منذ انتسابي طفلاً عام 1961 الى فوجنا الكشفي الدمشقي العريق الذي كان معروفاً في الوسط الدمشقي والكنسي باسم فوج القديس جاورجيوس الارثوذكسي او فوج الروم، ومعروف في الوسط الكشفي السوري باسم الفوج الثاني، منذ ذاك التاريخ وانا اسمع بأسماء محددة في قيادة الفوج منها العميد التاريخي السيد جورج درزي ونائب العميد السابق الاستاذ المربي جورج حرستاني ونائب العميد وقتها السيد جورج نعمة والقائد العام السيد انطون بيطار وحنين معوض (ابو جورج) والقائد السيد موييز زيات…و
كان يلفتني هذا الاسم، ماذا يعني كنت أظنه موريس وكان يشوب لفظه خللاً، والى حين اعدادي لهذا المقال حيث عرفت انه موسى…
وهنا اشكر ولده السيد خليل زيات الذي مدني بهذه المعلومات عن والده وكانت غايتي تسليط الضوء عليه بصفته من قادة الكشفية الارثوذكسية الدمشقية العريقة وشخصيات البطريركية الارثوذكسية بدمشق.
وكنت آليت على نفسي في معرض اظهار شخصياتنا الكنسية والارثوذكسية الدمشقية والوطنية ومنهم القادة الكشفيين المغيبين من الذين كان لهم الدور البناء في الكشفية الارثوذكسية الدمشقية وأثروا في مسيرة شيخ الوحدات الكشفية السورية فوج القديس جاورجيوس الارثوذكسي الدمشقي والذي حمل اسم الفوج الثاني… ولكوني من أواخر القادة القدامى والمعاصرين بآن مع رفيق الدرب القائد انطون حلبي، لذا بادرت للكتابة عنهم مستنداً على شهادات من عائلاتهم، او ممن تبقى منهم، فكتبت في موقعي هنا عن العميد المرحوم جورج درزي والقائد المرحوم انطون بيطار والآن عن القائد المرحوم موسى زيات مستعيناً بولده الصديق خليل زيات الذي زودني بما ساعدني في هذه التدوينة فكل الشكر له ولمن سبقه وراجيا تزويدي من ذكريات هؤلاء القادة من عائلاتهم لأتمكن من الوفاء نحوهم بكتابة سيرهم المضيئة.
بطاقة تعريف بسيطة
المرحوم موسى خليل زيات 1920 ـ 2002 من مواليد دمشق القديمة وهو ابن اسرة زيات الدمشقية الأرثوذكسية والمتميزة في انتمائها للكنيسة الارثوذكسية والممارسة لطقوسها وقد لعبت هذه العائلة ولاتزال، دوراً بيناً في مسيرة البطريركية في شتى المجالات…
كان بيت العائلة الذي ابصر فيه النورمن البيوت الشامية العريقة بفسحاته السماوية وفسقية الماء والنافورة وبما تحويه ارض الفسحة السماوية من الياسمين والنارنج والكباد وهذه الحالة المبهجة فتحت شهية علمنا على المواهب التي تحلى فيها…
يقع البيت بجوار الكاتدرائية المريمية وبجانب مدارس الآسية الارثوذكسية العريقة والاقرب الى كنيسة القديس يوحنا الدمشقي الارثوذكسية…
انتمى علمنا الى الكاتدرائية والكنيسة المحكي عنهما ومارس الصلاة فيهما مع عائلته المؤمنة طفلاً وفتى وشاباً ومارس طفلاً وفتى الخدمة في هيكليهما وفي الترتيل حيث تعلم على ايدي مرتليهما وخاصة على البروتوبسالتي الرمز المرحوم ايليا سيمونيذس المعروف بالرومي الذي لفتته حلاوة صوتالفتى موسى فعلمه الترتيل على الاصول الرومية، حيث رتل مع رفقته في جوقة البروتوبسالتي منذ فتوته ورجولته وخادماً للكنيسة وعين في وكالتها وأخوياتها وخدم البطريركية بكل غيرة وتفان.
Image may be NSFW. Clik here to view.بعض الشخصيات الارثوذكسية الدمشقية في البطريركية حفل استقبال للبطريرك المسكوني اثينا غوراس منصف العقد السابع من القرن 20 في الصرح البطريركي والسيد موسى يميناً اول الصورة
دراسته
كمعظم ابناء الرعية الارثوذكسية الدمشقية درس دراسته الابتدائية والاعدادية والثانوية في مدرسة الآسية حيث انهى شهادة البكالوريا فيها.
اما دراسته الجامعية فكانت في جامعة القاهرة في مصر حيث درس بالمراسلة في كلية الصحافة، وتخرج منها وحاز دبلوماً في الصحافة حيث نشر حينها مقالات صحفية في الصحف المحلية.
حياته العملية
عمل لفترة لا بأس بها بصياغة الذهب، ثم التحق بالعمل في مصرف سورية ولبنان ـ والذي تحول اسمه للمصرف التجاري السوري فرع 4 ـ منذ تأسيسه وبقي عاملاً فيه لمدة 35 عاماً حتى بلوغه سن التقاعد . وبسبب تطوع والده المرحوم خليل بالعمل في الجمعية الخيرية/ جمعية القديس جاورجيوس الارثوذكسية لدفن الموتى، وكان يقوم بالعمل متطوعاً لمصلحة هذه الجمعية الخيرية وأهدافها رغم عدم عضويته فيها، وكان يشارك في كافة أعمالها، وبالطبع فقد كان للبطريركية الأنطاكية وللكاتدرائية المريمية الملتصق بجرسها وجدرانها نصيب من تواجده الدائم في صلواتها وقداديسها، ومشاركته في احتفالاتها الدينية والاجتماعية.
حياته الكشفية
كمعظم اطفال الرعية الدمشقية واعتزاز الرعية بفريق الكشاف الارثوذكسي الذي حمل كما اسلفنا اسم فوج القديس جاورجيوس ولكونه الاول على صعيد الفرق الكشفية في سورية تأسيساً فهو الاقدم ويعود في تاريخه الى مطلع عام 1912 بأمر مثلث الرحمات البطريرك غريغوريوس حداد وكان مقره في الصرح البطريركي وكان ابناء الفوج يخدمون في الكاتدرائية المريمية خاصة في الصوم والفصح وانشطة البطريركية الكبيرة لذا كان الأهل ينسبون اطفالهم الى هذا الفوج…
على هذا انتسب الطفل موسى زيات الى فوج القديس جاورجيوس، وترفع فيه عمرياً ومراحل كشفية من شبل إلى كشاف فعريف طليعة ونائب قائد فقائد بعد أن أتبع دورات درجة المبتدىء والدرجة الثانية فالدرجة الاولى وانتمى الى دورة اعدادية للشارة حيث يقول صاحب السيرة انه السيد خليل انه لم يتأكد من ان والده كان قد حازها، والحقيقة انه لم يحز الشارة الخشبية حيث لم يحزها في ذاك الوقت الا قلة، وحصراً في ذاك الزمن بعض عمداء الافواج وقادة الفرق، وكان عميد الفوج المرحوم جورج درزي من الذين حازوها وبجدارة وفق سجلات الفوج الثاني قبل توقيف الحركة الكشفية، وسجلات الكشفية الدمشقية والتي تعود الى مابعد صدور قانون حماية الحركة الكشفية السورية لعام 1944وتنظيم جدولة الفرق والافواج بأرقامها.
كانت فروع الفوج هي الاشبال والزهرات والكشافة والجوالة فقط دون وجود فرع للمرشدات (وفق ما اكده صاحب السيرة) والأغلب في غضون مشارف العقد الرابع فقام بتأسيس فرع المرشدات، وأصبح قائداً لهذا الفرع الجديد، وكانت تعاونه حينها المرحومة ماري روز مدري. وبعد ذلك تم تقسيم فرع المرشدات الى فرعين المرشدات المبتدىء والمرشدات المتقدم والرائدات وفق العمرواستمر هذا الواقع حتى توقف الفوج مع الحركة الكشفية بعهدنا عام 1985.
اعجوبة حدثت له
أثناء قيادته رحلة كشفية في فوج كشاف القديس جاورجيوس/ الفوج الثاني الى معلولا تعرض لحادث مروع، وكان يلتقط صورة للمشاركين من فوجه الكشفي في فج معلولا في مايسمى (موقع المحكمة) حيث سقط من على ارتفاع يقارب ال20 متراًن لكن الأعجوبة حصلت، فحماه الله بأن جعله يتمسك بنبتة صغيرة في الصخر وتعلق في هذه النبتة باصبع واحده حيث أمدَّه الله بقوة غريبة ساعدته على حمل ثقل جسده باصبعه حتى أنقذه رفاقه، ومن يومها وهو يؤدي نذراً في كل عام بتذكار هذه الاعجوبة الى دير القديسة تقلا البطريركي عبارة عن شمعة بطوله حتى توفي.
احب الكشفية ونشاطاتها وممارسة الرياضة في اطارالكشفية حيث كان يعشق رحلات الخلاء الكشفية والمخيمات والمسير الكشفي وخاصة برحلات المسير الشهيرة التي كان يقوم بها الفوج منذ تأسيسه عام 1912 الى لبنان على سلسلة جبال لبنان، وكان يقود كشافيه بمسيركشفي الى لبنان يستغرق عدة اسابيع سيرا على الاقدام.
عائلته
تزوج من السيدة أنطوانيت يوسف صيدناوي، والتي كانت إحدى المرشدات في الفوج الثاني، ورزق منها بأربعة صبيان وفتاة واحدة، وهم: خليل ( صاحب سيرة ابيه)، جورج، يوسف، الياس، وكليوبي.
الاسم البديل
يقول صاحب سيرته ابنه السيد خليل زيات:
“… ومنذ نعومة أظفاري تعودت أن اسمع الناس تناديه العم “موييز”، كما كان معروفا أيضاً باسم ” موريس “، وهما الاسمان المحببان لمحبيه وأصدقائه، اما اسمه الحقيقي في الهوية فهو ” موسى “. وانا كما قلت في مقدمتي فإن اسمه”موييز” لفتني الى ان عرفته الآن بهذه السيرة من ابنه الموما اليه.
صفاته
امتاز علمنا السيد موسى زيات بخلق رفيع وابتسامة لا تنسى وتواضع مميز، وهذا ماعهدته فيه شخصيا فقد كان يسبقني بالقاء التحية بكل تودد وبشاشة وجه رغم فارق العمر بيننا، بالإضافة لمسارعته لمد يد المساعدة والعون لكل من يطلب منه المساعدة بكل أريحية ومحبة .
اضافة الى عشقه للكشفية وفنونها ومواهبها أفادنا صاحب سيرته ابنه السيد خليل بالقول:”…كان والدي يهوى الرسم بأقلام الفحم وكانت تتصدر حائط الصالون في بيتنا العربي ايقونة المسيح القائم من القبر والحجر مزاح عنه، والجنود خائفة راكعة، كذلك ايقونة القديس جاورجيوس على حصانه، وصورة حصان اصيل اسود كلها من رسمه، كما كان يهوى الموسيقى والغناء ويعشق عبد الوهاب ويحفظ كل أغانيه يؤديها بصوت طربي كنسي،غرس فينا حب الموسيقى حيث بدأت اولا بالغناء من سن صغيرة وتعلمت عزف العود وتبعني اخوتي بالعزف على العود والكمان والإيقاع وشكلنا بتشجيع منه فرقة كاملة أسماها رحمه الله “عائلة الزيات” على غرار “عائلة البندلي” الطرابلسية في وقتها، وشاركنا بحفلات منوعات ضمن فرقة المسرح الملتزم التي أسسها الفنان نقولا ديراني كما ساهم والدي بشهرتنا بمقابلات تلفزيونية واذاعية وعلى مسارح وصالات كنائس القصاع وبعض مهرجانات دمشق ،كنت المطرب في الفرقة مع اختي كليوبي واخي الصغير الياس وكل اخوتي كانوا يتمتعون بأصوات جميلة ايضاً، حيث كلنا ولسبب اننا كلنا بدأنا الغناء بسن صغيرة وبقيت الهواية لدينا هواية،عدا اخي الياس فقد احترف الفن ودرس وتعب كثيراص على نفسه، واحترف الغناء والعزف ضمن المعهد العالي للموسيقى، وهو الآن يدَّرِس في المعاهد ويدرب جوقات عديدة على الغناء، ويدرس أيضا الموسيقى البيزنطية الرومية وفق اصولها وهو رئيس جوقة الكاتدرائية المريمية، وينشر هذا الفن الكنسي الرائع علمياً للمحافظة على تراثه، مقتدياً بوالدنا رحمه الله اذ كان يرتل وخاصة في دير مار تقلا البطريركي في معلولا، حيث كنا نمضي فترة الصيف.
رقاده
انتقل الى الأخدار السماوية في عام 2002 عن 82 عاماً بعد مسيرة حافلة بالعطاء والتضحية.
القدسات السابق تقديسها أيّ الذي قدُّست سابقًا προαγιασμένη : προ (قبل) αγιασμένη مقدّس.
إنّها خدمة ليتورجية خاصّة بزمن الصوم الكبير. لها هيكلية “صلاة الغروب” المعتادة، حيث يكون الكاهن محتفظاً على المائدة المقدّسة بقرابين تمّ “تقديسها في قدّاس سابق” يوم السبت أو الأحد. من هنا أتت التسمية. ترتيب نقل القرابين
يتم نقل القرابين في هذه الخدمة على مرحلتين ١- المرحلة الأولى: هي في بداية الخدمة وتحديدًا بعد الطلبة السلامية الكبرى، إذ تُنقل القرابين التي سبق تقديسها، من المائدة حيث تكون موجودة، إلى المذبح،
٢- المرحلة الثانية: تأتي بعد الإنجيل وبعد الطلبات الإلحاحيّة بحيث يتم نقل القرابين مجدّدًا من المذبح إلى المائدة المقدّسة (في وسط الهيكل)، وهذا يُسمّى “الدخول بالقرابين”، إذ بعد “الآن قوات السماوات يخدمون معنا….” التي هي بدل الشيروبيكون، يخرج الكاهن من الهيكل حاملًا القرابين بكلّ ورع ساترًا رأسه ليدخل إلى الهيكل ثانيةً من الباب الملوكي وليضع القرابين على المائدة المقدّسة، وتتابع الخدمة، حتى نصل في النهاية إلى مناولة المؤمنين، الصائمين، منها.
أثناء نقل القرابين تُرتّل “الآن قوات السماوات يخدمون معنا، بحالً غير منظور، لأنّّه هوذا ملكُ المجد يدخلُ عابرًا”. وأيضًا “ها هي الضحيّة السريّة تتزيّحُ مُكمَّلة. فلنتقدّم بإيمان وشوق، لنصيرَ شركاء الحياةِ الأبديّة. هلّلويا”.
ملاحظة: يُعلم الكاهن المومنين بعمليّة نقل القرابين في كلا المرحلتين، إذ يرن جرس صغير في البداية وفي النهاية ليسجدوا للقدسات المنقولة.
Image may be NSFW. Clik here to view.البروجيازميني: القدسات السابق تقدّيسها
معنى إسم الخدمة
كلمة “بروجيازميني” مصطلح يوناني يعني “ما سبق تقديسُهُ
وهو اسم هذه الخدمة الصياميّة الخاصة، التي تُقام يوميّ الأربعاء والجمعة من أسابيع الصوم الكبير المقدّس (صباحًا أو مساءً حسب التدبير)، بالاضافة الى يوم خميس القانون الكبير (الخامس من الصوم الكبير) المعروف “بخميس التوّبة”، وأيّام الاثنين والثلاثاء والأربعاء من الأسبوع العظيم المقدّس وأيضًا في تذكارات القدّيسين إذا لم تقع يوم سبت أو أحد: خرالمبس (١٠ شباط)، وفي تذكار الوجود الأوّل والثاني لهامة القدّيس يوحنا المعمدان (٢٤ شباط)، والقدّيسين الأربعين شهيدًا (٩ أذار)، وفي أي عيد محلّي، وكذلك في أي يوم آخر يحدّده التيبيكون.
ملاحظة: ترتبط هذه الخدمة على الدوام بصلاة الغروب، وفيها عناصر خاصة تتميّز بها.
شرح
لا تجري في هذه الخدمة صلاة التقدّيس (تحويل الخبز والخمر الى جسد المسيح ودمه المقدّسين) كما هي العادة في سائر القداديس، بل تتم مناولة قدسات سبق تقديسها.
في تهيئة القرابين التي تتم في سحر يوم الأحد أو السبت، أي الذبيحة، وبعد أن يقطع الكاهن الحمل الأوّل المعد للتقدّيس ويذبحه ويطعنه ويضعه على الصينيّة، يقطع حملًا آخر، أو إثنين أو أكثر حسب الحاجة للاسبوع الجديد، ويتمّم الكاهن على كلّ حمل الترتيب نفسه الذي تمّمه على الحمل الأوّل في القطع والرفع والذبح والطعن، ويقول الأفاشين الخاصة بكلّ مرحلة من المراحل، ويضعها على الصينية المقدّسة إلى الشرق من الحمل الاوّل، ملامسة بعضها بعضًا ويتابع إعداد الذبيحة كالعادة. ملاحظة هامة
– عندما يبارك الكاهن القرابين وقت الاستحالة في القدّاس الذي يتم فيه تحضير القدسات للبروجيازماني، لا يقول: “إصنع هذه الخبزات”، بل “هذا الخبز” بصيغة المفرد، كون المسيح واحدًا. وعندما يرفع القدسات، يرفعها كلّها معًا، ويقول: “القدسات للقدّيسين”.
– في قدّاس الأحد أو السبت، يقتطع الكاهن الحمل الأوّل فقط، أي الذي سيتم تناوله في القدّاس الذي يُقام، ويضع الجزء المعيّن منه في الكأس كما هي العادة. ثم يسكب الماء الحار، أمّا الباقي من القرابين فيرفع منها الحمل الذي سيُترك لقدّاس السابق تقديسه. يمسكه بيده اليسرى فوق الكأس، ويمسك الملعقة بيده اليمنى ويضعها في الكأس ويرفعها مملوءة من الدم الطاهر (الخمر الذي استحال دمًا) ويقول:”أيّها المسيحُ السيّدُ، إن ذبيحة الأصنام قد بطلت بالدّم الإلهيّ من جنبك الطاهر المُحيي، والأرض كلُّها تقدّم لك ذبيحة التسبيح كلّ حين”. ثم يسكب الدم الطاهر بالملعقة على الصليب الذي رُسم على الحمل بالحربة سابقًا أثناء تحضير الذبيحة وهو يقول: “إتّحاد وكمال الجسد الطاهر والدم الكريم، آمين”. ومن ثم يضع الحمل مقلوبًا في علبة القرابين، ويُعيد العمل عينه، على كلّ حملٍ من الخبز المقدّس.
مفهوم هذا القدّاس ليس من غريب في المسيحيّة أن تكون الإفخارستيا، أي تناول جسد ودم الربّ الكريمين، محور حياة المؤمنين: “مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ” (إنجيل يوحنا ٥٦:٦). الجدير ذكره أن هذا سّر الإفخارستيّا يمارس في الكنيسة منذ القرن الأوّل ميلادي.
ولمّا كان من المستحيل على المسيحي أن ينقطع عن تناول القدسات الكريمة، عمدت الكنيسة إلى تدبيرٍ خلال الصوم الأربعيني، يتم فيه تقدّيس قدسات في قدّاس الأحد السابق ليتناولها الشعب في الأسبوع التالي، لأن زمن الصوم هو زمن توبة ورجوع إلى الذات، بينما القدّاس الإلهي، طابعه فرح الفصح وابتهاج القيامة.
Image may be NSFW. Clik here to view.البروجيازميني: القدسات السابق تقدّيسها
قوانين في الكنيسة
تشير وثيقة من القرن السابع للميلاد، إلى وجود هذه الخدمة، وإن كانت تمارس بشكل مختلف عما هو حالها اليوم. كذلك يذكر القانون الأوّل من قوانين القدّيس نيكيفوروس (٧٥٨-٨٢٩م) بطريرك القسطنينية إقامة هذه الخدمة،فيقول: “يصوم الرهبان يوم الأربعاء والجمعة من مرفع الجبن، وبعد تناول القدسات السابق تقديسها، يتغذون بالجبن أينما وجدوا”. وثمة قوانين مجمعية تمنع إقامة القدّاس الالهي أيام الصوم
– ينص القانون ٤٩ من مجمع اللاذقية المحلّي المنعقد بين ٣٤٣ و ٣٨١م على التالي: “لا يجوز تقديم الخبز في أيام الصوم الكبير، باستثناء السبت ويوم الرّب”.
– ينص القانون ٥٢ من المجمع المسمّى الخامس – السادس (البنثيكتي)، المعروف بمجمع “ترولّو” نسبة إلى قبة كنيسة القصر الامبراطوري التي كانوا مجتمعين تحتها ٦٩٢، إلى أنّه يُقام قدّاس القدسات السابق تقديسها كلّ أيام الصوم، ما عدا السبوت والآحاد ويوم عيد البشارة المقدّس. أصل هذا القدّاس
يعتقد بشدّة، أن هذا القدّاس ظهر في إنطاكية بين القرنين الخامس والسادس في زمن البطريرك ساويرس (٥١٢–٥١٨م)، ومن ثم إنتقل إلى القسطنطينية في القرن ذاته. القراءات
يتخلّل القدّاس اليوم قراءة من سفر التكوين وأخرى من سفر الأمثال، وكلاهما يتكلّمان عن خلق الله العالم والإنسان وسقوطه وتدبير الله لخلاص الإنسان. والقراءتان تدخلان ضمن التعليم الذي كان يتلقّاه المزمعون أن يتقبلوا المعمودية يوم سبت النور. ويليق بنا أن نعرف أن هذا التعليم كان يتم في فترة بعد الظهر بعد صلاة التاسعة (ما يعادل الساعة الثالثة بعد الظهر) ليستمّر حتى بداية صلاة الغروب وإضاءة الشموع.
النور في الكنيسة
إعتاد المسيحيون الأوائل أن يأتوا بقناديلهم إلى اجتماع الصلاة، حيث كانت تقام الصلوات عند غروب الشمس. وحين يقترب وقت إضاءة القناديل، كان رئيس الشمامسة يخرج مع اثني عشر شماسًا من الهيكل، ويذهب إلى مدخل الكنيسة حيث القناديل مضاءة، فيأخذونها إلى وسط الكنيسة، وهناك يعلن الشماس حاملًا المبخرة، ويقول: “نور المسيح مضيء للجميع”. عندئذ يضيء الأسقف كلّ القناديل الموجودة في الهيكل، ويتوجه الشمامسة ليضيئوا قناديل الكنيسة (مذكورة بوضوح في القرن الحادي عشر).
وتطورّت الخدمة، وصار الكاهن يخرج من الباب الملوكي، مع قنديل، فيقف الجميع، فيتابع هو إلى وسط الكنيسة حيث يرسم بالمبخرة إشارة الصليب، ويعلن: “الحكمة، لنصغ، نور المسيح مضيء للجميع”. (وهذا شبيه بما يحصل اليوم)، حيث يقف الكاهن مع المبخرة والشمعة المضاءة امام المائدة، من جهة الشرق، ويرسم إشارة الصليب معلنًا: “الحكمة، لنصغ ….” ثم يرسم إشارة الصليب متوجهًا إلى الشعب، ويعلن:”نور المسيح مضيء للجميع”.
كما يُذكر في القرون الأولى أن في اجتماعات موائد المحبة Agape كان كل إنسان يقف أمام النور الذي هو رمز المسيح (أنا هو نور العالم)، وينشد من الكتاب المقدّس. وهذا أيضُا كان يحصل في المنازل.
* ملاحظة: من أقدم التراتيل في الكنيسة ترتيلة “يا نورًا بهيًّا….” التي نرتلها في صلاة الغروب.
• ملاحظات
1. يقترب قدّاس السابق تقديسه من قدّاس القدّيس باسيليوس الكبير من جهّة صلاة الغروب. أيضًا يقترب من قدّاس القدّيس يوحنا الذهبي الفم عندما تُقام صلاة غروب عيد البشارة في الصوم الكبير.
2. الصلاة الأخيرة التي تُقال على المنبر، هي أقدم الصلوات في ترتيب الخدمة.
للفلسفة عظمة تتصاغر عندها الهمم وتملأ الصدور هيبة واجلالاً. ولرجالها مهابة في صدري تخشع امامها العيون وتعنو لها الجباه. واني لأجِّل الفلاسفة واحترمهم وأُفخمهمْ. ولا القاهم الا متهيباً، ويلذ لي كثيراً أن أقرأ مايكتبون وان أتأثرهم في انضباطهم العقلي.
ولكني لا اقول بمذهب فلسفي معين لأن استنتاجات الفلاسفة لاتزال مبنية على افتراضات علمية لا على حقائق فلسفية تصح في كل زمان ومكان. تراهم يتخذون من التاريخ أدلة على صحة مايفترضون ومعظمهم يجهل التاريخ. والتاريخ نفسه لايزال قاصرا مكفوفاً لايمكنه ان يعينهم بشيء.
والحقائق التاريخية لاتثبت الا بعد جمع جميع الاصول ونقدها والتثبت من عدالة رواتها وضبطهم وبعد الاجتهاد في مايثبت منها اجتهادا تؤيده قواعد المنطق. واذا استثنينا جهود المؤرخين الالمان في القرنين الماضيين والمؤرخين الروس لقلنا ان تاريخ سائر الشعوب لايزال مجرد روايات نقلها الرواة على علاتها ولم تخضع بعد الى النقد والتجريح. ولما كان الأصل في التاريخ هو الاتهام لا براءة الذمة وافتراض الصدق بدون غاية وهوى، فإن كل مايبنى على الروايات الضعيفة يظل ضعيفاً.
واذا كان مؤرخو فرنسا وبريطانيا وايطاليا واميركا لايزالون يجمعون المصادر لينقدوها فإن مؤرخي غيرهم من الشعوب لايزالون غائصون في نوم الخمول. فكيف يلجأ الفيلسوف الى تواريخ من هذا النوع ليؤيد صحة مايذهب اليه من افتراض؟ وهل نسي ان كل مايبنى على الباطل باطل؟! وكيف يجوز لنا أن نقول بفلسفة معينة للتاريخ وحقائق التاريخ لاتزال غير ثابتة!
ان مذهبي هو ديني، وديني هو مذهبي وديني لايقتصر على مايثبته العقل بدليل منه. ولو اقتصر على ذلك لما شعرت بحاجة اليه ولكنه لايعلم مايراه العقل محالاً. ولوفعل لكان ضرباً من الضلال والتضليل. وليس كل معقول قابلاً للاثبات بحجج العقل، فحقائق الوجود أعمق من أن يسبر غورها عقل محدود، وحقائق الوحي كالشمس تبهر ولكنها تنير السبيل.
