“بالله يا انطاكية” بمناسبة عيد مؤسسي الكرسي الانطاكي المقدس/ عيد الكرسي الانطاكي المقدس عام 2017
قدم كورال الكنارة الروحية بقيادة الشماس ملاتيوس شطاحي وبمشاركة الأوركسترا بقيادة المايسترو اندريه معلولي امسية بعنوان:” بالله يا انطاكية” في الكاتدرائية المريمية في 29 /6/2017 كورال الكنارة هو كورال كنسي ارثوذكسي تابع لبطريركية انطاكية وسائر المشرق تأسس عام 2015 ببركة ورعاية غبطة ابينا البطريرك يوحنا العاشر، يضم الكورال في الوقت الحالي 48 مرنمة ومرنم من كافة رعايا ابرشية دمشق وريفها ممن يمتلكون المعرقة الموسيقية الكافية لأصول قراءة النوط الكنسي ، والذين يخدمون ويرنمون في رعاياهم على مدار العام.
واجهة مريمية الشام
هدف الكورال هو احياء التراث الكنسي الارثوذكسي الانطاكي على مستوى البطريركية الانطاكية بشكل عام وفي ابرشية دمشق بشكل خاص، ومحاولة القيام بنقلة نوعية في الترتيل على مستوى الأبرشية. قدم الكورال عدة اعمال كان اولها بمناسبة عيد الشهداء في المريمية في ايار السنة 2015 بعنوان ” يولد يوم الممات” اما العمل الثاني فكان مشاركته في حفل افتتاح المركز الاعلامي الأرثوذكسي في جامعة البلمند في حزيران 2015 وحمل عنوان ” رسالة من أنطاكية” بعدها قدم :”أصدقاء أنطاكية من دمشق” في دار الأوبرا في دمشق عام 2016 وامسية ميلادية في المريمية بعنوان:”فمعهم نعظمك” في ميلاد 2016 بالاضافة الى العديد من الخدمات الكنسية في مختلف كنائس دمشق وريفها. برنامج الامسية البديعة كان 1- ” بالله يا انطاكية” وهي كلمات والحان من التراث الأنطاكي 2- “انت سورية بلادي” كلمات فخري البارودي والحان متري المر. 3- ترتيلة “دمشقيات” باللحن الخامس، وهي واحدة من ترانيم ثمانية تتبع الألحان الكنسية البيزنطية الثمانية كتبها ولحنها كوكب الكنيسة وغريدها يوحنا الدمشقي ثم قام المر بتحديث هذا اللحن وتقال هذه القطع الثمان في الجنازات. 4- ترنيمة “افرحي يابيت عنيا” كلمات والحان المطران اثناسيوس عطا الله لحن حجاز كار وهي ترنيمة انطاكية صرفة ترتل عادة في احد الشعانين، وبسبب عذوبة اللحن ترجمت الى لغات عدة كالانكليزية والفرنسية والاسبانية والرومانية.
رئيس كورال الكنارة الروحية ومدربها الشماس ملاتيوس شطاحي
5- “اعطني هذا الغريب” من كلمات والحان الاب ميشال سابا… نص هذا النشيد مقتبس من الترتيلة الخالدة” ان يوسف” والتي ترتل في خدمة جناز المسيح يوم الجمعة العظيمة، وفيها يطلب يوسف الرامي من الوالي بيلاطس ان يعطيه جسد المسيح المطلوب كي يدفنه بشكل لائق-
6-” تاسعة عيد الفصح”:” ان الملاك تفوه نحو المنعم عليها” هي من نظم ولحن القديس يوحنا الدمشقي واعاد الرحابنة وهم العائلة الارثوذكسية المكينة في ايمانها اعادوا لحنها ورتلتها فيروز في عام 1957 وضمت في شريط الترتيل الشهير ب”تراتيل الآلام”. 7- “اناشيد تراثية من مدينة انطاكية” وهي كلمات والحان من التراث الانطاكي. 8- “نشيد القديس اليان حمصي” وهو من كلمات الشاعر الحمصي داود قسطنطين الخوري ، والحان وزن تقليدي ” لك يا ارض الشآم”
مطران حمص اثناسيوس عطا الله
9- “المجدلة الكبرى- حجاز كار” وهي مقتطفات من مزامير داوود النبي والحان متري المر والشائع ان ملحنها البروتوبسالتي يوسف الدوماني الدمشقي معلم متري المروهو شقيق البطريرك ملاتيوس الدوماني، انما المر فهو من دونها بعبقريته وحرفيته الموسيقية. 10- “ربي من غيرك اعبده” واسميت ” ماغاب جمالك عن بشر” وهي من كلمات والحان المطران ابيفانيوس زائد هذه القصيدة الروحية كان يؤديها المطران ابيفانيوس في المريمية وكان من عادة الموسيقار محمد عبد الوهاب ان يصطاف كل سنة في بلودان، وكان يحضر القداس الالهي صباح كل احد في المريمية ويجلس على آخر مقعد في الجانب الايمن ويستمع الى ترتيل المرتلين ويدون ملاحظاته الموسيقية فاقتنص اللحن واوقعه على قصيدة امير الشعراء احمد شوقي” مضناك جفاه مرقده” التي نظمها عام 1938. هذه الشهادة يذيعها من عرفوه امثال صباح فخري والمنيني وآغا القلعة، وشهادات شعبية من كبار السن ومنهم جدي فارس رحمه الله كانوا يرونه في المريمية وبمكانه المعتاد وكان يستمع الى شدو البروتوبسالتي ايليا الرومي ومعاونه المرحوم توفيق الحداد صاحب الصوت المتميز بعرضه وعلاوته وحلاوته مرتل اليسار في المريمية… وبخصوص هذه القصيدة قال ذلك لي مثلث الرحمات المطران ابيفانيوس في دير مار الياس الريح السنة 1981 وان عبد الوهاب اخذ لحنها من قصيدته “ربي من غيرك اعبده”
مطران عكار ابيفانيوس زائد
لحنها مجددا السيد الياس زيات مرتل المريمية. 11- “قصيدة الربيع” من ديوان المطران ابيفانيوس زائد ، لحنها فادي سمعان احد افراد كورال الكنارة… 12- “نشيد يابلادي يابلادي” كلمات والحان متري المر عام 1919 واعتمدت حكومة الملك فيصل نشيداً للجيش السوري بعد اعلان سورية مملكة دستورية عام 1920 ردده وزير الحربية يوسف العظمة مع رفاقه في معركة ميسلون في 24 تموز 1920 قبل استشهادهم. – غصت المريمية وباحاتها الخارجية بالحضور المتعطش للفرح وذلك قبل ساعة من موعد الامسية… – تقدم الحضور سيادة المتروبوليت دامسكينوس منصور القريب والصديق راعي ابرشية سان باولو والبرازيل وهو الشحرور الغريد والعالم الموسيقي الذي بذر في ارض دمشق بذار هذه الفعاليات منذ 1979 وكان لي شرف التعلم على يديه الموسيقى البيزنطية واصول الترتيل الرومي… والمتروبوليت جورج ابو زخم الصديق راعي ابرشية حمص وتوابعها اضافة الى سيادة المعاون البطريركي المطران موسى الخوري وسيادة الوكيل البطريركي المطران افرام معلولي وهو صاحب كل البصمة في هذه الامسية البديعة وحضر عدد من السادة مطارنة الكنائس الشقيقة بدمش السريان الارثوذكس والارمن الكاثوليك والموارنة ورئيس الطائفة الانجيلية الوطنية بدمشق وعدد كبير من افراد الاكليروس البطريركي ورؤساء الاديرة الرهبانية البطريركية للرهبان والراهبات وعدد من آباء الكنائس الشقيقة
المطارنة دامسكينوس منصور وجورج ابو زخم وبينهما المطران افرام معلولي ثم المطران موسىى ومطراني الموارنة والارمن الكاثوليك
في الختام القى سيادة الوكيل البطريركي المطران افرام كلمة غبطة راعي الاحتفال ابينا البطريرك يوحنا العاشر افاض فيها اضاءة على انطاكية العظمى ودمشق الشام والكرسي الانطاكي المقدس وعلى دورهم في تجذر المسيحية في هذا الوطن وما سورية الا انطاكية وما انطاكية الا سورية ومنها وجه المحبة والبركة الى لبنان رعية وقيادة والى كل الانتشار الانطاكي في اربع جهات الدنيا وسلط الضوء على سورية الجريحة بماتتعرض له من تهجير وذبح وتنكيل وارهاب وخطف وبالذات خطف المطرانين بولس ويوحنا وحيا الرئيس بشار الاسد والجيش السوري على الصمود الرائع احقاقاً للحق، وترحم على الشهداء وترجى شفاء الجرحى وبلسمة قلوب الناس… وعايد فيها المسلمين بعيد الفطر المبارك وقدم الشكر الى جوقة الكنارة ومدربها الشماس ملاتيوس والى الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو اندريه معلولي والى كل من ساهم بجهده في انجاح هذا العمل… قدم كل من قدس الاب الدكتور يوحنا اللاطي والدكتور جوزيف زيتون مقدمة الامسية وقدمت الامسية الآنسة نينا صعبية وكانت البطريركية قد اصدرت كراسا تضمن المعلومات التعريفية عن محاور الامسية والاعلام الذين تناولت الامسية تراثهم المكتوب والحانهم كتبها الدكتور جوزيف زيتون امين المكتبة والوثائق في الدار البطريركية.
الاب د. يوحنا اللاطي ود. جوزيف زيتون يفتتحان الامسية بمقدمة لكل منهما
وتولت هيئة الاذاعة والتلفزيون السورية مشكورة نقلها على الهواء مباشرة على قناة نور الشام، اضافة الى بث مباشر من المركز الاعلام البطريركي الارثوذكسي في البلمند وقناة نور سات…وتولت الصحافة السورية والاذاعات اتغطية قبل عدة ايام وغطت الحدث مباشرة…
نص الكلمتين اللتين قرأها بالتناوب كل من الدكتور جوزيف زيتون امين الوثائق البطريركية والمكتبة في دار البطريركية، والأب د. يوحنا اللاطي استاذ اللسانيات في كلية الاداب م قسم اللغة الفرنسية
د.جوزيف زيتون
” الكلام من مريمية دمشق ليس حدثاً تاريخياً وحسب، ولا يمكن حدُّه بجغرافية الموقع، بل هو حديث الروح، هو صلاة لإله منزهٍ عن الزمن حضرَ الينا في ملء الزمان، من بطن بتول ارحب من السموات هي صاحبة هذا المكان. فكلامنا إذاً من مريمية الشام هو كلامٌ عن عراقةِ قداسةٍ شاء الله أن يَسِمَ بها شامنا لتكون منطلقاً لكنيسته في كل العالم.
ومع ان الفكر يحارُ كاتبُه من اين يدخلُ الى أعماق شامنا، الى شامة الدنيا الأبدية التي تستظل بفيء محراب أمَوِيِّها، وتُطِلُّ على مستقيم شارعها، وتغفو منتشية بعبق بخور كنائسها، فالأجدى أن يدخل من قدسية مريميتها، ومن عراقة تاريخها، ومن ثبات ابنائها، ليخرج من ابوابها السبعة حاملاً بشرى السلام الى كل العالم.”
الأب د. يوحنا اللاطي
كورال الكنارة والفرقة الموسيقية والمطران افرام ممثل غبطة البطريرك
” في التكوين، في الخلق الأول، مع الصوت كلُّ شيء كان يخرج من العدم الى الوجود، حتى بدا كلَّ شيء حسن, وفي الموسيقى، مع كل لحن، يُخلق شعورٌ جديدٌ في الروح، فتتألق هذه حتى تبلغ الكمال. كما تنظمت الخليقةُ إذاً تكوينياً بالصوت، وكذلك يكتمل خلق الروح بالموسيقا. وموسيقانا الكنسية تقوم على هذا المبدأ الخلاق.
لقد عاشت كنيسة انطاكية في ايقاع الألوهة منذ اكثر من الفي سنة، ناظمةً صلاتَها شعراً وأدباًمسبوكيَّن في موسيق فاتنة، أنجب رحمُها الموسيقيُّ الى الوجود مئات الوجوه الفذة قديماً وحديثاً.”
د.جوزيف زيتون
” لقد أغنى عباقرة الإيمان المستقيم الرأي بأحباره ومؤمنيه كنيستنا الارثوذكسية عامة والأنطاكية خاصة، بأشعار والحانٍ ترنم لها التاريخُ وطربت لها حضارةُ الانسان، فأتينا اليوم من عبق تاريخنا نقدم لكم باقة ابداعِ عمالقة الروح، الشحرور أثناسيوس عطا الله مطراِ حمص، وكنارة الكلمة والروح أبيفانيوس زائد مطرانِ عكار، والبروتوبسالتي الفريد متري المر، مع الاستاذ داود الخوري، ومع المستمر في عطائه الأب ميشيل سابا، والأسماء أكثر من أن تُحصى، ولكن دون أن ننسى البلبل الغريد زعيم ناظمي التسبيح دمشقينا يوحنا.
عمالقةُ عباقرةُ عمدوا جغرافية أنطاكية بالموسيقا فتمتع بها بردى دمشق، وعاصي لبنان وحماه، وطرب لها فرات الرافدينن واتخذت لها جبال القلمون وقاسيون، وتهلل بها جبل شيخ حرمون، وضبط موجُ بحر المتوسط إيقاعها.”
الدكتور جوزيف والاب يوحنا
الأب د. يوحنا اللاطي
” لدمشق دوما كلمة فصلٍ، وكورال الكنارة الروحية صارَ كلمةَ فصلٍ في مجال الموسيقى.
إنه وهو الحديثُ في عمر نشأته، يأتي من التراث ليمتد في الحداثة، مبدعاً لنا من عتيق تاريخنا جِدَّةَ حاضرِنا فندعو له ان يستمر على هذا الايقاع ليدخل في قريب مستقبله حلقةَ كبار المرتلين.
رغم كل دمارٍ آلَمَّ كنيستنا الأنطاكية، وضرب بلدنا الحبيبة سوريةن وتمركز في دمشقنا الياسمينية، نأتيكم اليوم مكرمين مؤسسي كرسينا الأنطاكي الرسولي، هامتي الرسل بطرس وبولس في يوم عيدهما، مقدمين لكم كورال الكنارة الروحية بقيادة الشماس ملاتيوس شطاحي، والفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو اندريه معلولي، مرنمين على وقع عباقرة اللحن الأنطاكي وقائلين:
د. جوزيف
كورال الكنارة الروحية
الأب د. يوحنا
بالله يا أنطاكية الا نعود ثانية يا ايها العاصي أفق غضت مياهٌ جارية
لا تنقضوا العهد الذي قد كان نجماً هاديا بل ناشدوا واذكروا ايام عزة ماضية
حشدُ تنادى للعلى مثل الاسود الضارية صاحوا بصوتٍ واحدٍ لبيك يا أنطاكية
كل عيد وأنطاكية العظمى من المشرق الى الانتشار، ونسرها البطريرك يوحنا بألف خير.
المايسترو اندريه معلوليالمقدمان د. جوزيف والأب يوحنا والفرقة الموسيقية
جانب من الحضور في حرم الكاتدرائيةالشماس ملاتيوسجانب من الحضور
لقائي في البرنامج المباشر صباح الخير على الفضائية السورية صباح الاثنين 2 تموز 2017 حول الكرسي الانطاكي المقدس وحول احتفاليته في 29 حزيران 2017 بالامسية التي احياها كورال الكنارة الروحية ” بالله يا انطاكية” في الكاتدرائية المريمية…
فيديو اللقاء وفيه الحوار حول “بالله يا انطاكية” و”لم أنطاكية؟” ثم” لم دمشق؟
حمص العدية ام الحجارة السود ساعات حمص تشتهر حمص بالجمال بكل شيء فيها وجمال اهلها ودماثتهم وطيبتهم وخفة دمائهم وجمال سيداتها المشهور… ولكن الاهم من كل ذلك هو وفاء شعبها المغترب عنها بداعي الرزق لها وهم الذين اجادوا في التبرع لها كالسيدة كرجية حداد وزوجها وماشاء الله كل المغتربين عنها كانوا من الشعراء… وفي ذلك رفعة الثقافة والادب وبالاضافة الى حب الموسيقا والموشحات… والحمصيون جماعة طرب وموسيقى تشتهر حمص بثلاث ساعات تاريخية هي 1-الساعة القديمة وبناها الفرنسيون 1923 بواسطة اشهر ساعاتي في حمص السيد عبد الله كيشي، واسمه محفور عليها حتى الآن وهي مصنوعة من النحاس وكانت مركز المدينة القديمة حيث توسطت منطقة الأسواق الأثرية وأنشىء عليها كراج حماه لأنها كانت على طريق حماه، ثم سينما الفردوس الى الشمال منها اي مكان بناء الستي سنتر حالياً.
ساعة كرجية حداد
2-الساعة الجديدة، أو ساعة كرجية حداد وشيدت عام 1958 وعلى نفقة المغتربة الشهيرة السيدة كرجية حداد، ونالت شهرة واسعة في المدينة وخارجها حتى اصبحت من رموز حمص ودخلت في النسيج الاجتماعي للسكان في النصف الثاني من القرن العشرين المنصرم. 3-الساعة العمومية او ماتعرف بساعة الاربعين الواقعة في كاتدرائية الاربعين شهيداً الارثوذكسية في حي بستان الديوان الملاصقة لدار مطرانية حمص الارثوذكسية يعود تاريخ بناء هذه الساعة الى عام 1921 حيث ورد ذكر الساعة العمومية في كتاب “زفرات القلوب …” للخوري عيسى اسعد وهو احد أهم المؤرخين الحمصيين وقد اجادوا في تأريخهم لحمص فجاء في مقدمة الموضوع مايلي: “عُرف الحمصيون بغيرتهم على حمص ووضعهم المساعدة في موضعها اللائق وكان اولوا المرؤة يسألون عن النقص الموجود في حمص ليسعوا الى تلافيه وفق استطاعتهم.”
وحسب المصدر ماجاء في المصدر نفسه، ان المتبرع السيد سليم نسطة ابتاع الساعة من فرنسا واهداها الى المطرانية لتضعها في الكاتدرائية لترشد اهالي الحارة والمحلات المجاورة برؤيتها وسماع صوتها من بعيد الى الوقت. وكان ذلك قبيل بدء الحرب العالمية الاولى…
المطران اثناسيوس عطا الله
وفي عهد المطران اثناسيوس عطا الله متروبوليت حمص وتوابعها للروم الارثوذكس وتحديداً في 12 تشرين الثاني من عام 1921 وصلت الساعة المذكورة الى ميناء بيروت واودعت الحرم الجمركي وكانت ادارة الجمارك في سورية ولبنان بيد الفرنسيين، فطلب المطران اثناسيوس من مستشار لواء حمص الافرنسي (حاكم حمص العسكري الفرنسي) آنذاك اعفاء الساعة من الرسوم الجمركية المقررة والسماح بادخالها الى سورية – حمص معفاة من الضرائب والرسوم الجمركية. وبعد أخذ ورد وافقت السلطات الفرنسية ممثلة بالمندوب السامي الفرنسي في سورية ولبنان وكيليكيا بادخالها معفاة من الضرائب والرسوم الجمركية… وكان قد تأخر وصول هذه الساعة الى سورية بعد شحنها من بلد المصدر اي من فرنسا ( سورية كانت تضم لبنان قبل انشاء…) اثناء الحرب العالمية الاولى بسبب ضياعها في احدى السفن، وحين وصلت الى حمص اي بعد اكثر من ست سنوات من التيه في البحر، حصلت بعض المنافسات بين الوجهاء بسببها، وادى ذلك الى تأجيل بناء القبة لها حتى عام 1922 في شهر تموز تحديداً حيث اخذت الوضع الذي هي عليه حالياً. واخذ المطران اثناسيوس على عاتقه امر الانفاق عليها، فتمم بناءها في السنة التي توفي فيها وكانت آخر ماشيده من الأبنية، وكان عهده حافلاً بالانجازات في شتى المجالات.
الساعة العمومية من برجها في كاتدرائية الاربعين الارثوذكسية
وقد نُقش على صفحة القبة المتجهة الى الغرب تاريخ بنائها من نظم الاستاذ يوسف افندي شاهين عام 1923 بالنص الشعري التالي: اثناسيوس مطراننا ذو الفضل من في …….. القلب هذا الشعب بث الغيرة للساعة الكبرى سعى ببناية……………… ورجال حمص ابرزوا ذي الهمة فسليم نسطة لمحبة الوطن العزيز……….ابتاعها من ماله واتى بها ويُذكر ان البناء الداخلي للساعة شكله حلزوني جميل اما ميكانيكها فهو بسيط جداً يعتمد على مانويل موصول بثقالات. تحتاج الساعة العمومية هذه كل 36 ساعة لاعادة تحضير من جديد، والمحزن انها متوقفة وتحتاج الى اعادة تشغيل حتى تعود للمساهمة مع الساعتين الاخريين في ضبط ايقاع المدينة الجميلة.
قال الإمام علي بن ابي طالب
الــنوم: سلطان لايرفض له أمر…
الـجوع: كافر لا يرحم أحداً…
الـــهم: سيف بارد في الضلوع الدافئة…
الــثقة: قافله تحملك للأمام…
السكوت: ذهب…
القناعة: كنز لا يفنى…
الحـقد: اشتعال دون نار ولا دخان…
التشمت: مقدار نقص الثقة بالنفس…
الغرور: قباحة المنظر و المعشر…
الصدق: مفتاح لأقسى القلوب…
الظـلم: ظلمات…
صورة الامام
الخيـانة: نهاية…
التسامح: بداية…
الصداقة: عملة نادر…
الخوف: كما الغرق في بركة دون ماء…
الشوق: دفء…
الأمانة: رسالة إنسانية…
الرحمة: من صفات الله التي أهداها للبشر…
البخــل: حفظ الممتلكات لللصوص…
الغضب: مفتاح الجنون…
الكراهية: فشل القلب…
التشاؤم: نقص الايمان بالله…
الصـبر: مفتاح الفرج…
كما قال
– مادام لي رباً يرى حالي فما لي أدفن في اليأس أمالي…
يحس بتفاهته…
– عندما تحب عدوك
فإن الحرمان أقل منه…
– لا تستحي من اعطاء القليل-
بمساعدتك…
– لا احد يستطيع اهانتك الا
خير من ضمير متعب وأقدام مستريحة…
– اقدام متعبة وضمير مستريح
الكثيرون…
– الصمت : إجابة بارعة لا يتقنها
نجاحك…
– كثرة حسادك , شهادة لك على
– لاتعتمد على [ الحب ] فهو نادر، ولاتعتمد على [ الانسان ] فهو مغادر…
ولكن اعتمد على [ الله ] فهو القادر…
– لاتحاول ان تجعل ملابسك اغلى…
– شيء فيك حتى لا تجد نفسك يوماً أرخص مما ترتديه طول حياتك…
تقع مدينة إزرع في حوران، في الجزء الجنوبي من سورية في محافظة درعا وهي مركز قضاء كبيرمن اقضية درعا.
في تاريخها
مشهد عام لمدينة ازرع
تعد ازرع من المدن العريقة في تاريخها وخاصة الحقبة الكنعانية، وأقيمت فوق انقاض موقع يعود الى نهاية العصر الحجري الحديث او بداية عصر المعدن وترتفع عن سطح البحر مايقارب 594 متراً.
وتتكون مدينة إزرع اليوم من إزرع القديمة، وإزرع الجديدة (المحطة)، ومن قرية ذئبية التي كانت قبل عام 1978م منفصلة عن المدينة، ومن حي سكني جديد يدعى الغسانية. ويعد وعرُ المنطقة الجنوبية الغربية من اللجاة الظهير الجغرافي لمدينة إزرع التي تجري فيها عملية التبادل الإنتاجي لكل من النمط الرعوي القائم في منطقة اللجاة، والنمط الزراعي المتمثل بكل من مدينة إزرع نفسها والريف التابع لها الواقع إلى الغرب منها، حيث تتصل بها الأرض السهلية الخصبة. ومعدلات التهطال تزيد على 300مم سنوياً وهذا يجعل من منطقة إزرع بقعة صالحة لزراعة الحبوب الشتوية والنباتات الصيفية اعتماداً على ما تجود به السماء كل عام.
وكانت مدينة إزرع القديمة ترتبط بمدينة بصرى بطريق رومانية مرصوفة بالحجارة البازلتية، مارة من شمالها متجهة نحو الغرب، حيث تتفرع هناك إلى فرعين يصلان إزرع ببلدات حوران الغربية ولاسيما ببلدتي إنخل والحارة الحالية…
تعاقبت على مدينة إزرع حضارات مختلفة، شأنها في ذلك شأن بقية مدن الجزء الجنوبي من بلاد الشام لموقعها الجغرافي، فهي صلة وصل بين مصر القديمة وحضارات بلاد الرافدين وشمالي سورية، ولقد تركت كل حضارة بصماتها الواضحة في ازرع وفي الخرائب والآثار المندرسة والمدفونة تحت الانقاض وما حولها.
عاصرت إزرع الحضارات الكنعانية ، والآرامية، والبينطية الرومية، والاسلامية وتأثرت بها. فإزرع القديمة تؤلف تلة من الأنقاض تقوم عليها اليوم المباني السكنية، إلى جانب ما تبقى من أبنية قديمة على امتداد كيلومترين من الغرب إلى الشرق و1.5كم من الشمال إلى الجنوب.
كنيسة القديس جاورجيوس
وتعدّ كنيسة القديس جاورجيوس من أهم المعالم التاريخية الأثرية التي ما زالت قائمة في مدينة إزرع. وقد كانت في الأساس معبداً وثنياً لعبادة الأصنام ثم حوِّل إلى كنيسة مسيحية في العهد الرومي البيزنطي مطلع القرنالسادس المسيحي عام 513مسيحية، وتنفرد هذه الكنيسة عن غيرها من الكنائس بشكلها المثمن مما يؤكد أنها بناء معبد وثني قديم أصلاً ولعله يعود إلى الحضارة النبطية.
وفوق باب الكنيسة الشمالي حجر منقوش كتب عليه بـاليونانية القديمة ما معناه: “صار بيتاً لله المكان الذي كان كهفاً للشياطين، وحيث كانت تستقر الظلمة أشرق نور الخلاص، وحيث كانت تقدم الذبائح للأصنام صارت تقدمها صفوف من الملائكة، وحيث كان يستنزل غضب الله صار يستنزل رضاه، رجل مهم يحب السيد المسيح وجيه في قومه اسمه يوحنا بن ذيوموس قدّم للإزرعيين من ملكيته الخاصة هذا البناء العجيب على اسم القديس الشهيد جاورجيوس اللابس الظفر، الذي ظهر علانية لا في الرؤيا بل عياناً في وضح النهار سنة 410م.”
كنيسة القديس جاورجيوس من الداخل
وفي إزرع بقايا جامع قديم يدعى “الجامع العمري”، كان كنيسة او دير على اسم النبي السابق المجيد يوحنا المعمدان والارجح انه كان ديراً رهبانياً ويعود الى زمن كنيسة القديس جاورجيوس وقد تم تحويله الى جامع كعشرات الكنائس والاديرة في المنطقة وغيرها. ويؤكد هذا القول كتابات باليونانية القديمة على ساكف باب الدير الشمالي، وحجر “حنت” في الجزء الباقي من الجدار الغربي الجنوبي، نقشت عليه كتابات بالحرف العربي غير المنقط تبدأ بالبسملة.
