 24/5/2020 دموع التماسيح…!

$
0
0

خربشات سياسية 24/5/2020 دموع التماسيح…!

مع كل الدروس المستفادة من الحرب العدوانية الشرسة على الدولة السورية وشعبها لم نعد نستغرب أي موقف من الدول الاستعمارية الغربية الممثلة لمنظومة الصهيونية العالمية الراعية للإرهاب وأدواتها من أنظمة المنطقة.
فهذه الدول لا يصحو ضميرها وحرصها على المدنيين والأطفال والمستشفيات إلا عندما يبدأ الجيش السوري عملية لتحرير منطقة سورية من الإرهاب.
ولا تستفيق إنسانيتها في الأمم المتحدة ومؤسساتها وخاصة مجلس الأمن وفي المنابر الدولية ووسائل إعلامها إلا عندما تكون عصاباتها الإرهابية منهزمة وفي حالة انهيار تام.
ولا يعلو صراخ هذه الدول إلا عندما تحقق الدولة السورية انتصاراً جديداً سواء في الميدان العسكري أو السياسي.
لقد تناسى هؤلاء أن الدولة السورية تقوم بواجبها في تحرير أراضيها من كل تواجد للعصابات الإرهابية أو غير شرعي من أي جهة كانت.
كما يتناسى هؤلاء أن ما تقوم به الدولة السورية لتنفيذ هذا الحق والواجب مسنود على قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن والقوانين الدولية والوطنية والدستور السوري.
لكن ما يثير الاشمئزاز من مواقف الدول الاستعمارية وأدواتها أنها تتناسى حقيقة أصبح يعرفها الجميع وهي أن تحالفهم العدواني برئاسة الأمريكي ارتكب جرائم وحشية في كل منطقة سورية تواجدوا فيها ومدينة الرقة خير شاهد على ذلك حيث أظهرت الصور حجم الدمار الذي أحدثته في المدينة بحجة محاربتها لتنظيم داعش الإرهابي وقد أكدت التقارير الدولية أن مشاهد الدمار في الرقة تذكر بمشاهد المدن المدمرة في الحرب العالمية الثانية.

اليوم وبالامس سرقة النفط والغاز السوري من الحقول في مناطق الاحتلال الاميركي وعصابة قسد الانفصالية والاصح داعش الجديدة لأن الصانع والممول الاميركي واحد وهو الاله الابيض…

حرق المحاصيل الزراعية وحقول القمح في مناطق الاحتلال الاميركي والداعشتين القديمة وقسد  لكسر ظهر العشائر العربية الرافضة للاحتلال الاميركي والاستيلاء الكردي المدعوم من الاحتلال الاميركي، وفي مناطق الاحتلال التركي وعصاباته…وفي مناطق الخلايا الارهابية التكقيرية المدعومة من العدو الصهيوني في الجنوب السوري…وحرق الغابات في جبال اللاذقية والتي تحت سيطرة ارهابيي اردوغان في الشمال وادلب وشمال حماه
بالتأكيد لا نستغرب مواقف هذه الدول التي تدعي حرصها على حقوق الإنسان والمدنيين بعدما انكشفت الحقيقة التي باتت واضحة بأن هذه الدول هي من أنشأت العصابات الإرهابية ومنها داعش والنصرة والقاعدة وغيرها لتكون الأداة الشيطانية لتنفيذ مخططاتها ومشاريعها.
وفي النهاية ومهما كانت مواقف هذه الدول فإن الدولة السورية ومن معها من حلفاء وأصدقاء ماضون في تنفيذ مهمة تحرير سورية من كل وجود إرهابي وأجنبي غير شرعي مهما علا صراخ رعاة الإرهاب ومهما تباكوا على أيتامهم من الإرهابيين ويوم النصر النهائي على الإرهاب بات قاب قوسين او أدنى.

خربشات سياسية…25 ايار 2020 مجرد فشة خلق…

$
0
0
خربشات سياسية…25 ايار 2020
مجرد فشة خلق…ابدأها: انا لا اتمنى الا الخير للجميع…
هذه هي ثوابتي وجيناتي الفطرية والمكتسبة هكذا رباني اهلي وهكذا ربيت اولادي…وهذه هي اخلاقي السورية المحبة كما سورية امنا المحبة للجميع…
اعتقد ان وليس تعصبا لسوريتي اعتقد ان كل السوريين طيبون متسامحون وانقياء… ولايتمنون الا الخير حتى للأعداء الباغضين لهم، وخلال السنوات العشر المنصرمة هي السنوات العجاف التي اسموها تارة الربيع العربي واطوارا ثورة الحرية والكرامة وماهي الا فورة رعاع خونة طعنوا امهم وشعبهم من الظهر والصدر باعوا انفسهم لعدو الوطن الذي مولهم فقتلوا ودمروا واستباحوا ولايزالون يدمرون ويسرقون ويحرقون المحاصيل والاراضي الزراعية والكبار فيهم قبضوا بالدولار والريال واليورو ثمن الخيانة والصغار يسيرون في ركاب المحتل ويتقاضون رواب استمرار تخريب الوطن وتدميره ولا يزالون واعلامهم وصفحاتهم شامتة…

كم ظهر لسورية وشعبها وجيشها من اعداء وباغضين وساهموا بتدمير سورية وقتل شعبها وخاصة من مدعي حقوق الانسان…من أميركا المستعمر الجديد الى الاستعمار القديم المطرود من ديارنا الشامية بكفاحنا امثال بريطانيا وفرنسا…وتركيا والكيان الصهيوني…ومن اسميناهم يوما إخوة واشقاء من ال يعرب…
مليون ضحية سورية بريئة
مليون ضحية سورية بريئة
ولكن ماحصل ويحصل من ارتداد الارهاب الى مدبريه ومموليه ورعاته في بلادهم وحصل قبلا في كل من هذه الطغمة العدوة، وسقوط ضحايا ابرياء، قد يدفعني للشماتة، وانا خجل من ضعفي البشري هذا…ولكن مجرد تذكر مليون ضحية سوري بريء شهيد وجريح ومعطوب ومخطوف مدني وعسكري وعائلات باكملها ابيدت… عدا عن تهجير نصف السوريين يدفعني وانا اسف الى احتمالية الشماتة البادية في تفكيري والمترجمة بقولي:” أن طباخ السم لابد أن يذوقه…” ولن اخجل لان دماء ابناء واشقاء ابرياء سفحت ظلما وعدوانا… على مذبح غدرهم التكفيري ومن اوجدهم… واعراض هتكت ومقدرات الوطن دمرت حتى المستشفيات وسيارات الاسعاف وسرقت وسرق كل شيء حتى الآثار… ولازلنا كما في الشمال الواقع بعضه تحت الاحتلال التركي كما في محافظة حلب وفي جبال اللاذقية وادلب…وكما في الشمال والشرق الواقعين تحت الاحتلال الاميركي من حقول نفط وغاز في الحسكة الرقة ودير الزور مع عصاباتهم من داعش ونصرة وتركستان و…وقسد …ويحصل من تفجيرات في عفرين الرقة ودير الزور والحسكة وحرق اراضي وحقول الغلال والغابات… و… وتسير الدماء البريئة انهاراًويعم الدمار بمايفوق اربعمائة مليار دولار
وداعش والنصرة وكل التكفيريين لم يهبطوا علينا من المريخ….بل هم اي هذه الدول الباغية كتركيا وكبريطانيا وفرنسا وبلجيكا والمانيا والعربان…والزعامة المطلقة لاميركا هم من صنعه ودربه وموله وذبحوا شعبنا…فلاباس أن ارتد بعضه عليهم وسيرتد كله لامحالة …
فليذوقوا من الذي اذاقونا منه خلال هذه المدة الطويلة وقد بدأنا بالسنة العجفاء العاشرة عبر داعش والنصرة واذناب الاتراك ومرتزقة اردوغان والعدو الصهيوني وكل التكفيريين…ظلما وعدوانا وحقدا مابعده من حقد…
ليذوقوا قيراطا فقط من ٢٤ قيراط…
العدوان على سورية دمر العائلات السورية وشتت اولادها في بقاع الدنيا
العدوان على سورية دمر العائلات السورية وشتت اولادها في بقاع الدنيا
وان كان من سقط هم من الابرياء المدنيين متمنيا كسوري ذبيح قدم من عاءلته الصغيرة شهداء وضحايا، ومن عائلته الكبيرة سورية، شهداء وضحايا بدون حصر…
متمنيا أن ينال اصحاب القرار وطغمتهم الشيطانية “الحاكمة بامرها” بظلم الدول الصغيرة وشعوبها… جزاء وفاقا على ماجنت ايديها المخضية بدماء السوريين الابرياء ودمار احلى وطن في العالم…سورية الحبيبة وتهجير شعبها… وتجويع من صمد منه بحرق عملته الوطنية وارضه الزراعية…
ولكن” الله يمهل ولا يهمل “واترك له أن ينتقم لضحايانا المظلومين، ولسوريتنا الحبيبة الذبيحة…

سبت الراقدين قبل احد العنصرة

$
0
0

 سبت الراقدين  قبل احد العنصرة

ماهو؟ ولم نقيم هذا التذكار؟
+ سبت الراقدين

فيه تُقيم الكنيسة الأرثوذكسيّة تذكارًا للراقدين على رجاء القيامة المجيدة مرّتين في السنة، ويعرفان بسبت الأموات.

الأوّل: يقع قبل أحد مرفع اللحم أو ما يعرف ليتورجيًا بأحد الدينونة. الدينونة تعني مجيء المسيح الثاني، ولأن أمواتنا لم يخضعوا للدينونة بعد، نذكرهم في الصلاة طالبين لهم الراحة ورحمة الله العظمى اللامتناهية، كما نذكّر في الوقت ذاته أنفسنا بالتوبة.
الثاني: وهو السبت الذي يسبق أحد العنصرة مباشرةً. لأن الروح القدّس هو علّة الحياة والنعمة والقداسة تخصّص الكنيسة هذا اليوم للراقدين وتطلب نعمة الروح القدس لتعزيتهم وراحتهم.
ملاحظة:

1- كلّ سبت في الليتورجيا الأرثوذكسيّة هو مخصص للرّاقدين، كذلك في كلّ قدّاس إلهي يُذكر فيه الراقدين.
2- لا موت في المسيحية لأن المائت الحقيقي هو الرافض لنعمة المسيح وحضوره في قلبه، من هنا لا يأتي دستور الإيمان الذي هو من القرن الرابع ميلادي على ذكر لفظة موت للمسيح بل يقول عنه ” صُلب عنّا على عهد بيلاطس البنطي، تألّم وقبر، وقام في اليوم الثالث” وهذا مراده أن للمسيح طبيعتين كاملتين ومشيئتين كاملتين: إلهيّة وبشريّة. وهو مات من جهّة طبيعته البشريّة وليس من جهّة طبيعته الإلهيّة. فلأنّ أمواتنا لا يموتون، ولأنّ سيّد الحياة ومصدرها تجسّد، وأبطل الموت بموته، ولأننا أناسٌ قياميون، نصلّي مع أمواتنا ولهم.
في “سبت الراقدين” الذي قبل “أحد الدينونة” (أحد مرفع اللحم)، نذكر جميع أمواتنا الذين رقدوا بالربّ ونُصلّي من أجل راحة نفوسهم، طالبين من المسيح الاله الديّان العادل، والكلّي المراحم أن يكتنفهم برحمته الغنيّة، فالمجيئ الثاني للرب والدينونة العامة لجميع البشر في مُنتهى الأزمنة لم تَحِن بعد، كما نُذكّر في الوقت ذاته أنفُسنا بالتوبة وبُطلان العالم. وفي “سبت الراقدين” السابق لأحد العنصرة، نعود ونذكُرهم ونصلّي من أجلهم مُجدداً عشيّة عيد حلول الروح القدس وتأسيس الكنيسة المقدسة، وذلك للتأكيد على حقيقة كوننا نحنُ الأحياء الباقين ههنا على الأرض، نؤلّف مع أولئك الذين سبقونا فرقدوا على رجاء القيامة، كنيسة واحدة رأسُها المسيح، وأعضاؤها مترابطين مع بعضهم البعض برباط الروحُ القدس والمحبة، فنصلّي من أجلهم ويُصلّون من أجلنا، وتتجلّى شركتنا الروحية معهم وشركتهم معنا بأسمى صورة عبر سرّ الشكر الالهيّ، أي عندما تُقام خدمة الذبيحة الإلهية من أجلهم، والتي تُقوّي ترابطنا الروحيّ معهم، وترابطهم معنا في الجسد السريّ الواحد، فتبلغُ اليهم صلواتنا ويتعزّون بها وينتفعون منها. لأن الروح القدّس هو علّة الحياة والنعمة والقداسة، كذلك في كلّ قدّاس إلهي يُذكر فيه الراقدون، وتحضر لائحة بأسماء البعض منهم يُقدّمها أقرباؤهم للكاهن..
لماذا القمح المسلوق في تذكارات الراقدين؟
جرى في التقليد الروميّ الأرثوذكسيّ أن يحمل المؤمنون الى الكنيسة في “سبت الراقدين” وفي التذكارات الخصوصيّة للراقدين (جناز الثالث، والتاسع، والأربعين والسنة..) صواني من القمح المسلوق الذي يُعدّونه في المنازل مُزيّناً بالسكّر المطحون وبعض المُطيّبات الأخرى، ويُقدّمونه للكاهن لكيما يُقيم عليه “صلاة النياحة” أو المعروفة باليونانية بصلاة “التريصاجيون”، وذلك في نهاية القداس الإلهي، ذاكراً أسماء الراقدين المقدّمة عنهم.
القمح في المسيحية هو رمزُ القيامة، واشارةٌ للحياة الأبدية التي تعقُب الموت، لنحيا مع المسيح القائم من بين الأموات.
وهذا القمح المسلوق يُسمّى koliva (باليونانية: κόλλυβα)، وفي بعض الأوساط يدعونه “قِلبَة”، وهي لفظٌ مُعرَّب للكلمة اليونانية المذكورة “كوليفا”، وفي أوساطٍ أخرى يُسمّى “رحمة”… وكلّها ترتبط بعلاقة القمح المسلوق بذكرى الراقدين، حيث أن حبّة القمح لا تُثمر ولا تأتي بسُنبلةٍ خضراءَ يانعة إلّا إذا ماتت، حيث يقول السيّد المسيح له المجد: ” إن لم تمُت حبّةُ الحنطة فإنّها تبقى وحدها ولكن إن ماتت تأتي بثمرٍ كثير” (يوحنا 24:12).
وهكذا هم المسيحيون المؤمنون الذين رقدوا على رجاء القيامة والحياة الأبدية، يموتون مع المسيح، ليشتركوا معه بمجد قيامته أيضاً (رومية 4:6). كما أن حبّة القمح التي تنحلّ في الأرض، وينبُتُ منها سُنبلة خضراء جديدة، تُشيرُ الى فساد الجسد التُرابيّ الماديّ وانحلاله بالتراب، واستعادته من جديد جسداً نورانياً ومُمجَّداً على شبه جسد المسيح القائم من الأموات في القيامة العامّة عند مجيئ الرب الثاني “كذلك أيضاً قيامة الأموات، يُزرعُ (الجسد) في فسادٍ ويُقامُ في عدمِ فساد، يُزرعُ في هَوانٍ ويُقامُ في مجدٍ، يُزرعُ في ضَعفٍ ويُقامُ في قوّة” (1 كورنثوس 43،42:15).
معَ القدّيسين أرِح أيُّها المسيح الاله نفوسَ عبيدِكَ. حيثُ لا وجعٌ ولا حزنٌ ولا تنهُّد. بل حياةٌ لا تفنى.
+++ فليكُن ذِكرُهم مؤبداً ++
(السنكسار الارثوذكسي)

 

ملكة افغانستان السورية ثريا ترزي

$
0
0

ملكة افغانستان السورية ثريا ترزي

ثريا ترزي، والمعروفة بالملكة ثريا (24 تشرين الثاني 1899 — 20 نيسان 1968)، هي ملكة أفغانستان في أوائل القرن 20 وزوجة الملك أمان الله خان والمرأة الوحيدة التي تظهر على لائحة الحكام في أفغانستان.

دمشق موطن الولادة والنشأة

  هي ثريا ترزي ابنة سردار محمود ترزي ورسمية خانم…

ولدت وترعرعت في دمشق وتلقت تعليمها على يد والدها الزعيم والمفكر الافغاني – سردار محمود ترزي – الذي قادته منافسته السياسية مع الامير عبد الرحمن خان الى اختيار سورية منفى له.

والدتها السيدة اسماء رسمية خانم، السورية، ابنة الشيخ محمد صالح الفتال افندي، ابن العائلة الحلبية الاصيلة ومؤذن الجامع الاموي في حلب.

في افغانستان

تنتمي الملكة ثريا إلى قبيلة البشتون الافغانية، المتفرعة من سلالة باراكزاي.

بعد وفاة الامير عبد الرحمن عادت العائلة الى افغانستان بعد العفو الذي اصدره الامير الجديد حبيب الله خان. وكان الامير امان الله خان معجباً بالافكار المعاصرة للوجيه سرادار محمود ترزي، الذي كان من اقرب

ملكة افغانستان السورية ثريا ترزي
ملكة افغانستان السورية ثريا ترزي

المقربين للعائلة.

ارتبط  الأمير أمان الله خان بعلاقة حب مع ابنة سرادار خان، ثريا، انتهت بالزواج عام 1913.

لدى اغتيال والده حبيب الله عام 1919، تولى امان الله السيطرة على الجيش وسمي ملكاً على افغانستان.

كانت ثريا على قدر كبير من الثقافة والوعي، ولعبت دوراً هاماً في ادارة البلاد الى جانب زوجها الملك أمان الله لاسيما في مجال طموحاته لمستقبل افغانستان في المعاصرة والحداثة.

الملكة ثريا وزوجها ملك افغانستان امان الله خان
الملكة ثريا وزوجها ملك افغانستان امان الله خان

اعمالها كملكة

اسست الملكة ثريا اول مدرسة تمريض للشابات، واشتهرت بكونها اول ملكة مسلمة تخلع الحجاب امام الجمهور…

شن الملك أمان الله خان حملة ضد الحجاب علناً و ضد تعدد الزوجات، وشجع تعليم الفتيات ليس فقط في كابول بل في الريف ايضاً .

وفي اجتماع المجلس الأعلى للبلاد عام 1928، قال امان الله ان “الاسلام لا يفرض تغطية المرأة لجسدها أو ارتداء أي نوع خاص من الحجاب”. في ختام كلمته، خلعت الملكة ثريا حجابها وتبعتها بذلك زوجات المسؤولين الحاضرين.

بمساعدة الملكة ثريا، تم تشجيع النساء في افغانستان للحصول على التحصيل العلمي، وبناء على ذلك أرسلت 15 امرأة شابة إلى تركيا لتحصيل التعليم العالي في عام 1928. وكان لثريا الدور الكبير في فرض تغيير واقع النساء وحضهن علناً  للمشاركة بشكل فعال في بناء الوطن.

في عام 1926، وفي الذكرى السنوية السابعة للاستقلال عن البريطانيين، قالت ثريا في خطاب علني:

” ذلك (الاستقلال) ملك لنا جميعاً، هل تعتقدن أن أمتنا بحاجة إلى الرجال فقط لخدمتها؟ . ينبغي أيضاً أن تأخذ المرأة مكانها كما فعلت النساء في السنوات المبكرة من أمتنا الاسلامية. يجب علينا أن نتعلم أنه يجب علينا أن نساهم جميعا” في تطوير بلدنا وانه لا يمكننا القيام بذلك دون ان نتسلح بالعلم”.

بسبب الإصلاحات التي حققها الملك أمان الله خان، نمت الطائفية الدينية في البلاد واتخذت طريق العنف.

في عام 1929 ، تنازل الملك عن العرش وتوجه الى المنفى.

