ما وجه الشبه بين المسيح ويوسف الصِدّيق ؟
في يوم الإثنين العظيم المقدس، تُقيم الكنيسة الأرثوذكسية تذكار يوسف الصِدّيق، الإبن الحادي عشر ليعقوب أبو أسباط إسرائيل الإثنا عشر، الذي أنجبته له زوجته راحيل. وكان أبوه يُحبّه جداً، فحسدهُ إخوته وطرحوه في بئرٍ عميقة لا ماء فيها، ثم أخرجه منه قومٌ من التجار المِديانيين الذين مرّوا بالمكان وباعوه للإسماعيليين بعشرين من الفضّة، وهؤلاء باعوه في مصر كعبدٍ…
وفي مصر كان يوسف في بيت فوطيفار، ثم طُرح في السجن ظُلماً لأنه آثر الحفاظ على عفّته، وإمتنع عن إرتكاب الفاحشة مع زوجة سيّده التي وشَت به بعدما فشلت في محاولة إغوائة واستمالته إليها… ولكن بعد ذلك خرج من السجن، بعدما فسّرَ أحلام فرعون، وحصل على مقامٍ رفيع عنده، ونال كراماتٍ عالية، وصار والياً على أرض مصر بأسرها، وتولّى مهمّة جمع الحبوب في المخازن، ووزّع القمح على الشعب في سنين المجاعة (راجع سيرته في سفر التكوين، فصل 37 إلى 41).
إن آباء الكنيسة القديسين جعلوا تذكاره في يوم الإثنين العظيم المقدس، لأنهم رأوا في شخصيّة يوسف الصدّيق، في العهد القديم، رَسمَاً ومثالاً سابقاً لآلام الرب يسوع المسيح، وأن حياته كانت صورة رمزية ونبويّة تُخبر عنه. فالرب يسوع المسيح، محبوب الآب، حَسَدهُ إخوته وأبناءُ جنسه من اليهود، وتآمروا عليه وأسلموه ظُلماً إلى الرومان ليُقتَل، بعدما باعه يهوذا التلميذ الخائن بثلاثين من الفضة، وطُرح في السجن، وقُتل بأيديهم مصلوباً، وجُعل في قبرٍ، ولكنه تمجّد بالقيامة من بين الأموات، وجلس عن يمين الآب في الأعالي، وسُلطانه سُلطانٌ أبدي، وهو يُوزّع على العالم خُبز الحياة الأبدية، الذي هو جسده الطاهر ودمه الكريم، حياةً وغذاءً لنفوسنا، مُنقذاً البشرية من الجوع الروحي والموت الأبدي.