أسئلة في الأصوام
مدخل روحي
تقوم القاعدة الكنسية في كنيستنا الارثوذكسية الجامعة على أن المؤمنين يتهيأون للعيد بالصوم. لذلك تسبق الأصوام الأعياد الكبرى عموماً. كذلك للمؤمن، على صعيده الشخصي، أن يتهيأ لبعض المناسبات الهامة في حياته بالصوم. أمام مرض مستعصٍ أو مأساة كبيرة أو حدث مفصلي في حياته… إلخ. هذا يرتبه مع أب الاعتراف.
• كذلك تقول القاعدة إياها إن الصوم يشتد ويزداد تقشفاً ونسكاً كلما كان العيد أكثر أهمية. لأن الفصح، على سبيل المثال، هو العيد الكبير،”عيد الأعياد وموسم المواسم”، نتهيأ له بصوم أطول من صوم الميلاد وكذلك أشد نسكاً. ولا يسمح فيه بأكل السمك إلا في يومي عيد البشارة والشعانين لكونهما عيدين سيديين (يختصان بالسيد المسيح مباشرة). أما في صوم الميلاد، فيسمح بأكل السمك وثمار البحر.
• تأكيداً على هذه القاعدة، يمنع تناول السمك في الأسبوعين الأخيرين من صوم الميلاد، بالضبط لأن العيد يقترب ويشتد الاستعداد له ويتكثّف التقشف. ولذلك أيضاً يمنع، في الأصل، إتمام سر الزواج في هذه الفترة.
• لا يتم الامتناع عن أطعمة معيّنة في الصوم لأنها نجسة، بل سبيلاً إلى التعفف والتسامي عن شهوات البطن، لتنمية المشاركة حسياً بالفقراء والجائعين. من هنا نفهم سبب امتناع المؤمنين القاطنين في بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط عن السمك، بينما يتناوله مؤمنو البلاد الباردة مثل روسيا وأوكرانيا، حيث يتوفر السمك وثمار البحر بكثرة، وتنعدم الخضار تقريباً في فصل الشتاء.
• نفهم هذه الممارسة أيضاً في منطقتنا. ففي المدن الساحلية اعتاد المؤمنون على أن يتناولوا من ثمار البحر التي ندعوها الرخويات، كالأخطبوط وما إليه، لأنها متوفرة جداً ورخيصة الثمن. بعضهم يعزو السبب إلى عدم وجود دم فيها، لأن الدم لا يسفك في الصوم، إذ هو، في أحد معانيه، عودة إلى السلام مع الخليقة. تحليل أكل اللحم تمّ بعد طوفان نوح، وليس منذ بدء خلق الإنسان.
• مع تغير الظروف الحياتية، بات القريدس، وهو من الرخويات، على سبيل المثال، في بلادنا غالي الثمن جداً، وتالياً، لا يتناسب و روح الصوم وهدفه. المؤمن الواعي يمتنع عنه وإن كان مسموحاً به قانونياً. وينطبق القول ذاته على ما هو مكلف وغالي الثمن في المنطقة التي نحيا فيها.
• منع إتمام سر الزواج في الصوم الكبير وفي القسم الأخير من صوم الميلاد يعود إلى أسباب روحية ورعائية عملية. ففي الصوم النسكي يمتنع الزوجان، قدر إمكانهما، عن المعاشرة الجسدية، انطلاقاً من قول الرسول “ليمتنع واحدكما عن الآخر لتتفرّغا للصلاة والصوم”. وكذلك لأن الزواج يترافق عادة بمظاهر الاحتفال والولائم وهذه لا تتناسب مع الصوم. كما أن شعبنا لا ينظر إلى أنّ الوليمة معتبرة إذا خلتْ من اللحم.
• عندما اتبعنا التقويم الغربي في الأعياد الثابتة ومنها الميلاد، بقينا محافظين على مدة الصوم أربعين يوماً. لكن الامتناع عن إقامة سر الزواج بقيت بحسب التقويم الشرقي (من 20 كانون الأول إلى 7 كانون الثاني)، إلى أن عدّلها المجمع الأنطاكي المقدس منذ حوالى خمس عشرة سنة وجعلها خمسة أيام تجاوباً مع زيادة ظاهرة العمل خارج البلد الأم، وتوفر وسائل التنقّل والسفر من جهة، وصعوبة تأمين إجازة من العمل في أي وقت.
• توقير المؤمنين لوالدة الإله، ومكانتها في وجدان الكنيسة وعقيدتها، جعلت الصوم قبل عيدها (15 آب) صوماً شعبياً تمارسه الشريحة العظمى من المؤمنين. وكون والدة الإله نموذج البتولية والعفة، ساهم في امتناع المؤمنين بالممارسة عن إقامة حفلات زواجهم في فترة الصوم. كذلك تتنوع ممارسة الصوم بسبب التقوى المريمية من جهة وتوفر الخضار والفواكه من جهة أخرى.
• في الصوم الكبير، وهو الأهم، عندنا نوعان من الصوم: الامتناع عن الطعام والشراب من الليل وحتى الثانية عشرة ظهراً من اليوم التالي، ومن ثم تناول الطعام الصيامي (الخالي من اللحم ومنتجات الحيوان).
