Quantcast
Channel: د.جوزيف زيتون
Viewing all articles
Browse latest Browse all 1470

دير القدّيسة تقلا البطريركيّ في معلولا

$
0
0

دير القدّيسة تقلا البطريركيّ في معلولا

معلولا.. البلدة الأيقونة

دير القدّيسة تقلا في قرية معلولا، محج يستقطب المؤمنين من سورية والدول المجاورة. يبعد خمسة وستّين كيلومتراً عن دمشق إلى الشمال الشرقيّ، ويرتفع ألفاً وستمائة متر عن سطح البحر.

معلولا، هذه القرية، استظلّت آخر سلسلة من السلاسل الجبليّة الثلاث، التي تشكلّ منطقة القلمون، فتمتّعت بعزلة وحماية طبيعيّتين، ما يفسّر، إلى حدّ كبير، ثبات سكّانها على الإيمان المسيحيّ وتمسكهم بالآراميّة لغّتهم الأصليّة.

بالرغم من تعرضهم لنكبات كثيرة كانت اشدها زمن الفاطميين، ثم المماليك بقيادة الظاهر بيبرس عام 1267 في حربه ضد الفرنجة حيث تعرضوا مع كل بلدات ومدن القلمون  لحرب ابادة وتغيير ديموغرافي، وتلتها على الدوام اغارات من البدو والمناطق المحيطة واختطاف البنات والاولاد …وفي عام 1850 تعرضت معلولا الى اكتساح آل خرفوش واتباعهم المتاولة من بعلبك بغزوة دينية، واستشهد مطرانها زخريا وكان شيخاً طاعناً في السن وذلك في مدخل دير القديسة تقلا البطريركي… وآخرها (وياليتها تصبح الأخيرة في مسلسل نكبات هذه البلدة المقدسة) كانت غزوة جبهة النصرة عام 2013 واستشهاد وجرح عدد من ابنائها لرفضهم اعتناق الاسلام، وتدمير البيوت والكنائس ونهب محتوياتها  وبيع اجراس كنائسها وايقوناتها واوانيها المقدسة في العالم، وطال الدمار دير القديسة تقلا البطريركي ونبشت رفات القديسة تقلا وكذلك دير القديسين سرجيوس وباخوس وتهجر سكانها  والى الآن لم يتم ترميم واعادة البناء بها…

على الرغم من ان الاحتفالات المعتادة في عيد الصليب وعيد القديسة تقلا وعيد القديسين سرجيوس وباخوس عادت وبقوة في السنتين الاخيرتين، وهذا هو حال هذه البلدة القلمونية الصامدة بأهلها واوابدها المقدسة حيث تمسح عن وجهها دوما بعد كل كارثة ونكبة طائفية غبار الدمار وتغسل الدماء وتتعالى عن الالم وتعود الى تصدر المشهد السوري في الاحتفالات الدينية المسيحية الرسمي والشعبي الذي اعتادته منذ فجر المسيحية الانطاكية في سورية والحج المسيحي اليها…

النسيج العمراني لمعلولا
النسيج العمراني لمعلولا

يقع الدير في بلدة معلولا التي  مازال أهلها يتكلمون لغة السيد المسيح حتى الآن  الآرامية الفلسطينية، هو دير للراهبات اللواتي كرسن حياتهن للعبادة وخدمة الدير.
بجوار مقام القديسة تقلا بنى المسيحيون مذبحاً لإقامة الصلوات الإلهية وكان ذلك في القرون المسيحية الأولى ومازال حتى اليوم بمكانه المحفوظ .

 وكان القاصد زيارة ضريح القديسة تقلا يصله صعوداُ على السلالم الخشبية والترابية ومع تقدم الأيام آل إلى حالته الحاضرة
وفي الدير كنيسة واسعة تجدد بناءؤها منذ 60 سنة ومتحفاً وأبنية خارجية لسكن الزوار والبناء يتجدد إلى يومنا هذا، كما يوجد قرب الدير فج مار تقلا المحاذي له بما فيه من نتوءات وتجويفات وأماكن واسعة وضيقة أبدعتها يد الخالق، ويؤم الدير في كل عام وخاصة في اعياد البلدة العديد من االسياح المسيحيين العرب والأجانب  لزيارة هذا الدير وزيارة قبر القديسة تقلا عبر حج مسيحي، وتعتبر صيدنايا ومعلولا ومعرة صيدنايا ودير كوكب من مراكز الحج المسيحي المحلي والاقليمي والعالمي.

التسمية 

دير القديسة تقلا البطريركي في معلولا
دير القديسة تقلا البطريركي في معلولا

معلولا كلمة آرامية لفظها الأصيل (مو علولا) ومعناها المعبر أو المدخل  او ممر الدخول الذي عبرت منه القديسة تقلا في الجبل. ويدلّ على موقع القرية في ثغرة ممرّ جبليّ ضيّق، كما يدل على هوائها ومناخها الجبلي العليل…

 ترتفع عن سطح البحر بمقدار 1500م، وتقع على بعد 60 كم من دمشق، وهي بلدة قلمونية تقع كالعقاب في وكره، بيوتها مؤسسة على الصخر متصاعدة بعضها فوق بعض بنسيج عمراني فريد (كثيراً ما استهوى الفنانين فجسدوها في فنونهم) حتى يخيل للناظر إليها أنها مبنية بعضها فوق بعض.

يتكلم سكانها الآرامية الفلسطينية لغة السيد المسيح، التي قام الاستاذ المرحوم جورج رزق الله منذ اكثب من عقد من الزمان بوضع ابجديتها واهتمت الدولة السورية بفتح معهد في معلولا لتدريسها، هذا وقد ذُكر اسم معلولا في المؤلّفات الكلاسيكيّة،

في معلولا معالم تاريخية متفردة أهمها كنيسة بيزنطية قديمة وأضرحة بيزنطية منحوتة في الصخر في قلب الجبل. وتتميز بيوت بلدة معلولا بارتفاع بعضها فوق بعض لطبقات، بحيث لا تعلو الطبقة الواحدة منها أكثر من ارتفاع بيت واحد، لتتحول بذلك سطوح المنازل إلى أروقة ومعابر لما فوقها من منازل.

