خربشات سياسية عشية ذكرى حرب تشرين التحريرية 5تشرين 2019
أيام لا يمكن أن تمحى من الذاكرة
ويستمر الانتصار السوري
1973-2019 «تشرين أقبل زاح الطغيان.. رايتنا خفقت فوق الجولان.. تسلم يا قائد للشعب الصامد»..عبارات لطالما رددها اولاد المدارس واليوم أستذكرها بعد 46 سنة من الزمن ونحن نحتفل بذكرى حرب تشرين التحريرية المجيدة التي سطر فيها جيشنا العربي الباسل أروع الملاحم البطولية في تاريخ الحرب الحديثة، محطماً ما كان يدعى بالجيش الذي لا يقهر(الجيش الإسرائيلي). في الوقت الذي تثبت فيه سورية بعد تسع سنوات من الحرب الكونية الظالمة ضدها قدرتها على الصمود والانتصار على الإرهاب وداعميه في سبيل الحفاظ على سيادة الوطن وكرامة الإنسان وصون تاريخه وحضارته. حرب تشرين التحريرية تاريخ جسد مقولة “ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة” ويوم أعاد لكرامة الأمة العربية بريقها بصناعة نصر أحرزه أبطال الجيش السوري على الكيان الصهيوني الغاشم بعقيدة ثابتة مفادها الشهادة أو النصر. الثانية ظهرا في يوم السادس من تشرين عام 1973 كانت ساعة إعلان استعادة الحق والكرامة العربية بدأ بهجوم مباغت شنته القوات المسلحة السورية والمصرية على جبهتي الجولان وسيناء حيث تمكنت القوات السورية من تدمير خط “آلون” الدفاعي الإسرائيلي والتقدم في عمق الجولان السوري المحتل فيما عبرت القوات المصرية قناة السويس مدمرة خط “بارليف” الإسرائيلي وتمكنت من استعادة شبه جزيرة سيناء من قوات الاحتلال الإسرائيلي.
خربشات سياسية عشية ذكرى حرب تشرين التحريرية 5تشرين 2019…ايام لاتُمحى من الذاكرة
كانت حرب تشرين التحريرية محطة تاريخية كسرت حاجز المستحيل بقوة وبسالة أبطال الجيش السوري الذين لم يرضوا الخنوع أو التراجع واختاروا المضي نحو تحقيق الانتصار فسميت المعجزة العسكرية السورية التي حولت أحلام العدو الصهيوني إلى هباء منثور وكشفت كذبة الجيش الذي لا يقهر خاصة بعد تحويل الدبابات الإسرائيلية والامريكية على محور سعسع إلى خردة على يد الفرقتين المدرعتين السوريتين السابعة والتاسعة. ما استدعى سيلا من المدرعات الاميركية وردت من قواعدها في المانية وعليها العلم الصهيوني ومع ذلك دمرها فدائيو جيشنا وطيرانه… سورية وعلى مر العصور اتسمت بعزيمة وإرادة شعبها وإيمان وتضحيات جيشها والتصدي لشتى أنواع المؤامرات والمخططات الاستعمارية والاحتلالية ولم تكتف بذلك بل سعت لخلق نهج جديد للدفاع كان عماده الجيش السوري بعقيدته الراسخة وحركات المقاومة الوطنية ومحور المقاومة… لقد رسمت حرب تشرين التحريرية ملاحم جديدة في ساحة النضال ضد العدو الصهيوني، ولولا سلوك السادات آنذاك بعد الأيام الأولى من الحرب لاستعادة الأراضي العربية المغتصبة والمحتلة لتغير وجه المنطقة، لكنّ أفعال السادات التي أراد من خلالها كما كان يقول: «أردناها حرب تحريك» من أجل مفاوضاته في «كامب ديفيد» وتوقيع اتفاقيات الإذعان مع العدو الصهيوني وسط سخط عربي كبير، هو ما جعل الجبهة السورية تتحمل أعباء المواجهة، وتخوض حرب الاستنزاف وحدها ببسالة منقطعة النظير لدرجة أن هذه الحرب أضحت تدرس في الأكاديميات العسكرية الكبرى. كنت مقاتلا في هذه الحرب التحريرية في الجولان في سلاح الخدمات الطبية في المستشفيات الميدانية وشاهدت مالايمكن ان تتحمله العين والقلب من بطولات واستشهاد نتيجة الالتحام بالسلاح الابيض وجروح وتشوه ومع ذلك كانت المعنويات لايمكن وصفها وحتى المستشفيات الطبية لم يوفرها عدوان الطيران والقصف المعادي الصاروخي والمدفعي وخاصة في قلعة جندل واصبت بجراح ولولا لطف الله لكنت مع بعض رفاق السلاح الشهداء… وفي الوقت الذي كانت فيه هذه الحرب هي الأولى التي يبادر بها العرب لمواجهة العدو الصهيوني ويحققون الانتصار كانت النسوة والأطفال والشيوخ يصعدون إلى أسطحة المنازل غير آبهين بأي شيء ليروا تساقط طائرات «الفانتوم» و«الميراج» على يد أبطالنا في الدفاع الجوي من طيارين وصواريخ فاجأت العدو الصهيوني، فسقطت له في يوم واحد 93 طائرة وقدم سلاح الدبابات والمشاة ورجال البحرية وجميع صنوف الأسلحة ملاحم تاريخية سيذكرها القاصي والداني، وهو الركيزة التي ارتكزت عليها عقيدة جيشنا الحبيب في هذه السنوات التسع العجاف والصمود الاسطوري امام اوركسترا معادية رتبها العدو الصهيوني وقادتها اميركا ودول الغرب ومولتها دول العربان…وبالرغم من حجم الالم والدم والدمار… نحن على خطى تشرين التحريرية سائرون على درب الانتصار النهائي… تحيا سورية يحيا جيشها الحبيب جيش الفينيق القائم ابداً بقيامة مظفرة
خربشات سياسية عشية ذكرى حرب تشرين التحريرية 5تشرين 2019…ايام لاتُمحى من الذاكرة
شكرا للحلفاء والاصدقاء والقوات الرديفة الخلود للشهداء، الشفاء للجرحى،والعودة المظفرة لكل مخطوف ومغيب… وجبرخواطر ذوي الضحايا الابطال… سورية لم ترتاح منذ النكبة الفلسطينية و دفعت ولا تزال تدفع الضريبة لأن فلسطين بوصلتها…
ابنة بلودان الرائدة الحقوقية المأسوف عليها ميار نسيب ذهبية
من الرائدات السوريات في مجال الحقوق الدولية ميار نسيب ذهبية ابنة مصيف بلودان، رحمها الله، وهي بجمال مصيفنا الرائع…
كلمة لابد منها
” ميار ّهبية “هي عبارة عن قصة نجاح وسيرة عطرة لابنة بلودان التي أحرزت التفوق والامتياز من المدرسة الفرنسية في أكرا في غانا بأفريقيا، ثم في المدرسة الفرنسية في دمشق، ثم في دراستها الحقوق في جامعة السوربون Sorbonne في باريس، وتخصصها في تعليمها العالي بالقانون الدولي في جامعة هارفرد HARVARD في بوسطن الولايات المتحدة… عينت قاضية في المحكمة الدولية رغم صغر سنها ثم جاء الرحيل سريعا فخطفها المرض في نيسان 2015 وهي ابنة السابعة والعشرون من عمرها…
كانت ميار ُ فتاةً سورِيَّةً رمْزاً للمرأةِ العربيّةِ الّتي تتمنّى أن ترى على شاكِلَتِها كُلَّ النساء. كانت أستاذةُ القانون حقّاً أمْثولَةً للمُثابرةِ والنُّبوغِ ، شامِلَةً كامِلَةً قلباً وقالباً. سبحان الخالقِ الذي وهبَها كُلَّ هذا الكمالِ .
ميارُ لا تشُدُّكَ بِجمالِها الجبلي فحسْب، فالجمالُ قدْ تُقاسِمُها فيهِ كثيراتٌ من الحِسانِ ولكِنَّها فريدةٌ في مجالِ العقْلِ والإدْراكِ والوعْيِ.
جمال موصوف ونبوغ موصوف اكثر
كان القانونُ الدَّوْلِيُّ مجالَ دراسَتِها الأكاديميّة.
بعض من السيرة الذاتية
ولدت لاسرة بلودانية معروفة كان والدها نسيب مغترباً في اكرا عاصمة غانا.
كانت البدايةُ بنيْلِها هناك شهادة البكالوريا بامتياز، و كانت من العشرة الأوائل من بينِ جميع المدارس الفرنسيّة بالعالم، ونتيجةً لذلك، وحسب القانون ِ الفرنسي، تولَّت الحكومة الفرنسية كلَّ تكاليفِ دِراستِها بجامعةِ السوربون حيث كوفِئتْ بإعطائها مِنحةَ الجدارة ( Bourse D’exellance) ثمّ تخرّجت ميارُ من جامعةِ السوربون بعد حصولها على الماجستير بتفوّق..
في اميركا
منحت جامعةُ هارڤرد ميار أهليّةَ التخَصُّصِ فيها وكانت بذلك الوحيدةَ الّتي مُنِحَتْ هذا الشّرَفَ من بيْنِ مائة وسِتّينَ دولة. وقد تكفّلَت هذه الجامعة أيضاً بكل التّكاليفِ الباهضةِ تقديراً لِنجابتِها.
وفي بوسطنَ تعالى التصفيقُ الحادُّ عندما أعلن وزير العدل الأميريكيِّ أنَّ ميارَ هي أوّلُ خِرّيجةٍ سوريّةٍ في مجالِ القانونِ الدّوْليِّ في هارڤرد.
بلودان الجميلة
ميدان العمل
وبعد مسيرة التعلّم الظافرة منقطِعَةِ النّظيرِ بدأت مسيرَتُها العملِيّةُ المُشَرِّفةُ رُغمَ قِصَرِها…لقصر عمرها لقد خاضت الميارُ مسابقةً في القانون الدّوْلِيِّ أقامتها فرنسا لاختيار إحدى جامعاتها لتمثيلها في مسابقةٍ عالميّةٍ، فكانت المرأةُ السّوريَّةُ وعن جامعة السوربون ممثّلةً لِفرنسا في واشنطن، حيْثُ كُرِّمَتِ عنْدَ عودتِها إلى باريسَ.
ومن هنا بدأَ يسطعُ نجمُها القانونِيُّ لِتجْتازَ امتحانين مُهمّينِ( Bar Exam) واحداً في باريس والآخرَ في نيويوركَ اللذين خوّلا لها المرافعة في المحاكم الدّوليّة بأميركا والعالم، وفور ذلك يقع اِنتِدابُها من قبل أهم شركة في العالم(CLEARY GOTTLIEB) التي أسْنَدَت ْإليها أشد القضايا استعصاءً وتعقيداً لِما لمَسَتْه فيها من نُبوغٍ وألمعيّةٍ.
جمال موصوف ونبوغ موصوف اكثر
ومن بين الملفّاتِ التي اشتغلتْ عليها ملفُّ مصر، وكان أيضاً من المفترض أن تستلمَ الملفَّ السوريَّ في الحرب الكونية والارهابية العالمية عليها ومارافقها من ادعاءات من هذه الدول الضالعة بالعدوان على سورية والمنظمات الدولية الموصوفة بالانسانية لولا أن داهَمَتْها المنِيَّةُ.
وفاتها
غيب الموتُ الظالم جسدَها في عام 2015 بمرض عضال ولكنَّ اسْمَها أبى إلّا أن يظَلَّ حاضِراً لِتَخْليدِ ذِكراها … إدارةَ هارفرد قدْ أرسَلَتْ برقيّةً بعدَ الدَّفْنِ مُباشرةً، مفادُها أنَّ الأُطروحةَ الّتي قدَّمَتْها الفقيدة لَهِيَ إضافةٌ قيِّمةٌ، مُستَمِّرَّةٌ، تهدِفُ إلى تَطويرِ عِلْمِ القانون الدّولي. وقد عمِلَت إدارَةُ كُلِّيَّةِ القانونِ الدوليِّ في هارفرد على زرْع شَجَرةٍ في حديقتِها وسمَّتْها MAYAR DAHABIEH, حيث يقومُ طُلّابُ الجامعةِ بِرِعايتها ، فتُصْبح ميارُ بذلِكَ مِثالاً يُٰحْتذى به بين طُلّابِ هارڤرد ذوي القُدُراتِ العالية.
وفي العامِ الماضي(2018) ارتأت جامعةُ هارڤرد التي احتضنت ميار طيلَةَ مُدّةِ اختِصاصها أن تبعث مِنْحةً دراسيّةً دائمةً باسمِها تخليداً لِذِكْراها، وقد وَقَعَ التّنصيصُ على هذه المِنْحَةِ رسميّاً في القانون الّدّاخِليِّ لهذه الجامعة تخليداً لذكراها مِمّ زادَ سوريّةَ فخراً.
ابنة بلودان الرائدة الحقوقية المأسوف عليها ميار نسيب ذهبية
كانتْ ميار دؤوبةً على تحصيلِ أكبرِ عددٍ منَ الُّلغاتِ والغوْصِ في لغةِ القانونِ فيها. فتكلَّمتِ العربيةَ والفرنسية والإنكليزيةَ والاسبانية والإيطاليةَ إضافةً إلى لغتها الأم بطلاقةٍ وذلك بإتقانٍ ولفظٍ لا يُضاهيها فيه أبناءُ تِلْكَ البِلادِ.
ولم يكن اهتمامُها باللُّغاتِ لِيَمْنعها من الوَلَعِ بالفنونِ، فقد انتسبت في غانا إلى مدرسةٍ للباليه حيث ذرسَتْ فيها لمدةِ عشر سنوات. وإثر وفاتِها أعلنتْ مديرةُ هذه المدرسة، في حفلٍ تكريميٍّ لروحِها، عن إسنادِ مِنْحةٍ دراسيّةٍ لإحدى طالبات هذه المدرسة سنويّاً تحت اسم (منحة ميار الذهبية).
وعلى هذا الأساسِ نسَجت مدرسةُ ( ELITE DANCE AND THEATRE للبالية بلندن الّتي تُديرها إحدى معلَّمات ميارَ السيّدة KATE HAMMOND.
الخاتمة
الارادة و النوايا الصادقة لايثنيها أي شيء مهما كان كبيراً… ولكن ليس اكبر من القدر المحتوم وهو الموت ولاشيء لايوقفه.
المسيح قام… ليكن ذكرها مؤبدا
هي اصدق تعزية وهي الرجاء…
يقول ابوها نسيب ذهبية: “كما وعدتُ سابقا وتخليداً لذكرها ومسيرتها سيقام في بلودان مستشفى لعلاج الامراض السرطانية التي قضت عليها وهي في ربيع العمر…”
يجب ان يحمل اسمها، وبذلك يكون بشرياً ذكرها مؤبداً.
قراءة في مشروع الدستور وعمل اللجنة الدستورية السورية يعدّ الدستور الوثيقة الرسمية التي تحتوي على القانون الأساس الأعلى للدولة، وفيه مبادئ دستورية تتسم بطابع السمو الشكليّ والموضوعيّ، وهو الذي يعكس شخصية الامة وثوابتها وعقائدها والاطار العام الذي تدور فيه القوانين والانظمة في هذه الدولة وهو الحامي لها وللدولة والشعب، وتعدّ منظمة الأمم المتحدة، بمبادئ ميثاقها، وأحكام قانونها، من المرتكزات الأساسية لقيام دستور الدولة العضو في هذه المنظمة الدولية ومنظماتها ذات الصلة من خلال الحقوق الدولية ( القانون الدولي العام، والقانون الدولي الخاص) وتحقيق السيادة الوطنية وحماية الحدود والداخل، وتثبيتها كعنصرٍ بالغ الأهميّة في مجال سيادة القانون. مناسبة هذا التعريف المختصر للدستور، هي الإعلانُ عن تشكيل لجنة مناقشة الدستور السوري الحالي -رغم الضغوطات الخارجية وخاصة الصهيونية والاميركية والغربية، كما لاحظنا منذ لحظة اعلان قرب الاتفاق وبعد الاعلان عن التشكيل وتسريب اسماء الاعضاء عن الدولة السورية والمعارضة والامم المتحدة ( وجميعهم سوريين) لعرقلة تشكيل هذه اللجنة بهدف إطالة أمد الألم وعمل طاحونة الدم والدمار الدولية الظالمة مع الارهاب والتكفير وشذاذ الآفاق في سورية- وللتأكيد على أن عملية صياغة وتدوين أي دستور هي شأن سياديٌّ بحت أقرّه وكفله ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وكلّ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة. لكنّ التعريف الأبلغ للدستور الذي من الممكن أن يلمّ شمل السياسة العامة للدولة السورية يتمثّل في أنه «قاعدة يُعمّل بمقتضاها».. وفي حين صرّح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بأن: «تشكيل لجنة دستورية يتولّى السوريون أنفسهم تنظيمها وقيادتها يمكن أن يشكّل بدايةَ الطريق السياسي نحو الحلّ»، قامت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بمجاراته، إذ تعتقد أن تشكيل لجنة مناقشة الدستور يعدّ بمنزلة فرصة أمام تقدّم العملية السياسيّة. ومع تعاوننا التامّ مع المبعوث الأممي غير بيدرسون، ثمة استفهامٌ كبيرٌ يدور حول مخرجات خطوة كهذه طال انتظارها، وثمة مراقبة فيما إذا كانت هذه العملية ستتعرض لمحاولات تدخّل وضغوط وإملاءات من القوى الغربية. فالشعب السوري هو الوحيد الذي له الحقّ في قيادة العملية الدستورية في بلاده، وهو الوحيد الذي يقرّر مستقبله من دون تدخّل، أو ضغوطات يمكن أن تعرقل التقدّم السياسي اللافت الذي ساهمت في تحقيقه الدولة السورية مع انحياز تام إلى الحلّ السياسي دائماً كما اكد وزير الخارجية وليد المعلم من منبر الامم المتحدة “شأن سيادي سوري”، وما اقتصر هذا التقدم السياسي أبداً، ومنذ بداية الحرب التي قادتها أمريكا ودول الغرب الاستعماري والصهيونية العالمية، على (إعلان اللجنة الدستورية). فكانت هناك الإجراءات الدستورية والقانونية والتنفيذية، وكانت هناك عمليات المصالحة المحلية وإقرار الدستور الجديد عام 2012، ومشروع الإصلاح الوطني الديمقراطي الشامل، ومراسيم العفو الرئاسية..إلخ، وما تشكيل اللجنة الدستورية إلا استمرارٌ لنهج الدولة السورية التي سعت، ومازالت تسعى لتفعيل الحراك السياسي عبر حوارٍ سوري- سوري خالص من دون ضغوط خارجية، ولما كانت سورية لا تلين أو تنثني، حيث تنبغي الشدة والحزم فيما يتعلق بسيادتها، فلم تتنازل عن فرض رؤيتها فيما يتعلق بتشكيل اللجنة، وآليات وإجراءات عملها، وعلى الأمم المتحدة تقديم الدعم السياسيّ والاستراتيجي لها، وتسيير عمل أطرافها لتحقيق «نبوءة» غوتيريس على نحوٍ يضمن تحقيق التقدم المنشود في العملية السياسية على طريق إنهاء الأزمة في سورية وعودة الأمن والاستقرار إليها.
حماة الوطن
أما الجزء المتمم في استراتيجية النصر فمازال مستمراً عبر العمل العسكري الميداني الذي لم يقلل من أهميته النجاحُ على المسار السياسي، والذي لن يتوقّف حتى تحرير آخر شبر من الأراضي السورية، ودحر المحتل وأدواته وأذرعه، في إطار مكافحة الإرهاب بكل أشكاله والتخلص من كل قوة أجنبية موجودة على نحو غير شرعي فيها. فلكلّ حركة سياسية أو عسكرية (مقتضاها)، وقواعد وإجراءات تليق بتضحيات الشعب السوري ودماء شهدائه وصموده، والحرب لم تنتهِ بعد رغم خيبات الأمل التي مُني بها صُنّاع مانعيشه من دول دائمة العضوية في مجلس الأمن في انتهاك سافر لمبادئ القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، لكن مشروعهم الاستعماري باء بالفشل، وسينتهي دائماً بالفشل، إن استمرّت أمريكا والدول الغربية في هيمنتها على منظمة الأمم المتحدة وتحويلها إلى أداة لتحقيق مصالحها السياسية، ومَنْ تلاعب بمبادئ الميثاق لتسويغ الحرب الإرهابية على سورية نأمل ألا يمارس النهج ذاته في القادم من الأيام، فسورية لا تقبل الإملاءات، أو التدخّل في الشأن السيادي، وإن كان ثمة حلّ سياسيّ فليكن حلاً قابلاً للحياة، يلبي تطلّعات الشعب السوري المؤمن بمؤسسته العسكرية وقيادته الحكيمة وسياساتها التي تعرف ماتريد وتعمل بمقتضى “الساعة الرملية السورية” ونبوغ الدبلوماسية السورية في المحافل الدولية وهو خط تقوده وزارة الخارجية مع جيش سوري تقوده القيادة التي أوشكت على إعلان النصر التام.
اسم توما له معانٍ كثيرة. التوأم – تؤما – أي وُلد مع آخر، أو أنّه من الطبيعة منذ مولده، كانت إصبعا يده اليمنى ملتصقتين، الإصبع الوسطى مع الإصبع المسمَّاة سبَّابة.
توما الرسول يستلم زنّار والدة الإله
يتكلّم التقيلد أن توما لم يكن حاضرًا يوم رقاد والدة الإله، فعادت وظهرت له وأهدته زنارها، وهذا ما نراه في على أيقونة رقاد والدة الإله.
هامة القدّيس توما الرسول المكرّمة محفوظة في دير القديس يوحنا اللاهوتيّ في جزيرة باتموس – اليونان.
في كثير من الأحيان، تتركنا مناقشة القضايا الأخلاقية على شاشة التلفزيون في حيرة. فالجميع يدّعي أنه يسعى حقاً إلى “الحقيقة“، وأنه يدعو إلى السلوك البشري اللائق.
بين الحين والآخر أشاهد مناقشات بين “مثقفين” وغيرهم من “الخبراء” حول القضايا المعاصرة – كالزواج والطلاق، والسلاح والجريمة، وعقوبة الإعدام أو الإجهاض، قرارات الحياة والموت، المثلية أو الامتناع عن الجنس – وكثيراً ما أبتعد شاعراً بالارتباك. يمكنني أن أتصوّر أن هذا يحدث لكم أيضاً.
إذا تسنّى للمرء أن يستمع بعناية لهؤلاء الخبراء فقد يستنتج أن “الحقيقة” هي مفهوم شخصي جداً وعابر. ومع ذلك، يبدو لي أننا فقدنا قدرتنا على تحديد الأشياء بشكل واضح بما فيه الكفاية من أجل مصلحتنا.
وبسرعة قد يسأل شخص مهتمٌّ: “لماذا؟” ما الذي حدث فجعل اتخاذ القرارات حول القضايا الأخلاقية والمعنوية صعباً جداً بالنسبة لنا؟ ما الذي تغيّر في حياة الإنسان فجعلنا منقسمين إلى هذا الحدّ ومجزّئين في نظرتنا إلى العالم.
أود أن أقترح جوابين أساسيين على هذا السؤال:
أولاً، لقد أخرجْنا الله وإعلانَه للحكمة من المعادلة
ثانيا، لقد جعلنا أنفسنا مركز كلّ شيء
أصبحنا متمحورين حول ذواتنا. ينبغي بكلّ شيء أن يخدم الفرد. ونتيجة لذلك، فقد تبنيّنا فكرة التمكين الذاتي(self empowerment)، حيث يتمسّك كل فرد بالحقيقة التي عنده.
بعبارة أخرى، إذا كان أحد يعتقد بشيء، يكون هذا حقيقته طالما أنه يشعر بصدق أن هذا الشيء صحيح. ومع ذلك، هذا يخلق مشكلة كبيرة هي تعدد الحقائق، والتي بدورها تثير سؤالاً خطيراً: “ما هي الحقيقة؟” وبالنسبة لشخص مثلي، وأظن أنه بالنسبة لكم أيضاً، هذا سؤال صعب جداً أن نتعايش معه.
يبلغ عدد سكان الأرض اليوم نحو ستة مليارات ونصف نسمة. إذا تمسّك كلّ واحد منّا بحقيقته، ففي الواقع لن يكون هناك أيّ حقيقة. خوفي هو أن هذا النوع من التفكير سوف يؤدي في النهاية بالإنسانية إلى حالة من الفوضى واليأس.
المسيح هو الحق والطريق والحياة
لقد استندت قوانيننا في الأصل، حتى منذ اليونان القديمة، على فكرة أن هناك بعض الحقائق الأساسية التي تؤمّن حسن سير المجتمع البشري، كواجب اﻹنسان نحو بلده، قدسية حياة الإنسان، احترام ممتلكات الآخرين، أهمية حرية الإنسان، مركزية البعد الروحي للشعب ورغبتهم في عبادة الله، أهمية مؤسسة الزواج والأسرة باعتبارها نواة المجتمع، وأخيرا تربية الأطفال كمسؤولية مقدسة.
من حين وضع أول القوانين دُعي البشر جميعاً لقبول هذه “الحقائق“، إذا كانوا يرغبون في عضوية المجتمع البشري. ولكن عندما ينظر المرء إلى عالمنا اليوم، وخاصة أوروبا وأمريكا الشمالية [فعلياً كل العالم: المترجم]، يجد أدلة على أن التأثير اﻷكبر على مجتمعنا هو للمقاربة الفردية الأنانية الحقيقة.
دعونا نبدأ بتربية الأطفال وهي آخر تلك الحقائق التي لا تزال القوانين تحميها. في الولايات المتحدة وحدها، يوجد اليوم أكثر من 60 مليون شخص ممن عانوا الاعتداء الجنسي كأطفال. بحسب مسح أجرَتْه وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، فإن الأطفال الذين أسيئت معاملتهم وإهمالهم في الولايات المتحدة تضاعف تقريباً خلال السنوات السبع بين 1986 و 1993. وقدّر التقرير أن عدد الأطفال الذين يتعرضون لسوء المعاملة والإهمال ارتفع من 1.4 مليون في عام 1986، إلى أكثر من 2.8 مليون في عام 1993، في حين تضاعف أربع مرات عدد الأطفال الذين أصيبوا بجروح خطيرة من حوالي 143،000 إلى ما يقرب من 570،000. ومعظم هؤلاء الضحايا ينمون وهم يعانون من مجموعة متنوعة من الأمراض النفسية.
هذا أمر غير مسبوق في أي مجتمع متحضر. لقد فشلنا في خلق أشخاص أصحاء قادرين على نشر حضارتنا.
ماذا يمكن أن تكون أسباب هذا الفشل العظيم؟
أعتقد ما يلي:
(أ) تخفيض قيمة الزواج ووحدة الأسرة لصالح تحقيق المزيد من الممتلكات المادية.
(ب) اﻷخذ بفكرة أنّ النجاح يُقاس بقيمة الممتلكات. في هذه الاستهلاكية لتحويل رياح النجاح إلى مصلحتنا، أصبحنا على استعداد، مثل أغاممنون القديم، للتضحية حتى ببناتنا وأبنائنا، لكن للأسف ما من “إلهة” تأتي لنجدتهم.
(ج) في جهادنا من أجل الصعود الاجتماعي والإشباع الفردي نحن نضحّي أيضا بقيَم احترام النفس وكرامة الأسرة الأساسية فيما نصير مشبوكين في العلاقات الإنسانية التي تؤدي إلى الدمار. إن مطاردة الوجود الأناني القائم على المتعة يجعل البعض على استعداد حتّى لاستخدام المخدرات والكحول من أجل الهروب من الواقع المرير الذي يخلقونه لنفوسهم.
تغلق الحلقة المفرغة عندما يؤدي شرٌّ إلى آخر: زيجات متصدعة ودمار مالي. الضحايا اﻷكثر تضرراً هي أسرنا وأطفالنا. الزواج يتطلب الالتزام. الأطفال وتربيتهم يحتاجون التضحية. اعتبر الإغريق القدامى أنّ أعلى مراتب الشرف هي الموت عن “معابدهم (أي إيمانهم) وعائلاتهم“. اليوم، معظمنا هم أنانيون غير مستعدين للموت حتى لأنفسهم، فكيف عن الآخرين.
