طلبت فتاة من الكاهن أن يحضر الى منزلهم ليصلي لأبيها المريض. وعندما وصل الكاهن وجد الرجل ممداً على السرير وبجانب السرير كرسي فارغ اعتقد الكاهن ان هذا الكرسي له، وأن الرجل العجوز بانتظاره ومتوقع زيارته، فقال له:” أعتقد أنك تنتظرني ” فأجابه الرجل:” لا ابداً، ومن أنت؟”
فعرفه الكاهن عن نفسه وقال له:”رأيت الكرسي قربك فاعتقدته لي”.
فقال الرجل:” آه الكرسي… ممكن أن تغلق الباب وتتفضل”…استغرب الكاهن ولكنه أغلق الباب ، فقال الرجل:” سأقول لك شيئاً لم أقله في حياتي لأحد ولا حتى لإبنتي، في الحقيقة لم أكن أعرف كيف أصلي، كنت أذهب الى الكنيسة وأسمع دائماً كلمة صلاة ولكنني في الحقيقة طول عمري لم اكن اعرف كيف أصلي، حتى قال لي صديق ان:” جوهر الصلاة هي التحدث مع المسيح هكذا كما تتحدث معي، شاركه كل شيء، وها انا اقترح عليك ان تضع كرسياً بجانبك أو أمامك وبإيمانك يمكنك ان ترى السيد المسيح وتتحدث اليه أعلم أن هذا الكلام غريب ولكنه وعد ” سأكون معك دائماً”…جرب ولن تندم، فجربت وارتحت، ومنذ ذلك اليوم وانا اتحدث مع المسيح وانتبه دائماً ألا تراني ابنتي أتحدث مع الكرسي كي لاتنهار أو تعتقد أنني جُننت.”
تأثر الكاهن بالقصة وصلى مع الرجل ووضع له الزيت المقدس وعاد الى الكنيسة.
بعد ليلتين اتصلت الابنة تعلم الكاهن بموت ابيها، فسألها:” هل رحل بسلام؟” قالت:”أجل ناداني وتحدث معي وقبلني” ثم خرجت وعندما عدت من السوق بعد ساعة كان قد مات. ولكن هناك شيء غريب جداً بموته، واضح جداً أن ابي قبل أن يموت كان قد رفع نفسه ووضع رأسه على الكرسي الموجود دائماً قرب سريره هل تعلم اي معنى لهذا.؟”
فقال لها الكاهن:” اتمنى ان نرحل كلنا بهذه الطريقة ونفعل مثله.”
احبتي
ان الصلاة هي هبة مجانية ولكن نعمها كثيرة، ثِقواْ أننا اينما ذهبنا ومهما فعلنا فان الله الضابط الكل يعلم عنا كل شيء.
“أما انا فحاشى لي ان أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح”
(غلاطية 6:14)
لم يسجل في صفحات التاريخ الانساني كله عذاب أبشع وأقسى، ولا إهانة أفظع وأشنع من عقوبة الصلب.وقد كان يُحكم بها عادة على المجرمين والعبيد عند الرومان بعكس الشريعة اليهودية التي كانت تنص على عقوبة رجم المذنبين.
وبما أن المسيح رب المجد الطاهر البريء القدوس، الذي جاء الى العالم الارضي ليحرر البشرية من رق ابليس، ويعتقها من سلطان الخطيئة والموت، كان جزاؤه الصلب ظلماً وعدواناً (على عهد الحاكم الروماني بيلاطس البنطي). فمن تلك الساعة تسلمنا نحن المسيحيين فريضة تكريم الصليب المقدس، إجلالاً وتعظيماً لفادينا المصلوب وورثنا عن آبائنا القديسين أن نبدأ جميع أعمالنا ونختمها برسم إشارة الصليب لأنه يذكرنا برئيس إيماننا يسوع، والآلام المبرحة التي كابدها، وكأس المر التي تجرعها من أجل خلاصنا، فأصبح الصليب، كما يقول ترتليانوس ” العلامة التي تميز المسيحيين من غيرهم”، حتى إذا صدمتنا المشقات، ونزلت بنا الملمات، وتفاقمت علينا الخطوب، وتفرسنا في صورة المصلوب، تقبلنا كل ألم وشدة وتعب وضيق وحزن ومشقة بتؤدة ورحابة صدر، واحتملناها شاكرين بفرح وصبر وظفرنا في النهاية بالمجد والنصر.
ومما يوطد إيماننا ويقوي شعورنا في احترام الصليب أن القديس المعادل للرسل قسطنطين الكبير(1)- قبل اعتناقه الايمان المسيحي- رأى في رابعة النهار، صليباً متلألئاً في كبد السماء، مكتوباً عليه بأحرف من نور “بهذا تغلب”، ثم ظهر له السيد المسيح له المجد في الليل، حاملاً الصليب، وقائلاً له:” اتخذ هذا راية لك في حروبك تنتصر على أعدائك”(2)
قسطنطين وهيلانة وصليب الرب
هكذا فعل قسطنطين الكبيروانتصر على خصمه بعدما رفع شارة الصليب راية لجيشه، وعلى ألبسة وأعتدة جنوده، كما امره السيد له المجد. وأضحى من أتباع يسوع الناصري المصلوب(3) وكتب الى مختلف الأمم يستحثها على الامتثال لله الواحد الأحد، والتمسك بعرى المسيحية التي جعلها ديناً رسمياً لمملكته. وكذلك أمه القديسة هيلانة المعادلة للرسل، والتي أخذت على عاتقها البحث عن صليب رب المجد الفادي، وكان غير المؤمنين من يهود ووثنيين قد أخفوه عن أنظار الناس ليمحوا من ذاكرتهم وأذهانهم ذكرى الصليب والقيامة، وابى الله أن يتم نوره الا باظهار صليب ابنه له المجد، فقامت الملكة هيلانة، مزودة بأوامر ابنها الامبراطور قسطنطين العظيم، محفوفة بسامي رعايته الملكية، وسافرت من عاصمة المسكونة القسطنطينية “رومية الجديدة” الى مدينة الله وموطنه الارضي أورشليم حيث ولد وعاش وصلب رب المجد(4) ودفن في ترابها المقدس ومنها قام من القبر وصعد الى الميامن، ومن هناك عنصر الكنيسة المجتمعة في علية صهيون.
ظلت هيلانة هناك جاهدة باحثة منقبة في سبيل الحصول على الصليب الكريم. فبارك الله في جهودها، وكلل مساعيها بالنجاح. إذ تمكنت في عام 326مسيحية من اكتشاف الموضع الذي طُمِرَ فيه عود الصليب المقدس بالقرب من موقع الصلب الرهيب الجلجلة او الجمجمة. فرفعته وعرضته أمام الجماهيرة الغفيرة المؤمنة التي تقاطرت من كل فج وصوب للتبرك به. وظهرت بواسطته الآيات والمعجزات واقامت الشاب الميت. وعلى أثر ذلك عينت الكنيسة يوم 14 ايلول من كل سنة تذكاراً لرفع الصليب الكريم.
رفع الصليب بعد العثور عليه منقبل هيلانة
وازدهرت المسيحية وتضوع أريجها العطرفي اورشليم وسائر أقطار المسكونة(5) فتمت كلمة الله عن الأم اورشليم(6) “صهيون المقدسة”، “أم الكنائس”، و”مسكن الله”(7) حيث قال تعالى بفم أشعياء النبي:” ها انا ارفع الى الأمم يدي، وللجزائر أنصب رايتي، فيأتون ببنيك في الأحضان، وبناتك على الأكتاف يُحملن، ويكون الملوك لكِ مرّبين والملكات لكِ مرضعات. بالوجوه الى الأرض يسجدون لكِ ويلحسون تراب قدميكِ”(8)
إن أسفار العهدين القديم والجديد قد أفصحت عن قوة صليب المسيح، وأوضحت أنه راية الغلبة والظفر، ومصدر التعزية والبركة ورمز النعمة والاخلاص وتروس الأمان والايمان.
أو لم يحارب العبرانيون عدوهم عماليق المتمرد حتى هزموه شر هزيمة بمجرد رفع موسى يديه وبسطهما يميناً وشمالاً بشكل صليب.(9)
ولما عبروا البحر الأحمر، اما كان ذلك بفضل اشارة الصليب، لأن موسى ضرب البحر بالعصا على خط مستقيم فاجتاز بنو اسرائيل سيراً على الأقدام ثم عاد فضربه عرضاً، فضمه على فرعون ومركباته وجيوشه.(10)
هذا هو الصليب الذي دعاه سمعان الشيخ “علامة تقاوم”(11) وداود المرنم سماه “موطئاً” لقدمي المسيح الطاهرتين (12) لأنه عليه سمرت قدما السيد له المجد.
الأمبراطور هرقل يعيد صليب الرب بعد انتصاره على الفرس وتخليص الصليب منهم مطلع القرن السابع
وبقوة هذا الصليب بارك يعقوب ولدي ابنه يوسف، أفرايم ومنسى، بتصليب يديه على هامتيهما(13) كما أنه بسجوده على طرف عصا ابنه يوسف (14) أشار إلى ان الصليب المجيد يؤيد عز المملكة لأنه فخر انتصار للملوك وسلاح للسلام وخلاص للمؤمنين.
وهناك برهان أقطع على عظم فاعلية الصليب حامل الحياة وقوة تأثيره، وهو
“الحية النحاسية” التي صنعها موسى بأمر الله ورفعها على العود، وكان كل من لُدغ ونظر اليها يحيا (15) وكما رفع موسى الحية في البرية، هكذا ينبغي أن يُرفع ابن الانسان، لكي لايهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية”(16)
وذلك المنظر المبهج للنفوس ألا وهو اصطفاف الشعب الاسرائيلي قديماً، منقسماً إلى أربع رايات حول خباء الشهادة (17) أما كان رسماً بهياً لشكل الصليب الكريم المربع الأطراف؟
وما الذي تدل عليه” السمة” المقدسة (18) ” ختم الله الحي”(19) الذي سيطبع على جباه المؤمنين في مسحة الميرون بعد المعمودية؟ أليس هو رسم الصليب المحي كما أثبت ذلك القديسون أكليمنضوس الاسكندري واوغسطينوس وايرونيموس وغيرهم. لأن السمة الخلاصية (وهي حرف “تاف” العبراني واليوناني) تُرسم كتابتها بشكل صليب.
وسيأتي المسيح الرب في يوم الدين حاملاً علامة الصليب(20)وحينئذ ينظر اليه جميع الذين طعنوه وقبائل الأرض قاطبة فيبكون وينوحون (21) وقد اتخذ آباء الكنيسة من آية سفر الاشتراع القائلة:”ستعاين حياتك معلقة تجاه عينيك” (22) برهاناً على صليب المسيح، وعوقبوا عليها بهذه العبارات: “اليوم يرفع الصليب، فيعتق العالم من الضلالة. اليوم تتجدد قيامة المسيح، فتبتهج أقطار الأرض متهللة”.(23)
رفع الصليب
وهاهو بولس الرسول رسول الجهاد الأمين ورسول الامم، يحث أهل غلاطية على الإذعان للحق وهم “الذين أمام عيونهم قد رسم يسوع المسيح بينهم مصلوبا” (24)، “لأن اليهود يطلبون آية واليونانيين يطلبون حكمة، أما نحن فنكرز بالمسيح مصلوباً”.(25)” انما نرى يسوع مكللاً بالمجد والكرامة… لأجل ألم الموت (الذي ذاقه على خشبة الصليب) من أجل الجميع” (26) لهذا يهتف كل مسيحي حقيقي مردداً قول الاناء المصطفى بولس:” أما انا فحاشى لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح” (27)
اذا الفخر لنا في كنيستنا الارثوذكسية اننا نكرم في هذا اليوم رفع الصليب ونحتفل بعيد رفع الصليب الكريم:
– لأنه بعد أن كان أداة للعار والخزي واللعنة عند الهالكين، أصبح عنوان الشرف والفخار والبركة لدى المسيحيين(28)
– لأن فيه شفاء للناس من أمراض الخطايا (29)
– لأن به تم الصلح بين الله والعالم بواسطة ابن الله، وزالت كل عداوة بينه تعالى وبين الانسان.(30)
– لأن فيه قوة الله.(31)
– لأنه مشكاة العالم ومرشد الناس الى المسيح الحق الذي اقتنصنا به واجتذبنا جميعاً الى شخصه الالهي ورفعنا الى السماوات. (32)
– لأنه انصع دليل على محبة الله للجنس البشري.(33)
– لأنه يشير الى مانلاقيه في حياتنا ونقاسيه من آلام الزمان الحاضر، وفي الوقت نفسه يسمو بعقولنا الى عرش الخلاص والرحمة لكي لاتخور عزائمنا ونفشل. (34)
رفع الصليب بعد العثور عليه
نختم بالقول
ليباركنا الله بيمينه القديرة، وليدم علينا نعمة الفداء التي نلناها بصليبه الكريم، ولنرتل مع الكنيسة نشيدها العذب قائلين:
“الصليب حافظ كل المسكونة، الصليب جمال الكنيسة، الصليب عزة الملوك، الصليب عضد المؤمنين، الصليب مجد الملائكة، وجرح الشياطين” (35)
حواشي البحث
(1) هو أول ملك خُلِّدَ اسمُهُ في تاريخ الكنيسة بمداد الفخر والمجد، ورفعته المسيحية الى أسمى درجات القديسين العظام، وقد أصدر مرسوه الشهي من مدينة ميلانو في ايطاليا السنة 313 مسيحية وهو عبارة عن منشور في الأمبراطورية الرومانية دعي ببراءة ميلان ، أطلق فيه حرية العبادة لجميع الرعايا المسيحيين وابطل حمامات الدم والاضطهادات العنيفة بحقهم، وحدديوم الأحد يوم راحة اسبوعية عامة، وأمر بعقد المجمع المسكوني الاول في نيقية سنة 325 مسيحية وقد رئسه بنفسه، كما أنه كان أول من ألغى عقوبة الصلب في كل انحاء الامبراطورية.
(2) قسطنطين الكبير هو من يحق له حمل لقب “صليبي”…فهو المسيحي الحقيقي او الصليبي الحقيقي، وليس اولئك الفرنج الغزاة الذين اتخذوا شارة الصليب شارة لهم للفتح والاستعمار والقتل لأبناء الكنيسة الشرقية فرضاً لمعتقدهم الغربي…
(3) (مرقس 6:16)
(4) ( كورنثوس الأولى 8:2)
(5) يشهد بهذه الحوادث العظيمة عدة مؤرخين وآباء ومعلمين وكتبة كنسيين منهم القديس كيرلس الاورشليمي والقديس امبروسيوس أسقف ميلان وروفينيوس…
(6) ان داود النبي يسمي صهيون أماً بقوله “الأم صهيون” (مز5:86) حسب الترجمة السبعينية. وآباء المجمع المسكوني الثاني، في رسالتهم الى بابا رومية وأساقفة الغرب، يسمون كنيسة أورشليم “أم الكنائس”.
(7) كتاب المعزي: اللحن الأول، بلسان القديس يوحنا الدمشقي.
(8) (أشعياء49: 23،22)
(9) ( خروج17: 13-11)
(10) (خروج 14: 29-16)
(11) (لوقا 34:4)
(12) (مز 98: 5 و 7:131)
(13) (تك14:48)
(14) ( تك 31:47 حسب الترجمة السبعينية وعبرانيين 21:11)
ايقونات الرب يسوع ووالدته العذراء الطاهرة اكثر من ان تعد لدينا اليوم ايقونة الرب يسوع “ايقونة الضابط الكل” ونسمع عنها والبعض يعرفونها لكن كثر جدا الذين لايعرفون التمييز بين أيقونة وأخرى… تعريف الأيقونة عنوان هذه الأيقونة “الضابط الكل” كما هو مكتوب أعلاه في اللغة اليونانيّة παντοκράτωρ هذه التسمية “الضابط الكل” أي القادر على كلّ شيء، نجدها في العهد الجديد عشر مرّات. مرّة في الرسالة الثانية إلى أهل كورنثوس، وتسع مرّات في سفر الرؤيا. “وَأَكُونَ لَكُمْ أَباً، وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي بَنِينَ وَبَنَاتٍ، يَقُولُ الرَّبُّ، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ” (٢ كور٦: ١٨) ومن إحدى الآيات في سفر الرؤيّا: “أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، يَقُولُ الرَّبُّ الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ” (رؤ ١: ٨)
ايقونة الرب يسوع” الضابط الكل”
شرح كلمة الضابط الكل إنّها عبارة سلطة وقدرة وجبروت، فيها كلّ الاعتراف بقوّته وسلطانه وسموّه. لا شيء يعصى عليه، وبسماحٍ منه يجري كلّ شيء، يستطيع التدخّل ساعة يشاء حين يرى ذلك مناسباً… لا أحد أعلى منه وهو يتربّع على كرسي المجد المطلق. ملوكيّته أبديّة، كانت وكائنة وتكون. من هنا نجدها مكرّرة بقوّة في سِفر الرؤيا، إذ هو سِفرُ الرجاء والانتصار بالرغم من كلّ الشدائد والصعاب. كلمة παντοκράτωρ يونانيّة و تتألّف من παντος أيّ كلّ جهّة (كلّ مكان)، كلّ زمان، وذلك بحسب ما تأتي في سياق الجملة المستعملة فيها إذ أنّ παν تعني الكليّة entirely-all. نجد هذه الكلمة مثلاً في الرسالة إلى العبرانيين: “تَابُوتُ ٱلْعَهْدِ مُغَشّىً مِنْ كُلِّ جِهَةٍ. πάντοθεν بِٱلذَّهَبِ” (عب ٩:٤) الكلمة الثانية هي κράτωρ من الفعل κρατεω الذي يعني: يملك القدرة والقوّة والتحكّم، يضبط. نجد هذ الكلمة مثلاً في إنجيل لوقا: “صَنَعَ قُوَّةً κράτος بِذِرَاعِهِ” (لو ١:٥١) الرّبّ يسوع يجلس على عرشه نشاهد الرّبّ يسوع المسيح في هذه الأيقونة يتربّع على عرشه الأبديّ مرفوعاً بالشيروبيم والسيرافيم، كما جاء في المزمور: “ركب على كروب وطار وهفّ على أجنحة الرياح” (مز ١٨:١٠) وهذا المشهد يذكّرنا أيضاً في بعض جوانبه بما قاله أشعياء النبي في الرؤيا التي حدثت معه: “رأيت السيّد جالساً على كرسيٍّ عالٍ ومرتفع، وأذياله تملأ الهيكل. السيرافيم واقفون فوقه لكل واحد ستة أجنحة، باثنين يغطي وجهه وباثنين يغطي رجليه وباثنين يطير”. (أش ٦:١-٣) الإنجيليّون الأربعة تتوزّع في الزاويا الأربع حول الرّبّ يسوع المسيح، رموزٌ أربعة، خَلْفَ رأس كلٍّ منها هالة القداسة، وكلٌّ منها يحمل إنجيلاً، إذ هي تشير إلى الإنجيليّين الأربعة، ومدَّونٌ بجانب كلّ منها اسمُ الإنجيلي، وهي موزّعة كالآتي يمين كتف السيّد: ملاك (ملاك-إنسان) يرمز إلى متّى الإنجيليّ. يسار كتف السيّد: نسر يرمز إلى يوحنّا اللاهوتي الإنجيليّ. يمين قدم السيّد: أسد يرمز إلى مرقس الإنجيليّ. يسار قدم السيّد: ثور يرمز إلى لوقا الإنجيليّ مصادر هذه الرموز سِفران في الكتاب المقدّس الأوّل عند حزقيال النبيّ في الإصحاح الأوّل الثاني في سفر الرؤيا (رؤ ٤:٦-٧) كذلك طبّق القدّيس إيريناوس أسقف ليون (١١٥-٢٠٢م) هذه الرموز على كلّ من الإنجيليّين الأربعة بحسب خصائص كلّ إنجيل منهم فقال
ايقونة الرب يسوع ” الضابط الكل”
يُرمز لمتّى الإنجيلي بالإنسان الذي يجتهد في إعلان نسب العذراء مريم التي أخذ منها الرّبّ يسوع المسيح جسداً، كما أنّ يسوع يظهر في إنجيله صديقاً للإنسان المحتاج إلى الخلاص. يُرمز ليوحنا الإنجيليّ اللاهوتيّ بالنسر لأنّه حلّق في سماء اللّاهوت، وكتب عن ألوهيّة كلمة الله بإسهاب وعمق كبيرين. يُرمز لمرقس الإنجيلي بالأسد لأنّه يبدأ إنجيلَه بصراخ القدّيس يوحنا المعمدان في وسط بريّةِ هذا العالم: “صوتُ صارخٍ في البريّة: أعدّوا طريق الرّبّ، اصنعوا سبله مستقيمة” (مر ١:٣) يُرمز للوقا الإنجيلي بالعجل، حيث أنه يبدأ إنجيله بزكريا الذي يقدّم ذبيحةً عن الشعب رمزاً لكهنوت المسيح وفدائه. الكواكب والنجوم نشاهد تحت أقدام المسيح الكرةَ الأرضيّة والشمس والقمر والنجوم دلالةً على أنّه خالق الكون بأسره وضابطه، وهو بدوره يشهد له. ألا يقول المزمور: “السموات تحدّث بمجد الله. والفلك يخبّر بعمل يديه. يوم إلى يوم يذيع كلاماً وليل إلى ليل يبدي عِلماً” (مز ١٩:١) الرّب يبارك بيده اليمنى يبارك. هذا الشكل من البركة، أي حركة الأصابع، يرمز إلى الأحرف الأولى والأخيرة لكل من كلمتي يسوع المسيح باليونانيّة: ICXC IC من Ἰησοῦς و XC من Xριστός قديماً كان شكل حرف السيغما S هوC كثيراً ما نشاهد في الكنيسة هذه الأحرف ICXC على ستائر الباب الملوكي أو على ظهر الفلّونيّة (القطعة العُلويّة من ثياب الكاهن) أو على الأواني الكنسيّة، وهي مكتوبة في القسم العُلوي من صليب، ويترافق معها في القسم السفلي من الصليب أحرف، NIKA التي تعني الانتصار في اليونانيّة Νικά من الفعل Νικάω إذ الرّبّ هو المنتصر على الموت والشيطان Ο νικητής. وقد قال لنا ”ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ” (يو 16: 33)، إنّه الفعل نفسه المستعمل في هذه الآية. νενίκηκα هذه الأحرف نجدها في أعلى الأيقونة، وهي دائماً موجودة بجانب الرّبّ يسوع المسيح، تعرّف عنه وتشير إليه. هذا أمرٌ واجب في كتابة الأيقونات إذ لا أيقونات دون عناوين تشير إلى اسمها واسم الأشخاص الموجودون فيها. الهالة خلف رأس الرّبّ
