سرجيوبوليس ( الرصافة) الابرشية الانطاكية الشهيدة
مقدمة
اشتهرت البادية السورية، منذ أقدم العصور، بمدن وقصور ومنشآت، من كل نوع، رائعة التخطيط، مترفةَ البنيان، اندثر أكثرها فلم يبقَ قائماً منها اليوم سوى خرائب متناثرة في جَلبات الواحات، وبين الرمال. وربما تحدّت بعض الأعمدة الرشيقة، والجدران والنقوش عوامل الزمن وافتئات الإنسان، فظلّت منتصبةً تُثير الخيال، عندما يمرُّ المسافرون من أمامها، أثناء تنقلهم رجوعاً عِبْرَ قرونَ من الصمت إلى عهودٍ كانت تضجّ فيها بالنشاط والفن والرفاه.
من تلك الروائع، وهذه المواقع، عشرات اتفق على تسميتها بالمدن الميتة، شرقي حماة، وفي جبل الزاوية، بين حماة وإدلب، وفي جبل باريشا، وجبل العُلا إلى الشمال الغربي من حلب ومنطقة قورش وعفرين…، ومنها آثار قصر ابن وردان، ودير صليب، وقصر أثريا، ومن أهمّها جميعاً تدمر، ودورا أوروبوس، وماري، ومنها القصور الأموية الحير الغربي، والحير الشرقي، وأسيس، في سورية وقصر عمرة، والمشتى، وخربة المفجر، وخزانة، في الأردن، وقصر عنجر في لبنان، وغيرها كثير.
ومن المدن والقصور، مالا يزالُ مطموراً تحت رمال البادية السورية، تُظهره معاولَ المنقبين وجهودهم الحثيثة سنة بعد سنة.
والرَّصافة، او سرجيو بوليس او مدينة الشهيد القديس سرجيوس واحدة من تلك الروائع، التي يزدانُ بها الكنز الأثري الذي يمتد في طول وعرض سورية الحبيبة، وان لم تَنلْ بعد جزءاً بسيطاً مما تستحق من عناية باحثينا والآثاريين رغم الجهود الحثيثة، التي أولتها إياها المديرية العامة للآثار والمتاحف، بإمكاناتها المتوافرة وبمساعدة الباحثين الكبار من الاجانب.
سرجيو بوليس (الرصافة) مدينة العجائب، بل احدى عجائب العالم القديم، بنيت من المرمر الوردي المرصع بالجس. آثارها ساحرة، وإطلالة قصورها وحدائقها جميلة. والرصافة تعني الحجر البراق الذي لم ينضج جيولوجياً بعد، وتقع شمالي شرق البادية السورية،
سرجيو بوليس تعتبر لؤلؤة البادية السورية التي لا تزال محافظة على أوابدها التاريخية والأثرية، كما تعد من أقدم المدن السورية العريقة التي تعود إلى العهدين الروماني والرومي، حيث كانت تعرف باسم سيرجيوبوليس وهو شفيعها القديس الشهيد الذي استشهد بالقرب منها ودفن فيها ولذلك تحولت بسببه الى محجة مسيحية شهيرة جداً، قارب موسم الحج اليها كموسم الحج الى صيدنايا وديرها الذي بني باعجوبة العذراء الطاهرة.
ذُكرت المدينة العظيمة سرجيوبوليس في الكثير من المدونات القديمة، منها الرُقم الآشورية… كما وردت في الكتاب المقدس/ في سفر إشعيا 12 .37 وسنحاريب، و ايضاً في الكتابات والمدونات اليونانية القديمة، وقد كانت موضع تنازع بين اليونان والرومان والروم على التعاقب مع الفرس، ولذلك امتلكت قلاعاً منيعة تحميها من غزوات الفرس الساسانيين قبل أن تصبح من المدن التابعة لمملكة تدمر وسط سورية، وقبل أن تصبح منتجعاً صيفياً للخليفة الأموي هشام بن عبد الملك الذي أضاف إلى عمرانها وطورها وكان له الفضل في أن تكون جنة في وسط سورية في زمانها، حيث أسهم في عمرانها وازدهارها بتشييد قصرين اكتشف أحدهما إثر التنقيب عن آثارها فعرفت آنذاك باسم “رصافة هشام “.
موقعها
تقع مدينة سرجيو بوليس على بعد ثلاثين كيلومتراً من مدينة الرقة شمال شرق سورية على الضفة اليمنى لنهر الفرات، وتبعد 75 كم عن قصر الحير الشرقي ما جعلها موضع اهتمام العرب الغساسنة الذين احتلوها لأهمية موقعها، حيث يُنسب إلى الملك الحارث الثاني الفضل في ترميم أسوار المدينة، وتشييد كاتدرائية كبيرة في العصر الرومي البيزنطي، كما قام ابنه المنذر بن الحارث الثاني بتشييد خزانات المياه فيها، وببناء قصر كبير له، ودار للضيافة خارج سورها الشمالي.
تبعد حوالي 40 كم الى الجنوب الغربي من الرقة، وتقع قبالتها، وتبعد 180كم من حلب، و90كم عن مدينة الثورة. و في منتصف الطريق تقريباً بين الرقة وتدمر على خط مستقيم. والرصافة اليوم قرية خربة تشهد خرائبها على مجد عظيم اعطت ولاتزال شهرة وغنى اثري انساني ثري لمحافظة الرقة.
اسمها
عُرفتْ عبر التاريخ باسماء عديدة، ولكن اقدم نص تاريخي ذكرها بإسم “راسبا” يعود الى سنة 840 ق.م. وقد ورد اسمها في التوراة(4 ملوك 19/12) وفي النصوص الآشورية “رص ف”، فهي مدينة “ريسيف” أو”راسابا” او رصافة او “زرافة”، وتعني الفحم المستعر في اللغة الآشورية القديمة.
وقيل ان اسمها مشتق من كلمة “رصيف” اي حجر مرصوف، أو الطريق الذي كانت تسلكه القوافل عبر الصحراء من منطقة الفرات الى دمشق، مارة عبر الرصافة فتدمر فصدد فدمشق بخط مستقيم. وتجدر الاشارة الى ان “راصف” أو “رصف” هو اله النور عند الفينيقيين ومعظم السوريين القدماء، وله تمثال في رأس شمرا(أوغاريت).
ذكرها بطليموس كإحدى مدن منطقة تدمر والطيبة باتجاه الفرات. وجاء اسمها في الوثائق الكنسية اليونانية على شكل “رصافاس”. ويبدو انها أُعطيتْ أيضاً اسم تيترابيرجيوم Tetrapyrgium.
أُسميت “سرجيوبوليس” اي (مدينة سرجيوس) تيمناً بالقديس الشهيد سرجيوس لكونها مكان استشهاده ودفنه. وكان ذلك في العصر الرومي اعتباراً في القرن 4م وصارت ابرشية هامة من ابرشيات الكرسي الانطاكي المقدس
القديسان الشهيدان سرجيوس وباخوس
ومنذ ذاك الزمن صار الضريح مقصد الحج المسيحي، وموضع اكرام المؤمنين المسيحيين من المناطق المجاورة وحتى البعيدة نسبياً.
