Quantcast
Viewing all 1470 articles
Browse latest View live

+ أطفال بيت لحم الشهداء

+ أطفال بيت لحم الشهداء
“في ذلك الزمان، أتى إلى مدينة أورشليم مجوس من المشرق قائلين: أين هو المولود ملك اليهود. فإننا رأينا نجمه في المشرق وأتينا لنسجد له” (متى2:2).

فاضطرب هيرودوس الملك، المعروف بالكبير، واضطربت أورشليم معه. كان الملك مريض النفس، شديد الخوف على ملكه، ظنّاناً ، شكاكاً بأهل بيته وأعوانه، بكل قريب وبعيد، حاسباً الجميع متآمراً عليه. ولم يكن خوفه من دون مبرّر ولو بلغ لديه مبلغ الوسواس. فقد حسبه اليهود مغتصباً لأنه آدومي من غير جنسهم، رغم أن الآدوميين كانوا قد اقتبلوا اليهودية عنوة كمذهب منذ بعض الوقت (في حدود السنة125ق.م).

ولما كان هيرودوس قد ‏تزوّج عشر نساء فقد أنجبن له ذكوراً كثراً كلهم اشتهى الخلافة حتى بات القصر مسرحاً لعشرات المؤامرات والفتن.

في هذا الجو الموبوء، المشحون، الحافل بالمؤامرات والمكائد، لجأ هيرودوس إلى التصفية الجسدية، ففتك بأبرز ‏أعضاء مشيخته وبزوجته مريمني وأمِّها الكسندرا وابنيها وورثته وخيرة أصدقائه. وكان مستعداً للتخلّص من أي كان إذا ظنّ أنه طامع بملكه. لهذا السبب كان لخبر المجوس عليه وقع الصاعقة، فاستدعى، للحال، رؤساء الكهنة والكتبة وسألهم أين يولد المسيح. قبل ذلك كان الجو عابقاً بالحديث عن المسيح الأتي. ولم يكن هيرودوس غريباً عن أحاديث الناس، لاسيما وقد ‏ارتبطت صورة المسيح في الأذهان باسترداد المُلك المغتصب وعودة اليهود إلى الواجهة. لهذا كان هيرودوس معنياً بالأمر بصورة مباشرة. وإذ فهم أن بيت لحم اليهودية هي المكان اصطنع حيلة للقضاء على الصبي، فاستدعى المجوس، سراً، واستعلم منهم منذ كم من الوقت ظهر لهم النجم. هذا كان من المفترض أن يعطيه فكرة عن عمر الصبي. وإذ تظاهر بأنه مهتم بالسجود لمن يرومون هم السجود له أطلقهم إلى بيت لحم ليبحثوا عن الصبي، ومتى وجدوه أن يرجعوا إليه ويخبروه. ‏خرج المجوس إلى بيت لحم لا يلوون على شيء. لكن كانت للآخذ الحكماء بمكرهم حكاية أخرى معهم. فإن ملاك الرب هداهم، بهيئة نجم، إلى موضع الصبي فسجدوا وقدّموا له هدايا. وإذ همّوا بالعودة إلى بلادهم عن طريق أورشليم، أُوحي إليهم في حلم الليل فانصرفوا في طريق أخرى. أما الصبي وأمه فأخذهما يوسف، بأمر الملاك، وانحدر بهما إلى مصر. انتظر هيرودوس بفارغ الصبر عودة المجوس فلم يعودوا ولا أرسلوا له خبراً بشأن الصبي. ولما طال انتظاره، على غير طائل، تيقّن أنهم سخروا به وخدعوه، فاستبدّ به غضب شديد وقام فأرسل إلى بيت لحم والتخوم وقتل جميع الصبيان فيها من عمر سنتين فما دون على حسب الزمان الذي تحقّقه من المجوس. ‏هؤلاء هم الشهداء الأوائل الذين سقطوا باسم يسوع بعد ولادته بالجسد. كم كان عددهم؟ لسنا نعلم. قيل أربعة عشر ألفاً وقيل مائة وأربعاً وأربعين ألفاً (الأقباط). وهذا عدد رمزي، إشارة إلى المائة والأربع والأربعين ألفاً الواردين في سفر الرؤيا. ‏نصوصنا الليتورجية تقول عنهم إنهم “مقدِّمة للحمل الجديد الذي سيتألم ويُذبح لأجل خلاصنا” (صلاة السحر_قطعة الأبوستيخن الثالثة)، وقد حصلوا ذبيحة أولى لميلاد المسيح الإله الطاهر وقُدِّموا له كعناقيد، وصار لهم أن يتهلّلوا” لأنهم ذُبحوا من أجل المسيح” (صلاة الغروب- ذكصا الأيوستيخن). ‏هذا وقد اعتبر متى الإنجيلي الذي أورد خبر أطفال بيت لحم دون سائر الإنجيليّين، أقول اعتبر أن مقتلة الصبيان هي في خط إرميا النبي القائل: “صوت سمع في الرامة نوح وبكاء وعويل كثير. راحيل تبكي على أولادها ولا تريد أن تتعزّى لأنهم ليسوا بموجودين” (‪15:31‬‏). إرميا كان يتحدث عن القبائل المنتمية إلى راحيل، كأفرام ومنسّى، وهي في طريق السبي إلى آشور وربما بابل. نذكِّر بأن قبر راحيل كان قريباً من بيت لحم وان إرميا بعدما أشار إلى بكاء راحيل أردف قائلاً: “هكذا قال الرب. امنعي صوتك عن البكاء وعينيك عن الدموع لأنه يوجد جزاء لعملك يقول الرب… ويوجد رجاء لآخرتك…” (إرميا31‏:16-17‏). ثم أضاف، في الإصحاح عينه: “ها أيام تأتي يقول الرب وأقطع مع بيت إسرائيل ومع بيت يهوذا عهداً جديداً… أجعل شريعتي في داخلهم وأكتبها على قلوبهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً… سيعرفونني من صغيرهم إلى كبيرهم لأني أصفح عن إثمهم…” (إرميا31:31-34). من هنا يبدو مقتل أطفال بيت لحم رسماً لمعاناة إسرائيل ‏في كل تاريخها وإيذاناً بتمام وعود الله بأنبيائه في شخص الصبي يَسوعَ.


22 حقيقة غريبة حول الجنس عبر التاريخ لم تكن تعرفها من قبل

22 حقيقة غريبة حول الجنس عبر التاريخ لم تكن تعرفها من قبل
Image may be NSFW.
Clik here to view.

لطالما كان الجنس موضوعا محرما لدى الكثير من الثقافات والحضارات والمجتمعات، وقد يكون مازال على تلك الحال بالنسبة لمعظمها، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بالجنس، فبإمكان الناس أن يحملوا التحدي إلى مستويات خيالية من الغرابة، باعتبار الدور الكبير الذي يلعبه ولطالما لعبه الجنس في تاريخ البشر إلا أنه يتم تجاهله في القسم الأعظم من ذلك التاريخ.

بالتأكيد، بإمكانك العثور على بضعة معلومات في كتب التاريخ في مكتبات مدرستك أو ثانويتك أو جامعتك التي تتناول الجنس والثورة الجنسية التي حدثت في ستينات القرن العشرين، أو تتناول غدق الإغريق القدامى في الجنس والشهوات الجنسية، لكن أيمكن أن تعثر فيها على الهزاز الذي اخترعته كليوبترا قديما؟ ننصحك بأن لا تتعب نفسك بالبحث، فلا فرصة لك في ذلك.

لطالما عرف عن البشر أنهم دائما ما يجدون طرقا آخذة في الغرابة سواء في التنفيس والترويح عن أنفسهم، أو في معاقبة كل من يقوم بذلك، كل ما عليك فعله هو إلقاء نظرة من كثب على الحضارات القديمة على غرار الحضارة الإغريقية، والرومانية، والمصرية، ولن تجد أي نقيصة فيما يتعلق بالممارسات الجنسية التي كانت مثيرة بقدر ما كانت غريبة في غالب الأحيان.

من استعمال أمعاء الماعز على شكل واقايات ذكرية إلى بعض حالات ممارسة الجنس على الموتى، كان العالم القديم يزخر بالسلوكات الجنسية التي قد تصدم أكثر الأشخاص انحرافا وغرابة اليوم.

انتقل بعدها بضعة قرون في المستقبل لتجد بأن الجنس قد أعلن عنه على أنه خطيئة في جميع بقاع العالم تقريبا، ويتم معاقبة كل من يستمتع بممارسته من الناس بالتذليل والإهانة العلنية، وعلى عكس ذلك، كان الجنس في العالم القديم مقبولا من مختلف أطياف المجتمعات إلى درجة ما قد يعتبره المجتمع الحديث أمرا غير مقبول وتجاوزا خطيرا للحدود، أما العصر الاستعماري فكان نقيضا تاما لذلك، فقد اتخذت تدابير شديدة وحازمة من أجل منع الشباب من الاستمتاع ببعضهم البعض، وأما من نجح في ذلك واصطحب خليلته معه للمنزل مجرد اصطحاب فقط، فقد يواجه عقوبات وخيمة للغاية.

أدى القمع والدحض الذي سلط على الجنس بشكل كبير خلال القرن 16 و17 و18 بالكثيرين إلى التوجه إلى بيوت الدعارة من أجل إرضاء حاجاتهم الجنسية، وأدى هذا بذلك إلى ظهور أٌقدم مهنة في تاريخ البشر، وهي ”الدعارة“.

إذا كانت الحقائق المتعلقة بالجنس المذكورة آنفا تثبت أي شيء، فهو أنه عندما يتعلق الأمر بممارسة الحب، لطالما أبدع الناس كثيرا وأخرجوا أفضل وأسوأ ما لديهم على حد سواء.

 هذه الحقائق هي ادلة تثبت على أن التاريخ يزخر بجميع أشكال الممارسات الجنسية الغريبة، والعادات التي قد تبدو للكثيرين منا اليوم غير مقبولة تماما

1. تعتبر (كليوباترا) ملكة مصر القديمة أول مخترع للهزاز، والتي قيل عنها أنها كانت تمتع نفسها باستعماله وبالهزات التي تحدثها علبة مملوءة بمجموعة غاضبة من النحل محتجزة فيه:

Image may be NSFW.
Clik here to view.
كليوبترا

2. ظهر مصطلح (المداعبة الثقيلة) Heavy Petting، الذي يعني انخراط شخصين أو أكثر في مداعبة بعضهم باستعمال جميع الوسائل والطرق المتاحة ما عدا الاتصال الجنسي المباشر، في عشرينات القرن الماضي، عندما كان النساء والرجال يعقدون حفلات ”مداعبة“.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
مجموعة من الشباب على الأريكة

3. مارس المصريون القدامى الجنس كذلك مع الحيوانات، حتى الثعابين والتماسيح، حيث كان يعتقد بأنها آلهة في هيئة حيوانات.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
لوحة هيروغليفية

4. قد نتخيل أن ما يقصد به بـ”مقعد الحب“ هو عبارة عن أريكة صغيرة اليوم، لكن بالنسبة للملك (إدوارد السابع) ملك إنجلترا، كان ”مقعد الحب“ كرسيا خاصا كان يملكه في بيت الدعارة الفرنسي المفضل لديه، هذا الكرسي الذي كان بإمكانه ممارسة الجنس الثلاثي فيه بأريحية.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
الملك إدوارد السابع
الملك إدوارد السابع

5. يعود تاريخ بعض حالات ممارسة الجنس على الموتى في التاريخ إلى مصر القديمة، عندما كان المحنِّطون يستغلون الموتى جنسيا بممارسة الجنس عليهم خلال عملية التحنيط.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
عملية تحنيط

6. كانت النساء في مصر القديمة يتفادين حصول الحمل من خلال إقحام روث التماسيح في مهابلهن ليؤدي وظيفة الغشاء الحاجز.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
روث التمساح

7. كانت بيوت الدعارة شائعة بين الجنود الرومان لدرجة جعلت الدولة تصك عملات خاصة تحمل صور وضعيات جنسية ليتم التداول بها مع بائعات الهوى.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
عملات رومانية

8. كانت النساء من المعجبات بالمجالدين في روما القديمة يشترين عرق هؤلاء الأخيرين وأوساخهم ليستعملنها على شكل مزيتات وملينات عقاقير مثيرة للشهوة الجنسية.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
المجالدون الرومان ومعجباتهم
المجالدون الرومان ومعجباتهم – صورة: Print Collector/Getty Images

9. كانت بعض المبارزات الخاصة بالمجالدين الرومان قديما تتضمن تعرض هؤلاء للإغتصاب من طرف بعض الحيوانات كالثيران.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
جدارية رجل وثور
جدارية رجل وثور

10. كان الإغريق القدامى مهووسين بالعلاقات الحميمية والشهوانية بين الرجال والأطفال، وهي أمر لم يكن شاذا أو غير شائع، على الرغم من أن الأمر كان يستهجن ويعتبر غير لائق بشكل طفيف إذا كان الطفل تحت سن الثانية عشر.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
الجنس المثلي لدى الإغريق

11. كان الذكور الصينيون من ممارسي طقوس (الطاوية) خلال عهد السلالة الحاكمة (هان) يمارسون الجنس من دون قذف، إذ أنهم كانوا يعتقدون بأن المني هو أساس الحياة وأنه لا يجب عليهم أن يفقدوا أو يخسروا الكثير منه.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
لوحة لرجل وامرأة صينيان

12. كان شعب المايا قديما يستعمل الأرجوحات في عملية ممارسة الجنس، كما كانت تتوفر لديهم العديد من أنواع الأراجيح التي تدعم الوضعيات الجنسية عليها.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
لوحة زيتية لشعب المايا

13. كان واحد من أول أشكال الشعر الماجن قديما هي الـ(فابيلو)، وهي عبارة عن قصائد شعرية كانت تؤدى في فرنسا في العصور الوسطى، وكانت تتضمن عناوين جنسية على غرار: ”الفارس الذي جعل المهابل تنطق“.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
لوحة فنية لفرقة موسيقية

14. كانت النساء ممن احترفن الدعارة في القرن الخامس عشر يحلقن منطقة الأعضاء التناسلية لديهن لمحاربة القمل، ثم، ومن أجل إخفاء علامات مرض الزهري، تم اختراع شعر العانة المستعار: Pubic Wig

Image may be NSFW.
Clik here to view.
لوحة فنية تبرز امرأة

15. برزت فكرة أن الساحرات يمتطين مكانس سحرية تطير في أوروبا في العصور الوسطى عندما وضعت بعض النساء مواد مهلوسة على طول قضبان المكانس، ثم قمن لاحقا بإدخال هذه المواد إلى أجسامهن عبر الغشاء المخاطي في المهبل.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
ساحرة فوق مكنستها

16. خلال العصور الوسطى، كانت النساء ممن فقدن عذريتهن قبل الزواج يعتمدن أكثر الطرائق تطرفا من أجل إيهام أزواجهن على أنهن ما زلن عذارى، فمن أجل محاكاة فض غشاء البكارة لديهن كانت بعض النساء تضع علقة تحت الشفتين الخارجيتين للمهبل في الليلة التي تسبق ليلة الزفاف، فيؤدي التورم الذي تخلفه العلقة إلى النزيف خلال الممارسة الجنسية، مما يترك انطباعا لدى أزواجهن على أنهن عذارى.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
علقة

17. من أجل العثور على عاهرة في إنجلترا خلال القرن الثامن عشر، كان الأمر يستلزم ببساطة البحث في دليل خدمة المرافقة المحلية.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
دليل خدمة المرافقة في إنجلترا قديما

18. كان الجنس ما قبل الزواج محرما لدى المسيحيين البيوريتاريين المتشددين بشكل قاطع، وكانت عقوبة التجرؤ على ذلك هي الجلد وسط العامة، والسجن كذلك.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
شخص يعاقب أمام العامة

19. كان الصينيون القدامى أول من اخترع ”خواتم“ أو حلقات القضبان الذكرية، كما كانوا يستخدمون رموش أعين الماعز من أجل تحقيق دغدغة تحفيزية استثارية إضافية.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
الجنس لدى الصينيين القدامى

20. كان العشاق من غير المتزوجين في العصر الاستعماري يتفادون ”خطيئة“ ممارسة الجنس خارج نطاق الزوجية من خلال عملية الاستلقاء في السرير مع حاجز عبارة عن لوح خشبي بينهما.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
حاجز الفراش ما قبل الزواج
حاجز الفراش الخشبي ما قبل الزواج

21. لم يكن البيوريتاريون المتشددون في الواقع على تلك الدرجة من التشدد فيما يخص الجنس، حيث كانوا يؤمنون بأنه يجب أن يكون وفيرا ومتاحا، طالما يكون بين الزوج وزوجته بالتأكيد.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
لوحة فنية تبرز البيوريتاريين المتشددين
لوحة فنية تبرز البيوريتاريين المتشددين.

22. كانت إحدى الثغرات التي تستغل من أجل ممارسة الجنس خارج نطاق الزوجية في العصر الاستعماري هي مايعرف بـHandfasting، وهي الإمساك بيد الشخص الذي ترغب في ممارسة الجنس معه، ثم تعلنان نفسيكما زوجين، ثم تشرعان في ممارسة الجنس، وفي الأخير تقومان بحل رباط الزوجية المؤقت ذلك.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
لوحة فنية تبرز عشيقين

 

“ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر ” ( متى١: ٢٤ )

” ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر “( متى١: ٢٤ )
يدعي البروتستانت ان والده الاله مريم قد تزوجت من يوسف بعد ولادتها يسوع فهل هذا الكلام صحيح؟
ألا تعني آية: ” ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر ” ( متى١: ٢٤ ) أن يوسف قد عرف مريم وتزوجها بعد ولادة يسوع ؟ خاصة وأن يسوع قد دعي ” ابنها البكر ” دالاً بالتالي على ولادة أخوة له من بعده؟
 

ج  – إن صيغة ” ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر ” تدل حتماً على الزمان السابق الكلمة ” حتى eos ” ، ولا تعطي أية معلومات تفيد ما حدث بعد

Image may be NSFW.
Clik here to view.
ايقونة الميلاد مريم ويوسف حارس بتوليتها
ايقونة الميلاد مريم ويوسف حارس بتوليتها

” حتى ” .
الانجيلي متى هنا مهتم بالتأكيد على بتولية مريم قبل الولادة تحقيقاً لنبوة أشعياء 7 : 14 . وبرأي معظم علماء الكتاب إن موضوع بتولية مريم بعد ولادة يسوع منها هو أمر لا تفيد به هذه الآية .
لكن للكتاب استعمال معين لكلمة ” حتى ” يلقي المزيد من الضوء . فأولاً يستعمل كلمة ” حتى مع فعل بصيغة الإيجاب :
يشرق في أيامه الصديق وكثرة السلام حتى يضمحل القمر ” ( مز ٧٢: ٧ ) ، ولا يعني هذا أن الصديق وكثرة السلام سيغريان بعد اضمحلال القمر . – “
. كما أن عيني الجارية نحو يد سيدتها ، هكذا عيونا نحو الرب إلهنا حتى يتراف علينا ” ( مز ١٧٣: ٢) ، طبعاً لن تكف عيوننا عن النظر نحو الله حتى بعد أن يتراف علينا .
ها أنا معكم كل الأيام حتى انقضاء الدهر ” ( مت٢٨: ٢٠) ، بالطبع سيظل يسوع معنا حتى بعد انقضاء الدهر . –
” لأنه يجب أن يملك حتى يضع جميع الأعداء تحت قدميه ” ( 1 كور ١٥ : ٢٥) . سيظل المسيح مالكاً حتى بعد هزيمة أعدائه – قال الرب لربي : اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطناً لقدميك” (مت ۲۲ : ٤٤) 
سيظل الأعداء موطئاً للقدمين حتى بعد جلوس الرب عن يمين الله الآب.
– ” وأرسل الغراب . فخرج متردداً حتى نشفت المياه عن الأرض ” (تك ٨: ٧). فالغراب لم يرجع إلى نوح ( أي ظل خارجاً ) حتى بعد أن نشفت المياه ويستعمل الكتاب كلمة.
“حتى” مع فعل بصيغة النفي : – ولم يكن لميكال بنت شاول ولد حتى يوم موتها ( ۲ صمو ٦: ٢٤ ) . بالطبع لم تنجب ميكال بعد موتها .
– ” فلم يصدّق اليهود عنه أنه كان أعمى فأبصر حتى دعوا أبوي الذي أبصر ” ( يو ٩ : ۱۸ ) .
يخبرنا سياق القصة أن اليهود لم يؤمنوا حتى بعد سؤال والدي الأعمى . إذاً ، إن صيغة ” ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر ” لا تعني أنه عرفها بعد ولادة يسوع .
الدراسة الكتابية على هذه الآية في الجزء الأول من شرح إنجيل متى للذهبي الفم تظهر كيف أن الآية 1 : ٢٥ وموضعها في الإصحاح الأول يشيران إلى أن متى كان يقصد القول إن يوسف لم يعرف مريم لا قبل الولادة ولا بعدها .
أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال المتعلّق بكلمة
” البكر ” ، فالكتاب المقدس نفسه أيضاً يجيب عليه
 كلمة ” البكر “، بالتعريف، تعني كل فاتح رحم ” ( خرو ۱۳ : ۲ )، لأن البكر الذكر هو مقدس للرب، سواء أكان له أخوة من بعده أم لا.
فالمولود الوحيد، بدون أخوة من بعده، يُدعى بكراً أيضاً . فقد كان الفرعون ابن وحيد ، ومع ذلك قُتل مع أبكار مصر . ويقول المزمور ۹۸ : ۲۷ عن داود بن يسي : ” أنا أيضاً أجعله بكراً أعلى من ملوك الأرض” .
كان داود أصغر أبناء يسي . والله لم يعكس ترتيب ولادته هنا وإنما كان يتكلم عن ” بكورية داود الروحية، عن مكانته المتميزة بين الآخرين . لهذا لكلمة ” البكر ” معنى مهم في الكتاب ، إذ تشير إلى علاقة خاصة بين الله وبين شعبه .
وعندما ينتهك البكر هذه العلاقة فإنه يفقدها، كما حدث عندما أعطيت البكورية إلى يوسف بدلاً من راؤبين ( 1 أخ ٥ : ۱ – ۲ ) .
من هنا نفهم لماذا استعمل متى كلمة ” البكر ” ليسوع . لأن يسوع هو الابن الأول لمريم، ولأنه كبكر اشترانا وردنا إلى ملك الآب بعدما صرنا متغربين عنه( تث ٢٥ : ۲۳ – ٢٤) .
لقد حقق يسوع معاني لقب ” البكر ” ومهامه. ولم يقصد متى أبداً أن يقول إن مريم قد ولدت أولاداً بعد يسوع . هذه خيانة للاهوت متى وللكتاب نفسه.
المصدر
د.عدنان طرابلسي من كتاب سألتني فأجبتك

معبد المشنف/ السويداء

معبد المشنف
الموقع

يقع المعبد وسط قرية “المشنف” التي تبعد نحو 20كم إلى الشرق من مدينة السويداء
وقد اختلف علماء الآثار على سنة بنائه وعائديته، وعلى خلاف المعابد في ذلك الزمن فلا يوجد أعمدة أمامه، يتألف من 3 أقسام ويتميز بجمال معالمه وزخارفه وبلاطه الداخلي والخارجي.

تاريخ البناء

هناك أكثر من رأي حول تاريخ بنائه
– فحسب رأي السيد “استيفان فرايبرغر” الوارد في تقرير البعثة الألمانية 1991م، هو معبد للإله “زيوس” بني عام 41 ميلادية، ويستدل على ذلك من نقش يوناني كتب عليه: (من أجل سلامة الملك “أغريبا” ومن أجل عودته طبقاً للنذر قام فلان بن فلان ببناء معبد “زيوس” الإله الأبوي)، والملك “أغريبا” هو الحاكم المحلي لبلدة “المشنف” أو “نيلا” كما كانت تسمى في العصر الروماني قديماً، وقد اعتمد على عدد من الزخارف والنقوش التي تعود إلى النصف الأول من القرن الأول الميلادي، وإصلاحاته بدأت في عام 171م ، وجرت عليه بعض التعديلات من قبل الحاكم “ألكسندر سيرس” بين العامين 222- 235م.

– وأما الباحثة “ميشائيل كفالوفسكي” من خلال دراستها لهذا الموقع في كتابها “آثار وتاريخ سورية لعام 1989″أكدت أن تاريخ بناء معبد “المشنف” يعود إلى النصف الثاني من القرن الأول الميلادي، أما الباحث “جان ماري دنتزر” فيؤكد أن تاريخ بنائه في النصف الأول من القرن الثاني الميلادي، وذكر العالم الأميركي الشهير “بتلر” في كتابه “استكشاف أثري أميركي في سورية 1900-1899” أن تاريخ المبنى يعود إلى 171م، وفي بداية القرن العشرين سكن من قبل بعض الأهالي وقد أضافوا إليه بعض الغرف.

دعي المعبد في فترة قديمة بمعبد “زيوس”.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
معبد المشنف
معبد المشنف

ماقيل في تاريخه ووصفه 
وذكر في مذكرات الرحالة البريطانية “غير تورد بل” في “جبل العرب”، التي وصلت إلى قرية “المشنف” في أيار من العام 1900 وقد قالت عنه:على حافة الصحراء كان هناك معبد صغير في غاية الروعة مبني فوق أرض مرتفعة قليلاً، ويمكن الوصول إليه عبر عدة أدراج بمحاذاة بركة ماء نحتت في الصخر، ومازال جدار المعبد الشمالي بحالة جيدة، أما الجدار الغربي فنصف مهدم، والشرقي آيل للسقوط، أما الجنوبي فمهدم منذ القدم لكن بناءه قد جدد كيفما اتفق، وقد بني بعض بقايا الإفريز رأساً على عقب في منتصفه، كان للمعبد مدخلان أحدهما صغير بأبواب حجرية، ويبدو أنه مازال في مكانه الأصلي، أما الآخر وهو الباب الرئيسي للمعبد فهو متهدم الآن ولم يبق منه إلا الساكف (الحنت) المنحوت والمغطى بالزخارف الجميلة، وفي ناحيته العليا من الخارج نحت إفريز مزدوج وعلى زواياه تيجان على شكل أوراق الأكانثوس، وليس هناك أعمدة أمام المعبد، ولكنني أعتقد أن صفاً من الأعمدة كان يصل إلى الباب الخارجي، لأنني لاحظت ما يشبه صفاً من الأعمدة كان يصل إلى الباب الخارجي، كما لاحظت ما يشبه صفاً من قواعد الأعمدة على الرصيف، إنه معبد بسيط وجميل وخاصة أنه يقع قرب بركة منحوتة في الصخر، وقد دلني شيخ البلد على تمثال يدعونه الصنم (الوثن)، وهو تمثال بلا رأس موضوع على جنبه، ومسند إلى الجدار، وقد بدا خشناً غير متقن، فقد كانت أطرافه غير متناسبة

وقد كان هناك خطأ بسيط في وصفها بالنسبة لجدران المعبد، حيث اختلطت عليها الجهات الأربع.

الوصف الحالي
وفي وصفه الآن نجد أن حرم المعبد المبلط مازال موجوداً حتى الآن، يقوم المعبد فوق مصطبة تبرز على جوانب المصلى، ويقود إليها درج يصل بين الرواق والحرم، وفي مقدمة الرواق عمودان يقسمان الواجهة إلى ثلاثة ممرات، وجدارا الرواق الجانبيان قائمان جزئياً، وفي الواقع إن المصلى شبه تام، تقوي زواياه الأربع من الخارج (دعامات أربع) تتوجها تيجان جميلة من الطراز (الكورنثي) الروماني البديع، وفيها أفاريز مزوقة ومزخرفة بأشكال هندسية ونباتية جميلة تبرز في الجزء العلوي من الحيطان».

و لهذا المعبد شكلاً مستطيلاً قسم إلى ثلاثة أجزاء متساوية تقريباً، الأول يدعى (بروناوس) كما ورد في تقرير العالم الآثاري الألماني “استيفان فرايبرغر”، وهو الجزء الواقع بين الأعمدة المتقابلة وجدار المدخل، والجزء الثاني والثالث يشكلان قدس الأقداس (حجرة التمثال)، وهو مقسوم إلى جزأين متساويين تقريباً بقوس (قنطرة) بازلتية، تتألف جدران هذا القسم من حجارة بازلتية على طبقتين يبلغ ارتفاع المدماك فيها بين 45- 54سم، وهي مدعومة برباطات قليلة، ومن الأجزاء الأصلية الباقية في المعبد الجدار الشمالي بما فيه قواعد الأعمدة والسواكف وبعض مداميك السور الخارجي للمعبد، ومن قاعدة عمود الزاوية الجنوبية الشرقية يتقدم جسم المعبد من شرق الساحة الأمامية المبلطة، ومن الملاحظ التشوه الحاصل على جسم المبنى كالتعديل على الجدار الرئيسي (المدخل)، وتشوهات الجدار الشمالي الواضح للعيان، حيث يميل هذا الجدار إلى الشمال وكأنه قطعة مستقيمة تدور على مفصل.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
معبد المشنف
معبد المشنف

ومن الواضح وجود إضافات لاحقة على البناء، حيث تم إضافة بعض الغرف إلى المخطط الأساسي العمود المزخرف في الفترة ما بين1857م و1902م، وهي عبارة عن غرفة مستطيلة في الشرق خارجة من الجدار الشمالي، وقد سد الجانب الشرقي بحجارة مكعبة ومزخرفة غريبة عن الموقع بين العمود البارز في الشمال الشرقي والأعمدة الأمامية، كذلك تم بناء فواصل جديدة داخلية في الجنوب والغرب، هذه الغرفة تمثل صورة مصغرة عن داخل المعبد الأصلي ومزاحة إلى الشرق، أما في الجنوب فقد بني ممر فارغ يقود إلى غرفة عرضانية تحيط به شمالاً وغرباً وجنوباً الجدران الخارجية للمعبد نفسه.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
معبد المشنف
معبد المشنف

العذراء الطاهرة…

العذراء الطاهرة…

لا توجد امرأة تنبأ عنها الأنبياء وأهتم بها الكتاب مثل مريم العذراء…رموز عديدة عنها في العهد القديم، وكذلك سيرتها وتسبحتها والمعجزات في العهد الجديد. وما أكثر التمجيدات والتأملات التي وردت عن العذراء في كتب الآباء التي تلقبها بها الكنيسة مستوحاة من روح الكتاب.
إنها أمنا كلنا، وسيدتنا كلنا، وفخر جنسنا، الملكة القائمة عن يمين الملك، العذراء دائمة البتولية،قبل واثناء وبعد الولادة المملوءة نعمة، القديسة مريم الأم القادرة، المعينة، الرحيمة، أم النور، أم الرحمة والخلاص، الكرمة الحقانية. هذه هي التي ترفعها الكنيسة فوق مرتبة رؤساء الملائكة فنقول عنها في تسابيحها وألحانها: ارتفعت يا مريم فوق الشيروبيم، وسموت يا مريم فوق السيرافيم.
لم يرد  في الكتاب المقدس تاريخ القديسة حنة والقديس يواكيم – والديّ العذراء مريم – بل حتى تاريخ السيدة العذراء قبل خطبتها لأن الكتاب المقدس يركز كل اهتمامه على شخصية السيد المسيح له االمجد وترك باقي الأشياء للتقليد ليدونها ويذكرها للكنيسة المقدسة.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
ايقونة بواجب الاستئهال
ايقونة بواجب الاستئهال

يذكر التقليد أنه كان في بلاد اليهودية رجل اسمه  يواكيم  (يهوه يقيم) وزوجته اسمها حَنَة (الحنون) وقد كانا متقدمين في السن ولم يرزقا بذرية .. ولأن بني إسرائيل كانوا يُعَّيرون من لا ولد له لهذا كانا القديسان حزينين ومداومين على الصلاة والطلب من الله نهاراًَ وليلاً أن يعطيهما ابناً يخدمه في بيته كصموئيل، فاستجاب الرب الدعاء فظهر ملاك الرب جبرائيل ليواكيم وبشره بأن امرأته حَنَة ستحبل وتلد مولوداً يسر قلبه، كما ظهر جبرائيل الملاك لحَنَة وزف إليها البشرى بأنها ستلد ابنة مباركة تطوبها جميع الأجيال لأن منها يكون خلاص آدم وذريته، وقضت حَنَة أيام حملها في صلواتٍ وأصوام إلى أن ولدت بنتاً وسمياها مريم (سيدة). ولما بلغت مريم 3 سنوات قام والداها بتقديمها للهيكل لتخدم الرب مع بقية العذارى. وظلت تخدم في الهيكل حتى بلغت الثانية عشر من عمرها، وكان أبواها قد ماتا وعندما بلغت سن الزواج تشاور الكهنة معاً على زواجها فاختار زكريا الكاهن من شيوخ وشبان يهوذا وأخذ عصيهم وكتب على كل واحدة اسم صاحبها ووضعهم داخل الهيكل فصعدت حمامة فوق العصا التي كانت ليوسف النجار ثم استقرت على رأسه فعقد الكهنة خطبتها على يوسف وعاشت في بيته الذي في الناصرة.
بشارة الملاك جبرائيل للعذراء
ظهر جبرائيل الملاك للعذراء مريم وبشرها بميلاد الطفل يسوع (لو 1: 26-38) وذلك بعد ستة أشهر من ظهوره لزكريا الكاهن وبشارته بميلاد يوحنا المعمدان.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
بشارة العذراء
بشارة العذراء

فضائل العذراء
إذا كانت العذراء قد استطاعت أن تحوي بداخلها الغير المحوى فلقد تجملت بالفضائل الكثيرة التي أهلتها لذلك، وما كان يوجد من يفوقها من بعدها نقاءً وقداسة لكان الله قد أبطأ قدومه حتى جاء منها لذلك نحن نقول عن العذراء أنها قديسة الأجيال وقديسة القديسين.
1- الإتضاع والوداعة
لعل الفضيلة الأساسية والعظمى التي جعلت الرب ينظر إليها أنها كانت وديعة إذ قالت “لأنه نظر إلى اتضاع أمته”(لو 48:1).
وقد ظهرت وداعة العذراء مريم في عدة أمور
‌أ- احتمال الكرامة
قد يظن البعض إن احتمال الآلام صعب ولكن يجب أن نعرف إن احتمال الكرامة يحتاج إلى مجهود أكثر من احتمال الآلام والإهانات وقد قال أحد القديسين: “هناك الكثيرون يحتملون الإهانات ولكن القليلين يحتملون الكرامات”.
حينما صارت العذراء أماً لله لم تتكبر بل قالت للملاك البشير “هوذا أنا أمة للرب فليكن لي بحسب قولك…” و”…هامنذ الآن تطوبني جميع الأجيال”.

العذراء احتملت كرامة ومجد التجسد الإلهي منها، مجد حلول الروح القدس فيها، مجد ميلاد الرب منها. ومجد جميع الأجيال التي تطوبها. احتملت كل ظهورات الملائكة لها وسجود المجوس أمام ابنها والمعجزات الكثيرة التي حدثت من ابنها بل ونور هذا الابن الالهي في حضنها.
‌ب- إنكار الذات
حينما كان الرب في الهيكل وهو طفل صغير وبحثت عنه العذراء ولم تجده مع الأقرباء والمعارف وكان معها يوسف النجار. وأخيراً وجدته في الهيكل جالساً وسط المعلمين (لو2: 44-49) قالت له العذراء: “… هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين”.
العذراء كانت تعرف أن ابنها ليس ابناً ليوسف ومع ذلك كانت تدعوه أباً له. والأفضل من ذلك أنها كانت تقدمه على نفسها فتقول: ” … هوذا أبوك وأنا …”، معطية له كرامة أكثروهو من رباه وتعلم على يديه مهنة النجارة وحتى اتت الساعة…
‌ج- خدمة الآخرين
خدمة الآخرين تكون مبنيَّة على المحبة والتواضع، القديسة مريم ذهبت إلى اليصابات لتخدمها عندما علمت أنها حبلى مع إنها أم المسيح. إلاَّ إنها لم تمنعها كرامتها من أن تذهب إلى اليصابات في رحلة مضنية شاقة عبر الجبال وتمكث عندها 3 شهور تخدمها حتى ولدت يوحنا (لو 1: 39-56), فعلت ذلك وهي حبلى برب المجد.
ايمان العذراء الطاهرة
قالت اليصابات للعذراء: ” … طوبى للتي آمنت أن يتم لها ما قيل من قبل الرب …” (لو 45:1).
في بشارة الملاك للعذراء كشف لنا جوهر الإيمان العميق في حياتها. هذا الإيمان الذي تسلمته من أبويها وازداد نمواً بوجودها في الهيكل وصلواتها وتضرعاتها المستمرة وحفظها لكلام الرب الذي كانت تخبئه داخل قلبها.
ولكي ندرك مقدار وعظمة إيمان العذراء لنقارنه بإيمان زكريا الكاهن. إن الكاهن الشيخ لم يصدق كلام الله الذي يتم في حينه (لو 20:1) فلم تكن معجزة ولادة يوحنا من أم عاقر وأب شيخ. هي المعجزة الأولى في التاريخ إذ سبقتها معجزات. فهوذا إسحق قد وُلد من إبراهيم ذو المائة عام وسارة العاقر (تك 18). وآخرون كثيرون: صموئيل من حَنَة (1صم1). وشمشون من منوح وزوجته (قض13). ويعقوب وعيسو من رفقة (تك 25). ويوسف من راحيل (تك 31:29).
ولكن المعجزة التي لم يسبق أن حدث مثلها في التاريخ من قبل هي معجزة ولادة المسيح من عذراء بدون زرع بشر. ولكن مع ذلك فإن الأمر السهل لم يصدقه زكريا. والأمر الأصعب قبلته العذراء إذ كان لديها رصيد جبار من الإيمان.

