Quantcast
Channel: د.جوزيف زيتون
Viewing all articles
Browse latest Browse all 1470

نقولا زيادة شيخ المؤرخين العرب 1907-2006

$
0
0
الدكتور نقولا زيادة شيخ المؤرخين العرب 1907-2006
في السابع والعشرين من تموز عام 2006م عندما كانت المدفعية الصهيونية تحرق الحجر والشجر والبشر في قرى وبلدات الجنوب اللبناني، والطائرات الإسرائيلية تغتال العمارات الآهلة بالسكان في الضاحية الجنوبية من بيروت .. غيب الموت المؤرخ الفلسطيني اللبناني السوري (الدكتور نقولا عبدو عبد الله زيادة)، الذي كان الأديب الراحل (ظافر القاسمي) يطلق عليه تحبباً لقب “ابن زائدة”- نسبة إلى معن بن زائدة – لعلمه وتواضعه ورجاحة صدره- 

بين التاريخ وعلم التاريخ

من 1907 إلى 2006، قرن من الزمن تقريباً، من النصف الأول للعقد الأول من القرن العشرين، إلى النصف الأول من العقد الأول من الألفية الثالثة. قرن من الزمن، قضاه هذا العلم الرفيع بين الدراسة والتعلم والعطاء الفكري والأدبي. رحل مثقلاً بالرصيد المعنوي الذي تركه في الأوساط الثقافية العربية، غاب جسداً، وبقي حياً في الذاكرة وفي الأذهان. إنه المؤرخ والمفكر نقولا زيادة.
مؤرخ واعٍ لموقعه في سياق المرحلة ومواصفاتها الثقافية. إستأثر بالمشهد محولاً ما عداه إلى رواة أو مؤرخين حديثين.

لمحة عن حياته

ولد نقولا زيادة في الثاني من شهر كانون الأول  من عام (1907) في  حي باب مصلى المسيحي خارج دمشق جنوباً، وهي المحلة التي كانت حتى تاريخه تقع خارج دمشق القديمة التي كانت محاطة بأسوارها، وكانت محلة باب مصلى وهي مدخل ضاحية الميدان ببعدها السكني وتجارة الحبوب وحظائر الأغنام ومركز تجميع اللحوم والالبان والاجبان، وحارتين مسيحيتين فيها هما القورشي والموصلي مع وجود كنيسة حنانيا الرسول الارثوذكسية وكنيسة سيدة النياح الكاثوليكية…

ولد علمنا نقولامن أبوين فلسطينيين من مدينة الناصرة، حيث كان والده عبد زيادة يعمل مساعد مهندس في سكة حديد الحجاز في القسم الهندسي في ادارة الخط الحديدي الحجازي بدمشق.

اما والدته فهي ليا (ألين) شُرُّش ريحاني، أخته ماري، وأخوته قسطنطين، ألفرد، وجورج.

وقضى نقولا زيادة طفولته في دمشق، وبالرغم من الفترة القصيرة التي عاشها في دمشق مابين ولادته وعمر 8 سنوات الا انه كان مع والديه رفيقهم في الذهاب الى كنيسة القديس حنانيا الرسول في القورشي بالميدان للصلاة والخدمة في هيكل الكنيسة كبقية اطفال الرعية، اضافة الى انه كان في بيته يعيش الايمان بالصلاة والصوم، وقد ادخله والده الى مدرسة القديس حنانيا الرسول الابتدائية  (بصفي الحضانة والتحضيري )التي كانت داخل  صرح الكنيسة.
نُكب بفقدان والده، وهو في الثامنه من عمره. فعاش طفولة صعبة بمعية أمه، التي عادت به الى مدينة الناصرة عام (1917) مع اخوته الثلاثة حيث يقطن خاله الوحيد، الذي تعهده بالرعاية.. فعندما كان في الثامنة من عمره تم تجنيد والده في (حرب السفر برلك)- الحرب العالمية الأولى- وتقرر نقل المجندين إلى السويس حتى قبل أن يتلقوا التدريبات الضرورية، وتم تجميع العسكر في التكايا والأديرة والجوامع وأطلقوا عليهم اسم (السوقيات)، وتلفظ : “السويقة” أي أولئك الذين سيتم سوقهم إلى الموت بنيران المدفعية البريطانية على ضفة السويس.
ويروي علمنا  الدكتور نقولا زيادة نتفاً من الذكريات المحفوظة عن تلك المرحلة
“في يوم من الأيام أخبروا أمي بمرض والدي ونقله إلى المستشفى، لم يقولوا لها أي مستشفى ولا وضعه الصحي، وبات علينا أن نفتش عليه، وكنا أنا وأمي نتناوب عملية التفتيش، تذهب أمي وأبقى أنا مع أخي الصغير، وفي اليوم التالي أقوم أنا بالتفتيش. وكنت أنا في سن الثامنة ومع ذلك فقد زرت كل المستشفيات التي كانت تحت الإدارة العسكرية العثمانية.
وفي يوم من الأيام كان دور أمي بالتفتيش، ولما رجعت إلى البيت كانت تحمل كيساً لم أعرف محتوياته، وقالت لي ثلاث كلمات فقط: نقولا، أبوك مات!! وعرفت أن ثيابه ومقتنياته البسيطة كانت في الكيس الذي جلبته معها.
-مات (عبدو عبدالله زيادة) قبل أن يصل إلى جهة السويس، أصيب بمرض من الأمراض التي تفشت بين (السويقات)، وأدخل المستشفى، وتم التثبت من موته في المستشفى-.
المهم أن أمي نادتني وفتقت الفرشة وأخرجت منها شقفة قماش ملفوف فيها ليرة عصملية ذهب وقالت لي: نقولا، هذا كل ما معنا …
وأدركت يومها معنى كلمة (هذا كل ما معنا)، أدركت أهميتها وصعوبتها أكثر من إدراكي لموت والدي!!
وإذا كنت قد خفت من الموت، فإنني خفت أكثر من الفقر، الموت موت، لكن الفقر أنت لا تعرف حالك وكيف بدك تعيش.
كنت أرى أمي تشتغل وتتعب حتى تعيّْشنا، وكان علي أن أجتهد في مدرستي لكي أنجح واشتغل وأعيل أمي وأخويّ الاثنين ..”

