قصر البنات
مدينة تاريخية تقع في ريف حلب الشمالي لم يبق منها إلا الخرائب، تضم كنيسة وبرجاً ومقبرة وأبنية يصل ارتفاعها إلى 7 طوابق، عليها كتابات يونانية وسريانية تعود إلى القرن الخامس الميلادي.
يقع موقع “قصر البنات” يقع على الطريق الأثري القديم بين “حلب” و”أنطاكية”، وعلى بعد 50كم شمال غرب “حلب”، و5كم من “باب الهوا”.
هو مجموعة من الخرائب الأثرية تضم مجموعة من الأبنية الدينية المسيحية الرومية البيزنطية، وتعود تلك المدنية التاريخية حسبما يوحي شكلها الخارجي إلى فترة الحكمين الروماني والبيزنطي، وهي جزء من منظومة كبيرة من المواقع التاريخية البيزنطية في المنطقة التي تعود بمجملها إلى الفترة الواقعة بين القرنين الثاني والسابع المسيحيين، وهي الفترة الممتدة من قبيل اواخر العهد الروماني والعهد الرومي الذي يبدأ مع قسطنطين الكبير في العقد الثاني من مطلع القرن الرابع.
من ميزات هذا الموقع وجود كنيسة بيزنطية ضخمة وهي من الكنائس الكبيرة في “سورية”، وكذلك برج مؤلف من عدة طوابق، كما يتميز الموقع بوجود ما يسمى بحجرة “قصر البنات” التي تضم كتابات يونانية، وتتألف من لوحتين حجريتين بالقرب من الطريق القديم الأثري بين “حلب” و”أنطاكية”.
تاريخ الموقع ومميزاته
يتألف الموقع من مجموعة أبنية تابعة لدير يعود إلى القرن الخامس المسيحي بحلته الرومية البيزنطية، يسميه الأهالي “قصر البنات” بسبب كونه ديراً للراهبات المتنسكات فيه من تلك الفترة، وتتألف مجموعة ابنية الدير من كنيسة وبرج وأبنية سكنية ذات طابقين أو ثلاثة مع أروقة، وتقع الكنيسة جنوب أبنية الدير قريباً من الطريق الذي يؤدي إلى “باب الهوا”، في محافظة ادلب.
الكنيسة
تعد الكنيسة من أكبر الكنائس في “سورية” الشمالية، وهي بأبعاد 33 × 17م، ومؤلفة من بهو أوسط وبهوين جانبيين يفصل بينهما سبعة أقواس مع أعمدتها، ولقد وجد على تاج عمود قريب من الحنية مرمي على الأرض كتابة يونانية تذكارية ضمن قرص، مكتوب عليها:” أيها المسيح ساعد “كيروس” المعمار الذي بنى هذه الكنيسة تحقيقاً لنذر وقد مات وقبره في الحنية”.
وهناك كتابة آرامية على حجر قرب الباب في الواجهة الجنوبية الغربية تذكر أسماء: “نتنائيل”، و”تيودورة”، و”تيودوريكوس” من المؤكد ان نقشها تم لاحقاً وليس بفترة البناء، وجدير ذكره ان لغة السكان والعبادة وقتها كانت اليونانية.
أما البرج فإنه يقع في الباحة شمال الكنيسة، ويتألف من سبع طبقات وهو أعلى بناء أثري في الشمال السوري، وما زالت ست طبقات من أحجاره قائمة، وتتألف كل طبقة وهي بأبعاد 6×8م من غرفة واسعة وغرفتين أصغر منها، وإلى الشمال الشرقي من البرج قام بناء طويل ضخم ربما كان يستعمل لاستقبال الحجاج والزوار، وإلى الغرب منه في الطرف الآخر من الباحة قام بناء آخر مؤلف من ثلاث طبقات تتقدمه من الخارج أعمدة رواق بثلاث طبقات كذلك، أما إلى أقصى الشمال من الخرائب فقد قام بناء لسكن الرهبان مؤلف من ثلاث طبقات كذلك، وفيه أعمدة رواق مقابل الباحة الداخلية للدير، وهناك درجات في الضلع الشرقي للدير تؤدي إلى مقبرة تضم ستة أضرحة في كل جهة منها ضريحان، وقبل الوصول إلى موقع “قصر البنات” بحوالي 500 متر وعلى بعد بضعة أمتار من يمين الطريق انتصبت صخرة بارتفاع حوالي المترين على شكل جدار مستوٍ حوت الصخرة لوحتين ضمن إطارين حجريين الواحدة فوق الأخرى.
قامت اللوحة الكبرى وهي السفلية منهما على ارتفاع 35سم عن مستوى الأرض، وهي بأبعاد 64 × 58سم، وقد ضمت كتابة يونانية مؤلفة من ثمانية أسطر كتبت كلماتها باختصار تعريبها:
“بأمر من “بولس” حاكم الشرق المعظم وبواسطة “يوحنا” مستشار “كفر براد” المبجل فقد تم تثبيت حدود المنطقة بيزيكوي* في هذه النقطة بتاريخ الدورة المالية** السابعة من سنة 637، والذي يوافق 588 -589م”.
أما اللوحة الثانية فقد وُضعت فوق اللوحة السابقة وهي أصغر منها وأبعادها 44 × 47.5سم، وقد ضمت خمسة أسطر من كتابة يونانية ضمن إطار، وترك فراغ بين آخر سطر وأسفل اللوحة بعرض 13سم لم يكتب فيه شيء، وفي أسفل اللوحة صليب عريض ارتفاعه 11سم، وعرضه 7سم ربما أضيف إلى الفراغ في وقت لاحق لتاريخ الكتابة الأساسية التي تنص:
” إلى الأبد سلطة مولانا القيصر “ماركوس أوريليوس”.
ويعود تاريخ الكتابة إلى فترة حكم الإمبراطور “ماركوس أوريليوس”؛ أي بين عامي 161-180م، وربما جرى في أيامه ترميم الطريق الرومانية الواصلة بين “أنطاكية” و”قنسرين”.
* “دير مار بيزا”: وهو دير مهم في منطقة “أنطاكية” وربما أُرسل مستشار بلدة “براد” ليكون حكماً في موضوع تثبيت خط الحدود في المكان في العام 589م.
** الدورة المالية: هي وحدة زمنية مؤلفة من 15 عاماً، وكانت تستعمل أيام الإمبراطورية الرومانية وما بعدها لتأريخ الأحداث العادية.