التقويم اليهودي وتاريخه
ترمز التوراة أن يجري تمكين المحكمة العليا لإقامة التقويم والشهور كما قيل: ﴿أَوْصِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: هَذِهِ هِيَ مَوَاسِمِي وَأَعْيَادِي الَّتِي تُعْلِنُونَهَا مَحَافِلَ مُقَدَّسَةً…وَهَكَذَا أَبْلَغَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِأَعْيَادِ الرَّبِّ﴾ (اللاويين ٢٣ :٢، ٤٤ ترجمة كتاب الحياة وفي التلمود البابلي “رأس السنة” ٢٤أ يجد هذا التعليم استناد إلى الكلمة «تُعْلِنُونَهَا»)
في العصور القديمة، كانت المحكمة العليا قائمة في مدينة أورشليم، في مقر الهيكل (ألبيت ألمقدس) بقاعة اسمها «جازيت».
بعد تدمير الهيكل في عام ٧٠م، هرب القضاة أعضاء المحكمة العليا إلى يبنى (يفنه) وبقوا فيها حتى عام ١٣٢م وهذه (يبنى) مدينة نائية تقع في جنوب فلسطين وكان القضاة يستأنفون أعمالهم الإدارية من هذه المدينة.
في عام ١٣٥ هرب القضاة أعضاء المحكمة العليا إلى الجليل. (تلمود البابلي “رأس السنة” ٣١أ)
التقويم اليهودي
يبدأ اليوم في التقويم اليهودي عند غروب الشمس. وفقا لحكماء التلمود (البابلي “باركات” ٢أ) كان ذلك بناء على الكلمات التي وردت في سرد التوراة لقصة التكوين (تكوين ١: ٥ ترجمة كتاب الحياة): ﴿وَهَكَذَا جَاءَ مَسَاءٌ أَعْقَبَهُ صَبَاحٌ، فَكَانَ الْيَوْمَ الأَوَّلَ﴾.
التقويم اليهودي مبني على دورة القمر كما قيل في التوراة ﴿يَكُونُ لَكُمْ هَذَا الشَّهْرُ رَأْسَ الشُّهُورِ وَأَوَّلَ شُهُورِ السَّنَةِ﴾ (الخروج ١٢: ١ ترجمة كتاب الحياة) واستناداً إلى فهم مشترك في التلمود الأورشليمي (“رأس السنة” ٥٨ج) وفي التلمود البابلي (“رأس السنة” ٢٠أ) بأن «الشَّهْرُ» المذكور في التوراة هو شهر قمري. يتألف كل شهر من تسعة وعشرين يوماً أو من ثلاثين يوما. يبدأ الشهر بظهور الهلال الجديد ويوجد في السنة القمرية ٣٥٤ يوماً تقريبا، أي أن ألسنة القمرية في التقويم اليهودي هي أقل من السنة الشمسية بحوالي أحد عشر يوماً. ومن أجل ضبط السنة القمرية مع التقويم الشمسي لضمان وقوع الأعياد اليهودية في نفس الموسم، يلزم إضافة شهر ثلاثين يوما سبع مرّات كل تسع عشرة سنة.
تاريخية وتطور اثبات هلال الشهر الجديد
تماماً كما يحصل في الاسلام بشهادة الشهود في اثبات اول صوم رمضان واول ايام عيد الفطر، كذلك في التقويم العبري، ففي اليوم الثلاثين من كل شهر كان القضاة ينتظرون حضور أشخاص (شخصين على الأقل) يشهدون بأنهم شاهدوا هلال الشهر الجديد. وعندما يصل هؤلاء الأشخاص كان القضاة يفحصونهم للتأكد من صحة رؤيتهم. منذ ذلك يعلن ثلاثة قضاة من هذه المحكمة بأنه اليوم الأول من الشهر الجديد («كتاب توسفتا» “سنهدرين” ٢: ١). بعد ذلك ترسل المحكمة العليا رسلاً إلى كل التجمعات اليهودية لإعلان بداية الشهر الجديد. وهم يعرفون جيدا متى سوف تكون الأعياد في هذا الشهر. وإذا لم يحضر الأشخاص للشهادة حتى غروب شمس اليوم الثلاثين، فيكون اليوم التالي بداية للشهر الجديد بصورة تلقائية (مِشنا “رأس السنة” ٢: ٧).
بعد تدمير الهيكل في عام ٧٠م، في هذا الحين بدأت تتأخر الرسل في الوصول إلى التجمعات اليهودية التي كانت تسكن خارج أرض إسرائيل وأصبحت المسافات بينها وبين مكان المحكمة العليا كبيرة، وكان يهود الشتات لا يعرفون متى كانت بداية الشهر الجديد وفي كثير من الأحيان كان الرسل يتأخرون في الوصول إليهم لعدة أسابيع مما يجعلهم لا يعرفون متى سوف يحل يوم العيد.
ولهذا السبب، أصبحت العادة في الشتات أن يحتفلوا بالعيد لمدة يومين لضمان أن أحدهما هو اليوم الدقيق المطلوب في التوراة. أما في أرض فلسطين، كان الاحتفال بالعيد نفسه يستمر يوماً واحداً فقط، لأن كل التجمعات كانت قريبة من مكان المحكمة العليا، وكان الرسل يصلونها في الوقت المناسب.
أما عيد رأس السنة الذي يكون في الأول من شهر “تشري” فكل اليهود الذين في أرض فلسطين والمهجر يعيدون يومين متتاليين إلا في مكان وجود المحكمة العيد هناك يوم واحد فقط، وإذا لم يحضر الشهود لشهادة رؤية الهلال فإن عيد رأس السنة سوف يكون على يومين في كل المناطق.
في عهد الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول (ساد ٣٠٦-٣٣٧م) ومن بعده ابنه، قسطنطين الثاني (ساد ٣٣٧-٣٦١م) اللذين اضطهدا اليهود في أرض إسرائيل ولم تتمكن المحكمة العليا آنذاك من إرسال الرسل إلى المناطق اليهودية لإعلانهم عن رؤية الهلال فقد قررت المحكمة العليا في اجتماعها عام ٣٥٨م في مدينة طبرية في الجليل إصدار قرار وهو القرار الأخير لها لاعتماد رأس الشهر والأعياد على الحسابات الرياضية والاستغناء عن شهود الرؤية، وكذلك أن يحتفلوا بالأعياد الدينية ليومين خارج أرض فلسطين (التلمود الأورشليمي “عروبين” ٢١ج التلمود البابلي “يوم العيد”) “أو يوم طوب” ٣ب
مصدر البحث
(صفحة يهود سورية)بتصرف