كنيسة القديس الحارث في مسقط (سلطنة عمان)
مقدمة للذكرى
إنه يوم الفرح والأمل، إنه يوم القيامة الذي تجلى بأبهى صوره بعد سنوات من الحلم والعمل حتى أبصرت كنيسة القديس حارث بن كعب النجراني النور، والتي دشنها وكرسها غبطة ابينا البطريرك يوحنا العاشر في إطار زيارته الرعائية إلى مسقط- سلطنة عمان بدعوة من راعي أبرشية بغداد والكويت وتوابعهما، لتشع الكنيسة قلوب المؤمنين ولتؤكد عراقة الايمان والأصالة.اتى هذا التكريس لهذه الكنيسة المقدسة كأولى واهم فعالية من فعاليات زيارة غبطة ابينا البطريرك يوحنا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق الى سلطنة عمان في الفترة مابين 26 و30 ايار 2022.
بدعوة من راعي ابرشية بغداد والكويت وتوابعهما سيادة المتروبوليت غطاس (هزيم) زار غبطة ابينا البطريرك يوحنا العاشر رعية مسقط زيارة رعائية بين 26 و30 ايار 2022.
رافق غبطته في هذه الزيارة الرعائية وفد كنسي مؤلف من سيادة المتروبوليت أفرام (معلولي) متروبوليت حلب والاسكندرونة وتوابعهما، سيادة الاسقف أرسانيوس (دحدل) المعاون البطريركي رئيس دير القديس جاورجيوس الحميراء البطريركي، الارشمندريت برثانيوس اللاطي السكرتير البطريركي في المقر البطريركي/ البلمند، والارشمندريت جراسيموس كباس السكرتير الشخصي لغبطته، والشماس ايلاريون (بشارة) من سكرتارية غبطته، والاعلام البطريركي.
كان في استقبال غبطته في مطار مسقط الدولي سيادة راعي الابرشية المتروبوليت غطاس، وسعادة السفير السوري في السلطنة الاستاذ ادريس ميا، والاستاذ احمد البحري مدير دائرة الرعاية الدينية في وزارة الاوقاف العمانية، والارشمندريت ديمتري منصور راعي الرعية وعدد من ابناء الرعية اضافة الى طاقم التشريفات في المطار.
خلال الزيارة كرّس غبطته كنيسة القديس حارث بن كعب الأنطاكية الأرثوذكسية في مسقط، ومما قاله:” انتم مزروعون في قلب كنيسة أنطاكية، رسالة لاتنسونها،نحن على هذه الارض المشرقية، ركّاب قارب واحد مع اخوتنا المسلمين نتنسم وإياهم مرضاة الرب العليّ القدير”.
وسط اجواء رجائية هبت نسماتها على ترانيم الاطفال مطعمة بنفحات الطفولة وبراءتها، أقيمت أمسية مرتلة بعنوان”نشيدنا صلاة”.
حضر الأمسية اصحاب السيادة المطارنة، الآباء الكهنة، الشمامسة وأبناء الأبرشية ومدعوون كثر…
خلال هذه الامسية المرتلة، أبدع أطفال مدارس الأحد الارثوذكسية في رعية مسقط، وحلقوا بتراتيل تعانقت مع نشيد الترحيب الذي أُعّدّ خصيصاً لاستقبال غبطته بقلم يارا حنا.
اما الجزء الثانيمن الأمسية فتخللته معزوفات لفوج كشاف القديس يوحنا المعمدان في الكويت بقيادة قائد الفوج عمر الرحباني، وقد حاكت المعزوفات الثقافة وخطّتْ تراث الآباء والاجداد…
قصة بناء الكنيسة
في مطلع السبعينات، بدأ قدوم عدد من المؤمنين من بلاد الشام الى السلطنة بقصد العمل، وكانوا بحاجة الى كنيسة يصلون فيها. ترددوا أولاً الى كنيسة الأقباط وذلك حتى العام 1998.
في تلك السنة زار كاهن ارثوذكسي أميركي عمان لخدمة أفراد الجيش الأميركي الأرثوذكسيين، إلا ان ذلك لم يتم بسبب عدم وجود جنود أرثوذكس. لكن الزيارة لم تذهب هباء بسبب موظفة من ابناء الكنيسة في السفارة الأميركية، فجرى التواصل معها ثم مع ابرشية أميركا الأنطاكية، التي وجهتهم الى الاتصال باكويت حيث مقر المطران، وهو المسؤول عن سائر جزيرة العرب، وكان آنذاك المثلث الرحمات المتروبوليت قسطنطين بابا ستيفانو. ولبى سيادته الطلب وأرسل كاهناً يقيم الخدم في المناسبات (كان هو وقتئذ الاب الحارث ابراهيم أعلاه) لمدة ليست طويلة، ثم ومنذ العام 2000 بدأ يتوافد الى الرعية كهنة من المطرانية في الكويت ليخدموا هذه الرعية، حتى خُصص لها كاهن مقيم.
