إن أولادنا في سورية قد دفعوا فاتورة غالية نتيجة ما حدث ورغم ذلك على ربوع عربين، نحن جالسون وباقون”.
بالفعل، شخصت الأنظار منذ ساعات الصباح إلى عربين التي شهدت توافد لجموع المؤمنين الغفيرة من دمشق وريفها ليشهدوا على هذا الفصح الجديد.
مدينة عربين او عربيل مدينة من محافظة ريف دمشق تقع في الغوطة الشرقية اشتقت الكلمة العربية لعل عربين تحريف عربيل الآرامية، بمعنى غربال أو من عربانة الآرامية بمعنى الصفصاف، وهي مدينه سورية توجد في محافظة ريف دمشق وتفصلها عنها قرابة 7 كيلومترات، ويعبر المدينة نهر تورا، وهو أكبر فرع من أفرع نهر بردى و يحدها من الشمال حرستا، من الشرق مديرا وحمورية، ومن الغرب القابون وزملكا.، كما تتصل المدينة مع خمس بلدات صغيرة، ومنها بلدة القابون وبلدة مديريا، وبلدة زملكا، ويتبع لها عدد من البلدات الصغيرة، ومنها؛ رمانه، والجوازه
تاريخ بناء مدينة عربين لم يتمكن المؤرخون من تحديد تاريخ معين لتأسيس المدينة، ولكن من المعروف أنها أخلت أكثر من مرة من سكانها وأهلها لأسباب مختلفة، منها الحرائق والأمراض التي حلت بها وعدد من العوامل الطبيعية مثل الزلازل، واشتهرت المدينة فيما مضى بزراعة أشجار اللوز العقابي المشهور، الذي كان يغطّي معظم بساتينها، كما عرفت المدينة بامتلاكها واحدة من أكبر الأسواق في سورية خاصةً عند موسم قطف اللوز. كما اشتهرت المدينة بزراعة أشجار الزيتون وأشجار الجوز المنتشرة في أراضيها
الجبلية العالية، إلا أنّ الكوارث الطبيعية والحرائق التي حلت بها لم تترك سوى القليل من أشجارها المتنوعة، وبالرغم من المحاولات العديدة في تشجيرها، إلا أن تلك المحاولات قد باءت بالفشل، حيث إن طبيعة تربتها لم تعد كما كانت في السابق؛ بسبب التوسع السكاني وتشييد العديد من المصانع على معظم أراضيها. سكان مدينة عربين بلغ التعداد السكاني لها في عام 2012 ما يقارب ال 73 ألف نسمة، تعود 10% منهم أصولهم إلى مدينة دمشق، ويدين الأغلبية فيها بالدين الإسلامي، والبقية من المسيحيين…
المسيحية متجذرة في عربين منذ نشوء المسيحية في دمشق وكانت اصلا كل بلدات الغوطة الشرقية قد صودرت كنائسها واديرتها ومنها دير العصافير ودير جرمانوس ودير العذراء في عدرا بسبب وقوعها في القسم الشرقي المحيط بدمشق والذي اقتحمه خالد بن الوليد حربا فتحولت كنائسها واديارها ومعها الريف الشرقي للغوطة… وبقي المسيحيون الذين تناقص عددهم خلال الالفين المنصرمتين بقي مسيحيو عربين في ارضهم بالرغم من نكبة المسيحيين في فتنة 1860 متمسكين بالبلدة واراضيهم الزراعية وهم اساسا ً من الطبقة المنفتحة والذين يخلقون فرص عمل متجددة دوما فقد عملوا بالنجارة والصياغة وتجارة قطع تبديل السيارات واشادوا مدرسة متميزة في الكنيسة باسم المدرسة الاهلية وكانت كنيستهم الحالية القديس جاورجيوس قد ادعى المسلمون في عربين انها جارية بوقف الجامع الكبير لكن القضاء انصفهم، وانصفهم بالتالي حاكم دولة دمشق المغفور له حقي بك العظم، وقرر حق المسيحيين بكنيستهم عام 1922 وعائلات المسيحيين وكلهم من الارثوذكس ومنهم جزء من دوما وجزء من زملكا بعد ان فرغت البلدتان من المسيحيين بنتيجة فتنة 1860، ومن العائلات آل بغدان الشهيرة وهي اساساً لاجئة من بلاد الفلاخ والبغدان اي رومانيا وذلك بعد قتل السلطان العثماني لأمير البلاد فرنكو في العقد الاول من القرن 18 ومعه العديد من افراد العائلة ولجأو الى دمشق وهي مأوى العديد من الاقوام المستضعفة عبر التاريخ، وقد كانت اقامتهم في عربيل بعيدا عن اعين السلطات العثمانية وتلقبت هذه العائلة بتسمية البغدان نسبة الى موطنها الاصلي.
