·
من عجائب والدة الإله
ﻓﻰ ﺯﻣﺎﻥ ﺧﻼﻓﺔ ﻫﺎﺭﻭﻥ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ ﺣﻜﻢ ﻣﺼﺮ ﻭﺍلي ﻇﺎﻟﻢ ﺍﺿﻄﻬﺪ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻭﺃﺫﺍﻗﻬﻢ ﺃﻟﻮﺍﻥ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ، ﻭﺃﻣﺮ ﺑﻬﺪﻡ ﺍﻟﻜﻨﺎﺋﺲ . ﻓﺄﺭﺳﻞ ﻗﻮﺍﺩﺍ ﻣﻦ ﺃﻋﻮﺍﻧﻪ ﻟﻜﻞ ﻣﻜﺎﻥ، ﻭ.ﻣﻌﻬﻢ ﺃﻭﺍﻣﺮ ﻣﺸﺪﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺑﻬﺪﻡ ﻛﻞ ﻛﻨﻴﺴﺔ ﻓﻰ ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ، ﻭﺍﺳﺘﻤﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻳﻨﺘﻘﻠﻮﻥ ﻣﻦ ﺑﻠﺪ ﻷﺧﺮﻯ ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻠﻮﺍ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﺴﻤﻰ ﺃﺗﺮﻳﺐ، ﻭﻛﺎﻥ ﺑﻬﺎ ﻛﻨﻴﺴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﻢ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻓﺎﺧﺮﺍ، ﻭﺑﻬﺎ ﺃﻋﻤﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺧﺎﻡ، ﻭﻣﻐﺸﺎﺓ ﺑﺎﻟﺬﻫﺐ – ﻭﻣﺎ ﺃﻥ ﺷﻌﺮ ﻛﺎﻫﻦ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺑﻮﺻﻮﻟﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻭﺻﻠﻰ ﺻﻼﺓ ﺣﺎﺭﺓ ﺑﺪﻣﻮﻉ، ﻭﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﺻﺎﺣﺒﺔ ﺍﻟﺒﻴﻌﺔ ﺃﻥ ﺗﻌﻴﻨﻪ ﻓﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﺮﻫﻴﺒﺔ. ﺛﻢ ﺧﺮﺝ ﺍﻟﻰ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﻭﺃﺗﻰ ﺑﻪ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻭﺃﺭﺍﻩ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﻔﺎﺋﺲ ﻭﺫﻫﺐ، ﻭﺃﺭﺍﻩ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻳﻘﻮﻧﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻸﻣﻴﺮ، ﺃﻣﻬﻠﻨﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﺣﺘﻰ ﺃﺗﻴﻚ ﺑﺄﻣﺮ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ ﺑﺎﻋﻔﺎﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﺪﻡ، ﻓﻀﺤﻚ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﻗﺎﺋﻼ : ﺍﻥ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻓﻰ ﺑﻐﺪﺍﺩ، ﻭﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﻴﻨﻪ ﺳﻔﺮ ﻻ ﻳﻘﻞ ﻋﻦ ﺷﻬﺮﻳﻦ، ﻓﻜﻴﻒ ﺗﻘﻮﻝ ﺃﻧﺖ ﺍﻧﻚ ﺗﺄﺗﻰ ﻣﻨﻪ ﺑﺄﻣﺮ ﺑﻌﺪ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ؟ ﻫﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﻌﻘﻮﻝ .
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻜﺎﻫﻦ ﺃني ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺳﺄﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ، ﺣﺘﻰ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺃﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ، ﻭﺃنا ﻓﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻣﻠﺰﻡ ﺑﻨﻔﻘﺎﺕ ﺍﻗﺎﻣﺘﻚ ﺃﻧﺖ ﻭﻣﻦ ﻣﻌﻚ، ﻭﺃﺧﺮﺝ ﺍﻟﻜﺎﻫﻦ ﻣﻦ ﺟﻴﺒﻪ 300 ﺩﻳﻨﺎﺭ ﻭﺳﻠﻤﻬﺎ ﻟﻸﻣﻴﺮ .
ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﺎﺡ ﺷﺪﻳﺪ ﺭﺿﻰ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺃﻥ ﻳﻤﻬﻞ ﺍﻟﻜﺎﻫﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺃﻳﺎﻡ ﻗﺎﺋﻼ ﻟﻪ : ﺃﻋﻠﻢ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﺃﻧﻪ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﺗﻬﺪﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺑﻌﺪ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ . ﻓﺄﺟﺎﺏ ﺍﻟﻜﺎﻫﻦ: ﺍﻥ لي ﺃﻣﻞ ﻋﻈﻴﻢ ﻓﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﺍﻟﺘﻰ ﺣﻠﺖ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ ﻭﺧﻠﺼﺖ ﻣﺘﻴﺎﺱ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺠﻦ، ﻗﺎﺩﺭﺓ ﺃﻥ ﺗﻤﻨﻊ ﻋﻨﺎ ﺗﻬﺪﻳﺪﻙ ﻫﺬﺍ، ﻭﻫﻰ ﺗﺤﺎمي ﻋﻦ ﺑﻴﻌﺘﻬﺎ، ﺛﻢ ﻫﺮﻉ ﺍﻟﻜﺎﻫﻦ ﺍﻟﻰ ﺣﻴﺚ ﺃﻳﻘﻮﻧﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﻭﺟﺜﺎ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ، ﻭﺻﻠﻰ ﺑﺤﺮﺍﺭﺓ ﻗﺎﺋﻼ ” : أﻏﻴﺜﻴﻨﺎ ﺃﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮﺓ ﻭﻻ ﺗﺠﻌلي ﺃﻋﺪﺍﺀﻧﺎ ﻳﺸﻤﺘﻮﻥ ﻓﻴﻨﺎ، ﻭﺍﻥ ﻛﻨﺎ ﻗﺪ ﺃﺧﻄﺄﻧﺎ ﻓﺴﺎﻣﺤﻴﻨﺎ . ﻭﺍﻧﻨﺎ ﻗﺪ ﺃﻟﻘﻴﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺐﺀ ﺍﻟﺜﻘﻴﻞ ﻋﻠﻴﻚ ﻓﺎﺳﺄلي ﺍﺑﻨﻚ ﻋﻨﺎ . ﻓﻬﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻯ ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻴﻪ ﻗﻮﺗﻚ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ، ﻓﺄﺳﺮعي ﻳﺎﺳﻴﺪﺗﻰ ﻟﻨﺠﺪﺗﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻬﺪﻡ ﺑﻴﻌﺘﻚ، ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺼﻴﺮ ﻋﺎﺭﺍ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭﺃﻧﺖ ﻣﻌﻨﺎ ﻳﺎ ﺃﻡ ﺍﻟﻠﻪ .”
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﻜﺎﻫﻦ ﻳﺼﻠﻰ، ﻭﺩﻣﻮﻋﻪ ﺗﺴﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻨﺘﻴﻪ، ﻭﻫﻮ ﻟﻢ ﻳﺬﻕ ﻃﻌﺎﻣﺎ ﺣﺘﻰ ﺧﺎﺭﺕ ﻗﻮﺍﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻮﻉ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎﺯﺍﻝ ﻣﺘﻤﺴﻜﺎ ﺑﺎﻳﻤﺎﻧﻪ ﻭﺭﺟﺎﺋﻪ ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ .
ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻧﻄﻘﺖ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﻘﻮﻧﺔ ﻗﺎﺋﻠﺔ : ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﺍﻟﻤﻌﻴﻨﺔ ﻟﻜﻢ، ﻻ ﺗﺨﺎﻓﻮﺍ ﻣﻦ ﺗﻬﺪﻳﺪ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﻓﻘﺪ ﻋﻤﻠﺖ ﻟﻚ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻃﻠﺒﺖ ﻭﺳﻮﻑ ﻳﺄﺗﻴﻪ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﺭﺋﻴﺴﻪ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻓﻰ ﺍﻟﺤﺎﻝ .