الملك امان الله والملكة ثريا وافراد العائلة في المنفى بروما
الملك امان الله والملكة ثريا وافراد العائلة في المنفى بروما

في المنفى

اول محطة للملك والملكة كانت في الهند (التي كانت جزءاً من الامبراطورية البريطانية آنذاك). هناك، شعر الشعب الهندي انه فقد حلمه في الحرية والتحرر من الامبريالية البريطانية مع سقوط عهد الملك أمان الله خان. وكان هناك ترحيباً كبيراً للملكة من قبل النساء اللواتي كن يبكين ويهتفن باسم “ثريا” من دون الإشارة إلى “الملكة” لأنها كانت مثالاً قوياً للناشطات في مجال حقوق المرأة.

وفاتها

ثم انتقلت الملكة وعائلتها للعيش في روما  بايطاليا حيث توفيت في 20 نيسان 1968.

رافقت جثمانها فرقة من الجيش الإيطالي إلى مطار روما قبل نقله إلى أفغانستان حيث اقيمت لها مراسم جنائزية رسمية. ودفنت في ضريح العائلة في جلال اباد الى جانب زوجها الملك أمان الله خان، الذي كان قد توفي قبلها بثمانِ سنوات.

لكن عائلتها لم تنسى جذورها ووطنها الأم افغانستان، حيث قامت صغرى بناتها، الاميرة هند، بزيارة افغانستان وانجزت فيها عدة مشاريع خيرية.

( النادي الادبي النسائي – أ. حسان حموي)بتصرف

البطريرك الانطاكي مكاريوس بن الزعيم

$
0
0

.

 البطريرك الانطاكي مكاريوس بن الزعيم

هو يوحنا بن الخوري بولس بن الخوري عبد المسيح الملقب بالبروطس أي “الزعيم” من قرية

كفربهم (1) في 12 تموز 1672  وكفربهم من البلدات المشهورة بالانتماء الارثوذكسي المكين.

نشأ في اسرة كهنوتية تتوارث نعمة الكهنوت فوالده هو الخوري بولس المشهور بورعه وتقواه، فترعرع على التقوى وحب المعارف متثقفا على يد والده الخوري بولس ذي السيرة الصالحة. فعاش عيشة فاضلة، وتعلم حرفة والده الحياكة ومارسها وبرع فيها منذ صغره.

في حلب

وكان الخوري بولس والد علمنا يوحنا ابن الزعيم قد هاجر من بلدته كفربهم إلى  حلب في مطلع  القرن السادس عشر مع من هاجر اليها من رعية كفربهم في زمن  السلطان العثماني سليم الاول.

وصار كاهنا فيها وهو المشهور في حلب بتقواه وسيرته الصالحة.

وكان الحلبيون مشربين حب والده الخوري بولس عارفين قدر خدمته لكنيستهم الارثوذكسية  فأجمعوا على انتخاب  ابنه علمنا  لخدمتهم الروحية، فرسم شماسا وقسيساً (كاهناً) وتولى خدمة رعية حلب الارثوذكسية بغيرة  وجهاد.

ولما رُسم البطريرك افتيموس كرمة الحموي مطراناً على حلب باسم (ملاتيوس) سنة 1612 اتصل علمنا حكماً بخدمته واتقن على يديه اللغتين اليونانية والسريانية اضافته الى اجادته للعربية التي كان قد نهلها عن والده المرحوم الخوري بولس الزعيم.

انكب علمنا الخوري يوحنا على تعريب الكتب  التي كان معلمه المطران ملاتيوس كرمة قد اهتم بها واولاه تعريبها لثقته به، وكان علمنا كثير الجلد على المطالعة والنسخ متوسط الخط. وكثيراً ماكان استاذه المطران ملاتيوس يوكل اليه مراقبة اداء النساخ في المقابلة والمراجعة والنسخ.

ولع علمنا الخوري يوحنا بجمع الكتب ومطالعتها واستنساخ او نسخ مالم يتمكن من ابتياعه منها الى ان جمع مكتبة مفيدة حافلة بنفائس المخطوطات. وكان لمعلمه المطران ملاتيوس كرمة مكتبة غنية جداً(2)، فانكب علمنا على مطالعة مخطوطاتها ، واحرز نصيباً وافراً من الآداب والتاريخ والعلوم الدينية.

وكان من زملائه في النسخ والدرس الخوري ملاتيوس الصاقزي المصور(3)( الذي صار بطريركاً خلفاً لاستاذه البطريرك ملاتيوس كرمة) والمؤرخ الشهير الخوري ميخائيل بريك الدمشقي(4)، والقس يوسف المصور الحلبي المشهور بمعرباته(5) والياس بن مسرة بن الحاج سعادة القارىء المشهور ببمعرباته ومنسوخاته وثلجة بن الخوري حوران كرمة شقيق معلمه البطريرك افتيموس الثالث(6) كرمة المشهور بخطه الفائق الجمال.

البطريرك الانطاكي مكاريوس بن الزعيم
البطريرك الانطاكي مكاريوس بن الزعيم

رزق علمنا الخوري يوحنا بولد اسماه بولس سماه بولس باسم والده الخوري بولس المتوفي حسب عادة التسميات في تلك الايام (ولاتزال الى اليوم) هذه العادة التي كانت تدل على النسبة او الكنية عند غموض شيء منها، لكن لم يطل العهد على هذا الطفل حتى يُتم بفقد والدته فانقطع ابوه علمنا الى تربيته، فترعرع الطفل بولس على مبادىء ابيه الخوري يوحنا الصالحة ورغب كأبيه في العلوم والمعارف وتفوق باتقان الخط على معلمه ثلجة كرمة المشار اليه اعلاه ومال منذ صغره الى حب التاريخ وتدوينه والتأريخ.

فكان علمنا الخوري يوحنا مع مامني به من فقد زوجته وتيتُمْ طفله بولس صبوراً غيوراً على رعيته مثابراً على المطالعة والنسخ والتأليف لايشغله عن إتمام واجباته شاغل، كبير الهمة، كثير البحث  فزاد مكتبته الكبيرة كثيراً من المخطوطات العربية واليونانية والعثمانية والسريانية وهي اللغات التي كان يعرفها، ثم مال الى التنسك فقصد دير القديس سابا في غور الاردن قرب اورشليم(7)، وصرف فيه راهباً سنوات كان فيها رمز الفضيلة والتقى.

مطرانيته على حلب

ولما كان كرسي حلب قد فرغ لانتخاب اسقفه ملاتيوس بطريركا سنة 1634م وانتقاله بطريركاً الى دمشق باسم افتيموس الثالث، استُقدم علمنا من دير القديس سابا واسندت اليه النيابة الاسقفية فقام بها خير قيام واجمع الرأي على انتخابه خلفا لأستاذه مطراناً على حلب، وكان سرور الشعب الارثوذكسي الحلبي عارماً بهذا الاختيار لمناقبيته وورعه وحسن تدبيره وانه خير خلف لخير سلف وسائر على خطى معلمه ملاتيوس كرمة.

ولكن حال دون التعجيل انشغال المجمع الانطاكي بموت البطريرك افتيموس المفاجىء بعد ثمانية اشهر فقط من  تنصيبه بطريركاً، وانتخاب خلف له هو زميل علمنا الخوري ملاتيوس الصاقزي باسم افتيموس.

وماكاد يستقر المقام بالبطريرك الجديد افتيموس الصاقزي في دار البطريركية بدمشق حتى استقدم اليه علمنا الخوري يوحنا الزعيم هذا يوم عيد الصليب، فجاءها مع قافلة حلبية كبيرة يصحبه كهنة  ووجهاء واراخنة الشعب الارثوذكسي الحلبي ومن عموم ابرشية حلب وتوابعها، ورسمه البطريرك الصاقزي يوم الاحد27 تشرين الاول 7143 لآدم الموافق 1635مسيحية شرقي مطراناً على ابرشية حلب وتوابعها وتنصيبه في الكاتدرائية المريمية بدمشق عملاً بوصية معلمه البطريرك افتيموس كرمة، وباحتفال عظيم على ماروى الارشيدياكون بولس ابن علمنا في ( رحلة والده الى روسيا) وقد سماه البطريرك افتيموس الصاقزي الذي كان يحبه كثراً باسم معلمهما المشترك ملاتيوس كرمة الحموي.

واتماماً لوصية البطريرك كرمة جعله البطريرك الصاقزي كاثوليكاً(8) مشرفاً على جمع واردات كرسيه البطريركي (انوريته)، واقامه وكيلاً وناظراً(9) على بلاد آمد (10) وانطاكية  ونواحيها التي هي كرسي البطريركية الاساس(11) والتابعة الى البطريرك بدمشق، وأذن له بالتقديس فيها.

وقد رافقه البطريرك الصاقزي (لمحبته الشديدة لرفيقه ملاتيوس الزعيم) الى حلب وسط استقبال مشهود، وقد سر الشعب براعيهم الجديد الذي عاشوه كاهناً ثم وكيلاً اسقفياً… الذي كان لا يوفر جهدا في تعزيز شؤونهم وحفظ حقوقهم فنمت الطائفة الارثوذكسية  في أيامه نمواً كبيراً مشهوداً وتعززت مكانتها. وكان وجوده تتمة لمشاريع سلفه ومعلمه البطريرك افتيموس كرمة.

وفي السنة السابعة من اسقفيته على حلب السنة 1642م سار الى القدس الشريف مع ستين نفراً من حلب بين كهنة وشمامسة ورافقه ولده بولس تبركاً بزيارة الاماكن المقدسة عن طريق دمشق وحضرا الفصح المجيد في اورشليم، وهناك زارا  بالتالي دير القديس سابا الرهباني مكان تنسكه ولبثا فيه يومين، ثم عادا الى دمشق يوم الخميس بعد احد توما، وفي يوم أحد السامرية رسم ولده بولس شماساً اناغنوسطاً (مبتدئاً) في مريمية الشام بحفلة روحية بديعة بحضور البطريرك الصاقزي، والقى عظة انعشت النفوس.

ولما زار البطريرك افتيموس الصاقزي حلب اقنع المطران ملاتيوس بأن يزوج ولده الشماس بولس فاحتفل باكليله يوم احد الابن الشاطر في 17 شباط 1644 وكان اذ ذاك ابن 17 سنة فقط… وكان للمطران ملاتيوس وولده الشماس بولس الفضل الاكبر في جمع الكتب وضم ماهو نادر منها مماكانا يبتاعانه من اسواق مخطوطات حلب الشهيرة بمكتباتها وماتحويه من نفائس المخطوطات، ومما كانا ينسخانه بيديهما او يستنسخانه بالأجرة الى مكتبة دار مطرانية حلب الارثوذكسية التي كانت غنية بمخطوطاتها العربية واليونانية والسريانية والفارسية التي كانت ماقبل المطران كرمة ومما ابقاه فيها عندما نقل معظم مكتبته الى دمشق.

وقد كان يدأب وولده الشماس بولس بخدمة الانفس بغيرة كبيرة ومع ماكان يتهدد الرعية الارثوذكسية الحلبية من انقسام قبل ذلك بسنوات بفعل التبشير اللاتيني المنظم والمدعوم من القناصل الاجانب والولاة العثمانيين مماكانوا يتقاضونه من رشاوي لتسهيل هذا الاقتناص، ولاسيما ماكان قد المَّ بالارثوذكسيين من الخسائر الفادحة من جراء ذلك والتصدي له حتى تراكمت الديون الباهظة على الكرسي الانطاكي برمته والمطرانيات وتحديداً مطرانية حلب مستوطن التبشير اليسوعي و…المنتظم. ومع كل هذه الاعباء كان علمنا يدير اعمال كرسي مطرانيته وماكلفه به البطريرك الصاقزي في آمد وانطاكية بحكمة وافرة غير غافل عن مساندة البطريرك الصاقزي ايضاً بآرائه وامداده بالمال.

وهكذا في عهده نمت الارثوذكسية في حلب وارتفع شأن رعيتها وتعلقت بحب علمنا وولده الشماس وعرفت قدرهما واتعابهما في الخدمة… وكان لعلمنا نفوذ كبير في الولاية فلهذا كان يقضي مشاكل الجميع بحمية نادرة غير مدخر وسعاً في نصرة المظلومين…

 بطريركيته

البطريرك الانطاكي مكاريوس بن الزعيم
البطريرك الانطاكي مكاريوس بن الزعيم

في مطلع  سنة 1647م مني البطريرك افتيموس بداء عضال أقر الطبيب بعجزه عن شفائه،  فاجتمع الكهنة في الدار البطريركية بدمشق، ومسحوه بالزيت المقدس وصلوا من اجله، واستشاروه في من يوصي بأن يكون خليفته، فأجابهم  البطريرك افتيموس أنه لايجد أليق لهذا المنصب من مطران حلب يوحنا بن الزعيم، كما كان قد اوصاه قبلاً استاذه البطريرك كرمة سلفه.

فكان هذا  الترشيح بشرى خير للدمشقيين لحبهم لعلمنا فكتبوا للمطران يوحنا بن الزعيم كتاباً عاجلاً  بتوقيع البطريرك الصاقزي ليحضر الى دمشق، فاعتذر، فبادروه الكتابة مجدداً بنفس الشأن يستدعونه تحت طائلة الحرم بأمر البطريرك ان لم يحضر مطيعاً، فأجاب بالقبول وقام من فوره مع ولده الشماس قادميَّن الى دمشق، لما وصلا حماه واذ بالساعي يفاجئهما برسالة نعي البطريرك افتيموس وقد توفي ليلة 11تشرين الاول 1647م وهي مذيلة بأختام الكهنة ومشايخ دمشق، يلحون فيها بقدومه على جناح السرعة، وان يتخلص من طائلة الحرم بحضوره الى دمشق لتنفيذ وصية معلمه البطريرك كرمة التي القى عبئها على البطريرك الصاقزي المتوفي. فأسرع بالسير تفادياً لما قد يحدث من الشغب ان لم يحضر الى دمشق. فحضر واحضر معه ملاتيوس اسقف حماه وفيلوثاوس اسقف حمص لرسامته، كما اشار الدمشقيون والكهنة واراخنة الشعب، وبمرورهم في دير صيدنايا كان يواصف مطران قارة هناك فرافقهم الى دمشق فدخلوها صباحاً واستقبلهم غريغوريوس مطران حوران، فبإجماع الكلمة عليه قرروا رسامته بطريركاً فتأهب لذلك متضرعاً الى الله أن يوفقه الى خدمة الرعية والقيام بأعباء الرئاسة ومصالح الكرسي الأنطاكي والابرشيات كافة.

ولذلك احتفلوا في الكنيسة المريمية الكبرى في دمشق برسامته في 12 تشرين الثاني 7156 لآدم 1647م بحفلة شائقة لم يسبق لها مثيل في الحفلات التي تقدمتها لماكان لعلمنا من المنزلة السامية في القلوب  وسمي “مكاريوس” فألقى عظة بليغة بيَّن فيها عبء هذا المنصب الخطير الذي القي على عاتقه واستعانته بالاله القدوس ليخدم الرعية خدمة مخلصة فكان لكلامه تأثير عام في القلوب.

وقد شارك في رسامته وتنصيبه بالاضافة الى المطارنة المحكي عنهم 25 كاهناً وستة شمامسة.

الشماس بولس ارشيدياكوناً

في 21 تشرين الثاني 1647 رسم  مرافقه وربيبه الخوري ميخائيل القسيس بشارة الحلبي مطراناً على حلب خلفاً له، ورسم ولده الشماس بولس ارشيدياكوناً اي رئيس الشمامسة في الكرسي الانطاكي المقدس.

وشرع من لحظة تنصيبه في تعزيز شأن الكرسي الانطاكي المقدس والغيرة على ابنائه كافة.

 وكانت الديون قد بلغت مع فوائدها ونفقات مأتم سلفه وكلفة براءته البطريركية 13000غرش وكان قد أخذ في الاقتصاد ليفي هذه الديون  فلم يستطع ذلك، بل رهن التيجان الاربعة القديم والكبير والحلبي والاسلامبولي وبقية البدلات وآنية القداس الثمينة، ثم ارسل الرسائل والمنشورات الرعوية البطريركية الى جميع ابرشيات البطريركية الانطاكية اذ ذاك… الى أطراف العراق والاقطار الشاسعة وكانت كلها مفعمة بالنصائح والفضيلة واحترام الحكومة  وحفظ الدين وحب القريب…

تحديث المدرسة البطريركية الارثوذكسية الدمشقية ( الآسية)

وفي العام ذاته 1647م وايماناً منه بأهمية تطوير العلم لرفع شأن الرعية الارثوذكسية في ابرشيته البطريركية دمشق وذلك باعادة فتح المدرسة الارثوذكسية التي كان قد فتحها استاذه افتيموس كرمة عام 1634م ونقصد بذلك “المدرسة الآسية الارثوذكسية”، وهكذا شرع هذا الحبر وولده الارشيدياكون بولس في تعزيز شأن ابناء الرعية الدمشقية من خلال هذه المدرسة البطريركية لرفع منار الدين والعلم ولتهذيب الجيل الارثوذكسي الناشىء، وكان هو وولده يقومان فيها  بتعليم العربية واليونانية والدينيات، وجمعا ماكان لديه من الكتب المخطوطة في حلب الى مكتبة فخمة عززاها باستنساخ ونسخ المخطوطات والاشتغال بالنقل والتعريب فوصلا الليل بالنهار عملاً واجتهاداً فتحقق سعيهما وكان النجاح رفيعا لأول مدرسة في بلاد الشام هي مدرسة الآسية.

سفرته الاولى الى العالم المسيحي الارثوذكسي 1652-1659

وفي أوائل سنة (1652م) خرج لزيارة الابرشيات  فزار حمص  وحماه وانطاكية وحلب ومن هذه عزم على أن يقصد المسيحيين الارثوذكسيين في  اوربة الشرقية وروسيا ليجمع الحسنات لتسديد ديون الكرسي الأنطاكي التي ورثها عن سلفه، ولتعزيز شؤون الكنائس والمدارس…في كرسيه الانطاكي المقدس… كما فعل بعض اسلافه. وفي اواخر عام 1652 ترك حلب مع ولده الارشيدياكون وبعض الكهنة من الحاشية البطريركية فوصل  القسطنطينية ولبث فيها نحو شهرين ونصف فاحتفى باستقباله بطريركها بائيسيوس، وزار الجبل المقدس آثوس وبلغاريا والفلاخ والبغدان (رومانيا) وبولونيا وكان ماقطعوه من القسطنطينية الى البغدان أكثر من 300 ميل وتوفي معهم الخوري سليمان الزهر الدمشقي أحد رفقائهم ليل الثلاثاء في 25 نيسان 1655م ودفن في احد اديار الفلاخ ومرضوا جميعاً بسبب تفشي وباء في تلك البلاد…ومن البغدان ساروا الى بلاد القوقاز وقد رافقهم سبعة رؤساء اديرة من الفلاخ إلى بلاد المسكوب (روسيا) في اول صوم الرسل سنة 1655م ودخلوا بلاد القوقاز (اوكرانيا) بطرق مخيفة ثم دخل البطريرك مكاريوس وولده بولس ورجاله عاصمتها كييف، ومنها اتصل بحدود روسيا القديمة، ودخل عاصمتها موسكو سنة (1655م) وهناك جرى له استقبال حافل من ملكها ألكسيوس ميخائيل( ابن ميخائيل وهو اول ملك روسي من آل رومانوف وكان ابنه هو بطرس الأكبر اعظم القياصرة الروس وتوفي عام 1725) ونال لديه منزلة كبيرة وقبل الهدايا التي حملها البطريرك مكاريوس اليه واكرم مثواه، ولما اسر البطريرك للملك  عن حاجة الكرسي الانطاكي الى الاموال لاصلاج شؤونه وترقيه، امده الملك بالأموال وسر كثيرا بمساعي غبطته لإصلاح الكرسي الانطاكي وتسديد الديون، وكان ولده بولس يدون كل ما جرى لهم في هذه السفرة.

