اسطورة النمرود وكفر حور
ترتبط كفر حور بالقصة الأسطورية حول النمرود التي تقول أنه بنى قلعة بعلبك ليصعد منها إلى السماء بعربته التي تجرها أربعة خيول، ولما صعد بها غضبت عليه الآلهة ولعنته، وتاهت عربته في السماء ثم سقطت فوق جبل حرمون قرب قرية كفر حور، حيث مات هناك.
وقبره في حقول القرية عبارة عن صخرتين عظيمتين، لا يبللهما ندى الليل ولا تجرؤ الحيوانات الضارية على الاقتراب منهما
وقد أثارت هذه القصة مخيلة بعض الرحالة الأجانب في القرن التاسع عشر ومنهم Saulcy الذي جاء إلى القرية ليبحث عن قبر النمرود عام 1850، وبالطبع لم يجد القبر وإنما وجد
• كتلتين حجريتين كبيرتين مقتلعتين من مبنى قديم وقد رميتا في وسط حقل على بعد 300 ـ 400 م من القرية،
• كما وجد معبداً صغيراً في القرية من العصر الروماني بني بحجارة رخامية ناصعة البياض، رسمه ونشره في كتاب الرحلة الثانية عام 1853 وقد وصفه كما يلي:
: (كلما اقتربت من القرية مجتازاً المسافة التي تفصلها عن قبر النمرود، كنت أرى بانتباه أكبر كتلة بيضاء منتظمة ترتفع أعلى من البيوت الأولى للقرية والواقعة في وسطها، وتعرفت على قاعدة مزخرفة رائعة ذات طراز يوناني، وها أنذا لا أفكر بقبر نمرود ولكن بالبقايا الأثرية الوقورة التي وقعت عيني عليها.. إن أثراً مماثلاً، وبدون أن يكون أثراً كبيراً، لا بد أن يكون رائعاً وفاتناً ببياضه الثلجي فوق السهل الموجود فيه)
كما حدد بعض الأبعاد المتعلقة على الأغلب ببوديوم المعبد (المنصة)،
وأشار إلى بعض الحجارة المزخرفة بزخارف نباتية وبيضوية التي اعتبرها قد سقطت من سقف المبنى.
كما أن Seep وصف المعبد عام 1866 وسماه قلعة نمرود، وذكر أن مخططه مستطيل مساحته 40 ـ 45 م2 كل جهة بطول 5 ـ 6 م، وارتفاعه 3 ـ 4 م..
وكان هذا المعبد لا يزال موجوداً عندما زاره الرحالة الآثاري احمد وصفي زكريا ووصفه في كتابه عام 1957، وذكر أنه يقع غربي القرية.
وذكر Saulcy أنه رأى مذبحاً رباعي الوجوه (مفقود حالياً)،
• على الوجه الأول نقش كتابي باللغة اليونانية يذكرأن: لوسيوس عبد الإلهة هيرابوليس، قد خصص لها الهيكل، وهو الذي جاء عشرين مرة وملأ عشرين كيساً..
• كما أن الوجه الثاني يحمل نصاً آخر ذكر فيه: لوسيوس أكبيوس التقي والمرسل من قبل السيدة أتارغاتيس
وهكذا يمكن القول أن قرية كفر حور كانت مزدهرة في العصر الروماني وبني فيها هذا المعبد المكرس لعبادة الربة “أتارغاتيس” التي عبدت في المنطقة وهي تمثل الربة عشتار المحلية.
ولدى البحث عن هذا المعبد، لم يوجد منه سوى بعض الحجارة الكلسية ناصعة البياض متناثرة في القرية فقد هدم كلياً وأقيمت مكانه الأبنية الحديثة منذ عدة عشرات من السنين، ولم يبق في القرية من آثار العصر الروماني شيء يذكر.
الا انه ما تزال في محيط القرية مجموعة من آثار العصر الروماني باقية وقد حافظت على سلامتها بسبب عدم وصول الامتداد العمراني إليها..
◘ ففي جبل القلع (ارتفاعه حوالي 1080 م) الذي يشرف على القرية من الجنوب توجد مجموعة من مقالع الحجارة وعدة خزانات للمياه حفرت في الصخر بشكل دقيق إلا أنها مردومة ولا يمكن رؤية أرضياتها، وحفرت حولها أقنية لتجميع المياه المنسابة على السطوح الصخرية للجبل، ويبدو أن بعضها كان مخصصاً للدفن واستخدم لاحقاً لتخزين المياه
◘ كما توجد مجموعة من المدافن الفردية والجماعية لها عدة أشكال أحدها حفر بجانبه مدرج دائري صغير بعدة درجات ربما استخدم للجلوس أثناء زيارة المتوفى وإقامة بعض الطقوس الجنائزية
◘ وايضا يوجد هيكل (معبد صغير) محفور في الصخر أبعاده حوالي 5 × 5.5 م وارتفاعه حوالي 5 م يسميه الناس “كرسي الدب”، ينفتح إلى الشمال، وفي واجهته الجنوبية مذبح يتم الصعود إليه عبر مجموعتين من الأدراج كل منها يتألف من أربع درجات.
◘ وفي النهاية الشرقية لجبل القلع توجد مغارتان طبيعيتان مغارة “سميل”، ومغارة “الحمام” فيها بعض الرسوم المحفورة على جدرانها مثل الحمامة التي أخذت المغارة تسميتها منها وخطوط هندسية على شكل مثلث.
وقد استمر ازدهار البلدة في العصر الرومي و كان فيها دير رومي يعود الى اوائل وجود الرهبنة مطلع القرن الخامس المسيحي
كما اكتشف فيها سراج فخاري من هذا العصر محفوظ في مستودعات المتحف الوطني بالرقم (2610).
وذكر زكريا أنه في شرقي القرية هضبة مرتفعة، بنى عليها الفرنسيون حصناً لمراقبة المنطقة أثناء احتلالهم لسورية، يقول السكان أنه كان فيها آثار وقد استخرجوا منها بعض اللقى بعد أن خربوا المبنى.