كان إيمان العذراء يتصف بثلاث صفات
1- ‌إيمان بلا شك
عندما بشر جبرائيل الملاك العذراء بميلاد المسيح قالت له مريم :”… ليكن لي كقولك …”. (لو 38:1).
لقد فاقت العذراء الكثير من القديسين والقديسات فهوذا سارة عندما سمعت بشارة الملائكة بميلاد إسحق ضحكت وقالت: ” … أبعد فنائي يكون لي تنعم وسيدي قد شاخ …”. (تك12:18).
ليس سارة فقط لكن هذا توما الرسول يشك في قيامة السيد المسيح من بين الأموات، وبطرس الرسول الذي اشتهر بكلمة: “إن شك فيك الجميع فأنا لا أشك”. قال له السيد المسيح: “… يا قليل الإيمان لماذا شككت…”.
مع أن العذراء مريم سألت الملاك : “… كيف يكون هذا …”. إلاَّ إنها حينما رد عليها الملاك: “… الروح القدس يحّل عليك …” لم تتساءل للمرة الثانية بل آمنت وقالت: “… ليكن لي كقولك …”.
2- ‌إيمان بلا جدال
هناك الكثير من النعم التي نفقدها إذا جادلنا وناقشنا وسألنا بعقلنا الجسدي وحكمتنا البشرية.لم يكن غريباً أن عاقراً تلد ..!! ولكن الغريب أن تلد عذراء لهذا قال الرب على لسان أشعياء النبي العظيم: “… يعطيكم السيد نفسه آية، ها العذراء تحبل وتلد ابناً …”. (أش14:7) ومعروفة قصة سمعان الشيخ وتفكيره في هذه الآية.
هناك الكثير من أنبياء العهد القديم قد طلبوا من الرب علامات
– موسى النبي حين أرسله الله وأعطاه علامات تحويل العصا إلى حية وتحويل يده السليمة إلى برصاء (خر 4).
– جدعون وعلامة جزة الصوف (قض 6).
– حزقيا الملك ورجوع ظل الشمس 10 درجات (2مل 20: 9)
– زكريا الكاهن وعقوبته بالصمت.
– أما العذراء مريم فلم تطلب لا من الرب ولا من ملاك الرب أي علامة.
3- ‌إيمان بلا خوف
كثيرون من الذين رأوا الرب أو تكلموا معه أصابهم الخوف مثال أشعياء النبي (أش 5:6), ومنوح وزوجته (قض 23:13).
أما العذراء فلم تؤمن لأنها خافت بل آمنت وهي في كامل ثباتها وقوتها. حقاً لقد اضطربت بعض الشيئ. كان في قلب مريم خوف الله ولكن لم يكن في قلبها خوف من الله لأن المحبة الكاملة تطرد الخوف إلى خارج.
بين إيمان إبراهيم وإيمان العذراء مريم:
لقد وعد الله إبراهيم بنسل في الوقت الذي كان فيه قد صار شيخاً، وزوجته سارة كانت عاقراً ولكن “آمن إبراهيم بالله فحسب له براً” (تك 6:15).
“فهو على خلاف الرجاء آمن على الرجاء لكي يصير أباً لأمم كثيرة. ولا بعدم إيمان ارتاب في وعد الله بل تقوى بالإيمان معطياً مجداً لله وتيقن أن ما وعد به الله قادر أن يفعله …” (رو 4: 18-21) فكان إبراهيم بهذا أعظم نموذج للإيمان في العهد القديم.
لقد وضع الملاك جبرائيل القديسة مريم في موقف مشابه للموقف الذي كان فيه إبراهيم وسارة حينما سمعا كلمة الله من فم الملاك.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
أيقونة ثيوتوكس فلاديمير أي والدة الإله سيدة فلاديمير.
أيقونة ثيوتوكس فلاديمير أي والدة الإله سيدة فلاديمير.

أخبر الملاك العذراء مريم عن حبل اليصابات التي كانت عاقراً فآمنت.
والثلاثة رجال أخبروا إبراهيم عن حبل سارة امرأته التي كانت عاقراً فآمن.
الملاك يقول لمريم: ” ليس شئ غير ممكن عند الله …” (لو37:1). وقال الرب لإبراهيم: “… هل يستحيل على الرب شيء …” (تك 14:18).
على العكس تماماً سارة لم تؤمن بكلام الملاك وكذلك زكريا الكاهن حتى إن نفس الكلام الذي قالته سارة في (تك 18: 12) كرره زكريا في (لو 1: 18).
كل بركات العهد القديم من إبراهيم حتى العذراء مريم كان بدايتها إيمان إبراهيم…
وكل بركات العهد الجديد كان بدايتها إيمان العذراء مريم.

 

نشيد سمعان الشيخ ونشيدنا… 

نشيد سمعان الشيخ ونشيدنا… 

في دخول السيد له المجد الطفل الالهي الى الهيكل في تمام الاربعين يوما وكان سمعان ينتظر هذا الدخول ليقول بعدها:” الآن اطلق عبدك ايها السيد على حسب قولك لأن عيناي قد ابصرتا خلاصك الذي اعدته لشعبك نوراً لاستعلان الامم ومجداً لشعبك…”
سمعانُ تهلَّلَ بِالرُّوح. ها هُوَ يَحمِلُ مَن انتَظَره سنينَ طِوال، ويَلتقي بِمَن كانت روحُهُ تَلهَجُ به. فانطلَقَ لسانُه يُنشِدُ خَلجاتِ قلبِه، ويشدو نشيدًا تتناقله الأجيال.
إنّه نشيدُ العُبورِ مِنَ السُّفليَّاتِ إلى العُلويّات، ومِنَ الظُّلمةِ إلى النُّور.
لذا تَختُمُ الكنيسةُ صلاةَ الغُروبِ بهذا النَّشيدِ لتَقول: تَبدَّدَ غُروبُ حياتِنَا وأشرقَ عَلينَا النُّورُ المُحيي، وها بِتنَا جاهزِينَ لنُنشِدَ مع صاحبِ النَّشيد: “الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ، الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ. نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ، وَمَجْدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ” (لوقا ٢٨:٢-٣٢).
قبل أن نَغرِفَ مِن هذه الكلماتِ النُّورانيَّة، لا بُدَّ أن نُوضحَ أنّ كلمَةَ “إسرائيل” في الكتابِ المُقدَّسِ لا تتكلَّمُ على دَولةٍ، بَل تُشيرُ إلى كلِّ إنسانِ تَعلَّقَ باللهِ ولم يَترُكْه، أي اتَّخَذَ اللهُ إلهًا لَهُ قلبًا وقالبًا.
ثلاثةُ مَحاورَ في هذا النَّشيد
١- أن يُطلَق بسلام: مَن يجرؤ منّا أن يقولَ: أنا جاهِزٌ لأَنطَلِقَ مِن هذهِ الحَياةِ وأقفَ بِالكُليَّةِ أمامَكَ يا رَبّ؟
أمرٌ صعبٌ للغَايةِ لَكنَّهُ آتٍ عَاجِلًا أم آجلًا لا مَحالة. ألا نَستَعِدُّ له إذًا بالتَّوبةِ والتَّنقيةِ الدَّاخليّةِ وأعمالِ الرَّحمةِ الصَّادِقَة؟
٢- أبصَرَ الخَلاصَ: هَل نحنُ أيضًا نُبصِرُ أم لنا عيونٌ ولا نرى؟ الخَلاصُ هو يسوعُ الفادي ولا أَحَدَ غيرَه، فَهَل ما زِلنا نبحثُ عَن مُخلِّص؟
٣- نورٌ ومَجد (عظمة): “الشَّعْبُ السَّالِكُ فِي الظُّلْمَةِ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا.” (إش ٢:٩). هذه هي تَعزِيَتُنا. ويجب ألاّ يَغفَلَ عن ذِهنِنا أنَّ لنا مجدًا إلهيًّا أعدَّهُ اللهُ لنا مِن قَبلِ تَأسيسِ العَالَمِ، “لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ” (أفسس ٤:١).

نشيد سمعان الشيخ هذا كان ثالث نشيد يذكره لوقا الإنجيلي

– الأوّل، نشيد مريم العذراء التي افتتحته قائلةً: «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي”. وقد أنشدته بعد أن قالت لها أليصابات «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ”

– الثاني، نشيد زكريا والد القدّيس يوحنا المعمدان، وابتدأ به قائلًا: «مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ افْتَقَدَ وَصَنَعَ فِدَاءً لِشَعْبِهِ” (لوقا 1: 68).

الرب ينتظر لقيانا ونشيدنا.

خِتامًا، الهيكلُ المَصنوعُ بِيَدِ إنسانٍ يأخُذُ بِهذا العِيدِ بُعدَهُ الحَقيقيّ، وسيُصبحُ «الْمَسْكَن الأَعْظَم وَالأَكْمَل، غَيْر الْمَصْنُوعِ بِيَدٍ، أَيِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ هذِهِ الْخَلِيقَةِ» (عب١١:٩).

فَتَعالَ يا رَبُّ وأدْخُلْ هيكَلَ نُفوسِنا لِنُصبِحَ نحنُ هيكلَكَ أنت.

The Song of Symeon and Our Song.

Symeon rejoiced in the spirit. Behold, he carries in his arms the One for whom he had been waiting many years.

He is meeting the One for whom his soul longed and thrived. His tongue began singing what his heart felt, a song transmitted from one generation to another.

It is the song of a passage from the earthly to the heavenly, from darkness to light.

Therefore, the Church concludes the service of Vespers with this song, as if to say: the sunset of our life is gone.

The life-giving light has shone. We are ready now to sing with the author of this song: “Lord, now You are letting Your servant depart in peace, according to Your word;
for my eyes have seen Your salvation which You have prepared before the face of all peoples, a light to bring revelation to the Gentiles,and the glory of Your people Israel” (Luke 2: 28-32).

Before we sip from these words of light, we must make it clear that the word “Israel” in the Bible does not indicate a country, but rather refers to every person who clings to God and does not leave Him, being consecrated to God in full.

There are three themes in this song:

1- To let one depart in peace: Who dares to say: I am ready to depart from this life and stand entirely before you, O Lord?

It is very difficult, but it shall happen, sooner or later. Shall we not be prepared for it, then, by repentance, inner purification, and sincere charity works?

2- To behold salvation: Do we also behold it, or do we have eyes that do not see? Salvation is Jesus the Redeemer and no one else. Are we still searching for a Savior?

3- Light and glory (magnificence): “The people who walked in darkness have seen a great light” (Isaiah 9:2). This is our comfort. We must not forget that we have a divine glory that God has prepared for us before the foundation of the world, “that we should be holy and without blame before Him in love” (Ephesians 1:4).

This song of Symeon is the third mentioned by Luke the Evangelist:

– The first is the song of the Virgin Mary (Magnificat) that begins with: « My soul magnifies the Lord, and my spirit has rejoiced in God my Savior.” She sang it after Elizabeth told her “Blessed are you among women, and blessed is the fruit of your womb! But why is this granted to me, that the mother of my Lord should come to me?”

– The second is the song of Zechariah, father of Saint John the Baptist, which begins this way: “Blessed is the Lord God of Israel, for He has visited and redeemed His people” (Luke 1:68).

The Lord is awaiting our encounter with Him and our song.

In conclusion, the temple made by humans takes its true dimension in this feast, as it will become “the greater and more perfect tabernacle not made with hands, that is, not of this creation” (Hebrews 9:11).

Come, Lord, enter the temple of our souls, so that we may be your temple.

الأيقونة انجيلاً مشاهداً…

الأيقونة انجيلاً مشاهداً…

 نقول عن رسام الايقونة انه كاتب الايقونة لأنه يعتمد النص الكتابي أو اللاهوتي أو الطقسي وهي مواضيع تشكل اساساً لعمله،  واحيانا نسميه “مصور الأيقونة لأنه يقوم بعمل صورة للموضوع المراد تصويره فيها. لذا يوصف مصوَّر الايقونة او الرسام إنه “كاتب الأيقونة” ومصور الايقونة ونادراً مانستخدم تسمية رسام الايقونة وخلاصة ذلك “إن الأيقونة هي اللاهوت المصور” ووصف الرسم ينصرف الى اللوحات المرسومة.

ان كاتب الايقونة ومصورها كمن يقرأ ليتورجية الكنيسة ويترافق في ذلك مع التعبد والصوم والصلاة الباطنية كي يعطيه من يصور القدرة على تجسيد مايصبو اليه في صورة متقدسة ونصا ليتورجياً مقرؤاً.

موطن الايقونة

اذا كان الفكر المسيحي قد خطا خطواته الأولى في سورية، وتبلورت خصائص مفيدة له فيها وفي المحور “سورية – فلسطين” حيث وُضعت اللبنات الأولى لثقافة مسيحية، فقد كان الفن المسيحي مظهراً من مظاهر ذاك الفكر وتلك الثقافة. وقد تبلور الفن بدوره في هذه البلاد التي تلاقت فيها تيارات حضارية وفنية هامة، أصيلة ووافدة. شكلت الحاضنة الطبيعية لتشكل الفن المسيحي الأول.

فاذا ماقلنا “الفن المسيحي” فإننا نعني التعبير الفني الذي يترجم الاشارات المسيحية بالشكل واللون لتصوير حوادث الانجيل المقدس ودلالات النصوص المقدسة.

ولأن الفن المسيحي عموماً والارثوذكسي خصوصاً هو “فن طقوسي” بالنتيجة، أي متعلقاً بالطقوس الكنسية، فاستيعاب هذا الفن في انعكاساته الطقسية يستلزم معه آلية استخدام العنصر الفني في الطقوس والممارسات المعمول بها في الكنيسة وخارجها. وفي حال الايقونة فذلك يستلزم معرفة النصوص الطقسية – التي كُتبت في الاصل شعراً باللغة اليونانية، او ماكتب منها باللغة السريانية، وقد وصلت الى الناطقين  بالعربية اليوم مترجمة عن هاتين اللغتين – التي يعبر عنها الموضوع المصور في الايقونة، وكيف تم تلاوة تلك النصوص أو ترنيمها أمام الايقونة حتى تكتمل العملية التأملية للفنون الثلاثة المعينة وهي الشعر واللحن والصورة.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
أيقونة ثيوتوكس فلاديمير أي والدة الإله سيدة فلاديمير.
أيقونة ثيوتوكس فلاديمير أي والدة الإله سيدة فلاديمير.

إن تلك النصوص أخذت، في ازمنة مختلفة، شكلها النهائي الذي وصل الينا  تحملت فيها التعديل والتنقيح بسبب اختلاف  وجهات النظر اللاهوتية والسياسية والظروف الانسانية والأحداث التي واكبتها في المناطق اللغوية والجغرافية المختلفة.

وتبعها في ذلك تحولات في مفهوم الأيقونة حتى اخذت هي أيضاً أشكالها المتنوعة في المفاهيم المختلفة من  رومية بيزنطية، وجورجية سريانية، وقبطية، وأرمنية وسلافية وبلغارية وروسية وغربية…وغيرها، التي وصلت الينا كأطرٍ تكّون الفن المسيحي فيها.

تاريخية ارتباط النص المقدس بالصورة

 عاش بولس الرسول وهو مشرع المسيحية ورسول الأمم بين الاعوام5 و 64 مسيحية وهو شاول المضطهد اهتدى الى المسيحية على “طريق دمشق” فطريق دمشق هو وصف لتنصر بولس وانقلابه بعد تلك المقابلة الرهيبة وجهاً لوجه مع ربنا يسوع وهو من اعطاه وصف الرسولية وصار كبير الرسول مع بطرس واعتمد واعتنق المسيحية في دمشق في الشارع المستقيم في حوالي العام 35 مسيحية، يكون قد كتب رسائله بين السنوات ال35 الى 64مسيحية اي الى حين اعدامه في رومة بأمر نيرون بعدما اسس وبطرس كرسيها.

اما الاناجيل الاربعة المعتمدة في الكنيسة قاطبة اي متى، مرقص، ، لوقا، ويوحنا، فالثلاثة الاولى منها كُتبت بين سنتي 70 و80 مسيحية اما يوحنا فقد كتب انجيله في حوالي 100مسيحية.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
مغارة بيت لحم فن بيزنطي رومي
مغارة بيت لحم فن بيزنطي رومي

وأما يوحنا الذهبي الفم الذي عاش بين سنتي 344مسيحية و407 مسيحية، فقد كتب قداسه الالهي في تلك الفترة بينما رتَّبَ باسيليوس الكبير قداسه الالهي خلال حياته من سنة 329 الى 379مسيحية.

هاتان الخدمتان الالهيتان وهما الأكثر اعتماداً في ليتورجية الكنيسة الارثوذكسية كافة، اضافة الى القداس الالهي ليعقوب الرسول اخي الرب وهو اول قداس في الكنيسة فقد دخل اولاً ومنذ منتصف القرن المسيحي الاول /القرن الرسولي/ في قداديس الكنيسة الارثوذكسية وتقيمه بطريركية اورشليم الارثوذكسية في عيد القديس يعقوب الرسول كونه اول اساقفتها.

وفي العودة الى البدايات، يُحسن أن نستشف شيئاً من الجو الثقافي في سورية وفلسطين في القرن الاول المسيحي، محاولين إلقاء بعض الضوء على الحراك الفكري الحاصل آنذاك وانعكاسه على فن الصورة في النقاش حول قبولها أو رفضها في الممارسة الدينية.

فمن حين اهتداء شاول- بولس الرسول على مشارف دمشق في كوكب ( انظر أعمال الرسل 1:9-29)، وانطلاقه، من دمشق الى حوران ” العربية” (غلاطية17:1-23)، ولدى مراجعة الوقائع المذكورة في هذه النصوص بتمعن يتبين أن بولس كان له بعد اهتدائه أكثر من رحلة بين اورشليم ودمشق يحاور فيها اليهود وغيرهم ويبشرهم بالمسيح، فكان من اليهود من آمن بالمسيحية كما وغيرهم من الأقوام الأخرى.

فشاول الطرسوسي تلميذ معلم الشريعة الموسوية غملائيل وهو المضطهد الفريسي القاتل لاستفانوس اول الشمامسة المشبع بالثقافة الهلينية – الرومانية أخذ بعد تحوله الى المسيحية يحاور العرب في العربية وغيرهم من الأقوام المتواجدين في سورية وفلسطين: الفرس وسكان مابين النهرين وآسية الصغرى والمصريين والرومانيين والكريتيين (انظر أعمال الرسل 9:2-11) بغية اهتدائهم الى المسيح، وكانوا على ثقافات متنوعة بين اليونانية  والعربية والآرامية والعبرية والفارسية…

Image may be NSFW.
Clik here to view.
القديسان بطرس وبولس مؤسسا كرسي انطاكية
القديسان بطرس وبولس مؤسسا كرسي انطاكية

ومن ناحية أخرى فالانقسامات بين الجماعات اليهودية في القرن الاول المسيحي، وعلى الأخص بين الأسينيين (جماعة وادي قمران) والفريسيين. فالأسينيون بمفهومهم للحياة والكون والغيب يخالفون مفاهيم الفريسيين المتعصبة وتمسكهم الحرفي بشريعة موسى، وقد سبّبَ تصلب الفريسيين كثيراً من المضايقات للجماعات المسيحية الأولى في اورشليم، وأيضاً معارضتهم الشديدة للهلينيين الذين تهودوا منهم أو الذين آمنوا بالمسيح، مما ادى الى انقسام بين اليهود المسيحيين والوثنيين- المسيحيين.(1)

ونتساءل لدى استقرائنا لهذه النقاط عن موقف الجماعات الاثنية التي اعتنقت المسيحية في سورية وفلسطين في القرن الأول المسيحي من الصورة التشكيلية، فتحريم العهد القديم جليّ للصورة واستعمالها دينياً، لذا كان من الطبيعي أن يتحاشى اليهودَ المهتدون للمسيحية الصورة خشية الوقوع في الصنمية، في حين ان المسيحيين الذين  جاؤوا من وسط هيليني – روماني أو فارسي فقد كان في تراثهم الثقافي حيزٌ للصورة وإسقاطاتها مايبرر عدم ممانعتهم لها كوسيلة إيضاح وطريق لمناجاة الكائن المطلق في العبادة.

أما في الرها (اورفا) فنقع اولاً على ماحدث بين الملك الأبجر والسيد المسيح من مراسلة، القصة التي تحدثت عنها كتب الأيقونات والتي جاءت في تاريخ الفن المسيحي وكيف أن المسيح له المجد ارسل الى الملك الأبجر صورة وجهه مطبوعة على المنديل، الصورة التي اعتبرت في الثراث الايقونغرافي الكنسي طليعة الأيقونات “اول ايقونة” لأنها “لم ترسم بيد بشرية” وكان ذلك في بدايات الدعوة.

وفيما بعد في مدرسة الرها اللاهوتية في القرن الرابع المسيحي، ثم في مدرسة الرها الفارسية (سميت كذلك لأن الغالبية من تلاميذها كانوا يأتون من الأمبراطورية الفارسية الساسانية) ثم في مدرسة نصيبين اللاهوتية في اواخر القرن الخامس، ففي تلك المدارس تم دمج العلوم اللاهوتية اليونانية بالتراث السرياني المحلي. وتجلى حينئذ استعمال الشعر السرياني وفيه المجاز والرمز والسر. إذ ان الشعر كان اداةً لنقل اللاهوت في التعليم الديني. وكان ممن لعبوا دوراً مهماً في الفترة مابين القرنين الرابع والخامس أفرام السرياني ونرساي السوري ويعقوب السروجي واسحق السرياني وكلهم لاهوتيون كتبوا افكارهم شعراً، وكان ذلك زمن الفرس  الساسانيين.(2)

أما وقد ذكرنا المدارس اللاهوتية السريانية في الرها ونصيبين في القرنين الرابع والخامس المسيحيين وحتى السابع، وكيف تمت فيها عملية دمج العلوم اللاهوتية اليونانية بالتراث المحلي السرياني، كذلك ذكرنا بعض اللاهوتيين الشعراء، الذين أثروا تلك المرحلة بمجهودهم الفكري، فهذا إنما يضعنا في الجو العلمي الشمولي المعاش في تلك الفترة والمعبر عن التمازج الحضاري بين عدة محاور

المحور الأول ممثلاً لتيارٍ يوناني قوي بديع الصورة آتٍ من الشمال البيزنطي الرومي وعاصمته القسطنطينية والذي هو في علاقة تبادل ثقافي فكري وفني مع أنطاكية في الشمال السوري.

المحور الثاني هو الممثل لتيار سرياني قائم في بلاد الرافدين وفيه الرها والموصل وسواهما من المراكز السريانية الهامة.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
ايقونة سريانية
ايقونة سريانية

المحور الثالث فهو مجال التواصل من جهة الشرق مع فارس الساسانية.

(جاء حكم السلالة الساسانية في بلاد فارس من 224مسيحية حتى دخول الاسلام، وهذا الزمن الساساني كان تالياً للزمن البارثي في بلاد فارس).

النهج الانطاكي الايقونغرافي

يتمثل الفن الايقونوغرافي وفق نهج مدرسة انطاكية في الفسيفساء في الغالب في ارضيات الكنائس الخلقيدونية السورية في وادي العمق وايبلا والشمال السوري ومنطقة ادلب وباريشا وحلب… وانطاكية والجبل الأقرع والمدن المنسية كما نشاهده فيها ومعرة النعمان واريحا…

هذا مهد لسيادة الفسيفساء في كاتدرائية دمشق الشهيرة كاتدرائية القديس يوحنا المعمدان وفيها رأس القديس يوحنا المعمدان الحامي لدمشق وهي كاتدرائية اسقف دمشق الرومي(3) هذه الكاتدرائية التي كانت تشكل ربع مساحة دمشق وقتئذ  والتي حولها الوليد بن عبد الملك الى جامع بني امية السنة 705مسيحية في الحقبة الأموية ( القرن7 و8مسيحيين) وقد دخلت الفسيفساء واكتست جدران الجامع الاموي  والشيء ذاته في الجامع الأقصى بالقدس الذي بناه الخليفة ذاته.

كذلك ماهية الايقونات التي كانت تكسو كنائس القسطنطينية ودمرها محاربوا الايقونات خلال مائة عام في القرن الثامن.

اما فن الايقونات في سورية من بعد منتصف القرن الثالث المسيحي حتى الى مابعد القرن السابع المسيحي، هي الحقبة التي لم تبق لنا أحداث الزمان شيئاً ملموساً نحتكم اليه.

المعطى الاول

هو الفن المسيحي الأول الذي يُفترض أن يكون أساسه في الوجوه التدميرية والقامات، والذي نراه أيضاً في فن معابد دورا اوربس المختلفة الانتماء.

المعطى الثاني

Image may be NSFW.
Clik here to view.
ايقونة  الرب يسوع الضابط الكل ايقونة انطاكية ارثوذكسية
ايقونة الرب يسوع الضابط الكل ايقونة انطاكية ارثوذكسية

هو الفن الجداري في كنائس كبادوكية في آسية الصغرى من القرن الرابع حتى الثامن، إذ أن الأثار الباقية منه تُشعر بأن هذا الفن هو لقاء بين الرؤية البيزنطية والرؤية السريانية في الوجوه والأيدي والثياب والحركات. من هنا ندخل في دائرة المنطقة السريانية فيمنطقة الشرق السوري اي بلاد الرافدين والجزيرتين العليا والسفلى، ونتساءل هل كانت المخطوطات التي استعمل رواد المدارس السريانية فيها الشعر مزخرفة بتصوير ايقوني؟ والحقيقة هي اننا نعثر في المخطوطات السريانية المعروفة من القرن السادس ومما سبقه ومما لحقه على عناصر أيقونية وزخرفية لها مؤداها الخاص في جماليتها وتميزها التعبيري كما نرى من جداريات سريانية تعود الى القرن 13 في دير مار موسى الحبشي في القلمون اي بعدها بقرون.

ونتذكر هنا الانجيل الطقسي الذي يسمى انجيل رابولا نسبة الى الراهب الذي نسخه وزينه في دير زغبة الذي كان يقع في منطقة أفامية السورية.

 المحور الثالث

هذا المعطى يلج الى المجال الساساني الفارس، وقبله الزمن البارثي الفارسي، وابداعات هذا الفن في النحت والتصوير مايستدعي دراسة التأثيرات اليونانية – الرومانية في  هذه الفنون الفارسية والمقارنة مع التأثيرات الفنية الرومانية في سورية في فن تدمر ودورا اوربس من حيث يأتي  الفن المسيحي الأول، في الفترة المتحلقة حول القرن الثالث المسيحي.(4)

في كتابه المذكور آنفاً يعمد ثروت عكاشة الى النظر لفن تدمر ودورا اوربس كإنجازات للفن الفارسي في مرحلتيه البارثية والساسانية حسب السياق التاريخي لكل من المرحلتين، علماً بأن الكتاب لم يتطرق الى أثر هذا الفن في الفن المسيحي الأول في سورية.

وقد تبدو وجهة النظر تلك مقبولة اذا قمنا بمقارنات وصفية لوقفة المُشخص الجبهية او لزركشة الثياب اذا ماعلمنا أن التدمريين قد لبسوا السروال الساساني تحت السترة الرومانية.

كيف اتى الفن المسيحي الأول في سورية شكلياً من وجوه تدمر وجداريات دورا اوربس؟

“يخيل لي(5) ان الفن المسيحي الشرقي في الايقونات الاولى وفي المخطوطات السريانية هو بعلاقة وصفية مع ماسبقه من فنون في سورية، كما يخيل لي ان الفن الفارسي في مجال النحت الميداني على الجبال الصخرية وفي الادوات الاستعمالية هو بعلاقة مع الفن البيزنطي الرومي حتى احتلال العثمانيين للقسطنطينية عام 1453مسيحية، ومع الفن السلافي والروسي فيما بعد ذلك، سواء في المنحوتات أو المسكوكات او في انعكاس المفهوم الفني في النحت البارز على فن الفسيفساء وفن الايقونة اذ يخيل لي ايضا ن هذين الفنين الفسيفساء والايقونة، رغم اعتمادهما التسطيح الا ان شيئاً من التجسم مسَّهما بخفر”.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
منحوتة تدمرية
منحوتة تدمرية

ويتابع الاستاذ الفنان زيات كاتب الايقونات الدمشقي الشهير القول في مقاله المنوه به:” قد اكون في استرجاعي لتك المعلومات مثيراً لجدل لايرحم النقاش فيه الا انعدام المكتشفات الأثرية الكافية بالنسبة للفن المسيحي، لكن ما استدعيه قد يجد مبرراً له من الناحية التنظيرية على الأقل.” (انتهى الاقتباس من الاستاذ الزيات).

ومن جهة الشعر المسيحي الرومي باليونانية فاننا نتذكر القديس رومانوس المرنم الحمصي الأصل (حوالي 490-560م) وما كتبه ولحنه من اناشيد في الطقس البيزنطي- الرومي حيث حظي بألقاب امبراطورية. وكذلك القديس الدمشقي كنارة الروح (6)منظم الموسيقا البيزنطية الرومية البديعة يوحنا الدمشقي (القرن 7-8م) الذي ترك المجد في البلاط الاموي واعتكف في دير مارسابا الرومي البيزنطي في فلسطين بالقرب من القدس حيث  ظهرت روائعه في رهبنته بهذا الدير فوضع مصنفات بالدفاع عن العقيدة الارثوذكسية “المائة مقالة في الايمان الأرثوذكسي”  في مقطوعاته البديعة المسماة “الدمشقيات”، وفي تكريم الايقونات عامة وفي تكريم العذراء خاصة بوضع ابيات مديح لوالدة الاله شعراً باليونانية وتصنيفه للالحان الكنسية الرومية البديعة  الثمانية مع مقامات واوزان… لازلنا نعتمدها في زماننا الحالي فهي الاساس…

وقد حصل ذلك بالتعاون مع رفيق دربه في الرهبنة واخيه قوزما المرنم الذي تربى معه في دمشق ببيت جده منصور .

 الأيقونة – الصورة المقدسة: نشأتها وتطورها

من المعروف انه في بدء انتشار المسيحية وبالرغم من الظلم والقتل والمذابح التي حلت بالمسيحيين، الا اننا نرى انهم استخدموا اشارات رمزية للتعارف والدلالة على امكنة اجتماعاتهم السرية وغالباً في الدياميس وعند قبور الشهداء بالمسيح، وكانت هي مغائر خارج المدن كانت تستخدم لدفن الموتى، فاجتمع فيها المسيحيون في منأى عن الأعين، مثل دياميس روما في ايطاليا.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
مراحل آلام المسيح تصوير الاب يوسف المصور المدرسة الحلبية
مراحل آلام المسيح تصوير الاب يوسف المصور المدرسة الحلبية

وقد اكتشف شيء مشابه في ضواحي حمص، ككعبة حمص… ومن تلك الاشارات السمكة وسلة الخبز والمرساة والقارب والكرمة.

واذا كان الخلاف بين المسيحيين الجدد حول معنى الاصنام كتمثيل للقدسية، تحريمها أو اباحتها قائماً في القرن المسيحي الأول في اورشليم، وامكنة اخرى من فلسطين؟ الا انه ومنذ القرن المسيحي الثاني تبدلت القضية، فأخذت بعداً أكثر طراوة ذات معنى انساني حيال التمثيل (الصنمي)، إذ اعتبر تمثيل المقدَّسْ رمزاً للاله وليس الهاً.

وهنا التساؤل عما اذا كان هذا، وأقصد تمثيل المقدس باعتباره رمزاً للاله وليس الهاً ، مقارباً لما سوف يأتي فيما بعد كمفهوم للأيقونة يخلص الى أن تكريمها لايعني عبادتها، انما هو تطلع نحو ما تستجليه من عوالم لامرئية؟ الأمر الذي ثبته مناصرو الايقونة بعد حرب الايقونات فيما سيسمى حرب الأيقونة أو انتصار الأرثوذكسية وتعيد له الكنيسة الارثوذكسية في أحد الارثوذكسية.

منذ القرن الثاني المسيحي ايضاً استبدلت الاشارات الرمزية على جدران الدياميس أو في بيوت العبادة العلنية- حيثما وجدت في ارجاء الأمبراطورية الرومانية- بمشاهد خلاصية مثل المسيح آدم الجديد وسفينة نوح وشفاء المخلع والعشاء الأخير، وكذلك جملة من المواضيع الرامزة لقيامة المسيح والحياة الفردوسية للراقدين على الرجاء.

وفي موقع دورا اوربس (صالحية الفرات) في سورية تم اكتشاف جداريات، في عشرينات القرن الماضي، في بيت التبشير المسيحي وفيه قاعة مخصصة للعماد يعود الى اواسط القرن الثالث المسيحي.

في تلك القاعة وجدت عدة مشاهد منها مشهد الراعي الصالح وتعثر بطرس في مشيه على الماء والنسوة حاملات الطيب يسرن صوب قبر الرب يسوع وشفاء المخلع (وهي  مختلسة من سورية وحالياً في متحف جامعة ييل في اميركا).

وبين القرن الثالث والقرن الرابع المسيحي أخذ يتبلور عند آباء الكنيسة معنى التجسد. ومن هنا جاءت المنطلقات الأولى لعلم اللاهوت، وذلك بعد تأمل في نصوص الكتاب المقدس ودراستها وتفسيرها، وكانت رسائل القديس بولس الرسول وحوارات الأناجيل دعائم هامة لهذا الفكر اللاهوتي.

وقد اخذت الكنيسة افكاراً لاهوتية واعتمدتها مرحلة اثر مرحلة

  • ابن الله وكلمته  صار انساناً كي يجعل الانسان الأرضي سامياً الى الآب السماوي في التوق اليه بالروح.
  • العماد بالماء والروح هو الولادة الجديدة وسبيل النمو بالروح، فالانسان الجديد المتجدد على صورة خالقه هو قد صار كذلك بتجسد كلمة الله في حركة نمو البنوة لله.
  • في المسيح الكلمة المتجسد، تزاوجت الطبيعتان الالهية والبشرية…والمسيح، آدم الجديد، وحده يُنير الخليقة الاولى والخليقة الجديدة بصلبه وقيامته.

وهكذا “فالصورة” و”الشبه” تواجدتا في كلمة ايقونة EIKON اليونانية التي تعنيهما، واخذت الصورة ترافق الطقوس في الكنيسة الاولى للبرهان على تجسد ابن الله في المسيح الانسان وحلوله بين الناس.

وبعد قرون وذلك في القرن الثامن-التاسع (780-843) مسيحية يعود الخلاف ليحتدم بين مؤيدي الايقونة وخصومها حتى ليأخذ طابع العنف. في تلك الفترة التي اسميت حرب الايقوناتiconoclasme والتي كانت قضية بيزنطية بامتياز، من دمشق يدافع الدمشقي الوجيه يوحنا الوجيه المنصور بن سرجون (عاش بين 650 – 750 مسيحية بين دمشق ودير مارسابا قرب القدس)

يوحنا الدمشقي من دمشق عاصمة الامويين يدافع عن الايقونة، ويفقد يده نتيجة وشاية امبراطور بيزنطة للخليفة فيقطع الخليفة الاموي اليد…وتعيد العذراء الطاهرة اليد  بيدها الطاهرة وتم تصوير ايقونة القديس يوحنا الدمشقي ساجداً للعذراء التي تعيد له يده…

Image may be NSFW.
Clik here to view.
ايقونة القديس يوحنا الدمشقي ويده المقطوعة
ايقونة القديس يوحنا الدمشقي ويده المقطوعة

من دمشق المقدسة كتب القديس يوحنا الدمشقي المكنى بمجرى الذهب تشبيها له بنهر بردى بفروعه السبعة (والسبعة في المسيحية الارثوذكسية تعني الحكمة) كتب رسائل ودفوع من اجل الايقونة نلخص منها مايلي:

اذا استوعبت ان المنزه او اللامرئي قد تجسد لأجلك، فيجوز لك ان تعمل صورته الانسانية المرئية…وبما ان اللامحدود قد لبس الجسد الانساني، فصور هذا الشكل اذا على الخشب وتأمل صورة الذي اراد ان يكون مرئياً، فإن لم تصور الابن الذي رأيناه فأنت اذن تُنكر تجسد الآب الذي لم نره.

وقد فرض سياق الاستعمال الميداني للصورة في الكنيسة ان يحمل اسلوب تصويرها  تعبيراً روحياً متقشفاً وشفافاً اي بعيداً عن الثقل المادي. وفي ذلك يقول سيادة المطران جورج خضر:

“صناعياً، كالكنيسة، الايقونة مبنية من حيث ان الخطوط الهندسية بُنيتها وتتحكم بها لكون هذه اللوحة تجريدية مترفعة عن طغيان الجسد وشهويته لتصبح مسطحاً له كما سيكون في متجليات الكون الآتي”.

في تأمل تصريح المطران جورج وهو يصح ان نصفه القمر الرابع من اقمار كنيستنا الارثوذكسية عامة والانطاكية خاصة، نرى اننا من خلال الايقونة نُشرف على متجليات الكون الآتي حيث يغدو الجسد الترابي، المتكون من مادة تشغل حيزاً ثلاثي البعد يصبح هذا الجسد ذا بعد روحي يُعبر عنه في الايقونة، بطريق التأليف الهندسي لموضوعها، التأليف الهندسي الذي يحمل حتمية ثنائية البعد المسطح.(7)

وفرض ايضا سياق الاستعمال الميداني للصورة في الكنيسة أن تكون مرتبطة بالنص الديني وتتبعه في دقة التفاصيل التي يدونها عن حياة المسيح أو العذراء مريم او القديسين والقديسات، وان يرتفع اسلوب التصوير، بصرياً في الأيقونة الى الروحانية التأملية التي يؤديها النص في مداه اللاهوتي. لذلك فالايقونة كعمل فني لايستوي تقويمها الا باستيعاب العامل الفكري المحرض على ابتكارها، هذا العامل الذي يساهم في تكوين مفهوم الايقونة الجمالي، ومعلوم ان فن كل حقبة تاريخية يحمل مفهوما جمالياً متعلقاً به، وتتم المقارب اختصاصياً للاعمال الفنية التابعة لتك الحقبة تبعاً لذاك المفهوم الجمالي.

هذا وان المتتبع لتاريخ الصورة في الكنيسة يقع على مايلي

لقد نقل تلاميذ المسيح رسالة معلمهم الالهي بشارة كلامية شفهية أو مكتوبة، وهم بمجيئهم من وسطهم التوراتي لم يشعروا بحاجة الى الصورة كوسيلة ايضاح وتثبيت لقصد كرازتهم كما اسلفنا بالعكس كانوا يتحاشونهاخشية الاتهام بالوثنية والصنمية حسب ماجاء في العهد القديم:” لاتصنعن لك تمثالاً ولا صورة شيء” ( الوصايا العشر، خروج 4:20-5) وعندما اتجهوا في بشاراتهم الى الامم فهؤلاء جاؤوا من تراثات ثقافية متنوعة كان في بعضها اسقاطات للصورة إسقاطات ومبررات.

إلا ان آثار الفن المسيحي الأول والقديم القليلة الباقية في ارجاء الامبراطوريتين الرومانية والبيزنطية تعود تقديراً الى القرنين الثاني والثالث المسيحيين، وذلك حتى تقوم المصليات الأولى بدءاً من اواسط القرن الرابع هنا وثمة في كل مكان استشهد فيه قديس وقديسة.

ان احترام المؤمنين لرفات الشهيد دعاهم للعمل على بناء مصلى – مزاراًللتأمل والتبرك والاستشفاء في المكان الذي حصلت الشهادة فيه، أو في مكان آخر أكثر لياقة حيث كانت تنقل الرفات باحتفال مهيب، وفي هذا المزار كانت توضع فيه صورة الشهيد.