ساحة دير القديسة تقلا بعد التحرير
ساحة دير القديسة تقلا بعد التحرير

أما الأوابد والأحجار الضخمة والكهوف والمغارات المحفورة في الصخر التي سكنها الإنسان القديم، فتحكي قصة تاريخ آلاف السنين منذ العهد الآرامي. وبعض الآثاريين يرجح ان الانسان سكنها في تلك الكهوف الكبيرة منذ 50 الف نسمة وهذا هو الادق.

في العهد الآرامي كانت  معلولا تتبع لمملكة حمص، إلى العهد الروماني الذي سمّيت فيه معلولا سليوكوبوليس او سلوقية في  العهد الرومي  الذي لعبت فيه دوراً دينياً مهماً عندما أصبحت مركزاً لأسقفية استمرت حتى القرن السابع عشر.

من كهوف معلولا التي تعود الى 50000 سنة خلت
من كهوف معلولا التي تعود الى 50000 سنة خلت

وفيها أيضاً دير مار سركيس الذي بني في القرن الرابع الميلادي، وكان متصلاً بدير القديسة تقلا البطريركي الذي يأتي الزوار إليه من كل صوب وناحية ومن كافة أنحاء العالم للتبرّك والزيارة، انفصل الديران عند خروج الروم الكاثوليك من كنيستهم الام الروم الارثوذكس والتحقوا برومة نتيجة التبشير الرهبنات البابوية عام 1724 .

كما وجدت في البلدة آثار عدّة من بينها تماثيل وأصنام. والأهمّ من ذلك كلّه، القناطر والمقابر والنقوش من المرحلة الهلينستيّة، التي عُثر عليها في عدد من المغاور الموجودة فوق القرية، وبقايا معبد رومانيّ في السهل المجاور،

مغارة من مغر وكهوف معلولا
مغارة من مغر وكهوف معلولا

كذلك اورد ذكرها البطريرك انطاكي العظيم مكاريوس ابن الزعيم في  عهده بمخطوطاته مطلع القرن السابع عشر. 

كانت تقع على طريق الحج المسيحي الى الديار المقدسة في فلسطين وقد اوردها هذا البطريرك برحلة حجه الى القبر والمهد المقدسين لما كان مطراناً على ابرشية حلب على رأس رحلة الحج المسيحي الحلبي الشهيرة، قبل بطريركيته فقد اورد ذكر الكنائس، ومعلولا الحالية تضمّ  العديد من الكنائس التي اورد ذكرها، ولكن معظمها اليوم مهدّم وهي: كنيسة السيّدة، كنيسة القدّيس توما، كنيسة القدّيسين قزما ودميانوس، كنيسة القدّيسة بربارة، وكنيسة القدّيس جاورجيوس وسواها. عند مشارف القرية يقوم دير القدّيسين سرجيوس وباخوس، للروم الكاثوليك المعروف بدير مار سركيس، وكان يشكّل، في ما مضى، ديرًا واحدًا مع دير القدّيسة تقلا، وذلك قبل انفصال الكنيسة ونشوء الروم الكاثوليك فعلياً في العام 1724.
 القديسة تقلا

دير القديسة تقلا البطريركي في معلولا

وُلدت نحوَ السنة العشرين للمسيح، في مدينة ايقونية بآسيا الصغرى من والدين وثنيين، وهي سليلة عائلة وثنيّة نبيلة ووجيهة. كانت جميلة وذكيّة ومثقفة كثيراً.تمت خطبتها بتدبير من والدها بعمر 18 سنة على شاب وثني من اسرة وجيهة كأسرتها  ولما مرّ بولس الرسول في مدينة ايقونية نحو السنة 45، سمعته تقلا فأعجبت بتعاليمه واستنار عقلها بنعمة الله. وبعد أن تفهّمت التعاليم الإنجيليّة وارادت ان تعتنق الايمان المسيحي على يديه. اعتمدت ونذرت بتوليتها لله، وفسخت خطبتها، وعكفت على الصلاة والتأمل. فسألتها والدتها عن هذا التبدّل في حياتها، فأجابتها: إنّه ثمن اصطباغها بماء العماد المقدّس وإيمانها بالمسيح الذي نذرت له بتوليتها. فثارت الأم وغضب خطيبها وأهلها وأخذوا يقنعونها بالكفر بايمانها المسيحي، فلم تسمع لهم. فشكتها أمّها إلى حاكم المدينة. فأخذ يتملّقها  بالترغيب تارة والتهديد مراراً فلم تعبأ بتهديداته. فأمر باضرام النار ليحرقها. فما كان منها الا ان رمت بنفسها في النار مسرورة إلاّ أنّ الله حفظها، فنزل المطر وأطفأ النار، وسلمت تقلا.

ثمّ هربت من منزل ذويها ولحقت بالقديس بولس ورافقته في أسفاره حتى انطاكية، حيث بقيت تبشّر بإنجيل المسيح. فعلم بها والي انطاكية فأمر بطرحها للوحوش عريانة. فستر الله عريها ولم تؤذها الوحوش ابداً.

القديسة تقلا المعادلة للرسل
القديسة تقلا المعادلة للرسل

أعادها الوالي إلى السجن. وفي اليوم التالي ربطوها إلى زوج من الثيران المخيفة فكادت تموت ألماً. لكن الله انقذها بأن افلتَها الثوران، فحار الحاكم بأمرها، وألقاها في هوة عميقة مملوءة حيّات سامّة، فلم تؤذها.
دُهِشَ الجميع وذهلَ الوالي فطلبها  للاستجواب وسألها كيف تنجو من هذه المخاطر؟ فأجابته: “أنا عبدة يسوع المسيح ابن الله الحيّ. هو وحده الطريق والحقّ والحياة وخلاص من يرجونه”، فأطلقها الوالي أمام الجميع حرّة سالمة.
خرجت وأعلمت القديس بولس بكل ما جرى لها فمجّد الله معها. ثم أخذت تبشّر في مدينتها وفي القلمون ومعلولا وصيدنايا في سورية، ثم ماتت بعمر تسعين سنة ودُفِنت في سلوقية (معلولا)، وأضحى قبرها نبعَ نِعمٍ وبركات…

وتروي الحكاية الشعبية، الأكثر شهرة، أنّ الجنود الرومان الذين سعوا وراءها لقتلها، كادوا يقبضون عليها عندما بلغت السلسلة الثالثة من جبال القلمون. وعندما اقتربت من معلولا وجدت الطريق مسدوداً بمرتفع صخريّ شاهق، ولكن ما إن طلبت رحمة الله، حتّى انشقّ الجبل بأعجوبة، فاستطاعت أن تعبر إلى المغارة التي عاشت فيها بقيّة حياتها. وبهذا تكون فج معلولا بحيث اجمع علماء الجيولوجيا ولا زالوا انه لو تم تقريب حافتي الفج لأنطبقتا وهذا يدل على حدوث هذه المعجزة الالهية.