الزواج هو سر من اسرار الكنيسة وحق من حقوقها
السؤال الذي في ذهني هو
إذا انهارت مؤسسات الزواج والأسرة وتربية الأطفال في المجتمع المعاصر، حتى ولو كانت القوانين لا تزال في مكانها كمحاولة لتقديم الدعم لهذه المؤسسات، وحتى بالرغم من اتّفاق معظم الناس حول قيمتها، ماذا سوف ينتج عن طريقتنا في الحياة والتفكير في ما يتعلّق بالأشياء الأخرى حيث لا يوجد توافق آراء بيننا؟
فيما نحن نبحث عن حلول، يجب أن نأخذ أيضاً بالاعتبار تلك التي ورثناها من الأجيال السابقة. علينا أن ننظر إلى حكمة أولئك الذين سبقونا. ما من عالِم أو مهندس يبدأ ببناء أي شيء من دون دراسة ما فعل الآخرون من قبله في هذا المجال. لن يقف بناؤنا إن تجاهلنا خبرات الأجيال السابقة وحكمتها. إذا نظرنا إلى الوراء، إلى جذور الحضارة الغربية، فإن لدينا أكثر من ثلاثة آلاف سنة من حكمة أجدادنا للاستفادة منها. لدينا كل من الحكمة المعطاة للفلاسفة اليونان، كما لدينا تجربة شعب إسرائيل في علاقته مع الرب. لدينا الوصايا العشر وكتابات الأنبياء، ولكن قبل كل شيء لدينا ملء الوحي اﻹلهي في شخص يسوع المسيح، في تعليمه ومعجزاته، في حياته وموته، وأخيراً في قيامته. لدينا أيضاً ألفا سنة من التطبيق العملي لهذه التعاليم من قبل شعب الله، إسرائيل الجديد، الكنيسة المسيحية.
إذا كنّا نتلهف للعودة إلى الإغريق والرومان لمعرفة المزيد عن الفن والرياضيات والهندسة، ألا ينبغي أن نكون أيضاً حريصين على أن نتعلم منهم عن الحياة؟ إذا كان بإمكانهم أن يعلّمونا كيفية بناء جسر أو مبنى ليبقى عدة قرون، ألا يمكنهم ربما أن يعلّمونا أيضاً كيفية جعل عائلاتنا ومجتمعنا أكثر قوة؟ ففي النهاية، الإمبراطورية الرومانية المسيحية (أو كما هو تُعرَف عموماً بالإمبراطورية البيزنطية) استمرت وازدهرت لأكثر من ألف سنة. أيمكن أن عندهم صيغة النجاح أو مكوناته السرية التي نحتاج؟
إذا تعلّمنا بتواضع من ينبوع المعرفة والحكمة هذا لا يبقى أي احتمال للخطأ. إذا طلبنا إرشاد الله وعنايته فما من إمكانية للفشل. إذا توجهنا إليه وهو الذي خلقنا وشكّلنا فسوف نحصل على ملء التفاهم وملء الحق والحياة. فهو قد قال: “أنا هو الطريق والحق والحياة” (يوحنا 14: 6) إن الذين يتبعونه سوف يعرفون الحق، والحق سوف يحررهم (يوحنا 08:32) لأنه لا يوجد إلا حقيقة واحدة، وهو كلمة الله المتجسّد، ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح.
مدخل الثالوث هو مصطلح غير موجود في الكتاب المقدس ولكنها تستخدم للجمع بين الله الآب والله الابن والله الروح القدس. يوضح الكتاب المقدس هذه الأقانيم الثلاثة الله الآب والله الابن (يسوع المسيح) والله الروح القدس. واضافة إلى ذلك يوضح الكتاب المقدس أن هناك إله واحد فقط مع أن كلمة ثالوث تعني ثلاثة الا انها تعني ثلاثة في واحد. إن الآب والابن والروح القدس هم ثلاثة في شخص واحد. لقد حاول البعض اعطاء بعض الأمثلة على الثالوث
أحدهذه الأمثلة هي ألـ (h2o) مركب الماء حيث أنه يشمل الماء والثلج والبحار (كلها أشكال مختلفة ولكنها جميعاً تكون مركب h2o الا وهو الماء أي ثلاثة في واحد. مثال آخر لتوضيح صورة الثالوث هو البيضة حيث أنها تتكون من القشرة والصفار والبياض ولكن في هذا المثال كل جزء هو على حده أي غير مختلط بالجزء الآخر لذلك فإن هذه الصورة التشبيهية لا تنطبق على الثالوث.
الله الاب هو الله أيضاً بصورته الكاملة
الله الابن (يسوع المسيح) هو الله بصورته الكاملة
الله الروح القدس كذلك هو صورة الله الكاملة
ومع ذلك فإن هناك إله واحد فقط. في عالمنا هذا ومع عقولنا المحدودة قد يصعب علينا فهم الثالوث. لاحظ الكلمات: (نعمل) (صورتنا) (شبهنا) عندما قال الله: “وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا، فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الأرض وعلى جميع الدبابات التي تدب على الأرض” (تكوين 1: 26)
“اسمع يا اسرائيل. الرب إلهنا رب واحد” (تثنية 6: 4)
“أنا الرب وليس آخر. لا إله سواي. نطقتك وأنت لم تعرفني” (أشعياء 45: 5)* “ليس إله آخر إلا واحداً” (1كورنثوس 8: 4)الله هو واحد بثلاثة اقانيم وليس بثلاثة آلهة…
* “فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء. وإذ السموات قد انفتحت له فرأى روح الله نازلاً مثل حمامة وآتياً عليه. وصوت من السماوات قائلاً هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت” (متى 3: 16 – 17) * “فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس” (متى 28: 19) * “أنا والآب واحد” (يوحنا 10: 30) * “الذي رآني فقد رأى الآب” (يوحنا 14: 9) * “إن كان أحد ليس له روح المسيح فذلك ليس له” (رومية 8: 9) * “يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك. لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس” (متى 1: 20) * “فأجاب الملاك وقال لها. الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله” (لوقا 1: 35) * “وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الابد. روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه. وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم.” (يوحنا 14: 16 – 17) * “قال له أن احبني أحد يحفظ كلامي ويحبه ابي وإليه نأتي وعنده نضع منزلاً” (يوحنا 14: 23)
الله واحد في ثلاثة اقانيم.
معنى الاقنوم كلمة اقنوم هى كلمة آرامية تعني كل من تميز عن سواه دون استقلال…
وهى تعنى شخصاً متحداً بآخر أو آخرين في امتزاج متميز ودون انفصال.
نوضح ما تعلنه المسيحيه عن الله…المسيحيه تعلن ان الله الذى لا شريك له هو واحد فى الجوهر موجود بذاته… ناطق بكلمته…حي بروحه…ويمكن ان نقول ان “الله واحد فى ثلاثة أقانيم” والثلاثة هم واحد…هم الله… بدون انفصال او تركيب…متساوون لأنهم جميعاً الله، وكل اقنوم منهم هو الله…وهو ما تعلنه المسيحيه بوضوح من هنا نفهم ان الاقنوم هو بالاصل صفة من صفات الله، ولكن له امتياز الوجود الحقيقى والشخصية الكائنة بمعنى ان الله له صفات كثيرة كالحكمة والرحمة والرأفة والحنان والكلمة والحياة والوجود. +امتاز الكلمة والحياة والوجود بالاقنومية اى الوجود الشخصي الكائن بدون الانفصال فى الكيان والجوهر و الذات وقد تسأل لما هذه الصفات تحديداً هى التى تمتعت بالاقنومية؟ و هنا نشير الى ان وجود الثالوث فى الكتاب المقدس هو اعلان و ليس تفصيلالله هو واحد بثلاثة اقانيم وليس بثلاثة آلهة…
بمعنى… ان الله في الكتاب المقدس اعلن ان ذاته ثالوث، ولم يفصل فيه كثيراً…
فقال السيد المسيح له المجد “فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمذوهم باسم الآب والابن والروح القدس…”
وهذا اعلان عن مساواتهم فى الجوهر، ولكن كما ترى ان المسيح لم يفصل فى الشرح بل اعلن ذلك فقط.
كذلك قال الوحى على لسان البشير يوحنا فى رسالته الاولى5:7:
“فان الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة (الآب والكلمة والروح القدس) وهؤلاء الثلاثة هم واحد
لم يكن هذا الا اعلاناً و ليس شرحاً تفصيلياً ______________ الانسان = روح + جسد+ نفس الروح ليست الجسد النفس ليست الروح الجسد ليس النفس
____________________ روح الانسان هو الانسان جسد الانسان هو الانسان نفس الانسان هو الانسان اذن ان الروح والجسد والنفس هم الانسان
____________________ كذلك الله الله = اب + ابن + روح القدس الاب اصل كل خليقة الابن هو الله المتجسد او الله الكلمة او عقل الله الناطق او نطق الله العاقل الروح القدس هو روح الله
_____________________ اذن… الله اب الله ابن الله روح القدس الاب ليس الابن وليس الروح القدس
الله هو واحد بثلاثة اقانيم وليس بثلاثة آلهة…
صعبة؟ الزمن= ماضي.. حاضر.. مستقبل.. >>> علم الزمن والتاريخ الشمس= نور.. نار.. حرارة >>> علم الفيزياء الانسان= روح.. جسد.. نفس(عقل).. >>> علم الاحياء المادة= سائل.. صلب.. غاز.. >>> علم الكيمياء المحور X + Y = سالب.. صفر.. موجب>>> علم الرياضيات نصدق هذه المعلومات العلمية ونسلم بها، ونعتنقها وبدون اي شك
ولكن السؤال..؟ لماذا.. يصعب علينا كبشر.. ان نصدق علم اللاهوت (علم الله – الدين).. القائل.. التالي: الله= الاب (الذات الالهية).. الابن(الكلمة).. الروح القدس..
الخليفة العثماني الجديد أردوغان الأخونجي أعلن بنفسه بِدء عدوانه الانكشاري، وبدأت طائراته عدوانها بعد ظُهر اليوم الأربعاء على مِنطقة “رأس العين” الحُدوديّة، الأمر الذي أثار موجة من نزوح المدنيين حتى الحسكة والقامشلي التي ادعى الاتراك انها ليست مستهدفة هي اليوم تحت نيران العدوان الهمجي واستشهد فيها العديد من النساء والاطفال في بيوت القامشلي…
العدوان السلجوقي العثماني والطوراني الانكشاري بدأ بالقصف الجوي والمدفعي والصاروخي، ومن المتوقع ان يتم استكماله برياً بعدما جرى تحشيد مِئات العربات التركيّة المُدرّعة، وأكثر من 80 ألفًا من مُقاتلي عصابات الجيش الحر والفصائل السوريّة التركية والواضحة بأسمائها كالسلطان مراد والتركماني… التي تأتَمِر بأمرالعدو التركي وهي التي احتلت قبل عام منطقة عفرين، من المُرجّح ان يكون مُكلفًا بشريًّا سواءً في صُفوفهم ولكن مكلفاً اكثر بصفوف المدنيين الابرياءسكان المنطقة وهم في معظمهم عرب من المسلمين والمسيحيين.
العدو التركي شنّ هذا العدوان بعد انسحابٍ جزئيٍّ للقوّات الأمريكيّة المحتلة من المناطق المُستهدفة، وتخلّي الأمريكان عن حُلفائهم الأكراد، وطعنوهم في الظّهر وهذا الذي حذر منه الجميع وبخاصة الرئيس بشار الأسد مؤخراً الأكراد بأن هذا الغدر الاميركي بهم حاصلا لامحالة عاجلاً ام آجلاً…! وكان القرار الاميركي بالانسحاب وتركهم لمصيرهم امام الاتراك محبطاً للأكراد الذين لم يسمعوا الكلمة وتركوهم يُواجهون مصيرهم ضِد عدو قويّ حاقد عليهم وكانا معاً اليد الواحدة في افراغ الاناضول من المسيحيين السوريين واليونان والارمن والسريان والآشوريين والعلويين ابادة وتهجيراً وتطهيراً ديموغرافياً، وجاء الدور عليهم مرّةً أُخرى.
ولقد تزامن العدوان التركي مع هجوم للخلايا الداعشية على مقاتلي قسد…
النيو خليفة العثماني الذي لم يتمثل ابداً بتعليم اتاتورك بأن شن الحروب اذا لم يشكل خطراً على الاتراك يعني جريمة “الدخول في حروب جريمة ما لم تتعرّض حياة الأمّة للخطر”،هدّد وتوعّد وحشد جيوشه وعملائه على حُدود المِنطقة المُستهدفة شِمال شرق سورية على أمل أن يتم التدخّل، من روسيا أو أمريكا للتوسّط للوصول إلى حلٍّ تفاوضيٍّ، مثلما جرى في مرّاتٍ سابقة، ولكن لم يجِد استجابةً، لأنّ جميع الأطراف، والروس والسوريّون خاصّةً يرفضون مِثل هذا الهُجوم، ويعتبرونه عُدوانًا وانتِهاكًا للسيادة السوريّة.
مُشكلة الأكراد، سواء في شِمال سورية أو شِمال العِراق، أنّهم يُفضّلون دائمًا التّحالف مع أعداء العرب، واولهم الأميريكيين والصهاينة على وجه الخُصوص، ولا يعترفون بهويّتهم الوطنيّة السوريّة، إلا بعد أن يطعنهم هذا الحليف الأمريكيّ الخائن في الظّهر، ويُفضّل عليهم أعداءهم الأتراك.
بعد أن بات الانسحاب الأمريكيّ مُؤكّدًا، وبدء العدوان التركيّ بدأت ماتسمى “الإدارة الكرديّة الذاتيّة” التي تُمثّل أكراد سورية إطلاق نداءات الاستغاثة سواءً للروس، أو للحُكومة السوريّة بالتدخّل لحمايتهم من هذا العدوان التركي، وخاصة وفق ادعائهم بأنه يهدد وحدة الاراضي السورية وهم كانوا كذلك بحماية حليفيهم الاميركي والصهيوني وقال بيان صادر باسمها “الحل الأمثل من أجل نهاية الصّراع والأزمة يكمُن في الحِوار وحل الأمور في الإطار السوري السوري” وقال رزان حدو الناطق السابق باسم قسد اتركوا لنا سورية ونحن نحل مشاكلنا داخلياً!!!، وناشدت روسيا بـ”القيام بدور الضّامن في الحِوار مع دِمشق”.الطعنة الاميركية بطهر الاكراد
القِيادة السوريّة استقبلت وفدا يُمثّل هذه الإدارة الكرديّة في دِمشق، وجرى التوصّل إلى تفاهماتٍ تعهّدت فيها هذه القِيادة بحماية الأكراد والدّفاع عنهم في مُواجهة أيّ هُجوم تركي، ولكنّ الاكراد نكثوا كُل هذه الاتّفاقات، وذهبوا إلى الأميركان ووقفوا في خندقهم ضِد الدولة السوريّة، بكل اسف ككل الغادرين بامهم سورية، الأكراد يُصبحون مُواطنين سوريّين من واجب الدولة السورية حِمايتهم عندما يُريدون كما ادعت الهام احمد رئيسة تنظيم قسد قبل سنة قبيل اجتياح الاتراك لعفرين وحملت القيادة السورية المسؤولية، وهي وقيادتها رفضوا دخول القوات السورية المنطقة، ورفع العلم السوري على الحدود بمواجهة الاتراك. ويعودون أكرادًا يُريدون التّمسّك بهُويّتهم الكرديّة، والانفصال عن سورية، عندما يتلقّون أيّ إشارةً بالدّعم من أمريكا، وما المجزرة التي ارتكبها ارهابيو الاسايش الاكراد بحق مفرزة الامن العسكري قبل سنة في محافظة الحسكة واستشهاد حوالي 20 من قواتنا السورية عدروا بهم حين مرور دوريتهم في الشارع الا ابلغ دليل ضد الدولة السورية ورموزها العسكرية والامنية والادارية، ومايمارسونه بحق العشائر العربية والمسيحيين بكل اطيافهم وقد هجروهم بممارساتهم ومنذ مطلع السبعينيات في القرن 20 واستولوا على ممتلكاتهم وكل شيء بعملية تطهير عرقي.
الحُكومة السوريّة، ورغم كل هذا الجُحود والعمالة والوحشية الكرديّة من قسد والاسايش، أكّدت مُنذ اللّحظة الأُولى لبِدء الحُشود التركيّة استعدادًا للعدوان “تنديدها بنوايا أنقرة العُدوانيّة وتعهّدت بالتّصدّي لأي عدوان تركي”، وقال مصدر رسمي في وزارة الخارجيّة في بيانٍ نقله الإعلام وماقاله الدكتور فيصل المقداد نائب وزير الخارجية: “نُدين بأشد العبارات التّصريحات الهَوجاء والنوايا العدوانيّة للنظام التركي والحُشود العسكريّة على الحُدود السوريّة” مُؤكّدًا “التّصميم والإرادة على التصدّي لهذا العُدوان بكافّةِ الوسائل المشروعة”، وشدّد البيان “أنّ سورية على استعدادٍ لاحتضان أبنائها الضّالين إذا عادوا إلى جادّة الصّواب”، وهذا ليس غريبًا على تسامُح القِيادة السوريّة وسِعَة صدرها.
لم تُقدّم أيّ حُكومة أخرى للأكراد مثلما قدّمت الحُكومة السوريّة الحاليّة، 300 ألف كردي، مُعظمهم جاءوا لاجئين من تركيا هَربًا من الاضطهاد، ولكنّهم، أو نسبة كبيرة، منهم ردّت على هذا الجميل بالانخِراط في المشروع العدواني الأمريكيّ الهادِف إلى تفتيت سورية ووحدتيّها الديمغرافيّة والجُغرافيّة وعلى قول ترامب بعد السماح للأكراد بلومه لأنه تركهم امام مصيرهم بقوله انه صرف عليهم الأموال الطائلة وزودهم بأحدث الاسلحة.
الحرب في بدايتها، وما زالت مُقتصرةً حتّى كتابة هذه السّطور على الغارات الجويّة، ممّا يعني أنّ احتمالات التّراجع ما زالت مُحتملةً، ولكنّها مَحفوفةٌ بالمخاطر بالنّسبة للرئيس أردوغان، خاصّةً في ظِل غِياب الدّعمين الروسيّ والإيرانيّ بَل ومُعارضتها كُلِّيًّا، والاستعداد السوريّ للتصدّي لهذا الهُجوم، وهو تصَدٍّ مشروع، ودِفاعًا عن التّراب الوطنيّ.الجحافل العثمانية تستعد للعدوان البري على سورية
العدو أردوغان يُؤكّد أنّه يخوض هذه الحرب دِفاعًا عن الأمن القومي التركي في مُواجهة الارهاب، فان اعتبرناه حقاً مَشروعٌا، ولكن يجب ان يتم بالحوار وبموجب اتفاقية اضنة 1998ولكن اطماع العدو التركي في حلب والشمال السوري والموصل والشمال العراقي دفعت اردوغان الى عدم سماع نصيحة بوتين. ولكان حقّق نتائج كبيرة في مُكافحة الإرهاب وتحقيق السّلام والأمن للطّرفين، ولكنه اعتبر ان الفرصة سانحة لتحقيق حلمه وهو ومنذ اول العدوان الكوني على سورية حلم بالدخول الى دمشق على حصان السلطان والصلاة في الجامع الأموي…
يظن البعض وابرزهم الاتراك جميعا وفي مقدمهم الاخونجي اردوغان ان باستطاعته بعث الحلم العثماني…
والاكراد الذين خانوا امهم سورية وشعبها الذي آواهم لم يمتثلوا من ترك اميركا لهم في عفرين وهاهم اليوم يتجرعون الخيبة وهم السبب المباشر في تنفيذ التركي حليفهم الدموي في مجازر المسيحيين في الحرب العالمية الاولى في آسية الصغرى وعدوهم اليوم عدوانه اليوم ومايقال عن اتفاق من تحت الطاولة هو مرفوض عند القيادة والشعب والجيش السوري…والا لكان تم بتصفية القضية الفلسطينية ولكنا ارتحنا في سورية من دفع ضريبة العدوان الكوني والحرب الاقتصادية والعدو الصهيوني من الجنوب والعدو التركي من الشمال وعمالة انظمة عربية وابواقها الاعلامية المهللة لهذ العدوان…موجات نزوح من شعبنا السوري هرباً من عدوان المغول الاتراك
نختم بالقول
ان سيل الدم السوري لن يتوقف فالتصدي لأي عدوان على سورية هو العقيدة السورية والضامن لهذه العقيدة جيش عقائدي هو جيش الفينيق السوري…
خربشات سياسية 12/10/2019 تركيا وعدوان “نبع السلام”
يشن النظام التركي عدواناً وقحاً على الأراضي السورية، وتقصف بطائراتها والمدفعية مناطق مأهولة بالسكان، وتدمر البنى التحتية وتحتل القرى والمدن وصوامع الحبوب وتحاول الاستيلاء على الطريق الواصل بين القامشلي وحلب، تمهيداً لاحتلال مناطق واسعة تقارب مساحتها الالفي كيلومتر على طول الحدود وبعمق 30 كم، وهي غير عابئة بمواقف الإدانة العربية والدولية المندّدة بعدوانها.
نظام أردوغان الإرهابي أطلق على عدوانه الغاشم اسم “نبع السلام” ، زاعماً محاربة الإرهاب والحرص على حماية الشعب السوري وحقوقه ، ولكن الوقائع تكذّب المزاعم، فالنظام التركي الإرهابي كان في طليعة الدول التي رعت الإرهاب ودعمته. ونظام أردوغان هو المسؤول عن تدريب آلاف العناصر الإرهابية ونقلها إلى داخل الأراضي السورية لقتل السوريين منذ العام 2011 إلى اليوم. ولذلك فإنّ هذا النظام السلجوقي العثماني المجرم والقاتل، هو نبع الإرهاب. فكيف يسمى عمليته العدوانية نبع السلام…أما بعض الدول وأشباه الدول التي تُطلق اليوم مواقف إدانة للعدوان التركي، فهيعلى مدى تسع سنوات تقيم شراكة كاملة مع نظام أردوغان الإرهابي بهدف إسقاط سورية وقتل السوريين وتشريدهم، ولذلك لا معنى لكلّ مواقف الإدانة التي تصدر عن دول اشتركت في العدوان على سورية. وخاصة دول الاعراب وقد خرجت عنها قطرائيل سافكة الدم السوري وهي التي رفضت ادانة تركيا في بيان مجلس وزراء خارجية العربان اليوم. اما اميركا وهي اساس الارهاب العالمي والتي تحتل شرق الفرات والتنف بدون حق مشروع، فهي اساسا ومنذ احتلالها غير المشروع مع تحالفها الفرنسي البريطاني الاطلسي العدوان بذريعة محاربة الإرهاب شكلت قوة إسناد للمجموعات الإرهابية من داعش إلى النصرة إلى كلّ تنظيم إرهابي ـ انفصالي تمرّد على الدولة السورية وحاربها. وآخرها وليس اخيرها كانت داعش الجديدة وهي قسد الكردية، كما أنّ الولايات المتحدة تشكل اليوم قوة إسناد لتركيا في عدوانها على الأراضي السورية، وذلك منذ أن عقدت إدارة دونالد ترامب ونظام أردوغان الإرهابي اتفاقاً على إقامة ما يسمّى منطقة آمنة في شمال سورية، وهو الاتفاق الذي بدأ تنفيذه منذ لحظة اتخاذ الإدارة الاميركية قراراً بالتخلي عن التنظيمات الكردية التابعة لها، وسحب القوات الأميركية من مناطق الشمال السوري، مانحة نظام أردوغان آلية تطبيق للاتفاق الأميركي ـ التركي وضوءاً أخضر بشنّ العدوان على الأراضي السورية! ولكن، هل الضوء الأخضر الأميركي كافٍ لإقامة المنطقة الآمنة التي تسعى إليها تركيا؟ قطعاً لا. لأنّ أمراً كهذا، لا ترى فيه سورية استهدافاً للتنظيمات الانفصالية التي نفذت على مدى سنوات أجندة الأميركي، بل ترى فيه عدواناً يستهدف سيادة سورية ووحدة أراضيها. وقد جاء الموقف السوري حاسماً، وهو التصدّي بكلّ الوسائل لأيّ عدوان تركي جديد على الأراضي السورية. والموقف السوري، لم يكتفِ بالتأكيد على قرار التصدي للعدوان التركي، بل اعتبر أنّ العدوان يُفقد النظام التركي بشكل قاطع موقع الضامن في عملية أستانة ويوجه ضربة قاصمة للعملية السياسية برمتها . وحمّل التنظيمات الكردية مسؤولية ما يحصل نتيجة ارتهانها للمشروع الأميركي ، ربطاً بالتأكيد على احتضان سورية لأبنائها الضالين.
واضح أنّ قرار إدارة ترامب بالتخلي عن التنظيمات الكردية في شمال سورية، شكّل كلمة سرّ لبدء الهجوم التركي العدواني على الأراضي السورية، لكن، هذا لا يعني أنّ دور أميركا انتهى عند هذا الحدّ، بل هي عقدت صفقة مع تركيا توازي بمفاعيلها صفقة أس 400 بين تركيا وروسيا الاتحادية. وهناك ملحقات سرية للاتفاق الأميركي ـ التركي على المنطقة الآمنة ، تضمن للولايات المتحدة الأميركية تحقيق أطماعها وأهدافها، بدليل أنّ الانسحاب الأميركي اقتصر على مناطق الشمال السوري، ولم يشمل قاعدة التنف ومحيطها.
الحرب الإرهابية الكونية على سورية لم تضع أوزارها بعد. فمعركة دحر الإرهاب وإفشال مشاريع رعاة الإرهاب، التي خاضها ويخوضها الجيش السوري ومعه القوى الرديفة والحليفة وحقق فيها إنجازات وانتصارات كبيرة، هي معركة مستمرة، وستتوّج بإنجازات وانتصارات جديدة في مواجهة العدوان التركي الغاشم.
جيشنا الحبيب هو ضامن استقلال سورية
اما المواقف الدولية التي أجمعت على إدانة العدوان التركي بوصفه انتهاكاً لسيادة الأراضي السورية ووحدتها، وتحدّياً للقوانين والقرارات الدولية، إنّ هذه المواقف الدولية تبقى غير مجدية إنْ لم تعلن صراحة رفع الحصار عن سورية، وممارسة كلّ أشكال الضغوط على تركيا لوقف عدوانها على سورية. وأما أردوغان الإرهابي وان لبس طربوش الخلافة العثمانية وصرح منذ ايام الاولى للحرب الكونية على سورية انه سيدخل الى دمشق راكباً حصان السلطان الابيض ويصلي الاضحى في الجامع الاموي، فهو واهم إنْ ظنّ بأنّ عدوانه الجديد على مناطق الشمال السوري سيحقق هدفه بإقامة ما يُسمّى منطقة آمنة تشكل ملاذاً للمجموعات الإرهابية ولتكون مقدمة لاستعادة النفوذ والهيمنة والبطش والاحتلال، أي استعادة توسع الدولة العثمانية. ولذلك فإنّ هذا العدوان التركي الغاشم على سورية يشعل ناراً لن تنطفئ، وستكون المواجهة مفتوحة ولن تتوقف حتى دحر هذا العدوان التركي إلى ما بعد بعد آخر منطقة سورية محتلة. فلنا مع الغزاة الأتراك، العثمانيين الجدد، أرضٌ مستلبة، وحساب قديم قد فُتح…
معركة «نيو أوريلنز»موقعة في الحرب الأميركية-البريطانية
مدخل
ربما لو كان الهاتف قد اختُرعَ او وسائل اتصال اخرى معاصرة اليوم موجودة في عام 1812 لتجنبت بريطانيا والولايات المتحدة وقوع حرب دامية استمرت عامين ونصف. لربما حفظتا حياة حوالي 4000 ضحية من الطرفين (1600 جندي بريطاني، و 2260 جندي أمريكي).
قبل يومين من اندلاع الحرب كانت بريطانيا قد اعلنت موافقتها على جميع المطالب الأميركية. لكن هذا الخبر لم يصل إلى مسامع الولايات المتحدة في الوقت المناسب. لذا في حزيران 1812 أعلنت الولايات المتحدة حربها على بريطانيا. وكانت اسبابها التالية:
1- القيود التجارية التي فرضتها بريطانيا على الولايات المتحدة أثناء حربها الأولى مع فرنسا.
2- إجبار البحارة الأمريكيين على الخدمة في البحرية البريطانية.
3- ثم ازدياد التحرش البريطاني بالسفن الأمريكية، آخر ما تم كان ضَربُ سفينةٍ أمريكية، وقتل ثلاثة من طاقمها.
ولقد توافقت هذه الأسباب المعلنة مع رغبة أميركية جامحة في إيقاف الدعم البريطاني لقبائل من الهنود الحمر مناهضة للتوسع الأميركي في مناطقهم، اضافة الى رغبة اميركية في ضم ما تقدر عليه من المملكة العظمى بريطانيا إن هزمتها في الحرب.
