الحركة الكشفية
تعرف الحركة الكشفية بأنها حركة تربوية تعنى بالذكور والإناث على حد سواء ودون تفرقة في السن، أو اللون، أو الدين، وهي ذات طابع تطوعي بعيد عن السياسة والأحزاب، وقد كانت في أول نشأتها عام 1907م تعني بالذكور من عمر 11-17 سنة، فيما شملت الإناث عام 1909، وتجدر الإشارة إلى أن ظهور الحركة الكشفية في البلاد العربية بدأ في بيروت عام 1912 ( لم يكن لبنان قد تم تشكيله بعد بفصله عن سورية الطبيعية بمؤامرة سايكس بيكو وتم تشكيل لبنان عام 1920 من قبل الجنرال غورو قائد الغزو الفرنسي) على يد الاخوين الهنديين الدارسين في بريطانيا عبد الستار و عبد الجبار الخيري وبتشجيع من الشيخ محمد توفيق الهبري باسم الكشاف العثماني.
في الوقت ذاته تأسست في مدرسة الأقمار الثلاثة الارثوذكسية في الاشرفية فرقة كشفية مع الموسيقى…وتبعت لمطرانية بيروت الارثوذكسية…
قامت كل من الفرقتين برحلة كشفية سيراً على الاقدام الى دمشق بنفس الوقت تقريبا فزارت الاولى مدرسة مكتب عنبر التجهيزية، فيما خيمت الارثوذكسية في دار البطريركية الارثوذكسية في منطقة الشارع المستقيم/ الخراب واحتفلت بالعزف في عيد البطريرك غريغوريوس الرابع في 29 كانون الثاني 1912 عندها امر البطريرك بتأسيس فرقة كشفية دمشقية في البطريركية وانشاء فرقة موسيقية نحاسية لتحتفل بالأعياد وتشكلت اول فرقة ارثوذكسية باسم فريق الكشاف الارثوذكسي الدمشقي / جاورجيوس تزامنت مع فرقة مدرسة التطبيقات بدمشق وبقيت الفرقة الارثوذكسية التي حملت عام 1944 تسمية الفوج الثاني استمرت حتى عام 1985 حين توقيف الحركة الكشفية السورية اجبارياً بقرار غير مسؤول.وكان الفوج الثاني اكبر قوة كشفية ضاربة على مستوى كل سورية وضم 1500 عضو من مختلف الاعمار ومن الجنسين.
مؤسس الحركة الكشفية
مُؤسس الحركة الكشفية هو الجنرال اللورد روبرت بادن باول ، وهو كاتب وقائدٌ عسكريٌ في الجيشِ البريطانيّ، مواليد 22 شباط عام 1857 في لندن، وتوفي والده وهو صغير فقامت والدته بتدريسه المهارات اللّغوية الأولى في المنزلِ، ثم التحق بعد ذلك بمدرسة روز هيل في تونبريدج في ويلز، وكان طالبًا مميزًا آنذاك، فحصلَ على منحةٍ دراسيةٍ ليُكمل دراسته الثانوية في لندن، ثم انتقل إلى غود المينغ في مقاطعة سوري من الريف الإنجليزي ليكون بذلك قريبًا من الطبيعة التي تركت أثرًا في حياته لاحقًا.
قرر باول الالتحاق بالكلية العسكرية، ثم أجرى الامتحان دون علم أهله؛ فنجح بتفوق وعُيّن على إثر ذلك برتبة ضابط، ثم حصل على ترقيات عديدة لكونه لامعًا في مجال عمله. خاض حروبا ضارية في كل مكان في الامبراطورية البريطانية التي لاتغرب عنها الشمس من الهند الى الخليج العربي الى القارة الافريقية ولكن لعل الاصعب فيها كانت قبيل تقاعده في جنوب افريقيا ضد المستعمرين الهولنديين ( البوير) الذين اذاقوا السكان المحليين الامرين بسياسة التمييز العنصري.
في جنوب افريقيا
حوصر فرقته العسكرية البريطانية من قبل عصابات البوير وهي من المستعمرين الهولنديين وكادوا ان يحققوا الانتصار عليه بعد حصار دام لأشهر طويلة واخيراً لاحظ خفة الفتيان الزنوج وتنقلهم بين خطوط قواته وعصابات البوير فاستفاد منهم في فك الحصار ( لاسيما وهم يكرهون المستعمرين البوير في سياسة التمييز والفصل العنصري) و في نقل المؤون والعتاد وحتى نقل الجرحى واخيرا استطاع كسر طوق الحصار وانتصر عليهم.