قضى نقولا زيادة طفولته في دمشق الشام، وصباه وشبابه في فلسطين، وبسبب الظروف المادية القاسية اختار أن يكمل دراسته في دار المعلمين الابتدائية في مدينة القدس بدلاً من الالتحاق بالجامعة الأميركية أو غيرها، فالدراسة في دار المعلمين تنتهي في 3 سنوات، يتم تعيينه بعدها في سلك التعليم ويقبض الراتب في آخر الشهر، وبالتالي يستطيع إعالة أمه وأخويه.

مسيرته الدراسية

بدأ نقولا زيادة تعليمه الابتدائي في مدرسة الفرير في دمشق، ثم التحق بالمدرسة الرسمية الابتدائية في مدينة طولكرم، بعد أن عاد في سنة 1916 إلى مدينة الناصرة مع والدته وأخوته عقب وفاة والده. وفي سنة 1917، انتقل مع عائلته إلى مدينة جنين. وبعد انقطاعه عن الدراسة خلال سنتي 1917 و1918، التحق في سنة 1919 بمدرسة جنين الابتدائية.

ومالبث أن قتل خاله في إنفجار قنبله ألقتها طائرة بريطانية.  ففقد في رحيله الراعي والمربي والمعيل وفي سن السادسة عشر (1921) تم قبول نقولا زيادة للدراسة في دار المعلمين بالقدس (الكلية العربية فيما بعد) بعد نجاحه في امتحان القبول، وتخرّج فيها في صيف سنة 1924.

 وبعد تخرجه منها عمل مدرساً للتاريخ والجغرافيا لمدة سنة في مدينة الناصرة وفي قرية ترشيحا ثم انتقل الى مدينة عكا حيث علم في مدرستها الثانوية بين سنتي 1925 و1935. وفي فلسطين تعرف على بعض بعثات التنقيب الأثري، حيث عمل مع السير فلندرز بتري في حفرياته الأثرية، وقد بدأ مؤرخاً منذ عام (1930)حين بدأ 1930 و1931 بنشر مقالاته الأولى في مجلة “المقتطف”. حيث نشر مقالاً في مجلة المقتطف عن معركة مجدو الشهيرة في التاريخ.

وشارك في عكا  بتأسيس النادي الأرثوذكسي في عكا سنة 1929 وانتُخب في هيئته التأسيسية.

 وكان قد درس علمنا نقولا بمفرده خلال سنتين مواد امتحان المتريكوليشن (Matriculation)، وتقدم إليه وحاز شهادته في سنة 1927، الأمر الذي أهّله لمواصلة تعليمه الجامعي. ثم تقدم في سنة 1931 إلى امتحان الشهادة العليا للمعلمين ونجح فيه. وكانت إدارة المعارف في فلسطين تساوي الناجحين في هذا الامتحان بخريجي الجامعة الأميركية في بيروت.

ويروي الدكتور نقولا زيادة ذكرياته عن موقف جمعه مع أمه قبل التحاقه بدار المعلمين:”قبل ما أدخل دار المعلمين بعدما نجحت بالامتحان، كنا بزيارة عند جيران إلنا، ونحن راجعين وقبل ما ندخل البيت، وقفت أمي وقالت لي: نقولا، أنا بشتغل حتى أعيشك أنت وأخوتك، رح ابعتلك كل شهر مائة قرش (جنيه واحد) مصروف إلك، ما إلك حق تدخن من اللي أنا بتعب فيه، لما تحصّل مصرياتك دخّن”، وما دخنت حتى صار عمري 32 سنة …
وتخرج نقولا زيادة من دار المعلمين في مدينة القدس عام 1924 انخرط بعدها في سلك التعليم، وتنقل بين مدارس: ترشيحا وعكا الثانوية والكلية العربية في القدس، كما علم في بعض مدارس دمشق، لكن حلم الالتحاق بالجامعة ظل يلح عليه.
يقول عن ذلك:”بعد إحدى عشرة سنة من تخرجي من دار المعلمين في القدس صحلي الالتحاق بالجامعة، كان إخوتي الاثنين صاروا يشتغلوا، دبروا حالهم، فذهبت إلى بريطانيا للالتحاق بجامعة لندن”.
حيث كان في عام (1935) اختير لبعثة لدراسة التاريخ القديم في جامعة لندن ببعثة من ادارة المعارف في فلسطين عامئذ.

 وخلال فترة دراسته هذه، أمضى تسعة أشهر بين سنتي 1936 و1937 في ألمانيا بقصد تعلم اللغة الألمانية، فأقام ببرلين فترة قصيرة من الزمن ثم التحق بجامعة ميونيخ ودرس مساقاً في تاريخ العصر الهلنستي ومساقاً آخر عن الحروب الصليبية. ثم سافر في صيف سنة 1938 إلى مدينة بيزانسون الفرنسية لتعلم اللغة الفرنسية. حيث حصل على البكالوريوس في عام (1939) وعاد بعدها الى القدس، لتدريس التاريخ القديم وتاريخ العرب، في الكلية العربية فى القدس. .