مشاهد من الحرب
الرئيس الأمريكي “جيمس ماديسون” رأى أن أمريكا لا زالت فتيةً، لا تقوى على حرب كهذه، لكنه دُفع إلى طرح الأمر على مجلس النواب، فجاءت الأغلبية بوجوب خوض الحرب على بريطانيا.
ان مادفع مجلس النواب الى اتخاذ هذا القرار الخطير هو هيمنة صقور الحرب من الحزب الجمهوري المتطرفين، ولقد استطاعوا التكتل والنفاذ إلى داخل المجلس النيابي. في حين انه في الواقع لم يكن أي طرف مستعدًا لهذه الحرب، فبريطانيا غير مستعدة لانشغالها بحربها مع نابليون بونابرت، والولايات المتحدة لم تكن تجد العدد الكافي من الجنود. الأميركيون كان يفضلون القتال في ميليشيات بدلًا من جيش نظامي. والميليشيا إما أنها تتآلف من صغار متحمسين، أو كبار يفتقدون لفنون الحرب. كذلك كان عناد الجمهوريين في عام 1811 وإصرارهم على عدم التجديد للبنك الأميركي السبب وراء تضخم العملة الأمريكية، ما يعني فقد مصادر تمويل تلك الحرب. لكن إصرار الجمهوريين كان أعلى من الجميع، فاضطرت 12 سفينة أميركية لمواجهة 800 سفينة بريطانية. ومعلوم ان بريطانيا هي المتفوقة في اساطيلها البحرية لسبب من جغرافيتها كجزيرة.
خاض الطرفان الحرب ونتائج “حرب الاستقلال الاميركية” عالقة في أذهانهما. فأشعلا حرباً على الجبهات كافة. هاجمت السفن الحربية وسفن القراصنة التابعة لكل طرفٍ الطرف الآخر. استعانت الولايات المتحدة بالسفن المستأجرة لتقاتل نيابةً عنها. ونشبت حرب برية على الجبهة الأمريكية الكندية بطول البحيرات العظمى، ثم في الجنوب الأمريكي.
القتال بلا خطة
حرب البحر كانت سجالًا. وفي الجنوب الأمريكي تمكن الأميريكيون من دحر الهنود الحمر الموالين لبريطانيا، لكن تمكن البريطانيون من احتلال «نيو أورلينز». أما الحرب على الجبهة الاميركية الكندية فقد تغيرت فيها إستراتيجية الطرفين كثيراً.
كان المحدد لطبيعة القتال هو موقف البريطانيين في حربهم الحالية أمام «نابليون بونابرت». في البداية اعتمدوا على الدفاع، بينما اختار الأمريكيون الهجوم. لكن الدفاع البريطاني كان منيعاً، فلم تقوَ الولايات المتحدة إلا على بحيرة “إيري” عام 1813، وغرب “أونتاريو”. وقد اكتفى الأمريكيون بذلك،لأنه يقضي على حلم الهنود بإقامة دولة خاصة لهم للأبد.
في نيسان 1814 هُزم نابليون. في نفس التوقيت اختار البريطانيون التحول من الدفاع إلى الهجوم. فأرسلوا 15 ألف جندي إلى أميركا الشمالية. وفي الجنوب الغربي تمكنوا من هزيمة قبائل هنود الكري الموالين للولايات المتحدة في معركة “هورس شو بيند”، ثم النصر الكبير في معركة “بلادنزبرج” ما مكنهم من السيطرة على واشنطن العاصمة وإحراقها.
لكن مالبث هذا الصعود البريطاني المتتالي الا ان بدأ يتهاوى. ففي أيلول 1814 هُزموا في معركة “بلات سبرج”. بهذا استطاع الأمريكيون الاحتفاظ بـ “نيويورك”.
تلك الهزيمة كانت إشارةً إلى أن المرحلة القادمة ستكون أميركية بالتأكيد. لهذا آثرت الحكومة البريطانية، بضغط من التجار، الهدنة والسلام. وقد وقع الطرفان معاهدة سلام وعادت الأمور بموجبها إلى ما قبل الحرب.
حرب 1812, الولايات المتحدة الأمريكية, حروب تاريخية
لا نعرف لماذا قاتلنا!
اكتشف الطرفان أن اتفاقية كَنت التي انتهت بموجبها الحرب لم تغير شيئاً، وأن ما وقع الطرفان عليه هو تعيين لجان تنظر لاحقًا لمشاكل التجارة والصيد البحري وحقوق الطرفين في البحيرات. ولم تتطرق المعاهدة إلى أفعال بريطانيا التي كانت الدافع الأكبر وراء هذه الحرب.
للمرة الثانية يؤدي فقر قنوات الاتصال إلى كارثة. ستة أسابيع كاملة لم يُعلم قادة السفن البريطانية في المحيط الأطلسي بخبر توقيع الاتفاقية. واستمرت السفن البريطانية بإطلاق نيرانها. ردت عليها السفن الأمريكية باطلاق النار. تلقت السفن البريطانية هزيمةً ساحقةً في كانون الثاني 1815 في “نيو أورلينز”.
في الختام
عادت الأوضاع الجغرافية إلى ما كانت عليه قبل الحرب. بينما الأحوال المعنوية لجميع الأطراف لم تكن كذلك. فقد احتفلت الولايات المتحدة بـ “عصر المشاعر الطيبة”. وباختفاء العداوات الحزبية، والتوحد خلف القومية الأمريكية.
بينما المقاطعات الكندية بدورها احتفلت بانتصارها على القوات الأمريكية، وشعرت بالولاء الخالص لبريطانيا. وزاد العداء البريطاني على اثرها للولايات المتحدة.
لم تقتصر غرابة تلك الحرب على سبب اندلاعها، بل امتدت إلى حقائق انتهائها. انتهت الحرب واتفق الجميع على أن الهنود هم الخاسرون لضياع حلم إنشاء دولة خاصة بهم. لكن في الوقت ذاته اعلن كل طرف نفسه منتصراً.
قام المؤرخون في أميركا، وكندا، وبريطانيا برسم المعركة ونتائجها بما يضمن لكل منهم أن يُعرف نفسه بأنه من استطاع إنهاء الحرب لصالحه، وانه المنتصر…
أصبحت عمليات زرع الأعضاء جزءاً من الحياة اليومية في المجتمع الحديث. المواقف الإيجابية والسلبية التي تمّ التعبير عنها في الأوساط الكنسية واللاهوتية كانت غَالِباً ذات طبيعة مجزأة، إلى الآن، لم تتخذ الكنيسة الأرثوذكسية قراراً نهائيًا بشأنها. ولا يمكن تبني مثل هذا الموقف من قبل أفراد أو لجان منعزلة تحاول أن تبني وجهات نظرها على تقليدها، ولكن يجب أن تكون بناءً على طلب من ضميرها العالمي.
تعود بدايات زرع الأعضاء إلى العصور القديمة. عرف المصريون القدماء بالفعل كيفية صنع ترقيع الجلد. ومع ذلك، فإن أول عمليات زرع الأعضاء الحيوية وأنسجة جسم الإنسان تمّت في عصرنا.
تمّ إنجاز أول عملية زرع كلى ناجحة في عام 1954، وحدثت أول عملية زراعة للقلب في عام 1967. ومنذ ذلك الحين، أصبحت عمليات الزرع، كطرقٍ علاجية لا تقتصر فقط على البقاء بل على القضاء على المشاكل الصحية، أكثر شيوعاً وتمّ تلقيها بحماس في جميع أنحاء العالم.
عمليات الزرع: البحث عن الخلود الدنيوي؟
من دون شك، يمكن أن يعزى هذا الحماس إلى أهمية الإنجاز، ولكن ربما أيضاً إلى رغبة الناس اليوم في تحقيق نوع من الخلود الأرضي. لهذا السبب، ليس من المبالغة أن نقول إن هذه العمليات تحمل خطر قيادتنا إلى الضلال عن الهدف النهائي لوجودنا ومشاكله الأكثر عمقاً.
في الواقع، إذا أخذنا في الحسبان حقيقة أن الأرواح البشرية التي يمكن إنقاذها من خلال عمليات الزرع لا تصل إلى واحد بالألف من تلك التي دمرتها عمليات الإجهاض، فإن النسبية للحماس لحماية الإنسان تصبح أكثر وضوحاً.
إن الثقة المفرِطة في عمليات زرع الأعضاء تركّز اهتمامنا على صحتنا الجسدية وحدها، وفي الوقت نفسه، تخلق انطباعاً خاطئاً عن خلود دنيوي مرتبط بها. لكن لا يمكن التوفيق بين السعي وراء الخلود وتوقع الخلود، والإيمان بالانتصار على الموت بالمسيح. هذا يعني أنه لا يمكن أن تهدف الكنيسة إلى نشر بعض الشعارات مثل “اعطِ وخلِّصْ” والتي يتم توجيهها بسهولة نحو منظور الاستهلاك أو التجارة. أي موقف من هذا القبيل من شأنه أن يكشف الدهرية والدخول في روح العصر.
في منظور الكنيسة، تفقد الحياة البيولوجية والموت البيولوجي تنافسهما الكبير ويصيران نسبيين. في أي حال، بسبب طبيعتهما، الحياة والموت مترابطان ومتشابكان. تتكشف الحياة كعملية موت. كما أن هناك موت في كل مرحلة من مراحل الحياة [1]. على وجه الخصوص، الموت موجود هناك كمرحلة التغيير النهائي للحياة: كانتقال من هذه الحياة العابرة إلى وجود حقيقي. هذا الاحتمال لا يلغي الطبيعة المأساوية للموت فحسب، بل يخلق أيضًا إمكانية وجود طريقة إيجابية لا بل عدوانية للتعامل معه. الموت البيولوجي قاسم مشترك بين البشر والوحوش. نحن المسيحيون لا نحتاج إلى الانتظار بشكل سلبي للموت أن يجدنا. يمكننا أن نقبل ذلك عن طيب خاطر، وبهذه الطريقة نجد الحياة الحقيقية.
لكن بنفس الطريقة التي يمكن أن يخدم بها الموت الجسدي الحياة الروحية، كذلك يمكن أن يكون المرض الجسدي إيجابياً للصحة الروحية. بالطبع، لا ينبغي بنا أن نتجاهل أهمية حياة الجسد وصحته. على أي حال، تصرّ الأنثروبولوجيا المركّبة للكنيسة على وحدتنا النفسية الجسدية، فمن الطبيعي أن تأخذ نظرة إيجابية نحو الصحة الروحية والجسدية أيضًا. هذا ما أظهرته صلوات الكنيسة العديدة من أجل صحة روحنا وجسدنا [2]. ومع ذلك، في نفس الوقت، أعطت الكنيسة أيضًا بركتها للعلاجات والإجراءات الطبية.
على الرغم من إنجازاته المذهلة، يعبّر الطب الحديث عن الأنثروبولوجيا الإنسانية ويبسطها في المجال الأرثوذكسي لأنه يحصرنا ضمن عالم الخلق والفنائية. إن اهتمامها بالناس مستنفد بوظائفنا البيولوجية ما يجعل الحياة تعادل البقاء على قيد الحياة البيولوجية. لهذا السبب يُقال في كثير من الأحيان أنه حيث يسود الطب وحده يُنزَل الله عن العرش.
الكنيسة تؤدّي للعلم الطبّي الشرفَ الذي يستحقه
بالرغم من هذا، لا يمكننا إهمال قيمة العلم الطبّي، التي تأتي كهبة من الله لتعزيتنا في مرض حالتنا الروحية والجسدية. المسيح نفسه أتى إلى العالم كطبيب نفوسنا وأجسادنا. إعلانه ملكوت الله تجلّى بشفاء المرضى. لكن العلاجات المختلفة التي جرت بواسطة القديسين في العالم معترف بأنها نتيجة نعمة الله الخاصة. وعادةً ما تنطوي هذه العلاجات على استكمال عضو جسدي، كما في حالة الرجل الذي كان أعمى منذ ولادته وشفاه الرب [3] ، ولكن أيضاً زرع جزء من الجسم، مثل حالة القديسين كوزماس وداميانوس حيث أخذا عظم ساق جثة وزرعاها في ساق مريض. أخيراً، المرض الجسدي شبيه بالمرض الروحي. إن علاج المرض الجسدي يُقدّم كنموذج للعلاج والشفاء الروحيين. تماماً كما أن المرض الجسدي يعني تجنب الأطعمة الضارة، فإن مرض الروح ينطوي على مراعاة وصايا الله.
ما من سبب لدينا نحن المسيحيين لتجنّب الأدوية أو البحث عن أكثر الأطباء خبرة [4]. ولكن سواء ذهبنا إلى الأطباء طلبا للمساعدة أو تجنبناهم، فعلينا أن ننظر إلى الله وصحة أرواحنا. على أي حال، هذا ما يجب أن نفعله: “سواء أكنت تأكل ، تشرب أو تفعل أي شيء آخر، قمْ بذلك دائمًا لمجد الله” [5]. لذلك، نحن المؤمنين، نلجأ إلى الأطباء والعلوم الطبية كلما دعت الضرورة، ولكن دون أن نعلّق آمالنا عليهم [6].
يهتم الطب بترميم صحتنا أو تحسينها. في متابعة هذا الأمر، فإنه معني أيضًا بإطالة الحياة. الكنيسة لا تعيق الطب في جهودها، لكنها لا تتجاهل الطبيعة النسبية لفوائده. ومع ذلك في الوقت نفسه، تروّج لمواقفها الخاصة من الناس وحياتهم. هدف الكنيسة ليس إعطاء الناس وسيلة من وسائل البقاء، بل الحياة التي تهزم الموت. في تقليد الكنيسة النسكي على وجه الخصوص، هناك تركيز كبير على الاستخدام المقيّد للأدوية والاستشفاء للتغلب على الحب المفرط لهذه الحياة. بطبيعة الحال، هذا غالباً من أعمال النساك. لكن لا ينبغي لأي مسيحي أن يكون غير مبال تجاه هذا الموقف، لأننا جميعًا يجب أن يكون لدينا نزاع. ومن الطبيعي أن يكون هذا التصرف مرتبطًا بنضجنا الروحي، مما يجعلنا أكثر استعدادًا للعطاء من الأخذ. وبالطبع، هذا صحيح أيضا في مسألة زرع الأعضاء.
يتم تطبيق الزرع الآن على نطاق واسع وبأشكال متنوعة. يبدأ بنقل الدم، وهو تبادل للأنسجة السائلة، ويتقدّم إلى توفير أحد الأعضاء المزدوجة وينتهي بزراعة الكبد أو القلب. في الآونة الأخيرة، في الواقع، في سياق العلاج الجيني، رأينا أيضا زراعة الخلايا المعدّلة لعلاج أمراض مثل التليف الكيسي. إلى جانب ذلك، قد تهمّ عملية زرع الأعضاء شخصًا واحدًا فقط، إذا تم نقل الأنسجة من جزء من الجسم إلى جزء آخر ، على الرغم من أن المزيد من الأشخاص سيشاركون أيضًا في حالة أخذ الأنسجة أو الأعضاء منهم. أخيرًا ، قد يكون المتبرع حيًا أو ميتًا. أبدت بعض الدوائر الكنسية واللاهوتية تحفظات جدية أو حتى اعتراضات قاطعة فيما يتعلق بحقنا في التصرف بهذه الطريقة. بطبيعة الحال، تظهر هذه الاعتراضات بشكل كبير محسوس، عندما يتعلّق الأمر بعضو رئيسي مثل القلب، حيث الافتراض هو أن المتبرع قد مات.
تحفظات حول وهب الأعضاء: الحجج السلبية ضد عمليات الوهب
تستند الحجج السلبية ضد عمليات الوهب بشكل رئيسي إلى قدسية الجسم البشري والبعد الروحي الذي تتمتع به هذه الأعضاء الأساسية في أنثروبولوجيا العهد القديم، والتي ما زالت محفوظة في التقاليد الآبائية. يرتبط القلب والدم والكبد والكلى، خاصة في العهد القديم بحياة المؤمن الروحية [7]. في التقليد النسكي الأرثوذكسي أيضًا، يرتبط القلب المادي ارتباطًا مباشرًا بالحياة الروحية. الطريق إلى القلب الروحي الأعمق للشخص تمرّ عبر القلب المادي. إضافة إلى ذلك، تزعم الحجج السلبية أننا مدينون لجسدنا لله ولا يمكننا التخلي عنه ببساطة. جسد المسيحي هو هيكل الله، أو عضو في المسيح. إلى جانب ذلك، لا ينتمي المسيحيون إلى أنفسهم تمامًا ، لكن “تم شراؤهم بثمن” [8]. هكذا، تقول الحجة، إنهم لا يتمتعون بحرية التصرف في أنفسهم أو جسدهم كما يحلو لهم.
على الرغم من هذا، لا يستطيع المسيحيون وحسب، بل يجب عليهم التصرف وفقًا لإرادة المسيح، التي يتمّ التعبير عنها في وصاياه. وعندما نتصرف وفقًا لوصايا المسيح، فإننا نتصرف ضمن منظور الحياة الحقيقية، حتى لو كان ذلك يمر بالموت. السمة الخاصة للأنثروبولوجيا المسيحية هي أنها تتطلع إلى حياتنا الحقيقية فقط من خلال عبور الموت، ولهذا الأمر عواقب ثورية. لذا فإن السؤال هو ما إذا كنا، من خلال التبرع بالأنسجة وأعضاء الجسم، نلتزم بوصايا المسيح، والتي تم تلخيصها في وصيتي المحبة، وما إذا كنا نتّبع مثاله.
يعلّم المسيح التضحية بالنفس وقد ضحّى من أجل العالم. هو نفسه يغذّينا بجسده ودمه، ليس، بالطبع، لإطالة حياتنا على الأرض، بل لتجديدنا وجعلنا غير فاسدين. على الرغم من هذا، فهو يقدّم إطالة للحياة البيولوجية من خلال معجزاته. هو من خلالها ينحني إلى مستوى ضعفنا. ليس هدفه من ذلك القيام بتدخلات عجائبية، بل تحريرنا من الخطيئة. يقول للمفلوج: “وَلكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لابْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا. قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «لَكَ أَقُولُ: قُمْ وَاحْمِلْ سَرِيرَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ!»”. إن الشفاءات العجائبية والإقامات من الموت التي أنجزها السيد المسيح هي، في الوقت نفسه، علامات على حضور مملكته. إذا كنا كبشر، لسنا مشدودين إلى هذا الحضور، تفقد الإشارة أهميتها. لذا فإن الكنيسة مدعوة إلى التصرف على هذا المستوى، مانحة علامات على محبتها، من دون أن تنسى مهمتها الرئيسية. إنها مدعوة إلى إيجاد الوسائل الزمنية لفائدة الناس، دون أن تنسى هدفها الأساسي. الغرض الرئيسي من الكنيسة ليس تزويدنا بإعفاء مؤقت من الموت البيولوجي بل بحلّ دائم من الخوف من الموت ومن الموت نفسه. بالنسبة للكنيسة، إن “الإعفاء من الموت، وازدراء إدانة الموت، هو أعظم شيء على الإطلاق” [10].
لكن الالتصاق الصارم بالخير الأعظم، وهو أمر ضروري بشكل خاص في مجتمع اليوم الدهري، لا يعني عدم الاكتراث بما هو أقل نفعًا، وهو أمر ضروري أيضًا، على وجه التحديد بسبب دهرنة المجتمع. الكنيسة لا تعمل فقط بالدقة، بل أيضا بالرحمة. لا يمكن الاستغناء عن اللاهوت. لكن الاستغناء لا يزال له مبرر لاهوتي. الوهب التطوعي لبعض أنسجة الجسم أو العضو ، كعمل محبة غير أناني، هو عمل يستحق الاحترام والتعامل الدقيق من وجهة نظر رعائية. كيف لا يمكننا أن نعجب بلطف شخص، بدافع المحبة، يعطي عينًا أو كليةً، حتى يتمكن شخص آخر من الرؤية أو البقاء على قيد الحياة؟ وماذا يمكن القول إذا كان المتبرع مستعدًا للتضحية بحياته حتى يعيش جاره؟ بالطبع، في هذه الحالة، سيكون لدينا مظهر خالص من النعمة التي سيتم الاعتراف بها من منظورها اللاهوتي، وليس قائمة روتينية من المانحين المتطوعين.
مفهوم الموت بالنسبة للكنيسة وللعلم
تعريف الموت هو الأكثر أهمية في عمليات زرع القلب. ترى الكنيسة موتنا كسرِّ انفصال أو خروج الروح من الجسد [11]. العلم الحديث في كثير من الأحيان يساوي بين الموت وموت الدماغ. يتم تعريف هذا الموت من خلال أنثروبولوجيا العلم الحديث الميكانيكية، على أنه وقف لا رجعة فيه لوظيفة الدماغ، مع فقدان وعي نهائي. ولكن على الرغم من أنه يمكن تحديد توقف وظيفة الدماغ بلا رجعة على مستوى بيولوجي بحت، فإن فقدان الوعي النهائي، في نظرة الكنيسة إلى طبيعتنا، على علاقة بالروح ولا يمكن التعاطي معه على هذا المستوى.
إذا ساوينا انفصال الروح عن الجسد مع توقف النشاط الدماغي النهائي، أي بعبارة أخرى، إن مساواة وجهة نظر الكنيسة إلى وفاة الإنسان بموت الدماغ هو موقف غير موضوعي. بحسب نظرة الكنيسة إلى الإنسان، فإن النفس بصفتها جوهرًا معينًا، موجودة في كل جسمنا وهي ما يربطه ببعضه. الدماغ ليس وعاء للنفس، بل عضو فيها [12]. إن موت أنسجة(Necrosis) الدماغ يعني أن النفس لم تعد قادرة على التعبير عن ذاتها، ولكن ليس بالضرورة أنها لم تعد موجودة. وفقًا لنظرة الطب الحديث للشخص البشري، التي ترى أن النفس هي من الظواهر أو الأنشطة السيكُولُوجِيّة، فإن موت الدماغ يتساوى مع وقف النشاط النفسي وبالتالي مع الفقدان المطلق لأي وعي. من الواضح، إذن، أن الاختلافات بشأن مسألة موت الدماغ في النهاية تتسبب في تشويش حول جوهر النفس ونشاطها. في نظر الكنيسة للطبيعة البشرية، للنفس جوهر معين ونشاط. في نظر العلم الحديث النفس هي مجرد نشاط. إن موت أنسجة الدماغ أو موت الدماغ يعني ببساطة توقفه عن النشاط. بالنسبة إلى العلوم الطبية، هذا يعني فقدان الوعي التام، ولكن من وجهة نظر الكنيسة فإن هذا يعني فقط وقف عمليتها النشطة.
في النهاية، يبقى الموت كانفصال أو خروج للنفس من الجسد سراً. لا أحد يستطيع أن يقول على وجه اليقين أنه يتزامن مع موت الدماغ. قد يتزامن معه، وقد يسبقه وقد يتبعه. الأشخاص الذين ماتوا سريريًا وعادوا بعد ذلك إلى الحياة مرّوا بانفصال النفس عن الجسد وعاشوا تجارب مكثفة خارج الجسم، وتمكنوا بعد ذلك من روايتها. قد يُعتبر هذا مؤشراً على انفصال أو خروج النفس من الجسد قبل موت الدماغ، بالنظر إلى أن توقف وظائف المخ لا يمكن عكسها ولا يمكن العودة إلى الحياة إذا حدث ذلك. لكن الناس عادوا إلى الحياة بعد توقف نظام القلب والأوعية الدموية بسبب احتشاء القلب. هذا يعني أن أي توقف لنظام القلب والأوعية الدموية ليس هو انفصال النفس عن الجسد بشكل نهائي لا رجعة فيه. فماذا نقول بعد ذلك عن انفصال النفس عن الجسم عندما يكون أنظمة قلب المريض وأوعيته الدموية يعملون على نظام المحافظة على الحياة (life-support)؟ لا يوجد حتى الآن أي جواب لهذا السؤال.
كيف نُفهَم ونعرَف كصورة لله؟
إن أي تبرع بأنسجة أو بعضو هو نوع من التضحية بالنفس. على الرغم من هذا، سيكون من غير المنطقي اعتبار مثل هذا الإجراء بمثابة تقليد لتضحية المسيح. المسيح قدّم جسده ودمه ليمنح البشر، ليس بعض الوجود المؤقت، بل الحياة الحقيقية والتي قد تنطوي في الواقع على التضحية بهذا الوجود المؤقت. هذا الوجود العابر لا ينبغي فصله عن الحياة الحقيقية وجعله مستقلاً. إن الالتزام بهذا الوجود الانتقالي يطفئ الرغبة بالحياة الأبدية. “مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي وَمِنْ أَجْلِ الإِنْجِيلِ فَهُوَ يُخَلِّصُهَا” [13] “مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُبْغِضُ نَفْسَهُ فِي هذَا الْعَالَمِ يَحْفَظُهَا إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ” [14].
بمعنى آخر، إن الذين يحبون حياتهم سيفقدونها. وأولئك الذين لا يهتمون لوجودهم في هذا العالم، يحفظونه للحياة الأبدية. إن المسار الإنجيلي هذا، وهو ينطوي على مفارقة كبيرة للعقل البشري، هو المسار الذي وطئه المسيح أولاً، وبالتأكيد لا يمكن تطبيقه على مستوى الانعكاسات حول عمليات الزرع. ومع ذلك، فإن ميزة عمل الخير أو البطولة التي تشكّل جزءًا من التبرع الطوعي بالأنسجة أو الأعضاء للزرع لا تزال ذات قيمة. كما لا يمكن تجاهل الاهتمام الرعائي بالأشخاص الذين في حالة حرجة.
إن الاعتبارات التي يقدمها البعض حول تمامية الجسد بعد وفاة الذين يهبون الأعضاء هي ذات طبيعة سكولاستيكية. كأشخاص، لا ينبغي مساواتنا بجسدنا، ولا مع نفسنا، ولا بمزيج من الاثنين، ولا مع تراكم الاثنين. نحن شيء يتجاوز كل هذه ويجمعها معاً، من دون أن تكون مجتمعة بأي شكل من الأشكال ومن دون أن يُعرّف بأي منها[15]. كأناس نحن مخلوقون على صورة الله، ويجب أن نُفهم دائماً ونُعرَف على هذا النحو. وهذا الفهم لطبيعتنا والتعرّف عليها كصورة ينطبق على كل البشر، كما هو الحال بالنسبة لكل واحد منا ولأفعالنا الفردية. وأبعد من أي تمييز مثير للشقاق بين المادة والروح، الفرد والمجتمع، كصور للكلمة الإلهية، نحن الناس في التزامنا بوصيته عن المحبة، نعيش في الله الذي هو المحبة ونشكّل جميعًا جسد كنيسة السيد المسيح الواحد.
ضمن هذه النظرة الديناميكية والمتعددة الأبعاد للشخص البشري، كلّ قطرة دم يتمّ تقديمها إلى أحد الإخوة هي تقدمة عامّة غامرة من الشخص. لذلك فإن كل تحقيق متحذلق، في تداعيات التبرع بالأنسجة أو العضو على السلامة الجسدية، يفقد معناه. وفي الوقت نفسه، يتّضح تمامًا إلى أي مدى لا يمكن التوفيق بين نظرة الكنيسة للشخص وهذه النظرة الآلية للبشر والتعاطي مع أنسجة الجسد وأعضائه كمجرّد علاج أو بديل.
مقاربة الكنيسة الأرثوذكسية لوهب الأعضاء
من الطبيعي أن يكون الكمال مقياس المقاربة اللاهوتية للمشاكل المعاصرة، وهو مقياس المسيح. لكن هذا المقياس، الذي يجب أن يحفظه المسيحيون أمامهم دائمًا، لا ينبغي تحويله إلى سيف للتغلب على الضعفاء في الإيمان[16]. بالتأكيد، الكمال المسيحي هو للجميع ويجب ألا يختفي عن أي من المؤمنين. لكن الضعف البشري واقع مشترك للجميع وليس لنا إدانة أي شخص بسببه. احترام الكنيسة لحرية الإنسان غير محدود وهي تستنفد كل ما لديها من تفّهم حليم للحفاظ عليها. تبدأ المعارضة الصريحة للكنيسة من اللحظة التي يتم فيها تجاهل حرية الناس وازدراء قدسيتها. لا يوجد ما يبرر إجبار الناس على إعطاء الأنسجة أو أعضاء الجسم لا قبل وفاتهم ولا بعدها.
الجسد البشري مقدس. ويجب احترامه ليس على قيد الحياة وحسب بل أيضًا بعد الموت. ليس صحيحًا أنه يجب التعامل معه كمواد علاجية أو كمخزن لقطع غيار. لا يوجد ما يبرر افتراض الموافقة على التبرع بأعضاء الجسم، ناهيك عن التصرف بناءً على افتراض الموافقة هذا لمجرد عدم وجود كتاب امتناع محدد. أخيرًا، لا يوجد ما يضفي الشرعية على فرض موت الدماغ كمعيار وحيد لتحديد لحظة الموت في عقول أولئك الذين يرون الموت على أنه سرّ الانفصال أو خروج النفس من الجسد.
