كنيسة نجران…
وقديسها الشهيد العظيم الحارث النجراني ٥٢٣مسيحية
الجزيرة العربيّة التي ارتبط تاريخها بالجاهليّة والإسلام، شهدت للمسيح منذ قرون طويلة حتّى قبل ظهور الإسلام فيها، فارتوت بدمّ الشهداء الذين أبوا أن يتخلّوا عن إيمانهم رغم قساوة الظروف.
ومن مدينة نجران، سطع نجم قدّيس شهيد، كان زعيم المسيحيين، وقف في وجه السخط اليهودي، وأعلن إيمانه بشجاعة وثقة بالمسيح.
القديس الشهيد الحارث
هو الحارث بن كعب النجراني، مثال الحوار والتفاعل بين الشعوب والحضارات. عاش مستنيراً من كلمة الله، رفض أن يكفر بالمسيح، فقبل الإهانة من اليهود، وكان مثالاً لرفاقه، شجّعهم على الثبات بإيمانهم فلا عذاب ولا سيف ولا شدّة تفصلهم عن محبّة المسيح. تقدّم من الموت بشجاعة باسطاً يديه على شكل صليب فقطع عنقه وعنق رفاقه الثلاثمئة والأربعين في الرابع والعشرين من تشرين الأول من سنة خمس مئة وثلاث وعشرين ميلاديّاً .ليصبح اليوم شفيع المسيحيين في بلاد الجزيرة العربيّة.
كان الحارثُ رئيساً على مدينة نجران وجوارِها، في شمالي اليَمَن، مسيحيًّا يسلُك في مخافةِ الله، يسوس مدينته بالحكمة والدراية ويشهدُ له الجميع بالفضل والفضيلة. وكان قد تقدّم في السنّ كثيرًا عندما واجه سيفَ الاستشهاد.
استشهاده واهل نجران
استشهد الحارث ورفاقه في نجران سنة 523 وتعيد لهم الكنيسة في الرابع والعشرين من تشرين الأول.
نجران مدينة في شمالي اليمن تنصر اهلها على يد راهب اتى مع قافلة من انطاكية، ولا يختلف اثنان ان نجران كانت اهم مواطن المسيحية في تلك المنطقة. وكانت اليهودية قد دخلت اليمن اثر خراب اورشليم في السنة ال 70م وصار لليهود في اليمن شأن كبير.
كان المتولى على مملكة سبأ، او المملكة الحميرية، اي بلاد اليمن، آنئذ، يهودي اسمه ذو نواس. وكان الحارث رأسا على مدينة نجران وجوارها، مسيحياً يسلك في مخافة الله.
وكانت مملكة سبأ على صراع مع ملك الحبشة المجاورة، وأهل بلاد الحبشة مسيحيون. وكان ذو نواس يخشى تحالفا ممكنا بين نجران والحبشة بسبب وحدة الإيمان بينهما، فصمم على اضطهاد مسيحيي نجران. جمع الجند وحاصر المدينة. لكن نجران صمدت، فأخذها ذو نواس بالحيلة.
ولما دخلها أخذ يخيّر سكانها بين الموت، ونكران المسيح ويقتل كل من تمسك بإيمانه بيسوع المسيح.
وكان الحارث الشيخ اول من مثل لديه في المحاكمة. فأبدى شجاعة فائقة واستعدادا تاما لأن يموت من اجل اسم الرب يسوع ولا ينكره. فأمر ذو نواس بقطع رأسه. وكان مع الحارث جمع من المسيحيين بلغ عددهم اربعة آلاف ومئتين وثلاثة وخمسين فقُتلوا كلهم بالسيف شهداء لايمانهم بيسوع المسيح. اقتحموا الخوف من الموت متممين بدمائهم قول الرسول بولس: “انه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات …. تقدر ان تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا” (رومية 8 : 38 – 39).