عاد زيادة إلى فلسطين بعد حصوله على درجة البكالوريوس في التاريخ من جامعة لندن في سنة 1939، حيث عمل ثماني سنوات في تدريس مادة التاريخ في المدرسة الرشيدية وفي الكلية العربية في القدس (1939-1947). وألقى عشرات المحاضرات، كما أعدّ أحاديث لإذاعة فلسطين في موضوعات متنوعة، ثم صار يعدّ حديثاً مرة كل أسبوعين لمحطة إذاعة الشرق الأدنى التي أُنشئت سنة 1942 في جنين قبل أن تنتقل إلى يافا. وكانت بعض أحاديثه نواة أولى كتبه وهو “صور من التاريخ العربي” الذي نشرته دار المعارف في مصر سنة 1946.وكان قد صدر اول كتاب له في عام (1943) بعنوان: (رواد الشرق العربي في العصور الوسطى)

في العام الدراسي 1945-1946، طُلب من زيادة أن يلقي محاضرتين في الأسبوع على طلاب مركز الشرق الأوسط للدراسات العربية في القدس (Middle East Center for Arabic Studies) الذي أنشأته وزارة الخارجية البريطانية لتعليم الضباط والموظفين البريطانيين الشباب اللغة والتاريخ العربيين .

سافر زيادة في أيلول 1947 إلى لندن لإعداد أطروحة دكتوراه في التاريخ الإسلامي في جامعة لندن بعد حصوله على منحة من المجلس الثقافي البريطاني. وخلال وجوده في بريطانيا، عُيّن، في حزيران/ يونيو 1948، قارئاً في قسم اللغات الشرقية في جامعة كمبردج، كما صار يعدّ أحاديث للقسم العربي في الإذاعة البريطانية.

ومن جامعة لندن حصل على بكالوريس في التاريخ، وأيضاً على دكتوراه في التاريخ الإسلامي، وتخرج عام 1950 ليعمل بعدها أستاذاً للتاريخ العربي في الجامعة الأمريكية في بيروت، والجامعة الأردنية وجامعة القديس يوسف في بيروت، كما اشتغل مشرفاً على رسائل الدكتوراه في التاريخ العربي بين عامي 1973 و 1987.

وبعد احتلال فلسطين نزح نقولا زيادة إلى لبنان، حيث التحق بالجامعة الأمريكية في بيروت. للتدريس فيها عام (1958)، وظل فيها حتى عام (1973). حيث تقاعد وهو في سن الخامسة والخمسين. وانتقل الى جامعة القديس يوسف في بيروت حتى عام (1992) كما درس في الجامعة الأردنية لمدة سنتين (1976- 1978) بعدها عاد الى بيروت عاملاً في الجامعة اللبنانية، محاضراً ومشرفاً ومشاركاً في عدة مؤتمرات دولية.

وعمل نقولا زيادة أستاذاً زائراً في عدد من الجامعات الكبرى. بينها جامعة هارفارد بامريكا، وعين شمس بمصر. وفي ليبيا. وكتب في الصحف والمجلات. وكان هدفه تصحيح المغالطات أو النواقص في الموضوعات التاريخية المنشورة في الصحف،وتثقيف أولئك العامة من الناس، الذين لم تتح لهم الفرصة لاتمام دراستهم.

 وكان نقولا زيادة قد ألّف بين سنتي 1945 و1947 عدداً من الكتب التدريسية التي صدرت عن المكتبة العصرية في يافا، ومن أهمها: “العالم القديم” في جزئين، و”عالم العصور الوسطى في أوروبا”، و”المختار من التاريخ العربي” الذي صدر الجزء الأول منه بعنوان: “وثبة العرب”. كما حرر في الفترة نفسها مع صديقه علي شعث عدداً من الكتب تحت عنوان “سلسلة الثقافة العامة” استوحيا شكلها من سلسلة “اقرأ” الصادرة عن دار المعارف في مصر.

في أيار1949، انتقل زيادة إلى بنغازي في ليبيا لتولي منصب مساعد مدير المعارف في برقة، لكنه عاد إلى بيروت في أيلول من السنة نفسها، كي يلتحق بالجامعة الأميركية ويعمل أستاذاً مساعداً في دائرة التاريخ فيها. وكان زيادة، منذ مغادرته بريطانيا، يواصل إعداده أطروحة الدكتوراه، فنال الشهادة في تشرين الثاني 1950. وفي تشرين الأول 1956 عُين أستاذاً مشاركاً، ورُقي في سنة 1958 إلى درجة الأستاذية، وترأس دائرة التاريخ بالوكالة في الجامعة الأميركية (1955-1956)، ثم أصبح رئيساً أصيلاً لها (1956-1966). وبقي زيادة يعمل في هذه الجامعة حتى تقاعده في سنة 1973.

كُلف زيادة الإشراف على أطاريح الدكتوراه في التاريخ العربي في جامعة القديس يوسف في بيروت بعد تقاعده من التعليم في الجامعة الأميركية. كما درّس التاريخ في الجامعة الأردنية مدة سنتين (1976-1978)، ثم في الجامعة اللبنانية مدة سنتين أيضاً، وألقى خلال الفترة 1984 – 1990 محاضرات عن تاريخ الإسلام والحضارة الإسلامية في كلية اللاهوت للشرق الأدنى في بيروت، التي تُعِد قساوسة إنجيليين.