اقام الفلاسفة المؤمنون حُججاً كثيرة على وجود الله. منها حجة الحركة والقول ان للكون سلسلة أحداث، وان كل حادث مفعول، وكل مفعول يفترض فاعلاً. ومنها الاستثناء الى قضية الامكان والوجوب، والقول ان في الموجودات حاجات وكمالات، وان الله وحده كامل بذاته، لايتأتى له الكمال من غيره، وانما هو كامل بحكم طبعه.
ولكن أهم من هذا كله وأشد أثراً في النفس دليل الخبرة الشخصية بعد النضوج، فالرسل والقديسون والمؤمنون جميعهم خبروا الله يوماً بعد يوم ولمسوا عنايته لمساً. قعلموا انه عالم بكل معلوم. ” ولكم دجا ليل الخطوب وأظلمت سبل الخلاص فصلوا مع داود: “الى الرب صرخت في ضيقي: يارب أنقذ نفسي، اني ولو سلكت في وادي ظلال الموت لا اخاف سوءاً لأنك أنت معي، عصاك وعكازك هما قد عزياني” فأتاهم من الطافه فرج لم يحتسبوه، وكم اثقلت الذنوب ظهورهم وسودت العيوب صحفهم فصرخوا مع باسيليوس: ” يارب يارب يامن انقذتنا من كل سهم يطير في النهار أنقذنا أيضاً من عائق يسري في الدجى”. فستر عفوه وشمل لطفه. فكانت صلاتهم نورا لهم وبرهاناً!
وميزة ديني ومذهبي ان الكلمة صار جسدا فكان الهاً كاملاً في انسان كامل، فالشرقي كان قد أذعن لله ولكنه لم يكن حراً طليقاً فجاء اذعانه سلبياً، وكان اليوناني الغربي قد نشط وتحرر وحاول جهد المستطاع ان يصل بالانسان الى درجة الكمال ولكنه كان لايزال يجهل الله، فأخفق.!!!
فجاء المسيح الها كاملاً في انسان كامل. فأوجد للشرق ضالته واعطى الغرب ماطلب واستقصى. واظهر الحقيقة فأبان للشرق الاله الكامل متحدا بالانسان الكامل. واكد للغرب ان الانسان الكامل انما هو مظهر من مظاهر الاله الكامل. ومن هنا سجود مجوس “للاله المولود”ز ومن هنا قول ممثل الغرب بلاطس البنطي”هاهوذا الرجل”. ولم يبق بعد هذا اي مجال لثقافة شرقية وثقافة غربية. فالمولود الجديد أوجد ثقافة انسانية شاملة، ثقافة الشرق والغرب معاً، وأوجب على الخلق أجمعين أن يجعلوا من انفسهم بشرا أقوياء طلقاء كاملين قدر المستطاع لينصرفوا الى تطبيق مشيئة الله على اكمل وجه.
والكنيسة في العالم هي جماعة المقدسين في المسيح المدعوين ليكونوا قديسين قدر المستطاع، والكنيسة فوق العالم هي سر الله المكنون، ولولا هذا لما عاشت في العالم والصور المقدسة في الكنائس تذكر المؤمنين أن القديسين لا يزالون مشتركين معنا في كنيسة واحدة جامعة مقدسة رسولية.
والكنيسة تتألف من عنصرين الهي وبشري، من الحقيقة الالهية المعطاة لها، ومن سعيها البشري لتنفيذ المشيئة. وقد يسهو البعض عن ان النعمة الالهية لاتقسر الناس قسراً ولاتجعل منهم قديسين، وانما تعمل فيهم عمل النور في الهواء فتخترق نفوسهم لتعطيهم حرارة واشعاعاً.
ولم يخل حقل الرب في فرعيه الغربي والشرقي من الزؤان، من حب السيطرة والمجد الفارغ ومن الطمع والحسد وسوء الظن والحقد فكان انشقاق مؤلم مخيف.
ويتوجب على المؤمنين والحالة هذه ان يصلوا بحرارة لأجل زوال هذا الانشقاق. وان يبتهلوا بقلب منكسر ونفس منسحقة لأجل التقارب والوحدة، والا ينسوا قول الذهبي الفم: ” ان الذي يشق كنيسة الله يعمل عملاً افظع من انكار الايمان. لأن الذي ينكر الايمان يهلك نفساً واحدة، واما الذي يشق الكنيسة فإنه يهلك نفوساً كثيرة. وعلى كل مؤمن ان يراقب هؤلاء الذين يحدثون الشكوك والشقاق وان يعرض عنهم لأنهم على حد قول بولس الرسول:” لايخدمون المسيح بل بطونهم”. واذا ماصلينا وابتهلنا لوحدة الصفوف فانما نفعل ذلك لأجل متابعة العمل في حقل الرب بعد جمود دام طويلاً. وحقل الرب واسع جداً يشمل العالم بأسره، والعمل فيه لايثمر الا اذا اقترن بظروف صالحة معينة، وأهم هذه الظروف التجدد الداخلي الذي يتحلى بانكار الذات. وانكار الذات يبدأ باعتراف داخلي بالعيوب والنقص ويفرض تنازلاً حقيقياً عما نسميه الكرامة الشخصية. وهو يتطلب استعداداً للتعاون مع الغير في سبيل مبدأ صحيح عام كلي المفعول. والمبادىء الأدبية الروحية كثيرة لايخلو منها فؤاد، ولكن المقصودة هنا هي تلك التي يعترف جمهور المؤمنين بصحتها، وتوجب الكنيسة الجامعة تطبيقها. واذا كان الشرقيون منا قد أخطأوا في مجرد التمادى في التأمل والتعبد والمحافظة على قدسية الايمان، فالغربيون قد أخطأوا في التشديد على نواح معينة من العمل واعطائها المرتبة الأولى.
وهكذا فإنه يحق للأرثوذكسي الشرقي أن يفاخر بشدة حرصه على استقامة الايمان، لكنه ينسى في بعض الأحيان قول الرسول بولس:”ولو كانت لي النبوة وكنت أعلم جميع الاسرار والعلم كله، ولو كان الايمان كله لأنقل الجبال، ولم تكن في المحبة فلست بشيء.”
ويحق للكاثوليكي أن يفاخر بدوره بأعماله الكثيرة، ولكنه ينسى هو أيضاً بعض الأحيان قول هذا الرسول نفسه:” ولو بذلت جميع أموالي احسانا، ولو اسلمت جسدي لأحرق ولم تكن في المحبة فلا انتفع شيئاً.”
والواقع أن عيب الغربيين والشرقيين كان ولايزال اغفال المحبة والمحبة تتأنى وترفق ولاتحسد ولاتتباهى ولاتنتفخ ولاتطلب ما لنفسها ولاتحتد ولاتظن السوء ولاتفرح بالظلم. تتغاضى عن كل شيء وتصدق كل شيء وترجو كل شيء وتصبر على كل شيء.
القيمرية حي تاريخي يقع وسط دمشق القديمة وهي القلب النابض لدمشق القديمة يتميز بطرازه المعماري الدمشقي الفريد والمتميز. وفيه خانات اثرية للفعاليات الصناعية الدمشقية الشهيرة من الانوال و سدي الحرير ونسج الحرير وصباغة الحرير والنجارين وحفاري الخشب والصدافين …ومعظمها اليوم تحول الى مطاعم دمشقية بكل اسف…وصار هذا الحي سوقاً صاخباً بالنسبة للشبيبة ولايعد السائح قد زار دمشق ان لم يزر حي القيمرية ومشى على حجارته البازلتية السوداء فهو بذلك يستمتع بتاريخ سورية والمشرق متخيلاً الحضارات المتعاقبة…
التسمية
تعود تسميته نسبة الى التسمية الشاملة للمنطقة ايا ماريا (القديسة ماريا) نسبة الى كنيسة مريم اي الكاتدرائية المريمية هذه التسمية التي انتشرت منذ السنة 314 م عندما اعلن قسطنطين الكبير براءة ميلان سمح بموجبها للمسيحيين باظهار دينهم حيث اوقف الاضطهادات الدموية بحقهم فاظهر المسيحيون الدمشقيون كنائسهم من تحت الارض ومنها كنيستهم المريمية (رقاد السيدة) وكانت على اسم كنيسة مريم اي “ايا ماريا” باليونانية بالعربية ” القديسة مريم” واطلقوا الاسم على كل المنطقة تيمنا بالسيدة العذراء اي القديسة مريم منذ بداية العصر الرومي اضافة الى وجود دير للراهبات ملحقا به ميتماً لليتيمات فيه يصرن راهبات… وكان الدير والميتم على اسم القديسة مريم ايضاً اي “ايا ماريا” والدرب الواصل مابين المريمية الكنيسة المحورية اسمه “درب مريم” يمر امام دير الراهبات وفي مكانه الآن ميتم القديس بندلايمون للبنات وكان بداخله المستشفىImage may be NSFW. Clik here to view.حي القيمرية
الارثوذكسي الدمشقي الى حي القديسة مريم اي الموصوف اليوم ب”القيمرية” اي ايا ماريا، مع تمادي الزمان تحرف الاسم من ايا ماريا الى القيمريه وماينسبه البعض إلى شيخ عاصر زمن الفتوحات الإسلامية يدعى ” قيمر” واطلق اسم القيمرية نسبة له في ذلك الزمان هو محض افتراء على التاريخ الدمشقي المسيحي…!!! اضافة الى القول انه في زمن دخول المسلمين الى دمشق عاصرها شيخ مسلم اسمه قيمر مقيم في دمشق، هذا محل نقض شامل لأن الحملة التي دخلت دمشق هي اسلامية ولم يكن ثمة مسلم واحد ليس في دمشق بل في كل بلاد الشام، فمن اين اذن اتى هذا الشيخ المسلم الدمشقي في وسط رومي مسيحي شامل!!!!؟؟؟، وفي هذا تسخيف للعقول ويقبل به السذج فقط… ثم مالرابط بينه وبين هذا الحي او مالذي قدمه؟ او مجرد نحل الموضوع اليه يقصد به منتحلوه تغيير التاريخ لتغيير الصفة المسيحية عن دمشق وهي منطلق البشرى المسيحية الى العالم…!
يحد حي القيمرية من الشرق حي “باب توما”، ومن الغرب كاتدرائية دمشق “كاتدرائية القديس يوحنا المعمدان” ( الجامع الاموي) / المبنية عام 387 وقد وُضع فيها رأس القديس يوحنا المعمدان عام 450 ليشفع بدمشق وارسله اليها الامبراطور الرومي من القسطنطينية وحوله الوليد الى الجامع الأموي عام 705م)/ بدءاً من منطقة “النوفرة” حيث يقع أشهر مقاهي دمشق التاريخية مقهى النوفرة، أما من الشمال فتحده حارة “الجورة”، ومن الجنوب شارع “مدحت باشا” بين الـ”الكاتدرائية المريمية” و”سوق الخياطين”.
وكانت القيمرية والجورة والشاغور و…احياء مسيحية حتى مذبحة 1860 الطائفية بحق المسيحيين عندها احرقت هذه المنطقة برمتها وخانات الحرير وبقية الصناعات الدمشقية المتميزة وكلها خاصة بالمسيحيين الدمشقيين وعندما بدىء باعادة بناء هذه المناطق تغيير النسيج السكاني من مسيحي الى اسلامي بعد استشهاد نصف السكان المسيحيين وهجرة الربع الى بيروت وعمروا تلة الاشرفية واقاموا بيوتهم وكنائس ومدارس، ومنها الى الاسكندرية وبور سعيد والسودان والاميركيتين…وحتى خمسينيات القرن العشرين كانت نسبة المسيحيين في القيمرية والجورة حوالي 70% مع خانات نسيج الحرير وسدي الحرير ومصنوعات الصدف والخشبيات لأصحابها المسيحيين، وانا اشهد لأني عشت طفولتي في القيمرية في دكان المرحوم والدي جورج الفنان في حفر الخشب ومعه ابوه فارس ولاحقا شقيقه المرحوم نقولا في وسط حارة القيمرية… عاش فيها حتى اسشتهاده مجبداً في سبيل الوطن شقيقي الأصغر مروان الحرفي الماهر في هذه الحرفة الدمشقية البديعة.
وتتميز بيوت حي القيمرية بحفاظها على الطراز المعماري المميز للبيوت الدمشقية والتي استمر الدمشقيون في بنائها لقرون طويلة وتميزت بطرازها المعماري الفريد والمتميز كما اسلفنا.Image may be NSFW. Clik here to view.حي القيمرية
ويشار الى ان هذا الحي يحمل عبئا تاريخيا كبيرا حيث يوجد فيه: باب “جيرون” أحد أبواب معبد “جوبيتر” الدمشقي العائد للحقبة الوثنية من العهد الروماني، درج الأموي ومقهى النوفرة… والكاتدرائية المريمية أحد أقدم كنائس الروم الأرثوذكس في العالم منذ اربعينات القرن المسيحي الاول التي شملت باسمها القيمرية والدروب الواصلة ، حمام البكري، سوق البزورية، خان أسعد باشا، خان السفرجلاني، كما يقع في الحي “مكتب عنبر” أو “قصر الثقافة” هناك كان يسكن الكثير من المسيحيين الوجهاء منهم عائلة الشاعر الدمشقي جورج صيدح عاشق الشام…
“يارب القوات كن معنا، فإنه ليس لنا في الاحزان معين سواك، يارب القوات ارحمنا.”
“يارب القوات” هي تلك الترنيمة الخشوعية التي ترتل في صلاة النوم الكبرى في الصوم الاربعيني المقدس حوالي غروب الشمس انها تلك النغمة العذبة التي تكاد تطغي على هذه الصلاة بأكملها الى درجة ان بعض العامة يطلقون على صلاة النوم الكبرى اسم صلاة يارب القوات.
فترنيمة “يارب القوات…” مع ترنيمة ” لتستقم صلاتي…” التي ترتل في خدمة قداس القدسات السابق تقديسها البروجيازمينا يشكلان نافذتين تطل من جلالهما على اعماق النفس الشرية عند ترتيلهما او سماعهما، حيث يشعر المتعبد المؤمن بضعة نفسه وصغرها اللامتناهي أمام عظمة الخالق وحفاوة وبهاء وجوده إزاء سعة هذا الكون اللامتناهي، ولابد له من الإقرار عند هذا بمحبة الله الأبوية وقوته خارقة في تسيير دفة العوالم غير المحدودة.
وفي المدائح السيدية “التي لايُجلس فيها” بصلواتها المرفوعة الى سيدة العالم مساء كل يوم جمعة واندفاع الحناجر “افرحي ياعروساً لاعروس لها” و”اني انا مدينتك ياوالدة الاله…” حيث يموج الصوت الموحد للمؤمنين ومع انتهاء الصلاة واندفاع المؤمنين لتقبيل ايقونة السيدة يرنم المرنمون: “ان جبرائيل اذ عتراه الذهول من بهاء عذريتك…”
في صلوات يارب القوات والمدائح والبروجيازماني تتفتح النفوس نحو ربيع روحي يتواءم مع ربيع الارض القادم…
ان مجرد اقتراب ايام الصوم المبارك هو دعوة لنا بوجوب فحص ذواتنا بصورة مجردة وموضوعية، ذلك لأن الصوم هو فرصة تُعطى لنا لتنقية نفوسنا من شوائب الماضي، بل انه نداء الينا لنتحرر من قيود حياتنا اليومية المؤذية ومشاكلها المتشعبة، وهو فرصة نادرة تظهر فيها سيطرة الروح على الجسد لأنه متى انعتقت الروح من رباطات المادة استطاعت أن تنطلق في اجواء الروحانية المتسامية مقتشة عن الحقيقة الازلية اعني الله الازلي الواحد، وفي غمرة من الفرح والغبطة تتصاعد الروح اليه تعالى مرنمة له وضارعة من القلب:”يارب القوات كن معنا…”
في البلدة الوادعة حيث الإيمان الريفي البكر والحار والنقي، واستعداد المؤمنين لدخول معترك الصوم الكبير المقدس وصولاً الى التعييد في الفصح المقدس ونقوم مع ربنا رب القوات الناهض من القبر ظافراً في عيد الأعياد وموسم المواسم…
ها ان الشمس قد قاربت على المغيب واكتست الجبال بوشاح ارجواني خاص وكأن الطبيعة قد أضناها عمل النهار. وفي هذه اللحظة أخذت الأجراس والنواقيس ترسل رناتها داعية الناس الى الصلاة…وهاهم المزارعون والعمال يتركون امهم الارض ويمسحون العرق المتصبب من جباههم وهاهن ربات الخدور يوقفن اعمالهن المنزلية. واذا بكل هؤلاء يسيرون وكأنهم على موعد، على الدرب الضيق المفروش بأعشاب الربيع الخضراء تحق بهم من هنا وهناك اشجار اللوز المعطرة، بينما تفوح من اشجار الحمضيات روائح ذكية تعطر أنفاس اهل الارض المتعبين وكأن الطيور أحبت أن تشارك هؤلاء المؤمنين صلواتهم المسائية فراحت تملأ الجو بتغريداتها الملائكية.
يدخل المؤمنون كنيستهم وشموع من سبقهم موقدة امام ايقونات السيد والسيدة، فيبادر كل منهم الى شراء شمعة او كثر يشعلونها في مستوقد الشمع امام ايقونتي السيد والسيدة يقبلونهما ويرسمون اشارة الصليب المكرم ويتذكرون اولادهم واحبابهم وخاصة الغائبين عنهم فيستحضرون صورهم مرسومة على هاتين الايقونتين فيصلون لهما ويتضرعون الى صاحب الايقونة لتوفيقهم…ويقبلون الايقونتين بمحبة واحترام ثم يقفون بورع ويشتركون بصلوات المرتلين:”يارب القوات كن معنا فإنه ليس لنا في الأحزان معين سواك…”
هناك في القرية النائية حيث الهواء الطلق والبراري المترامية الأطراف هناك حيث لايسمع ضجيج العربات والسيارات.
هناك حيث يهدد الرعد وتهب العواصف ليكتمل بها فصل الشتاء متممة العمل الموكول اليها. هناك حيث تنشد الطبيعة أناشيدها الساحرة في مختلف الفصول والشهور.
هناك حيث يرقد الراقدون براحة وسكون، هناك في روعة رنين الاجراس واصوات النواقيس ساعة الغروب حيث يقف الألوف والملايين في كل العالم المحتفل بالصوم الكبير المقدس وتضرعاتهم مع ترنيمتي يارب القوات والبروجيازميني” لتستقم صلاتي…”
في القرية الوادعة حيث الايمان بأجلى مظاهره في الكنيسة الصغيرة يأتي المؤمنون بروحانيتهم الريفية وورعهم الفطري ليسكبوا مع شموعهم والبخور المتصاعد ويسحقوا بتضرعاتهم انفسهم بين يدي رب القوات ساجدين امام عرش الجلال صارخاً من أعماق قلبه مع المترنمين :” يارب القوات كن معنا فإنه ليس لنا في الاحزان معين سواك، يارب القوات ارحمنا.”
ترامب … يعد وعد من لايملك… لمن لايستحق… مشاعر الفخر تملكتني وانا اشاهد مظاهرات الاهل في القنيطرة وبلدات الجولان المحتلة… تنتفض جماهيرنا الجولانية ( مشايخ اجلاء ورجال ونساء وفتيان وفتيات) العاشقة للوطن السوري الحبيب وجولانه والاعلام السورية بأيديهم وهم يهتفون للوطن والانتماء وفي المقابلات اعلنوا توقهم للعودة الى حضن الام سورية الواحدة الموحدة ويقولون انهم ينتظرون لحظة التحرير بأيدي ابطال الجيش السوري الاسطوري الذي حرر القسم الاكبر من سورية من رجس العملاء الخونة والارهابيين والغزاة الاميركان والغربيين والاتراك…
تذكرت حرب تشرين التحريرية وكنت مقاتلاً من مقاتلي هذا الجيش الحبيب.. واندفاعتنا للتحرير في جبل الشيخ والقنيطرة وكل قطاعات الجبهة تذكرت مع اني لم انسى ولن انسى مشاعرنا الطاغية كمقاتلين في اندفاعتنا في ارض الجولان الطاهرة التي تقدست بأقدام الرب يسوع والتلاميذ القديسين والقديس بولس وهو آت من فلسطين الى دمشق عبر القنطرة ( القنيطرة)…تذكرت الكم الكبير من الشهداء والجرحى الابرار ولكن كله كان يبعث في الفخر والنشوة واراها في هذه اللحظة رفاقنا يتساقطون ويرتقون ليرفعوا العلم السوري الحبيب على المواقع الصهيونية المدنسة لأرض الجولان الطاهرة…
وقابلت مشاعر الفخر هذه المترافقة مع ذكرياتي بهذه الحرب التي شاهدت الاستشهاد فيها وجرحت، ومع موقف اهل الجولان المشرف واغتباطهم بسوريتهم…
قابلتها بمزيد من الكره لكل من يعادي الوطن السوري وفي المقدمة النظام الأميركي وعلى رأسه ترامب المأفون بروح التأله الذاتي المزعوم ولكنه الوضيع امام الكيان الصهيوني والارهابي النتن ياهو وهو من يحاول تعويمه على مايثيره خصومه في الداخل الصهيوني الذين بالنسبة لنا لايقلون حقداً بحق الشعب الفلسطيني المذبوح الذي يقدم قربان الدم اليومي وحده ، وبحق الشعب السوري الذي قدم لأجل القضية الفلسطينية الوف الشهداء والجرحى منذ 1936 ثورة القسام مروراً بهزيمة حزيران 1967 وحرب تشرين التحريرية التي كان لي شرف اني كنت من مقاتلي جيشنا الحبيب… ومليون ضحية بريئة ودمار الوطن وكل مأساتنا بسورية وقد دفعناها ثمان سنوات وندفعها وسندفعها لأن فلسطين بوصلتنا طالمة نحن صامدون…ونحر سورية الحبيبة من عدوان 88 دولة و1200 فصيل تكفيري وكلهم تحت العمالة لأميركا…
ولايقل ترامب والكيان الصهيوني حقارة عن النظام التركي الباغي المحتل وزعيمه الارهابي اردوغان…
اقول للجميع ماقاله اسد الدبلوماسية السورية وبشارها لترامب ودولته الاستكبارية:” لقد فقدتم كل اوراق الشرف واخرجتم انفسكم من دور الوسيط النزيه بهذا القرار الترامبي بالسيادة الصهيونية على الجولان السوري المحتل وكما فعلت واعترفت بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني…”
ياترامب انت كبلفور وحكومة بلاده عام 1917 قبل 102 عندا اعطى حقاً بفلسطين وهو لايملكه لليهود الذين لايستحقونه…
تركيا الباغية حكمتنا بالحديد والنار والتخلف والارهاب المظلم 400 سنة وتحررنا من احتلالها البغيض…
ثقتنا غير محدودة بقيادتنا السورية وجيشنا الحبيب وبحلفائنا…
نحن قوم لاتوسط بيننا لنا الصدر دون العالمين او القبر.