واذا كان الفينيقيون والتدمريون والمصريون وغيرهم من الاقوام القديمة، قد صنعوا صورة ملونة او منحوتة للمتوفي تمثله اثناء حياته كي توضع على قبره او على موميائه، فإن المسيحيين قاموا بعمل صورة للشهيد القديس لا كجسم حسي اعتراه الموت بل كرفيق للمسيح الحي المنتصر على الموت الناهض من القبر. وكان لإمكانات التصوير والنحت السائدة آنذاك ما ساعد على وضع صورة للشهيد القديس واعتمادها وثيقة تصلح لاستنساخها ونشرها بين المريدين، كانت صورة مبتكرة في مداها التأملي ولكنها لم تخلُ من المطابقة مع الأصل الحي اعتماداً على الوصف المتناقَلْ لهيئة الشهيد وقامته وسنه ومهنته التي كان يمارسها في الدنيا، وهكذا تكونت شيئاً فشيئاً الايقونات الاولى.

تشير الدراسات الى أن الاستعارات  الفنية والاسلوبية جاءت الفن المسيحي الاول في منطقتنا من مصدرين أساسيين: المنحوتات المشخصة التدميرية (من حقبة القرنين الثاني والثالث الميلاديين)، ومن صور الوجوه في فيّوم مصر(من الحقبة مابين القرنين الثالث والخامس الميلاديين).

صحيح أن المنحوتات التدمرية وصور الفيوم قد مثلت كلها الشخص بعينين كبيرتين تنظران الى ماوراء الكون، واستعار ذلك الفن المسيحي، الا ان مايميز الفن المسيحي الاول والقديم ناحيتان:

الناحيةالأولى فكرية إذ ينطلق هذا الفن من قناعة بأن المسيحله المجد قد عاش حقاً على الارض بين الناس وبشَّر بملكوت المحبة ثم مات وقام فاسحاً  أمام الراقدين رجاء الحياة الابدية.

ومن هنا أتت صورة الشهيد التي اعتبرناها الايقونة الاولى مبنية على ايمان بحقيقة مختلفة عما بُنيت عليه شبيهاتها في تدمر والفيوم.

في المحصلة فإن ايقونة القديس لاتمثله كجسم حي اعتراه الفناء بل كصاحب للرب الحي المنتصر على الموت، وهو اي الشهيد القديس وقد اصبح الآن في حضرة الله، وكان قد أمضى حياته في الظهورات الالهية، وفي اللحظة التي سبقت استشهاده تحول وجهه الى وجه نوراني، مثال ذلك ماورد في اعمال الرسل بأن استفانوس اول الشهداء عند محاكمته تحول وجهه الى ملاك فتكلم وقال خطبة طويلة كان آخرها:”الا اني  ارى السماوات منفتحة وابن الانسان قائماً عن يمين الله.” فلذلك نصور القديس بعينين واسعتين للدلالة على انه ينظر الحضرة السماوية والنور الالهيلأن فيهما وتجاهما بصورة ابدية.

واما الناحية الثانية فهي تتعلق بالموضع، فرفات القديس التي بُني عليها المصلى- المزار كانت توضع في صندوق رخامي غالباً ومزخرف، وهو ذو فتحة في أعلاه يُصبّ فيها الزيت وفتحة ثانية في أسفله يؤخذ منها الزيت المتقدس بملامسة بقايا القديس. وتفنن الصناع الفنانون في عمل الصندوق، كما تفننوا في صنع قوارير وحواجل الزيت المقدس التي كان يُحمل الزيت فيها بغية نقله وتداوله للتبرك والاستشفاء. وكانت هذه الحواجل من الزجاج أو الخزف ومنها ماحمل نقوشاً أيقونيةبمواصفات عالية الجودة الفنية.

في متاحفنا ومتاحف العالم واصلها من ارثنا المحلي المختلس بعضها من فلسطين القبر المقدس، ومن سورية حلب وادلب وايبلا وباريشا وحلب وحمص ودير سمعان العمودي والمدن المنسية وغير ذلك… 

الايقونة ونصوص الكتاب المقدس

العهد القديم

اذا كانت بعض نصوص العهد القديم، كالمراثي ونشيد الاناشيد والنبوءات والمزامير تحوي صورا شعرية وتأملية رمزية، الا ان الله في العهد القديم يخاطب الشعب بالكلمة المنطوقة:” اسمع ياشعبي…” والكلمة المنطوقة هي مفهوم مجرد حتى ولو اتت منها الحكمة تكون الحكمة نظاماً لافرح فيه، أضف أن في العهد القديم نصوصاً تحرم التصوير المرئي كما في سفر الخروج(5:4:20) وفي تثنية الاشتراع (15:4-18) ورد مايلي:”…فاحتفظوا لأنفسكم جداً أنكم لم تروا صورة في يوم خطاب الرب لكم في حوريب من وسط النار. لئلا تفسُدوا وتعملوا لكم تمثالاً منحوتاً على شكل صورة ما من ذكر أو أنثى…”

العهد الجديد

في نصوص العهد الجديد نجد صوراً وصفية عن حياة السيد المسيح وامثاله وعظته على الجبل . أضف أن هناك دعوة للرؤية ومن هنا يأتي الفرح. وتأكيداً لما قلناه نقرأ في رسالة يوحنا الاولى(1-4:1):” ذاك الذي كان في البدء، ذاك الذي سمعناه،ذاك الذي سمعناه، ذاك الذي رأيناه بأعيننا…ذاك الذي لمست يدانا من كلمة الحياة، لأن الحياة تجلّت فرأيناها، نكتب اليكم بذلك ليكون فرحنا تاماً.” وفي رؤيا يوحنا ترد الكلمة المكتوبة والصورة المترافقتين اذ يقول الملاك:”أكتب ماتراه.”

الصورة المرئية

لعبت الصورة المرئية دوراً مهماً كأداة للتواصل الفكري بين الأفراد والجماعات في حضارات الشرق القديم قبل الكتابة. وجاءت الكتابة نمطاً متطوراًللصورة ودلالة مجردة قابلة للتداول وذلك في الأف الرابع – الثالث قبل الميلاد في سومر وأكَاد. وفي الألف الثاني قبل الميلاد في اوغاريت وصور. واذا كان التاريخ قد بدأ بهذا الكشف العظيم”الكتابة” اي النص. فالصورة المرئية ظلت تواكب النص كوسيلة ايضاح اخرى هي الدلالة البصرية والوجه الآخر للتعبير الفكري، وبذلك لم تترك الصورة النص اسير الكلمة المنطوقة- المكتوبة حتى تخاطب البصيرة داعية الى التأمل وتكامل المعرفة.

وللصورة المرئية أساليب متعددة نستطيع جمعها في منظومتين اثنتين

المنظومة الاولى تؤدي الصورة المعنى فيها بأسلوب تعبيري يعتمد تحوير الشكل حتى الرمز.

والمنظومة الثانية تؤدي الصورة المعني فيها بأسلوب واقعي تقريري. ويلعب في المنظومتين عاملٌ مهم وهو الحقبة الزمنية التي تعود اليها الصورة وما يرافقها من منظور جمال سائد في تلك الحقبة، فنقول مثلاً الفن القبطي أو الفن الاسلامي ونعني بذلك مواصفات فنٍ ما زمانياً ومكانياً وجمالياً.

واذا كانت حضارات الشرق القديم في بلاد الرافدين والهلال الخصيب وحوض المتوسط الشرقي ومصر،  منذ الألف الثامن – السابع قبل الميلاد حتى القرن الثالث – الرابع المسيحي، قد مارست في فنونها المرئية النمط التعبيري واستمر ذلك، على نحو، في فنون العصر الوسيط المسيحية والاسلامية. فإن فنون اليونان والرومان منذ القرن الثامن-السابع قبل الميلاد قد مارست في فنونها المرئية النمط الواقعي الكلاسيكي هذا النمط الذي وجد فيه عصر النهضة الاوربي في القرن الخامس عشر رافداً لانجازاته في الرسم والنحت والتصوير.

واذا ما تمازجت الفنون الكلاسيكية (اليونانية – الرومانية) بفنون الشرق القديم في بلادنا في حقبة التمازج الحضاري منذ القرن 4ق.م (مجيء الاسكندر المقدوني 330ق.م)، وظهر ذلك في الفن الهلنستي والروماني الشرقي، فقد شكلت هذه النماذج موروثاً فنياً يُلحظ أثره في الفن المسيحي الشرقي منذ القرن 3م في سورية وفلسطين وبلاد الرافدين ومصر، وهو الفن الذي تمظهر في معنيين: سرياني وقبطي.

هذا وان سرَّ نماذج الفن في الحقيبتين الهلنستية والرومانية في بلادنا يكمن في انها تحمل على السطح لبوساً يونانياً – رومانياً وتُبقي على الروح الشرقية في مضمونها التعبيري.

وفي هذا المجال يوضح العلامة أندريه غرابار قائلاً بمامعناه:” إن نماذج الفن الشرقي في الحقبة المتأخرة من العصور القديمة بين القرنين 3و4م لايمكن اعتبارها استمراراً هجيناً للفن الكلاسيكي الغربي لأن لهاا تركيبها الخاصمن غنى مصادرها وبسبب مهارة مبدعيها، وذلك ماجعلها تنتشر في مدى الامبراطورية الرومانية ويهمنا هذا الفن الجديد لأن الفن المسيحي الأول والمدارس المختلفة التي تبعته في الأصقاع ولم تخرج في أطرها العامة عن الرؤية الفنية التي أوجدها هذا الفن في الأشكال وطرائق الاستعمال. زد أن هذا الفن قد طرح اشكالات جمالية وتقنية نراها في نماذج العصر الوسيط اللاحقة.”

من المعلوم ان حرب الأيقونات قد دامت في عهد الامبراطور الرومي ليون الثالث الايصوري وانتهت في حكم الامبراطورة ثيودورة وابنها ميخائيل الثالث. وقد أدت الحرب الى استشهاد عدد كبيرمن الرهبان دفاعاً عن الايقونة ووجودها في الكنائس وضرورتها الطقسية والتربوية، كما دُمرتا أيقونات وجداريات ومخطوطات مصورة كان بقاؤها مفيداً في معرفة مؤشرات مهمة ومفيدة في تاريخ هذا الفن فلم ينج الا مالم تصله يد الاثم في بيزنطة. اما في دير سانت كاترين في سيناء فقد بقيت مجموعة من الايقونات تعود الى فترة ماقبل تلك الحرب لايتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة.

بالاضافة الى جدارية الفسيفساء في أعلى حنية الكنيسة الكبرى في الدير، وهي تمثل مشهد تجلي السيد على جبل ثابور يقف بثياب ناصعة بين موسى وايليا، بينما يجثو على الأرض التلاميذ المختارون للمرافقة بطرس ويعقوب ويوحنا فيعبرهؤلاءالثلاثة عن اندهاشهم بحركات أيديهم وقسمات وجوههم، ويؤطر المشهد مجموعة من الوجوه في دوائر مرصوفة تفصلها عن بعضها زخارف نباتية، وتمثل الوجوه صوراً موصوفة لأنبياء ورسل ممن جاء ذكرهم في الكتاب حسب علاقتهم بيسوع المسيح وتاليمه.

ويُذكر أن أسباباً سياسية واقتصادية حرضت السلطة البيزنطية على محاربة الأيقونات ومن اهمها الصراع بين هذه السلطة والكنيسة على ملكية الأراضي التابعة للأديار وعائداتها وذلك لاحتياج السلطة الى الأموال اللازمة للعمليات الحربية.

اعتبر تدخل الامبراطورة ثيودورة لوقف محاربة الايقونات انتصاراً للفكر الأرثوذكسي، فأعيدت الى الايقونة قيمها الانسانية واللاهوتية والطقسية، ما ادى الى حراك نهضوي مهم تجلّى في الاحتفالات الطقسية بالمناسبة بمشاركة الشعب وفيما انبرى اللاهوتيون والفلاسفة من وضع مواعظ ونصوص مواعظ ونصوص مكتوبة لتوضيح المفهوم الذي يجب أن تُبنى عليه الايقونة، وما احتاجه ذلك من بحث في سياق نصوص الكتاب المقدس في منظور التدبير الالهي ومبرر تجسد الابن، وذلك ماتشهد عليه الايقونة آخذة دورها في ترجمة رؤية الحقائق الماورائية بلغة الشكل واللون، ولذلك ففي الفترة التي تلت السنة 843م قام المنظرون من آباء الكنيسة بوضع قواعد لضبط النهج الفني في الأيقونة كي لاتكون مجرّد صورة حسية ملموسة بل أن تصير صورة معنوية رامزة حتى ترتقي بالمتأمل فيها الى مناجاة من تُشخّصه وتكريمه في رؤية حدسية تصوفية اعتُمد في أدائها انسياب الخطوط ورمزية الألوان واتباع الفنان طقوساً خاصة من صوم وصلاة وتبريك للمواد المستعملة قبل بدء العمل في الأيقونة، وكان هذا الفنان يُعطى درجة كهنوتية مثله مثل كاتب الشعر الكنسي ومثل المرنم وقارىء النصوص في الكنيسة. وذلك ظهر في نصوص المقررات الناتجة عن المجمع الكنسي الذي عقد في مدينة نيقية في السنة 787م وجمع المتداعين الى الدفاع عن الايقونة، وكانت الحرب ضدها لم تضع أوزارها بعد، خاصة وأن ذلك المجمع قد جاء رداً على مجمع عقده المناوئون للأيقونة في السنة 754م.

جدير بالذكر أنه بعد حرب الأيقونات وانتصار الأيقونة نتج عن ذلك أمران عمليان حصلا في مبنى الكنيسة

1- تنسيق المشاهد الأيقونية في الكنيسة حسب نظام لايزال معتمداً الى اليوم في السقف أو القبة وعلى الجدران.

2- نما الايقونسطاس  وهو الحاجز الذي يتوسطه الباب الملوكي ويفصل هذا الحاجز المصلين عن الهيكل الذي فيه تُجرى الطقوس، فبعد ان كان جداراً واطئاً (8)اصبح جداراً عالياً يحمل عدة صفوف من الايقونات كما في الكنائس  الارثوذكسية.

وقد ابدع الفنانون الروم البيزنطيون في تصوير وكتابة الايقونة بعد حرب الايقونات، وزوال المحنة في السنة 843م بانتصار الايقونة. فقد تم عمل العديد من الايقونات في زمن الاسرة المقدونية التي حكمت بيزنطة من السنة 867 الى السنة 1081م ثم في زمن آل كومنين من السنة 1081 الى السنة 1181م، واعُتبرت ازمان الحقبتين مجتمعة عصراً ذهبياً للأيقونة حتى سمّي بالنهضة المقدونية لأن خلاله أُعيدت ولادة عصر اوربي كان مزدهراً في الفن وهو الكلاسيكية اليونانية – الرومانية بمفاهيمها الجمالية في النحت والتصوير، في الحرص على اعتماد النسب الذهبية في بناء الجسم البشري وفي أناقة تحركه على سطح اللوحة وفي عمليتي الرسم والتظليل.

وأضيف ذلك في بيزنطة الى المفهوم الشرقي في الرؤية الخاصة بالأيقونة الذي تحضَّر في كل من سورية ومصر وتابع مسيرته الى انطاكية فبيزنطة مروراً ببلاد الرافدين والجزيرتين العليا والسورية وكل آسية الصغرى. وكانت النتيجة فناً رومياً بيزنطياً ملوكانياً، متجلياً بشكل خاص في عمل المنمنمات في المخطوطات وما اكثرها في وثائق البطريركية الانطاكية بدمشق وأديارها  البطريركية والابرشية التاريخية العريقة، وحتى في اصغر الكنائس في اصغر لتجمعات الرعوية. فقد ساد هذا الفن الملوكاني ليس فقط في عاصمة بيزنطة القسطنطينية بل في كل مكان في المسكونة واقصد الامبراطورية البيزنطية شرقاً وغرباً وحتى في منطقة فارس بتأثير وهدي رومي خلاّق. اضافة الى النقش على العاج، إضافة الى الايقونات الخشبية والجداريات. 

هذا وان الامثلة كثيرة على ذلك نذكر منها مانجده اليوم من روائع ايقونات تلك الحقبة الذهبية من الفن الرومي في المتحف البيزنطي في أثينا وفي كنائس سالونيك وفي دير القديسة كاترين في سيناء وفي اديار انطاكية البطريركية والابرشية وحتى المختلسة منها… المفعمة بالمجد وتاريخه الرومي الزاهي. وتعد ايقونتا “سيدة فلاديمير” الموجودة في متحف تريتياكوف في موسكو، وايقونة “سيدة دمشق” في جزيرة مالطا من روائع الايقونات البيزنطية الرومية الخالدة في تلك الحقبة.

ويستمر هذا النمط الأيقوني البيزنطي الرومي في مفهومه الجمالي أثناء حكم آل باليولوغوس لبيزنطة من السنة 1261 الى السنة 1453 اي  تاريخ ذاك المشهد الحزين لثلاثة ايام بلياليها واكثر في الامبراطورية الرومية الذي قضى باقتحام العثمانيين القسطنطينية واستباحتها لهم وعددهم ثلاثمائة الف انكشاري متعصب جاهل للفن والحضارة متعطش لسفك الدماء…دخلوا الى القسطنطينية  وسيوفهم تقطر دماً رومياً من شهداء اكليروس وعلمانيين من الاسرة المالكة حتى الفقير…محتلين وقاتلين ومنتهكين الاعراض ومدمرين هذه الروائع ومحولين هذه الاديار والكنائس الى مساجد واولها كاتدرائية الحكمة الالهية آجيا صوفيا…وان كان خليفتهم محمد عارف للحضارة الرومية وعاشق لها فاحتفظ بهذه الكاتدرائية الشهيدة لنفسه وحافظ على جدارياتها  ولو بطليها بالكلس، واحتفظ لنفسه بتسمية سلطان الروم  تشبهاً بأباطرة الروم ذوي المجد الزاهي لعشرة قرون مضيئة من الحضارة الانسانية، واعتمد التقويم الرومي مع التقويم الهجري…

نرى ان هذا النمط الايقوني تجلى بشكل خاص في الفسيفساء الجدارية كما في آجيا صوفيا وغيرها من مساجد اسطنبول بعد إزالة ماكان يغطيها من طبقة كلسية، وجدير ذكره ان فن الايقونة بمفهومه الكلاسيكي هذا قد بدأ يتسرب الى بلاد البلقان والبلاد السلافية والروسية مع الفنانين الذين غادروا بيزنطة إثر اندلاع حرب الايقونات حيث وجدوا أرضية خصبة لفنهم معتمدين على تشجيع امرائها الحسني الايمان، فترعرع فيها فن الايقونة متخذاً سمات متمايزة حسب طبيعة كل منطقة وقومها من تلك المناطق المؤمنة وحضاراتها المحلية ومستمراً فيها حتى بعد سقوط واحتلال القسطنطينية (9) بيد العثمانيين 1453م حيث ايضا هاجر  الفنانون من القسطنطينية الى جبل آثوس وبلاد البلقان واوربة الشرقية وحتى الى سواحل ايطالية وانشأوا فنهم الايقوني، حيث اصطلح على تسميته مذاك بالفن” مابعد البيزنطي”، وهو ماينطبق على ايقونات النهضة الايقونية التي حصلت في مدينة حلب في القرنين السابع عشر والثامن عشر مع اسرة المصور أب وإبن وحفيد وتسمت المدرسة الحلبية(10) 

ومن الجدير ذكره ذكر المعلم الانطاكي المطران جورج في تعليقه على تسمية الفن البيزنطي حيث قال

“اذا ماقلنا فناً بيزنطياً فلا يعني أنه متصل أساساً ببزنطية العاصمة، ولكنه يسمى كذلك بسبب ظهوره في مدى الامبراطورية وعلى وجه التخصيص في مصر وسورية. وبعد سقوط القسطنطينية، ظل يزدهر حيثما حلت الكنيسة الأرثوذكسية”.(11)

يتساءل إمام فن الايقونة الفنان الاستاذ الياس زيات اطال الله بعمره(12)

” اذا كانت الايقونة انجازاً في فن التصوير قوامه معالجة نصوص العهد الجديد بالشكل واللون، فهل كل لوحة دينية أيقونة؟

وهنا اقصد تحديداً الموضوعات الدينية التي عالجها فنانو عصر النهضة الأوربي بمهارة في تصوير الواقع المرئي بكل ابعاده التجسيمية والتجسدية – في نمطية لم يخرج عن إطارها العام إلا ذوو الموهبة الفذة والقدرة الرؤيوية البعيدة المدى كليوناردو دافنشي ورمبراندت وجيروم بوش- وذلك منذ اواخر القرن الرابع عشر واستمر ذلك حتى اواخر القرن التاسع عشر، هذا التجسيم الذي أخذ الألباب بحسن أدائه حتى انعكس على فن الايقونة الكنسية منذ القرن السابع عشر في كل كنائس العالم الارثوذكسي، ومذاك اختلف الفن الايقوني في توجهه مبتعداً عن بيزنطيته الأصيلة واقصد بذلك عن جذره الرمزي الذي تبنته الكنيسة بعد حرب الايقونات في القرن التاسع الميلادي.”

كما يتساءل عن موقع الايقونة الكنسية في مسيرة الفن الحديث

ليس هناك من مقاربة بين الايقونة وابداعات الفن الحديث حتى اليوم هناك لوحات تزيينية في الكنائس الغربية اليوم قام بها فنانون معاصرون امثال ماتيس وشاغال…الا ان هذه وتلك لاتعتبر ايقونات بالمعنى التقليدي في الاصظلاح الكنسي، ذلك لأن الفنان الحديث والمعاصر بامتلاكه حريته لأبعد الحدود حتى الافراط في الأنا قد ابتكر دربه الخاص به وخاطب الناس به. اما فنان الايقونة فكان عليه ان يتخلى عن ذاته عند ابداعه لعمله الفني حتى يتمكن من تحقيق الشروط المثلى في مجال الممارسة الدينية لأنه يشارك بذلك الجماعة المؤمنة، وتكون الأيقونة حينذاك أداةً للصلاة والتأمل.

حواشي البحث

1- (انظر بيير كانيفي:”المسيحية في القرن الاول للميلاد”- في المسيحية عبر تاريخها في الشرق، مجلس كنائس الشرق الأوسط 2001ص:39 – 57)

2-(انظر سياستيان بروك:”نشوء الفكر المسيحي، مدارس أنطاكية والرها ونصيبين اللاهوتية”- في “المسيحية عبر تاريخها في الشرق” اصدار مجلس كنائس الشرق الأوسط2001، ص: 143-164)

3- كاتدرائية دمشق في موقعنا هنا/باب آثار مسيحية

4- انظر ثروت عكاشة:” الفن الفارسي القديم” القاهرة دار المستقبل العربي 1989،ص:212-347)

5- الاستاذ الياس الزيات مقاله:”الايقونة بين النص والصورة” كتاب نهر الحياة طباعة دمشق 2015

6- القديس يوحنا المعمدان انظره في موقعنا /باب قديسون

7- الاستاذ الياس الزيات بالاستناد الى رسالة القديس بولس الرسول الاولى الى اهل كورنثوس35:15-58 بشأن قيامة الأموات والجسد الروحي

8-نرى اثره في كنائسنا القديمة كما نرى نماذج منه في متحف دمشق.

9- سقوط القسطنطينية انظرها في موقعنا/تاريخ الكنيسة

10-  المدرسة الحلبية انظرها في موقعنا /تاريخ انطاكية

11-جورج خضر -الأيقونة، بيروت 1977

12- “الايقونة بين النص والصورة”

 

باولو ماتيية مكتشف ايبلا يروي أسرار عنقاء الحضارات

باولو ماتيية مكتشف ايبلا يروي أسرار عنقاء الحضارات
توطئة…
بجوار مدينة حلب، نشأت مدينة ايبلا قرابة العام 2500 ق·م· تحدّت الطبيعة وازدهرت بعيداً عن ضفاف الأنهار··· انتصرت مراراً وانهزمت ودُمرت مراراً لكن لتولد من جديد من تحت الركام· اكتشاف وثائقها السبعة عشر ألفاً عام 1964 كان أهم حدث آثاري تاريخي في العالم، والنصوص كشفت كنوزاً من المعلومات التي كانت لا تزال مجهولة·
يقول مكتشف ‘ايبلا’، البروفسورباولو ماتيية
– تعرفي على ايبلا
عندما بدأت بأعمال التنقيب في مواقع ‘تل مرديخ’ عام ،1964 كانت ‘ايبلا’ لا تزال مجرد اسم ورد في مدونات الملك الاكادي ‘سرجون الأول’ في بلاد ما بين النهرين· كما في مدونات حفيده ‘نارام سن’ في القرن الرابع والعشرين قبل الميلاد، وكما ورد ذكرها أيضاً في مدونات الفرعون ‘تحتمس الثالث’ بعد ذلك بحوالى ألف عام·

– سبب التنقيب في تل مرديخ
قال: “أنا من مؤيدي النظرية القائلة بوجود حضارة في الألف الثاني قبل الميلاد قامت في سورية، أي في منطقة ما بين شاطئ البحر المتوسط ونهر الفرات، وأعتقد أنها حضارة أصيلة مستقلة ذاتياً عن بلاد ما بين النهرين· وحفريات ‘ليونارد وولي’ عام 1955 في منطقة ‘الالاخ’ قرب انطاكية، أظهرت مؤشرات على حضارة باليو سورية أصيلة عائدة الى عهد ‘حمورابي’ ملك ‘بابل’ (1927- 1750 ق·م·)·· وكانت المشكلة يومها معرفة ما اذا كانت ‘الالاخ’ حالة منفصلة، أو ما اذا كانت قد تطورت في تلك الحقبة حضارة أصيلة في كل سوريا· ثم في العام 1968 أمكن التوصل الى أطلال ‘ايبلا’ التي كان علماء الآثار يبحثون عنها منذ مطلع القرن العشرين، لكنها كانت أبعد الى الشمال مما كنا نعتقد·· اضافة الى اننا اكتشفنا في هيكلها قطعة بازلتية يتطابق مع اسم ‘ايبلا’ ومعناه في الألسنية الدلالية ‘الأبيض’، والذي يبدو أنه قد أُخذ قديماً من المرتفعات الصخرية الكلسية البيضاء المحيطة بالمنطقة”·
حمورابي
-ا الترجمة التاريخية لهذه المكتشفات الأثرية
Image may be NSFW.
Clik here to view.
المكتشفات
المكتشفات
تثبت هذه المكتشفات ان ‘ايبلا’ كانت في الألف الثاني قبل الميلاد مركزاً لحضارة أصيلة، حيث وجدنا بين أطلالها: ثلاثة قصور وعدداً من الهياكل أكبرها هيكل ‘عشتار’، اضافة الى أعداد من التماثيل البديعة وكميات من الجواهر النفيسة المصقولة ببراعة· ثم، ولدى مقارنتنا لمكتشفات ‘ايبلا’ بمكتشفات ‘الالاخ’، وجدنا ما هو أكبر وأهم من ذلك، وبالامكان القول ان ‘ايبلا’ هي مدينة عصر ‘حمورابي’ المعروفة أكثر لعلماء الآثار والتاريخ، وهي ليست من تحف حضارة سورية القديمة فقط بل الشرق الأوسط القديم كله·· قبل اكتشاف ‘ايبلا’ كان الكلام عن حضارة بابلية، لكن بعدها أصبح ممكناً الكلام عن حضارة سورية أيضاً·
– هل يعني ذلك ان عمر ‘ايبلا’ يرقى الى الألف الثاني قبل الميلاد فقط؟
لا··· فمع متابعة الحفريات اكتشفنا ‘ايبلا’ الألف الثالث، أي حقبة ‘اكاد’ و ‘سومر’، وفي العام 1975تم العثور على وثائق قصر ‘ايبلا’ الملكي، عائدة لما بين العامين2350- 2300 قبل الميلاد، والوثائق كنز تاريخي حقيقي مؤلف من 17000لوحة مسمارية·
– وماذا عن مضمون تلك اللوحات؟
ثمانون بالمائة منها نصوص اقتصادية، اضافة الى نصوص سياسية وديبلوماسية ودينية وادارية· اضافة الى نص المعاهدة المعقودة بين ‘ايبلا’ ومدينة ‘ابرسال’، المدينة الواقعة عند ضفاف نهر الفرات والتي لم يتم اكتشافها حتى الآن· والمهم ان معاهدة ‘ايبلا’ – ‘ابرسال’ هي أول معاهدة دولية في تاريخ البشرية·
– تفسير وترميم
لقد فسرنا ونشرنا حتى الآن كافة النصوص المكتملة والتي تشكل حوالى 40% من اجمالي وثائق ‘ايبلا’·· أما الباقي فهو عبارة عن لوحات مهشمة كلياً أو جزئياً نعمل على ترميمها وعلى نشر ما يكتمل منها·
– المهمة ليست عسيرة جداً إذن؟
بالعكس، ففي لوحات ‘ايبلا’ ذكر لعدد كبير من المدن التي لا أحد يعرف مواقعها حتى الآن· ثم اننا لم نفهم بعد مغزى إهداء سيف من ذهب لموظف اداري بمناسبة زواج أميرة، خصوصاً ان مثل هذه المسألة تتكرر في عدد كبير من اللوحات التي نسعى من خلالها الى فهم مختلف المظاهر الثقافية في مجتمع ‘ايبلا’· وكذلك الى محاولة تصنيف اللوحات بالتسلسل الزمني حيث يبدو انها تغطي حقبة بحدود الأربعين عاماً· في البداية مثلاً كانت ‘ايبلا’ تدفع جزية الى مملكة ‘ماري’، ثم انقلبت موازين القوى وقامت ‘ايبلا’ بغزو ‘ماري’· ومن ذلك أيضاً ان الانفاق العام قفز في عهد الوزير ‘امبريوم’ من 50كيلو فضة الى 137 كيلو، ليصل الى 270ثم الى 600كيلو في عهد ابنه الوزير ‘ايبي – زغير’· لقد كبرت قوة ‘ايبلا’ بحيث باتت تشكل تهديداً لكبريات مدن ما بين النهرين· وهذا ما كان بمثابة نهاية ‘ايبلا’ الأولى، حيث غزاها ‘سرجون’ الملك الاكادي ودمرها، ليأتي بعده حفيده ويبقيها خارج الزمن طوال قرن بأكمله·
– لغة ‘ايبلا’
Image may be NSFW.
Clik here to view.
اوابد ايبلا
اوابد ايبلا
ماذا أيضاً في وثائق ‘ايبلا’ التي تسبق وثائق ‘ماري’ بستة قرون؟
لقد اكتشفنا في وثائق ‘ايبلا’ لغة الايبلية التي لا شك أنها تشكل مع الاكادية أقدم لغة سامية مكتشفة حتى الآن· لكن من الصعب حتى الآن معرفة ما اذا كانت الايبلية مشتقة عن الاكادية أو العكس· إنما يبدو انه في الألف الثالث كانت هناك عدة لغات سامية متقاربة، منها ما يستخدم في الغرب أي في سوريا الداخلية ومنها في الشرق أي في وادي الفرات· لغات متقاربة لكن مستقلة· ولعل أهم ما في مكتشفات ‘ايبلا’ هو ما يمكن اعتباره أقدم معجم ثنائي اللغة في التاريخ ويحتوي على خمسة آلاف كلمة بلغة ‘ايبلا’ مع مقابلها بلغة ‘سومر’، الى ذلك فإن لوحات ‘ايبلا’ هي أول كتابة مسمارية للغة ذات أصل سومري· في لوحات ‘ايبلا’ أيضاً أربعون نصاً دينياً تكشف أضاحي الملك للآلهة، وأضاحي الملكة وكبار الحاشية· وأعظم الأوثان في ‘ايبلا’ كان الإله ‘كورا’ وهو نوع من الإله أو ربما الموازي لإله العواصف ‘هدّاد’ وهو زوج الآلهة ‘عشتار’ آلهة الخصب والحرب في أعالي ما بين النهرين· كما عرفت ‘ايبلا’ الآلهة ‘افروديت’ و’فينوس’ و’استارتي’· إلى ذلك تميزت ‘ايبلا’ بعمرانها المختلف عن الهندسات المجاورة التقليدية· ومع انها كانت في العصر البرونزي فلعلها أول مدينة تقام بعيداً عن ضفاف الأنهار والمساحات الزراعية كمدن مصر القديمة وبلاد ما بين النهرين·
– نعمة المطر
ما الذي كان يمنع ‘ايبلا’ من بناء خزانات مياه وقنوات ري؟ – ربما وفرة المطر، حيث ازدهرت في مرتفعاتها زراعة الكرمة والزيتون وغيرها من الزراعات التي كانت لا تزال مجهولة حتى في وادي النيل نفسه·
–  مساحة ‘ايبلا’ وحدودها
في ذروة قوتها ترامت ‘ايبلا’ حتى جبال طوروس غرباً وصولاً الى الفرات شرقاً والبحر المتوسط·· مما أوصلها الى مصادر الخشب والمعادن، كالفضة في جبل امانوس والنحاس والبرونز في جبال طوروس وغيرها· وبالإجمال، كانت بلاد ما بين النهرين تفتقر الى الأخشاب والمعادن· في ظروف كهذه نشأت ‘ايبلا’ وقويت كغيرها من مدن ما بين النهرين، وباعتقادي ان الحفريات ستكشف المزيد من المدن القديمة المشابهة لـ ‘ايبلا’· لقد أثبتت ‘ايبلا’ ان الحضارة الحقيقية لا تكون وليدة المدن النهرية· ولعلها كانت أول تحد حضاري بشري من هذا النوع في تاريخ البشرية·
– قصيدة التحرير
قيل لباولو:أحرزت شهرة عالمية واسعة باكتشافك لأطلال مدينة ‘ايبلا’، ماذا عن اكتشافاتك الأخرى؟
قال: “عدنا واكتشفنا القصر الملكي في ‘ايبلا’ الثانية، مساحته 300متر، لكن يبدو انه كان أكبر من ذلك قبل تدمير ‘ايبلا’ على يد الحثيين قرابة العام 1600ق·م· وقد اكتشفنا هنا أيضاً 15لوحة مسمارية أخرى تتضمن بمعظمها نصوص صفقات تجارية بين أفراد اضافة الى لوحة أخرى تتضمن بمعظمها نصوص صفقات تجارية بين أفراد…اضافة الى لوحة في القصر الملكي تتضمن لائحة بأسماء كبار الضباط والموظفين…والرهان الكبير الآن على اكتشاف وثائق بحجم وثائق ‘ايبلا’ الأولى·
Image may be NSFW.
Clik here to view.
ايبلا
ايبلا
– ما المعروف حتى الآن حول التدمير الثاني لمدينة ‘ايبلا’؟
الملك الحثي ‘مرسيلي الأول’ قام بغزو مدينة حلب القريبة من مدينة ‘ايبلا’، ووصل بجيوشه الى مدينة بابل، مما يؤكد انه قام بتدمير مدينة ‘ايبلا’ في طريقه، غير ان علماء آثار ألمان اكتشفوا عام 1968نص قصيدة ثنائية اللغة، حثية – حورية عائدة الى العام 1450ق·م· القصيدة اسمها ‘قصيدة التحرير’· عثر الألمان على القصيدة في أطلال مدينة ‘حاتوسا’، التي كانت عاصمة الامبراطورية الحثية، والمعروفة الآن باسم مدينة ‘بوخزعل’ في الأناضول الأوسط· وتحكي القصيدة عن حصار وتدمير ‘ايبلا’ من جانب ‘تسحوب’، إله العواصف وإله ‘كوم’، المدينة المجهولة حتى الآن والتي يرجح ان يكون موقعها عند أعالي وادي دجلة· وفيها ان ‘تسحوب’ طلب من ملك ‘ايبلا’ تحرير أمير وأعيان أسرى لديه وإلا فإنه سوف يدمر أسوار المدينة ويحطمها، لكن ملك ‘ايبلا’ رفض التهديد· وتنتهي بقايا القصيدة هنا قبل انتهاء الأحداث· لكن الثابت ان ‘تسحوب’ قد دمر ‘ايبلا’· ما يدهشني هنا هو أنه بعد قرنين أو ثلاثة، تحدثت إلياذة ‘هوميروس’ عن تدمير مدينة عظيمة كان اسمها ‘طروادة’، وعن ان سبب الحرب كان تحرير أميرة أسيرة هي ‘هيلين’ أميرة ‘اسبارطة’·
باولو ماتييه

نبذة تعريفيةهو ايطالي من مواليد  روما في 9 ايار 1940 كان أستاذاً لعلم التاريخ والآثار في الشرق  الأدنى القديم بجامعة “روما لاسبينيزا” (كانت هذه الجامعة “لا سابينزا” أصلا جامعة  باباوية تأسست بشكل رسمي في 20 نيسان 1303 من طرف البابا بونيفاتيوس الثامن).

صارمديراً لبعثة  ايبلا منذ عام 1963 وحتى 2010. وهو مكتشف مدينة ايبلا الأثرية، في موقع تل مرديخ بالقرب من بلدة سراقب في  محافظة ادلب.

عمل مديراً للبعثة الأثرية الإيطالية في سورية منذ 1963 في  تل فراي وتل افيس. وفي عامي 1972 و1973، قام بالتنقيب في تل فراي  في وادي  الفرات والذي كانت تصب فيه بحيرة الاسد،  خزان سد الطبقة الذي تم إنشاءه في ذلك الوقت. وهو عضواً في عدد من المؤسسات مثل Accademia Nazionale dei Lincei (روما)…

نشر العديد من المقالات والكتب عن ايبلا وعن تاريخ الفن في سورية وبلاد الرافدين بصفة عامة.

مملكة ايبلا

ايبلا (بالعربية القديمة: عُبيل) مدينة أثرية سورية قديمة كانت حاضرة ومملكة عريقة وقوية ازدهرت في شمال غرب  سورية في منتصف الألفية الثالثة قبل الميلاد، وبسطت نفوذها على المناطق الواقعة بين هضبة  الأناضول شمالاً  وشبه جزيرة سيناء جنوباً، ووادي الفرات شرقاً وساحل المتوسط غرباً، وأقامت علاقات تجارية ودبلوماسية وثيقة مع دول المنطقة والممالك السورية ومصر  وبلاد الرافدين، كشفت عنها بعثة أثرية إيطالية من جامعة روما يرأسها عالم الآثار الايطالي الشهير   باولو ماتييه كانت تتولى التنقيب في موقع تل مرديخ قرب بلدة  سراقب في  محافظة ادلب السورية على مسافة نحو 55 كم جنوب غرب  حلب في سورية.

التاريخ

Image may be NSFW.
Clik here to view.

خريطة سورية في الألفية الثانية ق.م.

تعود المحفوظات الملكية في مدينة إبلا إلى النصف الثاني من  الألفية الثالثة ق.م، نصوصها مكتوبة  بالخط المسماري  وبلغة جديدة لم تكن معروفة سابقاً وهي لغة ايبلا التي عرفت وانتشرت قبل حوالي خمسة آلاف عام.

ذكرت مملكة إبلا أو  ايبلا أول مرة في نص  لشروكين الأكادي. كذلك يفاخر حفيده  نارام سين (2259- 2223 ق.م.) بأنه أخضع أرمان وإبلا والمنطقة كلها حتى جبال الأمانوس وشاطئ البحر.

Image may be NSFW.
Clik here to view.

