اصل التسمية
الطائفة اليهودية الحريدية طائفة محافظة من “اليهودية الأرثوذكسية”(2). تنقسم إلى مجتمعات مختلفة لا توجد بينها موافقة كاملة على أسلوب الحياة والعقائد الجديرة، ولكن جميعها تتميز بالصفات التالية:
- التمسك بشكل تام ب”الهالاجاة الأرثوذكسية” ومعارضة إعادة النظر في الشرائع والتقاليد اليهودية الدينية.
- تفضيل اليشيفات والتعليم الديني التقليدي على أي نوع آخر من التعليم أو التربية. ويتعلم أبناء الطائفة الحريدية العلوم العلمانية عند الحاجة فقط، من أجل إنقاذ الحياة (مثل تعلم الطب) أو من أجل كسب الرزق. أما تعلم الأدبيات، الفلسفة… وغيرها، فمرفوضة عند اليهود الحريديين.
- التحفظ من تبني تكنولوجيات جديدة مثل التلفزيون، الحاسوب، الهاتف النقال… إلخ. هذه الاختراعات موجودة عند اليهود الحريديين ولكنها أقل شيوعا عندهم.
- التمسك باللباس التقليدي، وخاصة باللباس الذي كان شائعا لدى اليهود في شرقي أوربة قبل القرن ال20.
الجذور التاريخية لهذا الصراع بدأت من مرحلة ما قبل قيام اسرائيل، وقد وجدت هذه الصراعات بسبب الأمر الواقع الذي بدأت فيه عند قيامها فيما يتعلق بترتيبات الدين وممارسة الشعائر الدينية، فالقوانين التركية والبريطانية في فلسطين تركت قوانين الأحوال الشخصية في يد الزعماء الدينيين لكل طائفة، وهو الأمر الذي استمر عند قيام إسرائيل، بما يتضمن أن قوانين الزواج والطلاق تخضع للقانون الديني في حين لا يوجد زواج مدني، ولا زيجات مختلطة. هذا الأمر يتضمن أيضاً أن يوم السبت عطلة رسمية، وأن المطاعم المدعومة من الدولة ستلتزم بقوانين الطعام اليهودية، وأن لجميع الآباء الحق في إرسال أبنائهم إلى المدارس العامة أو إلى المدارس الدينية، وأن طلاب الأخيرة لا يخدمون في وحدات الجيش.
من مميزات هذا الصراع أنه صراع طويل جعل كلا المجتمعين، الديني والعلماني، يسعى إلى تحصين عالمه على نحو يمكنه من العيش وفق رؤيته هو لا وفق رؤية الطرف الآخر، وهذا يعني محاولة كل طرف الوصول لمرحلة انعزال كل مجتمع عن الآخر، والتوقف عن محاولات التأثير والاستقطاب بين المجتمعين، وهو ما أوصل المجتمع الإسرائيلي في نهاية التسعينات إلى الاتجاه أكثر نحو الفصل التام بين المجتمعين، وتخصيص مناطق سكن معزولة للحريديم خاصة في القدس. كل هذه الأمور تجعل قراءة مستقبل المجتمع الإسرائيلي وهويته بين الدين والسياسة أمراً صعباً، لأنها تجعل من إسرائيل دولة غير قادرة أن تكون دولة يهودية ضمن المفهوم الديني، ولا أن تكون دولة علمانية وفق ما تتطلبه العلمانية من مفاهيم. فالطرفان حاربا من أجل الأهداف نفسها وفق ما ترويه التوراة والتلمود والتراث اليهودي، وما يحدث هو محاولة لإدارة الصراع على شكل الدولة والهوية، ولم تشهد إسرائيل أو الحركة الصهيونية أية محاولة لإنهاء أو حسم الصراع الديني العلماني.
ولا شك أن هناك كمية كبيرة من العزلة الاجتماعية تتميز بها العلاقات الاجتماعية العامة في إسرائيل بين المتدينين وغير المتدينين، كلا الفريقين يفضل الاتصالات الاجتماعية مع أشخاص من مستويات مماثلة من التدين.
