القيصر أمام اختبار وجودي. يكون أو لا يكون. هل يتجرأ على ضرب بطاريات الباتريوت، وهي في الطريق الى مواقعها عند أسوار الكرملين؟ خشية أن يحدث ذلك شن الحرب على أوكرانيا. الآن، لا بد أن يفكر مرتين. صقور البنتاغون يستدرجونه الى المواجهة، وحيث الاختلال الدراماتيكي في موازين القوى، الا في الترسانة النووية. لا أحد يتوقع اللجوء اليها سوى المجانين…
«الكنار انشينه»، الصحيفة الفرنسية الساخرة، أظهرت الشيطان وهو يجر الكرة الأرضية بأسنانه، لا يبدو أن الله يعترض على ذلك، بعدما قال الألماني غانتر غراس (نوبل في الآداب)» ان الله ضاق ذرعاً بنا، وترك مهمة ادارة البشرية للاله الأميركي»…
الأوروبيون يعلمون أن الرجل الذي في البيت الأبيض ليس أبراهام لنكولن، ولا فرنكلين روزفلت، ولا دوايت ايزنهاور، كما لو أن انقلاباً عسكرياً غير معلن وقع في الولايات المتحدة. الجنرالات هم من يقررون. مشكلة القارة العجوز أنها تعاني من نقص في الرجال. من هم في السلطة الآن… بوزن الذبابة!منذ أن تقهقر الجيش الروسي على أبواب كييف، سقطت الذريعة الأميركية بأن دخول القيصر الى المدينة يستتبع، أوتوماتيكياً، دخوله الى برلين ولندن وباريس. ولكن من يستطيع أن يرفع اصبعه في وجه أميركا؟
الكل يرتعد. بدا فولوديمير زيلينسكي، كأحد نجوم ديزني لاند، في تلة الكابيتول. كما لو أنه ينتظر أن يجثو أمامه فلاديمير بوتين، كما جثا هيروهيتو أمام الجنرال دوغلاس ماك آرثر. لا أحد في أميركا ضد الحرب. الشيوخ والنواب صفقوا له، وهو الآتي من الحطام، الذاهب الى الحطام…
أين الصين في كل هذا؟ المعلقون الغربيون يقولون ان الطريق الى رأس القيصر هي الطريق الى رأس التنين. فيليب غوردون، المحلل الاستراتيجي في «المجلس الأميركي للعلاقات الأجنبية»، واثق من «أن الصين بحاجة الى عقدين لارساء نوع من التوازن العسكري معنا. آنذاك يكون جنود المارينز على سطح المريخ».
التنين ما زال يتعامل مع الحرب برؤوس أصابعه. ما معنى المناورات الروسية ـ الصينية في المحيط الهادئ سوى أنها مناورات فولكلورية حتى بتفاصيلها.
لا يمكن للصين الا أن تكون على علاقة وثيقة مع أميركا، بأسواقها الهائلة، وبالضوء الأخضر الذي أعطته لتايوان لبيعها الرقائق الالكترونية، وهي الأساس في الهاي تك. الصين أمبراطورية اقتصادية. ولا يمكن أن تكون، بكل المعايير، على شاكلة الأمبراطورية الأميركية!
حين كان زيلنسكي يهاجم ايران من منبر الكونغرس، كان ايمانويل ماكرون يقول «ان حل المشكلتين اللبنانية والسورية لا يمكن أن يحدث الا في سياق «محادثات» الهدف منها تقليص التأثير الايراني الاقليمي». هذا يعني اقتلاع ايران، جيوسياسياً، من المنطقة بالقفازات الحريرية. بالمحادثات مسيو لو بريزيدان؟ للتو تناهت الينا قهقهات آيات الله…
ولكن هل يمكن لجو بايدن تفجير الصراع مع ايران؟ منطقتنا، بحقول النفط والغاز، نقطة القوة الأميركية مثلما هي نقطة الضعف الأميركية. حتى أن الحفاوة الاحتفالية بشي جين بينغ في السعودية زعزعت البيت الأبيض. كيف يمكن أن يكون المشهد اذا ما اندلعت النيران في ذلك المسرح الزجاجي الذي يدعى… الشرق الأوسط؟
اذاً، الرئيس الأوكراني عاد من واشنطن وفي حقيبته صواريخ الباتريوت؟ هل يعني ذلك فتح الباب أم الخيار الديبلوماسي أم أمام الخيار النووي؟
نبيه البرجي 23/12/2022