قصر ملكي في إيبلا

وتبدو آثار حريق كبير في بقايا قصر إيبلا الملكي (القصر G) العائد للألفية الثالثة ق.م، والذي كشف عام 1974. ويبدو أن  نارام سن كان السبب في هذا الحريق، والظاهر أن قوة إبلا التجارية وسيطرتها على طرق المواصلات أجبرتاه وجدّه من قبله على القيام بحملة عسكرية كبيرة على هذه المملكة التي بات نفوذها يهدد مصالح الدولة الأكدية وقد استطاع  نارام سن القضاء على نفوذ ايبلا في شمال سورية وأعالي بلاد الرافدين والاناضول وسورية الداخلية، ولكنها استمرت في الحياة من بعده إذ يرد ذكرها في وثائق تعود إلى عهد الأسرة الثانية في لكَش(2150 – 2110 ق.م.) فقد كانت شريكاً تجارياً مهماً لبلاد ما بين النهرين في هذه الحقبة، إذ كان كوديا  Goudéa حاكم لگش (نحو 2143 – 2124 ق.م.) يستورد منها الأنسجة الكتانية وأخشاب الصنوبر والدُّلب وغيرها. ولكن معظم الإشارات إلى إبلا تظهر في نصوص الاسرة الثالثة في اور(2112 – 2004 ق.م.)، وتدور على الأغلب حول جرايات لسعاة وتجار وأناس عاديين من إبلا، وكذلك حول تقديم هدايا ونذور من أشخاص من إبلا لمعابد سومر وآلهتها. كما أن القائمة الجغرافية البابلية الكبرى تذكر مدينة إبلا، والعمل الأدبي المسمى رحلة نانا إلى نيبور  يذكر غابة إبلا بوصفها مصدراً لخشب البناء. ومن العصر  الآشوري القديم رسالة تبين أن مواطنين من إبلا سافروا لأغراض تجارية إلى كاروم كانيش، المستوطنة التجارية الآشورية المشهورة في كبادوكيا الواقعة في قلب الأناضول والتي ازدهرت في القرن التاسع عشر قبل الميلاد. كانت إيبلا في هذه الحقبة مملكة مستقلة، وتؤكد ذلك الكتابة على تمثال  ايبيط – ليم  والمعلومات الواردة عن إبلا في نصوص ألالاخ الطبقة السابعة.

المملكة الأولى

المملكة الإبلاوية الأولى
إبلا
ح. 3000 ق.م.–ح. 2300 ق.م.
Image may be NSFW.
Clik here to view.
المملكة الأولى في أقصى اتساعها، وتشمل الولايات التابعة.
المملكة الأولى في أقصى اتساعها، وتشمل الولايات التابعة.
العاصمة ايبلا
اللغات الشائعة اللغة الايبلاوية
الدين ديانات الشام
الحكومة ملكية
الحقبة التاريخية العصر البرونزي
• تأسست
ح. 3000 ق.م.
• انحلت
ح. 2300 ق.م.

أثناء فترة المملكة الأولى، بين 3000 و 2300 ق.م.، كانت إبلا أبرز مملكة بين الدويلات السورية، خاصة في النصف الثاني من الألفية الثالثة ق.م.، التي تُعرف بإسم “عصر الأرشيف”، في إشارة إلى ألواح إيبلا.

الفترة المبكرةالفترة المبكرة بين 3000 و 2400 ق.م. تُسمى “مرديخ” المعرفة العامة عن تاريخ المدينة قبل أرشيفها المكتوب مستمد من الحفريات.

 المراحل الأولى من مرديخ  تُميـَّز بإنشاء “CC” والمنشآت التي شكلت جزءاً من المبنى “G2”,الذي، من الواضح أنه كان قصراً ملكياً بُنيَ حوالي سنة 2700 ق.م.. ونحو نهاية تلك الفترة، بدأت  حرب المائة عام مع مملكة ماري. وكان لماري اليد العليا في معاركها في عهد ملكها ساؤمو، الذي فتح العديد من مدن إيبلا. وفي منتصف القرن 25 ق.م.، هزم الملك كون – دمو ماري، إلا أن قوة الدولة وهنت بعد عهده.

فترة الأرشيف

Image may be NSFW.
Clik here to view.

القصر الملكي “G”

لا ترجع الأرشيفات المكتوبة إلى ما قبل عهد اكريش-حرم، الذي شهد إبلا تدفع الجزية لماري، وقد وقع غزواً موسعاً للمدن الإيبلاوية في منطقة وسط الفرات بقيادة الملك العموري ايلول-ايل. استردت إبلا تحت حكم الملك إركاب-دامو حوالي عام 2340 ق.م، وأصبحت مزدهرة وشنت هجوماً مضاداً ناجحاً على مملكة ماري.  عُقدت معاهدة سلام وتجارة مع أيار-سال والتي تعتبر واحدة من أقدم المعاهدات المسجلة في التاريخ

تدمير إيبلا الأول

المملكة الثانية

المملكة الإيبلاوية الثانية
إيبلا
ح. 2300 ق.م.–ح. 2000 ق.م.
Image may be NSFW.
Clik here to view.
حدود المملكة الثانية.
حدود المملكة الثانية.
العاصمة إبلا
الحكومة ملكية
الحقبة التاريخية العصر البرونزي
• تأسست
ح. 2300 ق.م.
• انحلت
ح. 2000 ق.م.

المملكة الثالثة

المملكة الإبلاوية الثالثة
إبلا
ح. 2000 ق.م.–ح. 1600 ق.م.
العاصمة إبلا
اللغات الشائعة  العمورية
الدين ديانات الشام
الحكومة ملكية
الحقبة التاريخية العصر البرونزي
• تأسست
ح. 2000 ق.م.
• انحلت
ح. 1600 ق.م.
Succeeded by
الحثيون Image may be NSFW.
Clik here to view.
AlterOrient2

المملكة الثالثة تسمى “مرديخ”؛ وتنقسم إلى الفترات “أ” (ح. 2000–1800 ق.م.) و “ب” (ح. 1800–1600 ق.م.). في الفترة “أ”، أعيد بناء إيبلا سريعاً كمدينة مخططة.غطت الأساسات بقايا مرديخ؛ وبُنيت قصور ومعابد جديدة، كما شيدت تحصينات جديدة على شكل دائرتين—واحدة للمدينة المنخفضة وواحدة للأكروپوليس. بُنيت المدينة بخطوط مستقيمة ومباني عامة كبيرة.كان هناك المزيد من التعمير في الفترة “ب”.

أول ملك معروف للمملكة الثالثة هو ابيت ليم،الذي وصف نفسه بأنه “مقيم Mekim” إيبلا.وقد اِكتُشِف تمثال نذور من البازلت يحمل نقش إبيت-ليم في سنة 1968م؛ وقد ساعد ذلك على تعريف ارتباط موقع تل مرديخ  بمملكة إيبلا القديمة. اسم الملك هو عموري في رأي بتيانو؛ ولذلك فيُحتمل أن يكون سكان مملكة إبلا الثالثة غالبيتهم عموريون، كما كان معظم سكان سوريا في ذلك الوقت.

مع بداية القرن 18 ق.م.، أصبحت إبلا تابعة لمملكة يمحاض  العمورية، المتمركزة في حلب. السجلات المكتوبة غير متوفرة لهذه الفترة، إلا أن المدينة استمرت كتابع في عهد يريم-ليم الثالث  من يمحاض. أحد الحكام المعروفين لإبلا أثناء تلك الفترة كان إميا، الذي تلقى الهدايا من فرعون مصر  حوتب إب.رع، مما يدل على استمرار الصلات الواسعة وأهمية إبلا. المدينة ذُكِرت في ألواح من دويلة مدينة ألالاخ  اليمحاضية (في ما هو اليوم تركيا)؛ إذ تزوجت أميرة إبلاوية من ابن الملك أميتاقم  من ألالاخ، الذي ينتسب إلى فرع من الأسرة اليمحاضية الملكية.

إيبلا دمّرها الملك الحيثي مورسيلي الأول حوالي سنة 1600 ق.م. ولعل إنديلما كان آخر ملوك إيبلا؛ ختم لولي عرشه Maratewari اِكتُشِف في القصر الغربي “Q”. وحسب أرچي، ملحمة “أغنية السراح” تصف تدمير المملكة الثالثة وتحتفظ بالعناصر الأقدم.

الموقع

عمارة المدينة

تدل الآثار التي كشف عنها في مملكة ايبلا  على أن أقدم استيطان لهذه المنطقة كما يرى ماتييه حدث في القرن الأخير من الألف الثالث قبل الميلاد، أي في العصر السوري الباكر الثاني (2400 – 2250 ق.م) وفي هذا العصر بلغت مدينة إبلا أوج تقدمها وازدهارها، واتسعت اتساعاً كبيراً، فشملت على ما يبدو مساحة تقدر بنحو خمسين هكتاراً، وكانت تتألف من قسمين: قسم مرتفع (الأكروبول) للإدارة والعبادة، ومدينة سفلى محاطة بأسوار. وكان القصر الملكي «G» البناء الرئيس للمدينة في هذه الحقبة، وهو يمتد إلى المنطقة الجنوبية والجنوبية الغربية من الأكروبول. وقد بدأت البعثة الإيطالية عام 1974 بالتنقيب في القسم الإداري منه، الذي يقع في الجهة الغربية، ويتضمن البلاط الكبير مع مدخل معمّد وقاعة للاستقبال فيها منصة لعرش الملك مبنية من الآجر المجفف بالشمس.

وفي هذا القسم من القصر عثر على الألواح التي كشفت عام 1975 في غرفتين متجاورتين: L.2712 وL.276، كما عثر هنا أيضاً على مواد مهمة تبين علاقات إبلا التجارية العالمية، وتشمل أكثر من 20 كغ من اللازورد الهام المستورد من أفغانستان، وكسرات كؤوس من الديوريت والهيصم المصري  Alabaster.

كان القصر الكبير على ما يبدو مركز النشاط الإداري والتجاري ويعتقد أنه بني في عام 2400ق.م وأدخل عليه تجديد فيما بعد وقد دمر هذا البناء على يد الملك الأكدي نارام – سين لوجود شواهد كتابية وأثرية تؤيد ذلك.

وقد أعيد بناء مدينة إيبلا في أزمنة لاحقة ولاسيما بين 1900 ت 1800 ق.م، عندما أحيطت بسور مرتفع تغطي قاعدته أحجار كبيرة وتعلوه أبراج للحماية والحراسة، وكان للمدينة أربع بوابات كشف منها البوابة A.

ويعود تاريخ القصر الغربي الكبير في أسفل المدينة (في المنطقة Q) إلى هذه الحقبة وتم بناؤه نحو سنة 1900 ق.م، وكشف عنه عام 1978، وهو يغطي مساحة تزيد على ثلاثة أرباع الهكتار، كذلك كشفت في هذه المنطقة (Q) مدافن (نكروبول) تضم قبور أمراء ونبلاء. وتنتمي إلى هذه الحقبة أيضاً معابد إبلا الكبرى مثل «المعبد الكبير» D، الذي يعد أكبر معابد المنطقة من العصر البرونزي الوسيط، وهو يقع على الطرف الغربي للأكروبول، وربما كان معبد المدينة الرئيس، وكان مخصصاً للربّة عشتار. وهناك أيضاً المعبد BI المخصص لعبادة راساب، والمعبد N المخصص على مايبدو لإله الشمس. كذلك يعود تمثال الملك إيبيط – ليم والمعبد B2 والقلعة إلى هذه الحقبة.

ويعود إلى الحقبة 1800 – 1600 ق.م، وهي حقبة سيادة يمحاض(حلب) على المنطقة، «القصر الملكي» E الواقع في المنطقة الشمالية من الأكروبول.

وفي نهاية هذه الحقبة (1650 – 1600 ق.م) انهارت مملكة إبلا ودمرت. ويتزامن سقوطها مع التدمير الحاصل في ألالاخ (الطبقة السابعة)، ويرتبط تاريخياً باحتلال الحثيين المنطقة على يد  حاتو شيلي- الأول وحورشيلي الأول.

وقد تحولت إيبلا قي الأزمنة اللاحقة إلى تجمع بشري صغير ليس له أهمية تذكر إلى أن طوي أثرها.

المدافن الملكية

Image may be NSFW.
Clik here to view.

القصر الغربي “Q” يقع فوق المقابر الملكية.

الهايپوگيوم G4

مقابر القصر الغربي

Image may be NSFW.
Clik here to view.

خريطة مقابر القصر الغربي

الحكومة

كانت مملكة إبلا في عصر المحفوظات الملكية مملكة مستقلة مزدهرة يحكمها ملك يحمل لقباً سومرياً يعني «سيد» ويقابله في اللغة الإبلوية  لغة ايبلا لقب «ملك» وكان الملك في إبلا رأس الدولة وكان مسؤولاً عن السياسة الداخلية والخارجية ويشرف على هذه الأعمال الإدارية والقضائية، وكان إلى جانب الملك مجلس تذكره النصوص باسم «الآبا» Abbu ويمكن تسميته بمجلس الشيوخ وكانت مهمته مراقبة ممارسات الملك للسلطة. وكان له أثر بارز في إدارة شؤون الدولة كما يظهر من النصوص المختلفة، أما الملكة واسمها Maliktum فكان لها دور مهم في حياة إبلا، ولاسيما الاقتصادية، إذ كانت مصانع الغزل والنسيج بإشرافها وكذلك تنظيم الزراعة وعائداتها واهما الزينون وزيت الزيتون .

كانت إدارة المملكة رسمياً بيد الملك ولكنها في الواقع كانت تدار من شخص يدعى بالإبلوية السيد Adanu، وكان في تصرفه عدد كبير من الموظفين، ويذكر أحد النصوص أن العدد الكامل لموظفي الدولة 11700 موظف، منهم 4700 كانوا يعملون في قصر «السيد» و7000 في المقاطعات المختلفة.

ويلي السيد في المرتبة مسؤول يدعى «لوغال» Lugal، وهذه التسمية معروفة في شرق الهلال الخصيب وتعني ملكاً، في حين تدل في إبلا على الوالي أو حاكم المقاطعة. وتذكر النصوص أربعة عشر والياً. وهذا يعني أن إبلا كانت مقسمة إلى أربع عشرة مقاطعة، ولم يكن حكام المقاطعات مرتبطين بمنصب الملك أو السيد، بل كانوا يبقون في مناصبهم مدى الحياة، وكان بعض الملوك حكاماً في المقاطعات قبل أن يعتلوا العرش.

ادارة المملكة الأولى

التقسيمات الاداريةكانت مدينة إبلا مقسمة إدارياً إلى قسمين يضمان أحياء المدينة الأربعة، وكان لها أربع بوابات تحمل كل بوابة منها اسم إله، وهي:

  • بوابة راساب أو رشف Rasap
  • بوابة شيبيش Shipish إله الشمس
  • بوابة دجن Dagan
  • بوابة بعل Baal

ملوك إيبلا

Image may be NSFW.
Clik here to view.

تمثال إبيت-ليم، يرجع تاريخه إلى عهد المملكة الثالثة ح. 2000 ق.م.

Image may be NSFW.
Clik here to view.

حاكم جالس، يرجع تاريخه للمملكة الثالثة، معروض في متحف كلفلاند للفن. 

Image may be NSFW.
Clik here to view.

الأمير ماراتواري (يسار) ولي عهد الملك إنديليما.

 

العلاقة ما بين الملوك الثلاثة الأُول غير معروفة حتى الآن، في حين كان الرابع أباً للخامس ويضيف عالم الآثار الإيطالي جيوفاني بتيناتو إلى هذه القائمة ملكاً آخر هو دُوبُوحو – هادا Dubuhu – Hada ويرى أنه كان ابن إِبّي زِكِر. ويبدو أن إغريش – حلم كان المؤسس بين الملوك الذين حكموا إبلا في العصر الذي تعود إليه المحفوظات الملكيةالتي يمتد عصرها نحو مئة وخمسين سنة،و بعد دراسة النصوص المكشوفة تبين أن هناك تشابهاً كبيراً في شكل الكتابة، وعلاقة ثقافية قوية كانت تقوم بين إبلا وموقع  أبو صلاييخ في بلاد الرافدين،إي إن تاريخها يعود إلى 2500 ق.م، ولم يؤيد هذا التاريخ الجديد علماء البعثة الإيطالية المنقبة في تل مرديخ وعلى رأسهم باولو ماتييه مع أن هذا التاريخ تؤيده معلومات تاريخية وتجارية وثقافية في نصوص المحفوظات الملكية.

ولا تذكر ألواح محفوظات إبلا – أكاد في حين تذكر مدناً رافدية أخرى منها كيش وآداب. لذلك يظهر أن عصر المحفوظات الملكية في مملكة ايبلا سبق قيام أكد وكان معاصراً لسلالة كيش الأولى (2600 – 2500 ق.م). وثمة برهان آخر يؤكد هذا التاريخ هو تكرار ذكر الإله زابابا، إله مدينة كيش، كما ذكر أيضاً ملك كيش (Iugal – Kis (Ki . ويدل على قدم مملكة إبلا ويستنتج من هذه الوقائع أن سلالة إبلا كانت معاصرة لسلالة ميسليم في كيش في بلاد الرافدين، وللأسرة الرابعة في مصر الفرعونية .

العلاقات الدولية لإيبلاكان الاعتقاد السائد لدى المؤرخين أن أكاد هي أقدم إمبراطوريات المنطقة ولكن النصوص المكشوفة في إبلا دلت على قيام هذه المملكة القوية قبل الإمبراطورية الأكدية بأكثر من مئة عام. واستفادت إبلا من موقعها الجغرافي في شمال سورية إذ كانت تمر فيها الطرق التجارية القادمة من الأناضول في الشمال إلى مصر في الجنوب، ومن ايران في الشرق إلى سواحل المتوسط في الغرب، فغدت مملكة ودولة قوية إلى جانب كيش .

كانت علاقات مملكة ايبلا مع الدول والمدن المعاصرة لها تتفاوت ما بين عقد التحالفات والمعاهدات وشن الحروب، وقد عمد ملوك إبلا إلى الزواج السياسي لتعزيز علاقات الصداقة مع الملوك والحكام الآخرين. فها هو ذا الملك إبريوم مثلاً يزوج إحدى بناته ملك إيمار.

أما التحالفات فيذكر أحد النصوص إقامة تحالف بين إبلا ومملكة خمازي Chamazi في شمالي إيران، والنص الذي يذكر التحالف هو رسالة موجهة من المشرف على القصر الملكي في إبلا إلى سفير مملكة خمازي في إبلا، يطلب فيها إرسال جنود جيدين للعمل في إبلا، لأن إبلا لم يكن لديها جيش دائم، وكانت مجبرة على استئجار مرتزقة وتجنيدهم بين قواتها لحماية حدود مملكتها التي سيطرت على مناطق هامة ما بين الفرات إلى البحر المتوسط ، وتعد إبلا من أكثر الممالك القديمة تقدمآ في الصناعة والثقافة وتدل على مدى ما وصلت اليه المملكة مكتبتها التي تعد من أكبر مكتبات الحضارات القديمة حيث تم اكتشاف آلاف الرقم والمخطوطات في شتى نواحي الحياة وكان الشاغل الأساسي للإبلويّين الاقتصاد والزراعة والصناعة والتجارة لا الحرب. ولعل اعتماد إبلا على عمل الجنود في جيشها جعل الملك يزوّج إحدى بناته من زعيمهم لتوثيق الصله وحماية وتقوية حدود مملكته.

أما العلاقات الدبلوماسية الدولية، فقد كانت على أرقى وأعلى مستوى في ابلا، فمن الشواهد عليها المعاهدات التي عقدت بين إبلا وجيرانها، فقد كشفت النصوص حتى الآن عن عشر معاهدات وأهمها المعاهدة بين ملك إبلا وملك آشور التي تنظم العلاقات ما بين المملكتين ولاسيما التجارية منها.ومع أن الإبلويين كانوا مهتمين بالتجارة بوجه أساسي فإنهم كانوا يلجؤون أيضاً إلى السلاح عندما كانت الحاجة تدعو إلى ذلك. ومن الحروب التي خاضتها إبلا، الحرب مع ماري، وهي معروفة من التقرير المرسل من قائد الحملة الإبلوي إنّا – دجن Enna – Dagan إلى سيده ملك إبلا، ويقول فيه إنه انتصر على ملك ماري إبلول إل Iblul – II وخلعه عن عرشه وتسلّم مكانه. ويتحدث أحد النصوص الاقتصادية عن ضريبة كبيرة دفعتها مدينة ماري (إحدى الممالك السورية) إلى ملك إبلا، ربما كانت نتيجة لهذه الحملة العسكرية.

ومما يلفت الانتباه في التقرير ذكر مستوطنة تجارية إبلوية تقع بالقرب من إيمار حررها إنا – دجن، وكذلك ورود اسم ملك  مملكة ماري مقروناً بلقب «سيد ماري وآشور» وهذا يعني أن الرابطة السياسية بين ماري وآشور قديمة وليست من ابتكار شمشي أدد الذي سيطر على ماري في القرن الثامن عشر قبل الميلاد.كما ظلت ماري بعد حملة إنا – دجن تابعة لمملكة إبلا سنوات كثيرة.

اللغة

Image may be NSFW.
Clik here to view.

باحة القصر الملكي G

اللغة الايبلاوية

تبين بعد كشف إبلا وجود لغة جديدة انقسمت آراء العلماء حول طبيعتها وعلاقتها باللغات التي دعيت سامية. فيرى جيوفاني بتيناتو مثلاً أن لغة ايبلا تختلف كثيراً عن اللغتين الأكدية والآمورية في نظام الأفعال والضمائر والاشتقاقات وتركيب الجملة وغيرها، وهي أقرب إلى اللغات التي تصنف على أنها سامية شمالية  غربية، إذ تظهر الصلة وثيقة بالأوغاريتية الكنعانية، وبناء على هذه الصلة القوية يكن أن تسمى هذه اللغة كنعانية قديمة، وهي أقدم لغة شمالية غربية معروفة حتى الآن، وتوازي زمنياً الأكدية القديمة. ويرى آخرون مثل كلب Gelb أن أوثق العلاقات اللغوية للإبلاوية كانت مع الأكدية القديمة والأمورية، وبعيدة عن الأغاريتية وأبعد ما تكون عن  العبرية، ولايمكن أن تعد لهجة أكدية أو أمورية، كذلك لايمكن عدّها كنعانية فهي لغة مستقلة عرفت في إبلا تضاف إلى قائمة اللغات الثماني المعروفة التي تصنف تحت اسم اللغات السامية لتكون اللغة التاسعة فيها، وثمة رأي ثالث يقول به أركي A.Archi هو أن اللغة الإبلوية شديدة الصلة بالأكدية القديمة في نحوها، وبعض أشكال النحو فيها أقرب إلى العربية والعربية الجنوبية، بيد أنها من الناحية المعجمية أشد ارتباطاً باللغات السورية الشمالية الغربية (الأغاريتية والكنعانية والآرامية) وتصعب معرفة طبيعة اللغة الإبلوية إلا بعد قراءة عدد أكبر من النصوص وتفسيرها.

الأبجدية الإبلاويةتعد أبجدية إبلا اقدم الابجديات وكذلك استعمل الإبلاويون في كتابة وثائقهم الكتابة المسمارية  وابجدية ايبلا التي تعد من اقدم الابجديات في التاريخ وعرفت الكتابة المسمارية عند السومريون في نهاية الألف الرابع قبل الميلاد، ومن الجدير بالذكر أن الكتابة المسمارية استعملت في الكثير من لغات المشرق القديم كالسومرية والأكدية والإبلاوية والحورية والحيثية. وثمة تشابه بين الرموز المسمارية المستعملة في نصوص “فارا” وأبو صلاييخ” في بلاد الرافدين، ويمكن تعليل هذا التشابه بأن نصوص إبلا معاصرة للنصوص التي وجدت في هاتين المدينتين ويعود تاريخها إلى 2600 – 2500 ق.م. والشكل الخارجي للألواح متشابه أيضاً.

وقد كتبت هذه النصوص على ألواح طينية مختلفة القياسات والأشكال، وعلى الوجهين.

أما اللغة المستعملة في كتابة نصوص ايبلا، فيدل النص المكتوب على تمثال الملك إببيط-ليم، الذي يعود إلى العصر السوري القديم (3000 – 1800 ق.م.) والوثائق الأخرى التي تعود إلى هذا العصر على أنها كتبت جميعها باللغة الأكادية بلهجة قريبة من اللهجة الآشورية القديمة. أما نصوص المحفوظات الملكية التي تعود كما يرى  باولو ماتية إلى العصر السوري الباكر الثاني (2400- 2250 ق.م.)، فإنها كتبت بلغة لم تكن معروفة سابقاً هي اللغة الايبلاوية. وفي الواقع استعمل الإبلاويون اللغة السومرية، إلى جانب لغتهم الخاصة، في كتابة الألواح المختلفة،

الاقتصادكانت المناطق التي تحكمها إيبلا تمتد من الفرات في الشرق حتى سواحل المتوسط في الغرب، ومن طوروس في الشمال حتى منطقة حماة في الجنوب ، فإن نشاطها التجاري امتد إلى مناطق بعيدة، وبلغ نفوذها الاقتصادي معظم مناطق شرقي المتوسط القديمة، فشمل كل سورية الجنوبية حتى سيناء، ويبدو أن مدينة أُوغاريت الساحلية كانت ميناءً مهماً تؤمه السفن التي تحمل الذهب إلى إبلا، كذلك اتجهت إبلا إلى الغرب فأقامت علاقات تجارية مع جزيرة قبرص الغنية بالنحاس. ومدت نفوذها شمالاً حتى بلغ قبادوقيا في وسط بلاد الأناضول، وكانت كانيش تابعة لإبلا. ولكن نفوذ إبلا التجاري كان أكثر امتداداً في المناطق الواقعة إلى الشرق منها، فبلغ منطقة الفرات ومدنها المشهورة مثل ماري وإيمار وكركميش، وكذلك شمال بلاد الرافدين و الجزيرة السورية.

إن اتساع النشاط التجاري لإبلا على هذا النحو وازدياد نفوذها المرافق له يدلان على أن إبلا أنشأت مملكة تجارية كبيرة شملت مناطق واسعة من المشرق القديم وتختلف هذه الدولة عن الممالك الأخرى في المنطقة، إذ كانت مملكة تجارية عمادها القوة الاقتصادية لا العسكرية.

كان غنى  مملكة ايبلا يقوم أساساً على الزراعة وتربية الحيوان والصناعة، وكانتا قاعدة اقتصادها القوي وعماد صناعتها (صناعة النسيج والادوات وصناعات زيت الزيتون.. وغيرها) وتجارتها التي ازدهرت بشكل كبير، وقد ذكرت الوثائق والمخطوطات التي تعد بألألاف الكثير عن الازدهار الاقتصادي في ايبلا ويقسم إلى:-

  • الزراعة وتربية الحيوانات
  • الصناعة
  • التجارة

الزراعة وتربية الحيواناتمارس الإبلويون أنواعاً مختلفة من الزراعة وساعدهم في ذلك موقع ايبلا في سهول زراعية واسعة خصبة تكثر فيها الأمطار فقد كانوا يزرعون على سبيل المثال سبعة عشر نوعاً من  القمح وأنواعاً من  الشعير وزراعات عديدة اكتشفها واستحدثها سكان ايبلا وهم اول من زرع شجر الزيتون وثمة نصوص ووثائق كثيرة تصف العمليات الزراعية المختلفة كالبذار والحصاد وما يرافق الزراعة من طقوس ، وكان الإبلويون كذلك يزرعون الكرمة ( العنب ) . ويذكر أحد النصوص أن المشرف على زراعة الكروم أرسل إلى  الملك ما يعادل 300 طن من الخمر. و عصير العنب .وذكرت النصوص والمخطوطات الكثير عن زراعة  الزيتون وكيف تتم واسلوب الإفادة من  الزيتون ومن زيته . وفي النصوص ذكر وجداول لكميات من  زيت الزيتون وردت إلى مركز المملكة ايبلا من عدة قرى ومزارع ضمن تنظيم وتسويق محصول  الزيتون في المملكة وهناك إشارة إلى عدد أشجار الزيتون في بعض الأراضي وإلى تصدير  زيت الزيتون إلى إيمار ومدن أخرى ممالك أخرى . ومن الزراعات المهمة الأخرى في إبلا زراعة  الكتان الذي استعمل على نطاق واسع في صناعة النسيج التي كانت مزدهرة فيها.

أما تربية الحيوان فكانت واسعة الانتشار، وفي النصوص ذكر لأعداد كبيرة من الأغنام، كان بعضه يُربّى للحمه وصوفه، وبعضها يقدّم أضحيات للآلهة. وقد ورد في أحد الألواح أن عدد الأغنام التي تخص ملك إبلا كان 79300 رأس. وفي لوح آخر ذكر لتعداد الأغنام جرى في شهر إشي Ishi بيّن أن العدد كان 72240. وفي نصٍ أن عدد الأغنام المخصصة للأضحيات كان 10796 وكان في نص آخر 36892, وتدل هذه الأرقام على أن الأغنام كانت تربّى قطعاناً كبيرة في مراعٍ واسعة، وإلى جانب الأغنام تذكر النصوص الماعز والخنازير والأبقار، وكانت الثيران تستخدم في الأعمال الزراعية.

الصناعةكانت الصناعة تؤلف أحد الأركان الأساسية في اقتصاد مملكة ايبلا ، وأحد المناشط الرئيسة للإبلويين، وكانت تعتمد بالدرجة الأولى على المواد الأولية المحلية كالصوف والكتّان والمحاصيل الزراعية اضافة لعدد من الصناعات التي تقوم على المعادن والاخشاب.

ومن أهم الصناعات الإبلوية، صناعة الأنسجة الصوفية والكتانية، وكانت عمليات الغزل والنسيج تتم في مشاغل الدولة وكان مشغل الغزل يدعى «بيت الصوف»، وكانت هذه المشاغل تنتج أنسجة متنوعة الألوان والأصناف وتصدّر منتجاتها إلى مختلف البلدان والممالك، وكانت منسوجات ايبلا لها شهرتها وجودتها بين الحضارات ، كما كانت في ايبلا صناعة قماش ثمين نادر كما الذي اشتهر في  دمشق من تلك الأنسجة النوع الذي عرف في العصور الوسطى باسم الدمقس Damask (نسبة إلى دمشق)، وهو نسيج من الكتان أو الصوف محلّى بخيوط الذهب. ويلاحظ أن المناطق السورية المختلفة حافظت على شهرتها في صناعة الأنسجة في الحقب التاريخية التي تلت حقبة ايبلا مثل يمحاض والألاخ  وفينيقيا،مار يوفي العصور الوسطى والعصر الحديث.

ومع أن القسم الأكبر من عمال إبلا كان يعمل في صناعة النسيج فإن هذه الصناعة لم تكن الوحيدة فيها، فقد كان إلى جانبها صناعة معالجة المعادن وسبكها  التعدين، وكان الإبلويون يصنعون من الذهب والفضة تماثيل للآلهة والملوك وغير ذلك من المصنوعات الثمينة وقد ذكرت الوثائق الأيبلوية تنظيم ومقاييس صناعة المعادن وانواعها .

وقد عرف الإبلويون كيف يقيسون نقاوة الذهب، وكانت الفضة متوافرة بكثرة ولكن قيمتها تقل عن قيمة الذهب بنسبة 5 إلى 1. ويذكر من المعادن الأخرى التي عرفتها إبلا واستخدمتها في صنع الكثير من الأدوات، النحاس والقصدير والرصاص وأشابات البرونز، وهناك بعض النصوص التي تذكر كميات من النحاس والقصدير والذهب كانت معدة لصهرها سبائك لصنع أدوات مختلفة. وكان صهر المعادن وسبكها متطورين في إبلا ولاسيما معالجة القصدير والنحاس لإنتاج البرونز. وإلى جانب ذلك عمل الإبلويون في صقل الأحجار الكريمة كالعقيق الأحمر، واللازورد الذي كان يستورد من آسيا في الغالب في تلك العصور.

التجارةتبين نصوص إبلا أن التجارة كانت من أهم الفعاليات الاقتصادية في المملكة وقد برع الإبلويون في هذا المجال، وساعدهم في ذلك موقعهم الجغرافي المناسب وحسن إدارة ملوكهم الذين كانوا يعقدون اتفاقات تجارية طيبة ويهتمون بضمان سلامة الطرق والقوافل التجارية. وتأتي الأنسجة في رأس قائمة البضائع المصدرة. وتليها المنتجات المصنوعة من  المعادن الثمينة ولاسيما المجوهرات والأحجار الكريمة، وكانت بعض المنتجات الزراعية تصدر إلى مناطق بعيدة عن إبلا مثل  زيت الزيتون.

أما الواردات فكانت تشمل الأحجار الكريمة كالعقيق واللازورد ومعدني الذهب والفضة اللذين كانا وسيلة في البيع والشراء ولايعرف حتى الآن من أين كان الإبلويون يحصلون على هذين المعدنين الثمينين، وربما كانت مصر المورِّد الرئيسي للذهب. كذلك كانت إبلا تستورد الأغنام إلى جانب ما كانت تمتلكه منها لحاجتها إلى كميات كبيرة من الصوف من أجل صناعتها النسيجية. ويذكر أحد النصوص استيراد سبعة عشر ألف رأس غنم من مدن مختلفة. كما يقدم أحد النصوص الكبيرة وصفاً واضحاً لعلاقات إبلا مع الدول والممالك المجاورة في سورية وفكرة عن حجم الصفقات التي تمت في شهر واحد، ومنها صفقة المنسوجات لأناس من مدن مختلفة مثل كركميش وحماة وماري وغيرها تصف بالتفصيل هذه الصفقات التجارية.

السكانكانت تسكن إبلا آنذاك مجموعات من  الأموريين والحوريين، ويُستدل على ذلك من اسم إيبيط – ليم الأموري واسم أبيه إغرش – خيبا الحوري المذكورين في النص المنقوش على التمثال. وتذكر نصوص الطبقة السابعة من ألالاخ (نهاية القرن 18 وبداية 17 ق.م) إبلا عدة مرات. فهناك نصان يشيران إلى رحلات ملك ألالاخ أو رسله إلى إبلا. ونص مؤرخ بالسنة التي حدث فيها زواج ملكي «تلك السنة التي اختار فيها أميتاكُو Ammitaku ملك ألالاخ ابنة حاكم إبلا زوجة لابنه». وهناك نص آخر يخبر عن شراء تاجر من ألالاخ (القرن 15 ق.م) مواطناً من إبلا يحمل اسماً حورياً، كما يرد من العصر الآشوري الوسيط ذكر ساعٍ لملك إبلا جاء إلى آشور. كذلك يرد ذكر إلهة إبلا في قائمة للآلهة تعود إلى هذه الحقبة. ويضاف إلى ذلك أن إبلا تذكر في المصادر  الحثية والحورية والمصرية ووثائق  مملكة ماري ، مرة في كل منها، في حين لايرد ذكرها في نصوص أوغاريت.

ويمكن تخمين عدد سكان إبلا اعتماداً على أحد النصوص الاقتصادية الذي يذكر حصصاً من الشعير مخصصة ل- 260 ألف شخص. ولايذكر هذا النص صراحة أن هذه الحصص تشمل كل سكان إبلا، ولكن يمكن الاعتقاد أن إبلا كانت تعد 260 ألف ساكن على الأقل، منهم نحو أربعين ألفاً في مدينة إبلا نفسها والباقي في المدن والقرى المحيطة بها والتي كانت تؤلف إبلا الكبرى.

وتطلق الوثائق على سكان إبلا اسم «أبناء إبلا» وكان هؤلاء أحراراً يتمتعون بكل الحقوق والامتيازات، ويقسمون إلى فئات تضم: موظفي الدولة، والتجار ورجال الأعمال، والحرفيين، والفلاحين، والعمال اليدويين. وقد استخدمت عدة مفردات للدلالة على التجار، ويبدو أنه كان هناك تجار كبار وتجار صغار، وتجار يعملون في خدمة الدولة وآخرون يعملون لحسابهم الخاص. أما الحرفيون فكانوا يؤلفون مجموعة كبيرة من المواطنين، ولكن من غير المعروف حتى الآن أكانوا منظمين في طوائف حرفية أم لا؟ وكان من بين هؤلاء صانع الفخار والنجار والنحات وصانع التماثيل وعامل النسيج وغيرهم.

كان الفلاحون يقيمون في القرى المحيطة بإبلا يمارسون الزراعة وتربية الحيوان.

وضمت إبلا بالاضافة إلى الإبلويين مجموعة من السكان تسميها النصوص Bar – An Bar – An وتعني الغرباء والأجانب. ويأتي في رأس هؤلاء المحاربون الذين جاؤوا إلى إبلا من مدن مختلفة، ولاتوجد حتى الآن معلومات عن وضعهم القانوني في إبلا، والغالب أنهم كانوا يتمتعون بامتيازات ذات شأن ، وكان إلى جانب المرتزقة هؤلاء أسرى الحروب والعبيد، وكان يؤم إبلا كذلك الكثير من التجار والكتاب والعلماء والمغنين والكهنة.

الديانةاتصفت الديانة الإبلوية بصفتين: تعدد الآلهة، وسيادة الآلهة الكنعانية في بانثيون (مجمع الآلهة) إبلا، وتذكر المصادر المتوافرة أن بانثيون إبلا كان يضم عدداً كبيراً من الآلهة والأرباب، ولم يكن للمعبد والكهنة في إبلا شأن كبير في القضايا السياسية والاقتصادية على خلاف ما كانت عليه الحال في بلاد سومر، لكن كانت الإله في ايبلا تفوق آلة الحضارات الأخرى من حيث العدد ولها تأثيرها في الحياة الاجتماعية.

نيداكول

 نيداكول (حسب المصادر هو إله القمر) كان له مركز مرموق بين الآلهة المذكرة في ايبلا.

دجن

داجون – دجن من الآلهة المهمة الذي دخلت عبادته المنطقة في الألف الثالث قبل الميلاد وورد ذكره في كتابات شروكين الأكدي الذي بنى له معبداً في توتول (أحد المدن التاريخية السورية)، وذكره أيضاً نارام سين. وبنى شولجي ثاني ملوك سلالة اور الثالثة مدينة جديدة سمّاها بوزريش – دجن Puzrish – Dagan أي»في حماية الإله دجن» وكانت إحدى بوابات إبلا الأربع تحمل اسم دجن، وفي التقويم الجديد خصص لهذا الإله الشهر الأول من السنة تحت لقب «سيد».

ويظهر اسم دجن في أسماء الأعلام أيضاً بمعنى «سيد»، في حين يخصص في قوائم الأضاحي باضافة اسم مدينة لتأكيد أنه هو إلهها الحامي. ولكن تعبيرات أخرى مثل «سيد البلاد» أو «سيد كنعان» ترفع دجن إلى مرتبة أحد الآلهة الرئيسة لمملكة إبلا أو لبلاد كنعان. ومن الصفات التي كانت تطلق على دجن باللغة الإبلوية: طيلوماتيم Ti – Luma – tim وتعني الطل أو ندى الأرض. وهذا ما يدعم القول بان اسم دجن يعني الغيم أو المطر ويؤيد ذلك أن كلمة دجن بالعربية مرادفة لكلمة مطر.