البطريرك مكاريوس بن الزعيم  في بلاط الملك الروسي الكسيوس ميخائيل  والبطريرك الروسي نيكون ورجال البلاط الروسي واعضاء المجمع الروسي المقدس سنة 1655
البطريرك مكاريوس بن الزعيم في بلاط الملك الروسي الكسيوس ميخائيل والبطريرك الروسي نيكون ورجال البلاط الروسي واعضاء المجمع الروسي المقدس سنة 1655

وبعد ان صادق علمنا ملكها وبطريركها السيد نيكون وكبار الاسرة المالكة ورجال الحكومة والاعيان وأقام هناك مدة كانت كافية لاشهار فضائله ومعرفتهم منزلة ولده الارشيدياكون بولس، استأذن بالعودة فأذن له الملك وودعه ورفته ومعه البطريرك الروسي والمجمع الروسي المقدس وكل الاعيان…كما كان الاستقبال بالحفاوة البالغة مثقلين بالاحسان والاكرام تصحبه بطانته البطريركية…فتركوا بكرش( بوخارست) عاصمة الفلاخ في 9 ايلول 1658 ويوم اثنين الباعوث دخلوا مرعش فكلس فحلب عشية الخميس 21 نيسان 1659   ثم جاء دمشق فاستقبل فيها استقبالاً رائعاً، وما ان استقر به المقام بعد الاستراحة من عناء هذه السفرة المتعبة حتى شرع في وفاء الديون المترتبة على الكرسي الانطاكي والمقر البطريركي بدمشق. وقد وفى القسم الاعظم من هذه الديون، وشرع في تحسين الكنائس وتزيينها وترقية المدرسة البطريركية الآسية وسواها ساعياً في خير الرعية ورفع شأنها ومقامها، دائباً وولده في نشر الفضيلة والورع والتقوى.

سفرته الثانية الى روسيا 1666-1669

 في عام 1666 دعاه القيصر الروسي الكسيس الى موسكو مع البطريركين الاسكندري والاورشليمي وبعض الاساقفة للنظر في موضوع البطريرك الروسي نيكون، فسار البطريرك مكاريوس ومعه البطريرك الاسكندري الى ارضروم  وانتقلوا منها الى بلاد الكرج (جورجيا) ومنها الى موسكو عن طريق استراخان.

ولما دخل البطريركان والوفد الكبير المرافق موسكو صادفوا استقبالاً بحفاوة عظيمة من الملك الكسيس والاسرة المالكة والمجمع الروسي المقدس والشعب الروسي المؤمن.

عقد البطريركان الانطاكي والاسكندري  وبطانتهما من الاساقفة ولفيف الاساقفة والكهنة الروس مجمعاً عرف باسم مجمع موسكو الكبير سنة 1667م ، وقرر هذا المجمع استقلال الكنيسة الروسية  ولكنه لم يرض بتدخلها في شؤون الدولة الروسية، وعزل البطريرك نيكون، وتثبيت ترجمة الكتب الطقسية التي ترجمها البطريرك نيكون المعزول، ومن أعماله في روسيا أنه أقنع القيصر الكسيس بناء على طلب البطريرك نيكون ان يلبس الاكليريكيون الروس قلنسوة بدون اطار في اعلاها مثل رهبان جبل آثوس المقدس.وعاد منها إلى دمشق.

في وفاة الارشيدياكون

توفي في بلاد الكرج (جورجيا) ودفن في العاصمة تفليس (تبليسي) كما تقول رسالته المؤرخة في 22 تموز 1669. في طريق العودة الى دمشق.

 عودته الى دمشق

عاد الى دمشق عام 1669 بعد غياب 3سنوات وكان يصادف حفاوة بالغة من الرعية الانطاكية  في كل مكان من الابرشيات الانطاكية الى أن وصل الى دمشق وكانت  اولى اعماله السعي في وفاء الديون التي على كرسيه فرَّصَّدَ بواقيها من الاحسانات التي جمعها في هذه السفرة وخلصه من عبئها الثقيل. وشرع بتزيين “كنيسة مريم” (الكاتدرائية المريمية) فجملها بالنقوش وأعدَّ لها اللوازم كالثريات والقناديل والكراسي الجدارية(12) ورمم دار البطريركية ووسعها وشيد فيها قاعة القاشاني محل القاعة الكبرى ومحل المكتبة بجانب كنيسة القديسة كاترينا(13) وسعى هذا الحبر العظيم بترميم الكنائس في انحاء الابرشية الدمشقية البطريركية، وتثقيف الكهنة وانشاء المدارس في الكنائس(14) حسب حاجة تلك الايام، ورقى المدرسة البطريركية ( الآسية التي اسسها معلمه البطريرك افتيموس كرمة عام 1635) رمم الكثير من الكنائس في أنحاء الأبرشيات وتثقيف الكهنة وإنشاء المدارس…

كان مواسياً للرعية والحزانى ومنصفاً وعاضداً للبسطاء والفقراء عاملاً في كرم الرب غيوراً عالماً ان من يضع يده على المحراث… لذلك كان يقول دائما “من يضع يده على المحراث لا يلتفت إلى الوراء” استناداً إلى قول السيد المسيح له المجد في  انجيل لوقا: “لَيْسَ أَحَدٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْمِحْرَاثِ وَيَنْظُرُ إِلَى الْوَرَاءِ يَصْلُحُ لِمَلَكُوتِ اللهِ” (لو 9: 62).

وفاته

“بقي مواصلا الاجتهاد في خدمة الرعية والتعريب والتأليف والجمع واحراز الكتب المخطوطة والآثار الأدبية إلى أن ظهر فريق من رعيته كان يناوئه بدسائس بعض ذوي الغايات وبينما هو يجبي العشور حسب عادته تواطأ عليه أناس من حارة الميدان في  دمشق وسمموه فبقي ليلتين يتقلب على فراش الألم ثم لبى دعوة بارئه يوم الاربعاءفي 12 حزيران سنة 7180 للعالم (1672م)  ودفن في تل العظام(15) كيواكيم جمعة وافتيموس كرمة وافتيموس الصاقزي ومدة بطريركيته 24 سنة و7 أشهر و7 ايام كما كان مكتوباً على قبريته الحجرية…”(16)

البطريرك الانطاكي مكاريوس بن الزعيم
البطريرك الانطاكي مكاريوس بن الزعيم

حواشي البحث

1) بلدة كفربهم وتلفظ كفربو وهي كلمة مركبة من كلمتين كلمة (كفر) بالآرامية وتعني (القرية) وكلمة (بهان) الفارسية وهي في عقائد الفرس القديمة  تعني ملاك موكل بكظم الغضب وتسكينه وموظف على الضأن والبقر، وموظف على الشمس…مركب من (ب) اي على، و(همه) اي الكل.

2) نقلها البطريرك كرمة معه الى دار البطريركية بدمشق حين تنصيبه بطريركاً وكانت مكتبة ضخمة اغنت المكتبة الاساس( كتابنا الآسية مسيرة قرن ونصف 1840-1990 –بطريركية انطاكية وسائر المشرق دمشق ايلول 1991)

3) البطريرك افتيموس الرابع (الصاقزي) 1635م

4) الخوري الدمشقي المؤرخ الشهير ميخائيل بريك ومن تأريخ” الحقائق الوفية في تاريخ بطاركة الكنيسة الانطاكية” انظره هنا في موقعنا باب اعلام كنسيون

5) عائلة المصور الحلبية الشهيرة ومدرستها في تصوير الايقونات انظرها هنا في موقعنا باب اعلام كنسيون

6) البطريرك افتيموس كرمه وثلجة كرمة انظرهما في موقعنا هنا باب اعلام كنسيون

7) انظر هذا الدير في باب (قديسون-  سيرة القديس يوحنا الدمشقي) في موقعنا وفي باب آثارنا المسيحية في موقعنا هنا ايضاً

8) كاثوليكوس او كاثوليك كلمة يونانية تعني الجامع ومنها كلمة الكاثوليكية التي  تعني الجامعة كما نقول في دستور الايمان و”…وبكنيسة واحدة (جامعة) مقدسة رسولية…”  او نائب عام، وعربت بكلمة (جاثليق المستخدمة في الكنيسة النسطورية) ومن هنا تسمية بطريرك جورجيا الارثوذكسية كاثوليكوس ومنذ ان كانت جورجيا تحت التبعية للكرسي الانطاكي المقدس. وتسمية كاثوليكوس الكنيسة الارمنية في اتشميازين…

9) اكسرخوس كلمة يونانية تعني المدبِّر

10) بلاد آمد اي ابرشية ديار بكر الانطاكية الارثوذكسية.

11) انظرهما في موقعنا  هنا- باب كنيسة انطاكية تدوينتينا:”تاريخ الكرسي الانطاكي” و”مختصر تاريخ الكرسي الانطاكي”

12) في الكنائس الارثوذكسية لاتوضع كراسي في الاصل فالصلاة تتم على الواقف مهما كان زمن الصلوات، الا من جداريات اي كراسي على الواقف في محيط جدران الكنيسة من الداخل طبعاً كما كراسي الجداريات في كنيسة الصليب المقدس بالقصاع والاديرة و… وهذا نهج رومي نلحظه في الكنيسة الارثوذكسية ذات النهج الرومي كما في كرسينا الانطاكي المقدس وقد ادخل البطريرك غريغوريوس الرابع الكراسي الى داخل المريمية عام 1912 لجلوس تلاميذ المدارس الارثوذكسية لأول مرة بعد ادخالها الى كنائس الطوائف المسيحية الاخرى ومطالبة الرعية والمجلس الملي بمثلها في المريمية ومنها انتشرت. ولكن لاكراسي جدارية اليوم  ومن الجدير ذكره ان الرجال والشباب يقفون في الكنيسة اما شعريات النساء فهي في الاعلى 

اما الكنائس  الارثوذكسية الاخرى الجورجية  والسلافية في روسيا وصربيا وبلغاريا و…فلا كراسي على الاطلاق في الكنائس وحتى الآن… ولا شعريات للنساء.

13) كانت قاعة القاشاني وهي محل القاعة الكبرى اي قاعة الرعية وكانت تقع في صدر (القسم الجنوبي من دار البطريركية حاليا هو جناح البطريرك وقد شيده البطريرك الكسندروس الثالث 1953)، اما محل المكتبة البطريركية وكان يتم فيها تعليم التلاميذ بجانب كنيسة القديسة كاترينا وكانت امطوش تابع لدير القديسة كاترينا في سيناء وتقع في الجناح الغربي من بناء البطريركية مع قاعة الشمامسة وهذه اعيد بناؤها من قبل البطريرك اغناطيوس الرابع في العقد الاخير من القرن 20 وفق الواقع الحالي.

14) كان محظوراً على المسيحيين افتتاح المدارس ( الكتاتيب) في العهد العثماني الا في داخل الكنائس تحت طائلة اقسى العقوبات التي تصل حد الاعدام. وقد تم تغيير ذلك بأمر قائد الحملة المصرية على بلاد الشام والي مصر محمد علي باشا في حملته على الدولة العثمانية وفيها حرر بلاد الشام (1831-1840) ومنح المساواة بين المسلمين والمسيحيين وسمح بفتح المدارس المسيحية خارج الكنائس واولها مدرسة الآسية البطريركية عام 1836 كما سمح ببناء الكنائس وباعادة ترميم الكنائس والاديرة وهذه كانت محظورة منذ دخول المسلمين الى بلاد الشام…اما المدارس التي فتحها اليسوعيون وبقية الرهبنات اللاتينية بدءا من القرن 18 فكانت لكون هذه الارساليات الرهبانية تحميها فرنسا والنمسا والفاتيكان بواسطة قناصلها النافذي الكلمة عند السلطان العثماني.(كتابنا الآسية مسيرة قرن ونصف 1840-1991)

15) تل العظام هي مقبرة القديس جاورجيوس الارثوذكسية شرق دمشق مقابل باب بولس وقد كانت تدعى تل العظام للدلالة على كونها مقبرة ماقبل تأسيس جمعية لدفن الموتى الارثوذكس باسم جمعية القديس جاورجيوس الارثوذكسية  لدفن الموتى عام 1888، وكان يُدفن بالمقام الذي على اسم القديس جاورجيوس البطاركة والمطارنة وكل الدمشقيين المسيحيين قبل ان يتم دفن البطاركة في مدفن البطاركة في الكاتدرائية المريمية منذ نقل المقر البطريركي من انطاكية عام 1344 الى دمشق ومن مشاهداتنا لمدفن البطاركة والضريح وعليه الشواهد الحجرية ان علمنا وسلفيه كرمة والصاقزي دفنوا في مدفن المريمية، ومن الجدير ذكره ان هذا المدفن الذي كان في فسحة المريمية لجهة الغرب قد نقله البطريرك اغناطيوس الرابع في العقد الاخير من القرن 20 حين ترميم المريمية الى شرق الكاتدرائية وتحت الهيكل من الخارج واحيط بحديقة جميلة وتم وضع للبطاركة الذين دفنوا به كل في  لحد  عبارة عن درج باسم البطريرك مع صورة وجهية للبطريرك من البرونز مع نبذة بسيطة عنه وقد تم دفن البطريرك اغناطيوس الرابع في لحده الذي هو من خصصه لذاته في 20 كانون الثاني 2011 

16) مجلة النعمة عيسى اسكندر المعلوف 1912

من مصادر البحث

  1.   جوزيف زيتون كتابنا ” الاسية مسيرة قرن ونصف 1840-1990″  دمشق ايلول 1991 بطريركية انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس.
  2. 2) عيسى اسكندر المعلوف

كيف وجد التاريخ…

$
0
0

كيف وجد التاريخ…

مدخل في علم التاريخ

يبحث علم التاريخ في تتابع الحوادث التي أدت إلى نشوء وتطور الكائن البشري منذ بداية الخليقة إلى يومنا هذا. وهو يختلف بذلك عن  تاريخ العالم. فهو يُعني بالتاريخ الانساني وماقام به الانسان دون الطبيعة…

الوجود الانساني والتأريخ

اجمع رأي العلماء أن الانسان وُجد اولاً في قلب قارة آسيا ومنها انبث في اطراف المعمورة وصار بطوناً وقبائل كثيرة وشعوباً مختلفة في الشكل واللون، بالنسبة الى المكان والجغرافيا التي قطنها واقام فيها حضارات…والى زمانه من قديم ومتوسط وحديث، والى اللغة، والدين، والمذهب، والاخلاق والعادات والتقاليد، ودرجة حضارته، والى العصر الذي عاش فيه عبر التاريخ، والحكومة التي حكمته، الى غير ذلك مما يُعزى اليه.

فبعد ان انتظم شمل البشر كل في بقعة ومطرح، وسعوا الى تأمين حاجاتهم التي كانت تزداد بالنسبة الى ازدياد منزلتهم في التقدم أخذ حفظتهم بتدوين الذاكرة بما توالى عليهم من الشؤون مما طاب وقعه في نفوسهم فخزنوا معظم حوادثهم في تلافيف الذاكرة بصفته الحافظة لما مر وكانوا يرونها على علاتها ممتزجة بالخرافات والترهات.

 

وكثيرا ما صاغوها حكايا ومدونات ومعلقات شعرية وسردية، وترنموا بها اناشيد تحمساً واثارة للهمم مما يعد اصلاً للتاريخ واساساً لحوادثه في حينه.

ولما انتبهوا الى ضرورة تخليد تلك المرويات قرروا حفظها للأجيال اللاحقة على مبدأ

الخط يبقى زماناً بعد كاتبه………….وكاتب الخط تحت التراب مدفون

وخلدوها ايضاً بالمشيدات من النصب والنقوش تواريخ لاخبارهم  وصحفاً لآثارهم فنشأت الأبجدية الأوغاريتية(1) في رأس شمرا وارواد وجبيل في الساحل السوري، والخطوط الهيروغليفية(2) في مصر ووادي النيل والصينيين القدماء، وسكان اميركا الاوائل…وغيرهم. والخطوط الاسفينية او المسمارية(3) عند الآشوريين والبابليين والكلدانيين وغيرهم، مما لايزال العلم ساعياً الى كشف خباياه، ويبعث من بطون الارض تواريخ الأمم العريقة في القدم، فيعرف من هذه الآثار الصامتة شؤون تلك الامم الناطقة وماكانت عليه من الاخلاق والعادات والترقي والانحطاط والتمدن والتوحش…

لهذا كان مشرقنا مقر التاريخ القديم وكانت ارضه مبعث تلك الاوابد التي استنطقها الآثاريون وعلماء الفن فترجمت عن شؤون واضعيها، وأهم هذه الآثار الأحافير والمسكوكات والعاديات وهي على انواع مختلفة بين كثيرة ونادرة مما يعرِّف الفينيقيين وسكان بلاد الرافدين ووادي النيل والهند والسند والصين والاغريق واليونان والفرس والرومان والعرب في الجزيرة العربية…الخ.

الاسنادات

فهكذا تدرج التاريخ ولكن اسناد وقائعه كان في امره بسيطاً فكانت تسند اما الى زمن ولادة احد المشاهير، او الى تربع أحد الملوك العظام على عرشه، او الى موقعة حربية شهيرة او خراب مدينة وتأسيس اخرى، او الى العاب الاولمبياد في اليونان، او الى امور اخرى مثل الثلوج التي كان يؤرخ بها اهل روكسلان القدماء(روسيا) فيقولون عمر فلان ثلاث ثلجات مثلاً، ووضع الخرز في تيجان ملوك الجاهلية عند العرب القدماء فيعرفون سني تملك الملك من عددها اذ يضعون كل سنة خرزة في تاجه  وغير ذلك…

تغلغل الخرافة

ان المؤرخين وقتئذ سواء كانوا حفظة او نقاشين او نحو ذلك قد خلطوا الحقائق التاريخية والوقائع التاريخية بخرافات واساطير لاطائل لها، فمثلاً نسبوا الحروب الى حدوث الخسوف والكسوف والزلازل الأرضية وظهور المذنبات وسقوط النيازك وغير ذلك، فضلاً عن انهم بالغوا في مديح انفسهم كما فعل الرومان بقصة اللبوة التي زعموا انها ارضعت رومولوس باني عاصمة امبراطوريتهم روما سنة 753ق.م.  وحادثة نهر التيبر في روما معتقدين ان كاهنة قد رفعته في ذلك الزمن الى ان بلغ السفينة التي كانت تجرّها بمنطقتها الى غير ذلك مما ارادوا به اثبات افتخارهم بنسبهم السماوي وليس من طينة بشرية.

جازف الكثيرون بسرد الوقائع التاريخية وخلطوا الحقيقة بالمغالطة كالرومان الذين زعموا ايضاً على انه ليس غيرهم في المعمورة، وان كل ما اقترفوه ويقترفونه من المنكرات والسلب في الحروب  انما هو منهج صحيح وسراط مستقيم تماماً كعقيدة الولايات المتحدة اليوم وان قانونها يسري على كل الشعوب واعلى من شرعة الامم المتحدة وكل ماتقوم به من منكرات بحق الشعوب والحكومات مبرر…!

تدوين التاريخ

بعد ذلك عرفت التواريخ المكتوبة فكان اقدمها اسفار موسى الخمسة التي كتبت في القرن 15 ق.م، وفي شهرتها غنى عن وصفها. ثم اشعار هوميروس بطل الشعراء اليونانيين في القرن 10ق.م التي وصف بها حوادث قومه وحروبهم ولكنه خلطها بالخرافات وقد اعتنى الاسكندر المقدوني الفاتح العظيم بجمعها في اواخر القرن 4ق.م بعد ان وكل امر تهذيبها الى استاذه الفيلسوف ارسطو وكلف بمطالعتها ومراجعتها.