عند تحويله الى الجامع على اسم عمر بن الخطاب وفي زمنه، حوفظ على وضع هندسة الديرلذا كان ذلك الدير الذي حول الى الجامع العمري يتكون من 54 قنطرة، ولم يبق قائماً من هذه القناطر سوى صفين يتكون
دير النبي يوحنا المعمدان الذي تحول الى جامع باسم الجامع العمري وهو اليوم خرب
كل منهما من ست قناطر، وكان في الزاوية الشمالية الغربية للجامع مئذنة مقطعها مربع الشكل وهي ذاتها جرسية الدير/ الكنيسة ولها ثماني نوافذ، وتقوم على أربع قناطر، وكانت تبرز للقوافل التجارية من مسافة بعيدة ويسمعون القرع بالنواقيس منها الى ماقبل تحويل الموقع الى جامع. وقد هدمت هذه المئذنة في زمن الانتداب الفرنسي، ونقلت حجارتها لبناء منزل في إزرع الجديدة التي تعرف بالمحطة. وهناك كنائس يزيد عددها على العشر تهدمت في معظمها. وتؤكد هذه الكنائس الأهمية الدينية التي كانت تتمتع بها أسقفية إزرع البيزنطية في مجال الكرسي الانطاكي المقدس ولعب اساقفتها ادواراً مهمة في المجامع المسكونية المقدس وكانت ازرع اسقفية عامرة وفاعلة جداً في جنوب سورية.
كان أهالي مدينة إزرع القديمة يحصلون على ماء الشرب من ثلاث آبار قديمة أولها
دير القديس جاورجيوس
بئر النعيرة
وتقع إلى الشمال الشرقي من مدينة إزرع القديمة، وجوانبها مكسوة بالحجارة البازلتية المنحوتة، ويتم النزول إليها بدرج من الحجارة. ويقال إن ماء تلك البئر مجرور عن طريق قناة تستقي ماءها من نبع يقع في بلدة عريقة التابعة إدارياً لمحافظة السويداء، وفي أيام الشح كان أهل إزرع يقسمون الماء في أيام الأسبوع على أحياء مدينتهم كي يحصل كل حي على ماء الشرب من تلك البئر، فكان لكل حي يوم مخصص له لجلب الماء، وكانوا يكلفون رجلاً لحراسة البئر وتنظيم النوبة بين النساء، ولأهمية تلك البئر في حياة أهل إزرع في الماضي يَرِدُ ذكرها في تراثهم الشعبي.
بئر حلحلة
هي البئر الثانية التي كانت تستقي منها ازرع، وتقع في شرقي إزرع القديمة وعلى بعد خمسمائة متر منها، وتستمد البئر ماءها من كهف بازلتي طبيعي.
بئر ابو كلبة
منطقة المحطة قبل عدة عقود
تقع جنوبي إزرع القديمة، وكان أفراد عشيرة المدالجة المنتمية إلى قبيلة السلوط يضربون مضاربهم حولها، وهي محفورة في الصخر إلا أن ماءها جمعٌ وليس نبعاً
أما فيما يتصل بالاستعمال المنزلي وسقاية الحيوانات، فقد كان في إزرع القديمة بركتان كبيرتان يزيد عمق كل منهما على 25م، وفي وسط كل واحدة عمود من الحجر البازلتي لمعرفة منسوب المياه المتجمعة في كل منهما على مدار السنة، والبركتان مبنيتان من الحجارة البازلتية المنحوتة، فالبركة الشرقية على سبيل المثال، ما زال الجزء الشرقي من جدارها القديم عامراً إلى اليوم. ويبلغ بعدا البركة الغربية 250-300م تقريباً في حين يزيد بعدا البركة الشرقية على 150-200م، ويصل بين البركتين مصرف مائي، وكان ماؤهما يفيض في الشتاء فيخرج نحو منخفضات طبيعية تدعى «خراب التوت”. سكان ازرع
مدخل كنيسة القديس جاورجيوس منتصف القرن 20
يتألف سكان مدينة إزرع اليوم من عشائر حورانية أصيلة يعود نسب معظمها إلى الغساسنة، ويدينون بالمسيحية والاكثرية منهم روم ارثوذكس، ولهم كنيسة رئيسة هي كنيسة القديس جاورجيوس الارثوذكسية الأثرية، ويليهم الروم الكاثوليك والذين اعتنقوا الكثلكة بفضل التبشير الرهباني بدءا من منتصف القرن 19 ولهم كنيسة مار الياس المتزامنة تقريباً مع كنيسة القديس جاورجيوس، والطائقتان تتبعان لأبرشية بصرى حوران وجبل العرب، ومقر المطرانية الارثوذكسية في السويداء ومقر ثان في درعا، اما مقر المطرانية الكاثوليكية فهو في خبب. ويدين بقية سكان ازرع بالاسلام.
اللجاة
ويشتركون جميعهم في العادات والتقاليد. ويبلغ عدد سكان إزرع الحالية نحو 30200 نسمة (إحصاء عام 1995)، وتتحكم العصبية القبلية في سلوكهم اليومي إذ يتألف السكان من أسر كبيرة متماسكة يتجاوز عددها العشرين. وهناك أسرمسيحية هاجرت بشكل مكثف من إزرع إلى دمشق وأماكن متفرقة من بلاد الشام وجبل لبنان منطقة حاصبيا وراشيا ( ومنهم اسرتنا آل الزيتون) وآل الحداد ومنهم القديس الشهيد في الكهنة الخوري يوسف الدمشقي المستشهد في مذبحة 1860 في دمشق، وخرجت هجرات ايضاً الى وادي النصارى للاحتماء في واديها المنيع من الغزوات الطائفية الدائمة، والى منطقة حمص، وذلك عقب الفتح العثماني عام 1516 والقضاء على المماليك وإشاعة مناخ الامان بعد قهر المماليك لهم والتنكيل الطائفي بهم، وان عاد الحال كما كان في عهد المماليك عندما حل عصر الانحطاط بالدولة العثمانية بدءاً من منتصف القرن 17.
ازرع الحالية
يتصف المخطط العمراني لمدينة إزرع بأنه متطاول الشكل: 4كم، غرباً وشرقاً، 2كم جنوباً وشمالاً. ويتكون مخطط المدينة المذكور من المراكز السكنية المذكورة سابقاً.
ويعود سبب التوسع العمراني لإزرع القديمة نحو الغرب إلى تسميتها مركز قائمقامية زمن الانتداب الفرنسي من جهة، ولكون الخط الحديدي الحجازي
النقش لرمز الصليب على دير يوحنا المعمدان ( الجامع العمري)على الجدار الغربي الجنوبي مع كتابة بالعربية غير المنقطة
يمر إلى الغرب من البلدة القديمة من جهة أخرى، وعلى هذا صارت المنطقة المحيطة بالسكة منطقة إدارية فيها كل الدوائر الحكومية كالمالية ومديرية المنطقة ومديرية الزراعة. وقد رافق ذلك نشاط تجاري أدى إلى نشاط عمراني سكني قام به أهل إزرع أنفسهم، وسكان القرى التابعة لها ك بصر (بصر) الحرير ومحجة وشقرا ونامر وقرفة. ويعمل معظم سكان إزرع بالزراعة البعلية، وأهم محاصيلها القمح والحمص والشعير والعدس. هناك القليل من المشروعات للزراعة المروية التي تقع إلى الغرب من المدينة على طريق إزرع ـ الشيخ مسكين. كما أن قسماً من السكان اليوم كان يعيش في لبنان كسباً للزرق. وأهل إزرع اليوم مثقفون ومن حملة الشهادات العالية في شتى التخصصات، ويعمل عدد كبير منهم في الوظيفة العامة في دمشق ودرعا، وفي المهن الحرة العلمية كالطب والهندسة…
اما من يعمل بالزراعة فهم ارباب الاسر وخاصة كبار السن منهم وهم لا يهتمون بالثروة الحيوانية إلا الأبقار وخاصة المستورد منها الذي يدعى فريزيان. وربما يعود هذا إلى قرب تلك المدينة من المنطقة الرعوية المتمثلة في الجزء الجنوبي من وعر اللجاة القليل الأعشاب.
تسمية دمشقية توصف بها الشنيعات فهل تعرفونها؟
اقرأوا حكايتها… – شمقرين
مدخل…
صورة تخيلية لساحرة
لقد سمَّى الدمشقيون وغيرهم من السوريين في وصفهم لأي سيدة قبيحة أو شمطاء ب “شمقرين الساحرة”، ولعل الأطفال يذكرون اسمها جيداً دون معرفة هوية أوقصة هذه الساحرة التي رافقت طفولتهم لسنوات… “شمقرين”
هي شخصية وهمية ظهرت في قصص “كليلة ودمنة” وتناقلتها الأجيال السورية جيلاً بعد جيل.
يُحكى أنه كان هناك قرية صغيرة منعزلة، وكان أهلها قوماً بسطاء لا يملكون من علم الأرض شيئاً، يؤمنون بمشورة الكهنة والسحرة…
وكان في تلك القرية ساحرة اسمها شمقرين، قد اجتمع لها من علم الكهانة والشعوذة والسحر الأسود وتطويع الجن والعفاريت ما لم يجتمع لغيرها من بشر، وكانت أيضاً عجوزاً قبيحة قميئة منفرة.
اجتمع يوما سحرة تلك القرية في غفلة عن شمقرين، فقال أحدهم:
“قد كنا في هذه الأرض سادتها، لا يزرع الناس ولا يحصدون إلا بأمرنا حتى ابتلانا الله بتلك الشمطاء شمقرين، فأخافت بوجهها القميء الناس من السحر، ونَّفَّرَّتهمْ منه. وقد كانت الكهانة قبل شمقرين عزاً فصارت بعدها ذلاً و انكسارا، و كان السحر مصدر رزق لنا فأحالته علينا ضيقاً وافتقاراً، وكل ذلك بسبب قبحها، كيف لا وطلعة وجهها البهي كطلعة الغراب في أول الصباح. لن نصبر على وجودها معنا بعد اليوم أبداً.”
فقامت من بينهم عرافة وقالت: “أرى أن نجعل شمقرين تهتم بشكلها أكثر، وتغَّيرمن منظرها لتصبح أكثر قبولا بين الناس.”
وافق الجميع وذهبت العرافة إلى شمقرين الساحرة، و بيدها مرآة و مشط وعدة زينة، فدخلت عليها، ووضعت ذلك كله بين يديها، وقالت: “هذه هدية السحرة إليك لتصلحي من شأنك و تأخذي زينتك…”
قالت شمقرين: “و ما حاجتي إلى الزينة و قد وهبني الله من الجمال و الحسن ما يغنيني عن ذلك، خذيها أنت إن شئت فلربما تلزمك، فإني أرى رأسك قد غزاه الشيب، و وجهك قد بان عليه الزمن…”
فقالت العرافة بعدما أخذها الغيظ: “أأنت ملكة الحسن و الجمال؟! أفلا تنظرين في المرآة لتري وجهك؟”
فأخذت شمقرين المرآة، ونظرت فيها، ثم قالت:
ربي الحبيب اسمح لي ان اخاطبك من قلب من قلب خاطىء اثيم…
القديس يوحنا الانجيلي وطروباريته
– يايسوعي الحبيب لكم أردْ أنا الخاطيء، أن أقتدي بشيء مما مارسه تلميذك يوحنا الحبيب بعد تأمل طويل استولى على كيانه، لحظة إثر لحظة، كي يصل الى ما وصل اليه من كلمات في هذه الآية، تكتنف كل وجودك، ما سبق منه تجسدك، ومارافقه من حضورٍ وأعمالٍ وأقوال كانت أبداً تؤرجحه بين شك ويقين، هو وسائر التلاميذ، حتى حَسَمَتْ قيامتُكَ كل تساؤلٍ بانفجارِ البهاء الالهي…
– رب الحنون تحنَّنْ علي، وهِبني فرحَ الاختلاءِ بكَ ولو لثوانٍ جادة قبل فواتِ الأوان.
– ربِ يسوع الحبيب، عندما يسكنُ روحُك القدوس إنساناً ما، لايسعه إلا أن يملأه نوراً وحقيقةً وفرحاً ، كالذي كان يملأ حبيبك يوحنا الذي أوليته بأمك الطاهرة من قبل صعودك الى أبيك فوق…
وهويصلُ إلى ماوصلَ إليه من يقينٍ يخُصُكَ يا إلهي، فكتب ماكتب ليقول
يوحنا الانجيلي متكأً على صدر يسوع
ليس أن الكلمة صار بشراً وحسبْ، بل إن الإنسان صار قابلاً ليصبح الكلمة!
– رب الحبيب، هِبني من نوركَ، أنا الخاطيء الأثيمْ، ما يفتح أمامي كل الدروب، لاسيما تلك الصاعدة من ارضنا الى سمائك.
– يسوعي الحلو، هنيئاً لحبيبكَ يوحنا وكل تلاميذك بحنوكَ، هنيئاً لمن فعلتَ معهم ياربي الحنون المعجزات، هنيئاً لهم هؤلاء الذين عاينوا مجدك في مافعلت لهم ،بعدما عاينوك إنساناً فقيراً لامكان لك تسند اليه رأسك، ايها الغريب الفقير، وكم تبكيني هذه الترتيلة الخالدة التي تجسد يوسف الرامي متوسلاً إلى بيلاطس مستعطفاً إياه بقوله:” أعطني هذا الغريب الذي لم يكن له مكان يسند اليه رأسه، أعطني هذا الغريب كي أواريه… الذي لا حُسن له… ولا جمالْ…” فأنوحُ ملءَ كياني، وأندم على كل سقطاتي، ليتني كنتُ معايناً لكَ معهم لكان لي قداسةُ اللقاء بك ليوحنا تلميذك الاحب الذي أعطيته رعاية أُمك، انت يامن تأنست من أجلي أنا الخاطىء الأثيم، لكي تنقيني وتجعلني يارب مساوياً لك في تأنسك، وتتيح لي أن أصبح مساوياً لك في ألوهتك الأزلية رغم عدم استحقاقي ايها الطاهر القدوس، وحاملاً إياك كلمةَ حُبٍ وخلاصْ، لكل من يَقْبَلكْ من أجلِ بيتكَ الكبيرْ.
– ربِ علمني أن أسجدَ لكَ، لا مُرتعداً، ولا مُستغفراً، ولا سائلاً، بل شاكراً وحسب…
يوحنا الانجيلي يكتب بشارته الانجيلية بهدي الرب يسوع
– يسوعي المخلص الحبيب، ياحبيبي وسندي، وصدرك مطرحٌ قدوسٌ أُلقي عليه رأسي المليء بالأحزان والآلام والخطايا، أتساءل، فيمَ لوكنتُ محلَ تلميذكَ يوحنا وحبيبك، وأخذتُ أكتبُ ماعِشت معكَ ومن خلالك، مع سائرَ التلاميذ، أكنتُ اكتفيتُ بهذه الكلمات الست اوالسبع؟؟؟ أُلخص بها في بلاغةٍ قلَّ مثيلُها، وربما لامثيلَ لها على الإطلاق، كل ماكنتَ في الآب، وصرتَ على الأرض، وتركتَ للبشرية وهي في طريقها الى السماء؟
خاطرتي بمناسبة عيد الكرسي الانطاكي المقدس واحتفاليته…
الشعار الرثوذكسي
وكأني قرأتها في هذه الاحتفالية…
– الكلام من مريمية الشام ليس حدثاً جغرافياً، هو حديث الروح وكلام في الزمان المتجسد في إنسان وإله، في بطن بتول، هي صاحبة هذا المكان، وهو موقع عتاقة القداسة الأول والمتجذر في الاله المتجسد في الشام التي شاءها بتجسده ان تكون منطلقاً لكنيسته الى كل العالم.
لقد كانت شآم الروح، والياسمين والورد، هذه، كانت فينا بمريميتها، وكنا نحن خلية من خلاياها، وحجراً حياً للروح من أحجارها والتي بنى بها الرب كنيسته…
انا والاب د. يوحنا اللاطي نقرأ مقاطع افتطفت من هذه التأملاتلقد كانت شآم الروح هي الكنيسة الأنطاكية، منذ البدء ولما تزل الكنيسة الحية…
ومع ان الفكر يحار كاتبه من أين يدخل إلى أعماقها، فالأجدى أن يدخل من قدسية مريميتها من عراقة تاريخها وتجذرها من العشرين قرنا والى الابد.
– في هذه الامسية المباركة، نطل من كنيسة مريم مع غريد دمشق، ومجرى الذهب المشبه ببرداها ذي السبعة الانهار، يوحنا الدمشقي حيث كان يخشع ويتعبد وينتج روائعه المكتوبة محدداً : ” المائة مقالة في الايمان الارثوذكسي”، والمرتلات الرائعة، وخالدات كنيستنا المنتشرة في كل المسكونة.
من دمشق الشام، وحريرها، وحرير الروح شآم، من عبق التاريخ مروراً ببوابة الحاضر بالرغم من كل الألم العاصف نحضر الليلة.
من جارة الأبدية الشامة التي تستظل بمريميتها، وتغفو منتشية على رائحة بخورها…
من إطلالة المريمية على مستقيم دمشق حيث عصف الروح بشاول فجندله وحوله إناء مصطفىً له، وكانت المريمية الشاهدة الحية أبداً على تحوله بولساً رسولاً للأمم. بدأها بالطريق الى دمشق وما ادراك ماهو الطريق الى دمشق؟ حتى الغرب الأوربي يفتخر ب”الطريق الى دمشق”
من قاعدة آيا ماريا، وأقصد القيمرية الحي المسيحي الارثوذكسي الصرف، أو آيوس ماريا،
مشهد لدمار الصرح البطريركي والمريمية والكنائس الأخرى في مذبحة 1860
هو اسمها الحقيقي المعرب عن اليونانية، من القيمرية حارة خانات الحرير الدمشقي بسداها ولحمتها، من المريمية قاعدتها، نحن أبناؤها، أبناء هذه الارض الطاهرة نُطل، ونُطل لأننا لم نخلق من العدم، ولا كنا من هامشي البشر، ولم نأت مع غزوات الفرنجة،لأننا نحن ابناء انطاكية العظمى وسائر المشرق، حيث دُعينا اولاً بهذه التسمية الشريفة “مسيحيون”، وأبناء سورية منطلق الكنيسة الى العالم، وأبناء دمشق هم أول جماعة مسيحية في العالم بعد أورشليم الأرضية…
نحن منذ الألفين المنصرمتين حملنا عبق البشارة وتلمذنا كل الامم…من هنا من دمشق ومريميتها ومستقيمها وبولسها وحنانيها ودمشقييها يوحنا ويوسف واندراوس…
من مريمتنا قاعدة انطاكية العظمى، وكاتدرائيتها بعد أنطاكيتنا السليبة، التي وصفها ابن جبير اهم الرحالة المسلمين عام 1184 بقوله:
داخل الصرح البطريركي ويبدو في صدر المكان ماكان يسمى القصر البطريركي وفسقية الماء
“في داخل البلد كنيسة لها عند الروم شأن عظيم تعرف بكنيسة مريم ليس بعد كنيسة بيت المقدس عندهم أفضل منها، وهي جميلة البناء تتضمن من التصاوير مايبهر الأفكار ويستوقف الأبصار.”
فلنتخيل كيف كانت مريمية الشام في القرن الثاني عشر…
مع كل الدمار والألم الذي ضرب مريميتنا عبر الألفين بنكبتها التسع، ومع كل الدمار والألم الذي ضربها مؤخراً، ومراراً ولاتزال بصماته عليها،ومع كل الدمار والألم الذي يضرب سوريتنا الحبيبة ودمشقنا الياسمينية، وبمناسبة عيد كرسينا الرسولي المؤسس من هامتي الرسل، نحيّ الليلة أمسية لتخليد نتاج روحي، وحياة عباقرة، رددت جنبات مريميتنا الشامة الأنطاكية أصواتهم قراءة وترتيلاً…
عباقرة الايمان المستقيم الرأي بأحباره وعلمانييه، الذين أثروا كنيستنا الارثوذكسية، وأنطاكية ودمشق والمسكونة… بأشعارهم وألحانهم وأدائهم الذي خلده التاريخ…
عندما نستذكر شهادات أهل الإختصاص الموسيقي كصباح فخري والمنيني وآغا القلعة… وتطابقها مع شهادات المؤمنين المعاصرين البسطاء كجدي فارس مثلاً عن عبد الوهاب الموسيقار الخالد، ومطرب الملوك الذي كان يصطاف في بلودان في كل عام، وكيف يخصص قبل ظهر كل أحد لحضور القداس الالهي وسحَّريته العذبة في المريمية، مستمعاً شدو ايليا الرومي وقبله ابيفانيوس زائد حتى خمسينيات القرن الماضي… ومستمتعاً ليُفاجِىءْ الكونَ بألحان ذات أصل كنسي بعدما يكون قد دوَّن هذه الالحان، والكل كان يعرف كيف أن عبد الوهاب يقتبس كل لحن جميل وكان اللحن البيزنطي عنده من أجملها وأهمها…
عندما نستذكر ذلك ندرك من هم الأعلام العباقرة، المعلم متري المر، وتلميذه أبيفانيوس زائد، ومعلم الكل المغيب ذكره البروتوبسالتي يوسف الدوماني الدمشقي شقيق البطريرك ملاتيوس…
عندها يدرك من هو صاحب” إفرحي يابيت عنيا” التي صدح بها بلحن حجاز كار مطران حمص أثناسيوس عطا الله.
الليلة تطل عليكم “الكنارة الروحية” عبر هذه الوجوه النيرة والأصوات البديعة، لتعطر بشدوها بما أعطاها الروح الالهي الذي حل علينا في يوم الخمسين، فتجلي آذاننا وترفعنا الى السماء لنكون في الحضرة الالهية…أو هل أحلى أحبتي من الكنارة أداة لشدو داود لمزاميره…؟
في رحاب المريمية والدار البطريركية المعمدتين بدماء الشهداء عبر الألفين وفي مقدمهم القديس يوسف الدمشقي ورفقته الستة آلاف والكهنة الخمسة الذين عمدوا ارض الشام ومريميتها بدمائهم الطاهرة.
القديس الشهيد في الكهنة يوسف الدمشقي
في هذه الرحاب المقدسة نجتمع الليلة بابتهاج لنعيد لكرسينا المقدس الذي تأسس السنة 42 بيد الهامتين بطرس وبولس واعتلاه بطريركا السنة 45 بطرس الرسول وحتى 53 وقبل 20 سنة من تأسيسه وبولس كرسي رومية…
الليلة … وبعد جهد دؤوب وعمل حثيث ليكون الأداء رفيعاً ومعبراً على مستوى الحدث مكانته وقدسية وهو عيد الكرسي الانطاكي المقدس.
عيد بطرس الرسول وصخرة إيمانه وقد صيره الرب صياداً للبشر بعدما كان صياداً بسيطاً للسمك، وأول بطريرك في الكون في أنطاكية ثم أول أسقف على رومة.
كورال الكنارة الروحية
عيد بولس الرسول إناء الروح الإلهي المصطفى، قانون الكنيسة ومشرعها، مسار الرب يسوع في تجليه المعجز أمامه في كوكب في الطريق الى دمشق، وأيما افتخاربدمشق التي صيرته هكذا و”الطريق الى دمشق”.
في هذه الهنيهة نفتخر بقول البابا يوحنا بولس الثاني السنة 1981 في استقباله البطريرك اغناطيوس الرابع في حاضرة الفاتيكان”
من مريمية الشام، ومنطلق عنصرة الانتشار الأنطاكي، من عيد المريمية الثاني عيد الكرسي الأنطاكي المقدس، وهو عيد أعياد أنطاكية بدون شك بعد الأعياد السيدية والعيد الأول للمريمية عند رقادها نطل عليكم مع عمالقة الروح بالكلمة واللحن مع اثناسيوس عطا الله مطران حمص الشحرور، وابيفانيوس زائد مطران عكار كنارة الكلمة والروح البروتوبسالتي الغريد متري المرن مع الشماس اندراوس معيقل…
مع معلم الكل الدمشقي البروتوبسالتي المستتر يوسف الدوماني الدمشقي وهو معلم المعلم متري المر ومكتشف موهبته وصاقلهان مع يوحنا الدمشقي ثاني كواكب دمشق على وصف متروبوليت بيروت غفرئيل شاتيلا الدمشقي:
شعار الكرسي الأنطاكي
“كواكب دمشق ثلاثة: بولس الرسول، يوحنا الدمشقي، ويوسف الدمشقي”
معهم وبهم تتحفنا جوقة الكنارة بقيادة الاب الشماس الموسيقار ملاتيوس شطاحي…
في هذه الأمسية المباركة التي تضم أكفاء في اللحن والأداء والصوت والمايسترو اندره معلولي والاوركسترا المرافقة والمتميزة افرداً وجماعة.
الشكر لهذه الوجوه الطيبة والأصوات البهية التي ستعطر أمسيتنا بشذا اصواتها العذبة…
الشكر لكل الجنود المجهولين الذين أعدوا وسهروا وتعبوا ليخرج هذا الصوت السلامي من مريمتنا المقدسة.
نقول نعم لأن كل الأيقونات التي يظهر فيها البار يوسف، كما لو كان يحتضن العذراء مريم والطفل يسوع، هي أيقونات مخالفة للعقيدة الارثوذكسية المستقيمة الرأي، بالتالي هي هرطوقية لا يجب على المؤمن وغير المؤمن شراءها أواقتناءها ولا توقيرها، لأن من وراء نشرها قصد المهرطقون الاساءة للعذراء الطاهرة والدائمة البتولية، وليوسف العفيف قريبها وخطيبها وحارس بتوليتها ومربي الطفل يسوع … وللطفل الالهي يسوع له المجد…
توطئة ومدخل
يوسف يبدو صغير السن ويسوع الطفل يشبهه وهذه كأية صورة عائلية تجمع الابوين والابن
انتشرت في الآونة الأخيرة في الشرق الأرثوذكسي أيقونة بها هرطقة وخطأ لاهوتياً فادحاً… ومسيئة لأقدس رموز إيماننا الارثوذكسي القويم…
الأيقونة الهرطوقية هذه يسمونها خطأً ب“أيقونة العائلة المقدسة”
تظهر هذه الهرطقة والبدعة المرئية يوسف قريب الفتاة مريم الذي صار خطيبا لها بعدما كانت منذورة منذ طفوليتها لخدمة هيكل الرب، ولأن شريعة الهيكل تمنع بقاء البنات المنذورات لخدمته طالما صرن في سن الرشد… ولما لم يكن لهذه الابنة اللطيمة ( يتيمة الابوين) اي قريب الا هذا القريب المترمل والطاعن في السن والأب لعدد من الاولاد، فقد اختير بتسمية خطيب لها ( الزواج بدون الدخول كما في الاسلام) وبذلك يصبح راعياً لها وضامناً لحياتها، طالما هو على قيد الحياة، وبالتالي حارساً شرعياً لبتولية هذه الابنة اللطيمة المقطوعة من شجرة…
هذه الايقونة البدعة الهرطوقية تبينه، وهو المسن، كرجل شاب، وكأنه يحتضن الطاهرة مريم العذراء وهي الدائمة البتولية كما في الايقونات الحقيقية التي تظهر النجوم الثلاث على رأسها وكتفيها ( النجوم الثلاث رمز البتولية قبل الحبل بيسوع وبعد الحبل به وبعد ولادتها له)
تظهر يوسف ومريم كما لو أنهما زوجين طبيعيين ويحملان الطفل الالهي يسوع بينهما كما لو أنه هو ثمرة هذه العلاقة الحميمية البادية بين يوسف مع مريم العذراء.
فكيف بيوسف الورع الذي شك عندما علم بحبل العذراء كما يخبرنا الانجيل الشريف فقرر تخليتها سراً، فحضر اليه جبرائيل ملاك الرب ليخبره انها حبلى من الروح القدس وان المحبول به والذي ستلده هو المخلص ابن الله، كيف به وقد صار على علم من الملاك جبرائيل سفير الله، بأن العذراء تحمل بواسطة الروح القدس بابن الله، وان دوره بالتالي ان يقوم بتربيته بالتبني مع امه بالجسد، ومعروف عن يوسف شدة ايمانه وورعه وخوفه من مخالفة الله.