ودرّس زيادة تاريخ الإسلام والحضارة الإسلامية بصفته أستاذاً زائراً في عدد من الجامعات العربية والأجنبية، وألقى محاضرات في عدد كبير من العواصم العربية والأجنبية، وشارك في عدد من مؤتمرات المستشرقين.

زار زيادة الدول العربية جميعها تقريباً، فضلاً عن تركيا والهند وباكستان وجمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية، كي يتعرف على معالم الحضارة الإسلامية.

كان زيادة أستاذ شرف في دائرة التاريخ لدى الجامعة الأميركية في بيروت، وعضواً مراسلاً في المجمع العلمي العراقي، وعضو شرف في جمعية المستشرقين الألمانية (Die Deutsche Morgenlandische Gesellschaft)، وعضواً في جمعية المستشرقين الأميركيين (The American Oriental Society) وفي جمعية العصور الوسطى الأميركية (The American Medieval Society). كما كان عضواً في المجلس الاستشاري للموسوعة الفلسطينية ومحرراً في القسم الثاني منها، ومحرراً لسلسلة الدراسات العربية التي صدرت عن لونغمان (Longman’s Arab Background Series) في لندن وعن مكتبة لبنان في بيروت حتى سنة 1990، حين استقلت مكتبة لبنان بإصدارها.

نال نقولا زيادة عدداً من الأوسمة، منها وسام الأرز الوطني برتبة فارس من لبنان في سنة 1973، ووسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة في سنة 2002، ووسام  الكرسي الانطاكي المقدس  قلده اياه غبطة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس  اغناطيوس الرابع  في سنة 1993 باحتفال انيق في الدار البطريركية بدمشق. كما حصل على عدد من الدروع والجوائز التقديرية من عدد من الجامعات والحركات الثقافية العربية. وفي سنة 1997 أسست الجامعة الأميركية منحة باسمه تُمنح سنوياً لأحد الطلاب المتخرجين في التاريخ.

في مطلع شبابه كتب نقولا زيادة العديد من المقالات، ونشر أعماله الأولى في الصحف والمجلات السورية آنذاك، وصدر له عام 1943 أول كتاب بعنوان (رواد الشرق العربي في العصور الوسطى)، وتتابعت بعدها دراساته الموسوعية التاريخية حتى وصلت إلى نحو أربعين كتاباً بالعربية وستة كتب بالإنكليزية.
لم ينخرط الدكتور نقولا زيادة في أحزاب أو تنظيمات سياسية كما فعل العديد من الفلسطينيين ولم يسمح للسياسة أن تشغله عن حياته الفكرية والثقافية والتربوية، وإن كان لم يغفل عن تدوين أخبار رجال السياسة والفكر والأدب والتربية …
في مذكراته التي صدرت تحت عنوان (أيامي .. سيرة ذاتية) التي صدرت عام 1992- حين كان عمره 85 سنة- أخذ عليه بعض الدارسين أنه لم يؤرخ للقضية الفلسطينية وهو الفلسطيني الناصري –نسبة إلى الناصرة- وهو قال عن هذه المذكرات في مقابلة صحافية في نيسان عام 2003:” لم أجرب أن أكتب مأساتي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية بالذات، الذي ذكرته في كتابي وتحدثت عنه وكتبته في سوى ذلك، كان محاولة لتوضيح المأساة العامة .. مأساة الشعب الفلسطيني وفلسطين بالكامل، لكن أنا لم أكتب تاريخاً لهذه الفترة، ولا أدري لماذا تجنبت ذلك؟ إن كان عمداً أو مجرد اشتغالي بشيء آخر، يعني أنا لم أؤرخ للقضية الفلسطينية، مثلاً لمحات منها أن الزعماء الفلسطينيين وجميع الزعماء العرب لم يفهموا تماماً معنى (وعد بلفور) بوطن قومي لليهود في فلسطين على أن لا يؤذي هذا الطوائف غير اليهودية الموجودة في فلسطين .. لما أُعطي هذا (الوعد) كان عدد اليهود في فلسطين لا يتجاوز خمسة أو ستة بالمائة .. يقول الوعد عن الـ 95 بالمائة (أن لا تتأذى من هذا الأمر)، يعني الفكرة من الأول فيها شيء، هذه واحدة، الشيء الثاني حاييم وايزمن أول رئيس لـ (دولة إسرائيل) كان أستاذاً في جامعات لندن، كان كيماوياً، وهو أعلن في سنة 1921 في إنكلترا أن فلسطين ستصبح يهودية كما هي بريطانيا بريطانية، يعني الغاية من الأصل كانت ليست مجرد (زاوية) أو (قرنة). الغاية كانت (فلسطين لليهود)، هذه لم يفهمها الزعماء الفلسطينيون والعرب، لذلك الوفد العربي الفلسطيني الأول الذي ذهب إلى إنكلترا سنة 1921، جرّب أن يطلب من الحكومة أن تلغي (وعد بلفور)، ما أدركوا أهمية وعد بلفور!!
الشيء الثاني فيما تقدم من الزمن، كان هم الزعماء أن يكونوا زعماء، وبعدين بيهتموا بالقضية .. فيه فرق بين أن تكون القضية هي الأساس عندك والزعامة تأتي على طريق القضية، لكن كانت القضية تأتي عن طريق الزعامة … يمكن يكون هذا السبب ما خلاني أكتب تاريخ القضية الفلسطينية)).
وفاته

مات شيخ المؤرخين العرب في منزله في بيروت27 تموز 2006 في بيروت عن عمر 99عاماً فهو من مواليد كانون الأول  عام 1907، ووري الراحل الكبير الثرى باحتفال ديني مشهود ولكن على الصعيد الوطنيترافق بصمت لا يليق بقامته الشامخه.

