تعتبر دمشق من المدن الغنية بموروثاتها التاريخية نظرا لما تزخر به من قلاع وحصون وحارات قديمة لا تزال تحتفظ لغاية الآن بكل تفاصيلها الدقيقة مما يجعلها قبلة للسياح الذين يقفون مشدوهين لعظمة معالمها الاثرية وحاراتها التي يعود تاريخها إلى مئات السنين وربما آلاف السنين وخاصة ماحول كاتدرائيتها العظمى المحولة الجامع الاموي..
ومن يزور الحارات القديمة بمنطقة “باب توما” على سبيل المثال يقف متأملا لإرثها العريق وامتدادها الفسيح وبيوتها المتراصة التي تخترقها الطرقات الضيقة والأزقة الصغيرة لتشعره بالعودة لمرحلة من مراحل تاريخ الإنسان السوري.
وما يشدك عند دخولك الى حارات “باب توما” هو انك ترى قرية متكاملة بكل معالمها ومداخلها وطرقاتها الطويلة الضيقة الملتوية ومبانيها الطينية القديمة الرائعة الجمال وما يخيم عليها من هدوء يعطيك شعورا بالطمأنينة والامان.
وتشهد هذه الحارات حركة كثيفة في عدد السياح الذين يحرصون على التأمل في تصميمها المعماري القديم الذي تتميز به هذه على الرغم من التوسع العمراني الكبير الذي شهدته دمشق لتظل تلك الابنية القديمة على حالها عدا طابع الترميم الذي طالها وليس التجديد او التوسيع بغية الحفاظ على أرثها العريق.
ويلاحظ كذلك ان الحارة روعي في تخطيطها أن تدخل جميع الخدمات ضمن محيطها مثل المخابز والمياه وغيرهما من الخدمات المهمة في حياة السكان بالحارة ، ونظرا لأهميتها لكونها احد النماذج المتكاملة اصبحت أحد المعالم السياحية التي تنظم اليها الرحلات والأفواج السياحية. ويقع باب توما في الجهة الشمالية من سور دمشق وهو في الأصل باب روماني نسب لأحد عظمائهم واسمه (توما) او توماس وتسميه العرب (توماء) وجدد الباب كبقية ابواب دمشق في العهد الايوبي لتحصين المدينة ابان حروب الفرنجة في القرن الـ13 الميلادي ايام الملك داود بن عيسى الايوبي سنة (625 هـ / 1227 م) ثم رممه نائب السلطنة تنكز ويقول فارس حنا وهو احد سكان حارة الدحلانية في باب توما ان السياح لاسيما الاجانب منهم يتوقون لزيارة الحارات الدمشقية القديمة لما تضمه من معالم ومزارات سياحية تجعل منها قبلة مهمة لهم.
واضاف ان بيوت الحارة لم تتأثر بالتطور العمراني، وهذا ما يشد السياح الذين يعيشون لحظات جميلة فيها، لاسيما عندما يستمعون إلى حكايات و قصص قديمة شهدتها الحارة. وقال ان المسؤولين في سورية حرصوا على عدم السماح بتنوع البناء الحديث في هذه الحارات وبقى محصورا بالطراز الذي كان منتشرا في ذلك الزمن، والذي تميز بطابع البناء الشرقي مع بعض التعديلات التي تفرضها الظروف المناخية كاستعمال الخشب والقرميد إلى جانب الحجر.
دمشق القديمة
هو اسم المنطقة القديمة من مدينة دمشق، التي تعد أقدم مدينة مأهولة في العالم، وأقدم عاصمة في التاريخ. تقع المنطقة القديمة داخل أسوار مدينة دمشق التاريخية، وتمتاز بأبنيتها وأوابدها التي تعود لعدة عصور وأماكنها المقدسة من كنائس وجوامع تعد رمزًا للديانات، وبشوارعها وطرقاتها التي مشى عليها القديسون كالشارع المستقيم التي شق دمشق القديمة من الشرق من الباب الشرقي الى الغرب اي الى الباب الغربي او باب الجابية وقدمشى عليه شاول المضطهد للمسيحية، ثم صار بولس رسول المسيحية، ومن هذا الشارع انطلق عبر باب بولس الى العربية، وبشر بها ثلاث سنين، ثم عاد اليها، ومنها انطلق الى انطاكية مروراً بسورية الداخلية والساحلية، ومن هناك وعبر آسية الصغرى والبحر المتوسط بشر في اليونان، وغيرها واخيرا رومة واستشهد فيها.
كما مشى في دمشق القديمة بعض الصحابة، والملوك والقادة والعلماء والعظماء من صناع التاريخ. وفي العام 1979 سُجلت مدينة دمشق القديمة على لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو.
تتميز دمشق القديمة بأسلوب العمارة الدمشقية الشهيرة بطرازها الفريد، ويسمي السكان المحليون بيوت دمشق المبنية على الطراز الدمشقي القديم «بيوت عربية» والتي تمتاز بفناء داخلي واسع فيه الايوان وتحيط بالدار العربية الغرف وتتوسطها بحرة جميلة.
ويتكون البيت العربي من طابق أو طابقين فيه الكثير من الفنون المعمارية وتطل على الفناء المليء بأحواض النباتات والأزهار وتتوسطه البحرة الشامية الدمشقية الشهيرة، وتحتوي المدينة الكثير من مساجد وجوامع وكنائس ومدارس تاريخية ومقامات وأضرحة وقصور وشوارع مرصوفة بالحجارة وحارات مسحورة مسكونة بعبق التاريخ.
تضم دمشق القديمة العديد من الأحياء العريقة والكنائس الكبرى والأسواق والخانات والمساجد والمدارس والشوارع المرصوفة والقلعة والسور الروماني، والجدير بالذكر أنها تضم معظم آثار مدينة دمشق. في حين أن دمشق القديمة لا تشكل سوى حوالي 5% من مساحة مدينة دمشق الحالية وتمتاز الآثار التاريخية في المدينة بأنها تعود لعدة فترات وحقب زمنية من الحضارات التي تعاقبت على المدينة العريقة التي يعود تاريخ بنائها إلى قبل آلاف السنين.
تقع دمشق القديمة قرب مركز مدينة دمشق المتمثل بمنطقة المرجة.
سوق مدحت باشا
شارع تجاري هام مستقيم يمتد بين باب الجابية و سوق البزروية.
في أواخر العهد العثماني قام والي دمشق مدحت باشا، وأسمه مدحت الصلح وكان يلقب بالباشا بتوسيع هذا السوق ( و الذي كان يدعى سابقا سوق جقمق ) وذلك سنة 1878 م، بعد أن أشعل الحرائق عمدا في الدور السكنية التي كان السوق مكتظا بها إثر معارضة سكانها للإخلاء. و منذ ذلك الحين حمل أسم مدحت باشا.
و في عام 1925 / إحترق قسم منه إثر القصف الفرنسي لمنطقة الحريقة. و ما زال سقفه المعدني ( وكذلك سقف سوق الحميدية ) يحمل آثار ثقوب الرصاص إثر الثورة السورية.
وحاليا يوجد به اقدم سوق يحوي بضائع مختلفة ومشهورة عالمياً، ويقصده السواح والعرب كثيرا، ويعد اكبر مول تجاري في العالم.
زقاق (الجن)
الشهير اليوم كسوق صناعي لبيع قطع تبديل السيارات تحكي العامة سبب التسمية إلى أن المنطقة كانت مسكونة بالجن قبل أن تعمر، وكان الجن ينشرون في أجواءها العطر والبخور.
وربما يكون سبب وجود مثل هكذا اعتقاد إلى كون المنطقة كثيرة الرياح لوقوعها على ممر الريح بين جبلي الربوة والمزة، والرياح التي تحرك أشجارها العالية فتصدر أصوات حفيف تشبه الهمهة والصفير.
وكان لبعض الحوادث التي جرت مع المارة أثراً في ترسيخ الاعتقاد بوجود قوى خفية في المنطقة، كسقوط أغصان الأشجار عليهم.
وثمة أخبار تفيد بأن الناس كانوا يتجنبون العبور في هذه المنطقة خوفاً من الجن، هذا ثبّت اسم الجن على هذا الزقاق، وشجع على نسج تخاريف تلهب الخيال.
وتمنح المكان هالة من الغموض والرهبة، كما قد تفعل مثلا تسمية (حبس الأموات) على أحد الأزقة في العمارة الجوانية، وقد أطلقت في البداية على المدرسة الناصرية الجوانية، وشاع لقب حبس الأموات في عصر عبد القادر بدران حيث كان يحبس فيها من يموت وعليه دين حتى يتطوع الناس لسداد دين.
المزة
سبب الاسم:كانت المزة قرية قديمة، تعود إلى العهد الروماني، وعثروا فيها على قطعة من عمود من الحجر الكلسي في داريا، رقم عليها عشرة أسطر بأحرف يونانية ذكر فيها ”إلى نباهة إليوس ستانونوس بأن يضع حجرا يحدد به أرض قرية المزة “. و بعددخول المسلمين لدمشق سكنت قرية المزة قبائل يمانية من بني كلب فسميت (مزة كلب)، أما اسم المزة فهو يوناني في أصله ومعناه (الرابية) وبالفعل فسطح المزة مرتفع عن سوية سطح دمشق القديمة، و هذا ما يلاحظه القادم من ساحة الأمويين بإتجاه أوتستراد المزة.
ويقال انها سميت بالمزة نسبة الى الصبارة الحلوة التي اشتهرت بها حواكير المزة بساتين (التي تقع خلف مشفى الرازي حاليا) الله يرحمها للصبارة ئديش حبيناه، ويقال ان المارة كانو يأكلون الصبارة ويقولون مزة…يعني طيبة، و المزة اليوم ضاحية حديثة ضخمة، وسميت بدمشق الجديدة على اثر مشروع وضع زمن الوحدة لجعلها “دمشق الجديدة”.
المهاجرين
منطقة سكنية واسعة على سفح جبل قاسيون قريبة على منطقة المزة
عقب فقد الدولة العثمانية بعض أراضيها في أوربا كالبلقان، هاجرت أعداد كبيرة من العائلات المسلمة التي كانت تقطن فيها إلى البلاد الإسلامية، و لذا كلف السلطان العثماني عبد الحميد خان الثاني والي دمشق حسين ناظم باشا بإيواء بعضهم، فإختار منطقة على سفوح جبل قاسيون لإقامة هؤلاء المهاجرين الذين وصلوا دمشق قادمين من ( الرومللي ) سنة 1890 و 1896.
و في عام 1900 وصل فوج جديد من اللاجئين من ( جزيرة كريت ) إثر مذابح 1897، فأنشأ لهم حسين ناظم باشا حيا آخر على بعد 200 متر إلى الغرب من المنطقة الأولى، وسميت المحلة بأكملها ( المهاجرين) نسبة إليهم.
وهي تحوي جادات عديدة وتمتد على جبل قاسيون وتعد من المناطق الكبيرة المكتظة سكانياً.
برج الروس
و هي محلة بين القصاع و باب توما.
كان من عادة السفاح المشهور تيمورلنك عندما يجتاح المدن و يدمرها، أن يقيم في احد مواضعها برجا من رؤوس الضحايا المقطوعة ، فتجعل الوجوه بارزة الى الخارج ليراها من يمر بها فيلقى في قلبه الرعب من سطوة السفاح الرهيب كنوع من التأثير المعنوي .