ايقونة الرب يسوع ” الضابط الكل”
نشاهد دائماً في أيقونات الرّبّ يسوع المسيح هالة خلف رأسه داخلها صليب وثلاثة أحرف يونانيّة. الهالة تشير إلى القداسة… أما الصليب فيشير إلى ان يسوع قد صلب الأحرف الثلاثة هي أحرف يونانيّة تعني الكائن، وهو التعريف الذي أطلقه الله على نفسه عندما ظهر لموسى النبي في العلّيقة: “وأمّا موسى فكان يرعى غنم يثرون حميه كاهن مديان. فساق الغنم الى وراء البرية وجاء الى جبل الله حوريب. وظهر له ملاك الرّب بلهيب نارٍ من وسط علّيقة. فنظر وإذ العليّقة تتوقّد بالنار والعلّيقة لم تكن تحترق. فقال موسى أميل الآن لأنظر هذا المنظر العظيم. لماذا لا تحترق العلّيقة. فلما رأى الرّبّ أنّه مال لينظر ناداه الله من وسط العلّيقة وقال: موسى، موسى. فقال: هأنذا. فقال: لا تقترب إلى ههنا. اخلع حذاءك من رجليك. لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرضٌ مقدّسة. ثم قال: أنا إله ابيك إله ابراهيم وإله اسحق وإله يعقوب. فغطّى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الله” (خر ٣:١-٦) لهذه الحادثة أهمّية كبيرة من الناحية العقائديّة، فهي تروي محاورة تكشف لنا أمرين أساسيّين 1-الله هو المتكلّم مع النبيّ موسى 2- اسم الله ومعناه الحقيقي والفعلي صحيح أن النص بدأ هكذا: “ظهر له ملاك الرّب”، إلّا أنه يعود ويوضّح بشكل قاطع فيقول: “فلمّا رأى الرّبّ أنّه مال لينظر، ناداه الله من وسط العليقة… فغطّى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الله.” هذا أمرٌ شائع في بعض النصوص الكتابيّة في العهد القديم، والمقصود هنا بعبارة “ملاك الرّب” الله نفسه. هذا من عادة الله، فهو يقوم دائماً بالخطوة الأولى ويعلن عن ذاته ويدعو الناس بأسمائهم. وقد قصد الله في هذا المحاورة أن يؤكّد لموسى النبي أنّه إلهٌ شخصيٌّ: “إله أبيك وإله أبائكم وإله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب…”. فهو الآب السماوي الذي لا ينسى أبناءه ولا يتخلّى عن وعده الخلاصي الذي بدأه مع حوّاء عندما قال لها إنّ من نسلها سيأتي من يسحق رأس الشيطان (تك ٣: ١٥)، وأكمله مع البطاركة الثلاثة إبراهيم وإسحق ويعقوب، ومع كلّ الأنبياء من بعدهم ليتحقّق أخيراً في العهد الجديد، فنرى متّى الإنجيلي يعلن تحقيق نبوءة أشعياء النبي عندما تكلّم الملاك مع يوسف خطيب مريم: “وهذا كلّه كان لكي يتم ما قيل من الرّب بالنبي: هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعون اسمه عمانوئيل (الذي تفسيره: الله معنا)”. بالنسبة لموسى، لم يكن هذا الأمر كافياً، بل كان يطلب اسماً حقيقياً على غرار سائر الآلهة الأخرى، فهناك الآلهة بعل ومردوك وآلهة عديدة ومختلفة. فكيف له أن يقول لشعبه أنّ من ظهر له وكلّمه هو إله آبائهم؟ وليس له اسمٌ واضح ودقيق ومحدّد؟! عندئذٍ أجابه الله عن اسمه، فاستعمل فعل الكينونة ليصف نفسه “أهيه الذي أهيه ἐγώ εἰμι ὁ ὤν” و”أهيه ὁ ὢν” أي “أنا أكون الذي أكون” و”الكائن”: يهوه. وهذه الصيغة هي صيغة مستمرّة – الماضي والحاضر والمستقبل – بمعنى “الذي كان فيه الحياة والذي فيه الحياة دائماً”، كما أنّ له صفة المفعِّل أي “الذي يُعطي الحياة” “إنّه هو، كان وكائن ويكون، ليس له نهاية أو بداية.” إذاً جواب الله لموسى هو إعلان للبشريّة جمعاء “إنّه الكائن”، و”كينونته مستمرّة وغير مصنوعة من خالقٍ آخر، فهو كائن بطبيعته الإلهيّة”. الأحرف اليونانيّة داخل الهالة خلف الرّبّ يسوع المسيح الترجمة اليونانيّة للكينونة هي تماماً ما نقرأه داخل الهالة خلف رأس الرّبّ يسوع المسيح: “ὁὤν”. بالمقابل، اسم يسوع أو يشوع في اللغة العبريّة معناه “يهوه يخلّص” أي “الكائن من ذاته الذي يخلّص”، إذ الحرف “ي” هو تلخيص لـ “يهوه” و”شع” هو فعل الخلاص. هذا ما قاله بالتحديد الملاك ليوسف خطيب مريم في العهد الجديد: “فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع لأنّه يخلّص شعبه من خطاياهم” (مت ١:٢١) يُزاد على ذلك ما قاله الرّب عن نفسه، وكان ذلك عثرةً لليهود ولكثيرين: “فقال لهم يسوع أنا من البدء ما أكلّمكم أيضاً به” (يو ٨:٢٥). فلنلاحظ كلمة “البدء ἀρχὴν” ويكمل يسوع في الإصحاح عينه: “متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون إنّي أنا هو Εγώ έιμι” (يو ٨:٢٨) لباس الرّبّ يسوع الرداء الخارجي للرّبّ يسوع المسيح أزرق اللون، تـنعكس عليه بقع ذهبيّة، تحته قميص طويل لونه نبيذيّ وعلى كتفه الأيمن خطوط من ذهب. للألوان هنا معنىً. يرمز اللون الأزرق عادة إلى الخَلق، والنبيذيّ إلى الألوهة، والذهبيّ إلى الملوكيّة والمجد. للرّب يسوع طبيعتين كاملتين إلهيّة وبشريّة، إذ هو الله الذي تجسّد وأصبح إنساناً. فاللون النبيذيّ يشير إلى ألوهيّته والأزرق إلى بشريّته، والذهبي إلى ملوكيّته. الإنجيل بيد الرّب الإنجيل مفتوحٌ للجميع لأن الدعوة هي للمسكونة جمعاء الكتابة فيه باليونانيّة وتعني: “أنا هو نور العالم، مَن يتبعني لا يمشي في الظلام بل يكون له نور الحياة” (يو ٨:١٢) الكتابة في إطار الأيقونة يحيط بالأيقونة هذه آيات من المزمور الثالث والثلاثون كالآتي “من السموات نظر الرّب. رأى جميع بني البشر. من مكان سكناه تطلّع إلى جميع سكّان الأرض. المصوّر قلوبهم جميعاً المنتبه إلى كلّ أعمالهم.” (شروحات ارثوذكسية)
دعا كبير الشياطين (ابليس) أتباعه الشياطين من كافة أنحاء العالم إلى اجتماع. وفي خطابه الافتتاحي قال: “نحن لا نستطيع أن نمنع المسيحيين من الذهاب إلى الكنائس، ولا نقدر أن نمنعهم من قراءة الكتاب المقدس ومعرفة الحقيقة. كما لا يمكننا أن نمنعهم من إقامة علاقة وثيقة مع مخلصهم. وهم بمجرد أن يرتبطوا بيسوع، فإن سلطاننا عليهم يزول. لذلك دعوهم يذهبون إلى الكنائس ويمارسون شعائرهم الدينية، ولكن اسرقوا وقتهم، بحيث لا تبقى لهم فرصة ليقيموا أو يعمقوا أيّة علاقة مع يسوع المسيح.” ثم أضاف: “هذا هو ما أريدكم أن تعملوه: تشتيتهم كي لا يتعلقوا بالمسيح”. سأله الشياطين : “كيف يمكننا عمل ذلك؟”
فرد إبليس قائلاً
– دعوهم ينشغلون فيما هو ليس مهم لحياتهم، ودعوا عقولهم تنشغل بما لا يحصى من الخطط… أغروهم بأن يصرفوا الكثير من المال وأن يستدينوا أكثر منه… اقنعوا الزوج والزوجة أن يعملوا طوال الأسبوع، امنعوهم من أن يقضوا وقتاً مع أطفالهم. فما دامت عائلاتهم تفتّتت، فلن تستطيع الصمود وستنهار تحت ضغط العمل… اشغلوا عقولهم بحيث لا يستمعوا إلى صوت الله الهادئ. استدرجوهم ليستمعوا للراديو وهم يقودون سياراتهم، واعملوا على أن يكون التلفزيون وأجهزة الكمبيوتر تعمل طيلة الوقت في بيوتهم… عرّفوهم على كلّ مكان أو مطعم يذيع موسيقى صاخبة، فذلك يشوّش عقولهم ويكسر ارتباطهم بالمسيح… اسحقوا عقولهم تحت وطأة الأخبار والأحداث طيلة 24 ساعة… اغرقوا بريدهم الالكتروني بحثالة الرسائل والإعلانات واليانصيب، وبكل نوع ممكن من الخطابات والوعود بجوائز، أو الخدمات أو الآمال الوهمية… اظهروا دائما نجمات الإعلان الجميلات النحيفات على أغلفة المجلات أو في التلفزيون، حتى يظّن الأزواج أن هذا هو الجمال الحقيقي، ويصبحوا غير راضين عن زوجاتهم… حافظوا على الزوجات مرهقات، فلا يستطعن إظهار المحبة لأزواجهن، بحيث يبدأ الأزواج في البحث عن الحب خارج الأسرة، واجعلوا الخيانة الزوجية نهجاً وكما الازواج وكذلك الزوجات تخون ازواجهن… اشغلوهم بهدايا بابا نويل في عيد الميلاد، كي ينسوا المعنى الحقيقي لميلاد المسيح أشغلوهم بوليمة عيد القيامة، فلا يفكروا في قوة قيامة المسيح… دعوهم يرجعون من الإجازة منهكين… حافظوا عليهم دائماً مشغولين حتى عن التأمل في الطبيعة من حولهم وعن تسبيح الخالق… أرسلوهم إلى الملاهي والأحداث الرياضية والألعاب والحفلات الموسيقية والأفلام اجعلوهم دائماً مشغولين، مشغولين، مشغولين…
الشياطين صورة تخيلية
وعندما يذهبون لاجتماع روحي، اشغلوهم بالثرثرة. والهواتف الخليوي وصور السيلفي…ومتابعة وسائل التواصل الاجتماعي وهم في الصلوات … وفي الاجتماعات الروحية…
املأوا حياتهم بأعذار جيدة ومقنعة بعدم وجود وقت لديهم لطلب القوة من يسوع مثل أ- تدريس الأولاد ب- تجهيز الطعام ج- المحافظة على البيت مرتباً وأهم شئ ازرعوا في عقول المؤتمنين على الكنيسة حب المال والسلطة والغيرة والأنانية…فيكرههم الشعب ويهاجموهم…لا تدعوا رئاسات الكنائس تتوحد أو يوحدوا عيد الفصح أو الميلاد لأنَّ ذلك يقويهم وبدل أن نشتتهم يشتتونا… زيدوا الشقاق بينهم وكذلك اضيفوا الشروخ، ازرعوا الشقاق والهرطقات بينهم واجعلوهم يقتنصون بالمال والاغراءات المادية من توقعونه بالمصائب من ابناء الكنائس الثانية فيستفحل الشقاق بينهم وتكبر العداوات تستفحل، وبهذا ننتصر لأن ابناء الكنائس ابتعدوا بحب المال والمغريات عن كنيستهم، وتولدت العداوات بين الاخ واخيه في الكنيسة الواحدة والبيت الواحد حتى تصل الى قياداتهم الروحية… بهذا تنجح جميع خططنا ويصبح الكل في قبضتنا بكل سهولة دون أن يشعر…
للتفكير
ايها المؤمنون علينا ان نتنبه، فابليس خصم قوي جداً كل موبقات العالم هي من تدبيره ثمة صراع ازلي بين الله والخير الذي يقودنا به وابليس الذي يجمل لنا كل الموبقات والافخاخ… اصحوا واسهروا. لأن إبليس خصمكم كأسد زائر، يجول ملتمساً من يبتلعه هو فقاوموه، راسخين في الإيمان، عالمين أن نفس هذه الآلام تجرى على إخوتكم الذين في العالم. وإله كل نعمة الذي دعانا إلى مجده الأبدي في المسيح يسوع، بعدما تألمتم يسيرا، هو يكملكم، ويثبتكم، ويقويكم، ويمكنكم. له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين. آمين. (1بط 5 : 8-11).
كلمة لابد منها المؤسف ان معظم اعلام الوطن مجهولون ولا نعرفهم اذ لم يُسلط الضوء عليهم وهم من الذين رفعوا اسم سورية بسوريتهم وفنهم وابداعهم… لم تدون مناهجنا المدرسية، ولا في التعليم العالي اسم الفنان النحات جاك وردة كون هذا العلم من مدرسي كلية الفنون الجميلة، وربما لم يُطلق اسمه على مدرج فيها كون جهابذة وضع المناهج التربوية والجامعية تجاهلوا اي معلومة عن هؤلاء الاعلام او كتابة اي شيء عنهم، ومنهم هذا الفحل السوري الفنان في النحت جاك وردة الذي ترك اعمالا خالدة واولها نصب ابو فراس الحمداني في الحديقة العامة بحلب لم نسمي شوارع ومدارس وكليات جامعية وحدائق عامة بأسمائهم بينما صار اسمه كالبيرق في باريس كونه من فناني النحت… جهابذة وضع التاريخ في سورية وكتاب التاريخ الذي يزيفونه وفقا لأهوائهم وميولهم ومعتقداتهم يتناسون اعلام سورية، وخاصة الذين يقومون بوضع تسميات الحارات والشوارع والمدارس والثكنات العسكرية…
يبحثون عن العربان المتخلفين الذين احرقت رمال الصحراء عظامهم منذ اكثر من 14 قرنا خلت فينبشونهم ويجعلون منهم ابطالا ويفرضون على الاجيال الفتية حفظها، مدعين انهم من اعلام وابطال الأمة وهم لولا هذا التزييف لما كان لهم وجود… نكذب في وضع التاريخ ونزيف في ذكراهم ونطلق عليهم اوصافا والقاباً اهمها البطل فلان… والمحرر فلان و…
اسماء لم تنزل في ميزان ولا قبان ويسمون الامكنة العامة بأسمائهم وندرس اولادنا ذكراهم وكثيرون منهم يندى الجبين خجلاً من ماضيهم ومافعلوه اساساً من همجية في الشعوب واهمهم الشعب السوري، وفي رقابهم دماء عشرات الالوف من الابرياء وعشرات الوف السبايا والغلمان… الذين انتُزعوا من احضان ذويهم وخصصوا غنائم للمتعة، ومنهم للبيع بأسواق النخاسة، وكتبنا التاريخية تغص بهم وتحفل جدران شوارعنا بأسمائهم…
نصب ابي فراس الحمداني في حديقة حلب للنحات جاك وردة
الملفت ان هؤلاء يكذبون في التأريخ وفي فرض هؤلاء على الذاكرة السورية في ساطعة الشمس ويستبعدون اعلاما كعلمنا هذا لمجرد انه لم يرق لهم ربما لا اسمه ولا منبته ولا ميوله ولا…ا كما يتناسون عظماء الامة وابطالها في القرن 20 لعل ابرزهم البطريرك غريغوريوس الرابع بطل التحرير عن الاتراك وقائد الصف المسيحي في بلاد الشام مع الشريف حسين بن علي امير مكة وملك العرب، وهوبطريرك الرحمة واطعام الجياع خلال مجاعة السفر برلك 1914-1918 وبكل اسف بالرغم من مناداتنا وسعينا بقلمنا وبكل طريقة ممكنة لتكريمه وامثاله ولكن بكل اسف لا دور له في تكريم الوطن وهو اول من رفع شعار “الدين لله والوطن للجميع… الدين لله وسورية للجميع”…
الكل قرأ سيرته بعدما نشرناها في موقعنا والكل سرقها منا وانتحلها لنفسه ومع ذلك لابأس وقد نُشرت…! والكل يتغنى ببيعه صليبه الماسي لاطعام الجياع… هذا نتناساه ونتناسى البطريرك الياس الرابع بطريرك العرب المسمى من مؤتمر لاهور الاسلامي!!! وصرخة القدس التي اطلقها… والمطران هيلاريون كبوجي … والسبحة تطول…
كما تناسوهم تناسوا المبدع جاك وردة وامثاله!!! جاك وردة الذي لم يحتضنه الوطن فتاه في التيه العالمي حتى نسينا تاريخ وفاته بكل اسف!!!
احدى منحوتات النحات جاك وردة
شكرا لمن يسلط الضوء على هؤلاء الافذاذ وخاصة صفحة “يوم كانت سوريا” التي استقيت منها سيرته، واقول لكم كانت سورية وتبقى وستبقى اسمها سورية الشمس كما منذ عشرة آلاف سنة، وقد صدرت الابجدية للعالم واقامت قرطاج وغيرها في الشمال الافريقي ومدن اسبانيا الجنوبية ووصلت الى مصب الامازون قبل الف سنة من كريستوف كولومبوس بفضل اولادها هؤلاء ومنهم في كل العصور…
لجنة تطوير المنهاج التربوي والتعليمي العالي ومعكم كل الكادر الوزاري رجاء، كونوا على مقدار المسؤولية التاريخية الملقاة على كواهلكم عن الاجيال الفتية وتعليمها من هي سورية ومن هم اعلامهاا جاك وردة
جاك وردة هو نجم سوري من حلب ولد في مدينة ماردين عام في 1913 التي تقع في جنوب شرق آسيا الصغرى كانت تابعة لحلب زمن الاحتلال العثماني وهي محتلة اليوم من الاتراك، وتلقى علومه الأولية في المدرسة التابعة لكنيسة البلدة…
دراسته ومع مطلع سنة 1930 توجه إلى باريس لدراسة النحت إلا أن ظروفه المادية السيئة حالت دون إتمامه الدراسة، فعاد إلى سورية عام 1932 أي بعد سنتين فقط ليعمل مدرساً للفنِّ في أكثر من موقع، مع ممارسته إنتاج أعمال نحتية خلال أوقات فراغه. في سنة 1950 شارك في أوَّل معرض للفنانين السوريين الذي أقامته “وزارة المعارف” و”مديرية الآثار والمتاحف في متحف دمشق و حصد فيه اكثر من جائزة.
مدرسا في جامعة دمشق عند تأسيس كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق، تم تعيينه مدرساً فيها …وفي تلك الفترة أقام أوَّل معرض فردي لأعماله النحتية في صالة المركز الثقافي العربي بدمشق، وضمَّ 12 عملاً نحتياً اهمها منحوتة العذارى الطائشات وزوبعة الربيع…و خلال عمله في جامعة دمشق وفي مطلع الستينيات تعرَّض للكثير من الانتقادات المضادَّة لأعماله وخاصة بسبب اتجاهه الفني الواقعي الصريح …، إضافة إلى تجاهل مكانته كمدرس لمادة النحت في الكلية ومضايقة بعض الفنانين الأكاديميين المصريين القادمين من مصرللتدريس في الجامعة زمن الوحدة مع مصر حيث كان طغيان المصريين في كل شيء على الحياة السورية.
احدى روائع المثال النحات جاك وردة
الهجرة من الوطن وبسبب الانقلابات التي كانت متتالية و شعوره بأنه يخسر موهبته بسبب تردي الاوضاع السياسية، والاجتماعية تبعا لعدم الاستقرار السياسي، انذاك وبكل اسف قرر الهجرة… ومع عام 1964 باع مشغله في دمشق، وحاول نقل منحوتاته إلى ألمانيا والتي تعرَّض أكثرها للتلف أثناء نقلها عن طريق البحر …
وفاته
استقر في المانيا مدة قصيرة، وبعدها انتقل إلى فرنسا/ باريس سنة 1966، حيث استقرَّ فيها محاولاً تطوير تجربته الفنية من جديد، والاستفادة من الخبرات الأجنبية في باريس …وحاول النهوض بواقعيته الفنية اكثر…لكن للاسف توفي بعد مدة فجأة وبصمت وبظروف شبه غامضة …
ومع بالغ الاسف من هذا الجحود فان تحديد تاريخ وفاته غير معروف بدّقة لدينا لكن يُرّجح انه كان في سنة 1966.في العاصمة الفرنسية باريس…!
بعض ابداعاته الشهيرة
له الكثير من اعمال الفسيفساء في العديد من كنائس دمشق، بالإضافة إلى انه صمّم النصب التذكاري لشهداء جبل العرب في السويداء. اما أشهر واجمل ما نحته هذا الفنان فهو تمثال أبو فراس الحمداني عند المدخل الرئيس من الجهة الشرقية لحديقة حلب العامة.
