Quantcast
Channel: د.جوزيف زيتون
Viewing all articles
Browse latest Browse all 1470

فلسطين المسيحية…

$
0
0
 
فلسطين المسيحية…

فلسطين  هي القطعة الاقدس من ارض سورية لأنها هي ارض المسيح  بالجسد له المجد ووطنه الارضي…

في بيت لحم ولد وكبر وترعرع في الناصرة…وعلم في المجمع باورشليم مذ كان عمره  12 سنة…

اعتمد من يوحنا في نهر الاردن… ومن محيطها انتقى تلاميذه وكانوا كلهم من صيادي السمك الفقراء واعدهم ليكونوا نواة كنيسته… وصل الى مشارف الجولان، ركب السفينة في بحيرة طبريا واكل من سمكها مع الجموع الجائعة واشبعهم وكانوا بالآلاف من خمسة ارغفة وسمكتين…  

ساح في هذه الارض المقدسة التي تقدست بنعليه وتبعته الجموع المتعطشة الى تعليمه الخلاصي، أطعم الجياع وشفى المرضى والبرص وجبر خواطر المنكسرين والمتألمين، اقام الاموات… 

في اورشليم وفي بستان الزيتون القي القبض عليه ثم حوكم في دار الولاية  وحكم عليه بيلاطس بالموت صلباً وغسل  يديه من جريمة صلبه وكانت الجموع تصرخ اصلبه اصلبه…عذبوه وجلدوه وصلبوه ومات على الصليب ودفن لثلاثة ايام وقام من بين الاموات بقيامته الظافرة ثم صعد الى السماء ومن هناك وفي يوم الخمسين لقيامته  ارسل الى تلاميذه عنصرته واعطاهم  موهبة الروح القدس واطلقهم الى المسكونة…

“اذهبوا وتلمذوا كل الامم معمدين اياهم بسم الآب والابن والروح القدس”

فلسطين ارض القداسة
فلسطين ارض القداسة

اورشليم ام الكنائس

 كنيسة فلسطين هي ام الكنائس واتباعها هم احفاد المسيحيين الفلسطينيين الاوائل الذين عاصروا الرب يسوع وآمنوا به رغم العذاب والقهر والاضهادات الدموية، هم ابناء فلسطين موطن الرب يسوع الارضي، والتي هي مهد المسيحية، ويعيشون اليوم في فلسطين 1948، بلغ عدد المسيحيين في فلسطين المحتلة عام 2016 حوالي 170 ألف… ويشكل المسيحيون العرب الفلسطينيون 80% من مسيحيي فلسطين المحتلة والباقي يتوزعون بين  مسيحيين مهتدين من اليهودية ومن الفئات الاخرى، بينما تصل أعداد مسيحيي  الضفة الغربية او ارض السلطة الفلسطينية 51,000 إلى جانب 3,500 مسيحي في  قطاع غزة.

 في التعريف الأوسع للمسيحيين الفلسطينيين، بما في ذلك  اللاجئين الفلسطينين والشتات والأشخاص الذين لديهم أصول مسيحية فلسطينيَّة كاملة أو جزئيَّة، يُمكن تطبيق ذلك على ما يُقدّر بنحو 500,000 إلى 2,600,000 شخص في جميع أنحاء العالم اعتباراً من عام 2000 وتتراوح نسبة المسيحيين بحسب تقديرات مختلفة بين 6.5 – 20% من مجمل فلسطيني العالم. ولكن بكل اسف بات يتواجد معظمهم خارج فلسطين التاريخية بسبب  الهجرة  المسيحية واسعة النطاق منذ عقود والمضايقات بحقهم نتيجة التمييز العنصري ويهودية الدولة في اسرائيل  وعدم الاستقرار في الشرق الاوسط بسبب مايسمونه “الصراع العربي الاسرائيلي”. لاسيما ان المسيحيين الفلسطينيين هم الطليعة الوطنية الفلسطينية المناضلة لاحقاق حقوق الشعب الفلسطيني ومنها حق العودة الى ارضه وحق اقامته دولته الفلسطينية المستقلة، ويشهد على قوميتهم ووطنيتهم كوادرهم الوطنية المناضلة… 

 خارج فلسطين التاريخية يتواجد المسيحيون الفلسطينيون من اللاجئين وغير اللاجئين في الغالب في دول الشرق الاوسط سورية ولبنان ومصر والاردن والعراق… وفي الأميركيتين واوربة واوستراليا… وبقية الشتات الفلسطيني.

اما الكنائس التي ينتمي اليها المسيحيون الفلسطينيون فهي كما في كل المشرق العربي  فالاغلبية مكونة من الكنائس: الارثوذكسية الخلقيدونية حيث اقيمت بطريركية ارثوذكسية منذ القديس يعقوب الرسول شقيق الرب، واللاخلقيدونية من ارمن ولهم بطريركية وسريان ولهم ابرشية تتبع للبطريركية في سورية، واقباط ولهم ابرشية ويتبعون البطريركية في مصر…

ثم تسربت اليهم الكثلكة وكانت نواتها من خلال حملات الافرنج المسماة صليبية حيث استولوا على كرسي اورشليم الارثوذكسي واقاموا عليه بطاركة لاتينيين ولما تم تحرير فلسطين والمشرق من حملات الفرنج بعد قرنين من الزمن تقريباً وذلك في الثلث الاخير من القرن 13م…

مجدداً تسربت الرهبنات التبشيرية كاليسوعية والكرملية و…ومايسمى حراس القبر المقدس وبدأ الاقتناص  فنشأت جماعة لاتينية فأحدث لها البابا بطريركية لاتينية منتصف القرن 19دارت في فلكها كنائس الطوائف الكاثوليكية التي كانت بسبب التبشير اللاتيني المحكي عنه قد انشقت عن امهاتها  قمن الكنيسة الارثوذكسية  انشق الروم الكاثوليك وعن السريان انشق السريان الكاثوليك وكذلك عن الارمن والاقباط… و صار لها بطريركيات خاصةخارج فلسطين عدا اللاتين فبطريركهم في القدس ولكن كلها تحت رئاسة بابا رومية وكانت قد بدأت في الظهور في المشرق منذ القرن 17، وتبعتها في القرن 19 اقامة كنائس بروتستانتية متعددة وتنتمي الى بريطانيا وايرلندا والمانيا واميركا…

الاغتراب المسيحي الفلسطيني

نشط الاغتراب المسيحي في القرنين 18 و19 وتسارعت وتيرته مع القرنين 20 و21 بعد نكبة فلسطين،  وإقامة دولة إسرائيل حيث شهدت حينها هجرة كبيرة جداً من  يهود العالم إلى فلسطين المحتلة والتوجه نجو يهودية الدولة، والتي كانت سبباً رئيساً لتهجير المسيحيين الى التيه العالمي وكان هذا الشتات قد بدأ مع تنفيذ وعد بلفور 1917.

بدأت الهجرة المسيحية الفلسطينية العارمة منذ سلب فلسطين بعد نكبة 1948 ثم تزايدت  في  اعقاب حرب5 حزيران 1967. كانت أولى وجهات المغترب المسيحي الفلسطيني هي  اميركا الجنوبية، بالإضافة إلى اميركا الشمالية وكندا واستراليا واوربة، واليوم يعيش أغلب الفلسطينيين المسيحيين خارج وطنهم التاريخي فلسطين، وبالمقابل فإن أكبر تجمع مسيحي فلسطيني يتواجد في تشيلي بأميركا الجنوبية، وقد سطع نجم عدد كبير من الشخصيات الفلسطينية المسيحية المهجريّة في مناصب سياسية واقتصادية بارزة، علماً أن المسيحيين الفلسطينيين يحتفظون بهويتهم الأصلية ويفاخرون فيها، وهم  والانطاكيون والاسكندرانيون ابناء الكراسي الارثوذكسية الخلقيدونية برعاية ابرشيات البطريركية الانطاكية الارثوذكسية التي نظمت الوجود الانطاكي اساساً وكل الوجود الارثوذكسي في الشتات، واجتذبت كل الارثوذكس العرب.

من الناحيّة العرقيّة، فإن المسيحيين الفلسطينيين بشكل عام ينحدرون في الأصل من خليط من ابناء فلسطين الاصلاء بجذورهم الكنعانية، والهلينية، والآرامية  والقبائل العربية، والعبرانيين المهتدين.

وهم من أقدم الجماعات المسيحية في العالم فكنيسة اورشليم هي ام الكنائس المسيحية، ولهذا السبب  يُطلق على المسيحيين الفلسطينيين اسم الحجارة الحية.

الريادة الوطنية والقومية

لعب المسيحيون الفلسطينيون دورا بارزاً في المجتمع الفلسطيني، خلال النهضة العربية ضد التتريك خاصة في الربع الاخير من القرن التاسع عشر، كما  اصبح لهم اليوم دور فاعل في مختلف النواحي الاجتماعية والسياسية  والاقتصادية وتبؤا مراكز ريادة، ويدير المسيحيون سواء في ارضهم التاريخية او في الشتات كونهم طليعة ثقافية عددا انهم تبؤا الريادة في النواحي المحكي عنها ومراكز النشاط الاجتماعي والمستشفيات والجامعات، ومراكز الابحاث بمافي ذلك وكالة الفضاء الاميركية ناسا لقد  نجحوا بفرض هويتهم الفلسطينية من خلال ريادتهم الثقافية والعلمية والفنية، ويُعتبر المسيحيون الفلسطينيون  الاكثرية الثقافية والعلمية والاقتصادية في داخل فلسطين 1948 و اراضي السلطة الفلسطينية فهم بلا منازع الاكثر تعلماً كمسيحيي المشرق العربي وفقاً للنسبة المسيحية العددية في المشرق العربي، وأوضاعهم الاقتصادية-الاجتماعيّة أفضل مقارنة بباقي السكان.

النجمة الفضية، تحت المذبح في مغارة المهد، وتمثل وفق المعتقدات المسيحيَّة البقعة التي وُلد فيها يسوع.
النجمة الفضية، تحت المذبح في مغارة بيت لحم حيث ولد يسوع
يسوع وفلسطين

تعتبر الأناجيل الاربعة (متى مرقس لوقا ويوحنا) المصدر الرئيس لتتبع حياة الرب يسوع على الارض. هناك بضعة مؤلفات أخرى تذكره يطلق عليها عامة اسم الأناجيل المنحولة، وقد ورد ذكر الرب يسوع أيضاً بشكل عرضي في بعض مؤلفات الخطباء الرومان كشيشرون.

  ولد الرب يسوع في بيت لحم خلال حكم ملك اليهودية هيرودس الكبير، ولا يمكن تحديد تاريخ ميلاده بدقة، بيد أن أغلب الباحثين يحددونه بين عامي 4 إلى 8 قبل الميلاد.

 يتفق الرسولان متى ولوقا  أنه ينحدر من سبط يهوذا، السبط الرئيس في اسباط اسرائيل الاثني عشر. كذلك يتفقان أن هذه الولادة قد تمت بشكل إعجازي دون مشيئة رجل بمايفوق الطبيعة، ويعرف هذا الحدث الفائق الطبيعة في الكنيسة باسم “الولادة من عذراء”. ورغم أنه ولد في بيت لحم إلا أنه قد قضى أغلب سنوات حياته في  الناصرة لذلك دُعي “يسوع الناصري”

كانت دعوة الرب يسوع منذ اعتماده في نهر الاردن بيد سابقه الصابغ يوحنا المعمدان” توبوا وآمنوا فقد اقترب ملكوت السماوات” هي ثورة للعودة الى الله لنيل الخلاص، وعلى اهمية المحبة وهي اعظم الوصايا…

لقد ركزله المجد بشكل أساسي على أهمية ترك أمور الجسد والاهتمام بأمور الروح، وشجب بنوع خاص مظاهر الكبرياء والتفاخر البشري، وحلل بعض محرمات الشريعة اليهودية، وجعل بعضها الآخر أكثر قساوة  كالطلاق، وركز أيضاً على دور  الايمان في نيل الخلاص…

تسرد الأناجيل سيرة حياته واعماله، والموعظة على الجبل بتطويباتها الالهية، والامثال التي ضربها والمعجزات التي اجترحها، اختار الرب يسوع تلاميذه الاثني عشر من الفقراء وصيادي السمك البسطاء واهلهم ليكونوا صيادي الناس ومنطلق عنصرته الى الكون معمدين بالماء والروح وكان هؤلاء الإثني عشر مختارين من حلقة أكبر كانت تتبعه وتشمل نساءً والرسل السبعين الذين صاروا  بغلية صهيون في اورشليم في يوم العنصرة بالآلاف وطفقوا يتكلمون بلغات كثيرة.

 في حياته الارضية بيننا لثلاث سنين بشر الرب يسوع خاصته، وخاصته لم تعرفه لذا وخلال تواجده في اورشليم ضمن احتفالات عيد الفصح الناموسي، قرر اليهود قتله ورتب له مجمعهم شهادات الزور، ولكن كل ذلك كان خوفًا من تحوّل حركته الداعية الى العودة الى الله إلى ثورة سياسية تستفز السلطات الرومانية لتدمير الحكم الذاتي الذي يتمتعون به لذلك ردوا بصوت واحد على بيلاطسلما سألهم:أأصلب لكم ملككم؟ فردوا عليه:” ليس لنا ملك الا قيصر”. وتذكر الأناجيل الاربعة المفدسة بشيء من التفصيل أحداث محاكمة الرب يسوع أمام  مجمع اليهود ثم أمام الوالي الروماني بيلاطس البنطي، ودرب آلامه وصلبه، حيث  صلب له المجد خارج المدينة في الجلجلة وقد تبعه ليشهد عملية الصلب جمع كثير، وبعد نزع دام ثلاث ساعات مات المسيح بالجسد، وقد رافقت موته حوادث غير اعتيادية في الطبيعة فانشق حجاب الهيكل من وسطه واظلمت الشمس وتزلزلت الارض وتفتحت القبور وخرج الكثير من اجساد القديسين وتراؤوا للناس، حتى ان قائد المائة كرينيليوس قال:” حقاً كان هذا ابن الله”.