لا يقدّم اللاهوت الأرثوذكسي عادةً قواعد محددة للتعامل مع مشاكل الحياة اليومية، لكنه يضع الأسس ويلاحظ المعايير الأساسية التي قد يكون لها مجموعة متنوعة من التطبيقات. هذا لا يفعله لأنه يفضّل الالتباس والغموض، بل لأنه يحترم الحقيقة والشخص. إذا كان النهج المتّبع حتى في المواد غير العضوية يتبنى ميكانيكا الكمّ مع إحتمالين متبادلين (ثنائية الموجة والجسيمة) ويطلب أن يؤخذ موقف المراقب دائمًا في الاعتبار، فكيف يمكن التفكير في تبنّي مقاربة أحادية البعد وميكانيكية تجاه البشر ومشكلاتهم الصحية؟ بعض الحقائق الموضوعية قد تعني شيئين متناقضين تماماً بالنسبة لنا.
لا تقتصر حقيقة الأمر على الشكليات الخارجية. كما أن استئصال الحياة يمكن أن يكون فعل محبة فائق العظمة (التضحية بالنفس) أو فعلاً كاملاً من قصرِ الذات واليأس المطلَق (الانتحار) ، لذلك فإن وهب الأنسجة أو الأعضاء من شخص لآخر قد يكون عمل محبة عظيمًا أو فعل إذلال للشخص أو حركة نهائية. قد يكون انتصاراً على الموت بالقبول الطوعي بالموت، ولكنه قد يكون أيضًا خضوعًا تامًا للفَنَائِيَّة، مع الاستبعاد المتزامن لأي عنصر روحي. لا يستطيع اللاهوت الأرثوذكسي قبول وهب الأنسجة أو الأعضاء من شخص لآخر، أو حتّى مجرّد نقل الدم، كإجراء ميكانيكي. ومع ذلك، يستطيع قبوله كأفعال بذل وتضحية بالنفس. وهذا هو السبب في أن الكنيسة لا تتعامل مع مشكلة عمليات وهب الأعضاء بكتاب قواعد صارم، بل على أساس كل حالة على حدة، والمعيار هو المحبة غير الأنانية واحترام الشخص.
(جورج منتزاريدس تعريب اسرة التراث الارثوذكسي)
حواشي البحث
[1] “الحياة والموت، كما نسمّيهما، يبدوان مختلفين تمامًا، لكنهما بمعنى ما محسومان ومتتاليان”. القديس غريغوريوس اللاهوتي، العظة 18, 42, PG 35, 1041A
[2] أنظر بوجه خاص الأفشين الثالث من خدمة مسح الزيت: “وانهضهم من مضجع الأمراض وفراش الأسقام، وهبهم لكنيستك أصحاء كاملين مرضين لك وعاملين مشيئتك”.
[3] أنظر يوحنا 1:9-7.
[4] See V. Keki, Οι Άγιοι Κοσμάς και Δαμιανός. Η πρώτη μεταμόσχευση, Σύχρονη Ιατρική Ενημέρωση (Saints Kosmas and Damianos. The first transplant. Contemporary Medical Update), no. 6, Jan.-Mar. 2002, pp. 77-82.
[5] أنظر القديس يوحنا الذهبي الفم، إلى أولمبيا 17، PG 52, 590.
[12] “إنه ليس جوهر العقل وقوته، بل النفس التي تسكن في الدماغ كما في عضو، بل فقط طاقة العقل، كما قلنا أعلاه، في البداية.. لا تهتم بقول الأطباء والماورائيين المعاصرين بإن جوهر النفس يكمن في الدماغ وفي الغدة الصنوبرية في الدماغ [ديكارت وغيره]. هذا مثل القول بأن النفس المادية لا يمكن العثور عليها مبدئيًا في جذر الشجرة، بل في الغصن والثمرة”. القديس نيقوديموس الأثوسي. كتاب النصائح.
[13] متى 5:14، وانظر مرقس 35:8. [من الغريب أن كلا الماجعين القديمين يقولان “الروح” (اليونانية ψυχή واللاتينية anima، بينما في هذه المقاطع وغيرها، كالمقطع التالي، حيث يوجد تمييز واضح بين “النفس” و”الحياة”، فإن الكلمة تُترجم عالميًا باللغة الإنجليزية إلى “الحياة”، حتى منذ أيام وايكليف، WJL]
الجزيرة العربيّة التي ارتبط تاريخها بالجاهليّة والإسلام، شهدت للمسيح منذ قرون طويلة حتّى قبل ظهور الإسلام فيها، فارتوت بدمّ الشهداء الذين أبوا أن يتخلّوا عن إيمانهم رغم قساوة الظروف.
ومن مدينة نجران، سطع نجم قدّيس شهيد، كان زعيم المسيحيين، وقف في وجه السخط اليهودي، وأعلن إيمانه بشجاعة وثقة بالمسيح.
القديس الشهيد الحارث
هو الحارث بن كعب النجراني، مثال الحوار والتفاعل بين الشعوب والحضارات. عاش مستنيراً من كلمة الله، رفض أن يكفر بالمسيح، فقبل الإهانة من اليهود، وكان مثالاً لرفاقه، شجّعهم على الثبات بإيمانهم فلا عذاب ولا سيف ولا شدّة تفصلهم عن محبّة المسيح. تقدّم من الموت بشجاعة باسطاً يديه على شكل صليب فقطع عنقه وعنق رفاقه الثلاثمئة والأربعين في الرابع والعشرين من تشرين الأول من سنة خمس مئة وثلاث وعشرين ميلاديّاً .ليصبح اليوم شفيع المسيحيين في بلاد الجزيرة العربيّة.
كان الحارثُ رئيساً على مدينة نجران وجوارِها، في شمالي اليَمَن، مسيحيًّا يسلُك في مخافةِ الله، يسوس مدينته بالحكمة والدراية ويشهدُ له الجميع بالفضل والفضيلة. وكان قد تقدّم في السنّ كثيرًا عندما واجه سيفَ الاستشهاد.
استشهاده واهل نجران
استشهد الحارث ورفاقه في نجران سنة 523 وتعيد لهم الكنيسة في الرابع والعشرين من تشرين الأول.
نجران مدينة في شمالي اليمن تنصر اهلها على يد راهب اتى مع قافلة من انطاكية، ولا يختلف اثنان ان نجران كانت اهم مواطن المسيحية في تلك المنطقة. وكانت اليهودية قد دخلت اليمن اثر خراب اورشليم في السنة ال 70م وصار لليهود في اليمن شأن كبير.
كان المتولى على مملكة سبأ، او المملكة الحميرية، اي بلاد اليمن، آنئذ، يهودي اسمه ذو نواس. وكان الحارث رأسا على مدينة نجران وجوارها، مسيحياً يسلك في مخافة الله.
وكانت مملكة سبأ على صراع مع ملك الحبشة المجاورة، وأهل بلاد الحبشة مسيحيون. وكان ذو نواس يخشى تحالفا ممكنا بين نجران والحبشة بسبب وحدة الإيمان بينهما، فصمم على اضطهاد مسيحيي نجران. جمع الجند وحاصر المدينة. لكن نجران صمدت، فأخذها ذو نواس بالحيلة.
ولما دخلها أخذ يخيّر سكانها بين الموت، ونكران المسيح ويقتل كل من تمسك بإيمانه بيسوع المسيح.
وكان الحارث الشيخ اول من مثل لديه في المحاكمة. فأبدى شجاعة فائقة واستعدادا تاما لأن يموت من اجل اسم الرب يسوع ولا ينكره. فأمر ذو نواس بقطع رأسه. وكان مع الحارث جمع من المسيحيين بلغ عددهم اربعة آلاف ومئتين وثلاثة وخمسين فقُتلوا كلهم بالسيف شهداء لايمانهم بيسوع المسيح. اقتحموا الخوف من الموت متممين بدمائهم قول الرسول بولس: “انه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات …. تقدر ان تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا” (رومية 8 : 38 – 39).
في الاسلام
ظلّت ذكرى شهداء نجران، وعلى رأسهم الحارث، حيّة عند العرب، فلا يخلو مرجع تاريخي من الحديث عنهم. حتى أن القرآن خصّ هؤلاء الشهداء المسيحيّين بجزء من سورة البروج (85، 1-9)، فيقول: “قُتل أصحاب الأخدود، النار ذات الوقود، إذ هم عليها قعودٌ”. الأخدود هو الحفرة الكبيرة التي أُلقي فيها المسيحيون ليُحرقوا، وهذا ما يطابق الرواية التاريخية المذكورة أعلاه. أما في شأن الآيات القرآنية فيقول أحد المفسرين المسلمين المعاصرين: “لُعن أصحاب الشقّ المستطيل المحفور في الأرض، وهم قوم كفّار أحرقوا جماعة من المؤمنين في أخدود باليمَن، وهم نصارى نجران، الذين كانوا على دين التوحيد”.
ثم يتابع القرآن قائلاً: “وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهودٌ، وما نقموا منهم إلاّ أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد، الذي له مُلك السموات والأرض والله على كلّ شيء شهيدٌ”. يقول المفسّر نفسه في هذه الآيات إنّ أصحاب الأخدود (أي اليهود) كانوا شهوداً على ما يفعلون “بتعذيب المؤمنين بالله بالإلقاء بالنار. وما أنكروا وعابوا على النصارى رلاّ أنهم يؤمنون بالله وحده مالك السماوات والأرض، فهو حقيقٌ (أي جديرٌ) بالإيمان به وتوحيده، والله شاهد عالم مطّلع على ما فعلوه ومجازيهم”. وكذلك يقول مفسّر إسلامي آخر: “جريمتهم أنّهم آمنوا بالله العزيز الحميد”. ما يلفت في هذه الآيات هو أن القرآن ينعت النصارى المسيحيّين بالمؤمنين. والمؤمنون، في القرآن، صفة خاصة بالمسلمين. كما أنه يعترف بتوحيدهم للّه.
أورد ابن هشام مؤلف “السيرة النبويّة” خبر الحارث وسيرته في الجزء الأوّل من مؤلّفه، مطلقاً عليه اسم “عبدالله ابن الثامر”. وهذا الاسم يرد في الكثير من المراجع العربيّة، لذا يعتقد بعض العلماء أنّ اسم “الحارث” يبدو اسم القبيلة أكثر منه اسم شخص، فيكون قدّيسنا بالنسبة لهؤلاء اسمه عبدالله لا الحارث.
ممّايؤكّد هذه النظريّة هو أنّ القبيلة التي كانت مسيطرة، آنذاك، في نجران وجوارها كان اسمها “الحارث بن كعب”، التي غالباً ما اختُصر اسمها ب”بَلْحارث”. فيقول ابن هشام أنّ أهل نجران كانوا “أهل شرك يعبدون الأوثان”، ثمّ تنصّروا على يد عبدالله بن الثامر. أمّا استشهاده وأهل نجران، فيسرده ابن هشام قائلا: “فسار إليهم ذو نواس بجنوده، فدعاهم إلى اليهودية، وخيّرهم بين ذلك والقتل، فاختاروا القتل، فخدَّ لهم الأخدود، فحرق مَن حرق بالنار، وقتل مَن قتل بالسيف، ومثّل بهم، حتّى قتل منهم قريباً من عشرين ألفاً. وكان في مَن قتل ذو نواس، عبدالله بن الثامر رأسهم وإمامهم”.
اسقف نجران الشهيد العظيم الحارث بن كعب النجراني
يحكى عن وصيّة تركها الشهيد الحارث لبني قومه والتي صرّح بها أمام النجرانيّين وذي نواس، إذ يقول: “أيّها المسيحيّون والوثنيّون واليهود اسمعوا، إذا كفر أحد بالمسيح وعاش مع مع هذا اليهوديّ (يقصد ذا نواس)، سواء أكانت زوجتي أم من أبنائي وبناتي أم من جنسي وعشيرتي، فإنّه ليس من جنسي ولا من عشيرتي وليس لي أيّة شركة معه، وليكن كلّ ما أملكه للكنيسة التي ستُبنى بعدنا في هذه المدينة.
ما يسترعي انتباهنا في هذه الروايات هو أنّ أهل نجران كلّهم قد تشبّثوا بإيمانهم ولم يتخلّوا عنه تحت ضغوط الاضطهادات والعذابات التي عانوا منها. وما يلفتنا أيضاً هو هذا المديح الذي يكيله القرآن والتراث الإسلاميّ لشهداء نجران المسيحيّين وصمودهم من أجل إيمانهم بالله الواحد القادر على كلّ شيء، فخلّد ذكراهم.
كنيسة او كعبة نجران
لم يعرف على وجه الدقة ما هذة الكعبة والدين الذى كان ينتمى إليه روادها وكل ما ورد إلينا جاء إلينا من إبن الكلبى فى ذكرة لكعبة نجران وقد سرد ما ذكره الأعشى فى شعره الذى أورده ياقوت فى معجم البلدان وفيه يقول : وكعبة نجران حتم علـيـــ ــــــك حتى تناخى بأبوابها نزور يزيدا وعبد المسيح وقيسا هم خير أربابها ولم يقرر الكلبى على وجه الدقة إن كانت كعبة نجران بيت عبادة أو دار ندوة أو دار ندوة يجتمع فيها القوم إبن الكلبى – ألأصنام ص 44- 45 و ياقوت معجم البلدان ( نجران) ج4 ص 756 وقد مال إبن الكلبى للرأى الأخير – وقد رجح رأيه على أن بنى عبد المدان بن الديان الحارثى بنوها على بناء الكعبة وعظموها مضاهاة للكعبة . والمعروف أن بنى عبد المدان كانوا يدينون بالنصرانية …وهم الذين جائوا إلى نبى الإسلام ودعاهم إلى المباهلة. ويعتقد الباحثون أن الأسماء التى وردت فى شعر الأعشى ومنهم إسم عبد المسيح أنهم كانوا شهداء وقد دفنت عظامهم فى المبنى الذى قال الأعشى عنه أنه كعبة، وأنه نالوا شيئاً من التقديس فاسماهم الأعشى أربابها أى أسيادها. والنص على وجود أساقفة يؤكد صراحة أنها كانت للنصارى، ومن وصف كعبة نجران بأنها ” كانت قبة من أدم من ثلثماية جلد ” يدل ‘لى أنها لم تبنى على غرار كعبة مكة، وكانت ذو شهرة أنه: ” إذا جاءها خائف أمن، أو طالب حاجة قضيت، أو مسترفت أرفد “كنيسة او كعبة نجران
ويقول العلامة جواد على جواد على المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام – د. جواد علي ص 387 وقد زار “فلبي” وادي نجران، وعثر على خرائب قديمة، يرجع عهدها إلى ما قبل الإسلام، كما تعرف على موضع “كعبة نجران”. ووجد صوراً قديمة محفورة في الصخر على مقربة من “أم خرق”، وكتابات مدونة بالمسند. وعلى موضع يعرف ب “قصر ابن ثامر”، وضريح ينسب إلى ذلك القديس الشهيد الذي يرد اسمه في قصص الأخباريين عن شهداء نجران. ويرى “فلبي” أن مدينة “رجمت” “رجمة” هي “الأخدود”، وأن الخرائب الي لا تزال تشاهد فيها اليوم تعود إلى أيام المعينيين. ويقع “قصر الأخدود” الأثري بين “القابل” و “رجلة”، وهو من المواضع الغنية بالاثار. وقد تبسط “فلبي” في وصف موضع الأخدود، ووضع مخططاً بالمواضع الأثرية التي رآها في ذلك المكان. شهداء نجران النصارى هم أصحاب الأخدود الذى ذكرهم القرآن وكان السكان مسيحيين وهم التي دخلت اليهم المسيحية عن طريق المبشرين الى تلك المنطقة يعتقد أنه دخلت إليها فى أواخر القرن الثالث أو أوائل القرن الرابع الميلادى. وفي عام 525 م أمر ” ذو نواس ” آخر ملوك حمير من النجرانيين ان يتحولوا من النصرنية الى اليهودية، وعندما رفضوا حاصرهم وقام باسرهم واحرق من لم يذعنوا له في أخاديد. وقد جاء ذكر هذا الحدث في القرآن الكريم ( سورة البروج الآيات 1 –7 ) ” والسماء ذات البروج. واليوم الموعود. وشاهد ومشهود . قتل اصحاب الاخدود . النار ذات الوقود اذ هم عليها قعود . وهم على مايفعلون بالمؤمنين شهود .. ” [ حدثت كارثة اهل نجران على يد ” ذو نواس ” د لقصة أصحاب الأخدود ….وقد افلت بعض النجرانيين من قبضة ” ذو نواس ” وكان من بينهم ” دوس بن ثعبان ” الذي استجار بإمبراطور الروم طالبا النجدة. ورأى الإمبراطور في ذلك فرصة مواتية لاحتلال الجزيرة العربية ، فارسل جيشا قوامه سبعة آلاف مقاتل بقيادة ” ارياط ” ومعه ” ابرهة الأشرم ” ( جاء ذكره في التاريخ على انه هو الذي أراد هدم الكعبة المشرفة في مكة الكرمة ) . وتمكن جيش ” ارياط ” من القضاء على دولة حمير . ونتيجة لذلك ظلت نجران على مسيحيتها وكانت تنتشر بين قرى هذه المنطقة صوامع العبادة التي كانت تقام فيها الطقوس الدينية . كما كانت تستخدم هذه الصوامع في انذار السكان من خطر الاعداء عن طريق دق النواقيس واشعال النيران . وقد نمت نجران في ذلك الحين حيث بلغ عدد قراها اكثر من سبعين قرية تجمعت حول الوادي وبلغ جيشها حوالي مائة وعشرين الف مقاتل ، وكان عدد سكانها اكثر من ضعف هذا العدد ولم يرد ذكر لكعبة نجران ولا لمذحج القبيلة ولا لبني الديان الحارثيين وهو دليل على ان كعبة نجران احدثت خلال المئة عام قبل ظهور الاسلام وصار امرها لقوم من بني الافعى من جرهم فلما صار الامر لعبد المسيح زوج ابنته دهيمة لعبدالله بن يزيد بن عبدالمدان فمات عبدالله وانتقل ماله لأبيه انظر كتاب بين مكة وحضرموت ص 352 . وجاء في كتاب المحبر ص 132 ان السيد والعاقب والاسقف ووفدهم الذي اراد مباهلة رسول الله – صلى الله عليه واله وسلم – من ولد الافعى وهم سكان نجران المنحدرين من جرهم الاولى . وقال الطبري ص 321 ج 3 ولما بلغ اهل نجران وفاة رسول الله – صلى الله عليه واله وسلم – وهم يومئذ اربعون الف مقاتل من بني الافعى الامة التي كانوا بها قبل بني الحارث ص 89 – 90 كتاب نجران في اطوار التاريخ ] . قلت ثم اشترك في امر كعبة نجران بني الافعى ( عبدالمسيح واسمه العاقب ) و( السيد واسمه وهب ) وبني الديان ( قيس بن حصين ) و( يزيد بن عبدالمدان ) قال الاعشى شعرا :فكــعبة نـــجران حـــتم عليــــــــك=حـــتى تنــــاخي بأبوابها نزور يزيداً(1) وعـبد المسيــح (2)=وقـيسا (3) وهــم أربابها
منقبوا الآثار يبحثون عن كعبة / كنيســـــــــــــة نجــــــــــــــران نشرت وكالة الأنباء العربية خبر البحث عن البحث عن أقدم كنيسة بالجزيرة العربية في جنوب السعودية سماها العرب كعبة نجران وحجوا إليها 40 عاما في الجاهلية بتاريخ الاربعاء 3 ايار 2006م، 05 ربيع الثاني 1427 هـ الرياض – حنان الزير تجري عمليات تنقيب في جنوب السعودية للكشف عن أقدم كنيسة شيدت في شبه الجزيرة العربية، كان يطلق عليها سكان مدينة نجران قبل الإسلام اسم الكعبة وحج إليها العرب طيلة 40 عاما. تأتي هذه المحاولات رغم الاختلاف الحاصل بين الأثريين على حقيقة وجودها من عدمه، إلا أن كتب التاريخ تذكر أنها بنيت بواسطة بني عبد المدان بن الديان الحارثي، وقد شيدوها على طراز الكعبة المشرفة وقاموا بتعظيمها وقلدهم بعض العرب في ذلك الزمان. وجاء بشأنها أن العرب قد حجوا اليها حوالي أربعين عاما في الجاهلية، وهي غير كعبة اليمن التي بناها أبرهة الأشرم. ويزعم أهل نجران أن موقع الكنيسة كان على قمة جبل “تصلال” الذي يبعد عن نجران إلى الشمال الشرقي بحوالي 35 كم ويرتفع الجبل عما عداه من الجبال بنحو 300 قدم.
كنيسة او كعبة نجران
مؤرخ يؤكد اكتشافها على جبل في نجران وذكر المؤرخ عبدالله فليبي في كتابه “النجاد العربية” أنه عندما زار منطقه نجران عام 1936م اكتشفها على هذا الجبل، واستدل عليها من المطاف الذي رآه في أعلى الجيل ومن صورة باهتة لصنم. وبالرغم من كل ذلك فإن كعبة نجران مازالت مجرد خبر في بطون الكتب التاريخية دون أن يصل الخبر إلى تحقيق دقيق يؤكده. ويوضح صالح آل مريح مدير إدارة الآثار بمنطقة نجران لـ”لعربية.نت” أن جبل تصلال يقع على حدود بني مدان الحارثي والمعروفين برباطة الجأش والقوة وحماية الضعيف حيث لايدخل في حماهم مستجير إلا أجاروه. وقال إنه لم يشاهد أية معالم تدل عن أنه بني على الجبل كنيسة للنصارى قبل الإسلام، ويرى أن هذا المكان هو حدود لبني عبد المدان وليست هناك أية كنيسة أو مظاهر للعبادة في المكان. وأضاف: “لو كانت قد شيدت تلك الكنيسة لوجدنا أي مظاهر للمعيشة، ولكننا لم نجد شيئا، ولقد وقفت على المكان بنفسي فلربما أطلق على المكان هذه التسمية نتيجة قوة وجأش عبد المدان وحتى يعرف حدود حماهم. وأشار إلى أنه مازال البحث يجري حاليا لمعرفة مدى واقعية وجود كنيسة في هذا المكان. المبشرون بنوها في النصف الأول من ميلاد المسيح من جهة أخرى قال بعض المؤرخين بتسمية الكنيسة بكعبة نجران لأن كلمة كعبة تطلق على كل بيت مكعب، مشيرين إلى أنه عندما انتشرت النصرانية في نجران بنوا كنيسة سموها كعبة نجران. ويذكرون أنه بعد وصول المسيحية الى الحبشة جارة الجزيرة العربية من الغرب والتي ترتبط بصلات قديمة بها، انتقلت المسيحية للجزيرة وجاء بعض المبشرين لتنصير أهل نجران فقاموا بتأسيس الكنيسة، وتركزت المسيحية في نجران عام 525م وحينها اتخذ ابرهة الاشرم نجران مركزا رئيسيا لنشر المسيحية في بلاد العرب. عند ظهور الإسلام كانت نجران وكنيستها المركز الرئيسي للنصرانية في اليمن، ويؤكد الكاتب المصري أحمد أمين أن كعبة نجران كان فيها أساقفة معتمدون، وقد اشتهر من بينهم قس بن ساعدة ويذكر أدباء العرب أنه كان أسقف نجران.
جبال نجرا
وأشار الدكتور محمد حسين هيكل إلى الخطبة التي ألقاها قس بن ساعدة في سوق عكاظ وسمعها الرسول الكريم، حيث ذكر الآيات الكونية التي تدل على أن الحياة لم تخلق عبثاً وألمح إلى البعث والنشور والحساب، والأهم من ذلك كله أنه بشر بقرب ظهور دين جديد، ولا يأتي بداهة إلا على يد نبي أو رسول. سبب تسميتها بكعبة نجران وأكد الدكتور محمد آل زلفة عضو مجلس الشورى السعودي حقيقة بناء أول كنيسة نصرنية في منطقة نجران، مشيرا إلى موقعها على جبل تصلال وقال: “درج عند العرب إطلاق اسم كعبة نجران على هذه الكنيسة نظرا لشكلها والذي يشابه شكل المكعب، ومن الطبيعي أن تشهد هذه المنطقة في تلك الفترة وهي منتصف الألفية الأولى من الميلاد بناء كنيسة قال المؤرخون إن العرب حجوا اليها أكثر من 40 عاما حتى ظهر الإسلام. وأضاف أن كتب التاريخ تناقلت أن الكنيسة كانت مصنوعة من الجلد ولم يبق منها شيء الآن، إلا ما ذكره المؤرخ عبدالله فيلبي عام 1939 في كتاب له من وجود مكان أو مساحة تأخذ شكل الطواف. كما أكد المؤرخ السعودي الدكتور عبدالرحمن الانصاري على أن منطقة نجران شهدت بناء كنيسة كانوا يطلقون عليها فيما سبق كعبة نجران، وكان يتعبد بها نصارى نجران في عهد الرسول نافيا أن يكون الرسول قد امرحينها بهدمها، مؤكدا على الكنيسة الآن غير موجودة بسبب إسلام النصارى وقتها. محمد صاحب الشريعة الإسلامية يرسل رسالة إلى نجران من محمد النبي رسول الله الى اسقف نجران ان اسلمتم فأني أحمد اليكم اله ابراهيم واسحاق ويعقوب ؛ اما بعد فاني ادعوكم الى عبادة الله من عبادة العباد ، وادعوكم الى ولاية الله من ولاية العباد ، فان ابيتم فالجزية ، فان ابيتم آذنتكم بحرب والسلام .
