غرف البيوت الشاميّة حول العالم
خصّ كثير من الهواة الأوروبّيين والأمريكييّن البيوت الشاميّة بعناية خاصّة وقاموا بدراستها ووصفها بالتفصيل ورسمها وتصويرها وذهب بعض الموسرين منهم إلى شراء غرفٍ بكاملها وتفكيكها لإعادة تجميعها في بلادهم سواءً كان ذلك في المتاحف أو المجموعات الخاصّة. هناك العديد من الأمثلة في العديد من البلدان وأذكر منها هنا ألمانيا نقلاً وتعريباً عن Scharrahs:
.
اشترى ثلاثة من هواة الفنّ الشرقي الألمان ثلاث غرف استقبال شاميّة من بيوت خاصّة مشغولة من الخشب المطلي المتعدّد الألوان بين الأعوام ١٨٩٩ و ١٩١٢.
.
الهواة الثلاثة كانوا أخصّائييّن شديديّ الاهتمام بالفنّ الإسلامي وعلى دراية خاصّة بهذا الفنّ
• Karl Ernst Osthaus و• Herbert M. Gutmann و• Friedrich Sarre.
لا تزال ثلاث غرف عثمانيّة سوريّة محفوظة إلى اليوم في ألمانيا بفضل هؤلاء الأشخاص أحدها
• غرفة حلب الشهيرة في متحف الفنّ الإسلامي في برلين
• والثانية غرفة دمشق في متحف الأعراق (Ethnological Museum) في درسدن
• والثالثة المدعوّة Arabicum في Villa Gutmann في مدينة Potsdam (فيلّا خاصّة).
.
هناك أيضاً غرفة تمّ شراؤها عام ١٨٩٠ كانت معروضة في متحف الفنّ التطبيقي Applied Art في Düsseldorf دمّرت خلال الحرب العالميّة الثانية.
.
رأينا كيف قام عدد من الهواة الأثرياء الأوروبييّن والأمريكييّن بشراء غرف شاميّة وتفكيكها ثمّ شحنها وتجميعها من جديد في بلادهم وبالطبع كلّف هذا مبالغاً طائلة واستلزم الأمر تعاون وسطاء وتجّار محلييّن.
.
اشترى البارون Oppenheim عام ١٩٢٦ زينة عجمي لداخل قاعة دمشقيّة ضمّها إلى مجموعته في برلين ومع الأسف ذهبت ضحيّة قصف الحلفاء في الحرب العالميّة الثانية. من حسن الحظّ أنّه ترك لنا صوراً لها وعلى ما يبدوا التقطت بعض هذه الصور في دمشق قبل إرسال مكوّنات الغرفة إلى ألمانيا ويبقى السؤال عن هويّة البيت الذي أخذت منه هذه الغرفة إذ أورده المستشرق الشهير تحت اسم Bet Muneijir بينما هجّأته الأستاذة Scharrhas مع قليل من الاختلاف Bayt Munejeer وهنا غاية ما أستطيعه هو محاولة تصوّر المقصود عن طريق اللجوء إلى transliteration (نقل الحروف للأبجديّة الأصليّة وفي هذه الحالة العربيّة) .
هل عنى أوبنهايم “بيت منيّر” أو “المنيّر”؟ وإذا كان الأمر كذلك فأين كان موقع هذا البيت ومتى بني (واضح أنّ مكوّناته بيعت في عشرينات القرن الماضي وعلى الأغلب هدم وقتها) ومن بناه؟ لم يستطع الكاتب العثور على معلومات عنه في دراسة Weber الموسوعيّة اللهمّ إلّا إذا كان مذكوراً تحت اسم مختلف بالكليّة.
.
وقد تعرّفنا على موقع هذا البيت في شارع نزلة حمّام القاضي حارة الشحم (زقاق يؤدّي إلى سوق مدحت باشا على الطرف الشمالي للشارع)
.
