خربشات سياسية 18/حزيران 2020 …
قانون قيصر هل هو مواجهة مباشرة بين روسيا واميركا في سورية؟
كل الدلائل تشير الى مواجهة ساخنة جدا بين روسيا ومعها ايران وسورية مع اميركا، فالمنطقة على صفيح ساخن وربما ستشهد المنطقة جولة عسكرية تقوم بها سورية مدعومة من محور المقاومة الممتد من ايران الى العراق مرورا بسورية مطرح عقوبات قيصر ولبنان في مواجهة الكيان الاسرائيلي كما تسرب الدوائر الاستخبارية العالمية والاوربية لأن كل هذا الضرر الاوربي والاميركي والحصار بكل اشكاله والاحتلال الاميركي لشرق الفرات ودعمه قسد الانفصالية وسرقة النفط السوري…وحرق الغلال السورية ومالم تحرقه قسد واميركا تحتكره لنفسها وتمنع على المزارعين السوريين بيعه للدولة السورية كما هو حاصل بارهاب ما يسمى الادارة المدنية بعدوان عصابات الاسايش على المواطنين وصولا الى التصفية والمنطقة باتت على شفير الانفجار…سيوصل المنطقة وبشكل متدحرج الى جولة حربية وبالصواريخ تتناول شمال فلسطين المحتلة…
كذلك المناطق التي تحتلها تركيا ومايقوم بها تابعوها فضلا عن الصراع الدموي بين هذه الفصائل الارهابية على المغانم وبيوت السكان…وكذلك حرق المحاصيل او تسويقها بالبلطجة الى تركيا مع ماتبقى من محولات كهربائية ومصانع وشبكات ري في مناطق الاحتلال التركي…
وعود على بدء الى زمن غزو العراق عام 2003 عندما وصل وزير الخارجية الأميركية الأسبق كولن باول إلى دمشق، رمى أمام الرئيس السوري بشار الأسد سلّة مطالب غربية، أساسها إنسحاب دمشق من “محور المقاومة”، وما يتضمّن ذلك من فك التحالف السوري-الإيراني وطرد مسؤولي حركة “حماس” من الشام، ووقف التعامل مع “حزب الله”. يومها رفض الأسد كل الشروط الأميركية وانهى المقابلة وخرج كولن خائبا من لقائه بالاسد الذي لم يستجب لأي عنوان، رغم ان معظم عواصم المنطقة كانت ترضخ لأي طلبات أو تمنيات أميركية من دون نقاش بعد دخول الأميركيين بعصا غليظة الى العراق.
صمدت دمشق، ثم شاركت بعد ثلاث سنوات في دعم قتال اللبنانيين ضد إسرائيل عام ٢٠٠٦، ولم يأبه السوريون للتداعيات التي كانت تتراكم غربياً وعربيا وخاصة خليجياً بحق سورية. وبعد بضعة أعوام حلّت مااسميت الأزمة السورية سنة ٢٠١١ وفي حقيقة الامر هي حرب كونية على سورية تقودها اميركا واسرائيل بأدوات تركية وعربية واموال خليجية، وتدرّجت فيها المحطات من شعارات “سلمية”، إلى خطوات دبلوماسية، إلى مشاكل أمنية، إلى مواجهات عسكرية مع حوالي نصف مليون تكفيري طرحوا شعارات اسلاموية ودمروا الكنائس والاديرة 65 كنيسة ودير، واجتاحوا الاحياء المسيحية كما في حمص والقرى المسيحية وفتكوا بالسكان من مسيحيين وسواهم، واقتصرت سلطة الدولة وقتها الى 20% لكن الأسد بقي ثابتاً، خصوصاً ان حلفاءه، تحديداً: الروس والصينيين والإيرانيين رسّخوا صمود سورية في كل المراحل، عسكرياً وسياسياً ودبلوماسياً.