في عصر الدولة الرومية ازدهرت المدينة وشُيدتْ فيها الاديرة والكنائس والأسوار المنيعة التي تلفها وحُفرت فيها صهاريج المياه.
وسميت ايضاً أنسطاسيوبوليس، نسبة الى الامبراطور الرومي أنسطاسيوس الأول (491-518م) الذي رفع مكانتها الى مرتبة مدينة، وعمر فيها الكنيسة الباسيلكية الكبرى، بيد ان هذه التسمية التي تعود الى القرن الخامس لم تعمِّر طويلاً.
“رصافة هشام”
الشائع الدارج في تسميتها المنسوبة الى الخليفة الاموي هشام ذلك لان هشام بن عبد الملك (743-722م) لكونه اختارها مقراً لحكمه وعاصمة لدولته بنقلها اليها من دمشق الشام.
وأسميت “رصافة هشام” ايضاً تمييزاً لها عن عدة اماكن أخرى تعرف بهذا الاسم في العراق. ووكان العرب قد اسموها “الرضاب” او ” الزوراء”.
مناخها
قاري، شديد الحرارة صيفاً وشديد البرودة شتاء. لاشجر فيها ولاغطاء نباتي بالمعنى المقصود للكلمة. بل يتواجد فيها الابل والغزلان وبعض الحمير والخراف. ماؤها شحيح مالح ورديء، لا عين مياه جارية فيها بل صهاريج. ويقصد اهلها نهر الفرات لجلب الماء، والمطر شحيح فهي خارج خط المطر ولايزيد معدل الامطار السنوي فيها عن 100مم سنوياً. وقدر الخبراء عدد سكانها الثابتين بين 4000الى 5000 نسمة، ويزداد هذا العدد في المواسم ليبلغ 10000 نسمة وكان ذلك في اوج مجدها في القرنين الخامس والسادس المسيحيين، ويعتمدون في معيشتهم على تخفير القوافل وغزل الصوف وموسم الحج الشهير الى ضريح القديس الشهيد سرجيوس، الا انها اقفرت من السكان منذ زمن بعيد.
أهميتها
الرصافة اليوم عبارة عن أطلال بائدة وآثار مندثرة. احتلت، منذ القرن الرابع المسيحي، مكانة فريدة وهامة كمركز حدودي للأمبراطورية الرومانية والرومية ضد الفرس والفرثيين. وهي من اهم المواقع الأكثر اهتماماً وفائدة وإثارة في الشرق الأوسط، ومن بعد تدمر، بل اجمل وافضل وأضخم مدينة بائدة في بادية الشام وهي المدينة القابعة في قلب البادية السورية منذ آلاف السنين تعتبر احدى عجائب العالم القديم لما تحتويه من اسرار وزخارف ونقوش تؤكد على ان المدينة عاشت أزهى العصور واجملها حتى غدت بهذه المناعة والقوة والمظهر الخلاب، عدا عن كل مافيها من عجائب وغرائب تدهش القلوب وتجعل الانسان الناظر اليها يفكر ملياً بكيفية بنائها وتشييد قصورها ومبانيها واماكن عباداتها، فهي عدا عن ضخامتها وجمالها، تجسد الفن السوري الأصيل وتعبر عن عمق وعظمة ايمان بناتها…
عبر تاريخها الاول كانت سرجيو بوليس محط القوافل في حلها وترحالها، يعيش سكانها تحت خيام وبر وحول صهريج ماء، في هذه المدينة كانت القوافل، التي تعبر الصحراء من مختلف الجهات في طريقها الى البحر المتوسط، تتوقف للتزود بالمياه والمؤن في سرجيو بوليس.
في العام 297 شهدت الرصافة فصل من فصول الإضطهاد الديني العام في الامبراطورية الرومانية ضد معتنقي المسيحية، حيث أمر حاكم المدينة العسكري الروماني بتعذيب و قتل أثنين من الجنود السوريين
هما سرجيوس و باخوس لإنهما رفضا انكار المسيحية، واستشهدا، فدفن باخوس في مكان يبعد عن المدينة عشرة كيلومترات بينما دفن سرجيوس في المدينة…
مع إنقسام الإمبراطورية الرومانية في العام 395 م الى غربية عاصمتها روما وشرقية عاصمتها القسطنطينية المحدثة السنة 320 م التي تبعتها سورية الكبرى وآسية الصغرى فأصبحت سرجيو بوليس مركزاً مهماً للدين الجديد و دعيت بإسم جديد هو سرجيوبوليس
(أي مدينة سرجيوس أو سركيس)
اصبحت منذ مطلع القرن الرابع المسيحي مع وجود ضريح شفيعها الشهيد القديس سرجيوس، مطرحاً للحج المسيحي، يضاهي محجة القديس سمعان العمودي غرباً.
كانت تُفام مهرجانات القديس سرجيوس في تشرين الاول من كل عام، حيث يؤمها الحجاج ومنهم من يأتي اليها من حجاج اورشليم والاماكن المقدسة فيها.
دخلت سرجيوبوليس في عداد اماكن الحج المسيحي في مراحل طريق حجهم الى فلسطين وأماكنها المقدسة، كما دخل دير القديس سمعان العمودي، ودير سيدة صيدنايا البطريركي ودير القديسة تقلا البطريركي في معلولا ودير القديس سابا في فلسطين…الخ في عداد المحجات المسيحية،على الرغم من وقوعها في قلب البادية وبعيدة عن الاماكن السكنية وخارجة عن عقد المواصلات الاعتيادية.
احتراماً وتقديراً وتكريماً للقديس سرجيوس سمى ابناء المدينة مدينتهم باسم سرجيو بوليس(1).
اكتسبت اهميتها الاستراتيجية كموقع استراتيجي دفاعي كائن في اقصى الحدود الشرقية للأمبراطوريتين الرومانية والرومية، شكل شريطاً حدودياً مع بلاد فارس لحمايتها والدفاع عنها بتحصينات منيعة جداً، مؤلفة من سور حصين وابراج عالية وأدراج وممرات ومنشآت عديدة ناهيك عن موقع المدينة المرتفع والبالغ 300م فوق سطح البحر.
عبر تاريخها
كانت سرجيو بوليس ودورا اوربوس تدوران في فلك تدمر في ايام عزة وقوة وازدهارالاخيرة، لكنها اي سرجيو بوليس احتلت مكانة فريدة في اعقاب سقوط تدمر واقتياد زنوبيا اسيرة في موكب النصر الروماني الى روما السنة 273م.
في السنة 293م اصبجت تابعة لمنطقة الفرات واقامت فيها حامية رومانية، وفي عهد الامبراطورية الرومية اكتسبت اهمية خاصة كونها مدفن شهيد، فارتفعت فيها الاماكن الكنسية الرومية الارثوذكسية، وصارت مركزاً مسيحياً متميزاً في شرقي سورية بسبب مكانتها المقدسة كمركز حج مسيجي متميز يجذب الاعداد الغقيرة سنوياً في شهر تشرين الاول من كل عام من كل مكان قريب وبعيد، حيث بلغت ذروة مجدها وازدهارها وعلوها في العصر الرومي.