شمش

شمس وهو اله الشمس المعروف في التقاليد السورية القديمة والرافدية.

هدا

Hada (آدا) إله العاصفة والمطر والخصب الذي اشتهر في الحضارات السورية القديمة

ككّاب

Kakkab (والأصل كوكب): أي إله النجم.

وهذه الأرباب تدعى في المعاهدة التجارية بين آشور وإبلا «شهود الاتفاق» وكان عليهم أن يصبوا اللعنات على ملك آشور إذا لم يراع الشروط المنصوصة. وكان هناك أرباب أُخر مذكرة مهمة بينها

كاميش

Kamish الذي يظهر في الألف الأول قبل الميلاد إلهاً رئيساً لمؤاب،

راساب

Rasap (رشف) أي إله الطاعون والعالم السفلي،

أشتار

Ashtar إله الحب والحرب المذكر،

ليم

Limالإله  الأموري الكبير الذي يظهر في وثائق  ماري

وكذلك النهران المؤلهان الفرات وبليخ في  الجزيرة السورية. ومن الآلهة المؤنثة، بالاضافة إلى

بعلتو

بعلتو Belatu بمعنى «سيدة». وهي رفيقة دجن ولكن صفتها هذه عامة لاتسمح بتعرّف طبيعتها

 عشتاروت
Ashtarte التي لها صفات أشتار، وإشاتو Ishatu آلهة النار،

تيامات

Tiamat آلهة ماء المحيط.

كذلك كان بانتيون إبلا يضم آلهة أجنبية بينها ما هو حوري مثل خيبات Hepat وسومري مثل إنكي Enki. وكان لكل إله معبد خاص به تقام فيه العبادات والشعائر، ويضم عدداً من الكهنة. وكانت المعابد تدعى بيوت الآلهة، وكان الإله يجسد في المعبد على هيئة تمثال من الذهب أو الفضة. ويتحدث أحد الألواح عن وزن من الفضة يعادل خمسة كيلوغرامات لصنع تمثال أبيض لدجن. وكانت التقدمات للآلهة إمّا من الخبز والزيت والجعة وغير ذلك، أو قرابين من الأغنام وغيرها. وتتحدث الوثائق عن مواكب الآلهة من العاصمة إلى مدن المملكة الأخرى، ويشير اسم إحدى السنين على موكب لدجن «السنة الذي ذهب فيها السيد على المدن» أي أن تمثال دجن غادر المدينة. وكانت هناك أعياد دينية أخرى يحتفل بها الإبلويون.

الثقافةلم تكن إبلا مركزاً تجارياً فحسب بل كانت كذلك مركزاً ثقافياً وعلميآ له مؤسساته وعلاقاته الثقافية مع البلدان المجاورة. ومن الجدير بالذكر أن الكتبة في مناطق شرقي البحر المتوسط كانوا يتعلمون القراءة والكتابة في مؤسسات ملحقة بالمعابد والقصور يمكن تسميتها بالمدارس. ولم تكن المدارس في المدن الرافدية المعاصرة لإبلا مثل أور وأوروك وفارا وأبو صلابيخ وكيش وأداب ونبيور أماكن لتخريج الكتَّاب وحسب، وإنما كانت كذلك أماكن لحفظ التراث الثقافي، وفيها تكتب الأساطير والأشعار المنقولة بالتواتر، وتبتكر الأعمال الأدبية والدينية، وتصنف المعارف في نصوص معجمية. وثمة نصوص مدرسية كشفت يمكن تقسيمها إلى قسمين: يتضمن الأول نصوصاً ربما تكون من كتابة الطلاب، ويتضمن الثاني النصوص التي كتبها المعلمون إما لغرض تربوي أو لحفظ المعرفة والتقاليد المروية. وتظهر أهمية مدارس إبلا بصورة أفضل في الوثائق التي يمكن أن تسمى «كتباً مدرسية»، إذ كانت وسيلة للتدريس يمكن أن تميز فيها قوائم الرموز المسمارية والمعاجم اللغوية والمعاجم ثنائية اللغة.

وقد وجدت كذلك معاجم تذكر الكلمة السومرية مع لفظها. وهكذا فإن النصوص المكشوفة ليست مهمة من أجل معرفة اللغات القديمة وحسب، بل من أجل البحث في اللغة السومرية. ومن الوثائق ما يسمى بالموسوعات أو بالأحرى هي قوائم موسوعية تضم كلمات مرتبة بحسب الموضوع كانت تستخدم كتباً مدرسية، وهناك قوائم بأسماء الحيوانات والأسماك والأحجار الكريمة والنباتات والأشجار والموارد الخشبية والمعادن والمصنوعات المعدنية.

أساطير إيبلااضافة إلى ما تقدم كان في مملكة ايبلا أعمال أدبية متطورة، ومن بينها ما يقرب من عشرين أسطورة محفوظة في نسخة أو أكثر، وقد أمكن تعرّف نسختين من ملحمة غلغامش. ودراسة هذه الأساطير تلقي أضواء جديدة على الاتجاهات الدينية التي كانت سائدة في الألف الثالث ق.م. كذلك توجد روايات أسطورية وترانيم للآلهة ومجموعات من الأمثال. وتدل النصوص على أن إبلا أقامت علاقات ثقافية مثمرة مع عدة مراكز سومرية مهمة. ومن المعتقد أن كتّأباً من مدن أخرى كانوا يزورون إبلا، وكانت تقام بهذه المناسبة بعض اللقاءات أو ما يسمى الآن بالندوات العلمية، وهناك إشارة تدل على أن معلماً للحساب جاء من مدينة كيش إلى إبلا. والكثير من النصوص يدل على صلات ثقافية بين إبلا ومناطق الشرق الأدنى القديم الأخرى. وبعض النصوص المعجمية، ولاسيما القوائم الموسوعية، تشابه وثائق معروفة من أوروك وفارا وأبو صلابيخ.

نظريات الارتباط التوراتي

الاكتشافات

أجزاء من الاكتشافات (بوابة دمشق)
لوح من الأرشيف

منذ بداية الستينات وفي موقع تل مرديخ شمال  سورية وحسب الدلائل التاريخية شرعت البعثة الإيطالية في أعمال تنقيب منظمة في هذا الموقع للكشف عن المملكة القديمة إبلا، وفي عام 1964 في موقع تل مرديخ، وكان ذكر إبلا قد ورد أول مرة في وثائق تعود إلى عصر شروكين الأكادي، مؤسس الأمبراطورية الأكادية (2340 – 2284 ق.م)، نفهم من أحد النصوص أن الإلهدجن أعطى شروكين المنطقة الممتدة من مدينة ماري على  الفرات وسط  سورية حتى جبال الأمانوس على ساحل البحر الابيض المتوسط وكان يدعى البحر الأعلى.

وظلت البعثة الإيطالية تقوم بالحفريات في تل مرديخ عدة سنوات قبل أن تعرف اسمه القديم عام 1968، حتى عثرت على تمثال من البازلت لأحد ملوك إيبلا المدعو ايبيت ليم Ibbit – Lim بن إكريش خيبا Igrish – Chepa، لم يبق منه إلا الجذع، ولكن المهم فيه وجود كتابة مسمارية باللغة الأكادية مؤلفة من 26 سطراً على الجزء العلوي من صدر التمثال. تقع هذه الكتابة في قسمين غير متساويين يتضمن الأول تقديم نذر (جرن للتطهر) إلى الربة عشتار، ويتضمن الثاني وَقف تمثال الملك للإلهة عشتار. وقد بينت هذه الكتابة أن الاسم القديم لهذا الموقع هو إبلا، لورود كلمة إيبلا مرتين في النص، مرة صفة ومرة اسماً. كما أن كشف المحفوظات الملكية في هذا الموقع في عامي 1974 و1975 لم يدع مجالاً للشك في أن مملكة إيبلا الوارد ذكرها تقوم في موقع تل مرديخ.

المكتبة الملكية

Image may be NSFW.
Clik here to view.

مشهد تخيلي لمكتبة إيبلا.

كانت أهم الاكتشافات في مدينة إبلا هي مكتبة القصر الملكي التي احترقت حين غزاها الملك الأكادي نارام سين، وبالنار التي كانت دماراً للمدينة شويت الرقم الطينية وأصبحت مقاومة للعوامل الجوية، وبفضلها تعرفنا على حقبة غامضة من الزمن تمتد بين عامي 2400 و2250 ق.م. وكانت الرقم المكتوبة بالأحرف المسموارية، ليست سومرية ولا أكادية ولا أي لغة معروفة، وبعد الدراسة والمقارنة وجد انها لغة جديدة خاصة بمملكة إبلا، واتضح أنها أقدم من رقم ماري بـ400 سنة ومن رقم أوغاريت بـ1000 سنة.

والمكتبة ذات أرشيف منظم ومنسق بشكل جيد وبلغ تعداد الرقم الموجودة بها حوالي سبعة عشر ألف وخمسمائة رقيم وكسرة طينية مكتوبة باللغة الإبلائية، كان كل رف مخصص لموضوع وتتراوح أحجام الألواح ومساحتها وشكلها، وشكل اللوح يوحي بمضمونه، فالصلوات والأدعية كانت على ألواح مستديرة صغيرة، والأساطير على ألواح مستطيلة، والوثائق التاريخية على ألواح متوسطة ومستديرة أو مربعة مع زوايا مستديرة. كما وجد الباحثون أن سجلات المكتبة تحتوي على مواضيع سياسية وثقافية واقتصادية وقانونية وفنية وعلمية ودينية ونصوص إدارية. وتقارير عن تصدير كميات من الأثاث والمعادن والنسج واللازورد، وقوائم بأسماء أشخاص فرضت عليهم ضرائب. إضافة إلى نصوص لغوية ومعلومات عن الطيور والأسماك وأسماء مدن وشخصيات ونصوص تشريعية وتاريخية وأوامر ملكية ومراسيم وكتب رسمية ووثائق زواج. بالإضافة لفهارس لتعليم اللغة السومرية الأكادية ونصوص قواعد لغوية تشبه المعاجم، وبذلك يكون أقدم قاموس لأكثر من لغتين عثر عليه في إبلا. وتعتبر قوانين حمورابي أقدم القوانين إلا أن قوانين إبلا المشابهة لها وضعت قبلها، كما اكتشف في إبلا قصيدة تعود إلى عام 2400 ق.م. وهي أقدم من قصيدة بلاد الرافدين التي تعود إلى عام 2200 ق.م.

الكتابات المكتشفة عام 1974عثر في شهر آب عام 1974 في الغرفة ذات الرقم L.2586 الواقعة في الجناح الشمالي الشرقي من القصر الملكي على 42 لوحاً وقطعة باللغة المسمارية. ومن دراسة هذه اللوحات تبين أنها ذات طبيعة إدارية، ومعظمها إيصالات تزودنا بمعلومات تاريخية واقتصادية ذات قيمة. إذ تذكر إحدى اللوحات مثلاً تسلم منسوجات من أحد الأشخاص، أما تاريخها فهو: «سنة الحملة على كارمو Garmu». ومن ذلك معلومات عن صناعة النسيج وعن حملة عسكرية. ويتكرر ذكر مدن كيش وتوتول وماري في المحفوظات.

الكتابات المكتشفة عام 1975عثرت البعثة الإيطالية في آب 1975 في الغرفة ذات الرقم L.2712 على نحو ألف لوح وكسرة، كما عثرت في الغرفة ذات الرقم L.2769 الواقعة في الطرف الغربي من القصر الملكي على نحو أربعة عشر ألف لوح وقطعة، وتعدّ هذه الغرفة المكتبة الملكية. كذلك عثر في الغرفة ذات الرقم L.2764 على بعض القطع والكسرات. وبذلك فاق عدد الألواح والكسرات التي عثر عليها في عام 1975 خمسة عشر ألفاً معظمها وثائق إدارية واقتصادية، ومن بينها قوائم بأسماء الموظفين وقوائم بالمخصصات اليومية والشهرية للأسرة المالكة ولموظفين في الدولة ولمواطنين إبلاويين. وتشتمل هذه المخصصات على كميات من الخبز والجعة والخمر والزيت ولحم الغنم والخنازير. كذلك تذكر القوائم مخصصات لسعاة كانوا يسافرون إلى مدن صديقة، وتقدمات للمعابد والآلهة، والأموال التي كانت تؤديها الدول الأخرى لإبلا. وهناك الكثير من النصوص التي تتحدث عن الزراعة وتربية الحيوان والصناعة والتجارة.

وتحتل النصوص التاريخية والحقوقية في هذه المحفوظات المرتبة الثانية من حيث الأهمية. وهي تشمل الأوامر والمراسيم الملكية والرسائل والتقارير الحربية والمعاهدات. وأهمها المعاهدة التجارية بين إبلا  وآشور. كما تشمل النصوص الحقوقية مجموعات قانونية وعقود ميراث وبيع وشراء. وتليها في الأهمية النصوص المعجمية التي تدل على مكانة إبلا الثقافية والحضارية، ومن بين تلك النصوص المعجمية قوائم الرموز المسمارية ونصوص القواعد والمعاجم ثنائية اللغة (باللغتين  السومرية والإيبلوية)، وهي أول المعاجم الثنائية اللغة المعروفة في التاريخ. وتحتل النصوص الأدبية المركز الرابع في هذه المحفوظات وهي تشتمل على عشرين أسطورة على الأقل، وبعضها من عدة نسخ، وعلى ترنيمات وابتهالات للآلهة تلقي ضوءاً جديداً على المعتقدات الدينية في المشرق في الألف الثالث قبل الميلاد.

الكتابات المكتشفة عام 1976عثر على هذه المحفوظات في الغرف رقم L.3769 وL.2875 وL.3764 وهي تضم نحو 1600 لوح وكسرة. إن العدد الإجمالي للألواح التي عثر عليها يزيد على سبعة عشر ألف لوح وكسرة، وهي ذات أشكال مختلفة كتبت بقلم خاص، ربما كان من العظم، ولكن عدد النصوص يقدّر باثني عشر ألف نص. وكان اللوح يكتب ويجفف تحت أشعة الشمس، ولكن الحريق الكبير الذي التهم القصر الملكي بعد هجوم نارام-سين على إبلا أدى إلى شي الألواح الطينية المحفوظة فيه.

وتعدّ محفوظات إبلا أكبر المحفوظات التي تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد، ويمكن موازنتها بالمكتبات والمحفوظات الأخرى التي تعود للألفين الثاني والأول قبل الميلاد، مثل محفوظات ماريوأوغاريت ومكتبات نينوى وآشور.

دراسات وأبحاث

Image may be NSFW.
Clik here to view.

باولو ماتييه، مكتشف إيبلا.

استقطبت إيبلا، ولاسيما المحفوظات الملكية، اهتمام علماء المسماريات في شتى أنحاء العالم ، وصدرت دراسات كثيرة عنها إلى جانب التقارير والدراسات الرسمية التي أعدها الأستاذ پاولو ماتييه Paolo Matthiae، رئيس البعثة الإيطالية المنقبة في تل مرديخ، عن أعمال التنقيب الجارية وعن الكشوف التي تمت، وكذلك كتابات جيوفاني بتيناتو Giovanni Pettinato وغيره من محفوظات القصر الملكي واللغة الإبلاوية.

أما ما يتصل بالنصوص فقد ألفت لجنة عالمية تضم عدداً من كبار علماء المسماريات في العالم مثل: إِدزارد Edzard، وگاريلّي Garelli، وكلنگل Klengel، وكوپر Kupper، وسولبرگر Sollberger برئاسة باولو ماتييه وإشراف المديرية العامة للآثار والمتاحف في سورية للعمل على نشرها من قبل  جامعة روما في سلسلة تحمل اسم «محفوظات إبلا الملكية – نصوص» Realidi Ebla, Testi (Aret) Archivi.

وتتضمن مجلدات هذه السلسلة صوراً ونسخاً وترجمات لنصوص إبلا وشروحاً عنها، وقد صدر منها حتى بداية التسعينات أحد عشر مجلداً من النصوص الإدارية والدينية والتاريخية والمعجمية، وصدرت أربعة مجلدات أخرى عن معهد الدراسات الشرقية في جامعة نابولي بإيطالية، كما تصدر بإشراف الأستاذ باولو ماتيية مجلة للدراسات الإبلاوية Studi Eblaite.

تأثيرالحرب الكونية على سورية

في عام 1999 تمّ ترشيح هذا الموقع الهام لوضعه ضمن لائحة التراث العالمي، بعد أن تم تقديم ملف كامل يدرس هذا الموقع ويظهر القيمة العالمية الاستثنائية له.

نتيجة للحرب الكونية على سورية والغزو الارهابي التكفيري توقف عمليات التنقيب في إيبلا في آذار 2011، وجرت عمليات نهب واسعة النطاق بعد أن أصبح الموقع تحت سيطرة الجماعات الارهابية المسلحة. 

وتعرض الموقع التاريخي إلى اعمال حفر وتنقيب همجية كثيرة على أيدي المجموعات الإرهابية المسلحة باستخدام الجرافات والآليات الثقيلة، بما في ذلك “الأكروبوليس” وباحات القصر الملكي، فيما تعرّضت أقسام أخرى من القصر للتخريب والتدمير.

كما قامت التنظيمات الإرهابية المسلحة بإنشاء مصفاة لتكرير النفط على بعد عشرات الأمتار من الموقع الأثري.

تم حفر العديد من الأنفاق وأكتشف سرداب مليء بالرفات البشرية؛ كانت الرفات متناثرة بعدما تخلص منها  الارهابيون اللصوص، الذين كانوا يأملون العثور على مجهورات أو أي قطع أثرية نفيسة أخرى.جرت عمليات الحفر في المناطق المحيطة للتل من قبل القرويين الذين كانوا يسعون لسرقة القطع الأثرية؛ أزال بعض القرويين من الأنفاق حمولات سيارات مليئة بالتربة المناسبة لصنع السيراميك من أجل أفران الخبز.

حرر الجيش السوري مملكة ايبلا الأثرية في 5 شباط 2020 بعد دحر مسلحي جبهة النصرة وأجناد القوقاز وحلفائهما في المنطقة. ومن المنتظر عودة البعثات وخاصة الايطالية مع باولو ماتيية ورفقته بالتعاون مع المديرية العامة للآثار والمتاحف في سورية للمتابعة بعد استكمال ازالة الألغام ودخول مؤسسات الدولة السورية الى المناطق التي كانت تسيطر عليها المجموعات ارهابية المدعومة من تركيا ومنها محافظة ادلب الغنية جدا مع سهول حلب وباريشا وعفرين كل هذه المناطق الغنية بآثارها وُجد في المناطق التي تحررت منها تدميراً ممنهجاً للآثار في هذه المنطقة بالجرافات من قبل الأتراك وسرقة كل مايمكن والاتجار به عالمياً 

من المراجع

– المعرفة

– الباحثون السوريون

– ويكيبيديا

– صحيفة الاتحاد

– بوابة دمشق

 


هل كانت اللغة السريانية هي اللغة الأولى لسورية الطبيعية، وماهو دور اللغة اليونانية في سورية؟

هل كانت اللغة السريانية هي اللغة الأولى لسورية الطبيعية، وماهو دور اللغة اليونانية في سورية؟

اللغة السريانية أو بالأحرى في الأساس اللغة الآرامية، كانت لغة الدبلوماسية ولغة التجارة في الشرق الأوسط في العهد القديم، وفي قصر شوشا الفارسي قبل الميلاد، كانت أيضاً لغة الدبلوماسية، واكتشف في مصر عرائض مقدمة للوالي الفارسي أثناء الاحتلال الفارسي لمصر باللفة الآرامية. وبعض العهد القديم مكتوب بالآرامية أيضاً.

اللغة الآرامية هي لغة سورية الطبيعية والعراق ماعدا فلسطين. ولكن بعد السبي البابلي وعودتهم من بابل الى فلسطين، فصارت الآرامية شيئاً فشيئاً هي اللغة العامة والشعبية في فلسطين ولغة الشارع، بينما اللغة العبرية ولكونها لغة الكتاب المقدس اي مقدسة لذا بقيت متداولة فقط داخل الهيكل المقدس ويتحدث بها الكهنة لغة للقراءة الدينية.

لكن هناك تراجم إذ ترجم اليهود العهد القديم الى اللغة الآرامية ليكون بمتناول الشعب كلغة شعبية، فكان النص يُقرأ بالعبرية والشرح بالآرامية، والرب يسوع له المجد تكلم في فلسطين اللغة الآرامية. انما سافر خارج فلسطين على على مانعلم مرتين:

الأولى لما اتى صورصيدا، وصور وصيدا كانتا تتكلمان اليونانية، وفي انجيل مرقس المرأة الكنعانية هي امرأة يونانية اللغة.

الثانية عندما انتقل ايضاً الى المدن العشروشفى هناك الممسوسين، وهذه المنطقة كانت متيوننة اي صارت يونانية وتتحدث باليونانية فقط.

اللغة الآرامية إذاً هي اللغة الأصلية، ولكن عندما جاء بلادنا الاسكندر المقدوني فاتحاً كبيراً، انتقلت مع فتحه اللغة اليونانية الى بلادنا وعمت سورية كلها وآسيا الصغرى وبابل حيث جعلها عاصمته والى العالم بصورة كبيرة جداً، ففي القرن الثاني قبل الميلاد كما يقول العلماء والمؤرخون المعاصرون، قامت سورية مقام أثينا في الآداب والفنون الجميلة، وانتقل الثقل اليوناني الى بلادنا، المدن العشرة المذكورة في الناجيل المقدسة هي دمشق وجرش وعمان شرقاً، وبيشان غربي بحيرة طبريا، والمدن الست الباقيات هي بين البحيرة وخط عمان ودمشق.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
القديس يوحنا الدمشقي
القديس يوحنا الدمشقي

هذه المنطقة تيوننت وتكلمت اليونانية في ذلك الحين وتشهد عليها الآثار وماعليها من كتابات يونانية فقط.

في ذلك الحين لما كانت اللغة اليونانية سائدة نرى ان معلم اولاد ملك اليهودية هيرودس  كان نيقولاوس الدمشقي الفيلسوف، الذي ترك ذرية من العلماء والفلاسفة من اثني عشر جيلاً.

كان الناس يتكلمون اللغة اليونانية من آخر كيليكيا بحراً الى اسكندرون، فاللاذقية فطرابلس، فبيروت، وصيدا، وصور، فحيفا،فقيصرية فلسطين، فيافا، فغزة، فالاسكندرية فليبيا.

بلادنا السورية الكبرى ومصر وادي النيل والشمال الافريقي أخرجت علماء وفلاسفة كثيرين باليونانية، المدن الداخلية: حلب وحماة وحمص وبصرى كانت تتكلم اليونانية،إنما كانت القبائل العربية في الصحراءوغالباً من القرن الثاني بعد الميلاد إذ أخذت تتكاثر في بادية الشام. هذه القبائل كانت تتكلم العربية، ولكنها مع الزمان جودت لغتها العربية، وتجويد لغتنا العربية تم ايضاص بالاحتكاك الثقافي.طبعاً لايخلو المر أنهم تعلموا السريانية أو اليونانيةن فعائلة يوحنا الدمشقي عائلة عربية الأصل، اسمه منصور واسم جده منصور، فالاسم عربي، لكننا لانعرف القبيلة التي كان ينتمي اليها يوحنا الدمشقي، ولكنه ليس من تغلب لأن تغلب كانت على المذهب اليعقوبي. فعائلة يوحنا الدمشقي عائلة ثقافة وادب وعلم وفلسفة وزعامة كبيرة في دمشق. فهي عائلة محترمة جداً. المناطق التي كانت تتكلم الآرامية ثم السريانية هي المناطق الريفية. ففي الريف غالباً كان الناس يتكلمون الآرامية. في منطقة نصيين وأورفا (اي الرها اليوم) وتلك المناطق كان الناس يتكلمون السريانية، لكن الاغنياء والميسوري الحال كانوا يعلمون أولادهم اليونانية أيضاً. فنسطوريوس من جرمانيكا مرعش (قرب جبال طوروس شمال سورية) درس في أنطاكية وكتب باليونانية. وهناك من قال إن بروكلس بطريرك القسطنطينية هو من مرعش، ولكن الأغلب هو من القسطنطينية. بولس السميساطي كان من سميساط في الشمال ايضاً وصار اسقفاً على انطاكية وتكلم اليونانية. وكان مسؤولاً عن المالية في قصر زنوبيا في القرن الثالث للميلاد.

التأثير اليوناني واضح على قصر زنوبيا وحضارة زنوبيا وتماثيل زنوبيا في متحف اللوفر بباريس.الحضارة التدمرية حضارة يونانية بنسبة كبيرة وإن كانت زنوبيا عربية الأصل، وفي قصرها كان لونجينوسن وهذا تكلم اليونانية واسمه غير عربي، فتغلغل اللغة والثقافة اليونانية كان واسعاً جداً.

المدن التي أسسها اليونان من الأسرة السلوقية: أنطاكية واللاذقية وأفاميا (في منطقة حماة)، والسويدية او سلفكية (سيليسكيا)، هذه مدن اسسها اليونان وطابعها يوناني وبقيت تتحدث اليونانية حتى بعد رائد التعريب لليتورجيا في الكرسي الانطاكي المقدس الشماس عبد الله ابن الفضل الأنطاكي بأكثر من قرنين، كاللاذقية ومدن الساحل السوري طرطوس وبانياس وارواد وجبلة بقيت تتكلم اليونانية حتى القرن الثالث عشر.

اللاذقية لما مر فيها ابن بطوطة الرحالة العربي الشهير كان مرفأها محاطاً بسلسلتين، واسم السلسلتين عند المذكور كان يوناني. ولاتزال هناك الفاظ يونانية في ساحل اللاذقية وبقية المدن الساحلية في الساحل السوري، واسم الساحل والأمكنة والألفاظ. فإذا الحضارة اليونانية انتقلت الى سورية الطبيعية منذ فتح الاسكندر المقدوني وهو من ادخل اليونانية لغة وفلسفة وثقافة وفن ومجد في امبراطوريته العالمية التي وصلها الى الهند والسند.

وعندما اقام خلفاؤه من بعده الحضارة الهلنستية في سورية آسيا الصغرى، مع اسرة سلوقوس بعاصمتها أنطاكية، وكذلك فعل بطليموس في مصر بعاصمتها الاسكندرية منذ ماقبل الميلاد وتركوا لنا اكبر الشواهد الحضارية والآثار باليونانية ويكفي الترجمة السبعينية للتوراة الى اليونانية وهي الأصل الذي منه تتم الترجمة الى كل اللغات حالياً لموثوقيتها.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
القديس افرام السوري
القديس افرام السوري

حتى ان أرباب عصر النهضة في اوربة بعد القرون الوسطى استندوا على هذه الحضارة اليونانية بكل مرافقها الفنية والفلسفية واوابدها ومنها انطلقوا…لعصر تنويرهم الرائد.

في القرن السادس الميلادي كان اسقف غزة يجيد اليونانية مثل افلاطون فسمي أفلاطون المسيحي. وفي كتاباته يهزأ من اليوناني ويقول له السوري في احدى حواراته على طريقة افلاطون: ” أنا أعلمك اللغة اليونانية”. اي كانت غزة باليونانية أقوى من أثينا، وكان اليونانيون يأتون من أثينا الى غزة ليتعلموا اللغة اليونانية. فغزة في آواخر سورية الطبيعية تعلم اللغة اليونانية وهذا شيء مهم كثيراً.

في مصر كانت اللغة اليونانية في الاسكندرية، وأخرجت الفيلسوف الكبير أفلوطين الذي جدد الأفلاطونية فسميت فلسفته بالأفلاطونية الجديدة. وتلميذه هو بورفيروس من صور، لبناني، المتوفي في العام 310مسيحية وهو الذي نشر كتبه ونظمها ورتبها، وترك شيئاً من طابعه الخاص عليها كما يقول الباحثون اليوم.

يقول الاختصاصيون وعلماء التاريخ المنصفون ان كل المدن السورية كانت قلاعاً للفكر والفلسفة والعلم، الخ. في تاريخ الفلسفة البيزنطية لباسيل تاتاكيس المطبوع في باريس بالفرنسية العام 1949 نرى رجال الفكر والفلسفة والعلوم سوريين. ولكن يجب تصحيح ديونيسيوس الأريوباغي الذي كان في ذلك الحين غير معروف بالتمام كسوري، فهذا سوري. وهناك مكسيموس المعترف  في هذا الكتاب الذي يميل البعض اليوم الى اعتباره سورياً من قرية خسفين في الجولان السوري على حوالي منتصف الطريق بين درعا ودمشق غرباً. مكسيموس المعترف داهية الدهاة. رجل فكر عالمي من الطراز الأول. في مخطوطة مارونية موجودة في المتحف البريطاني هو من خسفين. ولكن المخطوطات اليونانية تعود الى القرن العاشر، أما المخطوطة المارونية فتكاد تكون معاصرة له، وتستعمل عبارات متداولة في كتب الموارنة، فهي اقرب الى زمان مكسيموس، ولذلك يوجد خلاف بين العلماء اليوم، ولكن الأغلب أن يكون سورياً، لأن القسطنطينية لم تُخرج لاهوتياً كبيراً الا في القرن التاسع وهو القديس فوتيوس الكبير، المتوفي في العام 891مسيحية. وباسيل تاتاكيس المذكور يذكر أن القسطنطينية لم تستطع ان تنافس القلاع الفكرية السورية. تأسست الجامعة القسطنطينية في العام 425 مسيحية على يد الأمبراطورة زوجة الامبراطور ثيوذوسيوس الصغير، لكنها عجزت عن منافسة المراكز السورية التي اخرجت الكثير في اللاهوت المسيحي، أما أثينا فما اخرجت في البداية إلا أثينا غوراس من المدافعين عن الايمان وشخصاً آخر، بينما نرى الكتاب السوريين يحتلون الساحة. ولاننسى أن كبادوكية كانت تابعة لمملكة أنطاكية، والرومان واليونان يسمون أهالي كبادوكية السوريين البيض. فباسيليوس وغريغوريوس اللاهوتي وغريغوريوس النيصصي وأمفيلوخيوس إّذاً الى حد ما متأثرين بسورية، والقديس باسيليوس الكبير يمتدح أنطاكية مدائح كبيرة، وكان صديقاً كبيراً لأسقفها الشهير ملاتيوس رئيس المجمع المسكوني الثاني (العام 381 مسيحية). وكانت القسطنطينية في مرحلة ما تأخذ البطاركة من سورية الطبيعية. فأولهم نكتاريوس من كيليكيا الذي ترأس المجمع المسكوني الثاني بعد وفاة ملاتيوس، وخلفه يوحنا فم الذهب. وبعد فم الذهب يأتي أخو نكتاريوس، ولدينا نسطوريوس وبروكلوس (وهو تلميذ فم الذهب). وبعده جاء فلافيانوس الذي عقدمجمع  448مسيحية في القسطنطينية وحُكم على أفتيخيوس (أي اوطيخا). وهناك يوحنا من سرمين (قرب ادلب). وهناك سرجيوس في القرن السابع صديق هرقل، وهذا ايضاً كان من سرمين. هؤلاء كلهم ناطقون باليونانية. سرمين اليوم منطقة بسيطة ولكنها أنجبت بطريركين على القسطنطينية، يوحنا فم الذهب أنطاكي، وهو أشهر الشراح ومعلم الكنيسة الكبير، القديسون والكتبة السوريون الذين كتبوا باليونانية مشاهير. مثلاً في الشعر: أكبر شاعر بيزنطي باللغة اليونانية طبعاً هو رومانوس الحمصي باعتراف ميرف عضو الاكاديمية الفرنسية. هذا شاعر لامثيل له ولاهوتي محترم جداً.

ومن جهة اللاهوت لاننسى دمشق أيضاً التي أخرجت صفرونيوس الدمشقي المهول الشهير، بطريرك أورشليم. صفرونيوس هذا هو الذي قاوم هرطقة المشيئة الواحدة التي قال بها سرجيوس القسطنطينية. توفي صفرونيوس في العام 638 مسيحية ولكن في العام 632مسيحية كان رئيس دير في تونس في قرطاجة. وكان يومئذ مكسيموس المعترف راهباً عنده في الدير. ففي قرطاجة نفسها كان رئيس الدير إنساناً يتكلم اليونانية. حتى في روما نفسها كانت الكتابات باللغة اليونانية حتى العام 250 مسيحية.

يوحنا الدمشقي من دمشق وهو لاهوتي وكاتب مهم جداً وكتب باليونانية، وكتب أناشيد دينية بكمية كبيرة جداً. ونظَّمَ الموسيقا البيزنطية. كان وزيراً عند الأمويين،

وترك في ايام يزيد بن عبد الملك، لا في ايام عمر بن عبد العزيز الذي كان صديقه الحميم. وعمر بن عبد العزيز كان صديقاً للمسيحيين والرهبان، ومات ودفن في دير القديس سمعان العمودي في معمرة النعمان، لم يكن عدو المسيحيين كما دس اليهود. هذا كذب، فأمره معروف وكتبت كراسة في هذا الموضوع.

يوحنا الدمشقي عَلمٌّ من أعلام الكنيسة الكبرى، وهو الذي لخص اللاهوت الارثوذكسي، وأصبح كتابه المرجع رقم واحد في تنظيم اللاهوت الأرثوذكسي. أما ديونيسيوس المنتحل، فكما قال لوسكي (العام 1975)، وكتبتُ أنا في العام 1980، فهو الذي نظم تعليم الآباء الكبادوكيين. كان أفلاطينياً جديداً، ولكنه انقلب على الأفلوطينية وصار مسيحياً، متأثراً بإنشاء بلوتينيوس (أفلوطين). ولكن ليس وحده متأثراً بانشاء أفلوطين الرائع.

ماعدا ذلك أين نرى ياترى التأثير اليوناني؟

نرى التأثير اليوناني مستمراً. فثيوذوروس ابو قرة ( المتوفي في العام  825 مسيحية) أسقف حران في شمال سورية كان يجيد اليونانية والسريانية والعربية. نرى الامتداد اليوناني فيما بعد مستمراً، لأن الكنيسة الأرثوذكسية استمرت على استعمال اليونانية، كان دائماً في بلادنا من يجيد اليونانية فقاموا بالترجمة من اليونانية الى العربية. المخطوطات الآبائية العربية المترجمة من اليونانية كمية كبيرة تعجّ بها المكتبات في أوربة واميركا. هؤلاء المترجمون الذين ترجموا في القرن العاشر أو مابعده كانوا جميعاً يجيدون اللغة اليونانية، وهذا يعني أن بلادنا كان فيها أناس يجيدون اليونانية. القديس بطرس الدمشقي (كتابه في الفيلو كاليا)، غالباً من القرن 11أو 12، يذكر أن ليس لديه كتب، فكان يستعير الكتب، هذا يعني أنه في دمشق كانت توجد في تلك الحين مكتبات باللغة اليونانية.

فاللغة اليونانية لم تنقرض من بلادنا بسهولة. ومازال الأرثوذكس حتى اليوم يهتمون باللغة اليونانية لأنها لغة اللاهوت الأرثوذكسي الكبرى، ومراجعنا يونانية وأصل صلواتنا يونانية.