الأحد الثاني من الصوم الكبير المقدس … أحد القدّيس غريغوريوس بالاماس
مدخل…
ينتهي الأحد الأول من الصوم بتلميح إلى خدمة الملائكة. فالنص المقدس يقارن بين خدمة الملائكة وخدمة المخلِّص نفسه التي تفوقها. إذا كان العصيان التي تبلغنا إياها الملائكة هو معاقب حقاً، فكم تكون معاقبة الإنسان الذي يهمل خلاصاً بشَّر به المسيح وأتى به، إذ “لمن من الملائكة قال قط: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك” إنجيل اليوم…
هذا اليوم قصة شفاء مخلع كفرناحوم. لقد غفر يسوع خطاياه، إذ تعجب الكتبة من أن أحداً غير الله يستطيع غفران الخطايا. فالموضوع الرئيسي لهذا الحادث هو القدرة على الغفران والشفاء معاً التي يمتلكها الرب يسوع. فلا يجب الفصل بين الغفران والشفاء. لكن لم تكن أول كلمة ليسوع: ” إشفِ ” بل “غفرت خطاياك”. فعلينا, في أوجاعنا الجسدية، أن نصلي من أجل تطهيرنا الداخلي، من أجل غفران زلاتنا، حتى قبل التماس النجاة المادية، وأخيراً أمر يسوع المشفى أن يحمل سريره إلى البيت. فعلى من غُفر له، وتغير داخلياً على يد يسوع، أن يبين لأهله (ليس بحمل السرير بل بالأقوال والأفعال) أنه إنسان جديد. إِنَّ تذكار بالاماس لم يدخل إلا في القرن الرابع عشر، في حين كانت فيه بنية هذا الأحد الليتورجية قد سبق إقرارها في مخطوط سابق. فقد عرض القديس غريغوريوس بالاماس العقيدة اللاهوتية المتعلقة بالنور الإلهي ودافع عنها دفاعاً جباراً، فالخدمة تتكلم بصورة عامة عن النور وعن الذي قال “أنا نور العالم”. تجمع نصوص السحر ثلاثة أفكار: فكرة المسيح الذي ينير الخاطئين، فكرة إمساك الصوم، وفكرة كلمة “قم” التي وجهها المخلص إلى المخلع والتي نوجهها نحن الآن إليه. القدِّيس غريغوريوس بالاماس
إنّ تثبيت القدّيس غريغوريوس بالاماس لتعاليم الكنيسة المقدّسة في القرن 14 ٱعتُبر ٱنتصارًا ثانيًا للأرثوذكسية بعد ٱنتصارها على محاربي الأيقونات. لهذا خصّصت الأحد الثاني من الصوم لذكراه إلى جانب عيده في 27 تشرين الثّاني الّذي هو تذكار رقاده، رغم أنّ البنية الليتورجية لهذا الأحد قد سبق إقرارها قبل القرن 14 بموجب خطوط أخرى. ”كان يمكن أن تُبتلَع الأرثوذكسيّة، ومعها الرّوحانيّة التّراثيّة، ممّا تفشّى في الوجدان الغربيّ. لكنْ، بعناية العليّ ووعي الكنيسة الأرثوذكسيّة، تأكّد لهذه الرّوحانيّة الثّباتُ واستعلتْ خبرةُ الرّهبان والمؤمنين، بعامة، يومذاك، على المخاطر والهجمة الوجدانيّة الفكريّة الشّرسة الّتي تهدّدتها، وكان القدّيس غريغوريوس بالاماس كنز الرّوح التّراثيّة بامتياز وكلمة الكنيسة الفصل منذ أوّل تاريخها إلى ذلك الحين. فقالت الكنيسة، في مجمعَين انعقدا في القسطنطينية في حزيران وآب سنة 1341 وتمّوز سنة 1351: ما خبره غريغوريوس والرّهبان وما قاله وكتب عنه، في شأن المعاينة الإلهيّة، هو ما خبرته وتختبره الكنيسة الجامعة منذ البدء وهو تعليم آبائها، بلا منازع، جيلاً بعد جيل. من ذا أهمّية القدّيس غريغوريوس وتعظيم الكنيسة له!“ إن هذا الجليل ابن النور الذي لا يشوبهُ مساءٌ إنسان الله بالحقيقة وخادم الإلهيات العجيب قد كان منشأهُ من بلاد آسيا ابناً لوالدَيْن شريفي الحسب والنسب واجتهد أن يزيّن بالفضيلة والأدب ليس فقط الإنسان الخارجي المحسوس بل بالأحرى الداخلي الغير المنظور. فلمّا توفي أبوهُ ربّته والدته من صغر سنهُ مع إخوتِه وشقائقِه وأدّبتهُ بأدب الرب وبالنصائح الإلهيّة والعلوم الشريفة واعتنت بوضعِهِ عند معلمين ليتروض جيداً بالحكمة الخارجية فمذ مزج الجهد اللائق مع ذكاوته وحذاقته الطبيعية حصل في برهة يسيرة على علوم وفنون مختلفة. ولما بلغ إلى سن العشرين سنة احتسب كل الأشياء باطلة أرضية وأخدع من الأحلام. وطلب أن يبادر نحو الإله المسبب الواهب كل حكمة ويفرز ذاته بجملته له بواسطة سيرة فضلى كاملة فمن ثم كشف لوالدته قصده المرضي لله وشوقه وعشقه الحار نحو الله الكائن في قلبه منذ زمان طويل فوجدها مشتاقة وهي أيضاً لمثل ذلك ومبتهجة معه بالسوية لأجل ما عزم عليه. فجمعت الأم حالاً بنيها حولها وقالت بحبور ها أنا والأولاد الذين أعطانيهم الله وجربت عزمهم نحو الأشياء الصالحة وكشفت لهم قصد أخيهم الأكبر وهو أيضاً تكلم معهم بأقوال نصحيّة فأقنعهم حالاً جميعهم ووجدهم تابعين بنشاط لعزمه وشوقه الحاصل عنده لترك الحياة والهرب منها. ففرّق موجوداته على البائسين حسب قول الإنجيل وغادر بشهامة الأنظار الملوكية والكرامات ومجد البلاط الملوكي وتبع المسيح. فبعد أن رتب والدته وشقائقه في دير العذارى أخذ أخوته وذهب إلى جبل آثوس المنسوب إلى القداسة. فأما أخوته فأقنعهم أن يلبثوا مقيمين في غير أديرة ويستسير كل منهم بالسيرة المرضية لله أن لم يسمح لهم الوقت بأنهم يجتمعون ويكونون متحدين مع بعضهم. وأما هو فسلم ذاته لطاعة رجل عجيب عائش بالهدو لله وحده يُدعى نيكوديموس الذي منه تعلم كل وصية وكل فضيلة بواسطة الأعمال بتواضع نفس وإذ اقتبل في ذلك المحل باستعلان سري معاضدة والدة الإله الكلية الطهارة وعونها للجميع الذي لا يُحارب بعد أن انتقل ذاك إلى الرب توجه إلى سيق سابا العظيم وأقام به مدة من السنين وبعد ذلك باهتمام عظيم وعزم يضاهي عزم الشيوخ انتزح عن السيق لأجل محبة الهدوء واعتنق الفقر. وإذا كان دائماً يزداد هيامه هياماً ويُؤثر أن يكون مع الله على الدوام دفع ذاته لتقشفٍ عظيم واستسار بغاية الزهد والتنسك فأصرف الحواس عن الأمور الأرضية وجمعها من كل ناحية بصلاة خشوعية ورفع العقل نحو الله وجعل الوقت جميعه لاهتمام الصلاة ودراسة الأمور الإلهية وثقف سيرته حسناً. فبموازرة الله دحض الجن بالكلية وقهرهم ببسالة وطهر نفسه بانسجام ينابيع العبرات مدى الليالي فحصل إناءً منتخباً لمواهب الروح الإلهي، واستحق لمعاينة المناظر الإلهية بتواثر. ثم والأعجب من ذلك أنه وبعد انتقاله إلى تسالونيكية بسبب غارات الاسماعيليين وإذ كان يعمل الاسقيطة (القلاية الرهبانية) التي في باريا وكان مضطراً أن يتردد ويقيم في بعض المدن ما ترك ولا بسبب ذلك أيضاً ما قد كان عليه من كمال السيرة والتصرف. فلما نقى وطهر نفسه وجسده تطهيراً كاملاً في مدة من السنين ليست بيسيرة انتُخب من الله لقبول موهبة الكهنوت العظيمة وكان كفاقد الهيولى وخارج عن ذاته يكمل جميع أسرار هذه الخدمة حتى أنه كان بالنظر إليه فقط يُخشع نفوس الناظرين. فحصل عظيماً بالحقيقة وعُرف لدى المستسيرين بحسب ما يرضي الله أنه إناءٌ للروح وبما أنه هكذا كان يظهر أيضاً للذين ينظرون ظواهره أنه له قوة على الشياطين وينقذ من كان قد اقتُنص من حيلهم وخداعهم وينقل محل الأشجار إلى خصب ويسبق فينظر المستقبلات وكان مزيناً بباقي مواهب الروح الإلهي وأثماره. فبحيث أن فعل الفضيلة هو متعلق في إرادتنا إلا أن السقوط في التجارب ليس هو منوط بسلطتنا ولكون أيضاً بدون هذه لا يحصل كمال ولا إظهار الإيمان بالله (لأنه يقال أن العمل والشوق الصالح متى اجتمعا يكملان الإنسان المتصرف بما يرضي الله) فلذلك حصل السماح بأن يسقط هذا المعظم بتجارب ومحن مختلفة ومتواترة لكي بالجميع يظهر كاملاً بالحقيقة. فأي عقل يستطيع أن يتصور ما حدث له من ذلك وأي قول يمكنه أن يصف حيل المحارب الشديدة التي حصلت أعظم من التي سبقت قديماً وثلب محاربي الله المحدثين واتهامهم إياه والأضرار والأحزان المتنوعة التي احتملها منهم في مدة ثلاث وعشرين سنة التي ما كفّ محارباً فيها ومناضلاً عن حسن العبادة. لأن الوحش الإيطالي أعني برلام الكالافري إذ كان يتباهى ويترفع بالحكمة الخارجية وبباطل أفكاره وآرائه يحستب أنه خبير بكل شيءٍ أثار حرباً شديدة على كنيسة المسيح وعلى إيماننا المستقيم وجميع المعتصمين به اعتصاماً وثيقاً. لأنه كان يعتقد بجنون أن نعمة الآب والابن والروح القدس ونور الدهر العتيد الذي به سيلمع الصديقون كالشمس كما سبق المسيح فأظهره بإشراقه على الجبل وبالجملة كل قوة وفعل اللاهوت المثلث الأقانيم وكل ما يفرق قليلاً عن الطبيعة الإلهية هو مخلوق. وأما الذين بحسن عبادة يعتقدون أن ذاك النور الإلهي كما وكل قوة وفعل للاهوت هو غير مخلوق بما أن ولا خاصة من الخواص الطبيعية الإلهية هي محدثة لله فبأقوال وتأليفات مطنية كان يدعوهم برلام ذوي إِلَهَيْـنِ وكثيري الآلهة كما يسمينا اليهود وصاباليوس وآريوس. فلأجل ذلك استُدعي غريغوريوس من الكنيسة وحضر إلى القسطنطينية كمناضل ومجاهد شهير عن حسن العبادة ومحارب أشد بأساً وقابل كل ثلب ومذمة من أجلها وكان المحامي إذ ذاك عن حسن العبادة اندرونيكوس الملك الباليوغوس الرابع فعُقد مجمع شريف فلما حضر برلام وأظهر معتقداته السيئة الرأي ومثالبه للحسني العبادة امتلأ غريغوريوس العظيم روحاً إلهياً وتسربل من العلا قوةً لا تحارب فأبكم ذاك الفم المفتوح على الله وأخزاه للغاية وبأقوال وتأليفات نارية أحرق قش بُدعه وأحالها إلى رماد. فلما لم يحتمل الخزي هذا المحارب لحسن العبادة هرب نحو اللاتينيين من حيث وافى وأقام هناك وبعد ذلك حالاً هذا الأب غريغوريوس وبخ وفضح بوليكيندينوس بواسطة مجمع وبأقوال مضادة لتعاليمه الكاذبة أفرز مصنفاته. إلا أن المشاركين فساد أولئك ولا بذلك كفوا عن محاربة كنيسة الله. فلذا بإلزام المجمع الشريف والملك ذاته وبالأحرى بانتخاب من الله أذعن غريغوريوس وارتقى على سدّة رئاسة الكهنوت وحصل راعياً لكنيسة ثصالونيكية الشريفة. فتكبد جهادات أكثر جداً مما سبق من أجل الإيمان القويم الرأي بشجاعة وتجلدٍ لأنه بأقوال ومصنفات ملهج بها من الله بأشكال متنوعة نقض وقلب معتقدات وتأليفات خلفاء برلام واكيندينوس الأشرار لما ظهروا كثيرين وأشداء كنتائج ردية من وحوش ردية. وذلك ليس مرة أو مرتين أو ثلاث مرات فقط بل مرات عديدة وليس على عهد ملك وبطريرك واحد بل على عهد ثلاثة ملوك متقلدين صولجان الملك بتتابع ثلاثة بطاركة ومجامع يعسر إحصاءها وقهرهم بالكلية وحطم قوتهم للغاية. مع ذلك قد بقي بعض منهم على هذه الصورة لما لم ينعكفوا ولا انثنت عزائمهم ولا احتسبوا القضاء العلوي شيئاً. لأن ومن جميع الهرطقات يوجد أيضاً للآن بقايا تتواقح على القديسين الذين ضمحلوها لكي لا أقول جنس اليهود الكلي الجسارة والقحة الذي وللآن أيضاً هو مصرٌ على جنونه ضد المسيح. فهذه هي كمية وكيفية ظفر المعظم وانتصاره على الملحدين بوجه الاختصار إلا أن الله بطرائق لا يُلفظ بها أرسله معلماً للمشارق فأرسل كسفير من ثسالونيكية إلى القسطنطينية ليصالح الملوك بما أنه كان بينهم خصومة فقُبض عليه من الهاجريين وضُبط عاماً كاملاً جائلاَ من مكان إلى مكان ومن بلدة إلى بلدة ومعلماً بإنجيل يسوع بشهامة. فأما للثابتين في الإيمان فكان يوطد بالأكثر ويقوي وينصحهم أن يلبثوا مقيمين على الإيمان. وأما للمتقلقلين به الذين كانوا يوردون بعض مشكلات وأبحاث عما كان يصير في ذاك الوقت فكان يثبت بحكمة إلهية مانحاً إياهم العلاج الكافي والحل لما كانوا يعترضون به. وأما لباقي الكفرة والذين انشقوا بشقاوة عن المسيحيين ولاذوا بأولئك الثالبين اعتقاداتنا في تديبر تجسد ربنا وإلهنا وسجودنا للصليب الكريم والإيقونات المقدسة كان يخاطب أحياناً كثيرة بمجاهرة. وكان أيضاً يتكلم عن محمد وعن مباحث أخرى كثيرة مقدمة منهم. فالبعض كانوا يتعجبون منه وآخرون كانوا يزأرون ويمدون أياديهم عليه الذين لولا أملهم بأخذ أمواله لكانوا أماتوه شهيداً. إلا أن العناية الإلهية حفظته كما ذكرنا فبعد أن جرى ذلك نُجي المعظم وأنقذ من محبي المسيح ورجع ثانياً إلى رعيته سالماً كشاهد بغير سفك دمه فمع المواهب والمزايا الأخرى العظيمة التي كانت له تزين أيضاً وهو بعلامات المسيح حاوياً في ذاته كما يقول بولس أعواز المسيح. ولكي نُظهر بعض من خاصياته نذكر أخص ما يكون وهي هذه الوادعة والتواضع بما يفوق الحد حيث لم يكن قول عن الله وعن الأمور الإلهية لأن في مثل ذلك كان محارباً شديداً. عدم الحقد وفقدان الشر. الاهتمام بقدر الاستطاعة. بأن يجازي بالحسنات للذين كانوا يظهرون أردياء في بعض أشياء نحوه. عدم تصديق السعاية والأقوال ضد الآخرين بسهولة. الثبات والتجلد بإزاء المحن الصعبة الواردة عليه. التنزه عن كل لذة ومجد فارغ. التذلل والاقتصاد في جميع مقتضيات الجسد مع أنه كان ضعيفاً جداً من جراء الوقت. التجلد بهدوء وعدم اضطراب. البشاشة دائماً التي كانت بهذا الحد مطبوعة فيه حتى أنه من ظواهره كان يُعلم للناظرين. ثم التعقل والإصغاء في كل شيء. عدم خلو عينيه من الدموع تقريباً على ما كان يحدث بل توجّعهُ دائماً لذلك بينابيع دموع. فعلى هذا المنوال جاهد مكافحاً بإزاء الآلام والشياطين من الابتداء إلى الانتهاء وطرد الأراتقة بعيداً عن كنيسة المسيح وجاهر بالإيمان القويم الرأي بأقوال ومصنفات التي بواسطتها ختم كل كتاب ملهج به من الله بما أن سيرته وقوله حصل كخاتمة وختمٍ لسيرة القديسين وقولهم ورعى أيضاً رعيته رعاية رسولية ومرضية لله مدة ثلاث عشرة سنة وزينها بأقوال أدبية وقادها إلى صيرة سماوية وحصل كفاعل عمومي للأرثوذكسيين الذين كانوا إذ ذاك أحياءً وللصائرين من بعدهم. ثم انتقل إلى حياة فائقة العالم في سنة ألف وثلاثمائة واثنتين وستين من المسيح بعد أن عاش ثلاث وستين سنة فأما روحه فأسلمها بيد الله وأما جسمه الشريف فتركه للرعية الذي هو باقٍ لحد الآن في مدينة ثسالونيكية متلألئاً وممجداً في النهاية بحالة بديعة كميراث وكنز فائق الثمن. لأنه يجود بالعجائب دائماً على كل من اقترب إليه بإيمان ويمنح العتق من أسقام مختلفة التي تاريخه قد يصف منها جانباً ليس بيسير.
من ليل دمشق زمن العثمانييندمشق ابنة التاريخ ولاشك ان التاريخ يختزن في تلافيفه الحقائق التاريخية اضافة الى الاساطير والسير الشعبية لازلنا نرى بعضها في الحكواتي وادب عنترة وعبلة و… ونعزو ذلك الى انها اقدم مدن العالم واقدم عاصمة مأهولة في التاريخ لم يخبو شعاعها الحضاري ولا كبا جوادها، بل هي في عيش مستمر دون توقف وحتى في عصور الهنات الا انها لاتلبث ان تنتفض من جديد…وبالرغم من حزنها بسبب مامر عليها من مآسي وكوارث الا انها لم تخلع رداء الفرح فكانت الأساس في ادب السيرة الشعبية ربما فرضها ليلها الساحر مع ماء بردى والخضرة التي تحيط بها في غوطتها احاطة السوار بالمعصم . في مقالنا تركيز على القرنين الاخيرين من زمن الاحتلال العثماني لدمشق وسورية، وهذا لايشي بأي شيء يعطي انطباعاً بالتأثير الايجابي للوجود العثماني المحتل، بالعكس كان المجتمع الدمشقي يرفض اشراك العثمانيين من موظفين كبار او التنظيمات العسكرية في حياته الخاصة والمحافظة فهم غرباء بالرغم من ان الدين الاسلامي هو الرابط…
ان مانود قوله هو ان الشوام بحكم انفتاحهم وابداعهم في الحرف وحب السيران والغناء والتمثيل بالرغم من المحافظة على الدين ليس فقط عند المسلمين بل وبالأساس عند المسيحيين واليهود وان كانت العديد من البيوت اليهودية في حارة اليهود بدمشق كانت عبارة عن مقاهييقدم فيها المشروبات الكحولية مع الغناء والرقص
الليل الدمشقي مليء بالسرد والحكايات التي تحكى في جو أعطى الخيال الشعبي قدرة على أن يشطح شطحات عجيبة. ولعل أبرز ما يمثل حصيلة الليالي الدمشقية أنها أبدعت ما يسمى مفهوم السير الشعبية التي تروى في شكل مسلٍ في ظلام الليل وخفائه وأسراره.
ويبدو الليل الدمشقي رحباً في شكل يتسع لأن يشهد وجود مجموعة من المضحكين والمسليّن والحكواتيين الذين كانوا يذهبون إلى بيوت الأكابر ويلتقون في مجالس تحكي السيرة أو تقدم الطرائف وتؤدي الألحان، ويؤكد ذلك ما جاء في ترجمة محمد بن أحمد الداخل الصالحي 1569م، عند الغزي في كتابة الكواكبي السائرة الذي يوصف بأنه: «كان يتردد إلى الأكابر ويبيت عندهم الليالي»، ويشهد الليل في مجالس أهل الأدب والفقه المذاكرات والمساجلات الشعرية، أو اللغوية والفقهية. وقد نجد في الليل كما يخبر ابن طولون في كتابه مفاكهة الخلان، «امرأة لا تحترم حرمة بيتها وتدخل الرجل إليها وتتساهل في الأخلاق».
– ليل الغانيات وأسرار العشاق
والليل مجال رحب لسرد العجائب والغرائب، التي لا تظهر إلا في العتمة: الأشباح، والجن، والأرواح، وأصحاب الكرامات. هؤلاء الذين لا يظهرون إلا في سواد الليل، أو في جنبات مشابهة من النهار كالمغاور والكهوف والدهاليز وكوارات البيوت، والليل الساحر هو مجال حكايات العشق والعشاق.
ومن المؤكد ولأن الدمشقيين اصحاب اذن موسيقية ومبدعين في الشعر واللحن والغناء، لذلك كان الغناء والشعر ملازمين لليل الدمشقي قبل الاحتلال العثماني وهو ما تشير إليه مصادر الحقبة المملوكية التي تشير إلى امتلاك كل أمير جوقة من العازفين والمغنيات والجواري، ويظهر أن اختلاط الجواري والغانيات بقصور الحكام قد رفع من قدرهن حتى سرت عليهن تقاليد نساء الحكام وحريم الأحرار، فمنع عليهن الاختلاط بغير الطواشي والخصيان، واستطاعت بعض الجواري الوصول إلى مواقع متقدمة والزواج من بعض الأمراء.
في العصر العثماني تحضر قصص الليل في السجل الشرعي لدمشق، فنجد الكثير من الحجج الخاصة بشكوى أهالي بعض الأحياء من بعض الخارجين على أمر الشريعة، ممن يتسببون بإزعاج سكان المحلات الذين يلجأون إلى القاضي الشرعي الذي غالباً ما يتفاعل مع الشكوى ويحقّق فيها، ومن ذلك احتجاج سكان محلة: «الملك الظاهر لدى القاضي بسبب اجتماع أهل الفسق والفعل القبيح ليلاً إلى الدخلة المذكورة في زقاق مدرسة العزيزية الواقعة بين مدفن الملك الناصر لدين الله صلاح الدين الأيوبي والدور التي هي الآن من جملة دار المولى محمد أفندي المرادي».
وتكررت قضايا كهذه في القرن التاسع عشر، ووقف علماء دمشق منها موقفاً واضحاً، ما كان يدفع القضاة إلى إصدار أحكام تقضي بـ «إخراج أهل الفسق والفجور من المحلات والتحريج عليهم».
– سهر الأعيان:
يمتاز السهر في دمشق بأنه أنواع تتبع المواسم، فمنه ما هو خاص بالشتاء أو الصيف أو الربيع، ذاك أن ليالي الصيف تختلف كثيراً عن ليالي الشتاء. وإذا كانت بعض الأسر تتواعد لتمضية أمسيات الصيف معاً في المتنزهات القريبة من دمشق، أو الذهاب أبعد قليلاً نحو مصايف وادي بردى كعين الخضراء وعين الفيجة وبسيمة وجديدة الشيباني والزبداني وبلودان ومضايا… إلخ، فإن أمرها يختلف في ليالي الشتاء الطويلة. ففي ليل الشتاء الطويل، يجتمع الجيران أو الأقرباء أو أبناء الحِرَف في دار أحدهم، ويقصّون أوراقاً وفق عددهم، ويُكتب في كل ورقة اليوم المعين للسهر مع نوع الحلوى الذي سيقدم للساهرين المتسامرين. وتوضع الأوراق في كيس، ويمد كلٌّ يده فيسحب وريقة، فيجد مكتوباً عليها مثلاً «يوم الخميس 10 كانون الثاني والحلوى كنافة مدلوقة». وهكذا تُعْرف مواعيد السهر عند المجتمعين كافة، وأنواع الحلوى. وتهيأ خلال السهرات الشتائية ألعاب التسلية، ويحضر من يغني مع آلته، وغالباً ما تكون العود… ويقتلون ليالي الشتاء على هذا المنوال حتى نهاية الفصل.
ويبدو أن طبيعة الطقس كانت تتحكم في مواعيد السهر، فإذا كان الجو ماطراً وبارداً، فإن ذلك ما يحول بين لقاء الأصدقاء، ثم إننا نجد في الشعر المتبادل بين الأدباء ما يشير إلى ذلك، يقول محمد خليل المرادي في ترجمة مكي الجوخي1778م، وكتب إليّ مرة وقد أعاقه المطر عن زيارتنا:
أيا مولى له شوقي ومالي عنه مصطبرُ……………..مرادي أن أزوركمُ ولكن عاقني المطرُ
أما في الصيف فيقدم ابن كنّان الصالحي 1740م وصفاً لليل العلماء وترتيب سهراتهم، ويظهر من الوصف الذي يقدمه أن سهر الأعيان والعلماء يطول حتى الفجر ويتخلله الإنشاد الذي يجلب الطرب، ويتعدى وصف مجريات السهر إلى وصف مكانه. ولا يخلو الوصف من الصور الفنية التي يقدمها بسرد فني جاء فيه: «في ليلة الأربعاء تاسع الشهر، سهرنا عند صاحبنا الأعز الأمجد الشيخ بلبان الصالحي الحنبلي بدار بمحلة حارة المقدّم وكان أكثر أعيان الصالحية، فكان نائبها القاضي صادق بن هدايات وكان أكثر أعيان الصالحية… وكانت السهرة نحو ثماني ساعات، وأنشد الشيخُ مصطفى جلبي الصالحي بصوته قصيدة بارعة… جواهر فنونها ساطعة، فأطرب المجلس طرباً، وانحاز السأم عنا سراباً. فاهتز المجلس اهتزاز النشوان، وأطرب أقلب حتى كاد يهيم إلى الطيران، وكان الجلوس بقاعته الغناء والغادة البيضاء، تتال بنقوش الأذهان، ترفل في حُلل مسبوغة بمحاسن الألوان. فلما دخلناها نادتنا برحبها الرحيب، وأطارت أنظارنا إلى علوها المناهض للسماع، واللامس للكف الخضيب، وكأن شبابيكها آذان تستمع إلى الرياح الخافقة، وقماريها نجوم النسايم أو عيون النعايم، بعين النظر إلينا وامقة، وشمعتها المنيرة في السّرب كالصباح المتطير بأشعته الساطعة… فهي كالروضة الغناء بألوان نقوشها الكاملة الإحكام».
– سمر الأولياء
في موازاة السهر والطرب والانتشاء مع الأعيان وممثلي الحكم، هناك أيضاً سمر مع الصالحين والأولياء ولكنه خالٍ من الطرب الذي ينتشي له القلب ومما جاء في وصفه: “وفي ليلة السبت رابع عشرين رجب، كنّا عند صاحبنا سي رجب مع جماعة من الخلّان وتوابع من الإخوان، وسهرنا عنده تلك الليلة، وكان السمّر في ذكر الأولياء والصالحين، ومكثنا عنده إلى بعد طلوع الشمس، واستكثرنا خيره وشكرنا برّه».
ومن خلال وصف لجلسة سمر نظمها أحد الأتباع للشيخ ابن كنّان الصالحي نجد أن المجلس يخلو من اللهو والموسيقى والهرج، على خلاف عادات أهالي دمشق، وينقل ابن كنّان وصفاً لسمر الأولياء فيقول: «وفي يوم الأحد كنّا في سهرة عند أخينا وتابعنا السيد أحمد المستوي، وكانت مشتمله على ذكر الأولياء والصالحين، خالية من اللهو والمرج ولله الحمد، وتكلّف كلفة باذخة جزاه الله خيراً، وكنا نحو سبعة أنفار، حتى خالية من الغناء والسماع ولعب المنقلة والشطرنج، كما هي عادة أهالي دمشق».
يصف الرحالة لوران دارفيو الذي زار دمشق في القرن السابع عشر، سكان دمشق بأنهم» يحبون أن يظهروا بلباس لائق وأن يعيشوا برفاهية وأنهم يحبون حريتهم». ووفقاً لهذا الوصف ينحو المجتمع إلى حب الجمال والترفيه، واقتناء «الأثاث الفاخر». ومع ذلك، تندر أخبار النساء في المصادر التاريخية، بيد أن بعض مشاهدات الرحالة والدراسات التراثية تفيد بأنه في الدار نفسها والتي كانت تشهد سهرات الرجال في الشتاء في قسم السلاملك، كانت النسوة يجتمعن في غرفة قسم الحرملك، فيتحلقن حول مدفأة الحطب التي تلعلع ألسنة النار فيها، أو منقل متوهج الجمر. وتبدأ سهرة النساء بلعب البرجيس أو الورق ويستمتعن بالبرجيس متعة خاصة. وفي ختام اللعبة، فإن المغلوبة تؤدي ما يطلب منها، من رقص أو غناء أو تهريج. وقد يستمعن وفق ملاحظات الرحالة راسل إلى حكواتية مسنة إلى نهاية السهرة.
ثم يتبارين في قول الأمثال. ويتندرن برواية النكات والفكاهات. ولا يفوت الساهرات التحدث عن الأخريات في ما يعرف عندهن” حطوهن بالمقلاية” (المقلاة)، إشارة إلى عيوب أولئك النساء ومساوئهن. ومن بين ألعابهن، أن تغادر إحداهن الغرفة في وقت مناسب، ثم تدخل بغتة، وقد رفعت ملاءتها بيديها الاثنتين الممدودتين حتى أقصاهما فوق رأسها، حيث تبدو وكأنها طويلة على نحو غير عادي، والمنديل مُسْدَل فوق الملاءة كالعادة. عندئذٍ ترتعش الحاضرات للمفاجأة… ثم ما يلبثن أن يستوعبن الموقف. ويبدأ الحوار بين هذه المرأة والساهرات في حركة تمثيلية، في سؤال عادي وتعليق على الجواب غير عادي. ثم تقول، ويداها ما زالتا مرفوعتين، والملاءة عالية فوق رأسها.
هكذا بدت دمشق – وليلها – في القرنين الأخيرين من السيطرة العثمانية، حيوية ناشطة، فاعلة لأهلها شغفاً كبيراً في حب للحياة ورغبة بمباهجها الدنيوية، في فضاء أخلاقي ومجال عام، يشهد فيه الناس من مؤرخين وكتاب يوميات للمدينة بالكثير من الفوضى، وعدم ردع الفسّاق عن فسقهم، وتبارى لبنات الهوى بالحضور جهاراً عياناً في الأسواق، وثمة ليل دمشقي فيه سهرات وسمر، وجلسات علمية وضيافة وأذكار.
