خربشات سياسية…6 تشرين الأول 2018
حوار الأديان وتقاربها
هل من أمل للتقارب بين الأديان؟؟؟ ولو تحاور جهابذتها!!!
نسمع كلمات اعلامية نشأنا عليها، ومصطلحات قصد بها مستخدموها بلا شك جانباً ايجابياً… ولكنها بالنسبة لي تنفرني وتزعجني جداً… تنفرني لدرجة الاشمئزاز، هذه المصطلحات هي:
التعايش… التسامح… العيش المشترك مابين أمة الاسلام وبين السكان المسيحيين مواطنيهم…
كنا نسمعها في مداخلات اصحابها في مؤتمرات حوار الأديان التي شاركت في معظمها… بصفتي عضو في فريق الحوار الاسلامي المسيحي المحلي التابع وقتئذ لفريق الحوار الاسلامي المسيحي العربي… والتي اقامتها تحديداً بطريركية انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس بتوجيه من مثلث الرحمات البطريرك اغناطيوس الرابع الذي استشعر بحسه الابوي على الوطن وكل اولاده بخطر الازالة والقضاء على الآخر، وتفعيل مصطلح أهل الذمة الذي بدأ يسود وقتها… تحت عناوين :
” نحيا معاً في وطن واحد” وصراع الحضارات، وصراع الديان، وحوار الحضارات وحوار الاديان وعقلنة الخطاب الديني وتجيشاته… على مدى على مدى عقد ونصف…
الكل مبسوط من الكل مشايخ وكهنة وعلمانيون… المشاركون من مختلف الأديان والمذاهب والكلمات والمدخلات التي ادلوا بها حبلى بهكذا مصطلحات…
بعد التقاط الصور التذكارية وفي ختام الندوات والمؤتمرات تأتي موائد العشاء والسلوك الظاهري مع القبلات والعناق… يذهب كل منا الى موقعه ويتمترس به وكل الكلام والخبز والملح…بكل اسف ذهب ادراج الرياح!!!
هذا ماتم في هذا الوطن السوري الحبيب المعذب، من ذبح على الهوية وتكفير الآخر، وهذا المشرق المتلظي بنيران فتن دينية كل عدة عقود لاتبق ولا تذر وضحاياها حسب الحداثة بلغت مالايمكن التفكير به… كما في المذبحة السورية الأخيرة خلال ثماني سنوات بأصابع الشرق والغرب والصهيونية والماسونية والعصملية والأميركية والفرنسية والانكليزية والالمانية والسعودية والقطرية وسائر الخليج ومعهم من الكرسي الهاشمي في الشقيق الصغير و”فريق الاربطعش” في لبنان الشقيق الصغير…
فلقد بلغ حجم الكارثة مليون ضحية بريئة دافعت عن الكيان السوري ليبقى واحداً موحداً… ومن الذين غُرروا بها لقتال من دافع عن هذا الكيان وكلها تحمل اسماء اسلامية وترفع لواء لا اله الا الله…وتذبح وتدمر الكنيسة والدير وتذبح الكاهن وتخطف الكهنة والمطارنة وحتى الآن لا علم ولاخبر عنهم…عداكم عن الدمار الذي لايوصف… وسبعة ملايين معتر هج من البلد نحو بلاد يُذل فيها يومياً في لقمة عيشه وحياته…!
