ما الذي قصدهُ القديس يوحنا الذهبي الفم عندما قال عن أهل القرى أنهم “أعاجم اللسان” ؟ …
يقول المؤرخ الأب قسطنطين الباشا ….
وكذلك شهادة ثم يوحنا الذهبي الفم بأنه يتأسف لعدم معرفته لغة الوف من سكان القرى الذين تقاطروا لحضور الحفلات الدينية ، لا تدل على ان لغة القوم سريانية كما يشيع البعض بل أنهم أخلاط اتوا من جهات شتى ولغاتهم مختلفة و كثيرة كما يرى اليوم في اعياد القـدس ورومية .
بل ان اختبار الخطيب لليونانية دليل على ان أكثرهم يعرفون هذه اللغة واما اذا نظرنا الى شهرة هذا القديس بالعلوم والمعارف اللسانية وتخرجه فيها على أشهر علماء أنطاكية وضواحيها وعنايته بتعليم الجهال من العامة فتكون عدم معرفته السريانية دليل على ضعف شأنها في زمانه اذ لم يجهد نفسه قليلًا في درسها ولم يخالط أحداً من المتكلمين بها في أنطاكية ولا في ضواحيها وأديرتها .
ويحتمل هذا وجهاً آخر وهو الواقع وذلك ان لغة أهل القرى تختلف كثيراً عن لغـة أهل المدن ولاسيما أهل العلم منهم فان اهل القرى لأخذهم هذه اللغة بالسماع بلا درس فلم يكونوا يراعون في كلامهم قواعدها
ولا يحافظون على أحكامها في بيان علامات الاعراب والادغام والاعلال مع بقاء ألفاظ كثيرة من *لغاتهم القديمة* وأساليبها بحيث كانت تختلف لغتهم عن لغة فم الذهب كاختلاف اليونانية الشائعة اليوم في بلاد اليونان عن لغة اليونانية القديمة ل هومير وافلاطون ودومستان .
” قلت هو الواقع لان القديس المذكور في نفس الخطبة المذكورة يوجه كلامه إليهم ما دحاً إياهم على قصدهم في حضورهم الى أنطاكية لسماع الوعظ منه مع أن عندهم مقامات للشهداء أكثر مما في أنطاكية . “
والغاية أن أهل القرى كانوا يعرفون اليونانية كما هو ظاهر من مضمون الخطبة المذكورة ومن عنوانها ومما ذكره أهم المؤرخون العرب “الواقدي في تاريخ فتح الشام” في مواقع كثيرة بان أهلها لم يكونوا يتكلمون إلا الرومية اليونانية ويذكر صريحاً في كلامه عن بعلبك أن أهل القرى الذين هربوا من العرب بعد فتحهم قنسرين دخلوا المدينة ليتحصنوا فيها وهم لا يعلمون ما فيها من الجيش فضيق بعضهم على بعض حتى سدوا طرقات المدينة واذ لم يجدوا موضعاً فيها ، مضى بعضهم الى السور ولما اشتد الحرب كان يدوسهم الجند بأرجلهم او يلقوهم من على السور حتى كانوا يتساقطون تساقط الطير على الحَب ولم يكن فيهم من يعرف السريانية مع كونهم من أهل القرى ومن البلاد الداخلية ولم يكونوا تكلمون الا الرومية “اليونانية” …
1-المؤرخ الأب قسطنطين الباشا
من كتاب ” اصل الروم ولغتهم ص 51-52 …
2- الواقدي في فتح الشام في فتح الشام ….
*لغاتهم القديمة* هنا و المقصود و نسبة إلى الجغرافيا التاريخية فمن المفروض أن تكون هذه اللغة هي ” الفينيقية الكنعانية والفينيقية اليونانية – اليونانية القديمة – العبرية – الآمورية – يونانية جزر بحر إيجه القديمة ” …