أكرم جلالة السلطان قابوس بن سعيد المسيحيين في السلطنة، فمنح لهم أراضي في كل محافظة من محافظات السلطنة، ليقيموا عليها الكنائس ويقوموا بالشعائر الخاصة بهم. وقد خص جلالته كنيسة أنطاكية بقطعة ارض لبناء كنيسة عليها في مجَّمعْ غلا للكنائس. وفي العام 2018 في عهد المطران غطاس (هزيم) وضع حجر أساس الكنيسة، وتمت المباشرة بأعمال البناء بهمة أبناء الرعية وكاهنهم الارشمندريت ديمتري منصور في حزيران 2019 وانتهى البناء نهاية العام 2020 وأقيم أول قداس الهي فيها في عيد الميلاد لهذا العام.
أعضاء الرعية الارثوذكسية في عمان من جنسيات مختلفة عربية ويونانية وروسية ورومانية وقبرصية وأميركية…، والقداس الالهي يُقام بالعربية واليونانية والانكليزية يوم الجمعة، وبعض الأحيان أيضاً يوم السبت لأبناء التعليم الديني (مدارس الأحد).
نشاطات الرعية مختلفة، منها الروحية حيث تأسست أخوية سيدات لدراسة الكتاب المقدس، فرقة عائلات تجتمع شهرياً ضمن نشاطات مختلفة ترفيهية وروحية. كما تقوم الرعية دائماً بنشاطات موسمية ميلادية مثل اسواق خيرية وحفلات ورحلات دينية في الصيف.
القديس الحارث بن كعب النجراني
كان هو الرئيس على مدينة نجران وجوارها في شمال اليمن، مسيحياً يسلك في مخافة الله، يسوس مدينته بالحكمة والدراية، ويشهد له الجميع بالفضل والفضيلة. وكان قد تقدم كثيراً في السن، عندما واجه سيف الاستشهاد. وخبر استشهاده هكذا كان:
إن المتولي على مملكة سبأ او المملكة الحميرية، اي بلاد اليمن، آنئذٍ، كان يهودياً واسمه ذو النواس، وكان في صراع مع ملك الحبشة المجاورة، كالِب (ألسبان) المسيحي. ولما كان ذو النواس يخشى جانب مدينة نجران اليمنية أن تين عدوّه عليه بسبب وحدة الايمان المسيحي بين الحبشة ونجران، عزم على محو المسيحية من هناك، فحشد قواتٍ كبيرة، وأتى، فحاصر نجران، لكن نجران صمدت فأخذها بالحيلة. ولما دخلها أعمل السيف في رقاب اهلها، وكان يأتي بالناس اليه ويخيرهم بين الموت ونكران المسيح. واول من مثل لديه في المحاكمة شيخ نجران، الحارث، وقد جيء به محمولاً، لأنه كان قد بلغ الخامسة والتسعين من العمر.
وقف الحارث أمام الغازي ، فأبدى شجاعة فائقة، واستعداداً تاماً لأن يموت من اجل الرب يسوع ولاينكره. وكان مع الحارث جمع من الناس، بلغ عددهم أكثر من أربعة آلاف، فلما رأى ذو الواس أن ثني هذا الشيخ عن مسيحيته أمر مستحيل، أمر بالقضاء عليه فقطعوا هامته. وكما أبدى الحارث مثل هذه الأمانة، أبدى رفاقه أيضاً، فتسارعوا الواحد بعد الآخر، وأخذوا يسِمون أنفسهم، على الجبين بدم شيخهم وكبيرهم استعداداً للموت، عندئذٍ، أمر الملك اليهودي ذو النواس بضرب أعناقهم أيضاً، وإلقاء بعضهم في أتون نار (ورد ذكر ذلك في سورة الأخدود بالقرآن) فنال جميعهم إكليل الشهادة في العام 523مسيحية وتعيد الكنيسة لقديسنا ورفقته في الرابع والعشرين من تشرين الاول من كل عام