 رئس جنازته مطران بيروت الياس عودة ممثلاً لغبطة بطريرك انطاكية وسائر المشرق اغناطيوس الرابع  بمشاركة مطارنة الابرشيات الأرثوذكسية وعدد كبير من الاكليروس الارثوذكسي، بحضور العديد من رؤساء الكنائس المسيحية الأخرى وعدد من الشخصيات الفكرية والدبلوماسية وجمع غفير.

نقولا زيادة والتاريخ

يقول زيادة عن التاريخ أنه حركة دائمة. وهو يستعمل كلمة (حركة) عامداً، ولايقول سير التاريخ أو مسيرة التاريخ. فالسير والمسيرة في نظره. كلمتان تدلان على اتجاه في خط واحد على العموم. لكن الحركة لاتتقيد باتجاه واحد. فقد تكون الى الأمام أو اليمين أو اليسار الى فوق أو تحت. ونراه لم يقل الى الخلف، لأنها لاتتجه الى الخلف. إنها تتطلب شيئاً فيه دفع، وليس فيه رجوع!..

لقد كان المؤرخ نقولا زيادة صاحب رؤية تاريخية. ورسالة فكرية وتربوية سعى أن يوصل الى القارئ معارفه، وما مكنه العمر من جمعه للثقافات العالمية. وماكشفته آخر الحفريات الأثرية والبحوث العلمية في المشرق والمغرب. وكان مفكراً ومؤرخاً. جمع بين جدية التحليل وغزارة الانتاج.

لم يغب التاريخ عن حياة نقولا زيادة فكرس له حياته. لكنه لم يبقه تاريخاً جافاً، بل أدخل إليه أسلوبه الأدبي، وكأنه ولد ليكون مؤرخاً، أو يسهم في صناعة التاريخ، الذي كان يدافع عنه، ويردد دائماً جملته: “تعلم الناس من التاريخ أن لايتعلموا”.

نقولا زيادة والقضية الفلسطينية

كان هم الزعماء العرب أن يكونوا زعماء، وبعدها يهتمون بالقضية..هناك فرق بين أن تكون القضية هي الأساس عندك. والزعامة تأتي عن طريق القضية. لكن كانت القضية تأتي عن طريق الزعامة.. هذا السبب يمكن أن يكون السبب، الذي جعل نقولا زيادة لايكتب عن القضية الفلسطينية، وقد رحل نقولا زيادة دون أن يؤرخ للقضية الفلسطينية، وليته فعل! كونه الاصدق…

نقولا زيادة والسياسة

لم ينخرط نقولا زيادة في أي جهد سياسي، ولم تشغله السياسه يوماً عن حياته الفكرية، والثقافية والتربوية. لكن مذكراته التي جاءت تحت عنوان (أيامي.. سيرة ذاتيه) حفلت بأخبار رجال السياسة. فضلاً عن رجال الفكر والأدب والتربية. ومن أقواله في هذا المجال: “بسبب افتقاد الزعماء العرب للأفكار في العمل السياسي الذي لايعرفون فنونه، بيتنا ننتقل كل يوم من نكبة الى آخرى”!.

سورية عند نقولا زيادة

عاش نقولا زيادة ومات، وهو مؤمن بوحدة سورية الطبيعية، وكان يعتبر نفسه مواطناً سورياً بالمعنى الواسع لهذه العبارة وهو يقول أن سورية بلاد غنية بالذكريات، غنية بالعظمة الخالدة وإنما تحتاج الى من يتذكر قيمة بعض هذه العظمة. وأي بلاد أحق بالذكرى من سورية”!..

تكريم نقولا زيادة

إن حياة مؤرخ العصر الحديث الدكتور نقولا زيادة،وأحد عمالقة القرن العشرين، حافلة بالانجازات، تشهد على ذلك مؤلفاته ومحاضراته ومقالاته ومساهماته في الندوات والمؤتمرات العربية والعالمية.. وقد كان شاهداً على عصره، عاش آلام أحداثه ومآسيه. وتخرجت أجيال من المثقفين على يديه. يسحرك بسرده التاريخي المتسلسل والسلس والمنطقي، يحيط بجوانب الموضوع بشمولية. ذاكراً وجهات النظر المطروحة ليصل الى التصور المقبول والصحيح. والتاريخ كما يقول توينبي Toynbee “تحد واستجابه” وقد ركز على ضرورة ربط الأرض (الجغرافيا) بالتاريخ في جو مشبع بالروح الانسانيه.

نقولا زيادة هو موسوعة هذا الزمان. لم يكن أكاديمياً فحسب، بل كان نموذجاً فذاً للمثقف الشامل. فإلى جانب التاريخ غاص زيادة في قراءة الحضارات والثقافات وتاريخ الاقتصاد والأديان والرحلات، وأدب السيرة حين أصدر سيرته الذاتية تحت عنوان (أيامي) في جزئين.

 الدكتور نقولا زيادة شيخ المؤرخين العرب 1907-2006

الدكتور نقولا زيادة شيخ المؤرخين العرب 1907-2006

قال ممثل غبطة البطريرك اغناطيوس الرابع بطريرك انطاكية وسائر المشرق متروبوليت بيروت وتوابعها سيادة المتروبوليت الياس عودة في حفل تأبينه في قداس الاربعين في  كنيسة نياح السيدة في 10 ايلول 2006  في رأس بيروت  الكلمة التابينية  التالية:(1)

” لقد حملني  صاحب الغبطة ابونا البطريرك إغناطيوس تعزياته القلبية الحارة للعائلة الكريمة رافعاً معهم الصلاة من أجل المعلم الذي قدرّ وأجلّ والعالم الذي قل نظيره في ربوعنا والمؤمن الذي أحبَّ. وكثير مما سأقوله هو وحيّ حديثٍ مع هذا الحبر الجليل.