في الاسلام
ظلّت ذكرى شهداء نجران، وعلى رأسهم الحارث، حيّة عند العرب، فلا يخلو مرجع تاريخي من الحديث عنهم. حتى أن القرآن خصّ هؤلاء الشهداء المسيحيّين بجزء من سورة البروج (85، 1-9)، فيقول: “قُتل أصحاب الأخدود، النار ذات الوقود، إذ هم عليها قعودٌ”. الأخدود هو الحفرة الكبيرة التي أُلقي فيها المسيحيون ليُحرقوا، وهذا ما يطابق الرواية التاريخية المذكورة أعلاه. أما في شأن الآيات القرآنية فيقول أحد المفسرين المسلمين المعاصرين: “لُعن أصحاب الشقّ المستطيل المحفور في الأرض، وهم قوم كفّار أحرقوا جماعة من المؤمنين في أخدود باليمَن، وهم نصارى نجران، الذين كانوا على دين التوحيد”.
ثم يتابع القرآن قائلاً: “وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهودٌ، وما نقموا منهم إلاّ أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد، الذي له مُلك السموات والأرض والله على كلّ شيء شهيدٌ”. يقول المفسّر نفسه في هذه الآيات إنّ أصحاب الأخدود (أي اليهود) كانوا شهوداً على ما يفعلون “بتعذيب المؤمنين بالله بالإلقاء بالنار. وما أنكروا وعابوا على النصارى رلاّ أنهم يؤمنون بالله وحده مالك السماوات والأرض، فهو حقيقٌ (أي جديرٌ) بالإيمان به وتوحيده، والله شاهد عالم مطّلع على ما فعلوه ومجازيهم”. وكذلك يقول مفسّر إسلامي آخر: “جريمتهم أنّهم آمنوا بالله العزيز الحميد”. ما يلفت في هذه الآيات هو أن القرآن ينعت النصارى المسيحيّين بالمؤمنين. والمؤمنون، في القرآن، صفة خاصة بالمسلمين. كما أنه يعترف بتوحيدهم للّه.
أورد ابن هشام مؤلف “السيرة النبويّة” خبر الحارث وسيرته في الجزء الأوّل من مؤلّفه، مطلقاً عليه اسم “عبدالله ابن الثامر”. وهذا الاسم يرد في الكثير من المراجع العربيّة، لذا يعتقد بعض العلماء أنّ اسم “الحارث” يبدو اسم القبيلة أكثر منه اسم شخص، فيكون قدّيسنا بالنسبة لهؤلاء اسمه عبدالله لا الحارث.
ممّايؤكّد هذه النظريّة هو أنّ القبيلة التي كانت مسيطرة، آنذاك، في نجران وجوارها كان اسمها “الحارث بن كعب”، التي غالباً ما اختُصر اسمها ب”بَلْحارث”. فيقول ابن هشام أنّ أهل نجران كانوا “أهل شرك يعبدون الأوثان”، ثمّ تنصّروا على يد عبدالله بن الثامر. أمّا استشهاده وأهل نجران، فيسرده ابن هشام قائلا: “فسار إليهم ذو نواس بجنوده، فدعاهم إلى اليهودية، وخيّرهم بين ذلك والقتل، فاختاروا القتل، فخدَّ لهم الأخدود، فحرق مَن حرق بالنار، وقتل مَن قتل بالسيف، ومثّل بهم، حتّى قتل منهم قريباً من عشرين ألفاً. وكان في مَن قتل ذو نواس، عبدالله بن الثامر رأسهم وإمامهم”.
يحكى عن وصيّة تركها الشهيد الحارث لبني قومه والتي صرّح بها أمام النجرانيّين وذي نواس، إذ يقول: “أيّها المسيحيّون والوثنيّون واليهود اسمعوا، إذا كفر أحد بالمسيح وعاش مع مع هذا اليهوديّ (يقصد ذا نواس)، سواء أكانت زوجتي أم من أبنائي وبناتي أم من جنسي وعشيرتي، فإنّه ليس من جنسي ولا من عشيرتي وليس لي أيّة شركة معه، وليكن كلّ ما أملكه للكنيسة التي ستُبنى بعدنا في هذه المدينة.