في الايقونة الهرطوقية، شاء المبتدعون الرسامون الهراطقة اظهار الشبه الكبيربين وجه المسيح كبيرا، وبين وجه يوسف الشاب ( في هذه الايقونة) التي تشي بالعلاقة الحميمة الأثيمة … كما لو ان هناك تشكيكاً في ايمان الكنيسة قاطبة بأن المسيح هو ابن الله…
ايقونة الميلاد الارثوذكسية العذراء تحتضن الطفل يسوع بينما يوسف في جانب كمن يحرس العذراء وطفلها
دور الايقونة في المسيحية
الايقونة في تعليمنا، هي انجيل مفتوح، مشاهد ومقروء بدون أية أبجدية أو كتابة ، وهي موجهة لتعليم الناس البسطاء المؤمنين عبر كل مراحل المسيحية وادوار التاريخ المسيحي.
الأيقونة هي اداة تعليمية تمثل الحادثة الانجيلية واحياناً اكثر من حادثة وبعضها يختصر حياة الرب يسوع على ارضنا كما نرى في الايقونات الجماعية وخاصة منها التي تعود الى فن الايقونة السورية منذ القرن 16، إضافة الى كونها اداة توقير لمن تمثل من السيد له المجد ووالدة الاله والقديسين… فاذا دور الأيقونة هو غاية في الأهمية فإذا اسيء لهذا الدور كما في هذه الايقونة الهرطوقية أُسيء للتعليم المسيحي برمته، وانقلب ضده.
وهو السبب الرئيس الذي دفع بكتَّاب الايقونات الى اعتماد التقليد في تصوير الأيقونات الأرثوذكسية بدلاً من الإبتكار لجهة منع المفاهيم الهرطوقية من دخول الكنيسة، إذ أن البدعة يمكن تصويرها في اﻷيقونة بنفس القدر، كما كتابتها في الكتب، أو إعلانها من عن المنبرفي الكنيسة…
وأحد هذه الابتكارات في رسم الايقونات كانت هذه البدعة الهرطوقية ايقونة العائلة المقدسة، وقد بدأت في أميركا، (وهي الموطن الحالي كل البدع الهرطوقية والمتصهينة بسبب الأغلبية البروتستانتية بطوائفها التي فاقت عن 700 دكان اسموها كنيسة) ثم انتشرت في الشرق، هو تصوير ما يسمى “العائلة المقدسة”، حيث تبيّن هذه الهرطقة المرئية المسيح إما في أحضان القديس يوسف ومريم العذراء معاً، أو في حضن القديس يوسف وحده كما لو كانا ابويه كما في كل الصور الضوئية العائلية.
ايقونة انزال المصلوب صورة تعليمية للمؤمنين
وفيما قد تبدو هذه الرسوم بريئة، فإنها في الواقع تظهِر إنعدام اهتمام بالمسائل الأساسية للعقيدة الأرثوذكسية.
الدور البروتستانتي في هذه الأيقونة الهرطوقية
ان ظهور مثل هذه الايقونة الهرطوقية في أميركا ذات الأغلبية البروتستانتية يوضح مدى تأثير الفكر البروتستانتي على العقيدة والمحرف للتقليد الارثوذكسي ودوره الحافظ للايمان، حيث يعتقد البروتستانت بأنه بعد ميلاد المسيح كانت علاقة مريم ويوسف البار علاقة زوجين حقيقيين نتج عنها أطفال أسموهم “أخوة يسوع” ولذلك فهم لا يعترفون بدوام بتولية العذراء، وباتوا يطلقون على مريم ويوسف والطفل يسوع لقب “العائلة المقدسة”.
الدور البابوي في هذه الأيقونة الهرطوقية
تستند رسوم ما يسمي “العائلة المقدسة” هذه على بدعة بابوية، حيث أن البابوية أسست في العصر الحديث عيداً للعائلة المقدسة. وقد لاحظ أحد الباحثين الكاثوليك، في مقارنة بين عيد العائلة المقدسة البابوي والأعياد المسيحية في العصور القديمة، انه نتاج عصرنا الحديث، العصر الذي نحن ننتمي إليه.
البعد الارثوذكسي الحافظ للإيمان
يصَّور البعد الارثوذكسي في الأيقونات الأرثوذكسية التقليدية، يصوَّر المسيح الطفل بشكل صحيح، ليس وحده مع يوسف الخطيب، وإنما وحده مع والدته، وبالتالي يشدد على كونه عقيدة أنه هو “الإبن من غير أب، الذي كان مولوداً من الآب دون أمّ قبل الدهور” بينما دور يوسف خطيب مريم هو حراسة الطفل وتربيته بالتعاون مع “أمه بالجسد”.
في الواقع، لحماية المؤمنين من الفهم غير السليم لدور يوسف الأبوي وعلاقته بوالدة الإله، فإن حجمه في الأيقونات الأرثوذكسية التقليدية يكون صغيراً (بدون أن يقلّل هذا من قيمة شخصِه بطبيعة الحال)، كما أن آباء الكنيسة أيضاً يقتضبون عند الحديث عنه. على سبيل المثال، في أيقونة ميلاد المسيح، لا يظهريوسف في الجزء المركزي للأيقونة، كما يظهر الطفل يسوع ووالدة الإله، فيظهر يوسف هناك بعيداً في زاوية، بهدف تأكيد الحقيقة الانجيلية وتعليم الكنيسة ب”أن المسيح ولد من عذراء”.
ايقونة الميلاد الارثوذكسية العذراء والطفل ويوسف بعيداً وهو شيخ متقدم في السن
مصورا الايقونات الروسيان الشهيران، ليونيد أوزبنسكي وفلاديمير لوسكي، في عملهما المحوري حول تصوير اﻷيقونات، يقدمان ملاحظة مماثلة وتفصيل آخر يؤكد:” أنّ في ميلاد المسيح يُغلَبُ ترتيب الطبيعة، اما بالنسبة ليوسف، فهو ليس جزءاً من المجموعة المركزية، التي تضمّ الطفل وأمه. فهو ليس الوالد لذا يتمّ إبعاده بشكل قاطع من هذه المجموعة”.
وعلى المنوال نفسه، في أيقونات اخرى ذات موضوعات مماثلة، كدخول السيد الى الهيكل، أو الرحلة إلى مصر، فالفن الايقونوغرافي الارثوذكسي لا يُفهم الناظر الى القديس يوسف أنه كرئيس لنوع من ما يسمي “العائلة المقدسة”. بدلاً من ذلك، يُنظَر إليه على أنه حارس لوالدة الإله وطفلها الإلهي وراعٍ لهما، وقد تمّ اختياره تدبيريا.ً
إن قبوله المتواضع بهذا الدور، وإنجازه الفاضل له، هما بالتحديد أساس توقيره في الكنيسة الأرثوذكسية.
إلى هذا يلاحظ القديس أغسطينوس بقوله: “يوسف… يمكن أن يسمّى والد المسيح، على أساس كونه بمعنى ما زوج والدة المسيح…” فيما يصرّ أوغسطين ذاته على أنه في هذه العلاقة الزوجية “لم يكن هناك أي اتصال جسدي” ويتوسّع في مكان آخر في هذه النقطة فيقول: “وبسبب هذا الإخلاص الزوجي،أي التبتّل المتبادل بينهما، فكلاهما جديران بأن يسميا والدي المسيح (ليس فقط هي كوالدته، بل هو أيضاً كوالده، لكونه زوجها)، فكلاهما كانا كذلك في الفكر والغرض، ولكن ليس في الجسد. ولكن في حين كان الواحد والده في الغرض فقط، فاﻷخرى والدته في الجسد أيضاً. فلهذه اﻷسباب كلّها، كانا والدَيه ولتواضعه سموّه والده (انظر 2كورنثوس 13: 4). وعليه، في تصوير الثلاثة معاً في الأيقونة يجب أن يظهَروا كمتممين للقصد الإلهي، لا كأسرة واحدة بحسب الجسد كما يظهر من هذه المسماة ايقونة فهي كصور العائلات التذكارية…
القديس أمبروسيوس أسقف ميلان، حرصاً منه على التعليم المسيحي التقليدي حول القديس يوسف، ودوره كزوج لمريم العذراء، يحذّرنا من سوء فهم الآية الكتابية بقوله: “فإن ثعبان الكفر، إذ يخرج من أماكن الفساد التي يختبئ فيها، يرفع رأسه ويتقيأ الأذى من قلوب شيطانية”. إحدى المجموعات من الناس التي قد يشوشها وصف “العائلة المقدسة” بشكل خاص هي المتحولين من الأنكليكانية الى الارثوذكسية. فالإنكليكان يعتقدون بالوﻻدة من بتول، ولكنهم بغالبيتهم يرفضون العذرية الدائمة لمريم العذراء، ما يعني أنهم لا يقبلون عقيدة الميلاد من عذراء إلا جزئياً.!!!
جزء من هذا له علاقة مع حقيقة أن الإنجيليين ينظرون إلى اﻹلفة الزوجية على أنها المثل الأعلى للحياة المسيحية، في تناقض حاد مع الكتاب المقدس والآباء الذين يعلّمون أن أسمى حالات الحياة المسيحية هي البتولية، لأنها تساعد على تركيز المسيحي على تحقيق وحدته مع الله. على مثال الهراطقة المشهورين كالإبيونيّين، هلفيديوس ويوفينيان، يتمسّك اﻷنكليكان بوجهة النظر الأكثر تدنيساً وهي أن اتصالاً جسدياً تمّ بين يوسف ومريم بعد ولادة المسيح، ما يعني إنجاب أوﻻد آخرين. ما يدعو القديس يوحنا الدمشقي بأن يسمي أولئك الذين يحملون مثل هذه النظرة :”أعداء مريم”. وهكذا عندما يتحوّل الأنكليكان إلى اﻷرثوذكسية ويرون مثل هذه اﻷيقونات المسمّاة “العائلة المقدسة”، لن يكون مفاجئاً أن صورة كهذه تشوّشهم وتبرر الإبقاء على اعتقادات هرطقتهم السابقة.
يسوع بين يوسف الذي يبدو شاباً مقارباً في العمر لمريم ومريم والطفل بينهما وكأنه ولدهما
إن عذرية والدة الإله وبتوليتها الدائمة هي فرضية أساس لقبول حقيقي لعقيدة التجسد. في هذا يكتب القديس غريغوريوس بالاماس:
“تكرّم الله بقبول طبيعتنا منّا، واﻻتّحاد أقنومياً معها بطريقة رائعة. ولكن كان من المستحيل اتّحاد الطبيعة اﻷسمى، التي نقاؤها غير مفهوم للعقل البشري، بطبيعة خاطئة قبل أن تتم تنقيتها. لذلك، فالحمل بمُعطى الطهارة وولادته، يتطلبان عذراء نقية تماماً وفائقة الطهارة”.
يسمّي القديس باسيليوس الكبير الأيقونات “كتب الأميين”. ويقول:
“أي برهان لدينا أفضل من أن اﻷيقونات هي كتب الأميين، والمذيعة الدائمة التحدّث عن إكرام القديسين، ومعلّمة الذين يحدقون بها من دون كلام ومقدِّسة للرؤيا. مَن ليس عنده العديد من الكتب ولا الوقت للدراسة، يذهب إلى الكنيسة التي هي الملجأ المشترك للنفوس، وعقله منهك من الأفكار المتضاربة، يرى أمامه صورة جميلة فينعشه المنظر، ويدفعه إلى تمجيد الله.”
اليوم، إذا دخل شخص أمّي الكنيسة الأرثوذكسية ورأى صورة “العائلة المقدسة”، كيف يُفترض به أن يقرأها بشكل صحيح من دون تفسير مطوّل؟ بدلاً من ذلك، إذا كانت الصورة تعكس الباطل أو البدعة بشكل واضح وفوري، يجب رفضها كي لا تؤدّي إلى ضلال الأبرياء والبسطاء، إذ من الواجب الروحي أن يكون هناك تناغم كامل بين العقائد المكتوبة والايقونات التي تزيّن كنائسنا.
في كنيستنا الأرثوذكسية، لدينا العديد من العائلات المقدسة، كمثل يواكيم وحنة مع والدة الإله، زكريا واليصابات ويوحنا السابق، عائلة القديس باسيليوس الكبير، عائلة القديس غريغوريوس بالاماس…. كل هذه وغيرها الكثير من العائلات، هي عائلات مقدسة حقاً، ينبغي لنا أن نكرّمها ونصوّرها في كنائسنا، لأنها كانت أسَراً حقيقية بحسب الجسد.ولكن من ناحية أخرى،فإن هذه اي أسرة القديس يوسف الخطيب ومريم العذراء مع المسيح، لم تكن أسرة مكوّنة بالجسد، ولكن كما كتب القديس أوغسطين هي عائلة “الفكر والغرض”، وقد جمعتها العناية الإلهية للتأكد من إنجاز المسيح لعمله الخلاصي لافتداء الجنس البشري.
الخاتمة
ايقونة قلب يسوع من الايقونات الهرطوقية المرتبطة بالبدع كبدعة عبادة قلب يسوع
ليس كل مايكون منشوراً من تعاليم وتراتيل وعظات وأيقونات هي سليمة وتحافظ على العقيدة المستقيمة الرأي التي تسلمناها من الكنيسة الأولى الرسولية وتعاليم الآباء والمجامع المقدسة المسكونية والمكانية…التالية…
في هذه الآونة وخاصة بعد هذه الثورة الهائلة في تكنولوجيا الاتصالات والتواصل الاجتماعي، زاد الخطر عما كان عليه منذ انتشار الطباعة مطلع القرن 15 بموجب المنشورات والمطبوعات التقليدية من أناجيل لايُركن اليها وكتب تبشيرية بخلفيتها الصهيونية.
أنا أذكر أنه عندما كان المبشرون البروتستانت أو الجماعات الرهبانية الوافدة بكثافة الى الساحة الدمشقية، تطرح في المجتمعات المسيحية، والدمشقية خاصة في منتصف القرن19 منشوراتها لجذب المؤمنين البسطاء مع الزيارات التبشيرية الاستلابية لبيوت هذه العائلات المؤمنة، وقد استطاعوا اقتناص الكثيرين وجيروهم أعداء الداء لكنيستهم الأم، وكان رائد المقاومة الأرثوذكسية الدمشقية وفي منطقتها كبلودان وعين الشعراء في جبل الشيخ، وحاصبيا وراشيا كان الخوري المتميز يوسف مهنا الحداد الدمشقي (المعلن قديساً بإسم الشهيد في الكهنة القديس يوسف الدمشقي) ووفق الوثائق البطريركية، كان هذا المناضل الأرثوذكسي وبجهد فردي جبار يتجند ليدور على الرعية ومعه بقية الآباء لتحصين هذه الرعايا وإرجاع ما استُلب منها، وبالتالي كان يتم جمع هذه الكتب التي وزعها المبشرون اللاتين و البروتستانت وحرقها في ساحات الحارات المسيحية الارثوذكسية الدمشقية كساحة الدوامنة مثلاً حفظاً للايمان القويم وتحصينا للرعية…
ايقونة قلب يسوع الهرطوقية
فهذه المنشورات كانت ولاتزال مع دعوات الجذب وخاصة مع أيقونات هرطوقية كأيقونة “العائلة المقدسة” الهرطوقية وايقونات بدع مرفوضة كنسياً كأيقونة “قلب يسوع”، وشهر “عبادة قلب يسوع”، وأيقونة “قلب العذراء” وشهر “التعبد لقلب العذراء” غاية في الهرطقة وكانت نتاج تفرد كنيسة روما وخاصة بعد الانشقاق الكبير فظهرت هذه البدع المخالفة تحوي ما خدع قبلاً ويخدع المؤمنين البسطاء بمعسول الكلام والمعجون سمه بدسمه… وبكل اسف انتشرت في بعض البيوت الارثوذكسية المحافظة على الايمان القويم وصارت الكثير من سيداتنا تمارسنها كعبادة في الكنائس الغربية وكأنها من ثوابتنا والكل يدافع بالقول:” ان لاشيء يمنع طالما انها لاتسيء للايمان بصاحبها…” وهنا الموضوع محل نظر ونقد وحتى نقض جذري…
اليوم علينا أن ننتبه فمهما كان السعي المضاد لهذه الهرطقات قوياً يبقى قاصراً أمام جيوش المبشرين المدعمين بالعلم والمال وتزييف الحقائق الانجيلية والمنشورة بشكل دعائي ومشوق بوسائل الاعلام المسموعة والمقرؤة، والافلام والايقونات، ومايترافق معها من تبشير في البيوت لقطعان الذئاب الضارية التي نبهنا منها السيد التي تأتينا في ثياب الحملان فتختطف اولادنا بأسلحتها ومغرياتها… وفي كنائس هذه الجماعات المستذئبة التي تنهش برعايانا المؤمنة والقليلة الايمان التي تُشترى بالدرهم الرنان ومعسول الوعظ السام لضرب المسيحية الارثوذكسية والأنطاكية خاصة في مشرقنا الحبيب.
إن هذا التبشير ومنها أيقونة العائلة المقدسة الهرطوقية هي كمثل القبور المجصصة من الخارج وفي داخلها مملوء نتانة…
ايقونة قلب يسوع وقلب العذراء بدعة هرطوقية
الموضوع يحتاج الى سهر رعائي من الرئاسات الروحية والآباء وتيقظ ذاتي من الرعية والتثقف روحياً وارتياد الكنيسة ليس لمجرد كونها عادة ( وحتى هذه العادة أصبحت قليلة عند أجيالنا الصاعدة التي سرقتها التكنولوجيا بمشوقاتها الواصلة للفجور) بل للتحصين الروحي والإنتماء إلى الأخويات الكنسية والمنظمات الشبابية العاملة في حقل الكنيسة كمدارس الأحد وفرق التعليم الديني والكشافة…
ولنثق أن الله في وسط كنيسته الأرثوذكسية التي تتعرض لكل أنواع الهجوم والخطف والاستلاب منذ الألفين المنصرمتين، ولولا هذه الرعاية لما بقيت كنيستنا صامدة، ولما ازدهرت بالرغم من نَبْوَة سيفها وكبوة جوادها في بعض الاحيان بسبب شراسة الأعتداء…
نعم أيقونة العائلة المقدسة وايقونة قلب يسوع وايقونة قلب العذراء…وغيرها… هي هرطوقية بالمطلق…فاحذروا منها… واجتنبوها…
المشهورعن البارود عند كتبة التاريخ أو المؤرخين الإفرنج، أن مخترعه رجل الماني اسمه يوحنا شوارتز سنة 1320 م، ولكن بالمقابل يظهر للباحثين من مراجعة تاريخ الشرق القديم، أن الصينيين كانوا اول من استخدم هذه المتفجرات وساعدتهم في فتوحاتهم وحروبهم البينية والخارجية، إذ كان عندهم ما يشبه البارود بانطلاقه واندفاعه وقرقعته وتدميره. وقد أشار راهب انكليزي من أهل القرن الثالث عشر اسمه (روجر باكن) إلى مزيجٍ من هذا النوع كان معروفاً قبل أيامه، ولكن يؤخذ من مطالعة المؤرخين وكتاب التاريخ المسلمين تأكيداً أن المسلمين كانوا أسبق من غيرهم إلى استخدام البارود، واذا لم يكونوا هم الذين اخترعوه، فلا أقل من أنهم أوصلوه إلى ماعرف به في القرون الوسطى.
البارود الأسود
وبيان ذلك، أن تاريخ التمدن الآسيوي القديم، يدل على أن أهل المشرق، كانوا يستخدمون في حروبهم مزيجاً سريع الاشتعال، ولم تعرفه أوربة إلا في القرن السابع المسيحي، والمظنون ان رجلاً من أهل الشام اسمه كالينكوس نقله اليهم.
وكان الروم يومئذ في إبان حاجتهم ليردوا به محاولات المسلمين المتكررة لاقتحام القسطنطينية باعتبارها بوابة اوربة الشرقية، وغيرها من بقية المناطق والمدن في غرب آسية الصغرى وشرق اوربة …وقد فازوا بغرضهم منه، فإن المسلمين حاصروا القسطنطينية مراراً ولكنهم كانوا يفشلون فشلاً ذريعاً ويرتدون على اعقابهم خائبين بسبب ضراوة الدفاع ومتانة اسوار المدينة، وبسبب فعالية السلاح الناري المفاجىء والقاتل
دولاب طحن البارود
للمهاجمين وحرق مراكبهم وتدمير اساطيلهم وهو ماعرف ب(النار االيونانية او الاغريقية) المرعبة، وبالغ الروم في كتمان أسماء المواد التي كان يتألف منها ذلك المزيج، فظل أمر هذا السلاح الناري مكتوماً حتى اطلع المسلمون عليه، فإذا بهذه النار عبارة عن مزيج من الكبريت، وبعض الراتتجات والأدهان في شكل سائل، يطلقونه من أسطوانة نحاسية مستطيلة كانوا يشدونها في مقدم السفينة، فيقذفون منها السائل مشتعلاً، كالمدافع
النار اليونانية وتطلق باسطوانة نحاسية في مقدمة المركب كالمدفع
حالياً. أو يلقونه بشكل كرات مشتعلة أو قطع من الكتان المشبع بالنفط فيقع على المراكب او البيوت فيحرقها.
والظاهر ان المقذوفات التي احترقت بها الكعبة في مكة، في حصار الحسين بن نمير لعبد الله بن الزبير سنة 64 ه المحتمي بها، انما كانت من هذه النار، وماهي من البارود في شيء.
ولكن لما توسع المسلمون في العصر العباسي في العلوم الطبية، واتقنوا فن الكيمياء، تفننوا في تركيب هذه المواد حتى اصبحت على مانعرفه اليوم عن البارود.
بالمقابل وفي معرض الخوض في حروب الفرنجة على المشرق بين القرنين 11 و13 م ذكر بعض الباحثين من الأفرنج ان الفرنجة اكتشفوا ملح البارود، واستخدموه لرمي القنابل والمقذوفات، فهم في هذه الحالة مخترعوا الأسلحة النارية دون سواهم، ولقد تفننوا في استخدامه في دفاعهم المستميت عن بيت المقدس، عندما حاصرها وهاجمها صلاح الدين الايوبي بجيوشه الجرارة، واستطاعوا وقف تقدمه وايقاع الخسائر الفادحة بقواته، بالرغم من قلة عددهم، وكثافة أعداد جيوش المسلمين، سواء برميها بالمجانيق أو بإلقائها على
حصار بيت المقدس من صلاح الدين واستخدام الفرنجة للمفخخات النارية لاعاقة تقدم المهاجمين
المهاجمين من فوق الأسوار، أو بالمفخخات النارية والألغام المزروعة في مسار تقدم قوات صلاح الدين، المدروسة بابتكارات حربية عبر تقسيم المنطقة إالى قطاعات مرحلية، تم زرعها بالمفخخات بخطوط متوازية، وقذف هذه المفخخات والألغام من فوق أسوار القدس الحصينة بالمقذوفات ما أدى إلى انفجار هذه الالغام والمفخخات في قوات صلاح الدين المهاجمة، ما أوقع بهم الخسائر الفادحة الأمر الذي فرض خروجهم بكامل أسلحتهم في الإتفاق الذي قضى بخروجهم من القدس وتسليمها إلى صلاح الدين… مع التأكيد على مقدار الدمار الذي أحدثته مجانيق جيش المسلمين في المدينة المقدسة وأعداد الضحايا الكثيف بين سكانها المدنيين والمقاتلين الفرنجة المدافعين عنها.
كما واستخدم الفرنجة بالتالي السلاح الناري في الدفاع عن كل مابقي من ممالكهم في طرابلس وعكا وأرواد قبل خروج هذه الحملات الغازية التي دام إحتلالها لبلاد الشام قرنين من الزمان.
ومن جانب آخر يؤكد (كوندي) المستشرق الاسباني المتوفي سنة 1820 م أن أهل مراكش استخدموا الأسلحة النارية في محاربتهم سرقوسة سنة 1118 للميلاد.
استخدام النار اليونانية من اسوار القسطنطينية ضد اساطل المسلمين
وقد أيد إبن خلدون هذا في مقدمته، وأيده غيره كذلك، على ان البارود كان معروفاً عند العرب وكانوا يستخدمونه في حروبهم قبل الزمن الذي يقول فيه الافرنج ان شوارتز اكتشفه فيه بنحو نصف قرن.
وقد وصف المسلمون تركيب البارود في أواخر القرن الثالث عشر للميلاد بما يشبه تركيبه الآن.
من القصص المعروفة عند الصينيين، والتي لها مغزى كبير، حكاية أمبراطور الصين الذي زار أميركا، وقد بهرته الأنوار المضاءة في مدنها ليلاً، فأراد أن يجعل بكين على شاكلتها.
لما عاد الأمبراطور من نيويورك، استدعى إليه في اليوم الثاني من وصوله كبير مستشاريه، وقال له:
“أريد أن أرى بكين مضاءة كما تُضاء مدينة نيويورك…”
القصور الملكية
فقال كبير المستشارين: “ولكن هذا يامولاي يكلف اموالاً طائلة.”
الأمبراطور: “كم يكلف حسب تقديرك؟”
اجابه: “مليون جنيه…”
قال الامبراطور: “هذا مليون جنيه، واعمل على تنفيذ هذا المشروع فوراً.”
مضى كبير المستشارين، فاستدعى إليه رئيس البلدية وقال له:
” ان الامبراطور يريد ان تُضاء بكين، وقد خصص جلالته مبلغ نصف مليون جنيه لهذا المشروع فخذها وحقق له غايته…”
ذهب رئيس البلدية ومعه المبلغ، وعلى الفور استدعى وكيله إليه وقال له:
” يريد جلالة الأمبراطور أن تُضاء بكين وقد خصص ربع مليون جنيه فخذها ونفذ أمره على الفور…”
أخذ وكيل رئيس البلدية الربع مليون جنيه، واستدعى إلى مكتبه سكرتير البلدية العام، وقال له: “يجب أن تضاء بكين كلها، وهذا مبلغ مائة وخمسين الف جنيه.”
الأبنية التراثية في بكين
وعلى الفور، ومن مكتبه اتصل السكرتير العام بقائد شرطة بكين وقال له:
” يجب ان تضاء بكين بأمر من الامبراطور، وعلى الفور، وقد دفع مبلغ خمسين ألف جنيه من أجل ذلك.”
وخاطب قائد شرطة بكين رئيس المخافربقوله:
“ان جلالة الأمبراطور يطلب أن تضاء بكين ووضع لهذا الأمر عشرة آلاف جنيه.”
وفي الحال استدعى رئيس المخافرهذا مخاتير الحارات وقال لهم:” يريد جلالة الأمبراطور أن تُضاء بكين كلها، وقابل ذلك دفع مبلغ الف جنيه.”
ذهب مخاتير الحارات فأبلغوا أصحاب البيوت بأنه قد صدر أمر من الأمبراطور يقضي بأن كل منزل يجب أن يضع على بابه مصباحاً…
وفي مساء اليوم الثاني أطل الأمبراطورمن شرفة قصره المطلة على بكين فوجدها كلها مضاءة…
في بعض الدول الأوروبية يتدفق الناس لرمي قطعة من النقود في بركة ماء لتحقيق الآمال، كعودة غائب، أو رسالة من حبيب، أو الشفاء من مرض. وفي أمريكا مثلاً يتشائمون من الرقم (13) لدرجة أن بعض الفنادق تحذف الرقم من غرفها ومصاعدها.