 ومن الفج صعدت الى مغارة في الجبل المقابل للفج، واقامت فيها، وحفرت ينبوعاً طلباً للماء ففاض ولايزال، ويعتقد المؤمنون استنادا الى شهادات من شفوا بواسطة شربه، إنّ مياهه تبرىء المشلول وأمراض المفاصل والعقم.

فج القديسة تقلا /الترميم بعد التحرير
فج القديسة تقلا /الترميم بعد التحرير

عاشت هذه القدّيسة، سنوات عدّة في مغارتها المنقورة في الصخر، وكانت تشفي المرضى وتبشّر بالإيمان المسيحيّ، حتّى توفّيت وهي في سنّ التسعين. ودفنها المؤمنون في المغارة التي عاشت حياتها فيها، واقاموا كنيسة صغيرة بجانب المغاورة في تجويف مقابل لمغارتها، مع نبع الماء المقدس، والماء ينقط من سطح المغارة، وهو الدير القديم او المزار المقدس.

ينتشر تكريم القدّيسة تقلا على نطاق واسع، وشهرة ديرها توازي تلك التي يحظى بها دير صيدنايا المجاور (الذي  فيه إيقونة أصليّة للعذراء مريم رسمها القدّيس لوقا نفسه)، وتجتذب شهرة القدّيسة تقلا، في شفاء الأمراض، العديد من الأشخاص لزيارة ديرها وإيفاء النذور. اليوم، يقيم حجّاج الدير وزوّاره في بيت الضيافة التابع له. أمّا في السابق فكان المتضرّعون يمضون فترة بعد الظهر والليل في المغارة جلوساً على ارضية المغارة الممدودة بالسجاد حيث تُخلع النعال خارج المزار، ويسجدون فجراً أمام الإيقونسطاس المجاور للضريح، ويشربون من مياه الينبوع المقدّسة. وإذا كان المتضرّع امرأة حاملاً، فتقتضي العادة بأن تأكل خصلة من فتيل مصباح الزيت المضاء في المغارة. والذين تحول شدّة مرضهم دون ذهابهم شخصيّاً إلى معلولا، يرسلون صلواتهم المكتوبة بواسطة زوّار الدير ليضعوها عند قبر القدّيسة. واللافت أنّ تكريم القدّيسة تقلا ذائع في سورية، بين المسلمين أيضًا. فرغم انتشار الإسلام، في المنطقة حافظ السكّان المحلّيّون على إيمانهم بالقدّيسة تقلا، ما سمح باستمراريّة الدير وازدهاره. ومن الملاحظ أنّ العديد من الصلوات التي ترفع إلى القدّيسة تقلا، في مغارتها…

نشيد للقديسة تقلا

فــي ظــلام الوثنيــة شمـس تعليـم المسيـح

سطعـت فـوق البريـة وزهــى الديــن الصحيــح

القديسة تقلا المعادلة للرسل
القديسة تقلا المعادلة للرسل

لنـداه العـذب أسـرع عاجــلاً جمــع غفيــر

هجـروا الأوثـان أجمـع تبعــوا الــرب القديــر

بينهــن البكــر تقــلا

ا حــازت الفــوز المبيــن

وارتقت بالمجـد أعلـى ذروة فــي العالميــن

في لظى النيران نادت لا أبالــي بالعــذاب

ها صنوف الضيق بادت ودنــا وقــت الثــواب

مَــنْ فدانــي بدمــاه عـــن ولاه لا أحيـــد

أبــذل النفــس فــداه وســـواه لا أريـــد

اهنئــي يا بكــر حــزتِ في العلى المجـد الأثيـل

اهنئــي يا مَـنْ نهجتِ للسمــا أبهــى سبيــل
 

طروبارية القديسة تقلا
نعجتُك يا يسوع تصرخُ نحوكَ بصوتٍ عظيم قائلة: يا ختني إني اشتاقُ إليك،

وأجاهدُ واُصلبُ وادفنُ معكَ في معموديتك، وأتألمُ من أجلكَ حتى املكَ معك،

وأموتُ عنكَ لكي أحيا بكَ، لكن كذبيحةٍ بلا عيبٍ تقبل التي قد ذُبحت لكَ،

فبشفاعاتها أيها المسيح الإله خلص نفوسَنا.

وقد نال العديد من المسلمين، جوابًا عن توسّلاتهم الحارّة، بركة إنجاب الأطفال. تاليًا يقوم بعضهم بتعميد أطفاله علامةً على احترام القدّيسة، وقدموا هدايا واوفوا نذورهم باسمائهم وكانت الى ماقبل  دمار الدير منشورة في مدخل الدير. وللقدّيسة تقلا أهمّيّتها في لبنان أيضاً، وبخاصّة في قضاء المتن، حيث كرّس العديد من الكنائس على اسمها، ويقومون بالحج الى الدير بشكل منتظم ماقبل الاجتياح وبعد التحرير.
أما دير القديسة تقلا فهو من أقدم الأديار الرهبانية في بلاد الشام، يعود إلى القرن الرابع المسيحي، ويمكن أن نؤكد أن الدير بُني على مرحلتين:

المرحلة الأولى: وهي المغارة المتسعة الواقعة في بطن الجبل الشرقي والمطلة على الدير الحالي كما اسلفنا.
في ركنها الجنوبي يقع مقام وضريح القديسة وسبق لبطريرك أنطاكية العظيم مكاريوس بن الزعيم أن أكّد دفنها فيه.أما في جهة المغارة الشرقية فتقوم كنيسة قديمة مغلقة وفيها مائدة حجرية ومذبحها منقور في الصخر وكانت تقام فيها الصلوات.