ما يسترعي انتباهنا في هذه الروايات هو أنّ أهل نجران كلّهم قد تشبّثوا بإيمانهم ولم يتخلّوا عنه تحت ضغوط الاضطهادات والعذابات التي عانوا منها. وما يلفتنا أيضاً هو هذا المديح الذي يكيله القرآن والتراث الإسلاميّ لشهداء نجران المسيحيّين وصمودهم من أجل إيمانهم بالله الواحد القادر على كلّ شيء، فخلّد ذكراهم.
وكعبة نجران حتم علـيـــ ــــــك حتى تناخى بأبوابها
نزور يزيدا وعبد المسيح وقيسا هم خير أربابها
ولم يقرر الكلبى على وجه الدقة إن كانت كعبة نجران بيت عبادة أو دار ندوة أو دار ندوة يجتمع فيها القوم إبن الكلبى – ألأصنام ص 44- 45 و ياقوت معجم البلدان ( نجران) ج4 ص 756 وقد مال إبن الكلبى للرأى الأخير – وقد رجح رأيه على أن بنى عبد المدان بن الديان الحارثى بنوها على بناء الكعبة وعظموها مضاهاة للكعبة .
والمعروف أن بنى عبد المدان كانوا يدينون بالنصرانية …وهم الذين جائوا إلى نبى الإسلام ودعاهم إلى المباهلة.
ويعتقد الباحثون أن الأسماء التى وردت فى شعر الأعشى ومنهم إسم عبد المسيح أنهم كانوا شهداء وقد دفنت عظامهم فى المبنى الذى قال الأعشى عنه أنه كعبة، وأنه نالوا شيئاً من التقديس فاسماهم الأعشى أربابها أى أسيادها. والنص على وجود أساقفة يؤكد صراحة أنها كانت للنصارى، ومن وصف كعبة نجران بأنها ” كانت قبة من أدم من ثلثماية جلد ” يدل ‘لى أنها لم تبنى على غرار كعبة مكة، وكانت ذو شهرة أنه: ” إذا جاءها خائف أمن، أو طالب حاجة قضيت، أو مسترفت أرفد “
ويقول العلامة جواد على جواد على المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام – د. جواد علي ص 387 وقد زار “فلبي” وادي نجران، وعثر على خرائب قديمة، يرجع عهدها إلى ما قبل الإسلام، كما تعرف على موضع “كعبة نجران”. ووجد صوراً قديمة محفورة في الصخر على مقربة من “أم خرق”، وكتابات مدونة بالمسند. وعلى موضع يعرف ب “قصر ابن ثامر”، وضريح ينسب إلى ذلك القديس الشهيد الذي يرد اسمه في قصص الأخباريين عن شهداء نجران. ويرى “فلبي” أن مدينة “رجمت” “رجمة” هي “الأخدود”، وأن الخرائب الي لا تزال تشاهد فيها اليوم تعود إلى أيام المعينيين. ويقع “قصر الأخدود” الأثري بين “القابل” و “رجلة”، وهو من المواضع الغنية بالاثار. وقد تبسط “فلبي” في وصف موضع الأخدود، ووضع مخططاً بالمواضع الأثرية التي رآها في ذلك المكان.