أيها الأحبة، إننا نذكر اليوم في صلاتنا بشكل خاص علماً من أعلام التاريخ، إنساناً  عصامياً ومربياً وديعاً ومؤرخاً كبيراً عايش قرناً كاملاً ولم يسأم الحياة، شهد أحداثاً جساماً طبعت تاريخنا الحديث كما طبعَ هو نفسُه الطلاب والمريدين الذين تتلمذوا عليه.

الدكتور نقولا زيادة تاريخٌ بحد ذاته، موسوعي وباحث موضوعي. هذا المقدسي المشرقي  المنفتح على كل علم وثقافة لم يتقوقع ولم تأسره حدود. لعل هذا عائد الى تعدد انتماءاته. فالأصل فلسطيني، والمولد سوري والتعلم في لندن والتعليم في الشرق والغرب، أما الاقامة ففي ربوع هذا اللبنان الذي احبه حباً كبيراً. ولعله عائد اولاً الى ارثوذكسيته، الى استقامة رأيه وصدق رؤيته. فالدكتور نقولا من الناصرة كان، من مدينة يسوعنا الناصري الذي عاش وعلّمَ المحبة والتواضع والتفاني ومات من اجل الانسان، كل انسان، لافتدائه. ولم يكن فقيدنا بعيداً عن هذه الروح. كان انساناً وديعاً بلا تصنع، متواضعاً لم يشب نفسه اي انتفاخ رغم ثقافته العاليةوعطائه الغزير. كان محباً متفائلاً، شديد الحيوية يفيض فرحاً وحبوراً متقد الذهن حتى آخر ايامه. وقد أحب الحياة حتى الرمق الأخير وكان يتوقع بلوغ المئة لكن الله أخذه الى دوره لئلا يرى الظلمة الفاتكة بالانسان والعمران.

كان بالاضافة الى كل هذا، مرتبطاً بكنيسته أيما ارتباطك ما يقول عنه بطريركنا العزيز. كان يهتم بشؤونها ويتحدث عنها بغيرة فائقة، يحترم رئاستها ويهتم بمؤسساتها.

لم يزر مرة دمشق دون ان يعّرج على الرئاسة الروحية فيها. كان يطيب  له المرور بدار البطريركية  والتسامر مع غبطة أبينا البطريرك الذي يكن له  كل محبة وتقدير واحترام كما ذكرنا سابقاً، أما جامعة البلمند فكانت عزيزة في عينيه وكان انشاؤها  حدثاً مهماً بالنسبة له ومدعاة فخر وغبطة. فخره بالبلمند يعود الى تقديره العلم والثقافة، بعداً آخر ملتصقاً بالايمان ومعلنا سره . فرغم صعوبة الظروف التي عاشها لم ينصرف عن طلب العلم والمعرفة. لقد عرف اليتم باكراً اذ فقد والده ولم يبلغ الثامنة من عمره، وبعد تسع  سنوات فقد والدته وكان عليه ان يعيل اختاً واخوين رفض من اجلهما منحة تخوله الالتحاق بالجامعة الاميركية في بيروت، وثابر على التعليم في عكا من أجل إعالتهم.

هذا العصامي العنيد لم يتراجع أمام الصعوبات ولم يفقد الأمل والتفاؤل بالغد وتوصل الى الحصول على شهادة الدكتوراة من جامعة لندن، وكانت السنوات التي قضاها هناك مناسبة للتعمق في التاريخ القديم، تاريخ اليونان والرومان خاصة، لكنه لم ينس جذوره، وكتاباتُه لاحقاً تمحورت حول تاريخ العرب واتسمت بالأمانة والصدق العنصرين اللذين نكاد نفتقدهما في كتابة التاريخ في أيامنا.

والى شغفه بتاريخ العرب أحبّ لغتهم أيضاً وبرع فيها. فقد اتقن اللغة العربية وجعلها جسراً له نحو الآخر. لم تكن بالنسبة له مدعاة لإظهار الأنا أو التقوقع في صناعتها وجمالياتها، بل أخذها اليه وصارت منه، يسكب فيها علاقته بالانسان، صارت الأداة الطبيعية العفوية  التي بها يلتقي الآخر وبها يهديه علماً وثقافة ونمواً إنسانياً.

سوف نفتقد هذا المثقف العلامة الرحّالة لأن اشباهه اصبحوا قليلين، لكن عزاءنا أنه نهل الحياة حتى الثمالة ولم يترك في كأسها حباباً، لكنه ترك لنا ارثاً يفتخر به العرب وتفتخر به كنيسته، كنيستنا.

دعاؤنا اليوم وفي كل يوم أن يجعله الرب الاله رفيق الملائكة والقديسين ساكناً في ملكوته السماوي الى أبد الدهور، آمين.

وكان زيادة معلماً بكل معنى الكلمة.. سبعون عاماً ويزيد في ممارسة التعليم المدرسي والجامعي. لم يتوقف خلالها عن الانتاج الكتابي.

كان علامة وعلامة بكل معنى الكلمة. وجيلنا العربي الهاه التكاثر عن قراءة التاريخ الغني، الذي كتبه نقولا زيادة ومن هم على الطريق ذاتها.