مما قيل عن تأسيسها ان مؤسسيها هم بنو غسان الموالون للدولة الرومية، وهي كانت في الاصل مجرد قلعة (قلعة الرصافة) متواضعة على طريق تدمر نيقيفورم(الرقة). عسكرت فيها في القرن الخامس حامية رومية، فشهدت حركة عمرانية واسعة النطاق في القرن السادس كنسياً ومدنياً، شعبياً ورسمياً.
بنى فيها الملك انسطاسيوس كاتدرائيتها وأنشأ آباراً عظيمة. واصبحت غنية بفضل هبات الحجاج ونذورهم، مما أغرى المجاورين بغزوها. فأقدم كسرى الاول السنة 542م على الاغارة عليها، وبعد مفاوضات مريرة اخذ الفدية وسلب كنوزها وثرواتها من كنائسها ، وسلب الصليب الذهبي المرصع بالجواهر الذي كان قد قدمه الامبراطور يوستنيانوس الحسن العبادة (2).
وعلى اثر هذا الغزو الفارسي هب الامبراطور يوستنيانوس لتحصين المدينة وترميم اسوارها، للمحافظة على اديارها الرهبانية وكاتدرائيتها وبقية كنائسها وحماية سكانها المسيحيين ضد هجمات الفرس وغزوات العرب المجاورين، وصرف العناية في الاهتمام بصهاريجها الفخمة وبتشييد المباني العديدة والدور السكنية والأروقة الكبيرة، وعسكرت فيها حامية رومية كبيرة لحمايتها. كما ان الامبراطور موريقيوس الرومي رممها ايضاً في 596م. وفي اواخر القرن السادس انشأ امراء الغساسنة عمال الروم في بادية الشام وحوران، إيواناً (قصراً) لهم خارج الاسوار هو إيوان المنذر، وكتب المؤرخ ميخائيل السرياني:”في هيكل مار سرجيس بالرصافة تعاهد منذر بن حارث ملك العرب الارثوذكس مع يوسطينان بن جرمنا فطريق الروم قائد جيوش الروم الأعظم…”(3)
لكن مالبث كسرى الثاني ان اجتاح المدينة مجدداً في 616م فدمرها وسلبها كل كنوزها، وبقيت دماراً، ولما تغلب عليه الامبراطور الرومي هرقل واستعاد المدينة اعاد من مغانم كسرى الى كاتدرائية سرجيو بوليس بعض التحفالتي سلبها منها، ومن جملتها الصليب الذهبي المرصع بالجواهر، وصينية ذهبية ثمينة وعطايا شخصية… شكراً منه لقديسها الشهيد سرجيوس الذي بشفاعته رُزق (هرقل) ولداً ذكراً.
احتلها العرب المسلمون في غمرة احتلالهم بلاد الرافدين، فشهدت المدينة حقبة ثانية من الازدهار في ايام الخليفة الاموي هشام بن عبد الملك (643-622م) الذي رمم اسوارها وصهاريجها، وجعلها مكان اقامته، وبعد موته دُفن فيها.
في العهد الاموي كانت سمة الرصافة انها مدينة مسيحية عامرة وآهلة بسكانها المسيحيين واماكنها المسيحية الرومية الفخمة وكنائس المذاهب الاخرى، فيها الكاتدرائية الرومية العظيمة وكنائسها الارثوذكسية الفخمة جداً ودير بديع وقصور رائعة. ولما دخل عبد الله بن علي العباسي الرصافة السنة 749م، نبش قبرالخليفة الاموي هشام واخرج منه رفاته، وأهانه، وقطع بقاياه واحرقها…
كانت رصافة هشام قد ذُكرت في جملة ” العواصم” اي المواقع والحصون العسكرية والحربية في ايام العرب كما جاء في كتاب المسالك والممالك(5)
ظلت كاتدرائية الشهيد سرجيوس عامرة في الرصافة حتى القرن 13م، وعلى رغم الغزوات المتكررة بقيت الرصافة مركزاً للحج المسيحي، وظل سكانها مسيحيين ارثوذكسيين في بيئتهم العربية، فهم عرب اصيلون في عروبتهم واخلاقهم والبستهم ونمط عيشهم. ومارست الكنيسة دورها الرعوي بحقهم حتى القرن 13م عندما غزاها هولاكو المغولي 1260م فسلب كنوزها ودمرها وبقي شعبها فيها يعيد بناءها،الى ان اجتاحها الظاهر بيبرس المملوكي الكاره للمسيحيين 1264 فدمر المدينة بالكامل، وأجهز على سكانها المسيحيين وساق من بقي حياً منهم الى حماه وضواحيها والسلمية…(4)
بهذا الفعل الارهابي التدميري الممنهج بحق المسيحيين قضى المملوكي بيبرس البندقداري على أغلبية المدن والتجمعات المسيحية في بلاد الشام ومنها سرجيوبوليس التي في عداد الابرشيات الانطاكية الشهيدة، وهي التي كانت مدينة عظيمة ولؤلؤة البادية السورية ومركز حج مسيحي في تلك القفار الصحراوية، ومثلها كانت بقية المدن الميتة والمنسية وما اكثرها في سهول حلب وادلب ومنبج وشمال سورية وحتى في البادية الشامية حيث كان السواد السكاني الاعظم من المسيحيين…وبكل اسف يزيف مؤرخونا وكتاب تاريخنا ومناهجنا المدرسية تمجد به بكل اسف كمحرر ومنقذ من الفرنج والمغول ولكنه قضى على ابناء المشرق المسيحي…
كما تمجد بمن سبقه من “الفاتحين…كخالد بن الوليد الذي قتل 40000 مسيحي دمشقي مدني السنة 635م لدى اقتحامه دمشق القديمة من “بابها الشرقي” بدون سبب، في حين كان ابوعبيدة يدخلها من بابها الغربي صلحا وقد اتفق مع المسيحيين سكانها عبر سرجون النصراني على ذلك مقابل دفع الجزية ولم يكن في دمشق اي جندي رومي اذ اخلوها قبل حصار المسلمين لها.!!!
اصبحت سرجيو بوليس اي رصافة هشام اطلالاً وآثاراً ينعق فيها البوم كبقية المدن المسيحية المائتة في سورية هجرها اهلها او اجلوهم منها بعد مجازر دموية بحقهم لينعق فيها بوم الخراب بقعل الارهاب الطائفي المتعصب كما حصل في سورية منذ 2011-…
وصف الرصافة الطبيب المسيحي البغدادي ابن بطلان المتوفي سنة 1048م فقال:”وسكان هذا الحصن بادية، أكثرهم نصارى، معاشهم تخفير القوافل، وجلب المتاع والصعاليك مع اللصوص. وهذا القصر في وسط برية مستوية السطح، لايرد البصر من جوانبها الا الافق. ورحلنا منها الى حلب في اربع رحلات”. وذكرها ايضاً من بعده ياقوت الحموي (1179-1229م) في كتابه( معجم البلدان) فكتب:” الرصافة في وسط البرية، وفيها جماعة من اهل الثروة، لأنهم بين تاجر يسافر الى أقطار البلاد، وبين مقيم فيها يعامل العرب. وفيها سويق عدة عشرة دكاكين. ولهم حذق في عمل الأكسية. وبين رجل فيهم، غنيهم وفقيرهم، يغزل الصوف، ونساؤهم ينسجون”.
