الفضائل الروحية
فضيلة لجم اللسان
من الفضائل الروحية التي يسعى الانسان المؤمن الى تحقيقها في حياته هذه الفضيلة، وما مواسم الأصوام المقدسة الا فترة يتدرب فيها المؤمن على ممارسة هذه الفضيلة كي يتهلم لجم لسانه باقي ايام السنة.
ماتنطق به السنتنا هو مؤشر شديد الوضوح على مدى صحتنا الروحية، وغالباً ما يذكر الكتاب المقدس العلاقة الوطيدة بين القلب واللسان، فيظهر لنا ان حالة الواحد تعكس حالة الآخر: ” يا اولاد الأفاعي كيف تقدرون ان تتكلموا بالصالحات وانتم أشرار؟ فإنه من فضلة القلب يتكلم الفم.الانسان الصالح من كنزه الصالح في القلب يخرج الصالحات، والانسان الشرير من كنزه الشرير يُخرج الشرور. ولكن أقول لكم: إن كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حساباً يوم الدين، لأنك بكلامك تتبرر، وبكلامك تُدان.” ( متى 12 : 33 – 37 )
نحن سوف ندان بحسب أعمالنا. لسوء الحظ، معظمنا لا يعي هذه الحقيقة الأساسية ويستخدم لسانه بتهور، غيرَ مفكرٍوغيرَ مهتمٍ بما يقوله. نشارك في ثرثرةٍ مُفرطةٍ، في نميمةٍ، في افتراءٍ، في تملقٍ، في أكاذيب وعشراتٍ من الخطايا الأُخرى سببها لسانُنا، غيرَ مبالينَ بخلاصِنا. لذلك يُحَّذِّرُنا يعقوب الرسولُ: ” إن كان أحدٌ فيكُم يظن أنه دَيِّنٌ وهو لايلجُمُ لسانَهُ بل يخدعُ قلبهُ، فذلك ديانتُّهُ باطلة”. (يعقوب 26:1).
قد يساعدنا على لجم لساننا بعضُ الفَهمِ لماهيةِ خطايا اللسان المتنوعة، ولماذا نَرتكِبُها، وإلى أي حدِّ لا ترضي الله، وكيف نستطيع أن نعالِجَها.
كثرة الكلام
أحدُ أسبابِ كثرةِ الكلام هو أننا لا نجدُ أوقاتَ الصمتِ مريحةً، ونشعُرُ أننا بحاجةٍ لمِلئِها باسمرارٍ. وبما أن مُعظمَ الناسِ لا يميلونَ الى التحاورِ في أمورٍ روحيّة، يَنصرفون الى أمورٍ غير روحية ليتحدثوا عنها.
هكذا تكون النتيجةُ ثرثرةٌ، يتراوح موضوعُها من كلام فارغٍ الى كلامٍ صبيانيّ، وغالباً ما يكون كلاماً رديئاً ! حتى في الصلاة يجب ان لانسترسل في حديث فردي” لئلا نكرِّزَ الكلام باطلاً كا الأممْ.” (متى7:6). الصلاةُ هي طريقٌ ذو اتجاهين: الكلام والسَّماع. السَّماعُ يوازي أهمية الكلام إن لم يكُن يفوقه أهميةً. الله يُكلمنا في اوقات صمتِنا لكننا لا نعطيه فرصةً ليفعل ذلك. علاج الكلام الكثيرِ بسيطٌ: الصمت والاستماع، لقد أعطانا الله اُذنين إثنين وفمّاً واحداً فقط لسبب وجيهٍ ! من يسمعون أكثر ميالونَ ليصبحوا اناساً يتعلمون أكثر.
النميمة والافتراء
كل افتراء تكمن جذوره في النميمة التي تتخذ من الأمور الشخصية موضوعاً لها وتَصِفْ مانُحسهُ تجاه أشخاص آخرين. هذا أمر سيءٌ لأن الافتراءَ هو قتل معنوي، وهو أسوأ من القتل الجسدي ، فالضحية في هذه الحالةِ لا تزال حيّةً لكننا شوهنا سمعتها بافتراءاتنا وأكاذيبنا. عندما تفتري على الآخرين تُسي الى نفسكَ ايضاً، لأنك لا تستطيع ببساطةٍ ان تسبح الله من جهةٍ وأن تُهين أخاك من جهة اخرى.