الخاتمة
هي دعوة صريحة من موقعي هنا الى كل مسؤول في الوطن وبالتحديد الى مدينته التي خلد حديقتها العامة بابداع يديه الى محافظة حلب لإقران اسم هذا الفنان مع حديقة حلب العامة ومع اسم تمثال ابي فراس الحمداني الذي ابدعه بازميله…
والى كلية الفنون الجميلة لاحياء ذكراه بتسمية ولو مدرج او قاعة في هذه الكلية، وكذلك وزارة الثقافة/ المديرية العامة للآثار والمتاحف…
بريطانيا سبب بلاء كل الكون واساساً منطقة الشرق الأوسط وبالذات الواقع في مشرقنا كما قي الشرق الاقصى…كون مشرقنا بموقعه الفريد عقدة المواصلات الاهم والزاخر بكل شيء من مواقع سياحية ودينية والنفط والغاز…الخ وقد سبق للصحفي المخضرم المرحوم محمد حسنين هيكل العارف بملامح السياسة والإستراتيجية البريطانية في “الشرق الأوسط” والمشرق العربي منذ الحرب العالمية الاولى واتفاقية سايكس بيكو ومنح اليهود وعد بلفور…
هذه الاستراتيجية تتلخص في أربع نقاط نعيشها الآن وهي 1– تحتفظ بريطانيا بسيطرة فاعلة على الساحل السوري من فلسطين وحتى الإسكندرون إلى جانب السواحل المصرية، لاستكمال سيطرتها على سواحل شرق المتوسط. ويمكن تفهم نفوذ فرنسي في بعض من هذا الشريط، ولكن ضمن إشتراطات وتفاهمات معينة. ومن المهم أن لا يسكن هذه السواحل “لون” إثني-ديني أو عرقي واحد، بل يجب أن يتوزع سكانها على خليط من الأديان والمذاهب: (مسلمون سنة في سيناء، يهود على سواحل فلسطين، مسيحيون في وسط الساحل السوري، طوائف إسلامية علوية في شمال الساحل السوري…) وهكذا سيكون هذا “الموزاييك”، متنافراً فيما بينه، مُهدداً من الداخل –العمق العربي- ومحتاج دائماً لحماية بريطانيا ورعايتها، ومستعد أبداً للإندماج في مشاريعها ومخططاتها. 2- يجب أن تسيطر بريطانيا على جميع الأماكن المقدسة لكل أديان المشرق، سواء بشكل مباشر أوغير مباشرفي الحجاز (مكة والمدينة)، في العراق (النجف وكربلاء)، وفلسطين (القدس كنيسة القيامة والمسجد الأقصى، قبة الصخرة وحائط المبكى، وبيت لحم) بهذه السيطرة، ستدعي الإمبراطورية البريطانية لنقسها ميزة “حامية الأديان” والمقدسات والمؤمنين على اختلاف أديانهم وطوائفهم، كما ستكون صاحبة اليد العليا في “إنتاج” وحماية التدين الذي تريد، والضامن الوحيد لعدم جنوح أي من هذه الأديان والطوائف إلى التطرف “بمعنى إخماد وقمع دعوات المقاومة والتمرد” على نحو يلحق الضرر بمصالح بريطانيا والغرب عموما.ً 3– إقامة خلافة إسلامية في الداخل (المقصود هنا الأراضي العربية الممتدة خلف سواحل المتوسط وصولاً إلى مشارف سواحل الجزيرة العربية على المحيط الهندي) مع ضمان تأييدها المطلق للإمبراطورية، لحسم السيطرة على المنطقة من الخليج العربي وحتى البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة بها: مضيق هرمز، باب المندب، قناة السويس…
وهكذا نفهم سبب قضاء بريطانيا على حلم الشريف حسين بن علي قائد الثورة العربية الكبرى 1916 بالرغم من موافقتها له في البداية ليقود معركة التحرير ضد المستعمر العثماني، وتجلى ذلك بمباحثات الشريف مع السير هنري مكماهون المندوب السامي البريطاني في مصر في مباحثات ماراتونية معروفة ( مباحثات حسين- مكماهون) ولورانس العرب الثعلب البريطاني كان يلعب على الشريف واولاده…
لقد اخمدت بريطانيا فكرة مملكة العرب وملكها الشريف حسين الهاشمي وفق مباحثات حسين مكماهون التي تشتمل على كل المنطقة العربية في آسية وصولاً الى منتصف آسيا الصغرى لأن قيامها يعني توحيد العرب بقيادة الهاشمي الشريف حسين ذي المكانة المحترمة كونه من نسب الرسول وهو المؤهل لاقامة الخلافة في الداخل السوري…لذلك اخمدت بريطانيا خطة مملكة العرب بقيادته لدولة قوية، ونصروا آل سعود الوهابيين و دعموهم في اقامة مملكة ال سعود الوهابية، وإطلاق يدها في مكة والمدينة وعموم شبه الجزيرة العربية ولكنهم محكومون انكليزياً، لأن المخطط البريطاني يهدف منذ ذاك اي من قبل مائة سنة خلت مع تحقيق وعد بلفور واقامة الكيان الصهيوني الدخيل في فلسطين بعدما شقوا سورية الطبيعية مع الفرنسيين بسايكس بيكو الى اربعة كيانات انفصالية ضعيفة تحكها بانتدابها وفرنسا عليها بعروش ورئاسات خلبية لاقوة لها احدها فلسطين لتقوم عليها دولة العدوان الصهيوني لتكون رأس حربة ضد العرب فشردت الشعب الفلسطيني واقامت الدولة اليهودية، واستعمروا العراق، كما سلخوا كيليكيا وارض روم وماردين وسلموها لكمال اتاتورك وقد طبق الاتراك المجرمون خطة الابادة الجماعية بحق سكانها المسيحيين من سوريين ويونان يتبعون للكرسي الانطاكي… وارمن وسريان وآشوريين وكلدان… وكذلك مع العلويين واتبعوا فيها خطة الارض المحروقة من تدمير وذبح وافراغ… واتبعوها بلواء الاسكندرون السليب ومنحوهم الى تركيا الطامعة بحلب وادلب والموصل وكل الشمال السوري الغني بالنفط والغلال والمياه…
المناطق السليبة من المملكة السورية من قبل فرنسا وبريطانيا وسلموها لتركيا وقد اتبع الاتراك فيها المجازر الجماعية بحق المسيحيين
لقد اقام الحلفاء دولة العدوان التركي مهددة العراق وسورية بكل رعايتهم جميعاً للارهاب كما هو حاصل…
أما مملكة آل سعود التي قامت على اساس اسرة عشائرية فرضت اسم كبيرها على المملكة، وتوازع افرادها حكم الاقاليم وبفضل الديار المقدسة اسلامياً التي تحت حوزتها اطلقوا على الملك لقب حامي الحرمين ولكنها رهينة المستعمر البريطاني الذي اوجدها، واليوم للأميركي، وقد تحولت الى رأس حربة ضد العرب وضلعت في مايسمى ثورة الربيع العربي الى تغذية الارهاب في تدمير العراق وليبيا وسورية وشكلت حلفاً اسلامياً في حربها المدمرة على اليمن، وشرائها مؤخراً لجزيرتي تيران وصنافير من مصر…! 4– لا بد من ضمان السيطرة على بلاد ما بين النهرين –العراق- لمحاصرة الإمبراطورية العثمانية في الوقت ذاته، ومنع الإمبراطورية الروسية من بلوغ المياه الدافئة في الخليج العربي والمحيط الهندي. هذه بعض مبادئ الإستراتيجية البريطانية التي حكمت حياة مشرقنا العربي، كما تشكل العامود الفقري لأي إستراتيجية غربية في المنطقة وخاصة الولايات المتحدة وريثة بريطانيا، ويمكن من خلالها تفسير الكثير من السياسات والحروب، وعبرها يمكن الحصول على صورة واضحة عن سبب عدائية الغرب تجاه بلد ما أو زعيم ما في هذا الإقليم… ولكن ما علاقة ذلك بالحرب الدائرة على سورية من جهة، ومعركة إدلب وتموضع واشنطن في قاعدة التنف وشمال-شرق سورية، والغارة الصهيونية الأخيرة من جهة ثانية؟ يقول السيد سمير الفزاع في الحقيقة السورية وهو رأينا ايضاً: بات الحديث عن المخطط الذي إستهدف سورية كياناً ودوراً وهوية أمراً محسوماً، وكلنا يعرف الثمن الذي دفعته وحلفائها لإسقاط هذا المشروع من معركة حلب، التي حولت الزمن المتدفق إلى تاريخ يؤسس لمرحلة تاريخية كبرى في حياة سورية والمنطقة والعالم، وحتى معركة تحرير جنوب وغرب سورية، والتي هيأت المشهد لاستقبال قواعد إشتباك جديدة تجاوزت مرحلة التكوين، وصولاً إلى معركة إدلب، والتي تحمل من الرمزية السياسية-الميدانية ما يوازي مجمل الحرب على سورية أولاً، ويفتح الأفق واسعاً لمواجهة مباشرة محتملة مع واشنطن وحلفائها ثانيا الخميس 6/9/2018، قال المبعوث الأمريكي إلى سورية جيمس جيفري: حان الوقت لـ”مبادرة دبلوماسية” كبيرة بشأن سورية، تشمل الأمم المتحدة والحلفاء…”. وبالأمس يقول أردوغان، إن حلّ مشكلة الإرهاب في إدلب بحاجة للمزيد من الوقت… وهو فعلا يحتاج الى المزيد من الوقت لحزم خياراته واصطفافه بعد إتضاح المشهد في عدة نقاط ليست إدلب ومعركتها أخطر ما فيها: 1- خواتيم المفاوضات الحكومية مع الفصائل الكردية والشكل الذي سينتهي إليه الوضع الكردي سياسيا وامنيا ودستوريا… ويبدو بأن ما جرى في القامشلي سيعجل وضع الخواتيم لهذه المفاوضات من جهة، ويقرب من المواقف السورية-التركية من جهة ثانية. 2- حجم وطبيعة ومدى الاحتلال الأمريكي في شمال شرق الفرات: هل سيتم توسيع القواعد، أي أسلحة ستُنشر هناك، هل ستزود بمنظومات دفاع جوي، وهل ستظهر قواعد جوية أمريكية في المنطقة… فكلما زاد الحضور الأمريكي إزداد تصلب أردوغان ومراوغته وابتزازه لكل الأطراف. 3- إبتزاز روسيا وأمريكا في المجالات العسكرية والاقتصادية لوقت إضافي علها تسعفه في مشاكله الداخلية، السياسية والإقتصادية… وتحسين موقعه الإقليمي والدولي والمالي والاقتصادي المنهار. 4– توفير شبكة أمان إستخباريّة-عسكرية-سياسية تساعده على مواجهة حلفاء الأمس الجماعات الإرهابية- والجمهور الذي أخذه أردوغان إلى موقع مساندة هذه الجماعات، والقوى الإقليمية والدولية التي قد تسعى لتفجير الوضع التركي لخلط الأوراق في الميدان السوري مجدداً… ومن سخرية القدر أن شبكة الأمان هذه لا يستطيع توفيرها إلا من تآمر عليهم أردوغان نفسه، سورية وروسيا وإيران لكن ما تراه، وتتحسب له أمريكا وحلفاؤها وكيان العدو الصهيوني أهم وأخطر: هي وهم مَن عمل على “إذابة” خطوط سايكس-بيكو بين سورية وجيرانها في سياق الهجوم عليها: الحدود مع لبنان وكيان العدو والأردن والعراق وتركيا، وإن حاولوا قدر الإمكان المحافظة على مرتكزات الإستراتيجية للإمبراطورية البريطانية في المنطقة، وتطويرها لصالح مشروع الشرق الأوسط الجديد… ولكن بدلاً من ذلك، أمنّت سورية سواحلها بصمود جيشها وشعبها هناك، ولاحقاً بفتح فصل من التحالف الإستراتيجي مع روسيا بدلاً من اللجوء إلى بريطانيا –أو أمريكا على الأقل- كما منّت نفسها لندن بإستراتيجيتها للمنطقة. ومن ثمّ عملت على ربط ساحلها بالداخل عبر المصالحات تارة، والمعارك البطولية تارة أخرى، وعبر زيارات الرئيس العائلية المتكررة تارة ثالثة… ولهذا تمتلك إدلب المُشرفة على الساحل والمتصلة مع الداخل السوري هذه القيمة الرمزية. واستغلت “إذابة” سايكس-بيكو في استدعاء شركاء لها في حلف المقاومة من لبنان والعراق وفلسطين وإيران… ونسجت بين دمشق الشام وبغداد النهرين تحالفاً طال انتظاره، فثارت ثائرة واشنطن ولندن وتل أبيب وباريس وبرلين وأنقره… وتحركت أيد التخريب في البصرة، وضربت أيد الغدر في الحسكة، وأغارت تل أبيب على مطار دمشق، ومكرت بطائرة الإستطلاع والتنصت الروسية لضرب “مركز تقني” في اللاذقية على السواحل السوريّة لإيصال نفس التحذير لدمشق وموسكو في آن من خرق تلك الإستراتيجية. وزادت واشنطن من حضورها بشمال-شرق سورية، وألقت بثقلها في المنطقة الخضراء لبناء تحالف سياسي مول لها أو فليحترق العراق ولتخرب البصرة… كل ذلك، لمنع إستكمال نصر سيضرب نفوذها وحضورها وأدواتها أو يكاد، ومن أجل فرط عقد تحالف جديد نشأ أو يكاد، ومنع تجذر مشهد مشرقي أشرق أو يكاد، وإعادة الحياة لإتفاقية وإستراتيجية “أسرت” المنطقة لعقود، تفككت أو تكاد… تلك هي جريمة “الأسد” التي لأجلها تموضعت الفرقاطة الفرنسية “أوفيرن” وحلقت طائرة “التورنيدو” البريطانية قبل ساعة في مسرح العمليات لتهيئة أنسب الظروف وتوفير أدق وأحدث المعلومات لإنجاح الغارة الصهيونية على اللاذقية. هي رسالة “ماكرة” من أصحاب سايكس-بيكو عبر صنيعتهم “إسرائيل” في ذكرى حرب تشرين، إلى روسيا في عمق تمركزها، وإلى سوريّة بذكرى إنتصارها… وإن كانت رسالة مِن مَن فقد كل أوراقه أو يكاد، إلا أنها يجب أن لا تمر بدون جواب قاس، ولا أعتقد بأنها ستمر.
كلمة ختامية من ارض الواقع
حماة الديار وعلم ضم شمل البلاد
ان تحرير محافظة ادلب يعني القضاء هلى تنظيم القاعدة في سورية… والقضاء على تنظيم القاعدة وتنظيم داعش الإرهابيين لن يترك لقوات التحالف الأمريكي أي سبب أو مبرر للبقاء على الأراضي السورية… وستكون الولايات المتحدة مضطرة إلى تفكيك قواعدها ومطاراتها شرق نهر الفرات ومغادرة الأراضي السورية بشكل نهائي… ولهذا السبب بدأت الولايات المتحدة ومعها بعض الدول الأوروبية تستعد لضرب مواقع الجيش السوري تحت ذريعة استخدام السلاح الكيميائي في ادلب…
وآخر المستجدات ان حاويات من غاز الكلور و…انتقلت في ادلب بعد مقتل جماعة النونيات البيض بيد قواتنا الباسلة من جبهة النصرة وغيرها الى يد داعش الذي اوجد لذاته موقع قدم قوية في ادلب بين المتقاتلين التكفيريين المرتهنين الى تركيا وقطر والسعودية والكيانين الصهيوني والتركي من وراء القصد… كما أن الإستفزازات والإعتداءات الصهيونية والأمريكية المتكررة ليس لها أي هدف سوى جر الجيش السوري إلى حرب طاحنة تضعفه وتبعده عن تحرير ادلب وريف حلب الغربي ومناطق شرق الفرات.. وهذا الأمر سيحقق أهداف أمريكا ويضمن بقاء القواعد الأمريكية في سورية لفترة طويلة من الزمن بحجة محاربة الإرهاب والقضاء على مصادر الأخطار التي تهدد الأمن القومي الأمريكي وفق الادعاء… وحادثة إسقاط الطائرة الروسية الاستطلاعية قبالة السواحل السورية لم تكن مجرد صدفة… بل كانت تهدف إلى افتعال حرب تخدم هذه الأهداف الأمريكية… وقد تكشف التحقيقات لاحقاً أن الطائرات الإسرائيلية أو البوارج الأطلسية في البحر المتوسط هي التي أسقطت هذه الطائرة،عندها لن يبق جماهيرا وواقعيا امام بوتين ذاك الغزل لنتنياهو ولن يتمكن المؤيدون للكيان الصهيوني في الادارة والجيش الروسيين من البقاء في موقعهم ومايفعلون، وان تعرضت القوات الروسية لعدوان التكفيريين الذين تضمنهم تركيا.
وانسجاماً مع رغبة القيادة السورية بتحرير ادلب والشمال الغربي في سورية من هذه الطغمة الارهابية بكل الوسائل المتاحة من مصالحات او بالعمل العسكري…
عندها يحتل الموت الزؤام والبكاء وصريف الاسنان المشهد لتركيا الضامنة قبل ارهابييها واوربة المرتاعة من تدفق المدنيين اليها ومعهم عشرات الالوف من الارهابيين، ولن تنفع هرولة ديمستورا وكما قال الكثير من منظري السياسة الاميركية :” ان الاسد سيحتل ادلب ولن يستطيع احد فعل شيء”
والأدق ان جيشنا البطل وبمعونة الحلفاء سيحررون ادلب وهي ام المعارك ومنها سينتقل المشهد الى الشرق السوري حيث الكيان شبه الانفصالي الكردي قسد اي داعش الجديدة والرؤوس التي حان قطافها بعد ان اوغلت في التمرد والخيانة واينعت وبعد جريمة الغدر المتكررة في الحسكة بحق الامن العسكري والشعب والعشائر هناك في القامشلي ودير الزور…فوجب قطعها…
التعليم اللاهوتي لأنساب السيد المسيح في بشارتي الإنجيليين متى ولوقا
يقابلنا في تسجيل الأنساب التي وُضعت عن المسيح في الإنجيليين حسب القديس متى وحسب القديس لوقا أوجه شبه كثيرة كما يوجد اختلافات غير قليلة. هذا التشابه والاختلاف يدل على استقلال كل من البشيرين الواحد عن الآخر في ما كتبه، واعتماده على مصادر تختلف عن مصادر الآخر، دون أن يقلل من أهمية ومصداقية واحد عن الآخر.
هذه المشابهات والاختلافات هي
1- يقدم إنجيل متى سلسلة أنساب السيد قبل أحداث الميلاد ليعلن أن كلمة الله المتجسد وإن كان هو نفسه بلا خطيئة، لكن يوجد في نسبه بعض الأشخاص المعروفين بأنهم خطأة، وذلك لأنه جاء ليحمل خطايانا. أما إنجيل لوقا فحينما أراد كاتبه أن يتحدث عن عمل الرب الكرازي بعد العماد قصد أن يعرفنا أولاً بنسبه البشري من آدم (انظر لو4:3، 38:23). وهو إذ يأتي بالتسلسل أيضاً بعد المعمودية يريد أن يعلن لنا عن عطية الله التي من خلالها يرفعنا حتى يردنا إلى حالتنا الأولى “آدم ابن الله”.
فالإنجيلي متى يُعلن المسيا حامل خطايانا والإنجيلي لوقا يُعلن المسيا الذي فيه نتمتع بالبنوة لله.
2- جاء النسب عند القديس متى في ترتيب تنازلي، يبدأ بإبراهيم وينتهي بيوسف رجل مريم التي وُلد منها يسوع. أما عند القديس لوقا، فجاء النسب في ترتيب تصاعدي من يسوع إلى آدم. وهذا يفسر لنا سبب تكرار البشير متى للكلمة “ولد” (إبراهيم ولد اسحق، واسحق ولد يعقوب … الخ). وتكرار البشير لوقا للكلمة “ابن” (ابن شيث ابن آدم).
3- قصد إنجيل متى أن يبشر اليهود، بينما قصد إنجيل لوقا تبشير اليونانيين والعالم أجمع. ولذا بدأ القديس متى بالقول: “كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم” (1:1). لأن الله وعد هذين الاثنين صراحة بالمسيح إذ قال لإبراهيم “ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض” (تك18:22). ولداود “قطعت عهداً مع مختاري، حلفت لداود عبدي، إلى الدهر أثبت نسلك، وأبني إلى دور فدور كرسيك” (مز3:89، 29، 11:132). وهكذا بالإعلان السابق وبميلاد المسيح يكون قد بدأ فعلاً التاريخ المقدس حسب “كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم.” أما القديس لوقا فقد وصل بسلسلة الأنساب إلى آدم الذي هو أب لجميع البشر. كما يجب علينا ألا ننسى أن كون القديس لوقا ينسب المسيح لآدم ابن الله فذلك لكي يشير إلى أن المسيح جاء ليمحو التشوه الذي أصاب الإنسان صورة الله ومن بعده الخليقة كلها وليعود بالصورة إلى أصلها ومثالها الإلهي الذي خلقت عليه. وبالتالي ليس من الغريب أيضاً أن يأتي جدول الأنساب هنا بعد المعمودية. هكذا يرجع “متى” النسب إلى إبراهيم موضحاً أن يسوع على صلة قرابة بجميع اليهود. أما “لوقا” فيعود بالنسب إلى آدم مبيناً أن يسوع على صلة قرابة بكل البشر. وهذا يتفق مع الصورة التي رسمها متى ليسوع كمسيا إسرائيل، والتي رسمها لوقا ليسوع كمخلّص للعالم كله.
4- واضح أن القديسين متى ولوقا لا يتبعان في قائمتيهما خط المواليد الطبيعية بل يستقصيان عن الإختيار الإلهي الذي بدأ بإبراهيم صاحب الوعد والعهد، ثم باسحق وهكذا. ويمكن ملاحظة أن ابن إبراهيم من الجارية، إسماعيل قد نُحى من النسل الموعود (انظر رو8:9) ونفس الأمر نلاحظه في اختيار يعقوب دون عيسو، ويهوذا من بين اخوته الأحد عشر، وداود من بين اخوته السبعة.
5- يذكر النسب عند القديس متى أسماء أربعة نساء بينما لا يذكر النسب عند لوقا أي اسم نسائي. والأسماء الأربعة التي ذكرها البشير متى ليست لنساء عظيمات يفتخر بهن اليهود كسارة ورفقة وراحيل وليئة، إنما ذكر ثامار التي ارتدت ثياب زانية (تك38)، وراحاب الكنعانية الزانية (يش2)، وبتشابع التي يلقبها بـ “التي لأوريا” ليشير إلى ما فعله داود الملك معها (2صم1:11-5)، وذلك ليكشف الإنجيلي أن طبيعتنا التي أخطأت وسقطت ومرضت، هي التي جاء المسيح ليشفيها ويقيمها مرة ثانية. إن مَن جاء من أجل الخطأة يوجد في نسبه الجسدي خاطئات. لقد قال مرة للفريسيين: “لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى. لأنى لم آت لأدعو أبراراً بل خطأة إلى التوبة” (مت12:9-13). أما المرأة الرابعة التي ذكرها القديس متى في جدول الأنساب فهي راعوث (الموآبية أي الغريبة عن شعب اليهود).
6- يضاف إلى هذا أن هذين الشخصين كانا موضع إعجاب اليهود الأول إبراهيم كأب (انظر يو31:8-39) والثاني داود كملك (انظر مر9:11-10).
7- وربما قصد لوقا بإنهاء سلسلة الأنساب بوصف المسيح “كابن لله” إلى تأكيد القول الإلهي الصادر قبل هذا مباشرةً وقت المعمودية “أنت ابني الحبيب بك سررت” (لو22:3)
8- من سفر الخروج (23:6) نعرف أن زمن نحشون هو نفس زمن موسى ولكن في جدول الأنساب لمتى وللوقا لم يرد اسم موسى البتة، وذلك لأنه لم يكن من نسل يهوذا بل من نسل لاوي (انظر سفر العدد ص3). كذلك لم يُذكر اسم يشوع بن نون لكونه من سبط افرايم (انظر عد8:13، 16). وذكر البشيران، سلمون بن نحشون (مت4:1، لو32:3) بطل اقتحام أرض كنعان والذي اتخذ راحاب جاسوسة الشعب في أريحا زوجة له (مت5:1).