ابرشية سرجيو بوليس الانطاكية الشهيدة
ابرشية سرجيو بوليس الانطاكية الشهيدة، كانت ابرشية زاهرة من عداد ابرشيات بطريركية انطاكية وسائر المشرق ولكنها باتت شهيدة كما مر.
وبالعودة الى البدايات فإنه بعد براءة ميلان 313 مسيحية والسماح بحرية العبادة للمسيحيين ووقف الاضطهادات الدموية بحقهم ازدهرت المسيحية بعد ثلاثة قرون من الاضطهاد الدموي الشديد، ثم أدى هذا الازدهار الى الإزدهار المادي للمدينة والظاهر في بناء هذه الكنائس البديعة في هذا الوسط المقفر والقاحل…! واعطت سرجيو بوليس عدداً كبيراً من الأساقفة الذين ساهموا في المجامع المسكونية وخاصة في مجمع خلقدونية في العام 451 م، حيث تمت مناقشة طبيعة السيد المسيح وحافظوا عليها ابرشية انطاكية خلقيدونية ارثوذكسية بايمانها القويم.
كما قلنا كانت سرجيو بوليس منذ القرن الخامس المسيحي حصناً عسكرياً في قلب الصحراء يبعد 25 كم عن سورا، تفصلهما ثكنة عسكرية، ولما استشهد القديس سرجيوس صارت مركز اسقفية فانبعثت بفضلها الروح المسيحية الايمانية في المنطقة منذ تاريخها المبكر كما اسلفنا. وتبعت متروبوليتية هيرابوليس (منبج)، من اعمال سورية الثالثة او الفراتية، الخاضعة لبطريركية أنطاكية. وظلت اسقفية حتى مطلع القرن السادس، حيث رفعها الامبراطور انسطاسيوس الى مصاف ميتروبوليس ( ام عدة مدن) بتغيير اسمها من الرصافة الى سرجيوبوليس، وذلك
عندما جرى نقل ابهام القديس سرجيوس منها الى القسطنطينية بين سنة 514 م ومنحت وقتها حقوق الميتروبوليس، وعُدَّتْ في المرتبة 11 بين المتروبوليتات الانطاكية الكبرى، وتضمنت منطقتها الفراتية الجنوبية. وخضعت لها خمسة مراكز اسقفية تمتد رقعتها على مايبدو على طول الفرات من زنوبيا (حلبية) حتى اوزارا (دير الزور)، وكذلك النقطة التي تصل الى رأس المثلث المكوَّن من سرجيوبوليس-أوريزا-دير الزور. وقد شك البعض في ان هذه الأسقفيات الخمس كانت موجودة في عهد البطريرك ساويرس اليعقوبي، ومنه نفهم ماورد في السجل الأنطاكي الذي يُسمّي زنوبيا وأوريزا (الطيبة)، اي بعض المدن الواقعة على الفرات والمجاورة لها. ونجد اسماء هذه الاسقفيات في “السجل الأنطاكي” لأنسطاسيوس، بطريرك أنطاكية المؤرخ في سنة 570 م، وكذلك نظيره في القرن 11م،
لكن ومن الطبيعي بعد استشهادها على يد المملوكي الظاهر بيبرس البندقداري في 1264م ان لانجد لها ذكراً كمتروبوليتية ارثوذكسية انطاكية من عداد متروبوليتات الكرسي الانطاكي المقدس في القرنين 17 و18 م. وليس غريبا ان تكون مركزاً اسقفياً للسريان اللاخلقيدونيين(6) لمدة قرنين من السنة 800م الى حوالي 980م وذلك لوجود تداخل في اطار انطاكية بين الارثوذكسية الخلقيدونية ومركزها كمتروبوليتية ارثوذكسية خلقيدونية منذ احداثها وحتى استشهادها في مابعد العقد السابع من القرن 13 كما مر، وكونها اسقفية سريانية لاخلقيدونية في القرنين 9 و10 م فقط اي كانت الاستمرارية رومية خلقيدونية حتى استشهادها مع قناعتنا باستمرار وجودها الكنسي بشكل ضعيف الى تلاشيها نهائيا قبيل عهد البطريرك الانطاكي الارثوذكسي مكاريوس بن الزعيم في القرن 17 لذلك لم يعدها وابنه الشماس بولس من عداد ابرشيات الكرسي الانطاكي بتصنيفهما وكان هذا التصنيف هو الاول في القرون الخمسة الماضية بعد طول انقطاع رافق المستجدات السياسية والحربية…
ويؤكد الاب متري هاجي اثناسيو(7) انها لم تكن ابداً من اسقفيات النساطرة لكنه اضاف:” هذا وقد عُثر في الكنيسة الكبرى البازليكية على كتابة ورد فيها اسم شمعون مطران الرصافة، مؤرخة من سنة 1092/3، وهو الذي جدد إحدى كنائسها.”
(وهذا برأينا محل نظر) حيث كان فيها كنائس لكل المذاهب المسيحية وقتئذ، ولربما تمدد النساطرة بعد اللاخلقيدونيين في تلك الهنيهة نتيجة انحسار الحضور الرئاسي الارثوذكسي الخلقيدوني والرسمي الرومي بسيادة الحكم العباسي، وتلاشي الحضور اللاخلقيدوني ايضاً السنة 980م ووضعوا اليد على الكاتدرائية ممثلة بشمعون المذكور حيث كان للنساطرة حضورهم في منطقتي الفرات والخابور… اضافة الى تأثيرهم في البلاط العباسي!
من أساقفتها
– مارينيانوس (او مارينوس، ماريانوس): وهو اول اسقف نعرفه لسرجيو بوليس، رسمه يوحنا بطريرك انطاكية سنة 434م.
– سرجيس او جاورجيوس وكان مع الوفد الرومي الخلقيدوني الذي ارسله الامبراطور يوستنيانوس الى المنذر في كانون الثاني السنة 524م.
– كنديدوس وقد سجنه كسرى 542م وضربه بالسوط لأنه لم يدفع فدية (مدينة سورا).
– ابراهيم الرصافي وقد حضر مجمع القسطنطينية الخامس المسكوني ومجمع انطاكية المحلي السنة 565م .
تبعت ميتروبوليتية سرجيو بوليس الانطاكية الارثوذكسية الخلقيدونية الاسقفيات الخمس التالية
اغريباس، زينوفياذا (زنوبيا)، اوريسا/ اوريزا وهي الطيبة بحسب دوسو ورد اسم اسقفها سرجيس لأوريسا عضوا في مجمع منبج السنة 630م وهو الاسقف الوحيد المعروف بين اساقفة الاسقفيات الخمس. ايريجنس، أورثالا.
وصف سرجيو بوليس ( الرصافة)
تضم مدينة الرصافة التي شيدت فوق منطقة مرتفعة قليلاً الكثير من المنشآت والأبنية المهمة إضافة إلى سورها الضخم وكنائسها والبازيليك والكاتدرائية والقصور وخزانات المياه الشهيرة الضخمة (صاريج)تحت الأرض تشتهر الرصافة بأنها تملك أكبر خزانات للمياه من العهد البيزنطي في سورية و هي لا تزال (مع بعض الترميمات و التنظيفات) محافظة على حجمها.
