“الميسري” أرض الباليوليت والبرونز والرومي ومدرسة الفن
بديعة هي سورية، فتحت كل حجر يوجد أثر، اينما تجولت وزرت من الساحل الى الشمال والشمال الشرقي والبادية،تجد آثاراً ابدعها الانسان السوري القديم وتركها تشهد على نبوغه المستمر حتى يومنا هذا…
درعا والمنطقة الجنوبية من سورية خزان ثري جداً بالآثار ومنها الميسري ارض الباليويت والبرونز والبيزنط
لا تزال الأودية وما تشكله من كهوف ومغر منتشرة بشكل كثيف في محافظة “درعا”، ويعود بعضها لفترة البرونز والبيزنط. تمازجت مع الطبيعة الخلابة والآثار الممتدة لآلاف السنين .
يوجد عدد كبير من الخرب الأثرية في “درعا” أشهرها خربة “الميسري” وتقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة “درعا” على مجرى وادي “الزيدي”، تبلغ مساحتها /275/ دونماً، وهي عبارة عن تلة مرتفعة ضخمة تتفاوت في الارتفاع والانخفاض، بها مغاور وكهوف في طرفيها الغربي والشمالي باتجاه الوادي، وإلى الشرق منها توجد مدافن أرضية محفورة في الصخر على كامل الجدران.
أهدت الطبيعة المكان نبعاً مائياً رقراقاً اسمه الميسري, يحمل اسم المنطقة “المسيري” كان وحتى فترة قصيرة يروي عشرات القرى والتجمعات عبر مراحل التاريخ كافة. كذلك مئات القطعان الماشية من أبعد المناطق
ويتربع وسط “وادي الزيدي” العميق الرافد الأساسي “لوادي اليرموك”، ويقع جنوب شرق مدينة “درعا” بحوالي 4 كم، كان سابقاً وما يزال يغذي عشرات القرى عبر مراحل التاريخ كافة. ويعتبر مركزاً لاستقطاب السكن البشري منذ فجر الحياة.
تعود الكهوف والمغارات المنتشرة بمنطقة “الميسري”
• للعصر الحجري القديم “الباليوليت”.
• وأخرى من فترات البرونز
• وثالثة من الفترة الرومية الصوانية العديدة المصنعة بتقنيات متنوعة.
ولابد من ذكر الخربة الأثرية القائمة قبل انحناء الوادي للشرق على كتف سد “درعا” الشرقي، والتي تعود لفترة “البرونز” الألف الثالث قبل الميلاد. التي تعد من الأساسات المعمارية الضخمة والنماذج الفخارية الخاصة بها.
يوجد جرف صخري عند انحناء جسم الوادي من الشمال للجنوب، وباتجاه الغرب يقوم الجرف الأكثر أهمية، المشرف على الشرق بكتل صخرية من البازلت الأسود الكبيرة الحجم. وهي قليلة باتجاه الشرق تزداد رويداً باتجاه الغرب والشمال الغربي، وقد وصلتها المقذوفات البركانية بشكل أكبر من هذه المنطقة التي انتهى عندها القذف البركاني، فبقيت تربتها صفراء وحجارتها كلسية بيضاء.
تقوم على هذا الجرف الذي يقارب طوله 500 م جهة شمال جنوب، بعض الصخور التي تعرضت لعمليات نحت وصقل. وحجارة شذّبت زواياها وأجران دائرية محفورة، كذلك العديد من القطع الصوانية المصنعة حيث النصال والفؤوس ورؤوس النبال والمقاشط والنواة الأم التي أخذت كل القطع من صلبها.
كما يوجد حوالي 17 جاروشة بحالة جيدة، واثنتين مكسورتين ومدقات ومقابض اسطوانية من حجر البازلت. مع عدم ملاحظة أي تواجد للنماذج الفخارية من أي من العصور.
في السفح السفلي القائم في أقصى الشرق يوجد التشكيل الذي يهمنا أكثر، وهو الرسومات الجدارية المنفذة بأسلوب فني مبسط، يعتمد على تحوير الشكل بخطوط خارجية غائرة بلطف،
مع وجود نماذج قليلة تعتمد على تقنية التفريغ الكامل للشكل المراد تجسيده.
