القدّيس أوغسطينوس…
هو قديس من قديسي الكنيسة الغربية من شمال افريقيا وتحديداً من الجزائر، عاش بين (13تشرين الثاني354-28 آب 430) كاتب وفيلسوف من نوميديا ويعد من اهم الشخصيات المؤثرة في المسيحية الغربية.
تعده الكنيستان الكاثوليكية والانكليكانية قديساً، وأحد آباء الكنية البارزين، وشفيع المسلك الرهباني الأوغسطيني
وهو مكرم ومغبوط في الكنيسة الارثوذكسية الجامعة.
تعتبره الكنيسة القبطية الارثوذكسية كالغربية قديساً، يعده العديد من البروتستانت وخاصة الكالفينيون احد المنابع اللاهوتية لتعاليم الاصلاح البروتستانتي حول النعمة والخلاص.
السيرة الذاتية
نص وُلد “أوريليوس أوغسطينُوس” في 13 تشرين الثّاني 354م، في مدينة “ثاغاست” في “نوميديا” التي كانت مقاطعة رومانية، وهي اليوم مدينة “سوق أهراس” في الجزائر. وعلى هذا يعتبر قديساً جزائرياً.
كان والده باتريسيوس وثنيًّا وهو بأصل افريقي لاتيني. وكانت والدته “مونيكا”، امازيغية مسيحية وبحسب “اعترافاته”، “كانت مسيحيّة مؤمنة مكرّسة ذاتها للرب يسوع، وعلى ذلك كان لها تأثير قويّ وواضح في حياة ابنها”.
درس “أوغسطينُوس” عِلم البيان في جامعة “ثاغاست”، ثمّ أتم دراسته في جامعة “قرطاج” اي تونس اليوم، ثم في “روما”، وتعمد في “ميلانو”.
تفلته من الايمان
عاش “أوغسطينُوس” الشّابّ حياة انفلات بعيدة عن الإيمان، واتّخذ له عشيقة ساكنها وأنجب منها طفلاً. في العام 374م، وفي أثناء وجوده في جامعة “قرطاج”، اعتنق “أوغسطينُوس”المذهب “المانويّ”(أتباع “ماني” الفارسيّ). لكنّه رجع إلى الايمان المسيحيّ في العام 387م، وذلك تحت تأثير الأسقف “أمبروز” في “ميلانو”.
وبعد صراع فكريّ وعاطفيّ طويل. عاد إلى وطنه في إفريقيا حيث رسم كاهناً، ثمّ رُسم أسقفًا على مدينة “هيبو” في العام 395م. وقد حافظ على مركزه هذا حتّى وفاته في 28 آب 430م.
نتاجه وعطاؤه اللاهوتي
عُرف “أوغسطينُوس” بوفرة مواعظه ونتاجه الأدبيّ من رسائل وأبحاث فلسفيّة، ونقده اللاّذع للهراطقة، وأيضًا كتاباته حول أساليب التّربية المسيحيّة، حتّى أنّه عُرف بأنّه اللاّهوتيّ الأكثر تأثيرًا في الكنيسة الغربيّة.
من أهمّ أعماله المعروفة: كتاب “مدينة الله” وكتاب “الاعترافات” الّتي وصف فيها حياته قبل أن يصير مسيحيًّا، وصار هذا الكتاب الأخير مرجعًا كلاسيكيًّا للرّوحانيّة المسيحيّة. ويعد اول كتب السيرة الذاتية في الغرب ولايزال مقرؤاً في كل العالم
محتويات كتاب “الاعترافات” للقدّيس أوغسطينُوس
الجزء الأوّل: اعترافات “أوغسطينُوس” بعظمة الله الّذي لا يمكن أن يُسبَر غوره، وبمراحمه عليه في أيّام الطّفولة والصِّبا، وبتصلّبه وعناده. اعترافاته بخطاياه وتبطّله، وبسوء استخدامه لواجباته وللمواهب الّتي منحها له الله قبل سنّ الخامسة عشرة.
الجزء الثّاني: الغاية من كتابة اعترافاته. المزيد من حياة التّبطّل والخطيّة في سن السّادسة عشرة. رسالته حول شرور المجتمع القاسي الّذي أودى به إلى عالم السّرقة.
الجزء الثّالث: مكوثه في “قرطاج” من سنّ السّابعة عشرة إلى التّاسعة عشرة من عمره. أسباب الفوضى في سلوكه. شغفه بالمسرح. تقدّمه في دراساته وحبّه للحكمة. نفوره من الأسفار المقدّسة. ضلالته وقبوله المذهب “المانويّ”. دحضه لبعض معتقدات هذا المذهب. حزن والدته “مونيكا” على هرطقته، وصلاتها لتوبته. رؤيا أمّه، واستجابتها من خلال أسقف.
الجزء الرّابع: حياة أوغسطينُوس منذ التّاسعة عشرة وحتّى الثّامنة والعشرين من عمره؛ اعتناقه المذهب “المانويّ” وإغراء الآخرين بقبول هذه الفلسفة الفارسيّة الّتي علّمت بعقيدة الثّنويّة الّتي قوامها الصّراع بين النّور والظّلمة؛ سلوكه السّيّئ وخطاياه؛ استشارته للمنجّمين، وتعرّضه للصّدمات الفكريّة والرّوحيّة؛ فقدانه لصديق قديم؛ ملاحظاته حول الحزن، والصّداقة الحقيقيّة والمزيّفة، وحبّ الشّهرة؛ رسالته حول “العادِل والصّالِح”، على الرّغم من آرائه الخاطئة من نحو الله.