يعتبر الحريديم أنفسهم أقلية عددية بين اليهود، لذلك فهم يرغبون بالانسحاب من الحياة العامة من أجل الحفاظ على نقاء هذه الأقلية، وتسعى إلى بقاء مجموعتها. أما على المستوى السياسي فهم لا يريدون الحصول على الحقوق كأقلية دينية، إنما يسعون لتغيير تعريف الدين ودوره في الحياة لتطبيقه واعتماده من قبل الدولة.
المناوشات تستمر بين المعسكرين وتتصاعد بشكل دوري من الأقوال إلى الأفعال لتشمل استخدام الأسلحة والحرق وأعمال الشغب وتدمير الممتلكات العامة والعديد من الأعمال التي من شأنها الإضرار بالنظام.
نشاط الحريديم السياسي
مراكز اليهودية الحريدية موجودة في مدينة القدس (في حارة “مئة شعاريم” مثلا وفي حارات يهودية أخرى)، في مدينة يني براك المجاورة لمدينة تل ابيب من جانبها الشرقي، وفي بعض حارات مدينة نيويورك.
ولا علاقة لليهود الحريديم بالحركة الصهيونية عند تأسيسها، بل عارضها الكثير منهم بشدة في مراحلها الأولى إذ اعتبروها حركة علمانية تهدد الحياة اليهودية التقليدية.
أما اليوم فمعظمهم يؤيدون دولة إسرائيل ويتعاونون معها، باستثناء مجتمعات معينة مثل حركة “ناطوري كارتا” ما زالت معارضة بشدة لمؤسسات الدولة وترفض التعاون معها.
موقف الحريديم من الدولة
حركة “ناطوري كارتا” وهي الاكثر تشددا في طائفة الحريديم في الموقف من كيان الدولة العبرية، ما زالت معارضة بشدة لمؤسسات هذه الدولة، وترفض التعاون معها وكانت بزعامة الحاخام الراحل موشيه هيرش الذي كان منذ الاساس معارضا لقيام هذه الدولة، وكان هو جماعته الصغيرة يحرقون أعلام إسرائيل في “يوم استقلال إسرائيل” وكان موشيه هيرش مقربا من الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي عينه وزيرا لشؤون اليهود في السلطة الوطنية الفلسطينية وكان مستشاراً له أيضا، وكان منفتحا على الزعماء الفلسطينيين الدينيين ومنهم المطران عطا الله حنا والزعماء السياسيين، حتى يُسجل له لقاءات مع شخصيات رفيعة في ايران.
موقف الحريديم من الخدمة العسكرية
الأغلبية الساحقة من اليهود الحريديين يفضل عدم الخدمة في الجيش الاسرائيلي، أما الدولة فتوافق على إعفاء أبناء الطائفة من الخدمة العسكرية، مع أن هذه السياسة تثير الجدل في المجتمع الإسرائيلي، غير انه تم إنشاء كتيبة في الجيش تحت بيرق نهال ويسمى ب”نهال حريدي” خصصت هذه الكتيبة للمتدينين الراغبين في الخدمة العسكرية كحل وسط من الحكومة، حيث تراعي هذه الكتيبة متطلبات الحياة الدينية للمتدينيين.
من ناحية أخرى الأصوليون اليهود ليسوا قدريين، بمعنى أن اليهود يؤمنون بضرورة أن يكونوا عوناً لله في عملية إصلاح العالم، ولذلك فمن العناصر الأساسية في رؤيتهم للعالم اعتقادهم أن نجاح الجهود الرامية إلى تحقيق بعض الأهداف السياسية الضرورية للخلاص يتوقف على رؤية القادة اليهود وإحساسهم بمقتضيات الحياة ولاسيما الإيمان الأعمى والانضباط الروحي للشعب اليهودي ككل. ويترتب على ذلك أن كل الاتصالات السياسية بالبيئة الدولية لا تفسّر كفرص سانحة لتكيف الموارد مع الأوضاع المتغيرة، بل اختبارات لبصيرة الشعب اليهودي وقادته وشجاعتهم وقوة عزيمتهم.