9- بعد موت سليمان انقسمت المملكة إلى قسمين، قسم تكوّن من سبطي يهوذا وبنيامين (مملكة يهوذا) تحت حكم رحبعام بن سليمان. وقسم تكوّن من الأسباط العشرة الأخرى التي خرجت من تحت تاج داود وصارت تحت حكم خادم سليمان يربعام بن نباط (مملكة إسرائيل) (انظر 1مل11). ونلاحظ أن النسب من بعد داود قد تفرع إلى فرعين، الأول من سليمان الملك ورحبعام وأبيّا … وهو ما يذكره إنجيل متى، والثاني من ناثان ومتاثا ومينان وهو ما يذكره إنجيل لوقا، ثم التقى الفرعان مرة أخرى في شألتئيل وزربابل (مت12:1، لو27:3)(1) وبعد ذلك افترقا ليلتقيا مرة أخرى في متان (أو متثان) جد يوسف (مت15:1، لو24:3). ولما كان إنجيل متى يخاطب اليهود وقصد أن يبين أن يسوع المسيح هو الملك الموعود به ليملك على بيت يعقوب، لذا فإنه تتبع السلسلة الملوكية، ولذلك نلاحظ أن كلمة ملك تذكر كصفة لازمة لداود (انظر مت6:1). أما لوقا فقد تتبع الأسماء التي كان أصحابها من أفراد الشعب، سائراً بها ابتداء من ناثان ابن داود الذي لم يجلس على العرش.
10- أعقب سبي بابل حكم دولة مادي وفارس (من 536-333ق.م) وبعد حكم مادي وفارس جاء حكم اليونانيين (من 333-203ق.م). ثم حكم المكابيون (من 203-63 ق.م). وبعدهم الرومان (من63 ق.م). ولذا جاءت الآيات في (مت13:1-16، لو24:3-27) فيما يسمى بفترة ما بين العهدين، والأسماء التي سجلها البشيران هنا لم تُذكر في أي سفر من الأسفار.
11- يقول القديس متى: “ويعقوب ولد يوسف رجل مريم التي وُلد منها يسوع الذي يُدعى المسيح” (مت16:1).
يقدم القديس متى الميلاد العذراوي للمسيح، إذ يضع الميلاد من مريم “التي وُلد منها يسوع …”. ففي جدول الأنساب يقول مثلاً ويعقوب ولد يوسف، لكنه لم يقل أن يوسف ولد يسوع، إذ بحسب تداعي الألفاظ في الرواية كان يتحتم أن يقول: “ويوسف ولد يسوع”، ولكن قلب الرواية عن قصد وقال: “مريم التي وُلد منها يسوع.”
ولنلاحظ القول فهي لم تَلِدْ يسوع بل وُلد منها يسوع، فالحبل كان بالروح القدس. ويوسف يذكر عنه أنه أبو يسوع فقط في الاعتبارات الرسمية ولدى عامة الناس. وبسبب نسب يوسف لبيت داود انتقلت وراثة ملك داود إلى ابن العذراء يسوع وُدعيَّ بالتالي “المسيح” بمعنى “مسيح الرب المختار” (انظر إش1:61).
أما قول لوقا: “وهو على ما كان يظن ابن يوسف بن هالي” (3:3)، لا يفيد كما يقول بعض العلماء أن القديس لوقا لم يكن متأكداً من التاريخ الذي يقرره، ولكن في الحقيقة القديس لوقا ينقل ما كان يظنه الناس خطأ عن يسوع أنه بن يوسف (انظر مثلاً يو41:6-42). أما قوله “بن هالي”، ففهمت من جانب بعض العلماء على أن هالي هو والد العذراء القديسة وبذلك يُحسب المسيح أنه ابن لجده هالي والد مريم. ولعل لوقا – كما يرجح هؤلاء العلماء – قد نقل هذا على لسان مريم العذراء شخصياً. بالإضافة إلى أنه يميل عموماً في إنجيله لإبراز دور المرأة، وأن اليهود كانوا يقولون عن مريم أنها ابنة هالي. هذا وإذا صح هذا الرأي تكون عندئذٍ سلسلة نسب يسوع هي سلسلة نسب مريم
12- هناك رأي آخر يشرح قول القديس متى أن يوسف هو ابن يعقوب (16:1) بينما يقول لوقا إنه ابن هالي (23:3)، ولا يمكن أن يكون الاسمان هما لشخص واحد، والحل هو أن أبا يعقوب وهالي المدعو في متى “متان” (15:1) وفي لوقا “متثان” (24:3) وُلد له ابنان هما هالي ويعقوب. ولقد تزوج يعقوب ولم ينجب نسلاً ومات، فتزوج هالي أخوه بامرأته ليقيم نسلاً حسب الشريعة لأخيه (انظر تث5:25-7) وأنجب يوسف، والقديس متى نسبه في إنجيله إلى يعقوب أبيه الشرعي، بينما القديس لوقا نسبه في إنجيله إلى هالي أبيه الطبيعي.
وهناك رأي ثالث يقول، أن القديس متى أثبت جدول نسب يوسف الملوكي فهو يُعطي الخط الرسمي المنحدر من داود مُحققاً مَن هو المستحق بعرش داود. أما لوقا فذكر نسب يوسف الشخصي، أي المنحدرين من داود كفرع للأسرة التي ينتمى إليها يوسف من غير الفرع المالك، فيكون أحدهما قد أثبت سلسلة الوراثة لعهد داود وسليمان، والآخر جدول التسلسل الطبيعي بواسطة ناثان.
13- قال إنجيل متى أن عدد الذين أوردهم في قائمته “من إبراهيم إلى داود أربعة عشر جيلاً، ومن داود إلى سبى بابل أربعة عشر جيلاً، ومن سبى بابل إلى المسيح أربعة عشر جيلاً” (17:1). بينما لو عددنا الأسماء من سبي بابل إلى مجيىء المسيح لوجدناها ثلاثة عشر فقط. وسبب ذلك إما أن متى بعدما ذكر رؤساء عشائر بيت داود الاثني عشر ووصل إلى يوسف، انتقل بعد ذلك إلى السيدة العذراء وبما أنها كانت أصغر من يوسف بكثير في السن لذا عدّها جيلاً، ثم حسب الرب يسوع المسيح وحده جيلاً وبذلك كَمُل العدد أربعة عشر. وإما أن القديس متى حسب السبي البابلي جيلاً والسيد المسيح جيلاً آخر.
14- في إنجيل لوقا نجد سلسلة الأنساب مطولة وتمتد بالتسجيل لتشمل (75) أسماء (من يوسف إلى آدم). بينما في إنجيل متى السلسلة تشمل (40) اسماً فقط (من يوسف لإبراهيم). أي هناك (35) اسماً في سلسلة لوقا زيادة عن سلسلة متى. ولشرح ذلك نقول:
1- إن جدول الأنساب عند لوقا يذكر أسماء مختلفة عن الأسماء في جدول الأنساب عند متى وأكثر منها، وذلك من بعد داود وابنه ناثان إلى يوسف. فعند لوقا (42) اسماً، بينما عند متى (26) اسماً بفارق (16) اسماً. بينما من داود إلى إبراهيم نجد أن التسلسل في إنجيل القديس لوقا يسير موازياً لتسلسل القديس متى [عند لوقا (13) اسم وعند متى (14) اسم بفارق اسم واحد هو زارح]. وباقي الأسماء بعد ذلك عند لوقا من تارح إلى آدم وعددها (20) اسماً لا تذكر بالمرة في إنجيل القديس متى.
2- كان لفظ “وُلد” يستعمل لدى العبرانيين بمعنى واسع، كان يدل على الابن أو الحفيد، كما يقول سفر التكوين مثلاً “هؤلاء بنو ليئة الذين ولدتهم ليعقوب مع دينة ابنته، جميع نفوس بنيه وبناته ثلاث وثلاثون” (15:46). وما كان الثلاثة والثلاثون أبناءً ليعقوب من ليئة فقط بل وأحفاده أيضاً من دينة (انظر تك18:46، 25). وقد استعمل إنجيل متى هذا اللفظ بهذا المعنى فحق له أن يسقط بعض الأسماء كما في (مت8:1) إذ يقول “ويورام ولد عزيا” بينما بمراجعة سفر الملوك الثاني الاصحاحات (8، 11، 14)، وسفر الأيام الثاني الإصحاحات (22، 24، 25) نجد أنه أسقط أسماء ثلاثة ملوك هم أخزيا ويوآش وأمصيا. كما أسقط يهوياقيم فيما بين يوشيا ويكُنيا(2) (انظر مت11:1، أي15:3-16).
3- من زمن راحاب ودخول الشعب أرض كنعان حتى زمن داود الملك يذكر القديس متى ثلاثة أجداد فقط للمسيح (سلمون، وبوعز، ويسى) بينما هذه الفترة تزيد على (480) سنة بحسب (1مل1:6).
والحقيقة أن القديس متى هنا حصر جدول في الأسماء والمعرفة للقارئ اليهودي ليؤكد الاختيار واستبعاد الشخصيات المرفوضة.
4- بحسب القديس متى الجيل يمثل الحقبة الزمنية التي تمضى بين أن يولد ولد وإلى أن يكبر هذا الولد ويتزوج ليلد ولداً له. وهي غير ثابتة، فقد تكون خلفة الرجل مبكرة وقد تأتي متأخرة. بالإضافة أن القديس متى استخدم في كثير من الأسماء الانتقال من الأب إلى الحفيد وليس إلى الابن وهذه تزيد مسافة الجيل كثيراً.
مراجع البحث
1- الكتاب المقدس 2- إنجيل متى، للأنبا أثناسيوس 3- الإنجيل بحسب لوقا، للقمص تادرس يعقوب، الأسكندرية 1985 4- الإنجيل بحسب متى (نص وتفسير) للأنبا غريغوريوس 5- شرح إنجيل متى، للقديس يوحنا ذهبي الفم، الجزء الأول، ترجمة د. عدنان طرابلسى، لبنان 1996 6- خطيب الكنيسة الأعظم، القديس يوحنا ذهبي الفم أ- عظة في نسب المسيح ب- عظة في جدول الأجيال إعداد الأب إلياس كويتر المخلّصي، منشورات الكنيسة البولسية، لبنان 1988 7- دائرة المعارف الكتابية (حرف ن) دار الثقافة
حواشي البحث
(1) شالتئيل هو ابن يكنُيا أنجبه في الأسر البابلي. وشالتئيل ولد زربابل الذي قام ببناء بيت الرب وترميم مذابحه وإصعاد المحرقات عليه وذلك بعد الرجوع من السبى الذي استمر قرابة 70 عاماً من 567: 536 ق.م (انظر 16:13-17)
(2) لعل سبب إسقاط هؤلاء الأربعة الذين وردوا في أسفار العهد القديم، أن الثلاثة الأُول منهم (أخزيا ويوآش وأمصيا) كانوا من نسل يورام وزوجته ابنه إيزابل الوثنية التي اشتهرت باضطهادها عبادة الله وجعلت زوجها ينحرف إلى عبادتها وهكذا خلفاؤه (انظر 2مل18:8، 17:9، 21:12، 20:14). ولذا أسقطهم إنجيل متى إذ كانوا مكروهين من اليهود. أما يهوياقيم الذي أسقطه بين يوشيا ويكُنيا فقد جلب بشره غضب الله على المملكة، فسقطت في يد البابليين (انظر 2 .. 5:36-6).
افتخر ايها السوري بأعلامك المميزين قسطاكي بن يوسف بن بطرس بن يوسف بن ميخائيل الحمصي هومن هؤلاء الأعلام أرباب عصر النهضة والانتصار على العثمانيين المتخلفين وتحريرالوطن منهم… وعلى وزارة التربية ان تضمن مناهجها بابداع قسطاكي الحمصي وسواه من المبدعين المغيبين…وهو شاعر، من الكتاب النقاد من أهل حلب ، مولداً ووفاة. وتسمي المدارس بأسمائهم. الاديب الكبيرقسطاكي الحمصي
هو قسطاكي بن يوسف بن بطرس بن يوسف بن ميخائيل الحمصي هاجر أحد جدوده الخوري ابراهيم مسعد الى حلب في النصف الأول من القرن 16، ولزمته النسبة “الحمصي” نسبة الى “حمص” كما لزمت سلالته، ومنها الآن في انتشار العائلة في دمشق والقاهرة ومرسيليا…
نبذة في السيرة الذاتية ولد في حي العزيزية حلب سنة 1858 توفي والده وهو في الخامسة من عمره فتولت أمه السيدة سوسان الدلاّل تربيته وكانت سيدة مثقفة فعوضته عن فقد ابيه.
درس بداية في احد كتاتيب الروم الكاثوليك بحلب ثم في مدرسة”الرهبان الفرنسيسكان” واتقن فيما بعد اللغة العربية والنحو والعروض بالرغم من انه لم يمكث فيها اكثر من 15 شهراً.
مكتبه في بيته بحلب الذي حوله حفيده الى متحف باسم جده
في السادسة عشرة من عمره، انتقل إلى العمل في ميدان التجارة، فبرع فيها ثم مالبث أن تركها لشغفه بالآداب بعد أن حقق ثروة جيدة، ثم سافر إلى مصروايطاليا وفرنسا. استقر في العام 1875 في باريس مع عدد من أهله بعد انتشار وباء الطاعون في حلب مدينته الأم.
في باريس اتقن الفرنسية إتقاناً كاملاً، وتعلم الفلسفة وعلم الأخلاق على يد الفيلسوف الفرنسي جاكمان. كان لا يطالع غير كتب الفصحاء، وقرأ كثيراً من أدب العربية، قال عن نفسه في رسالة بعث بها إلى الشاعر والاديب الدمشقي الشهير خير الدين الزركلي :” أنه حتى صار يأبى أشد الاباء قراءة كتب غيرهم.”
تنقل بين باريس و بيروت ومصر والقسطنطينية واستفاد بالتالي من هذه الرحلات واللقاءات في كتاباته الصحفية والأدبية، كما أثرت تأثيراً كبيراً في حياته الاجتماعية.
وقد برزت علاقته الطيبة مع العديد من الشعراء معاصريه امثال الشاعر إبراهيم اليازجي الذي فتح له أبواب الصحافة بكتابته الدائمة في مجلتي “الضياء” و”البيان” فكانت هذه الانطلاقة الأولى له في عالم الصحافة، فبقي يكتب فيهما ردحاً من الزمن مجموعة من أهم المقالات و ترجمات عن الفرنسية لأشهر الكتاب والفلاسفة الفرنسيين والعالميين وقتها. سنة 1909 عمل خطيباً في “الجمعية العربية” وانتخب عضواً في مجلس إدارة مدينة “حلب” أكثر من مرة، وعضواً في مجلس المعارف ومعاوناً لرئيس المجلس البلدي. سنة 1922 عين عضواً في المجمع العلمي العربي بدمشق او”مجمع اللغة العربية حالياً” وتصادق مع المؤرخ الدمشقي الشهير محمد كرد علي ودارت بينهما مراسلات… وكذلك مع خير الدين الزركلي الشاعر الدمشقي المجيد.
مكتب قسطاكي حمصي في بيته بحلب الذي حوله حفيده الى متحف باسم جده
بقي يعمل في دمشق وحلب ويتنقل بينهما، ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية اعتكف في منزله يكتب فأنجز عدداً من الكتب المهمة في النحو واللغة والترجمة… وفاته توفي اديبنا الكبير في حلب مسقط رأسه 9 آذارسنة 1941
في انتاجه الأدبي
صنّف أفضل كتبه “منهل الورّاد في علم الانتقاد” وهو في ثلاثة أجزاء.
ونشر كثيراً من الفصول منه في كبريات الصحف والمجلات.
و”مجموع أغان” من تأليفه.
تمثال نصفي من البرونز لقسطاكي حمصي في متحفه بحلب
. وشعره تغلب عليه جودة الصنعة، وفي بعضه رقة وحلاوة.
ترك الكثير من الابداع الأدبي واللغوي والشعري منه “السحر الحلال في شعر الدلال” 1903 / القاهرة
“منهل الوراد في علم الانتقاد” 1907/ القاهرة
أدباء حلب ذوو الأثر في القرن التاسع عشر 1925/حلب
كتاب “ادباء حلب ذوو الأثر في القرن التاسع عشر”
مرآة النفوس 1935 /حلب
“مختارات من شعر قسطاكي الحمصي”1939/حلب
“تاريخ النقد في القرون الوسطى”
“تاريخ النقد العالمي”
كما ترك الحمصي شعراً قيماً نشر بعضه عام 1907 في الاسكندرية تحت اسم: “أناشيد من العهد القديم”
وتُرجم أيضاً الكثير من أعماله من الأدب الفرنسي إلى اللغة العربية.
لسوء الحظ، المجموعة الكاملة لأشعاره لم تُنشر…!
تكريمه
نصب تكريمي باسمه مع الساحة في العزيزية بحلب
كُرم قسطاكي الحمصي في مسقط رأسه، مدينة حلب حيث أطلق اسمه على شارع في وسط المدينة عام 1970، نصب تمثال له في وسط ميدان الحرية/ في حي العزيزية بحلب.
أما منزله في حلب فتحول الى متحف بجهود من حفيده. ( الصور)
من أكثر المصطلحات الشعبية السورية المتداولة واطرفها واشدها تعبيراً عن الواقع المالي…والاجتماعي…
قصة هذه العبارة ان قديما كانت العروس تحضر معها جهازها إلى بيت عريسها في صندوق “حفر جوز مطعّم”.
وفي الصندوق، بالاضافة إلى الألبسة الخارجية وإلى ” بقجة ” الالبسة الداخلية توضع “السَّبوبة” . و”السَّبوبة” هي كيس من الحرير المطرز تضع فيه العروس، بالاضافة إلى ما عندها من حلي، رزمة فتائل ورزمة دكك. قديماً كان على العروس ومنذ وصولها إلى بيت عريسها في المساء عليها تغيير فتيل سراج (قنديل) بيت زوجها بفتيل جديد حيث تنزع الفتيل القديم وتضع فتيلاً جديداً من الفتائل التي احضرتها معها مع جهازها وتشعلها بنفسها رمزاً لنور عهد جديد وحياة مشرقة بالأمل. وكان على العريس بالمقابل أن يتجالد فلا يقترب من عروسه حتى ينتهي احتراق الفتيلة…! وينطفىء الضوء…! فإذا كانت الفتيلة طويلة تضايق العريس، ولذلك يقال عن المرأة ، إذا كانت كثيرة الكلام تحب المماحكة والجدال وتتأخر في تحضير نقسها:
“أف ما أطول فتيلتها” وكلما كانت الفتيلة طويلة كان على العريس المسكين المتحرق أن ينتظر أكثر! وكانت التقاليد توجب على العروس أن تضع دكة من الحرير للسروال الداخلي وتحتال في عقد دكتها دوماً بارشاد من والدتها او احدى نسيباتها بحيث يصعب على العريس فكها ولا يجوز له قطعها، وكان على العريس أن يستعين بأظافره وأسنانه ليتمكن من حل العقدة التي كانوا يسمونها “حيلة ” وكلما تأخر العريس في حل حيلة العروس كان ذلك رمزاً لتعففها، ولذلك كان يقال عن المرأة المستهترة… “الله يهديها دكتها رخوة”، يعني سهلة المنال.
فالتقاليد وقتها لم تكن تسمح أن تأتي العروس لبيت زوجها من غير “الحيلة والفتيلة”
ولذلك كانت العروس تقول عن أثمن ما عندها من أشياء
“هي الحيلة والفتيلة”
كما يقال عن المرأة التي تتبنى ولدا ، أنها أنزلته من دكتها ، إذ كان على الطفل أن يمر تحت دكة المرأة ليصبح ابنها بالتبني . أما عن “الحيلة ” فما زلنا نسمع بعض القرويين ، إذا انعقد الحبل معهم عقدة يصعب حلها ، يقولون إن الحبل معقود ” عقدة حيلة” وهكذا تبدو أهمية ” الحيلة والفتيلة ” في حياة امرأة ذلك الزمان، إذ كان يمكن للعروس ان تأتي الى بيت زوجها بدون صندوق مطعَّم، وبدون “بقجة”، وبدون حلي، لكن التقاليد لم تكن تسمح لها أن تأتي بدون “الحيلة والفتيلة”.
نصب الاله بعل الكنعاني الفينيقي هذا النصب المنحوت الذي اكتشف في سورية في موقع اوغاريت قرب اللاذقية 1932، اكتشفه الاثاري الفرنسي كلود شيفر وكانت سورية تحت حكم المحتل العثماني الذي سمح بنقل المكتشفات الى متحف اللوفر في باريس، يعود تاريخه الى 1400ق م، ويعتبره المختصون من اهم النصب التي اكتشفت في تلك المنطقة لانه يحوي على كثير من الرموز والمعاني التي تتعلق بالدين الكنعاني الذي كان يمارس في مملكة اوغاريت: يظهر على النصب الاله بعل وعلى رأسه الخوذه المقرنة وهذه دلالة الألوهية، ذراعه اليمين رفعت الى الأعلى حاملا الهراوة التي يطلق منها العاصفه بينما يده اليسرى تقبض على الرمح الموجه الى الأسفل بينما الطرف الأعلى للرمح قد تحول الى نبات متفتح، (هذا يدل على ان مطر العاصفه قد نزل الى الارض وقد اظهر النبات وجعله ينمو).
وضعية الوقوف هذه مخصصه للإله بعل أو حدد إله العواصف والمطروالرعد ونراها تتكرر و تشبه فيما بعد نفس وضعية الاله الإغريقي زوس والإله الروماني جوبيتر وتوحي بالفكره نفسها.
يعتقد المختصون ان التمثال الصغير الظاهر بين الاله بعل والرمح هو يمثل ملك أوغاريت في وضعية الحماية من قبل الإله بعل ويظهر الملك في لباسه الرسمي ويداه في وضعية الصلاة. اما الرسوم المنحوته في أسفل النصب فقد اختلف المختصون في تفسيرها، فمنهم من اعتبرها انها تمثل أفاعي او ثعابين تسبب في موت بعل لاحقا، بينما فسرها اخرون (الأغلبية) على انها تمثل الجبال التي تحيط بمملكة اوغاريت، الجبال التي يحرسها الاله بعل وهو الذي يسكن احد اهم هذه الجبال الا وهو جبل صافون او ما يعرف لدينا بجبل الاقرعالمطل على خليج السويدية في لواء الاسكندرون السليب من المحتلين الأتراك. المصدر: ترجمه مباشره من الشرح المرفق لهذا النصب مع بعض الإضافات، النصب موجود حاليا في متحف اللوفر – باريس – فرنسا
رجل غني جداً ليس له لا عائله ولا أولاد كان عنده مزرعة كبيرة ذات يوم دعا جميع العاملين عنده على العشاء في الفيلا، ووضع امام كل واحد منهم نسخه من الكتاب المقدس، ومبلغاً من المال… وعندما انتهوا من الطعام سألهم ان يختاروا: إما الانجيل أو مبلغ المال الموضوع بجواره… بدأ أولا بحارس المزرعة وقال له أختر! أجاب الحارس بدون خجل:”اني كنت اتمنى أن اختار الكتاب المقدس لكني لاأعرف القرأءة لذلك سأخذ المال فهو اكثر فائدة بالنسبه لي…” وأخذ المال… ثم سأل الفلاح الذي يشتغل عنده فقال له:اختار ؟؟ فقال له:” ان زوجتي مريضه جداً واحتاج للمال حتى اعالجها، ولولاهذا السبب كنت اخترت الكتاب المقدس…” وأخذ المال…
بعدها سأل الطباخ عم يختار الكتاب المقدس ام المال…؟
فقال له الطباخ إني أُحب القراءة لكني عندما أعمل لايبق عندي وقت للقراءة، لذلك سأختار المال…” واخذا المال… ولم يبق من العاملين الا الولد الذي يعمل سائساً للحيوانات في المزرعة فسأله عم يختار… وكان الرجل يعرف أن هذا الولد فقير جداً، وتابع بعد ان خيره بقوله له:
” أنا متأكد انك ستختارالمال حتى تشتري الطعام واحتياجاتك الضرورية يابني، ومنها أن تشتري حذاء بدلا من حذائك التالف هذا!!! فأجابه الولد: “صحيح ياسيدي انه مستحيل عندي ان اشتري حذاءً جديداً أو أن أشتري دجاجة لأكلها مع أمي، ولكني ياسيدي سأختار الكتاب المقدس… لأن أمي قالت لي يوماً: ” إن كلمة من الله مفيده اكثر من الذهب، وطعمها أحلى من الشهد…” فأخذ الكتاب المقدس و فتحه ففوجىء بوجود ظرفين داخله…
كان في الظرف الأول عشرة اضعاف المبلغ الذي كان موجوداً على طاولة الطعام…! وفي الظرف الثاني وصية وفق الاصول بأنه سوف يكون هو الوارث الوحيد لمعلمه الغني… اندهش الجميع بمن فيهم الولد ولكن الرجل الغني معلمهم قطعوا اندهاشهم وقال لهم: “ان من يحسن الظن بالله فلا يخيب رجاءه.”
