النَّحَّات السُّوري إلياس نعمان… خيال مُجنّح وذات تواقة
“أن تكون نحاتًا ليس بمهنة، بل هو خيار حياة، فأنا كل يوم أعمل على مشروع جديد”،
هذا ما وصف به النحات إلياس نعمان الفن الذي يعيش بين أدواته.
من هو
إلياس نعمان القادم من بلدة يبرود السورية في ريف دمشق، إلى مدينة كرارا الإيطالية، قبلة النحاتين وعاصمة الفن في عصر النهضة الإيطالية.
دخل عالم النحت مصادفةً، ولكنه أبحر فيه بكلِّ شغفٍ وحبّ، فجذبه فنُّ النحت الإيطالي، لتبدع أنامله بتشكيل منحوتاته الرخامية التي جسدت الإنسان بأحاسيسه ومعاناته، وكانت المرأة عنصراً مهماً بمنحوتاته لما لها من أهمية تعبيرية وجمالية، فحصد جوائز عدة.
حمل نعمان الثقافة السورية إلى موطنه الجديد، حيث قدم بحثًا حمل عنوان “رحلة في النحت بين الشام وإيطاليا”، تناول فيه تاريخ الفن في الحضارة السورية وصولًا إلى روما.
عندما كان في السنة الأولى في كلية الفنون الجميلة “دمشق” دخل قاعة النحت، وعندما لمست يده لأول مرة الصلصال اكتشف جانباً مهماً من ذاته كان لا يدرك أهميته ومدى عمقه في شخصيته، وكأنه وضع قدمه في بداية مستقبله ومسيرة حياته، بالإضافة إلى أنه كان يرافق والده في عمله كنجار فاكتسب من خلاله مهارة العمل اليدوي، ولكن لم يخطر في ذهنه حينها أنه سيوظف هذه الخبرة في عمله النحتي، فوالده هو معلمه الأول في الحياة وفي مجال النحت أيضاً، كما أنه ابن مدينة “يبرود” الغنية بجبالها الصخرية وبتشكيلاتها الفريدة والمشهورة بتيجانها التي أثرت في عمله النحتي، فهو يعتبر جبال مدينته منحوتات عملاقة عريقة بتشكيلاتها المتميزة
منذ بداية مشواره في كلية الفنون كان هاجسه وعشقه فن النحت الإيطالي في مرحلة عصر النهضة، فتوجه إلى “إيطاليا” لتحقيق حلمه في دراسة النحت الإيطالي في أكاديمية الفنون الجميلة في “كرارا” المشهورة بمجال النحت، وتعرف على الرخام الإيطالي الذي جذبه بلونه وتشكيلاته كونه الخامة الأنبل للنحت، فنحت جميع منحوتاته به، وبدأت تراوده فكرة التخلي عن الأدوات الكهربائية والحديثة لتنفيذ المنحوتات، وبدأ بحثه عن الطرق التقليدية التي كانت مستخدمة منذ أكثر من خمسمئة عام مضى في تنفيذ الأعمال الفنية، وفعلاً تمكن من تنفيذ منحوتاته بالطريقة القديمة نفسها معتمداً على مطرقته وإزميله فقط، وخصوصاً أنّ العمل اليدوي يكشف عن تفاصيل عميقة، ويعطي للعمل لمسةً وجودةً خاصة تكون بيد النحات نفسه، فكان بحثه بحثاً معمقاً في طرق وأساليب النحت المباشر على الرخام يدوياً،
وكان هذا البحث موضوع أطروحة تخرجه الأخير من أكاديمية “كرارا”، واكتشف من خلال البحث أنّ تنفيذ المنحوتات بطريقة مباشرة دون وساطة الآلات تمكّن الفنان من نقل مشاعره وأحاسيسه بشكل مباشر وأكثر مصداقية في المنحوتات وتخلق حواراً متناغماً بين النحات ومنحوتته
اهتماماته
يتناول الفنان “الياس نعمان” في اعماله مواضيع إنسانية وكل ما تفرضه الحياة عليه من مشاعر متضاربة أحياناً ومتناغمة أحياناً أخرى، فالجسد الإنساني هو الوسيلة المثلى بالنسبة له للتعبير عن كل ما يدور في داخله، ما بين البورتريه والجسد والثنائيات التي يجسدها بعمله، بالإضافة إلى أنه مسكون بحب عميق يطفو برومانسية الفرسان على سطح منحوتاته.
كما تأخذ المرأة الدور الأهم في منحوتاته لما لها من أهمية تعبيرية وجمالية، وخصوصاً أنّ ما يقدمه هو فنّ إنساني مقدم للإنسان ويجب أن يكون مفهوماً ومقروءاً من الجميع، بالإضافة إلى أنّ بلده”سورية” في السنوات الأخيرة كان صدى وجع في كل ضربة لمطرقته على إزميله، والفنّان لا بدّ أن يكون ناقلاً لرسالة الفن بكل أمانة وصدق
يشجع النحات السوري على التعرف بفنانين من ثقافات وبلدان آخرى، ويرى أن الربط الثقافي هو شيء أساسي في الفن، فأسلوب عمل فنان عن آخر قد يختلف، إذ يعكس الفن صورة لثقافة عصر ما أو بلد محدد.
يعمل نعمان حاليًا في ورشة متواضعة بمدينة “كرارا” الإيطالية، كانت منذ 200 عام مشغل نحت، ويرى أن أعماله هي التي يجب أن تصفه لا هو.
الجوائز التي نالها
حاز الفنان “الياس نعمان” العديد من الجوائز العالمية، بدايةً من
◘ الجائزة الأولى في معرض “ميلانو” عام 2015. حول رؤية المرأة في الفن،
◘ وجائزة نالها من تصويت الجمهور مباشرة في ملتقى “التشاكو” للنحت في الأرجنتين، حيث قررت الجالية العربية (السورية واللبنانية) هناك، شراء العمل من البلدية ونقله إلى بيروت وتسميته بـ “شارع سوريا”.
البطاقة الشخصية
الجدير بالذكر أنّ النحات “الياس نعمان” مواليد “ريف دمشق” “يبرود” عام 1980،
• دخل كلية الفنون الجميلة في دمشق عام 1998.
• سافر إلى “إيطاليا” عام 2003 للالتحاق بالدراسة بأكاديمية الفنون في مدينة “كرارا الإيطالية”.
• قدم أطروحته بعنوان “رحلة في النحت بين سورية وإيطاليا” وحصل على مرتبة الشرف،
• حصل على شهادة الماجستير في “الفن المقدس الكنسي” بعام 2011،
• أقام العديد من المعارض الفردية والجماعية في “إيطاليا” و”سويسرا” منها:
– معرض فردي في غاليري “NAG “بيتراسانتا إيطاليا”
– ومعرض جماعي في المركز الثقافي المصري في “روما” وغيرها.
• كما قام بنحت تمثال مار افرام ملفان المنحوت من صخرة كبيرة والمعروض في بازيليك اللاتران والجامعة الملاصقة لها حيث وضع على مدخل جامعة اللاتران وفي حديقة ملاصقة للمدخل الرئيسي للجامعة حيث يراه كل الداخلين والخارجين .
أعتقد أن علينا أن نفخر بهذه الطاقة والإمكانية لنحات سوري حقيقي، فهو دائماً يدهشنا بجديده.