هيرودتس ابو التاريخ

 ثم نبغ المؤرخ هيرودوتس المشهور بأبي التاريخ وهو يوناني ولد بعد ان غزا اكزرسيس بن داريوس ملك الفرس بلاد اليونان سنة 485ق.م فاعتنى  هيرودوتس باستقراء احوال الامم وأصلهم بروية وتثبت على اسلوب استحق اسم التاريخ فضمن مؤلفه وصف حروب الفرس مع اليونانيين والمصريين ومما يؤاخذ فيه تملقه لليونان قومه وعدم تجريده من تخرّصات الاوهام واساطير الخرافات، ولكنه صدَق في روايته التاريخية وحققها. وكان قد سبقه الى مثل ذلك قدموس المليتي من بني جنسه اليوناني بقرن واحد على ان هيرودتس هذا هو اول من نقل كلمة هيستوريَّا من معناها الأصلي الذي هو البحث والمعرفة الى اسم التاريخ وخصصها به وتناقلتها لغات اوربة حتى عهدنا اسماً للتاريخ.

واشتهر هذا المؤرخ في اواخر القرن 5 واوائل القرن 4 ق.م. وقيل انه نسج على منوال مواطنه المؤرخ زنثيوس الذي” وُلد نحو سنة 503 ق.م ولم يبق من تاريخه الا قطع قليلة متفرقة على ان هيرودوتس اخذ لقب “ابي التاريخ واشتهر به فكان مؤسساً للتاريخ…

مؤرخون آخرون

واشتهر في العصور القديمة الكثير من المؤرخين امثال:

– سنكنياتون المؤرخ الفينيقي الذي يرجح انه بيروتي الاصل.

– المؤرخ فيلون الفينيقي الذي كان من مدينة جبيل الفينيقية.

– مانيثون الكاهن المصري في القرن 3 ق.م.

– كونفوشيوس (كنفزة) المشرع الصيني معاصر هيرودوتس، ولكنه امتاز عليه انه ترك لبني جنسه شرائع لاتزال الى اليوم اساساً لأعمالهم، اضافة الى وضعه تاريخاً لهم.

– بدروسوس الكاهن الآشوري الذي صّنّفَّ تاريخاً وقدمه لبطليموس ملك مصر سنة 283 ق.م.

– تياس المؤرخ الفارسي.

– اكسينوفون اليوناني الذي وصفه شيشرون بأن كتاباته احلى من العسل فلقب بالنحلة وتوفي سمة 355 ق.م.

– ديونيسيوس الهاليكرناسي اليوناني الذي الف كتاباً في آثار رومة القديمة في عشرين مجلداً لم يبق منها سوى احد عشر مجلداً… ونشر تاريخه في السنة السابعة قبل الميلاد.

– يوسيفوس المؤرخ اليهودي  المشهور المتوفي في رومة سنة 103م وكتب تاريخ شعبه اليهودي.

– ثيودور الصقلي اليوناني جاء مصر في السنة الثامنة قبل الميلاد وكتب عنها وكان معاصراً لاسترابون الجغرافي اليوناني الشهير، وله المكتبة التاريخية في اربعين كتاباً لم يبق منها الا خمسة عشر طبع بعضها في باريس وأمستردام.

– بروكوبيوس المؤرخ اليوناني من قيصرية الكبادوك المتوفي سنة 565م مؤلف كتاب”الحروب مع الغطط والفرس والبندالة”.

– اوسابيوس اسقف قيصرية فلسطين الذي ولد نحو سنة 270م وتسقف على قيصرية فلسطين سنة 315م وتوفي نحو سنة 338م وهو ابو التاريخ الديني ومؤلفه في عشرة مجلدات.

– ابو التاريخ عند الرومان هو سالسته الذي اشتهر بعد هيرودوتس بالاختصار والايضاح وحذا حذوه في الاسلوب التاريخي.

– رشيد الدين الطبيب الفارسي من اهل القرن 14م صاحب كتاب “جامع التواريخ”

انحطاط علم التاريخ

لما اضطرب حبل الامم القديمة وشغلتهم الحروب والفتوحعن العلوم انحط علم التاريخ مثل غيره من العلوم الانسانية الاخرى، وبقي طفلاً متوارياً الى حوالي القرن 16 وماتلاه حيث ظهر في ايطاليا المؤرخ المشهور غويتشرديني.

ثم بُوصُويهْ المؤرخ الفرنسي صاحب” الخطبة في التاريخ العام” التي عربت. ونشأ في القرن 17م وعاصره عند الألمان لبينسيوس، وعند الاتراك العثمانيين بلغيري الأدرناوي صاحب كتاب” انيس المسافرين”.

مع مطلع القرن 18م بلغ علم التاريخ سنَّ الكمال فنهج فيه منهجاً صحيحاً، وعُرفت فلسفة التاريخ التي هي من المبتكرات المفيدة فاختصرت التواريخ واعتُمِدَ فيها على التحقيق، ونُظِرَ في عادات الامم وأخلاقهم وعمرانهم وذرائع ترقيهم بالسياسة، لأن للتاريخ تأثيراً فيها اذ يمثل الشعوب على اختلاف شؤونها المتلونة واغراضها المتباينة، وما يدعو الى انحطاطها وترقيها مع ذكر اسبابها وانتقادها الى غير ذلك، فهذب التاريخ المدنية ونبغ عند الانكليز في هذا العصر ثلاثة هم: غبون وهيوم وروبرتسون. وتاريخ الأخير المعروف ب”تاريخ شارلكان الأمبراطور” مشهور ضَّمنه الأسباب التي اعترت حالة اوربة السياسية منذ انقراض الدولة الرومانية سنة 476م الى اوائل القرن16م، ومن كلامه فيه:”ان الزمن الذي كانت فيه العلوم مزهرة عند العرب كانت اوربة منغمسة في ظلمات الجهل حتى كانت الحروب الصليبية فيَّسرتْ نقل المعارف من الشرق الى الغرب”. وصَّنَفَ كتباً غير هذه ترجمت الى العربية وطبعت في مصر سنة 1842م وكان من معاصريه الالمانيين هردر وميلر وسكلكُل. فالأول كتب في “فلسفة العمران” والثاني الف “تاريخاً عمومياً” و”تاريخ سويسرا” والثالث كتب في “فلسفة التاريخ”.

نبغ عند الفرنسيين ثلاثة اشتهر منهم (مونتسكيو) الذي الف كتاب”عظم دولة الرومان وانقراضها” وكتاب”روح الشرائع” المترجم للعربية ويُعرف عند الاوربيين ب”ابن خلدون الافرنج”. كما انهم يسمون ابن خلدون المغربي ب”مونتسيكيو الشرق”. ومن اقواله في روح الشرائع:” ان حياة الدول اشبه بحياة الناس فكما يسوغ لهؤلاء القتل دفاعاً عن انفسهم يسوغ لتلك الدول  ان تضرم نار الحرب صيانة لحياتها”، ومن ابدع تمثيلاته قولُهُ: “ان المستبد  بأحكامه هو اشبه بمن يستأصل الشجرة ليجتني ثمرتها”

ولما ساح في اوربة قال:”ان بلاد المانيا للسياحة وايطاليا للاقامة وفرنسا للمسرة وطيب العيش.”

التأريخ عند العرب

اما العرب فكانوا يؤرخون بداية بطلوع النجم او النوء من ذلك سمي الوقت الذي يضرب موعداً لأداء الدين ونحوه نجماً (ونسميه ايضاً بالقسط)، وكانوا يخلطون الوقائع بعضها ببعض، فاذا ارادوا تمييزها اضافوها الى شيء مشهور من الشؤون الهامة. فقالوا مثلاً (عام الفيل) ويريدون به العام الذي ملك فيه النجاشي اليمن وهو سنة 529م. فأقام عليه ارياط ابا ابرهة الاشرم صاحب الفيل. فأضافوا الواقعة الى فيلهِ وقالوا عام الفيل. وكانوا قبلاً يؤرخون بمبعث نبي الى آخر. وربما اضافوها الى امكنة الوقائع مثل (يوم البيداء بين حِمْيَرْ وبني كلب). او اسندوها الى سبب آخر مثل (ايام الفجار). وهي اربعة سمتها قريش بذلك لأنها كانت في الأشهر الحرام. فلما قاتلوا قالوا لقد فجرنا فاطلق عليها اسم الفجار.

ومازالوا كذلك حتى ايام الخليفة عمر بن الخطاب سنة 632م فادخل التاريخ بينهم باشارة الهرمزان الفارسي لضبط الاموال. وعربوا اللفظة الفارسية(ماه روز) بكلمة (مؤَرخ) ثم تصرفوا فيها بالاشتقاق على عادتهم في الالفاظ الدخيلة.واتخذوا السنة التي هاجر نبيهم فيها مدينة مكة وسكن يثرب اعتباراً من يوم الجمعة في 16 تموز سنة 622م بدءاً لتاريخهم الهجري وارخّو بالليالي لاعتمادهم على الهلال الذي يظهر ليلاً.

فنشأ التاريخ عند العرب قصصاً وخرافات اشبه بأساطير وخرافات من تَقَدَمَهم من اليونان والرومان والفرس وغيرهم، ولكنهم فاقوا غيرهم بضبط الانساب وحفظ الرواة اياها وسردها باتقان فائق مما كان ينال السبق فيه ذو الحافظة القوية والذاكرة الجيدة فابتدأ التاريخ روايات وأقاصيص يتناشدونها في مجتمعاتهم وبقي مدة كذلك بعيداً عن دفات الكتب واوراق المصاحف فلهذا تجد اخبار جاهلية العرب غامضة وليس من مرجع لمعرفتها الا اشعارهم  وبعض نتف من نثرهم لاتروي غليلاً ولاتؤَبد رواية ثابتة.

لقد كان هم الاولين من العرب المسامرة وسرد أخبار أسلافهم حتى روى ابن عبد ربه في كتابه العقد الفريد(3:47) انه ” قيل لبعض الصحابة ماكنتم تتحدثون به اذا خلوتم في مجالسكم قال كنا نتناشد الشعر ونتحدث بأخبار جاهليتنا”

وقال ايضاً(العقد الفريد 15:1)”علم الملوك النسب والخبر وعلم اصحاب الحروب درس كتب الأيام والسير وعلم التجار الكتاب والحساب.”

وكان العرب يعتبرون من التواريخ اربعة فقط تاريخ العرب والروم والفرس والقبط.

ومن اول تواريخهم كتب المغازي والسير الف بعضها في القرن الاول للهجرة وفقدت ولاسيما ماصنفه محمد ابن اسحق لآبي جعفر المنصور وتوفي ابن اسحق هذا في بغداد سنة 151ه(768م) وقيل سبقه ببضع وعشرين سنة محمد بن مسلم الزهري بتأليف كتاب في المغازي كما ذكر الحاج خليفة في كشف الظنون وقيل غير ذلك ومهما يكن فإن هذه المؤلفات لعبت بها يد الضياع ولم يسلم منها إلا سيرة ابن هشام المتوفي سنة 213ه وهي منقولة عن كتاب ابن اسحق الآنف ذكره.

من اقدم التواريخ العامة عندهم (تاريخ اليعقوبي) ذكر فيه اخبار الامم القديمة من العبرانيين والهنود واليونان والروم والفرس وغيرهم واخبار المسلمين الى منتصف القرن 3 ه في عهد المعتمد العباسي. ثم جاء بعده الطبري في اواخر القرن3ه والمسعودي والاصفهاني والواقدي وابن الأثير والثعالبي وابن خلكان وابو الفداء وابن خلدون والمقريزي والادريسي والحاج خليفة وابن العبري والدويهي والسمعاني الى عهدنا من مؤرخي الأمم والدول ومترجمي المشاهير والجغرافيين وواصفي المؤلفين والمؤلفات ومن اشهر تواريخهم المنشورة (الاغاني لأبي الفرج الأصفهاني) من مؤرخي القرن العاشر للميلاد وهو في 21 مجلدا و(الكامل لابن الأثير) و(بروج الذهب للمسعودي) وكتاب (روضة المناظر في اخبار الأوائل والأواخر) لأبي الوليد محمد بن الشحنة الحنفي الذي انتهى من تأليفه سنة 1403م زمن تيمورلنك.

وابن خلدون في بضعة مجلدات ومقدمته في فلسفة التاريخ من نوادر الكتب اخذ فيها على من تقدمه من المؤرخين، ونسجها على طراز بديع ولكنه لم يخل من الانتقاد. مثل وضعه في ديباجة مقدمته نحو صفحة كاملة من الالقاب للملك الذي قدم له كتابه وهو عبد العزيز بن ابراهيم المريني وما ذلك الا شيء يسير بالنسبة الى منافعها الكثيرة ومافيها من النظر الدقيق في البحث عن فلسفة العمران والاجتماع والاخلاق والتاريخ. وكثيراً مايشك المطالع في ان ابن خلدون واضع المقدمة هو ليس بكاتب تاريخ (ديوان العبر) المشهور لما بين المقدمة والتاريخ من التباين في اساليب الانشاء وانسجام الالفاظ وصدق الرواية. ولعله صرف وقتاً على المقدمة أو اوقف عليها احد بلغاء عصره فجاءت درة فريدة في بابها فكانت طبقتها اعلى من التاريخ وديباجتها اصفى.

ومن اشهر كتب التراجم (وفيات الأعيان) لابن خلكان في مجلدين كبيرين طبع مصر وذيله المسمى ب(فوات الوفيات) لصلاح الدين الكتبي الحلبي طبع في مصر ايضاً.

ومن اشهر قوائم الكتب ومؤلفيها (كشف الظنون) للحاج خليفة وصف به اكثر من 15 الف مؤلف من مصنفات العرب والعجم وألمَّ بتراجم مؤلفيها وبوصف اكثر العلوم التي بحثت فيها، وقد طبع في اوربة ومصر واماكن متعددة، و(الفهرست) لابن النديم و(طبقات الاطباء) لابن ابي اصيبعة…

ومن اشهر الجغرافيات كتاب (الادريسي) و(معجم البلدان) ياقوت الرومي و(خريدة العجائب) لابن الوردي.

ومن اشهر الرحلات رحلة ابن بطوطة ورحلة ابن جبير وابن فضلان والنابلسي، ومن اشهر التواريخ الخاصة (تاريخ تيمورلنك) لابن عربشاه الدمشقي و(تاريخ صلاح الدين) لابن شداد و(تاريخ السودان) للسعدي…

مما يؤخذ على بعض مؤرخي العرب انهم يغفلون ذكر سني الولادة والوفاة والملك … ولايحسنون تبويب كتبهم ولايضعون لها فهارس ترشد الى مواضيعها ويكثرون من الاسجاع والتصورات الخيالية في معرض الأخبار ولاتخفي المنافاة بين الاساليب الشعرية والتاريخية في كثير من المواضيع اللهم الا في الاوصاف التي يراد بها تحريك العواطف  فإن اساليب الشعر تليق بها اكثر من غيرها.

والاسلوب التاريخي عموماً هو من النوع القصصي فلا يحتاج الى تنميق الفاظ وتسجيع فقرات وتصور خيال بل يجب ان يرسل الكلام فيه ارسالاً يسيل عذوبة ويشف عما وراءه بوضوح كما فعل ابن خلدون في مقدمته وبعض المؤرخين في كتبهم.

ومن المغالطات التي تُعزى الى البعض الآخر اختلاف الاسماء والأماكن والوقائع والسنين ونحوها، ولعل ذلك نتج من عدم اعجام الحروف وعدم ضبطها بالحركات في اول امرها فدخل فيها التصحيف والتحريف فضلاً عن تلاعب النساخ وعدم امانتهم في النقل.

حواشي البحث

1) اول ابجدية في التاريخ

2) كان الخط الهيروغليفي خط كهنة المصريين القدماء وقد اخفوه عن الشعب وهو تصويري وكانوا يعبرون به عن القوة مثلاً بجثة سبع لها رأس انسان، وعن الانتحار مثلاً برجل يضرب رأسه بفأس، وعن الامانة مثلاً بجثة انسان لها رأس كلب وعن الصدق بريشة طاووس، وعن الابدية بدائرة، وعن البر بالوالدين بصورة كركي، وعن العقوق بهما برسم سمك الحيات الخ.

اكتشف العالم الفرنسي شامبليون سنة 1822 الهيروغليفية وفك رموزها بعد العثور على حجر رشيد اوعلى هذا الحجر نقش يضم الى الهيروغليفية اليونانية القديمة واللاتينية، وحجر رشيد موجود في متحف باريس، وبمقابلة اللغات عليه شرع بوضع معجم للعيروغليفية ولكن المنية حالت دون اتمامه فأتمه ولده غوستاف.

3) القلم المسماري شقيق الهيروغليفي، لكن المسماري له علامة تدل على الفاظ كثيرة والهيروغليفي له علامة تدل على الفاظ كثيرة والهيروغليفي له علامة تدل على لفظة واحدة وحل رموز هذا القلم هنري لونصن الانكليزي سنة 1837م اذ قرأ كتابة صخرة بيهستون في الاناضول، واشتهر بعده اوستن ليرد وغيره…

استشهاد القسطنطينية…

$
0
0

استشهاد القسطنطينية…

– في 29 ايار 1453 استشهدت القسطنطينية عاصمة المجد البيزنطي الزاهي لعشرة قرون واحتلها طغاة الكون وشذاذ الأفاق الأتراك بقيادة السلطان محمد…بعد صمود اسطوري لحصار طويل وقد تركتها اوربة بقيادة بابا رومه لتلقى مصيرها بعد المناشدة للمساعدة والتذلل في طلب الدعم…!

