التغيرات التي طرأت على الكنائس اللاخلقيدونية “المشرقية” بعد انفصالها عن الكنيسة الجامعة الأرثوذكسية الأم
كتبه يانيس قسطندينيدس وأندرولا خاص بصفحة إيماننا الأرثوذكسي القويم
هذا المقال هو من أجل توضيح الحقائق فقط، ولكن قد تكون الحقائق أحياناً صادمة..
بعد انعقاد المجمع المسكوني في خلقيدونية سنة ٤٥١م، تم اتخاذ قرارات بنفي بابا المصريين ديوسقورس وتجريده من منصبه وجعل اقامته جبرية في كنغريس افلاغونية ومن ثم قام المجمع بتعيين بطريرك أرثودوكسي للإسكندرية مكان ديوسقورس ومنذ ذلك الوقت يقوم البطريرك المسكوني بإرسال البطاركة من القسطنطينية .. ولا تزال بطريركية الاسكندرية وسائر إفريقيا للروم الأرثوذكس موجودة حتى اليوم في مدينة الإسكندرية العظيمة..
فالكنيسة القبطية إذن هي ليست أقدم كنيسة على الإطلاق كما يدعّون في مصر إنما هي طائفة انشقت عن أقدم كنيسة على الإطلاق وهي الكنيسة الأولى والتي لا تزال قائمة حتى هذا اليوم وأبواب الجحيم لن تقوى عليها!
ما حدث هو، حسب المراجع وكتب التاريخ، أنه بعد المجمع المسكوني في خلقيدونية رفض المصريين العودة إلى أحضان الكنيسة الأولى رغم المحاولات العدة التي قامت بها الكنيسة خلال المجامع المسكونية التالية لمجمع خلقيدونية (أحداث المجامع المسكونية السبعة موجودة على صفحتنا).. قرر المصريين الانشقاق بلا رجعة عن الكنيسة الأم، وذلك لكي يكون لهم كنيسة مستقلة ذات رأي خاص بها، فرفضوا قرارات المجامع المسكونية، ورفضوا القول بطبيعتي المسيح، وبالتالي أطلقت عليهم الكنيسة الأولى عدة ألقاب منها “القائلين بالطبيعة الواحدة” أو “المونوفيسيتيس” أو “اللا خلقيدونيين” وغيرها، وكان هذا قبل أن يطلق عليهم اسم “الأقباط”.. مع العلم أن كلمة “قبط” مشتقة من اللفظ اليوناني إيغيبتوس أو إيقبطوس Αίγυπτος، الاسم الذي أطلقه اليونانيون على أرض وشعب مصر وبالتالي أطلقته الكنيسة فيما بعد على المنشقين عنها من المصريين، وقام العرب بتعريب الاسم إلى (قبط أو أقباط) نظراً لصعوبة اللفظ اليوناني على العرب آنذاك!
بعد أن كان اللاخلقيدونيون يتبعون الطقس البيزنطي الذي كان يتبعه آباء الكنيسة الأوائل أمثال (القديس مرقس البشير، أثناسيوس الأول (بابا الإسكندرية) القديس أنطونيوس الكبير، يوحنا فم الذهب والعديد غيرهم)، والذي لا تزال تتبعه الكنائس الأرثوذكسية الشرقية حتى اليوم (روسيا – اليونان – أنطاكية وغيرها)، أرادوا أن يتخلصوا من كل ما هو بيزنطي، طقساً ولحناً وزي كهنوتي إلخ.
