“زاكية” صخرة تشرف على ثلاث محافظات
إلى الجنوب الغربي من مدينة “دمشق” بنحو ثلاثين كيلومتراً تقبع قرية “زاكية” التي قطنها الإنسان منذ مئات السنين حسب الآثار التي ما زالت شاهداً حياً على ذلك.
وهي تتبع إدارياً لمدينة “الكسوة”- التي تبعد عنها نحو/13/كم- ويحيط بها مجموعة من القرى والبلدات الصغيرة،
.
“زاكية” قرية تحولت لمدينة تضج بالحياة، سواء من حيث عدد السكان الذي يقارب الثلاثين ألف نسمة بعد أن كان بالمئات، أو من حيث النشاط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي
.
شكلت عبر العصور ممراً للفاتحين وسداً منيعاً في وجه الغزوات، ساعدها في ذلك موقعها المشرف على مدخل “دمشق” الجنوبي، وعلى سهل حوران وجبل الشيخ.
.
إنها “زاكية” التي باركت للسلطان المملوكي “قلاوون” انتصاره على خصومه التتار- حسب ما يتناقله الأهالي- وهي التي تعود بتاريخها إلى العصر الفخاري الأول، يدل على ذلك الخرب المتواجدة على أطرافها وعند السهول ومنابع المياه، كخرب “الشرق ريقة، الشرمانية، التبانة، عين التينة، بداح، المصامدية، العباسة”.
.
كما تكثر فيها “الصير” التي كانت تقطنها القبائل الرعوية “كصير العب- أبي ريشة- أبي نصر وغيرها” وما زالت منذ تلك العهود مأهولة بالسكان
.
توجد على الأطراف الشمالية الشرقية لوعرة “زاكية البركانية”، والتي تظهر على شكل صبة بازلتية، مجموعة من الوعرات الأخرى التابعة لوعرة “زاكية” إدارياً مثل “وعرة السهلة، الوعرة الشرقية، الوعرة الوسطى، وعرة الكلتة، وعرة المصامدية، وعرة العباسة”.
.
تتصف طبيعة “زاكية” بالسهلية المتموجة، ويبلغ متوسط ارتفاعها /750/ م عن سطح البحر، مع وجود بعض التلال في القسم الجنوبي منها “كتل الشيح – وتل الحرادين”.
.
آراء عدة، بل أسباب مختلفة لتسمية بلدة “زاكية” بهذا الاسم
◘ البعض أرجعها لكثرة الأعشاب البرية ذات الرائحة الزكية الموجودة في القرية وأراضيها،
◘ فيما رأى البعض الآخر أن مصدر التسمية يعود لحاكم روماني سابق حكم المنطقة قبل مئات السنين اسمه “زاكيوس”،
◘ والمرجح أن الاسم يعود نسبة إلى قلعة صخرية طبيعية كبيرة موجودة وسط المدينة حالياً اسمها “زكوة”
◘ كما يقال انها سميت “زاكية” نسبة إلى موقعها المرتفع وهوائها العليل ومياهها العذبة،
يحدها
• من الغرب مزرعة “النفور” وقرية “الحسينية”،
• ومن الشرق قريتي “الطيبة والمقيلبية”،
• ومن الشمال قرية “ديرخبية”
• ومن الجنوب محافظة “درعا”.
كما يحيط بها “بلدات كناكر، خان الشيح، اركيس”، ويتبع لها عدداً من البلدات والمزارع منها “شقحب، عين التينة، أشرفيه العباسة، المازنية، المسطاح”.
يبلغ عدد سكانها حوالي /30/ الف نسمة، وتبلغ مساحتها حوالي /250/ كم2، فيما تصل مساحتها مضافاً إليها المزارع التابعة لها حوالي/7500/ هكتاراً تتوزع بين أراضٍ زراعية ومكاشف صخرية واسعة ومبان سكنية ومناطق متعددة الأغراض، وتبلغ مساحة مخططها التنظيمي /425/ هكتاراً.
تاريخ زاكية
يعود تاريخ زاكية الحقيقي إلى عهد الرومان وكانت تحت حكمهم ولعل اشهرهم كان الحاكم زاكيوس الذي تسمت البلدة والمنطقة باسمه. و في زمن الدولة الرومية صارت بلدة مهمة لعبت دورا مهما في الحضارة الرومية المسيحية كما كانت قبلها في الحضارة الرومانية .. وهذا يعني أن منطقة زاكية موجودة قبل أن يدخل المسلمون بلاد الشام ..
وقيل إن القائد الأمير صلاح الدين الأيوبي كان يتحصن أحياناً بقلعة زاكية أيام حروبه ومعاركه مع الفرنجة…
وتعتبر قلعة زاكية من أقدم الآثار في المدينة…
.
تاريخ سكان زاكية
يعودون في اصولهم الى الرومان فالروم…كامتداد طبيعي لهم من حوران وجبل العرب والجولان، لكن تسكت المصادر عن سبب اختفاء هؤلاء السكان الاصليين في العهود اللاحقة!!!