  أُنزل الجسد الالهي من على الصليب ودفن على عجل لأن سبت الفصح اليهودي كان قد اقترب. باجماع الانجيليين الاربعة، قامت بعض النسوة “الحاملات الطيب” من أتباعه فجر احد الفصح بزيارة القبر  ليطيبن الجسد المقدس حسب الشريعة فوجدنه فارغاً، بيد أن ملاكاً كان في القبر بحلة بيضاء أخبرهنّ أن يسوع قد قام، “إذهبن وأخبرن  التلاميذ بذلك…”

وما لبث أن ظهر لهم مرّات عدة عندما دخل العلية والابواب مغلقة وارى تلاميذه آثار الحربة والمسامير وطلب الطعام فأكل معهم، ثم اثبت لتوما بالحس والمظاهر الجسدية انه هو “طوبى للذين آمنوا ولم يروا” لقد اجترح لتلاميذه  عجائب كثيرة  بعد قيامته أكد لهم فيها قيامته من بين الاموات.

عليّة صهيون، حيث تم العشاء الأخير والعنصرة، وكانت مركز المسيحية المبكرة الأول.
عليّة صهيون، حيث تم  العشاء الاخير والعنصرة، وكانت مركز المسيحية الاساس الأول.
تأسيس الكنيسة في اورشليم

تأسست الكنيسة الأولى في اورشليم السنة34مسيحية،  واختير القديس يعقوب شقيق الرب أسقفاً لها من قبل المسيحيين الأوائل وجلهم من اليهود المتنصرين. ولقد تعرض المسيحيون إلى اضطهاد اليهود لهم منذ البداية واشتدت حدة هذه الاضطهادات،وكان اول الشهداء استفانوس، ومن ثم تكليف شاول بالتوجه الى دمشق على رأس قوة عسكرية ومعه كتاب توصية الى نائب الملك الحارث لضبط اتباع هذه الطريقة الجديدة في دمشق وارسالهم مخفورين بيد شاول الى اورشليم لتتم محاكمتهم وانزال اقصى العقوبات بهم.

ثاروا ضد الحكم الروماني لنيل استقلالهم، وبعد حصار كبير فتح القائد الروماني تيطس السنة 70 للمسيح اورشليم  وهدم بعض اسوارها وهيكل سليمان واستباحها وساق اليهود اسرى الى روما. ثم ثار اليهود ثورة باركوخبا التي أعلنها اليهود ضد الرومان وقد نجحوا من خلالها ولفترة قصيرة بالاستقلال عن  روما. انتهت الثورة بفتح اورشليم على يد الامبراطور هادريان السنة  134م وفقد اليهود خلالها أعداداً كبيرة وغادر المسيحيون من أصل يهودي المدينة. حتى هذا العام كان  اليهود المتنصرون هم أصحاب الشأن في ادارة شؤون  كنيسة اورشليم، بعد ذلك تغلب العنصر الأممي على رئاسة اورشليم ام الكنائس مع انتخاب الأسقف مرقس. سرعان ما تعرضت هذه  الجماعة المسيحية الاولى للاضطهاد مما اضطرها إلى التشتت في نواحي أخرى من فلسطين شمالاً وجنوباً. فمن اورشليم غادر المسيحيون إلى  السامرة في الشمال، حيث بشّر هناك الرسول فيليبس وذلك بحسب اعمال الرسل، وإلى الجنوب،  وغزة وقيصرية واللد ويافا حيث تحّول للمسيحيّة أول شخص من أصول وثنيّة وهو كرنيليوس الذي كان قائد مائة في الجيش الروماني عند المعجزات التي رافقت موت المسيح على الصليب.

 تعرضت الكنيسة في فلسطين بداية  للاضطهاد على يد مجمع اليهود والأباطرة الرومانيين، وكان أشدها اضطهاد داقيوس (291-249)، وفاليروس 238، وديوقليسانيوس (303-313م) أشد هذه الاضطهادات كان في عسقلان وقيصرية وغزة.

براءة ميلانو 313م

جبل الزيتون مكان رفع يسوع وفق المعتقدات المسيحية، بنت القديسة هيلانة العديد من الكنائس.
 جبل الزيتون حيث بنت القديسة هيلانة العديد من الكنائس.

اعتنق الامبراطور قسطنطين الكبيرالمسيحية في بداية القرن الرابع، ومن ميلانو بايطالية بعد انتصاره على خصمه ليكيانوس اطلق مرسومه الشهير بحرية العبادة في الامبراطورية، وبذا انتهى رسمياً عصر الاضطهادات مما أفسح المجال  للكنيسة في كل المسكونة كي تنظم نفسها وتنتشر وتزداد نشاطاً تبشيرياً، فبنيت الكنائس الكبرى في الأماكن المقدسة، وذلك على يد الإمبراطورة هيلانة والدة الامبراطورحسن العبادة قسطنطين التي عثرت على خشبة الصليب المقدس، ومنها كنيسة القيامة سنة  334م، وجبل الزيتون، وجبل  صهيون، وكنيسة المهد وغيرها، ممّا مهّد حركة الحج المسيحية للأماكن المقدسة الخاصة بها. وقد برز في تلك الفترة الاسقف كيرلس الأورشليمي (313-387م) الذي بقي أسقفاً على مدينة  اورشليم لمدة 48 عاماً، وقد ازدهرت في زمانه الحياة الليتورجيّة في فلسطين واماكنها المقدسة.

 انتعشت الحياة الروحية المسيحية في فلسطين؛ فقد اشترك في المجمع المسكوني الاول في نيقية الذي عقد سنة 325مسيحية  18 أسققًا من فلسطين، أمّا في مجمع خلقيدونية سنة  451م  فقد اعتُرفَ  بأورشليم كرسياً بطريركياً، وقد وصل عدد الأساقفة في القرن 6 إلى 49 أسقفاً. وشهدت المنطقة بناء العديد من الكنائس والاديرة الرهبانية.

انتشرت  الحياة الرهبانية في فلسطين بكثافة، فبعد أن بدأت في مصر على يد   ابو الرهبنة والرهبان القديس انطونيوس الكبير  وباخوميوس، سرعان ما انتشرت في فلسطين بفضل القديس هيلاريون ينوع خاص، والذي عاش في صحراء  غزة سنة 328م، والقديس خاريطون الذي قضى قسماً كبيراً من حياته في دير القلط. ومن أشهر الرهبان في فلسطين أفتيموس والذي توفي سنة472م  والقديس ثيوذوسيوس الذي توفي سنة 592م  ودير القديس سابا الرهباني الذي توفي سنة  532م. ولا تزال الأديرة التي بنوها في صحراء شرقي بيت لحم قائمة حتى اليوم. وقد وصل تعداد الرهبان إلى عشرات الآلاف في نهاية  القرن السادس…

دخول المسلمين

رسم إفرنجي يُظهر بناء مسجد عمر بالقدس بعد الفتح الإسلامي.
رسم إفرنجي يُظهر بناء مسجد عمر بالقدس بعد الفتح الإسلامي.

في بداية القرن السابع انتشر الاسلام في  جزيرة العرب، وما لبث أن امتد إلى أجزاء واسعة من العالم، منها سورية الكبرى وسواها وقد كانت معركة اليرموك السنة 636م فاتحة دخول المسلمين إلى كل فلسطين وسورية تالياً  فقد دخلوا دمشق سنة 636م، واورشليم  سنة 638م بعدما فاوض البطريرك صفرونيوس الخليفة عمر بن الخطاب في تسليم المدينة صلحاً  وتم ذلك وسلم البطريرك ابن الخطاب مفاتيح المدينة، ثم فُتحت  مصر عام  639م بما فيها مدينة الاسكندرية سنة 641م حيث فاوض كذلك البطريرك كيرلس عمرو بن العاص وسلمه مفاتيح المدينة، حيث فتحت هذه الأحداث الباب أمام مرحلة جديدة من تاريخ المسيحية الشرقية.

قامت العلاقة بين المسيحيين اصحاب الارض والمسلمين القوة الحاكمة في بلاد الشرق على أساس عهود أبرمت بينهم وقضت بأن يدفع المسيحيون الجزية مقابل التعهد بالمحافظة على دينهم وحياتهم وأرزاقهم. وأشهر هذه العهود  العهدة العمرية بين البطريرك الاورشليمي صفرنيوس والخليفة عمر بن الخطاب، الذي أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم. ولقد اتسمت هذه العهود بالسماحة مما أتاح للمسيحيين أن يحافظوا على دينهم بالرغم من تقلص أعدادهم مع الوقت. ولقد ساهم المسيحيون في تثبيت أركان الحكم العربي الإسلامي إذ ساهموا في إدارة الدواويين بصفتهم الطليعة المثقفة العارفة باللغة اليونانية وهي لغة الادارة والدواوين.

بشكل عام، نَعِم المسيحيون بقسط من الحرية في ظل الخلافة الاسلامية وتحديداً في الخلافة الاموية ما عدا في أزمان معينّة كفترة الخليفة العباسي المتوكل (847-861م) الذي اضطهدهم وضيّق عليهم. كذلك فقد لقي المسيحيون الاضطهاد على يد  الحاكم بأمر الله (996-1020م)، الذي هدم  كنيسة القيامة في القدس سنة 1009 وكذلك كنيسة المريمية بدمشق وكنيسة السيدة في مصر القديمة…وتم حظر المواكب الدينية والزياحات واستعمال النبيذ في سر الافخارستيا، وبعد بضع سنوات صار ان جميع الأديرة والكنائس في فلسطين وسورية وخاصة بدمشق ومحيطها قد دُمرت أو صودرت وكان هدم كنيسة القيامة  اقدس المواقع المسيحية على الإطلاق أحد الأسباب الرئيسة لنشوءحملات الفرنجة عند بعض المؤمنين ومنهم الراهب بطرسوالتقت النوايا عند الكرسي البابوي من اجل اجتذاب ابناء الكنائس الارثوذكسية واللا خلقيدونية لطاعة البابا، ومع رغبة الملوك والامراء باحتلال الشرق العربي كونه الشريان في طريق الحرير الواصلة الى الصين وغالبا ما كان يتأثر وضع المسيحيين بالعلاقة بين المسلمين والامبراطورية الرومية، حيث كان انتصار الإمبراطورية البيزنطية  في الحروب المستمرة ينعكس على علاقة المسلمين بهم. ثم في غزوة الافرنج التي دامت قرنين من الزمان وكانت نسبة المسيحيين في بلاد الشام قبل قيام هذه الغزوة اواخر القرن 11م 60% من مجموع السكان لتنخفض بعد طرد الفرنجة الى اقل من 20% بسبب اعتناق الاسلام خوفاً والهجرة وردات الفعل الدموية بحقهم من المسلمين لأنهم على دين الخصوم…! 

العصر الذهبي

صورة للصفحتين الأولتين من «المخطوط الفاتيكاني عدد 250»، وهو عبارة عن ترجمة عربية لإنجيل الدياسطرون، ويرقى للعصر العباسي.
صورة للصفحتين الأولتين من “المخطوط الفاتيكاني عدد 250″، وهو عبارة عن ترجمة عربية لإنجيل الدياسطرون، ويرقى للعصر العباسي.

جرت في عصر الخلافتين الاموية والعباسيين تطورات وتفاعلات مهمة أعطت للمسيحيين الوجه الذي نعرفه لهم اليوم. اذ بالرغم من تقلص أعدادهم لم يكتف  المسيحيون بالاستمرار في الوجود بل راحوا يساهمون مساهمة فعالّة في بلورة الحضارة في مجال العلوم والثقافة والسياسة والعمران وكافة المجالات فبرزت هويتهم الكيانية كرواد في الحضارة العربية.

إن هذا التفاعل الحضاري جعل من المسيحيين جزءاً هاماً من الثقافة العربية ولم يقتصر الأمر على المجالات العلميّة بل دخل الفقهاء المسلمون واللاهوتيون المسيحيون في جدالات دينيّة صريحة بحضرة الخلفاء وبالتسامح المثمر وفي مجالس العلم. وقد بقيت العديد من هذه النقاشات حتى اليوم محفوظة في المكتبات الكبرى وخاصة المخطوطات التي اقتنصتها حملات الفرنجة و ارسلتها الى اوربة وصارت من ركائز الاديرة التي تحول العديد منها الى جامعات رائدة  الى اوربة وكانت هذه المخطوطات التي تحمل ليس فقط تراث العرب بل كل تراث من سبقهم وقد عملوا عليه وطوروه، هذا صار من ركائز عصر النهضة الاوربية.

وسرعان ما أصبحت  اللغة العربية لدى  المسيحيين في بلاد الشام  لغة طقوسهم بيد الشماس ابو الفضل الانطاكي الذي عرب الطقوس الليتورجية الرومية في القرن العاشر و اللغة المعتمدة نطقاً وكتابة في معاملاتهم اليوميّة، ونشأ عن ذلك، ما بين القرنين الثامن والرابع عشر، ما يُعرف باسم التراث المسيحي العربي الذي يشمل مؤلفات في جميع مجالات الفكر المسيحي والتي توجد في عشرات الآلاف من المخطوطات. وهو التراث الذي راح العلماء يعملون على تحقيقه ونشره في السنوات الأخيرة. ومن اللاهوتيين البارزين في هذا المجال كان ثاودوروس أبو قرة أسقف  حران الملكي، وسعيد بن البطريق بطريرك الإسكندرية الملكي، والشماس عبد الله بن الفضل الانطاكي المطران الملكي المحكي عنه، ويحيى بن عدي، وابن العسال، وساويروس بن المقفع، والطبراني وغيرهم. ونشأ الأدب العربي المسيحي في أديرة فلسطين ومنه انتقل إلى باقي ارجاء سورية ومصر ومابين النهرين، ومن أعلامه إسحاق الصابيء وإبراهيم الطبراني وسليمان الغزاوي الذي ألف مجموعة شعرية دافع فيها عن الدين المسيحي، وإسطفان الرملاوي الذي ترجم الانجيل إلى اللغة العربية، وثيودوروس أبو قرة اسقف حران الارثوذكسي الانطاكي الملكي الذي نقل اللاهوت المسيحي إلى اللغة العربية في آواخر القرن الثامن حيث قبلها كان مقتصراً على اللغتين اليونانية والسريانية بصفتهما لغة عامة السوريين الارثوذكس في دائرة الكرسي الانطاكي تحديداً، وليست محصورة بأبناء الطائفة السريانية.