كانت الذبيحة الالهية تقام قديماً في القرون الثلاثة الاولى قرون الاضطهاد الدموية على أضرحة الشهداء، وقبورهم في الدياميس، وذلك لكون الشهداء يقيمون في المجد الالهي شفعاء لنا نحن الذين لازلنا نعيش على الارض، والقداس الالهي هو احتفال بالقيامة الآتية.
الشهداء يشدوننا الى القيامة الأخيرة…
ثم اندفع المسيحيون من هذا التكريم الى تكريم القديسين الآخرين الذين كنا نعتبرهم شهداء أيضاً بيضاً ( اي بلا سفك دم) إذا أماتو شهواتهم على الأرض.
في الواقع احتفظ المسيحيون بالهياكل العظمية لبعض القديسين…
مايميز هذه الهياكل أو اجزاء منها أنه يفوح منها رائحو زكية كالعطور، وفي حفل تكريس كنيسة نضع في صلب المائدة المقدسة ذخائر من الشهداء، وهذا استمرار لعادة إقامة القداس الالهي على قبور الشهداء…
– الفكرة الأساسية هي أن هذه الرفات تنطق بالقيامة المرجوة وتشير اليها، ولكن بسبب الضعف البشري ممكن أن ينشأ الاعتقاد أن هذه الرفات لها فعل في ذاتهاكقول بعضهم أنا أحمل الذخيرة الفلانية ( بالعامية تخيرة) وهي تحمينا من كل أذى,
هي لاتحميك بدون ايمانك وتوبتك، الخطر تالياً أن تجعل لهذا الاكرام مركزاً ممتازاً يحولك عن العبادة بالروح والحق.
– هذا في خط الاكرام العام الذي يليق بالقديسين.
ومن الواضح عندنا أن كنيستنا الارثوذكسية تكرم الذين طوبتهم هي بعد انفصال الكنيستين في الانشقاق الكبير السنة 1053، كما تطوب جميع قديسي الألفية الأولى، أياً كانت كنائسهم الناشئة لاحقاً، وذلك لأننا على علاقة روحية مع اولئك الذين كانوا على الايمان الارثوذكسي المستقيم الرأي وكلهم كانوا كذلك قبل الانشقاقات.
ايقونات هؤلاء القديسين نقيمها في كنائسنا، ومزارات هؤلاء نزور، ولايعنيك أن تكون انت معجباً بالجمال الروحي الذي عند المسيحيين الآخرين، وأن تطلع على سيرهم، ويكون لك كفرد علاقة بهم. لأن كل اعجاب هو نوع من العلاقة، غير أنه من الثابت أن الانشقاق يجعلنا من حيث الإكرام الجماعي مرتبطين بالذين كانوا على إيماننا.
غير أن الأهم أن يكون إكرامنا الفردي للقديسين خاضعاً لعبادتنا للثالوث المقدس، وهذا التوازن نجده في الطقوس فلا يطغي ذكر مخلوق، مهما سما، على المسيح المبارك الى الأبد، لأن المسيح له المجد هو وحده حياتنا، والقديسون شركاؤنا في الصلاة اليه.
روي لنا مؤخراً أن فلاناً يقول: أنا أطلب شفاعة قديس ليساعدني على الكلام الى السيد لأن السيد بعيد!!!.
نجيب ان هذا يجري في الحكومة او مراكز القرار، حيث تتوسط شخصاً نافذاً لتصل الى المسؤول الأقوى منه او الوزير المختص، امافي المجال الروحي فيسوع أقرب اليك من كل مخلوقاته…أنت لاتتوسط القديس بالمعنى الدنيوي…
أنت تقف معه في الصلاة أمام وجه السيد له المجد، السيد الوحيد الذي في وسط كنيسته وهو أسسها ولن تتزعزع…
المهم في كل هذا الأمر ألا نعتبر القديسين أنصاف آلهة واقفين على درجات منتصبة بيننا وبين الله، وألا نعتبر ان شيئاً مادياً ( ايقونة – ذخائر)يحتوي بحد ذاته قدرة على الشفاء…
الحركة هي من الله الى القلب بالنعمة، ثم من القلب الى الله بالدعاء، وذلك في شراكة الذين يحبوننا بالمسيح وعلى رأسهم أولئك الذين بلغوا وجهه…
أنشر هنا في مدونتي نص هذا المقال الروحي الرائع الذي كتبه الخطيب المفوه مثلث الرحمات الارشمدريت (الأسقف) العلامة استفانوس حداد ابن عرمان من جبل العرب وابن ابرشية بصرى حوران وجبل العرب ( المتوفي في العقد الأخير من القرن 20) بعد جهاد متميز في كل مكان وخاصة في ابرشية مسقط رأسه “العربية”، ورئاسة دير القديس جاورجيوس الحميراء، ومعاوناً لمطران صور وصيدا بولس الخوري وهي تحت الاحتلال الصهيوني وماعاناه من هذا الاحتلال…كتب عن عجيبة من عجائب “القديس جاورجيوس” خضر السهوة في جبل العرب، من أبرشية حوران، وهو الدير الغساني الرومي البيزنطي الأرثوذكسي الذي بنيت كنيسة القديس جاورجيوس في عرمان تيمناً باسمه، والتي دشنها مثلث الرحمات البطريرك ثيوذوسيوس السادس في ايار1961
وكانت مجلة “النور” لسان “حركة الشبيبة الارثوذكسية” /طباعة بيروت/ قد نشرت هذا المقال البديع في العدد 6 – حزيران1961- السنة 17
لن أُعقب أو أُضيف على ماورد في نص المقال المتحدث عن اعجوبة من عجائب القديس جاورجيوس فعجائبه وعجائب الطاهرة والدة الاله وجمهرة القديسين تفوق المحسوس لتذكيرنا نحن جماعة المسيحيين بهذا الكنز العظيم الذي نحن فيه وننهل منه… قاصداً الحفاظ على هذه النكهة الرائعة لكاتبه الحصيف والعلامة الكلي الورع استفانوس حداد وهو من نسب القديس الشهيد في الكهنة يوسف الدمشقي، ومثلث الرحمات البطريرك العظيم غريغوريوس الرابع …
النص الحرفي للمقال
” في الدرب الوعر الصاعد الى الخضر انحدر الراهب الوحيد الموكل بالمزار، متلفعاً بسواد الليل، حاملاً عصاه يسير كالهائم على وجهه، خائضاً في تجربة اليأس القاسية. إنه آخر راهب عرفه الناس حارساً وخادماً للدير.
قرية سهوة الخضر
كان حزيناً كئيباً، تملأ المرارة قلبه، يحاذر أن يراه انسان من الأناسي (الناس)، لئلا يشتد خجله، ويتضاعف يأسه.
ترك الدير مكرهاً والموت أهون عليه من إقفال الدير ومغادرته، ولكن لابد من المغادرة، والطاقة الروحية عند البشر في نطاق اللحم والدم، لها حدود تقف عندها وتعجز عن تخطيها.
لقد ضاقت روحه بالصبر، وماكان يهمه أمر نفسه وانما كان يهمه امر الزائرين الذين لن يجدوا في الدير شيئاً من الحاجات الضرورية، لقضاء الزيارة. ان السنة عجفاء قطعت الزرع والضرع فمافي الدير والكورة المحيطة به شيء من القوت لانسان أو طير أو بهيمة.
وفيما الراهب ينحدر على مهل وحذر، يتلمس الدرب بعصاه، إذا به يسمع فجأة حمحمة ووقع حوافر فيتأكد له أن فارساً يمر صاعداً في طريق الدير. ان الفرس يشم ويسمع ويرى في الليل الحالك. وجفَ قلب الراهب وحسب لهذا الفارس العابر الف حساب، لا من خوف أو ريبة، بل من خجل العثرة التي سيعثره بها وهو قادم لزيارة المقام بلا شك. وبعد خطوات، وقف الفارس على الرجل المحاذر المنحدر على الطريق وقال له: من أنت ياهذا؟
– فأجاب بعد تلجلج: أنا راهب الدير.
– وإلى اين تقصد، وكيف تترك الدير وليس فيه أحد غيرك، وأنا زائر من مكان بعيد، والدير مقصدي وفيه مبيتي؟
– إني أعتذر اليك ايها السيد الكريم عن مغادرتي الدير وخروجي منه في هذا الليل . ان هذه السنة أصابت الناس بالجراد في هذه الكورة فما تركت زرعاًولا عشباً ولا بقلاً، والغلال والهدايا والنذورالتي كانت تردني لم يردني منها شيء في هذه السنة، ولما نفذ كل ماعندي خرجت بنفسي لأجمع شيئاً من القرى فما تيسر لي شيء البتة، أيام، فهجرت صحبتي وهجرت الدير تلتمس طعاماً في مقام آخر. لقد بت منذ ليلتين على الطوى وبغير نور إذ ليس عندي شيء من القوت ولا شيء من الزيت أو السمن لأسرج به المصباح. وكان الفارس يسمع هذا الكلام وكأنه لايصدق مايقوله الراهب فأجاب: لابد لي من زبارة الدير في هذه الليلة، ولابد لي من عودتك لتقبلني فيه.
فأجاب الراهب وقد تحير فيما يفعل: أرجوك ايها الفارس الكريم معذرتي. اذ ليس عندي طعام لك، ولا علف لجوادك، ولانور نهتدي به.
– أو الى هذا الحد يخلي الخضر مقامه من كل شيء؟ أعتقد أنك وهمان (واهم) فيما تقول ايها الأب المحترم، عد بنا الى الدير فلابد من زيارته.
– لقد قلت لك ايها السيد أنه ليس في الدير شيء، وأنت زائر واحد، أفضيت ايك بسري المكتوم، وأخشى ان يغشاني غيرك (يردني غيرك) من الزائرين فأخجل أمامهم مما أنا فيه من عدم وجود شيء من الحاجات الضرورية للزيارة والمبيت.
– كبر ايمانك بالله ووليه ايها الراهب ولا تقنط من جوده تعالى، والزم ديرك ولا تتركه، واشك لربك أمرك أمام زوارك، ذلك خير من مغادرة الدير واقفاله في وجه الزائرين. ان الله الذي خلق الوجود من العدم يمكنه أن يفيض عليك الزيت والسمن والقمح والتين والشعير.
سكت الراهب أمام هذه الكلمات فاستدار ومشى أمام الفارس وهو حيران متفكر حتى اذا بلغ باب الدير.
بقي الفارس على جواده فقال له الراهب: انزل ايها السيد لأقودك بيدك وأُريك أنه لايوجد شيء في المخازن والخابيات. فقال له الفارس: اسبقني وافتح وادخل وقل باسم الله وباسمك ياخضر. فدخل الراهب بعزم وثقة وأخذ المغرفة ومدها الى الخابية الفارغة من الزيت، فوجدها ملآنة الى حافتها، وكذلك السمن ومخازن القمح والبرغل والشعير والتبن، فاندهش من العجب ومجَّدَ الله، وأوقد المصباح وطفر يركض وخرج الى الفارس ليدعوه الى الترجل والزيارة وصاح بجنون الفرح، الحمد لله ياسيد ان الزيت والسمن والقمح والشعير واتبن فاضت عندي في خابياتها ومخازنها فتفضل وانزل فقال له الفارس:” ستبقى فائضة الى أن يجيئك الموسم الجديد فاستقبل الزائرين، وشدد ايمانهم ولاتترك الدير.” قال هذا واختفى هو وجواده في سواد الليل ولم يعد لهما أثر.
فحزن الراهب لفراقه وايقن بعد هذا انه الخضر الشهيد مار جرجس صاحب المقام العجائبي.”
كاتدرائية السيدة العذراء الشهيدة طرطوس / متحف طرطوس الوطني
توطئة يشكل تاريخ كاتدرائية السيدة العذراء في طرطوس جزءاً هاماً من تاريخ منطقة ومدينة طرطوس الذي يعتبر حتى الآن غير مكتمل بسبب المراجع و الوثائق المتعلقة به…
ليست وحدها الكاتدرائية الشهيدة فكنائسنا واديرتنا الشهيدة في طول البلاد وعرضها في المشرق واكثر من ان تعد فكاتدرائيات وعلى سبيل المثال لا الحصر/ دمشق وحمص وحلب وآجيا صوفيا في القسطنطينية وجامع النجار في انطاكية…حتى في اصغر حارات دمشق القديمة …الخ وجميعها تحوي ذخائر مقدسة وترتبط بشكل أو بآخر بتذكار قديسين كما في هذه الكاتدرائية…
نبذة في تاريخ طرطوس
مدينة ساحلية عريقة ساحرة بتفاصيلها وآثارها وأبنيتها التاريخية تحكي امجاد الفينيقيين وحضارتهم وكل الحضارات اللاحقة، والتي تعتبر شاهداً حيّاً على عراقتها وغناها الحضاري، بدءاً بالآثار الفينيقية، والاغريقية والرومانية والبيزنطية والإسلامية. وتعتبر الميناء الأهمّ على البحر الأبيض المتوسط، حيث تقع قبالتها جزيرة أرواد. أما شاطئها، فهو امتداد جميل للساحل السوري بطول 90 كيلومتراً تقريباً.
إنها طرطوس الساحلية الجميلة، المدينة التي تحتوي على عددٍ من المعالم الأثرية أهمها كاتدرائية السيدة العذراء في طرطوس.
كاتدرائية السيدة العذراء في طرطوس
تاريخ المدينة طرطوس مدينة تاريخية فينيقية اسمها القديم “إنترادوس”، وبالإنكليزية”تورتوزا”، وأصبح اسمها “طرطوسا” في العهد الرومي البيزنطي. أما العرب فقد أطلقوا عليها اسم “طرطوس”. تعدّ من أعرق المدن وأقدمها في سورية، إذ كانت لها اليد العظمى في صنع الحضارة وتاريخ المنطقة، إضافة إلى موقعها المميز على حوض البحر الأبيض المتوسط.
يُحكي أنّ الإسكندر المقدوني فتح مدينة طرطوس القديمة، ثمّ استولى عليها الرومان وشغلها البيزنطيون موقتاً خلال القرن العاشر الميلادي قبل أن يحاصرها ريمون صنجيل الفرنجي ويستولي عليها عام 1102 ليتّخذها مقرّاً له.
آثار طرطوس
وفي عام 1152، احتلها نور الدين زنكي لمدة قصيرة، وبعد ذلك احتلها الملك بلدوين الثالث، ومنحها لفرسان الهيكل من عام 1152 إلى عام 1158، حيث أعادوا تحصينها. وعام 1188 حاصرها صلاح الدين الأيوبي لكنه لم يفلح في الاستيلاء عليها، فقد تمكّن الفرنجة من مقاومة الهجوم من خلال برج قويّ يدعى “دون جون”
احتل صلاح الدين المدينة عام 1188م، وفي مرحلة لاحقة استولى على برجها الرئيس الحصين بعدما لاذت الحامية الفرنجية المدافعة عن المدينة بالفرار عبر باب سرّي متّصل بسرداب يؤدّي مباشرة إلى البحر. ولا يزال هذا الباب مرئياً حتى اليوم في قاعدة البرج الرئيس الكبير. ودخلها بعد خروج الفرنجة منها… مدينة متوسطية بامتياز والثغر السوري العريق كانت ذات أهمية كبيرة أيام الفرنجة، وقاعدة حربية هامة وميناء ومرفأ رئيساً للتموين في شرق البحر المتوسط. كان لها دور في حضارات عدّة، فقد أقيمت فيها معالم تاريخية كثيرة، منها القلعة، وأحيطت المدينة بسور وتحصينات وأبراج حماية متقنة. عام 1276 احتل المماليك طرطوس بشكل نهائي، وفرّ فرسان الهيكل إلى قبرص مصطحبين معهم أيقونة السيدة العذراء التي صورها القديس لوقا بريشته في كاتدرائية طرطوس.
تاريخ كاتدرائية السيدة في طرطوس
كاتدرائية السيدة العذراء في طرطوس
من الآثار المسيحية الهامة في بلاد الشام التي لا تزال حاضرة بكلّ ألقها وشموخها في ذاكرة مسيحيي طرطوس وبقية مكوناتها…
كاتدرائية طرطوس وهي الكنيسة الأولى والأقدم في سورية والعالم، التي كُرّست على اسم السيدة العذراء. إذ يقال شعبيا وايمانياً لدى اهل طرطوس إنّ السيدة العذراء شاركت في بنائها، ولا نستغرب هذا الاعتقاد والقول لأن عجائب العذراء عبر التاريخ لاتعد ولا تحصى. الكاتدرائية لا تزال بحالة جيدة جدّاً إلى اليوم، إذ تحوّلت إلى متحف للمدينة يضمّ مجموعة كبيرة من آثار العهود والحضارات السورية المختلفة التي مرّت على طرطوس. ولأنّ الكنيسة موضع تقدير كبير، فقد أطلق عليها منذ تأسيسها اسم “كنيسة الحجّاج” و”سيدة طرطوس”، وتعدّ من أهم الكنائس الأثرية المتأثرة بفنَّ الأبنية الكنسية الرومية البيزنطية بالرغم من طابعها القوطي الحالي.
تاريخ كاتدرائية السيدة /طرطوس يشكل جزءاً هاماً من تاريخ المدينة الذي يعتبر حتى الآن غير مكتمل بسبب المراجع والوثائق المتعلقة به. ولكن كما هو معروف ومتداول فإن المسيحية دخلت باكراً إلى مدينة طرطوس في النصف الأول من القرن المسيحي الأول، واعتنق شعبها المسيحية، وقاموا بتحطيم أصنامهم، وألقوا بها في البحر، وقد زارها القديسان بطرس ولوقا وهما في طريقهما الى اليونان وروما، بعد ما استعفى بطرس الرسول عن كرسي انطاكية السنة 53 وهو في طريقه التبشيري في كل مكان تقوده اليه قدماه، مر ولوقا بطرطوس، حيث أقاما الذبيحة الالهية في موقع الكنيسة، وكرساه كنيسة على اسم السيدة العذراء، وقام القديس لوقا بتصوير أيقونة السيدة العذراء في المذبح عندما بنى المؤمنون الكنيسة في هذا الموقع الذي كرسه القديسان بطرس ولوقا.
القديس لوقا الانجيلي يرسم ايقونة السيدة العذراء
ومعلوم ان القديس لوقا كان اول من صور العذراء وعلى يدها الطفل يسوع وقدمها للسيدة فباركته واقرته عليها فرسم منها ايقونتين مماثلتين احداهما في دير سيدة صيدنايا البطريركي، والأخرى في جبل آثوس المقدس في اليونان. وتعد هذه الكنيسة ثاني كنيسة في العالم بنيت على اسم السيدة العذراء في مستهل النصف الثاني من القرن المسيحي الاول وحملت اسم سيدة طرطوس
)Notre Dame de Tartous)
والكاتدرائية المريمية هي أول كنيسة في العالم تقام على اسم السيدة العذراء فقد اقامتها شيعة المريميين في منتصف العقد الرابع في القرن المسيحي الاول، وقد أُطلق عليها ايضاً تسمية كنيسة الحجاج، وذلك بسبب حج الناس اليها وخاصة في القرون المسيحية الأولى والذي تصاعد في العهد الرومي.
كاتدرائية السيدة العذراء في طرطوس وحاليا المتحف الوطني
وقد ورد في بعض المراجع اللاتينية أن تاريخ كاتدرائية السيدة العذراء في طرطوس يعود إلى منتصف القرن 12المسيحي، وتعتبر وفق هذه المراجع من أهم الأبنية التي بقيت داخل السور الدائري للمدينة الأسقفية القديمة في عهد احتلال الفرنجة لهان وهي من أهم الكنائس اللاتينية الأثرية التي ورثناها عن “العهد الصليبي”، وهي متأثرة بعمارة الكنائس البيزنطية المتأثرة بدورها بالكنيسة الشرقية نظراً لفتحات نوافذها الأربعة، ولما كان المذبح الموجود في الكاتدرائية حسب الروايات قد دشن من قبل القديس لوقا نفسه، فلقد اعتبرت أهم مزار حج مسيحي في العصر البيزنطي فأطلق عليها اسم كنيسة الحجاج أو كنيسة العذراء.
وفي مراجع اخرى ان القديس بولس قد زار طرطوس واسس كنيسة السيدة هذه، ولكن مع احترامنا لهذه الرواية ليس فيها من ثبت وخاصة في اعمال الرسل، ولكن زيارته لها ليست مستبعدة لأن بولس الرسول كان يتنقل باستمرار للتبشير في ساحل سورية وقبرص واحيانا برفقة برنابا… وسواه،
القديسان بطرس وبولس مؤسسا الكرسي الانطاكي المقدس
كما اورد سفر أعمال الرسل لكن لم يسجل لا سفر اعمال الرسل ولا المصادر المتداولة، انه كان برفقة بطرس الرسول في حملاته التبشيرية الا عند تبشير انطاكية بعد صعوده من دمشق، وتنظيم رعيتها وتأسيس كرسيها مع بطرس وبرنابا، بل يسجل للقديس بطرس بصفته اول بطاركتها، إقامته في انطاكية خلال سنوات بطريركيته الثمان بينما كان بولس الرسول دائم التجوال في آسيا الصغرى وقبرص واليونان ولم يلتقيا الا في رومة السنة 64 مسيحية حيث أسسا معا كرسي رومة الاسقفي وكان بطرس اول اساقفته، واستشهدا فيها في الوقت ذاته بأمر نيرون في عام 66 مسيحية.