خزانات المياه او الصهاريج
يقف العقل البشري امام اعجاز بناء هذه الصهاريج واسلوبه وهندستها وضخامتها واتساعها ومتانتها ومعظمها سليم الى اليوم
تقع الخزانات في نهاية الطريق من البوابة الشمالية. يظهر من مخطط المدينة ان هناك منحدرات من سائر انحائها تتجه رأساً الى الصهاريج او الخزانات، فتصب فيها بعد ان تصفى بين طبقات الأرض. ويعتقد الكثيرون ان المدينة كلها اقيمت فوق خزانات متصلة بعضها ببعض، حيث توجد بين مسافة واخرى فتحات خاصة لضخ المياه حين اللزوم. وهذه الخزانات الكبيرة يمكن تشبيهها بصهاريج مدينة القسطنطينية في العصر ذاته. وكانت قادرة على ارواء ستة آلاف من السكان ولمدة سنة كاملة بمعدل 20 ليتراً للشخص الواحد يومياً. وكان تقسيم هذه الخزانات الضخمة الى اربعة مجموعات رئيسة تختلف من حيث الحجم.
يقول الأثريون أن هذه الخزانات كانت تملأ بمياه الأمطار التي كانت تجمع في سد تجميعي بالقرب من المدينة بأحد الأودية و كانت تجر لخزانات المدينة عبر أقنية.
تقع صهاريج المدينة العظيمة في القسم الجنوبي الغربي من المدينة، جنوبي الكنيسة التي كانت تحتوي على رفات القديس الشهيد سرجيوس ، وعددها اربعة سعة الصهريج الرئيس 16000 متر مكعب وسعة كل من الصاريج الاخرى 2000متر مكعب، وقام الامبراطور يوستنيانوس بترميمها بمعنى انها تعود الى عهد سابق، انها مقسومة الى جملة اقسام، كالكاتدرائيات الكبرى سقوفها معقودة قائمة فوق ركائز ضخمة. وتوجد مجموعة اخرى من خزانات الماء الكبيرة بالقرب من الاسوار في الزاوية الغربية الشمالية من المدينة. وكانت المياه تأتيها من خزان واسع يقع غربي المدينة وخارجها لتمر بقناة حجرية الى الخندق ومن خلال الاسوار لتصل صالحة للشرب بعد مرورها بطبقات التصفية الارضية قبل ان تصل الى الصهاريج لحفظها.
كنائس سرجيو بوليس
لما اصبحت هذه المدينة صغيرة المساحة مقدسة ومركز حج مسيحي عظيم شُيدَ فيها ست كنائس ارثوذكسية خلقيدونية اضافة الى ثلاث كنائس للمذاهب المسيحية واحدة لكل مذهب وهي مختلفة الهندسة والتخطيط والزخارف والحجم، وتجمع بين عناصر هندسية وزخرفية تمثل الفن المعماري الذي كان شائعاً في سورية وبلاد الرافدين.
وكانت هذه الكنائس مزارارات لفروع المسيحيين حيث تشبه كنيسة القيامة في اورشليم ودير القديس سمعان العمودي في جبل سمعان.
وجدير ذكره ان كنائس المدينة اقيمت بتمويل اسقفيتها وشعبها المؤمن، بدون تدخل من الدولة الرومية او بتمويل منها وفي ذلك دلالة وافية عن مدى ايمان شعب سرجيو بوليس…
1- الكنيسة المسماة المارتيريون او كنيسة الشهداء
هي كنيسة القديس سرجيوس، وهي كنيسة صغيرة نسبياً، لكنها تعد أحد أهم المكتشفات الأثرية في المدينة، ويعتقد أنها بنيت في السنة 354م وتقع في وسط المدينة الى الشمال وتمتاز بتيجانها الكورنيثية المحورة وأحد هذه التيجان مزين بأكاليل منحوتة وتعتبر فريدة من نوعها،وتتقدم هذه الكنيسة ساحة مرتفعة تكتنفها الاعمدة، بلاطها من الحجر البلوري اللماع الابيض. شيدت في الموقع الذي فيه هامة القديس سرجيوس، وبنيت تذكاراً لاستشهاده دلالة على مكان هذا الاستشهاد، وهي على اسمه.
وُجهة الكنيسة الى الشرق، اطوالها 42م/34م فهي ليست مستطيلة بل تأخذ شكل صليب على وجه التقريب ابرازاً لرمز صليب الرب.
وقد توخى المهندسون في اختيار هذا الشكل تسهيل التطواف على المؤمنين حول الكنيسة. ومن هنا انطلقت فكرة بناء الكنائس على شكل صليب فيما بعد.كما في كنية القديس سمعان العمودي. وقد غلب على كنيسة المارتيريون الشكل المستدير ذو التخطيط المركزي للكنيسة اضافة الى ان كل من جدرانها الغربية والشمالية والجنوبية لاتتبع خطاً مستقيماً، إنه خط نصف دائري في الوسط ومستقيم عند طرفيه، وكذلك في صفوف الأعمدة الداخلية.
قدس الاقداس
هي الحنية نصف الدائرية في الداخل والمتعددة الزوايا في الخارج. ولكل من دار الشمامسة ودار الشهداء حنية نصف دائرية في الداخل ومربعة في الخارج، والحنايا الثلاث المذكورة اعلاه اقواسها وعقودها من النوع الذي سُمّي فيما بعد “القوس العربي”.
ومن ابدع مازخرفته يد هي القنطرة المتصدرة حنية المذبح والمتصدرة حنية دار الشمامسة، والقنطرة الأخيرة ببروازها مشابهة لمثيلها في قنطرة كنيسة قلب لوزه.
استخدم المسيحيون رموز هذه النقوش في هذه الكنيسة وكل مانراه من الكنائس قديمها وحديثها للرمز على المسيح والمسيحية فالكرمة ترمز الى دم المسيح، والسنابل الى جسد المسيح في سر الافخارستية، والبيض الى القبر والقيامة والحياة، وثمة زخارف في قناطرها تنفرد بها كنيستنا هذه ولاشبيه لها في اي من الكنائس والمعابد الوثنية، وفي مدخل دار الشمامسة ناووس من المرمر الوردي مزين بصليب.
لهذه الكنيسة سوق وسطى وحنية باتجاه الشرق. وتحتوي على اضخم الأعمدة التي يقال انها جُلبت من اسوان أو من مناجم الحجر الوردي القريبة من المدينة، والاعمدة قطعة واحدة، وقد رُفعت على الأعمدة تيجان محلاة بالزخارف والنقوش الرائعة وأقيمت على قواعد في منتهى الضخامة مما ليس له مثيل بين الآثار. وكانت جدران الكنيسة مكسوة ببلاط من المرمر الوردي. وربما استعمل المرمر الوردي في هذه الكنيسة وغيرها من كنائس الرصافة للاشارة الى دم الشهداء، وخاصة القديس سرجيوس ورفيقيه باخوس وجوليا. فأرضها مبلطة بالحجر الوردي، وكذلك اعمدتها وجدرانها الداخلية، وحجارتها بيضاء بلورية لماعة تكاد تكون شفافة.