و في عام 803 هجري أصيبت دمشق بأسوأ فاجعة في تاريخها، وهي إجتياح المغول لها وخرابها، ومقتل معظم رجالها و سبي نسائها، و يصف شهود عيان المدينة آنذاك أن معظمها قد أحرق ودُمِّر. و بعد فراغ جنود تيمورلنك من أعمال السفك والنهب أقاموا بالمحلة المذكورة برجا من الرؤوس المقطوعة ، فسميت منذ ذاك ( برج الرؤوس ) و هذه التسمية حفظتها القرون على ألسنة العامة رغم أنهم نسوا قصتها . و خفف الاسم بالعامية الدمشقية الى ( برج الروس ).
واحيانا يظن الناس انها سميت بهذا الاسم نسبة الى البناء الموجود في هذه المنطقة واغلب سكانه من الرووس وهذا خطأ شائع…
بير التوته
المهاجرين حالياً سميت بهذا الاسم نسبه لبئر ماء كان عليه شجره توت ضخمه كل من جاء يملأ ماء من البئر كان يأكل من هذه التوته فسمي بئر التوته نسبه للشجره واختصر لبير التوته (ولم يبقى من التسميه الا مقبرة بآخر طلعه شورى الى الآن اسمها مقبره بير التوته)
ألا عندما قدم المهاجرين الاتراك سميت المهاجرين نسبه لهم……………
القزاز
منطقه في دمشق القديمه بين السادات وباب السلام الكثير بعتقد انه سميت بالقزاز نسبه لكثره محلات الزجاج فيها وهذا خطأ…
فقد كانت القزاز منطقه مليئه بأشجار التوت، وعلى شجر التوت يتغذى دود القز الذي يستخرج منه الحرير الطبيعي. وكانت هذه المنطقه مشهوره بالحرير الطبيعي، وسميت القزاز نسبه لمن يربي دود القز وتطورت التسميه لتصبح الئزاز.
سوق ساروجة
أتت التسمية من الكلمة التركية Sarıca والتي تعني أصفر اللون(كما يذكر بعض الباحثون).
ويذكر بعضهم الآخر أن حي سوق ساروجة أنشئ في القرن الرابع عشر الميلادي في عهد الأمير المملوكي سيف الدين تنكز الذي مكث في دمشق طويلاً، وإليه ترجع الكثير من الآثار المعمارية؛
واسم الحي منسوب إلى أحد قادته، وهو صارم الدين ساروجة المتوفي سنة 743 هـ-1342م. واحتل الحي مكانة مرموقة، فكان مجالاً للتنافس بين الأمراء المملوكيين الذين تسابقوا لبناء المنشآت فيه، فأشادوا المدارس والجوامع والحمامات التي لا يزال الكثير منها قائماً حتى الآن وكانت المدرسة الشامية البرانية أساساً لإنشائه حيث أخذ بالاتساع حولها تدريجياً حتى اكتمل في عهد الأمير «تنكز» وأصبح له سوق خاص.
بانتهاء العصر المملوكي بدخول الاحتلال العثماني إلى دمشق أخذت الكثير من ملامح الحي والسوق تتبدل، ونظراً لوقوع الحي خارج سور المدينة فقد تميز بسوقه الكبير ومنازله الواسعة وحماماته ومساجده الفخمة..
وهذا ما دفع رجال الدولة العثمانية إلى التمركز فيه بعد أن أجلوا العائلات المملوكية منه وأطلقوا على الحي اسم (اسطنبول الكبرى) نسبة إلى الطبقات الأرستقراطية العثمانية التي كانت تقطنه.
ركن الدين
منطقة من مناطق دمشق وسميت بهذا الاسم نسبة الى والي عثماني قد دفن فيها واسمه ركن الدين في جامع النابلسي..
حي ركن الدين من الاحياء العريقة يعود تاريخه الى 1170م في فترة الحكم الايوبي عاش فيه أعلام ومشاهير سوريين وعرب عبر تاريخه القديم والحديث…
فيه الكثير من المدارس القديمة التاريخية والاثرية والمقامات فيها ضريح ركن الدين في جامع النابلسي وفيه أحد أكبر المجمعات الدينية مثل مجمع أبو النور الاسلامي وهو مسجد مفتي سوريا السابق فضيلة الشيخ أحمد كفتارو ومسجد الاستاذ محمد سعيد رمضان البوطي …
وتنتشر المباني والعمارات الراقية في ركن الدين بجانب التاريخية والعديد من المعالم العريقة والقديمة
مقام ستي حفيظه
يقع في ساحه الميسات وهوه عباره عن قبه خضراء وفي تخطيط الشوارع في دمشق لم يكن هناك شيئ يدعى بساحه الميسات وعندما حاول عمال تنظيم الطرق فتح طريق مباشر بين شارع برنيه والجسر الأبيض توقف عمل الجرفات فجأه وبائت محاولات الحفر كلها بالفشل ولما سألوا عن السبب عرف بانه كان يجتمع بهذا المكان سته من حفظه القرآن وكانوا يعلمون الاولاد القراءة والقرآن (خجى)
فعملوا ساحه وسموا المقام (الست حفظه) ويعني سته أشخاص وتطورت التسميه لتصبح ستي حفيظه…………..
شارع أبي رمانة
سُمي بهذا الاسم نسبة لضريح كان يوجد في موضع جامع العدس عُرف بضريح أبي رمانة, والعهدة عل الراوي انه كان أحد الأولياء الصالحين دون معرفة أسمه فأطلق الناس عليه أسم أبي رمانة لوجود شجرة رمان تظلل قبره في رويات كتيرة بسبب التسمية ((ابو رمانة)) تشابهت بالمضمون واختلفت في التفاصيل.
حرســـــــتا (البصل): قريه في ريف دمشق التابعه للغوطه كانت تدعى سابقاً (دير رستا)وكانت عباره عن دير للمسحيين، وفي أثناء الاحتلال العثماني بدأت حركات التحرر وكان الثوار يلجأون للجبل أو للغوطه للأختباء من المحتلين، ودارت عده معارك في الغوطه بين الثوار والمحتلين مما جعل أرضها تحرث بالرصاص فسميت حرستا بدالا من دير رستا .
والبصل لقبا لها دليل على خصوبه أرضها، فالبصل يحتاج لأرض خصبه ومياه نقيه ليتم زراعته واشتهرت حرستا بزراعه البصل
تلك التسميات التي تحمل معاني سلبية تعكس إلى حد ما سمات المكان، رغم أن دلالات التسمية في ظاهرها قد لا تتوافق مع اصل اشتقاقها، فسوق قميلة التي يظن للوهلة الأولى أنها مشتقة من قمل تبدو عكس ذلك، رغم أن معانيها أيضاً سلبية، وسوق قميلة القريب من سوق النسوان، ورد ذكره في عهد المماليك في القرن التاسع للهجرة في رسالة /نزهة الرفاق في شرح حال الأسواق/ لمؤرخ الشام يوسف بن عبد الهادي إذ قال: “سوق البيمارستان أو سوق برا أو سوق قميلة، الثلاثة أسماء لسوق واحد تحت القلعة تباع فيه الخلقان”.
دِمَشْق هي العاصمة وهي أقدم عاصمة مأهولة في العالم، وقد احتلت مكانة مرموقة في مجال العلم والثقافة والسياسة والفنون والادب خلال الألف الثالث ق . م ، وكانت عاصمة في مراحل وحضارات كثيرة في تاريخها الطويل وأصبحت عاصمة الدولة الإسلامية عام 661 أيام الأمويين. و يعرف أنه في نهاية الألف الثاني (ق. م.) أسس الزعيم الآرامي ريزون مملكته في دمشق وكانت عاصمة له . يبلغ عدد سكان دمشق حوالي 6,2 مليون نسمة حسب إحصائية عام 2004 ويتالف سكان دمشق بدرجة اولى من العرب ثم الاكراد وياليهم الاتراك والأرمن والآشوريين والشركس.
يقع جزء من المدينة على سفوح جبل قاسيون والقسم الأكبر من دمشق، بما فيه المدينة القديمة، يقع على الضفة الجنوبية لنهر بردى، بينما تنتشر الأحياء الحديثة على الضفة الشمالية والغربية . مدينة دمشق هي قلب محافظة دمشق التي تحيط بها بساتين الغوطة وجبل قاسيون وربوة دمشق.
يعود نشوء دمشق إلى تسعة آلاف سنة قبل الميلاد أو أكثر، كما دلت الحفريات بالقرب منها في موقع تل الرماد ، ويذكر الباحثون إنها اقدم مدينة وعاصمة في التاريخ ، كانت عاصمة منذ فجر التاريخ ولعدة حضارات في فترات تاريخية مختلفة ، وبالنسبة لأسم المدينة فهناك العديد من الروايات التاريخية التي اختلفت في تحديد معنى تسميتها، ولها روايات عديدة والأرجح كما تقول إحدى الروايات أنها كلمة ذات أصول آشورية قديمة تعني الأرض الزاهرة أو العامرة ، ويقال كذلك إنها سميت شام نسبة إلى سام ابن نوح، وفي النصوص الآرامية ورد الاسم دارميسك، ولعل الكلمة تعني الأرض المسقية. وقد حوّر اليونانيون والرومانيون هذا الاسم الى دارماسكس واحتفظ العرب بالتسمية الحالية دمشق. و قد أطلق عليها ألقاب الفيحاء، جلق، جنة الأرض، الروض الغناء نظراً لجمالها و طبيعتها الخلابة.
والكثير من الروايات التي تدور حول اسم المدينة الأقدم في العالم .
أسماء دمشقمن أسماء مدينة دمشق ذات العماد، وارم ذات العماد، وحبرون، وآرام، و بت رامون وديمترياس، وجلق ودرة الشرق، وشامة الدنيا وشام شريف، وكنانة الله، ودامسكا، والفيحاء، وتيماشكي وداماس وداماسكوس والدار المسقية ومدينة الياسمين،والشام.
تاريخ دمشق
دمشق هي أقدم عاصمة في العالم، ويقول البعض أنها أقدم مدينة مأهولة في العالم أيضاً. ورد ذكرها في اغلب مخطوطات الحضارات القديمة، مخطوطات مصرية تعود إلى القرن الخامس عشر قبل الميلاد، ووثائق أرامية واشورية واكادية وحيثية وبابلية وفينيقية ورومانية ويونانية وغيرهم .
ورد اسم دمشق وذكرت المدينة بأسمائها في كافة الحضارات القديمة ، وورد ذكرها في ألواح تحوتموس الثالث فرعون مصر بلفظ (تيماسك). وذكرت في ألواح تل العمارنة (تيماشكي)، وفي النصوص الآشورية ورد الاسم (دا ماش قا) ، وفي النصوص الآرامية ورد الاسم (دارميسك)، ولعل الكلمة تعني الأرض المسقية، وذكرت في الحضارات المختلفة البابلية والفنيقية الرومانية واليونانية والفارسية ، وفي العصور الإسلامية أطلق عليها اسم (الفيحاء) و(جلق)و(الشام) واقدم ذكر لدمشق في وثائق مملكة ماري السورية.