وهنا أسأل من وضع مصطلحات التعايش والتسامح والعيش المشترك، لماذا وضعتها؟
في الوجه الآخر لمصطلحات التعايش والتسامح وا… وعلى أرض الواقع في الحقيقة ثمة تنافر وتباغض وكره يولد كرهاً مقابلاً لذا انفر منها واكرهها…تتسامح لم؟
هل الذي من دين مخالف لك أساء اليك كما فعل الدكتور الشعال…لتتهكم على اسماء قديسيه؟…الم يبق عندك ماتعلمه لرواد جامعك في المالكي في ارقى شوارع دمشق الا هذا ووجوب تحجيب الطفلة من عمر 9 سنوات وجعلت المعلمات غير المحجبات وكأنهن داعرات…، ومنعت الاختلاط الالكتروني بين الشباب والبنات… أم انك نصبت نفسك محامياً عن الاله الذي أوجده كما أوجدك ولم يعجبك معتقده… فتسامحه الى وقت تحين لك بها الفرصة لتنقض عليه كما في معلولا والقصير وجسر الشغور واللاذقية ودرعا والسويداء وتدمر وحمص وغوطة دمشق ودمشق…وفي كل الجغرافيا السورية ان تقضي عليه… وانت تُكَّبر ” الله أكبر”…
أم أن التسامح هو حالة آنية تفرضها عليك المصلحة يا أخي في الوطن، او حالة تستغلها للانتهازية والمكسب والابتزاز…
كما حصل في كل فترة هذه الحرب الكونية الظالمة على سورية، وكيف فتحت الكنائس ابوابها وخاصة بطريركية الروم الارثوذكس / دائرة التنمية البطريكية منذ 2003 يوم ذبحوا العراق وحتى الآن وهي تساهم في اعادة الاعمار اي 15 سنة من الفعل الحميد الذي لاخلفية ولا اقتناص فيه…، وان كانت تعرف خلفيات الكلمات والمواقف والقبلات في تلك المؤتمرات وموائد المحبة…!!! لكن كان شعارها المخفي والمعلن لافرق: “المحبة للآخر في الوطن… اياً كان دينه ومعتقده واثنيته المهم انه سوري وعراقي…وفلسطيني…ولبناني… واطعمت الناس من كل الأديان وفي المطلق على حساب رعاياها ، واوجدت فرص عمل ودربتهم وعالجتهم وولدت نساءهم… علمتهم في دوراتها التدريبية في قاعات الكنائس، ومع ذلك هم يرفضونك وان تسامحوا معك… او تعايشوا معك…بكل اسف…
اعذروني على نظرتي هذه التي تبدو للبعض انها سوداوية وفي الواقع المعاش هي واقعية وواقعية جداً ونعيشها وخاصة مع حديث المدعو الشعال الذي اشعل الفتنة في البلد، وقانون وزارة الأوقاف الجديد مابطن واستتر منهوخاصة التدليس على الأنشطة الدينية لكل اديان سوريي الوطن واساساً المسيحيون منهم… وقد تناسوا ان في دمشق ثلاث بطريركيات عريقة عراقة تاريخ سورية ولا يجوز لأحد اياً كان ان يهيمن عليها… 2018 سنة لاتهيمن عليها نيف و1400 سنة
ذات يوم تعرفت في الحركة الكشفية على قائد كشفي دمشقي كان شقيقه صديقي وهو من عمري كان زائراً الوطن من عمله في السعودية
جلسنا في حوار رصين وهادىء على كاسة شاي في ” المرحومة” مفوضية دمشق الكشفية عام 1980 قال لي : الحقيقة انا اتعرف من خلالك على المسيحية انا لا اعرف اي شيء عنها… وأُعجبت منها ومن خلال سلوكك وايمانك، ثم تابع : علمونا ان المسيحيين واليهود كفاراً ويجب اقامة الحد عليهم فاما ان يقبلوا بالاسلام او القتل!!! ولكن انا من انا حتى ابغضك واكفرك واقيم الحد عليك وانت اخي في سوريتنا…واخي في الانسانية ؟؟؟ واقتلك لأنك لاتؤمن باسلامي…؟ انت انسان مثلي ومحب لله والله هو الفيصل بيننا… لذلك شكراً على الصداقة.”