” باللسان نباركُ الله الآب وبهِ نلعنُ الناسَ الذين قد تكونوا على شبه الله…لايصلح يا اخوتي أن تكون هذه الأمور هكذا” (يعقوب 3 : 9 – 10 ).
التسرع في الكلام
في بعض ألعاب التحدي يُطرحُ سؤالٌ على فريقين متقابلين، والفريقُ الذي يَضغطُ على الجرسِ أولا يحق له أن يجيب قبل الآخر، بهدف تجميع أكبر عددٍ من النقاط. غالباً ما يضغط أحد الفريقين على الجرس حتى قبل طرح السؤال كاملاً، ن دون أن يكونَ لديه أدنى فكرةٍ عن الجواب. في احاديثنا نقوم بالخطأ نفسِهِ، إذ نفتح أفواهنا ونقول أولَ أمرٍ يَخطرُ على فكرنا.
هذا ما يُحذر منه سفر الأمثال: ” أرأيتَ إنساناً متسرعاً في كلامه؟ إن الأملَ في الجاهل أكثر من الأمل به.” (أمثال 29 : 20).
الأكاذيب
صُنّْ لسانك عن الشر وشفتيك عن التكلم بالمكر.” ( مزمور 33 : 13). هذه خطيئة أُخرى تُرتكبُ باللسانِ وتأتي مباشرةً من الشيطان الذي يُسميه الكتاب المقدس “الكذاب” ( يوحنا 8 : 44). ياتي علاج الكذب من فهمنا للأسباب الرئيسة التي تجعلنا نَكذِب. فغالباً ما نتفوه با لأكاذيب للمحافظة على صورتنا الجميلة تُجاه الآخرينَ. أكاذيب أخرى تُقال لإخفاء الخطايا. يَكتسبُ المسيحي الحقيقي بِرَّهُ من سعيه ليكون ابناً صالحاً لأبيه السماوي، ونتيجة لذلك يُعرِض عن الكذب لأنه لا يسعى لإخفاء فعلٍ سيءٍ أو ليجعلَ رفاقه ينظرون اليه نظرة احترام، بل غايتهُ هي عيشُحياةٍ مرضيةٍ لله.
التملق والتفاخر
” كل واحد يكلم جاره بالباطل، شفاههم غاشةٌ، يتكلمون بقلب ذي وجهين، فليمحقِ الربُّ جميع الشفاه الغاشة واللسان المتكلم بالكبرياء” ( مزمور 11 : 2 – 3). هاتان الخطيئتان تمارَسان بوتيرةٍ عالية. التملق هو كذبة متنكرة بمديحٍ. نتملق الآخرين عادة لنحصل على شيء منهم، او لننال إطراءٌ. أما التفاخر بالكلام فهو نتيجة كبرياء الانسان، والكبرياء هي سبب السقوط الأول.
واللائحة تطولُ، فكل ما ورد أعلاه هو بعض خطايا اللسان. توجد خطايا عديدةٌ أُخرى تتضمن الكلام الفاحش، كلام السفاهة وكلام السخرية (أفسس 5 : 4)، كلام التجديف (1 تيموثاوس 1 : 20)، كلام غِش ( 2 كورنثوس 17 : 2)، وكلام المباحثاتِ الغبية والسخيفة ( 2 تيموثاوس 2 : 23 – 24)
كل هذه الأمور تُبعدنا عن طريق الله، فمن أراد أن يبقى في طريق الرب، عليه ان يتعلم السيطرة على لسانه. إذا استطعنا أن نقوم بذلك، سنمتلك سيطرةً عظيمةً على اجسادنا ايضاً.
فبحسب يعقوب الرسول: ” إننا في أشياء كثيرةٍ نعثُرُ جميعاً، لا يَعثُرُ في الكلام، فذاك رجلٌ كامل، قادر أن يلجم كلَّ جسده أيضاً ( يعقوب 3 : 2). هذه حقاً قوةٌ عظيمةٌ نختبرها عندما نُسيطر على السنتنا.