لمدينة دمشق العريقة (تاريخ يرتبط فيه التاريخ) فهي قديمة بقدم الإنسانية وعاصمة للكثير من الممالك والحضارات والامبراطوريات والدول عبر التاريخ وحاضرة قائمة منذ اقدم العصور ، مرت بها وعرفتها كافة الحضارات التي قامت في الشرق واهم الامبراطوريات في الغرب ، كانت موطنا للآراميين في أواخر الألف الثاني قبل الميلاد، تعاقب على حكمهاعلى التتابع الآشوريون والكلدان واليونان الأغريق والفرس والروم، وسقطت بأيدي الاسكندر الأكبر عام 333 ق.م. وبعد وفاته، أصبحت دمشق جزءاً من المملكة السلوقية. احتلها الإمبراطور الروماني بومبيوس الأكبر عام 64 ق.م وأصبحت من أهم المدن في العصر الروماني . دخلت المسيحية إلى دمشق في السنوات الأولى لانتشار المسيحية ، وأصبحت فيما بعد مركزاً مسيحياً مهماً أنارت الدنيا بالحضارة ومنها انطلق القديسين والرسل لنشر والتبشير بالديانة المسيحية منهم القديس بولس . وقد ارتبط تاريخ دمشق بالعالم اليوناني لفترة تقدر بحوالي عشرة قرون، عرفت المدينة خلالها ازدهار الحضارة الهلنستية، حيث تمازجت عناصر الثقافة اليونانية مع الحضارة السورية الشرقية وثقافته وكذلك كافة الحضارات التي مرت بالمدينة في العصور القديمة .
ما قبل العصر البرونزي
بحسب عمليات التنقيب والبحث التي تركزت في الغوطة ووادي نهر بردى فإن منطقة دمشق مأهولة بالبشر منذ 10,000 عام أي خلال مرحلة الصيد والانتقال، وقد عثر إضافة لآثار الانسان العاقل على آثارلإنسان نياندرتال، وأبرز ما آثر عن تلك الحقبة فؤوس ومقاحف حجرية وغيرها من الأدوات اليدوية، غير الفترة الممتدة من انقراض انساننيا ندرتال قبل 40,000 عام وحتى 30,000 عام تلبث شديدة الغموض في تاريخ دمشق وكذلك في تاريخ سائر الشرق الأوسط عمومًا، ثم تعود الآثار البشرية والحضرية للظهور مع دخول العصر الزراعي قبل 30,000 عام تقريبًا، إذ عثر على العديد من القرى والمستوطنات البدائية، خصوصًا في منطقة تل الأسود وتل الغريفة، وقد عُثر في هاتين البقعتين من دمشق على أقدم مخازن الحبوب في العالم وبعض حبيبات من الشعير والقمح المتفحم، أما عن نمط الحياة حينها فقد بنى الدمشقيون الأوائل أكواخًا بيضوية صغيرة الحجم استخدم في بنائها الطين واللبن والقصب وهي من المواد التي كانت متوفرة بكثرة في المستنقعات والبحيرات التي كانت تسوّر المدينة، وجفّت مع تتالي الحُقب.
وبحسب تحليل مادة الكربون – 14 فإن موقع تل الرماد يرجع تاريخه إلى النصف الثاني من الألف السابع قبل الميلاد وربما نحو 6300قبل الميلاد، وقد شهدت المستوطنات تطورًا حياتيًا فاستعمل الحجر في بنائها ورصفت شوارعها بالحجارة أيضًا، وعثر في موقع تل الغريقة على أقبية ومخازن ومواقد للشيْ، وطور السكان نظام سقاية بسيط، كما عثر أيضًا على عدد وافر من عظام الماعز والغنم وغيرها من الحيوانات المدجنة، ورغم عدم تمكن المنقبين من وضع تصور دقيق حول الفن والحياة الاجتماعية والدين في دمشق خلال تلك الفترة، إلا أنّ المكتشفات تدلّ على وجود نوع من الفن وحياة اجتماعية متكاملة في كلا الموقعين، مستوطنة تل الغريقة دمرت في الألف الخامس قبل الميلاد، غير أنه خلال الفترة نفسها بنيت مستوطنة ثالثة شمال الغوطة، ويشير الباحثون إلى أن عددًا من السكان عاد إلى التنقل بدلاً من الاستقرار بدليل آثار المنازل الضعيفة الصنع، والتي تشير إلى تنقل مستمر بين المناطق، وإلى وفرة عظام الحيوانات، ما يدلّ على امتهان الرعي.
منذ القرن الرابع قبل الميلاد دخلت دمشق ضمن إمبراطورية الاسكندر المقدوني ثم ورثته من السلوقيين، والتي وإن كانت عاصمتها أنطاكية إلا أن حكامها قد أبدوا اهتمامًا وعناية كبيرة بدمشق وتحصينها لوقوعها على تخوم دولتهم، إذ انتشبت عدد من الحروب والمعارك بينالسلوقيين من جهة والبطالمة في مصر من جهة ثانية للسيطرة عليها قبل أن يحسم الأمر لصالح السلوقيين.
عرفت دمشق خلال تلك الحقبة، مرحلة الازدهار التجاري والحضاري وانتشرت اللغة اليونانية القديمة في المدن الكبرى والسواحل مع وجود للآرامية، ووجود اكبر لها في شرق الفرات. وكانت المدينة مكانًا لتمازج الثقافتين الآرامية السوريّة والإغريقيّة اليونانيّة. في عام 85 قبل الميلاد دخلت دمشق في ظل دولة الانباط خلال حكم الملك الحارث الثالث، واستطاع القائد الروماني بومبيوس فتحها عام 64 قبل الميلاد مع مجمل الأراضي السوريّة، وجعلها إداريًا تتبع الولاية العربية ومركزها بصرى الشام، وفي عام 37 كانت المدينة من جديد في حوزة الحكم الذاتي للمنوح للمملكة الأنباط في ظل الإمبراطورية الرومانية أيام الملك الحارث الرابع، وقد عرفت نشاطًا تجاريًا واسعًا خلال تلك المرحلة مع تحولها إلى محطة تجارية رئيسيّة على طريق القوافل، وأفادها تدفق الأموال في تطورها العمراني ومنحها أمام هذا التطور الإمبراطورهادريان لقب متروبول أي مدينة رئيسية في المدينة الرومانية ثم لقب مستمرة رومانية خلال عهد الإمبراطور سبيتموس سفيروس، وبلغ عدد من أبنهائا مراكز عليا في الإمبراطورية وكسبوا شهرة على مستوى العالم القديم من محامين وشعراء ومهندسين ولعلّ أبرزهم أبولودور.
أصبحت دمشق منذ أواخر القرن الرابع جزءًا من الأمبراطورية الرومية التي حوّلت دمشق إلى قاعدة عسكرية خصوصًا في معاركها ضد الساسانيين في فارس، ودخلت لفترة طويلة في حوزة الحكم الذاتي للغساسنة الذين سكن عدد منهم في المدينة وشيدوا فيها القصور، كما سكّت خلال حكمهم عملة خاصة باسم دمشق. غير أن الفرس استطاعوا احتلالها مع سائر سوريا عام 612 ومكثت المدينة في يدهم خمسة عشر عامًا فقط قبل أن يتمكن الإمبراطور الروماني هرقل من استعادتها عام 627. ولعلّه من أبرز الآثار العهدين السلوقي والروماني على دمشق، تنظيم وتخطيط شوارع المدينة وتسويرها بسور دفاعي من الحجارة الرملية الضخمة، وبناء أبواب دمشق السبعة والتي لا تزال باقية إلى اليوم، كما يعيد البعض من المؤرخين بناء قلعة وسط المدينة القديمة إلى تلك الحقبة أيضًا؛ كان للمدينة ساحة كبيرة اسمها الفوروم وبني فيها مسرح وملعب في مكان شارع بغداد حاليًا كما ظهر الحي المقدوني على مقربة من السور خلال المرحلة البيزنطية والتي بشكل عام لم تقم بتوسيعات أو أنماط معمارية جديدة في المدينة. أما الكنائس التي بنيت خلال تلك الفترة فلعلّ من أبرزها كنيسة مريم (الكاتدرائية المريمية) التي تعد اقدم كنيسة في العالم بنيت عام 38مسيحية لا تزال حتى اليوم، وهي وكنيسة المصلبة من أقدم كنائس دمشق وأهمها، أيضًا فإنه مع تراجع الوثنية في المدينة فقد تم تحويل عدد من المعابد الوثنية فيها إلى كنائس، إلى جانب تشييد عدد من الأديرة.
في ايلول 635 دخل ابو عبيدة دمشق صلحا من باب الجابية بالتنسيق مع الوجيه سرجون النصراني، وفي نفس الوقت احتل خالد بن الوليد الباب الشرقي ودخل بالحرب الكارثة على السكان بالتواطؤ مع الراهب السرياني يونان الطامع باخراج الروم من دمشق وذلك بعد ستة اشهر من الحصار، منح في إثرها الأمان لسكان قسمها الغربي وكلّ ما فيها، وأشهرَ عقد الأمان مع الوجيه سرجون مقابل دفع الجزية. كان جيش خالد قادمًا إليها من جنوب العراق ملتفًا على الجيش الرومي المرابط جنوبها، ولم تكن المعارك مع الإمبراطورية البيزنطية قد حسمت بعد، إذ وقعت معركة اليرموك في تموز 636م، وشكلت مفصل احتلال المسلمين للبلاد السورية. وكان صكّ الأمان الذي مُنح لأهل دمشق مثالاً لما منح من عهود لسائر المدن السوريّة بعد الاحتلال.
نقلت بذلك عاصمة البلاد السوريّة من انطاكية زمن الروم إلى دمشق.
العهد الاموي
في عام 640 غدا معاوية بن ابي سفيان واليًا، وخلال ولايته وقعت الحرب الأهلية الاولى في الاسلام والتي كان معاوية أحد أقطابها بينما كان علي بن ابي طالب قطبها الآخر متمركزًا في الكوفة. وقد استمرت الحرب بين الفريقين خمس سنوات، إلى أن اغتيل علي وتنازل ابنه الحسن عن الخلافة لمعاوية، فأسس بذلك الدولة الاموية وجعل دمشق عاصمة لها عام661م، وحكم معاوية دمشق أربعين عامًا عشرون منها كوالٍ وعشرين أخرى كخليفة.
انشغلت الدولة الأموية في سنواتها الأولى بتوطيد ركائز الحكم والقضاء على الثورات الانفصاليّة سيّما في العراق والحجاز، وانقسم البيت الأموي بعد خلع معاوية بن يزيد نفسه، وامتناع بعض الأمراء عن مبايعة مروان بن الحكم، وتطور الأمر لصدام عسكري حسمه ابن الحكم في معركة مرج راهط قرب دمشق؛ ومع توسع الدولة وتدفق أموال الجباية على عاصمتها، انتعشت دمشق بشكل خاص وتكاثرت فيها القصور والحمامات وغيرها من المباني والمحال العامة، ويروي المؤرخون أن الناس إذا التقوا بعضهم في أيّام الوليد وهشام، كان حديثهم عن العمارة وفنون البناء، ومجمل ما يمكن استنتاجه من خلال مصادر المؤرّخين، أن مدينة دمشق في العهد الأموي كانت تحفل بحلّة جميلة بعد أن نعمت بالمركز الممتاز، والخير العميم، والازدهار الاقتصادي. ويحدّثنا المؤرخون عن أحواض المياه والنواعير والسّقايات التي كانت منبّثة على أطراف الشوارع، وعلى أبواب المباني العامّة، وفي الأسواق والسّاحات، وعند أبواب المدينة، ولقد عدّد ابن عساكر عشرين منها كانت باقية إلى عهده، يرجع أكثرها إلى عصر بني أميّة؛ ولعلّ “دار الإمارة” التي شيدها معاوية لتكون مقرًا له والتي سميت أيضًا “الدار الخضراء” نظرًا لقبتها الخضراء، إحدى أول وأبرز المشاهد العمرانية الأمويّة في المدينة، كما شيّد الأمويون مستشفيان كبيران داخل المدينة ودارًا للخيول. وبنى الوليد بن عبد الملك الجامع الاموي بعد مصادرته لكاتدرائية دمشق التي على اسم يوحنا المعمدان وفيها رأسه بالرغم من وقوعها في القسم الغربي الذي لايجوز مصادرة كنائسه وتحويلها الى جوامع ولكن نشير هنا الى انه كان في هذا القسم 16 كنيسة كان يسري عليها هذا العهد كلها وعلى التتابع صودرت وتحولت الى مساجد بعكس واقع القسم الشرقي المفتوح حربا وكل كنائسه صودرت فوراً وتحولت الى مساجد، قام الوليد بتزيين الجامع بالفسيفساء وجعله اعظم مساجد العالم، وكذلك الحال في حلب. وبنتيجة هذا الازدهار استقرت حولها على ضفاف نهر بردى عدد من القبائل، وشقّ “نهر يزيد” من نهر بردى لتأمين الريّ لمساحة أكبر من الأراضي؛ كما اهتمّ الوليد أيضًا بالطرقات وربط المدن بعضها ببعض سيّما بين دمشق والبادية، حيث شيّد الأمويون ما يزيد عن عشرين قصرًا للتنزه وممارسة الرياضات المختلفة، وشهدت المدينة بالتزامن مع ذلك نهضة ثقافيّة.