فلما أتى الاسقف الكتاب فقرأه قطع به وذعر ذعرا شديدا وبعث الى رجل من أهل نجران يقال له شرحبيل بن وادعه – وكان من همدان ولم يكن احد يدعى اذا نزلت معضلة قبله لا الابهم ولا السيد ولا العاقب – فدفع الاسقف كتاب محمد الى شرحبيل فقرأه ، فقال الاسقف يا أبا مريم ما رأيك ؟ فقال شرحبيل : قد علمت ما وعد الله ابراهيم في ذرية اسماعيل من النبوة فما تؤمن ان يكون هذا هو ذاك الرجل ليس لي في النبوة رأي، ولو كان أمر من أمور الدنيا لأشرت عليك فيه برأي وجهدت لك. فقال له الاسقف تنح فاجلس ، فتنحى شرحبيل فجلس ناحيته فبعث الاسقف الى رجل من اهل نجران يقال له عبدالله بن شرحبيل وهو اصبح من حمير فاقرأه الكتاب وساله عن الرأي فقال له مثل قول شرحبيل ، فقال له الاسقف تنح فاجلس فتنحى فجلس ناحيته ، وبعث الاسقف الى رجل من اهل نجران يقال له جبار بن فيض من بني الحارث بن كعب احد بني الحماس فاقرأه الكتاب وساله عن الرأي فيه فقال له مثل قول شرحبيل وعبدالله ، فأمره الاسقف فتنحى فجلس ناحيته فلما اجتمع الرأي منهم على تلك المقاله جميعا ، أمر الاسقف بالناقوس فضرب به ورفعت النيران والمسوح في الصوامع وكذلك كانوا يفعلون اذا فزعوا بالنهار ، واذا كان فزعهم في الليل ضربوا بالناقوس ورفعت النيران في الصوامع ، فاجتمع حين ضرب بالناقوس ورفعت المسوح اهل الوادي اعلاه واسفله وطول الوادي مسيرة يوم للراكب السريع وفيه ثلاث وسبعون قرية وعشرون ومائة الف مقاتل فقرأ عليهم كتاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وسألهم عن الرأي فيه ، فاجتمع رأي اهل الرأي منهم على ان يبعثوا شرحبيل بن وادعة الهمداني وعبدالله بن شرحبيل الاصبحي وجبار بن فيض الحارثي فيأتوهم بخبر رسول الله – صلى الله عليه و سلم (2) – ، قال فانطلق الوفد حتى اذا كانوا بالمدينة وضعوا ثياب السفر عنهم ولبسوا حللا لهم يجرونها من حبرة وخواتيم الذهب ثم انطلقوا حتى أتوا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فسلموا عليه فلم يرد السلام ، وتصدوا لكلامه نهارا طويلا فلم يكلمهم وعليهم تلك الحلل والخواتيم الذهب ، فانطلقوا يتبعون عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف وكانوا يعرفونهما فوجدوهما في ناس من المهاجرين والانصار في مجلس ، فقالوا : يا عثمان ويا عبدالحمن ان نبيكم كتب الينا بكتاب فاقبلنا مجيبين له فاتيناه فسلمنا عليه فلم يرد سلامنا وتصدينا لكلامه نهارا طويلا فاعيانا ان يكلمنا فما الرأي منكما ، اترون ان نرجع ؟ فقالا لعلي بن ابي طالب وهو في القوم ما ترى يا ابا الحسن في هؤلاء القوم ؟ فقال علي لعثمان وعبدالحمن ارى ان يضعوا حللهم هذه وخواتيمهم ويلبسوا ثياب سفرهم ثم يعودوا ، ففعلوا فسلموا فرد سلامهم” (.… البداية والنهاية لابن كثير الجزء الخامس ص 53 – 54 الطبعة الاولى 1351 – 1932 م.) ================== المـــــــــــــــــراجع
(1) صفحة بطريركية انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس
(4) الكلمة1 (5) وفد نجران الكبير الذي يضم جميع القبائل – وذكر محمد بن اسحاق : أن وفد نجران كانوا ستين راكبا يرجع أمرهم الى اربعة عشر منهم وهم العاقب واسمه عبدالمسيح والسيد وهو الابهم وابو حارثة بن علقمة واوس بن الحارث وزيد وقيس (1) ويزيد (2) وبنيه وخويلد وعمر وخالد وعبدالله وبحنس وامر هؤلاء الاربعة عشر يؤل الى ثلاثة منهم وهم العاقب وكان امير القوم وذا رأيهم وصاحب مشورتهم والذي لا يصدرون الا عن رأيه والسيد وكان ثمالهم وصاحب رحلهم وابو حارثة بن علقمة وكان اسفقهم وحبرهم ….. وذكر ابن اسحاق انهم دخلوا المسجد النبوي في تجمل وثياب حسان وقد حانت صلاة العصر فقاموا يصلون الى المشرق , فقال لهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – دعوهم فكان المتكلم لهم ابا الحارثة بن علقمة والسيد والعاقب حتى نزل فيهم صدر من سورة ال عمران والمباهلة فابوا ذلك وسألوا ان يرسل معهم امينا فبعث معهم ابا عبيدة بن الجراح كما تقدم في رواية البخاري وقد ذكرنا ذلك مسبقا في تفسير سورة ال عمران ولله الحمد والمنه. – راجع كتاب البداية والنهاية ص 56 (6) كلمة ” السيد ” العربية ليست أسماً بل لقب لوظيفة كنسية تقابل عضو الكنيسة أو رئيس وكلاء الكنيسة والوكلاء يهتمون بجميع الشؤون الأدارية وجمع التبرعات وإصلاح الكنيسة…وهي وظيفة تطوعية لخدمة الكنيسة غير مأجورة واجرها لله… (6) كلمة ” أشوار ” العربية هى كلمة لوظيفة تعنى المشورة وتدبير الأمور (7) الأسقف هو رئيس القساوسة أو الكهنة
الغزو العثماني الجديد والمنطقة الآمنة…والتغيير الديموغرافي…
تستعيد تركيا اليوم الحقبة السوداء بغزوها الجديد لأرض بلاد الشام، غزو يقوده هذه المرة سلطان تركيا الجديد أردوغان. إن الغزو التركي، وإقامة الحزام الآمن، سيجعل تركيا – بنظرها – تبسط سلطنتها على مساحة جغرافية واسعة، تتعدّى الألفي كلم، بعمق ثلاثين كلم وبطول يتجاوز الخمسين كلم. لتقوم بعد ذلك بفرض الأمر الواقع، وإيجاد حالة ديمغرافية جديدة في هذه المنطقة، بعد أن تقوم بإسكان مئات الآلاف من السوريين الموجودين حالياً في تركيا، والذين منحتهم أنقرة الجنسيّة التركية. بالإضافة إلى احتضانها لكل الفصائل الإرهابية المتشددة في محافظة إدلب وغيرها، والتي تلقى الدعم المتواصل من جيش الاحتلال التركي. تركيا تدّعي أنها تريد تأمين حدودها وأرضها من الإرهابيين المنتمين إلى حزب العمال الكردستاني وغيره، والذين يقومون بعمليات داخل تركيا. فأي أمن تبحث عنه تركيا، وهي التي كانت السبب المباشر في كل ما جرى من عدوان دموي في سورية ومايجري من تطورات في الشمال السوري منذ عام 2011 وحتى اليوم؟! فقبل اندلاع الأحداث في سورية عام 2011، كانت العلاقات السورية – التركية في أحسن حالاتها، ولم يُسجّل على مدى سنوات منذ عام 1998 أي عملية عسكرية انطلقت من الأراضي السورية، بل على العكس، استطاعت سورية أن تضبط حدودها بشكل لافت، لم تسجل خلالها تركيا أي ملاحظة على الوضع الأمني على طول الحدود السورية – التركية. لكن تركيا بسبب عقيدة اردوغان الاخونجية هي التي جلبت لنفسها العمليات العسكرية الكردية ضدها، منذ أن تدخلت بشكل سافر وأقحمت نفسها في الشأن السوري، وكانت رأس الحربة للمعارضة السورية بكل أشكالها الإرهابية وغير الإرهابية، جاعلة أرضها ممراً لكل فصائل القتل القادمة من أنحاء العالم إلى سورية، مقدمةً كافة التسهيلات والدعم اللوجستي والعسكري والاستخباري والأمني، فكُشفت الحدود، ولم يعد بمقدور تركيا منع المتسللين إليها من الفصائل العسكرية الكردية، لتضرب في الداخل التركي. إنّ تورط تركيا وانغماسها في الأحداث السورية، أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم، حيث كانت مع بعض العرب المتآمرين على الدولة السورية ورئيسها تريد قلب النظام والإطاحة به، علّها تستعيد دورها ووجودها ونفوذها الماضي الذي انطفأ نهائياً عام 1918.
اردوغان النيو خليفة العثماني يلبس طربوش السلطنة
اليست تركيا هي التي اقامت ماوراء حدودها معسكرات لايواء النازحين قبل اكثر من شهر من 14 آذار 2011 ولم تكن مايسمى الازمة السورية بانت ملامحها حتى… أليست تركيا هي التي حضّرت خطة قبيل أحداث جسر الشغور لإقامة منطقة عازلة على الحدود داخل الأراضي السورية لتجميع النازحين السوريين المتوقع نزوحهم من جسر الثغور والمنطقة المجاورة؟ أليست تركيا التي طلبت يوم 9 آب 2011 بعد زيارة وزير خارجيتها داود أوغلو لسورية واجتماعه بالرئيس بشار الأسد، بموجب ورقة عمل تطلب فيها إعلام سورية خلال 48 ساعة من انتهاء الزيارة تلتزم فيه تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية في سورية خلال ثلاثة أشهر، مما يشكل نوعاً من الأوامر والتدخل السافر في الشأن السوري؟! أليس إقحام تركيا وزجّ نفسها في الأحداث، حملت داود أوغلو للتصريح أثناء زيارته بالقول: “إن الظروف شاءت أن تشهد في سنة واحدة العلاقات السورية التركية في أوجها، وكذلك في مستواها المنخفض ، مضيفاً أن تركيا لا يهمها الأنظمة بقدر ما يهمها الشعوب”؟!
يا للمسخرة قتلة الشعوب عبر تاريخ هذه الدولة المسخ الآتي شعبها من قبائل الايغور الصينية قبل ثمانية قرون والذين لم يبق شعوب لم تتلون ارضه من دمائه على يد الطورانيين، وملأوا الارض كلها بجماجم الابرياء، وقد احتلوا آسية الصغرى والقسطنطينية والبلقان وكل العالم العربي وحكمونا بالحديد والنار وعشرات المجازر بحق المسيحيين اليونان والسوريين الارثوذكس والارمن والسريان والآشوريين والعلويين وحتى الاكراد ولاتزال فتنة 1860 التي خططت لها السلطنة ونفذها الرعاع تحتل الصدارة في دراسة تاريخ المجازر الطائفية فقد ابيد في جبل لبنان اكثر من ثلثي المسيحيين وفي دمشق ومحيطها 90% من المسيحيين وقبلها في حلب وسهولها عام 1850، ومشانق احرار العرب 1915 و1916 في بيروت ودمشق تستصخ ضمائر التاريخ. أليست تركيا أول مَن احتضن في شهر حزيران 2011 أول اجتماع للمعارضة السورية في أنطاكية، أي بعد ثلاثة أشهر من اندلاع الأحداث؟! لتقوم بعد ذلك بتصعيد لهجتها ضد سورية وصولاً إلى القطيعة النهائية في آب 2011، والعمل بعد ذلك على تقديم الدعم الكامل للعناصر المسلحة من خونة مايسمى عصابة الجيش السوري الحر على الأراضي التركية؟! لم تكتفِ تركيا بهذا القدر، بل اتخذت في شهر تشرين الثاني 2011 إجراءات فرضت خلالها عقوبات اقتصادية ومالية، وتجميد التحويلات المالية إلى سورية ووقف التعاملات بين المصرف المركزي التركي والمصرف المركزي السوري، وذلك بغية حمل الرئيس الأسد على التفاوض مع المعارضة السورية. بهذه الإجراءات تضرر قطاع النقل، والسياحة لدول الجوار، وأيضاً تضررت الصادرات التركية لسورية لتهبط كثيراً أثناء سنوات الحرب بعد أن بلغت عام 2010 ملياراً وثمانمائة وخمسة وأربعين مليون دولار. لم تتوقف تركيا عن العمل على تغيير نظام الحكم السوري، إذ أرادت في شهر نيسان 2012 تحريك الأمم المتحدة والحلف الأطلسي كي تضع “الأزمة السورية” في إطارها الدولي، حيث أعلن رئيس وزراء تركيا أردوغان في منتصف آذار 2012، أن من بين الخيارات التي يجب على الحلف الأطلسي أن يأخذها بالاعتبار: منطقة آمنة ومنطقة عازلة. تركيا التي حافظت على سياسة خارجية لعقد من الزمن، اتسمت بالموضوعية وتصفير المشاكل مع جيرانها، سقطت في فخ الربيع العربي . ظناً منها أن حركات التغيير المزعوم التي تشهدها دول عربية، ستؤمّن وصول الإسلاميين المعتدلين إلى الحكم، وتعزّز من نجاح التجربة التركية وتتقاطع مع الشعار المرفوع: الإسلام هو الحل . لكن الوقائع على الأرض أثبتت أن ما كانت تتطلع إليه أنقرة، قد سقط في تونس وليبيا، ومصر وسورية. فتركيا التي كانت تتصور أنها ستكون المثل والمعيار، وصاحبة الحل والعقد في الشرق الأوسط، عرفت مدى الهوّة التي هي فيها بالنسبة للأزمة السورية بعد ثماني سنوات من الحرب الدائرة فيها. لم تتوقف تركيا عن بذل كل ما في وسعها من أجل إسقاط النظام السوري. فخلال الربع الأول من عام 2014 حجبت السلطات التركية موقع اليوتيوب عن الجمهور لفترة، لمنع تداول محادثة على نطاق واسع، الـتُـقطت بين وزير الخارجية التركي داود أوغلو، ورئيس الاستخبارات التركية حقان فيدان، حيث سُمع يتحدّث الاثنان عن ضربة عسكرية ضد سورية. وبعد سيطرة الفصائل الإرهابية – داعش والنصرة – على أجزاء واسعة من شمال سورية وشرقها وجنوبها وريف دمشق، نجد أن تركيا رفضت الانخراط في التحالف الدولي للمشاركة في العمليات العسكرية ضد الإرهابيين، “حتى لا تصب هذه العمليات – بنظرها – في مصلحة النظام السوري ومصلحة الكرد بالذات”. كما رفضت طوال سنوات وضع قاعدة انجرليك في جنوب تركيا بتصرف التحالف الدولي كي تنطلق الطائرات الحربية منها لضرب المواقع العسكرية لداعش. هي تركيا اليوم بعدوانها السافر، واحتلالها لأراضي سورية، تريد فصل كرد سورية عن كرد تركيا بحزام سوري تحتله. مستفيدة من حمق وغباء الكرد ورهانهم الخاطئ على الآخرين، ومستفيدة أيضاً من تقاطع المصالح بين الدول الفاعلة على الأرض. لا يهم تركيا بعد إقامة الحزام العازل، ما يفعله الكرد حيال الدولة السورية وحيال أنفسهم، وإزاء مَن تحالفوا معهم. ولا يهمها خروج عشرات الآلاف من إرهابيي داعش من سجون ماتسمى قوات سورية الديمقراطية قسد ليعيثوا في الأرض القتل والدمار. إن فصل كرد سورية جغرافياً وميدانياً ولوجستياً عن كرد تركيا هو مطلب تركيا، ولا شك في أن الحزام الأمني الجغرافي يحتوي على ثروات كبيرة من النفط والغاز، مما يتيح لتركيا مستقبلاً استغلال الثروات الكامنة، وهي الباسطة سلطتها أيضاً على محافظة إدلب والحاضنة للفصائل الإرهابية داخلها. في هذا الحزام يتم اسكان حوالي 3 ملايين من الخونة السوريين الذين منحتهم تركيا الجنسية والغاية المطالبة بهذه الارض لكون شعبها تركي… ليفهم الكرد ولو لمرة واحدة، أن الدولة الكردية التي يسعون إلى إقامتها تصطدم بعوامل خارجية تتجاوز طموحاتهم ورغباتهم. فلا مجال أمام أي دولة في المنطقة، أكان في سورية أو العراق أو تركيا أو إيران للتفريط بوحدة الأرض أو القبول بالتفريط بالسيادة والوحدة والجغرافيا. فبعد كل الحروب التي خاضها الكرد من أجل الانفصال وإقامة دولتهم، على مدى أكثر من نصف قرن، لم يدركوا بعد أن الخيار السليم هو العيش في كنف الدولة أكان ذلك في سورية أو إيران أو العراق أو غيرها، وعليهم أن يتخلوا عن فكرة الانفصال. إن مستقبل كرد سورية ليس عند الأميركان، الذين يضحّون بهم عند أول مفترق طريق. كما حصل…! مستقبلهم في إطار الدولة السورية الواحدة الموحدة، وهم ليسوا إلا وقوداً وأداةً يستخدمها الأميركي والإسرائيلي لتحقيق مصالحه، فإذا ما تعارضت مصلحته مع مصلحة الكرد، لن يكونوا إلا مثل غيرهم من المراهنين عليه، كبش فداء. إن كان للكرد من حقوق، فلتكن داخل الدولة وبالحوار وليس بالحرب. إنها فرصتهم الذهبية للعودة إلى الشرعية، وليبدأ بعد ذلك مسار جديد لمواجهة الاحتلال التركي بكل الوسائل المتاحة، الذي يهدّد أمن وسيادة واستقرار ووحدة سورية ومستقبل شعبها، بعربها وكردها، كما يهدد أمن واستقرار المنطقة كلها. هل يتّعظ الكرد وهم في منعطف خطير قبل فوات الأوان؟! وأما سورية فليس لها من خيار في نهاية المطاف، إلا مواجهة غزو العدو العثماني الجديد الذي كشف عن وجهه البشع منذ عام 2011 ولا زال مستمراً حتى اليوم.
طائر الفينيق السوري ينبعث من جديد منتصرا على الموت والرماد
و من دمشق البداية وفيها تعود الأزمنة جارية على هواها كقصة الخلق، وإليها يعود الزمن…
الرئيس ترامب- يعلن، مع فكرة انسحاب قواته الاحتلالية من سورية، “أن الذهاب إلى الشرق الأوسط كان أسوأ قرار في تاريخ أمريكا”. في الآونة ذاتها عند اردوغان الطامع بحلب والشمال السوري والموصل العراقية تتضخم «الأنا العثمانية كونه السلطان الحديث الذي يعيد الخلافة بسطوتها» -وهو الصبيّ والتابع-الذي اغتنم اللحظة لحظة الانسحاب الأمريكي، وتخلّي واشنطن عن حليفها ميليشيا «قسد» وبدأ عدوانه على سورية…
وعمليا اميركا تابعت في توظيف الحروب في سورية بدلا عنها، فكانت داعش اولاً ثم احتلالها غير الشرعي مع حلفها الغربي والعربي، ثم قسد…بالانسحاب الذي بدا مفاجئاً ظهر لأردوغان انها الحظة ليحتل في سورية ويقيم منطقة عازلة يوطن فيها ثلاثة ملايين ونصف من السوريين اللاجئين اعطاهم الجنسية التركية ليستفيد منهم في انتخاباته المقبلة وليكونا ورقة تفاوض على طاولة مناقشة مشروع الدستور، وفي مطلق الاحوال هي منطقة صارت تركيا يجب ان تضم الى تركيا.
طبعا ترامب بعدما باء مشروع بلاده بالفشل حيث قال: ثمانية تريليونات دولار، كانت مجموع الإنفاق الأمريكي في الشرق الأوسط، حسب التوقيت اللحظي لآخر تغريداته.
الانسحاب الاميركي لم يكن مفاجئاً فترامب اعلن عنه منذ كانون الثاني 2018 وخاصة بعد انكفاء داعش بانتصارات الجيش السوري وحلفائه في سورية وكذلك في العراق وامتداد محور المقاومة واتصال الجيشين السوري العراقي والحشد الشعبي على الحدود بالرغم من بقاء قاعدة التنف، وفتح معبر البوكمال بارادة سورية عراقية ايرانية روسية صينية فهويعني اعادة احياء طريق الحرير الموصل الى بكين لخدمة اقتصاديات هذه الدول مجتمعة…والاهم تلك المناورات الضخمة التي شاركت فيها القوات من سورية والعراق وايران وروسيا مادفعت بترامب الى اعادة تفعيل عزمه على الانسحاب… النظام التركي وبقرار الانسحاب الأمريكي تسلم ضوءًا أمريكياً أخضر للتخلص من ميليشيا «قسد».
مع الذرائع المعلنة من ترامب يتماهى اردوغان بالتحرّك العسكريّ والسياسيّ، ويمعن في احتلاله لأراض سورية وهو يحاكي ذرائع سيده الواهية أبداً في كلّ حرب حطّت فيها الرحال الأمريكية، رحال المستبد بلباس «الطيّب القادم إلى الشرق لتخليصه من الإرهاب»، بخطوة تجرّأت فيها على استنكار الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول المنطقة والعالم بشأن ما سمّته عملية «نبع السلام»، الهادفة -حسب العقل الأردوغاني المهزوز- إلى التخلّص مما يسميه «التهديد الكردي»، بينما تحور السياق العدواني للعملية اللاشرعية ليصير «حرباً على الإرهاب»، وليُظهر الوجه الحقيقي لأردوغان الكاذب والمنافق، الذي يعلن خطابياً أن «تحرّكه العسكري لايطمح من خلاله لامتلاك أراضٍ أو أملاك في أي دولة»، ويتعهد بأن «بلاده ستعمل على حماية المدنيين، وعدم إلحاق الضرر بأي منهم»! بينما المشهد الميداني يكشف عورة المخطط التركي القائم على «استنبات حلم عثماني» بجيش من المرتزقة من سوريين ومن كل العالم وخاصة اتراك العالم، يتم زجّهم في العملية العدوانية التي ما اقتصرت على «نبع السلام»، بينما تركيا ومنذ قيام الحرب الكونية الارهابية على سورية، تسعى إلى تدميرها من خلال احتضانها الفصائل التكفيرية والعصابات الإرهابية المختلفة تحت مسميات «المعارضة»، وقد فتحت حدودها البريّة والبحريّة والجويّة لمئات آلاف الإرهابيين الأجانب منذ 2011 وحتى الآن.
واليوم ترسل تركيا جيشها ومرتزقتها لاستكمال مخطّطها بتحرّكات بعيدة كل البعد عن تصريحات رئيسهم المنافق، فالتهجير والفرار والدمار للمدن والقرى هي المخرج الأساس لعملية «نبع السلام»!.. التي لم ولن تكون نيرانها ومرمى قذائفها «حمائم سلام» على آلاف المدنيين السوريين، كما حصل منذ بدء العدوان التركي اضافة الى تدمير البنى التحتية والجسور والوصول الى طريق الحسكة – حلب وقضم مايمكن قضمه قبل وصول طلائع القوات السورية لفرض امر واقع يوضع على طاولة المفاوضات مع قضية اللاجئين الثلاثة ملايين ونصف المنوي توطينهم في هذه المنطقة التي تزيد مساختها عن عشرات آلاف الكيلو متراتمن سورية، والدولة السورية تعدّه عدواناً سافراً يستهدف سيادتها وأمنها وأمان مواطنيها، وستتصدى من أجل تحقيقه بكلِّ الوسائل لتحرير كل شبرٍ من أراضيها. وعلى المجتمع الدولي عامةً الوقوف في وجه «الغزو» التركي، وعدم الاكتفاء بإدانته بأوجه خروقاته واعتداءاته على أراضي دولة ذات سيادة، فهذا تحدٍّ فاجر للقوانين والقرارات الدولية. الحرب الكونية على سورية لم تنتهِ بعد، وعدوان تركيا الأخير سيشكّل منعطفاً إقليمياً ودولياً من الفوضى السياسية ذات المنشأ لقرارات أميركا المتهورة.
سورية تحترم وعودها على وعدها كما لم ترفع رايةً بيضاء في تاريخها قط… وقد تحرك الجيش السوري وبسط سيطرنه الكاملة على منبج والرقة ومطار الطبقة العسكري والطبقة وتل تمر ومحاقة الحسكة ودير الزور وحقول النفط والغاز وسد الفرات…وما استطاعت تحريره من هذه المنطقة الشاسعة بأقصى سرعة.
أرادت اميركا وحلفها الغربي والعربي و136 دولة هزيمتها وتقسيمها والعبث باستقرارها وفرزها طوائف ومذاهب وإثنيّات لتحترب، فصارت كلمتها هي العليا وكلهم باتوا يبتلعون السمّ ويذهبون إلى ما أرادوه للشام، وهي شامخةٌ كالطود لا تهتزّ. لا بل وفق تقديرات الاستراتجيين العالميين وفي مقدمهم الاميركيين ان سورية هي التي بانتصارها ستتقسم تركيا في ذيول مئوية القرن بعد تقسيم سايكس بيكو.
سورية ليست رخوةً يمكن عصرها كما خيل اليهم، أو كعكة يمكنهم تفاسمها بالتقسيم واعادة العمران… والقرد اوغان يحظى بالقطعة الاكبر … في سورية فكما انكفأ الاحتلال الاميركي قبل ان يتمرغ انف رئيسه بوحولها وتبعه الاحتلالان الفرنسي والانكليزي أصبحت ساحة تمريغ أنوفهم جميعاً بالأوحال…
لقد حاولوا تقسيمها من جنوبها وغربها توهّموا إقامة مناطق آمنة وشرائط حدودية لتحمي نظمهم الاغتصابية والمرتهبة المأزومة، فردّت بأن قطعت أذرعهم وأعادتهم يعانون من أمراض ومن رهاب ارتداد إرهابهم وعملائهم خناجر مسمومة في رقابهم. كحالة الهلع الصهيونية اليوم من جنوب لبنان والجولان مع المقاومة.
نشروا القواعد الأمريكية والأوروبية، وزجّوا بمئات الآلاف من شذّاذ الآفاق من كل أركان الدنيا فيها، فأعادتهم لهم وحوشاً منفردةً ومعهم اسرهم التي عاشت سفك الدماء بمن فيها زوجاتهم واصبحت حالة رهاب تقضّ مضاجعهم وتؤزّم أوطانهم واتحاداتهم.
استمالوا ضعاف نفوس واشتروهم فكانوا معارضات طفيلية عاشت في فنادق الخمس نجوم، كاباطرة بما منحوهم من دولارات، وهم وان باعوا الوطن، لكنهم كلهم طُردوا منه، واليوم لاحول ولاقوة لهم لأن الاحتلال الاميركي ولى والاحتلال الداعشي والارهابي كاد ان يفنى والتركي سيهزم في سورية بعزيمة الجيش السوري والشعب الرافض لكل الاحتلالات وخاصة هذا المحتل البغيض ويخرج ذليلاً تساهم به انخفاض شعبية اردوغان والاوضاع الاقتصادية الصعبة في تركيا…
والسعودية والعربان في حالة رعب وقد لحمسوا على ذقونهم وارتعبوا من تنامي القوة الايرانية وماقصف ارامكو الزلزالي وانتصارات الحوثيين في اليمن الا مؤشرعلى انهيار كل هذه المنظومة واذيالها ومرتزقتها من الخونة السوريين… وقد عرفوا من خلال تجربة قسد ان لا امان لاميركا وهي لاتتحالف بل توظف…
وظفت اميركا اولاً داعش فهزمت، ثم وظفت داعش الجديدة قسد الانفصالية وهاهي انهارت واحتمت بالجيش السوري وكانت متعنترة بعدما اغرتها اميركا بالانفصال والكيانية والسيطرة على ثروات المنطقة الشرقية والشمالية الشرقية، فعاملتهم سورية بالحسنى وحتى مع بقية اولادها التي طعنوها في الظهر، واستمرت تتعامل مع أبنائها بصدرها المفتوح وتدعوهم للعودة الى حضنها الدافئ، ولم تتردد أو ترتهب وهاهي تحميهم بعدما طعنهم مشغلهم الاميركي، لتسود المقولة الحقة مع اميركا: “لاتحالفات مع اميركا، بل هي عقود تشغيل ب”شرط الاسد” اي “عقود اذعان”.
صحيح ان العربان في تكالبهم ضد سورية وبعدما قاطعوها سياسيا واقتصاديا وفرضوا العقوبات كما شاء معلمهم الاميركي بعقوباته الاحادية، وجمدوا عضويتها في الجامعة العربانية فقالت كلمتها: جامعتكم بلا روح وبلا عروبة، فبلا الشام أنتم مستعربون وخونة وطارئون. أما الشام فأبديةٌ كانت والى أبد الأزمنة باقية قلب العروبة وبيتها وأصبحت بجيشها الأسطوري قبضتها المرفوعة أبدا تخفق رايتها على ما خلقت لإنجازه ولن تتأخر عن مهمتها.
توهّم اردوغان لصّ حلب أنّه قادرٌ على ليّ ذراعها والغدر بها ومنذ اللحظة الاولى وهو يردد بكل عنجهية ومنفخة انه سيدخل الى دمشق على حصان السلطان العثماني ويصلي في الجامع الاموي، فقالت له “أنت أزعر وليس من مكان للزعران واللصوص في زمن الشام الجاري…” والآتي أعظم…
تردد العربان في العودة الى قلب قلب العالم وحاضنتهم فلم تستعجلهم ولا طالبتهم بأن يعودوا، ورهانها إما تأتون إليّ صاغرين معتذرين أو تذهبون مع الريح غير مأسوفٍ على أحدٍ منكم، وأما أنا فباقيةٌ ما بقي الإنسان حيّاً وينبض…
بعد تحرير حلب وبعدما صرح كل الزعماء باسقاطه وذهابه ووضعوا السيناريهات لذهابه ولكنهم كلهم ذهبوا وبقي هو ليقول اما الحلبيين الصامدين بعد تحريرها حلب قال قائد الوطن بشار الاسد وهو القائد الإبداعي: “هنا ينتهي الزمن ويبدأ التاريخ”، وردّدها في الغوطة الشرقية أمام ضباطه وجنده، “كلّ مترٍ تتقدمون إليه تغيّرون في العالم وليس فقط في سورية والعرب”…
أزمنة سورية تسود كلما تفاعلت عبقريّاتها الثلاث: الجغرافيا والزمان والإنسان وتنضبط الأمم والقارات على عقاربها، ومن لا ينضبط سيأخذه الزمن إلى النسيان…
سورية كما خلقت تستمرّ وتعود ولّادةً وخلّاقةً وقائدةً واسمةً لكلّ جديد…
واليوم تنبئ أردوغان أنّهم ذهبوا جميعاً إلى الجحيم وبقي القائد وجاء دورك فارحل باكراً كي لا تأخذ تركيا إلى ما حاولته في سورية.
“من هنا عليك أن تبدأ بإعادة هيكلة أمريكا وطرد لصوصها ومن هنا عليك أن تعود بجيوشك وعساكرك فلا سلاحك فاعل ولا جندك مقاتلون وهذه أرض الرسالات والحضارات لا تقبل ضيماً أو احتلالا أو هزيمة، فارحل ولا بأس أن تأخذ معك كلّ أدوات وعملاء ونظم سايكس بيكو ووعد بلفور” هذا قول سورية لأميركا، وتجدد وعدها أن فلسطين جنوب سورية تبقى وتعود والقدس عربية وستكون …
رسالتها اليوم للمستعربين: “إن جئتم فأهلاً لكن لستم عندي كما كنتم، وإن لم تأتوا فخير على خير”. وهو ماقالته للعربان…
ولكل من تورط فيها فعلى وعدها هزمتهم ولن تقوم لهم بعد اليوم قائمة..