وعندما سقطت وصار العثمانيون على ابواب فيينا وحد البابا ملوك اوربة للوقوف بوجه الخطر العثماتي وتم صده…
هذه العاصمة التي بناها قسطنطين الكبير المعادل للرسل ودشنها عام 320مسيحية وجعلها على اسم العذراء الطاهرة ومنع فيها اقامة اي مذبح وثني وحتى اي طقس وثني واضاف الأمبراطور ثيوذوسيوس الكبير عام 387 ببناء كاتدرائيتها الشهيدة آجيا صوفيا او الحكمة الالهية وقد حولها محمد العثماني المحتل الى جامع ايا صوفيا وسمى نفسه سلطان الروم… وجعل القسطنطينية عاصمته واسماها اسلام بول… ثم الاستانة …
– وكان العثمانيون قد قضموا كل اراضي الأمبراطورية الرومية في آسية الصغرى وقبلهم ابناء عمومتهم السلاجقة وكانت امبراطورية الروم قد ضعفت نتيجة ضربة قاسمة انزلتها بها جيوش الفرنجة البرابرة الذين يسمون صليبيين ظلما لنا نحن ابناء الصليب الحقيقيين واحتلوها 70 سنة ومارسوا في كاتدرائيتها شتى انواع الموبقات وجعلوا همهم قلب سكانها من مذهبهم الارثوذكسي الى اللاتيني كما فعلوا في كرسينا الانطاكي المقدس وكرسينا الاورشليمي المقدس…

والدة الاله تتصدر حنية آجيا صوفيا
والدة الاله تتصدر حنية آجيا صوفيا


القضم العثماني لأراضي الامبراطورية الرومية بعد طرد الصليبيين القتلة رافقته مجازر بحق اصحاب المذهب الرومي الارثوذكسي في آسية الصغرى وبلاد الشام بلغ عدد شهدائها مليونا شهيد…حتى سقوط القسطنطينية واحتلالها واسترقاق شعبها وقتل بطريركها وامبراطورها قسطنطين ال13 لتتابع المجازر بحق الروم حتى 1922 باحتلال كيليكيا وليضاف مليونان ومائتا الف شهيد اضافيين على المليونين السابقين…
– لابد من وقفة مع التاريخ المؤلم بيد الاتراك على مسيحيينا…
نتوق الى استعادة بيزنطة لمجدها علما ان روسيا طالبت تركيا باعادة ايا صوفيا كنيسة ارثوذكسية وستتولى هي ترميمها واعادة تصوير ايقوناتها المغطاة بالكلس بأمر السلطان محمد وسلالته الحاقدة…
– في الخريطة امتداد الامبراطورية الرومية في آسية الصغرى

امتداد الامبراطورية الرومية في آسيا الصغرى
امتداد الامبراطورية الرومية في آسيا الصغرى


– احدى حنيات كاتدرائية اجيا صوفيا وماظهر من ايقوناتها الجدارية والسفلية ( الفريسك).
– الحشود العسكرية العثمانية لاحتلال القسطنطينية: هل تصدقوا ان عدد المحاصرين هو 150 الف جندي انكشاري و150 الف مسلح من دواعش ذلك الزمان اسمهم (الدراويش) مهمتهم السلب والنهب والتدمير واكمال القتل وهتك الاعراض و سرقة الاناث والذكور عبيدا وبيعهم غلمانا وجواري…!
بينما كان يدافع عنها اضافة الى شعبها كله بقيادة الامبراطور والبطريرك وكل الاكليروس فقط 5000 جندي رومي وصمدوا قرابة شهر وانزلوا بالعثمانيين الخسائر المهولة لذلك وبعد احتلالها اباحها لجنوده والدراويش المرافقين ثلاثة ايام بلياليها…!!! “الا الكاتدرائية فهي له” كما عمم في قراره….وفورا رفع بها الاذان وحول معظم كل الكنائس الى مساجد…
– صورة عن المجازر التركية بحق اخوتنا الارمن وهي ذاتها مطبقةبحق الروم من سوريين ويونان وكذلك مع السريان والآشوريين وكل المكونات المسيحية…
الى متى سيستمر هذا الوجود التركي الباغض للبشرية…؟؟؟

مجزرة تركية بحق المدرسة اليونانية في حلب وجثامين التلاميذ الشهداء مع جثمان معلمهم على الطاولة
مجزرة تركية بحق المدرسة اليونانية في حلب وجثامين التلاميذ الشهداء مع جثمان معلمهم على الطاولة

 

 


قلعة المينقة في ريف جبلة

$
0
0

قلعة المينقة في ريف جبلة

موقعها

تقع قلعة المينقة عند الحد الفاصل بين جبال اللاذقية وطرطوس وفي منتصف المسافة بين جبلة وبانياس تطل قلعة المينقة بين الجبال كعش النسر قوية منيعة مسيطرة على الوديان المحيطة بها متفاخرة بحضارتها السالفة شاهدة ابدية على عظمة تلك الحضارات رغم ماعانته من تدمير وتخريب وقد عرفت هذه القلعة بالمينقة في الفترة الاسلامية بينما عرفت في فترة الفرنجة بحصن / مليكاس او حصن المالغانس / وهذه القلعة تعود للحقبة الرومانية…

أما مكان وجود القلعة ف«تبعد القلعة عن مدينة “جبلة” (37كم) على طريق “جبلة- وادي القلع” محيطها العام (489م) مبنية على هضبة صخرية وعرة المسالك وحصينة».

شكلها

تأخذ القلعة شكلاً متطاولاً غير هندسي، ماهو إلا نتيجة بناء السور بهندسة رائعة متناغمة مع الطبيعة، حيث أنه يتماشى مع الحواف الصخرية للهضبة بانسجام كبير، ترتفع الهضبة الصخرية التي تم بناء القلعة عليها من الجهة الجنوبية أكثر من الجهة الشمالية، لذلك تم اعتماد تعدد الطوابق في الشمالية والشمالية الشرقية وتركيز معظم فعاليات القلعة في المنطقة الممتدة بين الخندق وبداية بروز المستوى الأعلى للهضبة الصخرية وذلك في الثلث الجنوبي من القلعة، وحقيقة الأمر أن هذه المنطقة هي التي واجهت تحدي الزمن والأخطار، وبقيت صامدة في حين أزيلت معظم المعالم المعمارية في الثلث الجنوبي للقلعة، لعدم اعتماد المعماريين في البناء على الأحجار الضخمة التي تحفظ البناء فترة أطول.

ملاحظة مهمة: القلعة الآن مقسمة ومزروعة شجر زيتون من قبل أهالي قرية شلالات وادي القلع‏.

قلعة المينقة
قلعة المينقة

المينقـة قلعـة تـروي تـاريخ معـارك وقـادة مـروا علـى حجارتهـا

عرفت قلعة “المينقة” لدى المؤرخين كإحدى قلاع الدولة الإسماعيلية التي كانت منتشرة في منطقة جبال الساحل السوري، ولو أتيح لكل حجارة فيها للكلام لحدثتنا عن تاريخ معارك وعهود وقادة مروا عليها منهم من حماها ومنهم من غزاها وطمع بها. هذا الحصن المنيع كان في يوم من أيام سورية القديمة يشكل صرحاً منيعا للتصدي للغزاة المستعمرين لهذه المنطقة .

قلعة “المينقة” هي إحدى قلاع الدولة الإسماعيلية القابعة في منطقة جبال الساحل السوري الحافلة بالقلاع والحصون البيزنطية والتي كانت تسمى جبال “البهرة”، وكان أول الطامعين بها القائد “راشد الدين سنان” الملقب “شيخ الجبل” الذي استولى على هذه المنطقة في تأمين الدفاع عن دولته، حيث قام بالتصدي لمحاولات الزحف المتعددة الذي قام بها “نور الدين الزنكي” نحو تخوم جبال “البهرة” دون أن ينال منها، حتى جاءت الفترة الأيوبية وبقيت القلعة على حالها بسبب هدنة الصلح التي عقدت بين “صلاح الدين الأيوبي” و”راشد الدين سنان” وبتوسط من “شهاب الدين الحارمي” أمير “حماه” خال “صلاح الدين”.

قلعة المينقة
قلعة المينقة

وجاءت هدنة الصلح التي عقدها “صلاح الدين الأيوبي” مع “شيخ الجبل” بعد أن عزم “صلاح الدين” الثأر من دولته لمحاولة اغتياله، فحاصر “مصياف” عاصمة قلاع الدولة الاسماعيلة، ولكن بعد حصار طويل ومفاوضات مقرونة بالتهديد أدرك “الأيوبي” أن “شيخ الجبل” منيع الجانب لا يهاب التهديد ولايخشى الوعيد، تحميه قلاعه وتصونه جباله، مالبث أن أخذ بفك الحصار وترك القلاع لتقف حاجزاً يرد عن سورية عاديات الصليبيين ويدفع خطرهم .

وكان العهد الذهبي لقلعة “المينقة” انتهى بعد وفاة “شيخ الجبل” حيث بدأت النزاعات الداخلية التي ترافقت بهجمات التّتر ، ومع قدوم الفترة المملوكية وبعد التخريب التّتري والنزاع الداخلي سقطت أربع قلاع من قلاع الدولة الاسماعيلية “مصياف”- “القدموس”-“الخوابي”- “الكهف” بيد “هولاكو” وبعد اندحار التتر في معركة “عين جالوت” عرض الاسماعيليون صداقتهم على السلطان “الظاهر بيبرس” فقبل صداقتهم وترك لهم حصونهم وأعفاهم من الضرائب.

قلعة المينقة
قلعة المينقة

بعد ذلك أخذ “بيبرس” على عاتقه في هذه الفترة توحيد الجبهة الإسلامية وطرد بقايا الفرنجة في سورية، وشن حملات متوالية لتطهير الساحل، وتوجه لرد التتر الذين بلغوا الفرات في الشرق، وفي أثناء عودته هاجم الساحل وفتح العديد من القلاع من بينهم قلعة “المينقة”، ولكن “بيبرس” كان ينتظر الفرصة للتخلص من هذه الدولة بعد زوال مهمتها في الدفاع ضد الخطر الافرنجي وذلك بعد أن اعتراها الضعف، وشن على سورية ثلاث حملات متوالية، وسقطت فيها القلاع الواحدة تلو الأخرى وشرد زعماءها ونفى أمراءها، وفي عهد السلطان “المنصور قلاوون” كانت قلعة “المينقة” مع بقية القلاع خاضعة لشروط الهدنة التي عقدت بين “المنصور قلاوون” وبيت “الإستبارية” و”إمارة طرابلس”، وقد تقررت الهدنة مع متملك طرابلس لمدة عشر سنوات .

لم تنته الصراعات على قلعة “المينقة” مع خروج الفرنجة من تلك المنطقة، لأنه لم يمض وقت حتى احتلها العثمانيون ، فقد كانت القلعة في بداية الفترة العثمانية في صراع مع العثمانيين والاسماعيليين، إذ كان الولاة يأخذوها مراراً وكان الاسماعيليون يستردونها، ومنذ ذلك التاريخ هُجِرت “المينقة” واستمر هجر قلعة “المينقة” مع بداية الاحتلال الفرنسي لمنطقة الساحل السوري، وأصبحت قلعة “المينقة” في هذه الفترة معقل للثوار الذين يقومون بالغارات على قوات الاحتلال الفرنسي إلى أن تم تحرير البلاد سنة (1946م).

قلعة المينقة
قلعة المينقة

وبعد تلك الفترات الطويلة من المعارك والحروب واتفاقيات الصلح طوى عالم النسيان على قلعة “المينقة” إلى أن شرعت المديرية العامة للآثار والمتاحف عام (2000م) الاهتمام بها من أجل تسجيلها كإحدى المواقع الأثرية في سورية وفي عام (2008م) استكملت مديرية آثار “جبلة” أعمال الترميم لقلعة “المنيقة” حيث تضمنت أعمال الترميم ترحيل الأنقاض والردميات بالإضافة إلى تركيب أحجار مكان بعض الأحجار الفاقدة وتم استكمال ترميم الأسوار والأبراج في القلعة وتضمنت أعمال الترميم في السور الشرقي للقلعة فك وتركيب قسم من حجارة السور ووضع الحشوات المناسبة للحفاظ على الأقبية المجاورة له.

قلعة المينقة
قلعة المينقة

 

التطويبات… 

$
0
0

التطويبات… 

ينبغي لنا أن نجعل تفكيرنا وقلوبنا مشغولة باستمرار بشخص الرب  يسوع المسيح : شخصيته، وأقواله، وأسلوب حياته، وطريقة مماته، ومعنى قيامته. فيترتب علينا أن نستوعب المغزى الكامل لكلماته في الموعظة على الجبل. وأيضاً في الأمثال التي قالها، ويجب علينا أن نمثّل لكل العالم الأشياء نفسها التي مثّلها في حياته. .

لقد أوضح ربنا يسوع المسيح له المجد معنى ملكوت الله في الموعظة على الجبل، وفي الصلاة الربانية، وفي عبارة “ﭐُدْخُلُوا مِنَ الْبَابِ الضَّيِّقِ!” وهذا يعني، عَامِلِ الناسَ بما تُحِبُّ أنْ يعامِلوكَ به. وهذا ما يتم تجاهله بشكل عام. فلا تعتبر نفسك سائراً في طريق التلمذة ما لم تفعل للجميع كل ما تسأل الله لنفسك، وهذا معناه وبعبارة أخرى، عدالة اجتماعية مطلقة وأجواء ملكوت الله المسالمة. نحن سفراء ملكوت الله الآتي؛ ونخدم قانوناً واحداً فقط، ألا وهو قانون روحه القدوس.

تخبرنا الموعظة على الجبل معنى ذلك عملياً. فالطريق واضح لكل من كان صادق معها. بالطبع لا يقدر أحد المضي بهذا الطريق بدون النعمة. ي. ويشير يسوع إلى ذلك عندما يتحدث عن الشجرة ودورها الحيوي عند تشبيهه لها بملكوت الله. ويتحدث أيضاً عن الملح، مشيراً بذلك إلى الطبيعة الجديدة الشاملة التي أنعم بها علينا المسيح والروح القدس. فيقول يسوع (بما معناه): “ما لم تكن عدالتكم أفضل من عدالة اللاهوتيين وعلماء الدين ومعلمي الأخلاق، لن تقدروا أن تدخلوا ملكوت الله”. ويقول أيضاً (بما معناه)، “أطلبوا أولاً ملكوت الله وعدله”.

إنً الحياة الجديدة هي حينما يَغْمُرُك ريح الروح القدس كليّاً. وسيشمل تأثيرها كل العالم. ونحن بحاجة إلى إيمان يجعلنا نٌبصر أننا نعيش في زمن النعمة؛ لأن المقصود من هذه الشجرة هو أن تنتشر على الأرض كلها. فيتجمّع كل البشر تحت هذه الشجرة، وفي حماية هذه الشجرة الحيّة.

ولا يكفي أن نعترف أن يسوع هو حبيب قلوبنا؛ يجب أن نثبت حبنا له. ويخبرنا يسوع عن كيفية القيام بذلك: “إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاِحْفَظُوا وَصَايَايَ!” (يوحنا 14: 15).

لا يعني الاستعداد لملكوت الله الانقطاع عن الأكل والشرب أو الامتناع عن الزواج؛ بل يعني تمييز علامات الأزمنة وأيضاً أن نعيش الآن مثلما سوف نعيش في ملكوت الله المستقبلي. ولكن ما هي العلامة التي نستدلّ بها أنّ ملكوت الله على وشك المجيء؟

نقرأ الجواب في إنجيل متى 24: 31 ومرقس 13: 27: “فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِبُوقٍ عَظِيمِ الصَّوْتِ فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ مِنْ أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ إلى أَقْصَائِهَا”.

فهذه هي علامة المجيء الثاني للمسيح. أنّ التجمّع معاً هو علامة المسيح – “كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا” (متى 23: 37).

يقول يسوع أن كلامك يجب أن يكون أعمالك، د. وإيمانك عن المستقبل يجب أن يكون حياتك الحالية. ويلزمك أن تجعل من الخلاص الذي يهبه يسوع المسيح حياتك. فبهذه الطريقة سوف تجد التصرف السليم مع جميع الناس وفي جميع الأمور. أنكم لن تدينوا الناس، ولكنكم ستفهمون أن حياة الناس قد دمرها الظلم الاجتماعي؛ وستلمسون أن كل الذنوب تمثل انحطاط الأخلاق لدى البشرية. لذلك سوف تَحرُصون على عدم عرض أقدس الأشياء أمام العيون والآذان التي لا تفهمها.

ستسعى لرؤية الآخرين أن يكون لديهم كل ما توده لنفسك. هل تحتاج منزلاً أو حساباً مصرفياً؟ إذنْ، أجعل ذلك ممكنا للجميع. فكل ما ترجوه أن يفعله الآخرون لك، أفعله لهم. أحبب قريبك كنفسك – ذلك هو الحق والواقع؛ إنه واقع يسوع المسيح. وبعد ذلك مباشرة تراه يوصينا للدخول من الباب الضيق، والسير في الطريق الضيق. حذارِ من طريق المساومة، الذي هو طريق الكثيرين، والطريق الواسع. اِحْذَرُوا من الأنبياء الكذبة. فإنهم يتكلمون عن السلام ويعملون من أجل السلام، ولكنهم ليسوا بأحرار من سطوة المال، ومن عبادة الماديّات، ومن الكذب، ومن النجاسة الجنسية. فيجب على كل من هو ليس متحرّر تماماً من عبادة الماديّات ألا يتكلم عن السلام، وإلا فهو نبي كاذب.

أنَّ عبادة المال هي سَفَّاحُة الدِّمَاءِ منذ البداية. فيجب على كل من لم يقطع صلته مع عبادة المال والماديّات ألا يتكلم عن السلام، لأنه يشرك في الحرب الدائمة التي تدمر المحرومين بقوة الغنى ومالكيها.

ويخرج يسوع باستنتاج يضعنا فيه أمام الرِهان الذي مفاده كالآتي: لا فائدة من سماع كلماتي هذه ما لم تعملوا بها أنتم أيضاً. وسوف ينهار أجمل قصر للسلام ما لم يمثل إرادة يسوع بكاملها. فدعوة يسوع تذهب للصميم، وإلى القلب بالذات: أترك كل شيء وأمض ِ في طريقي. “بـِعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفـُقَرَاءَ … وَتـَعَالَ اتـْبَعْنِي!” (متى 19: 21 ولوقا 5: 27).

يتعيّن على تجربتنا الشخصية للخلاص أن تسير جنباً إلى جنب مع آمالنا للعالم كله. وإلا فنحن لسنا في وحدة تامة مع الله. وهذا لن يحدث إلى أن نصبح في وحدة مع الاهتمامات التي لدى الله الجبار والرَّؤوف. عندئذ سنكون مُوَحّدين حقاً.

من هم المباركون ..؟

إنهم أولئك الذين يقفون أمام الله كشحاذين يشحذون روحه القدوس؛ والذين قد أصبحوا شحاذين مادياً وأيضاً روحياً. أنهم من الفقراء الشحاذين في الماديّات وفي النعمة. فلا يعلم أحد أن الجوع والعطش يعنيان العذاب بسبب هذه الغريزة إلا الفقراء الشحاذين. إلا أنَّ هؤلاء هم المباركون الحقيقيون، الذين أُصِيبُوا بهذا الجوع والعطش إلى البِرّ والاستقامة، والذين يتحملون أوجاعاً بالغة، والذين يعانون أشدِّ ضيق، كما عانى يسوع أشدِّ الضيق. أنَّ المباركين الحقيقيين هم وحدهم الذين يعانون وإلى حدِّ الموت في سبيل العالم وضيقه تماماً مثلما عانى يسوع عندما أحسّ بأشدّ أوجاع الناس في العالم فضلاً عن معاناته من المشاعر المُرّة لتخلي الله عنه. فلديهم قلوباً طاهرة وصافية النيّة ومتوهجة، ومركّزين على قضية الله من كل قلوبهم، وهم في وحدة مع صميم الله ويعيشون ببساطة قلب مثلما يعيش الله ببساطة قلب. لذلك فإنهم مَنْ يزرع السلام في وسط عالم غير مسالم وفاسد.

يقول العهد الجديد أن الإيمان لا يعتمد على العجائب والآيات. ويقول يسوع أنها يجب أن تبقى سرّيّة. إذ يتعلق الناس بكل سهولة بالعجائب. لذلك يحذرنا يسوع من الحديث عنها أو نشرها، لأنه يريدنا أن يكون لدينا إيماناً لا يعتمد على العجائب. (لوقا 8: 56).
.
لا نجد في أي مكان لدى المسيحيين الأوائل أيّ توجّهٍ عقلاني فاتر لفهم الأمور ولا تحليلاً نطقيّاً لها نابع من التعطش للتنوير الفلسفي الذي من طبيعته أن يحلّل الأمور وأن يُفَاضِلَ بينها باستمرار. ولكن كان هناك بدلاً من ذلك الروح القدس الذي اِلتهب في صدورهم وأحْيَا نفوسهم. (كولوسي 2: 8-10).

لذلك لا نفع من النوح على خطايانا. فما يهم على الأكثر هو الإيمان بالمسيح ومحبة المسيح. فعندما نرى كل العالم التعيس هذا وهو يتجزّأ، وعندما ندرك وقع كلامنا على مسامع الناس من أنه يبدو جنوناً عندما نتحدث عن الإيمان أو الإنسانية أو الرحمة، عندئذ لا يوجد هناك أي شكٍ من أنّ: المسيح وحده يبقى الشخص الحقيقي، ذلك الذي أطلق على نفسه اسم ابن الإنسان وطفل الإنسان.

فليس عندي أي شيء آخر ارتكز عليه في حياتي أو مماتي، ولا أؤمن بأي شيء آخر يكون لصالح للآخرين، ولا حتى لأحباء قلبي، ولا شيء آخر يستحق الوثوق به لصالح مجتمعاتنا المسيحية، ولا شيء آخر نرتكز عليه لصالح عالم يتجزأ إلى أشلاء. ولا بد لي من الاعتراف: ليس عندي أي شيء أبداً غير المسيح وحده! (فيليبي 3: 8).