بعد وفاة هشام بن عبد الملك أصيبت الدولة الأمويّة بالصدع، وتعاقب عليها خلفاء ضعفاء بدءًا من الوليد بن يزيد الذي شهدت دمشق في عهده اضطرابات طاحنة وفتنة دمويّة بين القيسية واليمنية، وانتهى عهده بمقتله على يد أمراء البيت الأموي ذاته، غير أن الفتن والاضطرابات استمرّت في عهد خليفته يزيد بن الوليد الذي مكث أقل من عام في الحكم قبل أن يأتي أخوه إبراهيم، ليخلعه بعد شهرين مروان بن محمد الذي نقل العاصمة من دمشق إلى حران مركز ولايته السابق. ولم يتوقف تداعي صرح الدولة في عهده، رغم الجهود التي بذلها في ذلك. وبختام العصر الأمويّ، زال عهد دمشق الذهبي.
أصبحت مدينة دمشق في القرن السابع وبعد الفتح الاسلامي للمدينة أهم المدن الإسلامية ومنارة للعلم والأدب ومرجع وموطن للقادة والعلماء والمفكرين ، وتحولت المدينة في العصر الاموي من مركز ولاية إلى عاصمة أكبر امبراطورية إسلامية الدولة الاموية تمتد شرقا إلى حدود الصين ، وإلى جبال البرانس في اسبانيا ومياه المحيط الأطلسي والاندلس غربا . ارتفعت قصور الخلفاء في العاصمة الأموية وامتدت فيها مساحة العمران، وكان من أهم مبانيها في ذاك العهدجامع بني امية الكبير الذي بني في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك مكان معبد جوبيتر ، وهو الصرح الذي يبقى واحدا من أجمل المباني العربية الإسلامية في العالم. ويتألف الجامع الأموي من قاعة كبيرة للصلاة وصحن خارجي فسيح كبير . وتتكون قاعة الصلاة الداخلية من ثلاثة أروقة متوازية تفصل بينها أقواس متناسقة مرفوعة على أعمدة أثرية من الرخام تعود إلى العصور التي سبقت العصر الأموي . ولهذا المسجد ثلاث مآذن تعود إلى ثلاث حقب مختلفة، الأولى تتوسط الجدار الشمالي وتعرف بمئذنة العروس وهي أقدم مئذنة في تاريخ الإسلام ، الثانية في الناحية الشرقية وتعرف بمئذنة عيسى، أما الثالثة فهي في الناحية الغربية وتعرف بمئذنة قايتباي، السلطان المملوكي. وفي دمشق أوابد وآثار كثيرة وفيها الشارع المستقيم الذي ورد ذكره في الإنجيل/ اعمال الرسل .
في عام 749م هُزم الخليفة الاموي مروان بن محمد في معركة الزاب على يد عبد الله بن علي عم الخليفة العباسي الأول ابو العباس السفاح، وتابع جيش العباسيين مسيره من شمال العراق قاصدًا دمشق التي كان مروان بن محمد قد تحصّن بها، غير أنّ أهل دمشق لا سيّما القبائل القيسية رفضوا مناصرته بل وقفوا ضدّه، لفتن عديدة نشأت منذ ضعف الدولة الاموية كان منها نقل مروان بن محمد عاصمة الدولة من دمشق إلى حران.
حاصر العباسيون دمشق من جميع جهاتها، ورغم ضعف إمكانات الأمويين إلا أن المدينة صمدت شهرًا ونصف الشهر كما تنقل أغلب الروايات بسبب متانة أسوارها وشدة تحصينها، ثم تمكن العباسيون من نقب السور عند باب الصغير، وقتل بنتيجة المعركة الوليد بن معاوية قائد الجيش الأموي المرابط فيه، ومنه فتحت سائر أبواب دمشق للعباسيين. ارتكب العباسيون عند دخول حاضرة الخلافة الأموية قسطًا وافرًا من عمليات النهب والتدمير، وقد قال المقدسي أن عبد الله بن علي أمر بأن يهدم السور حجرًا حجرًا، وقال ابن عساكر أن الجند العباسيين كانوا يجزّون الرؤوس في الطرق وينهبون ما يحصلون عليه من الأموال، كما قتلوا أغلب أعضاء الأسرة الأموية وصلبوا بعضهم الآخر من أمثال عبد الله بن عبد الجبار بن يزيد، ولم تسلم الأمويات فعلى سبيل المثال نقل البلاذري أن زوجة هشم بن عبد الملك اقتيدت إلى البريّة وهي سافرة وحافية ثم قتلت فيها، كما أقدمت ابنة مروان بن محمد على الانتحار، وحتى أموات بني أمية نبشت قبورهم وأحرقت بقايا جثثهم.
أُهملت دمشق في العصر العباسي الأول ولم تول أية أهمية، وشهدت عدة ثورات ضد الحكم العباسي أو الولاة العباسيين، منها ثورة عثمان الأزدي عام 750م وثورة هاشم بن يزيد السفياني عام 753م، وثورة أبي العميطر عام 811م،وثورة مسلمة بن يعقوب المرواني عام 812م، وثورة سعيد بن خالد عام 813م، وحركة ابن بريس عام 841م، وقبلها ثورة ضد والي الخليفة الواثق والذي نمّى العصبية القبلية بين القيسية واليمانية، وكانت نتيجتها امتثال الواثق لمطلب أهل المدينة، فعزل عبد الرحمن القرشي وولى مكانه مالك بن طوق التغلبي.
شكلت هذه الثورة بداية نهاية الفتنة والتباغض بين القيسية واليمانية، الذين اقتتلوا مرارًا خلال القرنين 8 و9م ولعلّ أشد اقتتالاتهم تلك التي وقعت أعوام793 و798 ثم عام 802م. وقامت ثورات لاحقة ضد الولاة، فثارت دمشق عام 850م في عهد المتوكل على الله لما مارسه واليها من “استذلال” لأهلها، ثم عام 868م بقيادة عيسى بن الشيخ الذي أعلنها دولة مستقلة استمرت عام 896م حيث كلف المعتمد على الله أماجور التركي بالقضاء على دولة عيسى بن الشيخ، وهو ما تمّ له فعلاً.
يذكر أنّ المتوكل على الله أراد نقل حاضرة الخلافة من سامراء إلى دمشق، وكتب لواليه فيها بذلك، غير أنه لم يمكث فيها سوى شهرين وعاد إلى سامراء تحت ضغط رجال دولته الأتراك. لم يترك العباسيون أثرًا معماريًا هامًا في المدينة باستثناء ما ذهب إليه عدد من المؤرخين بأن قبة الخزنة في الجامع الاموي إنما بنيت في خلافة محمد المهدي عام 774م . خلال القرن 10م الذي تميّز بضعف الخلافة العباسية في بغداد وانتشار الدويلات المستقلة في أرباضها، تتالى على حكم دمشق الطولونيون حتى عام906م. ثم الاخشيديون. تعرضت المدينة لغارة شنها القرامطة ثم البيزنطيون. وتلا الإخشيد الحمدانيون القادمون من حلب حتى 968م حين استعادها الاخشيديون مجددًا عام 967م.
الفاطميون
في عام 970م دخلت المدينة في حكم الخلافة الفاطمية، وقد مارس الجند الفاطميون عمليات سلب ونهب خلال بداية حكمهم، واستنجد أهل دمشق عام 974م بالقائد التركي أفتكين الذي وصل حمص، فلبى أفتكين طلب أهل المدينة، وخرج للسيطرة عليها، وقد وقعت اثنتي عشرة معركة بين أفتكين والقائد الفاطمي جوهر، كان آخرها معركة الشاغور، التي خرجت بنتيجتها الشام عن حكم الفاطميين. عادت دمشق إلى الحكم الفاطمي بعد فترة قصيرة، وساءت أيام الفاطميين أحوال المعيشة وهجرها السكان بنتيجة الغلاء، فانخفض عدد قاطنيها بشكل كبير، وقامت ثورات أحداث عامي 982 و999م وقال المقدسي الذي زار دمشق عام 985م أنها “رائعة” العمارة والبنية التحتية لكن الوضع الاقتصادي كان هشًا. في أواخر أيام الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله(996-1021) اعتقل مئات من وجهاء الأحياء الدمشقيين أو أعدموا بحجة التآمر على الدولة الفاطمية، ولا توجد سجلات تؤرخ لدمشق بعد هذه الفترة غير أنه من المعروف أن الاقتصاد كان ضعيفًا وأن عدد السكان قد تناقص بشكل كبير، استمر الوضع على حاله حتى1075م حين سيطرالسلاجقة تحت قيادة جلال الدولة ملك شاه على المدينة، وقد فتحت المدينة لهم سلمًا.
الاحتلال التركي السلجوقي
حكم تتش بن الب ارسلان دمشق منذ أن سيطر عليها السلاجقة عام 1079م ثم خلفه ابنه دقاق عام 1095م؛ اهتم السلاجقة بالناحية الدينية في دمشق خصوصًا إثر انتشار المذهب الشيعي في أعقاب سيطرة الفاطميين على المدينة، فأنشؤوا عددًا من المدارس الدينية مجانًا، كما اعتنى السلاجقة ببناء البيمارستانات أو المستشفيات العامة، وخلال عهد دقاق بن تتش وخليفته منذ 1104م تتش بن دقاق توالى العمران والازدهار وتقدّم الحياة الاجتماعية والاقتصادية، ثم تحولت دمشق إلى دولة سلجوقية مستقلة بعد انفراط عقد الدولة السلجوقية الموحدة إلى مجموعة من الدول المسيطرة على المدن الكبرى في بلاد الشام.
الصراع مع الفرنجة الغزاة
في عام 1099م وصل الفرنجة إلى الساحل الشامي الذي كان لا يزال خاضعًا لسلطة الفاطميين، وتمكن الفرنجة من هزيمة السلاجقة غير مرة في قونية وديار بكر، ورغم عدم محاذاتهم الخط الساحلي وعدم توغلهم باتجاه دمشق، إلا أن مملكة القدس التي شملت حدودها الجولان كانت تشكل تهديدًا مباشرًا على المدينة، وكذلك كونتية طرابلس التي كانت حدودها تصل إلى بعلبك القريبة من دمشق. من جهة أخرى تعرضت حوران، التي يشكل قمحها مصدرًا رئيسيًا لتموين أهل دمشق، لغارات متكررة من قبل الفرنجة. استطاع دقاق بن تتش بمساعدة شرف الدين مودود القادم من سلاجقة الموصل وقف غارات الصليبيين على حوران، ثم اغتاله سلاجقة دمشق أنفسهم في الجامع الاموي عام 1109م، وقام طغتكين بعقد هدنة بين دمشق ومملكة بيت المقدس اللاتينية عام 1110م.