فبعد الاحتلال الإسلامي للمنطقة وزوال سلطة الإمبراطورية على المنطقة قامت هذه الملة الصغيرة آنذاك بتجميع صفوفها واعادة ترتيبها فقام يعقوب البرادعي بزيارات مكوكية بين سورية ومصر على مدار ٢٠ سنه ساهم بها ٣٠ اسقفاً مصرياً وسورياً، فقاموا بحملة تغيير لكل الطقوس البيزنطية، وعلى حد تعبيرهم “التطهير من النمط البيزنطي” واختلاق قوانين وطقوس غريبه جديده ذات أصول يهودية أو فرعونية وأحياناً إسلامية عربية، مثل:
• تغطية رأس الكاهن اثناء العبادة
• تغيير الزي الكهنوتي
• تغيير الألحان البيزنطية إلى ألحان فرعونية أو عربية
• عادة خلع الأحذية في الكنيسة
• بعض التغيرات في طقوس أسرار الكنسية المقدسة
• تغيير شكل طريقة رسم الأيقونات المقدسة وتغيير زي القديسين في الأيقونات لتشبه الزي الجديد الذي حددوه
• رشم إشارة الصليب بالعكس أي من الشمال إلى اليمين بدلاً من أن تكون بشكلها الصحيح من اليمين للشمال
• الأمر بالختان: ما زال الاقباط يقومون بختان الذكور الى اليوم ولكن يعتبرونه عادة مسيحية وليس أمراً كنسياً (وهناك بعض القرى المسيحية التي تقوم بختان الفتيات حتى هذا اليوم)
• جعل التقويم الفرعوني هو التقويم الرسمي للأشهر الكنسية القبطية رغم أن كل إسم من أسماء الشهور القبطية هو إسم لإله فرعوني مرتبط بموسم زراعي معين، حتى أنهم في مأثوراتهم يربطون الشهور بالمواسم (مافيش زي مايّة طوبة، ولبن أمشير، وخروب برمهات، وورد برمودة، ونبق بشنس، وتين بؤونة، وعسل أبيب، وعنب مسرى، ورطب توت، ورمان بابة، وموز هاتور، وسمك كيهك)
• كما أن الأقباط يدمجون حتى يومنا هذا بعض العادات والأعياد الفرعونية مع الطقس الكنسي بشكل غريب، مثل عيد النيروز وعيد شم النسيم وغيره
• إعادة بعض الطقوس اليهودية مثل صيام نينوى وغيره
لقد كانت كل هذه التغيرات ضد قوانين المجامع والرسل لأن الرموز القديمة مثل المحرقات والذبائح والختان قد حلت عوض عنها الاسرار المقدسة كالمعمودية والمناولة والاعتراف. وهكذا حدثت تغيرات جذرية في الأسرار الكنسية التي بدورها تنافي المعطيات التي تسلمناها من الآباء القديسين الأوائل!
وقد تم وضع الشكل الطقسي النهائي للقائلين بالطبيعة الواحدة وفقاً ليعقوب البرادعي!
ومن ضمن تعاليمهم أن للمسيح طبيعة واحدة طاغية على الناسوت، أما النساطرة فيقولون بانفصال الطبيعتين، وكلاهما أضداد للكنيسة الأرثوذكسية ذات المجامع المسكونية السبعة.
مع الأسف فإن كبار الكنيسة القبطية، رغم معرفتهم بالحقيقة، إلا أنهم يقومون بغسل أدمغة المؤمنون ويمنعوهم من قراءة قرارات المجامع المسكونية… ولذا أتساءل هنا، في حال قرأ أحد اخواننا من المصريين قرار خلقيدونية مثلاً، ما هو اعتراضه عليه؟ وما هو رده على سبب كل هذه التغيرات؟
هل الأمر يتعلق فقط بعدم اعترافهم بمجمع خلقيدونية؟ وإن كان الأمر كذلك، فقد فتحت المجامع أبوابها وأرسلت لهم العديد من الدعوات للانضمام إليهم من جديد لكنهم رفضوا!!
هل كان الأمر يستحق هذا الانشقاق العظيم عن موروثات الرسل وعن الكنيسة الجامعة؟!!
للأسف، الحقيقة هي أنهم لا يريدون إعلان حقيقة ما حدث في المجامع (4-5-6-7) لشعب كنيستهم المؤمن والمخلص!!
في حين أنهم في جلسات أساقفتهم يقولون أنهم غير معترضين على قرارات المجامع ويطالبون أن تقبلهم الكنيسة الأرثوذكسية الأولى دون توقيع رسمي على أية قرارات! وهذا ما قام به البابا تواضروس الثاني عام 2017 بعد زيارة إلى أثينا، فجاءه الرد واضح من المتروبوليت سيرافيم لمدينة بيريوس اليونانية، في رسالة صريحة للغاية، كان مفادها أنه إن لم تقر الكنيسة المصرية بطبيعتي المسيح علناً والتوقيع على هذا والاعتراف بقرارات خلقيدونية والمجامع الأخرى، فإننا لا يمكننا حتى أن نعتبر الكنيسة القبطية كنيسة شقيقة أو حتى أرثوذكسية (مستقيمة الرأي)!!