هكذا نقول للزمان قف وانعطف، فمن دمشق الباديات وفيها تعود الأزمنة جارية على هواها كقصة الخلق، وإليها يعود الزمن، فكل الجداول تصبّ في بردى ليرقص قاسيون مزهوّاً برجاله الأساطير وبشعبه الأبديّ واليوم الى الفرات فالى الفرات خذوني معكم فمن حقي ان اغسل وجهي بمياهه كما فعلت من عمري بمياه بردى والفيجة..
سورية تنتصر وتنسج أسطورتها من جديد فاليها العودة ايها الزمن…
كما غنت ام كلثوم ترجمتها كتابة واحساساً مترافقا مع ابتسامة للحظة ودمعة عين وضحكة وتجهم رافق كل ماتذكرت وهو غيض من فيض رحم الله تلك الايام الوادعة وكان هم اهالينا كان على قد اعمارنا اما الآن فلامجال لحصر الهم فهو اوسع من يحصر كل شيء هم حتى السعادة اللحظية وراءها اكبر هم… هم الوطن!!! هم المعيشة!!!وهم الاولاد في الغربة!!! وهم التفاهات التي نعيش…! استذكرت الزمن الجميل وزمن الطيبين … على الله تعود بهجتنا متل مابيغني وديع الصافي… ولكن بكل حسرة كل اولادنا واهالينا غادرونا الى كل العالم…فمن اين تعود؟ هي حكاية ايام طفولة جميلة عشناها وراحت ومااظن ترجع… حكاية زمن السبعينات وماقبل اروع حكاية واروع صور..
زاوية حارة كنيسة الصليب المقدس بالقصاع
لمة كل العائلة في البيت الواحد نأكل من مائدة واحدة، ونسهر السهرات الفرحة، وخاصة عندما يأتي الغياب من اميركا دق وغناء وطاولات عزايم ومشاوي وجرن الكبة النية بدون كولا ماكانت الكولا موضة… احياناً يكون في للصغار كازوز اورانج وسينالكو…الكبار كانوا يشربوا كاس العرق …ونلعب الاولاد مع بعضنا ونذهب الى المدرسة سوياً بالمرايل السود والياقة البيضا… والشنطة باليد مو عالظهر… هو الزمن الجميل زمن العائلة الواحدة والحارة والرفقة الطيبة وطلعة الكشافة بالعيد بالقصاع الحلوة…هي حارتنا وفيها بيوت عائلتنا وكل العائلات … ونحاول تقليد مشية الكشافة وبعدين استمتعنا اكثر لما دخلنا فيها صغار … وصرنا نحن نستعد لتلك الطلعات بالموسيقى والاعلام ونستعد للرحلة الكشفية بالمسير او الترامواي للغوطة وبالقطار الى الزبداني وبالباص الى الأماكن الأثرية متل قلعة الحصن ودير مار جريس الحميرا وطرطوس للسباحة… في الماضي لم يكن التلفزيون بكل بيت ولم يكن التلفون بكل بيت وممنوع علينا نحن الصغار ان نشعل التلفزيون او ان نرد على التلفون… محظوراً وممنوعا إلا علىٰ الوالدين الرد عليه اذا رن الهاتف تتعالى أصواتهم بالآمر من بعيد لا حدا يرد فهذا الجهاز الساحر ارتبط بمفهوم الأخلاق والحياء كنا بالمدرسة مختلطين صبيان وبنات اخوة نلعب معا وندرس معا ونذهب للكنيسة صباح كل احد مع المدرسة… في الماضي كان أقصى ما يمكن أن يشاهده الصغار
ترامواي القصاع
في التلفزيون في دورنا نادي الاطفال وافلام كرتون ودور اولادنا في طفولتهم افتح يا سمسم والكابتن ماجد وزينه ونحول وغريندايزر وأفضل البرامج بابا فرحان والتمثيليات الشامية وابو رشدي وام كامل وبرنامج العلم للجميع… وكانت الكشفية هي التي تفرحنا لذا انتسبنا اليها اطفالاً وبقينا فيها ادخلنا اولادنا لأنها مدرسة الرجولة وتفتح المواهب ولازلنا فيها حتى هذا العمر… في الماضي كان الأب رغم حنيته الله يرحمه عملاقاً كبيراً، نظرة من عينه تخرسنا وضحكته تطلق أعياداً في البيت.. وصوت خطواته القادمة إلى الغرفة تكفي لأن نستيقظ في الماضي كانت مدرستنا قريبة مهما كانت بعيدة… قريبة لدرجة أننا نمشى إليها كل صباح ونعود منها كل ظهيرة، لم نحتاج إلى باصات مكيفة ونعود بعد الظهروكان الدوام قبل وبعد الظهر… كنا مجرد مانفرص من المدرسة بالعطلة الصيفية وفي اليوم التاني كنا بالشغل اللي اما ابونا رتبوا لنا او حتى نحنا لحتى مانرعط بالطرقات ونخلي الناس تسبنا على هالترباية ولحتى نطلع مصروفنا ونخبي منو مع امنا للمدرسة الجاية… ونرجع المسا ونبوس ايد ابونا وامنا وهنن يبوسونا ويقولوا الله يرضى عليك وهيك بقينا حتى مابعد زواجنا…
مدخل حارة الصليب الصورة في الستينات ويبدو محل بيرم للصيد وسلاح الصيد وبجانبه الحمصاني الدرويش
ونحن اولاد ونحنا راجعين المسا من الشغل لم نخش على أنفسنا ونحن نتجول في الحارات في الماضي لم تكن هناك جراثيم على عربات التسوق ولم نعرفها في أرضيات البيوت حتى لما كنا ناكل الأكلة المسماة (ملوق) وهي من فم الى فم البياع كان يغطها غط بالمي ويحط الملوق بالقطر من جديد ويحطو بفم التاني فينا…! ولم نسمع عنها في إعلانات التلفزيون ولم نحتاج لسائل معقم ولاكلور بكل ثقله على التنفس ولا ديتول ولا مطهر يدين ندهن فيه أيدينا كل ساعتين لكننا لم نمرض. في الماضي كانت للأم سلطة وامي حنونة ومدبرة وكان ابي الله يرحمو كما يقولون في المثل :” الرجَّال جنّا والمرة بنّا” هيك كانت امي الله يرحمها… وللمعلم سلطة ذكراهم الطيبة بالذاكرة لهلق… وللمسطرة الخشبية الطويلة سلطة نبلع ريقنا أمامها وهي وإن كانت تؤلمنا لكنها جعلتنا نحفظ دروسنا وجدول الضرب وأصول القراءة بالعربية والفرنسية وكتابة الخط ونحن لم نتعد التاسعة من العمر بعد في الماضي كان ابن الجيران يطرقُ الباب ويقول: (أمي تسلم عليكِم وتقول عندكم بصلة .. بندوراية…بيضتين… رغيفين خبز…كاسة سكر…درة بن او غلوة شاي) إخوان في الجوار والجدار وحتى في اللقمة… بغض النظر عن الدين والمذهب… في الماضي كانت الشوارع بعد العاشرة مساءً تصبح فارغة، وكان النساء يمكثن في بيوتهن ولا يخرجن أبداً في المساء وكان الرجال لا يعرفون مكانا يفتح أبوابه ليلا سوى المستشفى لاسمح الله… في الماضي كان الستر هو الايمان بالله الورع وبدون تزمت مع اصوات ضحكات الوجوه الطيبة الباسمة… وكانت أبواب البيوت مشرعة للجيران
بناية سابا صعبية ساحة برج الروس
والترحيب يُسمعُ من أقصى مكان الله يرحم ستي اسما على باب بيت العيلة بالغروب بالصيف وهي على الكرسي القش البلدي والكل بيسلم عليها :” الله معك ام نقولا” تجيب والضحكة معبية وجهها:” الله يحفظكم تفضلوا فنجان قهوة”…”عشتي ام نقولا ان شا الله بالفرح”… وكنا نتبادل أطباق الطعام والآن نتبادل الشكوك وسوء الظن!! والآن عرفتم من هم الطيبين اللي راحووا وراحت حياتنا الحلوة معهم…. نعم إنها الأنفس التي تغيرت وأعمتها الحضارة كما يقولون! حضاره ألبستنا أرقى أنواع الملابس.. وحملتنا الموبايلات ونخرب بيوت الأهل بثمن الأجهزة لحتى يشوف الاولاد فيها كل ماكان محرم مجرد الحلم فيه…ولطق الحنك….حضارة عرتنا من الاخلاق والقيم الإنسانية .. بكل اسف نظهر ماامكن من العري في اجساد نسائنا في كل مانلبسه من قصير وسايح وبطن شي بيخجل الناظر الا التي تلبسه لاتخجل بيلبقلها مابيلبقها المهم انها تلبس والرجال في البيت راح زمانو وهيبته وماعاد الو كلمة لا على مرتو ولا على بنتو… وخاصة البنطلونات المشرطة الى اعلى المناطق الحساسة ليبل قلبو الي ينظرنا ويبلع ريقو ويشتهي بقلبو…
لننتظر تغيرات دراماتيكية في المسار الجيوسياسي، وفي المسار الجيوإستراتيجي، للشرق الأوسط…
بعد الآن كثيرون سيدقون على باب دمشق. مثلما تعرضت الدولة السورية للأهوال، ومثلما دحرت الأعاصير السوداء الآتية من أقاصي العدم، ها هو الرئيس بشار الأسد يقود المواجهة الكبرى، المواجهة التاريخية، لإعادة المهرج الأكبر والمهرج الأصغر كل إلى جحره.
على امتداد القارة العربية يتابعون ما يجري في الشمال السوري، ولقد كتبنا عن الجبال التي تمشي على الأرض، أليست دمشق المدينة التي ترفع رؤوس العرب، وقد رأينا كيف تنحني العباءات المرصعة، أمام سراويل الأباطرة؟ كيف يمكن لرجب طيب أردوغان أن يغسل يديه من الدم السوري؟ كيف للذي فتح الأبواب أمام برابرة القرن، وفي ظنه أنه سيختال، قريباً، على ضفاف بردى، أن يعترف بأن اللعبة انتهت، وبأنه سيعود من «الأوديسه العثمانية» خاوي الوفاض؟! ذاك الذي استثار اللحظة الطورانية، ولطالما كانت اللحظة الهمجية في تراث المنطقة، في رؤوس الذين ما برحوا يبحثون في الزوايا، في القبور كما في الأقبية، عن بقايا السلطنة. نقول للرؤوس المحنطة، وللأدمغة المحنطة، وللضمائر المحنطة، التي تكدست في «كرنفال المومياءات»، أي في جامعة الدول (المحظيات) العربية، أن تأخذ الأمثولة من سورية، من رجال سورية، ومن تراب سورية. هذا اليوم ليس ككل يوم. الذهول، ثم الذهول، في تل أبيب. على مدى أكثر من ثماني سنوات، والأسطورة العسكرية تزداد توهجاً يوماً بعد يوم. بمنتهى الدقة تابعنا ما ينطق به كبار الخبراء العسكريين في أوروبا حول «ليلة هيروشيما». التقاطع بين حرب الأمم وحرب القبائل على الأرض السورية. لاحظوا كيف كانت عواصم أوروبية تتساقط أمام الطبول النازية. ما حدث لدمشق أكثر فظاعة بما لا يقاس. مدينتنا بقيت في كبريائها، وفي إشعاعها. لم تنكسر، ولن تنكسر. هي حاضرة كل عربي لا يطأطئ الرأس، ولا يطأطئ الظهر، مهما تقلبت أحوال الزمان. وحين كان العرب، ذلك الطراز من العرب، يتقيؤون اللغة الببغائية إياها، وحين كان «المجتمع الدولي» يختبئ وراء البيانات الفولكلورية، كان الرئيس بشار الأسد يقول كلمته ليعيد المغول الجدد إلى الأدغال التي أتوا منها. مثلما يحظر العبث بالأرض السورية، يحظر العبث بالدماء السورية. الكل على بيّنة ممن هو رجب طيب أردوغان. ذاك الذي ألقى بـ«نجوم» المعارضة، كما تلقى أكياس القمامة، على أرصفة إسطنبول، وابتدع تلك الانكشارية الرثة، يحاول، وبحرفية الراقص على خيوط العنكبوت، أن يجعل من النازحين السكين في الخاصرة. الرجل فوجئ بالدبابات السورية وهي تزحف لتحرير الأرض، ولتحرير الأهل. على إحدى الشاشات الفرنسية، نقل أستاذ جامعي تركي لجأ إلى باريس عن صحفي صديق له قوله «لقد بدا أردوغان مذهولاً، ومذعوراً، كما لو أن دبابات الأسد تقترب من قصره في أنقرة». ولا مرة حاول أن يفهم، ومنذ تجربته المرّة في حلب، وقد ظن أنها على قاب قوسين أو أدنى من دمشق، أن اللعب على الأرض السورية يعني الانتحار، وأن عقارب الساعة، مهما مضى في سياساته البهلوانية، ومهما تواطأ مع دونالد ترامب، أو مع بنيامين نتنياهو، يمكن أن تعود إلى الزمن العثماني. هذه أيام فيها الكثير من ألق التاريخ، ومن دوي التاريخ. كل رهانات رجب طيب أردوغان تصدعت وتزعزعت. الرئيس التركي، وقد سقط عارياً في الفخ. ما فعله، منذ البداية وحتى الساعة، ذروة الغباء مثلما هو ذروة الزبائنية. أنيكون السلطان بمواصفات المشعوذ.
خربشات سياسية 18/10/2019اردوغان ومئوية معاهدة لوزان 1923 والخلافة العثمانية الجديدة…!مقدمة…نبدأ في خربشاتنا بالسؤال التاليهل يستعيد اردوغان الخلافة العثمانية مجددا بانتهاء معاهدة لوزان 2023..؟ وهل يمكن ان يكون الخليفة العثماني الجديد والمنتصر؟
في الواقع ان الاتراك لم ينسوا يوما معاهدة لوزان الثانية التي تسببت بتقليصٍ جغرافية الدولة التركية الحديثة، وإلزامها بالتنازل عن مساحات كبيرة كانت تتبع لها لصالح الجيران وبالذات عندما ارغمت عن التخلي عن الموصل للعراق. لذلك لم يكن غريباً تطرق الرئيس التركي أردوغان لها، في اثناء لقاءاته الدورية مع رؤساء البلديات والمخاتير الأتراك ، لايصال رسالةٍ تاريخيةٍ وسياسيةٍ إلى الخارج قبل الداخل، باهتمام تركيا بالتخلص من آثار الاتفاقية واستعادة حقوقها، التي اغتصبتها دول الحلفاء كما ترى تركيا التي تعد نصوص الاتفاقية مجحفة بحقوقها؟
معاهدة لوزان وتأسيس تركيا تأسست الجمهورية التركية الحديثة بناءً على معاهدة لوزان 1923، والتي تم إبرامها مع الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الأولى، وهم: المملكة المتحدة (بريطانيا)، وإيرلندا، وفرنسا، وروسيا، وايطاليا، وقد وضعت بريطانيا عدة شروط مجحفة ومؤلمة بحق الدولة العثمانية، اذ تم إلغاء الخلافة، ونفي الخليفة وأسرته خارج تركيا، ومصادرة جميع أمواله، وإعلان علمانية الدولة، ومنع تركيا من التنقيب عن البترول واعتبار مضيق البوسفور الرابط بين البحر الأسود وبحر مرمرة، ثم إلى البحر المتوسط ممراً دولياً لا يحق لتركيا تحصيل رسوم من السفن المارة فيه.
اطراف معاهدة سيفر
و بحلول 2023تنتهي مدة المعاهدة التي يكون قد مر عليها مائة عام، ومن هنا تُفهم تصريحات أردوغان ، اذ ستدخل تركيا عهداً جديداً، وستشرع في التنقيب عن النفط، وما انقضاض الاتراك على محيط قبرص الشمالية المحتلة من قواتها منذ 1974 للتنقيب بحراً عن النفط في هذه الآونة الا خطوة تمهيدية من مشروع خطوات التنقيب… و المشروع المقرر هو حفر قناة بحرية جديدة تربط بين البحرين الأسود ومرمرة تمهيدا للبدء في تحصيل الرسوم من السفن المارة. ومن هنا يمكن فهم بعض أوجه الخلاف الدائر الان بين تركيا والغرب.
تاريخ معاهدة لوزان
نبدأ في معاهدة سيفر 10 آب 1920
تركيا مع معاهدة سيفر 1920
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1918 أبرمت دول الحلفاء المنتصرة “معاهدة سيفر” يوم 10 آب 1920، وتقاسمت بموجبها أراضي الدولة العثمانية، وأعطت معظم القوميات غير التركية في الدولة العثمانية استقلالها، وكان منهم الارمن في مايسمى اليوم “ارمينيا الغربية” ومركزها منطقة كيليكيا واتي اعترف الرئيس الاميركي ويلسون لهم بحق اقامة دولتهم بعد توقيعهم على معاهدة سيفر، ولكن الأتراك رفضوا هذه المعاهدة وخاضوا حربا شرسة ضد الحلفاء حتى انتصروا عليهم انتصاراً كبيراً، وخاصة على اليونان لتحرير كيليكيا وضمها الى اليونان خلال حرب 1922-1923 وقد تخاذل الحلفاء وانسحبوا من المعارك بحيث بقي الجيش اليوناني الاصغر والأقل عدداً وتسليحاً أمام الاتراك. وبعضهم ترك كل سلاحه، وبالذات الثقيل للأتراك وانسحب كما فعل الجيش الايطالي وترك اليونان في هذه الحرب الكارثية لوحدها ما ادى الى هزيمة مدوية ابيد فيها الجيش اليوناني برمته، واستولت القوات التركية على كل كيليكيا وضمتها وشردت سكانها من يونان وسوريين من ابناء بطريركية انطاكية بعدما أعملت المذابح برقابهم واالشيء ذاته مع من بقي من الارمن.
مؤتمر لوزان الثاني وفي أعقاب ذلك عُقد “مؤتمر لوزان” الثاني الذي استمرت أعماله ثلاثة أشهر، وتمخض عن توقيع “معاهدة لوزان” اتفاقية سلام دولية يوم 24تموز عام 1923 في فندق “بوريفاج بلاس” بمدينة لوزان جنوبي سويسرا، وكانت أطراف المعاهدة القوى المنتصرة بعد الحرب العالمية الأولى (خاصة بريطانيا وفرنسا وإيطاليا)، والإمبراطورية العثمانية التي ترأس وفدها إلى المؤتمر عصمت إينونو، وقسمت هذه المعاهدة اراضي السلطنة العثمانية رسمياً على اساسها، وتم تأسيس الجمهورية التركية برئاسة مصطفى كمال اتاتورك.
حدود معاهدة لوزان 1923
مصطفى كمال اتاتورك: (1881 – 1938)، هو قائد الحركة التركية الوطنية التي حدثت في أعقاب الحرب العالمية الأولى وكان مدعوماً من النظام الشيوعي السوفييتي الذي سلحه بأحدث السلاح واثقله، وهو الذي أوقع الهزيمة بجيش اليونانيين في الحرب التركية ـ اليونانية عام 1922، وبعد انسحاب قوات الحلفاء من الأراضي التركية جعل عاصمته مدينة أنقرة، وأسس جمهورية تركيا الحديثة، وألغى الخلافة الإسلامية، وأعلن علمانية الدولة. عصمت اينونو: ( 1884 ـ 1973)، هو الرئيس الثاني لجمهورية تركيا حيث تولى الرئاسة من 11 تشرين الثاني 1938 إلى 22 آذار 1950، وكان قد شغل منصب رئيس وزراء تركيا عدة مرات في الفترات التالية من 1923 إلى 1924 ومن 1925 إلى 1937ومن 1961 إلى 1973وشكل خلالها عشرة حكومات، كما شغل منصب وزير خارجية تركيا في الفترة من 1922 إلى 1924، ومنصب رئيس الأركان العامة من 1920إلى 1921، وأصبح زعيماً لحزب الشعب الجمهوري من 1938 إلى 1972.
من اهم ما تضمنته معاهدة لوزان الثانية • ترسيم حدود امبراطورية الخلافة العثمانية التي كانت الدول الغربية تسميها آنذاك “الرجل المريض”، والتي أسست لقيام الدولة التركية القومية الحديثة بقيادة مصطفى كمال أتاتورك، وعاصمتها أنقرة. • تضمنت 143 مادة موزعة على 17 وثيقة ما بين “اتفاقية” و”ميثاق” و”تصريح” و”ملحق”، وتناولت ترتيبات الصلح بين الأطراف الموقعة على المعاهدة، وإعادة تأسيس العلاقات الدبلوماسية بينها “وفقا للمبادئ العامة للقانون الدولي”. • وضعت قوانين لاستخدام المضايق المائية التركية وقواعد المرور والملاحة فيها زمن الحرب والسلم، ونصت على شروط الإقامة والتجارة والقضاء في تركيا، وإعادة النظر بوضعية الدولة العثمانية ومآل الأراضي التي كانت تابعة لها قبل هزيمتها في الحرب العالمية الأولى خلال 1914-1918. • إبطال “معاهدة سيفر” وبنودها المجحفة بحق الدولة العثمانية، والتأسيس لما عُرف لاحقا بـ”الجمهورية التركية” العلمانية بعد إلغاء نظام الخلافة الإسلامية، ورسّمت حدود اليونان وبلغاريا مع الدولة التركية التي حافظت على ضم إسطنبول وتراقيا الغربية، وتضمنت بنوداً تتعلق بتقسيط ديون الدولة العثمانية. • تخلت تركيا عن السيادة على قبرص وليبيا ومصر والسودان والعراق وبلاد الشام، باستثناء مدن كانت تقع في سورية مثل أورفة وأضنة وغازي عنتاب وكلس ومرعش، وبتنازل الدولة العثمانية عن حقوقها السياسية والمالية المتعلقة بمصر والسودان اعتبارا من تشرين الثاني عام 1914.
التوقيع على معاهدة سيفر
• نصت على استقلال جمهورية تركيا، وحماية الأقلية المسيحية الأرثوذكسية اليونانية بتركيا وحقوق البطريركية المسكونية والبطريركي المسكوني في مقر كرسيه الاساس القسطنطينية بشرط حيازته الجنسية التركية، والأقلية المسلمة باليونان، وألزمت الحكومة التركية بالمحافظة على حياة جميع المواطنين وحقوقهم وحريتهم ضمن أراضيها، وبمساواتهم أمام القانون بغض النظر عن الأصل والقومية واللغة والدين، إلا أن معظم السكان المسيحيين في تركيا والسكان الأتراك في اليونان كانوا قد طـُردوا حسب معاهدة تبادل السكان اليونانيين والأتراك السابق توقيعها بين اليونان وتركيا، يونانيو اسطنبول، إمبروس وتندوس فقط تم استثناؤهم (حوالي 270,000 آنذاك)، والسكان المسلمين في تراقيا الغربية (نحو 129,120 في 1923)، الفقرة 14 من المعاهدة منحت جزر گوقچىعادة (إمبروس) و بوزجاعادة (تندوس) “تنظيم اداري خاص”، وهو الحق الذي ألغته الحكومة التركية في 17 شباط 1926.
• وافقت تركيا رسمياً على خسارة قبرص (التي كانت مؤجرة للإمبراطورية البريطانية إثر مؤتمر برلين في 1878، ولكنها ظلت قانونياً أرضاً عثمانية حتى الحرب العالمية الأولى) وكذلك مصر والسودان الأنجلو-مصري (الذي احتلته قوات بريطانية بحجة “اخماد ثورة عرابي واستعادة النظام” في 1882، ولكنهما ظلتا “قانونياً” أراضي عثمانية حتى الحرب العالمية الأولى)، والتي ضمتها بريطانيا بشكل أحادي في 5 تشرين الثاني 1914.
• ترك مصير مقاطعة الموصل ليتحدد عبر “عصبة الأمم”، كما تخلت تركياً عن كل الادعاءات فيما يختص بـجزر الدوديكانيز، التي كانت إيطاليا مجبرة على اعادتها لتركيا حسب الفقرة 2 في معاهدة اوشي في 1912، وتُعرف أيضاً باسم معاهدة لوزان الأولى 1912، إذ وُقـِّعت في شاتو دوشي في لوزان، سويسرا، في أعقاب الحرب الإيطالية التركية (1911-1912)، بين تركيا وايطاليا.
معاهدة فرساي
• ظلت الأراضي إلى الجنوب من سورية والعراق والجزيرة العربية تحت السيطرة التركية حين وُقـِّعت هدنة مدروس في 30 أكتوبر 1918، والتي لم تتعامل نصوصها معها بوضوح، إلا أن تعريف الحدود الجنوبية لتركيا في الفقرة 3 كان يعني أيضاً أن تركيا قد تخلت عنها، وكانت تضم المملكة المتوكلية اليمنية، وعسير وأجزاء من الحجاز مثل المدينة المنورة، التي احتفظت بها القوات التركية حتى 23 كانون الثاني 1919.
• الزام تركيا بعدم وضع أي قيود على المواطنين في استخدام أي لغة يختارونها مهما كانت، سواء أكان ذلك في العلاقات الخاصة، أم في الاجتماعات العامة، أم في مجالات الدين والتجارة والإعلام والنشر، مع تأكيد حقوق السيادة السياسية والاقتصادية للدولة التركية، وإلغاء تطبيق نظام الامتيازات الأجنبية على أراضيها.
• أعلنت رومانيا من جانب واحد فرض سيادتها على جزيرة القلعة العثمانية (أضا قلعة) في 1919، وقوّت هذا الادعاء في معاهدة تريانون في 1920، وكانت الجزيرة منسية بالكامل في أثناء محادثات السلام في مؤتمر برلين في 1878، مما سمح لها أن تبقى قانونياً أرضاً تركية في المِلكية الخاصة للسلطان العثماني حتى معاهدة لوزان في 1923 . وهي جزيرة صغيرة تقع على نهر الدانوب، وتتبع اليوم للأراضي الرومانية الصربية، وكان معظم سكانها من الأتراك، وتعكس الجزيرة خصائص العمارة العثمانية، حيث فيها العديد من المساجد والأزقة الملتوية. وقد بُنيت بعض مباني الجزيرة على طراز فوبان ، مثل الكنيسة الأرثوذكسية وبعض المقاهي.
• تخلت تركيا عن امتيازاتها في ليبيا كما كانت تحددهم الفقرة 10 من معاهدة اوتشي في 1912 (حسب الفقرة 22 من معاهدة لوزان في 1923).
نظرة الاتراك الى لوزان
مابعد مئوية لوزان 2023
الأتراك ينظرون الى الاتفاقية، باعتبارها وثيقة تأسيس للجمهورية التركية، كما وصفها بذلك الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، في كلمته أمام اجتماع المخاتير في مجمع الرئاسة بالعاصمة أنقرة حيث عاد الرئيس أردوغان مجددًا للحديث عن المعاهدة، مطالبا بمراجعة اتفاقية لوزان الثانية، الموقعة عام 1923، والتي تم على إثرها تسوية حدود تركيا الحديثة عقب الحرب العالمية الأولى.
اردوغان قال إن “خصوم تركيا” أجبروها على توقيع “معاهدة سيفر” عام 1920، وتوقيع “معاهدة لوزان” عام 1923، وبسبب ذلك تخلت تركيا لليونان عن جزر في بحر إيجه، ويصف اردوغان، معاهدة سيفر، بانها الشوكة الأولى في الظهر العثماني، لأنها أجبرتها على التنازل عن مساحات شاسعة من الأراضي التي كانت واقعة تحت نفوذها. معاهدة لوزان المحطة الأخيرة لتقسيم التركة العثمانية
اعترفت المعاهدة بحدود الدولة الحديثة في تركيا ، وتقلصت مطالب الحلفاء من الحكم الذاتي لكردستان التركية بالتنازل التركي للأراضي إلى أرمينيا (ارمينيا الغربية) ، والتخلي عن المطالبات إلى مناطق النفوذ في تركيا، وفرض الرقابة على المعاملات المالية بتركيا أو القوات المسلحة، وقد أعلنت المضائق التركية بين بحر إيجة والبحر الأسود لتصبح مفتوحة للجميع، على خلاف ما حدث في اتفاقية سيفر.
اما في آسيا ، فتخلت تركيا عن السيادة على العراق والاردن وفلسطين، لتصبح تحت النفوذ البريطاني، فيما خضعت سورية و لبنان للانتداب الفرنسي ، واحتفظت تركيا بالأناضول، وأصبحت أرمينيا جمهورية مستقلة في يريفان ومحيطها وهي تعتبر من اراضي ايران واعلن الحزب الشيوعي قيامها عام 1920 مدعوماً من الحكومة السوفيتية الحليفة لتركيا تحت ضمانات دولية في حين ان اتفاقية سيفر كانت تنص على الدولة الارمنية المستقلة الحالية وفي ارمينيا الغربية التي مالبثت ان ضمها اتاتورك الى دولته.