دير القديسة تقلا البطريركي في معلولا في الليل
دير القديسة تقلا البطريركي في معلولا في الليل

وبين المقام والكنيسة نبع ماء يتبرك المؤمنون بالشرب منه (الذي نقرته القديسة كينبوع وفاضت مياهه كما اسلفنا) ومسح جباههم بإشارة الصليب المكرّم. وفي الركن الشمالي الشرقي من المغارة ينقط الماء من سقف المغارة إلى صحن مرفوع على قاعدة تماثل العمود بارتفاع متر تقريباً ( كما افدنا قبلاً) كان يدهن منه المرضى الذين يفدون إلى القديسة للعلاج. وبجانبها شجرة تعود إلى عهود سحيقة ومن الملفت للانتباه أنها نمت في المغارة بقدرة عجائبية…
رفعت قناطر من الجهة الغربية للمغارة حيث إطلالة جميلة على الدير الحالي وعلى البلدة. ويمكن الوصول إلى هذا المقام الشريف عبر درج يؤدي إلى ساحة الدير الحالي الداخلية.

معلولا عام 1900
معلولا عام 1900

أما الدير الحالي فمما لا شك فيه أنه بُني في أواخر القرن الثامن عشر حيث قامت متوحدات سبق وعشن في الدير ببناء غرفهن من أموالهن الخاصة ثم وقفنها بعد وفاتهن على الدير. تقع هذه الغرف في الجهة الشمالية وهي مبنية على الصخر. أما في الجهة الجنوبية فتقع كنيسة الدير وهي حديثة وجميلة ولعلها تعود إلى النصف الثاني من القرن الماضي في عهد رئيس الدير الارشمندريت كيرلس (يوناني الجنسية).

في مطلع القرن 20 قدمت احدى الجمعيات الكنسية الروسية (جمعية احياء تراث القديس اندراوس الروسية بالتعاون مع الجمعية الامبراطورية الفلسطينية- الروسية التي احيت انشطتها بعد ركود منذ 1917)وقد تمت سرقة التمثال البرونزي الذي يجسد السيد المسيح والذي يرتفع وسط دير القديسة تقلا في البلدة على علو 3 امتار . يشار الى ان التمثال صنعه النحات الروسي الشهير الكسندر روكافشنيكوف وتمت ازاحة الستار عنه في 24 ايلول من العام 2008 باحتفال اقيم في البلدة ، وقد تمت سرقته من العصابات الارهابية مع بقية الايقونات والاجراس والتجهيزات الكنسية…

 التمثال البرونزي الذي يجسد السيد المسيح والذي يرتفع وسط دير القديسة تقلا في البلدة على علو 3 امتار . يشار الى ان التمثال صنعه النحات الروسي الشهير الكسندر روكافشنيكوف وتمت ازاحة الستار عنه في 24 ايلول من العام 2008 باحتفال اقيم في البلدة
التمثال البرونزي الذي يجسد السيد المسيح والذي يرتفع وسط دير القديسة تقلا في البلدة على علو 3 امتار . يشار الى ان التمثال صنعه النحات الروسي الشهير الكسندر روكافشنيكوف وتمت ازاحة الستار عنه في 24 ايلول من العام 2008 باحتفال اقيم في البلدة

 يتبع دير القدّيسة تقلا للبطريركيّة الأنطاكيّة في دمشق مباشرة لغبطة البطريرك الانطاكي، وتشرف عليه أمّ رئيسة مابعد آخر رئيس للدير هو الارشمندريت اثناسيوس سكاف في العقد السادس من القرن 20 (مطران حماه لاحقاً). وكما في الأديار الأرثوذكسيّة الأخرى، فالصلاة هي قوام حياة الراهبات اليوميّة. تصلّي كلّ راهبة في الصباح منفردة، والصلاة الجماعيّة تقام ثلاث مرّات في الأسبوع. وبما أنّ دير القدّيسة تقلا هو مزار مقدّس يقصده الكثير من سكّان منطقة القلمون، والمسيحيون في الشرق الأدنى، فالراهبات مستعدّات دوماً لاستقبال الزوّار ومرافقتهم خلال تطوافهم في أرجاء الدير. من ناحية أخرى، ينظّم الدير نشاطات رعائيّة باستمرار، ويؤمن الكاهن خدمة القدّاس الإلهيّ في أيّام الآحاد والأعياد. تعمل الراهبات معا على تنظيف أبنية الدير والاعتناء بها، ولكنّ التقليد ينصّ على أنّ الاعتناء بمغارة القدّيسة تقلا يُعهد به إلى الراهبة الأكبر سنّاً.

 بالإضافة إلى هذه الواجبات، تمارس الراهبات بعض الأعمال اليدويّة كالخياطة والتطريز وصنع المسابح وترصيع الإيقونات بالخرز واللؤلؤ، الراهبات لا يتركن الدير إلاّ من أجل الإشراف على الأعمال الزراعيّة، في الحقول المجاورة، أو أحيانًا للسفر إلى دمشق من أجل شراء الحاجات التي لا تتوفّر في معلولا.

تاريخ الدير

تنصّرت منطقة القلمون، في القرن الرابع المسيحي، وهي الحقبة التي تأسّست فيها الأديار الأولى. وفي الواقع فإنّ رهبان معلولا حافظوا على مخطوطات مسيحيّة من هذه الحقبة. بلغ الإسلام تلك المنطقة في القرن السابع، إلاّ أنّه انتشر في القلمون ببطء وتدريجيًّا، واستقرّ في سلسلة الجبال الأولى والسهول، قبل الوصول إلى السلسلة الثانية في القرن التاسع. تغلغل الإسلام في السلسلة الثالثة خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر. فبقي عدد من البلدات والقرى مسيحيًّا، حتّى اليوم، ومنها صيدنايا، المعرّة، ومعلولا التي تضّم أكثريّة مسيحيّة تتوزّع بين طائفتَي الروم الأرثوذكس والروم الكاثوليك في حين اسلمت قرى عين التينة وبخعا وجبعدين نتيجة عدم السماح لرعاياها بأكل الحيوان والحليب ومشتقاته في ايام الصوم الكبيربنتيجة القحط والجفاف زمن البطريرك مكاريوس بن الزعيم وهي كمعلولا تتحدث بالآرامية مع مسنين من قرية يبرود، ولاتزال كنيسة القديس اندراوس في بخعا ومفتاحها بيد رئيسة دير القديسة تقلا وتقام الصلوات في عيد القديس سنويا الى ماقبل الاجتياح التكفيري لمعلولا.

