غرفة دمشقية عمرها ٢٠٠ سنة في متحف ألماني
غرفة دمشقية عمرها الآن مئتا سنة، كان قد اشتراها رجل ألماني يدعى كارل أرسنت، كان مستشرقاً مهتماً بجمع التحف الشرقية،
لم يكن مستشرقاً بالمعنى الحديث للكلمة، ففي القرن التاسع عشر كانت كلمة مستشرق تعني من يحيط نفسه بأشياء من الشرق، ولكن أرنست لم يكن يحيط نفسه بالتحف الشرقية فحسب بل كان مشجعاً للفنون ومصلحاً ثقافياً.
.
وفي سنة 1898 قام برحلة إلى الشرق، وكانت أحد أهدافه إيجاد غرفة تمثل النمط الشرقي المثالي، وحاول الحصول على هذه الغرفة في جميع أنحاء السلطنة العثمانية آنذاك.
وبعد أن فشل، طلب المساعدة من القنصل الألماني في دمشق، الذي قام بدوره، بإيكال المهمة إلى مصور ألماني كان مستقراً في دمشق منذ وقت،
وبالفعل أدى المصور المهمة على أكمل وجه، ووجد الغرفة الدمشقية الفريدة.
.
ُفككت الألواح الخشبية المكونة للغرفة بجدارنها وسقفها، والمزينة بالرسوم العربية، وغلفت وأرسلت إلى ألمانيا 100 قطعة منفصلة، لتصلها سنة 1899.
في حينها كانت ميول أرسنت قد تغيرت وأصبح أكثر ميلاً للفن والهندسة العصرية، لذا احتفظ بالغرفة كما جاءته مغلقة في سقف فيلته الخاصة،
وبعد وفاة أرسنت سنة 1921 كُتب للغرفة عمر جديد، فقد أهديت إلى متحف الشعوب في دريسدن، لكنها لم تبدأ برؤية النور إلا سنة 2000 .
.
والحائط الخشبي الأول من الغرفة كان أول الأجزاء التي عرضت، بعد ان أستغرق ترميمه 3000 ساعة عمل، واحتاج الكثير من الأموال التي ُجمعت من المتبرعين، فالسنين التي مرت على الغرفة فعلت فعلها، فالألوان بهتت وخشب الجوز الذي يؤلف جدرانها تكسر في أجزاء والتهمه الدود في أجزاء أخرى، والمرايا طالها الصدأ، لذا فإن إعادة الحياة لهذه الغرفة لم يكن عملاً سهلاً على فريق العمل المؤلف من مختصين في مجال العمارة والترميم والتاريخ.
.
في هذه السنة افتتح متحف الانثولوجيا في دريسدن معرضا جديدا، يقدم من خلاله رؤية جاذبة للشرق الأوسط، معتمداً بصورة رئيسية على الغرفة الدمشقية كاملة بعد أن أنجز ترميمها، وهي تستوقف المتفرج الداخل إلى المعرض بالدرجة الأولى،
.
وإن كانت قيمة الغرفة ُتستمد من قدمها وروعة تصميمها، إلا أنه من اللافت للنظر أيضاً أنها احتوت على نسخة محفورة بالخط العربي للقصيدة الشهيرة (المنفرجة) التي تنتمي إلى التراث الصوفي، وترجح بعض المصادر أن كاتبها كان الشاعر أبو الفضل بن النحوي الأندلسي مما يجعل هذه الغرفة تشكل ، نموذجاً للتمازج الثقافي والحضاري ..
.
القصيدة ترجمت إلى اللغة الألمانية، من قبل الدكتورة كلوديا أوت عام 2008 وتم تعليق النسخة الألمانية بجانب العربية، ليتمكن الزائر الألماني من فهم تلك القصيدة، التي تعبر، عن أنه مهما اشتدت كروب المؤمن وآلامه، لابد من الفرج، ومن هنا استمدت القصيدة اسمها، المنفرجة.