“انها آية في الجمال ومتعة للناظر، تتوهج تحت الشمس المحرقة. هذا كله يجعل من هذه الكنيسة وشقيقاتها كنائس الرصافة دُرّة وهاجة في وسط تلك الصحراء. وهذه الكنيسة المعمدة ليست سليمة سلامة البناء المركزي”(الاب متري هاجي اثناسيو-موسوعة انطاكية ص254-255)
2- الكنيسة التي كانت تحتوي على رفات القديسين سرجيوس وباخوس وجوليا
تقع جنوبي كنيسة المارتيريون، يقدر انها احتوت على رفات الشهداء، او قسماً منها، ويستدل على ذلك وجود صناديق ذخائر مقدسة، وهذه الكنيسة تشبه في هندستها كنائس مصر وبعض كنائس ارمينية ولاتشبه كنائس سورية، لم يبق الكثير من هذه الكنيسة البائدة…
3- الكنيسة الشمالية
تقع في شمال المدينة قبالة وسط السور، وهي بائدة بشكل شبه تام. ويبدو أنها كانت من الطراز الباسيليكي السوري…
5-4 – الكنيستان الشماليتان الشرقيتان لاتزال حنيتا هاتين الكنيستين بحالة سلمية.
6- الكنيسة الكبرى باسيليك القديس سرجيوس
تقع في الزاوية الجنوبية الشرقية من المدينة، وتبعد عن كنيسة الشهداء 150 متراً وعن قصر هشام 50 متراً. انها احدى الكنائس الثلاث التي لاتزال سليمة الى علو ملحوظ، وهي اكبر كنائس المدينة وقد وُضِع تحت مذبحها رفات القديس الشهيد سرجيوس، وصفها ابن بطلان الطبيب البغدادي المسيحي في القرن العاشر بقوله:”بيعة عظيمة ظاهرها بالفَص المذهب”.
يدل النقش المكرس الذي عثر عليه في مكانه الاصلي ان من بناها هو الاسقف ابراهيم من سرجيوبوليس وقد نذرها للصليب المقدس في شهر ايار من عام 559م ولاشك ام الامر يتعلق هنا بأول بناء كبير مؤرخ تأريخاً محدداً في سرجيو بوليس، تحول كما يبدو بعد فترة طويلة الى كاتدرائية بقيت حتى زوال المدينة. وقد رممت في القرن 11م.
طرازها واقسامها
تشكل مجمعاً كنائسياً مع ملحقاته الوسيعة في مساحة 120م/90م، وهي تحتل نواة هذا المجمع، وهي كنيسة من الطراز الباسيليكي المستطيل مؤلفة من 5 اسواق، حولت الشمالية منها الى جامع …
تأتي هذه الباسيليكا في الصف الاول مع كنائس القديس سمعان العمودي وقلب لوزه وبيزوس في رويحة من حيث الاهمية من الناحية الهندسية الفنية.
يتالف قدس الاقداس فيها بشكله الحالي من 3 اقسام ، اما صحن الكنيسة فيفصل بين السوق الوسطى والسوقين الجانبيين صفان من القناطر…الكبيرة والصغيرة والاعمدة من المرمر الوردي مع وجود 18 شباكاً…وفيها المنبر او البيما في وسط السوق الوسطي ولاتزال منصتها ماثلة للعيان وسليمة بالكامل تقريباً ويبلغ طولها 14 م وعلى شكل نعل الدابة فسيح ومرتفع عن الارض متر واحد وعليه 12 مقعد…
هندسة المنبر مستوحاة من مائدة العشاء السري. فالاسقف وحوله الكهنة جالسون يشبهون السيد المسيح له المجد وحوله الرسل جالسون وهم ينشدون للرب ويسبحونه. والهدف من هذه الهندسة فسح المجال للاكليروس والشعب للاشتراك معا في الصلاة والاناشيد الدينية.
يؤكد البحاثة جان لاسوس ان مذبح الكنيسة هذه كان في وسط الكنيسة ليتسنى للشعب المشاركة في الافخارستية.
” امام هذه المشاهد الخلابة وعظمة الابنية الجميلة وأناشيد المسيحيين في كنائس الرصافة كان الخليفة هشام يطرب، كما ذكر المؤرخ ساويرس بن المقفع:”ان الخليفة هشام كان يطرب لسماعه أناشيد الكنيسة الكبرى القريبة من قصره ويصغي الى الأنغام بانبساط وفرح”.(8)
المسجد الكبير
بني في ايام هشام في الباحة الشمالية من الكنيسة الكبرى وكان معداً سابقاً لتجمع الحجاج المسيحيين، وقد احرق القرامطة هذا المسجد في السنة 902م وكان العيش بظل هشام اخوياً بين المسيحيين والمسلمين.
دير الرصافة وهو دير رهباني ومنه الرهبان الشهداء سرجيوس ورفقته وكان الرهبان يقومون بخدمة مركز الحج في سرجيو بوليس كما في دير مارسمعان واديار منطقة قورش والرهبنة جاءت متممة للاستشهاد الدموي لذا كان هؤلاء الشهداء. ولكن الوثائق في علم التاريخ وعلم العاديات نادرة…
وقد شهد بعض المسلمين عن هذا الدير الرهباني والرهبنة في سرجيوبوليس منهم الشاعر الشهير ابو النواس لما اجتازدير الرصافة فقال فيه
ليس كالدير بالرصافة دير ……………..فيه ماتشتهي النفوس وتهوى
بتّه ليلة فقضيت اوطا………………را ويوما ملأت قطريه لهو
ومر الخليفة العباسي المتوكل 822-861 بالرصافة وأقام في دير الرصافة بعض الوقت، ووجد في حائط من حيطانه رقعة مكتوبة فيها قصيدة جاء فيها:
ليالي هشام بالرصافة قاطن………….وفيك ابنه يادير وهو امير…
ذكره الطبري في تاريخه وكذلك ابو الفداء وياقوت الحموي فكتب عنه:”دير الرصافة هو في رصافة هشام…واما الدير فأنا رأيته وهو من عجائب الدنيا حسناً وعمارة…وفيه رهبان ومعابد وهو في وسط البلد”.
ظل دير الرصافة عامراً حتى منتصف القرن 13، ثم هدمه بيبرس البندقداري كمافعل ببقية المباني المسيحية في المدينة …
كنز الرصافة
بنيت مع الزمن في الباحة الشمالية من كنيسة الصليب المقدس اماكن للسكن، وهنا خبأ مواطن في المدينة كنزاً فضياً في وعاء فخاري، تؤرخ النقود المكتشفة هذا الكنز بين الاعوام 1243-1259م وعثر خلال التنقيب الذي جرى السنة 1982 على خمس اوانٍ فضية كانت سابقاً تخص كنزاً كنسياً وقد عولجت فنياً في المانيا ثم اعيدت الى المتحف الوطني بدمشق السنة 1988.
احتوى الوعاء الفخاري كأساً للمناولة المقدسة وقاعدة كأس منفردة وصينية مقدسة لها قاعدة وقنديلاً للتعليق ، وكلها مصنعة من الفضة وجزء منها مذهب او مخطط بالأسود او منقوش باللون النيلي.