مشهد من احتفالات معلولا التقليدية منذ 17 قرن عيد رفع الصليب في 14 ايلول من كل عام
مشهد من احتفالات معلولا التقليدية منذ 17 قرن عيد رفع الصليب في 14 ايلول من كل عام

اتّسعت رقعة انتشار اللغة الآراميّة في أرجاء الشرق الأوسط، حتّى بعد نشوء الإسلام في العام 634، رغم أنّها أفسحت المجال تدريجيًّا للّغة العربيّة. ومعلولا معروفة بحفاظها على اللغة الآراميّة. ولهذا السبب لطالما اجتذبت هذه البلدة الباحثين اللغويّين الغربيّين، الذين ساهمت أبحاثهم في فهم اللغة الآراميّة، وأهمّيّتها في الأزمان القديمة. أمّا اليوم، فتبقى اللغة الآراميّة ( الآرامية الفلسطينية) هي اللغة المحكيّة بين سكّان معلولا والقرى جبعدين وبخعا وعين التين كما اسلفناة. لكن هؤلاء بمعظمهم لا يستطيعون قراءة الآراميّة وكتابتها لعدم وجود ابجدية لها كما سبق وذكرنا، ومع الغرباء يضطرّون إلى استخدام اللغة العربيّة. ونتيجة ذلك استعارت آراميّتهم الكثير من الألفاظ العربيّة، وهي تالياً بعيدة جدّاً عن أصلها الكلاسيكيّ.

 يرد في حوليّات ميخائيل البريك أنّ كنيسة القدّيسة تقلا وكنيسة القدّيس يوحنّا المعمدان، أعيد بناؤهما في العام 1756. ويتحدّث القنصل الروسيّ الرحالة أوسبنسكي عن وجود أربعة رهبان في دير القدّيسة تقلا في العام 1840.

تعرضت معلولا ودير القديسة تقلا عام 1850 لغارة طائفية من متاولة بعلبك من آل الحرفوش فاقتحموا الدير وقتلوا مطران معلولا زخريا ابن ال80 عاماً في مدخل الدير وكان يقوم بتهدئتهم ونصحهم، ومعه عدد من اهالي معلولا الآمنين، والملفت ان القوات العثمانية الموجودة عاونت المغيرين في الاغارة والقتل والتدمير، وقامت بنهب البلدة وكنائسها واديارها،  وتم خطف العديد من بنات وشاب واطفال معلولا، وكانت حلب وقتها  قد تعرضت، وفي نفس التوقيت، الى مذبحة مماثلة… وهذه الغزوة كانت في غمار الفتنة الطائفية التي بدأت عام 1849 في بيت مري بجبل لبنان وانتهت في دمشق بنكبة مسيحييها  المدمرة عام 1860 والقضاء على نصف المسيحيين…ودمار المنطقة  الدمشقية المسيحية برمتها وهجرة ربع المسيحيين الدمشقيين الى بيروت… ومنها الى التيه العالمي والعالم الجديد.

مجمع البطريركية والمريمية مدمرا في 10 تموز 1860 بالمجزرة الطائفية
مجمع البطريركية والمريمية مدمرا في 10 تموز 1860 بالمجزرة الطائفية

 يقع دير القدّيسة تقلا الحاليّ حول المغارة التي لجأت إليها، وأمضت فيها بقية حياتها. في العام 1906، شُيّدت كنيسة بالقرب من الموقع المقدّس وفوق بقايا كنيسة قديمة لا يُعرف تاريخ بنائها. بدأ بناء الدير في العام 1935 وقد أضيف إليه طابق ثانٍ في العام 1959. الطابق الأرضيّ يحتوي على غرف استقبال وطعام ومعرض المصنوعات الحرفيّة. أمّا الطابق الثاني فمخصّص بكامله لصوامع الراهبات. تحت هذا المبنى مطبخ فيه فرن حجريّ لصنع الخبز، وفوقه يقوم بناء آخر يعود إلى العام 1888، أعيد ترميمه مؤخّراً ليكون مسكناً للبطريرك. كما شيّد بيت ضيافة لاستقبال السيّاح والزوّار في العام 1934. فوق سطح مبنى الدير الرئيس ثمّة درج يؤدّي مباشرة إلى مزار القدّيسة تقلا، أي إلى المغارة الصخريّة التي ترقى إلى العصور المسيحيّة الأولى. تقسم هذا المغارة إلى نبع مقدّس وكنيستين صغيرتين رمّمتا قبل الاجتياح والآن اعيد بناؤهما بعد التحرير مع بناء الدير مجدداً.

الإيقونات

تتوزّع الإيقونات بين الإيقونسطاس في كنيسة القدّيس يوحنّا المعمدان، ومغارة القدّيسة تقلا، وجناح الأمّ الرئيسة. ويحمل كلٌّ منها تاريخًا، يتراوح بين أواسط القرن الثامن عشر وأواخر القرن التاسع عشر، باستثناء بعض الإيقونات المعاصرة من القرن العشرين.

 إيقونات القرن الثامن عشر تتقدّمها ثلاث، رسمها البطريرك سلفستروس القبرصي (1724-1760)، وهي موجودة اليوم في كنيسة القدّيس يوحنّا المعمدان. الأولى، تمثّل المسيح مباركًا بيده اليمنى، وحاملاً بيده اليسرى الإنجيل فوق حضنه. القدّيس يوحنّا المعمدان يقف إلى اليسار، وهو مائل باتجاه المسيح مباركًا بيمينه، بينما في يده اليسرى كتاب مفتوح، كُتب عليه باللغة العربيّة “هذا هو حمل الله الرافع خطايا العالم”.