استمرت الهدنة حتى1128م حين توفي طغتكين وانتقل حكم المدينة لابنه تاج الدين بوري، وفي عام 1129م اتهم الاسماعيليون بالخيانة وقتل 6,000 إسماعيلي من سكان المدينة مع قادتهم، وقد كانت التهم الموجهة إليهم تتعلق بالتعاون مع الصليبيين لاحتلالهم دمشق مقابل منحهم صور كقاعدة لعملياتهم. سادت الفوضى في دمشق خلال تلك الفترة واستغل فرنجة مملكة القدس الوضع وجهزوا جيشًا من 60,000 جندي للهجوم على المدينة، فقام تاج الدين بوري بالتحالف مع عماد الدين زنكي بهدف منع تقدم الجيش وهو ما نجح في تحقيقه.
اغتيل تاج الدين بوري عام 1132م على يد أحد اسماعيليين، وخلفه ابنه شمس الذي حكم باستبداد حتى انتحاره عام 1135م، وآل الحكم لشهاب الدين محمود، أما والدة بوري فتزوجت عماد الدين زنكي وأقنعته بأهمية احتلال دمشق، وخلع شهاب الدين. بعد أربع سنوات، في عام 1139م، توفي شهاب الدين، وربما يكون قد قتل من أقبل أفراد عائلته، وتولى حكم دمشق معين الدين أنر الذي كان لمماليكه من الجند السلطة الفعلية للمدينة، ما دفع عماد الدين زنكي لحصار دمشق في العام ذاته. ردًا على ذلك تحالف سلاجقة المدينة مع مملكة بيت المقدس، واضطرعماد الدين إلى سحب جنوده وفك الحصار، وتركيز حملاته في سورية الشمالية.
في عام 1144م تمكن عماد الدين من استعادة كونتية الرها، ما أدى إلى قيام الفرنجة بحملتهم الثانية التي وصلت الشرق فعليًا عام 1148م. خلال تلك المدة كان عماد الدين قد اغتيل وقسمت دولته بين أبنائه، فورث حكم حلب نور الدين زنكي الذي تحالف مع معين الدين ألر لرد حصار الصليبيين عن المدينة، فأنقذ نور الدين المدينة بعد أن كانت على وشك السقوط. وبعدها بست سنوات عام 1154م
قضى نور الدين نهائيًا على حكم السلاجقة، موحدًا سورية تحت حكمه، ونقل عاصمة دولته إلى دمشق.
حاول الملك ألمريك احتلال مصر فطلب الفاطميون المساعدة من نور الدين زنكي، فأرسل إليهم اسد الدين شيركوه عام 1166م، ومكث أسد الدين هناك وزيرًا لخليفة مصر حتى 1169م حين خلفه صلاح الدين الايوبي، الذي هزم الفرنجة لدى حصارهم دمياط. وإثر وفاة العاضد لدين الله آخر الفاطميين غدا صلاح الدين سلطان مصر، ثم بعد وفاة نور الدين زنكي والملك آلمريك الأول في القدس عام 1176م، انتقل من مصر إلى دمشق وضمها إلى دولته أيضًا. بعد وفاة صلاح الدين عام 1193م تنازع أولاده السبعة عشر أراضيه التي كانت تشمل بلاد الشام ومصر والحجاز واليمن، وقامت الحروب الأهلية بين سلاطين الدول الأيوبية، فكانت دمشق دولة مستقلة بين أعوام1193و1201 ثم1218 ثم 1239 و1245 وأخيرًا 1250 و 1260 حين دخلت في حدود السلطنة المملوكية، أما خارج هذه الفترات فكانت المدينة تُضم للممالك القريبة الأقوى منها كحلب أو مصر أو سواهما.
خلال فترة حروب الفرنجة، اكتسبت دمشق سمعة كبيرة لدى الفرنجة، فالحرير والخشب المزخرف والمطعم وغيرها من سلع الرفاهية إنما كانت تنقل عبر دمشق ومنها إلى اوربة.
أهم معالم تلك الفترة البيمارستان النوري، وهو اليوم متحف العلوم والطب العربي حيث تعرض أجمل نماذج الخطوط التي استعملت للمرة الأولى أثناء حكم نور الدين. كذلك حمام نور الدين في البزورية، وهو أقدم حمامات دمشق الكثيرة، ولا يزال يعمل إلى اليوم. أيضا تبرزمدرسة نور الدين حيث يرقد الحاكم في تربته وسط صالة مربعة تقتصر زينتها على الآية القرآنية: «وَسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زُمرا حتى إذا جاءوها وفُتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين» (الزمر 73). أيضا من معالم دمشق قلعتها ذات الأبواب الأربعة، التي اتخذها الكثير من الحكام مسكنا لهم: نور الدين زنكي وصلاح الدين الايوبي وغيرهما من القادة والعلماء .
كانت ولاية دمشق من أكبر ولايات السلطنة المملوكية وأهمها حيث عُرفت باسم “نيابة الشام”، وقد امتدت حدودها إلى الفرات والرستن شرقا وشمالا، والى البحر المتوسط غربا، وإلى غزة والكرك جنوباً. في عهد الظاهر بيبرس وقلاوون، شهدت المدينة حركة عمرانية كبيرة ، وشيد فيها عدد كبير من المساجد والمدارس. وقد انتهت تلك الحقبة مع دخول قوات تيمورلنك وما حملته من دمار للمدن الشامية ومنهم دمشق . إلا أن هذه الكارثة لم تمنع دمشق من النهوض من جديد فعادت حركة العمران والبناء والتشييد ، وازدهر فيها النشاط الصناعي والتجاري والثقافي والعلمي ، في زمن احتدم الصراع بين الفئات المتصارعة حول الحكم في العهد المملوكي الأخير.
خرج السلطان سليم الاول بجيش من مائة وخمسين ألف مقاتل مسلّح بأحدث أسلحة زمانه من بنادق ومدافع، كما خرج جيش المماليك من القاهرة والتقى مع جيش العثمانيين في معركة مرج دابق شمال حلب يوم24 آب 1516م، وبنتيجة المعركة حقق العثمانيون نصرًا حاسمًافاحتلوا بلاد الشام، وقد مكث السلطان العثماني المحتل سليم في دمشق قسطًا من الزمن ثم غادرها إلى مصر فاحتلها بعد معركة غير متكافئة مع المماليك 1517م، ثم عاد إلى دمشق لتنظيم الشؤون الإدارية وأصبحت دمشق بموجب التقسيمات السلطانية مركز ولاية تشمل جنوب سورية الكبرى وتضم سناجق نابلس والكرك وبيروت وصيدا وتدمر وطرابلس والقدس وغزة وصفد واقر الغزالي واليا عليها ؛ وكذلك أمر السلطان بتشييد التكية السليمانية وترميم حي الصالحية، الذين لا يزالا ماثلين إلى اليوم، كأحد منجزات العثمانيين المعمارية المبكرة في سورية في عام 1571م تم الشروع ببناء مسجد درويش باشا في الشارع المستقيم ثم مسجد سنان باشا عام 1588م مع نهاية القرن 16 كان عدد سكان المدينة حوالي 57,000 نسمة وسيبلغ العدد خلال القرن 17 حوالي 80,000 نسمة.
في عام 1520م توفي السلطان سليم وخلفه ابنه سليمان القانوني فانتهز الغزالي الفرصة وأعلن استقلاله من الجامع الاموي وخلع على نفسه لقب “الملك الأشرف” فأرسل السلطان سليمان حملة عسكرية بقيادة وزيره فرحات باشا في تشرين الثاني1520م، واشتبك الطرفان في القابون يوم 27 كانون الثاني 1521، وهزم بنتيجة معركة القابون الغزالي وقتل معظم قواده، ودمر ثلث دمشق وقراها وسُرح كبار الموظفين الدمشقيين وأسندت مهامهم إلى أتراك، كما فصلت طرابلس عن ولاية دمشق وأصبحت ولاية قائمة بذاتها.
مكانة دمشق
أوليت دمشق أهمية خاصة خلال الاحتلال العثماني ولقبت “بالشام الشريف”وجُعلت بوابة للحج، وأصبحت ميناءً بريًا للقوافل التجارية بين مختلف مناطق الدولة، في القرن 17م زار دمشق الرحالة الفرنسي لوران دارفيو وكتب مشاهداته عن الحياة العمرانية والثقافية والاجتماعية في دمشق، ما شكّل سجلاً هامًا عن واقع الحياة في تلك الفترة؛ ومن ما كتبه أن سكّان دمشق يحبون العيش برفاهة واقتناء الآثاث الفاخر، وأن منازل المدينة توحي بالعظمة لروعتها، أما فيما يخصّ التجارة فقد كتب درافيو أن دمشق واحدة من الأسواق الرئيسة فهي محط القوافل التجارية القادمة من مكة والهند وبلاد فارس محمّلة بمختلف السلع، ومكان صناعة الداماس والحرير والبروكار والتفتا وغيرها من الأقمشة التي اشتهرت بها المدينة. إلى جانب القوافل التجاريّة، فإن المدينة والتي كانت نقطة تجمّع لقوافل الحجاج المسلمين قد اعتمدت على قوافل الحج في تأمين الوفرة النقدية وتنشيط عمليات البيع والشراء. لسوء الحظ، فإن قوافل الحج في أواسط القرن 18 قد تعرضت لهجمات من قبل ملاحدة البدو أو من قبل مقاتلي الوهابية وفشل الولاة المتعاقبون في الغالب في تأمين الحجيج ولعلّ أكبر الحوادث ما وقع عام 1757م حين نهبت القافلة التي كانت تحوي ستين ألف حاج بكامل ما تحمل. ونتيجة انعدام الأمن خلال تلك المرحلة انخفض عدد الحجاج إلى نحو ألفي حاج فقط ما أثر على اقتصاد دمشق بشكل بالغ السوء.
الحركات الاستقلالية عن الاحتلال العثماني
غير أنه لم يكن استقرار الولاة من شيم المحتلين العثمانيين، وهكذا تعاقب على دمشق في السنين المئة والأربع والثمانين الأولى من حكم العثمانيين فيها ما لا يقلّ عن مئة ثلاثة وثلاثين واليًا ولم يدم منهم في وظيفته مدة سنتين إلا ثلاثة وثلاثون، وبين عامي 1815 و1895 توالى 61 والي بمعدل والي في كل سنة. وكان الولاة دائمي النزاع مع الولايات المجاورة، فعلى سبيل المثال نشبت الحرب بين والي دمشق ووالي طرابلس الشام بين عامي 1664م و1667م.
