القديس الشهيد أنطونيوس رَوِّحْ المختار الدمشقي
كان اسم هذا القديس “روح” قبل ان يهتدي الى الايمان المسيحي. هو من اشراف مدينة دمشق، وكان يسكن بقرب دير على اسم القديس ثيودوروس قائد الجيش. كان سيء الاخلاق محبا للمجون، سكير.. كان يقلع الصلبان من مواضعها في الكنيسة، ويشق أردية المذبح، ويضايق الكاهن ويزعجه وقت الصلاة ويرمي عليه من كوّة في سقف الكنيسة كرات من طين.
في احد الايام لفتت نظره في الكنيسة ايقونة القديس ثيودوروس، فتناول روح قوسه وأطلق السهم باتجاه الايقونة، الا ان السهم لما دنا من الايقونة انثنى راجعا ليخرق يده. تعجب روح من ذلك واعتراه الذهول. وفي المساء اخذ يتفكر في الامر، وسهر طوال الليل، ولما غمضت عيناه اتاه في الحلم القديس ثيودوروس وقال له: “لقد آذيتني بفعلك وعبثك بهيكلي… فارجع عن رأيك وآمن بالمسيح، وأقبل إلى الحياة”. استيقظ روح مرتعبا ومتعجبا من الحلم، الذي أشعل في قلبه نار الايمان بالرب يسوع المسيح.
عند طلوع الصباح ركب جواده وخرج الى موضع يقال له “الكسوة” وهي قرية في ريف دمشق الجنوبي على طريق دمشق الى فلسطين وبالقرب من تل كوكب، حيث التقى اعدادا من المؤمنين في طريقهم الى اورشليم للحج. فسار معهم الى ان وصل الى اورشليم، ودخل على بطريرك اورشليم ايليا، فأخبره بجميع ما أبصر وسمع وبكلام القديس ثيودوروس، وطلب ان يعتمد، فارسله البطريرك الى دير القديس يوحنا المعمدان في نهر الأردن. لما وصل روح الى الدير – في الموضع الذي اعتمد فيه الرب يسوع المسيح – رآه راهبان، فسألهما أن يعمداه، فأجاباه الى ما سأل. فلما صعد من الماء رسما عليه اشارة الصليب وقالا له: “من الآن يكون اسمك انطونيوس”، وألبساه الإسكيم الرهباني، ثم أطلقاه.
عاد انطونيوس الى دمشق، فرآه اهله وبنو قومه وهو في زي راهب، فتعجبوا منه وقالوا له: “ما هذا الذي صنعته بنفسك، وما هذا الثوب الذي نراه عليك؟”. فأجابهم: “قد صرتُ مسيحيا مؤمنا بالرب يسوع المسيح”. فجرّروه في سوق دمشق واخذوه الى قاضيها الذي قال له: “ويحك، لم تركت الدين (الإسلام) الذي وُلدت عليه، وصرت مسيحيا كافرا؟”. فأجابه انطونيوس: “هذا قليل مني لأحظى برضى سيدي يسوع المسيح”. فلما سمع القاضي قوله ضربه وأمر بحبسه. فأقام في السجن سبعة شهور.
بعد ذلك رفع القاضي قضية انطونيوس الى هارون الرشيد، فأمر هذا الاخير بإحضاره الى بغداد ليحاكمه بنفسه. فلما مثل انطونيوس امامه، قال له الخليفة: “ما الذي حملك لأن تصنع بنفسك ما قد صنعت؟ ارجع عن رأيك الوخيم هذا ولا تنخدع”. فأجابه انطونيوس وقال له: “انا ما خُدعت، بل آمنت واهتديت الى الرب يسوع المسيح الذي اتى الى العالم نورا وخلاصا لكل الذين يؤمنون به، وأنا اليوم مسيحي مؤمن بالآب والابن والروح القدس”. فلما سمع الخليفة كلامه أمر بضرب عنقه. وكان تاريخ استشهاده في يوم عيد الميلاد سنة 800 وتم اعدامه في مدينة الرقة كما تقول بعض المصادر…
صارت الكنيسة المقدسة تعيّد له في الرابع والعشرين من كانون الاول.