بدء الكنيسة في انطاكية حتى المجمع الرسولي الاول
ولاية كنيسة انطاكية وتاريخها
اطلقت الامبراطورية الرومانية، على مدينة انطاكية اسم عاصمة الشرق الروماني، لذلك اطلقت هذه التسمية على كنيستها…
وكان هذا الشرق يتضمن مناطق شاسعة جغرافياً مثل سورية، فينيقية، العربية، ومابين النهرين، وكيليكيا، البلاد الكرجية مع قبرص وفلسطين، وهذا يعني أن اورشليم وان لم تكن مجاورة لأنطاكية فحسب بل تابعة لها ادارياً مع بعض الاستقلال لخصوصية اليهود ودينهم.
بالمناسبة وقد اهتدت البلاد الكرجيةالى المسيحية في بداية القرن الرابع المسيحي واستمرت عادة رسامة كاثوليكوسها بيد بطريرك انطاكيةحتى القرن الثامن في انطاكية وارساله الى تبليسي (العاصمة) مفوضاً بصلاحيات البطريرك نظراً للبعد الجغرافي عن المركز البطريركي (انطاكية).
واستمر الاشراف الأنطاكي الى مابعد حتى تُظهر لنا ادبيات رحلة البطريرك مكاريوس بن الزعيم الثانية عائداً من روسيا الى دمشق أنه قد اوقف كهنة مخالفين وعاقبهم بحلق لحاهم لقيامهم ببيع بعض الرعايا الى الأتراك لتقصيرهم في دفع النورية للكهنة حسب العادة.
من بشر جورجيا بالمسيحية؟
القديسة نينا هي التي بشرت في جورجيا بالمسيحية ونشرتها فيها السنة 403م، وهي ارمنية مسيحية سباها الكرج، بينما يقول الأرمن ان قديسهم غريغوريوس المنور هو الذي ارسلها للتبشير لأنه كانت ثمة علاقات جيدة بين الكرج والارمن، لكن هذه العلاقات انقطعت بعد ان رفض الارمن مقررات مجمع خلقيدونية، وحصل التباعد والتباغض بين الشعبين والكنيستين، وبقي الكرج خاضعين بشكل غير مباشر للأمبراطورية الرومية، وصار لهم اسقف يوناني قام بتنظيم الابرشيات الجورجية، وكانت اللغة الطقسية هي الجورجية.
وفي القرن السادس تم ترجمة الكتاب المقدس مع كتب الصلوات والليتورجيا الى اللغة الكرجية.
وفي المخطوطات المحفوظة في دير القديس جاورجيوس الحميراء البطريركي والبطريركية بدمشق، ودير القديس سابا في فلسطين مخطوطات باللغة الكرجية.
وكان في السنة 1050م ان جورجيا قد استقلت عن الكرسي الانطاكي المقدس، لتقوم الكنيسة الروسية بضمها عام 1840 عند اجتياح القوات الروسية منطقة القفقاس ومنها جورجيا، وبقيت تحت الرئاسة الكنسية الروسية حتى قيام الثورة الشيوعية في روسيا، فاستقلت الكنيسة الجورجية مجدداً عام 1917 وعادت بطريركية ارثوذكسية مستقلة ورئيسها يسمى جاثليق او كاثوليكوس. واليوم وبعد استقلال جورجيا عن الاتحاد السوفيتي تنامت الكنيسة الكرجية باطراد وأُعيد افتتاح مدارس لاهوتية عليا، وزاد اقبال الشباب والبنات نحو الرهبنة، وتنامى عدد الكهنة بشكل مفرح، والفضل يعود لبطريركها الحالي ايليا فعلى يديه توقدت باطراد الحياة الروحية في جورجيا بشكل مطمئن عن الكنيسة الارثوذكسية في هذا البلد البعيد.
وفي التاريخ القريب انه عندما شاء البطريرك الانطاكي اثناسيوس الرابع (دباس)الدمشقي صنع مطبعة عربية كانت الاولى اهداه اياها الامير قسطنطين امير رومانية وكان الطباع الذي حفر الاحرف العربية هو الكاهن الكرجي انثيموس الذي استقدمه الامير قسطنطين ليحدث له الطباعة في رومانيا
وفي زيارته الاخيرة الى رومانية عام 2020 احتفل غبطة البطريرك الانطاكي ابينا يوحنا العاشر مع بطريرك رومانية ايريناوس (الراحل) باعلان قداسة الاب المذكور في بوخارست.
وقد ثبت مجمع افسس المسكوني الثالث 431م استقلال كنيسة قبرص 431م عن كنيسة انطاكية بصفة رئاسة اساقفة.
اما المجمع الخلقيدوني المسكوني الرابع 451م فقد اقام رئاسة اساقفة كنيسة اورشليم فاستقلت عن أنطاكية.
وكما يحدثنا لوقا الانجيلي في سفره الثاني من “اعمال الرسل” بأن قسماً من المسيحيين الأوائل في اورشليم، الذين تشتتوا جراء الضيق الذي رافق الاضطهاد واستشهاد استفانوس كبير الشمامسة، اجتازوا الى فينيقية وقبرص وانطاكية، “وكانوا في البداية لايكلمون احدا بالكلمة (الالهية) الا اليهود فقط”.
لكن كان من بينهم رجال قبرصيون وقيروانيون من يهود الشتات، وهم الذين لما “دخلوا انطاكية كانوا يخاطبون اليونانيين مبشرين بالرب يسوع، وكانت يد الرب معهم، فآمن عدد كبير ورجعوا الى الرب.”
