عبد اللطيف فتحي (1916-1986)
عبد اللطيف فتحي هو ممثل سوري من مواليد مدينة دمشق حي ساروجة، ابن لعائلة دمشقية محافظة.
درس عند شيخ الكتاب وتعلم الكتابة والقراءة والحساب وبعض الآيات القرآنية، وعلى الرغم من الرفض الذي واجهه من المحيط اتجه نحو التمثيل فكانت بدايته المهنية في المسرح حيث أنشأ فرقةً استعراضية أدخل عبرها اللهجة الشامية إلى عالم المسرح، فكان من الرواد الأوائل للمسرح الحر حيث لاقت أعماله نجاحًا كبيرًا وانتقل بعدها ليكلل إنجازاته بدخوله مجال الإذاعة والتلفزيون بإبداع قل نظيره، فتركت أعماله بصمةً واضحةً في تاريخ الفن السوري، وخلدت أعماله في ذاكرة الأجيال التالية.
فنان سوري من الرُوّاد، عمل في المسرح والإذاعة والتلفزيون، وهو مهندس عملية “تشويم المسرح” ونقله من اللهجة المصريّة إلى اللهجة الدّمشقيّة العاميّة.
شارك في تأسيس إذاعة دمشق وحقق شهرة واسعة في خمسينيات القرن العشرين وفي عام 1971 كان أحد أبطال مسلسل صح النوم مع دريد لحّام ونهاد قلعي، حيث ظهر بشخصية “بدري أبو كلبشة” التي أوصلته إلى النجومية في العالم العربي.
البداية
ولِد عبد اللطيف فتحي في حيّ سوق ساروجا الدّمشقي سنة 1916، واسمه الأصلي هو “عبد اللطيف القصبلّلي.”
كان والده ضابطاً في الجيش العثماني ثم في الدرك السّوري بعد عام 1920.
دَرَس في مدارس دمشق الحكومية ولكنّه لم يُكمل تحصيله العِلمي وتفرّغ للفنّ وانضم سنة 1934 إلى نادي إيزيس الفنّي الذي كان قد أسسه المُربّي جودت الركابي، ليعمل في صفوفه ممثلاً هاوياً.
في نوادي دمشق الفنية
التحق بعدها عبد اللطيف فتحي بفرقة حسن حمدان ثمّ بفرقة عطيّة محمّد المصريّة التي كانت تُقدم عروضاً غنائيّة واستعراضيّة في سوريّة ولبنان.
أسس فتحي فرقة خاصة باسم “الميوزك هول” عام 1936، بالتعاون مع الشاعر الشعبي عبد الغني الشّيخ، وقدّم عدداً من العروض الفنّيّة والموسيقيّة ثم التحق بفرقة أمين عطا الله المصريّة الشهيرة، ممثلاً ومساعداً للمخرج مراد آصلان.
فرقة عبد اللطيف فتحي
كانت نقطة التحول في حياة عبد اللطيف فتحي سنة 1946 عندما أسس فرقة مسرحية حملت اسمه، ضمّت عدداً من الفنانين المعروفين مثل سعد الدين بقدونس وكلير سمعان ومحمّد العقاد وأنور مرابط. ومن خلالها بدأ فتحي عملية “تشويم المسرح” والتخلي تدريجياً عن اللهجة المصريّة الرائجة في المسرح العربي يومها واستبدالها باللهجة الدّمشقيّة المحليّة.
كانت معظم مسرحيات فرقة عبد اللطيف فتحي تُعرض على خشبة مسرح النصر في مدخل سوق الحميدية (الذي هُدم سنة 1983) واشتهرت أعماله بتعويذة “هرّوا…هرّو…هرّو” التي كان يطلقها عبد اللطيف فتحي قبل ظهوره على المسرح، وصارت بصمة خاصة به، عُرف من خلالها طوال مسيرته الفنيّة.
وقد حققت فرقة عبد اللطيف فتحي نجاحاً باهراً في الأربعينيات والخمسينيات، وكتبت عنه الصحف الدّمشقيّة وأطلق عليه النقّاد لقب “سيّد المسرح السوري.” وكان فتحي أحد مؤسسي إذاعة دمشق سنة 1947، حيث قدم عدداً من التمثيليات الكوميدية مع الفنانين أنور البابا وفهد كعيكاتي.