حملات الفرنجة (1099 إلى 1291)

غي دي لوزينيان في معسكر صلاح الدين، بعد معركة حطين، بريشة سعيد تحسين، القرن العشرين.
 غي دي لازينيان في معسكر صلاح الدين، بعد معركة حطين، بريشة سعيد تحسين، القرن 20.

كان السبب الرسمي المعلن لحملات الفرنج الصعوبات التي تعرض ويتعرض لها الحجاج المسيحيون في الوصول إلى الأماكن المسيحيّة المقدسة وهدم كنيسة القيامة. غير أن دوافع هذه الحملات الغازية كانت متعددة منها دوافع دينية لقلب ارثوذكس الشرق وابناء الكنائس اللاخلقيدونية الى البابوية، ودوافع اقتصاديّة، وتوسعيّة، واجتماعيّة رغب القيام بها ملوك وامراء اوربة للامساك بطريق الحرير الواصل الى الصين والقبض على تجارته. اضافة الى بعد ديني عند قلة على رأسهم الراهب بطرس الناسك بتخليص القبر المقدس من يد المسلمين.

قام الفرنجة بثمان حملات في فلسطين والشرق. فاحتلوا مدينة بيت المقدس سنة 1099، ومنها اجتاحوا سائر مناطق فلسطين. عندما دخلوا اورشليم وأسسوا مملكة اورشليم اللاتينية، وقعوا في خلاف حول طبيعة الحكم، فقد نادى بعض الفرسان وعلى رأسهم البطريرك بإعلان المملكة  دولة دينية كاثوليكية يرأسها البطريرك اللاتيني، ومن ثمّ تحوّل النقاش واستمرّ خلال القرن 11م إلى مملكة مزدوجة يرأسها الملك والبطريرك معاً. أياً كان فقد كان الحكم في المملكة مدنياً، غير أنه كان للكنيسة قوتها كحال جميع الممالك في أوربة خلال  القون الوسطى، ومن صلاحيات الكنيسة النظر في وراثة العرش وعزل الملك والمحاسبة عن “المفاسد الأخلاقية” وترتيب أحوال الزواج والطلاق والإرث وما إلى ذلك من الاحوال الشخصية في المملكة. وإلى جانب بطريرك المدينة المقدسة، كان هناك سبعة مطارنة في بيت لحم  وحبرون والناصرة  وقيسارية  واللد وصور والكرك. وقد أثار هذا التقسيم حيرة عدد من المؤرخين، إذ إن مدناً صغيرة حازت على تصنيف مطرانية بينما مدن كبرى مثل  يافا وعكا  لم تحصل على مثل هذا الامتياز، وربما يعود السبب في ذلك لضياع التنظيم والخلط بين النموذج الذي أراد الفرنجة استحداثه من ناحية، والنموذج الرومي البيزنطي والأرمني الذي كان قائمًا أصلاً في المدينة خلال حكم العباسيين، حيث كانت أغلبية المسيحيين في القرى والمدن الصغرى لا في المدن الكبرى. كان من بين رعايا المملكةالعدد الاكبر من المسيحيين هم من الروم الارثوذكساضافة الى الارمن والسريان  الذين اختلف قادة الفرنجة في الطريقة المثلى للتعامل معهم، غير أن الرأي الذي خلص إليه ومن عشية الحملة الصليبية الاولى تمخض عن “قبول العيش بسلام مع جميع معتنقي الديانة المسيحية على وجه الخصوص”ولكن المسيحيين يتبعون للرئاسة الروحية لبطريرك المدينة المقدسة اللاتيني كما في تاريخ كنيسة مدينة الله انطاكية العظمى للدكتور اسد رستم حيث  وكما في تاريخ انطاكية ومختصر تاريخ انطاكية في موقعنا هنا ومافعلوه  من منكرات وقتل مع البطريرك الانطاكي والاكليروس والحال ذاته في اورشليم …

وقد انتصر صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين في معركة حطين سنة 1187م. وفي السنة عينها استرجع مدينة القدس. وفي 1104م سيطر الصليبيون على مدينة عكا، وأصبحت الميناء الرئيسي والحصن المنيع لهم، وقسمت إلى أحياء، حيث تركزت كل جالية منهم بحيّ خاص بها،  وضمت المدينة أيضاً على أحياء للمجتمعاتالمسيحية الارثوذكسية الفلسطينية والإسلامية المحليَّة. وواصلت عكا خلال الحقبة الصليبية ازدهارها كمركز تجاري رئيس لشرق المتوسط، وكانت مدينة ثرية نسبياً نابضة بالحياة التجاريًّة. وانتهى الوجود الفرنجي في فلسطين سنة 1291م بسقوط عكا، آخر معاقلهم وحصونهم  في بلاد الشام، وقام السلطان المملوكي الأشرف خليل بإسترجاع عكا من الفرنجة وطردهم منها سنة  1291م في ما عرف بـ “قتح عكا”، ومع دخول  المماليك للمدينة حُرق وقتل  كل سكانها ومن ضمنهم البطريرك اللاتيني وكل الاكليروس وناب الوبال كل المسيحيين الفلسطينيين كونهم على دين الفرنجة. وقام  المملوكي الظاهر بيبرس كعادته بتدمير القرى والبلدات المسيحية في منطقة عكا سواء كانت افرنجية خاصة او مسيحية عامة.كما وأصدر  مرسوماً يمنع المسيحيين واليهود من دخول الحرم الابراهيمي في الخليل، وأصبح المناخ اكثر تشدداً مع المسيحيين واليهود  مما كان عليه في ظل الحكم الايوبي السابق. 

الفترة العثمانية (1615 إلى 1917)

مسيحيون يحتلفون بعيد مار إلياس في جبل الكرمل، حيفا: إظهار الاحتفالات الدينية لم يكن مسموحًا به قبل إصلاحات عبد المجيد الأول.
مسيحيون يحتلفون بعيد مار الياس في جبل الكرمل،  حيفا: إظهار الاحتفالات الدينية لم يكن مسموحاً به قبل إصلاحات السطان عبد المجيد الاول.

بعد الفرنجة خضعت فلسطين لحكم المماليك بين السنوات 1291-1516،بعد القضاء على  المغول في معركة عين جالوت، أصبح المسيحيين هدفاً لانتقام  المماليك كالعادة في سورية بدءاً من تدمير انطاكية الى المدن المنسية الى قارة ومعلولا وبقية البلدات القلمونية المسيحية، حيث تعرض المسيحيين لعمليات ذبح وقتل في الناصرة  وبيسان  وصفد  وقيسارية، إلى جانب عمليات هدم الكنائس  والاسلمة القسرية، وهربت أعداد منهم إلى المدن الساحليّة التي كانت لا تزال بيد   القرنجة. وعمّت الفوضى السياسية في زمنهم حيث عانى السكاّن المسيحيون بشكل خاص في ظل حكم المماليك مع بعض الإستثناءات خاصة في ظل حكم  الناصر، حيث وصل في ظل حكمه رهبان من  الرهبنة الفرنسيسكانية سنة  1333م والذين لعبوا دوراً هاماً في المحافظة على المواقع المسيحية التي كان قد بناها الفرنج خلال حكمهم المشرقي وأصحبوا  يحملون تسمية:”حراس الأماكن المقدسة”!!! بالنسبة للعالم الكاثوليكي وكانوا السبب لاعادة احياء بطريركية اللاتين منتصف القرن 19 بعد انهائها بطرد الفرنجة.

 إتبعّ المماليك سياسة اتسمت بالقسوة المفرطة تجاه من بقي من المسيحيين في فلسطين كما في كل سورية، حيث دمرت الكنائس وتعرض المسيحيون لكافة أشكال القمع والاضطهاد، وفرضت عليهم ضرائب باهظة، كما أُجبر المسيحيون على لبس عمامة زرقاء والبسة خاصة بهم تميّزهم عن المٌسلمين. ومنعوا من لبس الالوان المخصصة للمسلمين كالأخضر، ومنعوا من ركوب الجياد… دفعت هذه السياسات إلى اعتناق الكثير منهم للإسلام أو النزوح من البلاد شرقاً هرباً من السياسات التعسفيّة التي اتبعها المماليك. وكانت مدينة  الخليل ذات طابع “بدوي وإسلامي”، و”محافظة بشكل كبير” في نظرتها الدينيَّة، واشتهرت بالحماسة الدينية في حماية مواقعها بغيرة من اليهود والمسيحيين، لكن يبدو أن المجتمعين اليهودي والمسيحي كانا مُندمجين جيداً في الحياة الاقتصادية للمدينة. ومنذ  الحقبة المملوكية حتى القرن التاسع عشر، ضمت المدينة “حارة للنصارى” والتي استمرت بالوجود حتى الفترة العثمانية، لتختفي بعدها بسبب تعرض المجتمع المسيحي في  الخليل للمضايقات والفتن الطائفية بحق هذا المجتمع وخاصة في عصر الانحطاط العثماني.

وضع العثمانيون حدًا لحكم المماليك المتخلف والجائر  عندما دخل السلطان العثماني سليم الاول فلسطين عام 1516 م  مبتدئاً حكماً دام ما يقرب 400 عام. وفي العهد العثماني سقطت  القسطنطينية عام 1453م وبالرغم من منح البطريرك القسطنطيني لقب “بطريرك ملة باشي” اي زعيم روحي وزمني للروم الارثوذكسيين وبقية المسيحيين الا ان العسف والغدر ونظام الاذلال المذهبي بمايسمى اهل الذمة بحق المسيحيين، ومصادرة اموال الاغنياء المسيحيين واعدامهم بتهم مفبركة وفرض الضرائب الباهظة على عامة المسيحيين ومنعهم لبس الاخضر والخروج في النزهات الى البساتين المحيطة بدون اذن، وركب الجياد والتسخير والاهانة ووجوب ان يكون لكل المهن والكارات (وكلها كانت مسيحية) “شيوخ الكار” من المسلمين ويمتنع كما في السابق منذ دخول المسلمين بلاد الشام على المسيحيين بناء كنائس جديدة، او حتى  ترميم الكنائس بدون سلسلة طويلة من الاجراءات المعقدة من المفتين وانتهاء بشيخ الاسلام في اسطنبول والصدر الاعظم، تحت طائلة اشد العقوبات بما في ذلك الاعدام كما حصل باعدام ثلاثة من وكلاء كنيسة مريم (المريمية) بدمشق كونهم قاموا بترميم حائط آيل لسقوط من حيطان المريمية بدون اذن تحت جنح الظلام ليلة الفصح فكانت النتيجة اعدامهم شنقاً على الحائط المرمم، جتى ان كل كنائس القسطنطينية صودرت وتحولت مساجد وكل ماكان السلطان يسمح للبطريركية ببناء كاتدرائية ودار بطريركية تُصادر وتحول الى جامع بعد بنائها، وكان ان سمح لهم بالبناء في الفنار وهي ارض مزبلة وتم بناء دار البطريركية وكاتدرائية البطريركية، وتم اعدام ثلاثة من البطاركة اغراقاً في مياه البوسفوربتهمة الخيانة والتواصل مع الروس لنجدة المسيحيين من الظلم والاذى. 

خلال حكم الأميرفخر الدين المعني الثاني الذي تقرباً من الامارات الايطالية والتبادل التجاري معها وخاصة امارة توسكانا  أعطى للرهبان الفرنسيسكان حق اعادة بناء بازيليك لهم في حرم  كنيسة البشارة الارثوذكسية في الناصرة، والتنقيب حول الأماكن المسيحية الارثوذكسية في منطقة الجليل، وإقامة المدارس وشجع الوالي ظاهر العمرالتسامح الديني والهجرة المسيحية واليهودية إلى  منطقة الجليل، وأدى التدفق المسيحي إلى نمو عددي كبير للمجتمعات المسيحية في  عكا والناصرة، وساهم المسيحيون في تلك الحقبة بتطوير الاقتصاد بسبب السهولة النسبية في التعامل مع التجار الأوروبيين، وشبكات الدعم التي حافظ عليها الكثير منهم في دمشق أو اسطنبول، ودورهم في صناعات الخدمات. تغيرت الأحوال خلال حقبة الطاغيةوالي عكا  احمد الجزار، حيث تعرض المسيحيين لإعتداءات وهجمات متكررة في الناصرة والقدس، في حين تعرض المسيحيين في  اللد والرملة إلى القتل والنهب وأجبر الكثير منهم على الفرار وفتك بالكثيرين من الاغنياء المسيحيين وصادر ممتلكاتهم.

نظام الملة

عاش المسيحيون إبان الحكم العثماني في ظل نظام الملّة، الذي أعطى لرؤساء الدين خاصة البطاركة سلطة دينيّة ومدنيّة واسعة على رعاياهم، فكانت الطوائف المسيحيّة تدير نفسها بنفسها وفق القوانين الخاصة بكل طائفة. وهذا ما يدعى بقانون “الأحوال الشخصيّة” الذي لا يزال معمولًا به في المحاكم الكنسيّة حتى اليوم في بعض الدول العربية. ومع الزمن تضعضعت الدولة العثمانية حتى راحت تُدعى في القرن التاسع عشر “الرجل المريض”، وهذا ما حمل الدول الاوربية على أن تتدخل في الشؤون الداخليّة للإمبراطورية العثمانيّة. ففرضوا أنفسهم كحماة للفئات المسيحيّة في الشرق فنجم عن ذلك “نظام الحماية والامتيازات”، الذي بموجبه تحمي كل دولة أوروبيّة الرعايا المسيحيين الذين يدينون بملتها. وكان كاثوليك الدولة العثمانية قد وُضعوا تحت حماية فرنسا والنمسا، إذ اعتبر  آل هابسبورغ حكام  الامبراطورية النمساوية حماة الكاثوليكية، في حين وضع الأرثوذكس تحت حماية  الامبراطورية الروسية وقامت انجلترا بحماية  البروتستانت والدروز.