شهداء نجران النصارى هم أصحاب الأخدود الذى ذكرهم القرآن
وكان السكان مسيحيين وهم التي دخلت اليهم المسيحية عن طريق المبشرين الى تلك المنطقة يعتقد أنه دخلت إليها فى أواخر القرن الثالث أو أوائل القرن الرابع الميلادى. وفي عام 525 م أمر ” ذو نواس ” آخر ملوك حمير من النجرانيين ان يتحولوا من النصرنية الى اليهودية، وعندما رفضوا حاصرهم وقام باسرهم واحرق من لم يذعنوا له في أخاديد. وقد جاء ذكر هذا الحدث في القرآن الكريم ( سورة البروج الآيات 1 –7 ) ” والسماء ذات البروج. واليوم الموعود. وشاهد ومشهود . قتل اصحاب الاخدود . النار ذات الوقود اذ هم عليها قعود . وهم على مايفعلون بالمؤمنين شهود .. ” [ حدثت كارثة اهل نجران على يد ” ذو نواس ” د لقصة أصحاب الأخدود ….وقد افلت بعض النجرانيين من قبضة ” ذو نواس ” وكان من بينهم ” دوس بن ثعبان ” الذي استجار بإمبراطور الروم طالبا النجدة. ورأى الإمبراطور في ذلك فرصة مواتية لاحتلال الجزيرة العربية ، فارسل جيشا قوامه سبعة آلاف مقاتل بقيادة ” ارياط ” ومعه ” ابرهة الأشرم ” ( جاء ذكره في التاريخ على انه هو الذي أراد هدم الكعبة المشرفة في مكة الكرمة ) . وتمكن جيش ” ارياط ” من القضاء على دولة حمير . ونتيجة لذلك ظلت نجران على مسيحيتها وكانت تنتشر بين قرى هذه المنطقة صوامع العبادة التي كانت تقام فيها الطقوس الدينية . كما كانت تستخدم هذه الصوامع في انذار السكان من خطر الاعداء عن طريق دق النواقيس واشعال النيران . وقد نمت نجران في ذلك الحين حيث بلغ عدد قراها اكثر من سبعين قرية تجمعت حول الوادي وبلغ جيشها حوالي مائة وعشرين الف مقاتل ، وكان عدد سكانها اكثر من ضعف هذا العدد
ولم يرد ذكر لكعبة نجران ولا لمذحج القبيلة ولا لبني الديان الحارثيين وهو دليل على ان كعبة نجران احدثت خلال المئة عام قبل ظهور الاسلام وصار امرها لقوم من بني الافعى من جرهم فلما صار الامر لعبد المسيح زوج ابنته دهيمة لعبدالله بن يزيد بن عبدالمدان فمات عبدالله وانتقل ماله لأبيه انظر كتاب بين مكة وحضرموت ص 352 . وجاء في كتاب المحبر ص 132 ان السيد والعاقب والاسقف ووفدهم الذي اراد مباهلة رسول الله – صلى الله عليه واله وسلم – من ولد الافعى وهم سكان نجران المنحدرين من جرهم الاولى . وقال الطبري ص 321 ج 3 ولما بلغ اهل نجران وفاة رسول الله – صلى الله عليه واله وسلم – وهم يومئذ اربعون الف مقاتل من بني الافعى الامة التي كانوا بها قبل بني الحارث ص 89 – 90 كتاب نجران في اطوار التاريخ ] . قلت ثم اشترك في امر كعبة نجران بني الافعى ( عبدالمسيح واسمه العاقب ) و( السيد واسمه وهب ) وبني الديان ( قيس بن حصين ) و( يزيد بن عبدالمدان ) قال الاعشى شعرا :فكــعبة نـــجران حـــتم عليــــــــك=حـــتى تنــــاخي بأبوابها
نزور يزيداً(1) وعـبد المسيــح (2)=وقـيسا (3) وهــم أربابها
منقبوا الآثار يبحثون عن كعبة / كنيســـــــــــــة نجــــــــــــــران
نشرت وكالة الأنباء العربية خبر البحث عن البحث عن أقدم كنيسة بالجزيرة العربية في جنوب السعودية سماها العرب كعبة نجران وحجوا إليها 40 عاما في الجاهلية بتاريخ الاربعاء 3 ايار 2006م، 05 ربيع الثاني 1427 هـ الرياض – حنان الزير
تجري عمليات تنقيب في جنوب السعودية للكشف عن أقدم كنيسة شيدت في شبه الجزيرة العربية، كان يطلق عليها سكان مدينة نجران قبل الإسلام اسم الكعبة وحج إليها العرب طيلة 40 عاما.