وهناك يمكن أن نتحدث عن أكثر من فترة زمنية شهدتها المنطقة في عصور ما قبل التاريخ، وأن فنانين على درجة كبيرة من المهارة قد نفذوا هذه الأشكال، سيما وأنها متقنة للغاية وتدل على المستوى الرفيع لغنى هذه المنطقة. والرسوم موجودة في تشكيلات أقرب ما تكون وحسب الروايات الشعبية من بعض المهتمين إلى مغارات مسقوفة لها ثلاث أجنحة وسقف.قد تكون مدافن الألف الثامن إلى الخامس قبل الميلاد. التي لها شواهد في العديد من دول أوربة، واكتشفت نماذج منها في المنطقة الغربية من “درعا” باتجاه “الجولان” عند “عين ذكر” و”تسيل”.
للشرق من هذه الخربة الأثرية الهامة ينحني الوادي باتجاه الشرق وصولاً حتى “خربة غرز” والسجن الكبير ومحطة الغاز التي تقوم جميعها على أطرافه الجنوبية، وتنتشر عدة خرب أثرية صغيرة قوامها صخور منحوتة وحجارة مصفوفة إلى جانب بعضها البعض.
ومن أبرز ما يمكن الحديث عنه مغارتان تقوم إحداها
• إلى غرب سجن غرز مباشرةً وهي الأولى، في الشمال تبعد حوالي 3 كم من منطقة الرسومات. مدخلها من الشرق طولها 12م غرب شرق بعرض 3م شمال جنوب. مستطيلة الشكل، جدرانها مستوية،
• وإلى الجنوب منها بحوالي 200م تقوم مغارة كبيرة شكلها شبه مستطيل تتألف من جناحين الأول طوله 20×9م غرب شرق. أما الجناح الآخر “الشمالي” فأقصر قليلاً حوالي 15م×2.5م. ضيق في الشرق يتسع في الغرب،
جدرانها منحوتة بعناية سقفها صواني وجدرانها كلسية بيضاء، أرضيتها ملأى بالردميات التي جلبتها مياه “الزيدي” ولم يعد يظهر منها سوى ارتفاع 1م.
في الموقع الأثري توجد صخرة كبيرة وجهها الرئيسي باتجاه الشرق والجنوب الشرقي، يوجد عند زاويتها من الخارج صورة صغيرة لحيوان غير واضح، لكن قد يكون فيلاً صغيراً. خلا من التفاصيل والدقة الكافية لتجسيده. جسمه بيضوي من كافة الجهات باستثناء الجانب الأمامي فهو على شكل مستقيم فوق تحت. ربما لتركيز التفاصيل على الرأس الذي هو أشبه ما يكون بورقة توت. ومقدمتها مثلثية باتجاه الأعلى وهي الخرطوم. ونقطة صغيرة للعين.
أبعاده من مقدمة الخرطوم حتى نهاية الظهر 22سم. ارتفاعه من المقدمة حتى أعلى نقطة منه 19سم. ارتفاع كل قدم 8 سم. طول الرأس لوحده 11سم. يتجه جنوب شرق شمال غرب باتجاه تجويف داخلي لكتلة الصخر يعتقد بأنها مغارة».
القسم الجنوبي الغربي للصخرة منها يحمل ما يلي: تشكيل بديع لغزلان سبعة. من اليمين حتى اليسار. يظهر اثنان منها بشكل متقن بطريقة التفريغ الكامل مع وجود خطوط خارجية. لكنها تعرضت لتخريب عنيف وكسر منها هذا الجزء.
أبعاد الجزء المكسور هذا 150×33سم بعمق 36سم. يظهر فيه جزء علوي من غزالة رأس مع ظهر، له قرون تتجه للأعلى ثم تنحني نحو الخلف. يسبق هذا الغزال واحد آخر يظهر منه الظهر والمؤخرة طوله 32سم. له ذيل على شكل خطين متوازيين ويوجد تشكيل لقطيع من خراف نفذت بأسلوب مبسط قوامه خطوط خارجية.
ومنها خروف يتجه نحو الشرق الجزء الخلفي منه مكسور، بعضها تعرض للتشويه والبعض الآخر غير مكتمل وكأن سبباً ما منع الفنان من إكماله حتى النهاية.
بالإضافة للعثور على حيوان كبير يظهر أنه خيلٌ أبعاده 55 سم من المقدمة حتى نهاية الذيل. بعد القدمين عن بعضهما 31.5 سم رأسه مثلثي. جسمه متطاول له قدمان صغيرتان أبعاده 47 سم من المقدمة وحتى النهاية.
مدونة وطن بتصرف