اثنين الروح القدس…

$
0
0

اثنين الروح القدس…

نقول في اثنين الروح القدس
“فلتمجد روحَ الرب كلُّ نسمة الذي به قحة الأرواح الشريرة تباد متحطمة. ..
إنه في نهار الخمسين ذاته حضر إلى الرسل القديسين جوهرياً بشكل ألسنةٍ نارية واستقر على كل واحدٍ منهم في العليّة التي كانوا مقيمين فيها. فلأجل إكرام الروح القدس قد رتّب بإلهام إلهي الآباء الإلهيون الذين رتّبوا كل شيءٍ حسناً أن يُعيد له في العنصرة ذاتها وثاني يوم موزعاً.

لأن المخلص لما كان قد أوعدهم قبل الآلام بورود المعزي قائلاً “خيرٌ لكم أن أنطلق أنا لأنني إن لم أنطلق لم يأتكم البارقليط”. وأيضاً “عندما يأتي ذاك فإنه يعلمكم ويرشدكم إلى كل حق”. وأيضاً “أسأل الآب أن يرسل لكم معزياً آخر روح الحق الذي من الآب ينبثق”. وبعد الآلام أيضاً عندما صعد إلى السماء قال: “أما أنتم فالبثوا في أورشليم إلى أن تلبسوا قوةً من العلاء”. فإذاً أرسله إذ قد أوعدهم به. لأنهم لما كانوا ينتظرونه في الغرفة عند كمال أيام الخمسين عند الساعة الثالثة من النهار بغتة صار رعد من السماء حتى تقاطر كثرة الحاضرين من المسكونة وظهر الروح القدس بشكل ألسنة نارية على كل واحدٍ منهم ليس فقط على الاثني عشر بل وعلى السبعين وتكلموا بألسن غريبة أي كل واحدٍ من الرسل تكلم بألسنة الأمم كلها ليس أن الغريب كان يسمع لغته أيضاً لما كان يتكلم الرسول بلغته الخاصية بل أن الرسول كان يسمع ويتكلم بلسان كل أمةٍ. فلهذا الحال ظن المجتمعون أنهم سكارى لأنه من حيث أنه لم يعلم كل أحد كيف أن الرسول كان يخاطب الجميع على انفراد فظنوا أنه قد سكر وغيرهم تعجبوا قائلين: ماذا عسى يكون هذا لأن هؤلاء كانوا مجتمعين للعيد من جميع أقطار الأرض من العجم والديلم وأهل الأهواز الذين كانوا مأسورين من انتيوخُس من زمان قريب. فلما مضى عشرة أيام بعد الصعود حضر الروح القدس ولم يحضر حالاً في وقت صعوده لكي يجعل التلاميذ متوقعين له بأشد حرارة وقد زعم البعض أن في كل يوم من الأيام كانت تتقدم طغمةً من الطغمات الملائكية فتجسد لتلك البشرة المتألهة فإذاً لما كملت التسعة أيام حضر الروح القدس في اليوم العاشر لما صارت المصالحة بوساطة الابن. أما أنه بعد الخمسين يوماً من الفصح فلتذكار الناموس العتيق لأن إسرائيل بعد اجتيازه البحر الأحمر أخذ العشر كلمات فانظر إلى الرسوم والإشارات هناك جبل ههنا علية هناك نار ههنا ألسنة نارية وعوض الرعود والضباب هناك ههنا ريح عاصفة. وأما أن الروح القدس قد انحدر بشكل ألسنة فهو ليدل بأن له اختصاص بالكلمة الحي أو ليدل أن الرسل قد ازمعوا أن يعلموا الأمم ويقودوهم بالألسن. وأما أنها نارية لأن الله نار مبيدة وأيضاً لأجل التطهير. وأما أنها مقسمة فلأجل المواهب. وكما انه في القديم بلبل لسان الذين كانوا يتكلمون بلسانٍ واحدٍ وقسمهُ إلى ألسن كثيرة هكذا والآن قسم لسان المتكلمين بلسان واحد إلى لغات كثيرة لكيما يجمع المشتتين من تلك الألسن في أقطار المسكونة. وأما أنه صار في العيد فلكي تشيع الجموع المتكاثرة بهذا الفعل في كل مكان وان الحاضرين في الفصح والمشاهدين الأشياء التي صارت على المسيح يتعجبون. وأما في العنصرة لأنه وجب أن في ذلك الوقت الذي فيه أعطي الناموس قديماً في مِثله تنسكب نعمة الروح حسبما عمل المسيح في الفصح الناموسي مكملاً فصحه الخاص الذي هو الفصح الحقاني. لكن الروح ما جلس على فم الرسل بل على هاماتهم شاملاً الرئاسي الذي هو أعظم من الجسد والعقل ذاته الذي منه يتكلم اللسان أو على نوعٍ ما لكون الروح بوساطة اللسان يبدي صوتاً كأنه يشرطن الرسل معلمين لكل ما تحت السماء بحلوله على رؤوسهم لأن الشرطونية (أي وضع اليد) يصير على الهامة. وأما الصوت والنار فلأن وفي سيناء هذان قد صارا لكيما يظهر أن الروح هو ذاته المشترع في ذلك الوقت والآن وهو الآمر والمرتب الكل. وأما أن الجمع ارتج من صوت الريح فلأنهم توهموا أن جميع ما وعد المسيح لليهود عن انقلابهم قد امتلك غايةً. وقال أنه شبه النار لكي لا يظن أحد الروح القدس هو شيء جسداني. أما الرسل فتوبخوا بالسكر إلا أن بطرس وقف وتكلم في وسط الجمع وكشف لهم بأنهم لا يفهمون الحق وأورد في قوله نبوة يوئيل واقتاد منهم نحو ثلاثة آلاف. ويُقال أن الروح القدس معزٍ لأنه يقدر أن يعزينا ويريحنا لأننا اتخذناه عوض المسيح وبوساطته قد امتلكناه ولأنه يتوسل عنا إلى الله بأصواتٍ لا تُلفظ بما أنه محب البشر يشفع فينا كمثل المسيح لأن وذاك (أي المسيح) هو معزٍ لهذا السبب يُقال أن الروح القدس معزٍ آخر لأن الرسول يقول: “لنا معزٍ عند الله يسوع” وقيل آخر لأجل المساواة في الجوهر لأن لفظة آخر وآخر تدل على اتفاق الجواهر والطبائع وأما لفظة غير وغير قد علمنا أنها تدل على اختلاف الطبائع هذا الروح القدس لم يزل في الآب والابن دائماً فلذلك يبدع معهما الكل وهذه القيامة العتيد كونها ويعمل كل ما يشاء يقدس يفرز يجدد الرسل يحكم يمسح أنبياء ويُقال على الإطلاق أنه يفعل كل شيء بما أنه لم يزل سائداً بذاته كلي الاقتدار صالحاً مستقيماً رئاسياً وبه كل حكمةٍ وحياةٍ وحركةٍ ومهما اشترك بقداسةٍ وبكل نوع من الحياة. وعلى الإطلاق هو مالك كل ما هو للآب والابن ما عدا عدم الولودة والولودة وهو ينبثق من الآب. فعندما انسكب الروح على كل جسد امتلأ العالم من جميع أصناف المواهب وبواسطته كل الأمم انقادوا إلى معرفة الله وكل مرض استؤصل وكل استرخاء. إن الروح قد أعطي إلى التلاميذ من المسيح ثلاث مرار فقبل الآلام بنوع غامض جداً وبعد القيامة بوساطة النفخة بنوع أوضح والآن قد أرسله جوهرياً بل الأفضل أن يقال أنه هو قد انحدر بنوع أوفر كمالاً منيراً إياهم ومقدساً وبوساطتهم أيضاً قد اختص لذاته أقطار العالم. فبورود روحك القدوس وبشفاعات رسلك أيها المسيح الإله ارحمنا آمين.
✥ لماذا حل الروح القدس علي السيد المسيح علي هيئه حمامه بينما حل على التلاميذ على شكل السنة نار؟
1- النار تستخدم للتطهير و السيد المسيح لايحتاح الى تطهير لانه بلا خطيه.
2- الالسنه من اجل المواهب والسيد المسيح لايحتاج الى مواهب لان فيه كل كنوز المعرفه والحكمه.
3- فى بداية الخليقه كان روح الله يرف على وجه المياه.
4- الحمامه رمز البساطة والوداعه.
5- حمامه نوح تعلن عن البدايه الجديده وفى المعموديه الولاده الجديده.
6- الحمامه كانت الطير الذي يستخدم فى ذبائح العهد القديم.
7- الكنيسه توصف فى سفر نشيد الانشاد بالحمامه.
(السنكسار الارثوذكسي)

قانون الاسفار المقدسة…

$
0
0

قانون الاسفار المقدسة…

تمهيد

الكتاب المقدس هو المرجع الاساس لكل مسيحي في عقيدته وكل حياته، ويجب على كل فرد من ابناء الكنيسة ان يتخذه اقدس ذخيرة له ويطالعه دوما وبعمق (وليس بسطحية وتقليب صفحات) ليكتسب منه الفوائد الروحية والادبية.

ومن الجدير ذكره اننا لانقدر ان نجتني الثمار المطلوبة من مطالعة كتاب الله وبشراه الا باستقراءبضضعة مسائل تاريخية وعلمية تبحث عن كيفية تنسيق هذه المجموعة المقدسة كلها، وانتخاب كل سفر منها على حدة. وعن زمن تأليفه وشؤونه وكل مايتعلق بمؤلفه وما اشبه ذلك من المواضيع التي تسهل علينا فهم معانية مع اتخاذ قائد امين يرشدنا الى المعاني الحقيقية فيه لذلك اردنا في تدوينتنا هذه عن قانون مجموعة الاسفار المقدسة ومنزلتها في الكنيسة الارثوذكسية التي حافظت على هذه الوديعة التي تسلمتها من الرسل القديسين دون ان يطرأ عليها شيء.

الكنيسة نشرتها بين المؤمنين وتسعى بأن تستخرج لهم منها الكنوز التي “تحكمهم للخلاص الذي في المسيح يسوع” وتأتيهم بالمنافع اللازمة “في التعليم والتقويم والتأديب الذي في البر لكي يكونوا كاملين ومتأهبين لكل عمل صالح”(1)

تتألف مجموعة الكتاب المقدس من اسفار متعددة والكنيسة المقدسة تميز هذه الاسفار بعضها عن بعض وتدعو بعضها كتباً قانونية والباقي منها تدعوه كتباً غير داخلة في القانون او كتباً كنسية او كتب التلاوة…

فالكتب القانونية هي التي نظمتها الكنيسة في قانون الاسفار المقدسة بحسب تعليم الرسل الالهيين والآباء الطاهرين والمجامع المقدسة وتعتبرها قانوناً للحقيقة لايتغير كما سماها القديس ايسيدوروس الفرمي.

 او كما قال القديس اثناسيوس الكبير:” اننا نقبل الكتب التي دخلت في القانون ونعتبرها الهية لأنها مصدر الخلاص وهي وحدها تكرز بتعليم حُسْنْ العبادة. ولايزيدن احد عليها شيئاً ولايحذفن منها شيئاً”(2)

واما الكتب التي لم تدخل في القانون فعلى شهادة هذا المعلم القديس هي الاسفار التي فرض الآباء قراءتها على المسيحيين ولاسيما على معتنقي المسيحية الحديثين لذلك دعيت ايضا كتب التلاوة. وبما انها كانت تتلى في الكنائس لتعليم الموعوظين والمؤمنين سموها كتباً كنسية كما ذكرنا.

قال القديس يوحنا الدمشقي:” ان هذه الكتب تدعى مفيدة ومعزية ولكنها لم تحص مع الكتب الاولى”(3)

ثم ان لفظة قانون هي معربة عن اليونانية وتدل على معانٍ كثيرة:

اولاً: تدل في اليونانية عموماً على المسطرة او الجدول وعلى القاعدة في الكتابة وفي الصرف والنحو كما تدل على قضيب القبان وعلى لائحة اشخاص او كتب.

ثانياً:  تدل خاصة في اللغة الكنسية

1- على الكرازة الانجيلية

2- على القرار الذي يقرره المجمع اوعلى مادة من النظامات التي يحددها المجمع.

3- على مجموعة الرهبان والاكليروس

4- على نشيد كنسي مرتب على التسابيح التي في الكتاب المقدس

5-واخيراً يراد بها غرامة او جزاء يفرض على الخطأة لاصلاحهم.

والمراد بكلمة قانون في كلامنا هذا جدول او مجموعة الكتب المقدسة التي قررت الكنيسة انها موحى بها من الله واتخذتها قانوناً للحقيقة واعلنتها بين المؤمنين بهذه الصفة. اذ قد تحدد بها مايجب ان يؤمن به المسيحي وما يجب ان يعمله ليرث الحياة الابدية. ولذا يدعى هذا القانون في مؤلفات الآباء: قانون الحقيقة او قانون الايمان او قانون الكنيسة. وبما ان القديس اثناسيوس ميز بين الاسفار وسمى بعضها قانونية وبعضها كتب التلاوة وقال انه من الواجب ان نطالع الفئتين وان ننبذ النوع الآخر من الكتب المدعو ابوكريفا اعني الكتب المنسوبة الى رجال قديسين ونسبتها اليهم غير صحيحة او التي افسدها الهراطقة مع انها كانت حقيقةً شريفة ونسبتها الى رجال قديسين وهي صحيحة. فلذلك نقسم هذا الموضوع الى ثلاثة فصول.

الأول في الكتب القانونية. والثاني في كتب التلاوة. والثالث في كتب الابوكريفا

الكتاب المقدس
الكتاب المقدس

الفصل الاول

في الكتب المقدسة القانونية

اولا: في كتب العهد القديم القانونية

ان القانون الذي تعتبره الكنيسة الارثوذكسية جدولاً لأسفار العهد القديم يتضمن الأسفار الآتية:

1) كتاب التكوين 2)كتاب الخروج 3) كتاب اللاويين 4) كتاب العدد 5) تثنية الاشتراع 6) كتاب يشوع بن نون 7) كتب القضاة وسفر راعوث كذيل له 8) كتابا الملوك الأول والثاني كقسمين لكتاب واحد 9) كتابا الملوك الثالث والرابع 10) كتابا الأيام الأول والثاني 11) كتابا عزرا الأول والثاني وهذا دعاه اليونان كتاب نحميا 12) كتاب استير 13) ايوب 14) المزامير 15) امثال سليمان 16) الجامعة له 17) نشيد الانشاد له ايضاً 18) اشعيا النبي 19)ارميا 20)حزقيال 21) دانيال 22) الأنبياء الاثنا عشر الصغار(4).

وكنيسة العهد القديم “التي اؤتمنت على اقوال الله(5)” حافظت على هذا القانون الى مجيء المسيح واعتبرته أجلّ اعتبار كما نتحقق ذلك مما يأتي:

1) من شهادة يوسيفوس فلابيوس المؤرخ اليهودي الذي يذكر ان الكتب الالهية هي اثنان وعشرون كتاباً. ويقول ان خمسة منها كتبها موسى النبي، وثلاثة عشر كتبها الانبياء الذين نبغوا بعد موسى الى زمن ارتحشستا ملك الفرس، واربعة تتضمن تسابيح لله ونصائح حكمية مفيدة جداً وهي قاعدة لسيرة الانسان(6).

2) من شهادة معلمي الكنيسة المسيحيين القدماء مثل ميليتون اسقف ساردس واوريجانس وايرونيموس وهؤلاء اجتهدوا خصوصاً بأن يقفوا على عدد كتب القانون الذي كان معتبراً عند اليهود وهم جميعهم يحققون انه كان مؤلفاً من الاثنين وعشرين كتاباً التي ذكرناها وسنذكر شهاداتهم في مايأتي.

3) من التقليد غير المنقطع المحفوظ عند اليهود(7)

4) واخيراً من طريقة عدّ هذه الكتب التي حافظت عليها الكنيسة الارثوذكسية فتعتبرها اثنين وعشرين كتاباً كما احصاها اليهود القدماء مطبقين اياها على عدد احرف الهجاء العبرانية فانها تضم كتابين او ثلاثة تحت كتاب واحد مع ان كتب العهد القديم التي تعتبرها الكنيسة الارثوذكسية تبلغ تسعة وثلاثين كتاباً بأفرادها.

وقد حافظت الكنيسة المسيحية قديماً على هذا القانون لأنها اتخذته من كنيسة العهد القديم ولنا على صحة ذلك الشهادات التالية:

1) ان ميليتون اسقف ساردس المتوفي نحو سنة 180 مسيحية الذي طاف بلاد المشرق بغيرة حارة قّصْدَ ان يقف على قانون العهد القديم الحقيقي الذي كان يعتبره الجميع حتى وجد ضالته المنشودة. قد رتب اقدم جدول لأسفار العهد القديم كما يذكر الكتبة المسيحيون وقد ذكرناه آنفاً. ولما رجع الى وطنه اختار من كتب الناموس والانبياء ما امكنه من الآيات المنتخبة التي يتوطد عليها اساس المعتقد المسيحي بشأن المخلص والايمان عموماً، وقسم هذه المنتخبات الى ستة كتب لم تبق لنا الايام منها الا رسالة اشبه بمقدمة ارسلها الى شخص يدعى الاخ اونيسموس ذكرها اوسابيوس في الفصل السادس والعشرين من الكتاب الرابع من تاريخه الكنسي وعدَّدَ في هذه الرسالة اسفار العهد القديم كما ذكرناها آنفاً وصرح بأن اليهود كانوا يعتبرون هذه الكتب فقط.

2) ان اوريجانس الذي ولد في الاسكندرية السنة 185مسيحية وتوفي نحو سنة 254مسيحية وكان من اعظم معلمي الكنيسة القدماء ولاسيما في البحث عن الكتاب المقدس  ومن المتضلعين كثيراً باللغة العبرية ومن التدقيق بمتون النسخ القديمة قد ذكر جدول الأسفار في مؤلفاته كما اوردناه آنفاً وافتتح كلامه في هذا الموضوع هكذا:”يجب ان تعرف ان كتب العهد القديم هي اثنان وعشرون كتاباً كما تسلمناها من اليهود”(8)

3) ان كيرلس الاورشليمي الذي وجد في القرن الرابع يعَّلِم في عظاته قائلاً:”اقرأ الاثنين وعشرين كتاباً ولاتمس كتب الابوكريفا”(9)

4) معاصره اوسابيوس القيصري يذكر جدول ميليتون ويقول انه يتضمن جميع الكتب المتفق عليها عند العموم(10)

5) معاصرهما القديس اثناسيوس الكبير يعدد  22 كتاباً فقط ويميزها عن الكتب التي لم تدخل في القانون وسمى هذه كتب التلاوة وذلك في ملخص الكتاب المقدس المدعو سينوبس وفي رسالته في الاعياد(11)

6)معاصرهم القديس غريغوريوس اللاهوتي او النزينزي الذي يُعد من اعظم الشعراء المسيحيين  وقد نظم باليونانية قصائد عقائدية وادبية وتاريخية عدّدَ في واحدة منها الاسفار المقدسة القانونية مصرحاً انها 22كتاباً.(12)

7) معاصرهم امفيلوخيوس عدَّدَ 22 كتاباً فقط للعهد القديم، واما الكتب الباقية فلم يذكرها البتة في عداد الاسفار المقدسة.(13)

8) المجمع اللاذقي  الملتئم السنة 364مسيحية  الذي بعد ان قال في القانون 59:” انه لايسوغ ان نقرأ نشائد خصوصية في الكنيسة ولا كتباً غير قانونية بل يجب ان نقتصر على قراءة كتب العهد القديم والعهد الجديد القانونية” قال في القانون 60:”ان الكتب التي يجب ان تقرأ هي اسفار العهد القديم… وعددهااثنان وعشرون كتاباً”(14)

9) القديس ابيفانيوس اسقف سلاميس احدى مدن قبرص في اواخر القرن4م  قد ذكر في مؤلفاته اسفار العهد القديم القانونية ثلاث مرات وكان يعدها دائماً 22 كتاباً واما الكتب الأخرى فقال عنها:” انها ولئن كانت مفيدة وتعليمية فهي غير معدودة من الكتب المقدسة.(15)

10)ايرونيموس المغبوط من اهل القرن4 م ايضاً قد ترجم من اللغة العبرية الى اللاتينية الكتب التي وُجدت في قانون اليهود وقال ان الكتب الاخرى غير موجودة في القانون وانها يجب ان تحصى بين كتب الابوكريفا. ويريد هنا بهذه الكلمة الابوكريفا الكتب المنبوذة وكتب التلاوة ايضاً.(16)

11) معاصرهم ايلاريوس اسقف بكتافون(بَواتيه) عدَّ كذلك الكتب القانونية 22 كتاباً واضاف الى قوله : “ان بعضاً أحصوا معها كتاب طوبيا ويهوديت ليجعلوا الكتب اربعاً وعشرين كتاباً بحسب عدد حروف الهجاء اليونانية(17)

12) معاصرهم روفينوس يميز بصراحة ال 22 كتاباً القانونية عن الكتب التي لم تدخل في قانون العهد القديم مسمياً اياها كتباً كنسية(18)

ويندمج في السلك التاريخي للشهادات الآنفة الذكرالوثيقة التي هي عبارة عن شهادات القرون التي أعقبتها فمنها:

13) في القرن السادس شهادة لاونديوس البيزنطي الفقيه الذي ارتدى الوشاح الرهباني.