تأتي هذه المحاولات رغم الاختلاف الحاصل بين الأثريين على حقيقة وجودها من عدمه، إلا أن كتب التاريخ تذكر أنها بنيت بواسطة بني عبد المدان بن الديان الحارثي، وقد شيدوها على طراز الكعبة المشرفة وقاموا بتعظيمها وقلدهم بعض العرب في ذلك الزمان.
وجاء بشأنها أن العرب قد حجوا اليها حوالي أربعين عاما في الجاهلية، وهي غير كعبة اليمن التي بناها أبرهة الأشرم.
ويزعم أهل نجران أن موقع الكنيسة كان على قمة جبل “تصلال” الذي يبعد عن نجران إلى الشمال الشرقي بحوالي 35 كم ويرتفع الجبل عما عداه من الجبال بنحو 300 قدم.
مؤرخ يؤكد اكتشافها على جبل في نجران
وذكر المؤرخ عبدالله فليبي في كتابه “النجاد العربية” أنه عندما زار منطقه نجران عام 1936م اكتشفها على هذا الجبل، واستدل عليها من المطاف الذي رآه في أعلى الجيل ومن صورة باهتة لصنم.
وبالرغم من كل ذلك فإن كعبة نجران مازالت مجرد خبر في بطون الكتب التاريخية دون أن يصل الخبر إلى تحقيق دقيق يؤكده.
ويوضح صالح آل مريح مدير إدارة الآثار بمنطقة نجران لـ”لعربية.نت” أن جبل تصلال يقع على حدود بني مدان الحارثي والمعروفين برباطة الجأش والقوة وحماية الضعيف حيث لايدخل في حماهم مستجير إلا أجاروه.
وقال إنه لم يشاهد أية معالم تدل عن أنه بني على الجبل كنيسة للنصارى قبل الإسلام، ويرى أن هذا المكان هو حدود لبني عبد المدان وليست هناك أية كنيسة أو مظاهر للعبادة في المكان.
وأضاف: “لو كانت قد شيدت تلك الكنيسة لوجدنا أي مظاهر للمعيشة، ولكننا لم نجد شيئا، ولقد وقفت على المكان بنفسي فلربما أطلق على المكان هذه التسمية نتيجة قوة وجأش عبد المدان وحتى يعرف حدود حماهم. وأشار إلى أنه مازال البحث يجري حاليا لمعرفة مدى واقعية وجود كنيسة في هذا المكان.
المبشرون بنوها في النصف الأول من ميلاد المسيح
من جهة أخرى قال بعض المؤرخين بتسمية الكنيسة بكعبة نجران لأن كلمة كعبة تطلق على كل بيت مكعب، مشيرين إلى أنه عندما انتشرت النصرانية في نجران بنوا كنيسة سموها كعبة نجران.
ويذكرون أنه بعد وصول المسيحية الى الحبشة جارة الجزيرة العربية من الغرب والتي ترتبط بصلات قديمة بها، انتقلت المسيحية للجزيرة وجاء بعض المبشرين لتنصير أهل نجران فقاموا بتأسيس الكنيسة، وتركزت المسيحية في نجران عام 525م وحينها اتخذ ابرهة الاشرم نجران مركزا رئيسيا لنشر المسيحية في بلاد العرب.
عند ظهور الإسلام كانت نجران وكنيستها المركز الرئيسي للنصرانية في اليمن، ويؤكد الكاتب المصري أحمد أمين أن كعبة نجران كان فيها أساقفة معتمدون، وقد اشتهر من بينهم قس بن ساعدة ويذكر أدباء العرب أنه كان أسقف نجران.
وأشار الدكتور محمد حسين هيكل إلى الخطبة التي ألقاها قس بن ساعدة في سوق عكاظ وسمعها الرسول الكريم، حيث ذكر الآيات الكونية التي تدل على أن الحياة لم تخلق عبثاً وألمح إلى البعث والنشور والحساب، والأهم من ذلك كله أنه بشر بقرب ظهور دين جديد، ولا يأتي بداهة إلا على يد نبي أو رسول.