برنابا وبولس
“عندما بلغ خبرهم مسامع الكنيسة الام في اورشليم، ارسلوا برنابا، وهو من يهود الشتات، قبرصي الأصل، ولكونه رجل صالح ممتلىء من الروح القدس، غيو، فرح بنجاح الكنيسة ، ووعظ فانضم الى الكنيسة جمع غفير.”
” ثم خرج الى طرسوس في إثر بولس، ولما وجده جاءا معاً الى انطاكية وبقيا معاً سنة كاملة وعلما جمعاً غفيراً، ودعي التلاميذ في أنطاكية “مسيحيين اولاً”.”
وبذلك كانت انطاكية اول مركز تبشيري منظم في العالم الى الامم، بحسب (ا.ع) وتنفيذاً “لقول الروح القدس وضع الرسل ايديهم على شاول وبرنابا واطلقوهما”
وبعودتهما الى انطاكية، وبعد انتهاء رحلتهما التبشيرية الاولى الناجحة، تتابعت بثلاث رحلات تبشيرية الى آسية الصغرى واوربة.
بطرس وبولس
اقام الرسولان بطرس وبولس كرسي انطاكية عام 42م، ثم كان بطرس اول اساقفته عام 45م الى 53م حيث اقام بدلا عنه اسقف لأنطاكية تلميذه افوديوس.
فهامتا الرسل تعبا جداً في تأسيس كرسينا الانطاكي طبعا بمعونة تلك النخبة من امثال برنابا وماتاهين ويوحنا مرقس ابن اخت برنابا…الخ
وقد اختص بولس وبرنابا بتعليم الامم، بينما بطرس فقد اختص بأهل الختان.
وتعيد كنيستنا الانطاكية كما بهما في 29 حزيران، وهو عيد الكرسي الانطاكي المقدس.
بولس وبرنابا كانا للأمم في المسكونة، وبطرس كان وبقية الرسل لأنطاكية ومحيطها اذن خلية عمل وهو مايميز انطاكية ويعطيها اول فرادتها انها للكل.
المجمع الرسولي الاول والختان
حصل اعتراض من مسيحيي انطاكية الذين من الاصل اليهودي السنة 43-44م، وخاصة الفريسيين منهم على قبول “الامم” في المسيحية دون المرور في شريعة موسى والختان. وكان عددهم في انطاكية كبيراً.
فتصدى لهم بولس وبرنابا في انطاكية، واظهرا للمعترضين ان المسيحيين يخلصون بالايمان بالرب يسوع، وليس بعد حفظ ناموس موسى…
ولأجل حل هذه القضية التي كادت ان تشق وحدة المسيحيين في انطاكية، قررت الكنيسة في انطاكية ان يشخص الى اورشليم بولس وبرنابا مع آخرين من الاخوة وبينهم كان يوحنا مرقس ابن اخت برنابا ورفيقه قي التبشير، مع تيطس، من اجل بحث هذه القضية.
وفرح ابناءاورشليم بأخبار النجاح الكثيف في انطاكية بقبول الامم، واستقبلهم يعقوب اخي الرب اسقف اورشليم، ويوحنا اللاهوتي وبطرس والشيوخ.
قرار المجمع الرسولي
وهو المجمع الاول في تاريخ الكنيسة، وقد اجتمع الرسل في المجمع الرسولي برئاسة يعقوب الرسول، وبعد المداولة وعرض وجهات النظر المتباينة، صرخ يعقوب الرسول رئيس المجمع بالتصريح التالي:
” ان المسيحيين من الامم احرار من الناموس اليهودي”
وكان هذا القرار حازماً قطع الطريق على ردود افعال اليهود المتنصرين الذين كانوا يعتبرون مسيحيي الامم غير اطهار ويبتعدون عنهم.
وكان بطرس قد وقف موقفاً موارباً وسايره في ذلك برنابا، فاضطر بولس الى توبيخ بطرس علناً بقوله له:” انت لاتسعى مستقيماً الى حقيقة الانجيل، وتصور لنا الايقونة قبلة المصالحة بين بولس وبطرس في اعقاب هذا الجدل وخضوع بطرس والبقية الى قرار المجمع الرسولي.
ولابد من التذكير ان كنيستنا الانطاكية اقدم الكنائس واسقفها يتقدم على سائر اساقفة الشرق، فهو الذي تراس المجامع المكانية في الشرق(انقرة سنة 315م وقيصرية سنة 316م).
-وقد ثبت مجمع نيقية (المسكوني الاول) 325م رئاستها على سائر اساقفة الشرق، -ثم ثبت المجمع القسطنطيني (المسكوني الثاني) 318م اعمال المجمع المسكوني الاول. وكان عدد سكان انطاكية وقتئذٍ 700000 نسمة.
-(المجمع المسكوني الثالث)افسس العام 431مالذي منح قبرص استقلالها، حرم الهرطقة النسطورية.
-ثم منح (المجمع المسكوني الرابع) المنعقد في خلقيدونية استقلال قبرص عن انطاكية، وانشق اللاخلقيدونيون اصحاب هرطقة الطبيعة الواحدة وانفصلوا سنة 513م واسسوا كنائس مستقلة.
-اما (المجمع المسكوني السادس) المنعقد في القسطنطينية السنة 680م فقد حرم هرطقة “المشيئة الواحدة” ومنهم الموارنة الذين اسسوا كنيستهم المستقلة السنة682م برئاسة البطريرك يوحنا مارون ثم انتموا الى الكنيسة البابوية السنة 1182م في فترة الغزو الافرنجي.