أما بالنسبة للغة السريانية الآرامية فقد استمرت في بلادنا، وهي اليوم لغة محكية في معلولا الارثوذكسية والكاثوليكية وبخعا وعين التينة بالرغم من اسلمة القريتين الأخيريين منذ قرابة ثلاثة قرون وهذه اللغة المتوارثة هي اللغة الآرامية الفلسطينية التي كانت سائدة في فلسطين زمن الرب يسوع وهو تكلم بها، وهي محكية وقام احد اعلام معلولا الاستاذ جورج رزق الله الارثوذكسي بوضع ابجدية لها وفتح معهد لتعليمها تلتها معاهد وتبنتها السلطات المختصة السورية…  وبالامس فوجئت بأن كبار السن ومن المسلمين في يبرود يتحدثون السريانية كأهل معلولا والقريتين الاخريين. بدون خلط بين اللغة السريانية كلغة من لغات سورية وعقيدة الكنيسة السريانية…

هناك السريان ابناء الكنيسة السريانية وخاصة في شرق سورية يتعلمون السريانية ويتحدثون بها فيما بينهم وهي لغة طقسية اساساً تستخدم في ليتورجيا الكنيسة السريانية… واللغة المارونية من اللغة السريانية الكرشونية فهي بدورها لغة طقسية للكنيسة المارونية. لكن العربية غزت بلادنا فحلت محل السريانية واليونانية. أما بالنبة للغة السريانية فقد عرفت مؤلفين كبار. فالقديس افرام السوري من نصيبين

(الذي مات في الرها أو أورفة اليوم) فهو اديب اللغة السريانية وشاعرها الكبير. وهو من الناحية الروحية علم من اعلام  الكنيسة الكبرى، وشهد به كواستن من القرن الماضي ( وهو من كبار الاختصاصيين في آباء الكنيسة) بأن “سحبة” منه تعادل كل ماكتبه الغرب في اللاهوت. وصدر كتاب بالانكليزية لشخص مختص به وبرومانوس الحمصي المرنم يُثبت فيه تأثير أفرام على القديس رومانوس الحمصي، وأن زهديات أفرام تشبه الى حد كبير زهديات فم الذهب، فربما طالع فم الذهب ترجمات القديس أفرام الى اليونانية لأن أفرام كان يُترجم ميامره الى اليونانية، وهو حي بعد. وهو اكبر كاتب سرياني بالنسبة لنا نحن الارثوذكس ومن قديسينا ايضاً، وكذلك القديس اسحق النينوي، الذي كتبه عندنا، وهو مهم جداً. أما انتشار السريانية فلم يقتصر على بلادنا. في كتاب دوفال الفرنسي عن آداب السريانية خريطة تبيّن انتشار الثقافة السريانية شرقاً، ولها مراكز في بلاد فارس هامة حتى آواخر الامبراطورية الفارسية. وقام الآشوريون بنشاط هائل ووصلوا الى الصين ولهم آثار في الصين. ولما اتى هولاكو بلادنا حوالي 1256-1258 كان قائد جيشه الذي فتح دمشق نسطورياً وكانت زوجة هولاكو مسيحية نسطورية واوصت زوجها بمسيحيي دمشق خيراً، وهو دليل على انتشار الثقافة السريانية وعلى النشاط الآشوري، ممايدل على امتداد ثقافي كبير للغة السريانية، اما اللغة اليونانية فهي كما ذكرنا لغة المتوسط الذي كان يتكلم اليونانية وثقافته يونانية بمافي ذلك الاناضول وآسيا الصغرى، حتى بعد قيام الامبراطورية العثمانية كان سلاطينها يسمون انفسهم “سلاطين الروم”، واعتمدوا التاريخ الخاص بهم باسم “التاريخ الرومي”

(الاب اسبيرو جبور بتصرف زيادة)

خربشات سياسية 27/2/2020 مغامرة أردوغان القاتلة

مغامرة أردوغان القاتلة
النيو خليفة أردوغان يعمق من أزمته ويضع نفسه في وضع المقامره.
هذا الصباح قال أردوغان إنه لن نتراجع خطوة في إدلب وسييعد قوات الحكومة السورية إلى ما وراء مواقع المراقبة في مورك.
وأضاف “سنحرر” مواقع المراقبة المحاصرة في إدلب بنهاية الشهر الحالي.
أغبى الساسة من يضعون مواعيد محدده ويؤكدون عليها خاصة إذا كانت هذه المواعيد قريبة وفي مواقف استراتيجية وتحدد مصير معركة أو نظام أو دولة.
أي مبتدئ في السياسة والعسكر يعرف أن ما يقوله أردوغان يدخل في باب المستحيلات.
فهو ليس في موقع ميداني وعسكري يتيح له تنفيذ تهديده، وليس له أي سند إقليمي أو دولي يرتكز عليه لينفذ تهديده أو على الأقل يقنع الخصم بقدرته على تنفيذه فحلف الناتو كان واضحاً بأن معارك أردوغان لا تلزمه بمساعدته .. والدول الأوروبية تحتاج لمن يساعدها أما الأمريكي فهو يسمعه الكلام العسل لكن ليس أكثر من ذلك وهو بكل الأحوال لن يساعده بأكثر من مساعدات لوجستية لا يمكن أن تغير في مسار المعركة.
وأكثر من ذلك هناك من يؤكد أن أمريكا تريد دفع أردوغان إلى المحرقة للانتقام منه على تجرؤه للخروج عن عصا الطاعة الأمريكية وخاصة في موضوع منظومة الصواريخ إس 400 الروسية وهناك من يشبه تشجيعه في ادلب بتشجيع صدام حسين لغزو الكويت ورأينا ماذا كانت النتيجة.
واضح أن كلام أردوغان موجه بالدرجة الأولى إلى روسيا أكثر مما هو موجه لسورية فمن يراقب المواقف الروسية يلاحظ أن موسكو تتجاوز للمرة الأولى صفة البرودة التي تميز دبلوماسيتها ووجهت اتهامات مباشرة لتركيا بدعم الإرهاب وأنها المسؤولة عن تسعير الوضع في ادلب وزادت روسيا لأول مرة من حدة مواقفها تجاه أردوغان وأكدت أن لا وقف نهائيا للنار في ادلب حتى تحريرها بالكامل.
وزادت موسكو من مأزق أردوغان عندما أفشلت كل محولاته لاستجداء مجرد لقاء وصورة مع الرئيس بوتين سواء في لقاء قمة ثنائية أو ثلاثية مع إيران أو رباعية مع فرنسا وألمانيا رغم أن أردوغان أكد أكثر من مرة اتفاقه على عقد هذه القمم.
واليوم زادت روسيا من تصعيدها مع أردوغان عندما اتهمته بشكل مباشر بنقل الإرهابيين من سورية إلى ليبيا.
آخر شباط قريب وبقي عليه ثلاثة ايام فقط .. وأردوغان وضع نفسه في موقع المقامر في ضربة “صولد” فإما يربح كل شيء أو أنه سيخسر كل شيء والمجنون يعرف أن مقامرته خاسرة ولننتظر ونرى ما هو فاعل من الآن حتى آخر شباط .. وأنا شخصياً أدعو لأردوغان بطول العمر والبقاء حتى استكمال مهمته بدفن مشاريعه العثمانية والأخوانية وإذلال تركيا…

جراائم الاتراك بحق المسيحيين…التطهير العرقي والمجازر

جراائم الاتراك بحق المسيحيين… التطهير العرقي والمجازر

الابادة الجماعية للأرمن… واتفاقية منع جرائم الابادة الجماعية
تعترف الأمم المتحدة رسميا بالإبادة التي تعرض لها الشعب الأرمني، لأن هذه المنظمات لا يعنيها عرق أو قومية أو دين الضحايا، فهي تنظر للجميع باعتبارهم بشر، وتتناقض التصريحات التركية حول ابادة الارمن التي اعترفت بها الامم المتحدة ولم تعترف بعد بابادة الروم من ابناء سورية/ الكرسي الانطاكي من سوريين ارثوذكس ويونان والبالغة منذ زمن السلاجقة الى بداية الحرب العالمية الاولى مليونين من الضحايا لتبدأ بعدها وتحديداً من آخر العقد الاول من القرن العشرين 1909 الى 1923 الى ابادة مليونين ومائة الف من السوريين الارثوذكس واليونان الاعداء التاريخيين للعثمانيين وتفريغ ثلاث ابرشيات كانت تشكل معظم مساحة آسيا الصغرى وخاصة الغربية منها وبذلك يصبح عدد الشهداء الروم اربعة ملايين ومائة الف شهيد لم يتم الاعتراف بهم اضافة الى سبعمائة الف من السريان ومثلهم من الآشوريين والكلدان وخاصة في شرق آسيا الصغرى ايضاً لم يتم الاعتراف بهم…)الامم المتحدة اقول كمتخصص بالقانون الدولي ان موقفهالا يتحدد حسب جنسية أو طائفة الجزار والضحية. كما تدعي تركيا اردوغان في ردها ومحاولة نقل الكرة الى ملعب المنظمة الدولية بخصوص قبائل الايغور الصينية المسلمة التي تتعرض على قول اردوغان لتدابير غير مسبوقة من الصين…
– اتفاقية منع جرائم الابادة الجماعية

Image may be NSFW.
Clik here to view.
ابادة الارثوذكس من يونان وسوريين ابناء الكرسي الانطاكي
ابادة الارثوذكس من يونان وسوريين ابناء الكرسي الانطاكي

في نهاية عام 1948 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية “منع جرائم الإبادة الجماعية” ومعاقبة من قام بها ومن اشترك فيها ومن حرّض عليها، وصادقت عليها 146 دولة. وتعرف الاتفاقية جرائم الإبادة بالتالي: “تعني الإبادة الجماعية أيا من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، بصفتها هذه:
(أ) قتل أعضاء من الجماعة.
(ب) إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة.
(ج) إخضاع الجماعة، عمداً، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً.
(د) فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.
(هـ) نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى
جميع وسائل الإبادة الجماعية السابقة تم تطبيقها بشكل بالغ الوحشية من قبل السلطات العثمانية بحق المسيحيين واولهم الشعب الأرمني، الذي استهدف بالقتل والتجويع والتعذيب والاغتصاب وإبعاد الأطفال عن ذويهم ومصادرة أملاكه والتي انتهت بعد طرده من أراضيه التاريخية بمسيرات الموت القسري. وهاهي قضية اراضي ارمينيا الغربية ودولة ارمينيا الموحدة ومحورها كيليكيا تبرز مجدداً الى الواجهة
حدثت هذه الجريمة على موجات عدة، من نهاية القرن التاسع عشر بأمر السلطان الأحمر عبد الحميد الثاني إلى أن بلغت مرحلتها النهائية في 24 نيسان 1915 عندما تم إعدام المئات من أهم الشخصيات الأرمنية في ساحات مدينة إسطنبول والتي كانت إشارة انطلاق لعمليات إبادة مئات القرى الأرمنية في شرق الأناضول بمشاركة من بعض العشائر الكردية.
وقد وصف أحد المراسلين الأميركيين ما شاهده من قوافل المرحّلين وكيف حدّثوه عن كيفية قتل رجالهم من اليوم الأول والاعتداء على النساء طوال طريق الرحلة الطويلة إلى البادية السورية حيث مات 75 في المئة منهم خلالها نتيجة الجوع والإرهاق والأمراض. والكثير من الارمن الناجين حلوا بضيافة العشائر البدوية في الشمال والشرق السوري والكثير من النسوة تزوجن من رجال هذه العشائر
بالنسبة للسوريين واللبنانيين، المذبحة الأرمنية حقيقة لا يمكن التشكيك فيها، لأنه أتيحت لهم الفرصة للتعرف شخصيا على أبناء وأحفاد الناجين من هذه المذبحة الذين عاشوا تفاصيلها، والذين نقلوا معهم عندما استقرّوا في سورية خلاصة آلاف السنين من حضارتهم وأغنوا بلدهم الجديد بثقافتهم ومهاراتهم والتزامهم في عملهم وأمانتهم وطعامهم المميز. والكل صار من نسيج الشعب السوري بالزواج ومنهم نحن فأنا ارمني لجهة امي
كما يجب الاعتراف وإدانة المجزرة التي تعرض لها المسيحيون في حلب ومعلولا والقلمون عام 1850 فأفرغت سهول حلب ممن بقي من المسيحيين تدل عليهم آثارهم ومذبحة دمشق عام 1860 والتي أدت إلى استشهاد نصف مسيحيي دمشق والقلمون والغوطة ووادي بردى والزبداني وبلودان وجبل الشيخ والجنوب السوري حوران وجبل الدروز وجبل لبنان ومايعرف اليوم بجنوب لبنان وكان تابعا لولاية دمشق كراشيا وحاصبيا وزحلة وتدمير مئات المنازل والمحال التجارية والكنائس والمدارس ومصانع الغزل والنسيج الدمشقي المشهور الذي كان مسيحيو دمشق هم القائمون تاريخيا عليه وخاصة في محلتهم الرئيسة آيا ماريا او القيمرية، وما نجم عن تلك المجزرة من تحوّل كثير من القرى في ريف دمشق والقلمون ووادي بردى وحوران قسرا وخوفا للإسلام وانطلاق موجة هجرة واسعة للمسيحيين إلى خارج سورية حيث هاجر ربع سكان دمشق وبقي الربع كأقلية مرتاعة مسلوبة الحقوق.
تدفع الاعتبارات الأخلاقية للوقوف دائما مع الضحايا والمظلومين بغض النظر عن قوميتهم أو طائفتهم، بينما إدانة بعضها وتبرير بعضها الآخر يعني السير على خطى أردوغان الذي أنكر مذابح الأرمن واليونان والروم والآشوريين ـ السريان
عندما تتعاطف مع المظلومين فإن العالم سيتضامن معك.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
ابادة الروم والاطفال يقاومون المجزرة العثمانية
ابادة الروم والاطفال يقاومون المجزرة العثمانية

الشهداء الارثوذكس ابناء الكرسي الانطاكي المقدس بعجالة
وجدير ذكره ان الكرسي الانطاكي المقدس قدم اربعة ملايين ومائتي الف شهيد على يد الاتراك في ابرشياتنا الانطاكية الشهيدة بدءا بمافعله الاتراك السلاجقة فالعثمانيون والاتحاديون والكماليون بحيث كانت نتيجة مجازر سفر برلك وحدهامن ارثوذكس الكرسي الانطاكي بشقيهم السوري واليوناني في كيليكيا وديار بكر وارضروم مليونان ومائتا الف من اصل الرقم الاساس، عدا يونان البنطس…
كما أن الاعتراف بجرائم الأمس يفتح صفحة جديدة بين القوميات والطوائف لتمضي إلى مستقبل أفضل، بينما الذين يعيشون في الماضي في ملابس وقصور الخلفاء والسلاطين لا يستطيعون إدانة الماضي لأنهم ما زالوا يعيشون فيه.
هذا الاعتراف خطوة جريئة على الطريق الصحيح ومافعله زبانية اردوغان اليوم من الارهابيين الاتراك والتركمان والاذريين والتركمانستان وتحديدا في محافظات حماة وحلب وادلب والحسكة وجبال اللاذقية يوجب عليكم المتابعة…

مجلس الشعب السوري

Image may be NSFW.
Clik here to view.
نصب الشهداء الروم في اثينا
نصب الشهداء الروم في اثينا

شكرا مجلس الشعب السوري الاعتراف الصريح بالاجماع بالابادة للأرمن…

ونأمل الاعتراف بالتالي بالابادة للمسيحيين الروم الارثوذكس بشقيهم السوري واليوناني اتباع الكرسي الانطاكي المقدس وسواهم  من السريان والكلدان والآشوريين وبشكل صريح

العهد الجديد كتب باليونانية في بيئة غير يونانية…

العهد الجديد كتب باليونانية في بيئة غير يونانية…

الانجيل المقدس بعهده الجديد له قصة طويلة…

الاسكندر المقدوني فتح المنطقة الشرق أوسطية، ووصل الى الصين، وفي كل مراحل حملته هذه ترك بصمات يونانية واضحة وخاصة لجهة الآثار اليونانية في كل تلك المناطق، فتيوننت الدنيا المعمورة التي حملت تسمية (المسكونة).

في الاصحاح الثاني من أعمال الرسل نرى في اورشليم يهوداً من أقطار عديدة من الامبراطورية الرومانية والامبراطورية الفارسية.

في سفر طوبيا (وهو عند إخوتنا في الكنيسة الكاثوليكية سفر ثانوي، بينما عندنا في كنيستنا الارثوذكسية هو سفر قراءة) المكتوب باليونانية فيه حوادث تجري في أفغانستان. فهذا الانتشار اليهودي الواسع في الامبراطوريتين الرومانية والفارسية، وفي دولة الانباط العربية، التي عاصمتها البتراء في الاردن الآن، واضح في الاصحاح الثاني من أعمال الرسل.

أعمال الرسل والأناجيل واضحة ايضاً عن انتشار اليهودية في مناطق عديدة أيضاً من روما الى تسالونيك، الى أفسس، إلى صيدا وصور، إلى حيفا ويافا، إلى الاسكندرية، الى ليبيا ، فكلمة قيروان (الاصحاح الثاني من أعمال الرسل) ترجمة غير صحيحة. فالقيروان موجودة في تونس اسسها في العام 721 م عقبة بن نافع. المقصود هنا كيرينا عاصمة ليبيا، حيث كانت توجد جالية يهودية مهمة وكان الناس ينطقون باليونانية.

فاذا الانتشار اليوناني لم يعد مرتبطاً بالعرق اليوناني وبأثينا، فالشعوب صارت تتكلم باليونانية وتتثقف باليونانية، وسبقت أثينا في اللغة اليونانية، وآباء الكنيسة ليسوا من أثينا. آباء الكنيسة من شرقي المتوسط من سورية الطبيعية الناطقة باليونانية بطلاقة والحاملة الارث الفلسفي اليوناني اضافة الى اللغة الآرامية…

ايضاً آباء الكنيسة من جنوب البحر المتوسط من غزة وسيناء ومصر وليبيا وقرطاج حيث السيادة اليونانية على الحكم الروماني وعلى الشعب المحلي…

كل هؤلاء الآباء القدامى الذين من كل محيط البحر الابيض المتوسط شرقاً وشمالاً وجنوباً وحتى غرباً الذين كتبوا باليونانية ليسوا من أثينا. لذلك فالانجيل ببشاراته الاربع والاعمال و… كتبت في مناطق معينة…

العهد الجديد

Image may be NSFW.
Clik here to view.
آيات من العهد الجديد باليونانية الاصلية
آيات من العهد الجديد باليونانية الاصلية

انجيل متى الآرامي وهو الوحيد الذي كتب بغير اليونانية نسخته الوحيدة بالآرامية الفلسطينية مفقودة.

ليس لدينا الا النص اليوناني. النص اليوناني مكتوب بلغة يونانية لا بأس بها. مكان الكتابة مختلف عليه. هناك من يقول انه تُرجم في فلسطين، وهناك من يقول انه تُرجم في فينيقية، او في سورية حيث كانت هناك احتكاكات بين اليهود والتبشير المسيحي. فانجيل متى اليوناني الذي هو وحده بين يدينا هو بدون شك اطروحة مهولة جداً بدون جدل، مثل بولس في رومية وغلاطية والعبرانيين. بدون هذه الجدلية مع اليهود يعرض حياة المسيح بصورة لايبقى لموسى مكاناً الا مكان العبد مثلما سمّته الرسالة الى العبرانيين، ويعرض التعليم المسيحي الذي هو أكمل بما لايُقاس  من ناموس موسى، ويعرض يسوع ابن الله المتجسد المولود من العذراء الذي هو أعظم من موسى بما لايُقاس، ويعرض عجائب المسيح التي هي أعظم من عجائب موسى بما لايقاس أيضاً، فالفرق واضح بين جداً ومن هذه الناحية انجيل متى وهو انجيل تبشيري ضد اليهودية وهو انجيل قوي جداً، وفي الكنيسة انجيل محترم جداً وأقدم الأناجيل وأكثرها استعمالاً في الكنيسة منذ القدم ووثيقة “تعليم الرسل القديسين” الذي يقال أنه مؤلف مابين سنة 50-100 (والعلماء مختلفون) أورد “أبانا الذي في السموات”  من انجيل متى وليس من انجيل لوقا وباليونانية أيضاً.

من المعروف أن انجيل مرقس كُتب في روما، وفي روما كانت اللغة اليونانية منتشرة بقوة، ورسالة بولس الى أهل رومية مكتوبة باليونانية، فاليونانية كانت معروفة جيداً في روما. وانجيل لوقا على الأغلب مكتوب في منطقة من بلاد اليونان أو تركيا والبت بذلك ليس بالأمر السهل، ولكن لوقا كتب بلغة يونانية جيدة لأناس يتكلمون اليونانية. من جهة إنجيل يوحنا، من المعروف أنه كُتب بأفسس. ورسائله كُتبت في أفسس، والرؤيا في بطمس، وهذه بلاد تتكلم اليونانية. بولس الرسول رسائله خرجت من أفسس ومن كورنثوس، ومن مكدونية، ومن روما، ومن مناطق يونانية أخرى تتكلم اليونانية إجمالاً، ولأناس يتكلمون اليونانية. رسالة بطرس الأولى كُتبت في روما باليونانية، والكاتب هو سلوانس رفيق بولس في الأسفار وفي التبشير. رسالة يهوذا باليونانية ولانعرف من اين.

رسالة يعقوب الرسول كُتبت باليونانية، ويعقوب كان أسقفاً على اورشليم، ولكن كان في اورشليم من يجيد اليونانية. والاصحاح السادس من أعمال الرسل يتكلم عن الشمامسة المقامين لخدمة الأرامل الناطقات باليونانية. وأسماء الشمامسة يونانية. يخدمون أرامل ناطقات باليونانية في القدس. رسالة بطرس موجهة الى شتات موجودين في آسيا الصغرى.

من جهة بولس الرسول نفسه، فهو موجود في طرسوس عاصمة كيليكيا التي كانت تنطق باليونانية. تربى في أورشليم، وتعلم الديانة والشريعة في أورشليم، وتعّلَّم الديانة في أورشليم على يد غمالائيل المشهور، ولكنه يتكلم اليونانية والعبرية والآرامية. وبولس بشَّر في فلسطين، ولكن تبشيره في فلسطين كان عسيراً ومرفوضاً. بشر في منطقة العربية أي منطقة الأنباط، ربما تعدّى حوران أو بقي في حوران فقد وصل الى الأردن، لأن العربية تعني منطقة البتراء، ولاتعني الحجاز. وبشر في مناطق تتكلم اليونانية.

الرسل القديسون، بعد اغتيال يعقوب الرسول أخي الرب، بقوا في أورشليم، ولكن الاخوة هاجروا، وهربوا الى السواحل، وانتشروا على السواحل حتى بلغوا أنطاكية، وكانوا يبشّرون اليهود فقط. إنما في أنطاكية بشّروا اليونانيين. فإذاً الساحل السوري كله (السوري، الفلسطيني، اللبناني، انطاكية ولواء الاسكندرون وحتى كيليكية) كان يتكلم اليونانية، وكانت تعيش فيه جاليات يهودية محترمة عددياً واقتصادياً، كما كانت توجد في الداخل السوري جاليات يهودية أيضاً. فكانوا يبشرون هؤلاء اليهود.

في مصر نسي اليهود الآرامية الفلسطينية والعبرية فتُرجم العهد القديم الى اليونانية قبل الميلاد بمئات السنين، وهذه الترجمة هي التي كانت منتشرة بين اليهود في الشتات.

إذاً هذه مسألة مهمة.

هناك الأسفار التي يسميها الكاثوليك في ترجمتهم العربية ” القانونية الثانوية”، والتي هي كتب تلاوة في كنيستنا الارثوذكسية، وهذه مكتوبة باليونانية لا بالعبرية، واذا كان لبعضها أصل عبري فنحن نجهل هذا الأصل العبري، فإذاً اللغة اليونانية لغة الحضارة والمدنية والثقافة في حوض البحر الأبيض المتوسط، فلا غرابة أن تكون الأناجيل والرسائل قد كُتبت بها، وكلغة حضارية وثقافية كانت تشبه الانكليزية في انتشارها اليوم، مع فارق أن اللغة اليونانية لغة فكر وأدب على مستوى ثقيل أثّرت في الآداب والفكر العالمي، فلا يوجد فكر عالمي غير متأثر بالفكر اليوناني.

النظرة الأوربية

الأوربيون يقولون عن بلادهم إنها بلاد الحضارة اليونانية اليونانية الرومانية المتنصرة، أي ان اليونان والرومان والمسيحيين هم الذين صنعوا أوربة ثقافياً أو دينياً وفكرياً ومن كل النواحي. ولذلك فكتابة الانجيل والرسائل وأعمال الرسل باللغة اليونانية لا تستدعي الاستغراب أبداً بسبب انتشار المسيحية في مناطق تتكلم اليونانية، في أعمال الرسل ورسائل بولس نرى نشاطاً لبولس واسعاً جداً في آسيا الصغرى والاناضول، وفي أنطاكية وبشر في بلاد اليونان، والمسيحية تركت في هذه المناطق مع سورية الطبيعية آثاراً كبيرة جداً.

مصدر البحث (الشماس المعلم اسبيرو جبور بتصرف)

ابادة الروم بالمجازر التركية

ابادة الروم بالمجازر التركية…
تريدون إثباتات من الأرشيف على إبادتنا؟
نشرتها صفحة نسور الروم وهذا يتطابق مع مانشرناه عن هذه الجرائم الهمجية مرارا على صفحاتنا وفي موقعنا ولم نستثني احدا بل اوضحنا ان هذه الجرائم التركية طالت كل المكون المسيحي (الروم الانطاكيين من سوريين ويونان ويونان البنطس والارمن والسريان والآشوريين) وحتى العلويين منذ اول الى آخر عهد السلطان الدموي عبد الحميد الثاني ثم الاتحاديين وابرزهم جمال وطلعت ونيازي وآخرهم مصطفى كمال اتاتورك وليس آخرهم طاغية العصر ايردوغان

لمن يسأل عن “إثباتات من الأرشيفات” على قيام الأتراك بإبادة الروم والأرمن والسريان ، إليكم في هذا المقال ، بعض الوثائق المهمة ، منها بلسان مسؤولين اتراك .
 
و سننشر أيضاً في هذا المقال ، بعض الوثائق الموجودة في ارشيف وزارتي الخارجية الألمانية والنمساوية، الدولتين “الحليفتين” لتركيا آنذاك . وهذه الوثائق تكتسب أهمية خاصة لأنها موجودة لدى دول كانت “حليفة” لتركيا آنذاك ، ولا يهمها طبعا “تشويه صورتها وصورة حليفتها” …. وهي إثبات يجوز فيه القول الشهير:” وشهد شاهد من أهله”.
هذه الوثائق تدين الأتراك بشكل مباشر بارتكاب أبشع الجرائم، وهي طبعا التي أدت إلى “الاعتراف الألماني”الرسمي بالإبادة يوم 23 نيسان 2015 ، والاعتذار علناً عن “المسؤولية غير المباشرة” لألمانيا في تلك المأساة، هذا ناهيك عن الوثائق التي تزخر بها خارجيات الدول التي كانت تحارب تركيا آنذاك.
__________________________________________
1- شهادات من الأتراك أنفسهم:
“مصطفى كمال أتاتورك” في مقابلة مع الصحافي السويسري اميل هلدربراند في 1 آب 1926 منشور في مجلة los angeles examiner ، يقول : “إن جماعة تركيا الفتاة يتحملون المسؤولية المباشرة عن التهجير الجماعي والمجازر الوحشية المنظمة التي تعرض لها “الملايين” من رعايانا المسيحيين تحت حكمهم”.
 
2- من ارشيف وزارة الخارجية النمساوية:
ارنست كفياتكوفسكي ernest kwiatkovski ، القنصل النمساوي في” سمسون”، يرسل تلغرافاً إلى خارجيته مؤرخا في 26 تشرين الثاني 1916 يقول فيه إن المتصرف التركي في تلك المنطقة قال له :”يجب أن نفعل بالروم ما فعلناه بالأرمن” ، وفي 28 تشرين الثاني يقول :” يجب ان ننتهي من الروم. أرسلت اليوم فرقة مسلحة لقتل كل رومي يرونه في طريقهم”.
أما في 9 كانون الثاني 1917 ، يرسل القنصل لخارجيته برقية تضمنت وصفاً لما حدث في مكان وجوده:” حتى الآن في منطقة سمسون، قامت القوات التركية بإحراق 16 قرية رومية، 890 منزلاً، 17 كنيسة، 16 مدرسة. القوات نفسها أحرقت أيضاً في الجوار 22 قرية ، 341 منزلاً وكنيستين . 75 شخصاً قتل ، بينهم 3 كهنة ، و69 امرأة تم اغتصابهن”.
هذا طبعاً غير الفظائع الكثيرة التي حدثت في الأناضول وازمير وغيرها بحق الأرمن والروم والسريان والأشوريين.
من الأرشيف نفسه هناك برقية مهمة جداً ، موقعة من “طلعت بك” وزير الداخلية التركية بتاريخ 14 أيار 1914 موجهة إلى والي إزمير “رحمي بك” وفي نصها :” يجب أن ننقل جميع الروم المقيمين في آسية الصغرى من قراهم إلى ولاية أرضروم وديار بكر. إذا رفضوا ، فعليكم إعطاء التعليمات “الشفهية ” “لإخواننا المسلمين” كي يجبروا الروم على ترك قراهم ، عبر ترهيبهم بسبل مختلفة” .
وبالتعليمات “الشفهية” نتفادى أي دليل لمساءلة سياسية قد تنجم عن ذلك فيما بعد” .
(وعلى الرسالة توقيع كل من طلعت بك ، وابراهيم حلمي مدير وزارة الداخلية ، وختم مدير المراسلات “علي رضا”) .
 
3- من أرشيف وزارة الخارجية الألمانية:
كوكهوف kükhoff ، نائب القنصل الألماني في “سمسون” (منطقة البنط شمال تركيا) ، يبعث تقريراً إلى حكومته في برلين في 16 تموز 1916 يقول :” لقد علمت من مصادر موثوقة أن كل روم “سينوب”و”كاستاموني” تم تهجيرهم وسبيهم … الذين لم يقتلوا ، ماتوا بمعظمهم بسبب الأمراض والجوع”.
الجنرال شوكت باشا ، قال للبطريرك المسكوني يواكيم الثالث في حزيران 1909 :” سنقطع رؤوسكم ونبيدكم ، إما أن نبقى نحن أو أن تبقوا أنتم” . ( سجلها دبلوماسي الماني في اسطمبول في 26 حزيران 1909 وأرسلها للمستشار الألماني برنارد فون بولو Bernard von bülow .
ريتشارد فون كولمان Richard von kühlmann ، السفير الألماني في تركيا يرسل برقية إلى حكومته في 16 ايلول 1916 يقول:” عائلات الروم المهجرة ، معظمهم من الأطفال والنساء ، تم ترحيلهم إلى سبسطية بأعداد ضخمة”.
هذا بالنسبة لبعض الإثباتات ضد الأتراك من ارشيف الدول “الحليفة لها”.
 
4- وسنذكر أيضاً شهادة جوهانس ليبسيوس Johannes lepsius رئيس بعثة تبشيرية بروتستانتية إلى تركيا : فقد كتب في 31 تموز 1915 : “هناك استهداف لكل المسيحيين في تركيا” .
 
وشهادة لأحد المرسلين الأميركيين لأورفا (منطقة سريانية) يقول :” خلال 6 اسابيع شاهدت أبشع الفظائع ترتكب بحق الآلاف الذين جاءوا من الشمال ليعبروا مدينتنا، لقد قتلوا جميع رجالهم في اليوم الأول من المسيرة ، بعدها تم الاعتداء على النسوة والفتيات بالضرب والسرقة والاغتصاب”، “شاهدنا بأعيننا هذا الشيء يحدث علناً في الشوارع”.
و يروي رافايل دي نوغاليس مينديز ، وهو ضابط فنزويلي كان يحارب بإمرة العثمانيين ، انه لدى وصوله إلى “سعرت” شاهد ما يلي :
كان بالإمكان مشاهدة آثار المجازر في التلال المطلة على الطريق الرئيسي، والتي غطت سفوحها الكئيبة آلاف الجثث شبه العارية والمدماة ، ملقية في كوم أو متعانقة خلال شهقات الموت الأخيرة. تمكنت مع رجالي من دخول سعرت بصعوبة ، لتراكم الجثث التي اعترضت سبيلنا في الطريق. وهناك شاهدنا كيف قام بعض سكانها بمرافقة الشرطة المحلية بسلب بيوت المسيحيين. لدى وصولنا إلى السراي التقينا بالحكام المحليين الذين كانوا مجتمعين بجودت باشا ومن حديثهم استنتجت أن المجزرة تم التخطيط لها البارحة من قبل جودت باشا شخصيا.
ويروي دي نوغالس كذلك أنه لدى حديثه مع محمد رشيد باشا والي ديار بكر، ابلغه الأخير أنه استلم أوامر الإبادة من خلال برقية من طلعت باشا وزير الحرب تحتوي على ثلاث كلمات: أحرق – دمر – أقتل (Yak-Vur-Öldür).
(Gaunt & Beṯ-Şawoce 2006, p. 251)
 
5- ويقدر الصليب الأحمر الأميركي عدد الشهداء الذين قضوا بسبب حصار العثمانيين لجبل لبنان عام 1916 ب 250 الفاً ، اي ما يوازي حوالي ثلث سكان الجبل .
 
هذا إضافة إلى علماء كثيرين وصفوا جرائم تركيا ب”الإبادة” بينهم البروفسور رودولف رومل الذي يقدر عدد ضحايا الإبادة بين 3500000 و 4500000 سقطوا بين العامين 1900 و 1923 .
 
واليوم نسأل: أليست الكنائس المهجورة في تركيا، والذاكرة الجماعية التي ما زال المهجرون يحملونها ، اكبر دليل على حدوث الإبادة؟
 
من كتاب “روم المشرق : الهوية واللغة” ، صفحة ٥٢٠- ٥٢٤)
وانا اضيف افراغ ثلاث ابرشيات ارثوذكسية هي كيليكيا وديار بكر وارضروم من سكانها قتلا وذبحا وتهجيرا يتقدمهم الخوري الشهيد نقولا خشة الدمشقي النائب البطريركي في مرسين واستشهد تحت التعذيب في سجون الغيلان الكماليين عام 1918 لقد استشهدت هذه الابرشيات بالتطهير العرقي والديني وتحولت كنائسها واديرتها واوقافها الى زرائب للحيوانات، ومستودعات للحبوب…ولواء الاسكندرون عام 1938-1939

“المستقرضات”

“المستقرضات”

عبارة عن سبعة أيام باردة جداً. هي آخر ثلاثة أيام من شباط وأول أربعة أيام من آذار، وفي السنة “الكبيسة” تكون آخر أربعة أيام من شباط وأول ثلاثة أيام من آذار. وتسمى “المستقرضات” ، لأن الأسطورة تقول إن “شباط” المعروف بالبرد، استقرض (استعار) من “آذار” أربعة أيام “باردة” ، كي ينتقم من إحدى العجائز التي تكلمت بالسوء على شهر شباط. كما تعتبر المستقرضات أحد اساليب الرصد الذي اعتمده الشرقيون لمعرفة أحوال الطقس وتقلباته.
ما قصة هذه العجوز؟
تقول الرواية المتناقلة جيلاً عن جيل إن شهر شباط شهر مرعب للعجائز، وكلهم يخافون أن يموتوا خلال هذا الشهر نتيجة البرد، وكانوا عندما يبدأ شباط يرسمون علامة الصليب فوق عتبة الباب الرئيسي لإبعاد شبح عزرائيل عنهم”. وتضيف الرواية:
“ذات مرة وقد انقضى شهر شباط، راحت إحدى العجائز تغني وترقص وقالت: “إجا شباط، وراح شباط، وحطّينا بقفاه مِخباط”. ما يعني أنها نجت من الموت، ووصل الربيع ولم تعد تخشى الصقيع”. تتابع الرواية:
“سمع شباط ما قالته العجوز، وأراد أن ينتقم منها وأن يطيل أيامه ليميتها من البرد، فاتصل بابن عمه شهر آذار وقال له: “يا آذار يا إبن عمي ٤ منك و٣ مني، تا نخلّي العجوز دولابها يغني”. ما معناه أن لا تترك هذه العجوز شيئاً عندها من دون أن تشعله، حتى دولاب النول، طلباً للدفء واتقاء البرد. ودولاب الحياكة (النول) كان قديماً في كل بيت ومن أهم المقتنيات. وما كان أحد يشعله حتى لو لم يبقَ عنده ما يتدفأ به، لأنه مصدر الرزق الوحيد في تلك الأيام. المهم أن آذار استجاب لطلب ابن عمه شباط وأقرضه الأيام الأربعة، وكانت عاصفة آذار الهوجاء التي قضت على العجوز.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
المستقرضات عند العجائز
المستقرضات عند العجائز

هذه رواية “المستقرضات” المتناقلة من مئات الأعوام، والتي يتخوف الأهالي دائماً من عاصفة شباط القوية ومن فعلة هذا الشهر الأصغر بين كل أشهر السنة. ومن هنا جاء المثل العامي:
“بتعير وبتستعير وبتضلّ ناقص مثل شباط”.
المستقرضات بين الروم والموارنة
للمستقرضات تقويمان هما التقويم الشرقي والتقويم الغربي، وتسمى أيضا بمستقرضات الموارنة ومستقرضات الروم. الفارق بينهما ١٣ يوماً. لأن تقويم الروم أساساً هو التقويم اليولياني اي الشرقي الذي يتأخر ١٣ يوماً عن التقويم الغربي او الغريغوري المعتمد اليوم. فأول آذار عند الروم مثلاً، يوازي ١٤ آذار على التقويم العالمي. فتكون مستقرضات الروم عملياً هي نفس التواريخ السابقة زائداً عليها ١٣ يوماً . اي (١١-١٢-١٣ آذار) و (١٤-١٥-١٦-١٧ آذار) . وتأتي هذه الأيام باردة عملاً بالأسطورة. وتكون المستقرضات ساحة “للتزريك” فإذا كانت مستقرضات إحدى الطائفتين شتاء وبردا عمد الفريق الأخر إلى أكل المثلجات وارتداء الملابس الصيفية تدليلا على أن المستقرضات أتت بمطر قليل.
إشارة إنه عندما تبدأ “مستقرضات الروم” (١١ آذار) أي بعد أيام من انتهاء “مستقرضات الموارنة”. عندها يقول المثل العامي:
“خلصوا “مستقرضات الروم”، صار فيك تنام بين الكروم”. دليل على بدء الدفء وحلول الربيع. وهنا كان للإسلام (*)دور في هذه العملية فتحيزوا مع الروم وقالوا مثلهم الشهير:
” ما في قيامة بتقوم إلا بعد مستقرضات الروم”. إنها تقاليد ولا أروع، ما زالت مستمرة إلى أيامنا هذه في العديد من المناطق والقرى.
ملاحظة
تجدر الإشارة إلى أن هذه الأفكار هي من الأساطير الشعبية، وغير مثبتة لاهوتياً أو علمياً.
(*)تعليقي للتوضيح وانارة الاذهان لأن مثل هذا الخبر المبتدع يترك ذيولاً مرفوضة وهو بالاساس بدعة ابتدعها صاحب غاية ووضعها على الفيسبوك لتعم كمن يضع السم بالدسم الجميع كانوا يسيرون على التقويم الرومي المطبق على دورة الارض الزراعية كالتالي ولازالوا في سورية والمشرق ولا علاقة لمستقرضات الموارنة ولا الروم ولا الاسلام…
– الفلاحون في بلادنا ومنذ التقويم اليولياني المعتمد من قبل ميلاد السيد المسيح ومن ثم التقويم اليولياني المصحح المرتبط بالتهيئة للصوم الكبير المقدس وتعييد الفصح وهو التقويم الاقرب للتقويم السوري الذي يعتمده الفلاحون في دورة الارض الزراعية في بلادنا منذ الفي سنة وماقبل، والفلاحون يعتمدونه في زراعة الارض وجني المحصول وضمان التجار له اي على على التقويم الشرقي حصرا بالرغم من تطبيق التقويم الغربي، (ولا دخل للاسلام كحضور وافد الى سورية والمشرق كما ورد بهذا الموضوع المفبرك… ان انحاز الاسلام الى الروم بخصوص المستقرضات وهذا عيب شنيع)
الموارنة بالأساس هم آراميون من منطقة حلب وكانوا ارثوذكس العقيدة اي خلقيدونيون مثل الروم الارثوذكس ثم انشقوا واعتنقوا بما طرحه الامبراطور هرقل لتسوية النزاع الحاصل بعد مجمع خلقيدونية منتصف القرن الخامس (والذي ادى الى انشقاق السريان اليعاقبة والاقباط… الذين سموا باللاخلقيدونيين لأن المسيح عندهم هو صاحب طبيعة واحدة وهي الالهية ومشيئة الهية واحدة بينما المجمع الخلقيدوني الذي لم يعترفوا على مقرراته واسسوا كنائس مستقلة لهم ) اكد على ان للمسيح طبيعتين الهية وبشرية ومشيئتين الهية وبشرية كما يرد في دستور ايمان النقاوي- القسطنطيني وكان الموارنة بالرغم من انهم اشقاء الاراميين السريان الا انهم كانوا مع الروم في العقيدة الخلقيدونية … وتعرض رهبانهم لضيق شديد من اخوتهم الرهبان السريان اللاخلقيدونيين لاعتناقهم مقررات خلقيدونية (ثم لاعتناقهم مبدأ الامبراطور هرقل…(ادناه)) كما يقول تاريخ الكنيسة الانطاكية…
لتسوية النزاع واعادة اللاخلقيدونيين الى الكنيسة الجامعة طرح الملك الرومي هرقل تصوراً بديلاً وسطياً بين الخلقيدونيين وهم الروم واللاتين، واللاخلقيدونيين وهم السريان و الاقباط والاحباش قال فيه ان للمسيح طبيعتين الهية وبشرية ومشيئة الهية…هذا الطرح البديل رفضه الخلقيدونيون واللاخلقيدونيون لأنه يخالف ثوابتهم العقيدية، بينما تمسك به الموارنة وانشقوا بدورهم عن الخلقيدونيين الروم واللاتين وانشأوا كنيسة مستقلة كان اول بطاركتها يوحنا مارون اواخر القرن السابع حوالي 693م وعلى هذا تسموا موارنة وليس نسبة الى مار مارون (كما يقولون) الذي عاش في القرن الخامس وهو قديس ارثوذكسي بالأساس وبين مار مارون والبطريرك الاول يوحنا مارون حوالي ثلاثة قرون ولم تكن الطائفة المارونية قد تشكلت الا مع يوحنا مارون، ومار مارون راهب من قديسي الكنيسة الارثوذكسية وتعيد له في 14 شباط من كل عام… وعند دخول الاسلام بلاد الشام نزحوا من منطقة حلب وعفرين باتجاه جبال لبنان واستعصوا بأعالي الجبال الحصينة وانشأوا قوة المردة وكانوا مقاتلين اشداء وقاوموا دخول المسلمين الى مناطقهم …
وفي اواخر القرن 12 انتموا الى الكنيسة البابوية مع وجود حملات الفرنجة واعتنقوا الكثلكة اي عادوا للعقيدة الخلقيدونية والعقيدة كما الروم اعتمدوا العقيدة الخلقيدونية… انما تحت رئاسة البابا…اي اصبحوا كنيسة بابوية.
الخلاصة
ان تطبيق التقويم الغريغوري قد تم منذ منتصف القرن 15 لأن من قام به كان البابا غريغوريوس وطبقته الكنيسة الكاثوليكية ومنها الكنيسة المارونية التي كانت اول المتكثلكين من كنائس المشرق ولم تكن اية طائفة كاثوليكية سواها قد انشقت عن امهاتها كنائس الارمن والسريان بدءاً من القن 16 اما الروم الكاثوليك فهم آخر المنشقين عن امهم الكنيسة الرومية الانطاكية وكان ذلك عام 1724م…ولم تعترف الدولة العثمانية بهم كطائفة مستقلة عن امها الا في عام 1835/م
اذن لاعلاقة للاسلام بالتقويم الكنسي اليولياني الشرقي ولا الغربي وبالانحياز الى الروم بشأن المستقرضات فسورية تتبع التقويم الشرقي منذ الفي سنة واكثر والمستقرضات من هذا التقويم اي منذ الفي سنة اما نشوء المارونية كطائفة كاثوليكية فكان منذ ثمانية قرون 1198 باعتناق الكثلكة واللحاق بروما البابوية والمسلمون دخلوا الى سورية سنة 635 م ولايزال كما اسلفنا حتى اللحظة المزارعون في بلاد الشام ومعظمهم باتوا من المسلمين يسيرون على التقويم اليولياني ومنذ 2000 سنة… وهم من يقول بالتقويم الشرقي ومستقرضات الروم لأنهم كانوا كل السكان …
بكل اسف ان من ابتدع هذه الرواية حاقد على الروم وليس من باب الحقيقة ولا حتى التسلية…

الكنيسة والمؤمنون والاوبئة…

الكنيسَةُ والمُؤمِنُونَ والأَوبِئة
لَطالَمَا تَعرَّضَ المُؤمِنُونَ للأمرَاضِ والأَوبِئَةِ عَبرَ العُصور. فَكَيفَ كانت تَتَصرَّفُ الكَنيسَةُ حِيالَ ذَلِك؟

تُفَعِّلُ الكَنيسَةُ الشركة مع الله في حَياةِ مؤمِنيها ِأمامَ أيِّ خَطَرٍ يُداهِمُ الشَّعبَ، سواءٌ كان حُروبًا أو أمراضًا أو كَوارِثَ ومَا شَابَه، وذلكَ بإقامةِ الصَّلوات والسهرانيّات والزِياحاتٍ بِالصَّليبِ الكريم المحيي والأَيقُونَاتِ المُقَدَّسةِ وذَخائِرِ القِدِّيسين، بِالإضَافَةِ إلى دَهنِ المُؤمِنِينَ بِالزَّيتِ المقدس، ونَضحِ المَنازِلِ والأمَاكِنِ بِالمِياهِ المُقَدَّسةِ والشُّربِ مِنهَا، وتَتويجُ ذَلكَ كُلِّه يَكونُ بِتَناوُلِ جَسَدِ الرَّبِّ ودَمِهِ الكَريمَين.