خربشات سياسية 24 /3/2019 ترامب يوقع على مرسوم السيادة الصهيونية على الجولان السوري المحتل
الجولان حقٌ لا يموت …
توقيع رجلٍ أحمق لايقدم ولايؤخر الا تعرية الولايات المتحدة من كونها راعية للسلام وهي تثبت انها راعية للارهاب الضارب في سورية والساعية الى تشتيت وتقسيم سورية…
وإذا كان الاحتلال جريمة كبرى، فإن شرعنته وتبنيه خطيئة لا تقل خطورة، فالقوة لا تنشئ حقوقاً ولا ترتب مزايا، والقانون الدولي لا تصنعه دولة واحدة مهما كانت مكانتها، وديمومة الاحتلال لفترة زمنية، طالت أم قصرت، لا تُسبغ عليه شرعية”.
ياللحقارة والزعرنة رئيسٌ أمريكي يلهو على التويتر ويوقع إعترافه بسيادة العدو الصهيوني على الجولان السوري المحتل.
بياناتُ إدانةٍ وتصاريح رافضة أطلقتها بعض الدول الأوروبية الإستعمارية وهي التي تحتل مع قائدتها اميركا بصورة غير شرعية كفرنسا وبريطانيا…هل الجولان ياترامب هو مقاطعة اميركية تهبها لدولة اخرى؟؟ وحتى لوكانت هكذا لاتستطيع وهبها دون موافقة برلمانك…ام هي زعرنة وتعالي فوق القانون الدولي والاستهتار بكل المعايير الاخلاقية الدولية؟؟؟Image may be NSFW. Clik here to view.الجولان سوري…لن ننسى…لن نسامح
المهزلة ان اردوغان يبدي انزعاجه من تغريدة ترامب!!! كم انت سخيف القرد اوغان وانت تحتل الشمال السوري الحلبي وشمال حماة وجبال اللاذقية عبر كلابك التركستان والتركمان وجبهة العهرة بذريعة كون تركيا العدوة ضامنة لمنطقة خفض التصعيد، ناهيك عن إحتلاله المباشر وغير المباشر لمدينة إدلب عبر كلابه الارهابية التركمانية والتركستانية والخونة الذين يسمون انفسهم جيش وشرطة حرة….
إداناتٌ عربية خجولة وكاذبة، فهذا التوقيع اليوم كان لارضاء العربان الذين معظمهم كان ساعياً لتنفيذ هذا الوعد لكسر انتصار سورية ولدحر ايران في سورية وشل قدرات حزب الله، وهذا التوقيع فغالبية العرب اللذين يستنكرون اليوم تصريح ترامب، هم ذاتهم اللذين شاركوا وساهموا بدعم عدوان وسيطرة العدو الإسرائيلي على الجنوب السوري عبر التنظيمات الإرهابية التي دعموها ومولوها وسلحوها، ودعموا إحتلال الجنوب السوري صراحة وعالجوا التكفيريين في مشافيهم وزودوه بالاسلحة … وهرولوا نحو التطبيع مع العدو الصهيوني، وتطوعوا لتنفيذ ماّربه وتمرير مخططاته عبر صفقة القرن، فمنهم من مول ميليشيات “قسد” في الشرق السوري ودعموا مشروع إنفصاله عن السيادة السورية، ومنهم من تحالف مع العدو التركي في الشمال وأيدوا سلخه وإلحاقه بالدولة العثمانية … ولم يجرأوا على إتخاذ قرار إعادة اللاجئين السوريين، والإجماع على عودة سورية إلى الجامعة العربية، ولم يدرجوا اسم سورية في القمة العربية القادمة في تونس …
سورية ترحب بكل إدانةٍ وبأي موقف يدعم حقوقها الوطنية المدعومة بالقرارات والشرعية الدولية، لكننا نعرف ان موقف الجميع وعلى رأسهم امين عام الجامعة العربية ابو الغيط هو لفظي، لأنهم لو كان موقفهم صادقاً لأعلنوا صراحة على السنة ملوكهم ورؤسائهم بالوقوف الى جانب سورية والاجماع على عودتها للجامعة العربية لكنها مواقف لذر الرماد في العيون ، ويبقى تعويل السوريين الأول والأخير على إيمانهم بعدالة قضيتهم، وبوفائهم لأرضهم قدموا لاجلها مليون ضحية منذ ثمان سنوات، ومن هذه السخافات انه كلما حاول الجيش السوري تحرير مجرد حي يتنطح هؤلاء العربان للتهجم على القيادة والجيش السوريين وكأن هذا الحي غير سوري وكأن الجيش السوري جيشٌ غازي…Image may be NSFW. Clik here to view.سورية ستنتصر
إن تصريحات وتغريدة الرئيس الأمريكي، تأتي في إطار السياسة الأمريكية الداعمة للعدو الإسرائيلي كحليف أول واستراتيجي، وتأتي كدليل قاطع على الإنحياز الأمريكي المطلق الملتزم بأمن ووجود وبقاء “دولة” الكيان الغاصب، وبدعم سياساتها التوسعية ومخططاتها الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية…
وكما قلنا قبلاً ان ترامب الداعم لسلخ الشرق السوري واعطائه للأكراد وكذلك وبشكل متوافق بإعطائه الشمال الحلبي لتركيا بذريعة الاكراد ، كذلك فان ترامب اراد دعم صديقه النتن ياهوفي مواجهة خصومه في الداخل الصهيوني وتعويمه عن تهم الفساد مقابلاً لهدية الإيباك واللوبي الصهيوني للرئيس ترامب عبر استصدار صك برائته وإخراجه من براثن المحقق مولر في التحقيقات المتعلقة بإتهامه وفريق حملته الإنتخابية بالتعاون مع روسيا وبكامل تفاصيل هذا الملف، والذي كاد أن يودي بترامب إلى غياهب العزل والمحاسبة.
وتبقى تصريحات وتوقيع ترامب الأحمق والمأفون بروحانية التأله الذاتي وحتى توقيعه،وجزءً من سياساته الإستفزازية المتهورة والتي تسعى لجرّ العالم نحو المزيد من الصراعات، ولا تخرج أبدا ً عن إطار السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط والمنطقة العربية، والتي دأب على إتباعها الرؤساء والإدارات الأمريكية المتعاقبة, الساعية لإتمام ما تسمى صفقة القرن, عبر استعجالٍ واضح لإستباق استعادة سورية كامل قوتها وتوازنها، واستباق إعلانها النصر على الإرهاب ودول الداعمة، بما يجعلها تبدو كمقايضة بين إنتزاع موافقة سوريا للتخلي عن القضية الفلسطينيةن مقابل إكتفائها بتراجع ترامب عن تغريدته وتوقيعه.
إن تصريحات الرئيس الأمريكي لا قيمة لها وفق الموقف السوري، ولن تغير من الواقع القانوني ومن حق الدولة السورية وسيادتها على كامل أراضيها، وبإحتفاظها بحقها بمقاومة الإحتلال الصهيوني بكافة الوسائل المتاحة السياسية والعسكرية، تلك الحقوق التي أقرتها الشرعية الدولية والأمم المتحدة وتصريح الناطق باسم غوديريس امين عام الامم المتحدة وبإعتراف العالم كله بأن الجولان كان وسيبقى أرضا ً سورية وعربية للأبد ….
يبدو أن ترامب يستعجل نهايته السياسية والملاحظ كيف ان تسعة من السناتوريين قاطعوا التوقيع اليوم وهو مقدمة للآتي من المواقف المضادة له مهما دعمه اليهود في الايباك كذلك هو نهاية الكيان الصهيوني الذي التقط مع ترامب اللحظة باعتبار سورية عما قليل ستعلن انتصارها مع محاولة منع عودة النازحين وقانون قيصر واستفحال العقوبات ضد سورية لمنع اعادة الاعمار وعودة الفعاليات السورية..
ان تغريدة ترامب وتوقيعه اليوم للقرار لن يمر مرور الكرام، وستبقى الكلمة الأولى والأخيرة للدولة السورية ولمحور المقاومة.Image may be NSFW. Clik here to view.الجولان ينتفض…
هو نسخة مجددة من وعد بلفور فبغدر من ترامب عدنا الى نيف وقرن مضى
اعتقدنا بها صفحة انطوت الى غير رجعة واذا بالقرصان ترامب يحاول السطو على سفينة الجولان ويمنحها للقرصان المشغل له ولكل الادارات الاميركية بوجهيها الديمقراطي والجمهوري اي الصهيونية العالمية وتلة الكابيتول اليهودية الاميركية بنفوذهم المالي الطاغي على كل الكون…
ترامب يعيدنا الى بلفور اليهودي الانكليزي بوعده المشهور الذي كان اصل مأساتنا في سورية الواحدة بزرع خنجر مسموم هو الكيان الصهيوني في خاصرتها مستأصلاً فلسطين قلب سورية،و مقطعاً اوصالها ليتابع سايكس وبيكو تقسيم جسد سورية فيقيمون سورية الحالية باتفاقيتهما مع سكين التقسيم ولينفذ غورو بانشاء لبنان الكبير ويقتطع كيليكيا من سورية ويمنحها لمصطفى كمال اتاتورك وليتولى الانكليز اقامة شرق الاردن اضافة الى العراق
ترامب يوجب علينا باعترافه بالقدس عاصمة الكيان الصهيوني وبمنح له الجولان السوري المحتل ايوجب علينا ان نعود لقراءة التاريخ ولاستعداد وعلى اقله اخذ العبر التاريخية جيداً….
اعتراف ترامب امام الارهابي النتن ياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني الغاصب، هو سابقة تاريخية في القانون الدولي العام بالعصر الحديث هذا.سبقه بلفور بوعده فبعد ان اعترف الرجل بالقدس كعاصمة لاسرائيل نهاية سنة 2017. رسم خطاً جديداً هو تدخله المباشر كرئيس دولة تعتبر نفسها فوق العالم وقانونها فوق القانون العالمي، يجيز لنفسه اقتطاع اراضي دول ومنحها لدول اخرى كما في الاعتراف بالسيادة الرسمية للكيان الصهيوني على المحافظة السورية الجنوبية المحتلة الجولان.
بهذا الاعتراف لم يعد الجولان السوري المحتل منذ 1967 ارضاً محتلة. فيعيدنا بذلك الى ادبيات مناهضة الوعد المشؤوم لوزير الخارجية البريطاني بلفور، حيث اعطى من لا يملك الارض، لمن لا يملك الحق. حين اعلن في 2 تشرين الثاني 1917، ان المملكة البريطانية تنظر بعين الرأفة لمصالح الشعب اليهودي وتود ان يكون لهم وطنا قوميا وقد ذر الرماد في العيون بعبارة” مع الاحتفاظ بحقوق سكان فلسطين الاصلاء…”. وبعد 31 سنة اُعلِن الاحتلال بالانتقال من الانتداب الانكليزي، الى حكم الاحتلال الصهيوني وذلك ليل 14 – 15 ايار 1948، فارتمى الزيت على الارض وها هو يتلاشى الحق امام اعيننا مرحلة فآخرى.
سابقة في القانون الدولي
قضية الجولان هذه، سابقة بالنسبة للقانون الدولي، حيث يشرعن رئيس امريكي الحق لدولة معينة لتتملك اراضي دولة اخرى احتلتها بالقوة العسكرية.
سابقة تلغي حق السعي لاعادة الجولان المحتل في حزيران 1967 وقد بدات القضية وصدر قرار الضم سنة 1981 بقرار لم ينل الاعتراف الدولي، وفي هذا الاسبوع انتهت القضية فلتعد البندقية الى غمدها الابدي، وترجع الاوراق والملفات الى مصنفاتها وليصمت الجميع فالجولان هي رقعة خارج سورية وداخل الكيان الصهيوني.
بطريقة اخرى فان هذا القرار بالنسبة لمن اصدره بمثابة اطلاق رصاصة الرحمة في عمق اي حركة مقاومة في هذا الاتجاه، كما انه يسعى لإجهاض اي مبادرة سياسية للسعي لإعادة الجولان الى حضن الوطن.
لكن لهم مصطلحاتهم، ومخططاتهم، وخططهم التي يبغون من خلالها تحقيق المآرب الرئيسة التي يطالوها ويطلبونها. في الوقت نفسه فان لمن بقي منا، ليس الامر بهذه السهولة فنحن نعتنق معتقدين مع الرئيس حافظ الاسد ان “ما أُخذ بالقوة لايسترد الا بالقوة”، فما يؤخذ بالقوة فبالقوة يجب ان يُرَد. فالجولان ليست قضية عقارية، بل مسألة وجود سوري وشرف وكرامة او انعدامها. هي رمز لكفاح من اجل عودة الارض، الى اهلها وجعلها في يد اصحابها.Image may be NSFW. Clik here to view.حق سورية في تحرير ارضها
فرغم ان المسعى العربي يصنَّف بالخجول وان كان قد اجمع وخاصة في عشية القمة العربية المنعقدة في تونس، في سبيل اعادة الاراضي في غير طريق طاولة المفاوضات ان استثنينا الملف اللبناني بالجنوب بفضل حركة المقاومة المعاندة المنتصرة ابداً على الاحتلال الصهيوني حيث تدعم حكومات كثيرة، المقاومة وتجعل منها منهجاً مثالياً ضرورياً.
في سورية الذبيحة وبعد نيف وثمان سنوات قاومنا فيها السكين الارهابي والعدوان العالمي وقدمنا حوالي مليون ضحية لتبقى سورية واحدة موحدة، سنبقى نقاوم العين بالمخرز سنقاوم باللحم الحي ولتخسأ اي قوة في العالم تقرر ان تضني جهودنا وتلوي ساقنا وسياقنا فنحن مقتنعون ان الدمار والدم ليس قدراً حتمياً ولا منطقاً خيارياً بل يجب ان ننفض الغبار عن كل الاراضي المحتلة في شرقنا العزيز، وان نعيد الى واقعنا بريقه. فالحجر يا سيزيف ما اثقله! كما تقول الاسطورة الاغريقية، لكن يجب ان يعلم الحجر ذاته، ان اطفالنا الاحبة في فلسطين قد رفعوه ورموا به بكل اتجاه مما فاجأ العالم بذهول في انتفاضة الحجارة تلك.
لكن يفترض ان نعلم مدركين ان التاريخ يعود ليطلَّ امامنا ويجب الا نسمح لشجوننا ان تلهونا بالكلية عن شؤونا لان ذلك سيخرجنا من سياق التاريخ ويدخلنا في منطق اخر يجب الا يشابهنا.
اصدر وزير الخارجية البريطاني بلفور ، وعدا الذي هو مجرد اعلان ، لكن تتالي الاحداث جعل هذا الاعلان وعداً نظراً لأهميته، واليوم بعد مئة عام واكثر من 16 شهر يجب ان نتعلم من التاريخ ونعلِّم الحاضر لننعم بالمستقبل. القارعة نتكرر وتفترض المروءة الا نعيد القارعة بإضاعة الفرصة لنحدد ونجدد وجودنا الفعلي. حيث صدق الرئيس حافظ الاسد: (المنصب ليس سلطة بل مسؤولية) والمواطنة منصب يجب ان نفعِّلها من خلال مسؤولية العمل لعودة الحدود الى ارضنا، والارض الى حدودنا. فاللحظة تُتَصيَد وتُقتنص واليوم تأتي على طبق من الماس كي نعود يوماً الى حينا، هكذا خبرنا ترامب على طريقته. فاليوم نحن بلحظة تاريخية مصيرية دقيقة، عند المباحثات بين الرئيس حافظ الاسد واسحق رابين اعترف رابين بوديعته ( وديعة رابين) مايعني اعتراف الكيان الصهيوني بالجولان المغتصب فنسبح بطبريا (وفق رغبة الرئيس الاسد الاب) ونتناول السمك المشوي على ضفافها؛ فالطريق طويل ولكن ان سبقنا انفسنا ومن سبقنا، بخطوة سنسير قبله على طول الطريق!
الامر ليس مستحيلاً لكنه بحاجة للامل والعمل معاً. فترامب ونتينياهو قاما بما ينويان، واليوم بات الدور لنا وعلينا ربما، كي نقوم بان نقاوم من يود كسرنا.
خلاصة القول
بالنهاية يُخشى ان يكون هذا الاعتراف، بمثابة ورقة التوت التي تعرِّي هيكلانية المخططات المرسومة من سنة 2011 كمسعى للوي ذراع سورية، حيث انه قد يكون هذا العمل هو تتويج لنية الكيان الصهيوني كي تقطف هذه الثمرة التي تعني لها كثيراً. فلا يمكن فصل هذا الاعتراف عن سياق اجرائي قديم معقَّد لاضعاف الطرف السوري خلال الحرب ذات الثماني سنين. لذا لا يمكن عزل هذا الاعتراف عن اطاره التاريخي ومنطوقه المحسوس الفعلي الواضح.Image may be NSFW. Clik here to view.الجولان ينتفض…
لن يضيع حق وراءه مطالب خاصة مع قيادة سورية تبذل كل ما امكنها في ظل شريعة الغاب المتمثلة بقرار ترامب الباطل واستباحة سورية بما اسموه الربيع العربي، ومع جيش اسطوري يتابع بالرغم من هول التضحيات يتابع تحرير الوطن السوري من الاحتلالات التركية والاميركية وعصابات قسد داعش الجديدة وعصابات اردوغان وعصابات نتنياهو، وقدم والحلفاء الاوفياء ومحور المقاومة مع روسيا لاعادة الجولان ولواء الاسكندرون وكيليكيا والشرق السوري، وتعود خيرات الوطن من ذهب اسود واصفر…الى الام سورية الحبيبة.
صك الحكم الذى أصدره بيلاطس البنطى بصلب السيد المسيح
أكتشفه العلماء الفرنسيون الذين رافقوا الجيش الفرنسى فى زحفه بقيادة فيليب الرابع إلى أيطاليا بمدينة نابولى و بالتحديد فى مقاطعة أكويلا سنة 1280 م، كذلك أكتشفوا صورة الخطاب المرسل من والى الجليل إلى المحفل الرومانى بمدينة رومية، وفيه يوضح التهم الكاذبة من رؤساء اليهود لشخص السيد المسيح ويعطي وصفا لشكل الرب فى الجسد.
أكتشفها بعض العلماء الآلمان سنة 1390 م فى روما، و قد حُفظت هذه الرسالة فى الفاتيكان
نص الرسالة التالي
في السنة السابعة عشر من حكم الامبراطور طيباريوس الموافق لليوم الخامس والعشرين من شهر آذاربمدينة اورشليم المقدس في عهد الحبرين حنان وقيافا حكم بيلاطس البنطي والي ولاية الجليل الجالس للقضاء في ندوة مجمع الرقورين علي يسوع الناصري بالموت صلبا بين لصين بناء علي الشهادات الكثيرة المبينة المقدمة من الشعب المثبته ان يسوع الناصري
1-مضل يسوق الناس الي الضلال 2-يغري الناس علي الشغب والهياج 3-عدو للناموس 4-يدعو نفسه ابن الله 5-يدعو نفسه كذبا انه ملك اسرائيل 6-دخل الهيكل ومعه جمع غفير من الناس حاملين سعف النخل
فلهذا يأمر بيلاطس البنطي قادئ المئة بأن يأتي بيسوع المذكور الي المكان المعد لقتله وعليه أيضا أن يمنع كل من يتعدي لتنفيذ ها الحكم فقيراً كان او غنياً وان يؤتي به الي خارج مدينة اورشليم من باب الطرني وقد وقع علي الحكم كل من
اما أسماء الذين تشاوروا بالحكم علي يسوع المسيح واقوالهم عليه
1-يورام: فهو العاصي الذي يستحق الموت علي حسب الشريعة 2-سمعان الابرص: لماذا يحكم بالموت علي هذا البار 3-ساراباس: انزعوا عنه الحياة انزعوه من الدنيا 4-دبارياس: حيث أنه هيج الشعب فمستحق الموت 5-نبراس: فليطرح في هاوية الشقاء 6- انولومبه: لماذا كل هذه المدة المستطيلة ولم يحكم عليه بالموت 7-يوشافاط: اتركوه في السجن مؤبدا 8-سابسي: ان كان بارا او لم يكن فمستحق كاس الحمام حيث انه لم يحفظ شريعة ابائنا 9–بيلاطس البنطي: اني برئ من دم هذا البار 10-سابتل: فلتقاصه حتي في المستقبل لا يكرز ضدنا 10 11-أناس: لايجب الحكم ابدا علي احد بالموت ما لم نسمع اقواله 12-نيقوديموس: ان شريعتنا لا نصدر الحكم علي احد ما لم ناخد اولا اقاويله واخباره بما فعل 13-يوطفار: حيث ان هذا الانسان بصفته خدع فيطرد من المدينة 14-روسموفين: ما فائدة الشريعة ان لم تحفظ 15-هارين: ان كان بارا او لم يكن فمن حيث انه هيج الشعب بكرازته فمستحق العقاب 16-ريفاز: اجعلوه اولا يعترف بذنبه ومن ثم عاقبوه 17-سوباط: ان الشرائع لا تحكم علي احد بالموت 18-يوسف الارماني: ان لم يكن أحد يدافع عن هذا البار فعار علينا 19-ميزا: ان كان بارا فلنسمع منه وان كان مجرما فلنطرده 20-رحبعام: لنا شريعة بحسبها يجب ان يموت اما رئيس الكهنة قيافا قد تنبا قائلا: لاتسمعوا منه شيئا ولا تعتبروه وان الاجدر بكم ان يموت انسان واحد عن الشعب جزاء عن هلاك الامة بأسرها
هذه رسالة بيلاطس البنطي الي طيباريوس قيصر التي يبين فيها الاسباب التي دعت الي صلب يسوع
و كانت معروفة عند القدماء، و أشار إليها الفيلسوف يوستينوس عام 139 م و العلامة ترتليانوس عام 169 م واوريجانوس يقول بيلاطس واصفا السيد المسيح
“انسان بقوام معتدل ذو منظر جميل للغاية له هيبة مهيبة جدا حتي ان من نظر اليه التزم ان يحبه ويخافه وشعره بغاية الاستوئ متدرجا الي اذنيه ومن ثم الي كتفه بلون ترابي انما بالاكثر ذهولا الي جبينه غرة كعادة الناصريين ثم ان جبينه مسطوح وانما هو بهج ووجهه بغير تجعيد بمنخار معتدل ليس بفيه ادني عيب واما منظره فانه رؤوف ومسر وعيناه كأشعة الشمس ولا يمكن لانسان ان يحدق النظر في وجهه لطلعة ضيائه فيحنما يوبخ يرهب ومتي ارشد ابكي ويجتذب الناس الي محبته تراه فرحا جدا وقد قيل عنه انه ما نظر قط يضحك بل بالحري يبكي وذراعاه ويداه بغاية اللطافة والجمال ثم انه بالمفاوضة يأثر الكثيرين وانما مفاوضته نادرة وبوقت المفاوضة يكون بغاية الاحتشام فيخال بمنظره وشخصه انه هو الرجل الاجمل ثم نظرا للعلوم فانه اذهل مدينة اورشليم باسرها لانه يفهم كافة العلوم بدون ان يدرس شيئا منها البته ويمشي شبه حافيا عريان الراس نظير المجانين فكثيرون اذ يرونه يستهزئون ولكن بحضرته وبالتكلم معه يرجف ويذهل وقيل انه لم يسمع قط عن مثل هذا الانسان في التخوم…”
ويقول ايضاً
“ألقى الأوباش الهائجون القبض على يسوع و لما آنسوا عدم الخوف من الحكومة إذ ظنوا مع زعمائهم أني فزعت من ثوراتهم فتمادوا فى الصياح (أصلبه…أصلبه…) ثم طلبت و غسلت يدى أمام الجمهور مشيراً بذلك إلى أستهجان عملهم، و لكن لم يأت ذلك بثمر فأن نفوس هؤلاء الأشقياء ظمآنه لقتله…فقلت له (أى ليوسف الرامى) قد أجبت طلبك، و فى الحال أمرت ماتليوس أن يأخذ بعض عساكر معه ليلاحظ و يباشر دفنه لئلا يتعرض أحد له…و بعد ذلك بأيام قليلة وجد القبر فارغاً و أذاع تلاميذ يسوع فى أطراف البلاد و أكنافها أن يسوع قام من الموت كما تنبأ”
هو السفر الخامس من اسفار الانجيل المقدس وقد كتبه القديس لوقا
من هو القديس لوقا الانجيلي؟
– هو كاتب الإنجيل الثالث وسفر أعمال الرسل.
– هو لوقا الطبيب (كولوسي 14:4) معاون بولس الرسول ورفيقه في عدد من أسفاره.
– هو من أنطاكية، وكتبنا الليتورجية تصفه بأنّه “جمال الانطاكيين” (صلاة المساء).
– هو أحد التلميذين اللذين دنا منهما السيّد في الطريق إلى عمواس وسار معهما. (لوقا 18:24 ).
– هو بحسب تقليد الكنيسة كان رساماً وينسبون إليه أوّل أيقونة لوالدة الإله.
سفر أعمال الرسل
في هذه الدراسة لسفر أعمال الرسل، نتعرف على لوقا الذي كان يعمل طبيبا وكذلك هو رفيق رسول الامم ومشرع المسيحية بولس، كما أن لوقا هو كاتب الانجيل المسمى بأسمه وكذلك هو من دون سفر أعمال الرسل، وقد كتب سفر أعمال الرسل في وقت قريب من رحلة بولس إلى روما، سنة 63- 64 مسيحية تحديدا. يدرك أنه دوَّن بشارته المسماة انجيل لوقا في ماقبل هذا التاريخ.
يغطى سفر الأعمال فترة زمنية امتدت حوالي 34 سنة منذ صعود الرب يسوع حتى دخول الرسول بولس السجن في رومية وكتب خلالها رسائله لتسالونيكى وكورنثوس وغلاطية وكولوسى وفيليمون وافسس وفيلبى
وفي الحقيقة كما اسلفنا ان سفر الأعمال هو السفر الخامس من اسفار العهد الجديد اي البشرى الخامسة والانجيل الخامس بحسب لوقا الحبيب والمؤرخ والطبيب…بعد أن كتب الانجيل الثالث بيده.