وبعد وفاة نقولا زيادة أقيمت ندوات عديدة للتحدث عن مؤرخ العرب في القرن العشرين. وبخاصة في بيروت ودمشق وعمان والقدس تحدث فيها الأساتذة المحاورون عن اهتماماته الموسوعية في التاريخ. على أختلاف وجهات النظر فيه. وقد حمل الهم العربي طيلة قرن من الزمن. وكان يقول عن نفسه: “إن حياتي مثلث أضلاعه (المسيحية والأرثوذكسية والعروبة).

وقد ذكر أحد الأصدقاء في حفل تكريمه وتأبينه في دمشق أنه كان يدرج نحو المئة بفرح غامر، ويخطط لأيامه المقبلة، بنشوة الأيام الأولى عاش القرن العشرين بطوله وفي فؤاده ثلاث حسرات هي (فقدانه لوالده في سن مبكرة، وفقدان وطنه فلسطين، ثم فقدان زوجته) كما كان في فؤاده أربع متع لم يبرح عطرها وهي: (السفر والحروف والحسان والنبيذ).

قال عنه الدكتور أنيس الصايغ

“كان نقولا زيادة من المؤرخين القلائل، الذين تتعدى معرفتهم التاريخية حقباً وفصولاً، أو عهوداً أو شعوباً محددة. كانت معلوماته وتحليلاته التاريخيه تشمل دائرة عريضة جداً في الومان والمكان”.

وقال عنه الدكتور محمد عبيد الله

“اعتمد نقولا زيادة على التواصل مع أقرانه من خلال المقالات التي ظهرت مجموعة منها في جريدة الحياة بعد وفاته” ولفت عبيد الله إلى أن نقولا زيادة ربط بين الأدب والتاريخ من خلال مقالاته، وعمق لوناً خاصاً من الكتاية، يمكن تسميته بالأدب التاريخي.

اما الدكتور سيار الجميل فقد قال

“نقولا زيادة كالعنقاء، يطاول الزمن الصعب”

ومن عام (1907) الى عام (2006) قرن من الزمان، قضاه المؤرخ الكبير نقولا زيادة بين الدراسة والتعليم والعطاء الفكري والأدبي.. غاب جسداً لكنه بقي حياً في القلب والذاكرة.

الشيخ نقولا !!!

الفشل الغريب في حياة نقولا زيادة، هو فشله في أن يقنع الكثيرين في المغرب العربي أنه مسيحي، فحجتهم في ذلك أنه لا يمكن للمسيحي أن يستشهد بالآيات القرآنية والأحاديث الشريفة، بل إن الفقيه التطواني أحد علماء المغرب ذهب إلى أبعد من ذلك، فقد كان يذكره أمام أصحابه باسم «الشيخ نقولا»!!.

الخاتمة

قال فاروق وادي فيه: “بحضوره انفتح كتاب التاريخ بصفاء، بل انفتحت موسوعة الزمان”

 يعتبر المؤرخ الدكتور نقولا زيادة، من رعيل المثقفين الأوائل إذ شهد كل القرن العشرين، واحداثه التاريخيه المريرة. وكان بمثابة سجل حي، بما يحتفظ به من الذكريات الخصبه.

نقولا زيادة مؤرخ عتيق لكنه مجدد، فهو من أبناء بدايات القرن العشرين، جيل المؤرخين المشهورين:د. اسد رستم مؤرخ الكرسي الأنطاكي المقدس، د.فليب حتي، محمد شفيق غبريال، مجيد خدوري، جواد مصطفى وألبرت حوراني وغيرهم.

وقد أسهم الدكتور نقولا زيادة في إغناء الحياة الثقافية والفكر العربي. ليس بكتبه ومقالاته العديدة في التاريخ ومشاركاته ومحاضراته، ومساهماته وفي تعليقاته، وهو إنسان من نوع نادر، يعتني بصحته وملبسه، وأكله وشربه. ولم يزل يشعر وكأنه شاب، يمتلك قلباً كبيراً في اخضراره وحيويته فى الحياة.

نقولا زيادة واحد من أبرز المؤرخين العرب ومن رواد الفكر العربي الحديث المستنير. كان أستاذاً لأجيال من الطلاب والطالبات. تميّز بنزوعه القومي العربي واعتباره، على الرغم من مسيحيته المشرقية، الحضارة العربية حضارته. ومتنورو القومية العربية في بلاد الشام اخوته الكبار، عشق المدن العربية، وفي مقدمها القدس، ودمشق ، وبيروت… وعُرف بدماثة خلقه وحدة ذاكرته وحلو حديثه وغزارة إنتاجه، إذ بلغ عدد مؤلفاته 41 كتاباً باللغة العربية، و6 كتب باللغة الإنكليزية، كما ترجم العديد من الكتب من الإنكليزية إلى العربية، وكتب مئات المقالات والدراسات والأبحاث. وأتقن زيادة عدة لغات أجنبية كالإنكليزية والألمانية والفرنسية واليونانية واللاتينية.

وفي سنة 2002، أصدرت الدار الأهلية للنشر والتوزيع في بيروت أعماله الكاملة في 23 جزءاً، تُعتبر القسم الأعظم من نتاجه العلمي. كما جمعت دار رياض الريس للنشر والتوزيع كثيراً من مقالاته التي صدرت في مجلدات.