البيوت الشرقيّة التقليديّة زهيدة الأثاث عموماً ولا نجد فيها إلّا بعض الطاولات الصغيرة والصناديق وما شابه ومن هنا الاعتماد على التجويفات والخزائن الجداريّة لاعتبارات نفعيّة وتجميليّة ولهذه “المحاريب” أسماء تختلف باختلاف وظائفها والغاية من ورائها كما يلي:
• المصبّ
أوّل ما يصادفه الزائر عندما يدخل قاعة الاستقبال وهو كناية عن محراب عمودي في مركز جدار العتبة مقابل مدخلها ويحنوي على عدّة القهوة وإبريق ماء وطاسة وأركيلة على رفّ حجريّ وتزيّن سقفه نحوت ومقرنصات حسب إمكانيّات صاحب الدار وذوقه.
• الكتبيّة
رفوف لعرض الصمديّات النحاسيّة أو الخزفيّة و”الصيني” أو بكل بساطة للكتب ويمكن أن تكون جدرانها مبيّضة أو أن نحتوي على لوحات بداية من ثلاثينات القرن التاسع عشر.
• اليوك
تجويف كبير وواسع نراه في مركز الطزر في كثير من الغرف وعادة لا يتمتّع إلّا بالحدّ الأدنى من الزينة اللهمّ إلّا في قوسه العلوي والسبب أنّه يستعمل لخزن الوسائد والفرشات واللحف إلى آخره وعلى الأغلب كان مبطّناً ومغطّى بقماش لحماية المخزونات من الغبار وأيضاً للزينة وتعزّز بعض الصور التاريخيّة هذه الفرضيّة.
تمّ تحويل الكثير من هذه “اليوكات” مؤخّراً إلى فترينات للعرض أو خزائن جداريّة بإضافة أبواب خشبيّة أو زجاجيّة ويحتاج المرء لخبرة معيّنة كي يتعرّف عليها وسط الديكور الحديث.
• السمندرة
خزانة جداريّة كبيرة للفرشات والحرامات وعادة ليس فيها رفوف وإذا كانت أصغر سميّت خزانة أو دولاب.
.
وقد اشترى جايراندرسون قاعة نوم كاملة من دمشق يعود تاريخ صناعتها للقرن التاسع عشر الميلادي، ووضعها في غرفة مستقلة في متحفه المسمى الكريتليه في القاهرة بما في ذلك وجود جدرانها الخشبية بخزائنها والسرير الرائع المزخرف بالعاج والصدف وتستقطب الغرفة الدمشقية اهتمام السائحين بأجوائها الشرقية المترفة والمعززة بستائر من الحرير الدمشقي الملون المنسوج محليا.وكانت الغرفة قد نفذت عام (١٦٩١م) لإحدى الدور الدمشقية العريقة، وكالعادة، كانت أخشابها مزينة بدهان دمشقي بديع نافر متعدد الألوان، وهي عبارة عن غرفة مزخرفة بالكامل بزخارف نباتية وورود. مع أبيات تلف كامل الغرفة مدحا فى النبي محمد.
.
كما نجت غرفة دمشقية نادرة من الهدم، والإزالة التي آذت الكثير من البيوت التاريخية في دمشق حيث احتواها متحف سعودي لروائع الفن الإسلامي، لتروي قصّة الحقبة الزمنية عام 1181هـ تقارب 1766م، عندما كانت تستخدم تلك الغرفة لاستقبال ضيوف الأسرة الدمشقية، كما تملأ مجموعة من الزخارف والنقوش الدمشقية جدرانها الخشبية، بالإضافة إلى وجود نوافذ ونافورة حجرية في أرجاء الغرفة التي احتضنها متحف إثراء بالظهران شرق السعودية.
وقد تم تفكيك الغرفة بشكل سليم من فناء منزل يقع في حارة الباشا في دمشق، والذي هُدم في عام 1978م، لتعبيد أحد الطرق
.
من المتاحف التي حوت غرفة دمشقية نذكر مايلي
• المتحف السعودي لروائع الفن الإسلامي
• متحف قطر للفن الاسلامي
• متحف درسدن في المانيا
• متحف متروبوليتان في اميركا
• متحف الفنون الإسلامية في ماليزيا
• متحف مدينة سنسناتي في اميركا
• مبنى للسفارة السورية السابق في ” بون “
• متحف شانغريلا في هاواي
• متحف جار أندرسون في القاهرة او بيت الكريتلية
شام الروح 2