ﻭﻓﻰ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻜﺎﻫﻦ ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻴﻼ، ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻧﺎﺋﻤﺎ ﻓﻰ ﺑﻐﺪﺍﺩ، ﻓﺎﺫﺍ ﺑﻪ ﻳﺮﻯ ﻧﻮﺭﺍ ﺳﺎﻃﻌﺎ ﺇﻟﻬﻴﺎ ﻓﺎﺳﺘﻴﻘﻆ ﻣﻦ ﻧﻮﻣﻪ ﻣﺮﺗﻌﺪﺍ ﻓﺮﺃﻯ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﻭﺍﻟﺪﺓ ﺍﻻﻟﻪ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ، ﻓﺎﺿﻄﺮﺏ ﻟﺴﺎﻋﺘﻪ ﻭﻓﺰﻉ ﺟﺪﺍ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﺮﻫﺎ ﺍﻟﻤﻬيب ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻪ : ﺃﻧﺎ ﻣﺮﻳﻢ ﺃﻡ ﻳﺴﻮﻉ ﺍﻟﺬﻯ ﻓﻌﻠﺖ ﻣﻌﻪ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ، ﻭﺩﺑﺮﺕ ﺣﻴﻠﻚ، ﻭﺃﻣﺮﺕ ﺑﻬﺪﻡ ﺍﻟﻜﻨﺎﺋﺲ، ﻓﻜﻴﻒ ﺗﻨﺎﻡ ﻫﺎﺩﻯﺀ ﺍﻟﺒﺎﻝ، ﻭﺑﺴﺒﺒﻚ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻮﻥ ﻓﻰ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﻓﻰ ﺃﺷﻘﻰ ﺣﺎﻝ؟ ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﺃﻡ ﺍﻻﻟﻪ ﺍﻟﺬﻯ ﺑﺈﺭﺍﺩﺗﻪ ﺃﻋﻄﺎﻙ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ، ﻓﺎﺭﺟﻊ ﻭﺗﺐ ﻋﻦ ﺃﻋﻤﺎﻟﻚ، ﻭﺍﺧﺶ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺇﻻ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻟﻚ ﻋﺬﺍﺏ ﺃﻟﻴﻢ، ﻭﺗﻘﺎسي ﺷﺪﺍﺋﺪ ﻣﺮﺓ، ﻭﺃﺗﻌﺎﺑﺎ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺣﺘﻰ ﺗﺸﺘﻬﻰ ﻣﻮﺗﻚ ﻋﻦ ﺣﻴﺎﺗﻚ .
ﻓﺎﺭﺗﺠﻒ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻗﺎﺋﻼ : ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪﻳﻨﻪ ﻳﺎ ﻣﻮﻻتي ﺃﻓﻌﻠﻪ ﻟﻚ، ﻭﻻ ﺗﺆﺫﻳﻨني ﻳﺎﺳﻴﺪﺗﻰ .
ﻓﻘﺎﻟﺖ : ” ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﻜﺘﺐ ﺣﺎﻻ ﻣﺮﺳﻮﻣﺎ ﺑﺨﻂ ﻳﺪﻙ ﻭﺗﺨﺘﻤﻪ ﺑﺨﺎﺗﻤﻚ ﻭﺗﺮﺳﻠﻪ ﻷﻋﻮﺍﻧﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻓﻰ ﺃﺗﺮﻳﺐ ﻟﻴﺼﻠﻬﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻭﻳﻤﻨﻌﻬﻢ ﻣﻦ ﺗﺨﺮﻳﺐ ﺍﻟﻜﻨﺎﺋﺲ ﻭﺍﻻﻋﺘﺪﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ .” ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ : ﻭﻛﻴﻒ ﻳﺼﻞ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻻ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮ ﻭﻻ ﺑﺎﻟﺒﺮ. ﻓﺄﺟﺎﺑﺘﻪ: ﺃﻛﺘﺐ ﺍﻟﻤﺮﺳﻮﻡ، ﻭﺑﻌﻮﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﻮﻑ ﻳﺼﻞ ﻓﻰ ﻳﺪ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻡ ﻣﻦ ﻧﻮﻣﻪ، ﻓﺎﺭﺗﻌﺪ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺬﻯ ﺗﻜﻠﻤﺖ ﺑﻪ، ﻭﻛﺘﺐ ﺑﻴﺪﻩ ﻣﺮﺳﻮﻣﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺍﻟﺬﻯ ﻓﻰ ﺃﺗﺮﻳﺐ : ” ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻫﺎﺭﻭﻥ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ ﺃﻛﺘﺐ ﺑﻴﺪﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺮﺳﻮﻡ ﻓﺄﺳﺮﻋﻮﺍ ﺑﺎﻟﺤﻀﻮﺭ ﺣﺎﻻ ﻭﻻ ﺗﺘﻌﺮﺿﻮﺍ ﻟﻠﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻓﻰ ﻫﺪﻡ ﻛﻨﺎﺋﺴﻬﻢ ﻭﺑﺎﺩﺭﻭﺍ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺇليّ”