القبر المقدس في كنيسة القيامة، لعبت المواقع المسيحية المقدسّة دورًا هامًا في حياة المسيحيين الفلسطينيين.
القبر المقدس في كنيسة القيامة
التسهيلات للرهبنات البابوية و للارساليات التبشيرية البروتستانتية

اعتبارا من مطلع القرن 17 سمحت الدولة بدخول الرهبنات البابوية الى القسطنطينية بدعم من الفرنمسيين والنمساويين وفي منتصف القرن19 سمحت بدخول الارساليات البروتستانتية من المانية وايرلندية واميركية ودانماركية وانكليزية بدعم من حكومات بلادهم، واعطت الفريقين التسهيلات اللازمة وبناء معابد وشراء الاوقاف  راحت الكنائس الغربية من كاثوليكية وبروتستانتية عبر موفديها تمارس التبشير لمسيحي المشرق واستطاعت استلاب الكثيربسبب قيامهم بالتعليم المسيحي، وكان بالمقابل ان سمحت الرئاسات الارثوذكسية لهؤلاء الرهبان بالتبشير سيما وانهم يمتلكون المعرفة اللاهوتية وهم في معظمهم اطباء وصيادلة و… وكانت الارضية الاجتماعية المسيحية مهيئة لاكتساب المعارف فقاموا بفتح المدارس وارسلوا النوابغ الى المعاهد اللاهوتية في روما والفاتيكان، وقد تمخض عن هذه الحركة قيام كنائس جديدة في الشرق، منها  الكنائس الكاثوليكية الشرقية الخارجة من رحم امهاتها والملتحقة برئاسة بابا رومة ورئاساتها من هؤلاء الذين تم تأهيلهم واعدادهم وهذا كان الهدف الرئيس للحملات الفرنجية كما اسلفنا وتابعت هذه الرهبنات واستطاعت اقامة كنائس جديدة ومذابح كنسية جديدة مقابل كنائس امهاتها الارثوذكسية والكنائس الشرقية الاخرى فضعف الوجود المسيحي المشرقي اكثر بسبب التشرذم الذي تم بفعل ممارسات اخوة في الايمان شقوا الكنائس الارثوذكسية والشرقية وكانت قد سمحت لهم الرئاسات الروحية خدمة رعية المسيح فاستلبتها…بكل اسف ، وعيّن بطريرك لاتيني في مدينة القدس فتأسست  البطريركية اللاتينية في اورشليم السنة 1847 وربطت بها كل المدن الكبرى كدمشق وحلب، وتم بسط اليد على الكثير من الكنائس الارثوذكسية كبيت حنانيا الرسول في دمشق السنة 1848 بدعم  من قنصلي فرنسا والنمسا والبطريركية اللاتينية في القدس ودفع الاموال الوفيرة لوالي دمشق…

وكذلك فعلت الارساليات البروتستانتية  وقد نشطت الإرساليات الأجنبيّة وافتتحت الكثير من المدارس والمعاهد والجامعات ولكنها كانت تابعة للبعثات والقنصليات الأوروبية وانحصر تأثيرها في علية القوم وطبقتهم الغنية من رعايا المسيحيين، فضلًا عن المستشفيات وفنادق الحجاج والمؤسسات الدينيّة والاجتماعيّة والثقافيّة، ووفدت العديد من الجمعيات الرهبانيّة اللاتينية وحتى القرن 20 إلى فلسطين.

لعبت الأماكن المسيحيّة المقدسة في فلسطين دوراً هاماً في حياة المسيحيين، وكانت مصدر نزاع دائم بين الكنائس المسيحية إلى أن حدد العثمانيون سنة  1856 بعد حرب القرم بين كل الدول الاوربية ومعها الدولة العثمانية ضد روسيا التي طالبت بحق حماية الارثوذكس وبعد هذه الحرب التي خسرتها روسيا ودفعت انكلترا تكاليف هذه الحرب تم الاتفاقبين هذه الدول على حقوق كل طائفة وواجباتها في الأماكن المقدسة وفق الوضع الذي كان جاريا في ذلك العام. وهو ما يُعرف  بنظام الستاتيكو أو الوضع الراهن، الذي لا تزال الطوائف المسيحية تسير عليه فيما يتعلق بتفاصيل حقوقها في الأماكن المقدسة خاصًة في كنيسة القيامة  في  القدس، وكنيسة المهد في بيت لحم ويعود تاريخ هذا التفاهم إلى  العهد العثماني في فلسطين، حيث التزمت  الدولة العثمانية منذ القرن الثامن عشر ومن ثم جميع القوى المتعاقبة التي سيطرت على المنطقة بدعم مجموعة الأنظمة والتفاهمات هذه التي اكتسبت وضع الواجب القانوني الدولي، والذي يُلزم المحتلّين الحاليين والمستقبليين بذلك الجزء.

ازدهرت أحوال الملل المسيحية القاطنة في السلطنة العثمانية اقتصاديا واجتماعيا، في بداية القرن 19 ومع حركة الإصلاح العثمانية التي تتوجت في التنظيمات العثمانية، وبعد الحملة المصرية لبلاد الشام التي اعطت المسيحيين حقوقهم كمواطنين وليس كذميين، وارتدى الرعايا المسلمون والمسيحيون واليهود الطربوش الاحمر كعلامة على المواطنة العثمانية الحديثة المشتركة، رافقه تنامى الحس القومي لدى العرب في الدولة العثمانية منذ أواسط  القرن19، وهو ما يعرف باسم النهضة العربية  بوجهها السياسي والثقافي كضارة ساهم بها المسيحيون مع المسلمين، وكان ارباب عصر النهضة من المسيحيين وهم القوة الغالبة قد اطلقوها   للخلاص من الوصاية الاسلامية التي كان يمارسها الخلفاء العثمانيون. ولقد ساهم المسيحيون ومعظم اعضاء مجموعة المتنورين الشوام الذين نادوا بالاستقلال عن الدولة العثمانية او كحد ادنى الاستقلال الذاتي واللامركزية وكانوا كلهم تقريباً من المسيحيين من ارجاء سورية الكبرى ومنهم عدد من الفلسطينيين وقد اشتركوا في الحركة  القومية العربية وإحياء اللغة العربية، وتجديد الثقافة العربية وإحياء تراثها وبعثت المدارس المسيحية وخاصة الوطنية منها كمدارس البطريركية الارثوذكسية الانطاكية كالآسية في دمشق اعيد تنظيمها عام 1836، والغسانية في حمص والارثوذكسية في اللاذقية ونظيرتها في حماة ومدرسة الاقمار الثلاثة في بيروت، وهو ما أعدّ  الوطن العربي لدخول العصر الحديث بعد نهاية الحرب العالمية الاولى وطرد الاتراك.

العصر الحديث

شبيبة مسيحية أمام مبنى جمعية الشبان المسيحيين في القدس؛ عام 1938.
شبيبة مسيحية أمام مبنى جمعية الشبان المسيحيين فيالقدس عام 1938.

انتهى العهد العثماني سنة 1918، فبدأت فترة جديدة للمنطقة وللمسيحيين أيضًا. في تعداد عام 1922 أيام الاستعمار البريطاني لفلسطين كان هناك حوالي 73,000 فلسطيني مسيحي منهم 46% روم ارثوذكس اتباع بطريركية اورشليم للروم الارثوذكس، وحوالي 20% من أتباع الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، وحوالي 20% من أتباع الكنائس الملتحقة بالكثلكة  كالروم الكاثوليك والسريان الكاثوليك والارمن الكاثوليك… وسجل التعداد أكثر من 200 بلدة تضم سكان مسيحيين. وبحسب التعداد ضمت الكنيسة الأرثوذكسية  حوالي 33,369 عضواً، وكنيسة السريان الارثوذكس813 عضواً، والكنيسة الرومانية الكاثوليكية 14,245 عضواً، و الروم الكاثوليك 11,191 عضواً،  والسريان الكاثوليك 323 عضواً، والارمن الكاثوليك 271 عضواً،  والموارنة 2,382 عضواً  والارمن الارثوذكس 2,939 عضواً والاقباط الارثوذكس 297 عضواً،  والاثيوبيين الارثوذكس 85 عضواً، والانكليكان البروتستانت 4,553 عضواً، والمشيخين البروتستانت361 عضواً،  واللوثريين البروتستانت 437 عضواً.

 وفي عشية عام 1945 قدرت أعداد المسيحيين في فلسطين الانتدابية بحوالي 145,060 نسمة، أي 8% من مجمل السكان. وضمّ قضاء القدس  أكبر عدد للمسيحيين مع حوالي 46,130 نسمة، تلاه  قضاء حيفا مع حوالي 33,710 نسمة، وقضاء يافا مع حوالي 17,790 نسمة، وقضاء عكا مع حوالي 11,800 نسمة، وقضاء الناصرة مع حوالي 11,770 نسمة. وضمّ  قضاء الناصرة أعلى نسبة للسكان المسيحيين مع حوالي 24% من السكان، تلاه  قضاء القدس (18%)،  وقضاء رام الله (17%)، وقضاء عكا (16%) وقضاء حيفا (13%). وضمّ كل من  قضاء الخليل وقضاء بئر السبع  وقضاء طولكرم  أقل أعداد من المسيحيين.

أطلال كنيسة الروم الكاثوليك في صفد، وهي مدينة فلسطينيّة هُجر سكانها عام 1948.
أطلال كنيسة  في صفد، وهي مدينة فلسطينيّة هُجر سكانها عام  1948.

تعتبر الهجرة والتهجير إحدى اهم النكبات التي أصابت مسيحيي جنوب بلاد الشام عموما، فعلى سبيل المثال، في أعقاب نكبة 1948 وقيام اسرائيل، مُسحت عن الوجود قرى مسيحية بأكلمها على يد العصابات الصهيونية وطرد أهلها أو قتلوا، حيث جرى تهجير سكان بعض القرى ذات الأغلبية المسيحية مثل  كفر برعم واقرت والبصة، حيث دمرت القرى تدميراً كاملاً وصودرت أراضيها. كذلك الحال بالنسبة للسكان المسيحيين في بعض القرى المختلطة مثل المجيدل ومعلول والدامون والبروة والتي جرى تدميرها وتهجير أهلها، كما صودرت أراضي لمسيحيين في قرى لم يهجرها سكانها أسوة بالمُسلمين بما في ذلك الآف الدونمات في مناطق بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور. خلال الحرب اضطر حوالي 40% من المسيحيين الفلسطينيين مغادرة أماكن سكناهم أثناء الحرب، وهاجرت أعداد كبيرة منهم إلى الغرب خاصةً  الولايات المتحدة واميركا الجنوبية. وهكذا فإن كنائس اللد وبيسان وطبرية وصفد من اراضي 1948  او داخل إسرائيل حاليًا إما دمرت أو أغلقت بسبب عدم بقاء أي وجود لمسيحيين في هذه المناطق، يضاف إلى ذلك وضع خاص للقدس فأغلبية سكان القدس الغربية كانوا مسيحيين قامت العصابات الصهيونية بتهجيرهم ومسح أحيائهم وإنشاء أحياء سكنية يهودية مكانها لتشكيل “القدس الغربية اليهودية”. وهكذا، فكما يقول المؤرخ الفلسطيني سامي هداوي أن نسبة تهجير العرب من القدس بلغت 37% بين المسيحيين مقابل 17% بين المسلمين، مقابل ذلك ظهر رعايا جدد في الشتات الفلسطيني، فكنيسة عمان التي كانت تعد بضع مئات وصلت إلى عشرة آلاف نسمة نتيجة التهجير، ونشأت تسع كنائس جديدة في الزرقاء للاتين وحدهم. شطرت الحرب أيضاً سبل إدارة البطريركية ولجأ منذ عام  1949 إلى تقسيمها إلى ثلاث فئات: نائب بطريركي يقيم في  الناصرة لإدارة شؤون من تبقى من المسيحيين العرب في اراضي 1948 والخاضعة للاحتلال، ونائب آخر في الأردن، واقتصرت سلطة البطريرك الفعلية على القدس وجوارها فقط سجلت أيضًا في أعقاب حرب 1967 مصادرة أملاك مدارس وكنائس بعد الاحتلال الإسرائيلي للضفة، ومزيد من التهجير، في حين استمرت الهجرة نحو  اوربة والعالم الجديد كإحدى أبرز موبقات المسيحية في جنوب بلاد الشام خلال المرحلة الراهنة، ومن المؤكد ان التدهور الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية إلى جانب الاحتلال كان أحد أبرز عوامل الهجرة.

في عام 1952، أعلن الاردن  ان الاسلام هو الدين الرسمي للمملكة بعد ضم الضفة الغربية الى امارة شرق الاردن، وتم تطبيق ذلك ايضاً في القدس التي كانت تحت السيطرة الاردنية. وفي عام  1953، قام الأردن بتقييد حق الجماعات المسيحية من امتلاك أو شراء الأراضي بالقرب من الأماكن المقدسة، وفي عام  1964، منعت المزيد من الكنائس من شراء الأراضي في القدس. وتم الإستشهاد بهذه الأفعال، بالإضافة إلى قوانين جديدة أثرت على  المؤسسات التعليمية المسيحية، من قبل كل من المعلق السياسي البريطاني بات يور وعمدة القدس تيدي كوليك كدليل على أن الأردن سعى إلى ” اسلمة”  الحي المسيحي في البلدة القديمة في القدس. ومن أجل مواجهة تأثير القوى الأجنبية، والتي أدارت المدارس المسيحية في القدس بشكل مستقل منذ العهد العثماني، شرّعت الحكومة الأردنية عام 1955 بوضع جميع المدارس تحت إشراف الحكومة الاردنية، وسمح لهم باستخدام الكتب المدرسية المعتمدة فقط والتعليم باللغة العربية وكان يُطلب من المدارس الإغلاق في أيام العطل الوطنية  والجمعة بدلاً من الاحد، ولم تعد الأعياد المسيحية مُعترفاً بها رسمياً، وأصبح يوم الأحد كعطلة مقيداً فقط بالموظفين المسيحيين. وكان يمكن للطلاب، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، أن يدرسوا دينهم فقط. وصفت صحيقة جيرازوليم بوست الصهيونية هذه الإجراءات بأنها “عملية أسلمة للحي المسيحي في المدينة القديمة”. بشكل عام، تم التعامل مع الأماكن المقدسة المسيحية باحترام، على الرغم من أن بعض العلماء والباحثين يقولون أنها عانت من الإهمال. خلال هذه الفترة، تم إجراء تجديدات  لكنيسة القيامة، والتي كانت في حالة من الإهمال الخطير منذ الفترة البريطانية بسبب الخلافات بين المجموعات المسيحية التي تدعي وجود حصة فيها وفي حين لم يكن هناك تدخل كبير في تشغيل وصيانة الأماكن المقدسة المسيحية، إلا أن الحكومة الأردنية لم تسمح للمؤسسات المسيحية بالتوسع. ومُنعت الكنائس المسيحية من تمويل المستشفيات وغيرها من الخدمات الاجتماعية في القدس. في أعقاب هذه القيود، غادر العديد من المسيحيين الفلسطينيين القدس الشرقية.