لوقا معاون بولس الرسول ورفيقه في عدد من أسفاره (كولوسي14:4) يقول عنه تراثنا الانطاكي أنه من أنطاكية، وكتبنا الليتورجية الارثوذكسية تصفه “جمال الانطاكيين” (في صلاة المساء)، وأنه رأى السيد في مدينة عمواس بعد قيامته وأكل معه، هو وكلاوبا، اي كان احد الرسولين الوارد ذكرهما في الانجيل المقدس عند بشرى قيامة الرب
هوأحد السبعين رسولاً، الوارد ذكره مفرداً في انجيل لوقا (18:24). إذاً هو أحد التلميذين اللذين دنا منهما السيدّ في الطريق إلى عمواس وسار معهما. فإذا ما صح ذلك يكون اغفال ذكر اسم التلميذ الآخر وهو لوقا، غير كلاوبا، مقصوداً، ربما من باب الخفر والاتضاع. إلى ذلك يذكر الكُتاب المتأخرون أنه كان رساماً وينسبون إليه أول ايقونة لوالدة الإله. أما لقاؤه ببولس الرسول فيبدو أنه كان في مدينة ترواس. وقد رافقه في قسم من رحلته التبشيرية الثانية وفي رحلته الثالثة. ويظهر، كما يذكر تقليد قديم، أنه أقام في مدينة فيليبي فترة من الزمن رافق خلالها تيطس في رحلات تبشيرية في المدينة والجوار. مكث لوقا الانجيلي مع بولس الرسول في قيصرية فلسطين مدة عامين قضاها هذا الأخير مسجونا. كذلك رافقه الى روما وبقى بجانبه هناك أيضا، في فترة سجنه. ثم بعد استشهاد رسول الأمم يُظن أنه انتقل الى دالماتيا وغالبا مبشرا بالانجيل. هذا اذا ما اخذنا بشهادة القديس ابيفانيوس القبرصي (315 – 403م).
اسلوب القديس لوقا كمؤرخ يشير اسلوب القديس لوقا وطريقته في نظم الأحداث وعرضها، في نظر العلماء والدارسين، الى ثقافة يونانية راقية وعقل علمي، فهو أكثر الانجيليين التصاقا بالبشارة كتاريخ. الى ذلك تعتبره صلواتنا اللبتورجية “…خطيبا بليغا للكنيسة الموقرة…” (صلاة السحر).
انجيل لوقا أما مزايا إنجيله، فالصورة التي اهتم بابرازها عن السيد هي أنه المخلص الإلهي للعالم أجمع وطبيب النفوس والاجساد. ولوقا أكثر الانجيليين ذكرا للرب يسوع مصلياً وفي شهادته حث على الصلاة المتواصلة. كما يظهر الرب يسوع في انجيله عطوفاً على النساء والارامل والفقراء والأميين والايتام على نحو مميز.
سفر اعمال الرسل هو انجيل الروح القدس
واعمال الرسل يُسمى “إنجيل الروح القدس”، إذ يركز بقوة على شخص يسوع المسي القائم والممجد كرأس الكنيسة العامل بقيادة روحه القدوس.
كما يكشف عن الكنيسة الرسولية ككنيسة حيَّة ونامية، تمتد بالروح القدس إلى العالم كله: في أورشليم (7:6)، واليهودية والسامرة (31:9)، وإنطاكية (24:12)، وآسيةالصغرى (5:16)، وأوربة (20:19)، ورومة عاصمة العالم الأممي (31:28).
كتبه في روما حيث كان رفيقا للرسول بولس. وقد كتب لوقا سفر الأعمال في ختام السنتين اللتين قضاهما بولس في رومة (أعمال 30:28) أي ما بين سنتي 62 م. و64 م.، قبل خراب أورشليم (سنة 70 م.) إذ أشار إلي نبوة السيد عن هذا الخراب الذي تم بيد تيطس الروماني الذي اخمد ثورة اليهود (21: 4، 5) كما لم يشر إلي استشهاد الرسول بولس والرسول بطرس في رومة بأمر نيرون(66 م.).
نلاحظ ان لوقا لا يذكر اسمه لا في الإنجيل ولا هنا تواضعاً وليوجه النظر إلى الرب الإنسان الكامل بالروح القدس
ثاوفيلوس
وجه القديس لوقا انجيله وسفر اعمال الرسل الى رجل اسمه ثاوفيلوس سبق له أن اقتبل الكلمة. وقد أراد لوقا أن يزود هذا الرجل الذي يصفه بـ”العزيز”، بالقول الصحيح عن البشارة، ربما لتمكينه من التمييز بين الشهادة الصحيحة والشهادة المزورة عن المسيح بعدما أخذت كتابات منحولة طريقها الى التداول.
أما من هو ثاوفيلوس هذا فليس لدينا قول قاطع بشأنه. بعض المصادر يقول أنه كان رجلا ايطالياً شريفا وبعضها أنه كان حاكم مدينة آخائية.وقد كتبه إلى ثاوفيلس كأنه استكمال لإنجيل لوقا فهو حلقة وصل بين الأناجيل الأربعة والرسائل
مفاتيح سفر أعمال الرسل كلمة يسوع أو اسم الرب يسوع أو الاسمين 78 مرة وكلمة الروح القدس ومشتقات الكلمة 55 مرة
مظاهر خاصة بسفرأعمال الرسل 1 – إن كانت الأناجيل تحدثنا عن عمل الله في حياة وموت المسيح لأجلنا فسفر أعمال الرسل يحدثنا عن عمل الله بالروح القدس فينا 2- يوجد تشابه بين الأناجيل الأربعة وسفر التكوين( سفر البدايات) وبين سفر الخروج وسفر الأعمال حيث الخلاص والحرية بواسطة دم المسيح ( وكان الرب يضم كل يوم للكنيسة الذين يخلصون اع2 :47 ) 3- شاء الروح القدس تسجيل تاريخ الكنيسة الأولى لتكون مثال للكنيسة في كل الأجيال في المحبة ص2 :34 ،37 والتكاثر ص9 :31 باستخدام آواني بشرية ضعيفة ص4 :13 رغم تدخل الشيطان ص 13 :10 والاضطهاد الذي يؤدى إلى نمو الكنيسة ص8 :1 ،4 -12 :1 ،24 4- رغم أن الرسول بولس والرسول بطرس هما الشخصيتان البارزتان في هذا السفر ولكن هذا لا ينفى أهمية شخصيات أخرى ولو اقل شهرة ذكرت بالسفر مثل / استفانوس والشمامسة ص6 ,7 / فيلبس المبشر ص8 :44 ، 2 :10 / حنانيا 9 :10 19 / كرنليوس 10 ،11/ برنابا 11 :25 ،30 / مرقس 13 :1 ،14 :28 / سيلا 15 :36 ،18 :22 / ابلوس 18 :24 ،26 / تيموثاوس 1 :1 ،3 / ليديا 16: 13-15 / ياسون 17: 5 -7 / أكيلا وبريسكيلا 18: 2 / تيرانس 19:9 / أرسطوس 19:22 / أغابوس 21: 10-16/ مناسون 21: 16 / ابن أخت بولس 23: 16-24 / يوليوس 27: 1-43 5- لم ينتهي السفر بكلمة آمين لأن الروح القدس مازال يعمل إلى الآن
سمة سفر أعمال الرسل
لم يقصد لوقا البشير الحبيب أن يقدم لنا سجلا كاملا عن حياة الرسل الكرازية إنما أراد يبين لنا أن الله هو العامل في الكرازة بروحه القدوس، وقد حقق الوعد للتلاميذ يوم العنصرة بامتداد الكرازة في أورشليم واليهودية والسامرة وأخيرا إلى أقاصي الأرض (1: 8)، وقد بقي السفر غير مختوم لأن عمل الله لم يتوقف حتى يتم خلاص جميع المختارين وتكمل الكنيسة.
يدعي”أعمال الروح القدس”، كما يدعى” أعمال المسيح الصاعد الى السماء والممجد ” لأنه يبرز عمل المسيح نفسه بروحه في تلاميذه.
تكررت كلمتا الروح القدس 54 مرة؛ و”كلمة الله” 40 مرة؛ و”اسم يسوع” 37 مرة؛ و”نصلي او صلاة” 35 مرة.
يتناول سفر أعمال الرسل أخبار الكنيسة منذ الصعود حتى خروج بولس الرسول من السجن اول مرة في رومة. والمؤكد وفق المؤرخ الدكتور اسد رستم أن لوقا هو الذي أعدَّ هذا السفر والانجيل الثالث أيضاً، فقد أجمع آباء الكنيسة على ذلك منذ النصف الأول من القرن الثاني. والاشارة هنا الى القانون الموتاروري والى اقوال ايريناوس واقليمس الاسكندري وترتليانوس وغيرهم. ويضاف الى هذا ان الانجيل الثالث وسفر أعمال الرسل يتضمنان تعابير طبية مشتركة يتفق ورودها، وما نعلمه من خبرة لوقا في الطب وممارسته ومرافقته بولس الرسول كطبيبه الشخصي.(كولوسي 14:4).
وقد أثبت السير وليم رمزي وغيره صحة الأخبار الواردة في سفر الأعمال وتدقيق راويها بما كشفه ويكشفه علم الآثار المسيحية، وما يعتبره البعض تناقضاً بين أخبار الأعمال ومايماثلها في بعض رسائل بولس هو في الواقع ليس تناقضاً بل اختلافاً ناجماً عن الفرق في الأغراض التي هدفت اليها هذه المصنفات.
وقد اختلف في تحديد الزمن الذي صنف فيه هذا السفر . فمقدمة لوقا التي صنفتفي منتصف القرن الثاني تقول انهدون في آخيا بعد استشهاد بولس الرسول. وكان القول السائد قبل ذلك انه دون عند انتهاء اقامة هذا الرسول الأولى في رومه. ورأى افسابيوس المؤرخ الفلسطيني أن في رسالة بولس الثانية الى تيموثاوس(16:4) مايكفي لتأييدهذا القول. وقال ادولف هارنك العلامة الألماني هذا القول نفسه متخذاً من سكوت سفر الأعمال عن استشهاد بولس حجة للقول بتدوين هذا السفر قبل هذا الاستشهاد ويرى بعض رجال الاختصاص أن سفر الأعمال دوِّنَ بين السنة 90 والسنة 95 لأنهم يجدون تشابهاً بين بعض آياته وبين بعض ماجاء في تاريخ يوسيفوس فيقولون اما أن يكون كاتب سفر الأعمال قد أصغى الى ماقاله يوسيفوس في رومة في السنة 90 واما أن يكون قد اطلع على مصنف يوسيفوس الذي دون في السنة 93. والرأي السائد هو ان هذا السفر دوِّنَ حوالي السنة 75 بعد ميلاد المسيح.
وقد جاء هذا السفر مطولاً ومختصراً فهو مختصر في نسخة سيدنا ونسختي الفاتيكان والكسندرينوس ومطول في نسخة بيزاي وغيرها ويرى بلاس وزاهن ان لوقا نفسه أعد هذا السفر بشكلين أحدهما مطول والآخر مختصر. ويرى غيرهما ان المختصر هو الأصل، وأن المطول يتضمن إضافات أُدخلت على الأصل في القرن الثاني بيد مجهولة.!
اقسام سفر الأعمال
يجوز تقسيم سفر الأعمال الى ستة أجزاء
الاول: (1:1- 7:6) ويتضمن اخبار اورشليم ام الكنائس ظهور المسيح لتلاميذه و الوعد بحلول الروح القدس و الصعود (أع ص1). وعظات القديس بطرس.
الثاني: (8:6 – 9 :31) ويصف انتشار الدعوة في فلسطين ويدون عظات استفانوس.
الثالث: (32: 9 – 12 : 24) وصول الدعوة الى انطاكية ويذكر دخول كورنيليوس في المسيحية.
الرابع: (16 : 25 – 16 : 5) يبحث في رحلة بولس الى غلاطية وفي مجمع الرسل في اورشليم.
الخامس: ( 16: 6 -19 :20 ) يذكر انتشار المسيحية في مقدونية واليونان وآسية.
السادس: (19 : 31 – 38 : 31) يحفظ خبر وصول الانجيلي الى رومة ودخول بولس الى السجن فيها.سفر اعمال الرسل فيه 28 قسماً في 14 قسماً الاولى منه غطى مرحلة بطرس الرسول، وفي ال16 قسم المتبقية غطى فيها فيها مرحلة بولس الرسول.
قيمة سفر الأعمال
قيمة سفر الأعمال التاريخية عظيمة جدًا فهو المرجع الصادق الدقيق والثبت الأمين لتاريخ الكنيسة المسيحية منذ نشأتها إلى سنة 63 م.، و يشرح لنا السفر كيف قام الرسل بشجاعة تامة بالتبشير في جهات عديدة من العالم بعد حلول الروح القدس.
يؤكد سفر أعمال الرسل ان المسيحية هي الدين الالهي بدليل حلول الروح القدس على التلاميذ وقيامهم بأعمال يعجز عنها كل انسان ماكانت لتتم لولا تأييدها بالروح القدس.ويؤكد سفر الأعمال ان يسوع هو المسيح المنتظر كما تشهد بذلك قيامته. وانه هو احد الثالوث الأقدس. وان المعمودية باسم الثالوث تغفر الخطايا وتنيل موهبة الروح القدس وان الشركة بكسر الخبز ضرورية لازمة وان المؤمنين بيسوع يختلفون عن سائر اليهود وان رسالتهم عالمية تشمل الأمم.
ويتضح من سفر الأعمال ان الرسل كانوا مع رأس الكنيسة يديرون دفتها وان شيوخا وأسافغة وشمامسة عاونوهم في ادارة الكنيسة.
رقاد لوقا الحبيب
لا نعرف تماما لا أين ولا متى رقد القديس لوقا. بعض المصادر يقول انه بلغ الثمانين من العمر وأنه رقد في الاسكندرية، ومن هناك نقل الى مدينة القسطنطينية في القرن الرابع، أيام الامبراطور قسطنديوس (357م). الى رفاته تعزى عجائب شفاء عديدة ويقال ان سائلا كان يخرج من قبره ويشفي من يُدهنون به من ذوي أمراض العيون.
خاتمة
اختم ببعض الاكتشافات الأثرية المؤكدة لسفر أعمال الرسل كتوثيق امين…
اكتشافات أثرية 1- في (أع 18 :12) يشير إلى الوقت الذي كان فيه غاليون واليا على آخائية (مقاطعة حكمها اليونانيون) وقد تم العثور في دلفى(مدينة يونانية) على مخطوطات تقررأن غاليون كان حاكما على اخائية سنة51 م. 2- عند الحفر بعمق 6 أمتار في أطلال مدينة افسس وجدوا الأرضية الرخامية لمعبد ارطاميس ص19 3- وجدوا آريوس باغوس في أثينا (أع 17 :19) وتماثيله… 4- مدينة رومة العاصمة الرومانية ( أع 28) الكثير من بقايا المدينة القديمة مازال موجوداً وتم اكتشاف آثار وعملات ترجع لعصر الرسل.
كانت قيامة لعازر، كما وصفها يوحنا الانجيلي سبيلاً الى الاحتفالات بدخول الرب يسوع الى اورشليم (يوحنا18،12)، هذا الدخول الذي هو مقدمة آلامه الطوعية.
يبين لنا هذا الحدث بصلواته الخشوعية أن قيامة لعازر قد تمت يوم السبت قبيل دخول الرب الى اورشليم، إن الارتباط بين الحدثين قوي، و الليتورجيا في كلا الحدثين قريبة بعضها من بعض، فإن الطروبارية واحدة، كما وان صلوات هذين العيدين هي العتبة التي ندخل عبرها الى صلوات الاسبوع العظيم التي تبشر بقرب القصح المقدس.
أراد الرب بقيامة لعازر أن يؤكد حقيقة القيامة العامة (كما نفول في الطروبارية:” حققت القيامة العامة…”)، التي تأخذ بدايتها من قيامة الرب يسوع من القبر، وكان الرب قد أكدَّ لتلاميذه على جبل ثابور عظمته حتى عندما يعاينوه مصلوباً، لاتضطرب قلوبهم ويساورهم الشك بألوهيته. واراد الرب الآن أن يُظهر لتلاميذه قدرته وسلطته على ملك الموت كي لايصبحوا عبيداً لسلطان الشك عند ساعات الآلام وموت الصليب، الذي سيعقبه الانتصار على الموت والقيامة من بين الاموات.
يجب الا يغيب عن البال ذلك الفرق الشاسع بين قيامة لعازر وقيامة الرب يسوع رغم وجود الارتباط التاريخي والفكري بين الحدثين.
أقام الرب يسوع صديقه المائت الذي انتن من بين الاموات. كي يعيش بقية حياته الأرضية، بنفس الشروط التي كان يعيشها فبل رقاده، قام بنفس الجسد الذي هو معرض للانحلال لأنه عاد ومات ثانية وتعرض جسده للانحلال كبقية الاجساد البشرية.
وصف يوحنا الانجيلي حدث قيامة لعازر بأدق التفاصيل: “إزاحة الحجر عن باب القبر، خروج لعازر عندما ناداه الرب يسوع قائلاً: “لعازر هلمَّ خارجاً”، خرج لعازر من القبر مربوطاً بالأكفان”.
صارت قيامة لعازر موضوعاً في حياة الكنيسة إذ أُلفت الصلوات والتراتيل والأناشيد الملائمة وصورت اللوحات الكثيرة التي تعبَّر عن هذا الحدث، وخاصة تلك اللوحة التي تعبِّر عن اضطراب الجحيم وسلطان الموت، الذي تلقى أمراً بإعتاق لعازر من براثنه، إذ شعر أن انعتاق لعازر سيعقبه انعتاق أمواتَ آخرين.
وبالمقارنة مع قيامة السيد له المجد لايُلاحظ هذا التفصيل والوصف الواسع لها عند الانجيليين.
يخبرنا متى الانجيلي في بشارته عن حدوث زلزلة عظيمة ونزول ملاك الرب ليدحرج الحجر ويجلس عليه(متى4-2:28-4) وأعطى هذا الوصف امكانية للفنانين كي يرسموا قيامة المخلص، غير أنهم أضافوا اليها شيئاً من خيالهم.
لقد دحرج الملاك الحجر عن باب القبر، ليس من أجل إعطاء الناهض إمكانية الخروج، بل كي يبرهن للنسوة اللواتي اتين لينظرن القبر بأن يسوع غير موجود داخله” ليس هو ههنا، قد قام” وقد أكد لمن “يطلبن يسوع المصلوب” اللواتي شاهدن بأم أعينهن القبر فارغاً. وذلك انظرن الموضع الذي كان مضطجعاً فيه”.
لقد تمت قيامة الرب قبل دحرجة الحجر عن باب القبر وذلك بأعجوبة لايدركها العقل البشري وان الحراس صاروا كالأموات ولم يستطيعوا مشاهدة الناهض. كما وان حاملات الطيب ايضاً لم يستطعن مشاهدة الناهض.
عندما شاهد قائد المائة الحوادث التي رافقت الصلب قال:” في الحقيقة كان هذا ابن الله”.
وهنا ليس من المعقول أن يبقى الحراس غير مبالين لو شاهدوا حدث القيامة العجيب.
لقد بقيت الكنيسة الأرثوذكسية محافظة على جوهر النص الانجيلي فيما يتعلق بقيامة المسيح وقد عبرت عن هذا في الترانيم الفصحية
نقرأ في الطروبارية الأولى من الأودية السادسة لقانون الفصح مايلي:
“ايها المسيح يامن لم يفسد أغلاق البتولية في مولده، لقد نهضت من الرمس حافظاً ختومه سالمة”.
كذلك نقرأ في صلاة أخرى:
“لقد برزتَ من القبر المختوم كما وُلدتَ من العذراء، الملائكة غير المتجسدين لم يعرفوا كيف تَجَّسدتَ، والجنود الحارسون جسدك لم يشعروا متى قمت ناهضاً، لأن هذين الأمرين قد أُغلقا على الباحثين.”
كذلك فإن ايقونة القيامة يُلاحظ فيها أن الفنان لايهتم كثيراً بخروج المخلص من القبر انما يسلط الأضواء على النواحي الروحية التي لها علاقة مباشرة بحدث القيامة: كالنور المنبعث من القبر الفارغ أو نزول المخلص الى الجحيم ليعتق المقيدين في سلاسله.
يتكلم الانجيليون باسهاب عن ظهورات الرب بعد القيامة، هذا الفارق بين قيامة المسيح وقيامة لعازر التي شاهدها الكثيرون وشاهدوا ابن بيت عنيا الذي أقامه الرب من بين الاموات.
اما عن مشاهدة وظهور المسيح القائم من بين الاموات فاننا نقرأفي اعمال الرسل ماقاله بطرس الرسول:” هذا الذي اقامه الله في اليوم الثالث واعطى أن يصير ظاهراً، ليس لجميع الشعب بل لشهود سبق الله فانتخبهم، لنا نحن الذين اكلنا وشربنا معه بعد قيامته من الاموات”. (اعمال41،10-40).
لقد كان جسد الرب الناهض من بين الاموات ذا صفات غير هيولية، فقد استطاع أن يدخل الى حيث كان التلاميذ والابواب مغلقة. تماما كما خرج من القبر وهو مختوم . هذه الخاصة التي تمتع بها يسوع المسيح الناهض من بين الاموات أخافت التلاميذ الذين ظنوا أنهم ينظرون روحاً (لوقا37،24) وقد اراهم يسوع المسيح يديه ورجليه وقال لهم: ان الروح لا عظم له ولا لحم، كذلك أنه تناول معهم طعاماً من سمك مشوي وشهد عسل (لوقا 42،39:24).
ان جسد المسيح القائم من بين الاموات هو نفسه الجسد الذي كان يحمله قبل الموت والقيامة بكل مظاهره وصفاته ( الصوت، آثار المسامير، الجنب المطعون بالحربة)، هو نفسه جسد المسيح المتجلي والمملوء روحانية وقداسة.
لقد عاش آدم الأول على الارض وبقي مرتبطاً بها، لم يرتفع فوقها، حُكم عليه بالموت وبالعودة الى التراب. أما آدم الثاني، المسيح الناهض من القبر فهو متحرر بطبيعته البشريةمن كل ماهو عضوي وأرضي، انه ليس عبدا للأرض بل هو رب السماء والارض. ليس الجسد الروحاني خلقاً جديداً بل ان الجسد الترابي الفاسد والمائت عينه يصبح روحانياً غير قابل للفساد والموت لأن الموت سيغلب والانتصار عليه سيكون ابدياً، وذلك لأن قيامة المسيح غلبت الموت ومنعت كل من يؤمن به الخلود ويهتف المسيحيون يوم القيامة هتاف النصر والظفر:” أين شوكتك ايها الموت، أين غلبتك ايها الجحيم”(1كورنثوس 55،15).
لم يكن جسد المسيح القائم من الموت خاضعاً لقوانين هذا العالم الأرضي. أما جسد لعازر الذي أقامه الرب يسوع من الموت فكان جسداً ترابياً ولم يستطع بالتالي الخروج من القبر الا بعد ان ازيح الحجر عن باب القبر، وكذلك أيضاً بقي جسده ملفوفاً بالأكفان وكان يحتاج الى من يفكها له.
أما جسد المسيح القائم من الموت، فقد خرج من القبر دون أكفان لأنها من عالم الأرضيات ولقد بقيت في الأرض، غير قادرة أن تقيد الاله الناهض.
من الخطأ أن نتصور بأن المسيح كان قد طرح عنه هذه الأربطة كما يخلع الانسان ثيابه أو كما فكت اربطة لعازر.
ان هذا يفسر لنا لماذا التلميذ الآخر الذي جاء الى القبر ورأى فآمن .(يوحنا 8/20).
لقد رأى ما لم تره مريم المجدلية التي نظرت الحجر مرفوعاً عن القبر فركضت وقالت: ” أخذوا السيد من القبر ولسنا نعلم اين وضعوه.” (يوحنا 2/20).
كان من غير الممكن أخذ المدفون وترك الأكفان ملفوفة حسب قوانين الطبيعة، اذ لابد لها الا أن تتمزق لأنها ملتصقة بالجسد وممزوجة بالمرّ والأطياب.
لقد قام المسيح من القبر لقيامة حياة (يوحنا39/5). ولم يعد بإمكان الأكفان ان تلف الجسد المتجلي والناهض الى حياة جديدة وعالم جديد.
لقد كان المسيح القائم من الأموات يظهر لأناس مختارين فقط، لشهود سبق الله فانتخبهم” (أعمال 41/10)، للذين يعيشون بجسد مائت انما بأرواحهم يعيشون حياة القيامة في الدهر الآتي، وكانوا يشاهدون الرب الناهض بفعل النعمة الروحية المعطاة لهم، وتصلي الكنيسة المقدسة في قانون الفصح قائلة:
” لننق حواسنا حتى نعاين المسيح ساطعاً كالبرق”. لننق حواسنا من كل اباطيل العالم وعند ذلك نعاين المسيح روحياً وفكرياً ساطعاً بنور غير مدرك، ونسمعه عند ذلك قائلاً علانية:
” افرحوا”
ترتل الكنيسة في الأودية الثامنة من قانون الفصح” هلموا بنا في يوم القيامة نشارك المسيح ملكوته…”
اننا نشارك المسيح ملكوته ولانزال عاشين بالجسد الترابي، يجسد لعازر، المائت، أجل ان كل فرح روحي نشارك به المسيح في ملكوته ونحن على الارض انما هو فجر اليوم الآتي:” مذاق بسيط للغبطة القادمة”.
وينتهي قانون الفصح المقدس بالترنيمة القائلة:” ايها المسيح الفصح الأجل الأمثل… أنعم علينا أن نساهمك بأوفر حقيقة في نهار ملكك الذي لايغرب ابداً”، لأنه شمس ساطعة وغبطة ابدية.
المجد لتدبيرك يارب المجد لك… منذ حداثتي ومع بدء مطالعتي للكتاب المقدس الذي كان من تركة العائلة وبحوزة جدي واعطاني اياه ليكون لي كان يعتريني شعور بالارتياح والروعة الروحية كنت اغرق في قراءة اسفار العهد القديم فيه وان كنت امام اسئلة محيرة عن علاقته بالعهد الجديد الخاص ببشارات الانجيليين الاربعة والذي يحكي عن مسيرة ربنا يسوع المسيح…
فما العلاقة بين العهدين وهو السؤال الذي كان يؤرقني؟ ولم اعتبروا العهد القديم من الكتاب المقدس؟ وخاصة التاريخي منه فنحن مسيحيون وهو يتحدث عن التاريخ اليهودي…؟!
سألت كبير العائلة شقيق جدي بالدم الخوري ايوب سميا الخوري الشهير،وهو عرابي في عشق الكهنوت لفضائله وعلمه وتقواه وحسن رعايته (وكان قد سعى لأذهب الى اكليريكية البلمند وعمري 10 سنوات فلم تتم الموافقة من رئاسة الاكليريكية لصغر سني)
سألته هذا السؤال الذي كان يحيرني في جلسة عائلية روحية له معنا كل آل زيتون ببيتنا العربي في دخلة الفاعور…فأعجب واذكر انه قال لي يازوزو هو المدخل للعهد الجديد بنبؤاته وخاصة اشعياء ومزامير داود…
خجلت من المتابعة لأني لم افهم كثيراً، وهو احس بذلك فتابع بالقول اقرأه بعمق اكبر وبعد فترة ستكتشف الصلة بمفردك اقرأ يا ولدي سفر أشعياء…
قرأت هذا السفر الرائع الذي كتبه اشعياء قبل ثمانية قرون متنبأ عن المسيح الحبيب المتألم بآلام تفوق الوصف البشري…
بقيت في ذاكرتي كل كلمة وكل آية في هذه النبؤة سيما واني لم اكن ومنذ الطفولة لم اكن اقطع اية صلاة في كنيسة الصليب وخاصة في الصوم الكبير المقدس والجمعة العظيمة والنبؤات وعندما كبرت قليلاً صرت اقف مع جوقة كنيسة الصليب وانا الاصغر بقيادة الاستاذ الصديق اليوم فوزي بشارة وكان يعطيني احياناً بعض القراءات…
كانت القشعريرة تضرب جسدي وعروقي في قراءات سفر اشعياء وتحديدا في الفصل الثالث والخمسين:
“مزدرى، ومتروك من الناس، رجل أوجاع، وعارف بالألم، ومثل من يستر الوجه عنه، مزدرى فلم نعبأ به. لقد حمل آلامنا واحتمل أوجاعنا وسُحق بسبب آثامنا، نزل به العقاب من أجل سلامنا، وبجرحه شفينا. كلّنا ضللنا كالغنم، كلٌ واحد مال الى طريقه، فألقى الرب عليه إثم كلّنا.
