لباس الحشمة
القديس يوحنا ذهبي الفم
“وكذلك النساء يزين ذواتهن بلباس الحشمة، مع ورع وتعقل، لا بضفائر أو ذهب أو لآلئ أو ملابس كثيرة الثمن، بل كما يليق لنساء متعاهدات بتقوى الله بأعمال صالحة” (1 تي 2)
ما هذا؟!
أتقتربي من الله للصلاة بالضفائر والحلي؟
هل أنت ذاهبة لحفلة رقص؟
هل أنت ذاهبة إلى عرس أو عيد عالمي حيث مكان الحلي والضفائر والثياب الفاخرة؟
هنا ليس لها إحتياج.
أنت أتيت لتصلي، أتيت لتتوسلي من أجل مغفرة خطاياك، لتلتمسي الرحمة من أجل ذنوبك، لكي تتضرعي للرب وتستعطفيه بصلواتك.
لماذا إذاً تزينين نفسك؟ ليس هذا هو المظهر الذي يليق بالتوسل، كيف تتنهدين؟ كيف تبكين؟ كيف تصلين بحرارة وأنت مُحملة بالحلي؟ إذا بكيت، دموعك سوف تكون مصدر سخرية للذين يشاهدونك، لأن التحلي بالذهب لا يتفق مع اللائي يبكين، ألا يكون هذا تمثيلاً ورياءً. أليس هذا تمثيلاً أن تتدفق الدموع من قلب يسكنه حب الترف والزهو؟
إطرحي بعيداً عنك هذا الرياء! الله لا يُسخَّر منه! هذه الثياب تخص الممثلين والراقصين، الذين يعيشون على خشبة المسرح، كل هذه الأمور لا تناسب إمرأة مُحتشمة، بل يليق بها التزين بالورع والتعقل.
لا تقلدي إذاً المحظيات، فهن بهذا الثوب يغرين عشاقهن، ومن ثم كثيرات جلبن على أنفسهن شكوك شائنة، وبدلاً من كسب أي فائدة من زينتهن تسببن في ضرر الكثيرين بسلوكهن. لأنه كما أن الزانية إذا كان مظهرها محتشم لا تنتفع شيئاً في يوم الدينونة عندما يستعلن كل ما تم فعله في الخفاء، كذلك أيضاً المرأة الشريفة إذا كانت بهذا الثوب تقتدي بالزانية سوف تفقد فائدة عفتها، لأن كثيرين تضرروا من هذا السلوك. قد تقولين: “وماذا أفعل أنا … إذا كان شخص آخر ينظر لي هكذا؟”، لكنك أنت التي تعطينه الفرصة من خلال ثوبك ونظراتك وإيمائاتك.
لهذا السبب، يهتم بولس بتوجيه النظر للورع وحشمة الملبس. وإذا كان ينبه على تلك الأشياء التي تدل فقط على الثراء مثل الذهب واللآلئ والملابس كثيرة الثمن، فكم بالأكثر يكون التنبيه على الزينة المتعمدة كالمساحيق، تلوين العيون، المشية المتخاطرة، الصوت المتصنع، النظرة الواهنة الخليعة، العناية المفرطة في إرتداء الصدرة والمعطف، الأحزمة المطرزة بدقة، الأحذية الأنيقة؟ إذ أنه قد ضم كل هذه الأشياء بكلامه عن “لباس الحشمة” و”الورع والتعقل”، لأن كل هذه تدل على عدم اللياقة وعدم الحشمة.
أرجو أن تحتملن هذا الحديث، لأني بهذا التوبيخ غرضي ليس جرحكن أو التسبب في الألم لكن، بل لكي أزيل من قطيعي (شعبي) كل تصرف غير لائق.
وإذا كانت هذه الممنوعات موجهه للنساء المتزوجات الثريات، اللائي يعشن في الرفاهية، فكم بالحري بالنسبة للآئي كرسن حياتهن للبتولية. لكن قد تقولون: أي بتول تتزين بالحلي وضفر الشعر؟ إلا أنه قد تكون هناك عناية زائدة حتى مع الثوب البسيط، بحيث تكون الزينة لا تساوي شيئاً بجانبه. قد تكون العناية بالمظهر عند التي تلبس ملابس عادية أكثر من تلك التي تلبس بالذهب. لأنه عندما ينسحب رداء غامق اللون بشكل وثيق حول الصدر بالحزام – كما يلبسن الراقصات على المسرح – بإتقان شديد بحيث لا ينبسط بإتساع أو ينكمش بضئالة، وعندما يبرز الجسم من جراء كثرة اللفات، ألا يكون هذا الرداء أكثر إغراءً من أي رداء حريري؟!
لنخف أيها الأحباء، لئلا نسمع نحن أيضاً كلام النبي الذي وجهه للعبرانيات، الذين كن مفرطات في العناية بزينتهن الخارجية: “من أجل أن بنات صهيون يتشامخن ويمشين ممدودات الأعناق … فيكون عوض الطيب عفونة وعوض المنطقة حَبلُ وعوض الجدائل قرعة” (اش 3).
كل هذه الزينات وأخرى كثيرة، التي تم إبتكارها فقط للعرض وجذب المشاهدين تعتبر أكثر إغراءً من الحلي الذهبية. هذه الأخطاء ليست تافهة، بل تُغضب الله، وكافية لإفساد جهاد إنكار الذات الذي للبتولية.
عروسك هو المسيح، أيتها العذراء، لماذا تسعين وراء جذب انظار الرجال؟ سوف تدانين وكأنك لاسمح الله زانية. لماذا لا تريدين الزينة التي ترضيه: الحشمة، العفة، اللياقة، واللباس المتزن؟ هذه بهرجة زائفة وشائنة. لم نعد نستطيع التمييز بين بائعات الهوى والمتبتلات، إلى هذا الحد من عدم اللياقة وصلن. يجب أن يكون لباس العذراء بسيطاً غير منمقاً وبلا جهد، لكنهن قد إبتكرن الآن حيل كثيرة لجعل أثوابهن ملفتة للنظر.
أيتها المرأة أتركي هذا الجنون، حولي هذه العناية لزينة نفسك الداخلية. لأن هذه الزينة الخارجية التي تشغلك تتعارض مع الزينة الداخلية. لأن الذي يعتني بالخارج يُهمل الداخل، والذي يُهمل الخارج يركز كل عنايته في تزيين الداخل. “
(ALETEIA ORTHODOX()بتصرف بسيط