بمقدار ماكان شديد التمسك بجذوره الوطنية الفلسطينية وبحبه لسورية مسقط رأسه ومسرى طفولته وبلبنان مسرى حياته وقد عمل لأجلهم عمله لأجل سورية الواحدة التي لم يؤمن الا بها، بمقدار هذا الانتماء الوطني والقومي والعروبي كان يجهر بالصوت بأن الحضارة العربية ليس من العدل والانصاف ان نسميها فقط اسلامية لأن مساهمة المسيحيين وقتها صارخة بأجلى بيان في صنعها في دمشق وبغداد…وبالمقابل كان شديد التمسك بمسيحيته وارثوذكسيته لذلك لم زار قداسة البابا يوحنا بولس الثاني سورية في عام 2001 استضافت الاذاعة السورية ببث مباشر علمنا المؤرخ الكبير نقولا زيادة على مدى هذا اليوم الماراثوني الطويل وكان من ضمن الاسئلة والتعليقات التي سألته اياها المذيعة التي لم تكن ابدا على مقدار هذه القامة فقد قالت له مرارا وتكرارا عن القدس انها مقدسة لدى المسلمين ثم المسيحيين وان القدس هي معراج النبي الى السماء وهناك قبة الصخرة والجامع الاقصى… وعندما كررتها كثيرا اجابها في المرة الاخيرة  بكل دماثة وادب رفيع بما ابكمها بقوله فهو المسيحي الفلسطيني ابن الناصرة بلد الرب يسوع  وابن الشام منطلق المسيحية الى العالم مع بولس الرسول وحنانيا الرسول و…

قال لها: ياسيدتي تكررين هذا الكلام وتجعلين المسيحية بعد الاسلام بالنسبة للمقدسات اود ان اقول لك ان  المسيحية سبقت الاسلام بستة قرون، الاسلام ابن شبه الجزيرة العربية وقد وفد منها الى الشام وسورية بمافيها فلسطين التي تصرين على مقدساتها الاسلامية قبل المسيحية، بلاد الشام التي استقبلت المسلمين بكل حب…انتم في الاسلام عندكم مكانين مكرمين في الجزيرة منطلق الاسلام، هما مكة المكرمة والمدينة المنورة، نحن ابناء المسيحية في كل العالم ليس عندنا الا فلسطين وهي المكان الاقدس مسيحياً فأم يسوع  العذراء من الناصرة. في فلسطين ولد ببيت لحم وعلى ارضها عاش واكل من زرعها وشرب من مائها واعتمد من يوحنا في نهر الاردن فقدس ماءه، وعلم في هيكلها، واجترح المعجزات على ارضها وفي بستان الزيتون في اورشليم صلى في الليلة الاخيرة ومنه اعتقله اليهود في آخر مسيرته بفلسطين، وفي القدس حاكموه وجلدوه وصلبوه ودفنوه ومنها قام من بين الاموات، من اورشليم صعد الى السماوات، ومن السماوات ارسل المعزي روح الحق واحله على رؤوس تلاميذه وامرهم بالانطلاق نحو العالم للتبشير من فلسطين انطلقوا وليس من مكان آخر، نحن لنا فلسطين المقدسة بمقدساتها المهد والقبر وكنيسة القيامة وكل مكان يشهد لقداستها وأنت تعطينا المقام الثاني بعد الاسلام الذي نجله ونحترمه … فتلعثمت ولم تعرف لبرهة ماتجيبه…

من آثاره الفكرية

عدد لايحصى من المقالات في التاريخ والآثار وقدنشرها في الدوريات…في كل مكان في بيروت ودمشق والقاهرة وفلسطين …

مؤلفاته

يقول نقولا زيادة عن مؤلفاته: لي أربعون كتاباً باللغة العربية وستة كتب باللغة الانكليزية، وتسعة كتب مترجمة من الانكليزية إلى العربية، وكتاب مترجم من الألمانية الى العربية اسمه (تاريخ العرب). أما المقالات فكثيرة. وحوالي (1700) حديث إذاعي بالعربية كتبتها وقدمتها، وحوالي (500) بالانكليزية. وقد قامت (الأهلية للنشر والتوزيع) بجمع مؤلفاته العربية في مجموعة كاملة سنة (2002) دعيت (الأعمال الكاملة) في (23) مجلداً ومن أهم مؤلفاته:

-رواد الشرق العربي في العصور الوسطى (1943).

-العالم القديم –جزآن- (1942)

-صور من التاريخ العربي (1940)

-شخصيات عربية تاريخية (1946)

-عالم العصور الوسطى في اوروبا (1947)

-الجغرافيا والرحلات عند العرب (1987)

-شاميات.. دراسة في الحضارة والتاريخ (1989)

-لبنانيات.. تاريخ وصور (1992)

-أيامي.. سيرة ذاتية –جرآن- (1992)

-في سبيل البحث عن الله (2000)

-المسيحية والعرب (2001)

-الفكر اليوناني في الثقافة العربية- ترجمة- (2003)

-تاريخ البشرية –جزآن- ترجمة عن الانكليزية للمؤرخ أرنولد توينبي.

Urban Life in Syria under the Early Mamluks. Beirut: American University of Beirut Press, 1953.

Syria and Lebanon. New York: Praeger, 1957.

Sanusiyah: A Study of a Revivalist Movement in Islam. Leiden: Brill, 1958.

Origins of Nationalism in Tunisia. Beirut: American University of Beirut Press, 1961.

Damascus under the Mamluks. Norman: University of Oklahoma Press, 1964.

ترجمات:

ديمتري غوتاس. “الفكر اليوناني والثقافة العربية: حركة الترجمة اليونانية – العربية في بغداد والمجتمع العباسي المبكر (القرن الثاني – القرن الرابع هـ/ القرن الثامن – القرن العاشر م.)”. ترجمة وتقديم نقولا زيادة. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ط 1، 2003.

Dimitri Gutas. Greek Thought, Arabic Culture: The Graeco-Arabic Translation Movement in Baghdad and Early ‘Abbasid Society (2nd-4th/ 8th-10th centuries). New York: Routledge, 1998.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 1470

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>