السيف والترس
وفي سورية بشكل عام ودمشق بشكل خاص أيضا الكثير من الخرافات المتوارثة عبر الأجيال، وكثير منا قد سمعها من جدته أو والدته. وما زال البعض يؤمنون بها ويخضعون لناموسها، لا سيما في الأحياء الشعبية والأرياف. بعضها ما يزال دارجاً إلى يومنا هذا . يطلقون عليها لقب “دفتر النسوان.” لنذكر بعضها…
* افتتح عامك بأكلة بيضاء (شاكرية مثلاً) ليعم عليك الخير طوال السنة.
* حاذر أن تقص أظافرك ليلاً، كي لا ترى أحلاما مزعجة.
* من يموت يوم السبت سوف يجر أفراد العائلة وراه بسرعة.
*عـن غسيل الثياب يوم الاثنين: الثياب لا تنقى وصاحبها لا يبقى.
* لا يلقون الماء الساخن على الأرض كي لا تصيب الجن، وفي حال حصول ذلك عليك أن تستأذن منهم: “دستور يا أسيادنا”.
* لا يقصون ثوباً يوم الثلاثاء، لأن هذا الثوب سيفنى حرقاً
لصق الخميرة
* يقولون إن الفراشة التي تطير في البيت ما هي إلا روح من أرواح الأقرباء، تحوم فيه فيجب العطف عليها.
* لا يقطعون شجرة في المنزل، لان قطعها يسبب وفاة صاحب المنزل
* لا يرشون أحداً بالماء لأن رش الماء يسبب الفراق
* *لا يخرجون الأواني النحاسية من البيت بعد المغرب، والسبب مجهول
لا يدخلون ولا يخرجون قطع الصابون من والى المنزل يوم السبت، لأنها قد تسبب وفاة احد أفراد الأسرة وغسله بها
* إذا طنت إذنك اليمين، فهذا يعني أن شخصاً يذكرك بالخير، وإذ طنت اليسار فعدوك هو الذي يذكرك
* * إذا شعرت بحكة في باطن كفك الأيمن، فإن قبضة من المال في طريقها إليك، وإذا كانت في كفك الأيسر فهذا يعني انك ستدفع.
*لا يقيمون أعراسا يوم الجمعة لأن عروس الجمعة قريبة الرجعة.
يعطون العروس قطعة من العجين عند دخولها إلى بيت زوجها، لتلصقها على الباب، فإذا لم تلصق فالطلاق مصير العروسين.
إذ شعرت بحكة في احد الحاجبين أعرف بأنك سوف تذهب للقاء غائب قريباً *
اني مخبرك عن صاحب لي، كان أعظم الناس في عينيِ صغر الدنيا في عينيه، كان خارجاً في سلطان بطنه، فلا يتشهى مالايجد، ولا يُكثر اذا وجد، وكان خارجاً من سلطان لسانه فلا يتكلم بما لايعلم ولا يماري فيما علِم، وكان أكثر دهره صامتاً فإذا تكلم بذ القائلين، وكان يُرى ضعيفاً مستضعفاً فإذا جد الجد فهو الليث عادياً، وكان لايدخل في دعوى، ولا يشارك في مراء، ولا يدلي بحجة حتى يرى قاضياً فهيماً، وشهوداً عدولاً، وكان لا يشكو الا لمن عنده البُرء، ولا يستشير الا من يرجو عنده النصيحة، وكان لايتبرم، ولا يتسخط، ولا يتشكى، ولا يتشهى، وكان لايخص نفسه دون اخوانه بشيء من اهتمامه، وحيلته وقوته.
ونستون تشرشل
فعليك صديقي بهذه الاخلاق إن أطقتها – ولن تطيقها – ولكن اخذ القليل خير من ترك الكثير.
قال توماس كارليل
” انني لا احب ان أتحدث مع اناس يوافقونني على ما اقول، فقد يكون من الممتع التحدث مع الصدى فترة قصيرة، ولكن الانسان سرعان مايشعر بالملل منه.”
قالت ر.كنين
” منذ تلقيت فاتورة وكيلي بنفقات طلاقي ادركت ان المحامي هو الرجل الذي يغري شخصين بخلع ملابسهما للقتال، يفر هارباً وهو يحمل ثيابهما!!”
قال الموسيقي الكبير برليوز وهو على فراش الموت:
” الآن ستذاع مؤلفاتي وتتداولها الايدي !”
قال جوستاف دروز
” كثيراً مايبحث الانسان عن سعادته كما يبحث عن نظارته… حين تكون معلقة على انفه!!!”
قال ولنتن
ليس افظع من الانكسار في الحرب الا الانتصار فيها…
قال فرانكلين جونز
“لعل أحداً لم يغير مجرى التاريخ مثلما فعل المؤرخون!..”
ابن المقفع
قال ونستون تشرشل
” كلما زاد المدى الذي تنظر فيه الى الوراء اتسع المدى الذي تستطيع ان تتطلع فيه الى الأمام.”
في عصر الانحطاط الذي عاشته دمشق وبلاد الشام في زمن الاحتلال العثماني والتي استمرت من القرن السادس عشر وحتى مطلع القرن العشرين…
وبالرغم من الانقسام الطائفي، الا ان المجتمع السوري كان موحداً، والعامل الرئيس في بث روح الوحدة بين أطرافه، كان بسبب وحدة الخلية الأولى التي ترتب وجوده وهي الاسرة.
فالأسرة السورية في تركيبها العام وحياتها، وعاداتها الشتى، وروابط أفرادها، لاتختلف مع اختلاف الطبقات والطوائف، فهي ذاتها في كل المجتمعات التي نحكي عنها حتى عند أهل الذمة، واذا وجدت اختلافات ما، فهي فروق سطحية تمس مظاهر الحياة لا أعماق بناء الاسرة.
بيت العائلة الدمشقي
والأسرة السورية في الوقت الحاضر، لم تتطور في خطوطها الكبرى كثيراً عما كانت عليه، لأنها كغيرها من المؤسسات الاجتماعية المكينة والمحافظة وهي اساس المجتمعات، تتطور تطوراً بطيئاً. وفي الواقع ليس لدينا معلومات وافية عن الاسرة الشامية في منتصف القرن 16، ولكن يمكن القول أن الاسرة الشامية بتركيبها، وكثير من أحوالها في الوقت الحاضر وفي القرى والبيئات المحافظة بالذات هي نفس ماكانت عليه الأسرة في تلك الحقبة من الزمن. ولا أدل على ذلك من أن أحد مظاهر حياتها – والمظاهر عادة تتبدل بسرعة أكبر من الأسس – كالأفراح مثلاً بقي بصورته التي أُعطيت له في مطلع القرن 16م، حتى ساعتنا هذه في كثير من القرى والأحياء القديمة المحافظة في دمشق. وعلى هذا يمكن إعطاء صورة قريبة من الحقيقة عن الاسرة الشامية في ذلك الزمن بالاعتماد على الدراسات التي أجريت على الأسرة حديثاً والواقع المعاش حالياً، والمشاهدات المباشرة وماورد في كتب القرن 16م مبعثراً.
تسمية الاسرة
كلمة اسرة في بلاد الشام يعبر عنها بألفاظ عدة تختلف من ساكن المدينة الى البدوي في البادية.
فعند المدنيين تشير كلمة ” عيلة ” وهي الكلمة الدارجة وتحريف لكلمة عائلة – الى جميع الأفراد الرجال منهم ، والنساء الذين يحملون نفس اسم الأسرة ويرتبطون ببعضهم بعضاً برابطة الدم عن طريق التسلسل البنوي (اي عن طريق الأفراد الذكور). كما تعني كلمة “عيلة” بنفس الوقت “الأسرة الزوجية” أي المؤلفة من الرجل والمرأة والأولاد. ويتسع المعنى احياناً فيطلق على جميع الأفراد الذين يعيلهم الرجل فيقولون”صاحب عيلة” و “أبوعيلة” خاصة اذا كان عدد من يعيلهم كبيراً.
وكما يطلق على الأسرة لفظ “عيلة” فإنه يطلق عليها كذلك اسم “بيت” عند سكان المدن وسكان القرى، ويقصدون بذلك نفس المعنى الأول أي جميع الأفراد الذين يحملون اسم الأسرة من قديم، وجديد أي بعمقه التاريخي وتسلسله البعيد، فيقال مثلاً بيت زيتون/ أي عيلتنا/ اي أسرة زيتون. ويستخدم الفلاحون البعيدون عن المدن، والبدو المستقرون كلمة “حمولة” للدلالة على الأسرة الكبيرة أي جميع الأعضاء رجالاً أو نساء الذين يرتبطون مع بعضهم برابطة الدم البنوي والذين يدعون النسب الى جد واحد، كحمولة البدين مثلاً في حوران. ويسمى الفرع من الحمولة “فندة” في حوران ولدى البدو، ويضم مجموعة الأفراد من جيل واحد أو من عدة أجيال الذين يرجعون الى عضو معين من الحمولة، ويحملون كلهم اسم هذا العضو. ويتفرع من الفندة فندة اخرى وهكذا.
جمال بيت العائلة الدمشقي واياً كان البيت من بيوت الطبقة الغنية او العادية فهو يحتوي على الكباد والنارنج والياسمين ودوالي العنب والليمون الشامي
ويضاف الى أسماء الأسرة الواردة سابقاً كلمة “أهل” وهي تعني مجموعة من الأب وأولاده واحفاده العزاب والمتزوجين الذين يعيشون عادة في نفس المنزل. واما الإبن الذي يعيش تحت سقف أبيه مع زوجته واولاده فيسمى مجموعهم بالعيال. وكانت تستخدم هذه الكلمة على نطاق واسع في القرن 16م لورودها بكثرة في كتب مؤلفي ذلك العصر.
اما العشيرة فتضم عند البدو مجموعة أسرية أوسع من كل ماذكر، أي تحيط بجميع من توالد في نطاق التسلسل البنوي حتى الجيل العاشرأو بمعنى آخر تضم الأجيال المتولدة من خمسة أحفاد. وتضم العشيرة عدة حمايل أو حمولات وتعترف كلها بسلطة شيخ واحد. أما القبيلة فتضم عدة عشائر تعترف هي الأخرى بنفوذ شيخ واحد وتحمل اسم الجد الأول.
وفي جميع العائلات الشاميةساكنة المدن والقرى والبدو فإن تسلسل النسب يكون عن طريق الأفراد الكور في الأسرة، أي أن الطفل يدخل عند مولده في مجموعة ابيه، لا في مجمزعة امه، أو انه ملك لأسرة الآب حتى لو ترعرع في كنف اسرة ابيه. فالابن الوحيد هو الذي يضمن تسلسل الاسرة وامتدادها، ويحفظ اسمها، ولا يمكن نقل كنية الاسرة الا عن طريقه، لذا يلاحظ حرص الاسرة السورية على انجاب الذكور للحفاظ على اسم الاسرة وحمايتها من الاندثار، ويأتي اسم الأسرة دائماً بعد اسم الفرد ويبدأ عادة بال التعريف وينتهي غالباً بياء النسبة، ويلاحظ ان الأسر في بلاد الشام تنتسب اما الى مكان ( مدينة او قرية اوحارة…)كآل الحمصي والشامي والمصري، او الى اسر دينية كالخوري والحجي والشيخ…، اوالى طريقة صوفية كأسرة الكيلاني والمولوي او الرفاعي…او الى مهنة من المهن كالطحان والخباز والحداد والنجار…او الى صفة كالحلو مثلاً …
وقد لعب اسم الاسرة الموحد هذا دوراً كبيراً في زيادة الروابط بين افراد الاسرة فيتضافرون الى احياء جامعة العائلة ورسم شجرتها والتواصل بين كل مناطق الانتشار. كما ان ذلك ساعد على تكوين شخصية خاصة بهذه الاسرة وعادات شخصية مشتركة بين الجميع وتقاليد معينة تتبناها الاسرة ويعمل جميع افرادها على الحفاظ عليها. هذا عكس ماكان عليه الكثير من الأقوام الوافدة الى سورية كالتركمان مثلاً الذين يسمون بأسمائهم الخاصة مع اسماء ابيهم فقط، وبذلك يعدمون الصلة الجذرية التاريخية في بناء الأسرة.
للأسرة روابط دموية عن طريق الأب وعن طريق الأم والرابطتان في بلاد الشام حتى وقتنا الحاضرمتداخلتان للتزاوج بين الأهل. فالزواج في نطاق الاسرةهو المحبذ وبخاصة في الحقبة الماضية، فجميع الأفراد اذن هم ابناء عم الآخرين، والفتاة مثلاً في الأسرة ليست “عرضا” ( شرفا) لأبيها واخيهافقط وانما لجميع أفراد اسرتها من اخوال واعمام … وعليهم حمايتها والحفاظ عليها.
السيف والترس والهرج والمرج في احتفالات الأسرة والاحتفالات العامة
سكن الاسرة
كانت الاسرة كلها تسكن في بيت واحد، ومنه نجمت تسميتها بالبيت، وقد كان يصل العدد الى 70 فرداًن وكل ابن من الابناء كان يقيم مع زوجه واولاده في غرفة أو غرفتين وفق وساعة البيت، كما ان كبير الاسرة كان هو الآخر يقيم في غرفة او أكثر حسب عدد زوجاته ( حتى الاربع) ، فلكل زوجة غرفة، ولكل منها دورليلة في مبيت الرجل عندها. هذا عند المسلمين اما عند المسيحيين ففي غرفة واحدة لعدم وجود تعدد زوجات.
اما بقية الاولاد الذكور وكذلك الاناث غير المتزوجين فقد كانوا يقيمون في غرفة واحدة، وتضم الاسرة احيانا الجد والجدة والأخوات البنات والعمات.
ولم تكن الفكرة الانفصالية أو الفردية قد ظهرت في المجتمع الشامي بعد فقد جميع الافراد وعائلاتهم يأكلون على سفرة واحدة ويجهز الطعام في مطبخ واحد من قبل نساء البيت. وكانت كبيرة الأسرة ( الجدة أو الأم او العمة) هي من تدير المنزل، فتوزع العمل على نسائه بحيث يخص كل زوجة ابن او اخت عمل أو اسبوع بشكل دوري ، او عملاً معيناً بشكل دائم كالطبخ والغسيل والكوي والكنس والمسح والتعزيل والجلي ومسح الغبرة وشطف ارض الديار وترتيب بيت المونة…
هذا الى جانب اختصاص كل اسرة صغيرة بتنظيف جناحها الخاص. ويساعد نساء الاسرة في اعمال تدبير المنزل احيانا الخادمات والجواري والاماء ان وُجدن وغالباً لدي البيوتات الغنية او الارستقراطية.
وينفق على هذه الاسرة في العادة كبير الأسرة، وبخاصة اذا كان اولاده هم الذين يعملون له في الحقل او المتجر, فهم يقدمون عملهم ونتاجهم اليه وهو يقو بالانفاقن ويخصص لكل منهم “خرجية جيب” اي بعض المال لمصروفه الخاص.وقد كان الأب يتمتع باحترام كبير من جميع الافراد الأسرة، وكان له هيبته الخاصة وسلطتهز وكان جميع الأبناء حريصين على رضاه اذ أن أكبر خطيب يمكن ان يصيب الابن هو غضب الوالد عليه. وتماثل سلطةالأب سلطة الأم، فعلى جميع الأبناء المتزوجين وغير المتزوجين تقديم فروض الطاعة والولاء لأمهم بتقبيل يدها كل صباحن واطاعة أوامرها ونواهيها واخضاع زوجاتهم لها. فهي صاحبة الكلمة المسموعة في البيت اذا لم يكن لها حماة فيه وهي التي تأتمر وتدير وتنظم وتحل الخصومات بين زوجات اولادها. ولا ادل على تلك السلطة من بعض المظاهر المؤبدة التي تبدو في مطلع القرن 16م، عندما كانت
لوحة زيتية تصور نساء الاسرة وهن يصنعن الكبة يُرى الجرن وصواني الكبة قبل شيها
لاتسمح لابنها وزوجه ان يتخطيا عتبة الزوجية إلا بعد المرور من تحت ساقيها ( كما في مخطوط:” نسمات الاسحار في كرامات الأولياء الأخيار” للشيخ علوان وهي من مخطوطات المكتبة الظاهرية بدمشق من ص 268-279) وان سلطتها هذه مع سلطة الأب كانت تضمن للأسرة التماسك والبقاء، ولا ينازعها منازع في سيطرتها على الاسرة الا الحماة اذا كانت أكبر منها سناً. وفي هذه الحالة تحدث المنازعات والمشادات مضافة الى هنهنات زوجات الأبناء الآخرين.
واذا كان من العسير أن يضم البيت جميع أفراد الأسرة المترابطين دموياً فانهم في الواقع كانوا يسكنون حياً واحداً في بيوتات متقاربة. وكانت الرابطة العائلية الموحدة لاتقوم فقط وافراد الأسرة أحياء وانما الالتصاق الأسري كان يتسلسل الى مابعد الموت فكل العائلات المتوسطة والكبرى وحتى الصغرى أحياناً لها مدافنها وقبورها المتجاورة.
وعندما يتوفى كبير الأسرة فإن الابن الأكبر هو الذي يرث مكانته، ويمكن في هذه الحالة للأسرة ان يتفرق أفرادها كل في بيت خاص ، ويمكن أن يعيش الأخوة مع بعضهم بعضاً بخاصة اذا كانت الأم لاتزال على قيد الحياة.
أما العمل الاقتصادي ففي معظم الأحوال مشترك، ويعمل الجميع حسبما يعيَّنه الأب أو الأخ الكبير ثم يقدم ناتج العمل لرب الأسرة. وقد كان جميع الأخوة يعملون معاً في معظم الأحوال متعاونين متضامنين متحابين حتى ان الاعتقاد كان سائداً لدى السوريين أن الحياة الأسرية المشتركة هي مصدر بركة ورخاء. بل أنه في بعض
بيت انطون شامية الفخم في باب توما القديمة الذي حل ضيفاً فيه امبراطور المانيا غليوم وذلك في ثمانينات القرن 19
القرى أبقى ملك الاسرة مشاعاً حتى لايتمكن الأفراد من التصرف به وبيعه، والتفرق شذراً مذراً في كل مكان وادخال الغريب بينهم. وحتى يحفظ الأب للأسرة ملكها ويمنع تصرف الأبناء تصرفاً سيئاً بذاك الملك فإنه كان يلجأ أيضاً الى الوقف الأهلي أو الذري. فهو يوقف أمواله على أهله ويعينهم با”لحجة” أو”الوصية”، وعند انقطاع تسلسل الأسرة فإن تلك الأملاك توقف لهدف خيري، وبالطبع فإن الوقف لايُباع ولايُرهن ولا يُقسم، وفي الكثير من ارياف دمشق ومناطق اخرى في سورية وحماة بالذات كانوا يتخذون الوقف حجة لحرمان الفتاة من املاك ابيها، حتى لاتتوزع تركته على اصهار غرباء عن الاسرة هم ازواج البنات، وتفقد الأسرة جزءاً من املاكها الموحدة.
وقد كان لبعض الأسر في ذلك القرن تأثير كبير في المجتمع تستمده من عدد أفرادها أو غناها أو رابطتها النسبية بالرسول او بولي من الأولياء. وكان الحكام يحسبون حساباً للأشراف وكبيرهم اي لتلك العائلات ونفوذها.
والأسرة ترتكز في بائها وتكوينها على مؤسسة الزواج، والزواج بالنسبة للسوريين-مهما كان دينهم- من الأعمال المسرة جداً في الحياة أي أن حياة الأسرة عزيزة عليهم، ومن تمنياتهم لكل شاب ” ان شاء الله نفرح بك”. ومن النادر أن يبقى رجل دون زواج بعد العشرين أو الخامسة والعشرين من عمره، ولا سيما أنه كان ينخرط في سلك العمل ىفي سن مبكرة ربما تكون الخامسة عشرة. ولم تكن تقلقه تكاليف الحياة عند الزواج لأن الأب والأم كانا يتكفلان النواحي المادية في زواجه: فقد كان يقيم معهما في بيت الأسرة الكبير ويعمل الأب من طرفه على الانفاق على الاسرة الجديدة. ومن ثم فمنذ أن يبلغ الفتى السابعة عشر أو الثامنة عشر من عمره فان الاسرة كانت تبحث له عن زوجة. وفي معظم الأحوال يتزوج الفتى فتاة من فتيات الأسرة كانت من بنات عمومته وهن يفضلن عادة، او من بنات خؤولته. فالقرابة والأخلاق الطيبة والدين الصحيح كانت تأتي عند البحث عن زوجة، في المرتبة الأولى من الشروط المتوجب توافرها في الزوجة، أي قبل الجمال والمال. ومن أمثال الشعب في ذاك الزمن” خذ الأصيل ونام على الحصير” اي لايهم الفقر.
اسرة مسيحية دمشقية وكذلك حال الاسرة اليهودية
ويتراوح سن الفتاة المرشحة للزواج بين التاسعة والثامنة عشرة أي كثيراً ما كانوا يزوجون الفتاة قبل سن البلوغ.
ولكن يبدو ان الرجل أخذ يبحث في مطلع القرن الساس عشرالميلادي والبلاد بعامة تمر بفترة عصيبة اقتصادياً عن الفتاة الغنية الجميلة اي غدا يسأل “عن جمالها وجهازها، وهل معها قماش كثير وجهاز ثقيل.”
وقد كان زواج الفتاة بيد اهلها، وصحيح انه كان لها الحق شرعاً في ان ترفض الزواج من فرد معين، ولكن عرفاً كان بالمقابل لايحق لها ان تطلب الزواج من آخر، فالتعارف بين الفتاة والفتى قبل الزواج كان غير جائز، ويدل على سلةك شائن من قبل الفتاة ويعتبر عاراً على الأسرة ولو انتهى الى زواج.
وفي الحقيقة كان لايمكن ان تزوج فتاة في اسرة الى أي فرد آخر من أفراد الأسرة أو خارجها اذا كان ابن عمها يريدها ، حتى يقال في المثل الشعبي ” يخطفها من الجلوة”. ويعيب الفتاة من اسرة معينة ان تتزوج من فرد لايتكافأ مستواه الاجتماعي مع اسرتها، حتى أنه يقل ” اترك العسل في أكواره حتى تأتي أسعاره”، بينما الأمر هذا لايعيب الفتى او اسرته.
والرجل عند المسلمين هو الذي يقدم المهر لعروسه أو لوالديها ويسمى النقد او الصداق على عكس ماعليه الحال عند المسيحيين، وهو قسمان المعجل والمؤجل والمعجل هو مايقدمه مباشرة يوم عقد القران أو قبله، والمؤجل مايكتبه على نفسه، ويكون حقاً للزوجة يمكنها أن تطالبه به في كل وقت، ويكون لها إرثاً بعد وفاته اذا لم تنلها في حياته. وتختلف بالطبع كمية المهر بحسب المكان والظروف الاقتصادية والرتبة الاجتماعية للأسرتين ومدى قرابة الطرفين لبعضهما بعضاً، ويكون مالاً نقدياً أو مواشي أو ارضاً أو حبوباً، ومهر الفتاة العذراء أكبر من مهر الارملة او المطلقة ويسمى مهر الأخيرة نقيصة” ويعادل عادة نصف المهر العادي في حال العذراء.
حمام العرس الشامي للرجال
زواج البديلة
يوجد في سورية زواج يدعى زواج “البديلة” وهو دارج في القرى بخاصة، ويعني زواج الفتى من فتاة مقابل زواج اخته من أخ فتاته، اي يجري تبادل في الأخوات، وفي هذه الحالة لايدفع الطرفان مهراً.
كيف يتم اختيار العروس؟
ويتم اختيارالزوجة من قبل ام الفتى واخواته، ويرسل الفتى او والده جماعة من الفقهاء أو أغنياء الحي للتوسط له في الزواج من الفتاة المختارة. ويحاول أن يظهر أمام اسرتها بالغنى وأن لقمته “طيبة” او انه غير بخيل فيمرر لحماً وطعاماً على رأس حمال ليقال هذا عشاء فلان. واذا تم الوفاق بين الطرفين وفصل المهر تقرأ الفاتحة من قبل جميع من دخل المفاوضة ايذاناً باتمام العمل، ثم يجري عقد النكاح، وبعض الأفراد يجرون عقد النكاح لدى القاضي مباشرة، وقد فرض العثمانيون رسوماً على تلك العقود، وبعض الأسر الأخرى تقيم احتفالاً تدعو اليه القاضي والأقرباء والأصدقاء ويكون ذلك في بيت العروس، حيث يقرؤون المولد النبوي ويجرون المراسم الضرورية من أخذ موافقة التى والفتاة ويوزعون الحلويات والسكاكر. وقد تفننت بعض الأسر في كتابة العقد فرفضت كتابته على الورق وانما على قطعة من الحرير طولها ذراع أو أكثر.
زفة عرس النسوان في الحمام
وكانت ترك مهلة عادة بين عقد القران وليلة الدخول ليتم فيها تجهيز الفتاة لأن ما أُخذ من مهر يعمل به على تأثيث منزل الزوجية، وكان عادة وفي المتوسط غرفة واحدة، واحياناً غرفتين في بيت الأسرة الكبير، كما تشتري الفتاة البسة لها. وكان الجهاز يضم مراتب ولحفاً ومخدات وصندوقاً خشبيا مصدفاً ومحفوراً وسجادة او بسطاً،، وفي القرى ادوات المطبخ النحاسية، وستائر وارتفاعات خشبية مزخرفة تستر بمراتب والمراتب بدورها تستر بأغطية حريرية او قطنية. ولم تكن الاسرة مستخدمة وانما كان في غرفة كل منزل مايسمى “يوك” وهو فجوة في الجدار بعمق ذراع تقريباً ويمتد على طول الحائط، وتضع فيه المرأة مراتبها ولحفها، وهي تفرشها ليلاً وتطويها نهاراً بحيث تبدو الغرفة دائماً بشكل مرتب ونظيف وتحمل المرأة في جهازها بعض الزادي من الصيني الثمين لتضعها في فجوات الجدار الأخرى التي تسمى الكتبية وجمعها كتابي، وتحمل العروس معها البسة معينة هدايا لزوجها ووالد زوجها واخوته المتزوجين اذا كانوا مقيمين معه في نفس المنزل.
نقل الجهاز
قبل ليلة العرس بأيام يحمل جهاز العروس الى بيت الزوج. ويذهب أهل محلة الزوج صغيرهم وكبيرهم ويصحبون معهم البغال لنقل الجهاز. ويمتنع عليهم أهل محلة العروس ويطلبون منهم رؤوساً عديدة من الغنم، فإذا أحضروها هيأ لهم اهل محلة الزوجة المآكل، وبعد انتهاء الوليمة يحمل الأثاث والمتاع وينتشر النساء والرجال في الطرقات رافعين الأصوات بالزلاغيط او الزغاريد بالفصحى.
زفة العريس
حمام العروس
ويكون أهل العروس من النساء في هذه الفترة قد دعون الى حمام العرس جميع من ترغبن من النساء، وتحضر العروس هذا الحمام، وتأتي كل امرأة بأجمل ماعندها من الملابس الى الحمام العام الذي تستأجره الأسرة في ذلك اليوم، واذاكانت الأسرة من الأسر الكبيرة الغنية فإن عدد مدعواتها يكون كبيراً ومن ثم فإن يوم الحمام يمتد أياماً حتى السبعة.
وتُزين العروس وتجلى في القسم البراني من الحمام وتتنافس النساء في البسة الحمام، وتسمى عادة فوطة وهي من قماش حريري مقصب ومذهب، ويوزع عليهن الصابون، وتخصص مقاصير الحمام كل واحدة منها لجماعة متعارفة.
تمد في الحمام اسمطة الطعام وتنطلق الزغاريد وبعد الانتهاء من ذلك تلبس كل امرأة أجمل مالديها، ويتوجه الجميع الى بيت العروس حيث يحيون ليلة طرب بينما تعمل الماشطة على ” نقش الوشم على يدي العروس وأرجلها”.