عومل بقسوة، فتواضع ولم يفتح فاه، كحمل سيق الى الذبح، كنعجة صامتة أمام الذين يجزونه، ولم يفتح فاه.” (3/53-7)
احسست في كل مرة ، وأنا أقرأ هذه الآيات، بنبضات قلبي تتسارع، وضاق بي صدري كل مرة، وكأن أضلعي تتمزق من شدة الخفقان، فتنهدت وصرخت مرة بشكل لاشعوري: “انه يتحدث عن آلام المسيح، يالك يا أشعياء من نبي مجيد…”
نعم وجدت وجه المسيح في كل كلمة في العهد القديم، وفي اشعياء وجدت وجه المسيح المتألم، واكتشفت صورة مسبقة لدرب الصليب، وطريق الجلجلة، كما في اناجيل الخميس والجمعة العظيمين وسبت النور.
غمرت الغبطة كل كياني ونفسي الحائرة وفرحت ذاك الفرح الروحي المثالي والسرمدي وانا البشري الخاطىء… ولا ازال…
وقلت ولا ازال :
المجد لتدبيرك يارب المجد لك… لهذا الربط بين العهدين القديم والجديد
المجد لطول اناتك يارب…
مقدمة عندما نقرأ عنوان هذا الموضوع…ربما نتخيل اننا نتحدث عن وحوش شرسة تفتك بلحوم البشر والحيوانات
لكننا نتحدث هنا عن البشر..الذين خالفوا الطبيعة وجاؤا بأكثر الطقوس وحشية مجرمة .فأصبحوا ابعد ما يكون عن الإنسانية ..
ربما لم تتذوق أبدا ..لحوم البشر..
هم يقطعونها..يطهونها..يأكلونها..ويغنون ويرقصون فرحاً بتلك الولائم البشرية المقدسة…
قبائل ربما لا تعرف شيئاً عن الحضارة التي تبعد ملايين الكيلومترات عن أكواخهم الصغيرة في اعماق الغابات…
ربما ظنوا أنهم مازالوا في العصر الحجري…حيث يتغذى القوي على الضعيف دائماً…
لكن فلنعد الآن إلى التاريخ لنعرف ما أصل أولئك البشر الدمويين..
كلمة لحوم البشر بالأنجليزية cannibalism وترجمتها (أكل لحم الجنس ذاته) وهي مشتقة من كلمة كاريب الأسبانية التي تصف قبائل (كاريب) الهندية التي تحدث عنها المستكشف كريستوفر كولومبوس.
البداية التاريخية
الحقيقه تعود البدايه التاريخيه لأكلة لحوم البشر إلى قبائل أمريكا الجنوبيه مثل (المايا) و (الأزتيك) ووجدت آثار تدُل على وجود أكلة لحوم البشر منذ آلاف السنين في كل من السلفادور و وشريط الساحل الأمريكي.
ولكن تشير الأبحاث الى ان آكلة لحوم البشر كانوا موجودين في العصور القديمة والحديثة على السواء. عام 1994 عثر العلماء على 80000 عظمة قديمة في مغارة شمال اسبانيا تدعى Gran Dolina. عليها تظهر آثار واضحة ان لحمهم أزيل بأدوات حادة، وانه ستة اشخاص على الاقل تم ذبحهم وسلخهم وتقطيعهم.
مؤخراً وجد العلماء الفرنسيين عظاماً لبشر من عصر انسان النيندرتال تم قتلهم قبل 100 الف سنة في المغارة قرب فالينس، وتسمى مغارة Moula-Guercy
الجمجة محطمة والدماغ تم اخراجه واللسان قطع قطعاً بوضوح. الفاعلين قاموا بتحطيم عظام السيقان بكل عناية من اجل الوصول الى النخاع العظمي بداخلهم.
عام 1999 نشر المصمم البيولوجي Christy Turner من جامعة اريزونا كتابه من 500 صفحة، عرض فيه مجموعة كبيرة من الاثباتات الموثقة تشير الى ان هنود حضارة الاناسازي (anasazi) في جنوب غرب الولايات المتحدة والمكسيك كانوا من آكلة لحم البشر. هذه الحضارة ازدهرت قبل 1000 سنة ولكنها اختفت قبل 300 عام.
Christy Turner درس خلال 30 سنة آلاف العظام التي خلفتها حضارة الاناسازي، مستخدما ادق الاجهزة الاليكترونية. الادلة تشير الى ان اكل لحم البشر كان جزءاً من هذه الحضارة خلال 400 سنة من عمرها.
وجدت أيضاً أدله على ممارسات القبائل الأفريقيه لهذه الجريمه البشعه وهُم يُعرفون ب(Head Shrinkers) أو مصغري الرؤوس نسبهً أنهم كانو يبقون على رؤوس الجثث بعد أكلها في برطمانات ويصغرونها بسوائل معينه ليحتفظو بها كتذكار لهذه الوليمه المميزه وقد كانت هذه العاده مُنتشره جداً في قاره أفريقيا فكان الكاهن هو من يختار القربان للآلهه من بين العامة ويقوم التنفيذ عليه بتقطيعه قطعاً وهو حي قبل فصل رأسه فالنهايه وحفظه كتذكار.ولوحظ أيضاً وجود بعض القبائل الأفريقيه التي كانت تطهو الأضحيه البشريه وهو حي في قدرٍ من الماء المغلي إلى أن ينضج ومن ثم تتم الوليمه. ووجد الأثريون عظاما بشرية في أوعية طهي عمرها نصف مليون عام في الصين
و قد مورس أكل لحم البشر عبر التاريخ في عدة مواضع وحالات مثل:
1- أثناء المجاعات.
2- في المدن المحاصرة.
3- من بعض القبائل البدائية.
4- كنوع من المبالغة في إيذاء العدو، حيث يأكل المنتصر من لحم المهزوم.
5- اعتقاد البعض أن أكل لحم الأعداء ينقل قدراتهم لهم.
6- كإحدى الطقوس الدينية أو طقوس الدفن.
7- كمرض سلوكي جنسي.
اميركا الوسطى والجنوبية وعند قبائل المايا القديمه كان يُعتقد أن أكل القلوب النابضه من أجساد البشر يعطي قوه ألهيه ويزيد من العمر وكان علية القوم فقط من الملوك وأربابهم والكهنه هم من يحظى لهم الشرف بأكل القلوب النابضه بينما يأكل الباقون من الحراس والعامه بقيه الجُثة ويكفيهم شرفاً شُربهم للدماء الدافئه.أما في قبائل الأزنك فكان الأعتقاد السائد مُتشابه بشكل كبير مع أعتقادات المايا إلى أنه الأزتك كانو يمارسون لعبه أخرى تُسمى ال(pochacha) (أن صح التعبير نظراً لأنه لغتهم قد انقرضت ولكن هذا الأسم هو الأقرب لها) وتعتبر ال(pochacha) المصدر الأم لكره القدم الحاليه مع وجود فرق جوهري وحيد بينهم وهو أنه البوتشاشا كانت تلعب برؤوس بشرية.
فقد كان الفريقان يلعبون برأس بشري بجميع جسدهم وليس مُجرد القدم وكُمحفز لأحتراف هذه اللعبه كان هناك شرط بأن الفريق الخاسر يُقدم قُرباناً للألهه.
وقد يكون أكل لحم البشر نوع من التكريم للميت مثلما تفعل بعض القبائل في نيوزيلندا فهي تمجد ذكرى الميت بأن تأكل مخه، فبعد أن يموت شخص له مكانة عندهم تجتمع القبيلة حول جثته وينشدون بعض الأناشيد الدينية ثم يستخرج ساحر القبيلة مخ الميت ويوزعه بالتساوي بين المشيعين ليأكلوا منه. الهند
عند بعض المذاهب الهندوسيه فأكل لحم الميت يعتبر تكريماً له لأنه أصبح جزءاً من بطن الكاهن! وعند قبائل المايا والأزتيك القديمه كان أكل الأبرياء هو دليل الشجاعه!! بل وتمادى الوضع عند بعض قبائل آسيا الوسطى إلى أن وصل إلى أكل الأطفال حديثي الولاده! أشهر القبائل التي كانت تمارس هذه الطقوس او ربما مازالت تمارسها حتى وقتنا هذا قبيلة الكاريب
كانت تلك القبيلة في البداية عبارة عن مجموعة من البحارة، الذين وصل بهم الأمر
إلى أكل جثث أعدائهم، وكانوا يعيشون في إحدى جزر الكاريبي، وأشار إليهم
المكتشف الشهير كولومبوس في كتاباته، ولكن عندما بدأت المسيحية في الانتشار
في تلك الجزيرة تراجعت ثقافة أكل لحوم البشر تدريجياً عند تلك القبيلة. قبيلة الأزتيكس
تعتبر هذه القبيلة من أكثر القبائل المتوحشة التي كانت تعيش في قارة أميركا الجنوبية قبل وصول الأوروبيين اليها، وقد قامت تلك القبيلة بالالاف من التضحيات البشرية كل عام، وكان يتم نزع قلب الضحية البشرية أثناء مراسم التضحية وهو
ما يزال ينبض. سكان أميركا الأصليين انتشرت في العصور القديمة بالقارة الأميركية العديد من القبائل التي كانت تأكل لحوم البشر، وكان أشهرها قبيلة تسمى “كارانكاوا” التي كانت تعيش في ولاية تكساس، وكان أفراد تلك القبيلة وحشيين بصورة كبيرة، فقد كانوا يقطعون أجزاءً من أجسام أعدائهم ويأكلونها أمام أعينهم. الأفارقة
Image may be NSFW. Clik here to view.
انتشرت في القارة الأفريقية العديد من القبائل التي تأكل لحم البشر، وهي موجودة حتى الان، ولكن من النادر أن يراها أحد، فهي تعيش متخفية في أغلب الأوقات، وتقوم تلك القبائل باختطاف أي شخص يدخل إلى الأدغال. قبيلة فيجي
Image may be NSFW. Clik here to view.
هي قبيلة مشهورة للغاية بأكل لحوم البشر، والتي تعيش في إحدى الجزر، وتفخر تلك القبيلة بأنها قامت بأكل 875 شخصاً حتى الان. قبيلة كورواي
Image may be NSFW. Clik here to view.
تعيش تلك القبيلة في إندونيسيا، وهي تعتبر أخر القبائل الاكلة للحوم البشر في العالم، وتعتبر الأكلة المفضلة لتلك القبيلة هي المخ البشري، ويفضل أن يتم تناوله وهو ما يزال دافئ. ويعيش أفراد تلك القبيلة فوق الأشجار من أجل أن يحتموامن الأعداء. قبيلة ماوري
Image may be NSFW. Clik here to view.
هي قبيلة كانت تعيش في نيوزيلاندا، وكانت تفخر بأن تأكل جثث أعدائها، ومن بينهم البريطانيين والاسكتلنديين، وأشهر تلك المرات عندما اعتدت تلك القبيلة على سفينة حربية بريطانية حاولت احتلال أرضهم، ولكن القبيلة تغلبت على طاقم السفينة الذين بلغ عددهم 66 شخصاً، وتم التهام جثثهم بالكامل.هل وُجد آكلو لحوم بشر في العصر الحديث؟ اشتهر العديد من السفاحين بأكل لحوم البشر مثل آرمين مايفيس فني الكمبيوتر الألماني الذي أعترف بقتل وأكل رجل في أوائل عام 2001 حيث التقى به بعد أن أعلن على مواقع الإنترنت أنه يطلب “شابا قوي البنية ما بين الثامنة عشر والثلاثين، للذبح ثم قال مايفيس بعد ذلك إنه قتله برضا الأخير، غير أن ما يزعم من هذا “التراضي في الفعل” لم يهدئ من حالة الاشمئزاز التي أصابت الشعب الألماني.
و من السفاحين أيضا ألبرت فيش الذي اغتصب وقتل وأكل عددا من الأطفال خلال العشرينات، وقد قال إنه كان يشعر بلذة جنسية هائلة نتيجة ذلك.
أيضا السفاح الروسي أندريه تشيكاتيلو، الذي قتل 53 شخصا على الأقل بين عامي 1978 و1990
كما إشتهرت قضية إسي ساجاوا، آكل لحوم بشر ياباني إشتهر بقتله طالبة السوربون الدنماركية رينيه هارتيفيلت، والذي إعتبره الأطباء “مجنون” وبالتالي لا يمكن إخضاعه للمحاكمة، فتم إعادته إلى اليابان حيث مكث في مصح عقلي لخمسة عشر شهراً، خرج بعدها ويعيش حتى اليوم طليقا في اليابان، ويشير البعض أن ذلك تم بتدخل والده المتنفذ في اليابان.
Papua Nya Guinea احدى الاماكن التي كانت تحدث فيه شعائر اكل لحم البشر في القرن التاسع عشر عام 1957 اكتشف الاطباء انتشار مرض مجهول بشكل وبائي بين مجموعة من القرى. اظهرت الفحوصات اصابة السكان بمرض جنون البقر بسبب عادة اكل ادمغة الموتى من الاقارب. بعد منع إقامة هذه الشعيرة عام 1960 اصبح المرض نادراً.
ويقال أن جيمس كوك الذي قتله سكان هاواي قد تم التهامه
وخلال الحرب العالمية الثانية تواترت الأخبار عن أكل الجنود اليابانيين بعضهم وأكل أعدائهم وذلك بعد محاصرتهم من قبل الأمريكيين وقطع المؤونة عنهم في إحدى الجزر.
وبالطبع فإن هناك العديد من القبائل البدائية التي تعيش في أعماق غابات الأمازون الإستوائية ..مازالت تمارس تلك الطقوس وتتغذى بالفعل على لحوم البشر كأحد أنواع الطعام لديهم..إذ يقومون بإصطياد الرحالة والمغامرين والمكتشفين الذين يتجولون في تلك الغابات ..
وقد تم أخذ صورة لقبيلة أمازونية بدائية في غابات الأمازون أخذت برمي السهام البدائية على الطائرة الهليكوبتر التي إندهش طاقمها من وجود تلك القبيلة حتى الآن!
خاتمة
ومهما كانت اسباب ظهور ظاهرة اكل لحوم البشر، تشير الدراسات الى ان الظاهرة كانت منتشرة بين اوساط الكثير من الشعوب والجماعات البشرية القديمة.
اما في العصور الاحدث كانت سعة انتشار هذه الظاهرة مرتبطة بالخيال والاساطير اكثر من انتشارها في الواقع.
فإحذر منهم ..فمكانهم ليس فقط في أفلام الرعب والمغامرات..
وإحذر كل الحذر أن تخطيء وتقوم بـ wrong turn في طريق ما ..!
– إذا أردنا الحديث عن أعتى الكوارث المرضية الي أصابت البشرية، سنجد أن الموت الأسود – الطاعون – هو أكثر ما تسبب في قتل الملايين في واحدة من أحلك الأوقات سواداً في التاريخ البشري.
بدأ أول انتشار لمرض الطاعون الدبلي في منتصف القرن الثالث عشر، ووصل إلى أوربة في عام 1347.
الحقيقة أن هذا المرض اللعين قد انتشر في اوربة عن طريق السفن التي جاءت محملة بالموت والموتى، فأولئك الذين تجمعوا على الموانيء منتظرين لقاء ذويهم، إلتقوا بمشهد مرعب بدلاً من اللقاء الحار المفعم بسعادة العودة للوطن…
كان معظم أفراد طواقم السفن قد ماتوا، ومن بقي على قيد الحياة، قد تشوه جسده برداء بشع من الدمامل الموبوءة، وعلى الرغم من إعادة العديد من السفن إلى البحر مرة أخرى، إلا أن الضرر كان قد وقع بالفعل وانتشر!
انتشار الوباء
اكتشف الأروربيون بسرعة أن الطاعون مرض شديد العدوى، ومميت بشكل غير عادي، وعلى الرغم من انتهاء التفشي الأول لهذا الوباء عام 1350، إلا أنه ضرب بقوة مرة أخرى بعد بضع مئات من السنين.
هذه المرة التي أقبل فيها الطاعون برداءه الأسود مرة أخرى، أطلّ على قارة آسيا ثم انتشر إلى أوربة.
تعرضت لندن لأول مرة لمرض الطاعون عام 1665، وانتشر الموت الأسود مرة أخرى، ومرة أخرى .. قتل الآلاف…بينما رأى أخرون تلك الدمامل وهي تأكل من أجسامهم الهزيلة شيئاً فشيئاً …وعرفوا أن أيامهم كانت معدودة…وينتظرهم ذلك المصير الذي طال أقاربهم وجيرانهم…
قد تعتقد عزيز القاريء أن ذلك هو أسوأ جزء في تلك الأوقات العصيبة… ولكنه ليس كذلك على الإطلاق كما سترى في الفقرات التالية!
الحقيقة أن المسبب لمرض الطاعون هو نوع من البكتيريا المسمى بـ إنتروبكتريسا يرسينية طاعونية، تحاكي تلك البكتريا عمل جسيم آخر شائعاً في الجسم، وهذا الجسيم لا يهاجمه بالطبع جهاز المناعة، لذا عندما تصل تلك البكتريا المخادعة إلى العقد الليمفاوية، يكون الآوان قد فات على مiاجمتها على الرغم من إدراك الجسم أخيراً أن هناك شيئاً خاطئاً , فتنتشر البكتيريا في الجسم بسرعة كبيرة مما يؤدي إلى حدوث صدمة إنتانية , وفي النهاية يحدث فشل في الجهاز المصاب .
يقول المؤرخ ” مايك إغبيجي ” عن الموت الأسود – أنه كان على الأرجح من سلالات الطاعون: الدبلي bubonic والهوائي pneumonic (الذي يصيب الرئة)، وأن هذه السلالة التي تنتقل عن طريق الرذاذ المتطاير في الهواء تسبب معدل قتل يصل إلى 100% تقريباً، وأن أولئك الذين يستنشقون هذا الهواء الملوث بالمرض يموتون عادةً خلال 24 ساعة من الإصابة .
أما الطاعون الدبلي- والذي ينتشر عن طريق البراغيث – فيتبع نمطاً مختلفاً، فبمجرد أن يُصيب الشخص فإن الأمر يستغرق ما بين ثلاثة إلى خمسة أيام قبل أن تظهر على المريض أي علامات للمرض، ومن ثلاثة إلى خمسة أيام أخرى قبل أن يقضي عليه الموت.
بالطبع هذه طريقة مروعة للموت، ولكن الوقت القصير بين الصحة والموت هو السبب في أن هذا الأمر لم يكن أسوأ ما في مرض الطاعون ، فعلى الرغم من كل ذلك…فالموت السريع ليس سيئاً للغاية، بدلاً من تحمل الألم والمرض لأشهر طويلة أو حتى سنوات.
انتشار مرض الطاعون في اوربة
– لم يكن انتشار الطاعون مجرد مصادفة مشؤومة، ولم يكن انتشاره أيضاً عقاباً إلهياً، ولكن نحن البشر من أهلكنا أنفسنا بما كسبت أيدينا، فالحرب البيولوجية لم تكن وليدة العصر الحديث، ولكنها قد بدأت منذ زمن بعيد.
وفقاً لمراكز مكافحة الأمراض CDC، فإن مصدر المعلومات المتوفرة لدينا عن فترة انتشار الطاعون في أوربة هي سجلات كتبها كاتب عدل إيطالي يُدعى “غابرييل دي موسي”، حيث قال أن الأوروبيين عام 1340 كانوا على علم بأن هناك مرضاً فتّاكاً قد قضى على ممالك التتار والمسلمين في بلدان عدة، بينما فر التّجار المسيحيون الذي كانوا موجودين في ذلك الوقت في تلك البلاد إلى مدينة تُسمى”كافا”.
ولكن لم يمض وقت طويل قبل أن يحاصر التتار مدينة “كابا” لمدة ثلاثة سنوات، وعندما هاجم الطاعون جيش التتار، أمر قادة الجيش بتحميل المقاليع بجثث قتلى الطاعون ورميها نحو أسوار المدينة…جبال من الموتى نُصبت هناك، بينما لم يستطع المسيحيون الفرار أو الإختباء من الموت الأسود القادم إليهم.
ولكن بعضاً منهم قد استطاع الفرار من كافا والعودة إلى أوربة، استطاعوا الفرار، ولكن ليس وحدهم، فقد حل الطاعون ضيفاً معهم عندما عادوا للوطن.
قبل أن يكتسح الطاعون أوربة، كان الدين هو أساس حياة الشعب الأوربي، حتى أن معظم الناس قد دُفنوا في أرض الكنيسة، فلم تكن الكنائس مخصصة فقط للصلاة، إنما كانت القلب النابض للمجتمع.
بالنسبة للكثيريين كان الموت شيئاً حتمياً، ولم يكن أمراً يجب الخوف منه، فعدد كبير من المسيحيين المؤمنين كانوا على اعتقاد أن الموت ما هو إلا بوابة لعالم آخر أفضل كي يعيشوا أخيراً حياة كريمة وطيبة، لكن جاء ذلك الطاعون فجأة وانتشر كالطوفان الكاسح، فبدا الأمر لهم وكأن الله قد تخلى عنهم فجأة!
كان هذا الأمر مرعباً خاصة عندما رأى الشخص العادي أن رجال الدين قد فقدوا السيطرة أيضاً أمام هذا البلاء، حتى أن رجال الدين قد عانوا أيضاً من خسائر على نفس مستوى ما عانت منه جماهير الشعب… فالطاعون لم يكن شيئاً جميلاً كمكافأة إلهية للورع والتقوى، بل كان قبيحاً، مجنوناً، عشوائياً، وكان في كل مكان…
أسوأ من الموت على يد الطاعون!
عندما ضرب الموت الأسود أوربة مرة أخرى في القرن السابع عشر، اتخذت البلاد تدابير مروعة على أمل وقف انتشار المرض.
أولاً كان على الباحثين – من النساء المسنات المرسلات من الرئيس الروحي وهو أسقف المدينة – أن يقمن بزيارة العائلات وفحص الموتى، وتقديم تقارير حول من أُصيب، ثم بعد ذلك يتم إغلاق المنزل على الأسرة، ورسم الصليب الأحمر على الباب وذلك لتحذير الجيران.
أيضاً تم تعيين مراقب لكل منزل مصاب، وذلك للتأكد من عدم خروج أي شخص، وكذلك عدم دخول أي شخص، وعدم تمرير سلع إلى الداخل أو إلى الخارج…
اعتقد أن الأكثر مرارة من الإصابة بالطاعون، هو تلك التدابير المجحفة في حق المرضى!
يأكلك المرض وأنت تتضور جوعاً وعطشاً انت وأطفالك، في سجن انفرادي لما تبقى من حياتك البائسة، موصومون بالموت الأسود، فلا مساس، ولا كلام، فيحكم عليك البشر بالموت قبل المرض…يا لقساوة البشر وأحكامهم الشيطانية .
ولكن في القرن السابع عشر كان الأمر أقل وطأة من ذلك.
فهذه هي المهمة الاولى فكان حتماً على القرى المصابة بالطاعون أن تعزل نفسها في حجر صحي، فلا كائناً يدخل أو يخرج منها، وكان على من لم يصبه المرض أن يدفن البقية سواء من أسرته او جيرانه .
المهمة الثانية: كانت لحاملي الجثث – وكانوا يعملون ليلاً فقط – يجمعون الجثث من المنازل أو الشوارع عن طريق ربطهم بوتد طويل وقذفهم في عربة.
يجب أن يكون هناك كبش فداء!
– من عادة الطبيعة البشرية وقت حدوث مأساة، محاولة العثور على تفسير- أي تفسير، وعندما لا يكون هناك واحداً، فمن الأفضل أن تسير الأمور من سيء إلى أسوأ في ومضة، من الواجب وقتها…البحث عن كبش فداء
– في القرن الرابع عشر، كان الناس في جميع أنحاء أوربة يبجثون عن تفسير لما يحدث، لماذا هناك الكثير من الموت والأمراض؟
وفكرة عدم وجود سبب لذلك، كانت أمراً مرعباً في حد ذاته، فكان على الناس أن يخلقوا سبباً لتلك المعاناه!
وبحلول خريف عام 1348، انتشرت شائعات على نطاق واسع في كل أرجاء اوربة تفيد بان الطاعون كان في الواقع مؤامرة يهودية ضد المسيحية، هذه الأقاويل أطلقت العنان للمسيحيين في اوربة لتدمير عقيدة كاملة، فتم اعتقال وتعذيب الكثير من اليهود، وبدأت حملات الإنتقام الجماعي، فأُحرقت مئات من المدن وتجمعات اليهود… وتم إعدام الآلاف منهم على يد الجماهير الغاضبة، كان الأمر كمذبحة اجتاحت مشارق أوربة ومغاربها، لدرجة أن الأمر استغرق من اليهود ثلاثة قرون لإعادة بناء معتقداتهم ونشر ثقافتهم من جديد في البلدان التي يعيشون فيها.
ربما سمع معظمكم عن حُفر الطاعون، وعن المقابر الجماعية – حيث انتهى المطاف بجثث ضحايا الطاعون- , كان هناك الكثير من الجثث، ولكن ربما تم التعامل مع الجثث بطريقة مراعية بعض الشيء للياقة الانسانية، ففي عام 2016 تم اكتشاف مقبرة لموتى الطاعون في لينكولنشاير تحت أرضية دير قديم من القرون الوسطى ويعود تاريخ المقبرة إلى عام 1349 وتضم 48 جثة، سبعة وعشرون منها كانت لأطفال، وقد وضعوا جميعهم بعناية جنباً إلى جنب في صفوف. وقد وجد علماء الآثار أيضاً أن العديد من الجثث تم دفنها مع حليها ومصوغاتها، و حتى أن أحدهم قد وضع تميمة على شكل رمز وقائي على إحدى الجثث.
خاتمة
كتب أحد المؤرخين من فلورنسا عن نقل الموتى ودفنهم في الكنيسة، فقال: أنه كان يتم حفر الحفر، وكان يتم تكديس الفقراء فوق بعضهم البعض خلال الليل ثم يتم تغطيتهم بالتراب في الصباح…
وصف الأمر بأنه مثلما يتم عمل اللازنيا بطبقات المعكرونة بالجبن !