في عام 1724م أسندت ولاية دمشق إلى إسماعيل باشا العظم وهو “خير وال عرفته المدينة في العصر العثماني”، وله يعود تشيييد قصر العظم الذي اعتبره قيليب حتي “أروع أثر عربي في القرن الثامن عشر”، وبنتيجة صيته الحسن، فقد تولى عدد من ذريته مهام الولاية وعدد من الولايات المجاورة أيضًا، وربما فإنّ ما يختلف به ولاة آل العظم عن أغلب الولاة الذين تعاقبوا خلال العصر العثماني كونهم من أبناء البلاد وليسوا غرباء عنها أي أتراكًا أو من غيرها من الجنسيات. وفي عام 1771م دخلت المدينة في حوزة والي عكا ضاهر العمر سلمًا بعد أن طرد عثمان باشا واليها من قبل الباب العالي إلا أنه اضطر للتنازل عنها سلمًا في العام التالي. وفي عام 1782م غدا احمد باشا الجزار واليًا وكان حكمه قاسيًا إذ أضنك الشعب بالضرائب وضاعف من الأتاوة على التجار وبعد أن عزل عام 1783م تمكن من العودة إلى الولاية مرة ثانية عام1790 بيد أنه عزل في العام نفسه، وأصيبت دمشق وغوطتها بالقحط والجفاف عام 1793م واستطاع الجزار العودة ثالثًا إلى الولاية عام 1803م غير أن سكان دمشق لم يسعدوا بعودة الجزار وأغلقوا باب المدينة في وجه مندوبه سليمان باشا، ولذلك فرض عليهم غرامات طائلة وصادر أملاكهم ومكث واليًا إلى أن توفي عام 1804 قبل أن يعود الولاة العثمانيين المتعاقبين على تسيير شؤونها.
في شباط 1831 ثارت دمشق بعد إعلان الوالي ضريبة جديدة اعتبرها السكان باهظة، وشكّل أهالي حي الميدان ذو الغالبية الفقيرة نواة المنتفضين؛ وكان والي دمشق الجديد سليم باشا قد هرب من قصر العظم مقر سكنه واحتمى بالقلعة فحاصره الثوار، وبعد ستة أسابيع من الحصار انضمّ خلال الوجهاء إلى الثورة، اقتحم الأهالي القلعة وقتلوا الوالي وكبار حاشيته وسحلوا جثته جارين إياها من حي إلى حي في شوارع دمشق. في العام نفسه.
الحملة المصرية على بلاد الشام
دخل ابراهيم باشا دمشق سلمًا باسم والده والي مصر محمد علي باشا في حملته لطرد الاحتلال العثماني واقامة دولة عربية وقد حقق الجيش المصري الانتصارات المتتالية، وكان حكم المصريين في الشام إصلاحيًا من مختلف الجوانب، فأنشأ إبراهيم باشا مجالس إدارة محلية في دمشق ووطد الأمن فازدهرت الحركة التجارية وزادت حمولتها كما أنشأ محكمة تجارية، غير أن سياسة التجنيد الإجباري الوقسوة في التعامل مع السكان عمومًا دفعت السوريين للنقمة على الحكم وعدم التعاون معه لصد هجمة السلطان محمود الثاني متحالفًا مع انكلترا وروسيا لاستعادة الشام، وقد غادر إبراهيم باشا دمشق في 17 ايلول 1840م.
وقد شهدت حركة البناء في دمشق آخر تجلياتها الشرقية في القرن الثامن عشر عبر ما يُعرف بالبيوت الدمشقية المميزة ، وأشهرها بيت خالد العظم ويت احمد السباعي وبيت النابلسي وبيت القوتلي وبيت الدحداح وبيت المعلم. وقد سحرت هذه البيوت الراقية الرحالة الذين تدفّقوا على المشرق، ومنهم الأسباني باديا الذي زار مدينة دمشق وشبهة بيوتها بالقصور لروعتها وتميزها.
خلال الحرب العالمية الاولى كان الباغية جمال السفّاح” حاكمًا عامًا على بلاد الشام وانتهج سياسة الحكم القمعي بلغ ذورته بإعدام مجموعة من وجهاء واحرار دمشق وسورية في6 ايار وهي المناسبة التي تحولت إلى عيد الشهداء في سورية؛ خلال الحرب أيضًا كانت المدينة قاعدة للعمليات العسكريّة التركيّة والألمانيّة على حد سواء. في 27 ايار1918 أعلن جلاء الاحتلال العثماني من دمشق من أمام دار البلدية في ساحة المرجة، وفي 1تشرين الاول وصل جيش الثورة العربية الكبرى إلى المدينة وشكلت حكومة وطنية برئاسة علي الركابي.
المملكة السورية
في 8 آذار 1920 أعلن ميلاد “المملكة العربية السورية” وعاصمتها دمشق وتشمل بلاد الشام بأسرها، غير أن المملكة لم تنل الاعتراف الدولي لأن فرنسا وبريطانيا المنتصرتين في الحرب العالمية الاولى هما تقاسمتا الانتداب او الاستعمار على سورية الطبيعية ولواء الاسكندرون وكيليكيا والعراق، ومنحت بريطانيا اليهود حق اقامة وطن قومي لهم في فلسطين فمن الطبيعي الا تلقى المملكة السورية الاعتراف، وزالت عن الوجود في أعقاب معركة ميسلون يوم 24 تموز 1920 بين المقاومين السوريين السوريين والجيش الفرنسي؛
الاحتلال الفرنسي
وقد احتلّ الفرنسيون في أعقاب المعركة العاصمة يوم 25 تموز، وفرضوا في 3 آب ضريبة على سكانها قدرت بأربعين ألف دينار ذهبي، كغرامة حربية. وفي 1 ايلول 1920 أعلن هنري غورو ميلاد “دولة دمشق” وعيّن حقي العظم رئيسًا عليها وكانت حدودها تمتد من حماة شمالاً وحتى درعا.
تطورت المدينة على صعيد الخدمات والتخطيط العمراني وزادت المرافق العامة وغدت أكثر حداثة، سيّما في عهد الرئيستاج الدين الحسني الذي أنفق أغلب عهده على المشاريع العمرانية فيها وفي حلب. في عام 1922 ومع إعلان “الاتحاد السوري” على أساس فيدرالي بين دول دمشق وحلب واللاذقية انتقلت العاصمة إلى حمص وبعدها بسنتين في 1كانون الثاني1925 عادت دمشق عاصمة البلاد بعد حل “الاتحاد السوري” وإعلان “الدولة السورية”.
في صيف 1925 انطلقت الثورة السورية الكبرى من السويداء وسرعان ما اشتعلت في دمشق وغوطتها وريفها، وكان الثوّار خلالها يختبؤون في الغوطة فإذا ما حلّ المساء نظموا غارات على مرافق الدولة والانتداب حتى اضطر حقي العظم المعروف بأنه من “رجال الانتداب” إخلاء منزله والانتقال إلى فندق فكتوريا مع غيره من المقربين للانتداب. ولعلّ أبرز مراحل تلك الفترة ما حدث في18 تشرين الاول حين استولى الثوار على أحياء الميدان والشاغورووصلوا حتى البزورية وقصر العظم مقر مندوبي المفوضيّة الفرنسيّة العليا، وطردوا جميع عناصر الشرطة واستطاعوا الاستيلاء على ما فيها من أسلحة. أما الجيش الفرنسي فاحتلّ حي الصالحية والمهاجرين وساحة المرجة وكاد الثوار يسيطرون على ساحة المرجة لولا القصف المدفعي من قبل الجيش الفرنسي وما خلفه من تدمير للبيوت وتشريد الأهالي فاضطر الثوار للانسحاب من المدينة. على أن ضرب دمشق بنيران المدافع الفرنسية قد أثار استياءً عالميًا اضطرت مع فرنسا لإنهاء مهمة الجنرال سراي المندوب السامي الفرنسي في سورية ولبنان.
سلخ لواء الاسكندرونة واغتصابه
في عام 1936 فصلت فرنسا لواء اسكندرون عن سورية فشهد دمشق مظاهرات تندد بالانفصال والانتداب وتكررت عام 1939 على خلفية إتباع اللواء للحكم التركي وقانون الاحوال الشخصية المرعي من قبل الانتداب، وترافق ذلك مع أعمال شغب دفعت الرئيس هاشم الاتاسي للاستقالة واحتلال الجيش الفرنسي ساحات المدينة.
جلاء الاستعمار الفرنسي
في حزيران 1940 أصبحت دمشق تابعةلحكومة فيشي الموالية للألمان، وبعدها بعام في 8حزيران 1941 وصل الجيش البريطاني وقوّات فرنسا الحرة إلى دمشق، وأعلن الجنرالشارل ديغول من دمشق “استقلال سورية” وأذاع الرئيس المؤقت خالد العظم على السوريين نبأ انسحاب جيش فيشي نهائيًا عن دمشق في21 حزيران بعد نهاية الحرب العالمية الثانية طالب السوريون بناءً على وعود ديغول انهاء الانتداب وإعلان الجلاء، وفي إثر فشل المفاوضات مع فرنسا واندلاع المظاهرات في المدينة بدأ الجيش الفرنسي في 26 ايار 1945 قصف الأحياء السكنية مجددًا بالمدفعيّة، وقصف المجلس النيابي وقتل حرس حاميته في29 ايار 1945 وأدى مجمل القصف لمئات القتلى بما يصفه يوسف الحكيم “بالمجزرة الرهيبة”. على أن هذه “المجزرة” كانت المحرك الأساسي لنيل البلاد جلاء القوات الفرنسية على مراحل أنجزت في17 نيسان 1946.
جغرافيا
تقع العاصمة السورية إلى الشمال من خط العرض َ30 33° وإلى الشرق من خط الطول 18َ 36° على سفح جبل قاسيون المطل عليها من الشمال بارتفاع يتراوح بين 707 و800م فوق سطح البحر.
وكانت رقعة حدودها العمرانيّة تمتدّ على مساحة 672 هكتارًا عام 1935م و2000 هكتار عام 1966م و6,000 هكتار عام 1984م وتبلغ 10,500 هكتار حاليًا.
وهي أكثر المُدُن السوريّة سُكّانًا بسبب الهجرة الكثيفة إليها من المناطق المجاورة والمدن الأخرى. ويخترقها نهر بردَى وتحيط بها بساتين الغوطة من سائر أطرافها، ماعدا الشمال، حيث تتكىء على خاصرة قاسيون الجرداء. وقد كانت أكبر مدينة في بلاد الشّام منذ الألف الثاني قبل الميلاد، فكانت عاصمة آراميّة ثُم مدينة إغريقيّة، ثم رومانيّة، وأصبحت عاصمة الخلافة الإسلامية بين سنة 32 و 134هـ، 653 -751م. وهي مدينة واحة يرجع وجودها لغوطتها ولموقعها عند ملتقى طرق قوافل، مثلما يعود قدمها وثبات موقعها الحضري لواقع جغرافي فريد، وهو وجود منطقة نديّة كثيرة المياه بجوار صحراء مقفرة هي بادية الشّام.
جغرافية دمشق
المناخونظرًا لوقوع سلسلتي جبال لبنان الشرقية والغربية إلى الغرب منها فإنها تكون محرومة من تأثير البحر الملطَّف الذي لايبعد عنها أكثر من 80كم على خط مستقيم، فتكون ذات مناخ قاري جاف وحار صيفًا وبارد وممطر شتاءً، إذ يبلغ متوسط الفرق الحراري بين الصيف والشتاء نحو 20°م مثلما يتصف مناخ المدينة بتبدّلات كبيرة بين اللّيل والنهار. وهكذا يكون متوسط الحرارة في شهر كانون الثاني 3و7°م ولكن قد تهبط الحرارة حتى 8°م تحت الصفر. ومن المألوف تجمُّد الماء في لياليها كثيرًا. وترتفع الحرارة في شهر أغسطس حتى 27,6°م وقد يصل الحد الأقصى إلى أكثر من 40°م في بعض السنين. ويكون معدل الحرارة السنوي نحو 17°م ممّا يجعلها مماثلة لحلب وعَمّان رغم اختلاف خط العرض. أما أمطارها فلا تكفي لقيام زراعة لأنّ معدّل أمطارها السنويّة 215 ملم، وتقل هذه الكمية في سنوات القحط إلى 50 ملم وقد ترتفع في سنوات الرخاء إلى 350ملم وهذا يحدث مرة كل 20 سنة.
