Quantcast
Channel: د.جوزيف زيتون
Viewing all articles
Browse latest Browse all 1470

جامع الخضر في بيروت الأصل كنيسة القديس جاورجيوس الارثوذكسية

$
0
0
جامع الخضر في بيروت الأصل كنيسة القديس جاورجيوس الارثوذكسية
خصَّصَ برنامج تراث من نور حلقتَه الثانية من الشبكة الرابعة لكنيسة القديس جاورجيوس التاريخية القائمة خارج أسوار بيروت، والمعروفة اليوم بجامع الخضر بعد أنْ تمَّ الإستيلاءُ عليها في العهدِ العثمانيّ وتحويلِها الى مسجد.
قدَّمَ هذه الحلقة المهندس غبريال أندريا المعروف بأبحاثِه في تاريخ مدينة بيروت ومعالمها المسيحية الرومية، وعقَّبَ عليه الدكتور نجيب جهشان، رئيس الجمعية الثقافية الرومية.
أكّدَ المهندس أندريا بأنَّ الإضاءةَ على هذه المواقع التاريخية هو لإستكشافِ الماضي المسيحيّ بعلمٍ وموضوعية وتجرّد دون إثارةِ أي نعراتٍ طائفية أو سياسية.
يقول التقليدُ البيروتي المتوارثُ أن الكنيسة بُنيت في القرن الرابع في مكانِ المعركة التي خاضَها القديس جاورجيوس ضدّ التنّين. وتعودُ هذه القصة الى السنوات الأولى من القرنِ الرابع حين سرَت رواية بأنَّ تنيناً وحشاً كان يهاجمُ المدينة في كلِّ سنة وكان شعبُ المدينة يسترضيه بتقديم إحدى الفتيات له كضحيةٍ يلتهمُها. وفي إحدى السنين، وقعَ الخيارُ على إبنةِ الحاكم لتقدَّمَ للتنين، فإنبرى القديس جاورجيوس الفارس وهاجمَ التنينَ وقتلَه وأنقذَ الفتاة. وقعَ هذا الحادثُ عند ضفةِ نهر بيروت حيثُ بُنِيَت الكنيسة. وشاعَ الخبرُ لاحقاً في كلِّ سواحل البحر المتوسط، وتبنَّت هذه القصةَ عدةُ مدن، ونسبتها أحياناً إليها.
الشكل رومي
الشكل رومي
أهميةُ موقعِ الكنيسة يعودُ لوجودِها عند الطريق الساحليّة التي تربطُ طرابس ببيروت، إذ كانت معبراً لكل الرحّالة والمسافرين في فينيقيا الساحلية. وكانت الكنيسةُ خارج أسوار المدينة، التي كانت تمتدُّ فقط من ساحة الشهداء شرقاً الى السراي الكبير غرباً، ومن البحر شمالاً الى شارع الأمير بشير جنوباً، بحيث لا تمثِّلُ بيروت القديمة سوى 5 بالمئة من بيروت الحالية. وتشيرُ الكنيسةُ، للقادمين الى بيروت من الشمال، بموقعِها عند نهر بيروت المدعو ماغوراس في اليونانية، الى هوية المدينة المسيحية. ويقولُ العديدُ من المؤرخين والبحّاثة بأنَّ هذه الكنيسة كانت في البدء مارتيريون، أي كنيسة شهيد، وكانت مجاورةً لمدافنِ بيروت الرومانية القديمة التي بقيَت من آثارِها الى اليوم مدافنُ مار مخائيل المارونية عند نهر بيروت.
بناء الكنيسة
بنَت الكنيسةَ القديسة هيلانة بين سنتَي 325 و330 عندما كلَّفَها إبنُها الامبراطور قسطنطين بزيارة أورشليم وإستكشافِها.
معروف ان هيلانه هي التي إكتشفَت الصليبَ المقدس ونقلَته الى القسطنطينية وبنَت العديد من الكنائس في المدينة المقدسة وكنائسَ أخرى في طريقِ عودتِها ومنها كنائس صور وجبيل، وكنيسة عند نهر ماغوراس أهَدتها للقديس جاورجيوس شفيع مدينة بيروت ضمنّ خطَّتها برفع الكنائس والهياكل في الحوض الشرقي للبحر المتوسط /ومنها دير الصليب الرهباني في قبرص حيث اهدته قطعة صغيرة من عود الصليب هي اليوم محفوظة باكرام شديد موضوعة قلب تقاطع خشبتي الصليب الخشبي الكبير هو مصفح بالفضة( وقد نلت بركة قبلته والسجود له- د.جوزيف زيتون) /.
