تل قرامل ..المستوطنة الأقدم في العالم
“تل القرامل” هو تل ترابي اثري يقع على مسافة 25 كيلومتراً شمالي حلب في سورية، في منطقة المسلمية بالقرب من قرية فافين في مكان استراتيجي لوقوعه على طريق الحرير القديم وعلى خط قطار الشرق السريع، بين القرية التي تحمل الاسم نفسه ونهر قويق الذي ينتهي في حلب. وعلى السرير الغربي (الأيمن) لوادي قويق، وهو عبارة عن هضبة حجرية كلسية ترتفع حوالي 30-35 فوق سرير النهر، ويسمى التل ومنطقة الاستيطان الملحقة به والعائدة الى عصر ما قبل النيوليت، والنيوليت ما قبل الفخار المبكر، اللذان يستقران على تربة حمراء غنية متراكمة في وادي النهر وعلى حافته، وتعتبر المنطقة في الوقت الحالي من أخصب المناطق الزراعية في سورية
وتجدر الاشارة هنا الى ان نهر قويق كان جزءاً من طريق الحرير القديمة الهامة تاريخيا في العلاقات والتبادلات الثقافية والتجارية بين مصر والمشرق وطوروس والاناضول واسيا الوسطى والصين
يبلغ ارتفاعه عن سطح البحر 443 م…
بدأ التنقيب فيه منذ عام 1970 وتوقف عام 2007.
يوجد فيه أقدم أستيطان بشري يعود للالف الثاني عشر ق م
و بذلك يكون اقدم من اريحا و تل ابو هريرة و تل مريبط و الجرف الاحمر و حالولة.
أظهرت نتائج عمليات التنقيب في تل القرامل على نهر قويق شمال مدينة حلب إن هذا الموقع يعود بتاريخه إلى الألف العاشر قبل الميلاد مما يجعله الأهم على صعيد سورية والأقدم عالميا كأول منطقة تم الاستيطان فيها عبر التاريخ.
بدأ الاستيطان في تل القرمل في 10700 قبل الميلاد وهو الأقدم عالمياً
وقد كشفت البعثة السورية البولونية العاملة في موقع تل القرامل عن أثار للسكن والاستيطان الموسمي يعود تاريخها إلى 12-14 ألف سنة قبل الميلاد، وهي عبارة عن مواقد حجرية وأثار للتخييم”.
تلا ذلك انقطاع في السكن حتى بدايات الفترة النيوليتية ثم بدأ الاستيطان وبشكل دائم في الفترة مابين 10700 – 9400 قبل الميلاد, وهذا يعتبر الأقدم في المنطقة والعالم حتى الوقت الحالي.
وكانت أعمال التنقيب بدأت في تل القرامل منذ عدة أعوام ببعثة عاملة سورية بولونية مشتركة ويقع الموقع شمال مدينة حلب بحوالي 25 كم في منطقة المسلمية بالقرب من قرية فافين في مكان استراتيجي لوقوعه على طريق الحرير القديم وعلى خط قطار الشرق السريع.
ان أهمية تل القرامل هو بوجود استيطان قبل الفترة النيوليتية أي 10700 ق م, وهذا يوضح كيف انتقل الإنسان من مرحلة الخيم إلى مرحلة البناء والاستيطان.
وكانت التنقيبات في السابق تشير إلى مواقع أخرى باعتبارها الأقدم كتل المريبط 9500 ق م حيث وجد فيه بدايات زراعة وموقع الجرف الأحمر وأبو هريرة وجميعها تقع بمنطقة الفرات الأوسط، اما الان فان تل القرامل يعتبر الاقدم.
هذه القرية تعطي معلومات عن بداية استقرار الإنسان من حياة البدو وخيام الشَعر والصيد إلى مرحلة السكن في بناء بيوت قروية. ليضع منقبوا الآثار تاريخ قرية تل القرامل على لائحة أقدم مواقع إستيطان للانسان في الأرض.
اسفرت عمليات التنقيب عن اكتشافات مهمة تمثلت بقرية صغيرة مكونة من أربع بيوت دائرية الشكل تراوحت أقطارها بين مترين وثلاثة أمتار بنيت على نمط هندسي واحد له أساسات حجرية بارتفاع نصف متر مكمَّلة بجدران وأسقف خشب. مبنية في جزئها السفلي من الحجارة وتستكمل ببناء خيمة وهي تعود للألف العاشر قبل الميلاد ثم تطورت هذه المنازل فوجد ضمن البيت عدة تقسيمات . وقد استخدم في بناء البيوت مواد متنوعة أهمها الطين والحجر بالإضافة إلى أغصان الشجر.
فيما وُجدت دلائل على وجود بيوت أخرى في تلك الرقعة الجغرافية.
وٌجد في الداخل موقد نار وعمود خشب طويل وسط الغرف يستند عليه السقف كما وجدت عدد من المسنات الحجرية المزخرفة بتقنية عالية وأدوات صوانية وبعض الدمى المصنوعة من الطين المجفف التي تعطي دلالة واضحة على تطور الفنون والمعتقدات لدى إنسان تلك المرحلة.
كما وجد بيت جماعي مقدس للممارسات الدينية يحوي على دمية للآلهة الأم بطول 8 سم تعتبر الأقدم في سورية حاليا وبقرب المنزل يوجد عدة قبور وهذا دليل على تخصيص أماكن محددة للأموات.
واكتشفت البعثة قطع حجرية مزخرفة ومدافن وجماجم مفصولة عن الجسد موجودة داخل البيوت.