هناك فرعان للنّشاط الصّناعيّ بدمشق: الفرع التّقليديّ القديم المتوارث كصناعة السّيوف والأواني النّحاسيّة والحَفْر على الخشب والنّسيج اليدويّ وصناعة الذّهب والفضّة. والفرع الثاني الصناعة الحديثة، فلها أحياؤها الخاصة، كورش تصليح السيارات في ضاحية القدم ومصانع الغزل والنسيج، والصناعات الثقيلة كالإسمنت في الشّمال الشّرقي والصناعة الملوّثة كالدّباغة في الشرق بعيدًا عن الأحياء السكنية، وكذلك صناعة الزُّجاج وتعليب الخضراوات والفواكه وصناعة الثّلاجات والغسّالات والأفران المنزليّة.
وتنتشر تجارة التّجزئة في سائر الأحياء باستثناء الأحياء السكنية الرّاقية، حيث نجد بعض الأسواق المركزية. وينشط القطاع التّجاريّ الخاص إلى جانب القطاع العام الذي يتضاءل دوره تدريجيّا نتيجة الانفتاح الاقتصاديّ مؤخرًا. غير أنّ ميزان التّجارة الخارجيّة يظلّ عاجزًا بشكل مزمن بسبب تضاعُف استيراد الموادّ الغذائية والسيّارات والأدوية، ويشكل المعرض الدوليّ السنويّ بالمدينة فرصة للتبادل التّجاريّ الدّوليّ إذ يؤمّه أكثر من 1,5 مليون زائر في الموسم.
وتخضع كل المصارف التّجارية لإشراف البنك المركزى، وكذلك المصارف الثانوية كالمصرف الزراعي والمصرف العقاري الذي يموِّل جزئيًا بعض المشاريع العمرانية في البلاد، ولايوجد مصرف أجنبي منذ عام 1965م كما تأخذ المصارف على عاتقها أعمال الصيرفة.
الصناعة والتجارةكانت دمشق طوال تاريخها الطويل مركزاً تجارياً وصناعيأ هاماً في المنطقة. فهي منذ القدم شهيرة بصناعاتها المتميزة ومهارة صناعها فهي مركز صناعي هام ومن الصناعات التراثية : مثل صناعة الاقمشة وخاصة صناعة قماش البروكار المعروف عالميا باسم دمشق ( الداماسكو ) والاصواف والجلود . و وصناعات النحاس والارابيسك ، وصناعة الحلي والمصدفات وصناعة الحرير والاصواف والاقمشة المطرزه . وكذلك صناعة الحلويات الدمشقية الشهيرة والفواكه المجففة التي اشتهرت بها دمشق في العالم اجمع وكذلك ( الحلويات الدمشقية ) او الحلويات الشرقية السورية . كما اشتهرت دمشق في الماضي ب صناعة السيوف التي عرفت بجودتها وحدتها وتفردت بما يعرف بـ السيف الدمشق وقد حير المعدن الذي تصنع منه هذه السيوف العلماء وسمي بالمعدن الاسطوري .
دمشق اليوم قامت بها احدث الصناعات المتطورة مثل
|
|
وكذلك الصناعات الدمشقيةالاصيلة مثل المصنوعات اليدوية والمجوهرات والحلى التقليدية والأثاث الخشبي والمعدني والأواني النحاسية والموزاييك والكثير من الصناعات التقليدية والمتطورة.
من المتعذر محاولة تحديد الأُصول التاريخية والعرقيّة لسُكّان دمشق الواقعة على ملتقى طرق تجارية وهجرات قادمة من سائر الجهات دون استعراض تاريخي للأمم التي وفدت على بلاد الشّام سلمًا أو اجتاحتها حربا منذ الألف الثّالث قبل الميلاد، كالآموريين والآراميين في الألف الثاني قبل الميلاد والذين كانت دمشق عاصمتهم حتى أصبح العديد من بلدان المنطقة وقراها يحمل أسماء آرامية ولاتزال بعضها تتكلّم لغتهم حتى الآن، كما غزاها الآشوريون وحكمها الرُّومان و الرُّوم. ومع الحكم الإسلامي هيمنت اللغة العربية على سائر اللَّغات واللهجات السابقة. ومع أن الاحتلال العثماني استمر أربعة قرون إلا أن التركية لم تتغلب إطلاقًا وظلّت العربية لغة الإسلام الأولى. بل إنه حدث تعريب للأقوام الذين وفدوا في عهد صلاح الدين، كالأكراد والتركمان وشراكسة المماليك والأرمن. كما وفد في إثر العثمانيين الأتراك جماعات من البوشناق (البوسنة) والألبان، وتدفق عليها في القرن التاسع عشر الميلادي مسلمو كريت والقفقاس والأذريون وغيرهم. وخلال الحرب العالمية الاولى، وفد الأرمن من الأناضول مثلما تزوج أعداد من الطلبة الذين درسوا في الخارج من فرنسيات وإنجليزيات وروسيات وغيرهن من الأجنبيات.
وفيما يَأتي ملخص لتقديرات عدد سكان دمشق على مرِّ القرون الخمسة الأخيرة:
التاريخ | التقدير/الإحصاء | المصدر |
---|---|---|
القرن السادس عشر | 52,000 | [59] |
القرن السادس عشر | 58,000 | [37] |
القرن السابع عشر | 80,000 | [37] |
القرن الثامن عشر | 90,000 | [59] |
1816 | حوالي 100,000 | جيمس بيكنغهام[60] |
نصف القرن التاسع عشر الأوَّل | 125,000 إلى 130,000 | [60] |
1878 | 142,757 | نعمان القساطلي[60] |
1880 | 80,000 | دراسة وثائق تاريخيَّة[60] |
1884 | حوالي 160,000 | إحصاء رسميّ[61] |
1913 | حوالي 300,000 | باديكر[61] |
1976 | حوالي مليون | مديرية الآثار[62] |
2004 | 4 ملايين | المكتب المركزي للإحصاء[63] |
2007 | 4.15 ملايين | المكتب المركزي للإحصاء[64] |
2010 | 4.4 ملايين | المكتب المركزي للإحصاء[65] |
الديانات
يَتألف التركيب العرقيُّ لسكان دمشق بشكل أساسي من العرب الذين يمثلون حوالي 95% من إجمالي السكان، إذ يَعود انتشاراللغة العربية في المدينة إلى أيام حضور المسلمين، ويَليهم الأكراد بنسبة 4%، وبالإضافة إلى هؤلاء تُوجد أقليَّات أخرى من الأرمن والآشوريين والتركمان والشركس والأذريين والبشناق والألبان وهم من وفدوا إليها خلال الاحتلال العثماني، تمثل معاً الـ1% المتبقية. يَتركز الوُجود الكرديُّ في المدينة بحي ركن الدين، الذي كان يُسمَّى فيما مضى حي الأكراد، ثم تغيَّر اسمه لاحقاً إلى ركن الدين نسبة إلى “ركن الدين منكورس”، وهو حيٌّ دمشقي كبير يَقع في شمال المدينة على سُفوح جبل قاسيون. وأما الأرمن فإن دمشق تشكل واحدة من اماكن تواجدهم الرئيسة في سورية، حيث أنها تُعد ثالث أكبر مركز لهم في البلاد بعدَ حلب والقامشلي.
الغالبية العُظمى من السكان هي من المسلمين الذي يمثلون 93% من سكان المدينة، كما أن فيها أعداداً كبيرة من المسيحيِّين أغلبهم من الروم الارثوذكس والروم الكاثوليك والسريان بشقيهم والارمن بشقيهم وبروتستانت ولاتين وكلدان وموارنة، وأعداد ضئيلة من اليهود. تعتبر دمشق مقر ثلاث بطريركيات للروم الأرثوذكس الإنطاكيين والروم الكاثوليك وثالثة للسريان الأرثوذكس، كما تعتبر مقر أبرشية لأغلب الطوائف المسيحية السورية الأخرى. يتوزع الانتشار المسيحي بشكل خاص فيباب توما وباب شرقي وحي القصّاع.
يَتوزع المسلمون في المدينة على طوائف عديدة، إذ يَقطن دمشق آلاف العلويين في عدَّة مناطق منها، حيث نزحَ العديد منهم إليها وهُم يُقيمون في عدة مناطق من أبرزها “منطقة 86” الواقعة في حي المزةغرب دمشق، بالإضافة إلى “حي الورود” ومنطقةالهامة وأماكن أخرى. كما تُوجد في المدينة جاليات إيرانية وعراقية تعتنق المذهب الشيعي ، ويتألف جزءٌ كبير من الجالية العراقية من العراقيين الذين هربوا من الغزو الاميركي للعراق عام 2003 ويَقطن معظم هؤلاء اللاجئين منطقة السيدة زينب الواقعة جنوبَ المدينة، وأما الشيعة الاثني عشرية فيَتركز وُجودهم عُموماً في أحياء معيَّنة من دمشق أبرزها حي الامين وحي الجورة، كما أن المدينة تحوي عدَّة مزارات شيعية بارزة.
أحياء المدينة ومعالمها
تضم دمشق العديد من الأحياء العريقة والتاريخية القديمة والأحياء الحديثة. أهم احياء دمشق هي: دمشق القديمة وتضم العديد من الأحياء القديمة التي تتواجد داخل أسوار المدينة القديمة بمبانيها وشوارعها وحاراتها وكنائسها وجوامعها ومدارسها التاريخية وقلعتها واسواقها الشهيرة. ومن أحياء دمشق خارج السور الاثري القديم: الشاغور القنوات الصالحية المزرعة المهاجرين جوبر المالكي ركن الدين المزة ابو رمانة باب توما والقصاع وحي الميدان والبرامكة وغيرهم.
تتميز شوارع أو حارات دمشق القديمة بأنها ضيقة ذات بيوت متقاربة وشوارع مرصوفة بالحجارة في عدد من اقسامها وتشعر وأنت تسير في احداها وكأنك دخلت إلى التاريخ فهذ جامع أو مسجد قديم وهذه كنيسة اثرية أو دار للحكم وهذا حمام دمشقي أو خان اثري أو دار لأحد مشاهير التاريخ أو مقام لصحابي جليل أو ملك أو قائد أو حاكم أو عالم أو فقيه أو مدرسة تاريخية تعود لعصور قديمة أو حوانيت داخل سوق أثري أو بوابات وأعمدة رومانية أو بقايا معبد قديم فعلا أنت داخل التاريخ .
في دمشق اسواق شهيرة ومن أشهر اسواق الشرق وشوارع اثرية تاريخية وقد ذكر أحدها في العهد الجديد (الكتاب المقدس) تحت اسم “الشارع المستقيم”، حيث عاش القديس بولس الدمشقي بولس الرسول الذي انطلق من دمشق مبشرا بالمسيحية في أوربة . ويتميزالبيت الدمشقي (أو البيت العربي كما يدعى في سوريا) بغرف موزعة في طابقين تحيط بفسحة مكشوفة مزينة بالازهار والورود والنباتات والبحرة ونوافير المياه
في دمشق أكثر من 200 مسجد. أهم هذه المساجد، وربما أشهر معالم دمشق، هوالجامع الاموي . من مساجد دمشق الشهيرة الأخرى التكية السليمانية. وعدد من الشهيرة واولها الكاتدرائية المريمية اقدم كنيسة في العالم السنة 38م مثل بيت حنانيا، وكنيسة حنانيا الارثوذكسية في الميدان 1744م وكنيسة الروم الكاثوليك 1835في حارة الزيتون وكنيسة القديس يوحنا الدمشقي الارثوذكسية 1858م والمقدسات والمقامات الدينية والمدارس التاريخية ومركز ودور العلم التي تعود لعصور تاريخية مختلفة .