عطالله حنا، وهو مطران في الكنيسة الأرثوذكسية، إكتسب شهرة كبيرة بسبب نشاطه السياسي البارز، ونقده الصريح للاحتلال الإسرائيلي.
المطران عطا الله حنا مطران سبسطية للروم الارثوذكس مناضل في وجه السلطات الصهيونية

بهزيمة 5حزيران 1967 استولى الكيان الصهيوني على اجزاء واسعة حيث استولى على كل القدس والضفة الغربية وشبه جزيرة سيناء وقطاع غزة وكان تحت السيادة المصرية، ومعظم محافظة القنيطرة والجولان السورية.

وقد أعلنت حكومة إسرائيل عن ضم القدس الشرقية والقرى المجاورة لها إلى إسرائيل عند انتهاء الحرب. ساعد المستوى الثقافي والتعليمي للمسيحيين وتواجدهم في المدن وانتماؤهم للطبقة الوسطى والعليا في المجتمع العربي إلى زيادة إمكانياتهم لتسلم وظائف خصصت للعرب، فكانت نسبة المسيحيين في قطاعات الإدراة العامة، الخدمات الطبية والمصرفية، التعليم والتجارة أعلى من نسبتهم السكانية. فمثلًا سنة 1955 شكل المعلمون المسيحيون نسبة 51% من مجمل المعلمين العرب في حين كانت  نسبة المعلمات المسيحييات 74% من مجمل المعلمات العربيات. وذلك الأمر بالنسبة للسياسة فقد كان المسيحيون وراء إنشاء حزب الجبهة الديمقراطية، وحزب  التجمع الوطني الديمقراطي في اسرائيل. ويدير المسيحيون في فلسطين التاريخية عدداً من المدارس ومراكز النشاط الاجتماعي ومستشفيات وسواها هي ثلث الخدمات الطبية في الضفة الغربية على سبيل المثال، وبرز عدد وافر من الشخصيات التي انخرطت في الساحة الفلسطينية السياسية امثال  المناضل  جورج حبش مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والمناضلة السيدة حنان عشراوي  والمناضل الشهيد كمال ناصر.

أدى اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية إلى أنخفاض ناتج القطاع السياحي والتي أثرت على الأقلية المسيحية وعلى أصحاب الفنادق في الضفة الغربية وخصوصاً في بيت لحم الذين يقدمون الخدمات المُلبية لإحتياجات السياج الأجانب. أشير تحليل إحصائي لتزايد هجرة المسيحيين من الضفة الغربية منذ عام 2000لانعدام الفرص الاقتصادية والتعليمية، خصوصا هجرة الطبقة الوسطى والمتعلمة منهم. ففي عام 2002 فرضت القوات  الإسرائيلية  حصاراً على كوادر الثورة الفلسطينية اللاجئين الى كنيسة المهد في بيت لحم  (منذ2 نيسان عام  2002  لغاية 10 ايار 2002) في فترة  الانتفاضة الثانية  بالمقابل اسرائيل هي الدولة الوحيدة في الشرق الاوسط التي ازداد فيها عدد السكان المسيحيين منذ عام 1948، حيث ارتفع عددهم بنسبة تجاوزت 400%. على الرغم من وجود حرية الدين في إسرائيل وهناك حرية في التبشير في المسيحية كما أن اعتناق المسيحية قانوني، الا عدة تقارير أشارت إلى اعتداءات اليهود المتدينين واليهود اليمينيين على كنائس ومقابر مؤسسات مسيحية، خاصًة من قبل المجموعة اليمينية الصهيونية.

الانتفاضة في البطريركية الارثوذكسية الاورشليمية

 منذ احتلال العثمانيين لفلسطين استولت رهبنة القبر المقدس اليونانية على البطريركية وابرشياتها وكنائسها واوقافها، ولم تعد تسمح بأن يكون البطاركة والمطارنة والارشمندريتية الا من اتباعها من الرهبنة اليونانية، وصار تسريب للأوقاف الارثوذكسية الى شركات صهيونية وكانت الرعية العربية منذ تاريخ 1517 وهي تناضل لاعادة البطريركية الى الفلسطينيين بدون نتيجة والى منع بيع الاوقاف لليهود افراد ومؤسسات، وفي عام 2005 عزل المجمع المقدس للبطريركية الاورشليمية  إيرينيوس بطريرك القدس الأرثوذكسي من منصبه الديني عقب قضية صفقة بيع ثلاثة عقارات تابعة للكنيسة الأرثوذكسية في القدس إلى جمعية عطيرت كوهاني الاستيطانية، والتي تمت بدون علم المجمع المقدس وبطرق غير قانونية. وتمتلك  بطريركية القدس نحو 20% من أراضي بلدة القدس القديمة ونسبة كبيرة من اراضي فلسطين، “وتكمن مشكلتها كما تدعي البطريركية في أن لديها القليل من الدخل النقدي في حين تحتاج شهرياً مداخيل كبيرة لدفع الرواتب وتمويل المؤسسات التربوية وصيانة عدد كبير من الكنائس والأديرة التابعة لها. وانها اي هذه البطريركية مستقلة عن  اليونان ولا تحصل على دعم مالي من الحكومة اليونانية كما البطريركيات الأرثوذكسية  بالرغم من وحدة العقيدة الارثوذكسية، ولا أحد يدعمها بعكس الكنيسة الكاثوليكية التي يقف الفاتيكان وراءها ويمول مشاريعها الدينية والتعليمية والخدمات كافة. ومنذ نكبة فلسطين 1948 وقيام الكيان الاسرائيلي وطرد السكان العرب اصحاب الارض، تدهور وضع هذه البطريركية المالي بسبب تهجير وطرد وهجرة أتباعها، ولذلك، راحت البطريركية تموّل أنشطتها من خلال بيع أو تأجير ممتلكاتها على حد تبريرات بطريركية اورشليم والبطريركين المعزول والحالي ثيوفيلوس. و احتج العرب والمسيحيين بشكل خاص على قضية بيع عقود إيجار فندقي البتراء وإمبريال لمنظمة “عطيرت كوهانيم” اليهودية اليمينية، وهي منظمة تلتزم بتوطين يهود في جميع أنحاء البلدة القديمة.”( المصدر مسيحيون فلسطينيون) وقامت حركات احتجاجية ضخمة من الارثوذكس العرب شعباً ومؤسسات ارثوذكسية” كفى ياثيوفيلوس” وساندهم كل الشعب الفلسطيني لوضع حد لتصرفات ثيوفيلوس ببيع وتسريب الاوقاف.

في شباط من عام 2018 أغلقت  كنيسة القيامة في القدس أبوابها احتجاجاً على إجراءات ضريبية فرضتها إسرائيل ومشروع قانون حول الملكية يطال أملاك الكنائس المسيحية. وأعلن بطاركة ورؤساء كنائس القدس إغلاق الكنيسة، وأعلن البطريرك ثيوفيلوس الثالث، بطريرك القدس وسائر اعمال فلسطين والاردن، هذا الإجراء الاحتجاجي غير مسبوق، خلال مؤتمر صحفي في القدس، باسم جميع بطاركة ورؤساء كنائس القدس، مشيراً أنه جاء احتجاجاً على الممارسات الإسرائيلية بحق الكنائس حسب قوله. ورفضت الكنائس مشروع قانون تدرسه لجنة التشريعات في الحكومة الإسرائيلية يقضي بفرض ضرائب على أملاك الكنائس المسيحية. يذكر أن مشروع القانون سيعد خرقا لاتفاقات سابقة تعفي هذه الأملاك من ضريبة البلدية، وتخشى الكنائس أن تؤدي تكاليف هذه الضريبة إلى زيادة الضغوط المالية عليها. وأضافوا أن الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة تبدو “محاولة لإضعاف الوجود المسيحي” في القدس. واتهموا إسرائيل بشن هجوم “ممنهج لم يسبق له مثيل على المسيحيين في الأرض المقدسة”. ويخشى الزعماء الدينيون من أن التشريع الذي تدرسه الحكومة الإسرائيلية سيسمح بمصادرة ممتلكات الكنيسة. وأعيد افتتاح كنيسة القيامة في القدس بعد إغلاق دام ثلاثة أيام، وجاء فتح الكنيسة بعد ساعات من تراجع إسرائيل عن قرار جبي الضرائب عن أملاك كنائس المدينة وفي تموز من عام 2018 قالت اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين أن ” قانون الدولة القومية لليهود في اسرائيل”  هو قانون عنصري اقصائي، يقصي الديانتين المسيحية والإسلامية كما يقصي المسيحيين بكل كنائسهم الأرثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية وجميع الكنائس الأخرى.

المسيحيون في فلسطين التاريخية
رسم يُصّور داخل منزل أسرة مسيحيّة فلسطينيّة من القدس، تعود لسنة 1850.
رسم يُصّور داخل منزل أسرة مسيحيّة فلسطينيّة من القدس، تعود لسنة 1850.

يدير المسيحيون في ااراضي السلطة الوطنية الفلسطينية ومركزها في رام الله واراضي 1948 الخاضعة لاسرائيل عددًا من المدارس ومراكز النشاط الاجتماعي ومستشفيات وسواها هي ثلث الخدمات الطبية في الضفة الغربية على سبيل المثال، في اراضي السلطة الفلسطينية يخصص 10% من مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني  للمسيحيين الذين يرتكزون في ما يُعرف بالمثلث المسيحي في بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور وبدرجة أقل في  رام الله وبير زيت والبيرة ونابلس وجنين واريحا وطولكرم ونصف جبيل وعابود وعين عريك والقبيبة وسائر المدن الفلسطينيةوتعتبر قرى الزبابدة والطيبة وجفنا  من القرى في الضفة الغربية ذات الأغلبية المسيحية الساحقة. يقطن معظم المسيحيين في الضفة الغربية في محافظات بيت لحم والقدس ورام الله والبيرة، وبدرجة أقل في محافظات جنين ونابلس واريحا، وتضم  محافظة طوباس ومحافظة طولكرم  ومحافظة الخليلعلى أعداد صغيرة أو محدودة من المسيحيين، ولم يتبق مسيحيون في محافظة سلفيت ومحافظة قلقيلية بسبب الهجرة.

أمّا في قطاع غزة فالتركيز المسيحي فيها يقع في  محافظة غزة ومدينة  خان يونس وخاصة في ظل التعصب الاسلامي واسلمة القطاع كلياً مع حركة حماس مغتصبة السلطة في القطاع وداعمتها حركة الجهاد الاسلامي ، ومع ذلك تمتلك 10 عائلات مسيحية ثلث اقتصاد قطاع غزة، وفق ما صرح به المونسنيور الأب منويل مسلم  لقناة العربية، كما ان معظم مسيحيي غزة يهتمون بتحصيل الدرجات العالية في العلوم المختلفة حيث يعمل 40% منهم في مجالات المهن العلمية كالطب والتعليم والهندسة والقانون  كما تمتلك الكنائس الفلسطينية بمدينة غزة مؤسسات تعليمية وخدماتية، وإلى جانب المؤسسات التعليمية تمتلك كنائس غزة مؤسسات صحية وإغاثية ومهنية مهمة للمجتمع الغزي وتقدم خدماتها للمسيحيين والمسلمين من دون تمييز، ومنها مؤسسات تتبع مجلس الكنائس العالمي ومنها جمعية الشبان المسيحية التي تأسست عام 1952 والتي تقدم العديد من الخدمات الثقافية والتعليمية والاجتماعية، والرياضية. أدت ممارسات حماس الاخوانية الى فرض الاسلمة بكل شيء عندما استولت بالقوة على قطاع غزة في حزيران 2007 إلى وضع ضغوطا متزايدة على الأقلية المسيحية في قطاع غزة.

وفقاً لكتاب حقائق العالم يُشكل المسيحيون حوالي 2.5% فقط من سكان  الضقة الفلسطينية الغربية وحوالي 0.5% من سكان قطاع غزة وتتراوح أعدادهم وفقًا لدراسة عام 2005 بين 40,000 إلى 90,000 في  الضفة الغربية، إلى جانب حوالي 5,000 في  قطاع غزة. في حين أنّ وفقًا لإحصائية  مركز بيوللأبحاث   بلغت نسبة المسيحيين في  اراضي السطة الفلسطينية نحو 2.4% من السكان سنة 2010 أي حوالي 100,000 شخص، حوالي نصفهم من أتباع الكنيسة الأرثوذكسيَّة.ووفقاً لتقديرات معهد فهم الشرق الأوسط عام 2012 حوالي 2% من سكان الضفة الغربية من أتباع الديانة المسيحية، ويضم قطاع غزة  حوالي 3,000 مسيحي. لا توجد أرقام رسمية عن عدد المسيحيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية، ولكن وفقًا للمؤسسة اللوثرية المسكونية كونسورتيوم ديار، يوجد 51,710 مسيحي في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة . وتتركز الجماعات المسيحية بشكل رئيسي في القدس الشرقية ورام الله ونابلس وبيت لحم  وضواحيها. وفقاً لتقرير رويترز 2009 يعيش حوالي 50,000 مسيحي في الضفة الغربية والقدس الشرقيَّة إلى جانب 3,000 مسيحي في قطاع غزة، ويتبع حوالي 33,000 مسيحي في الضفة الغربية الكنيسة الارثوذكسية والطوائف الشرقية الأخرى، و 17,000 كاثوليكي فلسطيني في الضفة الغربية. وبحسب دراسة جامعة سانت ماري عام 2015  فان حوالي 200 مسلم تحولوا الى المسيحية في  اراضي السلطة الفلسطينية

وفقاً لدراسة عن الهجرة المسيحية الفلسطينية قام بها المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية عام 2020وبناءاً على عينة، يعيش حوالي 88% من المسيحيين في الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية  وحوالي 10% في قطاع غزة  في حين أنَّ 2% هم مواطنون من غزة يعيشون في الضفة الغربية، ويعيش حوالي 43% من المسيحيين في الأراضي الفلسطينيَّة في محافظة بيت لحم  وحوالي 24% في محافظة رام الله والبيرة  وحوالي 17% في محافظة القدس وحوالي 12% في  محافظة غزة وتتوزع النسب المتبقية على باقي المحافظات الفلسطينية ، وحوالي 49% من المسيحيين في الأراضي الفلسطينية حاصلين على تعليم عالي وشهادة جامعية، ويعمل ثلث المسيحيين في القطاع الخاص. وبحسب الدراسة حوالي 48% من مسيحيين الأراضي الفلسطينية يتبعون بطريركية القدس للروم الارثوذكس  ويتبع حوالي 38% بطريركية القدس للاتين  وحوالي 6%كنيسة الروم الكاثوليك، ويشكل أتباع الكنائس البروتستانتية (الأسقفية واللوثرية) حوالي 4%، ويشكل أتباع الكنيسة السريانية (  الكنيستان الارثوذكسية والكاثوليكية  حوالي 2% وحوالي 1% على التوالي.

