ملاحظات سريعة حول نصب هدد يسعي الآرامي
قبل ان نتعرض للملاحظات نحدد الملك هدد يسعي والكتابة المنسوبة اليه…
كتابة الملك هدد يسعى
و هذه الكتابة منقوشة على تمثال الملك “هدد يسعي” المنحوت من الحجر البازلتي، وطول التمثال مع القاعدة 2 م. بدون قاعدة 60 ،1 م. نقش عليه نصان: الأول باللغة الأكادية والخط المسماري على مقدمة الثوب فوق الأطراف السفلية. ويتألف من ثمانية وثلاثين سطراً شاقولياً والثاني – نقش على الخلف ويتألف من اثنين وعشرين سطراً افقياً.
والتمثال محفوظ بالمتحف الوطني بدمشق، ويعود إلى منتصف القرن التاسع ق.م.
كتابات اقتصادية
و إلى جانب هذه الكتابة الهامة، عثر في تل حلف في الجزيرة السورية، على نصّ قصير منقوش على مذبح من الحجر البازلتي الأسود، أُرّخ في القرن العاشر أو التاسع ق.م. ويرجح إلى عصر “كباره” النص مشوّه. لا اتفاق على ترجمته، وتفسير معناه.
وكشفت التنقيبات الأثرية في” تل حلف” على وثائق اقتصادية تجارية. كان من بينها لوحات طينية صغيرة هي إيصالات إقراض شعير من شخص اسمه “ايل مناني” أو “المناني” إلى ” نبوده”. وتعود هذه الصكوك إلى منتصف القرن السابع ق.م. مثل قرائنها المدوّنة بالخط المسماري. وان كان لها من فائدة، فتنحصر في كونها توضح لنا أن الإقراض يكون بإيصالات مكتوبة، ويشهد على صحتها الشهود. و يمكن لنا ان نضيف أن الشعير من المحاصيل المعروفة آنذاك، ان لم يكن من أشهرها، لأنه ذكر وحده في نص هدد يسعي.
(ويكيبيديا)
ملاحظات سريعة حول نصب هدد يسعي الآرامي
١ – إنه أطول نص آرامي قديم و قد أتاح لعلماء اللغة، وخاصة تاريخ الآراميين أن يتعرفوا أكثر على اللغة الآرامية القديمة، وعلى عادات الآراميين في التعبد لألهتهم .
هنالك عشرات النصب الآرامية المكتشفة ولكنها بدون أي كتابة، ومن هنا أهمية نصب “هدد يسعي” خاصة وأن هنالك ترجمة شبه حرفية باللغة الأكادية.
٢- من المهم أن نعرف أن الكتابة الأكادية تذكر أن هدد يسعي هو “حاكم”.
بينما النص الآرامي يذكر بأنه “ملك “! و هذا يعني:
* أن لفظة “ملك” في اللغة الآرامية تعني الحاكم أو المسؤول. تماما مثل لفظة “شليط” في اللغة السريانية فالمعنى الأول هو المسؤول وليس السلطان كما في اللغة العربية اليوم.
*لا شك أن هدد يسعي – وإن كان يتحدر من أسرة آرامية كانت تتوارث الملك في هذه المنطقة فإن “هدد يسعي” هو حاكم من قبل الملك الأشوري.
*كان الآراميون يثورون على “الحاكم الأشوري” وهذا مما أجبر ملوك أشور على ترك الآراميين يحكمون أنفسهم.
٣- أهمية هذا النص الآرامي هو أنه يستخدم عددا كبيرا من المفردات التي نحن نستعملها اليوم و نتوهم بأنها مفردات عربية
* “دمية ” و لا زلنا نستخدمها في اللغة السريانية بمعنى ” شبه “!
المعنى الأول هو تمثال بينما المعنى الرائج اليوم هو “لعبة”!
*”مدينة سيكاني” ؟ النص الآرامي يكتبها بهذا الشكل “س ك ن”!
لم يكن يوجد حركات أو أحرف العلة في اللغة الآرامية القديمة…
و مدينة سيكاني تعني أين “سكن” الإله! و لا زلنا نستخدم تعبير”المساكن الشعبية” بدون أن نعرف أن”سكن”هي آرامية!
٤- أن تكون الكتابة الأكادية (الأشوريون كانوا يتكلمون اللغة الأكادية، وكانوا يسمونها أكادية، وطبعا لا يوجد لغة أشورية قديمة ولا حديثة) موضوعة في التمثال في الواجهة والكتابة الآرامية في الواجهة الخلفية، تؤكد لنا أن الحكام الآراميين كانوا خاضعين للسلطة الأشورية .
٥- لقد وجدنا في متحف اللوفر كتابة آرامية (غير معروضة الآن) تذكر “توكلتي شارو إبن هدد يسعي”.
القسم الأول هو إسم أشوري باللغة الأكادية و يعني “الملك وكيلي”! بينما إسم الأب هوآرامي وهو هذا الحاكم “هدد يسعي” الذي أعطى إسما أشوريا لإبنه ربما كي يرضي الملك الأشوري!
٦- أخيرا هنالك سؤال مهم جدا
هل هؤلاء الحكام الآراميين كانوا في الحكم من أجل مصالحهم أو من أجل مصلحة شعبهم الآرامي؟
نفس هذا السؤال يطرح علينا اليوم: هل سرياني مدعي بالغيرة والنشاط القومي ويردد طروحات تاريخية تدعي أن أجداده هم أشوريون، أم من الشعب الإسباني يكون يعمل من أجل شعبه أو من أجل المفاهيم الحزبية المسيسة والخاطئة؟
٧- إن هذا التمثال موجود اليوم في متحف دمشق !
————————————————————
Henri Bedros Kifa – هنري بدروس كيفا/ شام الروح 2