فرقة المسرح الحر سنة 1956
جاءت فكرة تأسيس المسرح الحرّ سنة 1956، نظراً لحاجة الفنانين السّوريين لمسرح خاص بهم، يُحررهم من استغلال أصحاب الصالات الكبرى، الذين كانوا يتقاضون مبالغاً كبيرة من المال، لا تُبقي للفنان إلّا ربح زهيد من عائدات شبّاك التذاكر. أطلقوا فرقة المسرح الحرّ وأقاموا لها مسرحاً خاصاً في شارع العابد، وظلّ عبد اللطيف فتحي يعمل ضمن هذا الإطار حتى سنة 1960 عندما انتقل للعمل مع فرقة المسرح القومي الحكوميّة.
مع المسرح القومي
ولَد المسرح القومي في زمن الوحدة السوريّة المصريّة وكان الهدف منه تأليف فرقة مسرحية قوميّة رسميّة، تكون تابعة لوزارة الثقافة السّورية. ومن رحم المسرح القومي ولِدت فرقة أُميّة للفنون الشعبيّة ومسرح العرائس الذي عُيّن عبد اللطيف مديراً له ومخرجاً. تعاون مع خبراء من يوغوسلافيا وبلغاريا وبقي مديراً له حتى سنة 1966 عندما انتقل إلى المسرح الشعبي، وهو أحد تفرعات المسرح القومي.
في هذه المرحلة من حياته قدّم عبد اللطيف فتحي أعمالاً شهيرة مثل مسرحية أزمة عصبيّة ومسرحية بين ساعة وساعة ومسرحية صابر أفندي للكاتب الكبير حكمت محسن، التي أخرجها فتحي ولعب فيها دور البطولة. وقد شارك معه في هذا العرض نخبة من الفنانين الكبار مثل ياسر العظمة ومنى واصف وعدنان بركات وهالة شوكت.
الملك لير
وبعد صابر أفندي، قدم عبد اللطيف فتحي مسرحية الملك لير لوليم شكسبير يوم 30 كانون الأول 1976، التي أخذ فيها دور الملك لير وكانت مسرحية تراجيدية تختلف عن أعماله الكوميدية المعروفة. وخلال عرض الملك لير نال وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة الذي قلّدته إياه وزيرة الثقافة الدكتورة نجاح العطّار، نيابة عن الرّئيس حافظ الأسد.
عبد اللطيف فتحي بشخصية بدري أبو كلبشة
مسلسل صح النوم
أما شهرة عبد اللطيف فتحي العربيّة فقد كانت عبر طريق مسلسل صح النوم، للثنائي دريد لحّام ونهاد قلعي، الذي عُرض على شاشة التلفزيون السوري سنة 1971.
لم يكن فتحي بين أسرة العمل في حلقاته الأولى، ولكنّه دخل عليه مُتأخراً بعد انسحاب الفنان فهد كعيكاتي من المسلسل، الذي كان يؤدي دور “العريف أبو فهمي،” رئيس مخفر حارة كل مين إيدو ألو.
تم استبدال كعيكاتي بشخصية “بدري أبو كلبشة” التي ابتكرها عبد اللطيف فتحي مع كاتب العمل نهاد قلعي، وأدخل عليها عدّة صفات، منها “حاسة الشمّ” والأنف الذي “لا يخطأ،” إضافة لعبارته الشهيرة بأنه “دوّج موسوليني.”
وكانت شخصية “بدري أبو كلبشة” أحد أسباب نجاح مسلسل صح النوم في مدن الوطن العربي كافة، وهو العمل الذي قيل عنه من قبل النقّاد أنّه “خلّد كلّ من شارك فيه من ممثلين.” ونظراً لنجاح المسلسل، تم إنتاج جزء ثاني له سنة 1972، وفيلم تلفزيونية بعنوان ملح وسكر سنة 1973 وفيلم سينمائي بعنوان صح النوم سنة 1975، شارك بها عبد اللطيف فتحي بشخصية “بدري أبو كلبشة.”
الوفاة
توفي عبد اللطيف فتحي عن عمر ناهز 70 عاماً يوم 8 آذار 1986. كرمته الدّولة السّورية بإصدار طابع بريدي يحمل رسمه وفي سنة 2008 تم منحه وسام الاستحقاق مجدداً خلال احتفاليات مدينة دمشق عاصمة للثقافة العربية.