14) في القرن الثامن شهادة القديس يوحنا الدمشقي فإنه نص في كتابه شروح الايمان الأرثوذكسي ان عدد أسفار العهد القديم القانونية هو 22 كتاباً حسب عدد حروف الهجاء العبرانية، وقال ان الكتب الأخرى( اي كتب التلاوة) هي مفيدة وذات جودة الا انها لم تُنسق في هذا القانون ولا كانت تُضَّمُ معه الى جانبي تابوت العهد.(18)

15) في القرن التاسع شهادة القديس نيكيفوروس بطريرك القسطنطينية(19)

16) في القرن السابع عشر شهادة متروفانس كريتوبولس بطريرك الاسكندرية(20)

هؤلاء الثقات احصوا جميعاً كتب العهد القديم القانونية 22 كتاباً واجماعهم في ذلك حجة قاطعة تعلن ان الكنيسة الارثوذكسية كانت ومازالت معتصمة بقول واحد لم تقُل بسواه ولم يعرض عليه تغير…

ومن الواجب ذكره الى ان القانون الخامس والثمانين من قوانين الرسل يدرج في تعداده كتب العهد القديم كتباً اخرى لم تنتظم في القانون الأصلي وهي كتب المكابيين الثلاثة وحكمة يشوع بن سيراخ…

على ان النص الواضح في ذلك القانون يُعلن ان هذا التعداد جاء لتعيين مايجدر بالاكليروس والشعب اعتباره ولم يجيء لسرد تأصيل قانونية تلك الكتب فهو ينص عن شرف وجوده كتب المكابيين الثلاثة وكتاب يشوع بن سيراخ وان الخليق بالمسيحيين ان يتصفحوها علاوة على الكتب القانونية.

لذلك نجد في ذلك القانون احصاء رسائل اقليمس اسقف رومية الى أهل كورنثوس واحصاء الاوامر المعطاة بواسطته. وهذه الرسائل كان المسيحيون قديماً يضيفون اليها احياناً رسالة هرماس الراعي ويؤلفون من ذلك كله مجموعة الكتاب المقدس

ومن الثابت تاريخياً ان بعض الكتب الخارجة عن الكتب 22 كتاباً ورد ذكرها في مؤلفات بعض علماء الكنيسة ومعلميها الغربيين القدماء كالمغبوط اوغسطينوس والبابا اينو كنديوس والبابا جلاسيوس وكلهم في القرن 5م وفي مجمع قرطاجنة المعقود سنة 397م وقد وردت لهم بصراحة تسمية تلك الكتب قانونية.

على ان اوغسطينوس سمى اسفار المكابيين قانونية في كلامه عنها من جهة افادتها المعتبرة في الكنيسة اذا اقبل المسيحيون  عليها بانتباه وتمعن وان تكن غير معتبرة عند اليهود ولاهي بمنزلة كتب الناموس والانبياء والمزامير والبحث عن الفائدة والاعتبار غير البحث عن التأصل.

وقد مشى مجمع قرطاج على الوجهة التي انتقاها اوغسطينوس كما يتضح جلياً لمن تصفح القانون32 من قوانينه فان النص فيه يعلن ان البيان منصرف الى تعداد الكتب المفيدة للمطالعة والتلاوة في الكنيسة وقد اجتزأ بذكر ثلاثة كتب فقط هي حكمة سليمان وطوبيا ويهوديت دون ان يلم بسواها.

وقد تحدى هذا المنهج معلمو الغرب القليلون الآخرون اي البابوان ابنوكنديوس وجلاسيوس اللذان لو فُرض انهما انزلا هذه الكتب والكتب القانونية سواءٌ فلا يعمل بقولهما ازاء شهادات الجمهور الكبير من الآباء والمعلمين الذين استشهدنا بهم.

ولا عبرة فان كتب التلاوة تضاف الى الاسفار القانونية في بعض الترجمات القديمة اللاتينية الايطالية (نسبة الى ايطاليا) فان الكنيسة الارثوذكسية هي حتى الآن تضمها الى الأسفار القانونية في مجموعة واحدة جرياً على ماتلقته من المسيحيين القدماء الذين كانوا يضمون اليها كتباً مفيدة اخرى كرسائل اقليمس ورسالة هرماس وكانوا يتلون من فصولها في الصلوات والاجتماعات. والميزة بين القانونية والمتلوّة هي ان الاولى بوحي الله على محض التنزيل، واما الثانية فهي مفيدة وجديرة بكل اكرام واحترام وقد قبلتها لتهذيب اخلاق المسيحيين بآدابها النقية المملؤة حكماً تنطبق على كلام الله والناموس الالهي.

في كيفية جمع قانون العهد القديم

توطئة لهذا البحث

لم يكن تقرير ان الوحي الالهي اتى بسفر من هذه السفار فيحصى في القانون الرسمي في كنيسة اليهود من الحقوق المبتذلة لكل واحد بدليل ان يوسيفوس المؤرخ العبراني واوسابيوس البمفيلي ابا التاريخ الكنسي يذكران ان هذا التقرير كان منوطاً بالرعاة وليس بهم جميعاً بل بعدد قليل منهم اي اولئك الذين كان روح الله ينطق بأفواههم.

وعلى ذلك فلنا ان نقول ان اصل القانون العبراني مشى منذ بدء ظهور الكتب التي اوحى بها الله فان موسى النبي كتب اسفاره بالهام الله ثم نشرها بين اليهود وامر ان تحفظ في قدس الاقداسعلى جانبي تابوت العهد وان تتلى حينا بعد حين امام الشعب اليهودي وقد اقتدى يشوع بن نون الذي ورد نص الكتاب انه كتب هذه الاقوال في ناموس الله اي انه اضافة الى الاسفار الخمسة وعلى منوالهما نجد صموئيل فإنه كتب سنن الملك في سفر ووضعه امام الرب وسائر الكتبة الأطهار كانوا ولا ريب ملتزمون هذه الخطة وان لم تكن في مؤلفاتهم شهادة على ذلك.

وقد انتهى جمع قانون اسفار العهد القديم للمرة الاخيرة بالترتيب والتنقيح في زمن عزرا الكاتب، وهذا اعلن انها كتب الهية ولعل نحميا وبعض الانبياء معاصريه تضافروا معه في عمله ويؤيد ذلك التقليد اليهودي المحفوظ في كتب التلمود وشهادة المؤرخ اليهودي يوسيفوس فلابيوس وقد رجح المشاهير من اباء الكنيسة ومعلميها هذا الرأي. وبعدئذ انقطع من الشعب اليهودي الانبياء الذين لهم ان يقرروا الكتب بين الاسفار القانونية.

في كتب العهد الجديد القانونية

ان الكنيسة الارثوذكسية المقدسة تقبل 27 كتاباً قانونياً في العهد الجديد وهي هذه:

اولاً الاناجيل الأربعة لمتى ومرقس ولوقا ويوحنا

ثانياً اعمال الرسل

ثالثاً الرسائل السبع الجامعة واحدة ليعقوب واثنتان لبطرس وثلاث ليوحنا وواحدة ليهوذا.

رابعاً رسائل بولس الرسول الاربعة عشرة، واحدة لرومية واثنتان لكورنثوس وواحدة لغلاطية وواحدة لأفسس وواحدة لفيليبي وواحدة لكولوسي واثنتان لتسالونيكي واثنتان لتيموثاوس وواحدة لتيطس وواحدة لفيليمون وواحدة للعبرانيين.

اجمع علماء الكنيسة ومعلموها في الشرق والغرب على قانونية هذه الكتب.

في الشرق

1)اوريجانس في مقالته السابعة على كتاب يشوع بن نون فقد ذكر الأناجيل الاربعة ناسباً اياها الى البشيرين الاربعة، ثم ذكر كتاب اعمال الرسل ناسباً اياه الى لوقا ورسالة يعقوب الرسول ويهوذا ورسالتي بطرس ورسائل يوحنا بغير تعيين عددها و14 رسالة معزوة الى بولس ورؤيا يوحنا، ولكنه في مؤلفاته الاخرى يصرح بأنه ممن يعدون بين الكتب القانونية رسالة بطرس الثانية ورسالتي يوحنا الثانية والثالثة والرسالة الى العبرانيين رغم ان البعض لايسلم بها ورغم الخلاف الناشب وقتئذ في هذا الصدد.

2) اوسابيوس يسرد اسماء كتب العهد الجديد جميعا الا انه يجري في منهج اوريجانس فيشطرها الى قسمين قسم معترف به بينالجميع وقسم لايزال موضع نظر

في القسم الثاني يحصي رسالة يعقوب ورسالة يهوذا ورسالة بطرس الثانية ورسالتي يوحنا الثانية والثالثة على انه جاهر بأن كثيرين من رجال الكنيسة يعترفون بصحة هذه الكتب ويعلن انها منتشرة في كنائس كثيرة وبين ايدي كثيرين.

3) القديس اثناسيوس الكبير فانه يعد كتب العهد الجديد جميعا ولايرى بينها فارقاً في صحة النسبة ويروي بعبارة جلية في رسالته في الاعياد وفي كتابه السينوبسس هكذا: هاك عدد واسماء كتب العهد الجديد القانونية التي هي قاعدة ايماننا وعموده ومرساه وقد كتبها رسل المخلص ونشروها بعدما خاطبوه وتعلموا منه.

4) القديس كيرلس الاورشليمي فانه يدُّ كتب العهد الجديد كلها ولا يشير الى ان الكنيسة في عهده كانت تميز بعضها عن بعض ويحرض سامعيه على مطالعتها(21).

5)القديس امفيلو خيوس فانه يذكر الاختلافات في بعض الرسائل باسلوب تاريخي ثم يعد كتب العهد الجديد جميعاً ويختم كلامه قائلاً هذا هو قانون الاسفار التي اوحى الله بها.

6) لاونديوس البيزنطي فانه يعد اسفار العهد الجديد كلها.(22)

7) القديس يوحنا الدمشقي فانه يعد هذه الاسفار في كتابه:” شرح الايمان الارثوذكسي”(23)

في الغرب

1) آباء المجمع القرطاجني المعقود سنة 318م فانهم اعلنوا في القانون 33 عدد كتب العهد الجديد جميعا.

2) روفينوس واوغسطينوس والبابوان اينو كنديوس وجيلاسيوس والعلامة كاسيودورس من نوابغ القرن 6

وحدث ان بعض اسفار لم تذكر في جدولين او ثلاثة من الجداول القديمة فسفر الرؤيا اهمل ذكره مجمع اللاذقية (ق60) وجدول غريغوريوس اللاهوتي. وكذلك رسالة يعقوب ورسالتا بطرس واحدى رسائل يوحنا خلا منها جدول موراتوريوس(24) وهذا ناجم ولا ريب ان هذه الكتب كانت وقتئذ قيد البحث بين معلمي الكنيسة وهذا البحث كان ضرورياً لجلاء كل شبهة عنها وتأكيد صحتها ومن الطبيعي انه استمر وقتاً طويلاً.

مما لاغنى عن ذكره ان اسفار الرسل كانت موجهة بحسب وضعها الى اشخاص معلومين او الى كنائس مذكورة باسمها او الى الكنيسة جمعاء لم يكن نشرها قاطبة دفعة واحدة في كل مكان من الممكنات فلذلك لم يكن في الامكان وقوف المؤمنين جميعاً عليها فبعضها انتشر بسرعة في الكنيسة باسرها كالأناجيل الاربعة وبعضها تسلمته بعض الكنائس وبعد التأكد من صحته انتشر كما هو شأن الكتب التي وضعت تحت قيد النظر. وبعض الكتب وصل الى كنائس خلوا من البراهين الكافية لاثبات صحته فأُمهل  التسليم به مؤقتاً حتى انجلى الريب وثبتت الصحة.

وفضلاً عن كل ذلك لم يكن في امكان علماء الكنيسة ومعلميها ان يسرعوا على بسيط الحال بل اعملوا نظر التأمل وحققوا تلك الكتب المنسوبة الى الرسل وهذا الامر فرض يوجبه قداسة الموضوع الذي تجردوا لخدمته فان البحث كلما كان ذا تأثير عظيم احتاج الى تمعن وتدقيق بالغ لتنتفي كل شائبة اعتراض بجد برهان قاطع.

ما اوجب ايضا كل هذا التدقيق والتحقيق هو ظهور كتب مدسوسة منسوبة الى الرسل تزويرا لغايات في نفوس ملفقيها فكانت الحالة ماسة بعد التسرع من قبل الكنيسة في قبول الكتب الا بعد التأكيد على نقائها كما حصل من آباء الكنيسة العظام.

في كتب التلاوة التي لم تنظم في قانون الكتاب المقدس

مما سبق يتضح ان كل اسفار العهد الجديد قانونية فليس بينها سفر يعد من كتب التلاوة غير الداخلة في القانون وينجم عن ذلك ان كتب التلاوة محصورة في العهد القديم وهي:

كتاب طوبيت، كتاب يهوديت، حكمة سليمان، حكمة يشوع بن سيراخ، سفر عزريا الثاني والثالث، اسفار المكابيين الثلاثة.

ويجب ان يُضاف الى منزلة هذه الكتب نُبَّذٌ تتبع الكتب القانونية عادة منها وهي:

صلاة منسى وهي ذيل لكتاب الايام الثاني، نُبّذ من سفر استير، تسبحة الفتية الثلاثة تضم الى الفصل الثالث تضم الى الفصل الثالث من نبؤة دانيال، وتاريخ سوسنة العنيفة ورد في الفصل 13 من تلك النبؤة. وقصة بعل والتنين تأتي في الفصل 14 من تلك النبؤة ايضاً

هذه الكتب كانت منزلتها جليلة لدى اليهود والمسيحيين القدماء ولكنها لم تكن بمنزلة الكتب القانونية ولتأييد هذا نقول: 

ان اليهود كانوا قبل زمن التجسد الالهي وجيء الرب يسوع له المجد قد امسوا فريقين اولهما يهود فلسطين وقطب رحاهم اورشليم وكانوا يتكلمون بلغتهم الوطنية ويتصفحون العهد القديم بلغته الاصلية اي العبرانية، وثانيهما اليهود الاسكندريون وكانوا يتكلمون اليونانية ويتصفحون الكتاب المقدس بالترجمة السبعينية. والفريقان يحترمان كتب التلاوة احتراماً جزيلاً ولكنه لايبلغ منزلة احترام الكتب القانونية ودليلنا:

اولاً يهود فلسطين، هذا الفريق منه المؤرخ اليهودي الشهير يوسيفوس فلابيوس احد كهنة اورشليم المورد في تاريخه ان نشر الكتب الدينية حق خاص بأنبياء الله دون سواهم فهم جديرون بكل اعتبار وهم بالتالي موضع ثقة الشعب ويمتد زمنهم من موسى النبي الى ارتحشستا ملك الفرس، وهؤلاء دونوا تاريخ الشعب الاسرائيلي في 22 سفراً، ثم اضاف الى هذا النص قولهُ” ومن عهد ارتحشستا الى ايامنا تدوَّن كل شيء في كتب تستحق الثقة والاهتمام الا انها ليست بمنزلة الاسفار التي سبقتها لأن سلسلة الأنبياء كانت في عهدها مقطوعة”(25)

وهذا الفريق اعلن اكرامه لهذه الكتب بدليل آخر وهو ان ربانييهِ وحكماءهُ كانوا يقتبسون منها اقوالاً جمة وأحلوا بعضها في عداد الكتب المقدسة كسفر حكمة يشوع ابن سيراخ وعزوا بعضها بصراحة الى كتبة ملهمين كسفر حكمة سليمان.

ثم نجد اوريجانس الشهير يصرح عن كتابي طوبيت ويهوديت ان اليهود لم يحصوهما في عداد الكتب القانونية ولكنهم لم يدمجوهما في سلك كتب الابوكريفا.(26)

ثانياً اليهود الاسكندريون، كانوا يقرأون كتب التلاوة في منازلهم ومجامعهم مع الاسفار القانونية اقراراً بأنها مفيدة وتعليمية وتقويَّة ولكنها ليست بمنزلة القانونية فهي في اعتبارهم اسمى من الكتب البشرية الوضع ولكنها ادنى منزلة من الموضوعة بالالهام الالهي بوجه خاص.

والكنيسة المسيحية منذ البدء احترمت هذه الاسفار كما يتبين مما يأتي:

1) انها لبثت محافظة على ماتسلمته وهو ضم هذه الكتب الى الكتب القانونية في مجموعة واحدة، وفرض قراءتها على المؤمنين والموعوظين في البيوت والكنائس ولتلاوتها في الكنائس دعيت كنسية واحصتها احياناً في عداد الكتب القانونية.(27) وبهذا الوجه أُوردت في بعض مؤلفات معلمي الكنيسة وفي بعض كتب التعليم المسيحي في عداد الأسفار القانونية.

2) شهادة الآباء القدماء بفضلها. فالقديس اثناسيوسيقول:” هذه الاسفار ترتبت مطالعتها للمنضمين الى البيعة المقدسة والذين يودون ان يتلقنوا اقوال العبادة الحسنة” والقديس ابيفانيوس يصفها بأنها “كتب مفيدة ونافعة” والقديس يوحنا الدمشقي يقول انها ” كتب تعليمية جيدة ومعزية”.

3)ان اشهر معلمي الكنيسة قد اعتمدوها، ويشيرون الى ذلك اما بعبارة قال الكتاب او بعبارة قال الكتاب المقدس. فاقليمس الاسكندري وكبريانوس واريجانس وامبروسيوس واوغسطينوس اقتبسوا اقوالا عديدة من سفر طوبيت واقليمس اسقف رومية وترتوليانوس وايرونيموس واوغسطينوس وغيرهم اقتبسوا من سفر يهوديت وايريناوس واقليمس …اقتبسوا من حكمة سليمان

والكنيسة الارثوذكسية مع جزيل احترامها لهذه الكتب التي لم تنظم في القانون لم تمنحها مرتبة الكتب القانونية لوضعها بينهما فرقاً ان الكتب القانونية ملهمة من الروح القدس بالتأكيد واما هذه الاسفار فهي كذيل لها وهي جيدة ومفيدة وشريفة.