في عام 1922 شكل المسيحيين حوالي 9.5% من سكان فلسطين الانتدابية، إنخفاض نسبة المسيحيين في الأراضي الفلسطينية يرجع إلى حقيقة أن أعداد مواليد العائلية المسيحية هي أقل من العائلات الفلسطينية المسلمة عموماً،  والهجرة المسيحية واسعة النطاق منذ عقود  ارتفعت في السنوات الأخيرة أعداد المهاجرين المسيحيين من الضفة الغربيّة لأسباب شتى واهمها ازدياد حدة الكقاح الفلسطيني وقمع اسرائيل؛ حيث يُعتبر المسيحيين من بورجوازية المدن المتعلمة ممن يعملون في مجالات أعمال الزراعة الحديثة،  والصناعة والتجارة والمهن العائلية ذات التخصصات التعليمية والوظائف ذوي الياقات البيضاء، وبالتالي إتجَّهت أعداد كبيرة منهم إلى بلدان المهجر لإعادة بناء حياتهم. كما أدت اسلمة قطاع غزة منذ عام 2007 إلى هجرة مسيحية  واسعة النطاق هرباً من الضغوطات المتزايدة السلطة الفلسطينيةغير قادرة على إحصاء دقيق لعدد المهاجرين المسيحيين، لكن في تشيلي  وحدها تُقدر أعداد المسيحيين من أصول فلسطينيَّة بحوالي 350,000 نسمة.

المسيحية في الاراضي الفسطينية 1948

تشير إحصاءات دائرة الإحصاء المركزية للعام 2016 أن عدد المسيحيين في  اسرائيل بلغ 170 ألف، ويشكلون حالياً نحو 2.2% من عدد السكان البالغ أكثر من ثمانية ملايين. حوالي 80% من المسيحيين إسرائيل هم هم مسيحيون فلسطينيون عرب، الباقي يتوزعون بين  مسيحيين يهود القادمين من الدول الاوربية خاصًة دول الاتحاد السوفييتي السابق، أو من معتنقي المسيحية، ويُضاف اليهم 200,000 من الأجانب ممن يتحدثون العبرية، الذين جاءوا للعمل أو الدراسة. وهناك ما يقرب من 300 شخص تحولوا من الاسلام الى المسيحية وفقًا لأحد التقديرات التي تعود لعام 2014، وينتمي معظم هؤلاء المتحولين إلى الكنيستين الكاثوليكية والبروتستانتية واستناداً إلى البيانات الرسمية التي وردت من المحاكم الدينية الدرزية، حوالي 10% من 145 حالة للدروز الذين تركوا العقيدة الدرزية بين عام 1952 إلى عام 2009 تحولوا إلى الديانة المسيحية.

يعيش أغلب المسيحيين العرب في إسرائيل في  المنطقة الشمالية  ومنطقة حيفا وتضم مدينة الناصرة  أكبر تجمع مسيحي عربي وتليها مدينة  حيفا، ويعيش المسيحيون في عدد من قرى الجليل الأخرى إما بشكل منفرد أو اختلاطًا بالمسلمين  والدروز، مثل  ابو سنان،  والبعنة، والبقيعة،  وجديدة-المكر،  والجش،  وحُرفيش، ودير حنا، والرامة الجليلية، والرينة، وسخنين ، وشفا عمرو،  وطوعان، واعبلين، وعرابة، وعسفيا،  وعيلبون،وكسرى- كفر سميع،وكفر كنا،  وكفر ياسيف،والمغار،والمقيلبة، والمزرعة، ويافة الناصرة وغيرها، مع وجود نسب أقل في سائر المدن سيّما القدس ويافا –  تل أبيب والرملة  واللد وعكا  والناصرة العليا  ومعالوت ترشيحا. يذكر أنَّ جميع سكان  معليا وفسوطة من المسيحيين. اسم العائلة الأكثر شيوعًا في الأوساط المسيحيَّة في إسرائيل هو  خوري يليها آل حدّاد وشحادة وإلياس وعوّاد.

 التمييز بحق المسيحيين

يعاني المسيحيون العرب في الكيان الاسرائيلي من التمييز الاجتماعي والاقتصادي والسياسي من أوجه متعددة وتشرف على شؤونهم الحكومية وزارة الأديان الإسرائيلية، ويعتبرون الأكثر تعلماً بالمقارنة مع اليهود ككل والمسلمين والدروز حيث اعتبارًا من عام 2010 كان حوالي 63% من المسيحيين العرب في إسرائيل من حملة الشهادات الجامعية،كما ولدى المسيحيين العرب أعلى نسبة أطباء والطلاب الذين يدرسون في مجال الطب، وأعلى نسبة نساء أكاديميات مقارنة ببقية شرائح المجتمع ، وهم الأقل إنجابًا للأولاد، كما أن مستوى المعيشة الاقتصادي والاجتماعي بين المسيحيين العرب أكثر مماثلة للسكان اليهود من السكان العرب المسلمين والدروز.

 المسيحيون العرب هم واحدة من أكثر المجموعات تعليماً في إسرائيل. كذلك لدى المسيحيين العرب حضور بنسبة عالية في  العلوم وفي مهن ذوي الياقات البيضاء، ويُصور المسيحيون العرب على أنهم أقلية عرقية – دينية متعلمة من الطبقة الوسطى.

وقد برز من مسيحيي  عرب 48 عدد من رجال الدين أمثال المطران الارثوذكسي  عطا الله حنا  والبطريرك اللاتيني السابق ميشيل صباح  والياس شقور وبطرس المعلم والأسقف  منيب يونان البروتستانتي والسياسيين من أمثال رستم بستوني  واميل توما وتوفيق طوبى  وصليبا خميس واميل حبيبي  وداوود تركي… الذين طالبوا بحقوق العرب داخل الخط الأخضر. وقد نشط المسيحيون على وجه الخصوص في الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة وحزب التجمع الوطني الديمقراطي كما أن كل من جورج القرا  وسليم جبران وهم قضاة في  المحكمة الاسرائيلية العليا، من المسيحيين العرب. ولعبت بعض الأسر المسيحية العربيّة  دوراً اقتصادياً واجتماعياً وديبلوماسياً بارزاً في حياة المجتمع العربي. ومن الشخصيات المسيحية العربية البارزة في العلوم والتقنية العليا تشمل  حسام حايك الذي لديه اكتشافات عالمية في مجالات الإلكترونيات الجزيئيه،  وجوني سروجي، وهو نائب رئيس شركة آبل لتقنيات الأجهزة.

أكبر تجمعات مسيحية في فلسطين التاريخية

الناصرة

حيفا

القدس

المرتبة المدينة تعداد السكان المسيحيين المرتبة  المدينة تعداد السكان المسيحيين

بيت لحم

رام الله

 

1  الناصرة 5 بيت جالا 7,335
2 حيفا 15,100 6 بيت لحم 6,559
3 القدس 12,300 7 رام الله 6,450
4 شفاعمرو 9,900 8 بيت ساحور 6,343
دائرة الإحصاء المركزية في 31 تشرين الثاني 2015 

المهجر

كنيسة مريم العذراء الأرثوذكسية الأنطاكية، ميشيغان. تخدم الكنيسة مختلف الجاليات المسيحية الشامية.
كنيسة مريم العذراء الأرثوذكسية الأنطاكية،  ميشيثان. تخدم الكنيسة مختلف  الجاليات المسيحية الشامية.
المسيحيون الفلسطينيون في المهجر

هاجر العديد من المسيحيين الفلسطينيين إلى بلدان في اميركا الجنوبية (خاصة ا الارجنتين وتشيلي)، وكذلك إلى استراليا والولايات المتحدة وكندا، بالإضافة إلى الدول المجاورة لفلسطين التاريخية مثل سورية ولبنان والاردن. السلطة الفلسطينية غير قادرة على إحصاء دقيق لعدد المهاجرين المسيحيين. اما انخفاض نسبة المسيحيين ليس في فلسطين وحدها بل في كل المشرق يرجع أيضاً إلى حقيقة أن أعداد مواليد العائلة المسيحية هي أقل من العائلات الفلسطينية المسلمة عموماً. ومن الصعب تقدير عدد المغتربين المسيحيين، خاصةً وأنّ المعطيات الرسمية لا تُشير إلى الدين. هناك دلائل تشير إلى  خطورة حجم ظاهرة  الهجرة المسيحية ليس في فلسطين وحدها بل في كل منطقة الشرق الاوسط وهو نزيف خطير وتكاد معه ان تفرغ دول المنطقة من المسيحيين وخاصة الشباب المثقف  ومن اصحاب المهن والحرف ، ففي فلسطين وفي الفترة بين عام 1968 وعام 1993 غادر  الضفة الغربية وقطاع غزة حوالي 13,000 مسيحي أي ما يعادل ربع عددهم الإجمالي حالياً.  وفي السابق كانت اميركا اللاتينية محط أنظار المهاجرين المسيحيين خاصةً من مناطق بيت لحم وبيت ساحور وبيت جالا، أما المهاجرين المسيحيين من منطقتي رام الله والقدس فقد استقروا بشكل عام في الولايات المتحدة وكندا واستراليا. 

اعتمد المهاجرون المسيحيون الأوائل  ليس من فلسطين وحدها بل من كل الديار الشامية على التجارة لكسب معيشتهم، الا أن هذا الإتجاه تغير وأصبحوا أكثر انخراطاً في قطاعات العمل المختلفة بما في ذلك المناصب الأكاديمية. يعيش اليوم حوالي ثلاثة أرباع مجمل المسيحيين التي تعود أصولهم إلى مدينة بيت لحم في المهجر، كما أنَّ عدد المسيحيين المقدسيين في مدينة سيدني باستراليا أكبر بالمقارنة مع القدس الشرقية، كما أنَّ عدد المسيحيين الفلسطينيين في الولايات المتحدة والذي تعود أصولهم إلى مدينة رام الله أكبر بالمقارنة مع رام الله.

تُثار نقاشات جديّة حول أسباب هذه الهجرة المسيحية وتتعدد الأسباب والطروحات حولها. الغالبيّة العظمى من المسيحيين الفلسطينيين وذريتهم في الشتات هم أولئك الذين فروا أو طردوا أثناء  حرب النكبة 1948. ذكرت وكالة  رويترز أنّ الهجرة كانت بشكل أساسي من أجل تحسين مستوى المعيشة بسبب وجود نسبة عالية من المتعلمين بين المسيحيين. ووفقًا  لبي بي سي كان التدهور الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية، وكذلك الضغوط العنصرية سببا للهجرة. ذكر تقرير شمل سكان بيت لحم أن كلًا من المسيحيين والمسلمين يرغب في ترك البلاد لكن بسبب امتلاك المسيحيين اتصالات مع أقارب في المهجر، ومستويات أعلى من التعليم كان يسهل للمسيحيين طريق الهجرة. تُلقي رئاسات الكنائس اللوم  على الاحتلال الإسرائيلي والتضييق الذي يمارسه الاستيطان لهجرة المسيحيين من الاراضي المقدسة وووجود الكيان الصهيوني وحالة الحرب الدائمة واخيرا مادُعي بالربيع العربي وهو عبارة عن حرب طائفية استهدفت المسيحيين في سورية  حيث تعاني سورية منذ 2011 وحتى الآن من الارهاب التكفيري الضارب المغذى صهيونيا ودولياً واقليمياً  والآن مع العقوبات الاقتصادية الظالمة وتفشي الفقر بشكل كبير وكذلك في لبنان والعراق  ومصربشكل عام. ذكرت الصحيفة الإسرائيلية جيروزليم بوست أن “تقلص أعداد الطوائف المسيحية الفلسطينية في الأراضي المقدسة جاء كنتيجة مباشرة بسبب انتمائها إلى الطبقة المتوسطة”.  هذه الحالة في كل الدول العربية التي يتواجد فيها المسيحيون وقد صاروا من الطبقة الفقيرة اضافة الى فقدان الشعور بالأمان يذكر أن المسيحيين لديهم صورة عامة كنخبة متعلمة وذات امتيازات طبقية، وكذلك عدم لجوئهم إلى العنف، مما يجعلهم أكثر عرضة للتعرض لأعمال عنف. وهذا ماحصل لهم في سورية والعراق ومصر وقد عزا حنا سنيورة، أحد أبرز الناشطين في مجال حقوق الإنسان في فلسطين، أن التحرش ضد المسيحيين يعود إلى “مجموعات صغيرة” من “السفاحين” وليس من الحكومات مثل حماس وفتح.

رام الله الصغرى في باترسون؛ نيو جيرسي. تضم المنطقة واحدة من التجمعات الفلسطينيَّة المسيحيَّة الكبرى في الولايات المتحدة.
رام الله الصغرى في  باترسون  نيو جيرسي. تضم المنطقة واحدة من التجمعات الفلسطينيَّة المسيحيَّة الكبرى في  الولايات المتحدة.