و كان قد أسس فرقة استطلاعية سماها الكشافة مهمتها استكشاف خطوط العدو؛ وأعد لجنود الفرقة كتيبًا بعنوان مساعدات في النواحي الكشفية، فلاقى الكتاب نجاحًا وصدى واسعًا إذ استخدم كمرجع للتدريب من قبل قادة الشباب والمدرسين في أنحاء البلاد، وقد اندهش من إقبال الفتية على شراء كتابه أيضًا، بل وأطلقوا على أنفسهم اسم فتيان الكشافة ثم شكلوا جماعات لممارسة الكشفية، الأمر الذي دفع بادن باول إلى تعديل الكتيّب وجعله أكثر ملاءمة للشباب، ثم أقام مخيمًا كشفيًا في جزيرة براونسي بيول ماربر دورست عام 1907م، وقد تخلل المخيم آنذاك عددًا من الأنشطة كالسباحة، والتعقب خفية، وإشعال النار ليلًا والتجمهر حولها للإصغاء إلى بادن باول وهو يقص مغامراته.
فكرة الكشفية للفتيان
في عام 1905 تم تسريحه من الخدمة العسكرية وشكل اول فرقة من الفتيان سماها كشافة كما فعل مع فرقته في جنوب افريقيا والتي اسماها ايضاً الكشافة مستفيداً من خبراته القتالية ومعونة الفتيان وخصائصهم ولما كان انكليكانياً مؤمنا فقد وضع قانون الحركة الكشفية ضمنه الاخلاص لله والوطن وضم الفضائل الانجيلية من المحبة والمساعدة للغير وحب الحيوان والنبات….والابتسام في وجه الصعاب…في العام ذاته شاركت كشافة لندن بأول عرض كشفي في التاريخ بمناسبة ذكرى جلوس الملك جورج السادس على العرش البريطاني، وشارك في العرض 30000 كشاف وحضره الكثير من الوفود من كل البلاد وكان منهم شقيقان هنديان كانا يدرسان في لندن هما عبد الجبار وعبد الستار خيري وحملا الفكرة معهما الى بيروت واسسا فيها الفرقة التي تعتبر الاولى في بلاد الشام ( انظر اعلاه)
ولكن فكرة الحركة الكشفية كانت تعود لديه إلى عام 1903م عندما قام بتأليف كتابٍ حول المعسكرات، وكيفية إعدادها، وتجهيزها في الغابات، والأماكن المتنوّعة، وقد انتشر هذا الكتاب بشكلٍ كبيرٍ، وخصوصاً في المنظمات الشبابيّة التي بدأت تبحثُ عن باول لمعرفةِ المزيد من خبرتهِ حول موضوع المعسكرات الكشفية. في عام 1907م قرر بادن باول اختيار مجموعةٍ من الشباب الذين اهتموا بقراءة كتابه لمشاركتهِ في تطبيقِ أفكاره واقعياً، وأطلقَ عليهم باول مسمّى فتيان الكشافة، لتظهر أول حركةٍ كشفيةٍ في العالم والتي تم تأسيس معسكرها في جزيرةِ براونسي في إنجلترا، وقام باول بتوزيع الفتيان على مجموعاتٍ من أجل تطبيق العديد من النشاطات الكشفية في الجزيرة، وقد نجحَ باول نجاحاً مهمّاً في تجربةِ إعداد، وتنظيمِ الحركة الكشفية. في عام 1908م حرص باول على توثيقِ كافّة الأفكار الجديدة التي استنتجها من رحلته الكشفية الأولى، فأصدر كتاباً بعنوان الكشافة الفتيان، والذي طُبعت منه العديد من النسخ، وتُرجمَ إلى ما يقاربُ 36 لغةً عالميةً، وساهمت أفكار باول في انتشار الحركات الكشفية في العديد من الدول الأوروبية، ثمّ في كافّةِ أنحاء العالم.