ليلة الدخول ( الدخلة)
في الليلة الثانية، وهي ليلة الدخلة، يدعو أهل الزوج أصدقاءهم من غني ووجيه وأكابر العلماء والأعيان، ويولمون لهم وليمة فخمة، وبعد الانتهاء من الطعام يكلف الزوج أحد أصحابه للمناداة ب” الشاباش” (وهي كلمة فارسية للتعجب او الثناء مثل مرحى بالعربية). ويتقدم المدعوون ل” نقوط العريس” اي تقديم المال له كهدية، فإذا أعطى أحدهم( نقوطه) الى المنادي نادى “شاباش يافلان” والنساء في الداخل يستمعن الى قول المنادي ويرفعن اصواتهن بالزلاغيط اذا كان المنادى باسمه من وجوه القوم… أو دفع مبلغاً كبيراً من المال، وبالطبع تقع المفاخرة بين الأقران، ويرغب كل واحد ان يدفع أكثر من الآخر ليظهر أكثر غنى. وينادى المنادي كذلك” أخلف الله عليك يافلان”.
حمام العريس
وكما حدث عند النساء فإن الرجال يأخذون الزوج ويتوجهون به الى الحمام ومصطحبين معهم اخوانه الذين يشرفون على الباسه ملابسه، فكلما لبس قطعة هللوا و”الصلاة على النبي”، و”صلوا على محمد” ويضيفون كلمات لايفقه لها معنى مثل “نير وغدير” (وهي عند البعض ( نير، تحمل) اي أن الزواج نير فتحمله) و” ولشور” وهي اختصار لكلمات ( بيض الله وجهه أي وجه العريس أو وجه والده) وتسمى صرخات الفرح هذه بالشوباش أيضاً. ويخرج الجميع من الحمام بعراضة اي (جماعة ضاجة)، وتهليلات وتكبيرات وشوباش ويلعبون بالسيف والترس.
وتكون نساء المحلة قد اجتمعن في دار وفي معظم الأحوال دار اسرة الزوج، في الثياب والزينة والخضاب والتحلي بالذهب، وبين ايديهن الشموع موقدة والوجوه بادية والزينة ظاهرة لا حجاب ولا جلباب وتكون العروس قد أُحضرت من قبل بعض أفراد العريس الى منزل الزوجية، وعادة تقوم بعملية الاحضار هذه خالة العريس وعمته، أما والدته فحفظاً لمقامها ومركزها تبقى في البيت وتستقبلها حين وصولها.
“ويدخل الزوج للجلا فتتلقاه النساء بالشموع والزغردة وهن سافرات عن وجوههن وتأخذ بيده اثنتان من أقاربه واحدة عن يمينه واخرى عن شماله ويدخل معه ابوه واخوه أحياناً، ويجلس على مكان رفيع مخصص له، وتتقدم كل امرأة مدعوة من أهل العريس اليه وتلصق الدراهم بين عينيه.”
وبعد برهة تخرج العروس هي وماشطتها وقد زججت حواجبها وحمرت وجهها وخضبت أصابعها ووضعت على رأس الشربوس وعند وصولها الى الزوج فإنه يقوم لها ويكشف عن وجهها مايسمى ( الجلاية) وتدور أمامه وكلما دارت دورة لصق الزوج ومن معه من ابيه واخوته الدراهم في جبهتها وعلى خديها، وعند دخول الزوج غرفته الخاصة مع عروسه فان أم الزوج تجبر الطرفين على الانحناء والمرور من تحت رجليها. وبالطبع تتبارى الأسر في إحياء هذه الليلة من طعام مقدم ورقص وغناء.
تعدد الزوجات
يلاحظ ان تعدد الزوجات كان قائماً في الأرياف أكثر منه في المدن، لحاجة الزوج الى الذرية من الأولاد الذكور بخاصة، ولتساعده نساؤه في أعمال الحقل. وقد درج على لسان العامة أن الرجل يكتفي بزوجة واحدة طالما هو فقير الحال أو متوسطه ولكن “عندما يشم ريحة انفه” اي عندما يغتني فإنه يبحث عن زوجة اخرى. وفي هذه الحال يلاحظ ان الزواج مع فارق السن الكبير بين المرأة والرجل قائم: إذ أنه يتزوج فتاة صغيرة رغم أنه يكون قد تجاوز الخمسين من عمره، كما تلاحظ نفس الحال في الأرمل من الرجال، أو المطلق. ونساء الزوج يقمن في معظم الأحيان في بيت واحد معه كل في غرفة خاصة بها، ويتنادين بلقب ( اختي)، وبالطبع لا تنتهي بينهن المشادات .
دور المرأة في الاسرة
والمرأة في بلاد الشام تقوم بجميع أعمال المنزل، مهما ارتفع مستوى الاسرة الاجتماعي، فهي تشغل وقتها بترتيب المنزل والطبخ والخياطة والتطريز. أما اعتمادها على الإماء فقليل جداً بالنسبة لبلدان عربية أخرى كالحجاز والعراق مع العلم أن حلب كانت سوقا من أسواق الرقيق.
تعليم النساء
الكتاتيب لتعليم الاولاد
ولم تكن هناك دور علم مخصصة للفتيات والنساء بعامة، وانما هناك بعض الكتاتيب الصغيرة التي يتعلمن فيها من سن السابعة الى سن التاسعة احيانا القرآن ، كما ان الفتيات من الاسر المتعلمة تأخذن الحديث والفقه من أبيهن وإخوتهن، وقد تميزت بعض الشخصيات العلمية منهن في هذه الحقبة.
وضعها اجتماعياً
والفتاة تضع الحجاب على رأسها ووجهها منذ التاسعة من عمرها، إن لم يكن قبلاً، ويصبح خروجها من المنزل في تلك السن مكروهاً، ولكن لابأس من العمل كمتمرنة على الخياطة في منزل الجارة، إذا كانت هذه الأخيرة تعمل بهذه المهنة.
وكانت الفتاة تعيش في بيت أبويها تنتظر الزوج المرتقب، واذا تجاوزت العشرين ولم تتزوج تعتبر ان الركب قد فاتها ويُنظر اليها نظرة شفقة لأنها لم تجد زوجاً ملائماً يتقدم اليها، واذا لم تتزوج فإنها تساعد الأم في أعمال المنزلن وتنصرف الى الخياطة والتطريز.
واذا كانت المرأة في المدن تقوم بأعمال المنزل فقط فإنها في الريف كانت تساعد رجلها في العمل الخارجي، ولا تضع الحجاب الا على رأسها. فهي الى جانبه في الحقل وتطحن له القمح وتنقل الماء من النبع الى البيت وتجمع الحطب وتساعده في الحصاد، وتغزل الصوف والقطن.
في ذاك الوقت كانت المرأة تؤمن بان الرجل هو صاحب المقام الأول في المنزل، فهو رب الأسرة وهو الذي يعيلها اقتصادياً ويتعب ويشقى لأجلها، ولذا فانها كانت تكن له احتراماً عميقاً وتطيعه طاعة عمياء، وكثيراً ماكانت تقبل يده بكرة وعشية عند خروجه الى عمله صباحاً وعودته مساء. ولما كانت مدة عمله تطول حتى المساء، فمعنى ذلك ان وجبة الطعام الاساسية هي العشاء، فتجهز الطعام لهذه الفترة، وكانت تسعى لإطعام الاولاد وإضجاعهم في مضاجعهم قبل مجيء زوجها، ليأكل بهدوء بدون الاستماع لصياح الأولاد وشغبهم. فالأولاد لايشاركون اباهم الطعام إلا بعد بلوغهم العاشرة، ولم تكن هي تشاركه الطعام الا نادراً لأن عليها ان تقوم بخدمته أثناء الطعام، ولا تبدأ بالكلام اذا لم يبدأه هو.
وكان الرجل يعامل زوجته ببرودة وتحفظ حتى يحفظ هيبته، وفي مدن سورية كحماة يعد لطفه لامرأته ضعفاً منه، لذا فانه كان يظهر أمام زوجه واولاده قاسياً طاغياً.
قافلة الحج والمحمل
أفراح واعياد الاسرة
كانت الاسرة تحتفل بميلاد الطفل الأول عادة احتفالاً كبيراً قياساً على بقية الاولاد، الا اذا تأخر ميلاد الولد الذكر فإنه يُحتفل في هذه الحالة ولو كان العاشر بالتعداد احتفالاً ضخماً.
كما يُحتفل كذلك في نطاق الأسرة بختان الاولاد الذكور، ولا تحتتن البنات كما في مصر، كما يُحتفل بختمهم للقرآن، وبالأعراس والعودة من الحجن ومن السفر البعيد. وفي تلك الاعياد الخاصة كان يحتفل بالطبل والزمر، وتوليم الولائم وتوزيع الحلويات ودعوة الأهل والأحباء ولبس الملابس الفاخرة.هذا فيما يخص الاسرة واحتفالاتها باعيادها، أما الأعياد العامة، وكانت الأسرة بالطبع كخلية اجتماعية اولى تحتفل هي الأخرى بها فهي لدى المسلمين عيدي الفطر وعيد الأضحى…يقابلها لدى المسيحيين عيدي الميلاد والفصح حيث تقتصر الاحتفالات الزياح مابين جدران الكنائس نظراً للواقع الاجتماعي، وتقدم الاسر المسيحية المعايدة للبطريرك اومطران الابرشية في الكاتدرائية وتقوم الاسرة كلها برئاسة كبيرها وكبيرتها بالصلاة في الكنيسة ثم يجتمع اهل الاسرة والاقرباء على مائدة كبير الأسرة ويرتدون افخر البستهم، وفي اسبع تحضيرات العيد تقوم سيدات كل اسرة اضافة الى تعزيل البيوت باعداد حلويات العيد وطعام العيد ثم تقوم بزيارة بعضها ورد الزيارات بالمعايدة مساء بعد ان يقوم رجال كل عائلة بزيارة كل بيوت العائلة في صباحات ايام العيد، على ان يعقبها مساء زيارة العائلات وتستمر المعايدات لفترة طويلة نسبياً. وفي عيد الغطاس يقوم الكاهن بزيارة بيوت الرعية ورشها بالماء المقدس لتستمر البركة في البيت، ويسبق الصوم الكبير المقدس وعيد العنصرة زيارة عامة للقبور ويكون الكهنة في المدافن يؤدون الصلوات لراحة نفوس المؤمنين ويُشعل المؤمنون الشموع ويحرقون البخور على القبور. وبعض الطوائف المسيحية كالأرمن يزورون القبور صباح العيد بعد العودة من صلاة العيد في الكنيسة. ويقدم الموسرون التبرعات للفقراء عن طريق جمعية الكنيسة الخيرية.
اما اسلامياً فكانت الدولة تحتفل بالعياد احتفالات رسمية حيث ينزل الوالي للصلاة في العيد في الجامع الاموي ومعه اركان الدولة من الولاية والجيش اضافة الى كبار المشايخ يتقدمهم مفتي دمشق والوجهاء وذلك بموكب فخم ويعود الى بيته او السرايا بنفس الموكب ليتقبل تهاني المهنئين وتنحر الذبائح ولاسيما في عيد الأضحى وتولم الولائم لطبقة العلماء بالذات وكبار الأعيان وينقطع الأفراد عن العمل وتغلق المصالح كافة ايام عطلة العيد. وكذلك تلتقي العائلة كلها ظهراً في غداء العيد في البيت الكبير للاسرة، ان كان قد خرج البعض منه.
اما في عيد المولد النبوي فتكتسي المدن بالزينات والفوانيس المضاءة وتنشر السجاجيد في الطرقات امام المحال التجاري، وتستخدم أغصان الاشجار في زينة البيوت والاسواق وتُقرأ قصة المولد النبوي في المساجد والبيوت الكبيرة وتوزع السكاكر وتعقد حلقات الذكر في زوايا المتصوفة.
موكب الحج منطلقاً من دمشق الى الحجاز
اضافة الى مواسم دينية أخرى كان ولايزال المجتمع السوري يحتفل بهافي 27 رجب و15 شعبان والأول من رمضان والسابع والعشرين منه.
وتقوم الفرق الصوفية في القرى والمدن بزيارة مزارات اوليائها وخاصة في ميلاد الولي او وفاته كخميس المشايخ في حمص ومثله في حماة واسبوع برزة حيث يسود الاعتقاد اسلامياً ان ابراهيم مدفون فيها، ومواسم مماثلة في قطنا والزبداني ومعرة النعمان وتخرج هذه القرى في تلك المواسم بملابسها الخاصة حاملة الرايات وعلى رأسها شيخها الذي يُظهر كراماته في هذه المناسبة: فالرفاعية تعمل على ادخال الشيش في أجسام اتباعها في أصداغهم وبطونهم دون أن يصاب احدهم بأذى، والجباوية كذلك تستخدم الدوسة وذلك بأن ينبطح رجال هذه الطريقة ارضاً على وجوههم ثم يمر شيخ الطريقة فوقهم ممتطياً جواده فيدوسهم واحداً بعد الآخر دون ان يصيب اياهم بأذى. وفي برزة يحاول الشيخ أن يدخل بفرسه من باب ضيق هناك ويدقون الطبول وتسمى طبول النوبة ويزورون الولي ومعه كل الشعب في القرية.
وفي مناطق من الريف السوري يحتفل المسيحيون بعيد الميلاد ويسمونه الليلة الحلوة كما يحتفلون بقدوم الربيع في 4 نيسان شرقي وتسمى احتفالات الرابع، وقد تستمر هذه الاحتفالات ثلاثة ايام بين رقص وغناء ، ويحتفل كل المسيحيين في دائرة بلاد الشام بعيد مولد السيدة العذراء فيحجون من كل المناطق في سورية ولبنان والاردن وفلسطين الى ديرها في صيدنايا لذا يُدعى هذا العيد بعيد الحج، وياتي في الأهمية بعد الحج الى القبر المقدس وكنيسة القيامة في فترة الآلام والفصح وينطلقون اليه بقوافل ضخمة من قبل ثلاثة اشهر حيث يحلون ضيوفاً في الدير ويحتلون منحدرات قمته ويستأجرون بيوتاً في البلدة ويعد هذا العيد من ابهج الأعياد يترافق بالعراضات والهرج والمرج والطبل والغناء والرقص واطلاق الأعيرة النارية،اضافة الى التقيد بالمراسم الروحية حيث يتم زياح ايقونة العذراء التي رسمها القديس لوقا الانجيلي للعذراء وعلى يدها الطفل يسوع والمحفوظة في غرفة الشاغورة اي في مقام الدير…وثمة احتفالين مشابهين في العظمة في دير القديس جاورجيوس الحميراء في وادي النصارى بعيد القديس جاورجيوس وعيد الصليب وتقام اسواق العرضي وتبادل المنتجات الزراعية والصناعية وفي عيد الصليب كذلك تشتهر معلولا برمتها وتشتهر بعيد القديسة تقلا في ديرها البطريركي وعيد القديسين سرجيوس وباخوس، في دير مارسركيس وعيد مار الياس في دير مار الياس في معرة صيدنايا وعيد القديس جاورجيوس في دير القديس جاورجيوس البطريركي بصيدنايا وعيد مار الياس في دير النبي الياس شويا البطريركي في ضهور الشوير بجبل لبنان…الخ
ويحتفل العلويون بأعياد البربارة ورأس السنة تحت اسم الميلاد.
اما اليهود فكانوا يحتفلون بعيد لفصح اليهودي وهو تذكار خروجهم من مصر على يد موسى النبي.
عيد الحج في دمشق
هو موسم كبير تحتفل به دمشق بالذات احتفالاً كبيراً ورائعاً، وقد ازداد
احتفالها به في العهد العثماني لأن حجيجها لم يعد يضم حجيج الشام فحسب بل الحجيج الوافد اليها من كل المناطق في الاناضول وفارس والعراق.
ان ماكتبه البديري الحلاق في القرن الثامن عشر يعطي فكرة واضحة عن هذا الموسم والاحتفالات المرافقة التي تجري فيه، ويظهر اهتمام العثمانيين بهذه الناحية، وهي تسيير قافلة الحج الشامية واستقبالها، ونشير الى ان السلطان سليم الاول وبمجرد ما استلم منصبه طلب تسيير الحج والمحمل من دمشق والعناية بهما وصار والي دمشق هو امير الحج واي شرف يعطى لوالي دمشق في ذلك.
ان موسم الحج كان موسم تجارة أو موسم خير وبركة لمدينة دمشق، إذ اعتاد الحجاج من بلاد فارس وتركستان والاناضول ومن مدن سورية كلها ان يحملوا معهم منتجات بلادهم لبيعها في دمشق والاستعانة بثمنها على اداء نفقات الحج. وهكذا كانت خانات دمشق واسواقها تعج بالناس والبضائع والإبل ودواب الحمل. وكانت دمشق تتهيأ لهذا الموسم من كل عام فتعمل الدولة على تشديد الرقابة على الأمن والأسعار، وتعد قافلتي الحج والمحمل الشريف والقوة العسكرية التي ستصحبهما للدفاع عنهما ضد اي عدوان من البدو في الطريق، وكما تكشف عن الآبار ومراحل الطريق وتشدد حراستها، وتقدم الهدايا للبدو حتى لايغيروا على القافلة. وقد كانت الدولة تتحمل نفقات الاستعدادات هذه، وتعهد بامارة الحج لواحد من كبار العسكريين في دمشق أو من زعماء العشائر العربية في فلسطين. ويهيأ هذا الأمير للخروج بالحج قبل حلول الموسم بثلاثة أشهر، ويقوم اولاً بالدورة اي بزيارة المناطق الجنوبية من دمشق لجمع المال اللازم لاعداد القافلة والمحمل، ولبث هيبة الدولة في تلك الجهات التي ستمر بالقرب منها قافلة الحج والمحمل في طريقهما الى الحجاز.
في الاسبوع الأخير من شعبان يبدأ الحجاج بالوفود الى دمشق، وفي منتصف رمضان يصل موكب ” الصرة أميني” او امين الصرة وهي المال الذي اعتادت الدولة ان ترسله من عهد السلطان سليم لأشراف الحجاز.
عندما يحل عيد الفطر تكون الترتيبات النهائية لاعداد قافلة الحج وركب المحمل على وشك الانتهاء، وفي منتصف شوال تقريباً يخرج أمير الحج من السرايا قرب القلعة على رأس ركب المحمل يحف به مختلف العسكريين بألبستهم الرسمية ويتخذ طريق الميدان مجتازا باب المصلى ثم الميدان الفوقاني الى بوابة الله، الى القبيبات، الى الجنوب. والمحمل أشبه مايكون بالهودج، مغطى بمخمل اخضر مطرز بخيوط ذهبية صفراء، ويحمل المحمل جمل جميل الشكل لايستخدم لأي عمل سوى للحج.
ويسبق خروج المحمل احتفالات شعبية كبيرة اذ يخرجون اولاً بالشموع الضخمة المخصصة للأماكن المقدسة في الحجاز، ثم يخرجون بالسنجق واخيراً المحمل ويمضي الركب في طريقه الى الحجاز، ويظهر ان الحجيد كان يلاقي احياناً الأهوال من هجوم البدو عليه، الى مشقة السفر من عتب وعطش وجوع.
بعد ان ينتهي الحجاج من القيام بشعائر الحج فإنهم يغادرون مكة الى المدينة ثم الى دمشق فيصلونها في أوائل شهر صفر، وياتي البشير بسلامة الحجيج، ويخرج الوالي لاستقباله وكذلك القاضي بعمامة خضراء، وكان يطلع في هذا اليوم اغلبية اهل دمشق، وكان الموكب عظيماً يتزين فيه العسكر بالزينة العظيمة. اما الوزير فيلبس اللباس الأبيض الأطلس بالفروة السمور والكل بالرماح والأتراس المرصعة.
وتكون دمشق قد استعدت لاستقبال حجيجها باقامة الزينات وحمد الله وبالطبول والزمور لعودته سالماً.
المجتمع السوري من خلال الاسرة الشامية والاعياد والمواسم التي ذكرنا كان محتفظاً بطابعه العربي الأصيل، وبتقاليده التي اكتسبها في العصور الاسلامية السابقة ولو انه دخلت في حناياه بعض العادات الاجتماعية الجديدة التي لاتنسجم مع تركيبه الأول المحافظ وقد حاربها بكل قواه ونجح في حصر نطاق بعضها ومنع تغلغل وتفشي بعضها الآخر ولو كانت الطوائف مسيحية فالمسيحي الدمشقي او حتى الريفي اقرب الى جاره المسلم الدمشقي من الكاثوليكي الفرنسي او البروتستانتي الانكليزي.
البدع
من البدع تعاطي المخدرات ، ومنها بالذات مايسمى (البرش) وه تركيب مخدر كالأفيون وكان يتعاطاه كثيرون ومنهم مشايخ، وكذلك الخمور فقد سُمح للنصارى ان يتاجروا بالخمرة على الايبيعوها للمسلمين ويبدو ان هذا الأمر أقلق المسلمين المتمسكين الذين أخذوا يشنون حملة على فكرة اراقة الخمور والمتاجرة بها ومنهم المدعو مبارك عبد الله الحبشي وهو أحد المتمسكين بالاسلام وكان شيخاً، فقام على الأتراك وقاموا عليه. واندفع في حربه ضدهم حتى انه قام وجماعته يرصدون الطرق على ناقلي الخمر فيقطعون ظروفها ويريقونها على الارض. وقد قبض الأتراك على الشيخ مبارك وصحبه وسجنوهم الا أن مؤيديه كانوا أقوياء الى حد أنهم كسروا السجن وأفرجوا عن شيخهم وأعوانه.
شرب القهوة
اما البدعة الأخيرة التي لم يتمكن المجتمع السوري من ردها فهي عادة شرب القهوة التي لم تكن معروفة في هذه البقاع قبل القرن 16 م و10ه، ولم تنتشر قبل الحكم العثماني.
وفي الحقيقة ان أول ما اشير الى القهوة كان في كتابات القرن 16م. فقد دخلت الى القاهرة من اليمن، وكان استخدامها في تلك البلاد شائعاً وبخاصة في دوائر الصوفية، لأنها تحافظ على صفاء الذهن الضوري للتعبد والتسبيح والتأمل في الليل.
وقد عُرفت في القاهرة مطلع القرن 16 م وكانت قد عُرفت في مكة قبل ذلك حتى انه صدر قرار من القضاة فيها بأمر من سلطان المماليك قانصوه الغوري في عام 1511م.
وعندما شُربت علناً أعلن أنها ممنوعة في عام 939ه= 1533م بل أنه بعد سنتين قام بعض الناس بتوجيه من المشايخ وبعض العلماء بالهجوم على المقاهي وخربوها. ولقد ادت علاقات بلاد الشام مع الحجاز والقاهرة الى جلب القهوة الى سورية وتركيا وفارس، ويذكر انها اول مرة شربت فيها في عام 941 ه، وأثار ظهورها النقاش والجدل. فهل تحلل او تحرم؟ وهاجمها الكثير من العلماء حتى ان بيوتها قامت في معظم المدن السورية ومنها حلب، وتجاوزت الحدود الشامية الى القسطنطينية بواسطة افراد من دمشق وحلب، وقد جذبت الأماكن التي تصنع بها الأدباء لأول وهلة فارتادوها ومن ثم أخذوا يطلقون عليها تسمية بيوت المعرفة، وكانت للهزء والسخرية، بينما اسماها الشوام ( الخمارة)، وفي عام 953 ه ورد امر سليمان بابطالها في بلاد الشام، ولكن الناس بقوا يتعاطونها سراً، وتراخى تطبيق الأمر مع الزمن فثبتت كعادة منتشرة في معظم الاوساط الشعبية، لكن لايفهم من هذا ان المجتمع السوري قد خرج عن تحفظه الاجتماعي أوتحلل من قيوده الخلقية، بل بقي محافظاً على قوالبه السابقة تسنده طبقة العلماء. وبقي بتماسكه ومحافظته قوة تخشاها الحكومة العثمانية، رغم أنها لم تسمح لأفراده في بادىء الأمر المسلمين والمسيحيين على السواء بالخدمة في الجيش. وكان من حقها أن تخاف لأنه كانت هناك فرق يمكن جمعها بسهولة في منطقة لبنان والمناطق الجبلية الأخرى واستخدامها ضد السلطة العثمانية، اذا ماحاولت ان تخرج عن سطحية حكمها في هذه البقاع وتتوغل في داخليته، كما حدث في عهد الأمير قرقماز المعني وابنه من بعده الأمير فخر الدين المعني الثاني.
الخاتمة
يتبين لنا من خلال بحثنا عن الاسرة الشامية في القرن 16 ان العثمانيين المستعمرين لبلاد الشام لم يتدخلوا في التركيبة الاجتماعية للمجتمع السوري آنذاك بل تركوه يعيش حياته كما كان يفعل سابقاً: جماعات شتى غير مغلقة على نفسها، تربطها حضارة عربية واحدة تمثلتها طيلة قرون عدة حتى تثبتت في اعماق ذاتها، ولم تكن باستطاعة اية قوة مهما بلغت من العسف والقسوة والعنف ان تفتت ذاك الرباط، أو تغير أوضاع ذاك المجتمع آنذاك، وقد كانت الحكومة العثمانية حكومة حربية مادية لايهمها من مجتمع امبراطوريتها مستوى رفيعاً أو قيماً خلقية سامية، أو دخلاً فردياً محترماً كما تهدف الى ذلك اية حكومة صالحة لشعبها، انما خزينة مليئة تصرف منها على الحروب وعلى موظفيها وعلى سلاطينها، فهي قد أحلت المستويات المالية محل المعنوية والخلقية، فالحاكم الصالح في الدولة العثمانية ليس ذاك الذي يهتم بسكان مقاطعته وينسجم مع مطالبهم وحاجاتهم، ويتفقد رغباتهم ويحققها، وانما ذاك الذي يقدم بسرعة الكميات المطلوبة منه. لذا كان من الطبيعي جداً ان لايترك المستعمرون العثمانيون اثراً يغير من انماط حياة المجتمع السوري. واذاكان هذا المجتمع قد حافظ على ركوده السابق وعاش ضعيف الحيوية في مطلع الاحتلال العثماني فان هذا لايعني انه كان لا يشعر بذاته. وما الانتفاضات الفردية المحلية التي كانت تنبعث بين آونة وأخرى وبخاصة في الجزء الغربي منه كلبنان مثلا الذي كان يُدار من امرائه ومقدميه، الا دليلاً على قواه الحياتية التي لاتزال تنبض، وان ابن هذه المنطقة بات يحس بوجوده المنفصل، وانه ارفع من ابن الشام والشام تحديداً التي كانت عاصمة بلاد الشام، وانعكاس ذلك على نفسيته وتعاليه وحتى الآن على كل ماهو في داخل سورية ، لأن وضع لبنان الاجتماعي ونقصد هنا سكان بيروت تحديداً ومن ثم جبل لبنان وبقية المدن الساحلية بالطبع كان ومستواه الفكري والثقافي افضل من داخل سورية لارتباطه بالوضع الاقتصادي اولاً ولانفتاح الساحل على العالم الغربي ثانياً، ولوجود جاليات اجنبية اكثر عدداً في ربوعه، فالاحتكاك مع الغرب كان اوسع مدى في المناطق الغربية والشمالية من سورية مماكان عليه في جنوبها وشرقها.
مصادر البحث
الصباغ، ليلى:” المجتمع العربي السوري في مطلع العهد العثماني…
رستم ، اسد:” تاريخ كنيسة مدينة الله انطاكية العظمى…
البديري الحلاق: “حوادث دمشق اليومية، حققه د. احمد عزة عبد الكريم…
جبل الطور، أو جبل طابور، هو الجبل الأعلى في القسم الجنوبي للجليل الأسفل شمال مرج ابن عامر في فلسطين. يبلغ ارتفاعه حوالي 588 متر فوق سطح البحر، كما ان قمة الجبل واضحة ويستطيع الناظرون رؤيتها من أماكن بعيدة كالجليل والجولان. على سفوح الجبل تقع ثلاث قرى – أكبرها دبورية (تقع على السفح الغربي للجبل)، الشبلي (تقع على السفح الشرقي للجبل)، وأم الغنم (على السفح الشرقي الجنوبي للجبل).