كما ان ماورد عن لاتينية الكنيسة وتأريخها ككنيسة “صليبية” فذلك عندنا محل نظرونقد وحتى نقض، فكنيسة سيدة طرطوس، كرسها القديسان بطرس ولوقا، اذن هما اوجدا الكنيسة وصَّور القديس لوقا في مذبحها ايقونة السيدة العذراء، والمذبح على اسم القديس بطرس، اي انها اكتملت ككنيسة بوجود مذبحها وايقونة السيدة فيها، فكيف تقول الروايات اللاتينية انها كنيسة صليبية وتعود الى القرن 12م وحملات الفرنجة التي دامت لقرنين بدأت عام 1092 اي اواخر القرن 11، فالكنيسة الاصل كانت موجودة فكيف نقول عنها انها لاتينية – صليبية ؟!
والأمر الطبيعي ان تاريخ تكريسهما موقع الكنيسة الاساس برأينا كان في العام 53 مسيحية أومابعده بقليل لأن بطرس الرسول وبعد بطريركيته للكرسي الانطاكي منذ 45-53 مسيحية استعفى لتلميذه افوديوس عن الكرسي وانطلق السنة 53 مبشراً في أمكنة أخرى في المناطق المطلة على البحر الابيض المتوسط مروراً بطرطوس وكان معه القديس لوقا الانجيلي الشهير ومصور الأيقونات وخاصة كونه هو من صور السيدة العذراء قبل انتقالها كما اسلفنا…
القديس بطرس مكرس كنيسة سيدة طرطوس
(الادق ان نقول، اعتماداً على أرض الواقع ان كنيسة السيدة العذراء في طرطوس ككل الكنائس ذات الطابع الفرنجي القوطي- الصليبي هي في الاصل كنائس بيزنطية رومية ارثوذكسية، ومعروف ان الفرنجة اضطهدوا الاورثوذكس خلال قرني الاحتلال واقاموا بطاركة لاتين على انطاكية واورشليم واستولوا على الكنائس الأرثوذكسية الأشهر وأعادوا بناءها بحلة قوطية وتشابه قلاعهم كما في كنيسة الملاك ميخائيل في صافيتا ( برج صافيتا) وعلى دير القديس جاورجيوس الحميراء البطريركي وخاصة بكنيسته العليا، وعلى دير سيدة البلمند البطريركي بكنيستيه وكنيسة السيدة في طرطوس محل بحثنا… وكنائس في انطاكية واللاذقية…ودير ايانابا في قبرص) ويمكن الافتراض بأن هذه الكاتدرائية بشكلها القديم كانت موجودة ولكنها غير مكتملة…فأكملوها وفق هندستهم…
في عام 387مسيحية ضرب زلزال مدمر مدينة طرطوس فهدم الكنيسة وماحولها ولكن المذبح وايقونة السيدة العذراء بقيا سالمين وقد اعتبر هذا الحادث عجائبياً!!!
عجائبياً عندهاعاد الناس للتوافد الى المكان لقدسيته وخاصة أنه يحوي مذبحاً
على اسم القديس بطرس، وايقونة شهيرة للسيدة العذراء من رسم لوقا البشير مصور الايقونات الانجيلي.
في الاحتلال الفرنجي(1)
كاتدرائية السيدة في طرطوس لوحة زيتية للرسام لويجي ماير. (1776 – 1792)
لقد كانت فترة الفرنجة بعداحتلالهم لطرطوس نهائيا في عام 1102 هي الفترة الأكثر تدويناً للمدينة والكاتدرائية حيث بدأوا بتحصين المدينة حتى العام 1220
قد ذكر بعض الشهود أن الكنيسة القديمة كانت بسيطة
وبعد ذلك تم بناء القسم الأجمل والأكبر منها، وقد ألحقت الكنيسة الصغيرة بالكاتدرائية بعد بنائها و يذكر\” كاميل أنلارت \” أنه بدئ ببناء الكاتدرائية في عام 1130مسيحية. ومن خلال طراز البناء للكنيسة القديمة…
عندها على ذلك، يمكن الافتراض كما سبق اعلاه، أن هذه الكاتدرائية كانت غير مكتملة حتى العام 1150م
عام 1154 زار مدينة طرطوس الجغرافيّ العربي الإدريسي، الذي أشار إلى وجود كاتدرائية عظيمة تشبه القلعة بحسب مقاييس ذلك الزمان. وأنها كانت محطّ تبجيل وتقديس لدى جميع الطوائف. كما أن طرازها المعماري هو الذي أضفى عليها هذا المظهر المميّز.
داخل الكاتدرائية تتألف الكاتدرائية من ثلاثة أروقة مقبّبة بقناطر نصف أسطوانية حادة الانسيابية، تمتد نحو الشرق برواق قصير ينفتح على صدر الكنيسة بعد قبّة نصفية. وفي كلّ ضلع من الأروقة الجانبية نافذة تنير صحن الكنيسة المركزي، ومن الشرق نافذة المحراب، ومن الغرب ثلاث نوافذ، وتعتبر النافذة العليا أصغر من الاثنتين الباقيتين في القرن الثالث عشر استُحدثت نوافذ في القبّة العليا منها، مُقامة في الجدار المتراجع بحيث يشكّل ممراً ضيقاً يسمح بالمرور بوساطة سلّم ثنائيّ ذي بضع درجات من طرف البناء إلى الطرف الآخر، وتأخذ الركائز شكل الصليب مع الأعمدة على الجوانب ودعامات السقف المزدوجة، ويبرز إطار نافر على طول الجدران الشمالية والجنوبية كما في المحراب. وعلى القسم الأكبر من جدران الأروقة الجانبية نجد شريطاً مزخرفاً يمرّ من تحت النوافذ. أما العمود القائم شمال صحن الكنيسة فيتألف من قاعدة مكعّبة الشكل طول ضلعها أربعة أمتار، تسند أعمدة تدعم القبّة في طرف الكنيسة. وفي القاعدة باب يفتح باتجاه الشمال ويظهر مباشرة في الرواق الشمالي حيث كان يشكّل مع قسم صغير من الذراع الشمالية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، معبداً كان بمثابة مقصد للحجّاج. أما بعض الزخارف وأماكن تموضعها، فلها بعض المدلولات. ففي قباب الزوايا البارزة للأروقة الجانبية قفل إغلاق دائريّ الشكل، منحوت بشكل بارز ويمثّل أوراق الأشجار. ويرجع تاريخه إلى القرن الثالث عشر الميلادي. وفي صدر الهيكل الشمالي خمس صور منحوتة بشكل بارز تمثّل إحداها حمامة الروح القدس والأربعة الأخرى تمثّل رموز الانجيليين الاربعة.
داخل الكاتدرائية زمن الفرنج
يشار إلى أن البابا اكليمنضوس الرابع قام بتقوية طرف الكنيسة خلف المذبح الكبير، وقوّى أيضاً البرجين المستطيلين على أطراف الكنيسة، وبنى حائطاً مستطيلاً ليزيد من سماكة صدر الكنيسة المركزي، تكمن إحدى طرائف هذه الكنيسة في الركيزة اليسرى من الجناح الرئيسي، إذ إن قاعدة الركيزة تنتصب وسط مكعب فيه قبة واطئة، ولاشك في أن هذا المكعب كان مدخل الكنيسة البيزنطية القديمة. فكان حجاج القرن الرابع أو الخامس يعبرونه ليصلوا أمام أيقونة السيدة العذراء، ويتناولوا القربان المقدس من مذبح القديس بطرس. ضرب زلزال مدمر الكاتدرائية مرة ثانية أثناء بنائها في عام 1177م.
ثم هدم صلاح الدين الايوبي عندما احتل المدينة أبراج الكنيسة في عام 1188!!! وبعد ذلك أعيد ترميمها… أثناء فترة الفرنجة قام المحتلون الفرنجة بتقسيم مدينة طرطوس الى قسمين وخاصة في فترة سيطرة فرسان الهيكل على المدينة، كما يلي: القسم الأول المدينة الأسقفية
بعض آثار المدينة القديمة في طرطوس
وهي المدينة التي يعيش فيها الناس و يمارسون حياتهم اليومية ويحيط بها السور الأول من المدينة والذي يمتد من الباب الشمالي للمدينة و يتجه شرقاً حتى المجمع
ثم ينحرف جنوباً حتى يصل إلى ساحة المشبكة ثم ينحرف غرباً حتى يصل إلى
الطاحون
كان يحيط بهذا السور عند البحر خندق عميق وعريض اختفى برج الطاحون،
وقد أزيل آخر قسم من السور منذ 35 سنة
وكانت الكاتدرائية مركز المدينة الأسقفية، وقد اسمي اول اسقف لها راؤول في 17 شباط 1130مسيحية.
القسم الثاني
القلعة او حصن الهيكليين او فرسان الهيكل
فرسان الهيكل
وهو الموقع الذي يسمى اليوم بالمدينة القديمة، التي كانت محاطة بسور مزدوج وخنادق تملأ بالماء للحماية، في هذا الحصن كان يعيش فرسان الهيكل، فقد كان حصنهم المنيع والدرع الذي كان يقيهم من الهجمات لاسترداد المدينة منهم.
ازداد هذا الموقع شهرة، وخاصة بعد بناء هذه الأسوار والتحصينات حول المدينة وقلعتها، وبدأ يتوافد الى هذا الموقع الحجاج المسيحيون من كل انحاء العالم آنذاك، وخاصة بعد أن اصبحت هذه الكنيسة هي الكاتدرائية (2) ودرة كنائس الشرق وكان ذلك منتصف القرن 13 اي عند اكتمال بناء الكاتدرائية. و يجب أن نشير هنا إلى أنه في العام 1204 م
زار المدينة كونراد أسقف مدينة هالبرشتات
وكان يعاني من مرض عضال أصيب به و بعد
صلاح الدين الايوبي
زيارته الكاتدرائية شفي من هذا المرض بشكل عجائبي. واجهت الكاتدرائية خطراً كبيرا بعد النصر الكبير الذي حققه المملوكي الظاهر بيبرس على الفرنجة، وبعد انتصاره على المغول في معركة عين جالوت عام 1263 وقد قام كاستراتيجية حاقدة تمتع بها على المسيحيين المحليين ومساواتهم بالفرنجة لأنهم من دين واحد متناسياً ماعاناه المسيحيون المشرقيون من اضطهاد الفرنجة اتبعها بهدم كل الكاتدرائيات والاديرة والكنائس في كل مكان وهي الاستراتيجية اتبعها في كل مكان، وكانت الكارثة على المسيحيين الارثوذكس السوريين الاشد عام 1268 بتدميره مدينة انطاكية والتنكيل بالاكليروس وبشعبها وقتله الالوف منهم ذبحاً واسترقاقه الوفاً عبيداً وسرايا ونقل من بقي من شعبها المسيحي الى مصر، وقد بلغ عدد ضحايا بطشه التحريري الديني مائة الف مسيحي سوري انطاكي، بذريعة انهم مسيحيين كما الفرنجة، وكان الفرنجة قد اخلوها قبل حصاره له وبالطبع دمر اسوارها المزدوجة كما هو واقعها وحالتها الحاضرة الآن، ومن وقتها تهجر مقر بطريركية انطاكية والكرسي الانطاكي، وساح الكرسي شريداً في آسية الصغرى والقسطنطينية وقبرص الى عام 1344 عندما نقلت الى دمشق، وكان قد فعل هذه المنكرات في بلدات القلمون( دير عطية ويبرود وبقية القرى القلمونية وخاصة قارة) التي قتل شعبها كله وحول كنيستها الى الجامع الكبير الحالي بذريعة انهم كانوا يزعجون قوافل المسلمين التجارية…
واحضر سكاناً من المسلمين من مناطق أخرى واسكنهم في قارة وبقية البلدات…
المملوكي الظاهر بيبرس البندقداري
لقد افرغ الظاهر المملوكي حقده على المسيحيين السوريين في كل مكان، وقد ابادهم وهدم صروحهم الكنسية كما فعل في طرطوس وهدم الكاتدرائية، غير ان البابا اكليمنضوس الرابع، بعدما أدان هذه الاعمال الهمجية التي تتضمن تدمير الكنائس والاديرة التاريخية النفيسة، قام باعادة بناء كاتدرائية السيدة العذراء في طرطوس، وقرر تحصينها لتتم حمايتها بشكل جيد من تكرار مثل هذه الاعتداءات…
استمرت هذه الكاتدرائية في وضعها الروحي، وعادت كما كانت للصلاة فيها من قبل الروم الارثوذكس حتى عام 1851
تحويلها الى متحف طرطوس أثناء فترة الإحتلال العثماني وفي عام 1851 تحولت هذه الكاتدرائية إلى جامع حيث أضيف إليها مئذنة. ثم عسكر فيها الجيش التركي وجعلها قشلاق (ثكنة)…
متحف طرطوس الوطني
وفي عام 1920 وأثناء الانتداب الفرنسي على سورية جعلها الحاكم الفرنسي مأوى ومستشفى لللاجئين الروم الارثوذكس من يونانيين وسوريين وارمن من كيليكيا الناجين من مذابح الاتراك والأكراد بقيادة كما اتاتورك وبعد ان تخلت فرنسا عن كيليكيا منفردة للأتراك الذين انقضوا على سكانها فأبادوهم، ثم وبعد توزيع اللاجئين حولها الفرنسيون الى مستودعات.
وفي عام 1922 ألحقت الكاتدرائية بمصلحة الآثار السورية التابعة الى مجمع اللغة العربية بدمشق (وزارة الثقافة اليوم)، وعادت الرعية تصلي فيها مع كونها ملكاً للآثار والمتاحف السورية، وعندها ثار المسلمون مطالبين بها جامعاً لكونها تحولت الى جامع زمن العثمانيين ومن المعروف ان الكنائس عندما تصادروتحول الى جوامع ويؤذن فيها لايجوز شرعاً اعادتها الى وضعها الاصيل ككنيسة، لذلك وحسماً للنزاع قامت المديرية العامة للآثار والمتاحف بتحويلها الى متحف طرطوس الوطني وكان ذلك في عام 1956 زمن رئيس الجمهورية شكري القوتلي منعاً لفتنة دينية في المدينة، ولا تزال حتى يومنا هذا متحفاً وطنياً… ومن اجمل المتاحف في الشرق.
من موجودات متحف طرطوس/ الكاتدرائية
تضم العديد من الآثار المسيحية الرومية التابعة للكاتدرائية و الآثار المماثلة التي تم اكتشافها في محافظة وقرى طرطوس ومواقعها الأثرية عام 1921
يعد مبنى الكاتدرائية ( المتحف) من اجمل المباني بعد تحويلها الى متحف، ويضم المتحف آثاراً من عمريت والحصن وطرطوس وآثار أخرى بدءاً بالآثار الفينيقية، فالهلنستية والرومانية والبيزنطية والإسلامية. ومن أهم مقتنياته مسلة الإله بعل، والناووس الروماني الضخم بمنحوتاته الميثولوجية، وتمثال الإله باخوس إله الخمر، وتمثال ربة النصر (تيكه)، والنواويس الرخامية والفخارية الفينيقية النادرة المعروفة بـ “الانتروبيد” أي إنسانية الهيئة وهي توابيت حجرية من المرمر إنسانية الشكل، وتابوتاً بازلتياً إنسانياً نادراً وفريداً من نوعه في العالم وثلاث خزائن تضم مبخرة برونزية واثنتين من الفخار، إحداهما مؤلفة من ثلاث طبقات نادرة الوجود وخزائن مليئة بالمقتنيات الأثرية والأواني الفخارية من المرقب وأخرى من يحمور وثالثة من بانياس ورابعة من المنطار وفي جناح مدينة عمريت توجد قطع أثرية مختلفة كرؤوس تماثيل حجرية وفخارية وأقنعة من الفخار إضافة إلى الامفورات من البحر ومن التنقيبات المختلفة وثلاث لوحات من الفسيفساء .. إضافة إلى القطع الأثرية التي تعرضت للتهريب وتمت مصادرتها في المحافظة حيث تعاد المسروقات إلى المتحف الذي تمت مصادرتها في منطقته في فترة ذبح سورية منذ 2011 وحتى اعادة افتتاحه في هذا العام.
تبلغ أبعاد المتحف (41 ×50، 34م)، له ثلاثة مداخل: رئيسي في الواجهة الغربية، وآخران في الجهة الشمالية والجنوبية. يتألف البناء من ثلاثة أروقة: ينقسم الجناح الرئيسي الشديد الارتفاع إلى أربع معزبات على شكل قناطر نصف أسطوانية (عقد مدبب). أما الأجنحة الجانبية فترتيبها مماثل، ولكنها ذوات عقود رافده (متصالبة) تنتهي بصليب. بنيت هذه الأروقة على ركائز متلاحمة بديعة على شكل الصليب. أما القباب النصفية لصدور الكاتدرائية الثلاث فهي مرصوفة بعناية فائقة. يلاحظ في القبة النصفية الشمالية نحت تزييني نافر وآخر يمثل حمامة ترمز إلى الروح القدس. يدخل النور الساطع عبر نوافذ الواجهة الغربية، ونوافذ المكان المخصص لجوقة الكنيسة. على طرفي الكنيسة من الشرق برجان مستطيلان في كل منهما حجرة تستخدم لملابس الكهنة (دياكونيكون)، وحفظ الهبات (بروتيس)
من آثار المتحف الوطني / الكاتدرائية
وأما تيجان الأعمدة فهي تشبه إلى حد بعيد الطراز الكورنثي. وزخارفها الورقية تشتمل على عدد كبير من الأشكال: أوراق عريضة منحنية، تخريم نباتي ينفرج عن أزهار ناعمة وورود صغيرة في الوسط، استبدلت في بعض الأحيان برؤوس قديسين. تكمن إحدى طرائف هذه الكنيسة في الركيزة اليسرى من الجناح الرئيسي، إذ إن قاعدة الركيزة تنتصب وسط مكعب فيه قبة واطئة، ولاشك في أن هذا المكعب كان مدخل الكنيسة البيزنطية القديمة. فكان حجاج القرن الرابع أو الخامس يعبرونه ليصلوا أمام أيقونة السيدة العذراء، ويتناولوا القربان من مذبح مار بطرس.
اعادة افتتاح المتحف عام 2018
نظراً للظروف الخطيرة التي مرت على سورية منذ 2011 فقد بادرت الهيئة العامة للآثار والمتاحف كتدبير احترازي في هذه الظروف الاستثنائية تمثل في اغلاق المتاحف في سورية، ومنها متحف طرطوس للحفاظ على مقتنايته الأثرية من النهب او التدمير وتم نقلها إلى أماكن آمنة، وهي خطوة جبارة لحماية الآثار في سورية بعد ماتم من تدمير لآثار ومتاحف العراق وتدمر… وتهريب الآثار بتجارة غير شرعية تناولت اجراس كنائس واديرة معلولا وايقوناتها…
حواشي البحث
(1) نعتمد دوماً في كتابتنا اسم الفرنجة بدلاً من الصليبيين لأن الصليب عند هؤلاء كان رمزاً حربياً وليس دينياً كما كان النسر رمزاً حربياً عند الرومان، والنسر ذي الرأسين عند الروم البيزنطيين والفرنج استخدمه كمصطلح المؤرخون المسلمون المعاصرون للدلالة على مصدر هذه الحملات الذي كان في الحملات الأولى من سهل الفرنك في فرنسا، وفي الواقع كانت حملات استعمارية هدفها الاستيلاء على الشرق كموقع فريد في طريق الحرير بينما كانت وجهة الرهبان المرافقين والمؤتمرين بأوامر كرسي رومية وبعد الانشقاق الكبير 1053م كثلكة كل ارثوذكس الشرق وجعلهم لاتيناً…بمعنى كان حملات استعمارية ودينية لاجتذاب الكنائس الارثوذكسية والشرقية الى الكثلكة ولم تكن حروب دينية ضد المسلمين الا عند البعض كالراهب بطرس الذي نادى بتخليص القبر المقدس من ربقة المسلمين.
وفي عام 2006 طالبنا كمشارك في مؤتمر اعادة كتابة تاريخ بلاد الشام في كل من عمان و دمشق اقامته جامعات دمشق وعمان واليرموك طالبنا باستبدال التسمية من الصليبيين الى الفرنجة كما كان يستخدمها المؤرخون المسلمون المعاصرون… ولكن بكل اسف لايزال الكثيرون من مدعي إمامة التاريخ وكتابّه الجامعيين والمعروفين بتعصبهم الممقوت يستخدمونها في كتبهم على قولهم “ان اوربة تستخدمها” بينما هم يستخدمونها كالظاهر بيبرس القاتل والفاطميين الذين سبقوه…بهدف التعيير الديني… والتسمية تشكل جرحاً معنوياً للمسيحيين المشرقيين، ويصف البعض من هؤلاء المسيحيين المشرقيين انهم “بقايا الصليبيين” متناسين ان الوجود المسيحي أسبق من الوجود الاسلامي ب585 سنة واسبق في بلاد الشام ب633 سنة وقد وفد من الجزيرة العربية غازياً، ومحولاً الكنائس الى جوامع ككاتدرائية دمشق/ القديس يوحنا المعمدان الى الجامع الأموي وكجامع خالد بن الوليد في حمص وقد كان كاتدرائية المدينة وكذلك كاتدرائية حلب على اسم القديسة تقلا تحولت الى الجامع الاموي.
(2) الكاتدرائية هي كنيسة الاسقف … كالكاتدرائية المريمية كنيسة البطريرك وعادة تكون هي الكنيسة الأكبر والاجمل ويصلي فيها اسقف المدينة…
خربشات سياسية…6 تشرين الأول 2018
حوار الأديان وتقاربها
هل من أمل للتقارب بين الأديان؟؟؟ ولو تحاور جهابذتها!!! نسمع كلمات اعلامية نشأنا عليها، ومصطلحات قصد بها مستخدموها بلا شك جانباً ايجابياً… ولكنها بالنسبة لي تنفرني وتزعجني جداً… تنفرني لدرجة الاشمئزاز، هذه المصطلحات هي:
التعايش… التسامح… العيش المشترك مابين أمة الاسلام وبين السكان المسيحيين مواطنيهم…
كنا نسمعها في مداخلات اصحابها في مؤتمرات حوار الأديان التي شاركت في معظمها… بصفتي عضو في فريق الحوار الاسلامي المسيحي المحلي التابع وقتئذ لفريق الحوار الاسلامي المسيحي العربي… والتي اقامتها تحديداً بطريركية انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس بتوجيه من مثلث الرحمات البطريرك اغناطيوس الرابع الذي استشعر بحسه الابوي على الوطن وكل اولاده بخطر الازالة والقضاء على الآخر، وتفعيل مصطلح أهل الذمة الذي بدأ يسود وقتها… تحت عناوين :
” نحيا معاً في وطن واحد” وصراع الحضارات، وصراع الديان، وحوار الحضارات وحوار الاديان وعقلنة الخطاب الديني وتجيشاته… على مدى على مدى عقد ونصف…
الكل مبسوط من الكل مشايخ وكهنة وعلمانيون… المشاركون من مختلف الأديان والمذاهب والكلمات والمدخلات التي ادلوا بها حبلى بهكذا مصطلحات…
بعد التقاط الصور التذكارية وفي ختام الندوات والمؤتمرات تأتي موائد العشاء والسلوك الظاهري مع القبلات والعناق… يذهب كل منا الى موقعه ويتمترس به وكل الكلام والخبز والملح…بكل اسف ذهب ادراج الرياح!!!