أحزابهم السياسيةيمثل جمهور المتدينين الحريديم عدة أحزاب بناء على الأصول الإثنية للحريديم، فالحريديم الاشكناز تمثلهم كتلة يهودية التوراة أو يهودات هتوراه (المنبثقة من أغودات إسرائيل التاريخي وهديجل هتوراة)، والحريديم الشرقيين الحريديم الشرقيين يمثلهم حزب شاس.
وقد حققت يهودات هتوراه التي تم تأسيسها عشية انتخابات الكنيست عام 1992 اربعة مقاعد، وكذلك في 1996 ، وخمسة مقاعد عام 1999، وكذلك في عام 2003، وستة مقاعد في عام 2006، وفي انتخابات الكنيست عام 2009 خمسة مقاعد. لكنها في الوقت نفسه ترفض الكتلة المشاركة بأية مناصب وزارية، لكنها تشارك في الحكومات الائتلافية من خلال تولي منصب نائب وزير، أو لجنة برلمانية مهمة. ويعود السبب في رفضها تولي حقائب وزارية إلى عدم رغبتهم بأن يكونوا شركاء في المسؤولية السياسية في اتخاذ قرارات تتناقض مع مضامين الشريعة اليهودية المتشددة.
الحريديم أكثر تشدداً بحق النساء
نشرت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية سابقاً، خبرا مفاده أن حاخامات يهود ينتمون إلى الحريديم قد أصدروا فتوى تلزم النساء الإسرائيليات بعدم التبرج، وبارتداء البرقع، وعباءة واسعة لإخفاء كل أجزاء الجسد، إضافة إلى عدم الحديث في الهاتف أثناء الوجود بالشارع أو الأماكن العامة.
حسب الحريديم، فإن هذه الفتوى تبتغي الحفاظ على مكانة واحترام المرأة لجسدها وذاتها، تنفيذا لتعاليم الدين اليهودي الذي يدعو إلى الالتزام بالأخلاق والاحتشام. هذه الفتوى وصفتها ذات الصحيفة، بالمتطرفة والمتشددة، كما اعتبرتها بداية لولادة طالبان اليهودية في إسرائيل.
إلى جانب فرض ارتداء برقع شديد السواد على المرأة، فإنها أيضا تعفى من الخدمة العسكرية على خلاف كل الاسرائيليات، اللائي يخدمن في الجيش لمدة سنتين. كما يحرم عليها لعب دور سياسي، أو المشاركة في الحياة العامة مهما كان الدور هامشياً، إذا كانت ستظهر فيه بمظهر المنافس للرجل. كما أن الكثير من نسائهم لا يتلقين التعليم على يد الحاخامات لأنهم رجال.
كثيرة هي القصص التي يبرز فيها تشدد الحريديم في موضوع المرأة، ففي نيويورك مثلا حيث يقطن أتباع كثر لهذه الطائفة، يفصل بين الرجال والنساء في الحافلات العامة بستار يوضع في الوسط. كما أن المنشورات من جرائد ومواقع إلكترونية لا تصدر أبدا صوراً للمرأة، ودائما ما يتلاعب بالصور التي تظهر فيها النساء وتزال وجوههن أو تطمس، كما حدث سنة 2015، حين قدمت بعض الصحف التابعة للحريديم، الصورة الرسمية للحكومة الإسرائيلية منقوصة من نسائها. هذا وسبق أن رفض وزير الصحة الإسرائيلي مصافحة نظيرته الفرنسية بسبب معتقده الديني هذا المتشدد للحريديم.
المرأة مقموعة لدى الحريديم
يعيش الحريديم في عزلة عن المجتمع في أحياء لهم فيها متاجر ومدارس خاصة حيث تعتبر دراسة التعاليم الدينية الأهم ويتم الفصل بين الذكور والإناث في مدارسهم حيث الحاخام يهتم بتعليم الأطفال ويحمل سلاحاً معه دائما مبرراً ذلك بضرورة تأمين الحماية للأطفال وتقضي الفتاة حياتها في مدرسة خاصة تغادرها لبيت زوجها فقط في عالم الحريديم المنغلق ذهاب الفتاة للجامعة حرام.