مبادئ الحركة الكشفية
الواجب نحو الله
وهو واجب ديني وروحاني يجسد ارتباط الفرد مع خالقه، من خلال ممارسة شعائر الدين لذلك انتشرت الفرق الكشفية في المعابد المسيحية والاسلامية في كل انحاء العالم اضافة الى الكشافة المدرسية…
الواجب نحو الوطن
وهو واجب يقضي بالدفاع عن الوطن وحمايته ولنا في دور الفتيان الزنوج العبرة في توفير مقومات الانتصار على عصابات البوير، ومن هذا فان التدريب الكشفي ودورات الترفيع والمراسم تتشابه الى حد كبير مع الجندية واساساً العيش بالبراري والحراسة والمسير والقوة البدنية…
الالتزام بالوعد الكشفي ( الوعد والقانون)
الاخلاص لله والوطن ومساعدة الناس في كل حين والعمل بقانون الكشاف.
الواجب نحو الآخرين
أي نحو المجتمع الذي يعيش فيه، وهو ما يسمى بالولاء للوطن والمشاركة في خدمته وتنميته، ويتحقق ذلك من خلال الرحلات، والمعسكرات، والمسابقات الثقافية، والندوات. الواجب نحو الذات: أي تنمية الذات من خلال اكتساب المعارف والحقائق والمهارات من أجل الوصول إلى ذات واعية. الوعد الكشفي هو نص معين يشبه قسم المهنة يردده كل من يرغب في الالتحاق بالحركة الكشفية العالمية، وصيغته في دول مجلس التعاون الخليجي على سبيل المثال: “أعد أن أبذل جهدي في أن أقوم بما يجب علي نحو الله ثم (المليك، الأمير، الشيخ، السلطان)، والوطن، وأن أساعد الناس في جميع الظروف، وأن أعمل بقانون الكشافة”، والقانون ينص على عشرة بنود تلخص صفات الكشاف وهي: الصدق، والإخلاص، والود، والأدب، والطاعة، والرفق، والنظافة، والاقتصاد، وأن يكون نافعًا بشوشًا.
جميع أعضاء الحركة الكشفية تعهدو بالالتزام بوعد وقانون الكشافة. وقد تختلف صياغة وعد وقانون الكشافة في الجمعيات الكشفية الوطنية المختلفة بما يتناسب مع الثقافة المحلية، ولكن كل الصياغات تستند على الوعد والقانون كما عبر عنهما مؤسس الحركة الكشفية اللورد بادن باول .
وعد الكشاف
يستند الوعد والقانون على مبادئ الحركة الكشفية
مهام الحركة الكشفية
قبول الأعضاء الجُدد في الحركة الكشفية، والتأكّد من مدى قابليتهم، وقدرتهم على تحمّل طبيعة الرحلات الكشفية. إعداد المشاركين في الرحلات الكشفية ليكونوا أفراداً قادرين على الاعتماد على أنفسهم، من خلال التأقلم مع كافّة الظروف المحيطة بهم. تدريب المشاركين في الحركة الكشفية بالاعتماد على التجارب العمليّة التي تهدف إلى استغلال كافّة الموارد البيئية المتاحة. تعليم المشاركين في الحركة الكشفية المهارات الأساسيّة التي تضمنُ لهم المحافظة على حياتهم أثناء الرحلة الكشفية، مثل: طريقة الحصول على الطعام، وإشعال النار، والحصول على المياه الصالحة للاستخدام، وإجراء الإسعافات الأولية للمصابين، وغيرها من المهارات الأخرى.
مُؤتمرات ومخيمات الحركة الكشفية العالمية
هوفعالية خاصٌة بجمعيةِ الحركةِ الكشفية وهي احدى منظمات الامم المتحدة، وتشاركُ فيه 155 دولةً حول العالم، وفي كلّ دولةٍ من هذه الدول مكتبٌ خاصٌّ في جمعية الحركة الكشفية، كما عُقدَ أول اجتماعٍ للمؤتمر في مدينة لندن في بريطانيا عام 1920، وشاركت فيه الدُول الأعضاء في الجمعيةِ وكان عددها 33 دولةً، وترأس اجتماع المؤتمر الأول الجنرال باول، وصدرَ قرارٌ بعقدِ مؤتمر الكشافة في كُلِّ ثلاث سنوات.
وعلى المستوى العربي ترتبط الدول العربية بالمكتب الكشفي العربي التابع لجامعة الدول العربية.