تعتبر مدينة دمشق من أهم مراكز الثقافة العربية والإسلامية في العالم العربي بتاريخها العريق الغني بأهم المراجع العلمية والفقهية والثقافية والادبية في التاريخ العربي والاسلامي . من المنشآت الثقافية في دمشق ، أول مجمع للغة العربية في الوطن العربي و ومراكز العلم والمدارس التاريخية و المتحف الوطني وجامعة دمشق بكلية الطب 1908 وكلية الحقوق 1913 وبقية الكليات 1923 و المكتبة الظاهرية وكتبة الاسد الوطنية 1982 ودار الأسد للثقافة والفنون وعدد من المراكز الثقافية العربية في مناطق دمشق .
معالم دمشق
مدينة دمشق كأقدم مدينة وعاصمة في العالم، تحوى الكثير من الاثار والمعالم الهامة يذكر منها
- سوق الحميدية
- الجامع الاموي
- الكاتدرائية المريمية
- دار بطريركية الروم الارثوذكس
- بيت(كنيسة) حنانيا
- سوق مدحت باشا
- قلعة دمشق
- البيمارستان النوري ( متحف الطب والعلوم عند العرب)
- متحف دمشق الوطني
- متحف دمشق التاريخي
- متحف الخط العربي
- المتحف الحربي
- المدرسة الفاطمية
- التكية السليمانية
- مقام ابراهيم الخليل في برزة
- كنيسة القديس حنانيا الرسول في الميدان
- ابواب دمشق السبعة الأثرية وسورها
- كاتدرائية سيدة النياح للروم الكاثوليك
- دار بطريركية الروم الكاثوليك 1835
- كنيسة القديس يوحنا الدمشقي للروم الارثوذكس بجانب الآسية
- كنيسة الارمن الارثوذكس في باب شرقي
- دير الرؤية في كوكب
- سوق الخجا القديم
- سوق تفضلي ياست
- البزورية
- المكتبة الظاهرية
- كنيسة الموارنة
- ضريح صلاح الدين الايوبي
- حمام نور الدين الشهيد
- بانوراما حرب تشرين التحريرية
- نصب الجندي المجهول (جبل قاسيون )
- اضرحة وقبور عدد كبير من مشاهير التاريخ
- جامع محي الدين بن عربي
- كنيسة الصليب المقدس بالقصاع
- كنيس جوبر: أقدم كنيس يهودي في العالم
- بيت جبري
- بيت نظام
- بيت النعسان
- جامع السيدة زينب
- جامع السيدة رقية
- قصر النعساني
- قصر السباعي
- بيت شامية
- قوس التترابيل (النصر)
- الشارع المستقيم
دمشق كمدينة كبيرة اتسعت وتمتدت بشكل واضح وقامت بها احياء ومدن جديدة في محيطها ، حيث المباني والعمارات الحديثة والابراج السكنية كما في منطقة المزة – وجوبر – ومنطقة دمر -والصالحية- ومنطقة العدوي والعباسين ومنطقة القصور والتجارة وفي الجمعيات السكنية الجديدة وغيرها ، وامتدت دمشق التي كانت في جانبي نهر بردى تسلقت إلى الاعلى على سفوح جبل قاسيون وامتدت شرقا وكذلك غربا وامتدت إلى اطراف (غوطة دمشق ) الخضراء ، فتجد في محيط دمشق القديمة من كل جانب امتدت الاحياء السكنية الحديثة في الجبال المحيطة بالمدينة العريقة . ويشرف جبل قاسيون على مناطق دمشق الحديثة .
ترتبط دمشق مع مدن سورية والعالم عبر شيكة من الطرق والاسترادات الحديثة واحدث شركات النقل السياحي عبر بولمانات ووسائل نقل متطورة ، وكذلك شبكة كبيرة من خطوط السكك الحديدية التي تربطها مع مختلف مدن ومناطق سوريا ومع تركيا واوروبا ، وفي دمشق مطار دمشق الدولي و مطار المزة التي تربط دمشق مع مطارات سوريا الداخلية ومع مختلف دول العالم .
برزت مشكلة حديثة هي وجود مناطق سكن عشوائي حول مدينة دمشق يسكنها في الغالب المهاجرين من الريف إلى المدينة وخصوصا من المناطق الساحلية وجبالها وتعتبر هذه من أكثر التشوهات العمرانية لأقدم مدينة بالتاريخ ويساهم في تفاقم المشكلة تغاضي السلطات والفساد على الرغم من صدور مراسيم تمنع توسع هذه المناطق.
التعليم والتعليم العالي
لدمشق وظيفة ثقافية وعلمية مرموقة وعريقة، ففضلاً عن المدارس الدينية الموروثة من قرون عديدة بدأت الحركة العلمية العصرية فيها عام 1901م بإنشاء مدرسة الطّب التي كانت تضم كلية الطب البشري والصيدلة وكانت لغة التدريس التُّركية. وعام 1913م افتُتِحت مدرسة للحقوق. وبعد إغلاق مؤقت خلال الحرب العالميّة الأولى تم افتتاح معهد الطب والحقوق عام 1919م وتخرج فيه سنة 1925م (19) طبيبا. وعام 1923م تأسست الجامعة السُّورية وكانت تضم معهد الحقوق ومعهد الطب والمجمع العربي ودار الآثار.
وعام 1946م أصبحت الجامعة السُّورية تشمل معهد الطب والحقوق وكليّة الآداب وكليّة العلوم والمعهد العالي للمعلّمين وكليّة للهندسة في حلب وكليّة الشّريعة ومعهد العلوم التّجارية، وأصبح اسمها جامعة دمشق عام 1958م. وعام 1959م أُضيفت إليها كليّة طبّ الأسنان وكليّة الترّبية، مثلما أنشئت عام 1970م كليّة الزّراعة وكليّة الصيدلة وكليّة الفنون الجميلة وكلية الهندسة بفروعها الثّلاثة والمعهد العالي للعلوم الإدارية، كما أُضيفت إليها دار للتوليد وأمراض النساء ومركز جراحة القلب المفتوح. ويقارب عدد طُلاّب جامعة دمشق حاليًا 80,000 طالب، وكان عدد المتخرجين في العام ذاته 6,452، بينما لم يكن يتجاوز عدد طلاب الجامعة عام 1950م (1728) طالبًا. وتضمُّ دمشق مجمع اللُّغة العربية الذي يتألّف أعضاؤه من كبار العلماء في شتى فروع التّخصُّص، كما يضمّ علماء من الأقطار العربيّة الشقيقة، وعلماء آخرين من البلاد الأجنبية.
ومع ذلك تظلُّ نسبة الأُميّين مرتفعة وتقارب 20% بين الذين تزيد أعمارهم على عشر سنوات (عام 1984م) من الذُّكور والإناث.
محطة الحجاز
الثقافة
عاصرت دمشق أهم الحضارات وعاش بها أهم مشاهير التاريخ في الأدب والشعر والفكر والثقافة والفلك ورجال الدين والفقه والعلوم الدينية الإسلامية والمسيحية والطب والصيدلة وغيرها إضافة إلى الملوك والقادة والأمراء والسلاطين فيها دور ومراكز ومدارس العلم التاريخية قصدها كل باحث عن العلم والمعرفة في مختلف العصور .
دمشق هي عاصمة الثقافة عبر تاريخ عريق حافل بالأبداع ، يقام فيها الكثير من الفعاليات والنشاطات الثقافية وتنتشر في العديد من مناطق وأحياء المدينة المراكز الثقافية المحلية إضافة للمراكز الثقافية الدولية مثل المركز الثقافي الفرنسي ، المركز الثقافي الأسباني ، المركز الثقافي الروسي ، المركز الثقافي الألماني .. وغيرهم ، ويوجد الكثير من المسارح ودور السينما والمتاحف المتخصصة منها متحف الخط العربي ، وهناك معلم هام من المعالم الثقافية للمدينة وهودار الاسد للثقافة ودار الاوبرا السورية وغيرها من المعالم الثقافية ، تكتنز دمشق تراث ثقافي سوري غني جدا بالمعطيات في مجالات الثقافة والأدب والشعر والعلوم والموسيقى والفن مما يجعل منها دوماً عاصمة للثقافة ، وقد اختيرت دمشق – عاصمة للثقافة العربية في عام2008 من قبل اليونسكو.
متاحف
السياحة في دمشق
تنتشر في مدينة دمشق بعض الفنادق الدولية الحديثة من فئة الخمسة نجوم وعشرات العشرات من الفنادق من مختلف الدرجات ومختلف انواع ومستويات المطاعم والمقاهي داخل المدينة و خارجها ، والمنشأت السياحية الضخمة والمطاعم والنوادي والمسابح والمقاهي المنتشرة في منطقة ربوة دمشق السياحية المعروفة وفي مناطق غوطة دمشق وحتى المصايف الدمشقية الشهيرة بأعتدل جوها وجمال طبيعتها في اعالي الجبال مثل صيدنايا ومعلولا ومصايف وادي بردىوالزبداني وبلودان حيث العديد من الفنادق والمجمعات والمنتجعات السياحية ، واضافة لأسواق دمشق القديمة والمعروفة والشهيرة بمنتجاتها هناك العديد من الاسواق والمجمعات والمولات التجارية الحديثة الراقية التي تبيع احدث المنتجات السورية والعالمية في مناطق دمشق الجديدة .
مدينة الياسمين
يطلق على مدينة دمشق – مدينة الياسمين، تتميز دمشق القديمة بزراعة الياسمين ويسمى الياسمين الدمشقي وله شهرته وذكرياته في كل حارة ومنزل من المدينة ، ومنذ القدم اهتم سكان دمشق بزراعة الورود والازهار داخل البيوت بشكل كبير ، وتجد الياسمين في الباحات الداخلية والشرفات والعرايش والاقواس والقناطر والاعمدة التي يكسوها تماما وجوانب الحارات القديمة وفي الحدائق .
يتميز الياسمين الدمشقي برائحته العطرة النفاذه التي تعطي انطباعا بالارتياح ، يزيد المكان بهجة تبدو الزهور وكأنها نجوم متلألئة وسط الخضرة وهو نبات متسلق ، يعطيك احساس بالبراءة والود يرمز إلى احساس مرهف تتهادى لفناته الجمالية في ثنايا المكان ، وحدائق دمشق وبيوتها هي موطنه الامن حيث ينشر عبقه ورائحته العطرة في مدينته دمشق / مدينة الياسمين.
دمشق مدينة الياسمين هي المدينة العريقة التي تعطيك الكثير ، سحر المكان ، بوابة ومدخل إلى التاريخ في دمشق القديمة بكل تفاصيله ، جبل قاسيون حيث تنتشر والمطاعم والمقاهي باطلالة جميلة على المدينة ، الغوطة الغناء بمنتزهاتها ومطاعمها الكثيرة ، ربوة دمشق وادي ساحر بين الجبال حيث يجاور نهر بردى سكة قطار المصايف التاريخي وطريق المصايف وتتناثر على امتداد الربوة والنوادي والمطاعم الرائعة .