جبل طابور او ثابور
أصل التسمية
جبل الطور أو تابور “طابور”، تابور أو ثابور وهي تسمية ولفظة يونانية تعني “مرتفع”
يعتقد بعض الباحثين بأن “طابور” كلمة مشتقة من اللغة الأوغارتية في رأس شمرا / اللاذقية في سورية، وهي الابجدية الفينيقية، أقدم أبجدية في التاريخ.
وهي تعني النور أو البهاء، إذ كانت تقام العبادة ل”طابور” إله النور.
ويسمى أيضاً “جبل طابور” يطلق العرب عليه اسم “جبل الطور” كما هو الحال “جبل سيناء” و”جبل جرزيم”.
أما القديس بطرس فيشير إليه باسم “الجبل المقدس” (2 بطرس 1\18).
والتسمية المسيحية له “جبل التجلي” نسبة لتجلي الرب يسوع المسيح عليه امام تلاميذه بطرس ويعقوب ويوحنا.
تاريخ جبل الطور في المسيحية
في قمة الجبل توجد كنيستان
الكنيسة الكاثوليكية
جبل الطور أو طابور هو موقع تجلي السيد المسيح، حينها صعد مع ثلاثة من تلاميذه على رأس الجبل العالي، وهناك تجلى السيد المسيح لتلاميذه بطرس ويعقوب ويوحنا كما نقل لنا الانجيليون الاربعة (متى،مرقس، لوقا، ويوحنا) في بشاراتهم.
تم بناء كنيسة كاثوليكية بين 1920-1924 على قمة الجبل سميت ب”كنيسة التجلي” . المهندس المعماري الذي خطط الكنيسة، هو أنطونيو بارلوزي إضافة إلى تخطيطه لعدة كنائس في البلاد. وقد بنيت هذه الكنيسة على بقايا كنيسة بيزنطية من القرنين الخامس والسادس المسيحيين، وكنيسة بيزنطية أخرى بنيت في القرن الثاني عشر لتانكريد أمير الجليل. الكنيسة تنتمي إلى الرهبنة الفرنسيسكانية، والرهبان يعيشون في دير بالقرب من الكنيسة التي اقيمت في عام 1873
بنيت الكنيسة من ثلاثة صحون منفصلة في صفين من الأعمدة تحمل الأقواس في برجي الأجراس على جانبي مدخل الكنيسة، في المبنى يوجد مصليان. المصلى الشمالي مخصص للنبي موسى ويظهر هناك وهو يأخذ ألواح الوصايا العشر على جبل سيناء، اما المصلى الجنوبي فمخصص للنبي إيليا.
في الجزء العلوي من الكنيسة، وفوق المذبح، لوحة لتجلي الرب يسوع . في 6 من آب في كل عام يحتفل بعيد التجلي.
الكنيسة الارثوذكسية
الكنيسة الارثوذكسية
بالقرب من الكنيسة الكاثوليكية، تم بناء في عام 1862 كنيسة أرثوذكسية متواضعة من أموال بعض المؤمنين من رومانيا. الكنيسة مكرسة للنبي ايليا وهي كانت المبنى الديني الأول التي تم بنائه على ايدي مسيحيين من رومانيا في الأرض المقدسة. وفي الجانب الشمالي – الغربي للكنيسة هناك كهف يسمى بكهف “ملكي صادق” بحيث كان المؤمنون يتوافدون اليه بكثافة في العصور الوسطى، ومع تزايد عدد الزواروالحجاج وخاصة الرومان للمكان المقدس هذا خُصصت ساعات محددة لاستقبال الوفود.
رحلة الطريق اليه
الطريق ضيقة إلى أعلى الجبل، وحادة جداً ومتعرجة، لكنها مناسبة للسيارات العادية، وغير مناسبة للمركبات الثقيلة (الشاحنات). تسمى بوابة الدير في قمة الجبل ب”باب الهوا”.
اليوم الصعود إلى الجبل نفسه لا يأخذ جهداً كبيراً، ولكن قبل حوالي 1600 سنة كان يجب صعود حوالي 4300 درجة للوصول إلى قمة الجبل.
الجبل جميل جداً تملأه أشجار الصنوبر والسنديان وهناك طريق في القمة بلف حول الجبل وهذا الطريق غير معبد ولكنه ملئ بالاحراش الخضراء.من هذا الطريق يمكن رؤية سهل مرج بن عامر في الجنوب، كما يمكن رؤية جبال فقوعة وجبال السامرة، وغربا باتجاه جبل الكرمل، وشرقا باتجاه جبال الجولان، وشمالا جبال
لوحة زيتية لجبل طابور
الجليل الأعلى. في الايام التي تكون فيها الرؤية واضحة يمكن ان يرى جبل الشيخ أيضاً.
لعبت الصحافة السورية دوراً هاماً في تاريخ العرب الحديث عموماً والتاريخ السوري خصوصاً، ففي بدايات القرن الماضي ظهرت الصحف باللغة العربية أثرت ناتيراً بالغاً في الفكر القومي العربي، وكان من جراء ذلك أن اضطهدتها الدولة العثمانية، وقد كانت تلك الصحف هي الشرارة الاولى للثورة العربية الكبرى.
عندما تم طرد الأتراك من سورية 1918 وحصلت سورية على استقلالها وقبل ان يتم تنفيذ تقسيم سايكس-بيكو نظرياً علما ان قوات الغزوين الفرنسي والانكليزي قسمتا بلاد الشام عملياً باحتلال كل منهما لما تم الاتفاق عليه وفق اتفاق سايكس-بيكو، حصلت سورية الحالية على استقلالها انطلقت الأحاسيس القومية المكبوتة، وبدأت الصحف اليومية بالظهور في عهد الملك فيصل الأول.
قبة السبع بحرات
هذه الصحف شاركت في المطالبة بالاستقلال التام واشتركت في الصراع ضد الانتداب الاستعماري الفرنسي، وكذلك حرضت هذه الجرائد الراي العام على التمسك بحقوقه ضد مؤتمرات الدول الاجنبية التي ارادت تقسيم بلاد الشام كما اسلفنا بموجب اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور بمنح اليهود وطناً قومياً في فلسطين…
وعملياً كما قال الصحفي الدمشقي المخضرم د. شمس الدين الرفاعي مقولته الشهيرة:” ان لكل أمة تاريخها الصحفي ترى من خلاله حياتها السياسية والاجتماعية تتأمل في مجرى أحداثه اذا ما ارادت أن تدرك مفهوم قيمة جهدها البشري.”
دمشق ودورها القومي
وكانت دمشق في تلك الفترة مركزا لهذه الحركة القومية حيث اصبحت مركزا لتجمع النشاط القومي وتتجه اليها كل انظار العرب، وكان ملكها فيصل الأول بن الحسين وبرلمانها او مؤتمرها السوري وصحافتها محط آمالهم.
الانتداب الفرنسي
عندما دخل الفرنسيون الغزاة دمشق في 24 تموز 1920 بعد معركة ميسلون الملحمية واستشهاد البطل يوسف العظمة وزير الحربية وحوالي 3000 مقاتل بسلاحهم البسيط، اختفت الصحف الوطنية التي ظهرت في فترة الاستقلال مع الملك فيصل، وحلت محلها صحف اخرى بعضها ذات نزعة متطرفة والآخرى ذات نزعة معتدلة، وان اشتركت كلتاهما في حمل لواء القومية ضد الاستعمار الفرنسي، وكان لأقلام الصحفيين تأثيراً عظيماً في إضرام “الثورة السورية الكبرى” التي استمرت عامين متصلين من 1925- 1927 بعد نضال متصل في كل المناطق السورية منذ1920 .
يوسف العظمة بطل ميسلون
لم تتوقف حملة الصحافة ونضالها للتحرر من ربقة الاستعمار الفرنسي حيث استمر النضال الصحفي، متزامناً مع النضال المسلح مع الثوار في كل مكان في الجغرافيا السورية الى يوم الجلاء ومابعده، وقام الفرنسيون الغزاة باضطهاد الصحافيين اضطهادا عظيما أثناء الثورة السورية وتحديداً في عام 1926، عندها اختفى عدد من الجرائد، ولكن ظهر بدلاً عنه عددٌ آخر لايقل حماسة ولا بطولة من تلك التي ذهبت ضحية الإستبداد الفرنسي والإغلاق والإعتقال…
لم يزد عدد الصحف اليومية في سورية، بعد الثورة السورية الكبرى، عن عشرة جرائد، حيث تولت اثنتان منهن فقط، مهمة مقاومة الاستعمار الفرنسي، والتحدث بلسان العناصر القومية، وهما جريدتا “القبس” و”الايام”، لذلك فقد صودرتا مرات عديدة، وتعرضتا للخسائر الفادحة، ولكن مع ذلك فان الاستبداد الفرنسي لم يزد أربابهما إلا اصراراً مما دعى السوريين إلى اتخاذهما كمدرسة وطنية يتعلمون فيها كيف تكون التضحية اذا مادعت المصلحة الوطنية الى ذلك.
لقد كانت نتيجة نشوب الحرب العالمية الثانية، واجتياج سورية والشرق، اضطرابات سياسية، شأن بقية دول المنطقة، حيث تم فرض رقابة شديدة على الجرائد السورية الى جانب ماكان متبعاً من انظمة وقوانين صارمة، وتدابير جائرة تحد من نموها وحريتها، وذلك حتى انتهاء الحرب، فشرعت سورية في تخليص نفسها من القيود الفرنسية الاستعمارية، ومن ثم حصلت على استقلالها وعادت تنعم بالحرية الوطنية.
الجرائد بعد الاستقلال
شهدت سورية بعد سنة 1945 ظهور مجموعة ضخمة من الجرائد والمجلات، لم تشهدها من قبل. ففي دمشق وحلب ظهرت عشرات الصحف والمجلات، كما ظهر عشرون جريدة اخرى في بقية الارجاء السورية لدرجة أن بلغ عدد الجرائد والمجلات اليومية والاسبوعية سنة 1948 خمساً واربعون جريدة، ولقد تحير الناس والحكومة عن هذا العدد الضخم من الجرائد والمجلات في دولة لايزيد عدد سكانها عن اربعة ملايين نسمة.!
الجرائد والمجلات الصادرة في سورية منذ 1918وحتى 1947
الجرائد العربية اليومية التالية في دمشق
جريدة البعث
الاستقلال العربي، لسان العرب، سورية الجديدة، الحياة، حرمون، الصحة العمومية، المفيد، العقاب، الحمّارة، العاصمة ( وهي الجريدة الرسمية)، الانقلاب، الكنانة، الاعلانات، الفجر، الأردن، الفلاح، الطبل، الدفاع، فتى العرب، الحق، المحيط، العفريت، الشرق، الف باء، العمران، أبو نواس العصري، الأنوار، الفيحاء، الحق، الحاكمية، حط بالخرج، المفيد، ابو العلاء المعري، وادي بردى، المصور، بريد الشرق، الميزان، المصارع، العالم، الأصمعي، الأنباء، الصحراء المصورة، المستقبل، الشعب، السهام، الحياة المصورية، الحياة الأدبية، الاستقلال، المرصاد، الخازوق، أبو نواس، القبس، الأمة، الثروة، المقتبس، الرأي العام، الأيام، الكوميديا، القلم، الجزيرة، العمل القومي، النضال.
الكفاح، الانشاء، النصر، البلد، الأخبار، بردى، اليقظة، الوحدة العربية، النضال، البعث، العالم العربي، آخر دقيقة، الحضارة، المنار، الحقوق السياسية، الجمهورية، النهضة، الأحرار، الاتزان، الأمل، الصرخة، الرابطة الاسلامية، الاسلوب، الزمان.
الجرائد التالية باللغة الفرنسية
جريدة العاصمة وهي الجريدة الرسمية
، Dardanil ,Courrier de la SyrieLe Matin,Le Zechos
اما جرائد الاسكندرونة واللاذقية باللغة التركية فهي: يني كون، قرة كوز، دوغرويل.
وفي السويداء جريدة واحدة هي الجبل
مجلات اسبوعية وشهرية بدمشق
القلم العربي، المدرسة، المجلة، الفلاح، القلم، الشرائع، التربية والتعليم، نور الفيحاء، العلوم، الحياة، الطرائف الروائية، النجاح، مجلة المجتمع العلمي، مجلة الشرطة، مجلة الرابطة، الأدبية، النشرة الشهرية لغرفة تجارة دمشق، العاصمة (رسمية)، الروايات العصرية، اللطائف السورية، الربيع، معارف دمشق، مجلة المعهد الطبي العربي، سمير الشبان، الكرباج، مارسنان، الافكار، الحياة الادبية، الطب الحديث، المصباح، العصا لمن
مجلة المضحك المبكي
عصى، مجلة الاعلانات السورية، النهضة السورية، مجلة الاحد، العالمان، الدنيا، المقتبس، المضحك المبكي، لو زيكو ( باللغة الفرنسية)، لسان الاحرار، النظام، الصباح، السياسة، الدستور، الشورى، الحسام، الشعلة، الطليعة، القضاء، الليالي، افنون الجميلة، الانسانية، الجامعة الاسلامية، كوميديا، مجلة الآثار المفيدة، الأحداث، ، الاسبوع المصور، مجلة أعظم حاجة الانسان، انوار، الاوقاف الاسلامية، مجلة البعث، البكالورياوالسرتفيكا، التمدن الاسلامي، الثقافة، الثقافة الموسيقية، جلسات المجلس النيابي السوري، مجلة الجندي، الجورنال الاسبوعي، الحياة الزراعية، دمشق، الصباح، المجلة الزراعية السورية، الشروق، الصدى الاقتصادي، الصرخة، العندليب، الفضلية، الفكر، القلم، كل جديد، المعرفة، مجلة المرأة لسان الطلبة، المعلمون والمعلمات، مجلة معهد الحقوق العربي، المناهج، الناقد، النشرة الاقتصادية لغرفة تجارة دمشق، النشرة الرسمية للغرف الصناعية السورية، نقابة المحامين، اليقظة العربية.
في مدينة حلب
مجلة الشركة الزراعية، الشعلة، النشرة الشهرية لغرفة التجارة بحلب، حديقة التلميذ، الكشاف العربي، الجريدة الزراعية، مجلة المحاماة، المجلة الحقوقية، مجلة القربان المقدس، الرحمة، الحديث، الفجر، الاعتصام، الجامعة الاسلامية، رسالة العمال، الشهباء، الضاد، الطفل، الكلمة، العاديات السورية، النشرة السورية لدار الايتام الاسلامية.
في مدينة اللاذقية
مجلة ماشي الحال
العلوي، مجلة الابحاث القضائية، النشرة الاقتصادية، النور، المرشد العربي، الأماني.
في مدينة صافيتا وقلعة القدموس
التجديد، الباستيل الجديد.
في مدينة حمص
جادة الرشاد، دوحة الميماس، الأمل، البحث.
في مدينة حماه
المجلة البيطرية، الزراعة الحديثة، الوحي، المرأة، النواعير.
تقع هذه الساحة في وسط المدينة اليوم في ساحة تدعى بهذه التسمية، وكانت تقع وسط مدينة دمشق آنذاك، عند توسعها وخروجها خارج دمشق القديمة اواخر القرن 19…
نبذة تاريخية
كان هذا المكان بالأمس في اواخر القرن 19 والربع الاول من القرن 20 ، ملاذاً صيفياً وللترويح عن النفس لأهل الشام، وخاصة سكان محلة سوق ساروجا القريبة حيث يلجأون الى مصيفهم القريب هرباً من الحر الشديد في فصل الصيف.
كان سكان محلة سوق ساروجة (صاروجة- اسطنبول الصغيرة) حيث القصور وسكن علية القوم من عثمانيين ووطنيين، كانوا يقصدون هذه المنطقة الخضراء لطيب هوائها وكثافة أشجارها، خاصة بستان “عين الكرش” الذي نسب إلى نبع “عين الكرش” ذي المياه الصافية، الذي غذت مياهه العديد من البحيرات التي وجدت في تلك المنطقة، قبل الغزو العمراني الذي أصابها، لتستبدل اليوم بمضخات آلية لتغذية حديقة وبحرة “السبع بحرات”.
النصب الاول للسبع البحرات عام 1925ساحة الكابتن ديكار بانتري
تعود البدايات الأولى لنشأة ساحة السبع بحرات إلى عهد الانتداب الفرنسي وتحديداً إلى عام 1925، فمع دخول القوات الفرنسية الى دمشق بعد معركة ميسلون في 24 تموز 1920 وسلطات الانتداب سعت لتوسيع الطرق القديمة وفتح طرق جديدة، لتسهيل نقل العتاد وحركة فرقها العسكرية، وبنفس الوقت للحد من نشاط الثوار، ومن أبرز تلك الشوارع كان شارع بغداد الذي شق عام 1922م، ولتوصيل الجرحى من القوات الفرنسية الى المستشفى الافرنسي في القصاع الذي احدث بموافقة خطية من السلطان عبد الحميد وفيه سمح لراهبات القديس لويس الفرنسيات لانشاء هذا المستشفى العام 1904).
وأنشئت هذه الساحة التي تعرف اليوم شعبياً “بساحة السبع بحرات” إبان الثورة السورية عام 1925م، وأطلق عليها اسم الضابط الفرنسي الكابتن “ديكار بانتري” قائد فرقة الهجانة الفرنسية (حرس البادية) الذي قتله الثوار في المكان ذاته عام 1921.
حيث أمر المفوض السامي الفرنسي الثالث على سورية ولبنان الجنرال “موريس بول ساراي” ، ببناء نصب تذكاري تخليداً لذكرى الكابتن “بانتري”، عبارة عن قبة محمولة على أربعة أعمدة تنتهي بأقواس، على شكل محراب من الحجارة الأبلقية (تناوب الحجارة بين اللون الأبيض والأسود).
توسط الساحة هذا النصب التذكاري وأحاطت به بحراتٍ سبع متضائلة الحجم وصولاً إلى البحرة الرئيسة، وقد صُممت على طراز عمائر إسلامية، ووضع على النصب لوحة رخامية كتب عليها باللغتين العربية والفرنسية “ذكرى الكابتن ديكار بانتري ورجال فرقته الهجانة”.
وبعد جلاء المحتلون الفرنسيون عن سورية في 16 نيسان 1946 أصدر رئيس الجمهورية آنئذاك المغفور له “شكري القوتلي” تعليمات لإزالة النصب الفرنسية من الشوارع، وبناءاً عليه أصدر المجلس البلدي في دمشق القرار رقم (5/1) الذي تضمن “إلغاء الأسماء الفرنسية لشوارع دمشق وتبديلها بأسماء عربية، وإزالة كل نصب تذكاري إفرنسي من شوارع وساحات المدينة. وقام الجماهير الدمشقية الفرحة بتحطيم هذا النصب تجاوباً مع هذه التعليمات وهي غاية في الخطأ.
سميت الساحة عام 1946م “ساحة 17 نيسان” تخليداً لذكرى الجلاء، وصارت رمزاً لانتصار الوطن على المحتل الافرنسي.
وفي عام 1973م سميت باسم “ساحة التجريدة المغربية” تيمناً باسم الكتيبة العسكرية المغربية التي شاركت في حرب تشرين التحررية ضد العدو الصهيوني، وكانت قد أبلت بلاء رائعاً في قتالها في الجولان منطقة القنيطرة ودحرت العدو الصهيوني في هذا القطاع وقد استشهد معظم جنود هذه القوة المغربية، ولكن ظل الاسم المتعارف عليه بين الدمشقيين “ساحة السبع بحرات”.
نبذة واقعية
وطرأ على محيط الساحة منذ نشأتها، وحتى اليوم، العديد من التغييرات، وشيد على جنباتها العديد من المباني آخذة مكان البساتين والبساط الأخضر الذي كان يزين دمشق، من هذه المشيدات جامع “بعيرة” الذي أنشأه الحاج أبو راشد بعيرة عام 1938م، وسمي الجامع باسمه ودفن فيه، وأيضاً شيد مبنى عند بداية شارع 29 أيار (اتحاد الحرفيين السوريين) زمن الرئيس القوتلي، وتوجد بطبقاته الأربع مكاتب المسؤولين عن الجمعيات التي تعنى بأصحاب الحرف (اليوم)، وهو بناء جميل مكسو بالحجر الابيض والزخارف المنحوتة، وداخله فسيح ومكاتبه من الفنون الخشبية الدمشقية الشهيرة، وكان بداية هو “ديوان المحاسبات” او”الجهاز المركزي للرقابة المالية”، ومبنى إذاعة دمشق الذي كان المقر الأول لها منذ احداثها، وقبل انتقالها إلى مقرها الشهير في شارع النصر، ومنه إلى ساحة الأمويين، ومبنى “الطابو” الذي ظل يشغله حتى أواخر القرن الماضي قبل أن ينتقل إلى شارع الثورة، وطبعاً بناء “مصرف سورية المركزي”، الذي أنشئ بموجب المرسوم التشريعي رقم (87) تاريخ 28 آذار عام 1953م، الذي استغرق بناؤه ثلاث سنوات نفذ التصاميم المهندس “خليل الفرا”، ليباشر المصرف نشاطه في الأول من آب 1956م.
ساحة السبع بحرات ومحيطها والشوارع المتفرعة عنها اليوم
أما أهمية تلك الساحة غير مقتصرة على توسطها أربع ساحات دمشقية هي: “يوسف العظمة، وساحة عرنوس، وساحة الشهبندر، وساحة التحرير”.
بل تتعدى ذلك إلى الشوارع الستة المركزية التي تتفرع منها الذي يعود تواريخ تأسيسها إلى أواخر القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، أولها شارع 29 أيار الذي شقفي عام 1925، سمي بذلك نسبة إلى العدوان الفرنسي على دمشق في 29 أيار 1945، واستشهاد حامية البرلمان من الشرطة والدرك وهذا اليوم 29 ايار حدد لذلك عيداً للشرطة.
وشارع بغداد الذي يصل هذه الساحة بساحة التحرير، وأيضاً شارع العابد الذي فتح في ثلاثينات القرن العشرين وينتهي بساحة البرلمان، سمي نسبة إلى أول رئيس للجمهورية السورية في عهد الانتداب الفرنسي “محمد علي بك العابد” رئيس سورية بين عام 1932 وعام 1936.
ويتفرع عن الساحة شارع الباكستان الذي ينتهي بساحة عرنوس، الذي تأسس في بدايات القرن العشرين وكان يطلق عليه اسم “شارع المصدراني”.
وشارع الشهبندر الذي شق إبان الحرب العالمية الثانية، وسمي باسم الدكتور عبد الرحمن الشهبندر أحد الشخصيات البارزة في تاريخ سورية الحديث.
واخيراً شارع جول جمال وهو الطالب البحري الشهيد جول جمال ابن بلدة المشتاية في وادي النصارى واستشهد في قناة السويس بعدما فجر زورق الطوربيد الذي كان يقوده في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، هذا الشارع الذي شُق في خمسينات القرن الماضي ويلتقي مع شارع مرشد خاطر عند مبنى وزارة المالية الذي أقيم فوق ساحة كان يشغلها مدينة ملاه فرنسية في فترة الانتداب الفرنسي.
اذن كانت هذه المنطقة هي التي يحلو لسكان سوق ساروجة وكلهم من كبار العائلات والموظفين المدنيين الاتراك وكبار الضباط في القوات العثمانية.
يرى الكثيرون أن وراءها هي الماسونية و هدفها ان يشترك الاسلاميون في الثورات العربية ثم يقوموا بتجربة الديمقراطية فيتم نجاحها وان هذا قد يضيع مستقبلهم وهويتهم فلا يتذكروا الاجيال القادمة من بعدهم فعليهم ان يحافظوا على هوياتهم وان يقولوا بأعلى صوت لا للديمقراطية …
المهندس اليهودي الصهيوني برنار هنري ليفي الافرنسي
والسؤال الثاني والأخطر ما هي الماسونية ؟؟
نبذة بسيطة عن الماسونية علماً انها تكتب عنها كتب كبيرة
الماسونية لغة تعني:” البنائون الاحرار” …
وفي الاصطلاح هي منظمة سرية كبيرة أو مجموعة من اليهود وتكون في سرية تامة تسيطر على العالم وتعمل على افساد دينهم وحياتهم والعمل على الاباحية والالحاد. ان المنظمة الماسونية تكون شعاراتها خداعة لجذب العالم اليها فتكون هذه الشعارات ” اخاء – انسانية – حرية … ” و تكون في هذه المنظمة نخبة من الشخصيات المرموقة يقوموا بتوثيق العهود للحفاظ على اسرارهم ليقوموا بتخطيط مهمات لحفظ ماتسمى “الجمهورية الديمقراطية” ولتحقيق حكومة تسمى “لا دينية عالمية” ولذلك استقطبت اعداد كبيرة من العظماء العالميين بمن فيهم كبار رجال الدين الاسلامي والمسيحي الذين لم يكونوا يعرفون حقيقتها وتخلوا عنها وكثيرون كتبوا ضدها وتعرضوا للاغتيالات.