يقالَ بأن الملكة هيلانة أهدت الكنيسة عاموداً رخامياً وُضعَ في حنيتِها. والى جانب الكنيسة كان يقعُ بئرُ ماء يُروى بأن القديس جاورجيوس ربطَ إليه فرسَه. وبُنِيَ في العصور اللاحقة قربَ الكنيسة ديرٌ ومجمَّعٌ ديني. أما البناءُ فكانَ على طراز الكنائس الأولى البسيطة التي تتألّفُ من مبنى حجري، حنيةٍ نصف دائرية متجهةٌ نحو الشرق، عامودٍ من الرخام في حِنية الهيكل، نوافذُ صغيرة وضيقة…
تضرَّرَت الكنيسة، كما سائر أبنية المدينة، جراءَ زلزال سنة 551، إلاّ أنَّها صمدَت بسببِ بنائها العقدي البسيط. ويقولُ المؤرخون أنَّ صمودَ الكنيسةَ دعمَ معتقدَ البيروتيين بأن القديس جاورجيوس هو حامي المدينة وشفيعُها.
إستمرَّ ذِكرُها فيما بعد، وبقيَت كنيسةً جنائزيةً مع ديرِها المجاور حتى دخول العرب في سنة 634. وهي بالفعلِ الكنيسة الوحيدة التي نجَت من زلزال بيروت المدمِّر. ولما دخلَ المسلمون الى بيروت لم يحوِّلوا في حينِه هذه الكنيسة الى مسجد، بل بقيت كنيسةً عاملةً لعشرةِ قرونٍ إضافية. وقد أعطت إسمها للخليج منذ القرن الثالث عشر. كان الرّحالة يُسمّونها كنيسة القديس جاورجيوس خارج الأسوار.
في العهدِ الإسلامي، بقيَت كنيسة القديس جاورجيوس خارج الأسوار وكنيسةٌ أخرى داخلَ المدينة الكنيستَين الوحيدتَين العاملتَين في المدينة، وبقيَت رمزَ المسيحية في بيروت. ووردَ ذكرُها في المجمع المسكوني السابع وفي القرن العاشر. ولما جاءَ / الفرنجة/ لاحقاً، بقيَت هذه الكنيسة الوحيدةَ بيدِ الروم في بيروت. في القرن الثاني عشر، أعادَ / الفرنجة/ بناء هذه الكنيسة وتوسيعَها حسب نمطِهم المعماري. وأطلِقَ في حينِه إسم القديس جاورجيوس على خليج بيروت بالإضافةِ الى خليج القديس أندراوس الصغير في مكان مرفأ بيروت الحالي.
ومع دخول المماليك، بقيَت الكنيسة مستخدمة بالرغمِ من الإضطهادات والضيقات التي فرضوها على السكان وذلك بسببِ وجودِها خارج المدينة فلا تشكلُ خطراً عليهم.
ووردَ لاحقاً عند المؤرخ البطريرك الماروني إسطفان الدويهي بأن العثمانيين إستولوا على كنيسة الموارنة في بيروت، فبدأ الموارنة يتشاركون مع الروم في مزار النورية داخل المدينة وفي كنيسة القديس جاورجيوس خارج الأسوار. تحوّلت عندها إلى كنيسة جنائزية لمسيحيي بيروت. بدأ الوجودُ المارونيّ في بيروت في القرن الثالث عشر، وبقيَ ضعيفاً حتى منتصف القرن التاسع عشر. كانوا يشاركون الروم في هذه الكنيسة وفي مزار سيدة النورية داخل المدينة. ولما إحتلَّ العثمانيون كنيسة القديس جاورجيوس خارج الأسوار، بقوا لمدةِ قرنَين دون كنيسة الى أن بنوا لإنفسِهم، في حوالي السنة 1850، كنيسة صغيرةً تحوَّلَت لاحقاً الى كاتدرائية القديس جاورجيوس المارونية.