أما في أيرلندا فتبقت واحدة من السجلات التاريخية التي تحدثت عن فترة الطاعون، حيث كتب الراهب” جون كلين”عن الفظائع التي شاهدها وكتب في نهاية سجلاته “أنا،… من بين الموتى…أنتظر الموت قادماً، وألتزم بكتابة ما سمعته، وعايشته جيداً،وأترك الأمر لمن بعدي ليتابع العمل، في حال بقى أي شخص على قيد الحياة في المستقبل “…
وتنتهي كتاباته عند هذه النقطة باستثناء سطر واحد كُتب بخطٍ مختلف .. يقول ” هنا .. على ما يبدو .. مات المؤلف ” !
النقيب الشهيد عارف العبد الله من مؤسسي الجيش السوري ورمز من رموز الجلاء
مقدمة
سورية تسمية وطن لها سحر في نفوس ابنائه البررة تدفعهم الى بذل الذات لأجل حمايتها من الأخطار والعدوان…
علمنا ابن بلدة السقيلبية الأبية الثائرة بلدة السباع المناضلين…سقلب الصمود والايمان التي وعبر كل التاريخ بكل ادواره قاومت كل محتل وغاصب للأرض من جهة، وكل معتدٍ على الكنيسة وابناء الايمان المسيحي ولازالت تقدم التضحيات، ويرتقي منها الشهداء يومياً خاصة في هذا العدوان الكوني والتكفيري الغاشمي دفاعاً عن الام سورية الحبيبة…
هذا النضال والحس الوطني الموروث رضعه ابناؤها (ولازالوا) مع حليب الطفولة من صدور امهاتهم هم يصلون لله الحاميقبل الانتقال الى جبهات الصمود، متكلين على الرب الحامي وشفيعتهم السيدة العذراء فائقة الطهر، والقديس جاورجيوس شفيع الجنود والمناضلين ثم يعودوا بعدها الى ممارسة دراستهم وتحصيلهم العلمي بكل مستوياته (فالسقيلبية مدينة العلم) وللعمل في الزراعة والاعمال الحرفية التي برعوا بها…
بلدة السقيلبية مالكة اروع حس وطني دفاق طال الجميع /كما سبق القول/ فكانت مع شقيقاتها في الجغرافيا والايمان كمحردة، للتحررمن نير الاتراك العثمانيين واستعمارهم البغيض المتخلف الذي طال لأربعة قرون عثمانية من الجهل والاستعباد بامتياز وخاصة للمسيحيين مما دفع الكثيرين منهم في عهد السلطان الدموي عبد الحميد الى الانخراط في الجمعيات والاندية السورية في الشتات للتحرر…وقدم هؤلاء مع اخوتهم من كل اديان الوطن ومذاهبه ذواتهم طعاماً للمشانق الشرهة في عهد الطاغية السفاح جمال…عام 1915 و1916
ومالبث المنتصرون الحلفاء من افرنسيين وانكليز الا وتقاسموا فيما بينهم اراضي العدو المهزوم الامبراطورية العثمانية في بلاد الشام حيث كانت اتفاقية سايكس بيكو 1916 قد قسمتها بغدر ووعد بلفور 1917 المشؤوم المانح ارض فلسطين لليهود، وجاءت معاهدة سيفر 1920 لتنهي كليا هذه الامبراطورية المتداعية…
التحق بالثورة العربية الكبرى التي كانت بقيادة امير مكة الحسين وابنه فيصل الكثير من الاحرار الشوام والعراقيين وكانت منهم نخب مسيحية متميزة من كل بلاد الشام ومدنها وبلداتها ومنها حماة وريفها فهي ارض نضال مستمر.
ولما احتل الاستعمار الفرنسي سورية والاستعمار البريطاني فلسطين للتمهيد لقيام الكيان العبري في فلسطين وفق وعد بلفور، وشمل احتلالهم ارض العراق قامت هذه النخب المسيحية بالتصدي له ودحض ذرائعه المتلطية تحت ستار الدين كما كان الاستعمار العثماني…وكانت الكنيسة من القمة عبر البطريرك غريغوريوس حداد الى القاعدة في اصغر بلدة مسيحية بقيادة كل رجال الاكليروس فازدادت هذه النخب المقاومة لتشتمل على كل المسيحيين وخاصة في ارياف حمص وحماة وادلب وجسر الشغور وحلب واللاذقية وانطاكية وكيليكيا حيث قما تجد مسيحياً موافقاً على هذا الاستعمار وهكذا صارت قاعدة وارضية مقاومة للوجود الفرنسي المحتل…
من هذه البيئات الشعبية الارضية كانت القرى المسيحية الارثوذكسية في ارياف حماة وادلب واولها كانت بلدة السقيلبية وشقيقتها محردة وكفربهم و…
في هذا الجو التحرري كانت عائلة العبد الله الوجيهة في السقيلبية التي منها علمنا…
وقد زودني الصديق السيد نابل العبد الله سبع السقيلبية قائد الدفاع الوطني في السقيلبية بالمعلومات والصور التي وظفتها في كتابة هذا المقال ويحلو لي ان اوثق مقدمة مرسله لي وهو التالي:
“صباح الخير من تراث السقيلبية بمقاومة الفرنسين
اول ضابط واول شهيد بها
قتلته المخابرات الفرنسية
لاشتراكه بشق الضباط وصف الضباط واحتلال ثكنات عسكرية بدير الزور ورفع العلم السوري أنذاك
لتمجيدذكرى مجاهدي سورية
نحن لانهزم والنصر حليف عتيق لنا .
اول ضابط بالسقيلبية وأول شهيد فيها هو:
النقيب عارف العبد الله البطل الثائر…”
في اليوم الثالث من شهر آذار لعام \ 1915 \ وكانت السنة الاولى من الحرب العالمية الاولى قد طوت اجنحتها لتدخل السنة الثانية في هذه الحرب الضروس التي دامت اربع سنوات (1914- 1918) مترافقة مع جوع وموجات هائلة من الجراد التي لم تبق ولم تذر من ارزاق فانتشرت المجاعة المخيفة وخاصة في الارياف اضافة الى سوق ابناء الوطن بالجملة الى القتال مع الجيوش العثمانية حيث نيران الحرب الأولى تندلع في كل مكان ملتهمة بشراهة أبناء الحياة، غادر الشيخ سعيد العبد الله وابنه الوحيد عبدالله إلى حماه لمتابعة بعض القضايا الهامة تاركين في منزلهم الرابض فوق رابية بيضاء في الجهة الغربية من قرية السقيلبية – آنذاك – سيدة شابة تشعر وتحس أن موعد ولادتها غداً قريباً بل وشيكاً وما هي إلا ساعات معدودة حتى جاءها المخاض منذراً بولادة الطفل فأحضرت القابلة (الداية)
وكان في حضرتها مجموعة نساء من الأهل والمقربين وقد بسطوا أكفهم برجاء إلى الباري تعالى كي يخلص روحاً من روح بالسلامة، وأن يفرح قلب الوالد بمولود ذكر وانطلقت صرخة بكاء مولود صغير تلتها زغاريد النساء لتعلن للملأ ولادة طفل ذكر جميل وعلت الزغاريد وانتشرت مثل موجة بيضاء تزف البشرى إلى آذان جميع أبناء القرية الجميع يزغرد ابتهاجاً وكان لابد من إرسال من يحمل البشرى إلى حماه ، إلى الأب والجد فغادرا على عجل قاصدين القرية لرؤية المولود الذي زين وجوده ديار الأهل وضَّوع فوقها عبق الهناء وقامت الأفراح لسبعة أيام متتالية شارك فيها الأهل والأصدقاء والأقرباء وضيوف من القرى المجاورة ونشأ الطفل عارف في اسرة عريقة في انتمائها الروحي والكنسي والمثابرة على تأدية واجباته الروحية واخلاصه للايمان المسيح الارثوذكسي، وتتلمذ في مدرسة هذه الاسرة والبلدة العالية في حب الوطن فتلقف كبقية اطفال البلدة التغذية الوطنية والروحية في مدرسة الكنيسة.
علمنا عارف بن عبد الله بن الشيخ سعيد العبد الله من مشايخ السقيلبية…
دراسته وعندما بلغ الطفل سن التعليم التحق بالمدرسة الأهلية التابعة للكنيسة في قرية السقيلبية ليتلقى تعليمه الأول على يد المعلم والمربي الأديب حبيب الرحمن الدمشقي وبعد انقضاء السنوات الثلاث أرسله والده إلى مدرسة دير القديس جاورجيوس الحميراء البطريركي الحميراء في قضاء تلكلخ ليتتلمذ على يد المعلم جورج كنعان الذي اهتم بتلقين التلميذ عارف مبادئ وقواعد اللغتين العربية والفرنسية وبعد هذه المرحلة من الإعداد الجيد التحق التلميذ عارف العبدالله بكلية الشيباني في حلب التي كان يشرف على إدارتها وتيسير شؤونها العلمية الأب البرتو الايطالي وكان التلميذ عارف مثالاً للأدب والتهذيب والنجابة والاجتهاد. ثم انتقل من كلية الشيباني الى الكلية الإنجيلية بحمص ليتعلم العلوم العربية والفرنسية والانكليزية تحت عناية وإشراف الأستاذين القديرين مسوح وجورج كنعان وكان التلميذ يثبت جدارة بالنجاح والتفوق على اقرأنه ثم أكمل المرحلة الثانوية في الكلية الارثوذكسية الحمصية / الغسانية…
بعد نيله الشهادة الثانوية تقدم إلى فحص الكلية الحربية بتاريخ 10/9/1936 التي كانت قد احدثت عامئذ وتحت ادارة الجيش الفرنسي المحتل فنجح في اختبارات القبول، ودخل المكتب الحربي وتخرج برتبة “سبيران” (معاون ضابط) وبعد انقضاء سنتي الدراسة حصل بتفوق على شهادتين (شهادة الاستحقاق وشهادة في قيادة الفرقة).
ضابطاً في الجيش الفرنسي
بعد تخرجه من المكتب الحربي تم تعيينه في حماه برتبة معاون ضابط، وكانت أول مشاركة حربية له في بلدة باكو باسي على الحدود التركية في معركة قوية بمواجهة العصابات الكردية، حيث خاض أول معاركه بشجاعة ملفتة للقيادة فمنح وسام الشرف.
بعد انتهاء العمليات الحربية مع الأكراد انتقل إلى حلب وكان برتبة ملازم (سولبيان) وعمل تحت إمرة القومندان البستاني.تم تعيينه قائداً للفوج السادس في دير الزور.
تم ترفيعه إلى رتبة ملازم أول (بيبتان) وعمل تحت إمرة الكابتن خليل الحلو الذي كان يعتمد على هذا الضابط الشاب عارف العبدالله بعد أن لمس فيه تلك الروح العسكرية العالية والانضباط والشجاعة والاقدام على تنفيذ المهام والذكاء وحسن التدبير…
يقول السيد نابل العبد الله عن علمنا: “كان حليفاً للزعيم الوطني المناضل ابراهيم هنانو ووضع ابراهيم هنانو أثناء الثورة زوجته وأبنته في بيت جدي بالسقيلبية كأمانة أثناء العمل بالثورة”
حارب علمنا ضد جيوش حكومة فيشي الفرنسية التي كانت تحت امرة الالمان النازيين المحتلين لفرنسا. وبعد انتصار قوات فرنسا الحرة بقيادة الجنرال ديغول رفض الالتحاق بالجيش الديغولي بقيادة كاترو عام 1941 الذي دخل ومعه القوات البريطانية الى دمشق.
لذا اعتقله الفرنسيون بتهمة خيانة الشرف العسكري وأودعوه سجن حلب المركزي لمدة /15/ يوماً حيث أكد رفضه الالتحاق مجدداً بالقوات الفرنسية، وأكد عزمه ورغبته في الالتحاق بنواة الجيش السوري التي بدأت بالولادة.
في أثناء وجوده في السجن بحلب كتب إلى وكيل مطران حلب الانطاكي الارثوذكسي ( وكانت سدة المطرانية شاغرة) وكان وقتها المرحوم الارشمندريت يوركي أبيض وكيلاً للمطران، وكتب إلى محافظ حلب نبيه مارتيني يلتمس منهما البحث عن طريقة سريعة لاخلاء سبيله… فخرجت المظاهرات من المدارس الارثوذكسية الحلبية تطالب باطلاق سراحه، بالمقابل
تجاوب محافظ حلب مع صرخة هذا الشاب الوطني الملازم اول عارف وأوعز إلى مدارس حلب لتقتدي بموقف المدارس الارثوذكسية وتعلن الإضراب وتخرج بمظاهرات واوعز ايضاً الى الجماهير الحلبية بكل فئاتها للتظاهر ضد السلطات الفرنسية وفعلا ظهر هذا الموقف الطلابي الحلبي بالمظاهرات الطلابية الصاخبة التي قادها الارشمندريت مبيض والاكليروس الارثوذكسي مطالبة باطلاق سراح الملازم اول عارف من السجن منددة بالسياسة الفرنسية وإقدامها على اعتقال وسجن الضباط الوطنيين وقد شملت هذه المظاهرات لاحقاً كل شرائح المجتمع الحلبي ضداً لممارسات الاحتلال الفرنسي … وشهدت حلب في هذه المظاهرات الطلابية أكبر مظاهرة للبنات كانت على رأسها ابنة زعيم ثورة الشمال المناضل ابراهيم هنانو وفاءً منها لما لقيته من رعاية وحماية وإكرام في بيت الشيخ الياس العبدالله في السقيلبية يوم كانت برفقة والدها وهو يحارب الفرنسيين حيث أودعها والدها أمانة في عنق السقيلبية في هذا البيت العريق.وفق شهادة السيد نابل العبد الله حيث قال: “وكان لأبنة هنانو الدور الأكبر بإخراجه من سجن قلعة حلب…”
رضخت السلطات الفرنسية لمطالب المتظاهرين وأطلقت سراح الضابط الوطني عارف العبدالله ليلتحق بحركة الضباط الوطنيين…
قام محافظ حلب وتقديراً منه آنذاك لعلمنا الملازم الاول الشاب عارف وقد تحرر من ربقة السجن الفرنسي باستقباله في مكتبه مهنئاً وقدم له هدية تذكارية تليق بضابط وطني والهدية كانت عبارة عن مسدس حربي من عيار 9مم وأقام حفلاً تكريماً يليق به في نادي الضباط بحضور الضباط الأحرار حيث ألقيت الكلمات الحماسية المهنئة لهذا الضابط السقيلبي المقدام.
رفع إلى رتبة “رئيس” نقيب حالياً في /18/ نيسان /1945/ مع باقي ضباط الجيش الوطني .
تشكيل حركة الضباط الوطنيين السوريين واستشهاده
تشكلت من الضباط الوطنيين في جيش الشرق الفرنسي والقوات الفرنسية الاخرى حركة وطنية عارمة سعت لتشكيل الجيش السوري الوطني بمعزل عن التبعية الفرنسية وقد أعلن اتباع تلك الحركة عدم طاعتهم للفرنسيين وتمردهم على أوامرقياداتهم الفرنسية العسكرية وانشقوا والتحقوا بحركة الضباط الاحرار وخاصة في المنطقة الشرقية من سورية
فقامت هذه الحركة باسناد مهمة جمع هؤلاء من جنود وصف الضباط والضباط الاحرار الى النقيب عارف العبد الله، وكلفته بمهمة السفر إلى دير الزور لهذه الغاية بعد ان انشق العديد منهم عن القطعات العسكرية الفرنسية فسعى ونجح بتجميعهم تحت قيادة هذه الحركة ووضع الاساس للمتابعة من الآخرين.
بعد نجاحه السريع في مهمته وضم هؤلاء الضباط الى حركة الضباط السوريين الأحرار الذين منهم تشكلت نواة الجيش الوطني السوري عاد الى حلب. في طريق عودته حدث المكروه وحلت يد القدر وترجل علمنا عارف الفارس الوطني ليسلم الروح الزكية الى باريها إثر حادث أليم ومفجع إذ تدهورت السيارة التي كانت تنقله مع عدد من جنوده على بعد 25 كم من دير الزور. حيث يجمع عارفوه ومنهم الصديق نابل ان المخابرات الفرنسية هي قتلته بتدبير هذا الحادث لكونه قام بشق الجيش الفرنسي وتجييش الضباط السوريين للالتحاق بحركة الضباط الوطنيين وهم وهو منهم نواة الجيش السوري الوطني.
وفي مستشفى دير الزور الوطني وفوق سرير أبيض يحمل فوقه علماً ورمزاً للمجد الوطني السوري تحركت يد بيضاء مخضبة بدم أحمر قانٍ تودع رفاق السلاح الذين التفوا حوله باكين، ولفظت شفتاه: “بخاطركم، خاطركم” وفاضت روحه الطاهرة.
وكان ذلك في ليلة السبت /8/ أيلول /1945 واحضر جثمانه الى مدينته السقيلبية بموكب مهيب رسمي وشعبي تواكبه ثلة من الجيش الوطني السوري الوليد وعدد من رفاق درب علمنا… منهم السادة: نجيب ريشة، بدري ريشة، إبراهيم وأمين عبدو ليُصلى عليه صباح يوم الأحد التالي /9/9/1945 في كنيسة القديس جاورجيوس بالسقيلبية التي شهدته طفلا وفتى وشابا مصلياً ومتمماً واجباته الوطنية وقد رئس صلاة الجنازة مثلث الرحمات مطران حماة اغناطيوس حريكة الوطني الكبير.
وحضر مراسم الجنازة عدد كبير ممن سمعوا بالخبر الفاجعة وجاءوا على عجل من كل حدب وصوب من المحافظات والمناطق السورية نذكر منهم: السيد بشير بك قائد الجيش السوري الوطني بحماة والملازم عبد المسيح داغوم ترافقهما ثلة من حرس الشرف لوداع فقيد الوطن، اضافة الى رفيقه في السلاح الدكتور زكريا مسقوف وألبيرت مسقوف،راشد السيوفي وجرجس شهدا وهؤلاء جميعاً من مدينة حماه ومن بين الذين حضروا أيضاً: سقر خرفان وعبدو محمود وحسن وخرفان بن شيبان وعلوش وكرمو أبناء شلي وليد، رفعت آغا الرشيد وأخوانه نجيب ورشيد وممدوح والشيخ حسن السموع من التوينة والسيد محمد بك جنيد على رأس وفد كبير من وجهاء وأهالي بلدة سلحب القريبة والمجاورة لبلدة محردة وخالد آغا الدرويش ونجيب آغا البرازي وخالد بك العظم وولده نزيه بك العظم والسيد حنا أفندي عبيد وسليمان بك مدير خان شيخون وحكمت آغا اليوسف من خان شيخون والسيد خليل أفندي كلاس جاء على رأس وفد كبير من الشباب الوطني بحماه .
Image may be NSFW. Clik here to view.المسدس الخاص بمحافظ حلب نبيه مارتيني والذي اهداه للنقيب ارف عند اخلاء سبيله وهو بيد السيد نابل العبد الله ومن مجموعته
وبعد انقضاء مراسم التشييع والتأبين وقف الخوري الشاب شحود عبدوش بجوار نعش صديقه الشهيد النقيب الشاب عارف العبدالله الديبو فرثاه بكلمة مؤثرة جداً جاء فيها: “فقيدنا عارف ياقوم شاب، خلق ليخدم الإنسانية وليدافع عن الفضيلة، فما نطق فمه بغير الحق، الذي عاش وقضى من أجله، هو الكاتب الأديب، هو سمير المجالس والمجتمعات، هو الرجل الذي نذر روحه لخدمة وطننا الحبيب , فلم يتقاعس يوماً مذ سمع صوت الوطن يناديه فهجر الخدمة في صفوف الجيش الفرنسي وانضم إلى إخوانه الضباط الأحرار ليشكل معهم النواة الوطنية الحرة لجيش حر يناضل ضد الوجود الفرنسي. أيها الأخوة إن كانت عظمة الرجال تقاس بما يقدمونه من منافع عامة، فمن أولى بفقيدنا بالإكرام لقد كرس حياته لخدمة الجميع ولهذا وجب علينا أن نجله ونعظمه. وإذا كانت عظمة الرجال تقدر بمقياس العلم والأخلاق الحسنة فإن لفقيدنا مكانة سامية ومرموقة في هذا الميدان حتى كاد أن يكون فرداً فريداً في توقد الذكاء ووفرة العلم وسعة الإطلاع.
Image may be NSFW. Clik here to view.الصورة التي تبدو بها صديقتنا فانسيا ( الصحفية البريطانية التي تغطي نضال اهلنا اليوم في السقيلبية) وهي امام مدخل بيت جدي (نابل) ويبدو على القنطرة شعار الصليب والهلال الذي وضعه جدي على مدخل القصر الذي اعاد ترميمه بعام ١٩١٦ وأحجاره وأحجار الكنيسة من قلعة المضيق أفاميا ونقله رجال السقيلبية على الأكتاف وعمروا الكنيسة ومنزل جدي اكراماً لما قدمه من مال ومقاومة في مقاومة العثمانين وفي عمار السقيلبية”
فقيدنا الشاب عارف رجل المروءات خادم الفضيلة وحارث القيم، لقد اهتزت البلاد لنبأ نجم سطع ثم أفل، بدراً كنا نهتدي بضيائه تبدد الظلمات لترينا نافذة النور والحرية.” وبعد انقضاء كلمة رثاء الخوري شحود وقف السيد أمين جميل العبدالله إلى جوار نعش الفقيد ليقول بالراحل الكبير الرثاء الذي يليق: “مات الشباب فيا حشاشة ذوبي………. أسفاً عليه ويا دموع أجيبي عرفتك ياعارف، عرفت فيك الشباب المتدفق بأحلى مظاهره وأحسن أحواله، عرفتك يا ابن العم فعرفت فيك الرقة واللطافة والسيرة الحسنة، عرفتك يازين الشباب فعرفة فيك المثل الأعلى للشبيبة الناهضة، لقد قضيت هذه الحياة القصيرة من عمرك في السعي والعمل لخدمة الوطن والإنسانية فبذلت بسخاء كل تملك ولم تبخل بالروح في سبيل إتمام الواجب فأنت إن رحلت فذكراك حية إلى الأبد: فإنّا إن بكيناه بكينا …………………. هماماً حاوياً جلّ السجية وإنّا إن ندبناه ندبنا……………………ينابيع المروءة والحميّة فتباً يا زمان عليك دوماً……………… وبئساً للحياة الدنيوية
كان قرار البلدة روحيا واجتماعيا ان يتم دفنه بقبر خاص به في فناء الكنيسة التي عشقها تكريما لنضاله،
ثم قدم الانجيل المقدس بغلاف من الفضة ليودع على مائدة الكنيسة تذكارا مقدساً مؤبداً لراحة نفسه
قيل في اربعينه
Image may be NSFW. Clik here to view.السيد نابل العبد الله امام ضريح الشهيد عارف العبد الله في فناء كنيسة القديس جاورجيوس في السقيلبية في لقاء صحفي مصور مع الصحفية فاليسيا
بتاريخ 18/ تشرين الثاني عام 1945 حيث تصادف ذكرى مرور أربعين يوماً على رحيل فقيد الوطن النقيب عارف عبدالله ديبو قدم الشاعر توفيق حيدر مرثية مؤثرة تبين مدى تفجع الغاب بسهله وجبله ومشاركته لإخوانه في السقيلبية مصابهم الجلل مالي شمس النهار تحجبت ……………وتلفلفت بملآة من قار وسطا الظلام على الضياء………………..بكتائب من جيشه وبجحفل جرار وعلا النواح بأمنا سورية…………………..وبسائر الأمصار والأقطار وبكل قلب للعروبة حسرة………………..مابيننا تزكى بشعلة من نار والناس بين مصدق ومكذب………………ومولول من تلكم الأخبار حتى أتى الخبر الأكيد بموته……………. والبرق سطر أحفاً للقاري وغدا به الوطن العزيز مفجعاً…………….بأجل ما فيه من الأحرار وجروح جثمان العروبة قد ج……………..رت بالدم والأحزان كالأنهار بدم الشهيد تطيبوا وتمرغوا…………….. وتنشقوا من جرحه الفوار
(1) بتاريخ 15\تموز 1945 كتب الشاب رستم بن الشيخ عبد الكريم الرستم من مكان اقامته في بشري في لبنان إلى صديقه وقريبه عارف العبدالله رسالة جاء فيها :” قبلة من عيونك سررت جداً لالتحاقكم بالقوات الوطنية وتراني بغاية الشوق لرؤيتكم وتهنئتكم” (2) بتاريخ 29/ تموز 1945 كتب الضابط عارف العبدالله رسالة إلى والده في السقيلبية جاء فيها :” الحالة لم تستقر عندنا ونحن في دور استلام والحالة في تحسن مطرد وعما قريب ستعود المياه إلى مجاريها لا شيء جديد عندنا يستحق الذكر سوى أننا غداً أو بعد غد سنستلم نهائياً جميع الثكنات والجنود الذين لا يزالون عند الفرنسيين وبهذا نكون قد تخلصنا من هذه العقبة…”
مازودني به الصديق المناضل نابل العبد الله (قائد الدفاع الوطني في السقيلبية وهو السائر على درب النضال ابن هذه العائلة الوجيهة في المجتمع السقلبي والحموي والكنيسة والوطن…) وهو الذي لفتني الى هذا العلم الوطني الشهيدالنقيب عارف العبد الله من مقات وصور وشهادات منه…
-السقيلبية- غيث العبدالله 1 آب2017
-المحامي معتز البرازي جريدة الفداء الحموية العدد 15853 – 22تشرين الأول 2018
الصور من ارشيف السيد نابل العبد الله
“الخيل هي من نسل خيول الاجداد”
” السلاح الفردي”
“والفرد (المسدس) بيدي (نابل العبد الله) هو فرد محافظ حلب (نبيه مارتيني) تحت حكم الفرنسين وأهداه لعمي ومن ثم لوالدي والان بمنزلي.”
” الصورة التي تبدو بها صديقتنا فانسيا ( الصحفية البريطانية التي تغطي نضال اهلنا في السقيلبية) وهي امام مدخل بيت جدي (نابل) ويبدو على القنطرة شعار الصليب والهلال الذي وضعه جدي على مدخل القصر الذي اعاد ترميمه بعام ١٩١٦ وأحجاره وأحجار الكنيسة من قلعة المضيق أفاميا ونقله رجال السقيلبية على الأكتاف وعمروا الكنيسة ومنزل جدي اكراماً لما قدمه من مال ومقاومة في مقاومة العثمانين وفي عمار السقيلبية”
يعايد المسيحيون بعضهم في عيد القيامة بالعبارة الخالدة ” المسيحُ قام ” ويجيبون بالقول ” حقاً قام “
السبب
هو أن اليهود ينكرون قيامة المسيح، وان رئيسي الكهنة، ” حنان وقيافا ” لما وصلهم الخبر البشرى بان النسوة حاملات الطيب قد وجدن القبر فارغاً فعدنَ وأخبرنَ التلاميذ بان المسيح قام، دعا رؤساء الكهنة الضباط والجنود الرومان الذين كانوا يحرسون القبر، واغدقوا عليهم الكثير من المال والذهب، وقالوا لهم ان ينشروا في أورشليم خبراً بأنهم كانوا نائمين من شدة التعب وأن تلاميذ المسيح جاؤوا ليلاً وسرقوا الجسد وادّعوا انه قد قام. وهكذا سرى في المدينة وفي عموم فلسطين خبران متناقضان، فمن صدّق بأن المسيح قام صار يجيب ” حقاً قام ” ومن صدّق رواية اليهود والرومان لا يقول “حقاً قام “.