كما يُمكِنَ أن تُقامَ صَلاةُ البَراكلِيسي لِوَالِدَةِ الإلهِ فِي أَيِّ وَقتٍ وعِندَ الحَاجَة، بِالإضَافَةِ إلى مَدائِحِ وصَلواتٍ أُخرى وتِلاوةِ أفَاشِين.

في المُقابِلِ تُؤكِّدُ الكَنيسَةُ أنَّها تَحتَرِمُ العِلمَ المُفيدَ للإنسانِ، وقد عرفت مراتب كَبيرَةً مِنَ القِدِّيسينَ الأَطبَّاءِ كإليان الحِمصِيّ، وبَندلايِمُونَ الشَّافي، وعَادِمِي الفِضَّةِ كيروس ويُوحنَا وكُوزمَا ودَميانُوس، ولُوقَا الطّبيبِ المُعتَرِف وغيرهم. وما زالَ كَثيرُونَ مِن خُدَّامِ الكَنيسَةِ والمُؤمِنينَ المُجاهِدِينَ مِن أَطِبَّاءَ ومُعلِّمينَ وبَاحِثينَ ورِجالِ عِلمٍ، يَسلُكُونَ الدَّربَ نفسَه.

طبعًا لا بُدَّ لنا في حالاتِ انتِشارِ الأوبِئَةِ مِنَ المُحافَظَةِ عَلى النَّظافَةِ، واتِّخاذِ كُلِّ تَدابيرِ الوِقَايَةِ اللّازِمَة، ولَكِن يَجِبُ ألّا نَنسى الوَجهَ الإيمَانِيَّ، والسَّعيَ الدَّائِمَ للاتِّحادِ بالله.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
المناولة المقدسة
المناولة المقدسة

قَد يَقَعُ الإنسانُ فِي تَجرِبَةٍ، ويَنقادُ لِفِكرَةٍ مِن هُنا وأُخرَى مِن هُناك، فَيَتَجنَّبُ المَجيءَ إلى الكَنيسَةِ خوفًا مِن انتِقَالِ العَدوى لَهُ إن مِن نَاحِيَةِ اللَّمسِ أوِ المُناوَلَةِ أو تَواجُدِه بينَ مَجمُوعَةٍ مِنَ النَّاس.

كما قَد يَسعَى إعلامٌ دَهريٌّ إلى تَغذِيَةِ فِكرَةِ الابتِعَادِ عَنِ الكَنيسة، وهَذا ضِمنَ سِياقٍ مُمَنهَجٍ زاحِفٍ ومُتَكَرِّرٍ، مُوَجَّهٍ في مَجالاتٍ شَتَّى كالأَفلامِ والرُّسُومِ المُتَحرِّكَةِ وغَيرِها مِنَ الأفكارِ الّتي تَنهَالُ عَلَينا يَومِيّاً، وتُشَتِّتُ أفكارَنَا وتُدَمِّرُ عائلاتِنَا، فَيُضحي الإنسانُ مَعها أسيرَ مُخَطَّطٍ شَيطانِيّ، بَعد أَن يُسَيطِرَ عَلَيهِ الخَوف والهلع.

وهُنا نَتَذكَّرُ ما قَالَهُ بُطرسُ الرَّسولُ: “يَا رَبُّ، إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ كَلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ” (يوحنا٦٨:٦)

خُلاصَةُ القَولِ أنَّ الكَنيسَةَ تُؤمِنُ بأَنَّ يَسوعَ هُوَ الحَياة، وهِي تُصَلِّي عَلى الرَّجاءِ طالبةً مِن الرّبِّ شفاءَ النفسِ والجسد، وألاّ تُشَتِتَنا مَكائِدُ إبليس، فنُصبِحَ بعيدين عن خَلاصِ اللهِ المُعَدِّ لَنا مُنذُ تَأسيسِ العَالَم.

والسؤال الجامح في هذه الآونة هل تخافُ أن تنقُلَ لك المناولةُ بالمِلعقة عدوى الامراض والاحدث الكورونا؟

إلى المؤمنين الذين يخافون المناولة من الملعقة المقدسة، بداعي القرف، أو خوفا من انتقال الأمراض إليهم.

هل انت خائف من ان اخذك القربان المقدس بواسطة الملعقة سوف ينقل فيروس الكورونا اليك؟

درج التقليد في الكنيسة الأرثوذكسية أن يناول الكاهن المؤمنين جسد ودم المسيح المقدسين، بواسطة ملعقة مقدسة، ما يثير خوف بعض المسيحيين من أن تنتقل إليهم الجراثيم.

لو كان الأمر كذلك لَما بقي أيّ كاهن على قيد الحياة!

Image may be NSFW.
Clik here to view.
لاتخاف من المناولة بالملعقة
لاتخاف من المناولة بالملعقة

ذلك أن الكهنة والشمامسة يتناولون، في نهاية القدّاس، كلّ ما تحتويه الكأس المقدّسة الّتي يكون قد تناول منها عدد كبير من المؤمنين المصابين بأمراض متنوّعة إلى جانب الأصحّاء وبنفس الملعقة التي تناول فيها المؤمنون؛ فإنّ جسد الرّبّ ودمه هما كما نؤمن ونصلي: ”نار تحرق كلّ شيء، وتطهِّر وتشفي المؤمنين”.

– هل تعلم انه لم يكن هناك اي عدوى في الكنيسة على مر التاريخ في هذا الصدد؟ ولم يسجل لا قديماً ولا حديثا ولامعاصراً في كل العالم الارثوذكسي ومئات الالوف يتناولون بالملعقة في كل خدمة الهية في روسيا واوربة الشرقية وبلادنا وكرسينا الانطاكي وبقية الكراسي الارثوذكسية والكنائس الأرثوذكسية المستقلة

–  وعلى ذلك هل تعلم ان ما ناخذه هو الجسد المقدس ودم الرب، وليس الخبز والنبيذ؟

– وللتأكيد نقول ان العديد من الكهنة هم من الاطباء والاطباء، والعاملين  والباحثين في الشأن الطبي، ياخذون الملعقة، بما في ذلك الاساقفة والكهنة والشمامسة…

لوكان الامر كذلك لمابقي اي كاهن على قيد الحياة بسبب كثافة الجراثيم والاوبئة بغض النظر عن كورونا الحالي

الهدف الاساس في حياتنا هو القداسة، والتحرر من المشاعر، واكتساب الفضائل. لذلك نقول ” من اجل مغفرة الذنوب والحياة الابدية “، واننا نلتزم في الرب كما قال لنا: ” من ياكل لحمي ويشرب دمي يلتزم بي، وانا فيه. هذا هو الخبز الذي نزل من السماء ” بحيث “من ياكل هذا الخبز يعيش الى الابد” (يوحنا 6:56).

وهنا ننشد مع النبي اشعياء: ” ثم طار الي احد سيرافيم، وهو في يده فحم حي قد اخذها من المذبح. ولمس فمي به، وقال: انظروا هذا قد لمست شفتيك، وياخذ ظلمك، وتطهر خطيئتك ” (اشعياء 6: 6-7).

إليكم الحادثة التالية
ذهب المتروبوليت ”بندلايمون فوستينيس“، مطران ”خيوس“ (رقد عام 1962)، إلى مصحّ مرضى السّلّ العائد لمؤسّسة ”سوتيريّا“، للاحتفال بالقداس إلهي، فأحضر إليه الممرّضون وعاءً يحتوي على ملاعق كثيرة،

– فسألهم: ”لماذا أحضرتم هذه الملاعق؟”
– أجابوا: “طلب الأطبّاء أن تُناوِلَ المرضى بهذه الملاعق مبتدئاً بأصحاب الإصابة الأخفّ، ومنتهياً بذوي الإصابة الأثقل”.
– أجابهم الكاهن بإيمان: “لا حاجة لهذه الملاعق، لديّ الملعقة المقدّسة”(التي تحتوي جسد ودم الرب المقدسيَّنْ الشافيينْ).

ثم ناول المرضى بالطريقة القانونيّة، وبعد ذلك ٱقترب من الباب الملوكي ليتناول ما بقي في الكأس المقدّسة، أراد أن يُظهر للجميع وخصوصًا الأطباء، أنّ المناولة الإلهيّة نارٌ تحرق كلّ زغل.

– عند الانتهاء من مناولة الشعب يقف الكاهن في الباب الملوكي حاملاً الكأس المقدسة ويقول للشعب
“هذه لامست شفاهكم فتنزع آثامكم وتطهركم من كل دنس”
تذكرنا هذه العبارة بما قاله ملاك الرب لأشعياء النبي: “إن هذه مست شفتيك فانتزع اثمك وكفر عن خطيئتك” (اشعياء 6: 7).
عند المناولة نأخذ الجمرة الإلهية الحاملة الحياة التي تطهر الجميع، وتحرق غير المستحقين.


الفنان ديفيد روبرتس رحلته الى بلاد الشام وثقت تاريخها البصري

رحلته إلى بلاد الشام وثقت تاريخها البصري

الفنان ديفيد روبرتس

الفنان الاسكوتلندي ديفيد روبرتسDavid Roberts مواليد ادنبره – اسكتلندا 24 تشرين اول 1796 توفي في 25 تشرين الثاني 1865وهو فنان و رسام  اشتهر برسم المعالم في زيارته الى مصر وبلاد الشام  و اثارها ومدنها وقراها بعد ما قام برحلة شهيرة اليها في سنتي 1838-1839ووثقها بريشته ولوحاته وثقت تاريخ رحلته بصرياً

تعلم روبرتس رسم اللوحات الزيتيه سنة 1820 وبعدها بسنتين انتقل الى لندن وعمل فى تصميمات و تلوين المسارح الى حين تفرغه  للرسم سنة 1829 و بعدها بسنتين انتخب رئيساً لجمعية الفنانين الانكليز.

يعتبر الفنان الاسكوتلندي ديفيد روبرتس 1796- 1864 من أبرز الفنانين المستشرقين الذين افتتنوا ببلاد الشام  والذي تميز بغزارة انتاجه بعد زيارته لها عام 1839، حيث بدأ برسم ما لا يقل عن ثماني لوحات لقمة جبل موسى ودير القديسة كاترين المبني على قمة شاهقة الارتفاع من الصخور، ويليه الفنان هـ بارتليت، الذي حقق حلم روبرتس في زيارة سورية، والفنان تيرنر، الذي تميز بقدراته في رسم النور والبحر.

ولد دافيد روبرتس في اسكوتلندا عام 1796، واستطاع بعد استقراره في لندن من تعزيز مكانته كرسام ذي سمعة طيبة، وذلك قبل سفره إلى مصر. وقام بعد وصوله إلى بلده من نشر أعماله بالطباعة الحجرية وذلك بالتعاون مع الفنان المختص بهذه الطباعة لويس هيغ، من خلال 6 مجموعات.

والتي ضمت 284 مطبوعة لونت باليد. ضمن الألبومات الثلاث الأولى رسوماته عن مصر، أما الثلاث الباقية فكانت عن الأراضي المقدسة كما كانوا يسمون بلاد الشام. وبيعت المجموعات عن طريق الاشتراكات، وحققت نجاحاً فورياً. وساهم نجاحه في إدخاله إلى الأكاديمية الملكية حيث تابع السفر والرسم حتى وفاته عام 1864.

استطاع الفنان والرسام الكبير ويليام تيرنير إقناع ديفيد روبرتس الشاب بالتخلي عن رسم المناظر الطبيعية للمسرح وتكريس نفسه للفن. وبعد الإعداد لرحلته طيلة فصل الصيف، وسحب كل مدخراته لتأمين احتياجات ونفقات الرحلة، سافر في 31 أغسطس عام 1838، وذلك بعد رحلة المعماري أوين جونس بسنوات معدودة.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
بيروت وساحلها
بيروت وساحلها

كان هدف روبرتس من السفر إلى مصر وبلاد الشام رسم العديد من السكيتشات المسودات لاستخدامها لاحقاً لمواضيع لوحات زيتية ورسوم يتم طباعتها بالليثوغراف أي الطباعة الحجرية ليتم بيعها للعامة. كانت مصر وبلاد الشام غير واضحة الصورة بالنسبة للبريطانيين والأوروبيين في ذاك الزمن. وكان المسافرون والمقتنون ومحبو الآثاريات يهوون شراء الأعمال المستلهمة من الشرق أو تلك التي تصور المناطق الأثرية أو الدينية.

مصر

وصل روبرتس  الى الاسكندرية سنة 1838 واستقبله واالي مصر محمد علي باشا فى سرايته فى الاسكندرية  ثم انتقل بمركب نيلي الى القاهرة ومنها الى شبه جزيرة سيناء وزار البتراء والخليل والقدس ثم أكمل رحلته وزار نابلس و الناصره وطبريه و غيرها لغاية ما وصل بيروت وبعلبك و من هناك سافر الى لندن فى شهر ايار سنة 1839.بدأ روبرتس، ورسم خلال رحلته التي قاربت العامين عددا كبيرا من الدراسات والرسومات المائية. واستضاف الباشا محمد علي روبرتس خلال عودته عن طريق الاسكندرية في 16 ايار 1839.

يذكر على لسان الرحالة الأجانب القول التالي:” في منطقة الاستراحة المقدسة تلك، يطيب للمريدين التدرج أو التأمل والتجول بأزيائهم الشرقية التي تضيف إلى جمال المشهد. كما يحيط بأطراف صحن الجامع العديد من البيوت الصغيرة للصلاة بعزل”.

استغرق وصوله إلى الاسكندرية بالسفينة ما يقارب من الشهر.

وفي القاهرة تواصل مع الدبلوماسيين مستعيناً برسائل التوصية التي يحملها للحصول على تصريحات السفر المطلوبة والمأمونة. وبدأ باكتشاف النيل متجهاً قدر ما أمكنه عكس التيار، ومن ثم العودة بإيقاع بطيء ليضيف عدة تفاصيل على رسوماتها التي أنجزها خلالها قبل رحلة الإياب.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
 الفنان ديفيد روبرتس فى 1884
الفنان ديفيد روبرتس فى 1884

ولدى عودته في شهر كانون الثاني، استأجر بيتاً في القاهرة لمدة 6 أسابيع، ريثما يعد الترتيبات لبقية الرحلة. وتعرف في تلك الفترة على جون بين وجون كيير لتربط بينهم صداقة وطيدة ويسافروا معاً بقية الرحلة، واستطاعوا إقناعه بإقامة جولة غير مدروسة إلى منطقة البتراء في  شرقي الاردن مدينة النبطيين الأثرية بتراء، التي أعيد اكتشافها حديثاً آنذاك. وقرروا عدم انتظار وصول التصاريح التي تسمح لهم بدخول القدس والتي انتظرها روبرتس مدة طويلة بسبب الحجر الصحي الذي فرض على المدينة لانتشار الطاعون فيها.

سيناء

وهكذا انطلقت قافلتهم في 6 شباط عام 1939 متجهين إلى سيناء أولا ليقرروا بعدها الخطوة الثانية. وحرص الثلاثة على ارتداء الزي الشرقي التركي، لتناسبه مع الطقس الحار وكذلك لحماية أنفسهم وتفادي قطاع الطرق. وضمت قافلتهم 4 جمال إلى جانب مستلزمات السفر ومخزون من البندقيات والمسدسات والخناجر لإثارة الرهبة أكثر من استخدامها. كما اتفقوا مع 15 عربيا لمرافقتهم كحراس وكشافين للطريق، ليقودهم الشيخ حسين من قبيلة بني سعيد، لتضم القافلة بالمجمل 18 رجلاً و25 جملاً.

كان هدفهم الأول الوصول إلى دير سانت كاترين في جبل موسى بمنطقة سيناء. واكتشف روبرتس ومن معه استحالة الوصول إلى الدير بالطريقة التقليدية، حيث اعتمد الرهبان الدخول إليه عبر رفعهم بالحبال إلى أعلى الجبل حيث مبنى الدير، وذلك خوفاً من قطاع الطرق والعصابات. ويصف روبرتس هذه التجربة في مذكراته بقوله، خيم الليل علينا قبل وصولنا الدير. وكان المدخل الوحيد من خلال فتحة في الجدار على ارتفاع 30 قدما.

وبعدها بوابة معدنية منيعة لم يتم فتحها من قبل أحد الرهبان إلا بعد التأكد من هويتنا. وعندها أنزلوا إلينا ضوءاً بحبل مع حزمة عيدان لاحراقها وإنارة طريقنــا. أشعلنـــا العيدان وتـــم سحبنـــا إلى الأعلى بالحبال، واحداً تلو الآخر وأصبنا خلال رحلة الصعـــود بالخدوش والكدمات. وبعد وصولنا أدخلونا في أروقـــة ودهالــيز ليتـــم استقبالنا من قبال كبار الرهبان. كان العشاء رزاً وتمـــراً مجففـــا. ونمت في تلك الليلـــة كما لـــم أنم فــي رحلاتي السابقة.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
استقباله من قبل محمد علي باشا
استقباله من قبل محمد علي باشا

ومن سيناء تابعــوا رحلتهـــم إلى العقبه فالبتراء، ليصلوا في 6 آذار. وكان روبرتس مذهولا بالمدينة النبطية وتحسر على بقائه فيهــا لمدة 5 أيام فقط، وفيها رسم عدداً كبيراً من أعماله التي وثقت تلك الأمكنة قبل تأثرها بالعوامــل الجوية في السنوات التالية.

اتجهت القافلة بعد تحركها شمالاً إلى غزة ويافــا ومنها إلى القدس. لم يكن روبرتس واثقاً من تحقيق حلمه بزيارة تلك المدينة، خاصة وأن الحجر الصحي بسبب وباء الطاعون كان لا يزال قائماً لدى وصولهم أسوارها. خيمت القافلة عند أسوار القدس بعدما استبدلت الجمال بالخيول على أمل رفع الحجر. وأصر على البقاء عسى أن تتحقق أمنيته برسم الأمكنة التي ذكرت في الانجيل.

القدس

ولحسن حظ روبرتس فتحت المدينة أبوابها في صباح اليوم التالي، واستقبل محافظ القدس المسافرين بالترحاب. وقام روبرتس خلال الأسبوعين الأولين برسم عدد كبير من المسودات للمدينة وآثارها، مع رحلات إلى بيت لحم، والبحر الميت ودير القديس سابا. وبلغ عدد الرسومات الخاصة بالطباعة الحجرية عن القدس وأمكنتها المقدسة 20 عملا، وهو أكبر عدد من الرسومات لمكان واحد في مجموعة الأراضي المقدسة.

ويتجلى في أحد رسوماته لكنيسة المهـــد ما قاله في دفتر مذكراته في 6 نيسان: “بينما كنت أرسم كنيسة المهد، وصل رجل من القدس يحمل معه النار المقدسة التي يقول الكهنة أنها مــن الجنـــة (النار المقدسة يوم فيض النور من القبر المقدس في كنيسة القيامة)، وأستقبلـــه جميع العرب المسيحيين برايات الترحاب وفي مقدمتهم الكهنة، أما في رسوماته لكنيسة البشارة في الناصرة، فتبدو المنطقة معزولة باستثناء الكهنة. وفي 15 نيسان عام 1839، غادر روبرتس القدس إلى لبنان محطة رحلته الأخيرة . وخلال سفره وصـــل واديـــاً في الأردن قام برسمه ليتابع باتجاه الساحل.

الساحل السوري وبيروت 

كانت خطة روبرتس السابقة التوجه إلى دمشق وتدمر، لكنه شعر لدى وصوله إلى بعلبك بالتعب إضافة إلى نقص المؤونة. ووقع صريع المرض، وحينما سمع بتوتر الأوضاع الأهلية في دمشق، قرر قطع برنامج رحلته والعودة. وهكذا ما إن انتهى من رسم بعلبك وآثارها التي أذهلته كما هي آثار مصر، عاد إلى بيروت ومنها عبر البحر إلى مصر. وبعد لقائه بمحمد علي باشا بالاسكندرية، حجز طريق العودة إلى لندن، التي وصلها أخيرا في 21 تموز بعد غياب ما يقارب العام.

الإصدارات

كان روبرتس قد اتفق شفهياً قبل مغادرته انجلترا مع أحد الناشرين بشأن طباعة رسوماته في كتاب، غير أن الناشر بدا غير متحمس بعد عودته، وعليه بحث عن ناشر آخر، واتفق مع إف. جي. مون الذي طبع الكتاب بصورة فاخرة وحجم ضخم حسب طلب الرسام. كمــا تعاون مع الفنان البلجيكــي ورائد الطباعة الحجرية آنذاك لويس هيغ، الذي حفر رسومات روبرتس على الحجر ومن ثم طباعتها.

أصر ديفيد على أن تكون الطباعــة فاخرة واستخدام تقنية الحجر الملون الحديثة آنذاك، وإضافة الألـــوان لاحقا باليد. وافق الناشر مون على طلباته بشرط تأمينه عددا من الاشتراكـــات مع دفعات مقدمة لتغطية النفقات. حقق الكتاب نجاحاً فاق توقعات الفنـــان والناشر، حيث سجلا ما يقارب مـــن 400 اشتراك بدفع مقدم من زبائنهم بما فيهم الملكة فيكتوريــا وقيصر روسيا وعدد من الشخصيات الملكيــة الأوروبية.

لمدة عشر سنين بعد رجوعه من الشرق نشر 247 من رسوماته فى ستة مجلدات هى “مصر” و “النوبه” و “الأراضى المقدسه” و “أدوم” و “سورية” و “الصحارى العربيه”. نشرت اعماله دار نشر “إف جي موون” فى لندن من 1842 الى 1849.

 وبلغ عدد لوحاته في رحلته هذه 24 لوحة منها العديد التي توثق معالم مصر “قناطر على النيل”، و “جامع الغورى”، و ” باب زويلة”، و “مقياس النيل فىجزيرة الروضة”، و “شجرة العائلة المقدسة”، و “قصر محمد على”، و “مسلة في الاقصر”، و معبد الكرنك، و “معبد ايزيس فى اسوان”، و “معبدابو سنبل”، و “منظر بانورامي لأبي الهول وخلفه الاهرامات. و رسم لوحاتاخرى للبتراء ولمعبد بعلبك.

قام روبرتس برحلات اخرى فزار اسبانيا ورسم  كاتدرائية سيفييا، و سافرالى طنجه في المغرب و الى ايطاليا (1851-1853) ورسم قصر الدوقيه فى فينيسيا و رسم مناظر داخليه من كنيسة القديس بطرس فى حاضرة الفاتيكان بروما.

ابنه ديفيد روبرتس جونيور، صار كأبيه فناناً ورساماً بالألوان المائية.

 

 

عيد البشارة معلومات قد لاتعرفها…

معلومات قد لا تعرفها عن “عيد البشارة” 

جميعنا يعرف ان هذا العيد يرمز الى “اليوم الذي بشر فيه الملاك جبرائيل مريم العذراء بأنها ستحبل بالسيد المسيح من الروح القدس” .
اليكم بعض المعلومات الاخرى…

١- يسمى العيد باللغة الرومية (اليونانية) “Evangelismos” وهي نفس الكلمة التي تشتق منها كلمة “انجيل” التي تعني “بشارة” أيضاً.

٢- بدأ المسيحيون يحتفلون بهذا العيد منذ القرون الاولى للمسيحية .

٣- يستطيع الروم فيه اكل السمك رغم انقطاعهم عنه اصلاً بسبب الصوم الكبير.

٤- طروبارية العيد المعروفة : “اليوم رأس خلاصنا….” كتبها القديس أثناسيوس الكبير (+٣٧٣م) ، في الاسكندرية، باللغة الرومية، وترجمت الى الكثير من لغات العالم فيما بعد.

٥- عندما وُضع نظام تقويم “السنة الميلادية”، اي عندما بدأ العالم يعتمد “سنة ميلاد المسيح” منطلقاً لتعداد السنوات، اعتُبر “رأس السنة” يوم عيد البشارة اي ٢٥ آذار، ذلك ان “البشارة” اعتبرت “بداية التجسد والتدبير الخلاصي” .

ولذلك لا يزال الروم يرتلون في ٢٥ آذار : “اليوم رأس خلاصنا…”.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
المطران جرمانوس مباركاً الثوار اليونانيين ضد المحتل العثماني
المطران جرمانوس مباركاً الثوار اليونانيين ضد المحتل العثماني

تجدر الاشارة الى ان الراهب ديونيسيوس اكسيغووس هو اول من وضع ذلك النظام عام ٥٢٥م.

٦- “عيد البشارة” يوم عطلة رسمية في اليونان، لأن ثورة الاستقلال اليونانية  أعلنت في ٢٥ آذار ١٨٢١، بعد عيد البشارة ، حين خرج جرمانوس مطران باتراس على رأس الجماهير المحتفلة بالزياح، وأعلن الثورة على العثمانيين، وقال جملته الشهيرة: “الحرية او الموت”.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
رسم يمثل الثورة اليونانية بقيادة المطران...
رسم يمثل الثورة اليونانية
بقيادة المطران جرمانوس…

 

مطران ابرشية ارضروم قسطندي طرزي الدمشقي

مطران ابرشية ارضروم قسطندي طرزي الدمشقي

تمهيد

مغلومات عن منطقة وابرشية ارضروم 

ابرشية ارضروم هي الابرشية الشهيدة الثالثة من ابرشيات الكرسي الانطاكي الثلاث الشهيدة  وهي كيليكيا وديار بكر وارضروم والتي هي في آسيا الصغرى وتقع في اقصى الناحية الشمالية الشرقية في الأناضول وقد استشهدت مابين اواخر القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين بالمجازر  بحق مسيحييها والتطهير العرقي…

ابرشية أرضُرُّوم أو أرض الروم (أو أرزروم لأن الترك لا يفرقون في النطق بين الضاد والزاي)  وتقع الابرشية على محافظة ارضروم ومقر الابرشية هو في مدينة ارضروم العاصمة. 

جغرافيا تقع محافظة او ولاية ارضروم، وابرشية أرض روم موقعها في هضبة ترتفع نحو 1800م عن سطح البحر في هضبة الاناضول الشرقية، وارضروم العاصمة أكبر مدينة في هذه الهضبة، وترتفع بعض أحيائها إلى 2000م فوق سطح البحرعلى نهر قره صوه أحد روافد نهر الفرات الشمالية. وتبعد أرضروم نحو 150 كم إلى الشمال الغربي من بحيرة فان، وتقع عند تقاطع خط الطول الشرقي 41 درجة و26 دقيقة وخط العرض الشمالي 39 درجة و5 دقائق عند جبل عال يدعى لاباس أو اكرلي-داغ.

تواجدت مدينة أرضروم منذ قديم الزمان تحت اسم  كارين، وكانت عاصمة مقاطعة بنفس الاسم خلال حكم ملوك ارمينيا. بعد تقسيم أرمينيا بين الروم والفرس في عام 387مسيحية، وقعت تحت حكم الرومان فحصّنوها وغيّروا اسمها إلى [ثيوذوســيوبوليس] (باليونانية: Θεοδοσιούπολις) على اسم الإمبراطور  ثيوذوسيوس الثاني. نظرا لأهمّيتها العسكرية وموقعها الإستراتيجي على الحدود الشرقية  للأمبراطورية الرومية، كانت موضع قتال شرس بين الفرس والروم. واهتم الإمبراطوران اناستاسيوس الأول ويوستنيانوس الاول اواخر القرن الخامس ومطلع القرن السادس المسيحيّين بتحصين المدينة وزيادة قدراتها الدفاعية.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
موقع ارضروم في اقصى الشمال الشرقي من الاناضول آسيا الصغرى
موقع ارضروم في اقصى الشمال الشرقي من الاناضول آسيا الصغرى

في المرحلة التي شهدت الاستشهاد التدريجي لهذه الابرشية الانطاكية مع الشقيقتين الانطاكيتين كيليكيا وديار بكر الشهيدتين الأخريين كانت ارضروم تضم عدداً كبيراً من الرعية الانطاكية الأرثوذكسية وتتكون من اليونانيين والسوريين…في تلك المرحلة وبعد شغور كرسيها الاسقفي تم انتخاب علمنا  الارشمندريت قسطنطين او قسطندي طرزي(1842-1902) وهو احد كبار الاكليروس الانطاكي تميزاً وعلماً ووجاهة  متروبوليتا لها في مطلع مرحلة تعريب السدة الانطاكية واعتلاء مثلث الرحمات البطريرك ملاتيوس الثاني (الدوماني- الدمشقي1898-1906)

السيرة الذاتية

هو قسطنطين بن توما طرزي ولد في دمشق عام 1842 لعائلة دمشقية وجيهة حضورا ومالاً حيث كان والده توما من كبار العاملين في سدي الحرير وتجار الحرير الدمشقيين الأغنياء ومن ابناء محلة آيا ماريا (القيمرية) فالسكن كان في احد قصورها ويمتلك خاناً لسدي الحرير حيث يتم فيه تسدية الحرير، وفي جانب من الخان مايمكن ان نسميه في يومنا الحاضر الادارة ومكان التجارة.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
من القصور التي كان يعيش فيها المسيحيون سكان آيا ماريا ومنها عائلة طرزي قبل دمار الحي بمذبحة المسيحيين عام 1860
من القصور التي كان يعيش فيها المسيحيون سكان آيا ماريا ومنها عائلة طرزي قبل دمار الحي بمذبحة المسيحيين عام 1860

الاسرة متمسكة بايمانها المسيحي الارثوذكسي  وكان والداه من الغيرة المسيحية الدمشقية الارثوذكسية الشهيرة فنهل قسطندي من معينهما عشق الكنيسة ككل اقرانه ذاك الوقت وكانا يعلمانه كما بقية اولاد العائلة وفي بيت العائلة الحياة الايمانية من صوم وصلاة اضافة الى ممارسة الصلاة في مريمية الشام بالقرب من حارة آيا ماريا، (ومن المريمية انعكست التسمية على هذه المنطقة وحملت اسمها آيا ماريا…وتحولت التسمية تعريباً الى القيمرية مع تمادي الزمان).

Image may be NSFW.
Clik here to view.
حي آيا ماريا (القيمرية)
حي آيا ماريا (القيمرية)

تعلم منذ الطفولة الاعتماد على ذاته بتعليم من والده الذي كان يصحبه معه الى خان العمل فتعلم منذ طفولته بالاطلاع مهنة والده واكتسب مهاراتها كما كل الدمشقيين المسيحيين وهم اصحاب كل الحرف الدمشقية بامتياز، وكان انه لما صار في عمر المدرسة اي اربع سنوات ادخله والده في المدرسة الارثوذكسية ( الآسية حالياً) التي كانت بادارة الخوري يوسف مهنا الحداد حيث تلقى العلوم الابتدائية والتوجيهية…

والآسية او الكلية الارثوذكسية الدمشقية(1) كما كانت تسمى وقتئذ وكان تأسيسها قد تم بيد البطريرك افتيموس كرمة عام 1635، وقد استمرت في دار البطريركية الى عهد الخوري يوسف مهنا الحداد الدمشقي ( الشهيد في الكهنة القديس يوسف الدمشقي الذي اعاد تأسيسها في عام 1836 في بيت وقف وفيه شجرة آس كبيرة (موقعها الحالي) ثم حدّثَّها مدرسة حديثة عام 1840 وكانت الاولى في هذا المضمار لي في دمشق وحدها بل في سائر سورية الكبرى وشابهت المدارس الاوربية بعدما اخرجها من مفهوم الكتاتيب التعليمي الشائع وفق النهج المدرسي الاسلامي…

Image may be NSFW.
Clik here to view.
الشهيد في الكهنة القديس يوسف الدمشقي استشهد في مقدمة الدمشقيين في مذبحة 1860 ونعيد لاستشهاده ورفقته الشهداء بالآلاف في 10 تموز كل عام وهو اليوم الاول للمجزرة

واضاف اليها في عام 1851  المناهج الجامعية تمهيدا لجعلها جامعة كجامعات بطرسبرج واثينا وسالونيك، وافتتح فيها فرعاً لاهوتياً جامعياً ومدرسة اكاديمية عليا في الموسيقى الرومية.

ولما لاحظ الخوري يوسف وناظر المدرسة ميخائيل كليلة نبوغ علمنا ضماه الى الكلية اللاهوتية بالرغم من صغر سنه وكان من عداد  اول دفعة من التلاميذ النجباء وعددهم 12 تلميذا ممن اختارهم الخوري يوسف ومنهم ملاتيوس الدوماني ( مطران اللاذقية- البطريرك) وغفرئيل شاتيلا (مطران بيروت)…وكانوا طليعة النهضة الانطاكية في عهد البطريرك ايروثيوس

حياته الاكليريكية

توفي والده في عام 1858 فترك العالم وانضم الى خدمة الدين المسيحي فلبس الاسكيم الرهباني في دير القديسة تقلا البطريركي في معلولا وأقام فيه مدة الى اواخر سنة 1859 فسافر الى طرابلس / الميناء “الاسكلة” وتتلمذ للطيب الذكر الارشمندريت اثناسيوس قصير الدمشقي واعظ الكرسي الاورشليمي ووكيل أوقافه في سورية وكان هو اول رائد لمدرسة البلمند الاكليريكية الرهبانية 1845…

Image may be NSFW.
Clik here to view.
البطريرك ملانيوس الدوماني
البطريرك ملانيوس الدوماني

في سنة 1860 سافر الى أثينا بمعية الارشمندريت اثناسيوس قصير المذكور وعاد منها سنة 1861 الى اورشليم قصد الدخول في مصاف طلبة اللاهوت في مدرسة المصلبة الا انه بسبب انحراف صحته لم تطل مدة إقامته فعاد الى دمشق، فضمه البطريرك ايروثيوس الى حاشيته البطريركية وجعله تحت رعاية وارشاد الأب ملاتيوس الدوماني (البطريرك) الذي بغيرته ومساعيه صار ارساله الى أثينا ليتلقى العلوم اللاهوتية في مدرسة الريزاريون وبعد ان انهى دروسه ونال درجة الدبلوم في العلوم اللاهوتية عاد الى بيروت.

في بيروت انتمى الى مطرانها المتروبوليت غفرئيل شاتيلا فرسمه في اول كانون الثاني 1872 شماساً انجيلياً وسنة 1875 رقاه الى درجة ارشيدياكون.

في عام 1881 سافر الى اوربة فزار أكثر عواصمها وتعرف بكثيرين من كبار رجال الكهنوت والعلم ووقف على بعض الأطباء اذ كانت صحته تستدعي ذلك.

عاد الى بيروت سنة 1882 فرسمه معلمه المتروبوليت غفرئيل قساً وذلك صباح يوم الخميس العظيم الواقع في 25 آذار سنة 1882 وأقامه رئيساً على دير القديس يوحنا في دوما حيث بادر للقيام بمهام رئاسته بنشاط عهده الجميع به وبغيرة وقادة اشتهر بها كل المدة التي فيها أقام في خدمة ابرشية بيروت ولبنان، وباشر إصلاح الدير وترميمه وتوسيع نطاق أملاكه. وفي سنة 1888 ترك رئاسة الدير لاسباب صحية.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
متروبوليت بيروت والبنان غفرئيل شاتيلا 1870 1902
متروبوليت بيروت والبنان غفرئيل شاتيلا 1870 1902

تبعيته الى الكرسي الاورشليمي

زار الاماكن المقدسة في فلسطين في عام 1892 فاستدعاه البطريرك الاورشليمي جراسيموس ورسمه ارشمندريتاً وعهد اليه رعاية الأرثوذكسيين المقيمين في الاصقاع الاميركية مزوداً اياه بالميرون المقدس والأواني الكنسية والأوامر البطريركية فسافر الى الولايات المتحدة وقام فيها بواجبات الخدمة خير قيام.