مع انجيل الرصافة التاريخي باللغة السريانية وهو محفوظ في بطريركية السريان الارثوذكس بدمشق.(9)
قصر المنذر بن الحارث
يقع خارج أسوار مدينة الرصافة إلى الشمال الشرقي من بوابة المدينة الشمالية وأبعاده 20*17مترا وكان مقرا لاجتماع القبائل ويعتقد أن رفات القديس سرجيوس دفنت فيه ونقلت في ما بعد إلى كنيسة الشهادة ثم إلى حيث تقوم كاتدرائية القديس سرجيوس حاليا ويقال إن المنذر بن جبله الغساني دفن في هذا القصر .
هندستها الطوبوغرافية
ويعد تخطيط مدينة سرجيو بوليس الغنية بالأبنية المعتمدة على الرخام الوردي المزين بالجص أنموذجا للمدن الهيلينية من حيث كونها مستطيلة الشكل، الأمر الذي استعمله الرومان بعد ذلك كثيرا في مدن الإمبراطورية الواسعة وتابعت به امبراطورية الروم الشرقية المعروفة بالبيزنطية، وأهم صفات هذا التخطيط وجود الأسوار والشارعين المتقاطعين بشكل متعامد ليوصلا بين البوابات (كما في الشارع المستقيم في دمشق والمتقاطع معه وكان من باب الصغير جنوباً الى باب الفراديس شمالاً ويتقاطعان عند قوس النصر التترابيل بجوار دار بطريركية الروم الارثوذكس والكاتدرائية المريمية)، إضافة إلى الشوارع الثانوية المتقاطعة بشكل شطرنجي مع مجموعة من الأقنية المائية والأبنية المختلفة، وتأخذ أسوار المدينة شكلا مستطيلا غير منتظم الأضلاع وقد بنيت هذه الأسوار على طبقتين بارتفاع 5،13 متر تتخللها الأبراج الدفاعية وعددها 54 برجا تنتهي زواياها بأبراج دائرية وقامت داخل جسم السور طريق دائرية تمكن الجنود من الانتقال بسرعة للدفاع عن النقاط الضعيفة في جهات المدينة الأربع .
كان المهندسون في هذا العصر، يقيمون المعسكرات على شكل مربع، أو مستطيل، قريب من المربع، مما يساعد حسب رأي يوليوس الافريقي على إجبار العدو المهاجم، على توزيع جنوده موجهاً القوى الكبرى نحو الواجهة، وأول ما يلاحظ في الداخل، عندما تشرع في الدخول إلى المدينة، من الباب الشمالي، تشاهد كنيسة الشهداء، المارتيريوم، والى الجنوب تقوم بازيليكا القديس سرجيوس، وهي من أضخم أبنية الرّصافة المتبقية، وأوقعها في النفس، ولا تزال تحتفظ بأكثر أجزائها الأصلية، وفي الزاوية الجنوبية الغربية من السور تقوم منشآت صهاريج أربعة جبّارة معقودة السقوف، ولا تزال في حالة سليمة تدعو للإعجاب، وتوحي بصلاحيتها للاستخدام، لولا تهدم أقسام صغيرة من سقوفها، وكانت تفيد في اختزان كميات احتياطية من ماء المطر، تكفي لظروف الحصار.
اسوارها
السور والقصر القديم
أقام الإمبراطور يو ستنيانوس أسوار الرّصافة لحمايتها من الهجمات، بالأحجار الجصّية المتبلورة التي بنيت بها أسوارها، وتمتد هذه الأسوار على شكل مستطيل يتجه باتجاه الجهات الأصلية، ويبلغ طول ضلعه باتجاه الشمال 536 متراً، وباتجاه الجنوب 550 متراً، وطول الضلع الشرقي 350 متراً، والغربي 411 متراً، ولها في منتصف كل ضلع من هذه الأضلاع باب، والبابان الرئيسان هما الشمالي والجنوبي، ويعتبر الباب الشمالي أجمل الأبواب الباقية، في الرّصافة، حالياً، بزخارفه ومداخله، وأعمدته وتيجان نقوشه النباتية، الرائعة فوق العَمَد، كما تزيّن الإفريز الأعلى نقوش حيوانية، تمثل ثوراً وأسدين وكباشاً.
أما سور الرصافة فيبلغ سمكه ثلاثة أمتار، وله أبراج متعدّدة مضلعة الشكل، وأبراج الزوايا الأربع في السور مستديرة، وداخل هذه الأسوار مزدوج، استعملت فيه الأكتاف، أو الدعامات بدل الأعمدة، لإقامة أروقة ذات أقواس مدوّرة جميلة، تحتوي على نوافذ تقذف النبال، وهذا يدل على أهميتها في أغراض الدفاع، كما انه يوجد في السور أماكن خاصة لتخزين الذخيرة والعتاد الحربي، ولايزال السور منتصباً الى اليوم لامثيل له في تمامه ووضعه. وتبلغ مساحة الرصافة 1،5 كم مربع اي مايعادل مساحة حي باب توما بدمشق داخل الاسوار.
ولا تزال الأسوار في وضع سليم وتعد واحدة من أجمل العناصر المعمارية في المدينة، ويبلغ عرض السور ثلاثة أمتار، ولهذه الأسوار أربع بوابات رئيسة، ويوجد فيها واحد وخمسون برجا ذات أشكال مستطيلة أو مستديرة أو خماسية الأضلاع وتحتل الزوايا الأربع أبراج مستديرة، وتبلغ المساحة المحصورة بين هذه الأسوار واحداً وعشرين هكتارا، وتدعم الأسوار من الداخل أعمدة ضخمة بنيت بحجارة كبيرة، وقد تم اكتشاف جزء من الشارع المستقيم الذي يصل بين البوابة الشمالية والجنوبية ويبلغ طوله 135 مترا ويراوح عرضه بين 1 .2 متر و8 .2 متر ويقع على جانبيه رصيفان، وتحيط به الحوانيت التي لا تزال بقاياها قائمة على ارتفاع متر واحد
وقامت داخل جسم الاسوار طريق دائرية تمكن الجنود من الانتقال بسرعة للدفاع عن النقاط الضعيفة حيثما وُجدت، فلدى اجتياز البوابة يرى الزائر يميناً ويساراً الممر المحاذي للسور في الداخل على الجهات الاربع ضمن صف من القناطر المهيبة المنظر.
الشارع المستقيم
على غرار الشارع المستقيم في دمشق وافامية كما اسلفنا وهي هندسة يونانية قديمة ثم هلنستية وتابعها الرومان ثم الروم يمتد الشارع المستقيم الذي يخترق المدينة في وسطها ويتجه مباشرة من الشمال فيه الباب الشمالي او باب الرقة، الى الجنوب، فيه الباب الجنوبي او باب تدمر، بين صفين من الاعمدة عبر طريق طويلة يُطلق عليها اسم الشارع المستقيم، وقد أُقيمت كما قلنا على جانبيه الحوانيت والمتاجر وأماكن الكنائس ومراكز التبادل التجاري. وقد ضيق سكان المدينة في القرون الوسطى هذا الشارع كي لاتمر به العجلات الكبيرة.