الواقع الحالي
خطأ شائع اليوم في القيامة المجيدة أننا نقول “happy easter”. هذه العبارة التي اذا طلبت من أحد تفسيرها لعجز عن فعل ذلك.
كانت الشعوب القديمة مثل شعب الأنكلوساكسون الوثني، الذي كان يُقيم الاحتفالات في تلك الفترة من السنة بعيد الإلهه (Eastre أو Eostre) إلهة الخُصوبة والربيع بحسب أساطيرهم ومعتقداتهم الوثنية، وكان يُرمز إليها ب”الأرنب” (لأن الأرانب كثيرة الانجاب) كما جاء أيضاً في اعتقاداتهم أن هذه الإلهة قد تقمَّصَت روحها في جسد أرنب!
بعدَ انتشار المسيحية واعتناقها من قبل الكثير من الوثنيين، وبسبب تزامُن بداية فصل الربيع مع احتفال الكنيسة بقيامة المسيح له المجد، درجَت تسمية الفصح لدى بعض الأوروبيين بتسمية خاطئة بـ Easter تأثراً بالإلهة الوثنية Eastre أو Eostre التي كان يُحتفل بعيدها في زمن الاعتدال الربيعي من كل سنة، أما التسمية الصحيحة فهي الكلمة اليونانية Πάσχα (Pascha) والمُشتقَّة من الآرامية والعبرية وتعني “العبور”، والتي نقلتها الشعوب الأرثوذكسية إلى لغاتها المختلفة ودأبوا على استعمالها دون غيرها.
المؤامرة الصهيونية في الفصح ومنذ حوالي خمسين سنة اكمل اليهود لعبتهم فغيّروا اسم العيد في الغرب وعبر العالم بنفوذهم المالي المسيطر على وسائل الاعلام العالمية والمطبوعات، فغيروا التحية الفصحية من “عيد القيامة” الى “ايستر” اي (عشتار اله الخصب عند الشعوب المشرقية) ، وهي اول قصة قيامة من الموت وتعود الى حوالى 3000 سنة قبل المسيح.
والمؤسف ان الكنائس المسيحية في الغرب وفي الشرق ابتلعت هذا الطعم السام اي عبارة “ايستر” دون ان تدقق فيها وصار المسيحيون يعايدون بعضهم بالقول ” هابي ايستر ” Happy EASTER”، وسرت العدوى عندنا عند مسيحيي المشرق واستبدلنا هذه العبارة الفخ بعبارتنا الخالدة المسيح قام من باب تقليد الغرب…
المؤامرة الصهيونية في الميلاد
وكما غيّر اليهود تحية عيد الفصح الى “happy easter” عملوا على تغيير اسم عيد الميلاد من ” كريستماس ” الى “X Mas” ومعلوم ان حرف ” X” يستعمل للمجهول فاصبح العيد عيداً لشخصٍ مجهولٍ لأنهم ينكرون أن يكون المسيح قد ولد. الخاتمة…
مماسبق يتضح هذا الخطأ الشائع اليوم في المعايدة بالقيامة المجيدة أننا نقول “happy easter”. هذه العبارة التي اذا طلبت من أحد تفسيرها لعجز عن فعل ذلك.
ونقول لمن يحاول تقليد الغرب وخاصة بعد اعتمادها من قبل وسائل التواصل الاجتماعي وصارت الناس تتداولها دون معرفة خلفيتها والمؤامرة التي صنعتها نقول:
– بماذا تشكو كلمة “المسيح قام” أليست كافية للتعبير عن فرحنا بالقيامة أم أننا أصبحنا مدنيون لا نجيد سوى اللغات الأجنبية “وعلى العمياني”.
“يا فرحي المسيح قام”! هكذا كان يلقي القديس سيرافيم ساروفسكي التحية على أحبائه.
تفسير أيقونة القيامة تعتبر الايقونات الارثوذكسية انجيل مفتوح ذات بعد تعليمي وذات بعد توصيفي ومنها ايقونة القيامة هذه وهي من الايقونات الارثوذكسية هي تجسد لحظة انتصار الرب على الجحيم. فكما يشير اسمها، حركتها عامودية، فهي في آن واحد حركة انحدار الى الجحيم وصعود، إنها القيامة التي قلبت كل المقاييس. ١- الخلفية الذهبية
ترمز الى حضور مجد الرب وملكوته، الأيقونة تشع بالنور فلا مكان لظلمة الموت بعد الآن. ٢- المسيح
الرب المنتصر الذي في الوقت نفسه نراه مصدر الحركة في الأيقونة ومصدر ثباتها (مركزها)، يتوسط الأيقونة لابساً ثياب المجد.
هو ينحدر من ملكوته بقوة وثبات قاسماً الجبل الى قسمين، فبعكس أيقونة الميلاد التي نرى فيها أن الجبل قد اقترب من السماء، نرى هنا اجتياحاً كاملاً ملكوتياً للأرض واستباحة كلية للجحيم. فالرب بحركته هذه دمر كل الحواجز التي كانت تحول دون عودة الإنسان إليه. هو يقف على أبواب الجحيم المحطمة جاعلاً إياها على شكل صليب. ولكن إن دققنا أكثر بالوضعية ككل، نرى أن الأبواب هي التي تلتصق بأقدامه، فالرب هو العنصر المركزي وكل الباقي يستمد منه الثبات.
في بعض الأيقونات نرى بعضاً من رداء السيد و قد انتفخ مرتفعاً الى الأعلى (تماما كما المظلة) وذلك تعبيراً عن قوة وسرعة حركة الإنحدار. غير أن حركة الرب لا تقتصر فقط على الإنحدار والثبات، وإنما هي حركة صعود وقيامة أيضاً. فالرب بالتزامن مع سبيه للجحيم فتح قبري الجدين الأولين (آدم و حواء) (مت 27: 52): “وَالْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ، وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ”، ممسكاً بيديهما، منهضاً إياهما ومانحاً إياهما الحياة الأبدية. قيامتهما هي رمز لتجدد الخليقة. نظرته مسمرة باتجاه قارئ الأيقونة، فالخلاص والقيامة ليسا حكراً على الأنبياء والأبرار، إنما هما دعوة مفتوحة لكل البشر. خلف رأس السيد نرى هالة النور مع صليب وثلاثة حروف يونانية عند أطرافه (OWN) تعني الكائن وهو الإسم الذي دعا الرب نفسه به عندما التقاه النبي موسى أمام العليقة المشتعلة سائلاً إياه عن اسمه. يتوسط السيد ثلاثة دوائر، هو سيدها كلها. الدائرة الأولى رمزا للجحيم مسكن الأموات التي استنارت بانحدار السيد، (إش 9: 2): اَلشَّعْبُ السَّالِكُ فِي الظُّلْمَةِ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا. الْجَالِسُونَ فِي أَرْضِ ظِلاَلِ الْمَوْتِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ.” فتحول لونها من الأسود الى الأزرق الغامق. الدائرة الثانية باللون الازرق السماوي، هي ترمز الى الأرض مسكن البشر الذين افتداهم الرب بدمه. أما الدائرة الثالثة باللون الأزرق الفاتح فهي ترمز الى السماء عرش الرب ومسكن القوات السماوية. من السيد تنبعث أشعة النور لتنير الدوائر الثلاث أي لتنير الكل. ٣- آدم وحواء، الجدين الأولين
كانا تحت سلطة الجحيم، مطروحين في قبرين عديمي النفس والقدرة، نراهما عاجزبن كلياً عن الوقوف من تلقاء نفسيهما، فالسيد هو من يقيمهما ومنه يستمدان القوة. هما رمزين للإنسانية العاجزة عن بلوغ الملكوت دون الاتكال بالكلية على الرب. نلاحظ ان لون ثيابهما أزرق لانهما إنسانين، غير أن آدم قد لبس فوق ثيابه رداء أبيض شبيه برداء السيد، إنها ثياب المجد المعد لآدم ولكل أبنائه المؤمنين. فيما نرى أن حواء تلبس رداء أحمر قرمزي تماما كثياب العذراء، حواء الجديدة، (باستثناء نجوم العذرية الثلاث الخاصة بوالدة الإله فقط). ٤- الجحيم والشيطان
الجحيم منكوبة بكل ما للكلمة من معنى فهي قد سبيت بالكامل، فنرى الأقفال والمفاتيح التي كانت تقيد ذرية آدم مبعثرة وما من إنسان مقيد بعد الآن، فالجميع سيقوم إما للحياة الأبدية مع السيد وإما للدينونة. الشيطان على شكل إنسان مظلم مكبل وعاجز كليا، فهو لم يتسنى له حتى امكانية التفكير بمقاومة الرب، اعتقد بأنه انتصر بصلب السيد وبأنه سيبتلعه ويستحوذ عليه أيضاً، وإذ به يفاجأ بعقر داره بهزيمة ساحقة. هي ليست معركة بين الخير والشر كما يعتقد البعض بل هي استسلام كلي للجحيم حتى قبل أن تستوعب ماذا حصل على الصليب. ٥- النبي السابق يوحنا المعمدان
يقف بشعره المبعثر إلى يمين السيد، يشير بيده اليسرى للرب فيما يرسم بيده اليمنى اشارة بركة السيد واسمه (إيسوس خريستوس). مهمة السابق بالتحضير لقدوم السيد لم تنتهي على الأرض بموته مقطوع الرأس، بل سبقه أيضاً الى الجحيم مبشراً الراقدين فيها بأن النور قادم على عجل، قائلاً للشعب السالك في الظلمة: (مت 3: 2) “تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ”. ٦- النبيين الملكين داوود (الكهل) وسليمان (الشاب)
إلى يمين يوحنا يعترفان بالسيد، داوود تنبأ عن الرب والآن يشاهده وسليمان باني الهيكل القديم يرى الهيكل الحقيقي أمامه، فيما الهيكل القديم سيدمر (لو 13: 35):” هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا… ” فبوجود الأصيل ما من داعي لبقاء البديل. ٧- هابيل
إلى يسار السيد، اتى لاستقباله حاملاً عصا الرعاية، هو أول الشهداء، قتل غدرا بسبب الحسد والغيرة وبسبب صلاحه وطيبته، هو صورة مسبقة عن الرب الذي قتل أيضاً بسبب الغيرة من صلاحه. ٨- موسى النبي
إلى يسار هابيل، يرمز إلى العبور من مصر العبودية إلى أرض الميعاد، يمثل الفصح القديم الذي هو صورة مسبقة أيضاً عن الفصح الحقيقي يسوع المسيح، أتى ليرى الفصح العظيم والنهائي، أتى ليرى العبور من الظلمة إلى النور. ٩- إيليا النبي
إلى يسار موسى النبي، أتى ليشهد للرب، هو الذي أخذ في العربة النارية دون موت، هو سيسبق الرب مجدداً إلى الأرض قبل المجيء الثاني ليشهد له وليستشهد في سبيله.المسيح قام حقا قام ونحن شهود على ذلك.
ولد خليل الفرا في حي القنوات في مدينة دمشق عام 1914 والده هو الشيخ الفاضل توفيق الفرا من أفاضل أهل زمانه مشهود له بالخلق والعلم والفضل، وبالرغم من وفاة الأب مبكراً إلا أنه أورث أبناءه الخلق وحب العلم، واستزادوا هم من خلقه الحسن من خلال تواصلهم مع أصدقاءه وسماعهم عن مآثره الحميدة. التي طالما استأنس بها علمنا، ووطن النفس بالسير في ركابها.
دراسته درس الابتدائية مدارس دمشق لينال الشهادة الثانوية من مكتب عنبر بتفوق عام 1931، ليقول هو: بأنه في عصر يوم 18 حزيران عام 1936، في حفل توزيع الشهادات في باحة المدرسة الفرنسية للمهندسين في بيروت تناوب مع خريجي المعهد على المنصة لأداء القسم المعتاد “أقسم بالله العظيم أن أزاول مهنتي بصدق وأمانة”.
حياته العملية
بدأ حياته العلمية من مدينة بيروت ،شركة أنطون ثابت الهندسية، ليتوجه بعدها للعمل في الشركة الفرنسية الخطوط الحديدية، وبتوجيه من أخيه الأكبر جمال الفرا غادر بيروت 1938 إلى مسقط رأسه دمشق، ومن محافظة دمشق استعد ليبدأ رحلة عمل جديدة ،من دائرة الأشغال، وبرفقة كل من المهندسين كاظم لجزا، وأديب الحلواني، بدأ مشواره بالأشراف على أشغال التعهدات التي شملت الأبنية والأرصفة والطرقات وأسقية والمجاري، وعليه احتضنت شوارع دمشق أبناءها المهندسين، وكان منهم خليل الفرا الذي أخذ يعمل بجد برفقة المهندسين فيليب أسود وإبراهيم الكاتب…
خدمته لدمشق عاصر المهندس خليل الفرا بداية تنظيم مدينة دمشق بين عامي 1936-1960. من أهم ماأسهم في تنفذه فيها في الأربعينيات فتح شارع أبو رمانة وخالد بن الوليد وشارع المجتهد وامتداد طريق بيروت إلى مشفى المواساة حيث اخترقت هذه الشوارع البساتين الكثيفة التي كانت تحيط بالمدينة. ليفيد هو بدوره وكان العمل شاقا – ترأس العمل المهندس فيليب أسود – ونفذ عبد الرحيم حواصلي نذير شورى واليوناني مستكاذ والروسي دافيديك، ليقول اختلف عملي في المحافظة على عملي السابق ،فتوسعت معارفي بفضل ماحباني به المهندسين جزار وحلواني من الارشاد و التوجيه. وبالرغم من وجودي في دمشق إلا أن صلتي لم تنقطع مع المهندس أنطون ثابت في لبنان – وكان لنا أعمال مشتركة في دمشق منها – بناء سينما دمشق وفندق قطان والفندق الأموي حالياً – لينتقل إلى القول كان العمل شاقاً خلال الحرب العالمية الثانية لنقص المواد الأولية وصعوبة تأمينها – لتزايد الطلب عليها لسد حاجة الجيوش الحليفة في المنطقة في إقامة منشآتها الخاصة.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية 1945بدأ عهد جديد من الحرية ولاحت في الأفق بوادر الانفتاح والازدهار وكان للنشاط العمراني حظاً وافراً من الازدهار نتيجة لوجود ثروات طائلة خلفتها ظروف الحرب، وما رافقها من تنظيم مدينة دمشق وما نتج عنه من توسع.
العمل الخاص
في العام 1947 توجه خليل الفرا إلى العمل الخاص وبدأ مشواره العملي الفعلي في دمشق – فكان هو المصمم والإنشائي المشرف أحس بحب الوطن وأحس بمتعة العمل، كان متواضعاً أميناً أعتمد الأمانة في التنفيذ العملي لمشاريعه وعليه بدأ مسيرته ببضعة مشاريع خاصة نفذها في دمشق وفيما بعد رُشح للإشراف لتنفيذ بناء شركة التبريد السورية في سوق الهال، ونظراً لتفانيه في العمل أوكلت إليه الشركة لاحقاً مهمة تنفيذ مشاريع عدة؛ منها مستودعات ومشاتل تخص الشركة في منطقة البرامكة. وهكذا توسع مجال العمل ليشمل إلى جانب الأبنية الخاصة أبنية تجارية وصناعية إلا أن الطموح كان كبيراً ليدخل مجال تنفيذ دراسات تدفئة منها التدفئة المركزية لكل من قصر العدل وسرايا الحكومة بالتعاون مع المهندس سليمان أبو شعر. في العام 1951، قدم المهندس خليل لمشروع بناء نادي الشرق(الخاص بالمغفور لهما حبوباتي وشماس) في أرقى أحياء دمشق. ونفذ المشروع بفترة زمنية غير مسبوقة وما يزال نادي الشرق في قلب المدينة معلماً من معالمها ومركزاً مرموقاً للنشاطات الاجتماعية والرسمية والخاصة. ودائما يتفوق الطموح والعلم ليظهرا في تعاقد خليل الفرا على دراسة مشروع بناء مبنى البريد في دمشق بالأشتراك مع مكتب المهندس أنطون ثابت في بيروت. وهنا لابد من ذكر السيد توفيق الحياني رجل الإدارة محافظ دمشق الذي أعجب بالتصميم الأولي ليوافق عليه فيما بعد- نور الدين كحالة الأمين العام لوزارة الأشغال- وتبعاً لإمكانيات الموازنة أقر السيد فؤاد الحلبي خلف السيد الحياني في مديرية البريد تنفيذ المشروع. ومما يجدر بنا قوله أن وزارة الأشغال العامة ضمت خيرة المهندسين إلا أن النهضة المعمارية التي شهدتها دمشق كانت فوق طاقة الكوادر الموجودة فيها لذا استعانت الوزارة بالمكاتب الهندسية الخاصة. في تلك الفترة نفذت الوزارة – بناء البرلمان- بناء وزارة الصحة –بناء الدوائر العقارية، فندق بلودان الكبير، وفي حلب بناء السرايا الحكومية وبناء المكتبة وفي حمص بناء السرايا. كان التنفيذ متقناً والتصميم بديعاً تميز بطابعه العربي المميز. ليقول: أدى اشتراك المكاتب الخاصة في مشاريع القطاع العام إلى توسع هذه المكاتب وتقدم سويتها – من أهم مشاريع تلك الفترة مبنى القصر العدلي، مبنى إدارة مصلحة عين الفيجة من أعمال المهندس عبد الرزاق ملص مبنى بناء المواساة المهندس منيب الدردري ونتيجة لتتنظيم وتخطيط مدينة دمشق الجديد ، ظهرت أحياء جديدة كحي أبو رمانة وعين الكرش والقصاع. وتستمر رحلة العطاء والبناء- في أواخر 1950 – تولى المهندس خليل الفرا الأعمال الإنشائية الجديدة وصيانة القديمة لجامعة دمشق بموافقة الدكتور قسطنطين زريق رئيس جامعة دمشق، وتم تصديق العقد المنظم بموافقة موقعة من رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي واستمرت أعمال انشاءات الجامعة السورية إلى الثمانينيات تولى رئاسة الجامعة في تلك الفترة كلاً من الدكتور قسطنطين زريق- سامي الميداني -شوكت القنواني – حكمت هاشم- أحمد السمان- عمر باشا- شاكر الفحام- عبد الرزاق قدورة – محمد الفاضل –مصطفى حداد – مدني الخيمي- زياد شويكي. كانت فترة الثلاثين عاماً تلك فترة مثمرة، ومنتجة بدأً من مشروع مدرسة التمريض والقبالة بجوار دار التوليد القديمة – تبرعت بإنشائهما السيدة كرجية حداد تخليداً لذكرى زوجها المتوفى أسعد الحداد، الحمصي الأصل المهاجر إلى البرازيل-. وقد تم تدشين البناء عام 1953 بحضور رئيس مجلس الوزراء سعيد الغزي- تلا ذلك بناء مكتبة الجامعة جنوب باحة الثكنة الحميدية – يقابلها من الجهة الشمالية نادي الطلاب- وأبنية العيادات الخارجية –التصوير الشعاعي.
دوره في بناء كليات جامعة دمشق
بعد قيام الوحدة عام 1958 بدأ العمل بدعم من الدكتور حكمت هاشم في إنشاء قسم الكيمياء في كلية العلوم –وبناء الوحدة السكنية الأولى للطلاب في المدينة الجامعية ووضع حجر الأساس بحضور الرئيس جمال عبد الناصر شباط 1961، وتتابع العمل بإنشاء كلية الهندسة القسم المدني وبعد عام 1970 قام المهندس خليل الفرا بدراسة المخططات وتنفيذها لكل من مباني كلية الآداب، كلية الزراعة بكافة أقسامها والتي تم افتتاحها بحضور الرئيس الراحل حافظ الأسد عام 1974وليتابع نهضة دمشق العمرانية بإنشاء كل من مباني كلية الهندسة، قسم الفيزياء في كلية العلوم ، دار التوليد وأمراض النساء بناء الإسعاف والعيادات في مشفى المواساة بناء الطب النووي وبناء مشفى الأطفال الذي دشنه الراحل حافظ الأسد عام 1978- وعدة أبنية سكنية للطلاب والطالبات في المدينة الجامعية. رشح المهندس خليل الفرا لعضوية مجلس الأوقاف عام 1951 بدعوى من عبد الرحمن الطباع مدير أوقاف دمشق أصبح خليل الفرا عضواً برفقة بدر الدين الشلاح والشيخ أحمد الدقر والمحامي أحمد العظم والسيد زكي قطان برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ أبو اليسر عابدين تعاون الجميع على النهوض بهذه المؤسسة المهمة ذات الأهداف النبيلة وبأعضاء ورئاسة المرحوم الطباع توسعت الخدمات الخيرية لمديرية الأوقاف. ويورد الأستاذ خليل القول وكان لزاماً علي المساهمة في مجالي فأقر تنفيذ إنشاءات على ثلاثة مواقع تملكها الأوقاف منها ثلاثة أبنية تجارية في السنجقدار ومشروع بناء جامع تكنز ومشروع بناء تجاري تشغل طوابقه العليا حالياً وزارة الزراعة –أعلى شارع الحجاز- تمتع المهندس خليل الفرا بروح المشاركة فتراه دائماً يذكر أصدقائه بالخير وفي مقامنا هذا يذكر صديقه المهندس مكين المؤيد وما كان يتمتع به من خُلق واستقامة وتواضع. ويأسف خليل الفرا على تعثر مشروع جامع يلبغا في ساحة المرجة رغم انقضاء خمسين عاماً على مباشرة خطواته الأولى. خليل الفرا في المجلس البلدي
كذلك رُشح ليكون عضو المجلس البلدي لمددينة دمشق برئاسة صبحي كحالة رئيس الدائرة الفنية حيث تم تنظيم مناطق عمرانية جديدة بين عامي 1948-1953. كذلك شارك المهندس خليل الفرا عام 1951 كعضو في مجلس إدارة المشروع الخاص باستصلاح الأراضي المجاورة لنهر العاصي وهو مشروع الغاب. وعليه التزم بعضوية المجلس وأولاها غهتماماً لكونها واجباً وطنياً ولم يتردد في أداء هذا الواجب بالرغم من مما أعتلاه من صعوبات. وعليه استمر عمله حتى عام 1954 وهي فترة تعد مهمة بالنسبة لكونها فترة تأسيسية في طريق تأسيس المشروع حيث تم خلالها تنظيم وتشكيل الأجهزة الإدارية والفنية والمالية مع وضع تصور للخطوط العامة للمشروع، ونظراً لضغوط العمل قدم المترجم له طلب إعفاء وأعفي من العمل في المشروع . مشروع المصرف المركزي
عقب تشكيل مؤسسة خاصة بإصدار النقد عام 1952 بدأ التفكير ببناء لمصرف، وتم شراء أرض تستوعب مختلف المؤسسات المالية التابعة للدولة وهو الموقع الحالي الذيي يضم مبنى وزارة المالية ومبنى المصرف الزراعي المشغول من قبل رئاسة مجلس الوزراء، ولقد أولى الدكتور عزت الطرابلسي حاكم المصرف المركزي المشروع أهمية ،بحيث تقرر تكليف ثلاثة مكاتب عالمية مختصة بتقديم دراسة معمارية أولية للمشروع واختير لإبداء المشورة مهندس معماري سبق له تصميم مصرف بلجيكا الوطني وهنا كلف المهندس خليل الفرا بمرافقة الأخير حيث اعتمد المشروع المقدم من الفرنسي آندريه لوكنت ، المسؤول عن أبنية المصارف الفرنسية وبعد تشاور المهندسان الفرنسي والبلجيكي ، عرض على المهندس الفرا التعاون وكيف له إلا الموافقة على إنشاء هذا الصرح الوطني، وتم إبرام العقد 1954 ليبدأ التنفيذ 1956 حيث وضع حجر الأساس شكري القوتلي واستغرق العمل ثلاثة سنوات وتم التنفيذ بنجاح، وكان لتعاون الإدارة برئاسة عزت طرابلسي وعوض بركات، مع المتعهدين خالد أيوب وسركيس ازديان أثر كبير في نجاح المشروع ونظراً لنجاح المشروع كلف المهندس الفرا ببناء فروع المصرف في حماة ،وآخر في الحسكة واللاذقية وحلب وحمص. كذلك أتفق معه على إجراء توسعة لبناء المصرف في دمشق. ودائماً يقر المترجم له بالعرفان لكل موجه له، ليقول تعاونه مع المهندس لوكنت أكسبه مزيداً من الخبرة التي وظفها فيما بعد عند إنشائه لمشاريع مماثلة – كبناء المصرف التجاري السوري 1964 في دمشق- وفي الحسكة بما في ذلك تأهيل كل ماهو قديم بالإضافة إلى إنشاء الفرع الرئيسي في ساحة يوسف العظمة والذي أنجز عام 1980 تلاه فرع حمص 2006.
لم يغفل المهندس الفرا عن المشاركة في بناء المساجد وعلى ذلك سعى للمشاركة في بناء ثلاثة مساجد هي: العثمان (الكويتي) وجامع بدر والثالث في منطقة حالياً في الزبداني بمشاركة مالية من السيدين بدر الدين وشفيق الشلاح. حيث شارك عام 1960 السيد محمد عبدالله العثمان ببناء كتلة معمارية (مسجد ومستوصف) على مساحة 9500م توقف العمل بالمشروع لوفاة الممول ليتابع العمل على إتمامه عام 1970 ليفتح للمصلين عام 1972 بمشاركة كل من المهندسين محمد الفرا والسيد أديب البغدادي- واستكمالاً لما ورد وصية المرحوم الطحان بدأ بإنشاء المستوصف والبناء الخيري وتم إنشاؤهما على أتم وجه. وأخيراً لابد لنا من الإشارة إلى دور خليل الفرا في المساهمة والمشاركة في تأسيس جمعية للمهندسين السوريين، عام 1943 برئاسة المهندس نور الدين كحالة، والمهندس فيليب أسود، وفي تنظيم المؤتمر الهندسي العربي في دمشق عام 1947، حيث اعتمد قانون تنظيم المهن عام 1950 وبناءاً عليه انتخب المهندس مختار دياب نقيباً، ليزداد عدد المنتسبين من 120 إلى 1035ألف مهندس عام 2011. ويمكن القول لابد لكل باحث في تاريخ مدينة دمشق من التوقف عند الأستاذ خليل الفرا للإحاطة بالتطور العماراني والثقافي والاجتماعي. تزوج م. خليل من السيدة قمر أغريبوز وأنجبا أولادا وما يزالان على قيد الحياة ويسكنان في منزلهما في حي المالكي في مدينة دمشق .