الجزء الخامس: أوغسطينُوس في سنّ التّاسعة والعشرين. لقاؤه “فاوستوس”، الّذي كان بمثابة أداة شيطانيّة بالنّسبة إلى كثيرين، أمّا بالنّسبة إليه فأداة خلاص، وإظهاره جهل “المانويّين” على الرّغم من ادّعائهم بحصولهم على الحكمة الإلهيّة. تخلّي أوغسطينُوس عن أفكار المانويّين، وذهابه إلى “روما” و”ميلانو” حيث تعرّف إلى القدّيس “أمبروز”. تركه المذهب “المانويّ”، وتلقّيه التّعليم المسيحيّ من جديد في الكنيسة.
الجزء السّادس: مجيء والدته “مونيكا” إلى “ميلانو”، وتقديمها الطّاعة للقدّيس “أمبروز” وتقديره لها، سلوك القدّيس “أمبروز” وطباعه، تخلّي أوغسطينُوس التّدريجيّ عن الخطايا والأخطاء، واعترافه بظُلمِه للكنيسة، رغبته في معرفة الحقيقة المطلقة، مقدار صدمته في أثناء سعيه للعالميّات، إرشاد الله لصديقه “أليبيوس”، مناظرته مع نفسه وأصدقائه حول أسلوب حياتهم؛ خطاياه المتأصّلة فيه، وخوفه من الدّينونة.
الجزء السّابع: أوغسطينُوس في سنّ الواحدة والثّلاثين، وتخلّصه التّدريجيّ من أخطائه، على الرّغم من استمرار أفكاره المادّيّة حول الله؛ اكتشافه أنّ الخطيّة سببها إرادة الإنسان الحرّة عبر مساعدة “نبريديوس” له من خلال حججه وبراهينه، ورفضه هرطقة “المانويّين” بشكل قاطع؛ شفاؤه من الإيمان بعلم التّنجيم، وارتباكه في شأن أصل الشّرّ في العالم؛ اكتشافه جذور عقيدة ألوهيّة “الكلمة” من خلال الفلسفة الأفلاطونيّة، وعدم توصّله إلى اكتشاف سرّ تواضع المسيح وكونه الشّفيع الوحيد، وبقاؤه بعيدًا منه؛ زوال كلّ شكوكه بعد دراسته للأسفار المقدّسة، وخصوصًا رسائل القدّيس بولس.
الجزء الثّامن: بلوغ أوغسطينُوس سنّ الثّانية والثّلاثين. استشارته لـ”سيمبليسيانوس” الّذي عرّفه إلى قصّة اهتداء “فيكتورينوس”، ثمّ توقه إلى تكريس حياته بالتّمام إلى الله، ووقوف عاداته القديمة عائقًا أمام تحقيقه الأمر. تأثير قصّة حياة القدّيس “أنطونيوس” في حياته، وقصّة تجديد رجلين من الحاشية الملكيّة. اختباره الخلاص في أثناء معاناته لصراع داخليّ عنيف وسماعه صوتًا من السّماء دفعه إلى فتح الكتاب المقدّس.
الجزء التّاسع: تصميم أوغسطينُوس على تسليم حياته كلّيًّا للرّبّ، وتخلّيه عن مهنة الخطابة، عودته إلى بلده واستعداده لقبول نعمة المعموديّة، ثم معموديّته مع “أليبيوس” وابنه “أديوداتوس”. وفاة والدته “مونيكا” في “أوستيا”، في طريق عودته إلى إفريقيا. حياة والدته وشخصيّتها.
الجزء العاشر: اعتراف أوغسطينُوس بحقيقة حياته قبل تجديده ومعموديّته. بحثه في كيفيّة معرفة الله، وتوسّعه في موضوع ميزة الذّاكرة وغموضها، وفي التّجارب الّتي تعرّض لها من قبل الشّهوات الثّلاث: شهوة العيون وشهوة الجسد وتعظّم المعيشة، وما يمكن تعلّمه عن “كبح النّفس”، وبخاصّة عن الشّهوة الجنسيّة، في الحياة المسيحيّة. رسالته حول يسوع المسيح، الشّفيع الوحيد الّذي يشفي كلّ وهن وعيب.
الجزء الحادي عشر: اتّجاه أوغسطينوس إلى الرّهبنة، واعترافه بمراحم الله الّذي فتح له الأسفار المقدّسة. رسالته في أنّ كتب موسى لا يمكن فهمها إلاّ من خلال المسيح، وبخاصّة الكلمات الأولى في سفر التّكوين: “في البدء خلق الله السّماوات والأرض”، وإجابته على المعترضين الّذين سألوا: “ماذا عمل الله قبل خلقه السّماوات والأرض؟”. بحثه في طبيعة الزّمن.
الجزء الثّاني عشر: تفسير أوغسطينُس للإصحاح الأوّل من سفر التّكوين، وشرحه بأنّ “السّماوات” هي الخليقة الرّوحيّة وغير المادّيّة المعتمدة على الله من دون انقطاع، وأنّ “الأرض” هي تلك المادّة الخربة حيث شُكّلت فيها الخليقة في ما بعد. اعترافه بأنّه بالإمكان استخلاص أفكار متعدّدة ومنوّعة من تفسيره عن الخلق، على الرّغم من عدم اعتراضه على وجود تفاسير أخرى. الجزء الثّالث عشر: متابعة تفسيره تكوين 1، شرحه سرّ الثّالوث، رؤيته لتأسيس الكنيسة وتوسّعها ودعمها.