أحد النسبة
وهو الأحد السابق مباشرة لعيد ميلاد ربنا ومخلصنا يسوع المسيح بالجسد…
في هذا اليوم المبارك تقيم الكنيسة الارثوذكسية المقدسة تذكار احد النسبة اي النسب الذي انحدر منه المسيح بالجسد لجهة امه…
في قسم أساسي منه يبيّن الإنجيلي متى أن يسوع هو ابن ابراهيم ليدل على أن السيّد يختم العهد القديم الذي أقامه الله مع ابراهيم وأنه أيضاً ابن داود وملوك يهوذا وزربابل رئيس الشعب اليهودي بعد سبي بابل.
الكثير من العائلات اليهوديّة كان عندها شجرة العائلة لأغراض مختلفة.
عندنا في هذه الشجرة 27 شخصاً وهم ليسوا كلّهم ملوكاً بل أشخاص عاديون. وغالباً ما أخذ متى اللائحة من أحد المصادر.
المسيح هو صفة يسوع وتعني الممسوح من الله. الشيء الرئيس في اللائحة اسما ابراهيم وداود. في اللائحة أسماء ثلاث نساء راحاب الزانية إحداهن،ّ و”التي كانت لأُوريّا الحثي” أخذها داود من زوجها.
ويقول القديس يوحنا الذهبي الفم إن ذكر هاتين المرأتين وراعوث إنما ما يعني أنّ يسوع ينحدر من الجنس البشري كما هو. هناك أربعة عشر اسماً في كل من المجموعتين الأوليين، أما المجموعة الثالثة ففيها 13 اسماً. ولكن ربما قال متى أن في كل مجموعة 14 اسماً لأن هذه هي القيمة الرقميّة لاسم داود الذي يُكتب بالعبريّة “دود”، وحرف الدال هو4، وحرف الواو هو 6، ومجموع هذه الحروف الثلاثة
أما موضوع مولد المخلّص
فهو أن مريم كانت مخطوبة ليوسف أي زوجته الشرعيّة ولكنّها منفصلة في المسكن. وسمّاها الملاك “امرأتك مريم” لأنها كانت كذلك وهي عزباء، والمعنى: خذها إلى بيتك. ما عند متى ولوقا أن هذا المولد بتولي أي بلا مشاركة رجل.
الولد اسمه يسوع ويعني أن الله مخلّص.
فأخذ يوسف امرأته (أي إلى بيته) ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر. البكر تعني أول ولد. ولا تعني بالضرورة أن له إخوة. “لم يعرفها” عبارة تنفي العلاقة قبل الميلاد ولا تؤكّد العلاقة بعده. لأن الذي يهم متى أن يؤكّد الميلاد البتولي، وهو لم يكتب سيرة مريم ليقول ما حصل لها بعد الميلاد.
كونها “دائمة البتولية” غير وارد في الانجيل. إنّه وارد في المجمع المسكوني الخامس، وتقوله الكنيسة في طقوسها، ووردت عنه شهادة الآباء منذ القرن الثاني.
هكذا اعتقد المسيحيون منذ البدء وقالوا إنها “بتول قبل الولادة وفي الولادة وبعد الولادة”. كيف كان هذا في الولادة؟ لا نعرف. إن هذا معتقدنا. هَمّ متى الانجيلي أن يؤكّد أن المسيح ليس ابن رجل. إنه فقط ابن مريم. أما لماذا تنتهي شجرة العائلة بيوسف؟ ذلك أن الإنسان عند اليهود وعند معظم الشعوب اليوم منسوب إلى أبيه أو المظنون (في هذه الحالة) أنه أبوه.