يشكل الحريديم 30% من سكان القدس والهوة بينهم وبين المجتمع تتسع ولكن مستويات التشدد فيما بينهم متفاوتة يعتبر حي المئة باب شمالي القدس مثالاً عن أحياء الحريديم المغلقة حيث لا ترى سوى أُناس بلباسهم الأسود والشعر الطويل والذقون الطويلة المجدلة، ويمنع على المسيحي العيش في هذا الحي. واذا سكن فيه أي شخص مخالف يتم تخريب ممتلكاته وإجباره على مغادرة الحي.
من مظاهر الفصل بين الذكور والإناث لدى بعض العوائل الفصل داخل البيت الواحد ضمن العائلة الواحدة يمنع على الأنثى التحدث مع الذكر أو تناول الطعام معه وتلبس المرأة لباساً اسود يشبه النقاب حيث لا يظهر منها شيء ابداً فالنقاب أصله يهودي ورثته الوهابية عن اليهود ويصل التشدد في بعض العوائل لاستحمام المرأة بلباسها والجنس لديهم بغرض الإنجاب فقط وليس للمتعة والرجل لا يقبّل زوجته
حسب الحريديم، فإن هذه الفتوى تبتغي الحفاظ على مكانة واحترام المرأة لجسدها وذاتها، تنفيذا لتعاليم الدين اليهودي الذي يدعو إلى الالتزام بالأخلاق والاحتشام. هذه الفتوى وصفتها ذات الصحيفة، بالمتطرفة والمتشددة، كما اعتبرتها بداية لولادة طالبان اليهودية في إسرائيل.
إلى جانب فرض ارتداء برقع شديد السواد على المرأة، فإنها أيضا تعفى من الخدمة العسكرية على خلاف كل الاسرائيليات، اللائي يخدمن في الجيش لمدة سنتين. كما يحرم عليها لعب دور سياسي أو المشاركة في الحياة العامة مهما كان الدور هامشيا، إذا كانت ستظهر فيه بمظهر المنافس للرجل. كما أن الكثير من نسائهم لا يتلقين التعليم على يد الحاخامات، لأنهم رجال.
كثيرة هي القصص التي يبرز فيها تشدد الحريديم في موضوع المرأة، ففي نيويورك مثلا حيث يقطن أتباع كثر لهذه الطائفة، يفصل بين الرجال والنساء في الحافلات العامة بستار يوضع في الوسط. كما أن المنشورات من جرائد ومواقع إلكترونية لا تصدر أبدا صورا للمرأة، ودائما ما يتلاعب بالصور التي تظهر فيها النساء وتزال وجوههن أو تطمس، كما حدث سنة 2015، حين قدمت بعض الصحف التابعة للحريديم، الصورة الرسمية للحكومة الإسرائيلية منقوصة من نسائها. هذا وسبق أن رفض وزير الصحة الإسرائيلي مصافحة نظيرته الفرنسية بسبب ذات المعتقد الديني المتشدد للحريديم.
حواشي البحث
1- “اليديشية” وهي حسب موسوعة ويكيبيديا هي “لغة يهود أوربة نمت خلال القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين من لغات عدة منها الآرامية والألمانية والإيطالية والفرنسية والعبرية . يتحدثها ما يقارب 3 ملايين شخص حول العالم، أغلبهم يهود أشكناز” و”اليديشية تستخدم الحروف العبرية في الكتابة ولكنها تختلف عنها في نفس الوقت.
2- الارثوذكسية كلمة يونانية مؤلفة من كلمتي ارثو وذوكسا وتعريبها المعتقد القويم او المستقيم الرأي وهي تستخدم في المسيحية للدلالة على فرع الكنيسة الارثوذكسية التي تتمسك بالتعليم الاساسي للمسيحية كتعاليم الرسل والمجامع المسكونية السبعة (الى ماقبل الانشقاق الكبير عام 1054م الذي قسم الكنيسة المسيحية الى ارثوذكسية وكاثوليكية) وتحافظ عليه ويسمى اتباعها” ارثوذكسيون او مستقيمو الرأي” ومن هنا اتت قياساً عليها “اليهودية الارثوذكسية” وانتقلت هذه التسمية الى كل لغات العالم.