الرئيس الاسد يلتقط ايقونات اثرية محروقة ومدمرة في كنيسة دير القديسة تقلا في زيارته بعد اسبوع من التحرير
الرئيس الاسد يلتقط ايقونات اثرية محروقة ومدمرة في كنيسة دير القديسة تقلا في زيارته بعد اسبوع من التحرير

الإيقونة الثانية تمثّل العذراء والطفل على ذراعها اليسرى مائلاً نحو والدته وعيناه تتّجهان إلى مُشاهدَ الإيقونة. إلى يمين العذراء والمسيح تقف القدّيسة تقلا حاملة صليباً معدنيّاً بيدها اليمنى، وراسمة إشارة الصليب باليد اليسرى.

أمّا الإيقونة الثالثة فتمثّل البشارة: الملاك جبرائيل يقدّم وردة إلى مريم التي تمدّ يدها لتتناولها.

 في مغارة القدّيسة تقلا إيقونتان. الأولى تمثّل القيامة: فالمسيح المتجلّي بالنور يبارك بيمينه ويحمل راية بيساره، عن يمينه ملاك وعن يساره النسوة حاملات الطيب، وفي الأسفل ثلاثة حراس، صوّر كلّ منهم بوضعيّة مختلفة. خلف هذا المشهد رُسمت المدينة والحدائق المحيطة، وقت انبلاج الفجر، الذي يضيء بنوره على الجميع.

الإيقونة الثانية في المغارة هي إيقونة ميلاد العذراء ونرى فيها الطفلة مريم، وقد رُفعت على يد الملاك لتتكلّل وتمتلئ من الروح القدس.

في جناح الأمّ الرئيسة مزيد من الإيقونات إحداها للملاك ميخائيل والأخرى للقدّيس موسى الحبشيّ. أمّا الثالثة فللنبيّ إيليّا جالساً عند باب كهفه، وطيور الغراب تحضر له الطعام. أخيراً، في هيكل كنيسة الدير إيقونة صُوّر فيها قدّيسان يُرجّح أنّهما قزما ودميانوس.

 إيقونات القرن التاسع عشر موجودة في كنيسة الدير أيضاً. المجموعة الرئيسة في الجزء العلويّ من الإيقونسطاس تمثّل ميلاد والدة الاله والختانة والرقاد ومعموديّة المسيح والتجلّي والإنزال عن الصليب والقيامة والعنصرة. وهناك ثلاث إيقونات كبيرة رسمت على القماش. الأولى للقدّيسة تقلا وفي الاثنين مشاهد من الإنجيل ومن حياة القدّيسين.

كنيسة دير مارتقلا  مدمرة بفعل الارهابيين
كنيسة دير مارتقلا مدمرة بفعل الارهابيين

 في كنيسة الدير، الصلبوت اعلى الايقونسطاس، وهوصليب خشبيّ يحمل صورة السيّد المصلوب في الوسط، تحوط به العذراء والرسول يوحنّا ورموز الإنجيليّين الأربعة، وإلى جانبه إيقونة القدّيسين سرجيوس وباخوس الممتطيين جوادين واللابسين ثياب الجنود. أمّا المجموعة الأخيرة من إيقونات القرن التاسع عشر، في دير القدّيسة تقلا، فتنتمي إلى المدرسة القدسيّة، المعروفة بمزجها بين الأسلوبين الشرقيّ والأوروبيّ؛ ومن بينها أربع إيقونات من المدرسة الايقونغرافية الاورشليمية تنفيذ كاتب الايقونات الشهير ميخائيل مهنّا القدسيّ، وهو من ألمع رسّامي هذه المدرسة.(وله ايقونات في الكاتدرائية المريمية بدمشق وفي كنيسة دير سيدة صيدنايا البطريركي)

كما اسلفنا فان معظم ايقونات الدير اما سرقت وبيعت في العالم للمهتمين او المتاحف في البلدان الشريكة في الحرب على سورية، او احترقت اثناء نكبة معلولا بيد الارهابيين في عام 2013، وتسعى البطريركية ومديرية الآثار والمتاحف السورية مع الانتربول الدولي لاعادتها، عدا عن حرق كامل لمكتبة الدير ومخطوطاته ومنها اثري قيم…

انجيل بغلاف ذهبي  من دير القديسة تقلا سرقه التكفيريون اعيد اثناء محاولة تهريبه من  لبنان
انجيل بغلاف ذهبي من دير القديسة تقلا سرقه التكفيريون اعيد اثناء محاولة تهريبه من لبنان

أما الأبنية الحديثة التي يستأجرها المصطافون صيفاً وتدر ريعاً للدير يستعمل في أعمال الترميم والتحسين فقد بنيت من الناحيتين الجنوبية والغربية.
في الدير قبل الاجتياح أُسّست رئاسة الدير ميتماً صغيراً (مدرسة داخلية) لليتيمات كان يضمّ عدداً من  اليتيمات وفاقدات الرعاية الوالدية كما في دير سيدة صيدنايا البطريركي والبعض منهن يصرن راهبات.  ومن المأمول توسيعه مستقبلاً بالإضافة إلى إحداث مشغل تمارس فيه المتوحدات والتلميذات أعمال التطريز والخرز والفنون النسوية كما في دير سيدة صيدنايا. وقد قامت بإجراء تعديلات على أنظمة إيجار أبنية الدير بغية زيادة الريعية للقيام بالإصلاحات والإحداثات الجديدة في الدير.

مدخل معلولا
مدخل معلولا

كان الدير قبل الاجتياح يقوم بهمة الأم الرئيسة وآباء البلدة، حركة رعائية وشبابية ناشطة في البلدة في عهد مثلث الرحمات البطريرك اغناطيوس الرابع وقد توقف كل شيء منذ الاجتياح عام 2013 بعد اقل من سنة على تولي غبطة ابينا البطريرك الحالي يوحنا العاشر السدة البطريركية وهو من امر باعادة البناء وبتمويل من البطريركية بدمشق.
تحتفل الكنيسة بتذكار القديسة تقلا اولى الشهيدات في الرابع والعشرون من شهر أيلول.