وفي أوربة ، تنازلت تركيا عن أجزاء من تراقيا الشرقية وبعض جزر بحر إيجه لليونان ، ودوديكانيز ورودس لإيطاليا ، والإبقاء على القسطنطينية وضواحيها من تركيا، بما في ذلك منطقة المضيق “الدردنيل والبوسفور” ، الذي تم تحييده وتدويله، وحصل الحلفاء على المزيد من السيطرة الفعلية على الاقتصاد التركي مع حقوق الاستسلام .
وقادت معاهدة لوزان الثانية إلى الاعتراف الدولي بسيادة جمهورية تركيا كدولة خلفت الامبراطورية العثمانية.
المشروع التركي المرتقب
ومع قرب انتهاء المعاهدة يعتقد ان “الرسالة المتداولة” سببت التوتر السياسي بين تركيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي، بعد مرور مائة عام على توقيعها.
كما تشير الرسالة إلى أنه سيكون بإمكان تركيا بعد انتهاء مدة المعاهدة، التنقيب عن النفط، وتنضم إلى قائمة الدول المنتجة للنفط، إلى جانب تحصيل رسوم من السفن المارة عبر مضيق البوسفور، وحفر قناة جديدة تربط بين البحر الأسود وبحر مرمرة، والتي كانت محظورة على تركيا حسب معاهدة لوزان، تمهيدا للبدء في تحصيل الرسوم من السفن المارة. ويمكننا فهم بعض أوجه الخلافات المستمرة بين تركيا والغرب بان الدول الغربية تخشى مع انتهاء المعاهدة ان تجد تركيا ما يبرر تدخلها في الموصل، التي كانت تابعة لتركيا طوال 4 قرون حتى فقدتها في الحرب العالمية الأولى.
وقال البروفيسور التركي المتخصص في العلاقات الدولية مصطفى صدقي بيلجين: عندما تخلت تركيا عن الموصل للعراق كان الأمر مشروطاً بعدم تغيير حدودها أو وضعها آنذاك، وهو ما تغير خلال العقود الماضية”. ويذكر التاريخ أن مدينة الموصل خضعت للسيطرة العثمانية عام 1534 في عهد سليمان القانوني، حتى نهاية الحرب العالمية الأولى كبقية المنطقة العربية، ولكن لها خصوصيتها النفطية وقد أصبحت مطمعاً للدول الغربية خصوصاً بعد اكتشاف النفط، فاستولت عليها فرنسا ثم بريطانيا، ومع توقيع تركيا على معاهدة لوزان واتفاقية أنقرة، تخلت أنقرة عن الموصل بعد تقليص مساحة أراضيها.
النتيجة
ولوزان الثانية اليوم على طاولة النقاش، اذ بدأت المخاوف من انقضاء المدة تطفو على السطح، وربط ذلك بمحاولة الانقلاب على اردوغان في منتصف 2016 ،ومع معركة الرقة والموصل. والسؤال: هل عند انتهاء مدة “معاهدة لوزان 2” ستعود تركيا امبراطورية عثمانية حديثة في المنطقة؟ وهل ستتغير الخريطة الجيوسياسية والاقتصادية، ويشهد العالم دخول مرحلة جديدة برجوع الإرث العثماني؟ وكيف ستتعامل القوى العظمى الحالية مع المطالب التركية؟ وهل سنشهد حروباً قبل 2023، ومن سيقود ذلك التغيير.
هل يوجد في القانون الدولي ماينص على المئوية؟
اردوغان الخليفة العثماني الجديد
حول ربط قرب انتهاء الاتفاقية بالتوتر السياسي بين تركيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي، يتساءل المراقبون: “هل توجد في القانون الدولي مادة تنص على صلاحية المعاهدات الدولية 100 عام فقط؟”، مشيرين إلى أن “ألمانيا ألغت معاهدة في الثلاثينيات بعد 20 عاما من توقيعها، فهل يمكن لتركيا فعل ذلك ؟
ان العدوان التركي اليوم على شمال سورية وسعيه لطرد الاكراد منها، واقامة ما اسماه المنطقة الآمنة بعمق 30 كم في الشمال السوري، مع كل ماتتضمنه هذه المنطقة من ثروات النفط والغاز والماء والاراضي الزراعية الخصبة والمساحات الزراعية الشاسعة، مع استمرار المناكفات التركية بشأن الموصل كله يؤشر على استماتة اردوغان لتحقيق اطماعه في الشمال السوري وخاصة بعد نجاحه في تغيير النظام التركي الى نظام رئاسي يمنحه الصلاحيات لتنفيذ حلمه بخلافة عثمانية جديدة يكون هو الخليفة. لاسيما وقد ادعى بالانقلاب الذي اعد له فتح الله غولن المقيم في اميركا واودع المتهمين والظنينين في السجون من عسكريين ومدنيين وقضاة و…بلغ عددهم حوالي مائة الف…
كله للوصول الى انتهاء المائة عام على اتفاقية لوزان واطلاق حلمه…
على الصعيد السوري (ونعتقد ان العراقي كذلك) ومع اعلان سورية عن استعدادها مقاومة الغزوالتركي بكل الوسائل المتاحة بما في ذلك التصدي العسكري كما هو حاصل، لن يتاح لأردوغان اغتنام اللحظة فقد اغتنمتها القيادة السورية وانقضت على الاراضي التي انسحبت منها قوات الاحتلال الاميركي والحلفاء غير الشرعية، كما ان العالم كلهادان العدوان وجابه تركيا بما في ذلك مجلس الامن الدولي واميركا وروسيا وايران حتى مجموعة الحلف الاطلسي وتركيا هي الدولة الحامية للشرق وفق عقيدة الحلف…
سورية منتصرة
لقد انتزعت سورية المبادرة عندما بدأ بعدوانه فتحركت قواتها بدعم من حليفيها روسيا وايران بعد انسحاب اميركا من المنطقة ما افشل مشروعه، ورغم استمراره في عدوانه وقضم الارض السورية ولكن الجيش السوري والشعب والعشائر العربية، ومن خلفه القيادة السورية مدعومة بالحليفين الوفيين روسيا وايران ووحدة موقف مع العراق، ومحور المقاومة سيفشلون كل هذا الغزو وكل مفاعيله…وبرأينا مشروع مرور قرن على لوزان سيفشل.
في أواخر أربعينات القرن الماضي، عثر البدويان محمد الذويب ومحمد حماد في احد كهوف خربة قمران المطلة على البحر الميت على ماعُرف فيما بعد ب”مخطوطات البحر الميت أو لفائف قمران”
في تدوينة سابقة لناب موقعنا هنا، وكانت تحت عنوان: “مخطوطات البحر الميت/ مخطوطات قمران” سلطنا فيها الضوء على هذا الاكتشاف المثير وأبطاله ومراحله…، جئنا هنا نسلط الضوء ولو يسيراً على مجتمع أصحاب المخطوطات وكيف عاشوا.
هذه المكتشفات”مخطوطات البحر الميت/ مخطوطات قمران” التي حظيت بشهرة عالمية وماتزال مثار اهتمام أجيال متتابعة من الباحثين من شتى اصقاع العالم، وَوُضِعَ عن المخطوطات اكثر من ثلاثة آلاف دراسة باللغات الحية كافة. ومازالت المطابع نهمة لطبع أي شيء جديد عن هذه المخطوطات.
وُضعت المخطوطات بداية في المتحف الفلسطيني في القدس، وكانت فلسطين تحت الانتداب البريطاني والمتحف بادارة بريطانية ومدير بريطاني، ثم انتقلت الى عهدة الاردن بعدما تم ضم القدس والضفة الغربية الى “إمارة شرق الاردن” ثم “المملكة الاردنية الهاشمية”.
البدويان محمد الذويب ومحمد حماد مكتشفا مخطوطات قمران
عند سقوط القدس باحتلال العدو الصهيوني لها في اعقاب هزيمة 5 حزيران 1967 سيطر العدو على المتحف الفلسطيني، وتم نقل المخطوطات الى “متحف الكتاب الاسرائيلي” في القدس الغربية.
واذا كانت المخطوطات مازالت تثير جدلاً خصوصاً حول مايمكن أن تقدمه من اعادة النظر في تاريخ الاديان المعروف. فإنه غابت في حومة هذا الجدل الذي لاينتهي حتى يبدأ، الظروف التي عاشها أفراد طائفة الأسينيين أصحاب المخطوطات في مجتمعهم الاشتراكي في تلك المنطقة المقفرة على ضفاف أخفض بحيرة في العالم.
ويقدَّرْ الآن للمتابعين معرفة بعض الأدوات التي استخدمها الأسينييون الذين انقطعوا للعلم، وتحصيل المعرفة والكتابة التي وصلتنا على شكل مخطوطات، من الجلود او الصفائح النحاسية وغيرها، من خلال معرض استضافته مكتبة الكونغرس في واشنطن.
معرض مكتبة واشنطن
مكتبة واشنطن
هذا المعرض كان قد افتتح بعدما أُعِدَّ له جيداً في حزيران 1993، وحُوِّلَ الى الشبكة العنكوبتية في نيسام 1996.
هَدَفَ هذا المعرض الذي ضم قطعاً من المخطوطات والأدوات التي عُثرَ عليها أثناء البحث في قمران والكهوف المحيطة بها الى زيادة فهم للزوار للفترة المضطربة التي نسخت فيها المخطوطات.
وكان السبب في تنظيم هذا المعرض بعدما تزايدت الضغوط العالمية خصواً من اوساط اكاديمية عالمية معتبرة. لكشف المزيد عن مضمون المخطوطات دفع مصلحة الآثار الاسرائيلية الى تنظيمه بعرض معروضات هي انتقتها…!
وقد حظي المعرض باهتمام الباحثين من مختلف دول العالم، وكذلك المتابعين والمهتمين، الا أنه لم يلاقي نفس الاهتمام من الباحثين العرب لأسباب غير مفهومة، مع أن الأمر يتعلق بفترة مهمة من تاريخ المنطقة، تأثيرها مازال طاغياً حتى الآن.
ضم المعرض الذي يكشف عن جوانب من واقع مجتمع الاسينيين، جرار فخارية، قسم منها لحفظ المخطوطات وسط تلك البيداء الجافة حتى وصلتنا بفضل البدويين الراعيين محمد الذويب ورفيقه محمد حماد الفتيين مكتشفي مخطوطات قمران…
محمد الذويب مات في احد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وهو يعاني الفاقة ولايجد ثمن الدواء، وبفضل شريكه محمد حماد الذي كان وقتها مايزال على قيد الحياة، واطلع على صور نماذج مخطوطات معرض مكتبة الكونغرس واستطاع التعرف على بعضها والتأكيد انه عثر عليها ورفيقه محمد الذويب في خربة قمران.
لفتت انتباه حماد شكل الجرار الاسطواني ولم تكن معروفة في أي مكان آخر غير قمران، ولم تكشف الحفريات الآثارية عن جرار مثلها، ويعتقد العلماء انها صنعت محلياً من قبل الأسينيين في خربة قمران في منطقة البحر الميت.
الفخاريات
جرار المخطوطات
كما عثر على أدوات فخارية متعددة مثل الدوارف والقوارير الصغيرة والأواني والأطباق والسلطانيات والمزهريات، مماجعل العلماء يصفون ماعُثر عليه في هذا المجال بأنه كنز أثري، ويميلون الى الاعتقاد بأن قمران ربما كانت مركزاً اقليمياً متقدماً لصناعة الفخار.
المنسوجات
ضم هذا المعرض المثير منسوجات، عُثِرَ عليها في أحد كهوف قمران في ربيع نيسان 1949 وأثار وجود بعض هذه المنسوجات مخفية مع المخطوطات، التساؤلات لدى العلماء اذا كان الأسينييون استخدموها ليس فقط في اللباس، وإنما أيضاً ضمن تقاليد أخرى مثل طقوس الدفن.
وعُثر أيضاً على قطع أقمشة، غُطيت بها الجرار ونسجت بطريقة معينة دقيقة، وكذلك على سيور جلدية متعددة الأشكال، ومتعددة الاستخدام.
مخطوطة
قطع خشبية
عُرضت في المعرض قطع خشبية نادرة، وسهلت بعض السلطانيات، والصناديق، وإطارات المرايا المصنوعة من الخشب على الدارسين الوقوف على اساليب مهنة النجارة القديمة.
أمشاط الشعر
اما الامشاط التي عُرضت فبينت نوعية استخدام الاسينيين لها، والتي صممت لتصفيف الشعر بطريقة تضمن تنظيفه من أي أشياء غريبة، وهذه تشبه شكل الامشاط التي كانت ولاتزال مستخدمة في أرياف أرجاء سورية والشرق الأوسط، حتى سنوات خلت.
المصابيح
عثر على مصابيح في كهوف قمران، تشبه الانواع التي عُثِرَ عليها في مواقع أخرى، مثل مايعرف ب”الحي اليهودي” في القدس القديمة، ويُطلق على هذا النوع من المصابيح اسم “مصباح هيروديان” التي تعود لفترة “الامبراطور الروماني هيروديان”.
وعثر في أحد المصابيح على ألياف من النخيل شكلت فتيلته، وكأنه مُّعَّدّ حديثاً للإيقاد.
سعف النخيل
استخدم الأسينيون سَعف النخيل لصنع السلالم والحبال، مستفيدين من تقنية الضفر الشائع في العصر الروماني، وربما المستمرة حتى الآن.
يعتقد انه في اوقات الشدة، تم استخدام الحصر المصنوعة من النخيل في تغليف بقايا الموتى، كأكفان، لاعادة دفنهم في منطقة مضطربة شهدت تمردات وثورات عنيفة وخاصة عند ثورة اليهود عام 70 م وقمعها بشدة وسقوط القدس بيد الرومان.
النعال
من المعروضات زوج صندل ظريف…يُعتقد انه من نوع كان شائعاً في تلك الفترة، لأنه وُجد مثله في مواقع أخرى في فلسطين مثل قلعة مسعدة.
نعل الصندل مصنوع من ثلاث طبقات من الجلد، وشكله لايختلف كثيراً عن انواع مازالت مستخدمة حتى الآن.
العملات
العملات
تضمن معرض مكتبة واشنطن نماذج من عملات معدنية عُثر عليها في قمران عام 1955، باشراف دائرة الآثار الأردنية، التي وضعتها في المتحف الفلسطيني وآلت أخيراً الى حوزة الاحتلال الاسرائيلي.
من بينها عملات فضية، وبعضها غير معروف أنه استخدم في قمران، ماجعل العلماء يعتقدون بأنه عندما كان ينضم أعضاء جدد لطائفة الأسينيين، كانوا يسلمون مامعهم من نقود، التي تودع في خزينة عامة، وبعض النقود عُثر عليها تحت الابواب، وهي ممارسة شائعة في العصور القديمة.
المعيشة اليومية
أثار هذا المعرض من جديد الألغاز عن طائفة الأسينيين، التي قدمها كطائفة دينية متقشفة، يعيش افرادها في شكل جماعي، يأكلون الطعام المعد من مطبخ الطائفة، ويعملون في نسخ المخطوطات في قاعة المكتبة.
وحسب بعض التقديرات فإن الادوات التي عُثر عليها في الموقع ربما تناقض نظرية التقشف عن حياة الاسينيين. ولكن تقديرات أخرى ترى انه لم يكن بامكان افراد الطائفة العيش كجماعة منبوذة دينياً منقطعة للكتابة والتأليف دون ان يكون لديها احتياطي مالي وفير.
كان العلماء قد توقفوا ملياً عند ما عُرفَ ب”المخطوطة النحاسية” التي تحدثت عن كميات كبيرة من الذهب تم اخفاؤها، وعن ذكر أسماء الأماكن التي أُخفيت فيها، ولكن لم يتم التعرف على تلك المواقع، ولم يتم العثور على الذهب على رغم حملات البحث في الموقع، وفي بيداء البحر الميت المستمرة حتى الآن.
الخاتمة
اطلالة على البحر الميت
اذا كان هذا المعرض قد كشف بعضاً من أساليب حياة الأسينيين، الذي يحلو للبعض اطلاق تسمية “طائفة” عليهم، الا انه/ اي هذا المعرض/ بماعُرض فيه، كان غير قادر على حل أي من الألغاز التي مازالت تحيط بهم وبمخطوطاتهم التي تسيطر عليها اسرائيل، في شكل مخالف القوانين الدولية الخاصة بالآثار، وتحتكر نشر ماتريد منها، كمعروضات معرض مكتبة واشنطن مطرح بحثنا، ولاتستجيب لدعوات متنامية يطلقها علماء من مختلف دول العالم بين الوقت والآخر، يطالبون فيها بفتح المخطوطات للدراسات المستقلة، بعيداً من أي نظريات مسبقة، وهو مايُعتقد انه بعيد المنال حتى الآن وأقله في امد منظور.
عندما نتكلّم عن الأب الروحي، نَصِفُه بشيئين أساسيين: فمن ناحيةٍ، نميّز بين الأب الروحي والأب الجسدي، والفرق بين الإثنين كبير جداً بمقدار ما تختلف الولادة الروحية عن الولادة الجسدية. يقول أرسطو أن الفضل يعود إلى أهله الذين أنجبوه في الحياة الطبيعية، بينما يعود الفضل في فضيلته إلى معلّميه. وهذا الإختلاف ينطبق علينا أكثر فأكثر لأن الولادة الجسدية تمهّد للولادة بالروح.
يقول القديس غريغوريوس اللاهوتي أنّ العلاقة الجسدية بين الرجل والمرأة تكوّن أشخاصاً جدداً في الحياة. إلاّ أنهم، وإن كانوا جدداً، سيموتون. إنها فعلاً مشكلة: خلق جديد لكنه سيموت! بينما في الولادة الروحية يحصل خلق جديد يتجاوز الموت. من هذا المنطلق لا تكون الولادة الجسدية بالمرتبة نفسها بالمقارنة مع الولادة بالروح. هذا ما يعبّر عنه التقليد الرهباني القائل: “إنه أمر رهيب ومخيف أن ينجِب الأهلُ أولادَهم فقط للهلاك”. هذا يعني أنّ الولادة بالروح تُدخِلنا إلى عالم جديد، وتقودنا إلى الإتحاد بالمسيح والشركة معه، وتهيئنا لاكتساب مواهب الروح القدس. نقول في اللاهوت الأرثوذكسي أنّ الحياة في المسيح هي لاهوتٌ تطبيقي. هناك وقائع معيّنة نعيشها. وبهذه الوقائع تحصل شركةٌ جديدة وفعلية بين الإنسان والمسيح. فكلّ ما حصل للمسيح يحصل للإنسان. يقول القديس غريغوريوس اللاهوتي في إحدى عظاته عن الفصح المقدس: “إنّ المسيح وُلِد بحسب الجسد ونحن ينبغي أن نُولَد بالروح. ومثلما اعتمد المسيح يجب أن نعتمد. وكما صُلب المسيح يجب أن نُصلَب. وكما قام المسيح وصعد إلى السماء يجب أن نقوم نحن ونصعد إلى حياة جديدة…”. ويقول القديس مكسيموس المعترف: “ثمّة إمكانيتان يقدر الإنسان أن يتممهما، فإما أن يُصلب مع المسيح أو أن يَصلُب المسيح”. فإننا نصلُب المسيح لأهوائنا ونُصلب مع المسيح عندما نسمّر أهواءنا. وفي هذا المجال يساعدنا ويقودنا الأب الروحي. ولهذا نشدّد في اللاهوت الأرثوذكسي على أنّ اللاهوت حيّ معيوش ولا نظري مجرد. والحاجة إلى أب روحي تظهر جلياً وتتوضح من خلال الأمثلة التي سأوردها. إن القديسين مكسيموس المعترف ويوحنا السلمي يعطياننا مثالاً على ذلك: موسى النبي في قيادته للشعب في سيناء. فموسى كان ينقل رغباتِ شعبه إلى الله من ناحية ومن ناحية أخرى ينقل مشيئةَ الله إلى شعبه. وبهذه الطريقة حرّر شعبَه من العبودية في مصر وقادَه إلى أرض الميعاد. هذا هو العمل الأساسي للأب الروحي والأب الروحي يشبه موسى الذي قاد شعبه من عبودية مصر إلى أرض الميعاد. فمصر بالنسبة إلينا هي أرض الأهواء. وأرض الميعاد هي اللاهوى والشركة والوحدة مع الله. بين أرض العبودية وأرض الميعاد هناك صحراء. وهذه الصحراء في غالبية الأحيان تكون صعبة وقاسية. فكما تألّم موسى كثيراً في قيادة شعبه كذلك كلّ أب روحي سَيتعَب ليساعد أبناءه الروحيين ويقودهم إلى اللاهوى.
يطابق القديس سمعان اللاهوتي الجديد، في أحد أشعاره، بين حياته الشخصية وعلاقة موسى بشعبه فيقول أنه فيما مضى كان عبداً لأهوائه، إلى أن وجد موسى الخاص به، أي أباه الروحي الذي كان إسمه سمعان وقاده إلى أرض الميعاد. ويقول أيضاً، في هذه القصيدة، إن المصريين كانوا يلاحقونه ويركضون خلفه ليعيدوه إلى أرض العبودية. ويحدد أكثر بأن الشيطان كان يحاربه محاولاً أن يعيق مسيرتَه ليعيده إلى أرض العبودية. ويقول إنه في هذه المسيرة خَلُص بواسطة أبيه الروحي وشفاعاته وعبر الصحراء والبحر الأحمر. ويقول أنه في فترة من حياته، عندما كان صغيراً، وبالرغم من أنه كان يحيا خارج الكنيسة كليّاً، كانت له علاقة مع أبيه الروحي، يتردّد إليه ويراه رغم أنه كان يطيعه. ويقول أيضاً أن تعلّقه بأبيه الروحي ومحبته له الأمر الوحيد الذي حفظه في تلك الفترة في حياته، إلى أن ثَبَت في النهاية ودخل في الحياة بحسب المسيح.
لكي نعرف مقدار إفادته بشكل أوضح أورد مثلاً من حياة القديس الشخصية. يقول القديس سمعان اللاهوتي الجديد أنه رأى أباه الروحي عدّة مرات منخطفاً بالروح. فأراد التوصّل إلى هذه الحالة، فقام بصيام قاسٍ جداً وصار يصلّي بشكل متواصل وأمضى الليالي ساهراً. ولكن بالرغم من كل هذا لم يستطع تحقيقَ شيء من هذا فبكى أخيراً وذهب إلى أبيه الروحي وقال له بعبرات: “لماذا لم أستطع الوصول إلى هذه الخبرة مع أنني أصوم وأصلّي وأسهر الليل؟” فابتسم الأب وقال: “يا بنيّ، حتى تصل إلى اللاهوى مطلوب منك التواضع أكثر من هذه الأفعال النسكية. فاذهبْ اليوم إلى قلاّيتك ولا تصلِّ أيّ شيء سوى التريصاجيون أي قدّوس الله…ثم تنام”.
يقول القديس سمعان أنه ما إن بدأ بقول “قدوس الله…” حتى شعر بالنعمة وبالنور الإلهي ينسكبان عليه. هذا يعني أن طاعتنا لأبينا الروحي تقوم على قاعدة أساسية هي التواضع. إذاً، عمل الأب الروحي هو إعادة الولادة أي تجديد الإنسان. الأمر الذي يظهر جلياً في الرسالة إلى أهل كورنثس حين يخاطبهم الرسول قائلاً: “إن كان لكم ربوات من المعلّمين الاّ أن لكم أباً واحداً لأني ولدتكم بالمسيح في الإنجيل”. يسلّط هذا المقطع الضوء على معاني الأبوة الروحية. فمن الممكن أن نصادف معلمين كثرَ في حياتنا ويمكن أن نسمع تعاليم كثيرة ونظريات الكثير من الأشخاص والمعلمين المختلفين، ولكن أبانا الذي يلدنا هو واحد، بالنسبة لأهل كورنثس كان هذا الأب بولس الرسول رغم أن أشخاصاً آخرين عملوا في كورنثس مثل أبّولوس وأكيلا وبرسكيلا.
يقول الرسول: “أنا ولدتكم في المسيح بالإنجيل”. نفهم من هذا أن الأب الروحي هو أبٌّ وأمّ في نفس الوقت. يظهر هذا في المقطع الآخر حين يقول الرسول بولس أنه يظهر ألمه تجاه المسيحيين مثلما تتألّم الأم على أولادها ليصبحوا على قامة المسيح. تجدر الإشارة إلى أن الرسول يستعمل صورة الأم في تمخّضها لتلد لأن الأب الروحي يتألّم لسقطات أولاده، لأنه إن كان الأب لا يتألّم مع أولاده الروحيين لا يكون أباً روحياً حقيقياً.
إلتقاني شخص وقال لي: “إلتقيتُ فلاناً الذي هو ابنك الروحي”، فأجبته أنه ليس من داعٍ لتقول لي أنه ابني الروحي لأني أعلم من هم أبنائي الروحيون، ومن هم الأشخاص الذين يعترفون عندي ليسَ أكثر، فأكون بالنسبة إليهم أباً معرّفاً فقط. بينما هناك أشخاص يطلبون أكثر من ذلك، يطلبون علاقة روحية وأبوّة روحية ويتحسّسون معي وأنا أتحسّس معهم. كما أن الولادة التي نتكلّم عليها والتي ذكرها الرسول بولس، مرتبطة بالنمو على شاكلة المسيح، حتى يتشكّل ويتصوّر المسيح فينا، إذ أن حضور المسيح فينا هو التألّه والشركة مع الرب وليس الأمر عبارة عن تصرفات خارجية شكلية يمكن أن نقوم بها.
حدّّثني الأب صفرونيوس، قال: “قبل أن رقد القديس سلوان قال لي مرة، بعد بضع سنوات سأجعلك أباً روحياً ولكن يجب ألاّ تنسى هذه الوصية المهمة: عليك أن تكون أمّاً أكثر منك أباً…”.
ومثلما يقول الرسول بولس، إن هذه الولادة تتمّ في المسيح بالإنجيل، وعندما نقول “بالإنجيل” فهذا يعني أنها ليست ولادة فلسفية عقلانية إنما هي ولادة في المسيح، وبنعمته غير المخلوقة.
“إني ألِدُكم في المسيح بواسطة الإنجيل”. ما هو هذا الإنجيل؟ هل هو الكتاب المقدّس؟
عندما كتب الرسول بولس هذه الرسالة لم يكن هناك أناجيل مكتوبة بعد. ولكن عندما يقول “بالإنجيل” يعني بالحياة الجديدة والبشارة الجديدة التي جاء بها المسيح. وكلمة إنجيل في اليونانية تعني البشرى السارة. في الرسالة إلى أهل غلاطية يتكلّم الرسول على هذا الإنجيل ويقول “إني أعرف بشكل جيد الإنجيل الذي أعطيتكم إياه الذي ليس بشرياً ولم أستلمْه من بشر ولكن بإعلان الربّ يسوع المسيح”. وهكذا نفهم أن كلمة إنجيل تتماهى مع الإعلان والكشف الإلهيين. لأن الكشف الإلهي الذي في الداخل هو بالضبط نوع من العنصرة. فالرسول بولس لم يكن موجودًا مع الرسل في العنصرة لكن نلاحظ أن الرسّامين الكنسيين يرسمونه مع التلاميذ في أيقونة العنصرة. هذا يعني أن هذه الولادة الروحية ليست عبارة عن تعليم بسيط أو أن نقول للإبن الروحي أجلس واسمع ما أقوله لك وما أعطيك إياه من الملاحظات والدروس. الولادة الروحية والأبوة الروحية هما علاقة وشركة بين الأب والابن. هذا الأمر سرّ كبير في الكنيسة الأرثوذكسية، إذ أن الطاعة ليست أن ينفّذ الابن ما يقوله الأب الروحي بشكل ظاهري. بل بالأحرى هي تداخل أو تفاعل بين الشخصين. هذا يعني أني أعترف لأبي الروحي وأحاول أن أنسى ما أريده أنا بالضبط وأسأل عمّا يهمّني في حياتي. وأحاول أن أنسى ذاتي وأدخل فيه هو وأعرف ما يريده هو وليس أن أجعله يتوصّل إلى ما أريده أنا!