سبب تسميتها بكعبة نجران
وأكد الدكتور محمد آل زلفة عضو مجلس الشورى السعودي حقيقة بناء أول كنيسة نصرنية في منطقة نجران، مشيرا إلى موقعها على جبل تصلال وقال: “درج عند العرب إطلاق اسم كعبة نجران على هذه الكنيسة نظرا لشكلها والذي يشابه شكل المكعب، ومن الطبيعي أن تشهد هذه المنطقة في تلك الفترة وهي منتصف الألفية الأولى من الميلاد بناء كنيسة قال المؤرخون إن العرب حجوا اليها أكثر من 40 عاما حتى ظهر الإسلام.
وأضاف أن كتب التاريخ تناقلت أن الكنيسة كانت مصنوعة من الجلد ولم يبق منها شيء الآن، إلا ما ذكره المؤرخ عبدالله فيلبي عام 1939 في كتاب له من وجود مكان أو مساحة تأخذ شكل الطواف.
كما أكد المؤرخ السعودي الدكتور عبدالرحمن الانصاري على أن منطقة نجران شهدت بناء كنيسة كانوا يطلقون عليها فيما سبق كعبة نجران، وكان يتعبد بها نصارى نجران في عهد الرسول نافيا أن يكون الرسول قد امرحينها بهدمها، مؤكدا على الكنيسة الآن غير موجودة بسبب إسلام النصارى وقتها.
محمد صاحب الشريعة الإسلامية يرسل رسالة إلى نجران
من محمد النبي رسول الله الى اسقف نجران ان اسلمتم فأني أحمد اليكم اله ابراهيم واسحاق ويعقوب ؛ اما بعد فاني ادعوكم الى عبادة الله من عبادة العباد ، وادعوكم الى ولاية الله من ولاية العباد ، فان ابيتم فالجزية ، فان ابيتم آذنتكم بحرب والسلام .
فلما أتى الاسقف الكتاب فقرأه قطع به وذعر ذعرا شديدا وبعث الى رجل من أهل نجران يقال له شرحبيل بن وادعه – وكان من همدان ولم يكن احد يدعى اذا نزلت معضلة قبله لا الابهم ولا السيد ولا العاقب – فدفع الاسقف كتاب محمد الى شرحبيل فقرأه ، فقال الاسقف يا أبا مريم ما رأيك ؟ فقال شرحبيل : قد علمت ما وعد الله ابراهيم في ذرية اسماعيل من النبوة فما تؤمن ان يكون هذا هو ذاك الرجل ليس لي في النبوة رأي، ولو كان أمر من أمور الدنيا لأشرت عليك فيه برأي وجهدت لك.
فقال له الاسقف تنح فاجلس ، فتنحى شرحبيل فجلس ناحيته فبعث الاسقف الى رجل من اهل نجران يقال له عبدالله بن شرحبيل وهو اصبح من حمير فاقرأه الكتاب وساله عن الرأي فقال له مثل قول شرحبيل ، فقال له الاسقف تنح فاجلس فتنحى فجلس ناحيته ، وبعث الاسقف الى رجل من اهل نجران يقال له جبار بن فيض من بني الحارث بن كعب احد بني الحماس فاقرأه الكتاب وساله عن الرأي فيه فقال له مثل قول شرحبيل وعبدالله ، فأمره الاسقف فتنحى فجلس ناحيته فلما اجتمع الرأي منهم على تلك المقاله جميعا ، أمر الاسقف بالناقوس فضرب به ورفعت النيران والمسوح في الصوامع وكذلك كانوا يفعلون اذا فزعوا بالنهار ، واذا كان فزعهم في الليل ضربوا بالناقوس ورفعت النيران في الصوامع ، فاجتمع حين ضرب بالناقوس ورفعت المسوح اهل الوادي اعلاه واسفله وطول الوادي مسيرة يوم للراكب السريع وفيه ثلاث وسبعون قرية وعشرون ومائة الف مقاتل فقرأ عليهم كتاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وسألهم