احتلال معلولا من قبل الارهابيين

تحرير معلولا من الارهابيين
تحرير معلولا من الارهابيين

 في 3 ايلول 2013حدث تمدد للارهابيين في الهضبة الخلفية لمعلولا من يبرود وبقية المنطقة الحدودية الجردية ورأس المعرة من قبل تنظيم القاعدة المرتبط بجبهة النصرة بقيادة ابو محمد الجولاني وحلفائه ممن يتسمون بالجيش الحر… و جعل مقر قيادته في فندق سفير معلولا المقابل لدير القديسين سرجيوس وباخوس.

وصاروا يمنعون المزارعين المسيحيين من الوصول الى اراضيهم المتاخمة لفندق السفير الا اذا كانوا برفقة احد المسلمين.

الهجوم الكاسح بدأ في مدخل البلدة  الجنوبي بعد تفجير انتحاري اردني شاحنته التي يقودها بالقرب من حاجز للجيش السوري والقوى الامنية، اسفر عن تدمير الحاجز واستشهاد عناصره وعددهم ثمانية…وكان الهجوم الذي تلاه على حاجزثانٍ للقوات الجوية عنيفا بعد إعطاب دبابتين واسر من بقي من عناصر الحاجزين  والقوات المدافعة وكان ذلك في 4 ايلول 2013، حيث تابع التكفيريون احتلال بقية معلولا وبيوتها وكنائسها ودير القديسة تقلا.

ارهابي يحطم الصليب على واجهة كنيسة القديس جاورجيوس وسط البلدة
ارهابي يحطم الصليب على واجهة كنيسة القديس جاورجيوس وسط البلدة

حرر الجيش السوري معظم الارجاء المحتلة الا ان التكفيريين بفضل التعزيزات الضخمة التي وردتهم من كل المناطق، استطاعوا احتلال البلدة مجدداً بعد يومين من القتال الضاري، وقد قضى فيها 18 ارهابي وجرح اكثر من 100 لهم، وتم اعدام خمسة شباب من مسيحيي معلولا رفضوا اعتناق الاسلام، بينما رحب بعض مسلمي البلدة من آل (د) بالغزاة وتعاونوا معهم في افراغ معلولا من سكانها المسيحيين الذين يشكلون معظم السكان بينما المسلمون وافدين  مرحب بهم منذ بعض الزمن وحتى تاريخه من مناطق اخرى.

الهجوم المضاد الجديد للجيش وتحرير معلولا

بعد التحرير اعادة وضع نصب العذراء سيدة السلام على قمة معلولا
بعد التحرير اعادة وضع نصب العذراء سيدة السلام على قمة معلولا

في 9 ايلول  2013 شنت قوات الجيش السوري هجوما معاكساً لاستعادة البلدة والمواقع التي يسيطر عليها الجهاديون في التلال المحيطة. من سكان المدينة البالغ عددهم 3,300 نسمة لم يبق سوى 50 شخصا خلال القتال وفقا لمقيم  طلب عدم الكشف عن هويته خوفاً من الانتقام من التكفيريين تم حرق كنيسة في الجزء الغربي من القرية. يؤكد بعض السكان أن عائلاتهم أجبروا على مغادرة المدينة من قبل االغزاة في حين قال آخرون أن الغزاة أجبروا أحدهم على اعتناق الإسلام تحت تهديد السلاح وأعدم آخر رفض وفي الحقيقة ان خمسة من الشباب والرجال ومسن تم نحرهم لرفضهم اعتناق الاسلام.

الصلاة على جثامين شهداء معلولا الخمسة الذين نحروا لرفضهم اعتناق الاسلام على يد داعش وجبهة النصرة
الصلاة على جثامين شهداء معلولا الخمسة الذين نحروا لرفضهم اعتناق الاسلام على يد داعش وجبهة النصرة

في 10  ايلول  أعلنت جبهة النصرة انسحابها من معلولا بشرط ألا يدخل الجيش والميليشيات الموالية للحكومة المدينة.

 ومع ذلك في اليوم التالي لم يتراجعوا وبقي  القتال داخل البلدة مستمراً. في وقت لاحق من اليوم استولت القوات الحكومية على أجزاء كبيرة من المدينة.

في 15 ايلول قام الجيش السوري بتأمين معلولا.

كنيسة دير مار سركيس مدمرة
كنيسة دير مار سركيس مدمرة

في 29  تشرين الثاني قام ائتلاف من االتكفيريين  من بينهم جبهة النصرة بتجريف معلولا من التلال المحيطة بها بعد قذف الإطارات المحملة بالمتفجرات على القوات الحكومية بساحة البلدة وازقتها. خلال عطلة نهاية الأسبوع اختطفت رئيسة وراهبات دير القديسة تقلا البطريركي وعددهن اثنتا عشرة راهبة واقتادوهن إلى بلدة يبرود الحدودية المجاورة. في الوقت الذي ادعى الخاطفون أنهم لم يخطفوا الراهبات. ومع ذلك وبعد شهرين تم رهن الراهبات مقابل احتجاز السجناء. يتعارض عدد السجناء المتبادلين حيث قالت الحكومة أنه تم تبادل 25 ارهابيا معتقلاً في حين ذكرت  جبهة النصرة أن العدد كان 150.

رئيسة وراهبات دير القديسة تقلا بعد الافراج عنهن
رئيسة وراهبات دير القديسة تقلا بعد الافراج عنهن

في 14 نيسان 2014 وبمساعدة حاسمة من  ابطال حزب الله اللبناني حرر الجيش السوري معلولا مرة اخرى مع القوات الرديفة المؤلفة من قوات الدفاع الوطني ومقاتلي الحزب القومي السوري الاجتماعي. كان هذا النجاح الحكومي جزءاً من سلسلة من النجاحات الأخرى في منطقة القلمون الاستراتيجية بما في ذلك  تحرير يبرود

نصب تذكاري لشهداء فريق المنار الاعلامي وضعه اهل معلولا تكريما لهؤلاء الشهداء وشهداء حزب الله اثناء تحرير معلولا وقد اعتبروا قديسين جدد
نصب تذكاري لشهداء فريق المنار الاعلامي وضعه اهل معلولا تكريما لهؤلاء الشهداء وشهداء حزب الله اثناء تحرير معلولا وقد اعتبروا قديسين جدد

بقيت معلولا  في اسر جبهة النصرة والتكفيريين  منذ 3 ايلول الى 14 نيسان 2014.