ﺛﻢ ﺧﺘﻢ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﻭﺑﻬﺖ ﻣﺘﺤﻴﺮﺍً ﻣﺎﺫﺍ ﺳﻴﺤﺪﺙ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ . ﻭﺍﺫﺍ ﺑﻄﺎﺋﺮ ﻟﻪ ﻣﻨﻘﺎﺭ ﺃﺗﻰ، ﻭﺧﻄﻒ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﻣﻦ ﻳﺪﻩ ﻭﻃﺎﺭ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺛﻢ ﺍﺧﺘﻔﺖ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﻣﻦ ﺃﻣﺎﻣﻪ، ﻭﺑﻌﺪ ﺑﺮﻫﺔ ﻭﺟﻴﺰﺓ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮ ﻓﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺃﺗﺮﻳﺐ ﻭﺟﺎﺀ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺟﺎﻟﺴﺎ ﻭﺭﻣﻰ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻃﺎﺭ .
ﻓﺘﺢ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﻭﻫﻮ ﻣﺬﻫﻮﻝ . ﻭﺍﺫﺍ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ ﻳﺄﻣﺮﻩ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﻓﻰ ﺍﻟﺤﺎﻝ . ﻗﺮﺃﻩ ﻣﺮﺓ ﻭﺃﻋﺎﺩ ﻗﺮﺍﺀﺗﻪ، ﺛﻢ ﺃﻣﻌﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻰ ﺍﻟﺨﺘﻢ، ﻭﻓﻰ ﺧﻂ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻓﺎﺫﺍ ﻛﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ، ﻓﺘﻌﺠﺐ ﻭﺗﺤﻴﺮ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺍﺭﺗﺎﺏ، ﻓﺄﺭﺳﻞ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻜﺎﻫﻦ ﻓﺤﻀﺮ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ : ﺍﺧﺒﺮﻧﻰ ﻣﺎﺫﺍ ﻓﻌﻠﺖ، ﻭﻣﻦ ﺧﻠﺼﻚ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻼﺹ ﺍﻟﻌﺠﻴﺐ ﻭﺃﺗﻰ ﻟﻚ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ؟
ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺃﺟﺎﺑﻪ ﺍﻟﻜﺎﻫﻦ ﺑﻤﻞﺀ ﺍﻻﻳﻤﺎﻥ، ﻭﺑﻘﻠﺐ ﻣﻤﻠﻮﺀ ﺍﺑﺘﻬﺎﺟﺎ : ﺍﻥ ﻫﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﻋﻤﻞ ﺍﻧﺴﺎﻥ ﻣﻨﻈﻮﺭ، ﺑﻞ ﺃﻧﻪ ﻓﻌﻞ ﺃﻡ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻭﺍﻟﺪﺓ ﺍﻻﻟﻪ ﺍلتي ﺗﺴﻬّﻞ ﻟﻨﺎ ﻛﻞ ﻃﺮﻳﻖ، ﻭﺗﺤﻤﻞ ﻋﻨﺎ ﻛﻞ ﺛﻘﻞ . ﺛﻢ ﻗﺺ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻜﺎﻫﻦ ﺻﻼﺗﻪ ﻭﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﻘﻮﻧﺔ، ﻓﺒﻬﺖ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﻭﺁﻣﻦ ﺑﺎﻟﺴﻴﺪ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ، ﻭﺩﺧﻞ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻭﻗﺒّﻞ ﺃﻳﻘﻮﻧﺔ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﻭﺗﻀﺮﻉ ﺍﻟﻴﻬﺎ لكي ﺗﺴﻤﻊ ﻟﻪ ﻫﻮ ﺃﻳﻀﺎ ﻭﺗﺤﺮﺳﻪ في ﺳﻔﺮﻩ . ﺛﻢ ﺃﺧﺮﺝ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﺍﻟﺜﻼﺛﻤﺎﺋﺔ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﺍﻟﺘﻰ ﺃﻋﻄﺎﻫﺎ ﻟﻪ ﺍﻟﻜﺎﻫﻦ ﻭﺭﺩﻫﺎ ﻟﻪ، ﻭﺃﻋﻄﺎﻩ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺌﺔ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﺃﺧﺮﻯ ﻛﺘﺬﻛﺎﺭ . ﺛﻢ ﻗﺎﻡ ﻣﺴﺮﻋﺎ ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻟﻜﻨﺎﺋﺲ ﻭﺫﻫﺐ ﺍﻟﻰ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﺑﻞ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻓﻮﺟﺪﻩ ﻣﺘﺤﻴﺮﺍ . ﻭﺑﻌﺪ ﺗﺒﺎﺩﻝ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺳﺄﻝ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﻓﻮﺭﺍ : ﻳﺎ ﻣﻮﻻﻧﺎ ﺟاءﺗﻨﺎ ﻣﻨﻚ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻓﻬﻞ ﻫﺬﺍ ﺻﺤﻴﺢ ﺃﻡ ﺗﺰﻭﻳﺮ؟ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ : ﺍﻥ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ منّي ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻋلمني ﺳﺮﻳﻌﺎً ﻋﻤﺎ ﺟﺮﻯ . ﻓﻘﺺّ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺭﺁﻩ ﻓﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺃﺗﺮﻳﺐ، ﻭﻗﺼﺔ ﺍﻟﻜﺎﻫﻦ ﻭﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﻭﺍﻟﻄﺎﺋﺮ . ﻓﻘﺎﻡ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻓﻰ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻭﻗﺎﻝ : ﺳﻮﻑ ﻧﺒﻨﻰ ﻛﻨﻴﺴﺔ ﻟﻠﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﺃﻡ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻟﺘﻜﻮﻥ ﻋﻮني في ﺣﻴﺎتي ﻭﺗﺨلّصني ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﺔ بي، ﻭﺗﻜﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺃﻓﺨﺮ ﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻤﻌﺎﺑﺪ ﺍﻟﺘﻰ ﺭﺃﻳﻨﺎﻫﺎ في ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ .
ﻭﻓﻌﻼً ﺍﺑﺘﺪﺃﻭﺍ ﺑﺎﺟﺘﻬﺎﺩ في ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻭﻭﺿﻌﻮﺍ ﺑﻬﺎ ﻧﻔﺎﺋﺲ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻭﺃﻳﻀﺎ ﺃﻳﻘﻮﻧﺔ ﻟﻠﺴﻴﺪﺓ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ . ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺍﺟﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻮﻥ ﺍﻟﻤﺸﺘﺘﻮﻥ .. ﺍﺟﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻮﻥ ﺍﻟﻤﻀﻄﻬﺪﻭﻥ ﻟﻠﺼﻼﺓ ﺑﻔﺮﺡ ﻭﺗﻬﻠﻴﻞ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻓﻰ ﺯﻭﺍﻳﺎ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻛﻬﻮﻓﻬﺎ ﻭﻣﻐﺎﻳﺮﻫﺎ ﻣﺨﺘﺒﺌﻴﻦ ﺧﺎﺋﻔﻴﻦ ﻣﻦ ﻫﻮﻝ ﻣﺎ ﻭﻗﻊ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﻋﺬﺍﺏ .
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺑﻔﻀﻞ ﺷﻔﺎﻋﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﺍﻟﻌﺬﺭﺍﺀ ﺍﻧﺘﺼﺮﺕ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ، ﻭﺍﺭﺗﻔﻌﺖ ﺭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺼﻠﻴﺐ، ﻭﺑﻄﻠﺖ ﻣﺸﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﺪﻳﻦ
شفاعتها تشمل الجميع