الموسيقي جميل عويس
(1890ـ 1948)
موسيقي سوري مهم ، ولد في قرية من قرى جسر الشغور ، تتلمذ على أيدي شيوخ حلب وأعلامها. اكتسب ثقافته العالية من المدارس الأرثوذوكسية التي درس فيها، وأتاح له إتقانه اللغة الفرنسية والتركية الاطلاع الواسع على الموسيقى الغربية و الشرقية. وكان بارعا في التدوين الموسيقي، وماهرا في العزف على ألة الكمان، مما أوصله إلى مكانة مرموقة في مصر، عندما نزح إليها عام 1913.
استعان به سيد درويش في تدوين أعماله، إذ لولا جميل عويس لضاعت مؤلفات سيد درويش، ولما بقي منها سوى النذر اليسير المحفوظ في الأسطوانات، وصدور الحفظة من هواة فنه ومحبيه.
بعد وفاة سيد درويش، اتصل به الفنان محمد عبد الوهاب الطامح لاحتلال مركز الصدارة الموسيقية في مصر، وكان يومئذٍ طالبا في «معهد فؤاد الأول» ـ معهد الموسيقى العربية ـ فاستعان به في تدوين أعماله الموسيقية والغنائية الأولى، وفي تعليمه التدوين الموسيقي، فكان لعويس اليد في تشكيل فرقته الموسيقية التي كان فيها العازف الرئيس والموجه والمعلم للفرقة الموسيقية .
كان جميل عويس قبل اتصال محمد عبد الوهاب به، توّاقاً إلى تحقيق أهدافه الموسيقية التي تحتاج إلى تمويل، ومن هنا وجد في محمد عبد الوهاب ما يروم ويبغي، الأمر الذي يوضح سر العلاقة التي قامت بين الاثنين ودامت حتى عام 1937.
حيث استطاع بعلمه الغزير، وثقافته الموسيقية الواسعة، إقناع محمد عبد الوهاب باستعمال مختلف أنواع الآلات الإيقاعية الغربية، إلى جانب آلتي الكمان الجهير ـ فيولونسيل ـ والكونتر باص .
وكان أول استخدام للكونتر باص في مونولوج«أهون عليك». كذلك استعمل عويس آلات موسيقية أخرى تستخدم عادة في الموسيقى الغربية الراقصة كآلة الأكورديون، وكان أول استخدام لهذه الآلة في مونولوغ «مريت على بيت الحبايب» لمحمد عبد الوهاب عام 1932 ثم في تانغو «سهرت منه الليالي» الذي ظهر في فيلم «دموع الحب» عام 1935.
وزع جميل عويس وقاد وأخرج جميع أعمال محمد عبد الوهاب الغنائية والموسيقية التي ظهرت في أفلام «الوردة البيضاء»، و«دموع الحب»، و«يحيا الحب» إضافة إلى جميع الأغاني التي ظهرت قبل تلك الأفلام وفي أثنائها وأشهر تلك الأغاني قصيدتا «أعجبت بي»، و«على غصون البان»، ومونولوج «بلبل حيران» إضافة إلى الأعمال الموسيقية من سماعيات ومقطوعات «فرحة»، و«ألف ليلة»، و«حبي»، و«شغل»، و«لغة الكيتار».
العودة الى حلب
عاد جميل عويس إلى حلب عام 1938، بعد أن استعاض عنه محمد عبد الوهاب بالموسيقي عزيز صادق. وفي خلال إقامته اتصلت به المطربة ماري جبران وطلبت إليه أن يترأس فرقتها الموسيقية…وهكذا بدأ عمله معها في حلب ثم في دمشق في ملهى «بسمار» ـ مقهى الكمال اليوم ، ومن ثم في صالة منصور في بيروت، ثم دفعه الحنين إلى مصر، وتفاقم لديه هذا الشعور عندما وجهت إليه أم كلثوم الدعوة ليقود فرقتها الموسيقية، فرحل إليها والحرب العالمية الثانية تكاد تضع أوزارها، فتولى توزيع أعمال ملحني أم كلثوم وقيادة الفرقة في أفلام «دنانير»، و«سلامة»، و«فاطمة».
توفي الفنان جميل عويس مهملاً منسياً، من دون أن يترك إرثاً يورثه لورثته عدا كمانه ومؤلفاته النفيسة التي تداولتها الأيدي حتى آلت إلى الشاعر العربي الحمصي الراحل عبد الرحيم الحصني، وبقيت لدى أسرته تحتفظ بها وتعتز.
مؤلفاته
تمتاز مؤلفاته بالضخامة والجزالة، وأنها لم تخرج عن الصيغ الموسيقية المعروفة في الموسيقى الشرقية.
فقد كان الافتتاح عنده يمهد للأفكار التي ستصافح المستمع، والصياغة الفنية المتكاملة، والألحان في أبعادها واتساقها تتصاعد بسمو لا تتزلف ولا تستجدي
أشهر مؤلفاته: سماعي مقام نوا أثر، ولونغا مقام عجم، وأفراح، وبشرف مقام كرد، وسماعي مقام فرحفزا، ورقصة الغزلان….