جامع الخضر في بيروت الأصل كنيسة القديس جاورجيوس الأرثوذكسية
جامع الخضر في بيروت الأصل كنيسة القديس جاورجيوس الأرثوذكسية
الكنيسة تتحول الى جامع
حوّلَها العثمانيون سنة 1669 إلى مسجدٍ بعدما أمر علي باشا الدفتردار، الحاكمُ العسكري لهذه المنطقة، بالإستيلاء عليها عنوة دون سببٍ ودون أي مسوِّغٍ قانوني، رغم كونِها في منطقةٍ قاحلةٍ بعيدة عن السكان ومجاورةٍ للمدافن المسيحية، بالقرب من نهر بيروت. وبدأ الضغطُ للإستيلاء عليها منذ سنة 1659، لذا حوَّلَ مطران بيروت فيليبس الكنيسة الى وقفيةٍ وحرَّمَ التفريطَ بها كلياً، لكنَّه فشلَ في جهودِه تلك، وأصبحَت الكنيسة تُدعى مسجدَ الخضر، والخضرُ هي تسميةٌ إسلاميةٌ تشير الى القديس جاورجيوس الذي يعني إسمُه باليونانية خصوبة الأرض. وجاءَ تحويلُ هذه الكنيسة الى مسجدٍ في سياقِ تحويل المسلمين جميع كنائس بيروت القديمة الى مساجد، ونخصُّ بالذكر كنائس المخلص والقديس يوحنا المعمدان والقديس يهوذا والسيدة، وهي أصبحَت كلُّها مساجد بيروت الرئيسية الموجودة عند مداخلِها القديمة وفي وسطِها المركزي. ويشهدُ بناء المسجد الباقي الى اليوم لأصوله المسيحية وكيف قام المسلمون بملاءَمته لحاجات صلواتهم وعبادتهم بإضافةِ المنبر وحفر محرابِ في الجدارِ الجنوبي. لكنَّ البناءَ بقيّ موجّهاً إلى الشرق ويحوي حنيةَ الهيكل ومصطبتَه، دون الإيقونسطاس ودون العامود القديم الذي كان يرمزُ الى القديس وكان موجوداً في كنائس العصور الأولى، خاصةً في كنائس الشهداء. نوافذه مشيّدة على الطراز الصليبي وأرضُ الهيكل أعلى في مستواها من صحن الكنيسة، والى جانبِ المسجد نجدُ البئرَ القديمة التي سُدَّ منفذُها بعد 1990 بسببِ وجودِ ثكنة عسكرية بجانب المسجد وبناءِ غرف زجاجية حوله
وفي منطقة مار ميخائيل المجاورة، توجدُ المغارة التي كان يأوي إليها التنين بحسبِ المعتقدات القديمة، وهي تحوَّلَت اليوم الى مزارٍ صغيرٍ بإسم كنيسة سيدة البزاز.
القرن 18 عندما تم تحويل الكنيسة الى الجامع بأمر العثمانيين
القرن 18 عندما تم تحويل الكنيسة الى الجامع بأمر العثمانيين
وأنهى المهندس المعماري حوارَه مع السيدة ليا عادل معماري والبروفسور نجيب جهشان بالملخَّصات التالية: يشكلّ ارتباط القديس جاورجيوس بالمدينة سببًا أساسيًّا لبناء هذه الكنيسة، فهو حامي المدينة وشفيعها منذ القرون المسيحية الأولى وقد أعطِيَ إسمُه لخليج مدينة بيروت. سلبُ العثمانيين للكنيسة لا يمحو تاريخَها فهي تجسيدٌ للإرتباط الوثيق بين القديس جاورجيوس وبيروت. ويجب أخيراً التصدّي لكل المحاولات التي تهدفُ لطمس تاريخ المدينة المسيحي فلا يُسلبُ إسمُ الخليج كما سُلِبت الكنيسة، فبيروت”وقفية” لأبنائها، ويلٌ لهم إن فرَّطوا بها وتنازلوا عن معالمِها وآثارها وكنائسِها.
الجمعية الثقافية الرومية نقول الف شكر لكم وبيروت في كل تاريخها ارثوذكسية…
 المصدر الجمعية الثقافية الرومية برنامج تراث من نور
بتصرف جزئي بين /…../ 

Viewing all articles
Browse latest Browse all 1470

Trending Articles