من ابرز الشخصيات التي قامت بتأسيس هذه المنظمة:
مؤسسها الملك هيرودس أغريباس، وهو اهم ملوك اليهود زمن الاحتلال الروماني لفلسطين وقام بمساعدته مستشارين هما: – حيران أبيود : نائب الرئيس – موآب لامي: امين السر
الوجه الحقيقي للماسونية
تدمير اورشليم السنة 70 م
نشأت الماسونية كحركة باطنية بعد تدمير اورشليم وقيام الرومان بسحق ثورة اليهود عام 70 للميلاد بقيادة القائد الروماني الشهير تيطس، وقد قام بحرث أرض اورشليم بالمحراث لئلا تقوم دولة بعد ذلك لليهود، وبعد ان قام بتدمير اسوارها الحصينة وقد ساق الرومان في موكب النصر الى روما سيراً على الاقدام الشبا ب والبنات اليهود الاحياء كعبيد واماء… بعدما قضى في مجاعة الحصار كبار السن والنساء والاولاد…
في صفوف هؤلاء نشأت الماسونية، وتغذت باليهود المطرودين من الاندلس بعد سقوط الحكم الأموي، بعد طرد العرب آخر ملوك بني الاحمر من غرناطة من الاندلس، وانكشاف اليهود المسيطرين على الحكم الاسلامي في الاندلس وقد اجبر اليهود على اعتناق المسيحية ان بقوا في اسبانيا وذلك بسبب كره الاسبان الشديد لليهود بعكس الحكم الاموي في الاندلس الذي ميزهم وانتعشوا وصارت كل المكانة لهم وتولوا المناصب الحكومية وخاصة بيت المال… وهؤلاء كانوا يسيطرون على المال والطب و… لذا انتموا بدورهم لهذه الحركة اليهودية الباطنية، للماسونية وتسموا بأسماء مختلفة منها “رفاق بال”… وانتشروا في كل اوربة ثم انتقلوا الى العالم الجديد وسيطروا على مقدرات اميركا الشمالية المالية…
برنار ليفي اليهودي الصهيوني مهندس ماسمي ثورات الربيع العربي وهو ينفذ مؤامرة الصهيونية واسرائيل
منذ البداية كان هدف الماسونية تقويض المسيحية لذا تغلغلوا في الكنائس وبين اوساط الاكليروس والعلمانيين الوجهاء في هذه الكنائس، ثم دخلوا اساساً في الاكليروس البابوي وصار من الكرادلة عدد كبير منهم، لذا كانت اول انجازاتهم الحصول على اعتراف من البابا بولس السادس منتصف السبعينات في القرن العشرين بتبرئة اليهود من دم السيد المسيح ، وكانوا قبلاً قد ركبوا موجة ماسمي الاصلاح البروتستانتي في الكنيسة اللاتينية منتصف القرن الرابع عشر فكان لهم دور كبير في ذلك لتدمير المسيحية الغربية وشقها وقد نشأت تبعاً لذلك الكنائس البروتستانتية وخاصة منها المتهودة…
لم يفلحوا بتشكيل خطر على الكنيسة الارثوذكسية بسبب حصانة تعاليمها والمجابهة الطاحنة التي قوبلوا بها ولكنهم استطاعوا استمالة ابناء منها والكنائس الاخرى الى الكنائس البروتستانتية او الدكاكين المسماة كنائس وسجلت الرقم 700 دكان في الولايات المتحدة، وهي مغذاة بالمال الماسوني لذا هي غنية جداً كشهود يهوه والسبتيين وهي والصهيونية وجهان لعملة واحدة…
معتقدات الماسونية
أول الأفكار والمعتقدات التي يحاولوا القيام بها
العمل على تدمير الاديان، وبالتالي تدمير الاخلاق لدى البشر لجعلهم مطايا لبني صهيون واليهودية، عبر إباحة الجنس بينهم و يستعملون المرأة كأداة للسيطرة…
الماسونية والصهيونية وجهان لعملة واحدة
– القيام بتسليح ااطراف الصراع وتحفيزهم لقتال بعضهم كما في لبنان وسورية والعراق واليمن وليبيا والجزائر قبلاً…
– الشخص الذي يرغب بالانضمام اليهم يقومون باقرار شروط عدة عليه منها ان يبتعد عن دينه واخلاقه ولو طلبوا منه اغتيال اخيه فعليه التنفيذ تحت طائلة تصفيته ان لم يقم بذلك…
– سيطرتهم على الشخصيات المشهورة والبارزة من جميع الاختصاصات لتكتمل اعمالهم –
الشخص التي تم الاستفادة منه واخذ كل ما يريدون ولم يكونوا بحاجتهم يتخلصون به في اي وسيلة
– يدعون الشباب والشابات ان يدخلوا في الرذيلة وان يقوموا بالمحرمات الممنوعة في الأديان واباحة الاتصال بالمحارم ويقوموا بتخريب الرباط الأسري وما يبث في النت ووسائل الاتصال عن جههاد المحارم وهو الذي دعت اليه كل الحركات التكفيرية المتخفية بالاسلام .
– يدعون الى العقم ويقومون بتحديد النسل لدى الاديان الأخرى
واقع من هيأ للربيع العربي
– الشخص الذي يعارض على شيء ما يقوموا بتدبير فضيحة عالمية له ويكون مصيره القتل…
كانت ادواتها مادعي الربيع العربي وهؤلاء بعض قادته وادواته…
ابرزهم برنار هنري ليفي اليهودي الفرنسي كرأس حربة للكيان العبري ونتنياهو ومعه آل سعود الوهابيين من يهود الدونما، وآل تميم الصهاينة المستترين بالاسلام ومعهم القرضاوي شيخ شيوخ الفتنة مع المفتين السعوديين واردوغان سليل يهود الدونما مع معلمه الاساس كمال اتاتورك…
قلة من هم الذين لعبوا دوراً في التاريخ فوثق اسماءهم وأفعالهم، في كرسينا الانطاكي المقدس… العديد من هؤلاء الأفذاذ وخاصة في العصر الحديث وبدون ادنى شك كان منهم علمنا خلال فترة طويلة من عمر مطرانيته منذ 1925 الى 1982
المتروبوليت ابيفانيوس زائد
ابيفانيوس زائد مطران بشخصية قيادية فذة لعبت شخصيته دوراً مثيراً للعجب في كرسينا الانطاكي المقدس في اندفاعته، وطموحاته، حققت ايجابية كبيرة عنه عند البعض من المعاصرين والمؤرخين والدارسين،وعند البعض الآخر اوقعت مضار كبيرة لفترة طويلة…
نحن في تدوينتنا هذه آثرنا فقط، أن نفي هذه الشخصية المتميزة بكل شيء حقها، لجهة مواصفات صاحبها الروحية والوطنية ومواهبه الفنية في المجالات كافة…
ولسنا هنا في صدد البحث في مايراه البعض من السلبيات، فلهذه الشخصية المثيرة للعجب مكانتها التي لاتُقَّدَّر، ليس لعدم مقدرة منا في ذلك، ونحن نمتلك كل المعلومات، مايتيح لنا ذلك بسهولة، ولكننا لا نؤثر ذلك، ونتركها لمن يريد الدخول في العمق اكثر…ولتبقى دراسته في مجال الدراسات الاكاديمية الخاصة التي ليست للنشر…
مع قناعتنا المطلقة ان مايراه احدنا سلبية يراه غيره منتهى الايجابية، والعكس صحيح…
البطاقة التعريفية
هو خليل بن موسى زائد، وبالتالي هو الولدهو الولد الوحيد لموسى يوسف زائد، وورده الخوري سليمان، ولد في دير عطية في الرابع من آب عام 1890
وقد أخذ عن والده التقوى والوفاء، وعن امه النشاط والذكاء، وترعرع بين اترابه يتغنى بذكر قريته ويتفاخر بمحاسنها وقد تركت في نفسه اطيب الأثر في الشعر والادب كما سيتجلى لاحقاً
بلدة دير عطية مطلع القرن 20
بلدته دير عطية
ديرعطية كانت وقتها مجرد قرية صغيرة من قرى القلمون الغربي، وتبعد عن مدينة دمشق باتجاه الشمال نحو80كم، وهي قرية جميلة من قرى جبال القلمون الواقعة شرقي سلسلة جبال لبنان الشرقية، والمؤلف قسماً منها، والممتد من البريج شمال قارة الى الدريج جنوب صيدنايا
ويرتفع عن سطح البحر من الألف الى الثلاثة آلاف متر. نقي السماء، جاف الهواء، عذب الماء، كان وقتها لايقل عدد سكانه عن المائة الف نسمة، وقد صارت مرتفعاته وشعابه وثناياه عارية جرداء، باستثناء بعض الاشجار، لكثرة الرعي الجائر من قطعان الغنم والماعز، أما أرض المنطقة فصفراء ملحة يكثر فيها الأشنان والحرمل والغضا والقيصوم والخزامى، وتتولد فيها بنات أوبر اي الكمأة، حينما يرويها المطر في الخريف والربيع…
المنطقة يقصدها المصطافون درءاً للحرارة المرتفعة، وطالما تغنى بها الشعراء حيث قال الشاعر
” إذا هاجت الرمضاء ذكراك برَّدت……… حشاي كأني بين قارة والنبك
اما علمنا الشاعر فقال في وصف بلدته ديرعطية
بلدة ديرعطية مطلع القرن 20
وماؤك ماء صدَّا من تصدّى………..لشرب زلاله عزّ الفطام
معظم بلدات وقرى القلمون تجري المياه من ينابيعها العميقة، بواسطة الأقنية القديمة الممتدة من الأراضي القريبة او البعيدة، للشرب والري وتوجد ايضاً ينابيع كثيرة، تتدفق من الصخر، كما هي في قاره، ودير عطية، والنبك، ويبرود، ومعلولا، وصيدنايا…
اما في ديرعطية فكان فيها نهر صغير ينبع من شمال النبك ويتخلل أراضيها بين الحور والصفصاف والاشجار المثمرة على اختلافها
قال فيه الشاعر المطران ابيفانيوس منذ حداثته
” يروي أرضها نهر صغير…………..تطيب على جوانبه المدام”، وموضوع كتاباته، ومنطلق عواطفه وأشعاره الأولى.
هذه القرية وماجاورها من المشاهد الجميلة، ملأت مخيلة الفتى، فكانت مجلى أمانيه لذلك يُروى عن علمنا قوله انه عندما خرج من بلدته الى الدراسة في البلمند كان يحفظ المئات من الاشعار المختلفة وبقي يرددها حتى انتقاله الى الاخدار الالهية…
ونعود لنؤكد ان بيئة قريته والمنطقة اسهمت في تكوين شخصية علمنا.
دراسته
تلقى تعليمه الأولي في المدرسة الارثوذكسية في ديرعطية، التي كانت قد طورتها الجمعية البطريركية
كنيسة السيدة العذراء الأرثوذكسية في بلدة دير عطية وكان ملحقاً بها مدرسة البلدة الابتدائية
الفلسطينية الروسية الارثوذكسية كبقية مدارس الجمعية في بلاد الشام، وكانت ديرعطية ومنطقة القلمون تتبع برمتها الى ابرشية سلفكياس ( زحلة وبعلبك والبقاع، وصيدنايا ومحيطها معرة صيدنايا ومعرونة، ومعلولا محيطها ودير عطية والنبك ويبرود وقارة، والزبداني وبلودان ووادي بردى وتولت البطريركية في دمشق ادارة هذه المدارس في دمشق وابرشيتها.
درس الابتدائية في مدرسة البلدة الارثوذكسية، وكانت تعنى بتعليم الاولاد مبادىء الايمان المسيحي الارثوذكسي، واللغة العربية النقية، والحساب، وحفظ المنتخبات من الاشعار الأدبية والحكمية، عدا مختصر الكتاب المقدس ن وتفسير الخدمة الالهية، والتراتيل والأناشيد الكنسية…
رحلته الى دمشق وحياته الاكليريكية الأولى
في اول يوم من ايلول 1904 سافر الفتى خليل ابن 14 سنة صحبة والده الى دمشق سالكين طريق النبك ويبرود ومعلولا وصيدنايا على ظهر دابة – حسب العادة- فوصلا معلولا مساءواجتازا الفج وعلى مايبدو انهما امضيا الليلة في دير القديسة تقلا البطريركي.
دير مار تقلا في معلولا
في صباح اليوم الثاني واصلا السفر نحو دمشق عن طريق صيدنايا والمعرة، وقي المساء وصلا الى دمشق، وكانت دمشق المدينة القديمة المحاطة بأسوارها التي بهرت الفتى خليل، وبعد يومين اي في صباح السبت ذهب ووالده الى المريمية للاشتراك في الصلاة، فوقف مع المرتلين، وتلا فصل الرسائل اليومي، بصوته الشجي الرخيم، فلفت اليه انتباه مثلث الرحمات البطريرك ملاتيوس الدوماني الدمشقي (1898-1906) الذي كان في الهيكل يسمع القداس الالهي، فطلب من أحد الكهنة ان يحضر اليه بهذا الفتى ووالده في الصرح البطريركي لمقابلته، فلما حضرا ولثما انامله، قال غبطته للفتى خليل بعدما سمع منه أناشيد كنسية:
” هل تريد يابني أن تذهب وتتعلم في مدرسة البلمند الأكليريكية(1) التي فتحتها وتصير بعد ذلك مطراناً؟ فأجابه الفتى خليل: نعم اريد.فقال غبطته لأبيه: “ادرس ياولدي هذه الفكرة مع اسرتك وأحضر الصبي في آخر هذا الشهر اذا وافقتم على سفره.”
واجهة مريمية الشام
وهكذا كان، فالصبي أراد الاذعان لمشيئة البطريرك ملاتيوس، رغم بكاء امه التي صعب عليها كثيراً أن تفارقه، فسافر مع رفاقه المبتدئين الى دير البلمند، ودخل المدرسة الاكليريكية. وبعد نصف سنة أُلبس الثوب الأسود، وكان من المتفوقين بين أقرانه في العلوم الدينية والادبية وفي الموسيقى والشعر.
بعد انتقال البطريرك ملاتيوس إلى الأخدار السماوية عام 1906 بالسكتة الدماغية، عاد الفتى المبتدىء خليل الى دمشق / الدار البطريركية والتحق بخدمة البطريرك غريغوريوس الرابع حتى العام 1909، وتنفيذا لتوجيه غبطته بقي يتردد نحو نصف سنة على زحلة بأمر غبطته، و ليساعد مطران سلفكياس ( وكانت القلمون تتبع لأبرشيته) المتروبوليت جرمانوس شحادة في بعض الشؤون.
دراسته
إذن تلقى خليل تعليمه الأولي في المدرسة الارثوذكسية في البلدة التابعة لكنيسة بلدة ديرعطية، التي كانت قد طورتها الجمعية البطريركية الفلسطينية الروسية الارثوذكسية كبقية مدارس الجمعية في بلاد الشام، وكانت ديرعطية ومنطقة القلمون تتبع برمتها الى ابرشية سلفكياس (زحلة وبعلبك والبقاع، وصيدنايا ومحيطها معرة صيدنايا ومعرونة، ومعلولا محيطها ودير عطية والنبك ويبرود وقارة، والزبداني وبلودان ووادي بردى) وتولت البطريركية في دمشق إدارة هذه المدارس في دمشق وأبرشيتها.
البطريرك ملاتيوس الدوماني
ثم تابع تعليمه في مدرسة الآسية البطريركية في دمشق، ثم التحق بالمدرسة الاكليركية في دير البلمند قرب طرابلس.
سفره الى روسيا للدراسة
في عام 1909 أرسله البطريرك غريغوريوس حداد إلى روسيا دير القديس سرجيوس “زاغورسك” قرب موسكو والمحتوي على اكاديمية موسكو الروحية، ليدرس التصوير الكنسي وغيره فتعلم الروسية، وأحرز شهادة التصوير الكنسي، وبعد سنة ونصف عاد الى سورية ليشاهد اهله ويرجع بعدها الى موسكو، للدخول في مدرستها الفنية العليا
شموسيته
في تلك الفترة كان البطريرك غريغوريوس في قرية الكفير، فكلف مطران سلفكياس جرمانوس ان يرسمه شماساً انجيلياً فتم ذلك في 24/أيلول / 1911 يوم عيد القديسة تقلا ودعي أبيفانيوس اي ظاهر.
سفرته الثانية الى موسكو
سافر ثانية إلى موسكو لدراسة الفنون الجميلة في الأكاديمية العليا بأمر من غبطته، وكلفه خدمة الأمطوش الأنطاكي كشماس، ومساعداً لرئيسه الارشمندريت أنطونيوس مبيض، فنجح في امتحان القبول في هذه المدرسة، وكان الثالث من الطلاب الثمانية والعشرين المقرر يقبولهم في تلك السنة، من المتقدمين الكثيرين للامتحانات، فنجح وتفوق بكل دروسه في مدرسة النقش والنحت والتصوير العليا في موسكو، واشترك في المعرض السنوي للمدرسة، وبيعت لوحاته، فسر بالشهرة والفائدة، ولم يعد في حاجة كالسابق للأشياء الضرورية، ويحتار من أين يتدبر أمر المال اللازم لشرائها، اذ صار في إمكانه ذلك.
في دمشق مجدداً
البطريرك غريغوريوس حداد
في اول صيف عام 1914 عاد إلى سورية للاستراحة والاستجمام، ومشاهدة الأهل والأصدقاء، وتصوير ما امكنه من المناظر الجميلة، ليبيعها هناك، ومن ثم العودة إلى روسيا، بيد أن نشوب الحرب العالمية الثانية حال دون عودته.
اثناء وجوده في الوطن، وعدم تمكنه من العودة الى روسيا، بقي هو في البطريركية بدمشق بخدمة البطريرك غريغوريوس الرابع، وكان يوفده الى حيث ثمة حاجة الى وجوده حتى انه اوفده (2)الى دير القديس جاورجيوس الحميراء البطريركي وساعد رئيسه ورهبانه ومنهم المبتدىْ ايوب سميا(3) من مكافحة جائحة الجراد المخيفة التي ضربت سورية عامة ومنطقة وادي النصارى واراضي الدير ولم يبق الجراد لا أخضر ولا يابس، حتى انه ملأ بيوت السكان وغرف الدير، حيث اشار عليهم ان يتم حفر حفر كبيرة في كل مكان لمكافحة الجراد وطمره اعتماداً على خبرته في بلدته ديرعطية، في نشأته حداثته، وما اكتسبه بعدها خلال وجوده في روسيا.
في دمشق ودير الحميراء وفي كل مكان اُوفد اليه، انكب على الدراسة وتصوير الايقونات، وبقي في حركة دائبة وفق رغبة غبطته الى أن حطت الحرب أوزارها في عام 1918.
وكان خلال هذه المدة يتحين فرصة مناسبة، ليعاود سفره، ويحقق آماله، إلا ان الثورة الشيوعية التي اندلعت عام 1917 حالت دون بلوغه غايته المنشودة، فبقي في الوطن في حاشية البطريرك غريغوريوس، فرقاه الى رتبة “ارشيدياكون” رئيس شمامسة الكرسي الأنطاكي، وأخذ يعلم الأدب العربي والرسم واللغة في المدارس الارثوذكسية في دمشق بمحلة الميدان، وادار مدرسة القديس حنانيا الرسول في الميدان. فنبغ ذكره وذاعت شهرته والف “جمعية الرابطة الأدبية في دمشق”، بالاشتراك مع نخبة من كبار أدباء بلاد الشام، وهم خليل مردم بك وقد ترأس المجمع العلمي العربي فيما بعد، وعبد الله النجار، وشفيق المعلوف، وحليم دموس، ولبيب الرياشي، وماري عجمي، ونجيب الريس، ومحمد الشريفي، وعبد الرحمن الشهبندر، ومصطفى الشهابي، وفخري البارودي وغيرهم.
الكرملين والساحة الحمراء في موسكو
عضوية المجمع العلمي العربي ( مجمع اللغة العربية)
وفي عام 1924 انتخبه المجمع العلمي العربي، برئاسة العلامة محمد كردعلي رئيس “ديوان المعارف”، عضوا في لجنة الفن والترجمة، فنظم كثيراً من الأناشيد للمدارس والنادي الارثوذكسي برئاسة الأديب توفيق قندلفت، وغيرها من الأناشيد الوطنية المعروفة، مثل:
“يابني قومي صعوداً” و” سورية يامهد السلام” و” بروحي الشام أفديها” و” ظبية الأنس اليَّ” و” نفديك سورية يابهجة الشرق” و ” زينة الانسان علم”و….
وقد استحوذ على اعجاب امير الشعراءأحمد شوقي حينما تعرف عليه في بيت خليل مردم بك فقال عنه:” لعله الأخطل”…
مطرانيته على حمص
وفق الشهادات الشفهية، زار البطريرك غريغوريوس الرابع مدينة حمص في عام 1924(4) زيارة رعوية لتفقد أحوال رعيتها بعد انتقال مطرانها المؤبد الذكر اثناسيوس عطا الله (الموصوف بالقديس) الى الاخدار السماويةعام 1923وكان معه في حاشيته الارشيدياكون ابيفانيوس، فأعجب الحمصيون بصوته وأدائه الملفت بالترتيل، وهم يعشقون فن الترتيل والموشحات والاصوات الجميلة كالحلبيين، فبدأوا بالطلب من غبطته ان يقيم عليهم ابيفانيوس مطراناً لحمص خلفاً لمطرانهم القديس.
مطران حمص اثناسيوس عطا الله
استمهلهم للدراسة تارة، وتارة بقوله ان مرشحهم صغير السن ونزق، لكنهم اصروا عليه حتى انهم جاؤوا من حمص وفق قوله ب(40) باصاً كبيراً عدا بعض السيارات الصغيرة (رغم قلتها في ذاك الوقت) وكان بينهم اعضاء المجلس الملي الأرثوذكسي الحمصي، وحتى من اصغر الطبقات في المجتمع الارثوذكسي الحمصي، وتتالت الوفود وضمت كل الفعاليات الحمصية وكلها تطالب بإلحاحٍ البطريركَ والمجمعَ المقدس بالشماس ابيفانيوس مطراناً عليهم، واستعصوا سلمياً في دار البطريركية بدمشق مصّرين عليه منتخباً وحيدا لا يرشحون غيره على مطرانية حمص.
عندها لم يجد البطريرك غريغوريوس بداً من تنفيذ رغبة أهل حمص، وانتخبه المجمع الانطاكي المقدس في 28/آب عام 1925 مطراناً على أبرشية حمص.
حالت “الثورة السورية الكبرى 1925- 1927” دون شرطونيته فتأخرت الى يوم الخميس اول العام 1926، وتمت المراسم في “الكاتدرائية المريمية” بوضع أيدي البطريرك غريغوريوس وباسيليوس الدبس مطران عكار، والكسندروس طحان مطران طرابلس، وحضور رسمي سوري وافرنسي من الحكومتين الوطنية والمنتدبة وكبار اعضاءالمفوضية الفرنسية العليا، وجماهير الشعب وخاصة الشعب الحمصي.
دخوله حمص
كان الحضور الارثوذكسي الحمصي ذاته لجهة الضخامة ذاتها من الذين الحوا عليه مطراناً، ومن الذين حضروا رسامته وتنصيبه في مريمية الشام، وهم الذين واكبوه الى حمص بعد يومين من رسامته، وقد دخلها دخول الفاتحين، بمظاهرات فرح صاخبة من مدخل حمص الى أحياء حمص القديمة، وبستان الديوان حيث دار المطرانية وكاتدرائية حمص، بالشموع والصليب والمراوح والمباخر، وصلى صلاة االشكر في “كاتدرائية الاربعين شهيداً” برفقة موفدي غبطته من مطارنة عكار وطرابلس… والاكليروس، واكليروس الطوائف الأخرى هناك شكر للشعب الحفاوة وأعلن لهم شعاره المثلث: “الصليب والكنيسة والوطن.” وشرح لهم خطة عمله فتعلقوا به أكثر فأكثر.
كاتدرائية الاربعين شهيدا الارثوذكسية في حمص
وقد وصفته الآنسة الفرنسية بوللو في كتابها عن الشرق ما ترجمته: “إن المطران الجديد وسيم الطلعة يشبه الصور التي إلى جانب باب الهيكل” تقصد في ذلك ايقونات الايقو نسطاس.
منذ اللحظات الاولى لمطرانيته شمر عن ساعد الجد، وأضاف إلى أعمال سَلفه المطران اثناسيوس عطا الله المبرورة إحداثات وتحديثات وإصلاحات وإضافات شملت الأوقاف والمدرسة ودار المطرانية، ثم اشترى بمساعدة الرعية خان الحميدية وجدده، وبنى المنازل فوقه، وبنى الميتم في الحميدية …الخ
أكمل كنيسة القديس أنطونيوس في حي باب السباع، وأصلح الايقونسطاس في كنيسة القديس جاورجيوس في محلة الحميدية وجدد مدخل دارها.
وبتوجيهه بُنيت كنائس المشرفة والوريدة وقطينة التي بنى داراً للكاهن قربها، وأكمل كنيسة الدوير، وغير ذلك من الانجازات، وفق روايات الناس وشهاداتهم الشفهية.
أصبح بعد ذلك مطراناً على أبرشية اللاذقية لفترة مؤقتة بعد خلافات مع فريق من رعيته، ومع البطريرك الكسندروس، وأسس مادعاه “الكنيسة السورية المستقلة” التي وُجد لها انصارٌ كثر وخاصة في محلة الميدان بدمشق الذين تتلمذوا عليه في مدرستها…
البطريرك الكسندروس طحان
وأخيراً تولى أبرشية عكارفي كانون الأول 1941 وبمرافقة من مطران بيروت ايليا الصليبي والاسقف فوتيوس خوري ووفود اللاذقية وحمص وعكار دخل الى حلبا مركز ابرشيته، والقى الارشمندريت توما المعلوف كلمة سيادته البليغة وفيها ابدى استعداده لخدمة ابرشيته ورعاياها، داعياً الرعايا الى الالتفاف حوله.
انصرف الى العمل لإعمار أبرشيته الجديدة بدءاً من دار مطرانيته الفارغة من كل اللوازم، واستكمال أثاثها ولوازمها، إلى القيام بالإصلاحات الضرورية في البلدة من طرق ومركز هاتف، والعبارات الموصلة للمطرانية، ووسع محيط دار المطرانية وشَّجره بالاشجار المختلفة، وجدد القسم الغربي من المطرانية ثم القسم الشرقي …
وكذلك قام بالإصلاحات اللازمة في “دير مار الياس الريح في الصفصافة”، ورمَّم أبنيته المتداعية وغرس 3000 شجرة زيتون في أراضيه، وجدَّد سقف الكنيسة وبلطها وصنع أيقونسطاساً جديداً لها، وأنار الدير بالكهرباء، وحفر بئراً له لضخ المياه، ولسقاية اراضي الدير وجعله مقره الصيفي في القسم السوري من عكار.
كما أصلح الطابق العلوي الجنوبي واضاف اليه من الغرب رواقاً كبيراً وصب السقوف كلها بالاسمنت…
كذلك حرر أراضي دير مار ضومط في مقعبرة، ومسحها وقيدها في السجل العقاري وقفاً، واعاد بناء الدير بعدما هدمته أحداث الايام، وشق اليه طريقاً من الجنوب والشمال تسهيلا لأبناء القرى في زيارته للتبرك.
وقد وافته المنية في عام 1982 ودفن هناك في مدفن مطارنة عكار الذي أحدثه. – شخصيته وصفاته
يتصف المطران ابيفانيوس / وكذلك أصدقاؤه وأتباعه يصفونه/ بالجرأة والحرية في مواقفه لدرجة يعتبرها البعض تهوراً، وكان لايثنيه شيء عن أهدافه الصحيحة بنظره.
فهو بالرغم من وداعته (وأنا أعرفه في شيخوخته والتقيته في مقره الصيفي دير مار الياس الريح في الصفصافة، في السنة التي انتقل فيها، ولمست هذه الوداعة وهي وداعة ابن الريف) ومواهبه الغزيرة في العلم والادب والموسيقى والتصوير ، عنيف، يأبى مايعتبره ضيماً ويكره التزلف والرياء والظلم.
المتروبوليت ابيفانيوس زائد
يحب الانسانية ويتفاعل مع ناسها ويدعو الى التمسك بالعقيدة المسيحية التي تدعو إلى نبذ الاحقاد.
كان يحتقر المادة، ويُروى عنه انه كان يسعد في إطعام الجياع وإيواء البؤساء وافتقاد المرضى، وسد حاجة المحتاجين ونصرة المظلومين.
ومن الأدلة على محبته وتواضعه وتسامحه واخلاصه قوله
لا تحقدن على الصحابِ………… داو الضغينة بالعتابِ
فالحقد مجلبة الأذى……………. والعتب مجلبة التحابِ
وصفه لبيب الرياشي بقوله للوجيه الدمشقي القانوني حنا مالك وفي بيته:” في المطران ابيفانيوس قوتان متناقضتان: اللطف والوداعة الشديدة كالحمل، والقوة والبطش كالأسد”.
اتصف بقوة الذاكرة، فكان يحفظ أسماء الاعلام، وهيئات الاشخاص والتواريخ، كان ذو حنان شديد، يعطف على الصغار ويتألم للمظلومين حتى لو أدى ذلك الى نتائج سلبية كما في الانشقاقات التي قادها كالكنيسة السورية المستقلة، ودعم الانشقاقات كما في توليدو أوهايو ودوره في تصيّيرها أبرشية مستقلة عن نيويورك مع ماجرت على الكرسي من مشاكل.
كان قوي المطامع، شديد الطموح سلطته أفقية واسعة في الوظيفة والادارة، فلا يخشى كبر المسؤوليات واتساعها، ورث عن أمه الذكاء ، وعن أبيه الصدق والوفاء.
كان يفكر في ثلاثة موضوعات في آن واحد…
مرض مرتين مرضاً شديداً…
أجتاز في حياته حتى الستين من عمره أربعة أدوار وكان قد لمع نجمه وهو بعمر 28 سنة، وقد لازمته شهوة وسطوة الحكم طيلة عمره، اما الأدوار الأربعة ففي أولها شديد، وفي ثانيها لطيف مدارٍ وفي ثالثها قوي نافذ، وفي رابعها وديع حكيم.