ولكن لو أنهم اعترفوا بمجمع خلقيدونية رسمياً فإن عليهم تسليم كل سلطة الكنيسة القبطية إلى بطريرك الروم الارثوذكس في الإسكندرية حتى يتم إعادة هيكلة كل الكنيسة القبطية لإعادتها إلى النمط الأرثوذكسي القديم وهذا يحتاج على الأقل حوالي مائة عام إن لم يكن أكثر، ولذلك هم يفضلون الحفاظ على السلطة مبقين على شعبهم في الضلال …
وهنا أطلب من أي أرمني أو قبطي أو سرياني أن يخرج من أي تعصب عشائري وقومي ويفتح عينيه باحثاً عن الحق بأن يقرأ ما هو موثق في المكتبات والإنترنيت لكل قرارات المجامع التي يرفضونها ٤ و٥ و٦ و٧ وعندها فليعترض إن وجد هناك ما يناقض المفهوم المنطقي للمسيحية الحقيقية التي تسلمناها من الآباء الأوائل، أو إن كان هناك ما يعارض الفكر المسيحي الحقيقي، سواء في طبيعة المسيح ومشيئته أو ألوهية الابن وما إلى ذلك من أمور جوهرية في إيماننا المسيحي!! إنني على يقين أنه لن يجد سوى سؤالاً واحداً يلح عليه:
لماذا قام أساقفة هذه الطوائف بغسل أدمغة شعوبهم وعزلهم عن الحقيقة!!!
يكفي أن أقول لكم يا أحباءنا ويا أبناءنا، أنظروا إلى ملابس القديس مرقوريوس في الأيقونات الأرثوذكسية القديمة، فهو كان أسقفاً، لكنه لم يكن يلبس ما يلبسه أساقفتكم بل ما يلبسه أساقفة الكنائس الشرقية البيزنطية وكذلك أيقونات الرسل وبعض أيقونات القديس أثناسيوس البيزنطية القديمة بدون غطاء على رأسه، ومقارنتها بالأيقونات التي يرسمها الأقباط له بعد أن غيروا شكله وملابسه تماماً ووضعوا له غطاءً على رأسه!! ألعل يعقوب البرادعي نسي تطهير هذه الأيقونات (على حد تعبيره) من النمط البيزنطي أو فشل بالتخلص منها!!!
لقد تكررت هذه الكلمة القبيحة “تطهير” في مجلة الكرازة، وهو ما ورد باعتراف أساقفة اليعاقبة بالإشارة إلى تطهير الكنيسة المشرقية من النسق والطقس واللحن البيزنطي، ضاربين بعرض الحائط أنه هو النسق الرسولي الوحيد وليس هناك سواه، وقد تمت تسميته بالبيزنطي لكونه المعتمد الرسمي في كل كنائس المسكونة التي كانت مسماه بالإمبراطورية البيزنطية التي اشتملت العالم أجمع قبل الاسلام..
ونجد من جهة اخرى انكباب الأساقفة اللاخلقيدونيين لا سيما الأقباط على ترجمة التعاليم والقرارات المسكونية الخلقيدونية والآبائية وتعليمها في كنائسهم، مثل كتابات الآباء الروس مثلاً، أو كتابات القديس يوحنا الدمشقي الذي يعتبره الاقباط قديساً رائعاً والذي لا بد من ترجمة أعماله وكتاباته، ولكن بالطبع يتجاهلون تماماً ترجمة مقالاته التي كتبها ضد اليعاقبة المدعوين بأصحاب بدعة الطبيعة الواحدة.. كما أنهم يشجعون على ترجمة الكتب الروحانية واللاهوتية من اللغة اليونانية، بل والمضحك المبكي هو استيرادهم لمعلمين وأساتذة يونانيين من سالونيك من أجل التعليم اللاهوتي الأرثوذكسي في المعهد السرياني!!!
فما هذه اللخبطة والتناقض؟
نصلي متضرعين إلى الله المحب البشر أن يأتي ذلك اليوم قريباً عندما تعترف الكنائس المشرقية اللاخلقيدونية بمجامع المسكونة السبعة وتعود إلى حضن الكنيسة الجامعة الرسولية ويتم اتحاد جميع المسيحيين تحت راية المسيح والكنيسة الواحدة الجامعة الرسولية لان هذا الفراق يؤلمنا كثيراً، ومؤكداً يؤلم المسيح قبلنا…
الأرثــوذكـــــســيــة نــقــيــة.. عروس المسيح العادمة العيب سفينة نوح التي تنقذنا من الغرق …فلنحرص أن نكون فيها..
مع كامل محبتنا إلى أخوتنا الأقباط وغيرهم من اللاخلقيدونيين…