وكان جوابي مع ابتسامة :” ياصديقي كلنا /انتم ونحن وكل من يؤمن بالهه وحتى الاديان غير السماوية التي صنعت آلهتها وعبدتها/ ننشد وجه الله على الارض وخاصة مابين المسيحية والاسلام… وانا اشكرك على صراحتك…”
اقول احبتي
أن مسألة تقريب الأديان والعقائد والمذاهب والطوائف من بعضها وإيجاد نقطة التقاء فيها حتى تختفي الصراعات الدائرة… أمر اشبه بالمستحيل … والمستحيل جداً لسبب بسيط أن هذه الصراعات هي سبب وجودهم الأساسي … وتطلب إنهاء صراعاتهم! انك تطلب الكثير…
في الاسلام اكثر من 70 طائفة ومذهب وكلها تغالط بعضها والبعض يكفر الآخر والحروب بينهم على مدى 14 قرن ونصف وبعضهم يكفر اهل الكتاب…وفق فتاوي المفتين… وما مقتل ثلاثة من اربعة خلفاء راشدين بيد المسلمين على سبيل المثال الا دليل على ذلك…
يقول المتشائمون: “مافائدة التقريب بين جثتين ؟؟ سوف تتعفنان اكثر … على البشر نسيانهما أجمع حتى تغدو التجربة الدينية الحقيقية والوعي الداخلي لوجودية الانسان وتدينه متاحة للافراد…حرة من قبضة الأديان المنظمة …”
الفارق بين الدين وما أكثر اتباعه والمتدينين الحق وما اقلهم…ف”ما اكثر اهل الدين وما اقل المتدينين” على قول رجل الحوار الأول في الوقت المعاصر المطران جورج خضر…
احبتي انا اقول
اختلافات الأديان هي مايبقيها حية…أن يشعر كل منهم بتمترسه بطائفته ومذهبه بتميزه، وأهميته فيتقاتل مع الآخرن على أصغر التفاصيل وهذا مايفعلونه منذ آلاف السنين قتال ونقاش وحوار وقبلات كاذبة وحروب … هذه هي أديان اصحاب الدين
لماذا القلق بشأن التقريب بهذه الجثث ؟
دعهم يتقاتلون مع بعضهم البعض لعلها الطريقة الوحيدة للخلاص منهم أجمعين بأن يتقاتلوا حتى ينهكوا وينتهوا … البروتستانت والكاتوليك تقاتلوا في اوربة عند الاصلاح البروتستانتي… قبلهم الفرنجة وخلال قرنين من حروب الفرنجة في مشرقنا اذاقوا الارثوذكس و ابناء الكنائس الشرقية الويلات فاما ان يصبحوا لاتينيين او مصيرهم القتل وتاريخ القرون الوسطى بهذه الاحداث ما يدمي القلوب وليس فقط ينفرها…
المتشائلون ( وسط بين المتشائم والمتفائل) يقولون:” دعهم يتقاتلون … دع الأديان تتقاتل … ستحد من نسبة تزايد الكثافة السكانية ..سوف يصبح عدد البشر المشفرة والمعلبة والمغيبة أقل…” نظرتهم تقارب نظرية توماس مالتوس في القرن 15 وهو من قديسي الكنيسة الغربية بان الكوارث الطبيعية والانسانية كالحروب تحد من اعداد البشر…
ويتابع المتشائلون بالقول:”…عندها نتخلص من كل تلك الأديان وتلك الجثث … سوف تسنح الفرصة لولادة الأنسان الجديد للبحث عن الذات الحقيقية والتأمل للوصول للانسان الروحاني الصادق الواعي من ضميره وقلبه …ان الانسان بحاجة للتدين الحقيقي بحاجة لوعي لين ينبع من الروح وينساب في كافة الأبعاد والاتجاهات
وقد اكتشف العلماء وجود محيط حيوي جوي حول الأرض والحياة ممكنة بسببه
وحين يصبح الانسان واعيا متدينا حقيقيا … لسوف تنمو طبقة جديدة لهذا المحيط الحيوي …محيط الوعي وسيكون مجد الأرض وعزتها …لكن على الأديان أن تنتهي أولا
علينا بالخلاص من كل الأديان من أجل انقاذ التدين والوعي والصحوة الروحية
محاربة الأديان لصالح التدين…”
انتهت الاستعارة من اقوال المتشائلين…
اضيف انا…
لو فهمنا معنى الدين لما حدث ما يحدث الآن.. جميع الديانات لها تعاليم انسانية وأخلاقية لنتعلم بها.. وتنتهي الصراعات…
انا ديني انسان وطائفتي سوري…
لا بل انا سوري بحضارتي افتخر…