وحول سبب وجود هذه الجماجم بهذا الشكل,فإن هذا تابع لطقوس وعادات سابقة وهو ما يعرف بعبادة الأجداد والأصل..وقد وجدت البعثة 4 جماجم في منطقة واحدة تعود إلى حوالي 9700 قبل الميلاد.
ويشار ايضا الى وجود 400 قطعة حجرية وفنية وهو عدد كبير جدا اذا ما قورن مجموع الاكتشافات في مواقع اخرى في العالم.
وتستخدم هذه القطع الحجرية لسن وشحذ الحجر وهي مزخرفة برموز وإشارات تعتبر كبدايات للكتابة حاول الإنسان التعبير من خلالها عن البيئة المحيطة به من مياه وأشجار وحيوانات وغيره.
وتدل هذه الرسومات وبهذه الكمية الكبيرة على تقدم تل القرامل من الناحية الفنية والتقنية واعتباره قرية كبيرة”.
بالإضافة الى التطور المعماري تضمنت الاكتشافات التطور الفني الذي تجسد بالنقوش والزخرفة على قطع حجر الكلورايت, وسميت هذه الظاهرة قديما بثورة الرموز,
.
يمتد حجم القرية الأثرية على 4 هكتارات وجرى التنقيب في مساحة 450 م2 فقط من أصل 600 مقرر العمل فيها.
.
وحول مدى دقة تحديد الفترة الزمنية للموقع,فان الدلائل على تاريخ المنطقة تمت نتيجة بحث علمي أكاديمي من قبل معاهد دولية ومن خلال فحص 57عينة أخذت من التل وتم فحصها بالكربون 14 ونشرت النتائج في مجلة عالمية”.
.
وتعتبر الأبنية الموجودة في “تل القرامل” هي الأقدم المعروفة حتى الآن في العالم، يعود تاريخها إلى بدايات القرن الثاني عشر ق م
.
تتضمن الموجودات في الطبقة القديمة من التل مجموعة غنية جداً من الأدوات اليومية المصنوعة من أحجار الصوان والعظام وأغراض مصنوعة من الحجر مثل قدور وأوان مزينة وطواحين وكسارات منزلية وأدوات صقل وفؤوس وإبر وغيرها، وكذلك تمثال من الصلصال يمثل عصفوراً وأدوات لتنعيم الأسهم المزينة بحجارة نحتت عليها أشكال هندسية، وتماثيل مصغرة لبشر وثعابين. وهذه كلها تعطي صورة عن مجتمع غني عاش في مطلع العصر الحجري الحديث قبل اختراع السيراميك على هذا التل. التل مؤلف من طبقات تعود إلى فترات زمنية محددة.
ووجدت آثار النيوليت ما قبل الفخار تحت طبقات عصر الحديد المبكر وعصر البرونز الاوسط تصل حتى 2,5م. وكشفت اعمال التنقيب الاثري عن غنى استثنائي وأثار استيطانية هامة, الذي تمثل بالتنوع الكبير للبيوت الدائرية التي تطورت لاحقا الى المستطيلة, ولم يمنع ادخال اشكال جديدة استخدام الاشكال القديمة او هجرها, بالإضافة الى منشآت ضخمة تضمنت مجموعة من المباني شيدت لأهداف الاجتماعات سواء المدنية او المقدسة والعناصر المعمارية الدفاعية, كالأبراج الخمسة والمنزل الشبكي الجماعي المقدس ومبنى يحتوي على جماجم ثيران.
وللمباني العمرانية الضخمة وظائف دينية واجتماعية، حيث وجدت ثلاثة أنواع منها
– الأبراج: وهي خمسة أبراج متتالية وتعتبر الأقدم في العالم. منها برج يعتبر الأقدم في سورية له شكل دائري ويعتقد أنه ذو وظيفة اجتماعية دينية ومبني بشكل كامل من الحجارة بطريقة مختلفة عن البيوت التي تبنى من الطين”.
– البيت الجماعي المقدس: وهو بيت كبير الحجم، وفي داخل القسم المركزي يوجد موقد ومصاطب للجلوس.
-منزل ديني مهم: وجدت تحت أرضيته حفرة تحتوي على أربعة جماجم للثور البري متقابلة مع بعضها البعض. “ويعتبر الثور رمزا من الرموز الدينية”.
اما عن الفنون فهي واضحة من خلال الحفر والزخرفة على الأدوات الحجرية الصغيرة، تنوعت الاشكال الفنية على تلك الحجارة، وتمثل كل قطعة مشهدا فنيا كاملا، فيها ما يتضمن حيوانا كالفهد أو الأفاعي أو الأرنب، وغالبا ما يتكون معها أشكال هندسية متنوعة بالإضافة إلى الأشكال النباتية والأنهار، ويبلغ عدد القطع المكتشفة (قطعة كاملة -جزء من القطعة) حوالي 1500 قطعة.
.
كما تتضمن الموجودات في الطبقة القديمة من التل مجموعة غنية جداً من الأدوات اليومية المصنوعة من أحجار الصوان والعظام وأغراض مصنوعة من الحجر مثل قدور وأوان مزينة وطواحين وكسارات منزلية وأدوات صقل وفؤوس وإبر وغيرها، وكذلك تمثال من الصلصال يمثل عصفوراً وأدوات لتنعيم الأسهم المزينة بحجارة نحتت عليها أشكال هندسية، وتماثيل مصغرة لبشر وثعابين. وهذه كلها تعطي صورة عن مجتمع غني عاش في مطلع العصر الحجري الحديث قبل اختراع السيراميك على هذا التل. التل مؤلف من طبقات تعود إلى فترات زمنية محددة.
مصدر البحث
الناشر: شام الروح2
عن يحي الحسيني
ورئيس شعبة التنقيب الأثري بمديرية الآثار في حلب يوسف كنجو