بعدها انطلقت عجلة اعمار البلدة  من قبل الاهالي، وبمعونات مقدمة من البطريركيتين الاثوذكسية وبرنامج التنمية فيها، والكاثوليكية، واعيد اعمار دير القديسة تقلا بتوجيه من غبطة البطريرك يوحنا العاشر وبنفقة البطريركية، وتم استرجاع الاجراس والعديد من الايقونات الأثرية بالتنسيق مع الانتربول الدولي. خلالها زار الدير السيد رئيس الجمهورية د. بشار الاسد وعقيلته وابدى المه لما شاهده من تخريب ودمار بعد اسبوع من التحرير وشارك في قداس عيد الفصح في الدير. وكان غبطة البطريرك يوحنا قد كلف الارشمندريت متى رزق رئيس دير رؤية القديس بولس في كوكب مدبرا بطريركيا لدير القديسة تقلا  لمتابعة امور عمرانه وادارته، وكانت رئيسة وراهبات الدير بأمر من غبطته منذ تحريرهن مقيمات في دير القديس جاورجيوس الحميراء البطريركي.

الرئيس حافظ الاسد يزور معلولا ودير القديسة تقلا ويحضر قداس الفصح فيه بالرغم من الدمار
الرئيس حافظ الاسد يزور معلولا ودير القديسة تقلا ويحضر قداس الفصح فيه بالرغم من الدمار

أعياد معلولا

تزدحم معلولا وأديرتها وكنائسها بآلاف الزائرين على مدار السنة، خصوصاً في عيد الصليب الذي يصادف في 14 أيلول، إذ تشتهر فيه معلولا بشكل خاص، فتوقد النار على قمم جبالها، وهو

تقليد يعود لعام 325 ميلادياً من قبل القديسة الإمبراطورة هيلانة، إذ يقال إنها عثرت على أجزاء من الصليب الذي يعتقد أن يسوع قد صلب عليه في مدينة أورشليم، وكان مخفيّاً في التراب، ولكي تقوم بإعلام ابنها الإمبراطور قسطنطين الأول الذي كان متواجداً في مدينة القسطنطينية، قاموا بإشعال النار على قمم الجبال الممتدة بين مملكة القدس

والقسطنطينية، وكانت قمة جبل معلولا إحدى تلك القمم. وقد حوفظ على هذا التقليد في معلولا حتى الوقت الحاضر، ويعتبر من الأماكن المقدسة التي كان يقصدها المسيحيون والمسلمون قبل حجهم إلى مدينة القدس.

وأيضاً هناك عيد القديسة تقلا في 24 أيلول وعيد القدّيس سركيس في السابع من تشرين الأول، إذ يتوافد الزوار إليها للمشاركة في الاعياد المقدسة من دول أوروبا والعالم. ومؤخراً احتفل أهالي معلولا بعيد مار تقلا بعد كل ما عاشته البلدة من إرهاب، معيدين للبلدة طقوسها وفرحها بالأعياد.

يذكر أن القديسة تقلا مرت من مدينة اللاذقية حوالى عام 40 للميلاد وأقامت في مغارة. ويقال إنه في تلك المغارة ترشح مياه من سقف المغارة الصخري طوال أوقات السنة من دون أن يُعرَف مصدرها. وعام 1943 بدأت أعمال تنقيب محلية متقطعة للكشف عن المغارة وترميمها. وعام 2009 تم افتتاحها رسمياً كمزار دينيّ محليّ للقدّيسة.

معلولا لحظة تحريرها
معلولا لحظة تحريرها

وأيضاً في آسيا الصغرى، ثمة كنيسة آية تيكلا في مقاطعة مرسين التركية عند ساحل البحر الأبيض المتوسط. وتحتوي الكنيسة على مغارة يعتقَد بأن القديسة قد تنسّكت فيها. وكانت المغارة محطّ جذب سرّي للحجاج حتى فترة

حكم الإمبراطور البيزنطي زينون الذي أمر ببناء كنيسة تكريماً للقدّيسة تقلا. وتعتبر القديسة تقلا شفيعة مدينة طركونة الإسبانية، إذ تقيم كاتدرائية المدينة قدّاساً مخصّصاً لها في يوم 23 أيلول من كل سنة.

ختاما
في خاتمة بحثنا الذي حاولنا ان نجعله شاملا ما امكن لهذه البلدة الايقونة السورية ولديرها المقدس وهو في تاريخه من اقدم اديار العالم نبين انه عرض على قناة “روسيا -كلتورا” مسلسل وثائقي بعنوان “على خطى الحكماء السوريين”، يظهر عمل علماء الآثاريين الروس في سورية للحفاظ على التراث الثقافي العالمي.
تكون المسلسل من خمس حلقات وتم عرضه في الفترة الممتدة من 26 ولغاية 30 كانون الأول عام 2021، وبحماية من الجيش الروسي بدأ علماء الآثار من سانت بطرسبورغ مشروعا حكوميا كبيرا يتمثل بـ”إنقاذ الكنائس المسيحية الأولى في سورية”.
وبفضل هذا العمل تمكن المشاهدون الروس من رؤية هذه المناطق الأثرية وكيف تتم عملية الترميم.

تحدثت عن هذا العمل وانطباعها عن سورية في حديث خاص لـ”سبوتنيك”، منتجة العمل أكسانا فلاديميروفنا، قائلة : “هو أي شيء من أين بدأ، أي دليل أو أثر ثقافي بدأ من هناك وله جذور من سورية، لا أستطيع التصديق أن كل هذا موجود في دولة واحدة”.

هذه هي سوريتنا الحبيبة

الجيش السوري البطل في معارك تحرير معلولا الملحمية
الجيش السوري البطل في معارك تحرير معلولا الملحمية

 

 


Viewing all articles
Browse latest Browse all 1470

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>