هذا ماتم في هذا الوطن السوري الحبيب المعذب، من ذبح على الهوية وتكفير الآخر، وهذا المشرق المتلظي بنيران فتن دينية كل عدة عقود لاتبق ولا تذر وضحاياها حسب الحداثة بلغت مالايمكن التفكير به… كما في المذبحة السورية الأخيرة خلال ثماني سنوات بأصابع الشرق والغرب والصهيونية والماسونية والعصملية والأميركية والفرنسية والانكليزية والالمانية والسعودية والقطرية وسائر الخليج ومعهم من الكرسي الهاشمي في الشقيق الصغير و”فريق الاربطعش” في لبنان الشقيق الصغير…
فلقد بلغ حجم الكارثة مليون ضحية بريئة دافعت عن الكيان السوري ليبقى واحداً موحداً… ومن الذين غُرروا بها لقتال من دافع عن هذا الكيان وكلها تحمل اسماء اسلامية وترفع لواء لا اله الا الله…وتذبح وتدمر الكنيسة والدير وتذبح الكاهن وتخطف الكهنة والمطارنة وحتى الآن لا علم ولاخبر عنهم…عداكم عن الدمار الذي لايوصف… وسبعة ملايين معتر هج من البلد نحو بلاد يُذل فيها يومياً في لقمة عيشه وحياته…! وهنا أسأل من وضع مصطلحات التعايش والتسامح والعيش المشترك، لماذا وضعتها؟ في الوجه الآخر لمصطلحات التعايش والتسامح وا… وعلى أرض الواقع في الحقيقة ثمة تنافر وتباغض وكره يولد كرهاً مقابلاً لذا انفر منها واكرهها…تتسامح لم؟
هل الذي من دين مخالف لك أساء اليك كما فعل الدكتور الشعال…لتتهكم على اسماء قديسيه؟…الم يبق عندك ماتعلمه لرواد جامعك في المالكي في ارقى شوارع دمشق الا هذا ووجوب تحجيب الطفلة من عمر 9 سنوات وجعلت المعلمات غير المحجبات وكأنهن داعرات…، ومنعت الاختلاط الالكتروني بين الشباب والبنات… أم انك نصبت نفسك محامياً عن الاله الذي أوجده كما أوجدك ولم يعجبك معتقده… فتسامحه الى وقت تحين لك بها الفرصة لتنقض عليه كما في معلولا والقصير وجسر الشغور واللاذقية ودرعا والسويداء وتدمر وحمص وغوطة دمشق ودمشق…وفي كل الجغرافيا السورية ان تقضي عليه… وانت تُكَّبر ” الله أكبر”…
أم أن التسامح هو حالة آنية تفرضها عليك المصلحة يا أخي في الوطن، او حالة تستغلها للانتهازية والمكسب والابتزاز… كما حصل في كل فترة هذه الحرب الكونية الظالمة على سورية، وكيف فتحت الكنائس ابوابها وخاصة بطريركية الروم الارثوذكس / دائرة التنمية البطريكية منذ 2003 يوم ذبحوا العراق وحتى الآن وهي تساهم في اعادة الاعمار اي 15 سنة من الفعل الحميد الذي لاخلفية ولا اقتناص فيه…، وان كانت تعرف خلفيات الكلمات والمواقف والقبلات في تلك المؤتمرات وموائد المحبة…!!! لكن كان شعارها المخفي والمعلن لافرق: “المحبة للآخر في الوطن… اياً كان دينه ومعتقده واثنيته المهم انه سوري وعراقي…وفلسطيني…ولبناني… واطعمت الناس من كل الأديان وفي المطلق على حساب رعاياها ، واوجدت فرص عمل ودربتهم وعالجتهم وولدت نساءهم… علمتهم في دوراتها التدريبية في قاعات الكنائس، ومع ذلك هم يرفضونك وان تسامحوا معك… او تعايشوا معك…بكل اسف… اعذروني على نظرتي هذه التي تبدو للبعض انها سوداوية وفي الواقع المعاش هي واقعية وواقعية جداً ونعيشها وخاصة مع حديث المدعو الشعال الذي اشعل الفتنة في البلد، وقانون وزارة الأوقاف الجديد مابطن واستتر منهوخاصة التدليس على الأنشطة الدينية لكل اديان سوريي الوطن واساساً المسيحيون منهم… وقد تناسوا ان في دمشق ثلاث بطريركيات عريقة عراقة تاريخ سورية ولا يجوز لأحد اياً كان ان يهيمن عليها… 2018 سنة لاتهيمن عليها نيف و1400 سنة ذات يوم تعرفت في الحركة الكشفية على قائد كشفي دمشقي كان شقيقه صديقي وهو من عمري كان زائراً الوطن من عمله في السعودية جلسنا في حوار رصين وهادىء على كاسة شاي في ” المرحومة” مفوضية دمشق الكشفية عام 1980 قال لي : الحقيقة انا اتعرف من خلالك على المسيحية انا لا اعرف اي شيء عنها… وأُعجبت منها ومن خلال سلوكك وايمانك، ثم تابع : علمونا ان المسيحيين واليهود كفاراً ويجب اقامة الحد عليهم فاما ان يقبلوا بالاسلام او القتل!!! ولكن انا من انا حتى ابغضك واكفرك واقيم الحد عليك وانت اخي في سوريتنا…واخي في الانسانية ؟؟؟ واقتلك لأنك لاتؤمن باسلامي…؟ انت انسان مثلي ومحب لله والله هو الفيصل بيننا… لذلك شكراً على الصداقة.” وكان جوابي مع ابتسامة :” ياصديقي كلنا /انتم ونحن وكل من يؤمن بالهه وحتى الاديان غير السماوية التي صنعت آلهتها وعبدتها/ ننشد وجه الله على الارض وخاصة مابين المسيحية والاسلام… وانا اشكرك على صراحتك…”
اقول احبتي أن مسألة تقريب الأديان والعقائد والمذاهب والطوائف من بعضها وإيجاد نقطة التقاء فيها حتى تختفي الصراعات الدائرة… أمر اشبه بالمستحيل … والمستحيل جداً لسبب بسيط أن هذه الصراعات هي سبب وجودهم الأساسي … وتطلب إنهاء صراعاتهم! انك تطلب الكثير…
في الاسلام اكثر من 70 طائفة ومذهب وكلها تغالط بعضها والبعض يكفر الآخر والحروب بينهم على مدى 14 قرن ونصف وبعضهم يكفر اهل الكتاب…وفق فتاوي المفتين… وما مقتل ثلاثة من اربعة خلفاء راشدين بيد المسلمين على سبيل المثال الا دليل على ذلك… يقول المتشائمون: “مافائدة التقريب بين جثتين ؟؟ سوف تتعفنان اكثر … على البشر نسيانهما أجمع حتى تغدو التجربة الدينية الحقيقية والوعي الداخلي لوجودية الانسان وتدينه متاحة للافراد…حرة من قبضة الأديان المنظمة …”
الفارق بين الدين وما أكثر اتباعه والمتدينين الحق وما اقلهم…ف”ما اكثر اهل الدين وما اقل المتدينين” على قول رجل الحوار الأول في الوقت المعاصر المطران جورج خضر… احبتي انا اقول
اختلافات الأديان هي مايبقيها حية…أن يشعر كل منهم بتمترسه بطائفته ومذهبه بتميزه، وأهميته فيتقاتل مع الآخرن على أصغر التفاصيل وهذا مايفعلونه منذ آلاف السنين قتال ونقاش وحوار وقبلات كاذبة وحروب … هذه هي أديان اصحاب الدين لماذا القلق بشأن التقريب بهذه الجثث ؟ دعهم يتقاتلون مع بعضهم البعض لعلها الطريقة الوحيدة للخلاص منهم أجمعين بأن يتقاتلوا حتى ينهكوا وينتهوا … البروتستانت والكاتوليك تقاتلوا في اوربة عند الاصلاح البروتستانتي… قبلهم الفرنجة وخلال قرنين من حروب الفرنجة في مشرقنا اذاقوا الارثوذكس و ابناء الكنائس الشرقية الويلات فاما ان يصبحوا لاتينيين او مصيرهم القتل وتاريخ القرون الوسطى بهذه الاحداث ما يدمي القلوب وليس فقط ينفرها… المتشائلون ( وسط بين المتشائم والمتفائل) يقولون:” دعهم يتقاتلون … دع الأديان تتقاتل … ستحد من نسبة تزايد الكثافة السكانية ..سوف يصبح عدد البشر المشفرة والمعلبة والمغيبة أقل…” نظرتهم تقارب نظرية توماس مالتوس في القرن 15 وهو من قديسي الكنيسة الغربية بان الكوارث الطبيعية والانسانية كالحروب تحد من اعداد البشر… ويتابع المتشائلون بالقول:”…عندها نتخلص من كل تلك الأديان وتلك الجثث … سوف تسنح الفرصة لولادة الأنسان الجديد للبحث عن الذات الحقيقية والتأمل للوصول للانسان الروحاني الصادق الواعي من ضميره وقلبه …ان الانسان بحاجة للتدين الحقيقي بحاجة لوعي لين ينبع من الروح وينساب في كافة الأبعاد والاتجاهات وقد اكتشف العلماء وجود محيط حيوي جوي حول الأرض والحياة ممكنة بسببه وحين يصبح الانسان واعيا متدينا حقيقيا … لسوف تنمو طبقة جديدة لهذا المحيط الحيوي …محيط الوعي وسيكون مجد الأرض وعزتها …لكن على الأديان أن تنتهي أولا علينا بالخلاص من كل الأديان من أجل انقاذ التدين والوعي والصحوة الروحية محاربة الأديان لصالح التدين…”
انتهت الاستعارة من اقوال المتشائلين…
اضيف انا… لو فهمنا معنى الدين لما حدث ما يحدث الآن.. جميع الديانات لها تعاليم انسانية وأخلاقية لنتعلم بها.. وتنتهي الصراعات…
انا ديني انسان وطائفتي سوري… لا بل انا سوري بحضارتي افتخر…
“دمشق تتحدى واشنطن وأنقرة: بعد استعادة إدلب وعفرين…
سنتوجه إلى منبج وشرق الفرات “
لذلك قامت اليوم عصابات الاسايش بالاعتداء على حاجز للجيش السوري في المعبر الواصل بين منبج وحلب والمخصص لمرور المدنيين والذي تحميه قواتنا لتؤمن لهم الوصول الى حلب بسلام…، وارتقى عنصر وجرح آخر فقام الجيش باغلاق المعبر…
– وكانت دمشق قد أكدت أن الجيش السوري سيستعيد شرق الفرات ومنبج التي تتواجد فيها قوات أمريكية وفصائل كردية بعد استعادة إدلب وأرياف حلب الشمالية وفق اعلان الوزير وليد المعلم بأن الفصل الأخير من الحرب السورية يشمل تحرير إدلب وأرياف حلب الشمالية الشرقية وصولاً إلى منبج وشرق الفرات، مشيراً إلى أن سورية لم تعد محور النقاش الأممي وهذا مؤشر على أن دولاً عديدة أيقنت أن سورية ستكتب الفصل الأخير في مكافحة الإرهاب،.وبالرغم من التواجد العسكري الأمريكي في منيج وشرق الفرات، والدعم الأمريكي لقسد الكرديةالانفصالية.
يشار إلى أن أميركا وتركيا اتفقتا على تسيير دوريات مشتركة في منطقة منبج. وقد وصلت قوات اميركية الى نقاط التواجد التركية في منطقة منبج للبدء بهذه الدوريات المشتركة…
– كبح العدوان الصهيوني بالتعاون مع روسيا
اعتبر المعلم أن هدف العدوان الأخير على اللاذقية إطالة الأزمة كي تتمكن إسرائيل من هضم انتصار الجيش السوري وحلفائه في تحرير أكثر من 90% من الأراضي السورية.
وأكّد أن الأمور تسير نحو الأفضل فيما يرتبط بحماية الأجواء السورية من العدوان االصهيوني وغيره.واعتبر في مقابلة خاصة مع الميادين أن “إسرائيل” اعتادت على العربدة في سماء المنطقة وسورية، لكن وسائط الدفاع الجوي السوري كانت تتصدى لها في كل مرة.
وعن تزويد موسكو دمشق بصواريخ “أس 300″، قال المعلم إنه وفق تأكيدات وزارة الدفاع الروسية التي نثق بها فإن سماء سورية ستكون محمية بصواريخ “أس 300″، مشيراً إلى أن صواريخ “أس 400” هي طموح لدى سورية. وأشار إلى أن العلاقة الروسية – الإسرائيلية تقررها القيادة الروسية أما العلاقة الروسية السورية التي تهمنا فهي بأفضل حالاتها.
المعلم أوضح للميادين أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف طمأننا أن الأمور تسير وفق ما نص عليه اتفاق سوتشي، كاشفاً أن الأمين العام للأمم المتحدة أكّد له أن دور الحكومة السورية مركزي في تشكيل اللجنة الدستورية من دون أيّ تدخل خارجي.
– التعاون مع ايران
المعلم أكّد أن الصواريخ الإيرانية في البوكمال تأتي في إطار مكافحة الإرهاب، مجدداً التأكيد على أن التعاون بين طهران ودمشق شرعي ينسجم مع السيادة الوطنية، واعتبر أن وجود مستشارين إيرانيين في سورية شرعي وبطلب من الحكومة السورية، مضيفاً أن العمليات التي تقوم بها إيران في إطار مكافحة إرهاب داعش مشروعة، مؤكّداً أنه يجب أن يصفق العالم للضربة الإيرانية التي أصابت داعش.واعتبر المعلم أن مكان تواجد القوات الصديقة والحليفة لسورية ومدى قربها أو بعدها عن الحدود في الجنوب قرار بيد سورية لا غيرها.
– الوجود الأميركي غير شرعي
قال المعلم أن الوجود الأميركي في التنف غير شرعي والمحادثات الروسية الأميركية تنصب على إدخال المساعدات الإنسانية وتفكيك القاعدة الأميركية في التنف ، معتبراً أنه لم يعد من جدوى عسكرية للقاعدة الأميركية في التنف بعد إبادة الجيش السوري فلول داعش في الجنوب. ولذا تصر روسيا اليوم على ذلك وخروج القوات الاميركية من سورية بسبب عدم الشرعية بمايتناسب مع القانون الدولي.
وزير الخارجية السوري أكّد أن أميركا كانت تحارب في سورية كل شيء إلا الإرهاب، معتبراً أن النصر على داعش تحقق بفضل جهودنا وجهود حلفائنا.
وإذ أشار إلى أن الولايات المتحدة حررت مسلحي داعش الذين حوصروا في الرقة ونقلتهم إلى ريف دير الزور، أكّد أن ضرب إيران جيب داعش عند الحدود السورية العراقية أمر مرحب به. واليوم واول امس قامت حوامات القوات الاميركية الغازية بانزال نقلت به من شرق دير الزور عدد من قيادات داعش… اكيد لنقلهم الى مكان ثان في العالم وخاصة الى الفيليبين التي بدأت بشق عصا الطاعة لأميركا.
– الموقف مع تركيا
أكّد المعلم أنه عندما تنسحب تركيا من الأراضي السورية فإن تطبيع العلاقات معها يصبح من ضرورات المستقبل.مؤكّداً أن تركيا قادرة على تنفيذ اتفاق سوتشي لأنها تعرف بالاسم كل إرهابي في إدلب وكلهم يخضعون لتعليمات المخابرات التركية، مرجحاً أن تقوم تركيا بتنفيذ التزاماتها.
– التعاون مع العراق
وعن العلاقات العراقية السورية أشار المعلم إلى أن التنسيق بين البلدين تام لأننا نواجه عدواً مشتركاً هو داعش، معتبراً أن الأولوية في استثمار الغاز والنفط في سورية للدول الصديقة..
– اعادة الاعمار في سورية
وعن إعمار سورية أشار المعلم أن على الذين يريدون المشاركة في اعمار سورية عدم تسييس الموضوع أو وضع شروط مسبقة، مؤكّداً أن لا مكان لمن تآمر على سورية في عملية إعادة إعمارها، مضيفاً أن عدم ترك ترامب أموالاً للدول التي يبتزها لن يعرقل عملية إعادة إعمار سورية…
– عودة السوريين
من الطبيعي ان يرحب الوزير المعلم بعودة كل السوريين كونه موقف معلن للدولة السورية مع ضمانات بالأمن والوضع المعيشي والمشاركة في إعادة الإعمار، مؤكّداً لا يوجد في سورية مرحلة انتقالية أو حل بشروط وإملاءات من دول أخرى بل هو حل سوري سوري.وعن علاقة سورية بإيران اعتبر المعلم أن العلاقة ليست موضع مساومة ومن يريد العودة إلى سورية يجب ألا يضع شروطاً مسبقة، مضيفاً أنه آن الأوان لمن تآمر على سورية وطعنها أن يدرك أن أهدافه لم تتحقق.
-العلاقة مع الكرد
قال الوزير المعلم أن ليس كل المواطنين الكرد شرقي الفرات مع الولايات المتحدة، وهناك مجموعات وأحزاب كردية كبيرة ترغب بالانضمام إلى الدولة السورية لكنها لا تملك القوة العسكرية التي بناها الكرد مع واشنطن، مؤكّداً أن الولايات المتحدة “لا تستطيع الاستمرار بحماية التوجه لدى إخواننا الكرد بشأن الانفصال وفرض أمر واقع على الأرض”، مشدداّ على أن الأكراد جزء من الوطن وعليهم الاستفادة من تجاربهم خلال القرن الماضي.
– تحرير ادلب
وقال المعلم إن الخطوة الأولى لتحرير إدلب تسليم المسلحين أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة في موعد أقصاه شهر كانون الأول المقبل، كاشفاَ أن المسلحين من سكان إدلب سيبقون فيها بعد تسوية أوضاعهم والدخول في المصالحات المحلية، والمسلحون من خارج إدلب سيعودون إلى مدنهم ومحافظاتهم. واعتبر أنه على المقاتلين الأجانب في إدلب من دون استثناء العودة إلى بلدانهم بالطريقة التي أتوا منها عبر تركيا. ونقلت الاخبار اليوم ان بعض الفصائل المسلحة في ادلب بدأت بالتخلي عن سلاحها الثقيل…
-العلاقات مع الخليج
في ضوء اجتماعه مع وزير الخارجية البحريني أشار إلى أن لقائهما لقاء أخوي لم يتم الترتيب له مسبقاً وكان رغبة استجيب لها، موضحاً أنه لا يستطيع الإجابة عما دار في اللقاء وما إذا كان مقدمة لانفراجة في العلاقات السورية الخليجية.
– خاتمة القول
تبقى اليد السورية من خلال هذا الجيش الحبيب والحلفاء الاوفياء على السلاح وعلى الزناد لأن العدو بقيادة الولايات المتحدة شرس جداً ولايريد ان تنتهي معاناة سورية عينه على التحكم بمقدرات الوطن من نفط وغاز وسيليكون… حيث تبين ان سورية تمتلك مخزونا هائلا منه واسعاره خيالية…طبعا بالاضافة الى التحكم باعادة الاعمار…
نقول لكل سوري يعتز بجنسيته ويحب وطنه هل سمعت بهذا المشرع القانوني الاول وهو من موطنك ونتابع بقول العديد ممن كتب عنه:
– “اذا شاءت الاقدار ومررت يوما بدار العدل في روما وصادفت تمثالاً شامخاً وعندما تتأمله فلابد من أن تصيبك قشعريرة خاصة، فذلك طبيعي لانه بكل بساطة هو سوري مثلك… – واذا زرت مجلس النواب الأميركي، وشاهدت لوحة جدارية اسمها بابنيان مكتوب عليها مؤلِّف لاكثر من ستة وخمسين مؤلفاً في الحقوق كانت أساس التشريعات الحقوقية العالمية، فلربما تصيبك إغماءة خاصة اذا كنت تعرف للمرة الاولى ان هذا العملاق هو سوري من بلدك الحبيب سورية… – إنّه الحقوقي السوريّ الأول …بابنيان أعطى للعالم القوانين التشريعية الّتي يعُمل بها حتّى اليوم. “مؤلف لأكثر من ستّة وخمسين مؤلفاً في الحقوق كانت أساس التشريعات الحقوقية العالمية.”
تأثيرالحضارة السورية في الحياة الرومانية
كان يقال ان حوران مخزن غلال روما، وان زيتون وزيت ادلب هو لتنوير قنادلها،
وان اوابد المدن المنسية السورية في محافظات حماة وادلب وحلب اليوم هي مصدر للكثير مما ماثلها في ارجاء الامبراطورية…
كذلك نقول ان أول وأهم أشكال الكنائس المعتمدة في الدولتين الرومانية والرومية بعدها، تعود الى نماذج من كنائس سورية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر كانت كاتدرائية بصرى في حوران التي انهار سقفها، ومثالها كاتدرائية آجيا وصوفيا في القسطنطينية، وكذلك كنيسة القديس جاورجيوس في ازرع…وكاتدرائية سرجيوس بولس في رصافة الرقة…
ان تأثير الحضارة السورية في كل مناحي الحياة الرومانية دفع الشاعر والكاتب الروماني جوفينال للاعتراف في القرن الثاني الميلادي بالقول:
” منذ زمن بعيد ونهر العاصي السوري يصب ماءه في نهر التيبر جالباً معه لغته وعاداته وعوده وقيثارته بأوتارها المائلة…”
بابنيان لوحة جدارية في مجلس النواب الاميركي
و لعل من أهم تاثيرات الحضارة السورية في العالم خلال العصر الروماني منجزاتها في التشريع والحقوق…
مدرسة بيروت الحقوقية
فمع مطلع القرن الثالث المسيحي اصبحت بيروت مركزاً لمدرسة الحقوق الرومانية الشهيرة، والتي بقيت حتى منتصف القرن السادس المسيحي أشهر مدرسة من مدارس الولايات فيروما ووريثتها القسطنطينية، ويشير الباحثون إلى أن مؤسس هذه المدرسة هو الإمبراطور سبتيم سفير او سبتيموس سيفيريوس 193 ـــ 211 م ثم تعهدها خلفاؤه السوريون من بعده، ونتيجة لريـــادة هذه المدرســـة المشرقية أطلق الإمبراطور جوستنيان على بيروت اسم أم القوانين ومرضعتها.