اما السكان الحاليون في مدينة زاكية فيعود تاريخ وجودهم إلى ما يزيد عن ثلاثمائة سنة بهجرة الناس من مناطق اخرى اليها واستيطانهم فيها كارض مشاع…
وقد كان سبب استيطانهم في هذه البلدة الصخرية البركانية التي بقيت خالية إلا من الجن على مايقول السكان نقلا عن اجدادهم لبرهة طويلة من الزمن هو هروب أفراد من الناس من بلدانهم لمشاكل وقعوا فيها مع أهلهم وإخوانهم ولجوئهم إلى مكان بعيد عن الضوضاء ومشاكل الثارات القديمة ..
ثم أعقب ذلك هجرة بعض أسر فلسطينية ولبنانية من جبل لبنان كانوا مع الامراء المعنيين الذين انتفضوا على الدولة العثمانية ليقيموا دولتهم، ولما تم القضاء على الامير فخر الدين المعني ودولته لجأ بعض اتباعه الى زاكية واستقروا فيها لبعدها عن متناول الدولة العثمانية ووعورتها وخوف الجنود من وجود الجان فيها، كما اشاع هؤلاء السكان، وكانت سبقتها اقلية كردية من بقايا جيش صلاح الدين الايوبي الكردي سكنتها في الفرن الثالث عشروكانت هي اولى الاقوام التي سكنتها، ثم جاءت في المرحلة الثالثة مجموعة فلسطينية من اتباع ضاهر العمر هاربة من انتقام العثمانيين واختلطوا بالعنيين والاكراد وشكلوا ما هو اشبه بمستوطنة واشاعوا عن انها محمية من الجن…
ومع هذا الخليط القديم وأسبابه المتشعبة نجد أن أهالي زاكية هم الوحيدون الذين حافظوا على نسجهم ووحدتهم وتآلفهم حتى كأنهم عائلة واحدة قد جمعتهم ظروف كثيرة متشابهة.
كان معظم سكان “زاكية” يعتمدون على الزراعة كمصدر أساسي في معيشتهم حيث الأراضي الخصبة والمياه العذبة إضافة للهواء النقي، لكن تراجعت أهميتها في السنوات الأخيرة نتيجة لسنوات الجفاف وانحباس الأمطار، وقلة مياه نهر “الأعوج” الذي يمر بأراضيها في فصلي الشتاء والربيع، حيث يروي قسماً كبيراً من أراضيها الزراعية.
وهو كذلك المصدر الرئيسي لمياه لري للمناطق والقرى المحيطة بها؛ عبر مجموعة من الفروع أو قنوات الري مثل “الزوكاني والدير خباني والديراني والكناكري”.
وكان نحو /65%/ من سكانها يعتمدون على الزراعة، حيث تبلغ مساحة الأراضي القابلة للزراعة فيها /16600/ دونم، منها /900/ دونم غير مستثمرة بشكل فعلي.
وتشتهر بزراعة القمح والشعير وبعض أنواع المحاصيل والخضار، كما يزرع فيها العديد من الأشجار المثمرة كالزيتون والعنب
كما يهتم الأهالي بتربية الثروة الحيوانية كالأبقار والماعز والأغنام، لتوافر البيئة المناسبة والمراعي ومساحات من الأعلاف الخضراء.إضافة لوجود عدة مداجن مرخصة.
ويتميز سكانها بلهجة خاصة، حيث إن لهجتهم وزيهم قريبان جداً من زيّ ولهجة أهل “نابلس” في “فلسطين”
أدرك الأهالي أهمية التعليم ودوره في مناحي الحياة المعاصرة، وازداد الوعي التعليمي والثقافي في المدينة بشكل كبير، وازدادت أعداد الطلاب وحملة الشهادة الثانوية والشهادات الجامعية والعليا بمختلف الاختصاصات والفروع، كما تضاعف عدد المدارس الابتدائية والإعدادية في السنوات الأخيرة،ماقبل الحرب وأنشئت ثانوية عامة وتم افتتاح المعاهد التعليمية، ناهيك عن وجود مركز ثقافي يسهم بزيادة الوعي الثقافي الذي يتجلى بالحضور الكثيف من قبل السكان لكل النشاطات والفعاليات الثقافية ما يؤكد شغفهم للثقافة
وقد تاسس المركز الثقافي في زاكية عام /1997/ إلا أن تفعيله إن صح التعبير قد تم عام /2005/، وكانت البداية باستئجار ثلاث غرف للمركز، وليتم في عام /2009/ الانتقال إلى بناء مستقل،
وقد استطاع المركز تأسيس عدد من الفرق المسرحية للأطفال .. كما كا ن يقيم دورات مستمرة في مجالات التمريض، والأعمال اليدوية، والمهرجانات الرسمية والشعبية ومهرجانات خاصة بالأطفال،وتحوي مكتبته الضخمة نحو ثلاثة آلاف عنوان في مختلف المجالات الثقافية وللفئات العمرية كافة،
مدونة وطن بتصرف د. جوزيف زيتون