وفقًا لتقرير في صحيفة الاندبنديت، فإنّ الآلاف من الفلسطينيين المسيحيين “هاجروا إلى  اميركا اللاتينية في سنوات 1920 عندما تعرضت فلسطين إلى الجفاف والكساد الاقتصادي الشديد”. وتتواجد اليوم أكبر جالية فلسطينية وفلسطينية مسيحية خارج العالم العربي خصوصا تلك الموجودة في اميركا اللاتينية وتصل أعدادهم إلى نصف مليون فلسطيني في أمريكا اللاتينية والوسطى منهم 80 إلى 85% من المسيحيين الفلسطينيين. وتضم  تشيلي أكبر جالية فلسطينية مسيحية ارثوذكسية في العالم خارج منطقة فلسطين، حيث تصل أعدادهم إلى 350,000 وتعود أصول غالبيتهم إلى بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور ويعتبرون من الأقليات الناجحة جدًا، فغالبيتهم ينتمون إلى الطبقة العليا والوسطى وترعاهم ابرشية تشيلي الانطاكية الارثوذكسية وكرسي انطاكية هو الذي وحد الاغتراب المسيحي العربي في جالياته في العالم برئاسة مطارنة اكفاء. كما وقد برز من كل المغتربين المسيحيين العرب عموماً بمن فيهم ابناء فلسطين اقطاب كثر في السياسة والاقتصاد والثقافة. هناك جاليات كبيرة أيضًا في  السلفادور،  هندوراس، البرازيل، كولومبيا، الارجنتين،  فنزويلا، الولايات المتحدة وغيرها من الدول.يُذكر أنّ 46% من فلسطينيي اميركا ذووي الغالبيَّة المسيحيَّة هم من حملة الشهادات الجامعية وعلى هذا تُعتبر الجالية المسيحيّة الشرق اوسطية او العربية في المهجر من “الأغنياء والمتعلّمين وذوي النفوذ”.

الطوائف

داخل كاتدرائية القديس يعقوب للأرمن في حارة الأرمن في القدس.
داخل كاتدرائية القديس يعقوب للارمن الارثوذكس في حارة الارمن في القدس.

أكثر من نصف المسيحيين في الاراضي الفلسطينية يتبعون بطريركية اورشليم الارثوذكسية في القدس(52%)، وهي إحدى ابرشيات الكنائس  الارثوذكسية ويترأسها البطريرك والمجمع المقدس. وغالبيّة أتباع هذه الكنيسة فلسطينيون عرب يتكلمون بالعربية، ويرعاهم  كهنة عرب متزوجون وكذلك أعضاء أخوية القبر المقدس. ومنذ قرون، ترعى أخوية القبر المقدس مصالح الأرثوذكس اليونانيين في الأرض المقدسة، وتهيمن على الاوقاف والكنائس وتدعي انها تحافظ على مكانة الكنيسة الأرثوذكسية في الأماكن المقدسة  بينما هي تحافظ  على الطبيعة الهيلينية للبطريركية ومنذ 1517. تمتلك بطريركية القدس الأرثوذكسية عدداً كبيراً من الأراضي والمباني، فهي تمتلك حوالي ثلث الأبنية السكنية في  القدس الشرقية. يأتي في المرتبة الثانية المجموعة الكاثوليكية، وتشكل الطائفة الرومانية الكاثوليكية حصة الأسد من طوائف الكاثوليك؛ وتتمثل في كنيسة اللاتين في القدس، ويشكل أتباع هذه الكنيسة 30.5% من مسيحيي الأراضي الفلسطينية، من ثم الروم الكاثوليك ويُشكلون حوالي 5.7% من مسيحيي فلسطين. كما أنّ هناك العديد من الطوائف الأخرى مثل الموارنة والسريان بشقيهم الارثوذكسي والكاثوليكي والاقباط ، ولهذه الكنائس وجود تاريخي في فلسطين التاريخية ويتركز أتباع الكنيسة السريانية بشقيها في القدس وبيت لحم واريحا وهناك وجود حديث نسبياً للطوائف البروتستانتية  من الانكليكان… حوالي 70% من مسيحيي غزة هم من الروم الأرثوذكس ويتبعون ابرشية غزة الارثوذكسية المنتمية الى بطريركية الروم الارثوذكس في القدس، أما الباقي فهم من  اللاتين الكاثوليك ويتبعون مرجعية روما. يقوم النائب حسام فؤاد كمال يعقوب الطويل المنتخب عن دائرة غزة والذي يشغل منصب أمين سر مجلس وكلاء الكنيسة العربية الأرثوذكسية بغزة بتمثيل المسيحيين في  المجلس التشريعي الفلسطيني.

دير مار سابا، وهو من أقدم الأديرة في فلسطين التاريخية.
دير القديس سابا الارثوذكسي، وهو من أقدم الأديرة في فلسطين التاريخية.

هناك وجود تاريخي للكنيسة الارمنية الارثوذكسية ويعود وجودها إلى إقامة الطائفة الأرمنية في  القدس منذ القرن الخامس. ويتضح من مراجع أرمنية أن البطريركية الأرمنية الأولى تأسست عندما منح الخليفة عمر بن الخطاب امتيازًا للأسقف أبراهام عام638م، وقد كان للارمن حي خاص بهم  في عهد الفرنجة. ومن أواخر القرن التاسع عشر، وخاصة خلال وبعد الحرب العالمية الاولى، ازداد عدد أبناء الطائفة المحلية بسبب تدفق اللاجئين إليها هربًا من المذابح الارمنية بيد الاتراك، وبعد قيام دولة إسرائيل هاجر 90% من الأرمن إلى الخارج حيث يصل عددهم اليوم إلى ألفين، يتمركزون في حارة الأرمن في القدس وينشطون تجاريا واجتماعيًا. الكنيسة الأرمنية واحدة من الكنائس الثلاث الكبرى التي تمتلك معظم المواقع الدينية في فلسطين التاريخية. ويتركز الأرمن في  القدس الشرقية ومدينة حيفا والناصرة،  وعكا، والرملة ويافا.

التجمعات المسيحية التاريخية
القدس
نعجزة فيض النور من القبر المقدس يوم سبت النور
نعجزة فيض النور من القبر المقدس يوم سبت النور

يجلّ المسيحيون  القدس فهي قدسهم وهي رمزهم هي ام الكنائس

ورد ذكرها في العهد القديم ولعبت الدور المحوري في المسيرة الخلاصية للرب يسوع على الارض، ينص العهد الجديد أن يسوع أًحضر إلى المدينة بعد ولادته بفترة قصيرة، وانه علم الشيوخ في المجمع وهو ابن ال12 سنة  وأنه قلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام ولم يدع أحدًا يجتاز الهيكل بمتاع. 

صورة تذكارية تعود لعام 1922 تُصوّر رؤساء الطوائف المسيحيّة في مدينة القدس.
صورة تذكارية تعود لعام 1922 تُصوّر رؤساء الطوائف المسيحيّة في مدينة القدس.

في علية صهيون تناول السيد المسيح وتلاميذه العشاء الاخير فيها ، تقع على جبل صهيون في ذات المبنى حيث يقع ضريح الملك داود.ومن المواقع المسيحية المقدسة في المدينة أيضاً، التلّة المعروفة باسم الجلجلة”، وهي موقع  صلب الرب يسوع. يصف  انجيل يوحنا هذه التلّة بأنها تقع خارج القدس، إلا أن بعض الحفريات أظهرت مؤخراً أنها تقع على بُعد مسافة قليلة من البلدة القديمة داخل حدود المدينة الحاليّة وهو امر طبيعي قي ظل توسع المدن. أمّا  كنيسة القيامة وبها القبر المقدس فهي اقدس الاماكن المقدسة ليس في فلسطين وحدها بل في كل العالم، يحج إليها المسيحيون من مختلف أنحاء العالم منذ حوالي ألفيّ سنة، ويؤكد الخبراء والمؤرخون أنها شُيدت على الجلجلة.

أدى التنافس على المواقع المسيحية  بين الطوائف خاصة في  كنيسة القيامة إلى اصدار السلطان  العثماني عبد المجيد (1839-1861)وبعد حرب القرم  فرماناً وضع فيه بالتفصيل حقوق الطوائف المسيحية ومسؤولية كل منها في القبر المقدس. أصبحت هذه الوثيقة المعروفة باسم الوضع الراهن، ولا يزال الأساس لبروتوكول تقسيم وكيفة عمل الطوائف المسيحية في كنيسة القيامة. وتم الإبقاء على الوضع الراهن خلال الانتداب البريطاني والأردن. بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967، ومع سقوط البلدة القديمة في أيدي الإسرائيليين، أقر الكنيست قانون لحماية الأماكن المقدسة. تتقاسم اليوم كنيسة القيامة الارثوذكس واللاتين والاقباط الارثوذكس والارمن الارثوذكس وتشترك ستة طوائف مسيحية حالياً في الإشراف على كنيسة القيامة وهيبطريركية الروم الارثوذكس وبطريركية اللاتين وبطريركية القدس الأرمنية الأرثوذكسية والكنيسة القبطية الارثوذكسية والكنيسة السريانية الارثوذكسية وكنيسة التوحيد الارثوذكسية الاثيوبية وتطورت المناطق السكنيّة المسيحية في مدينة القدس مع زيادة النفوذ الغربي الأوروبي فبتنيت مدارس الإرساليات والمشافي والمعاهد العلمية، فازدهر  حي النصارى مقارنة بالأحياء الأخرى التي عانت من فقدان هذه الخدمات، كما نشطت حارة النصارى اقتصاديًا خاصًة مع ازدهار أحول سكانه الذين عملوا بالتجارة، ومع هجرة مسيحيي القدس أرسل أثرياء المهجر أموالاً لدعم أهالي الحي. في عام 1898وافقت الدولة العثمانية على طلب من الدول الأوروبية وفتحت بوابة جديدة في أسوار البلدة القديمة، في منطقة جديدة للتنمية. كانت تسمى بوابة “باب جديد”.

كان عدد المسيحيين في القدس سنة 1947 نـحو 27 ألفاً، يٌذكر أنّ أغلبية القدس الغربية كانت من مسيحيين. قامت العصابات الصهيونية بمسح أحيائها وتهجير سكانها وإنشاء أحياء سكنية يهودية فيها لتشكيل “القدس الغربية اليهودية”. وهكذا، فكما يقول المؤرخ الفلسطيني سامي هداوي أن نسبة تهجير العرب من القدس بلغت 37% بين المسيحيين مقابل 17% بين المسلمين، سجلت أيضًا في أعقاب حرب 1967 مصادرة أملاك ومدارس وكنائس بعد الاحتلال الإسرائيلي للضفة، ومزيد من التهجير، في حين استمرت هجرة المسيحيين  نحوالشتات. وفقًا لإحصائيّة دائرة الإحصاء المركزية في 31كانون الاول 2015 وجدت أنّ عدد المسيحيين في مدينة القدس يصل إلى حوالي 12,300. وعلى الرغم من أن الأرمن منفصلون رسميًا عن المسيحيين الأرثوذكس والكاثوليك العرب في القدس، فإن الأرمن يعتبرون أن حي الأرمن جزء من  الحي المسيحي في المدينة. وعبرت البطريركيات المسيحية الثلاث في القدس وحكومة ارمينيا علناً عن معارضتها لأي انقسام سياسي في الحارتين. إن الأسباب الرئيسية لوجود حي أرمني منفصل هي المذهب المونوفيزي واللغة والثقافة المميزة للأرمن، والذين، على عكس غالبية المسيحيين في القدس، ليسوا عرباً.

وفقًا لمعهد القدس للدراسات السياسية عام2019 بلغ عدد المسيحيين في القدس حوالي 15,000 ويشكلون 2% من مجمل سكان المدينة. في عام 1946 كان عدد المسيحيين في المدينة 31,00 نسمة وكانوا يُشكلون حوالي 19% من سكانها، ويعود تناقض الأعداد بسبب الهجرة المسيحية واسعة النطاق. كما أشار استعراض معهد القدس لأبحاث السياسة أيضًا إلى أن حوالي 44% من المسيحيين في القدس يعيشون في  البلدة القديمة، حيث يبلغ عددهم حوالي 6,500 نسمة، ويتركز حوالي 4,000 منهم في الحي المسيحي وحوالي 2,500 في  الحيين الارمن والاسلامي.

بيت لحم

صورة لأربعة نساء مسيحيات من بيت لحم تعود لعام 1911.
صورة لأربعة نساء مسيحيات من بيت لحم تعود لعام 1911.

مدينة بيت لحم هي من  اقدس الاماكن المسيحية في العالم كونها المدينة التي فيها وُلِدَ  الرب يسوع في مغارة بيت لحم، وبسبب قدسية مدينة بيت لحم يتواجد في المدينة عدد كبير من الكنائس والأديرة فضلًا عن المواقع المسيحية المقدسة، بالإضافة إلى المؤسسات المسيحيّة المختلفة من مدارس  ومستشفيات شتى، وكونها مدينة ميلاد يسوع تحظى المدينة بشعبية واسعة، وترتبط بعيد الميلاد كانت كنيسة المهد هي الأولى بين الكنائس الثلاث التي بناها الإمبراطور قسطنطين في مطلع القرن الرابع الميلادي حين أصبحت المسيحية ديانة الدولة الرسمية، وكان ذلك استجابة لطلب الأسقف ماكاريوس في المجمع المسكوني الأول في نيقية عام 325 للميلاد. دخلت كنيسة المهد سنة 2012 قائمة  مواقع التراث العالمي، كنيسة المهد هي أول موقع فلسطيني يدرج ضمن لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو. وتتسم العلاقات بين المسيحيين والمسلمين في المدينة بالإيجابية والتعايش، ووفقًا للاستطلاع الذي أجراهُ المركز الفلسطيني للبحوث والحوار الثقافي في عام 2006 في مدينة بيت لحم تبيَّن أن 90% من المسيحيين قالوا أن لديهم أصدقاء مسلمين، ووافق 73.3% منهم على أن  السلطة الوطنية الفلسطينية تُعامل التراث المسيحي في المدينة باحترام ونسبة 78% منهم عزت سبب هجرة المسيحيين إلى القيود الإسرائيلية التي تفرُضها على السفر.

تعتبر مدينة بيت لحم أحدى أقدم المجتمعات المسيحية في  العالم. بعد  دخول المسلمين في عام  630م، وقد تعرب المسيحيون المحليون على الرغم من أن أعداداً كبيرة منهم كانوا عرباً بالأصل وتعود أصولهم إلى عشيرة  الغساسنة. وتعود أصول أكبر عشيرتين مسيحيتين في بيت لحم إلى الغساسنة، بما في ذلك الفرحية والنجاجرة. وتنحدر العشيرة الأولى من الغساسنة الذين هاجروا من اليمن ومن منطقة وادي موسى في  الاردن الحالية، وينحدر النجاجرة من  نجران وتعود أصول عشيرة مسيحية أخرى في بيت لحم، وهي العناترة، إلى الغساسنة.