خدم البلدة كهنة محليون، وكان آخر هم من عربين الخوري يوسف منصور عم اب الخوري فايز منصور في المانيا والمطران دامسكينوس شقيقه مطران البرازيل، ولكن البطريرك الكسندروس ابقاه في البطريركية بدمشق وصار يخدم الرعية كاهنان من بلدة صيدنايا بالتناوب، وتدين البلدة للايكونوموس سمعان البدين وهو من بلدة موثبين الحورانية وكان في اول عهده مديرا لمدرسة عربين الارثوذكسية الابتدائية، ونظرا لفضيلته وتقواه وغيرته على الايمان الارثوذكسي اجمعت عليه الرعية كاهنا لها فرضخ وساهم في خلق شخصية الرعية في وسط مغاير يتمتع بعضه بالنفور من المسيحيين فاستطاع بمحبته وحكمته ان يحصل على محبة المسلمين وهو قد رفع جرس الكنيسة وكان ذلك يعد في عربين من سابع المستحيلات، وبعد وفاته كلف البطريرك اغناطيوس الرابع الاب يوحنا التلي برعاية عربين بعد ان كان يقوم بذلك بالتناوب كهنة من دمشق بينهم دامسكينوس منصور وجوزيف الزحلاوي ابني البلدة، واستطاع الاب يوحنا من ضم الشباب الى مدارس الاحد الارثوذكسية والى رعاية المدرسة وقد تتلمذ له بعض الشباب من عربين رهباناً في رهبنة دير القديس جاورجيوس الرهباني بصيدنايا ومنهم قد صار من عداد الكهنة كالخوري جبرائيل كحيلا راعي كنيسة حرستا وكنيسة الصليب المقدس حالياً، والخوري دانيال نعمة كاهن البلدة وكاهن كنيسة الصليب المقدس حاليا ونائب الصاحب لمدارس الآسية بباب توما كالخوري رومانوس بغدان كاهن كنيسة القديس بائيسيوس في جرمانا ويعتبر فرع عربين لمدارس الاحد من الفروع المتقدمة كذلك جمعية القديس جاورجيوس العربينية في عربين وفرعها بدمشق، وتتمتع رعية عربين بالغيرة الارثوذكسية الشديدة والتبرع الدائم للكنيسة والجمعية والمدرسة…
مما هو جدير بالذكر ان أول مهاجر عربي هاجر إلى أمريكا الشمالية كان سوري من عربين وهو مؤسس الارسالية السورية الارثوذكسية الدكتور يوسف عربيلي وهو الذي اتصل بالكنيسة الروسية الارثوذكسية التي كانت ترعى المهاجرين الارثوذكس الى العالم الجديد طلب ارسال كاهن لرعاية السوريين الارثوذكس في بروكلن وطلب تحديدا الخوري روفائيل هواويني الذي لم يعترف على البطريرك اليوناني اسبريدون 1892 فأقاله من الامطوش الانطاكي في موسكو ولكنه بقي في روسيا في قازان، وروفائيل هذا كان اول مطران عربي في العالم الجديد ولكنه برعاية ابرشية آلاسكا الروسية خدم رعية اميركا من عام 1892 الى وفاته عام 1916 وقد تم اعلان قداسته مؤخرامن قبل الكنيسة الارثوذكسية الروسية، وصار من قديسي الكنيسة الارثوذكسية قاطبة…)
وكذلك كان اول مهاجر من آل جوهرة في دمشق هاجر هو وعائلتة من عربين عقب حروب الأماكن المقدسة 1856 وتنقل ثمانية عشر عاماً ثم ارتحل وهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق فرنسا، أسس أبناؤه جريدة كوكب أمريكا أول جريدة عربية تصدر في الولايات المتحدة، ويقال ان عائلته لاتزال في عربين.
عانت عربين من التنظيمات الارهابية منذ 2011 وحتى تحريرها مع الغوطة الشرقية 2016 وقدم الجيش السوري مئات الشهداء لتحرير الغوطة ومعها عربين، وقدمت بلدة عربين المسيحية بعض الشهداء وفي مقدمهم الشهيد البطل العماد داوود راجحة وزير الدفاع السوري في تفجير مبنى الامن القومي واستشهاد خلية الازمة عام 2013 الاربعة وهو منهم.
تدمرت الكنيسة وبيوت المسيحيين في حينه بعد نهبهم، فلجأ المسيحيون الى دمشق وهاجر فريق منهم الى المغتربات، وبعد تحرير الغوطة وعربين بدىء باعادة بناء الكنيسة وبعض البيوت ورجع البعض الى البلدة، وساهم اهل عربين بمساهمات مالية مع مساهمة كبرى من غبطة ابينا البطريرك يوحنا العاشر بطريرك انطاكية وسائر المشرق ومن الكنيسة الارثوذكسية الروسية… ومن متروبوليت اميركا الشمالية جوزيف الزحلاوي ابن البلدة (تقاعد مؤخراً) والتنمية البطريركية والعلاقات المسكونية في بطريركية الروم الارثوذكس بدمشق
تكريس الكنيسة بعد اعادة بعثها
خلال القداس، تعانقت الكنيستان الأرثوذكسيتان الأنطاكية والروسية تأكيدا على عمق العلاقة والاخوة التي تربط بين الكنيستين حيث صدحت الأفواه بالتراتيل التي تعبر عن الفرح بهذا الفجر الجديد.
احملوا دائما شعلة النور ولا بد من أن تتحقق العودة. ودعونا نرفع الدعاء في هذا القداس الأول ونصلي من أجل الرئيس الروسي بوتين، والرئيس السوري د. بشار الأسد، وقداسة البطريرك كيريل بطريرك موسكو وسائر روسيا.”.