استشهاد الكنيسة الرومية الانطاكية والقسطنطينية في آسيا الصغرى بالمجازر التركية…شهادات وثبوتيات
أشارت الإحصاءات، إلى أن الروم هم الذين دفعوا الفاتورة الأكبر للإجرام التركي
الروم: 2,100,000 رومي أرثوذكسي بين عامي 1897و1923 تم قتلهم …
وهذه إثباتات من الأرشيف على إبادتنا نحن ابناء الكنيسة الرومية …
لمن يسأل عن “إثباتات من الأرشيفات” على قيام الأتراك بإبادة الروم والأرمن والآشوريين والسريان، إليكم هنا في هذا التدوينة، بعض الوثائق المهمة، منها شهادات مسؤولين اتراك.
مع بعض الوثائق الموجودة في ارشيف وزارتي الخارجية الألمانية والنمساوية، الدولتين “الحليفتين” لتركيا العثمانية آنذاك. وهذه الوثائق تكتسب أهمية خاصة لأنها موجودة لدى دول كانت “حليفة” لتركيا آنذاك، ولا يهمها طبعا “تشويه صورتها وصورة حليفتها” … وهي إثبات يجوز فيه القول الشهير:” وشهد شاهد من أهله”.
هذه الوثائق تدين الأتراك بشكل مباشر بارتكاب أبشع الجرائم، وهي طبعا التي أدت إلى “الاعتراف الألماني”الرسمي بالإبادة يوم 23 نيسان 2015 ، والاعتذار علناً عن “المسؤولية غير المباشرة” لألمانيا في تلك المأساة، هذا ناهيك عن الوثائق التي تزخر بها خارجيات الدول التي كانت تحارب تركيا آنذاك.
1- شهادات من الأتراك أنفسهم
“مصطفى كمال أتاتورك” في مقابلة مع الصحافي السويسري اميل هلدربراند في 1 آب 1926 منشور في مجلة los angeles examiner ، يقول : “إن جماعة تركيا الفتاة يتحملون المسؤولية المباشرة عن التهجير الجماعي والمجازر الوحشية المنظمة التي تعرض لها “الملايين” من رعايانا المسيحيين تحت حكمهم”.
2- من ارشيف وزارة الخارجية النمساوية
ارنست كفياتكوفسكي ernest kwiatkovski، القنصل النمساوي في” سمسون”، يرسل تلغرافاً إلى خارجيته مؤرخاً في 26 تشرين الثاني 1916 يقول فيه إن المتصرف التركي في تلك المنطقة قال له :”يجب أن نفعل بالروم ما فعلناه بالأرمن”، وفي 28 تشرين الثاني يقول :” يجب ان ننتهي من الروم. أرسلت اليوم فرقة مسلحة لقتل كل رومي يرونه في طريقهم”.
أما في 9 كانون الثاني 1917، يرسل القنصل لخارجيته برقية تضمنت وصفاً لما حدث في مكان وجوده:
“حتى الآن في منطقة سمسون، قامت القوات التركية بإحراق 16 قرية رومية، 890 منزلاً، 17 كنيسة، 16 مدرسة. القوات نفسها أحرقت أيضاً في الجوار 22 قرية، 341 منزلاً وكنيستين. 75 شخصاً قتل، بينهم 3 كهنة، و69 امرأة تم اغتصابهن”.
هذا طبعاً غير الفظائع الكثيرة التي حدثت في الأناضول وازمير وغيرها بحق الأرمن والروم والسريان والآشوريين.
من الأرشيف نفسه هناك برقية مهمة جداً ، موقعة من “طلعت بك” وزير الداخلية التركية بتاريخ 14 أيار 1914 موجهة إلى والي إزمير “رحمي بك” وفي نصها:” يجب أن ننقل جميع الروم المقيمين في آسية الصغرى من قراهم إلى ولاية أرضروم وشمال العراق. إذا رفضوا، فعليكم إعطاء التعليمات “الشفهية ” “لإخواننا المسلمين” كي يجبروا الروم على ترك قراهم ، عبر ترهيبهم بسبل مختلفة” .
وبالتعليمات “الشفهية” نتفادى أي دليل لمساءلة سياسية قد تنجم عن ذلك فيما بعد” .
(وعلى الرسالة توقيع كل من طلعت بك، وابراهيم حلمي مدير وزارة الداخلية، وختم مدير المراسلات “علي رضا”) .
3- من أرشيف وزارة الخارجية الألمانية
كوكهوف kukhoff ، نائب القنصل الألماني في “سمسون” (منطقة البنط شمال تركيا)، يبعث تقريراً إلى حكومته في برلين في 16 تموز 1916 يقول:” لقد علمت من مصادر موثوقة أن كل روم “سينوب”و”كاستاموني” تم تهجيرهم وسبيهم … الذين لم يقتلوا، ماتوا بمعظمهم بسبب الأمراض والجوع”.
الجنرال شوكت باشا ، قال للبطريرك المسكوني يواكيم الثالث في حزيران 1909:” سنقطع رؤوسكم ونبيدكم، إما أن نبقى نحن أو أن تبقوا أنتم”. ( سجلها دبلوماسي الماني في اسطنبول في 26 حزيران 1909 وأرسلها للمستشار الألماني برنارد فون بولو Bernard von bulow.