ماذا بعد؟ حلّ العنوان الإقتصادي كمدخل لإخضاع كل السوريين للضغط على دمشق وإجبار الأسد على القبول بذات الشروط التي طرحها كولن باول عام ٢٠٠٣. لم تتغير العناوين الأميركية. بقيت هي ذاتها مطروحة تحت الطاولة، ليأتي قانون “قيصر”، ويشكّل عملياً دافعاً لتطبيق الشروط الأميركية في دمشق، تتضمّن في جوهرها طلب التخلي عن “محور المقاومة” وعدم بقاء الإيرانيين و”حزب الله” على الأراضي السورية.
ما قاله المبعوث الأميركي لدى دمشق جيمس جيفري مؤخراً واضح: المطلوب ان يبدّل النظام السوري سلوكه، ولا نطالب بتغيير النظام. يعني هذا الكلام ان السلوك المرتجى أميركياً هو أن يرضخ الأسد لعناوين المرحلة الجديدة التي تتقدمها صفقة القرن. خصوصاً أن القانون المذكور يشير الى إنفتاح مطلوب من سورية لفتح صفحة جديدة مع االكيان الصهيوني. يريدون من دمشق أن تلتزم بتوقيع اتفاقيات مع تل أبيب على غرار ما فعلته دول عربيةكمصر والاردن وحتى السلطة الفلسطينية. يعتقد الأميركيون أن السوريين سيضطرون لقبول الشروط الأميركية، لأن العقوبات ستؤدي إلى تجويع الشعب السوري. ومن هنا جاءت الحرب على الليرة السورية كما في افتخار جيفري وذلك لتأمين شروط اللعبة الإقتصادية، ومنع اعمار ماتدمر من سورية من خلال منع الدول والشركات من التعامل مع دمشق تحت طائلة عقوبات “قيصر”.
لكن سورية التي واجهت كل أنواع العقوبات والحصار والحروب في محطات عدة من تاريخها وخاصة بعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد والصلح بين مصر والكيان الصهيوني وقيام الاخوان المسلمين بارهابهم في الثمانينات من القرن الماضي ولمدة نيف وست سنوات ، هل هي مضطرة الآن للبقاء في خيارها الوطني-القومي؟ أم أن مغادرة محورها الممانع هو الأفضل لسورية؟
في أحد أوجه قانون “قيصر” يصوّب الأميركيون على الروس والصينيين الذين يتعاملون مع دمشق، ويتحضّرون لإجراء استثمارات في سورية. مما يعني ان موسكو وبكين معنيّتان بمواجهة “قيصرية”مع الاميركيين.
يمكن لدمشق ان تتباهى بقدرة الرئيس السوري على إبقاء المبادرة بين يديه، ضمن اللعبة الجارية، وتتباهى ايضا بقدرة مصرفها المركزي على إعادة امساك وضع الليرة قبل ان تنزلق الى هاوية التي شارفت الليرة اللبنانية للوصول اليها.
– لا تعفي الأزمات الاقتصادية الروسية والايرانية والصينية عواصمهم من مؤازرة سورية اقتصادياً، وتصريحات المسؤولين من قمة الهرم السياسي الى اسفله في روسيا وايران والصين تعكس الاستعداد الداعم لسورية وبالتالي فإن طهران التي اوصلت النفط الى فنزويلا قادرة على إيصال معونات الى سورية.
الجواب ان طبيعة التحالف السياسي والشعبي، ونوعية المواجهة الدولية تفرض عليهما الوقوف الى جانب سورية. هذا ما هو منتظر منهما سراً او علناً. سيما والتصريحات الداعمة وحضور المسؤولين من هذه الدول الى سورية متواتر لأن المواجهة قائمة قيصرياً بين موسكو وواشنطن في دمشق، ولا يمكن ان تتخلى روسيا لا عن سورية ولا عن مكاسب موسكو في المشرق العربي بعد كل هذه التضحيات العسكرية والسياسية في سورية.