قال العلامة متروفانيس كريتوبولس بطريرك الاسكندرية في القرن 17″هذه الكتب ليس لنا ان نعدها مما يجب نبذه وذلك لأنها تتضمن اموراً ادبية جديرة بكل ثناء ولكن لم يكن لها في كنيسة المسيح منزلة كتب قانونية ورسمية البتة كما يشهد الكثيرون ولاسيما القديس غريغوريوس اللاهوتي والقديس امفيلوخيوس والقديس يوحنا الدمشقي ملخص الآباء الأقدمين فلذلك لاتؤسس عقائدنا عليها فأساس العقائد انما هو الكتب القانونية الرسمية التي نعتبرها موحى بها من الله وكتباً مقدسة.(28)

وعلى هذا التعليم جرى الفريق الاشهر والأعظم من علماء الكنيسة الروسية ولاسيما العلامة فيلاريطوس مطران موسكو وخليفته العلامة مكاريوس، والارشمندريت انطونيوس رئيس اكاديمية كييف، ومن القائلين بذلك في الكنيسة اليونانية افجانيوس البلغاري والعلامة قسطنطين كوندغونيس وغيرهم من العلماء المتأخرين الذين قالوا ان في كتب العهد القديم كتباً قانونية اولية وهي الكتب الاثنان والعشرون وكتباً قانونية ثانوية وهي كتب التلاوة.

وقد انعقد في سنة 1672 مجمع مكاني في القسطنطينية قرر أن كتب التلاوة التي لم تنتظم في قانون عزرا هي كتب حسنة وجليلة. وان في بعض كتب التعليم الارثوذكسي عندما يرد في جدول واحد الكتب القانونية وكتب التلاوة انما هو موجه الى ان الكنيسة اعلنت ان الفائدة من مطالعة هذه الاسفار كلها جديرة بالمسيحيين ولم تنبذ كتب التلاوة كما نبذت كتب الابوكريفا.

الكتب المزورة  (الابوكريفا)

تُطلق سمة “الابوكريفا” على تلك الكتب التي ظهرت على الغالب في القرن2م

 بعد رقاد الرسل وهذه الكتب نُسبت زوراً الى الرسل القديسين او الى تلاميذهم ولم تحص في قانون الكتاب المقدس ولا كانت بمثابة كتب التلاوة بل ان الكنيسة اعلنت انها في عداد الكتب المزورة ونبذتها وامرت المسيحيين ان لايطالعوها.

تتعدد مواضيع واشكال هذه الكتب فمنها ماله شكل الانجيل ومنها ماله هيئة اعمال رسولية ومنها بصورة رسائل اة كرازات او رؤى…

اما الباقي فقد كتبه مسيحيون  وضمنوه تعاليم تنطبق على مبادىء وتعاليم الكتب القانونية الواردة في العهد الجديد ولذلك اوردوا في مصنفاتهم عبارات وآيات من الهد الجديد بدون تحريف ولا تلاعب.والغرض من وضع هذه الكتب تكميل سيرة المخلص مجاراة لرغبة العامة في الوقوف على احوال وشؤون من حياة المخلص لم ترد في البشائر الاربع البتة او وردت موجزة كانحدار المخلص الى الجحيم مثلاً.

لابل جاء بعضها للبنيان الروحي كانجيل يوسف الذي تصدى لبيان علاقة يسوع المسيح بأبويه فأتى بصورة بديعة لصفات الحنو الوالدي ولاتمام واجبات طاعة الابن لأبويه لكن في تضاعيف هذا السفر سرد خرافات عديدة اوجبت نبذه.

ومما يجب معرفته انه كان للوثنيين واليهود قبل بزوغ نور المسيحية ميل شديد الى تصنيف كتب تنسب الى فلاسفة قدماء او الى كتاب مفوهين او الى مصادر الهية لتأييد بعض التعاليم الفلسفية او لنشر الحوادث التاريخية او لتحقيق النبوات.وقد انتشر بين اليهود القدماء كتب كثيرة من هذا النمط لم يبق منها الا القليل ذكر الآباء منها كتاب اخنوخ وكتاب التكوين الخفيف او الصغير وكتاب صعود موسى وكتاب عزرا الرابع وكتاب تاريخ اسنات ابنة فوطيفارع كاهن اون امرأة يوسف(تك45:41) وكتاب الدار وميداد(عدد11: 24-29)…على مثال هذه الكتب انتشرت الكتب الابوكريفا بين مسيحي القرن الثاني منسوبة في الغالب الى الرسل ومعظم هذه الكتب من صنع فرقتي المبتدعين الابيونية والغنوسطية. واما ماكتبه منها ابناء الايمان الصحيح فموضوعة لتأييد المسيحية وتمجيدها بشك نبوات او مؤلفات مختلفة.

وقد سهَّل انتشار هذه الكتب المختلفة عدم تقرر قانون العهد الجديد رسمياً وبانتشارها ازداد تحديد قانون الاسفار الصحيحة غموضاً فأوجب على علماء البيعة المقدسة ومعلميها شدة التدقيق في ابراز الحكم البات لتقريرها.

والاناجيل المزورة او الابو كريفا المعدودة  من وضع غير قويمي الايمان هي انجيل العبرانيين وانجيل بطرس وكرازة بطرس وانجيل المصريين وانجيل برثولماوس وانجيل متثيا وانجيل يهوذا الاسخريوطي وانجيل فيليبس وانجيل الكمال وانجيل حوا وانجيل الحقيقة وانجيل مرقيون وانجيل برنابا(29)

واشهر الاناجيل المعدودة هي من صنع مسيحيين صحيحي الايمان انشأوها اكمالاً لسيرة المخلص ونسبوها الى رجال ملهمين هي انجيل يعقوب اخي الرب وتاريخ يوسف النجار وانجيل طفولية او حداثة يسوع وانجيل توما وهذه كلها متضمنة حوادث المخلص في بدء حياته. واما الاناجيل المتضمنة احاديث عن اواخر حياته على الارض فمنها انجيل نيقوديموس ورسالتان ارسلهما بيلاطس الى طيباريوس وكتاب موت بيلاطوس ورسالة تعزى الى حاكم يدعى لندولوس ساس اليهودية قبل بيلاطس.

اما الكتب المزورة الواردة عن اعمال الرسل فهي الكتاب المدعو اعمال بولس وتقلا والكتب المدعوة اعمال اندراوس الرسول واعمال برنابا واعمال توما واعمال بطرس وبولس وما اشبهها.

والكنيسة المقدسة حتمت بنبذ الاناجيل الابوكريفا التي اوردناها والحقت بها اسفار الاعمال الابوكريفا الاخرى على رغم احتوائها حوادث كثيرة واخبارا مهمة تثق الكنيسة بها في تقليدها وطقوسها كالاخبار عن طفولية المخلص وعن انحداره الى الجحيم فعلينا ان ننزل هذه الحوادث بمثابة دررتاريخية حقيقية في بحر انباء خرافية موجودة في هذه الاسفار المنبوذة.

الخاتمة

من المعلوم ان الكنيسة المقدسة هي عمود الحق وقاعدته وجسد المسيح المملوء نعمة وحقاً حددت لنا الكتب القانونية ونبذت سواها  لأنها وجدتها غير متضمنة ماينطبق على مقصد الكتاب المقدس والاعلان الالهي انطباقاً محكماً فليس لنا الا القبول بتحديدها فان سلطانها الهي اخذته من المخلص الذي وعدها ان يرسل لها الروح القدس معزياً ومرشداً اياها الى كل حق فضلاً عن وعده لها بأنه معها الى انقضاء الدهر لصيانتها من الضلال والغواية في نعليم كلمة الحق والهداية الى مروج الخلاص وهذا السلطان يعادل سلطان الكتاب المقدس الذي امر قائلاً قل للكنيسة ومن لايسمع من الكنيسة فليكن عندك كوثني وعشار…

خربشات سياسية…11/6/2020 –سقوط الأقنعة، من قتل رفيق الحريري؟

$
0
0

سقوط الأقنعة، من قتل رفيق الحريري؟
النفاق الاميركي

واخيرا تتكشف الحقائق عن طريقة قتل رفيق الحريري 
صدَر قبل أيام قليلة، كتاب يحمل عنوان: ”النفاق الأميركي” توزعه “شركة شرق الأوسط لتوزيع المطبوعات” ويسلط فيه الضوء على كثير مما يدعى أنه مؤامرات ومخططات أمريكية في الشرق الأوسط وفي العالم.
لكن أخطر ما فيه هو ما أن الولايات المتحدة وإسرائيل كانتا وراء اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري . ويُورد الكتاب في هذا المجال شهادات يقول إنها نقلت إليه شخصيا من أصحابها الذين كانوا مسؤولين كبار في المخابرات الأميركية ويورد أسماءهم الصريحة. ويؤكد في الوقت نفسه أنه يملك ما يوثق هذه الإفادات وهو مستعد لعرضهم إذا لزم الأمر. إذ يقول حرفياً:

“أنني أحتفظ بعناية بالمستندات التي رفدتني بالمعلومات والأسرار الكبيرة والصغيرة وأنا على استعداد كامل للكشف عنها إذا لزم الأمر” ص 78 .
ثم يقول: أبدأ بحادثة أغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري ، وهي قضية لا تزال مفتوحة في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان .
جون بيركنز، أحد كبار المسؤولين في المخابرات المركزية الأميركية (قبل تقاعده)، روى لي القصة كاملة وأنقل وقائعها على لسانه وقال:

“الصاروخ الصغير الحجم الذي أطلق من البحر باتجاه موكب الرئيس رفيق الحريري، كان يحتوي على الأورانيوم المخصب، وهو ذو قدرة تدميرية شديدة. وهذا النوع من الصواريخ لا تملكه إلا الولايات المتحدة وألمانيا وإسرائيل. والمسؤول عن موكب الحريري كان يعرف جيداً ساعة الصفر.
ولأنه كان يعرف، فقد أمتنع عن مرافقته عندما كان يستعد للأنتقال من مجلس النواب إلى دارته في قريطم، بل إنه هو الذي أشار على الموكب بسلوك الطريق البحري في طريق العودة…”
ثم يضيف: “…وبشيء من التفصيل، قال بيركنز إن الأقمار الأميركية والإسرائيلية صورت عملية الاغتيال، إضافة إلى طائرة هليكوبتر إسرائيلية كانت في الجو في محاذاة الشاطئ اللبناني وكانت تراقب سير العملية. وقد رفضت الإدارة الأميركية أن تتولى لجنة تحقيق لبنانية التحقيق في العملية.
وفي تلفيق التهم، تم اختيار المحقق الألماني “ديتليف ميليس” كي يرأس لجنة تحقيق دولية ووافق على تشكيلها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان” . ص 80 .
ويضيف أيضا:“… وبالمناسبة، أقول (والكلام لبيركنز) إن سيارة الحريري كانت مزودة بأجهزة رصد تقنية متقدمة لا تستطيع أي دولة – باستثناء الولايات المتحدة وإسرائيل – تعطيلها. كذلك، مهمة التعطيل هذه أوكلت إلى الباخرة الإسرائيلية التي كانت ترابط على حدود المياه الإقليمية اللبنانية تساندها من الجو طائرة “أواكس” أميركية وهليكوبتر إسرائيلية…” ص 81.
ثم يقول في الصفحة 84:
“…أعود إلى اغتيال الحريري، على لسان بيركنز إياه، لأتوقف عند ما قاله المحقق السويدي في طاقم المحكمة الدولية “بو أستروم”، وهو كبير المحققين ونائب رئيس فريق التحقيق، من أن الإسرائيليين والأميركيين رفضوا تزويد التحقيق بالصور التي التقطتها الأقمار مما يحمل دلالات مهمة على أن واشنطن لا تريد الإسهام في كشف الحقيقة. لقد اكتفت الحكومة الأميركية بالقول إن مشاكل تقنية حصلت خلال فترة أغتيال الحريري. ولهذا السبب، لم نحصل على أي معلومات حيوية ولعل الأمر مجرد سياسة…”
ثم يتوقف صاحب الكتاب أمام إفادة لمسؤول سابق آخر في المخابرات المركزية الأمريكية هو “دافيد وين” الذي يصفه بأنه كان مسؤولا طوال ثماني سنوات على أمتداد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حتى آخر أيار 2014 ، فيروي التالي:

الرئيس رفيق الحريري
الرئيس رفيق الحريري

“…قال لي “وين”: إن أسباباً عدة تجمعت وأدت في النهاية إلى اتخاذ القرار. وأبرز هذه الأسباب أقتناع إسرائيل بأن “الحريري” يقف حجر عثرة في وجه خططها الأقتصادية والسياسية على السواء، وبأنه شخصية عربية قوية تتمتع بحضور مؤثر على المستويين الإقليمي والدولي. كما أنّ هذا الرجل نسَج شبكة علاقات بالغة الأهمية، عربياً وأوروبياً وأميركياً، وظفها في مساندة المقاومة ومساندة سورية، كما وظفها في خدمة لبنان وتعزيز دوره المالي والأقتصادي كقطب جاذب للرساميل والإستثمارات الخليجية. وما حصل عقب الأكتشافات النفطية الأخيرة، أن لجنة أمنية – سياسية نبهت الحكومة الإسرائيلية إلى أن وجود الحريري في الحكم سوف يتسبب بمتاعب لإسرائيل ، خصوصا في عملية ترسيم الحدود بين قبرص ولبنان ، الأمر الذي يضع الدولة العبرية أمام ما يشبه “الأمر الواقع” في ما يتعلق بحجم ثروتها النفطية والغازية .
وقد ورد في التقرير بالحرف الواحد: “لا بد من التخلص من هذا الرجل، لأن تطلعاته وطموحاته لا تنسجمان مع تطلعاتنا وطموحاتنا ونظرتنا إلى مستقبل المنطقة ودور إسرائيل في المدى الإقليمي…”
ويضيف بعد ذلك: “…وفي هذا الصدد، يقول “ديفيد وين” أن المشاورات كانت تجري بين أعضاء الحكومة التي تعتبر المصدر الأساسي لكل القرارات الإسرائيلية الكبرى والتي أدت إلى أقتناع متزايد بأن بقاء الحريري على قيد الحياة يشكل خطراً حقيقياً على مطامع إسرائيل المستقبلية. لكن أي قرار بإغتياله يفترض أن يأخذ في الإعتبار التداعيات السياسية المحتملة لأن العلاقات التي نسجها عربياً وإسلامياً ودولياً بالغة التأثير.
وطوال أسابيع عدة، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي يتشاور مع القيادات الأمنية في الصيغة الفضلى لتصفية الحريري من دون إلحاق الضرر بإسرائيل.
وبعد مداولات طالت، أستقر الرأي على أغتيال الرجل في بلد أوروبي أو عربي…”
لكن خبراء “الموساد” رفضوا هذا التوجه لأنه قد يرتب عواقب وخيمة على إسرائيل.
هنا اقترح رئيس الوزراء “أرييل شارون” استبدال كل الخطط الموضوعة بخطة تقضي بتنفيذ العملية داخل بيروت وبذلك تصيب إسرائيل عصفورين بحجر واحد: “التخلص من الرجل والتأسيس لصراع داخلي طويل في لبنان بين أنصار الحريري من جهة ومؤيدي سورية و “حزب الله” من جهة أخرى ، ما يؤدي إلى أنسحاب القوات السورية في نهاية المطاف ومذهبة الصراع السياسي الداخلي.” ص87 .
الدور الأمريكي 

وفي خلال أيام قليلة، يضيف “وين”: “وُضعتْ خطة بديلة تم رفعها إلى الحكومة المصغرة في أواخر العام 2004 .
وفي أثناء مناقشة هذه الخطة، تم تنبيه الحكومة إلى أن الحريري يستعين في تأمين حمايته الشخصية بأجهزة إلكترونية متطورة، يتطلب تعطيلها مساعدة أميركية وتعاوناً من الدائرة المقربة منه من أجل ضمان نجاح العملية.
وعندما قدمت إسرائيل إلى الدوائر الأميركية المختصة اقتراحا يقضي بالتعاون مع الأجهزة الأميركية في تنفيذ العملية، بكل حيثياته الأمنية والإستراتيجية، وافقت ال “CIA” على هذا الأقتراح. وعندما حملته “كونداليزا رايس” وزيرة الخارجية إلى الرئيس جورج بوش، ناقش بوش المسألة مع نائبه “ديك تشيني”، ثم اتصل بوالده جورج بوش الأب يستمزجه رأيه في القرار.
وما حصل أن بوش الأب اعترض على العملية وقال: “إن الفائدة من هذا الاغتيال محدودة لكن عواقبها كبيرة”. وبالحرف الواحد، قال الأب للإبن: “إن تصفية الحريري سوف تخلق مشاكل مع جهات عدة، بدءاً بالرئيس الفرنسي “جاك شيراك” والملك “فهد بن عبد العزيز” وولي عهده القوي “عبد الله” وقادة عرب وأوروبيين آخرين.
عندها رفض “جورج دبليو بوش” إشراك بلاده في العملية ونصح الإسرائيليين بالعدول عنها.
عندما تلقت إسرائيل الرفض الأميركي، أتصل “شارون” ب “كونداليزا رايس” بقصد إقناعها بمدى خطورة “الحريري” على مخططات إسرائيل النفطية والأمنية، لأنه على علاقة حميمة ب “حزب الله”. ومما قاله:” نحن لا نزال ندرس الإجراءات العسكرية الممكنة لضرب بنية “حزب الله” ، لكن الحريري يتصدى لهذا المسعى، إنه يعرقل مشاريعنا الأمنية والاقتصادية ولا بد من إزاحته…” 
ويضيف صاحب الكتاب قائلا نقلا عن “وين”:
“…أعود إلى الاغتيال. بعد المكالمة الهاتفية الطويلة بين “شارون” و “رايس” وعدت رايس بالحصول على موافقة الرئيس الأميركي ونائبه “ديك تشيني” و “دونالد رامسفيلد” وزير الدفاع و”ليون بانيتا” بصفته مستشاراً أمنياً.
وعندما رتبت وزيرة الخارجية هذا اللقاء الرباعي، أعيد فتح ملف الاغتيال، فقال “تشيني”: إن الملك “فهد” وولي عهده (رجل القرار في تلك المرحلة) لا تربطهما علاقة جيدة بالحريري، وتصفيته لن تثير مشكلة مع المملكة. وأضاف: إن “عبد الله” لا يستسيغ كثيرا علاقات شقيقه الملك ب “الحريري” وبصورة خاصة على المستوى المالي، ويمكن أمتصاص غضبه واحتواء رد فعله إذا حصل. أما “شيراك”، فيمكن إقناعه – سواء نجحت العملية أم فشلت – بأن سورية التي تمسك كل الخيوط في لبنان هي التي نفذت الاغتيال، ويمكن إعداد إخراج ملائم لهذا الإقناع…”
أما ردود الفعل العربية والأوروبية الأخرى، فليست ذات قيمة ولن تؤثر على مصالحنا في المنطقة، علما أن إسرائيل تمكنت من احتواء ردود الفعل التي حصلت بعد الإغتيالات التي نفذتها في العالم العربي.
وهكذا، تم إقناع الرئيس “بوش” بجدوى العملية بعد شرح كامل للخطة استغرق أكثر من ثمانين دقيقة” . ص 88 .
وبعد ذلك، يتحدث “وين” عن نقل “رايس” الموافقة إلى المسؤولين الإسرائيليين وإلى التعاون الذي تم بين أجهزة الدولتين بما لا يخرج عما كان “بيركنز” قد رواه سابقا.
هذه الرواية الخطيرة المنشورة في كتاب موقَّع من رجل أعمال سوري دولي كبير ومعروف في مختلف أوساط رجال الأعمال والسياسة على المستوى الدولي، والمنسوبة لمسؤولين كبار سابقين في المخابرات المركزية الأمريكية، ألا تستحق من “محكمة لاهاي” الدولية الخاصة بلبنان أن توليها شيئا من الاهتمام، وهي التي لا تستنكف عن مساءلة صحافي أو إعلامي لبناني تناول بأقل من ذلك بكثير بعض المعلومات عن مجرى المحاكمات وبعض شهودها شبه المجهولين ??
وأسفاه على مئات الملايين من الدولارات التي صرفت وما تزال على ما يسمى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وتراكم وازدياد في الدين العام اللبناني؟*

Viewing all 1470 articles
Browse latest View live


Latest Images

<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>