عن الرأي فيه ، فاجتمع رأي اهل الرأي منهم على ان يبعثوا شرحبيل بن وادعة الهمداني وعبدالله بن شرحبيل الاصبحي وجبار بن فيض الحارثي فيأتوهم بخبر رسول الله – صلى الله عليه و سلم (2) – ، قال فانطلق الوفد حتى اذا كانوا بالمدينة وضعوا ثياب السفر عنهم ولبسوا حللا لهم يجرونها من حبرة وخواتيم الذهب ثم انطلقوا حتى أتوا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فسلموا عليه فلم يرد السلام ، وتصدوا لكلامه نهارا طويلا فلم يكلمهم وعليهم تلك الحلل والخواتيم الذهب ، فانطلقوا يتبعون عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف وكانوا يعرفونهما فوجدوهما في ناس من المهاجرين والانصار في مجلس ، فقالوا : يا عثمان ويا عبدالحمن ان نبيكم كتب الينا بكتاب فاقبلنا مجيبين له فاتيناه فسلمنا عليه فلم يرد سلامنا وتصدينا لكلامه نهارا طويلا فاعيانا ان يكلمنا فما الرأي منكما ، اترون ان نرجع ؟ فقالا لعلي بن ابي طالب وهو في القوم ما ترى يا ابا الحسن في هؤلاء القوم ؟ فقال علي لعثمان وعبدالحمن ارى ان يضعوا حللهم هذه وخواتيمهم ويلبسوا ثياب سفرهم ثم يعودوا ، ففعلوا فسلموا فرد سلامهم” (.… البداية والنهاية لابن كثير الجزء الخامس ص 53 – 54 الطبعة الاولى 1351 – 1932 م.)
==================
المـــــــــــــــــراجع
(3) http://www.alarabiya.net/Articles/2006/05/03/23415.htm
(5) وفد نجران الكبير الذي يضم جميع القبائل – وذكر محمد بن اسحاق : أن وفد نجران كانوا ستين راكبا يرجع أمرهم الى اربعة عشر منهم وهم العاقب واسمه عبدالمسيح والسيد وهو الابهم وابو حارثة بن علقمة واوس بن الحارث وزيد وقيس (1) ويزيد (2) وبنيه وخويلد وعمر وخالد وعبدالله وبحنس وامر هؤلاء الاربعة عشر يؤل الى ثلاثة منهم وهم العاقب وكان امير القوم وذا رأيهم وصاحب مشورتهم والذي لا يصدرون الا عن رأيه والسيد وكان ثمالهم وصاحب رحلهم وابو حارثة بن علقمة وكان اسفقهم وحبرهم …..
وذكر ابن اسحاق انهم دخلوا المسجد النبوي في تجمل وثياب حسان وقد حانت صلاة العصر فقاموا يصلون الى المشرق , فقال لهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – دعوهم فكان المتكلم لهم ابا الحارثة بن علقمة والسيد والعاقب حتى نزل فيهم صدر من سورة ال عمران والمباهلة فابوا ذلك وسألوا ان يرسل معهم امينا فبعث معهم ابا عبيدة بن الجراح كما تقدم في رواية البخاري وقد ذكرنا ذلك مسبقا في تفسير سورة ال عمران ولله الحمد والمنه. – راجع كتاب البداية والنهاية ص 56
(6) كلمة ” السيد ” العربية ليست أسماً بل لقب لوظيفة كنسية تقابل عضو الكنيسة أو رئيس وكلاء الكنيسة والوكلاء يهتمون بجميع الشؤون الأدارية وجمع التبرعات وإصلاح الكنيسة…وهي وظيفة تطوعية لخدمة الكنيسة غير مأجورة واجرها لله…
(6) كلمة ” أشوار ” العربية هى كلمة لوظيفة تعنى المشورة وتدبير الأمور
(7) الأسقف هو رئيس القساوسة أو الكهنة