وطبعاً، نحن هنا لسنا أمام منجز حضاري لزمن معين وعصر معين… ولا بد أن ننظر بشكل شمولي ضمن دائرة الحقوق حيث أن مشرقنا شهد ولادة أولى الشرائع والقوانين… من لبت عشتار إلى أور نمو إلى حمورابي إلى القوانين الآشورية وصولاً إلى مدرسة بيروت للحقوق التي كانت نواة الفكر القانوني العالمي…
يقول بول كولينيت
في بيروت كان يتم إعداد الحقوق الرومانية الجديدة…وإلى جماعة من الفنيقيين السوريين هم عائلة سبتموس سفيروس ومستشاروه، لا تزال الحقوق الرومانية الجديدة مَدينة ببلوغها أوج الكمال. ففي فترة حكم السلالة السورية لعرش روما (193 ـــ 235 م) يبدو أنه تم (تطوير الشرع الروماني) ونقله من الطور الابتدائي إلى مرحلة متقدمة عبر مؤلفات الفقهاء السوريين الخمسة والذين أحاط بعضهم بالامبراطور سبتيموس سفيروس كمستشارين له مثل بابنيان وألبيان. وبالإضافة إلى هذين الفقيهين كان هناك غايوس وبولس وموديستنوس والجدير ذكره هنا هو أنهم كتبوا مؤلفاتهم الحقوقية باللاتينية وهذا ما جعل بعض المؤرخين يطلق عليهم اسم الفقهاء الرومانيين، وهذا ما انسحب على التشريع الذي وضعوه فأطلق عليه اسم التشريع الروماني…
إميليوس بابينوس (بابنيان)، وُلِد في العام 142 للميلاد في “حمص العدية ام الحجارة السود” ودرس الحقوق في مدرسة الحقوق الرومانية في بيروت التي كانت تُعتبر حينها (الأُمّ المُرضِعة للحقوق)، وقد بقيت حتى منتصف القرن السادس مِن أشهر مدارس الحقوق في الإمبراطورية الرومانية…
وأصبح أستاذ القانون فيه فبلغت شهرته روما، ولقّب بأمير الفقهاء. عمل مستشاراً للامبراطور سبتيم سيفير. وعندما كان قضاة إيطاليا يجدون أنفسهم أمام حادثة غير مذكورة في قانونهم التشريعي المعتمد، يعودون إلى مؤلفات «بابنيان» كمرجع قانوني لهم، والتي عمرها 1800 سنة. شغل عدّة مناصب هامة في عهد الإمبراطور سيبتيموس سيفيروس زوج السوريّة التي حكمت روما لاحقاً جوليا دومنا… Julia Domna
وقد كان مقرّباً من هذا الإمبراطور الذي ستشاء الأقدار أن يقوم ابنه بقتله وإنهاء حياته…!
الملكة السورية جوليا دومنا
أعماله أهمية التشريعات التي كتبها “بابينان” مع زملائه السوريين الأربعة أنها غيّرت من المفهوم القضائي السائد في روما في تلك الأيام، وحوّلته من قانون متحجّر بدائيّ إلى قانون إنساني. وهذه الإنسانية التي طغت على القوانين مستمدّة من مدرسة زينون الرواقي التي كانت مبنية على الأخلاق والحكمة، لا على مبدأ الانتقام. وهذه هي نقطة التحوّل القانونية في التاريخ الإنساني، أي البتّ في الجريمة ليس من منطلق الانتقام إنما من منطلق العدالة والإصلاح، إذ نشأ ما يسمّى اليوم المدّعي والمحامي والحق العام. لكن قبل أن يغيّب الموت هذا الحقوقي الفذ والأول قدّم للعالم تشريعات صاغت لاحقاً قوانينهم، حيث كان ضمن “الفقهاء السوريّين الخمسة” اللّذين صاغت تشريعاتهم 80% بالمائة من مدونات الأمبراطور جوستنيان في القانون الروماني والّتي تتألف من خمسين كتاباً، مؤلف من 2462 فقرة قانونية وهي تُعد المصدر الرئيس الّذي استمدت منه الدّول الأوربّية الحديثة قوانينها وهو مصدرالقانون الفرنسي ( ومنه المصري واللبناني والسوري…) وقوانين إسبانيا وألمانيا و إيطاليا تلك القوانين التي صاغها الحقوقيّون السوريّون ومن بينهم “بابنيان” ساهمت في تخليص التشريع الروماني من فظاظته وقسوته، بعد أن أسبغوا عليه روحهم المشرقيّة على مجمل ما شرّعوا…
والجدير ذكره أنّ “بابنيان” وغيره من المشرّعين السوريّين في ذلك الزمان صاغوا قوانينهم ومؤلّفاتهم القانونية باللغة اللاتينية، الأمر الذي جعلهم يُصنّفون تاريخياً تحت اسم: “الفُقهاء الرومانيين”، الاسم انسحب كذلك على القوانين التي وضعوها، ليطلق اسم “التشريع الروماني” على مجموعة القوانين التي ساهم السوريون بنسبة كبيرة في صوغ محتواها، لكن التاريخ حفظ الجميل لأولئك كسوريّين، إذ قال المؤرّخون في ذلك: “في القرن الثالث الميلادي كانت سورية تعكس على العالم تقاليدها الحقوقية التي تعدّ مصدر الحقوق.”
ودرّس بابنيان مؤلفه “الأسئلة والأجوبة” في مدارس الحقوق الرومانية واولها مدرسة القانون النموذجية في بيروت.
من الأحداث التي تؤكد انسانية علمنا بابنيان، وتصالحه مع نفسه وأصالته، انه بعد مقتل جيتا على يد كركلا أخيه، غضب الرأي العام ومجلس الشيوخ على كركلا القاتل من أجل العرش، فما كان من الإمبراطور القاتل /كركلا/ الا أن يطلب من بابنيان الفقيه أن يوجد له مخرجاً وتبرئته من فعلته بقتله أخيه، غير أن بابنيان رفض وقال لكركلا: إن ارتكاب جريمة القتل أيسر من تبرئة المجرم منها، واتهام البريء القتيل بعد مقتله هو قتل آخر وجرم ثان…”
سبتيموس سفيروس
وهذا الموقف أدى إلى أن يدفع بابنيان حياته ثمناً له، بأمر من كركلا. علماً أن الأخير تتلمذ في يفاعته على يد بابنيان…!
والجدير ذكره في هذا المجال أن الإمبراطور الكسندروس سفيروس /آخر أباطرة السلالة السورية في روما/ (222 ـــ 235)م أحاط نفسه بالفقهاء السوريين ألبيان، موديستينوس، وبولس، وفي عهده بنيت أول كنيسة وأعاد الحجر الأسود المقدس والمقصود بها كعبة حمص إلى حمص والتي دُمرتْ لاحقاً بكل اسف، وأقام بدلاً منه ثلاثة تماثيل نصفية لزارادشت وابراهيم والمسيح.
ولتبيان أهمية ما قدمه الفقهاء السوريين للتشريع الروماني تنبغي الاشارة إلى أن الإمبراطور تيودور الثاني، أصدر مرسوماً بتاريخ 426م، عرف بقانون المرافعات حيث صنّف الفقهاء إلى صنفين وحظر على القضاة اعتماد سواهم في جميع الأحكام التي يصدرونها.
الصنف الأول ويشمل الفقهاء السوريين الخمسة
الصنف الثاني ويشمل الفقهاء الذين اعتمدهم الفقهاء السوريين الخمسة
وقد جاء في المرسوم الإمبراطوري “أنه إذا اختلف القضاة على رأي ولم يجمعوا عليه فعلى القاضي أن يأخذ برأي الأكثرية، وإذا تساوت الآراء فعليه أن يأخذ برأي الجانب الذي فيه بابنيان.”
كما أن ما يسمى بمدونات جوستنيان في القانون، استمدت موادها بشكل رئيس من مواد الفقهاء السوريين الخمسة، ومدرسة بيروت الحقوقية بحيث تشكّل نسبة ثمانين بالمئة منها.
تبين الأبحاث أن ما قدمه هؤلاء الفقهاء السوريين للتشريع الروماني يتعدى الـــ 80 % منه، وهذا ما دفع بعض الباحثين للقول: في القرن الثالث الميلادي كانت سورية تعكس على العالم تقاليدها الحقوقية التي تعد مصدر الحقوق الرومانية وأصلها
مؤلفات هؤلاء الفقهاء
الفقيه غايوس: 130 ـــ 180 ماعتبرت مؤلفاته مرجعاً يلتزم به القضاة، بنتيجة الموقف الايجابي للامبراطور فالنتين منها، وهذا ما أضفى عليها صفة رسمية وقد اعتبر المؤرخون الرومان مؤلفاته القانونية، مصدراً أساسياً لمدونات الامبراطور جوستنيان وتشمل مؤلفات غايوس على أربعة أجزاء تبحث في الأصول والأشكال وحقوق الأسرة والميراث والملكية. والجدير ذكره هنا هو أن هذه المدونات اعتمدت /لأهميتها/ كمادة تدريبية في المعاهد والجامعات الأوروبية.
والجدير ذكره في هذا المجال أن الإمبراطور اسكندر سفيروس /آخر أباطرة السلالة السورية في روما/ (222 ـــ 235)م أحاط نفسه بالفقهاء السوريين ألبيان، موديستينوس، وبولس، وفي عهده بنيت أول كنيسة وأعاد الحجر الأسود المقدس إلى حمص، وأقام بدلاً منه ثلاثة تماثيل نصفية لزارادشت وابراهيم والمسيح.
ولتبيان أهمية ما قدمه الفقهاء السوريين للتشريع الروماني تنبغي الاشارة إلى أن الإمبراطور تيودور الثاني، أصدر مرسوماً بتاريخ 426م، عرف بقانون المرافعات حيث صنّف الفقهاء إلى صنفين وحظر على القضاة اعتماد سواهم في جميع الأحكام التي يصدرونها.
ويُعتقد أن الفقهاء الخمسة كانوا رواقيين، اي من اتباع مدرسة الفلسفة الرواقية التي تبنتها الحضارة الاغريقية وهي احدى فلسفات القسم الثالث بين المدارس الفلسفية القديمة (322-100)ق.م أي بعد أرسطو وهي مذهب بدأه زينون الفينيقي وتابعه فلاسفة آخرون على ثلاث مراحل عدد منهم سوريين أخرهم الإمبراطور ماركوس أوريليوس وللمذهب آراء في النطق وما وراء الطبيعة ولكن الأخلاق هدفه الأسمى وليس للموضوعات الأخرى من قيمة إلا بقدر ما تتعلق بالأخلاق…
وهذا ما يبعث على الاعتقاد من أن روحيتهم المشرقية الرواقية ساهمت في تخليص التشريع الروماني من القسوة والفظاظة.
بابنيان اول شهيد للعدالة
كان مقتله قد تم غدراً بأمر من كاراكلا الذي تتلمذ منذ يفاعته على بابنيان،
كاراكلا
وكانت نهايته المؤسفة…وهي جريمة كاراكلا المزدوجة التي بدأت بقتله اخيه وثناها بقتله بابنيان…
هذه النهاية نتيجة صراع كاراكلا وغيتا، من أولاد الامبراطور سبتيموس، وجوليا دومنا، الذي انتهى بمقتل غيتا على يد أخيه كاراكلا، ولأن بابنيان رفض طلب كاراكلا بالرغم من معرفته ربما بحقد كاراكلا عليه ومع ذلك لأنه رمز للعدالة ومتصالحاً مع نفسه ولايخشى في قول الحق لومة لائم…
في المقتل ان كاراكلا جاء إلى المشرّع “بابنيان” طالباً منه صوغ رسالة يتلمّس فيها الأعذار لفعلته التي ارتكبها ويجد فيها مخرجاً لما قام به أمام مجلس الشيوخ، الأمر الذي رفضه “بابنيان” في تلك الأزمنة، فوقف رجل العدالة رافضاً طلب الامبراطور كاراكلا قائلاً جملته الشهيرة التي ترن في أروقة المحاكم حتى يومنا هذا:
” إن ارتكاب جريمة قتل أهون من تسويغ هذا القتل.”
فما كان من الامبراطور إلّا أن أمر بقتله لتنتهي حياته دفاعاً عن العدالة التي لم يكتفِ بسنّ القوانين اللازمة لها، إنما آمن بها وعمل بمقتضياتها حتى الأيام الأخيرة في حياته، وقدم حياته ثمنا للدفاع عنها وعن ثوابته.
يقول المؤرّخ “جيبّون” في مقتل “بابنيان”:
” لقد كان إعدام بابنيان محزناً بوصفه كارثة عامة.”
خاتمة القول
بسبب من ان تسليط الضوء كان خجولا وبشكل مقصود على اعلام سورية في معظم المراحل وخاصة ماقبل دخول الاسلام اليها وكأن التاريخ السوري هو منذ فتح دمشق عام 633م. لذا فان الجهالة تضرب بابنيان وابولودور وفيليب العربي وامثالهم ومن سبقهم والذين اثروا الحضارة السورية واشعوا منها شعاعات انارت العالم…
واسأل وانا قانوني:”هل عرفنا تلاميذ كليات الحقوق في الجامعات السورية ان بابنيان الحمصي هو مصد التشريع الروماني الذي درسناه في تاريخ القانون الذي هو مصدر للتشريع السوري عبر التشريع الفرنسي. لم يحصل الا عرضاً ومن باب رفع العتب ليس الا في دراستنا للحقوق الرومانية وقبلها تشريع حمورابي… والاضاءة بسيطاً على مدرسة بيروت الحقوقية، ولا اعلم سبباً لهذا العقوق بحق ابناء الوطن الأفذاذ.
لم نحن مقصرون مع هؤلاء الأفذاذ بعكس ايطاليا وحتى اميركا في تسليط الضوء عليهم عبر اقامة التماثيل لهم وتسمية القاعات الجامعية وفق اختصاصاتهم بأسمائهم…
العالم كله يفتخر بهم وبأصلهم السوري ونحن نفضل عنهم في التسميات الكثير ممن يعتبرهم فطاحلة التأريخ لدينا وهم في واقع الامر قتلة، واذاقوا الشعوب مرارة الدم وهتك الاعراض والدمار، وهم اساساً من بداوة الصحراء لم يقدموا الا الدم والدمارللعالم… في حين أن هؤلاء الاعلام كبابنيان وابولودور أشعلوا الدنيا بمشعل الحضارة السورية.
لهذا فإن قلّة قليلة من السوريين يعلمون أن بابنيان هو الحقوقيّ السوريّ الذي قدّم للعالم نقلة نوعية في القانون والتشريع، وتعتبر كتبه ومؤلفانه أساس الحقوق الشرعية في القرون الوسطى والعصور الحديثة، في وقتٍ يتباهى الغرب بما قدّمته سورية للبشرية. واساس قانوننا السوري من خلال القانون الروماني وابنه القانون الفرنسي وابنه القانون اللبناني والمصري والسوري…
طبعا نحن هنا لسنا كما اسلفت في موضع آخر هنا امام منجز حضاري لزمن معين وعصر معين…
ولابد في العجالة هنا ان ننظر بشكل شامل لهذا المشرع السوري ودائرة الحقوق حيث ان سورية وبلاد الرافدين ومدارس انطاكية وبيروت… شهدت اولى الشرائع والقوانين.
تعريف الشيك هو محرر مكتوب في شكل أمر بالدفع يتمكن بمقتضاه الساحب أو الغير من قبض مبلغ النقود من حساب المسحوب عليه الذي هو مصرف في العادة، وبذلك ينطوي على علاقتين سابقتين على تحريره
– علاقة الساحب والمسحوب عليه الذي هو غالباً مصرف…
– وعلاقة بين الساحب والمستفيد استدعت إصدار الشيك…
شروط الشيك يشترط لإنشاء الشيك صحيحاً توافر شروط شكلية، وشروط موضوعية هي الشروط المقررة لصحة أي التزام إرادي بوجه عام
أولاً- الشروط الشكلية
تنص المادة 351 من القانون التجاري السوري على أن يشمل الشيك على البيانات الآتية: 1- كلمة شيك مكتوبة في متن السند باللغة التي كتب بها 2- أمر غير معلق على شرط بأداء قدر معين من النقود 3- اسم من يلزمه الأداء ” المسحوب عليه “ 4- مكان الأداء 5- تاريخ إنشاء الصك ومكان إنشائه 6- توقيع من أنشأ الشيك ” الساحب “
ثانيا-الشروط الموضوعية
يجب أن تتوافر في الشيك الشروط التي يتطلبها القانون بصفة عامة لصحة التصرفات القانونية، فالشيك يمثل علاقتين قانونيتين:
الأولى بين الساحب والمستفيد.
الثانية بين الساحب والمسحوب عليه، وهذه العلاقات تحكمها شروط موضوعية تتعلق بالأهلية والرضا والمحل والسبب. 1- الأهلية تكتمل أهلية الشخص لمباشرة حقوقه المدنية عند بلوغه سن الرشد 18 سنة في القانون السوري متمتعا بقواه العقلية وغير محجور عليه.
2- الرضا يتعين في كل التزام ناشئ عن علاقة قانونية أن يكون مبنياً على رضاء صحيح خال من العيوب فإذا وّقع الساحب الشيك وكانت إرادته مشوبة بعيب من عيوب الرضا كالغلط أو الإكراه، كان الشيك قابلاً للإبطال لمصلحته، فالساحب له أن يتمسك بإبطال الشيك اتجاه المستفيد الذي أكرهه أو أستعمل معه أساليب احتيالية، وأيضاً تجاه الغير سيئ النية، ولكن ليس له أن يتمسك بإبطال الشيك تجاه الحامل حسن النية.
3- المحل لما كان الشيك أداة وفاء مالي يقوم في التعامل مقام النقود فإنه يجب لذلك أن يكون محله مبلغاً معيناً من النقود، فإذا كان محله غير النقود ترتب على هذا بطلان الصك كشيك.
4- السبب إن المراد بالسبب في الشيك هو الإلتزام الوارد به أي العلاقة القانونية التي من أجلها حرر الساحب الشيك لمصلحة المستفيد.
1- الدخول غير المشروع الى منظومة معلوماتية آ- يعاقب بالغرامة من عشرين ألفاً إلى مائة ألف ليرة سورية كل من دخل قصداً بطريقة غير مشروعة إلى جهاز حاسوبي أو منظومة معلوماتية أو موقع الكتروني على الانترنت دون ان يكون له الحق أو يملك الصلاحية أو التصريح بالقيام بذلك. ب- وتكون العقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين والغرامة من مئة ألف إلى خمسمائة الف ليرة سورية إذا قام الفاعل بنسخ البيانات أو المعلومات أو التصاميم التي وصل اليها أو إلغائها أو تغييرها أو تشويهها أو تزييفها أو استخدامها أو إفشائها 2- شغل اسم موقع
يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر والغرامة من مائة ألف إلى خمسمائة ألف ليرة سورية كل من شغل إسم موقع الكتروني من دون علم صاحبه أو حد من قدرة مالك نطاق على الإنترنت على التحكم في هذا النطاق.
3- إعاقة الوصول الى الخدمة يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين والغرامة من مائة ألف إلى خمسمائة ألف ليرة سورية كل من أعاق أو منع قصداً بأي وسيلة كانت الدخول إلى منظومة معلوماتية، أو الشبكة، أوعطلها، أوأوقفها عن العمل، أو أعاق، أومنع قصداً باي وسيلة كانت الوصول إلى الخدمات أو البرامج أو المواقع الالكترونية أو مصادر البيانات أو المعلومات عليها 4- اعتراض المعلومات
آ- يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين والغرامة من مائة ألف إلى خمسمائة الف ليرة سورية كل من اعترض أو التقط قصداً بوجه غير مشروع المعلومات المتداولة على منظومة معلوماتية أو الشبكة أو تنصت عليها. ب- يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة اشهر والغرامة من مائة ألف إلى خمسمائة الف ليرة سورية كل من استخدم الخداع للحصول على معلومات شخصية أو سرية من المستخدمين على منظومة معلوماتية أو الشبكة يمكن استغلالها لأغراض إجرامية. 5- تصميم البرمجيات الخبيثة واستخدامها
أ- يعاقب بالحبس من ثلاث إلى خمس سنوات والغرامة من خمسمائة ألف إلى مليونين ونصف المليون ليرة سورية كل من يقوم بتصميم البرمجيات الخبيثة وترويجها لأغراض إجرامية. ب- يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات والغرامة من مئتي ألف إلى مليون ليرة سورية كل من استخدم البرمجيات الخبيثة أيا كان نوعها وبأي وسيلة كانت بقصد الإضرار بالأجهزة الحاسوبية أو المنظومات المعلوماتية أو الشبكة 6- ارسال البريد الواغل يعاقب بالغرامة من عشرين ألفا إلى مئة ألف ليرة سورية كل من يقوم بارسال بريد واغل الى الغير اذا كان المتلقي لايستطيع إيقاف وصوله إليه أو كان إيقاف وصوله مرتبطا بتحمل المتلقي نفقة إضافية. 7- الاحتيال عن طريق الشبكة
أ- يعاقب بالحبس من ثلاث إلى خمس سنوات والغرامة من خمسمائة ألف إلى مليونين ونصف المليون ليرة سورية كل من استولى باستخدام الأجهزة الحاسوبية أو الشبكة على مال منقول أو عقار أو معلومات أو برامج ذات قيمة مالية او سند يتضمن تعهدا أو إبراء أو أي امتياز مالي آخر وذلك عن طريق خداع المجني عليه أو خداع منظومة معلوماتية خاضعة لسيطرة المجني عليه بأي وسيلة كانت. ب- وتكون العقوبة الاعتقال المؤقت والغرامة من خمسمائة ألف إلى مليونين ونصف المليون ليرة سورية في الحالات التالية: 1- إذا وقعت الجريمة على ثلاثة اشخاص فأكثر 2- إذا تجاوز مبلغ الضرر مليون ليرة سورية 3- إذا وقع الاحتيال على مصرف أو مؤسسة مالية ج- ولا تطبق الاسباب المخففة التقديرية إلا إذا أسقط المضرور حقه الشخصي. 8- الاستعمال غير المشروع لبطاقات الدفع أ- يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين والغرامة من خمسمئة ألف إلى مليونين ونصف المليون ليرة سورية كل من حصل دون وجه حق على بيانات أو أرقام بطاقة دفع باستخدام الأجهزة الحاسوبية أو الشبكة. ب- يعاقب بالحبس من ثلاث الى خمس سنوات والغرامة من خمسمئة ألف إلى مليونين ونصف المليون ليرة سورية كل من: – قام بتزوير بطاقة دفع – استعمل بطاقة دفع مزورة أو مسروقة أو مفقودة في الدفع أو سحب النقود 9- انتهاك حرمة الحياة الخاصة يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر والغرامة من مئة ألف إلى خمسمئة الف ليرة سورية كل من نشر عن طريق الشبكة معلومات تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه حتى ولو كانت تلك المعلومات صحيحة.