كان طويل القامة، ممتلئ القوام، وسيم الطلعة، لطيفاً، حسن المعشر، ذا صوت رخيم وخاصة بأداء الأنغام البيزنطية، وكانت معارفه اللاهوتية واسعة ودقيقة وعجيبة، كما كان علماً من أعلام الموسيقى والشعر والأدب والفن، أجاد اللغة الروسية وألم باليونانية والفرنسية والإنكليزية والإسبانية. ابيفانيوس الشاعر
نظم الشعر منذ صباه، وقد اجتمع له ديوان حوى الكثير من القصائد في مختلف الأغراض مثل “الأناشيد الوطنية” والروحانيات، والوصف، والمديح، والمراثي، والتهاني، قال عنه أحمد شوقي” لعله الأخطل”، وذلك عندما عرفه عليه في منزل خليل مرد بك
الإنتاج الشعري
له ثلاثة دواوين جمعت شعره على مراحل والدواوين هي : ديوان المطران أبيفانيوس زائد: مطابع دار غندور – (ط 1) بيروت 1973 – المقدمة بقلم أديب ملحم البستاني، وحصاد الشيخوخة: شعر – مطابع الشركة الجديدة للطباعة – بيروت 1979.
زادالآخرة: مجموعة شعرية – مطابع جحا إخوان – بيروت 1981، المقدمة بقلم أديب ملحم البستاني
كما نالت قصائده شهرة واسعة، وبخاصة قصيدته التي وصف فيها قرى القلمون
قلمــــــون يا مجلي الربى…………….فوق والقرى البيضــــاء
يمتد من البريج إلى الدريج…………… مقابل الآكام والبطحاء
في باب الدين والتقوى، فله القصائد الممتعة، والمقطوعات الوجدانية المليئة بالموعظة والحكمة والعاطفة. وغير ذلك من الخواطر التي سطرها إبان مرضه في عام 1969 وكتبها على الصور ومنها هذه الابيات
آثرت حبك يايسوع………………… لأن فيه سعادتي
البروتوبسالتي متري المر
ولأن في حبي سواك……………… أذيتي وشكيتي
فعلى الصليب محبتي………………تحت الصليب بقيتي
وهذان البيتان
هيأت قبري قبل موتي عَّلَّني………….أرتاح فيه من شقاء الجسد
وربما يحتله غيري فما ……………..لنا هنا مدينة للأبد
من المؤكد ان قصيدته الروحية الرائعة ومطلعها:” ربي من غيرك اعبده” هي من اجمل قصائد الشعرية التي لفتت اليه انتباه فحول الشعراء منهم امير الشعراء احمد شوقي، والموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب…
يقول في ابياتها الأولى
ربي من غيرك أعبده………………….واقدسه وامجده
ابداً يشتاق اليك القلب………………… لأن جمالك مورده
الروعة والحسن التقيا…………………فيما اوجدت وتوجده
….
الموسيقار محمد عبد الوهاب
….
ياسيد روحي يامولاي……………….. أيهمل عبداً سيده
مالي في غيرك من أمل……………… أو بابٍ آخر أقصده
ويختم بقوله
فالحدثُ حياةٌ فيك فأنت………………..حياة الكون وسرمده
هذه القصيدة الابتهالية الرائعة اقتنص الموسيقار محمد عبد الوهاب لحنها واوقعها على قصيدة مضناك جفاه مرقده لأمير الشعراء أحمد شوقي عام 1938.
كيف تم ذلك؟؟؟
كان عبد الوهاب يصطاف كل سنة، خلال أكثر من أربعة عقود في بلودان، ولكنه كان يخصص ماقبل ظهر ايام الآحاد ليزور الكاتدرائية المريمية ويستمع الى الالحان الرومية الرائعة في القداس الالهي…
وكان يُشاهد(5) جالساً في أحد المقاعد في الصفوف الأخيرة في الجانب الايمن للكاتدرائية، وبيده دفتر وقلم ويسجل مدوناته، وكان يستمع من المرتليّن الشهيرين ديمتري المر ، وابيفانيوس زائد والشماس اندراوس معيقل وآخرهم كان البروتوبسالتي ايليا سيمونيذس “الشهير بالرومي” وهو من الناجين من مجازر الاتراك بحق أبناء الكرسي الانطاكي في كيليكية، ويستمع الى الصوت الهادر للمرحوم مرتل اليسار توفيق الحداد فيطرب له فخامة صوت المرحوم المذكور كانت بعيدة عن اي وصف صوت عريض وعالي وحنون جداً…
له قصيدة “صلاة” وهي ابتهالية رائعة للرب لحنها على وزن بشرف سماعي بياتي وصار ينشدها ويطرب السامعين لها فتخرج الاصوات بالآه…
يقول فيها
امير الشعراء احمد شوقي كاتب قصيدة مضناك جفاه مرقده
رب أنصت لاسترحامي……………….وأضيء بجمالك قدامي
واصفح يارب عن آثامي
القرار
إسمع شكوى نفسي الظمأى…………… وابعث روحك القدوس
مجني انت وموئلي …………… ومرتعي ومنهلي
فأرسل لي روحك القدوسا
ليطهرني من آثامي
واذكر اننا في تموز عام 1982 كنا في رحلة رعوية الى طرطوس اعدَّ لها وقادها الصديق والقريب الأب الارشمندريت دامسكينوس منصور راعي كنيسة الصليب وزرنا ظهراً دير النبي الياس الريح في الصفصافة، وكان قدسه قد علمنا/ كونه كان يعلمنا الترتيل كجوقة جديدة للكنيسة/ علمَّنا قصيدة “ربي من غيرك اعبده” وهذه القصيدة وعنوانها “صلاة” ولم نكن نعرف صاحبهما وكنا نسمع باسمه، وقتها طار عقلنا من شدة الفرح لما عرفنا ان صاحبهما المطران ابيفانيوس كان في خلوته الروحية في هذا الدير، واخذنا الاب دامسكينوس اليه، وكان جالساً على كرسي خشبي قديم، يستظل تحت الرواق في الطبقة العلوية من الدير، قبَّلنا يده فرحب بنا بحرارة، وباركنا برسم الصليب على رؤوسنا، فوجئنا بعمره المتقدم وبصوته الضعيف المرتجف، ونحن كنا نسمع عن اقتداره وصلابته، فطلب منا الاب دامسكينوس ان ننشدهما لسيادته…
فما كان منه الا ان بكى تأثراً، وهو في هذا العمر الجليل، وأبكانا جميعاً وقال لأبينا دامسكينوس بكل التأثر: ” انا اشكرك على وفائك يا أبونا دامسكينوس” ثم تنحنح وقال: “اسمحوا لي أن أصحح لكم بعض اللحن…” وعلمنا هو اللحن الصحيح بصوته الضعيف، وهو يعتذر منا نحن اولاده على ضعف صوته” لا تؤاخذوني يااولادي على ضعف صوتي وبكى مجدداً” ولكنه كان يحمل بصمات الصوت الجميل القديم والأداء المتقن، وكان يرافق تعليمه لنا بالضرب براحة يده على ظاهر فخذه ككل معلمي الترتيل والانشاد ولا تزال الدموع تنزل من عينيه الضعيفتين…
كنيسة دير مار الياس الريح في الصفصافة
مشهد لايمكنني أن أنساه…أبيفانيوس يبكي تأثراً من مجموعة شباب وصبايا رتلوا بعضاً من قصائده وألحانه…
ودعناه بقبلة يده، وهو جالس لعدم قدرته على الوقوف، بسبب العجز والشيخوخة الجليلة، فباركنا وقال: “تابعوا تعلم الترتيل يا اولادي مع ابونا دامسكينوس المعلم الشهير، مافي أحلى من الترتيل البيزنطي، الكل يحسد كنيستنا الرومية الانطاكية عليه، تابعوا يا اولادي انتم امل كنيستنا الانطاكية، افتخروا بكنيستكم والكنيسة تفتخر بكم الله يبارك حياتكم.” وكان يبكي…
وكانت سانحة عظيمة من سوانح الفرح، ان التقينا به وتعرفنا عليه ونلنا بركته لأنه
في تلك السنة انتقل الى الاخدار السماوية…
هذا هو المطران خالد الذكر ابيفانيوس زائد كما عرفته في آخر ايامه…اسكنه الله في جنته السماوية.
قال في قصيدة ” قيامة المسيح”
قام المسيح فأيام الأسى انصرمت………..قام المسيح ولاحت راية الظفر
قام المخلص فالآمال باسمة…………..فكل شيء غدا في جدة العمر
وقال فيها للنسوة البشيرات
اسرعن حالاً وبشرن الجميع بأن ……….قام المسيح ومرت ساعة الكدر
واستبشروا ياتلاميذ المسيح فمن…………انجيله لاح نور الحق والفكر
بقصيدته الروحية وهي بعنوان “قام المسيح وداس بالموت الممات” يقول
ياقبر انك عاجز……………عن ضبط رب الكائنات
الموت يقوى انما …………….اقوى من الموت الحياة
في الفصح قد قام المسسسسسسسسسيح وداس بالموت الممات
في قصيدته الرائعة التي بعنوان:”انا واقف قدام بابك” يقول
انا واقف قدام بابك قارعاً…………فافتحه لي واقبل محباً مشفقاً
وكان يعيش في صميم الحياة، ومن صميمها يستوحي أرق مافيها من معانٍ، وأسمى مافيها من مُثُلْ
تؤرقه غصة باكية، وزفرة كاوية…
يعيش مآسي سواه، وينقل لروحه عصارة منها…
يبتلع دموع غيره ويزدره غصته، ويطوي في الضلوع آهته…
إنه انسان…
أما الحكمة فهي إشعاع بديهي منظومة من حكم وأمثال…
مما قال علمنا
لاتقحم غيرك حتى………………….. لاتُرى مطروداً
ولا تبالغ في الجفا……………………فتغتدي مفقوداً
( ابن سيراخ 13: 13)
وجودك يالهي في فؤادي……………. يفوق خزائن الدنيا جميعا
……
إن الًسعادة في العطاء ونجدة ال………..بؤساء لا بعبادة الأموال ومن قصائده الرائعة “ظبية الأنس” نقتطف منها
ظبيـــــة الأنس إليـــا ……………… بادري قبل الفـــوات
وانشري طيباً ذكيــــاً………………. منعشاً فيَّ الحيـــاة
أه هــــل أبقى شقياً …………………أم هل الماضي يعود
لســــــت والله نسياً ………………… أبداً تلك العهـــــــود
دائمـــاً كنت نجيـــــاً ………………. لك يــا نور العيــــون
وألاقيــــك خفيـــــــاً ………………. والــــورى لا يعلمون
ياليالي الأنس عودي………………. ثار في صدري الغرام
مـــا أنا لاه بعــــودي………………عنـك أو كأس المدام
وتعرض لموجة من الانتقاد لكونها قصيدة غزلية ولكنها انتشرت بعدما لحنها وغناها كبار مطربي ومطربات عصره السوريين. آثاره الأدبية
للمطران ابيفانيوس مقالات كثيرة في الفنون والآداب
ترك المطران ابفانيوس زائد 23 مؤلفاً مطبوعاً منها
الديوان – قرابين الأغاني لطاغور مترجم – قيثارة الطبيعة – في الطريق إلى أورشليم – مختارات من الشعر الروسي- منهج الواعظ – نبذة في حقيقة الإنجيل وصحته – مقدمة لتفسير الإنجيل القديم للعالم اللاهوتي الروسي علادكوف – الأمالي الذهبية – مصباح الكاهن – آل داود – الخطيئة والموت – ما وراء القبر – بدعة تبرئة اليهود من دم المسيح – الروضة الروحية…
الأعمال الأخرى: – ترجم قصائد مختارة لطاغور، نشرت بعنوان” قرابين الأغاني” – 1921، وترجم مختارات من الشعر الروسي – 1971 (في جزأين)، وله مقالات جمعها في كتاب “الأمالي الذهبية” – بيروت 1972 – قالها في القديسين. ومقالات في الفنون والآداب نشرها في مجلة الكلمة في نيويورك، ومجلة النعمة في دمشق، وله عدة مؤلفات تتصل بوظيفته الكنسية. شعره شديد التنوع، يجاري التنوع المعرفي والثقافي، وانتقالات صاحبه بين البلدان، فيه الوصف، والرثاء، والمديح، وفيه سبحات الروح ونقد الأخلاق، وفيه الشعور الوطني والحسّ القومي، أما إيقاعاته فتخف حتى تصبح نشيدًا يغنّى، وتمتد حتى تكتسب رصانة تراثية وقوة في المعنى والمبنى.
وهناك العديد من المقالات الأدبية نشرها في الرابطة الأدبية.
وكان كاتب مقالة، وخطيبًا، وشاعرًا. كان تكوينه الثقافي: الأدب والفنون الجميلة والموسيقى يجعل من بيته منتدى ثقافيًا غنيًا بالإبداع والمناقشات التي يثيرها مريدوه، وقد انتخب عضوًا بالمجمع العلمي العربي بدمشق 1924
المطران ابيفانيوس مصوراً
بالعودة الى سيرته في موسكو، نتذكر أن علمنا نجح في نسخ الايقونات القديمة والجديدة، وتسلم الشهادة بذلك بعد سنة ونصف من دخوله الى دير القديس سرجيوس قرب موسكو، وصار في إمكانه أن ينقل كل أيقونة.
يومها أهدى مثلث الرحمات البطريرك غريغوريوس الرابع معلمه أيقونة الرب يسوع وعلى رأسه اكليل الشوك للمصور النابغة فاسنتيسوف، المشهور بمحافظته على النمط البيزنطي القديم في التعبيرعن الملامح التقية النقية، كما هو ماثل للعيان في أيقونات الكاتدرائية الرومية الشهيدة آجيا صوفيا في القسطنطينية وسواها من الكنائس والاديرة القديمة، وإعطاء هذه الايقونات التناسب في الأعضاء، والدقة في تصويرها.
البطريرك غريغوريوس والملك فيصل بن الحسين ويوسف العظمة
كما أهدى الشماس أبيفانيوس الى المطران جرمانوس شحادة أيقونة كبيرة تمثل القديس نيقولاوس العجائبي، وهو ينقذ بعض الشهداء المسيحيين الراسغين في الأغلال، والمسلط عليهم سيف الجلاد الحاد.
وهذه الأيقونة موجودة على الجدار الجنوبي في كنيسة مارنقولا الأرثوذكسية في زحلة، تثير الرهبة والاعجاب، وكذلك أيقونة مباركة الرب يسوع للآولاد، وهي معلقة في دار المطرانية الأرثوذكسية في زحلة.
في تلك الأثناء ، أيضاً أهدى إلى الملك فيصل بن الحسين أيقونة الرب يسوع على شاطىء بحيرة طبريا العام 1920 هدية له بمناسبة مبايعته ملكاً على سورية.
وأهدى إلى الوجيه والمحسن الكبير الأمير ميشيل لطف الله من مصر صورة زياتية لدير القديس جاورجيوس الحميراء البطريركي من ريشته.
وكان قد صوربيده أيقونتي السيد والسيدة لكنيسة بلدة قطنا، ومثلهما لكنيسة السيدة في بلدته دير عطية، كما صور الأيقونات الست في أيقونسطاس “كنيسة مارميخائيل” التي بناها خلال مدة مطرانيته على اللاذقية حينما انشأ ماتسمى “الكنيسة المستقلة”.
له رسوم زياتية كثيرة جداً منها لوالديه، ولوالد مطران بيروت جراسيموس مسرة…
هذه الصور الفنية التي صورها بعد دخوله في مدرسة النقش والنحت والتصوير في موسكو، كانت كثيرة، وبينها لوحات رائعة للمشاهد والأمكنة الأثرية والمناظر الطبيعية في الديار السورية، رسمها ليعرضها في المتاحف الروسية بعد رجوعه الى موسكو لمتابعة الدراسة ولكن قيام الثورة الشيوعية عام 1917 حالت دون رجوعه. وبقيت عند الأنسباء والاصدقاء يحتفظون بها باعتزاز.
ان مسيرة علمنا الاكليريكية والوطنية حالت دون متابعته الرسم والتصوير ومزاولته هذا الفن الجميل، وعلمنا يمتاز في تصويره بالدقة، وجمال المخطوط، وبهاء الألوان واقتفاء الطبيعة، والتقيد بالواقعية والبعد عن الرمزية.
المطران أبيفانيوس الموسيقي
ان الفتى خليل موسى زائد، كان في مدرسة البلمند من المتفوقين في دروسه، وخاصة في الموسيقى الرومية والترتيل.
لذلك حينما وجهه مثلث الرحمات معلمه البطريرك غريغوريوس الرابع إلى موسكو ليتعلم الفنون الجميلة، أسند اليه أمر مساعدة رئيس الأمطوش الأنطاكي فيها الارشمندريت أنطونيوس مبيض، وصار يرتل فيه بصوته الشجي بالعربية واليونانية، فأسعد الروس المؤمنين جداً وطفقوا يتقربون منه ليعلمهم الالحان البيزنطية العذبة ويضمهم إلى جوقة كنيسة الأمطوش.
البروتو بسالتي متري-المر عندما كان يرتل في المريمية
هو بادل الروس كل الحب وبقي يحب الروس والكنيسة الروسية الى آخر لحظات عمره.
ولما عاد من روسيا لزيارة الوطن والاهل، وتعذرت عودته، لبث في دمشق في الصرح البطريركي ومن حاشية غبطته، وأخذ يرتل في الكاتدرائية المريمية مع البروتوبسالتي متري المر والارشمندريت فيكتور ابو عسلي ( لاحقاً رئيس اساقفة بروكلن في نيويورك)، والشماس اندراوس معيقل الذي استقر لاحقاً في بيروت وتتلمذ عليه في هذا الفن الشماس اغناطيوس هزيم (البطريرك لاحقاً)، ونايف سابا، وهؤلاء أراخنة، أي، شيوخ هذا الفن الجميل ومن ذوي الأصوات النادرة، فصار الإقبال عظيماً على الطقوس الالهية في “مريمية الشام”، وفي “كنيسة القديس يوحنا الدمشقي”، المجاورة للآسية، و”كنيسة حنانيا الرسول” في الميدان.
وكان البروتوبسالتي المر معجب جداً بصوت الشماس أبيفانيوس ويفضله على غيره ويصحبه معه اينما ذهب للترتيل معه.
وكان الشماس أبيفانيوس يساعده في نظم الاناشيد الوطنية والأدبية، ويلفت نظره الى مراعاة أصول التجويد في الترتيل، ومَّدْ الصوت على الأحرف الساكنة، لا الصحيحة، حسب ماتقتضيه اللغة العربية، وقوانين الغناء والانشاد (6)، وقد نظم في تلك المدة تقاريظ الجناز على الوزن اليوناني لضبطها وسهولة إنشادها. وهي ذاتها التي ترتل حتى الآن في كنيستنا الانطاكية في ارجاء الكرسي الانطاكي بعدما عممها معلمه البروتوبسالتي متري المر، وابنه فؤاد في كنائسنا الانطاكية، وخاصة كنيسة رؤساء الملائكة في حي الظاهر في القاهرة حيث كان فؤاد يرتل، وقد سمعتها هناك اواخر القرن الماضي، وكذلك في كنائس الكرسي الاسكندري الارثوذكسي في مصر.
كما نظم أنشودة مديح لمعلمه البطريرك غريغوريوس بمناسبة عيده مطلعها
أشرقت شمس الأماني……………..وصفت كأس السرور
ونظم أنشودة للملك فيصل بمناسبة مبايعته ملكاً على سورية الكبرى، ولحنها المرتل ديمتري المر مطلعها
عاد والعود حميدُ……………….مجد سوريا القديم
وازدهى العرش الجديد………… بسنا ملك عظيم
تتجلى وطنيته الصلبة في النشيد السوري، الذي نظمه واهداه الى الملك فيصل عام 1920 بعد ان بايعه السوريون ملكاً ولحنه البروتو بسالتي متري المر وانشده يوسف العظمة مع قواته في بطاح ميسلون مع نشيد الجيش السوري والهب هذا النشيدان الحماسة في قلوب هؤلاء الابطال فاستشهدوا وهم يدافعون وينشدونهما…
وعلى إثر تجزئة سورية الى دويلات، وسلخ لواء الاسكندرون وانطاكية عن سورية من قبل الاتراك بمساعدة فرنسا والحلفاء، وفي عهد الاستعمار الفرنسي، اسستعر هذا النشيد السوري الاول بين الناس الغاضبين بتفكيك سورية واقامة لبنان وشرقي الاردن وفلسطين وتجزئة سورية الى دويلات وكان يرددها على الدوام وثمة شهادات شفهية تؤكد تصدره المظاهرات الغاضبة ضد الافرنسيين على هذه التجزئة…
ومن هذا النشيد قوله
“… ان سوريا فتاة………………حبها كل الأمل
وما لسوريا نجاة………………..إن غدت بضع دول
ليس للعضو حياة………………إن عن الجسم انفصل
بل ذبول وممات……………….واندثار في العجل…”
الى ان يقول
“…يارعاكِ اللهُ أرضاً……………قُدست آثارها
مجدها ما زال غضاً…………..وعزيزاً جارها
فانفحوها الحب محضاً…………وليعش أحرارها
لا أراها الله خفضاً……………ما شدت أطيارها”
وقصائده الوطنية من منظومات الصبا والشباب كثيرة نذكر منها
” بهجة الشرق “ومطلعها
” نفديك سوريا……………..يابهجة الشرق
ياجنة الدنيا………………. ونزهة الخلق…”
و” دمشق الشام” ومنها
بروحي الشام افديها…………..فلا أنسى ضواحيها
وجنات لقد فاحت……………أريجاً من أقاصيها
وازهاراً وأطياراً………….. تغني في روابيها…”
وفي المهجر انشد في الارجنتين بحفلة اقيمت على شرفه قصيدة منها
بني وطني بلادكم استقلت………….وأضحت تزدهي نجحاً ورشداً
مشى العمران فيها واستبانت………….معالمها وصار العيش رغداً
فزوروها لكي تتبينوها……………….وجوبوا ارضها سهلاً ونجداً
اما مواقفه الوطنية فهي اكثر من ان تعد وتحصى، لقد أسهم في الحركات التحررية العربية في أواخر عهد الاستعمار العثماني، وهو لما يزل فتياً، وفعل الشيء ذاته في عهد الانتداب الفرنسي وساند الثوار السوريين (كما كان توجه غبطة معلمه البطريرك غريغوريوس وخليفته البطريرك الكسندروس) وساعد ثوار الغوطة مساعدة فعالة بالسلاح والذخائر… ولم يقصر في التفاخر بنضالهم. وكما اسلفنا كان يقود المظاهرات ضد الوجود الفرنسي وقيامه بتجزئة سورية.
اما قضية فلسطين فقد كانت منذ النكبة 1948 شغله الشاغل واحتلت حيزا كبيراً من تفكيره وتطلعاته، فكان لايترك سانحة الا ويوجه الجماهير العربية الى الجهاد لتظل قضيتهم الكبرى، نصب عيونهم.
لم يقصر في الخطب الحماسية نصرة للوطن ولقضية فلسطين في الوطن والمغترب منذ وعد بلفور وكان من المشاركين البارزين في المظاهرات العارمة ضد زيارة بلفور الى دمشق عام 1924، فكان يلهب النفوس والايدي للتصفيق، وكذلك كانت قصائده الشعرية الرائعة تثير النخوات وتطلق النسوة فيها الزغاريد…
كقوله للمغتربين في اميركا الجنوبية
يانازحين عن الديار لما جرى…………فيها قديماً من أذى وكساد
وطن أراد الأجنبي تقسيمه…………..ليسوده وعدا عليه العادي
وطن يكيد له اليهود بمكرهم…………وبما لديهم من ضروب فساد
…
…
واخيراً يقول
يا ايها العرب الكرام تضافروا……..وقفوا لإسرائيل بالمرصاد
وعندما ضم اليهود القدس ثم احرقوا المسجد الأقصى 1967 و1968 قال
في الأمس ضموا القدس فابتسمت……….. لهم آمالهم وتهللوا واستبشروا
ياليت يدرك شرهم وغرورهم……………. من دافعوا عنهم ولم يتبصروا
أوسمته
حصل على وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الأولى، ووسام الاستحقاق اللبناني من درجة كوماندور، ووسام الصليب من دولة اليونان بدرجة كوماندور، ووسام القديس فلاديمير من روسيه، ووسام اكاديمية موسكو الروحية المذهب لدى احرازه درجة الماجستير في اللاهوت سنة 1958 من روسيا بحضور البطريرك الانطاكي الكسندروس والروسي الكسي ومطارنة حمص وحوران واللاذقية وكانوا حينذاك في موسكو للاشتراك باسم الكرسي الانطاكي المقدس في الاحتفال بمرور اربعين سنة على تجديد البطريركية في روسية.
تلاميذه
وكان من تلاميذه إليان الشويري، كوستي زريق – فؤاد شباط – أنيس شباط – فوزي خباز – جورج خوري- ميشيل عفلق – إيليا سلوم. ومعظمهم من محلة الميدان وهم طليعة مثقفة دمشقية ارثوذكسية تتلمذوا على يديه.
أسس “جمعية الرابطة الأدبية” بالاشتراك مع نخبة من كبار أدباء سورية ولبنان أمثال: خليل مردم بك، عبدالله النجار شفيق المعلوف، حليم دموس، أحمد الكرمي، شفيق جبري، لبيب الرياشي، ماري عجمي، نجيب الريس، محمد الشريقي، عبد الرحمن الشهبندر، مصطفى الشهابي، فخري البارودي… وغيرهم
في عام 1924 انتخبه المجمع العلمي العربي عضواً في لجنة الفن والترجمة.
خاتمة
مواهب قلما تجتمع بهذه الكثرة والصقل والنقاء كما اجتمعت في المطران ابيفانيوس زائد، وكما قلت في مقدمتي انني لم اتوسع /كما يقتضي الواجب/ في ترجمتي لهذا العلم الخالد، فالتدوينة هنا معجمية اكثر منها موسوعية، والمجال مفتوح لهذه الموسوعية من خلال الباحثين والذين يعدون اطروحات الدراسات العليا…
وفي هذا دعوة لهم للعمل بذلك…
حواشي البحث
(1) افتتح البطريرك ملاتيوس مدرسة البلمند الاكليريكية منذ السنة الثانية لبطريركيته عام 1900 واسند الادارة الى الاديب غطاس بطرس قندلفت واحضر لها اساتذة لاهوتيين من اليونان وروسيا وضم اليها عدداً من التلاميذ النجباء
(2) الوثائق البطريركية / دير القديس جاورجيوس الحميراء
(3)الاب المؤرخ ايوب نجم سميا كاهن محلة القصاع من 1930 الى 1968 انظره في موقعنا هنا (اعلام ارثوذكسيون)
(4) شهادة شفهية من المرحوم ميخائيل حصني والد المرحوم الاسقف ديمتري حصني وهو من حمص وكان وعائلته يقيمون في حمص قبل انتقالهم الى دمشق كالكثير من العائلات الحمصية الارثوذكسية.
(5) شهادات شفهية وردت في برنامج في التلفزيون السوري عن الموسيقى في ثمانينات القرن 20 اعداد د. سعد الله آغا القلعة، ومعه الفنان صباح فخري والمنيني وسواهم…اضافة الى شهادات شفهية لكثيرين من المصلين منهم جدي فارس وابي جورج والسيد ديمتري هواويني… رحمهم الله…
(6) ديوان ابيفانيوس زائد
مراجع البحث
-المطران ابيفانيوس زائد بقلم اديب ملحم البستاني طبع في بيروت عام 1972
– كتاب رجال من القلمون ل تيسير محمد دياب
– القلمون جيوغرافيك