هذا يعني، في لاهوتنا، أنّ الكنيسة هي شركة أشخاص. هذا الأمر هو حقيقة، لكن إن لم أستطع أن أعيش هذه الشركة مع أبي الروحي لن أستطيع أن أعيشها مع أي إنسان آخر. بهذا المعنى يلد الأب الروحي إبنه الروحي في المسيح ويعلّمنا أن الحياة المسيحية ليست انغلاقاً على الذات، إذ أن الإنغلاق على الذات هو الجحيم. هكذا (حين لا ننغلق على ذواتنا) يعطينا الأب الروحي الفردوس. أخذ القديس بولس الرسول النعيم وأعطاه للآخرين، وهكذا كل مؤمن يحيا في الكنيسة عليه أن يأخذ كي يتسنى له أن يعطي. والفردوس الذي نتكلّم عنه ليس عبارة عن مجموعة من التعاليم وحسب، بل هو الحياة التي نحياها في المسيح. يفترض هذا أن يكون الأب الروحي عائشاً في التقليد الأرثوذكسي. وبمقدار إرتباطه بالمسيح يستطيع أن يربطنا به.
ثمّة صورة لها علاقة بما نقوله. فالمسيح هو أبونا وهو ابن الله ويطيعه حتى الموت. فبمقدار ما يكون الأب الروحي بالنعمة ابناً لله، بهذا المقدار يمكنه أن يكون أباً يلدنا في المسيح. هذه الصورة نصادفها أيضاً في الحياة الجسدية. فلكي يقدرَ شخص أن ينجب أولاداً من المفروض أن يصل إلى نضج معيّن وعمر معيّن. الأمر ذاته يحصل في الحياة الروحية أي أنّ الكاهن يجب أن يصل إلى نضج روحي معين حتى يستطيع أن يلد أولاداً في الروح. إنه لأمر رهيب أن يوجد كهنة عقماء لا ينجبون أولاداً روحيين، لأن هذا يعني أنهم لم يذوقوا حلاوة الحياة مع المسيح.
يقول الآباء إن لم يكن فيك خوف الله ولا تتشبث به فأضعف الإيمان أن تتعلّق بشخص يخاف الله. يكفي الإنسان أن يلتقي في حياته مرة واحدة بشخص قديس حقيقة، ولو للحظات، وهذا اللقاء سيؤثر فيه لسنين طويلة. فهذه اللقاءات تجدّده داخلياً بإستمرار. نحن نلتقي حقيقة بأشخاص قديسين لكننا لا نشعر بهم لأننا خطأة. لكي يتم الخلق الذي نتحدّث عنه أو الحياة التي نتكلّم عنها هناك فرضيتان:
الأولى: أن يوجد الأب الروحي الذي يستطيع أن ينجب أولاداً في المسيح.
الثانية: أن يكون هناك أولاد يريدون أن يولَدوا في المسيح.
إن هدف الأب الروحي أن يلدنا في هذه الحياة الروحية الجديدة لنرى الامور بنظرة أخرى، وليس أن نُستعبَد لأهوائنا، وعلى الأخصّ هو لا يريد أن يجعلنا أولاده الروحيين الخاصّين. فالشخص الذي يريد أن يخلق أولاداً روحيين له يعمل بطريقة بشرية، أما الأب الروحي الصحيح فهو الذي يعمل على إيجاد أولاد روحيين لله بالمسيح. لذا فالأب الروحي يعتبر أولاده كهدية قيّمة من المسيح وينظر الإبن الروحي، بالمقابل، إلى أبيه الروحي كعطية له من الله. وكما تعلمون لا تُستبدل العطية بالمُعطي ولا يُستغنى بالعطية عن المُعطي. وعندما نرى عطيةً ما فإننا نذهب باذهاننا فوراً إلى الشخص الذي أعطانا إياها. لذا فهدف وجود الأب الروحي أن يحرّرنا من أهوائنا، وبالتالي أن يقودنا إلى الاستنارة والوحدة مع الرب. ليس هدفه أن يستعبد أولاده الروحيين بل أن يحرّرهم. والحرية، عملياً، هي كما في الكتاب المقدس أن يصل الإنسان إلى استنارة الذهن (Nous) .
يتساءل الرسول بولس في رسالته الأولى إلى أهل كورنثس قائلاً: “ألست حرًّا؟ ألم أعاين المسيح؟” يُخيَّل إلينا أن الحرية هي أن نختار بين الصالح والطالح. إلاّ أن هذا التفسير هو بالحقيقة التفسير الفلسفي لمعنى الحرية. للحرية طابع أنطولوجي (كليّ، كياني…) بكلّ ما للكلمة من معنى. فمَن يملك الحرية هو الشخص الذي يستطيع أن يسيّر حياته بذاته. وبهذا المعنى، الحرُّ هو الله. أمّا نحن البشر فليس لنا الحرية الكاملة المطلقة ولكن لدينا حرية نسبية، لأننا قبل أن نولد وندخل إلى العالم لم نكن موجودين ولم يسألنا أحد إن كنا نريد المجيء إلى هذا العالم. هذا السؤال يطرحه الكثير من الشباب: “إني ولدت دون أن يسألني أحد، دخلنا العالم من دون حرية!”
نحن نعرف أنه قبل أن يُولَد الإنسان لا يكون موجوداً ليسأله أحد عن رغبته لكن يمكننا الوصول إلى هذه الحرية الكاملة عندما ندخل بملء إرادتنا الحياة الجديدة التي نتحدث عنها ونحدّد إتجاهنا نحو ملكوت الله. لذلك ينظر الأب الروحي إلى مشكلة ابنه الروحي ويساعده على التخلص من العبودية المهيمنة عليه، وبعد ذلك يتركه بحرية ليتّجه نحو الاستنارة والتألّه.
لذا يقول بستان الرهبان: “إنّ الأب الروحي لا يقف من ابنه موقف المشرّع بل هو كأب ومرشد نحو الخلاص”. بالإضافة إلى هذا، يهتمّ أيضاً بأمور أخرى بسيطة وعملية تخصّ أولاده الروحيين، لأن الإنسان لا يتكوّن من نفس فقط، بل من جسد أيضاً.
يقول القديس سمعان اللاهوتي الجديد أن رئيس الدير، وبالتالي الأب الروحي، يُضطر إلى الاهتمام بالحاجات الجسدية والمادية المتعلقة بأولاده الروحيين، ولكن من ضمن هذا المنظار تُسخّر هذه الحاجات في خدمة هذا الإبن ليصل إلى الاستنارة. عمل الإبن الروحي في علاقته مع أبيه الروحي
أولاً: عليه أن يقتنع أنه بحاجة إلى مرشد وأب في حياته إذ لا يستطيع أيّ شخص اكتساب المعرفة الجسدية ما لم يكن هناك أساتذة يعلّمونه. الألعاب الرياضية أيضاً بحاجة إلى مدرّب مختبِر من دونه لا تنجح. فالمسيح في ظهوره لبولس الرسول على طريق دمشق أرسله إلى حنانيا، وكذلك أرسل الملاك العذراء مريم إلى اليصابات بعد البشارة. ينصح الآباء الإبن الروحي بأن يفتح قلبه لأبيه الروحي وأن يقول له كلّ شيء كي يساعده على تمييز الأمور التي من الله وتلك التي من الشرير.
يقول البعض “أستطيع التعلم بواسطة الإنجيل وكتب الآباء”. هذا الأمر ليس سيئاً بحد ذاته أو مرفوضاً، بل هو ضروري لكنه غير كافٍ إذ هو بحاجة إلى لاهوت حيّ. لا يستطيع الطبيب أن يصبح جرّاحاً لمجرد أنه قرأ كتباً في الجراحة فقط، بل عليه أن يتّصل بالذين كتبوا هذه الكتب ويتتلمذ على أيديهم بشكل عمليّ كي يصبح طبيباً جراحاً. وفي ما يختص بالكتاب المقدس والكتب الروحية الآبائية، يجب أن تُدرس في جو التقليد الكنسي، لذا نرى أن الكنيسة تقرأ في الخدم الليتورجية مقاطع كتابية مناسبة.
ثانياً: يجب أن يبحث الشخص عن الأب الروحي المناسب له، وإذا كان يصلي من أجل هذا الموضوع فإن الله يساعده حتماً لإيجاد هذا الشخص.
ثالثاً: في البداية، على الأقل، من الأفضل ان يسأل الإبن عن كلّ شيء وفي كلّ الأمور، لأن البعض يُخفون أشياء ويسألون عن أشياء أخرى، وهذا خطأ كبير. يذهب المريض إلى الطبيب ليأخذ العلاج المناسب، فإن أخفى عليه أمراً لن يشفى بالطبع.
رابعاً: يجب أن يحترم الابن أباه الروحي ولو أظهر الأب الروحي وداعة في تصرفاته، لأن بعض الآباء يعاملون أبناءهم بودّ ولطافة ليساعدوهم، فيستغلّ بعض الأبناء هذه البساطة والوداعة ويقابلونهما بعدم الإحترام.
خامساً: يجب أن يصبر الابن الروحي في الحالات الصعبة لأنه في أوقات صعبة يلجأ الأب إلى إجراء “عملية جراحية”، وعادة يخاف الابن من مثل هذه الحالات فيهرب مبدّلاً أباه الروحي.
سادساً: لا يغيّر الابن أباه إلاّ لسببين تسمح بهما القوانين الكنسية:
1 – إذا سقط الأب في هرطقة ما.
2 – إذا طلب الأب من ابنه أمرًا يتناقض مع إرادة الله.
سابعاً: أن يعترف الابن اعترافاً حقيقياً صادقاً وليس شكلياً. يعاني الكثير في أيامنا من إنفصام في الشخصية لأنهم يعيشون حالة إنغلاق على ذواتهم. من هنا نلاحظ أهمية وجود شخص في حياة المرء يستطيع أن يفتح له قلبه وأن يقول له كلّ شيء. يعاني الشخص المتقوقع على ذاته من مشاكل نفسية عديدة، لذلك من المستحسن، عندما يعترف، أن يقول خطاياه وليس قصصاً عنها!
أخيراً، أودّ أن أتلو عليكم مقطعاً من كتاب “السلّم” للقديس يوحنا السلمي؛ يقول القديس: “من الأفضل للإنسان المسيحي أن يتخاصم مع الله من أن يتخاصم مع أبيه الروحي… لأننا إذا خاصمنا الله يستطيع الأب الروحي أن يعيدنا ويصالحنا معه. لكن إذا خاصمت أباك الروحي فمن سيعيدك إلى الشركة مع الله؟”
الميتروبوليت إيروثيوس فلاخوس(ميتروبوليت مدينة نافباكتوس اليونان)
القديس العظيم في الشهداء ديمتريوس المفيض الطيب التسمية
– يأتي إسم ديميتريوس، أو بالأصح ذيميتريوس من إسم الإله اليوناني ذيميتر، والذي بدوره، بحسب الشرّاح، مؤلّف من كلمتين (أرض γη ووالدة μητηρ) ليعنيالأرض الأم أو الأرض هي الأم – في الميثولوجيّا اليونانيّة ذيميتر هي إلهة الزرع، إبنة كرونوس شقيقة زوس ووالدة برثيفون. – القدّيس ديمتريوس، بجهاده وثباته بالإيمان، عرّف الوثنيّين على الإله الحقيقي، فبدل أن يكون اسمه اسم إلهة الزرع، أصبح اسمه يشهد للربّ يسوع المسيح، وبدل أن يكون معنى اسمه باللغة اليونانيّة “الأرض هي الأم”، رفعه إلى العلى ليقول: ” أن الله هو الأب والأم وكلّ شيء، وموطننا السماء، وبالتالي نحن أولاد الله بالنعمة والحق.”
الولايات المتحدة ليست جمعية خيرية ولكل مطلوب منها ثمن فادح يدفعه من ظن نفسه انه الابن المدلل وينال منها مايرغب بدلال وغنج… واذ به يتلقى صفعة بصوت مدوي والم مابعده من الم ولكنه لايزال يأمل من تغير معاكس
الاكراد لم يتعلموا من دروس ان لم نقل خيانة اميركا لهم بل نقول تخفيفاً ان الاميركي ادار ظهره لهم…
لم يتعلموا من موقف ترامب مؤخرا من دول اقليمية غنية بمقدار انها في اموالها تدعم البنك المركزي الاميركي مثل السعودية وبقية دول الخليج ، لم يتعلم الاكراد انه في مجرد لحظة يتركهم لمصيرهم كما هدد السغوديين بتركهم فرادى بمواجهة الخطر الايراني ان لم يستمروا بدفع التمويل المطلوب بعد ان استنفذ ضروعهم المصرفية، كما فعل اسلافه مع كل الحلفاء، ومنهم شاه ايران محمد رضا بهلوي الذي كان شرطيا لأميركا في منطقة الخليج…
الاكراد منذ الحرب العالمية الاولى، لم يتعلموا الدرس وكانوا اداة تطهير عرقية بيد الاتراك في ابادة مسيحي آسية الصغرى في الحرب العالمية الاولى طامعين بحلولهم محل ملايين المسيحيين من يونان وسوريين من كنيستي انطاكية والقسطنطينية الارثوذكسيتين وقد طهروهم من ثلاث ابرشيات هي كيليكيا وارضروم وديار بكر لدرجة الافناء وابعاد من بقي…الى اليونان وسورية و فتكوا والاتراك بالارمن والسريان والآشوريين…والعلويين وفي النتيجة انتابهم الذبح بسكين الترك التطهيرية من هذه المناطق التي اعملوا بها ذات السكين التركية بحق هؤلاء الأبرياء لقد قضوا والاتراك على ملايين من المسيحيين الابرياء وهم منتشون بالاستيلاء على مناطقهم…
وجد الاكراد انفسهم لا كيان لهم لطالما حلموا به وقدموا الدم لاجل الاتراك ثم الحلفاء ثم… وقد خرجوا من المولد بلا حمص بعد الحرب العالمية الاولى عندما تشكلت تركيا الكمالية في معاهدة سيفر…
لم يتعلم الاكراد انهم يجب ان لايخونوا سورية التي حنت عليهم ولايذبحوا شعبها وينكلوا بمن فتح لهم بيته واطعمهم من رزقه لكنهم ذبحوه دوما وذبحوا سورية…وفعلوا الشيء ذاته مع مسيحيي الجزيرة وعشائرها العربية وقوات الامن السورية كما فعلوا في الحسكة مؤخرا بمجزرة الاسايش لمفرزة الامن السورية غدرا وغيلة..
لقد شكل الاميركي خدمة لمصالحه ولاغتصاب نفط وغاز وارزاق سورية ماسمي قوات سوريا الديمقراطية التي تكلت بمكونات الشمال والشمال الشرقي السوري، وحتى لم ترتدع مما حصل لهم في عفرين قبل عام مضى… والمفارقة انها بعد الاتفاق مع الحكومة السورية بوساطة روسيا لاتزال تحمي الحقول النفطية والغازية السورية التي احتلتها منذ سنتين ومافوق لمنفعة الاميركي كما تم الاعلان عنه روسياً بالرفم من الخيانة الاميركية لهم ولاتزال الهام احمد الرئيسة في واشنطن نتستجدي التفاتة اميركية حنونة تجاه الاكراد…
الطعنة الاخيرة
بعد إعلان البيت الأبيض مساء الأحد الماضي انسحاب القوات الأمريكية من مواقعها في الشمال الشرقي
ترامب والطعنة الأخيرة للأكراد
لسورية، تساءل الكاتب في “نيويورك تايمز” بول كروغمان عن أسباب اتخاذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراراً مماثلاً مفسحاً في المجال أمام العملية العسكرية التركية: “هل كان ذلك لمصالح أمريكية مع تركيا؟ هل لأن أردوغان، باعتباره مستبداً وحشياً، هو النوع الذي يفضله ترامب؟ أم لأن روسيا طلبت منه ذلك؟”.
الاحتمال الرابع الذي لم يلحظه كروغمان ضمن تساؤلاته قد يكون الأكثر ترجيحاً: لأن ترامب، بكل بساطة، هو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، ولأن المرات التي تخلت فيها أمريكا عن الأكراد، أو “غدرت بهم” كما يقولون، لا تُعد على أصابع اليد الواحدة. أكثر من ثماني مرات فعلت ذلك عند محطات مفصلية في السنوات المئة الماضية.
“لا شيء مؤكداً في العالم سوى الموت والضرائب وخيانة أمريكا للأكراد”… هكذا اختصرالكاتب جون شوارتز ديناميكية العلاقة بين أمريكا والأكراد على مدى سنوات طويلة، معتبراً أن الأكراد في المقابل ظنوا دائماً أن الأمريكيين سيضعون لهم نجمة على جبينهم مكافأة على “حسن سلوكهم”. وفي كل مرة كان يحصل أكثر ما يخيفهم من سيناريوهات: تخلي الأمريكيين عن دعمهم، على حد قول شوارتز.
“يمكننا تسليح الأكراد الموجودين في أي دولة من الدول الأربع التي تكون في حالة عداء حالية معنا، إما لإثارة المتاعب هناك أو لتحقيق أهداف أخرى مختلفة… ليس أكثر”.
إذا ما أخذنا في الاعتبار المعطيات على بديهيتها: مجموعة عرقية من حوالي 40 مليون شخص تحلم بدولة مستقلة في حين تعيش في دول (تركيا وسوريا والعراق وإيران) تتفق على منع تحقق هذا الحلم بشتى الطرائق، سيظهر أن الأكراد يشكلون “الأداة المثلى” التي يمكن أن تسخرها الولايات المتحدة في سياستها الخارجية ضد من يزعجها.
الاكراد متألمون من الطعنة الاميركية
نعود إلى شوارتز الذي يشرح نظرة الولايات المتحدة إلى الأكراد، مستنداً إلى كل المرات السابقة التي “استغلت فيها الإدارة الأمريكية الأداة ثم تركتها لمصيرها”، بقول: “تفكر الولايات المتحدة في التالي: يمكننا تسليح الأكراد الموجودين في أي دولة من الدول الأربع التي تكون في حالة عداء حالية معنا، إما لإثارة المتاعب هناك أو لتحقيق أهداف أخرى مختلفة… ليس أكثر”.
محطات الخيانة… منذ مطلع العشرينيات
لفهم “نمط الخيانة” الذي طبع العلاقة بين الطرفين، نعود إلى محطات ثمان في التاريخ بدأت بـ”الخدعة الأمريكية الأولى والأصغر” في مطلع العشرينيات.
في تلك المرحلة كانت الامبراطورية العثمانية – والأكراد ضمنها – قد هُزمت، فازدهرت القومية الكردية واعتقدت نُخبها أن اللحظة حانت لتحقيق طموحها بإقامة دولة مستقلة باسم “كردستان”، حتى أن الحلفاء الغربيين وضعوا تصوراً لها في معاهدة “سيفر” (Sèvres) التي فككت الإمبراطورية العثمانية بالكامل.
قاوم الأتراك هذا التصور، وكانوا أكثر أهمية لداعمي المعاهدة من الأكراد، فعمد الأمريكيون، مع البريطانيين (الذين مارسوا “الخديعة الكبرى”)، إلى دعم معاهدة جديدة (لوزان) عام 1923. سمحت “لوزان” للبريطانيين بتقسيم العراق وسوريا، لكنها لم تتضمن أي بند يخص الأكراد.
“نبع السلام”… الجمهوريون عازمون على “معاقبة” تركيا وترامب يطرح الوساطة
حملات الأنفال…المجزرة التي راح ضحيتها آلاف الأكراد على يد صدام حسين
هجّرهم العثمانيون من بلادهم خوفاً من ثورتهم… قصة توطين الأكراد في ليبيا
بعد الحرب العالمية الثانية، تولت الولايات المتحدة لعب الدور البريطاني كقوة استعمارية رئيسية في الشرق الأوسط.
لم يكن رئيس العراق عبد الكريم قاسم “رجلاً مطيعاً” بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فعمدت الأخيرة إلى تسليح أكراد العراق خلال حكمه بين عامي 1958 و1963.
وعام 1963، دعمت الانقلاب العسكري على قاسم، وقد لعب فيه صدام حسين الشاب آنذاك دوراً صغيراً. مع هذا التطور، قطعت الولايات المتحدة على الفور دعمها للأكراد، بل أكثر من ذلك، زوّدت الحكومة العراقية الجديدة بالنابالم لاستخدامه في عملية قمعهم، كما وثّق كتاب باري لاندو بعنوان “شبكة من الخداع: تاريخ التواطؤ الغربي في العراق، من تشرشل إلى كينيدي إلى جورج دبليو بوش” (2007).
في السبعينيات، اقترب العراق من المدار السوفياتي، فكانت خطة إدارة نيكسون، بإشراف هنري كسينجر وبالتنسيق مع إيران الشاه – الحليف آنذاك – لتسليح أكراد العراق. لم تكن إيران لتقبل المشاركة في خطة تضمن نصراً لأكراد العراق (للسبب المعروف: عدم تشجيع أكرادها)، لكن كان يكفي أن يُقلق هؤلاء الحكومة العراقية.
في تقرير للكونغرس لاحقاً، ورد التالي: “لم نُطلع زبائننا (الأكراد) على تلك الخطة، شجعناهم فقط على مواصلة القتال. حتى في سياق العمل السري، ما قمنا به كان تصرفاً غير مبال”.
ثم أتت لحظة “الخيانة”. عندما وقّع الشاه وصدام حسين “اتفاقية الجزائر” عام 1975، كان في عداد البنود الأساسية قطع المساعدات عن الأكراد، وفي ضوئها تحركت القوات العراقية شمالاً وذبحت الآلاف، وقتذاك لم تكن مناشداتهم تصل إلى مسامع “الحلفاء الأمريكيين”، كما أظهرت رسالة الملا مصطفى البرزاني إلى كسينجر في ذلك الوقت.
رد كسينجر المتهكم آنذاك، يذكّر بردود ترامب الحالية مع فارق شاسع بين الشخصيتين. ببساطة، قال كسينجر: “لا ينبغي الخلط بين العمل السري والعمل التبشيري”.
في الثمانينيات، عندما بدأ صدام حسين مجزرة إبادة بحق الأكراد، كانت إدارة رونالد ريغان على علم باستخدامه أسلحة محرّمة، لكن نظراً لما كان يسببه وقتذاك من ضرر لإيران الإسلامية، عارضت جهود الكونغرس لفرض عقوبات على العراق وعاونتها في ذلك بعض وسائل الإعلام التي تجاهلت المجازر.
وبينما كانت الولايات المتحدة تقصف العراق خلال حرب الخليج في التسعينيات، دعا الرئيس جورج بوش “الجيش العراقي والشعب العراقي لأخذ زمام الأمور وإجبار الديكتاتور على التنحي”.
وقتذاك، سمع شيعة العراق وأكراده كلمته بحرفيتها، معتقدين أنها تخصهم لكن ما أوضحه محللون لاحقاً كان أن “بوش لم يكن صادقاً في ما قاله. ما أراده هو أن يتولى الجيش وحده زمام الأمور ولا يفسح المجال لأي حركات ديمقراطية، حتى يصبح للعراق مجلس عسكري حاكم من دون صدام”، كما كتب توماس فريدمان في “نيويورك تايمز”.
وفي عهد بيل كلينتون، كان أكراد العراق بالنسبة لأمريكا هم “الأكراد الطيبون” لأنهم قُمعوا من العدو صدام، لكن جيرانهم أكراد شمال تركيا كانوا “الأشرار” لأنهم يزعجون تركيا الحليفة للولايات المتحدة، وعليه أرسلت الأخيرة السلاح لحليفتها التي استخدمته لقتل الآلاف منهم وتدمير قراهم.
“لا شيء مؤكداً في العالم سوى الموت والضرائب وخيانة أمريكا للأكراد”… قصص تخلي الولايات المتحدة عن الأكراد منذ مئة عام حتى الآن لم يكن رئيس العراق عبد الكريم قاسم “رجلاً مطيعاً” فدعمت أمريكا أكراد بلاده، وحين نجح الانقلاب ضده قطعت المساعدات عن الأكراد وزوّدت الحكومة بالنابالم لقمعهم… واحدة من ثماني محطات تاريخية “خانتهم” فيها أمريكا…!
يستحضر شوارتز ما قاله خبراء قبل غزو العراق عام 2003، ومنهم الكاتب والناقد كريستوفر هيتشنز عن “ضرورة أن تقوم الولايات المتحدة بالحرب لمساعدة الأكراد”، في مقابل حوار جرى بين مسرّب ما صار يُعرف في السيتينيات باسم “وثائق البنتاغون” دانيال إلزبرغ وبين الكاتب المقرّب من المحافظين الجدد ويليام كريستول.
في الحوار، يقول إلزبرغ: “لدى الأكراد كل الأسباب للشك في أن الولايات المتحدة ستخونهم مجدداً كما في المرات السابقة. ودعوتنا اليوم لتركيا كي تشارك في حرب العراق، لن تكون مطمئنة للأكراد”. ردّ عليه كريستول بالقول: “أنا ضد خيانتهم. من المؤكد أنك لا تقصد القول إن خيانتنا لهم في الماضي، تبرر خيانتنا هذه المرة؟”. كان جواب إلزبرغ الحاسم: “لا ينبغي أن نخونهم، لكن ببساطة سوف نفعل”. لم يقبل كريستول هذا الرأي، لكن إلزبرغ كان محقاً.
يقول شوارز إن استقلال أكراد العراق بعد الحرب سبّب توتراً عالياً لتركيا. وهكذا، سمحت الولايات المتحدة لها عام 2007 بشن حملة قصف عنيفة ضدهم في العراق.
وقتذاك، قالت مجلة كريستول “ويكلي ستاندرد” إن “هذه الخيانة هي بالضبط ما كان على أمريكا أن تفعله”.
الحلقة الأخيرة؟ التاريخ يقول عكس ذلك
في مسلسل الخيانات المتواصل، فإن حلقة ترامب مع أكراد سورية هي الأحدث. خاضت “قوات سوريا الديمقراطية” معارك شرسة ضد “داعش” عامي 2014 و2015، وخاضت معارك ضد “النصرة”، ومع دخول الولايات وغيرها من الدول الغربية عسكرياً إلى سورية بهدف القضاء على “داعش” بعد عمليات دامية لها في أوروبا وأمريكا وقتل صحافيين ورهائن غربيين، بدا المقاتلون الأكراد وقتذاك “الطرف الوحيد المؤهل” الذي قبل التعاون مع الأمريكيين.
وعندما قرر ترامب الانسحاب قال: “ربما نكون بصدد مغادرة سورية، لكننا لن نتخلى عن الأكراد، وهم شعب مميز ومقاتلون رائعون”، لكن “شراكتنا مع تركيا في الناتو وفي التجارة جيدة جداً”.
لا يريد الأمريكيون للأكراد حين يدعمونهم أن يحققوا نصراً حاسماً، لأن الأكراد الآخرين، الموجودين في دولة متحالفة مع أمريكا، ستراودهم أفكار “غير محبّذة”.
تقول صحيفة “التايمز” في افتتاحيتها إنه لا يمكن توجيه اللوم لترامب بسبب المعضلة التي يواجهها الآن في الشرق الأوسط، فقد كان قرار الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما تمويل وتسليح “قوات سوريا الديمقراطية”.
في المقابل، تعتبر الصحيفة أن أكبر مشكلة في معاملة ترامب القاسية للأكراد هي الرسالة التي يبعثها لغيرهم من الحلفاء، واصفة إياه بأنه “حليف لا يمكن الاعتماد عليه”.
بالنسبة للأكراد، لم يختلف الأمر باختلاف الرؤساء. عاشوا “الخيانات” الأمريكية بأشكالها المتنوعة في كل مرة، ليصح القول الشهير “ليس لدى الأكراد أصدقاء سوى الجبال”… والأمريكيين، لكن فقط حين تقتضي مصلحتهم ذلك.
في النهاية، لا يريد الأمريكيون للأكراد حين يدعمونهم أن يحققوا نصراً حاسماً، لأن الأكراد الآخرين، الموجودين في دولة متحالفة مع أمريكا، ستراودهم أفكار “غير محبّذة” عن الحرية والاستقلال، وهذا ما ينبذه بند التعامل مع “الأداة” في أساسيات السياسة الأمريكية الخارجية.
الخاتمة
لكل فعل خياني فعل مماثل من حليف الامس…
آن الأوان ان يتعلم الاكراد الدرس جيدا…ويتعظوا…لا ان يستمروا في الاستكبار الفارغ وهو يكلفهم ويكلف الجميع دماء بريئة.
لتعرفوا يا اخوتنا الاكراد ومنكم اوفياء لهذا الوطن…انه لولا دخول الجيش السوري الى المناطق التي اخلوها لكانت ثمة مذابح مريعة ارتكبها الاتراك وميليشياتهم بحقهم وحق كل مكونهم العرقي…
عليهم ان يعودوا الى حضن الوطن الذي طعنوه وليستعغروه وهو حنون اكثر بما لايقارن مع الاميركان والاتراك…
وليس لهم الا الجيش السوري نصيرا وحامياً…
تحيا سورية الام التي تلم الجميع…
خربشاتنا مع بعض من مقال هيفاء زعيتر في موقع رصيف 22