لماذا أقمنا في الكنيسة أحد النسبة؟
الفكرة الأساسيّة أن يسوع بَشَرٌ كما هو إله، وكان يجب تأكيد أنه بشر بتبيان أن له آباء أهمهما ابراهيم وداود، والانجيل قال في غير موضع أنه ابن داود. لقد ظهر أوطيخا وقال إن المسيح كان إلهاً ولم يكن إنساناً، وكفرت الكنيسة بدعته لأنه، إن لم يكن انساناً، كيف يكون قد مات؟ مهم جداً أن يكون بشراً وأن يكون الله وحده أباه حتى لا يحمل وزر خطيئة آدم. ابن الله هو نفسه ابن الانسان أو ابن الإنسانيّة كلها التي سبقته. بهاتين الطبيعتين الإلهيّة والإنسانية نعبده مخلّصاً لنا. إذًا، الكلام في الرسالـة والإنجيـل هـو مضمـون أحـد النسبـة السابـق لعيـد ميـلاد الـرب. الـرسالـة تسمّـي شخصيـات مـن العهـد القـديـم، جـدعـون وبـاراق وغيرهما والأنبياء الذين تحدّثوا بطرق او أخرى عن ظهـور المخلّص. ومقـطـع الإنجيـل المـأخـوذ مـن متى يـذكُـر شخصيـات كبيـرة متحـدّرة مـن إبـراهيـم جـاء منهـا الـرب يسـوع تنتهـي بيـوسف خطيـب مـريم لأن النَسَـب هـو للمـظنـون والدًا كمـا يقـول عنـه لـوقـا فـي لائحـة النَسَـب الصـاعـدة أي التـي تبـدأ بيـوسـف وتـنـتـهي بـآدم. تكلّمـت الـرسـالـة عـن فضـائـل هـؤلاء: “عملوا البِرّ ونالوا المواعد ونجوا مـن حـدّ السيـف وتقـوّوا من ضعف”، وتحدثت عن جهادهم الروحيّ “تائهين في البـراري والجبـال والمغـاور”. “هؤلاء كلهم، مشهودًا لهم بالإيمان، لم ينـالـوا الموعـد حتـى لا يكمُـلـوا بدوننـا” والمعنى أنه لا كمال إلا بمجيء المخلّص. والكلمـة المفـتـاح هي الإيمان. كذلك الإيمان هو صفة الذين ذكرهم متّى في مطـلع إنجيـله، هذا المطلع الذي نقرأه مضمونه الإيمان. ابتدأ لوقا الإنجيليّ بإبراهيم أبي المؤمنين لأنه أول انسان آمن بالله الواحد. وبعده جاءت الشريعة بموسى، وبعده جاء داود أبو المسيح.
لماذا كل هذه الأسماء؟
ليُبيّن متّى البشير أن ثمة تسلسُلا من أجيال مؤمنة الى المسيح الذي ما جاء لينقض بل ليُكمل. يسوع تحدّر في بشريته مِن نسلٍ مؤمنٍ واكتمل الإيمان به. بعد ورود هذه الأنساب، روى متّى ما يتعلّق بميلاد الرب من مريم. العذراء تحبل، وهذا وردَ عند إشعياء النبي، وتلد ابنًا ويُدعى اسمُه يسوع (يهوشع باللغة العبرية) التي تعني “الله يخلّص” بهذا الشخص المولود ليس من رغبة رجل ولكن بمشيئة أبيه الذي في السموات.
يوسف لم يعرف مريم جسديًا قبل ولادتها. ولم يعرفها بعد هذا، ولبثت عذراء. وهي “الدائمة البتولية” كما عرّف عنها المجمع المسكونيّ الخامس. وأما عبارة “إخوة يسوع” فتدلّ في اللغة العبرية على أنسبائه، ولا تعني في هذه اللغة بالضرورة أنهم من أُمّه. وليس هنا مجال للتوسّع بهذا، ولكن هذا هو إيمان الكنيسة.
كيف نستقبل ميلاد يسوع؟
هو ميلاد من أجل الخلاص الذي نناله بموته وقيامته. ولهذا سمّته الكنيسة “العيد الصغير” وسمّت الفصح “العيد الكبير”. يسوع وُلد من عذراء ويريد أن يولد كل يوم روحيًا من نفس عذراء أي ليس فيها أثر للخطيئة. الإنسان المحبّ للخطيئة او المشتاق اليها لا يتقبّل يسوع في نفسه. السيد في جسده كان منسوبًا الى إبراهيم وإلى نسله. المهم أن تكون أنتَ منسوبًا الى المسيح بروحك الطاهرة. الميلاد إذًا يتم كل يوم فيك إذا قبِلتَ أن تطرد كل غشّ وكذب ودنس وبغض وانتقام وتسلّط وكبرياء. اذا جمعتَ جمالات الفضيلة في ذاتك، يخرج منها يسوع الى العالم ليضيء هذا العالم بنعمته.
لا تُعيّد فقط بالهدايا للصغار
هناك هديّة واحدة أعطاها الآب للبشر هي المسيح.
إذا أطعتَه فأنتَ ثابت فيه وهو ثابت فيك. أن تحمل السيد في ثنايا كيانك يجعلك أنتَ هديّة للبشر جميعًا. المحبّة هي الهديّة.