 بدأت الهجرة المسيحية من  الدولة العثمانية ومن منطقة ما يعرف بالمثلث المسيحي خلال القرن التاسع عشر، حيث كانت  اميركا اللاتينية تاريخياً محط أنظار المهاجرين المسيحيين خاصةً من مناطق  بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور، أو ما يُعرف ب”المثلث المسيحي”

تراجعت أعداد المسيحيين في مدينة  بيت لحم بشكل مُطرد منذ متصف القرن العشرين، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى  الهجرة، ويمثل انخفاض معدل مواليد المسيحيين أيضًا سببًا آخر لهذا التراجع. في عام  1947  بلغت نسبة المسيحيين حوالي 85%، ولكن بحلول عام 1998 انخفضت النسبة إلى 40%. في عام 2005 وضح رئيس بلدية بيت لحم فيكتور بطارسة أن “نتيجة للتوتر سواء الجسدي أو النفسي والحالة الاقتصادية السيئة، كثير من الناس يهاجرون، سواء مسيحيين أو مسلمين، لكن الهجرة أكثر انتشارا بين المسيحيين، لأنهم بالفعل أقلية”ذكرت الصحيفة الإسرائيلية جيوزاليم بوست أن “تقلص أعداد الطوائف المسيحية الفلسطينية في الأراضي المقدسة وبشكل خاص في بيت لحم جاء كنتيجة مباشرة بسبب انتمائها إلى الطبقة المتوسطة والعليا”. وأدى اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية إلى انخفاض ناتج القطاع السياحي والتي أثرت على الأقلية المسيحية وعلى أصحاب الفنادق في بيت لحم الذين يقدمون الخدمات المُلبية لاحتياجات السياح الأجانب. أشار تحليل إحصائي لهجرة المسيحيين من المدينة لانعدام الفرص الاقتصادية والتعليمية، خصوصًا بسبب انتماء المسيحيين إلى  الطبقة الوسطى وارتفاع المستوى التعليمي بينهم.مُنذ اندلاع  النتفاضة الفلسطينية الثانية غادر 10% من السكان المسيحيين المدينة. صرح آمون رمنون الباحث في معهد القدس لأبحاث السياسات، أن سبب هجرة المسيحيين بالمقارنة مع هجرة المسلمي هو بسبب سهولة إندماج المسيحيين العرب في  المجتمعات الغربية مقارنة بالمسلمين العرب، حيث أن العديد منهم يحضرون يدرسون في المدارس التبشيرية، حيث يتم تدريسهم اللغات الأوروبية على مستوى عاليكما أنَّ نسبة عالية من المسيحيين في المنطقة هم من سكان الحضر وذوي مستوى تعليمي عالي، مما يسهل عليهم الهجرة والاندماج بين السكان الغربيين.

الناصرة

كنيسة البشارة في مدينة الناصرة.
كنيسة البشارة في الناصرة .

تُعتبر  الناصرة قاعدة للمجموعات المسيحية المختلفة لوجود العديد من الأماكن المقدسة فيها، والتي أقيمت عليها الكنائس، كما أقيمت بقربها الأديرة والمؤسسات الخيرية والتعليمية، والنزل والفنادق للحجاج. وتشير بيانات عام 1949 إلى أن نسبة المسيحيين من السكان قد بلغت 60%، ولكنها انخفضت في عام 1972 إلى 53%، وأصبحت في عام 1983 حوالي 40%. ووفقًا لبيانات عام 2015 يشكل المسيحيون اليوم 30.0% فقط من السكان. يعود الانخفاص المستمر لنسبة المسيحيين أساسًا إلى انخفاص نسبة المواليد بين المسيحيين وإلى  الهجرة المسيحية إلى المدن المجاورة مثل حيف والناصرة العليا وإلى خارج البلاد خصوصًا إلى الاميركيتين، يٌذكر أن 70,000 مسيحي من أصول نصراويَّة يقطن في الولايات المتحدة.

غالبًا ما يعتبر المسيحيون في مدينة  الناصرة أغنياء نسبيًا، ومتعلمين، ومعتدلين سياسيًا حيث يميلون إلى التصويت للأحزاب اليساريًَّة وهم نشيطون بشكل خاص في حزب  الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة. ويدير المسيحيون في المدينة عدداً كبيراً من المدارس ومراكز النشاط الاجتماعي والمستشفيات وسواها. ويُقسم السكان المسيحيون في الناصرة إلى طوائف مختلفة تحافظ على إطارها المستقل، كما تضم عددًا من الجماعات والفئات الطائفية المختلفة التي نشأت نتيجة تطور تاريخي طويل. الفئة الاولى من المسيحيين في البلاد عامة يرجع تاريخها للشعوب التي تواجدت في  فلسطين عشية  دخول المسلمين، كالهلينيين والآراميين والسامريين واليهود المتنصرين والعرب وأبناء شعوب أخرى. ومنذ ذلك الحين اُضيفت طبقات سكان جديدة أثناء الحج إلى الأماكن المقدسة عند المسيحيين. وفي عهود مختلفة تجمع في البلاد أبناء طوائف مسيحية أجنبية، كالأرمن والاقباط والحبش. ثم تعاقبت أفواج المستوطنين المسيحيين من اوربة أثناء  حملات الفرنجة، إلا أنهم فقدوا هوياتهم القومية ولغاتهم وعاداتهم.

المسيحيون العرب هم واحدة من المجموعات الأكثر تعليما فيفلسطين المحتلة حيث يطلق عليهم اقلية نموذجية. وقد وصفت صحيفة معاريف المسيحيين العرب بأنهم “الأنجح في نظام التعليم”، حيث يحظى العرب المسيحيون بمستوى تعليم أفضل بالمقارنة مع أي مجموعة دينية أخرى في إسرائيل.كما لدى المسيحيين العرب واحدة من أعلى معدلات النجاح في شهادة الثانوية العامة أو ما يسمى بالبجروت مع نسبة (73.9%) في عام 2016، بالمقارنة مع المسلمين والدروز وبالمقارنة مع جميع الطلاب في نظام التعليم اليهودي، كما أنّ المسيحيين العرب في الطليعة من حيث التوجه  للتعليم العالي اعتبارًا من عام  2012 كان حوالي 63% من المسيحيين العرب في فلسطين المحتلة من حملة  الشهادات الجامعية  كما أنّ نسبة المسيحيين الحاصلين علىالاجازات الجامعية والدكتوراة أكثر من متوسط النسبة بين السكان الإسرائيليين. 

النهضة في فلسطين

خليل السكاكيني من أعلام النهضة الأدبية العربية في فلسطين.
 خليل السكاكيني من أعلام النهضة الادبية العربية في فلسطين.

شارك المسيحيون العرب في العصر الحديث في أداء أدوار تكوينية وبناءة في عمليات التحول من الأبنية التقليدية إلى المؤسسات الحديثة، لسابق تعرفهم واتصالهمبالثقافة الاوربية، ومن ثم لعبوا دور الوسيط بين  اوربة والغرب والمجتمعات العربية، وساهموا في تطوير النخب الثقافية العربية من خلال الترجمات عن اللغات الأوروبية عموماً، والفرنسية على وجه الخصوص. سبقُ اهتمام ومشاركة بعض المثقفين المثقفين العرب في عملية تجديد  اللغة العربية وآدابها من خلال الدراسات اللغوية والنقدية،التي استعارت وطبقت بعض المناهج الحديثة، بالإضافة إلى دورهم الإبداعي في كافة مرافق الادب والمسرح والسرديات الحداثية عموماً على اختلاف أجناسها ونصوصها.الأدوار الفكرية والإبداعية للمبدعين والمفكرين والنقاد المسيحيين العرب شكلت أحد أبرز وجوه الاستعارات الحداثية العربية التي ساهمت في تفكيك البنيات الأدبيّة والفكرية التقليدية والمحافظة.

في عام 1854 أنشأت  بطريركية الروم الارثوذكسي المقدسية اول مطبعة عربية في فلسطين  هي مطبعة القبر المقدس او مطبعة دير الروم، وفي عام 1882فتحت الجمعية الامبراطورية الفلسطينية- الروسية الارثوذكسية دارين للمعلمين في الناصرة والمعلمات في بيت جالا وذلك للتدريس في مدارسها التي غطت كل سورية الكبرى  وذلك للمساهمة في تدريس ابناء الارثوذكس ووقفاً لأزمة الكثلكة من خلال دراستهم في المدارس الكاثوليكية  حيث أدى التنافس بين  الامبراطورية الروسية ودول اوربة الغربية إلى اقامة شبكة واسعة من المدارس، خصوصاُ بعد تأسيس لجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية عام  1882، حيث أقامت الجمعية 23 مدرسة للذكور والإناث، ومعهداً لتدريب المعلمين في  الناصرة تخرج منه أدباء ومعلمين مسيحيين كان لهم تأثير على النهضة العربية أمثال الأديب اللبناني  ميخائيل نعيمة، وبندلي الجوزي، والمحاضرة الجامعية كلثوم عودة، والشاعر اسكندر الخوري البيتجالي، والكاتب والأديب والمترجم خليل بيدس وفارس نمر والاديب سليم قبعين، ونسيب عريضة. وخلق توثيق العلاقات مع العالم الغربي ووجود الإرساليات التبشيرية في فلسطين نقطة إستقطاب جذبت عدداً من المسيحيين للهجرة إليها من البلدان المجاورة، مما أدى إلى زيادة عددهم وإعلاء شأنهم، حيث أصبح المسيحيون يكونون الطبقة الوسطى المثقفة بين السكان المحليين، إضافة إلى تخصصهم في المهن، رغم محافظتهم حتى نهاية العهد العثماني على بروفيل منخفض في الحياة العامة خاصةً السياسية، كما آثروا السكن في أحياء خاصة بهم.وأسس المرسلون الألمان  مدرسة شلنر في  القدس والناصرة بهدف التدريب المهني. تبع ذلك اقامة المعاهد التعليمية.

الأدب والفكر

المُنظر الأدبي والكاتب الجامعي إدوارد سعيد.
 الكاتب الجامعي ادوارد سعيد.

بدأت النهضة الثقافية العربية في القرن 19، وذلك في عام 1840 أعقاب خروج الحملة المصرية من بلاد الشام التي تركت اكبر اثر تنويري وتسارعت وتيرتها أواخر القرن التاسع عشر، وكانت بيروت والقاهرة ودمشق وحلب مراكزها الأساسية، وتمخض عنها تأسيس المدارس والجامعات العربية والمسرح والصحافة العربيين وتجديد أدبي ولغوي وشعري مميز ونشوء حركة سياسية نشطة عرفت باسم “الجمعيات” رافقها ميلاد فكرة  القومية العربية، والمطالبة بإصلاح  الدولة العثمانية ثم بروز فكرة الاستقلال عنها مع تعذر الإصلاح والمطالبة بتأسيس دول حديثة على الطراز الأوروبي؛ كذلك وخلال النهضة تم تأسيس أول مجمع للغة العربية وإدخال المطابع بالحرف العربي، وفي الموسيقى والنحت والتأريخ والعلوم الإنسانية عامة، فضلاً عن الاقتصاد وحقوق الإنسان. وملخص الحال أنّ النهضة الثقافية التي قام بها العرب أواخر الحكم العثماني كانت نقلة نوعية لهم نحو حقبة ما بعد الثورة الصناعية، ولا يمكن حصر ميادين النهضة الثقافية العربية في القرن التاسع عشر بهذه التصنيفات فقط، إذ أنها امتدت لتشمل أطياف المجتمع وميادينه برمته، ويكاد يعمّ الاتفاق بين المؤرخين على الدور الذي لعبه المسيحيون العرب في هذه النهضة، سواء في دمشق وبقية سورية  وجبل لبنان أو مصر أو فلسطين ولقبهم” المتنورون الشوام”، ودورهم في ازدهارها من خلال المشاركة ليس فقط من الوطن بل في المهجر أيضاً. إذ كون المسيحيون في العصر الحديث النخبة المثقفة والطبقة  البورجوازية مما جعل مساهمتهم في النهضة الاقتصادية ذات أثر كبير، على نحو ما كانوا أصحاب أثر كبير في  النهضة الثقافية، وفي الثورة على الاستعمار بفكرهم ومؤلفاتهم، وعملهم.

يذكر على سبيل المثال في الصحافة سليم العنجوي مؤسس «مرآة الشرق» عام  1879، وأمين السعيل مؤسس مجلة الحقوق، وجرجس ميخائيل فارس مؤسس «الجريدة المصرية» عام 1888، وإسكندر شلهوب مؤسس مجلة السلطنة عام  1897  وسليم تقلا وشقيقه بشارة تقلا مؤسسا  جريدة الاهرام المصرية وفي فقه اللغة العربية يذكر ابراهيم وناصيف اليازجي وبطرس البستاني. وفي الأدب يذكرمي زيادة وخليل السكاكيني وسليم قبعين. وفي المجال الاقتصادي، برز عدد من العائلات المسيحية ومنهم رجل الأعمال والمصرفي حبيب السكاكيني ورجال الأعمال من آل صابات الفلسطينيّة الأصل في مصر.

منذ الانتداب البريطاني وحتى اليوم، اشتهر عدد كبير من الشعراء والأدباء والمفكرين المسيحيين؛ في الأدبوالادب المقارن والمسرح والقصة والموسيقى والتأريخ… وخرج منهم معظم الرواد في النضال ضد الغزو اليهودي وهم من اسس جماعة الارض ولهم المكانة في المؤسسات الفكرية والريادة في حمل الاجازات الجامعية والماجستير والدكتوراة…

من المصادر

الانجيل المقدس وسفر اعمال الرسل

تاريخ الكنيسة تعريب الكسندروس جحا

تاريخ كنيسة انطاكية د. اسد رستم

تاريخ كنيسة انطاكية تعريب الاسقف استفانوس حداد

المسيحيون الفلسطينيون ويكي واند

خلاصة تاريخ كنيسة اورشليم الارثوذكسية

 


Viewing all articles
Browse latest Browse all 1470

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>