ريتشارد فون كولمان Richard von kuhlmann، السفير الألماني في تركيا يرسل برقية إلى حكومته في 16 ايلول 1916 يقول:”عائلات الروم المهجرة، معظمهم من الأطفال والنساء، تم ترحيلهم إلى سبسطية بأعداد ضخمة”.
هذا بالنسبة لبعض الإثباتات ضد الأتراك من ارشيف الدول “الحليفة لها”.
4- وسنذكر أيضاً شهادة جوهانس ليبسيوس Johannes lepsius رئيس بعثة تبشيرية بروتستانتية إلى تركيا: فقد كتب في 31 تموز 1915: “هناك استهداف لكل المسيحيين في تركيا” .
– وشهادة لأحد المرسلين الأميركيين لأورفا (منطقة سريانية) يقول:” خلال 6 اسابيع شاهدت أبشع الفظائع ترتكب بحق الآلاف الذين جاءوا من الشمال ليعبروا مدينتنا، لقد قتلوا جميع رجالهم في اليوم الأول من المسيرة ، بعدها تم الاعتداء على النسوة والفتيات بالضرب والسرقة والاغتصاب”، “شاهدنا بأعيننا هذا الشيء يحدث علناً في الشوارع”.
و يروي رافايل دي نوغاليس مينديز، وهو ضابط فنزويلي كان يحارب بإمرة العثمانيين، انه لدى وصوله إلى “سعرت” شاهد ما يلي:
كان بالإمكان مشاهدة آثار المجازر في التلال المطلة على الطريق الرئيسي، والتي غطت سفوحها الكئيبة آلاف الجثث شبه العارية والمدماة ، ملقية في كوم أو متعانقة خلال شهقات الموت الأخيرة. تمكنت مع رجالي من دخول سعرت بصعوبة، لتراكم الجثث التي اعترضت سبيلنا في الطريق. وهناك شاهدنا كيف قام بعض سكانها بمرافقة الشرطة المحلية بسلب بيوت المسيحيين. لدى وصولنا إلى السراي التقينا بالحكام المحليين الذين كانوا مجتمعين بجودت باشا ومن حديثهم استنتجت أن المجزرة تم التخطيط لها البارحة من قبل جودت باشا شخصيا.
ويروي دي نوغالس كذلك أنه لدى حديثه مع محمد رشيد باشا والي ديار بكر، ابلغه الأخير أنه استلم أوامر الإبادة من خلال برقية من طلعت باشا وزير الحرب تحتوي على ثلاث كلمات: أحرق – دمر – أقتل (Yak-Vur-Öldür).
(Gaunt & Beṯ-Şawoce 2006, p. 251)
5- ويقدر الصليب الأحمر الأميركي عدد الشهداء الذين قضوا بسبب حصار العثمانيين لجبل لبنان عام 1916 ب 250 الفاً ، اي ما يوازي حوالي ثلث سكان الجبل .
علينا ان لاننسى ان اكبر مذبحة طائفية بحق المسيحيين وقعت بين 1849 الى 1860 ضربت جبل لبنان وزحلة البقاع وراشيا وحاصبيا ودمشق والقلمون السوري معلولا… والزبداني ووادي بردى ودوما وعربين والغوطة الشرقية وحلب واكبر المجازر في دمشق وقضت على نصف الروم الارثوذكس وعددهم 13000 وهاجر الربع الى بيروت وبقي الربع كأقلية مرتاعة وقد تمت هذه المجازر بتدبير عثماني رسمي وبيد الدروز بداية ثم بقية المسلمين والاكراد للخلاص من نظام الامتيازات المذهبية عبر القضاء على المسيحيين في سورية وآسيا الصغرى ونزع الذرائع التي بيد الدول الاجنبية بحق حماية رعاياها
لم نتحدث عن يونان او روم البنطس ولم نأت على ذكر ابناء ارضروم وديار بكر وكيليكيا من الروم الارثوذكس وعدد البنطسين من الشهداء اكثر من 350 الفاً اما الابرشيات الانطاكية الثلاث ارضروم وديار بكر وكيليكيا فقد استشهدت واستشهد ابناؤها من الروم الانطاكيين (سوريين ويونان) ومن بقي من يونان كيليكيا فقد تم مبادلتهمع دولة اليونان مع اتراك دولة اليونان بنتيجة معاهدة لوزان 1923 بين تركيا واليونان اما الروم الانطاكيين فقد لجأوا الى سورية ولبنان وصودرت ممتلكاتهم ودمرت كنائسهم واديارهم…
هذا إضافة إلى علماء كثيرين وصفوا جرائم تركيا ب”الإبادة” بينهم البروفسور رودولف رومل الذي يقدر عدد ضحايا الإبادة بين 3500000 و 4500000 سقطوا بين العامين 1900 و 1923 .
الخاتمة الحزينة
الموجهة للعالم المدعي الحضارة واليوم نسأل بها: أليست الكنائس المهجورة في تركيا، والذاكرة الجماعية التي ما زال المهجرون يحملونها، اكبر دليل على حدوث الإبادة؟
كيليكيا ولواء الاسكندرون وانطاكية صرخة باقية ابد الدهر تشهد على ذبح وطننا وكنيستنا الانطاكية الرومية…