أما إذا ترك زائر المدينة، من ثغرة إلى الشمال الشرقي، من السور على بعد مئتي متر تقريباً، فانّه يلتقي ببقايا قصر أموي كان بدون شك، قصر هشام بن عبد الملك، الذي كشفت عنه البعثة الألمانية برئاسة دورن، والقصر مربع الشكل، طول كل جانب منه قرابة 80 متراً، ويحمي كل جانب برجان مستديران يرتكز كل منهما على قاعدة مربعة، ولقد تم تشييد أسوار الرّصافة الضخمة في العهد الرومي، وكذلك بناء الصهاريج العميقة لجمع المياه كما تركزت حامية تتناسب مع أهمية المدينة، وأثناء تولي الامبراطور أناستازيوس، عرش بيزنطية، دعيت الرّصافة أناستازيابوليس، على اسم هذا العاهل المؤمن، الذي شيّد فيها بناء الباسيليكا الضخم، ويمكن للمؤرخ أن ينسب للعاهل بناء أسوارها وصهاريجها الضخمة، فكل شيء يدل على أنها تسبق زمن يوستنيان الذي أصطلح على نسبتها لعهده.
زيارة المدينة التاريخية
تبدأ زيارة المدينة الأثرية عادة عند البوابة الشمالية و هي واحدة من أربع بوابات رئيسة للمدينة.
للمدينة شكل مربع تقريبا يبلغ طول السور 1800 م تقريباً. مازالت المدينة محافظة على بقايا مهمة من الأبنية الدينية و التجارية و صهاريج الماء كما لا تزال البعثة الأثرية السورية – الالمانية المشتركة تعمل بمواسم تنقيب مهمة للكشف عن المزيد من الكنائس و الأبنية الآخرى لها.
البوابة الشمالية و سور المدينة
تعتبر البوابة الشمالية من أجمل البوابات التي تعود للفترة الرومية في سورية وهي مبنية على مخطط مربع الشكل له باب أولي لم يتبق منه شيء و بوابة ثلاثية المداخل تؤدي إلى داخل المدينة.
يلاحظ الزائر أن للبوابة أعمدة و تيجان كورنثية، وتشير فتحات السهام و المخطط العام للبوابة على أنه كان لها وظيفة دفاعية.
عند الدخول للمدينة نشاهد السور الدفاعي للمدينة من الداخل ونرى أنه مبني من طابقين، يرتبطان بسلالم حجرية و فتحات و يحويان غرفاً للسلاح و المؤن.
يرتفع الطابق الأول للسور حوالي سبعة أمتار، و الثاني حوالي أثني عشر متراً من مستوى المدينة الأساس.
دعّم السور بأبراج نصف دائرية و مربعة و بوابات ثانوية أربع.
كنيسة الشهداء المار تيريون
لدى المسير بإتجاه مركز المدينة يصادف الزائر اليوم أول بناء تاريخي للمدينة، ألا وهو كنيسة الشهداء.
تعود هذه الكنيسة الى القرن السادس المسيحي على الأغلب و هي من أولى الكنائس الرئيسة التي بنيت في المدينة و يعتقد أنها حوت رفات القديس سرجيوس كما اسلفنا.
للكنيسة مخطط االباسيليكا
(ثلاثة اروقة و قدس الأقداس وحنية الهيكل في المنتصف)
و هي مميزة بأعمدتها الوردية اللون و لا تزال هنالك الجهة الشرقية للكنيسة محافظة على شكلها.
إن ما يميز هذه الكنيسة هو الرواق الوسطاني الذي يتسع في المنتصف ليشكل دائرة من ثمانية أعمدة ما زال بعضها ملقى في مكانه.
حواشي البحث
1- سرجيو بوليس فالمدينة باليونانية هي بوليس.
2- الامبراطور يوستنيانوس الموصوف بالحسن العبادة وهو الذي ظهرت عليه العذراء وامرته ببناء دير لها للمتعبدات الراهبات وفق الهندسة التي وضعتها وقد بنى دير سيدة صيدنايا وواضاف ببناء دير القديس حنانيا الرسول في جنوبي دمشق ( كنيسة القديس حنانيا الرسول في الميدان حارة القوره شي حالياً)
3- فطريق او بطريق تعني قائد عسكري كبير في جيوش الروم، من هنا اسمي باب توما من ابواب دمشق لأن قائداً عظيماً هو توما في العهد الرومي كان يحميه.
4-كما فعل بيبرس المملوكي لاحقاً عام 1268 م في انطاكية وقد دمرها وحرث ارضها بعدما دك اسوارها الحصينة بحجة حربه ضد الفرنج والمدينة كانت فار غة منهم حيث خرجوا منها قبيل حصاره لها وانتقلوا الى ثغر طرابلس، ولكن حبه وشبقه بالتنكيل بالمسيحيين ناشيء عن مخيلته المريضة بأنهم يشتركون بالايمان المسيحي مع الفرنج ويتوجب قتلهم وهذا مافعله بتدمير معظم كنائس مصر والشام …
ونقول مع المؤرخين المسلمين المعاصرين الذين استخدموا تسمية الافرنج بدلاً من الصليبيين اولاً وثانياً هذا مخالف لتأريخ هؤلاء المؤرخين المعاصرين من المسلمين حصراً ان ماعاناه المسيحيون على يد الفرنج في مشرقنا من دائرة بطريركية انطاكية وبطريركية اورشليم من قتل للبطاركة والاساقفة والشعب ومافعلوه حين اجتياحهم القسطنطينيةلينتموا الى الكنيسة الغربية برئاسة البابا وهذا معروف واكثر بكثير بكثير ممايُشيعه مؤرخو ايامنا وماندرسه في مناهجنا التربوية …
لقد ارتكب بيبرس مجازر تقشعر لها الابدان بحق المسيحيين معتمداً سياسة التطهير الديني كما فعل الفرنجة بحق اخوتهم المسيحيين الشرقيين لقلب انتمائهم بالحديد والنار في انطاكية قتل الشعب المسيحي البالغ عددهم مائة الف ونقل من بقي منهم حياً الى مصر واحل مسلمين بدلاً عنهم احضرهم من اماكن اخرى وهذا السبب المباشر لنقل مقر بطريركية انطاكية من انطاكية الشهيدة بعد حوالي ثلاثة ارباع القرن الى دمشق، لقدبقي الكرسي الانطاكي المقدس خلال هذا الزمن من 1268 بذبحه انطاكية وشعبها الى عام 1344 متشردا في آسيا الصغرى والقسطنطينية وقبرص الى ان استقر في دمشق عام 1344م…الامرذاته الذي فعله حين تدميره انطاكية فعله بالقرى القلمونية قارة ودير عطية والنبك…)
5- كتاب المسالك والممالك لابن خرداذبة 830-913م
6- كما افاد الاب متري هاجي اثناسيو استناداً على المجلة البطريركية السريانية بدمشق -“كرسي الرصافة” العدد 30كانون الثاني السنة 21
7- في كتابه القيم موسوعة بطريركية انطاكية المجلد الثاني ص 244
8- المصدر السابق
9- المصدر ذاته
من المصادر
- د. اسد رستم، تاريخ كنيسة انطاكية
- خريسوستوموس، تاريخ كنيسة انطاكية، تعريب الاسقف استفانوس حداد
- الاب د. متري هاجي اثناسيو، موسوعة بطريركية انطاكية…ج2
- الاب بطرس ضو ، تاريخ الموارنة ج2
- مذكراتنا في الحركة الكشفية برحلتنا الكشفية لها السنة 1982 وما كتبناه آنئذ.