• كان الامتناع عن الطعام والشراب لعقود خلت يستمر حتى غروب الشمس. وقد عدّلته الكنيسة، بما لها من سلطة الحل والربط، المعطاة لها من المسيح، إلى الثانية عشرة ظهراً، بسبب تغير الظروف التي اعتاد المؤمنون على عيشها. فلم يعد المجتمع زراعياً، بعد خمسينيات القرن الماضي، وكثرت الوظائف وتنوّعت وطالت مدة الدوام فيها، وتضخمت المدن كثيراً، ما تطلّب من الناس قضاء وقت طويل في التنقل والسفر يومياً، وما إلى ذلك من تغيرات بنيوية حدثت ولا تزال.
• يتألف الصوم الكبير من أسبوع الاستعداد الذي يسبق الصوم، ونمتنع فيه عن اللحم فقط، وستة أسابيع هي فترة الصوم الكبير، ثم الأسبوع العظيم، ويشتد التقشف فيه أكثر من باقي أيام الصوم الأخرى.
• قانون الصوم واحد في الكنيسة، لكن ممارسته الشخصية تتطلب مساعدة المرشد الروحي، في حال اضطرار المؤمن إلى تخفيفه أو قطعه أحياناً أو عدم ملاءمة وضعه الصحي لممارسته كما هو مرسوم في الكنيسة. هذه الأوضاع الشخصية الخاصة يرتبها المؤمن مع مرشده الروحي: كاهن رعيته أو أب اعترافه. ويحتفظ بإرشاد مرشده لنفسه ولا يجعله وصفة عامة يصرّح بها أمام الآخرين ويصفها لهم. الإرشاد الروحي الشخصي لازم وضروري للمؤمن في كل صعد حياته وأوضاعه، وليس في الصوم فقط.
• يدخل المؤمن، إن لم ينشأ في بيت صيامي، في ممارسة الصوم بإرشاد أب اعترافه أو كاهن رعيته الذي يدربه تدريجياً على تحمّل الأصوام والدخول في روحها وجوهرها. هذا يتم بالتربية الهادئة التي تلحظ وضع المؤمن الصحي والجسدي والعملي والنفسي. نحن على درب الخلاص: ثمة من يركض فيه، وثمة من يمشي بهدوء وثبات، وآخر يتحمس بأكثر من طاقته، فيتعب ويضطر إلى الجلوس قليلاً طلباً للراحة والتزود بالطاقة.
أي فكر يرفد الصوم بالحرمان وتعذيب الذات ليس أرثوذكسياً. نحن نصوم لكي نسمو ونتطهّر ونتقدس روحاً ونفساً وجسداً. يطلب الله الصوم منا من أجلنا، من أجل خلاصنا، لأنه، أي الصوم، يفيدنا ويقوّينا ويشددنا. يريدنا الله أن نكبر وننمو ونصل إلى ملء قامة المسيح. وكل من اختبر شيئاً من العيش مع الله يعرف حلاوة الصوم وفائدته له”.
(المتروبوليت سابا اسبر)
+ اكل السمك في صوم الميلاد
يسمح بأكل السمك حتى 12 كانون الاول حيث سمحت الكنيسة الارثوذكسية باكل السمك في بعض الاصوام للتخفيف على المؤمنين بسبب كثرة ايام الصيام واحتياج البعض للبروتين الحيواني…
وقسمت الكنيسة الاصوام الي قسمين
+اصوام من الدرجة الاولى وهي:الاربعاء والجمعة اسبوعياً، الصوم الكبير”فترة التريودي”، بارمون الميلاد قبل يوم الميلاد، وبارامون الظهور الالهي قبل يوم “الغطاس” وهي التسمية الشعبية.
+اصوام من الدرجة الثانية وهي: صوم الميلاد، صوم الرسل في آخر الفترة الفصحية “البنديكستاري”، صوم السيدة العذراء من 1 الى 14آب.
وسمحت الكنيسة باكل السمك في اصوام الدرجة الثانية فقط.
اما عن سبب اختيار السمك دون بقية اللحوم فللأسباب التالية
1- كلمة سمكة باليوناني(اخسوس)هي تجميع حروف(ايسوس بخرستوس ثيؤس ايوس سوتير)وتعني يسوع المسيح ابن الله المخلص .. وكانت السمكة علامة للمسيحيين ليعرفوا بعضهم في القرون الاولى وما زالت علامة مجلس كنائس الشرق الاوسط حتى الان، ونرى الكثير من الأيقونات للسيد المسيح له المجد وبها سمكة.
2- السمك اطهر جميع الحيوانات لان معظمه يتكاثر ذاتيا دون تزاوج.
3- السيد المسيح له مواقف عديدة مع السمك في المعجزات مثل معجزة صيد السمك مع بطرس واشباع الجموع، كما ان السيد المسيح نفسه ذكر عنه انه اكل سمك مرات عديدة، ولم يذكر عنه انه اكل لحوم اخرى.
4- السمك يعتبر من اقل انواع اللحوم اثارة للشهوات الجسدية بسبب ان لحمه خفيف جدا، لان الغرض من الصوم عن اللحوم عدم اثارة اية شهوات التي تسببها اللحوم الحيوانية.