خدمته في الكرسي الاسكندري

في اثناء المعرض الكولومبي في شيكاغو حضر مع مطران زانت جلسات المجمع الديني المنعقد فيه، وبقي مثابراً على خدمة الشعب السوري المهاجر الى اميركا الشمالية.

استدعاه البطريرك الاسكندري صفرونيوس الى مصر وأقامه على رعاية الرعية في مصر العليا والصعيد، فباشر اولاً الخدمة الروحية في مدينة اسيوط سنة 1894 ثم تنحى لدواعٍ صحية حيث لم يناسب مناخها صحته، وانتقل لخدمة حلوان الى ان انتخبه المجمع الانطاكي المقدس برئاسة البطريرك ملاتيوس الثاني(1898-1906) مطراناً على ابرشية ارضروم، ودعاه غبطته للقبول فأجاب بالموافقة بالطاعة والشكر

رسامته مطرانا على ارضروم

وصفت جريدة المنار البيروتية(2) “حفل الاحتفال بتسقيف قدس الارشمندريتي كير قسطنطين طرزي المنتخب مطراناً على أبرشية ارزروم”

” يوم الثلاثاء الذي حل فيه عيد الختانة الالهي(1كانون الثاني 1902) احتفل في الكنيسة المريمية الكاتدرائية عندنا بقداس حبري قام بخدمته غبطة هامة رعاتنا كيريوس كيريوس ملاتيوس البطريرك الأنطاكي الجزيل الطوبى وأصحاب النيافة غريغوريوس مطران حماه وغريغوريوس مطران طرابلس وأثناسيوس مطران اداسيس سيم فيه منتخب ارزروم مطراناً…(3)

Image may be NSFW.
Clik here to view.
ايقونسطاس الكاتدرائية المريمية
ايقونسطاس الكاتدرائية المريمية

…وقد غصت الكنيسة المقدسة بالجماهير الغفيرة وعلائم السرور تلوح على محياهم. وبعد ختام القداس الشريف وانتهاء الاحتفال بشرطونيته أُتي به الى الصاعة البطريركية حيث اقتبل التهاني من وفود المهنئين من ذوي الوجاهة والفضل وأصحاب المقامات نخص بالذكر منهم سعادة الموسيو بيلايف القنصل العام لدولة روسيا الفخيمة فكان يقابلهم نيافته باللطف والايناس شاكراً لهم حسن عواطفهم.

وبعد ظهر ذلك اليوم السعيد سار نيافته بمعية غبطته واخوانه المطارنة الى دار القونصلاتو الروسية لزيارة سعادة القنصل المشار اليه الذي ابدى مظاهر التكريم والاحترام ماهو معروف به.

وقد سمي نيافة المطران الجديد قسطنديوس حفظه الله وأخذ بيده ليقوم حق القيام بهذ الدرجة المقدسة التي انتدب اليها.”

Image may be NSFW.
Clik here to view.
واجهة الكاتدرائية المريمية التي تمت فيها رسامته مطرانا ومن ثم تجنيزه فيها لاحقا
واجهة الكاتدرائية المريمية التي تمت فيها رسامته مطرانا ومن ثم تجنيزه فيها لاحقا

انتقاله الى الاخدار السماوية

في فجر الاحد 13 كانون الثاني 1902 فجع الكرسي الانطاكي وابرشية ارضروم بمطرانها قسطنديوس طرزي الذي لم يكن بعد قد بارح الدار البطريركية بدمشق الى ابرشيته، وقد استأثرت به رحمة مولاه العلي عن ستين عاماً قضى معظمها  في خدمة الكنيسة المقدسة خدمة أهلته لنيل رئاسة الكهنوت، فكان لفقده رنة حزن وأسف لأنه كان يرجى منه أن يرعى رعيته التي اؤتمن عليها في  ارضروم في تلك الابرشية البعيدة جدا بقطيعها القليل والمنقسم مابين يوناني وسوري وتبعية اليونان بشكل واضح الى رفض تعريب الكرسي الانطاكي.

بعد تسقيفه مطراناً  على ارضروم في مريمية الشام في 1كانون الثاني 1902 (كما مر معنا) كان يحتفل يومياً بالقداس الالهي في الكاتدرائية المريمية. ومع أن الثلوج والأمطار  كانت غزيرة والبرد شديد أقبل عيد الظهور الالهي ويوم العيد احتفل بالقداس الالهي وصلاة تقديس الماء، ويوم الاثنين ثاني عيد الظهور اي في عيد القديس يوحنا المعمدان احتفل بقداس وجناز السنة عن نفس معلمه مثلث الرحمات المطران غفرئيل(شاتيلا) مطران بيروت ولبنان.

وبقي على ذلك وهو بتمام الصحة لايشكو ألماً أو انحرافاً حتى نصف ليل الأحد 13 كانون الثاني 1902 حيث شعر بغتة بألم في صدره ثم تقيأ ولما اشتد عليه الحال طلب مطران طرابلس فحضر واستدعى له الدكتور داود ابو شعر(4) الذي اسرع بالحضور وكذلك الارشمندريت بولس (5)ففحصه الدكتور داود ووصف له العلاج، ولكن لم يمض على ذلك بضع دقائق حتى اسلم الروح وهو متكىء على ذراع مطران طرابلس غريغوريوس حداد.

Image may be NSFW.
Clik here to view.
البطريرك-غريغوريوس-الرابع
البطريرك-غريغوريوس-الرابع

عندما وصل الخبر للبطريرك ملاتيوس بكاه بمرارة واسف اشد الاسف وامر بأن يحتفل بجنازه ودفنه احسن احتفال وعمم نبع الوفاة برقياً على مطارنة الابرشيات والى ابرشية ارضروم التي ترملت بوفاة من كان مؤهلاً لقيادتها بنجاح كما كان مأمولاً.

حضر المطارنة على عجل مع مصاف الاكليروس البطريركي وبدأوا بالجناز الكهنوتي بالصلوات والتراتيل وطفق الكهنة والشمامسة يتلون الفصول الانجيلية بالمناوبة

وصف الجنازة اوردته جريدة المنار(6)

“…وماحانت الساعة التاسعة عربية (الثالثة بعد الظهر) من نهار الاحد المذكور (13كانون الثاني 1902) وهو الاجل المضروب للاحتفال بالجناز حتى غصت الكنيسة المريمية وباحاتها والبطريركية بالألوف المؤلفة من الشعب على اختلاف المذاهب والمشارب والرتب والطبقات وأصحاب المقامات وعموم قناصل الدول الفخيمة بالألبسة الرسمية. فتولى صلاة الجناز غبطة البطريرك وأصحاب النيافة مطارنة حماه وطرابلس واداسي ولفيف الكهنة والشمامسة.

وبعد انتهاء الجناز رقي المنبر نيافة مطران طرابلس وابن الفقيد تأبيناً آية في البلاغة عدد فيه مناقبه الغراء وصفاته الحسناء وماكان عليه من الغيرة والتقوى والاهتمام بخدمة الكنيسة المقدسة والمحبة الخالصة نحو الجميع والسريرة الصافية الى غير ذلك من السجايا الكريمة .

فاستنزف العبرات وصعد الزفرات ثم ازدحمت الجماهير للتبرك بقبلة يدي الفقيد وتوديعه الوداع الأخير.

ولما انتهوا من توديعه حمله الكهنة بكمال التجلة والتكريم خرجوا به من الكنيسة وانتظم المشهد على هذه الصورة. الخفراء ثم تلامذة المدارس الأرثوذكسية ينشدون المراثي الشجية فالجنود فخفراء البلدية فخفراء الحكومة فخفراء القناصل فالجمعيات الملية يحملون الأكاليل البديعة الصنع والاتقان ثم غبطة البطريرك فالسادة المطارنة بينهم مطران السريان فمصف الاكليروس ثم قناصل الدول فالجماهير المجمهرة التي لايدرك الطرف آخرها. وكان الخشوع سائداً وعلائم الأسف بادية على وجوه الجميع والأجراس تُقرع برنات الحزن وكانت النوافذ والشرفات والسطوح والطرق غاصة. ولما بلغوا بالفقيد أمام كنيسة الأرمن استوقفهم رئيسها الروحي الذي حضر مع شمامسته وجنز وكانت اجراس كنيسته تقرع قرعاً مؤثراً. ثم استؤنف السير الى التل (مقبرة القديس جاورجيوس الارثوذكسية خارج الباب الشرقي مقابل باب بولس) حيث دُفن الفقيد الجليل في مقبرة البطاركة القديمة المعروفة(7) والقلوب تودعه والدموع تشيعه.

وحينئذ انبرى لتأبينه جناب جبران افندي لويس (عضو المجلس الملي البطريركي الدمشقي) معدداً أعماله الحسنة وخدمه المتعددة ومشيراً الى طاعته لرؤسائه وقبوله ابرشية ارزروم مع علمه بخطارة المركز الذي انتدب اليه وعقبه على الأثر جرجي افندي متى (عضو لجنة المدارس الارثوذكسية الدمشقية) وأبنه بأبيات شعر رائقة. ثم ارفض الحشد الغفير الذي كان يملأ تلك البقعة الكبيرة حتى قدره بعض الخبيرين بعشرين الفاً وهم يترحمون على هذا الفقيد الكريم ويذكرونه بالخير الجميل.” انتهى الاقتباس عن المنار.

وقد اقام  غبطته والمطارنة ولفيف الاكليروس الدمشقي يوم الاحد التالي صباحاً الذبيحة الالهية بمناسبة مرور اسبوع على ارتقائه في الكاتدرائية المريمية التي غصت بالشعب.

بعض مما قيل في جنازته

مرثاة شعرية القاها جرجي متى عضو لجنة المدارس الارثوذكسية في مدفن المطارنة حال دفنه قال في مطلعها:

أعزز علينا أن تكون فقيداً………………………..وسرورِنا بك كان أمس جديداً

ياراحلاً أبكي عليه كنائساً………………………فقدت به ركناً لها وعموداً

قوَّضت أركان القلوب بذي النوى………………. رفقاً بهم فماخلقن حديداً

كنا نُعدُّ لك التهانيْ بالعلا………………………واليوم قد صغنا الرثاءَ قصيدا

يا ابرشية أرزروم تفجعي………………………وذري النواح على اللوا معقودا

لاتخلعي ثوب الحداد فقد سبى …………….. ريب المنون عريسك المعدودا

أصبحت أرملةً قبيل لقائهِ……………………..إذ قد تخرمه الحمام بعيدا

وفي ختامها….

فإلى قضاء الله نعنو بالرضى…………………إذ ليس سهم قضائه مردودا

وعلى ضريحك صبب من عفوه……………..وحباك في أخداره تخليداً 

فاذهب عليك سلام ربك تاركاً………………ذكراً على مرِّ الزمان سعيدا

والقى الاستاذ فارس الخوري(8) مرثاة شعرية أنشدها تلاميذ المدارس الأرثوذكسية الدمشقية في المشهد ذاته قال في مطلعها:

الفضل يبكي ودمعُ العين ينهملُ…………..والقلب لله في الأشجان يبتهلُ

يبكي على سيد جلَّ المصابُ به………….لفقده الحزن في الأحشاءِ يشتعلُ

بالحَبر قسطنديوس ذي الفضل من جذلت 

به الفضائل واليوم انقضى الجذل

في ختامها يقول الأستاذ فارس الخوري:

يارحمة الله جودي فوق تربته…………….وليسقِ منك ثراه عارض همل

وانتم باذويه بعد مصرعه………………..بحلة الصبر والسلوان فاشتملوا

فحلة الصبر تبقى الدهر زاهية…………..تردُّ نبل الأسى ان رثت الحلل

الخاتمة

صادفت هذا الحَبر الجليل منذ اللحظات الأولى لتكشيفي للوثائق البطريركية منذ عام 1987 وتألمت كثيراً لارتقائه الى سيده الذي خدمه منذ طفوليته راهباً، ولما آن اوان رئاسته للكهنوت بعد كل هذا الجهاد الحسن الذي جاهده وقبل انتقاله الى مسند مطرانيته في الاصقاع البعيدة ليخدم رعيتها المتعطشة للراعي الصالح…واذ بها تترمل ولما يصلها بعد عريسها وكان لايزال في دمشق مسقط رأسه…

لم استطع كتابة سيرته الا بعد كل هذا الزمن بما توفر لي من معلومات وبعد تكشيف كل الوثائق عن هذه الابرشية واستعنت بالمجلتين الارثوذكسيتين الانطاكيتين المحبة والمنار البيروتيتين… في معرض مشروع كتابة سيرة الابرشيات الانطاكية الشهيدة بتكليف من غبطته…

الحقيقة تألمت جداً…على هذا العلم الأنطاكي

كما انا متألم حتى الدقيقة الأخرى من عمري على استشهاد معظم ابرشيات الكرسي الانطاكي  ومنها  الأبرشيات الثلاث و ابرشية ارضروم ففرغت من رعيتها استشهاداً وتهجيراً

ولكن الكنيسة عامة وخاصة الكنيسة الارثوذكسية وبالأخص الانطاكية تبقى على الرجاء كسيدها الذي نزل الى القبر وقام من القبر …

الكنيسة بالعذاب تزدهر وتتجوهر  كما الذهب يتجوهر بالنار ولكنه يبقى ذهباً…

والحديد يصبح بالنار والطرق فولاذاً…

حواشي البحث

!- انظر سيرة الشهيد القديس يوسف الدمشقي في موقعنا

2- جريدة المنار البيروتية بعددها رقم 10 السبت في 5كانون الثاني سنة 1902 السنة الرابعة

3- البطريرك ملاتيوس الثاني ( من عائلة الدوماني الدمشقية مطران اللاذقية من 1864-1898 والبطريرك الانطاكي الاول بعد تعريب السدة الانطاكية 1898-1906 وهو رائد التعريب وقد عانى مالايوصف من تعسف البطاركة اليونان (المسكوني والاسكندري والاورشليمي ورئاسة اساقفة قبرص واليونان ولم يعترفوا به وقد تم الاعتراف بعد اربع سنوات من بطريركية خليفته غريغوريوس الرابع. / غريغوريوس مطران حماه وهو ابن عائلة جبارة الدمشقية وكان موصوفا بالقداسة/ غريغوريوس مطران طرابلس ابن عائلة حداد من عبية بجبل لبنان ويمتد بالنسب للشهيد في الكهنة القديس يوسف الدمشقي، اعتلى السدة البطريركية خلفا للبطريرك ملاتيوس الثاني 1906-1928 وهو ابو الفقراء ومطعم الجياع في مجاعة سفر برلك  والمعين للشريف حسين شريف مكة في حشد الصف المسيحي لتأييد الثورة العربية الكبرى للتحرر من الاحتلال التركي عام 1918 والمشترط على الامير فيصل للاعتراف به ملكا على سورية تساوي غير المسلمين في الحقوق والواجبات في المملكة وحصل عليها، وكان رافضا للانتداب الفرنسي. / اثناسيوس مطران اداسيس وهو ابن عائلة ابوشعر الدمشقية وكان الوكيل البطريركي. انظرهم جميعاً في (باب اعلام كنسيون) بموقعنا هنا.

4- الدكتور داود ابوشعر وهو اول الاطباء في ولاية دمشق وفي مستشفى القديس بندلايمون الارثوذكسي الدمشقي وهو قريب مطران اداسيس اثناسيوس ابو شعر.

5- المطران بولس ابو عضل الدمشقي اول مطران على جبل لبنان 1902 وبالتالي مؤسس ابرشية جبيل والبترون وتوابعهما، انظر سيرته في موقعنا هنا باب اعلام كنسيون

6- جريدة المنار البيروتية العدد 12 السبت في 19 كانون الثاني سنة 1902 السنة الرابعة ص177-178

(7) هو مقام القديس جاورجيوس  حيث مدفن المطارنة والاكليروس وعلى مايبدو ان دفن البطاركة كان يتم فيه اعتباراً من تاريخ نقل المقر البطريركي الى دمشق عام 1344 حيث كان قبله يتم فيد دفن مطارنة دمشق، وكان وقتها قد بدأ دفن البطاركة في مدفن البطاركة في باحة المريمية الغربية وكانت رخامات القبر بالعربية واليونانية تدل على البطاركة الذين كانوا يُدفنون فيه وآخر من دفن به مثلث الرحمات البطريرك الياس الرابع عام 1979، ثم وحين تم  تجديد محيط وجدران الكاتدرائية عام 1998 وسقفها في عهد مثلث الرحمات البطريرك اغناطيوس الرابع تم نقل المدفن الى تحت هيكل الكاتدرائية شرقاً وامامه حديقة جميلة وهو عبارة عن  ناووس كبير غاية في الترتيب وقام غبطته بالاشراف عليه شخصيا وتخصيص دروج خاصة لكل بطريرك كان قد دُفن فيه مع مجسم لصورة وجهه ونبذة عنه، حتى انه جهز مثواه رحمات الله عليه وقد دفن فيه في 20 كانون الاول عام 2012

8-الاستاذ فارس الخوري ( رئيس الوزارة السورية لاحقا لثلاث دورات متعاقبة وغير ذلك من المهمات الرسمية السورية) وكان يعلم في المدارس الأرثوذكسية الدمشقية… 

حيثيات الحكم بصلب السيد المسيح 

حيثيات الحكم بصلب السيد المسيح 

صك الحكم الذى أصدره بيلاطس البنطى بصلب السيد المسيح

أكتشفه العلماء الفرنسيون الذين رافقوا الجيش الفرنسى فى زحفه بقيادة فيليب الرابع إلى إيطاليا بمدينة نابولى و بالتحديد فى مقاطعة أكويلا سنة 1280م، كذلك أكتشفوا صورة الخطاب المرسل من والي الجليل بيلاطس البنطي إلى المحفل الرومانى بمدينة رومية، وفيه يوضح التهم الكاذبة من رؤساء اليهود لشخص السيد المسيح ويعطي وصفا لشكل الرب فى الجسد.

وقد أكتشفها بعض العلماء الآلمان سنة 1390 م فى روما، و قد حُفظت هذه الرسالة فى الفاتيكان…

ونص الرسالة التالي

في السنة السابعة عشر من حكم الامبراطور طيباريوس الموافق لليوم الخامس والعشرين من شهر آذار بمدينة اورشليم المقدسة في عهد رئيسي الكهنة حنان وقيافا حكم بيلاطس البنطي والي ولاية الجليل الجالس للقضاء في ندوة مجمع الهاتفين على يسوع الناصري بالموت صلباً بين لصين بناء على الشهادات الكثيرة المبينة المقدمة من الشعب المثبتة ان يسوع الناصري والتالية

1- مضل يسوق الناس الي الضلال 

Image may be NSFW.
Clik here to view.
حنان وقيافا في محاكة يسوع
حنان وقيافا في محاكة يسوع

2- يغري الناس علي الشغب والهياج 
3- عدو للناموس 
4- يدعو نفسه ابن الله 
5- يدعو نفسه كذباً انه ملك اسرائيل
6- دخل الهيكل ومعه جمع غفير من الناس حاملين سعف النخل

فلهذا يأمر بيلاطس البنطي قائد المائة بأن يأتي بيسوع المذكور الي المكان المعد لقتله، وعليه أيضا أن يمنع كل من يعارض تنفيذ هذا الحكم فقيراً كان او غنياً وان يؤتي به الي خارج مدينة اورشليم…

 وقد وقع علي الحكم كل من:

 الفريسي الرابي دانيال 
يوحنا زور بابل
 الرابي روفائيل 
كابيت

اما أسماء الذين تشاوروا بالحكم علي يسوع المسيح واقوالهم عليه

1- يورام: فهو العاصي الذي يستحق الموت علي حسب الشريعة
2- سمعان الابرص: لماذا يحكم بالموت علي هذا البار
3- ساراباس: انزعوا عنه الحياة انزعوه من الدنيا
4- دبارياس: حيث أنه هيج الشعب فمستحق الموت
5- نبراس: فليطرح في هاوية الشقاء
6- انولومبه: لماذا كل هذه المدة المستطيلة ولم يحكم عليه بالموت
7- يهوه شافاط: اتركوه في السجن مؤبداً
8- سابسي: ان كان باراً او لم يكن فمستحق كاسَ الحِمامْ حيث انه لم يحفظ شريعة اباءنا
9- بيلاطس البنطي: اني برئ من دم هذا البار
10- سابتل: فلتقاصه حتى في المستقبل لا يكرز ضدنا 
11- أناس: لايجب الحكم ابدا علي احد بالموت ما لم نسمع اقواله
12- نيقوديموس: ان في شريعتنا لا نصدر الحكم علي احد ما لم نأخد اولاً اقواله واخباره بم فعل.
13- يوطفار: حيث ان هذا الانسان بصفته خادع فليطرد من المدينة
14- روسموفين: ما فائدة الشريعة ان لم تحفظ
15- هارين: ان كان باراً او لم يكن فمن حيث انه هيج الشعب بكرازته فمستحق العقاب
16- ريفاز: اجعلوه اولا يعترف بذنبه ومن ثم عاقبوه
17- سوباط: ان الشرائع لا تحكم علي احد بالموت
18- يوسف الرامي: ان لم يكن أحد يدافع عن هذا البار فعار علينا 
19- ميزا: ان كان بارا فلنسمع منه وان كان مجرما فلنطرده 
20- رحبعام: لنا شريعة بحسبها يجب ان يموت 
اما رئيس الكهنة قيافا قد تنبأ قائلا: لاتسمعوا منه شيئا ولا تعتبروه وان الأجدر بكم ان يموت انسان واحد عن الشعب بدلاً عن هلاك الامة بأسرها

هذه رسالة بيلاطس الي طيباريوس قيصر التي يبين فيها الاسباب التي دعته الى صلب يسوع

و كانت معروفة عند القدماء، وأشار إليها الفيلسوف يوستينوس عام 139م والعلامة ترتليانوس عام 169م واوريجانوس…
يقول بيلاطس واصفا السيد المسيح 

انسان بقوام معتدل ذو منظر جميل للغاية له هيبة مهيبة جداً حتى ان من نظر اليه التزم ان يحبه ويخافه.

شعره بغاية الاستواء متدرجاً الى اذنيه ومن ثم الي كتفه بلون ترابي انما بالاكثر ذهولا الى جبينه غرة كعادة الناصريين ثم ان جبينه مسطح وانما هو بهج ووجهه بغير تجاعيد بأنف معتدل ليس بفمه ادنى عيب واما منظره فانه رؤوف ومسر وعيناه كأشعة الشمس ولا يمكن لانسان ان يحدق النظر في وجهه لطلعة ضيائه فحينما يوبخ يُرهب ومتى أرشد أبكي، ويجتذب الناس الي محبته تراه فرحاً جداً وقد قيل عنه انه ما نُظر قط يضحك بل بالحري يبكي وذراعاه ويداه بغاية اللطافة والجمال ثم انه بالمفاوضة يأسر الكثيرين وانما مفاوضته نادرة وبوقت المفاوضة يكون بغاية الاحتشام فيخال بمنظره وشخصه انه هو الرجل الاجمل
ثم نظرا للعلوم فانه اذهل مدينة اورشليم باسرها لانه يفهم كافة العلوم بدون ان يدرس شيئا منها البته ويمشي شبه حافيا عريان الراس نظير المجانين فكثيرون اذ يرونه يهزأون به ولكن بحضرته وبالتكلم معه يرجف ويذهل وقيل انه لم يسمع قط عن مثل هذا الانسان في التخوم…

ويقول ايضا

“ألقى الأوباش الهائجون القبض على يسوع ولما آنسوا عدم الخوف من الحكومة إذ ظنوا مع زعمائهم أني فزعت من ثوراتهم فتمادوا فى الصياح:” أصلبه…أصلبه… دمه علينا وعلى اولادنا من بعدنا…” ثم طلبت و غسلت يدى أمام الجمهور مشيراً بذلك إلى استهجان عملهم، ولكن لم يأت ذلك بثمر فإن نفوس هؤلاء الأشقياء ظمآنه لقتله… فقلت له (أى ليوسف الرامى) قد أجبت طلبك، ومنحته الجسد ليدفنه باكرام في القبر الخاص به،  وأمرت ماتيليوس في الحال أن يأخذ بعض العساكر معه ليلاحظ ويباشر دفنه لئلا يعترض أحد له…وبعد ذلك بأيام قليلة وُجد القبر فارغاً و أذاع تلاميذ يسوع فى أطراف البلاد وأكنافها أن يسوع قام من الموت كما تنبأ”

(تحريراً من الديوان بمدينة أورشليم في نص شهر قمر ثاني من الجيل السابع)

أخطر الأوبئة التي شهدتها البشرية‎

 أخطر الأوبئة التي شهدتها البشرية‎

أحدث فيروس  كورونا “كوفيد – 19” أزمة عالمية غير مسبوقة، ومع وصول أعداد المصابين به لمئات الآلاف والوفيات لعدة آلاف، أعلنت منظمة الصحة العالمية في 11 آذار  الماضي أنّ الأمر يتعلّق بجائحة.
لكن بالعودة إلى التاريخ يمكننا إدراك ما نحن بصدده بصورة أوضح، فبرغم حالة الذعر التي تسبّب فيها هذا الوباء القادم من الصين في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، فإنّه لا يزال بعيد كل البعد عن الأوبئة الأخطر والأشدّ فتكاً التي شهدتها البشرية، لذا من الضروري استعراض أهم هذه الأوبئة العالمية.
الطاعون الأنطوني (165-180) 5 ملايين ضحية
كلما عدنا إلى الخلف في خط التاريخ، تتراجع نسبة الدقّة فيما يخصّ الأمراض والنتائج المترتبة عليها، لكن هناك أدلّة تاريخية أكثر من كافية كي نعرف أنّ الطاعون  الأنطوني كان مدمّراً في ذلك الوقت، فقد بدأ المرض في الانتشار بالإمبراطورية الرومانية بعد عودة القوات التي كانت تقاتل في الشرق الأوسط، ويُعتقد أنّ المرض ربما كان جدري أو حصبة، لكن لا يوجد إجماع بين المؤرخين حول هذه النقطة.وجاءت تسمية هذا المرض من العائلة الملكية التي كانت تحكم روما خلال هذه الحقبة، وهناك بالفعل مؤشرات على أنّ الإمبراطور “لوتشيو فيرو”، الذي كان يتشارك الحكم مع ابنه بالتبنّي ماركو أوريليو، توفّي عام 169 متأثراً بإصابته بهذا المرض، كما تفيد التقديرات الحديثة بأنّ الوباء حصد أرواح 5 ملايين شخص، ليصبح سابع جائحة من حيث عدد القتلى في التاريخ.

طاعون جستنيان (541-542) 30 – 50 مليون ضحية
كانت بؤرة الوباء في مدينة القسطنطينية، إسطنبول حالياً، عاصمة الإمبراطورية البيزنطية “الإمبراطورية الرومانية الشرقية”، حيث كانت بدايته من الفئران التي وصلت على متن السفن التجارية القادمة من مناطق مختلفة من أوراسيا، والتي كانت تحمل  الطاعون الدملي النزفي.
وقد أصيب الإمبراطور “جستنيان” نفسه بالمرض، لكنه نجا منه، وتشير التقديرات إلى أنّ ضحايا هذا  الطاعون يتراوح عددهم بين 30 إلى 50 مليون وفاة، ونتيجة لوجود عدة موجات منه، فقد صُنّف كرابع أسوأ جائحة في التاريخ.
وباء الجدري الياباني (735-737) مليون ضحية
تفشى هذا المرض نتيجة للتواصل بين اليابان وجيرانها في آسيا القارية، وأسفر عن ظهور أوبئة أخرى، وبدأ المرض عام 735 من مدينة دازايفو في منطقة فوكوكا، ثم نقله أحد الصيادين إلى كوريا، ليستفحل سريعاً ويصيب أغلب سكّان الجزر اليابانية، حيث حصد أرواح ما يقرب من ثلث اليابانيين.
الطاعون الأسود (1347-1351) 200 مليون ضحية
يُعدّ الجائحة الأخطر التي عرفتها البشرية، وصاحب التأثير الأطول في تاريخها، ويُعتقد أنّ المرض بدأ من آسيا الوسطى ومرّ عبر طريق الحرير وصولاً إلى شبه جزيرة القرم، التي تتنازع روسيا وأوكرانيا السيادة عليها في الوقت الحالي، عام 1343، حيث كانت البراغيث التي تعيش على أجساد الفئران سوداء اللون هي مصدر المرض الذي انتشر في جميع أنحاء أوروبا عن طريق السفن التجارية.
وتشير أقل التقديرات إلى أنّ هذه الجائحة الفتّاكة أودت بحياة 30 بالمئة من سكّان أوروبا، بينما ترتفع النسبة في إحصاءات أخرى إلى 60 بالمئة، واحتاجت القارة الأوروبية إلى 200 عام كاملة كي تستعيد عدد السكّان الذي كان موجوداً قبل الوباء، رغم أنّ مناطق أخرى، مثل مدينة فلورنسا الإيطالية والمدن المحيطة بها تأخّرت حتى القرن التاسع عشر.
Image may be NSFW.
Clik here to view.
الأنفلونزا الروسية هي أول جائحة من أنفلونزا (أ)

الأنفلونزا الروسية هي أول جائحة من أنفلونزا (أ)

الجدري (1520) 56 مليون ضحية
كان مرضاً مجهولاً في الأمريكتين، لكنّه وصل مع الغزو الأوروبي، فقد دخل أولاً من المكسيك حالياً، حيث كان أحد عوامل انهيار إمبراطورية الأزتك، ويُعدّ ثاني أخطر وباء في التاريخ، حيث يُقدّر عدد ضحاياه بما يقارب الـ 90 بالمئة من تعداد سكّان القارة الأمريكية.
موجة طاعون القرن السابع عشر (1600) 3 ملايين ضحية
تعدّدت موجات الطاعون واختلفت مناطق بؤرها على مدار القرن السابع عشر، وكان أبرزها بؤرة لندن، التي شهدتها المدينة على مرّ عامي 1665 و1666، إلّا أنّها كانت آخر موجة من وباء الطاعون الدمّلي في إنجلترا.
موجة طاعون القرن الثامن عشر (1700) 600 ألف ضحية
ظهرت موجات أخرى من الطاعون في عدة دول خلال ذلك القرن، أهمّها تلك التي اجتاحت  روسيا في الفترة بين عامي 1770 و1772، فقد تسببت بوفاة ما يتراوح بين 52 ألف و100 ألف شخص في موسكو وحدها التي تقلّص عدد سكّانها بمقدار الثلث.
الكوليرا (1817- 1923) مليون ضحية
كان عدم التخلّص من الفضلات البشرية وعدم توافر مياه الشرب هما السببان وراء تفشّي الكوليرا، وشهدت الفترة بين عامي 1817 و1923 أول ست موجات من هذا الوباء في مناطق مختلفة من القارة الآسيوية.
موجة الطاعون الثالثة (1855) 12 مليون ضحية
بدأت بؤرة الوباء الثالث من الموت الأسود في مقاطعة يونان الصينية أثناء العام الخامس من فترة حكم الإمبراطور شيانفينج من أسرة كينج، ومنها انتشر المرض في جميع ربوع العالم، رغم أنّ أي منطقة لم تعانِ نتائج كارثية مثل الهند؛ حيث توفّي قرابة 10 مليون إنسان جراء المرض، لتصبح بالتالي سادس أكثر جائحة مميتة في التاريخ.
الحمى الصفراء (أواخر 1800) 100 ألف -150 ألف ضحية
يعتبر العلماء أنّها بدأت من أفريقيا، حيث انتقلت من الرئيسيات إلى البشر، ووصل الفيروس وناقله، (بعوضة الحمى الصفراء أو الزاعجة المصرية وهي إحدى أنواع البعوض)، إلى الأمريكتين بواسطة سفن تجارة العبيد، وخلال القرن التاسع عشر ظهرت أوبئة قاتلة في القارة الأمريكية وأوروبا.
الإنفلونزا الإسبانية (1918-1919) 40 -50 مليون ضحية
كانت أول جائحة يتسبّب فيها فيروس الأنفلونزا “إتش 1 إن 1″، وأصبحت ثالث أخطر جائحة في تاريخ البشرية، نتيجة لمعدّل الوفيات المرتفع للغاية مقارنة بما هو مألوف، ويُعتقد أنّ 500 مليون إنسان على مستوى العالم أصيبوا بها؛ أي ما يعادل 27 بالمئة من إجمالي سكّان العالم في ذلك الوقت.والمثير في الأمر هو أنّ إسبانيا لم تكن الأكثر تضرّراً من هذه الجائحة، لكن ما حدث هو أنّه في أعقاب  الحرب العالمية الأولى قرّرت الكثير من الحكومات عدم نشر بيانات حول أعداد الوفيات جراء المرض في ألمانيا وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، ولم تسر الأمور على هذا المنوال في إسبانيا، التي فضّلت النأي بنفسها عن الحرب، لذا أخذ الجميع يتحدّثون عن الأنفلونزا الإسبانية.
الإنفلونزا الروسية (1889 -1890) مليون ضحية
يصيب فيروس إنفلونزا (أ) “إتش 2 إن 2” الطيور، ويظنّ بعض الباحثين من الأطباء أنّه ظهر للمرة الأولى في  روسيا عام 1889، على أنّ متخصّصين آخرين يدحضون هذه الاحتمالية، مؤكّدين عدم توافر أدلّة على أنّه كان الفيروس عينه، على أي حال قتلت هذه الجائحة مليون شخص.
الإنفلونزا الآسيوية (1957 -1958) مليون و100 ألف ضحية
إذا كانت الأنفلونزا الروسية هي أول جائحة من أنفلونزا (أ)، فإنّ الأنفلونزا الآسيوية كانت الثانية، ويرى بعض الخبراء أنّها نجمت عن حدوث تحوّر لدى البطّ البرّي وامتزاج ذلك الفيروس مع نوع من الفيروسات الذي كان يصيب البشر، اكتشف الميكروب للمرة الأولى في جيزهو بالصين، وامتدّ إلى سنغافورة، ومنها لهونغ كونغ، ثم الولايات المتحدة.
إنفلونزا هونغ كونغ (1968-1970) مليون ضحية
كانت ثالث فصول هذه السلسلة من الأوبئة، ورُصدت أول حالة مصابة بهذا المرض في هونغ كونغ في 13 تموز (يوليو) 1968، وبنهاية ذلك الشهر كان قد وصل إلى فيتنام وسنغافورة، فلم تتعلّم المنطقة من الأوبئة السابقة.
الإيدز (1981-الآن) 25 مليون إلى 35 مليون ضحية
ينتج الإيدز عن فيروس يصيب جهاز المناعة لدى البشر، ويعتقد أنّ مصدره هو الرئيسيات في وسط أفريقيا وغربها، واكتشف للمرة الأولى في مطلع القرن العشرين، لكن مجموعات فرعية من الفيروس نجحت في تطوير نفسها وبات لديها القدرة على إصابة البشر.
وبدأ الوباء مع ظهور فصيلة “إم” من فيروس الإيدز في ليوبولدفيل بجمهورية الكونغو الديمقراطية وأخذ في الانتشار بداية من العام 1981.
ويوجد في الوقت الحالي 37 مليون و 900 ألف شخص حول العالم يعانون مرض نقص المناعة، وتوفي بسببه 770 ألف شخص عام 2018 وحده، وتعدّ منطقة أفريقيا جنوب الصحراء هي الأكثر من حيث عدد الإصابات حيث يتواجد فيها 61 بالمئة من الحالات الجديدة.

سارس ( 2002 – 2003) 770 ضحية
هو اختصار لما يعرف باسم متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد، ويتسبب فيه أحد فيروسات عائلة  كورونا، وهو “سارس – كوف”، ويختلف عن  الفيروس  الذي يقف وراء الجائحة العالمية الحالية وهو “كوفيد-19”.
وفي الفترة بين تشرين الثاني (نوفمبر) 2002 وتموز (يوليو) 2003، تفشى الوباء من بؤرته في جنوب الصين ليصيب 8 آلاف و98 شخصاً في 17 دولة، رغم أنّ أغلبية الحالات سُجّلت في الصين وهونغ كونغ.
وكان مصدر الفيروس هو خفاش حذوة الحصان الكبير، أحد أنواع الخفافيش، التي تعيش داخل كهوف مقاطعة يونان، ومن هناك انتقل إلى البشر، على أي حال لم تُرصد حالات جديدة للإصابة بالسارس منذ عام 2004.
إنفلونزا الخنازير (2009-2010) 200 ألف ضحية
كانت ثاني جائحة ناتجة عن فيروس “إتش 1 إن 1″، وبعد مرور قرن تقريباً على جائحة الأنفلونزا الإسبانية، لكن سلالة الفيروس المتسبب في هذا الوباء كانت جديدة كلياً عن “إتش 1 إن 1″، ونتج عن التقاء فيروسات أنفلونزا الطيور والخنازير والبشر مع الفيروس المسبب لأنفلونزا الخنازير الأوروآسيوية، لذا يُطلق عليه اسم أنفلونزا الخنازير.
ظهر الوباء على الخنازير في إحدى ولايات وسط المكسيك، ومنها انتشر، ويُقدّر عدد سكان العالم الذين أصيبوا بالمرض بما يتراوح بين 11 بالمئة و21 بالمئة.
ميرس (2012 -الآن) 850 ضحية
متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، ويتسبّب فيها أحد فيروسات عائلة  كورونا كذلك، اكتشفت أول حالة في السعودية لرجل عمره 60 عاماً كان يعاني من التهاب رئوي حاد، وتوفّي الرجل بسبب الفشل الكلوي في حزيران 2012، ثم رُصدت حالتان أخريان في منطقة “الإحساء”، ومنها امتدّ إلى دول أخرى لا سيما في الشرق الأوسط، رغم أنّه انتقل إلى مناطق مختلفة مثل كوريا الجنوبية التي شهدت وباء عام 2015.
إيبولا (2014-2016) 11 ألف و300 ضحية
هو حمّى نزفية ناتجة عن فيروس يصيب البشر وبعض الرئيسيات، اكتشفت أولى الحالات في غينيا في كانون الأول (ديسمبر) من عام 2013، ثم انتقل إلى ليبيريا وسيراليون، حيث كانت له تداعيات مدمّرة، وقد بلغت نسبة الوفيات بين المرضى الذين يودعون المستشفيات ما بين 57 بالمئة إلى 59 بالمئة.

(ترجمة علي نوار عن الاسبانية)

(حفريات)

Viewing all 1470 articles
Browse latest View live


<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>