Quantcast
Channel: د.جوزيف زيتون
Viewing all articles
Browse latest Browse all 1470

أشهر قصص الحب في التاريخ والأدب

$
0
0
أشهر قصص الحب في التاريخ والأدب
أبولو ودافني

لعلّ أرقى ما مرّ على تاريخ الإنسانية هم أناس أحبّوا فعاشوا، وأدنى ما مرّ على تاريخها أيضاً هم آخرون كرهوا فقتلوا، أمّا أكثرهم قدسية، هم من أحبّوا فماتوا طواعية لأجل الحب.

وإلى جانب التاريخ الحافل للحروب البشرية، تبقى روايات الحب، بقصصها وقصائدها وألحانها، ضوءاً خافتاً في نهاية نفق التاريخ، يضيء أملاً بسيطاً في قدرة البشرية على الاستمرار رغم ما آلت إليه. لأنه حين ينطفئ، ننطفىء، وإن كان ولايزال يضاء بدم العديد من العشّاق، لأجل أن نحيا.

إليكم أبرز قصص الحب وأشهر العاشقين الذين مرّوا في تاريخ الواقع والأدب والكتب…

روميو وجولييت

روميو وجولييت
روميو وجولييت

تعتبر قصتهما أشهر قصة حب في التاريخ، حتى أصبحا رمزاً للحب حول العالم. وهي قصة تراجيدية من تأليف ويليام شيكسبير، مليئة بالحب والمأساة في الوقت عينه.

تبدأ المسرحية في مدينة فيرونا الإيطالية، بعداء طويل بين عائلتي مونتاغ وكابوليت. يُغرم روميو وجولييت ببعضهما في إحدى الحفلات المقامة آنذاك، لكن كل منهما منحدر من العائلتين اللتين تكرها بعضهما، الأمر الذي جعل من زواجهما أمرا مستحيلا.

ومع استمرار الصراع بين واقع الكراهية بين العائلتين والحب بين الشّابين قرر الراهب لورنس مساعدتهما، ليتزوجا بعد حينٍ بالسر خوفاً من معارضة عائلتيهما. لكن قبل الزواج بليلة واحدة، قام روميو بقتل قريب جولييت في مبارزة بينهما، مما فرض عليه الرحيل قبل بزوغ الفجر، وإن عاد يوماً ما إلى المدينة، فقتله سيكون محتّماً من قبل عائلة جولييت.

فقام أهل جولييت بإجبار ابنتهما على الزواج من الرجل المدعو باريس، وهما لا يدركان أنها متزوجةً بالفعل من روميو قبل ذلك. فما كان عليها سوى أن ترفض الأمر بدايةً، إلى أن قبلت بالمفاوضة على ذلك بعد حين، مخططة لتلفيق موتها كي يتسنى لها الهروب مع روميو إلى الأبد، وذلك أيضاً بمساعدة الراهب لورنس. حيث صمم لورنس الخطة، معطياً جولييت جرعة من شراب منوّم لتبدو كأنها ماتت، مما دفع عائلتها إلى تشييعها ووضع جثمانها في القبر.

لكن روميو لم يعلم أن الأمر برمّته هو خطة ملفّقة للهروب، وأن حبيبته جولييت لم تمت حقاً، فقام بزيارة قبرها، وبحزن شديد عليها، قتل نفسه هناك. وحين أفاقت جولييت من نومها العميق، رأت روميو ميتاً قربها، مما دفعها إلى قتل نفسها بالقرب منه أيضاً.

كليوباترا ومارك أنتوني

كليوباترا ومارك أنتوني
كليوباترا ومارك أنتوني

بعد أن هزم مارك أنتوني كلّ من بروتوس وكاسيوس بعيد اغتيال يوليوس قيصر، أصبح أنتوني واحداً من الحكّام الثلاث للإمبراطورية الرومانية، إلى جانب أوكتافيوس قيصر وليبيدوس، مع استلامه مسؤولية حكم الجزء الشرقي من الإمبراطورية. وهناك، يقع في غرام كليوبترا، ملكة مصر، ويستقر في الإسكندرية.

لكن بعد أن تعرضت الإمبراطورية الرومانية لتهديد حركة تمرد سيكتوس بومييي؛ ابن بومبيي الذي تعرّض للهزيمة قبلاً من قبل يوليوس قيصر، كان على أنتوني العودة إلى روما، عاصمة الإمبراطورية.

تموت زوجة أنتوني، ليقرر أن يتزوج أوكتافيا؛ أخت أوكتافيوس، في محاولة لفضّ الصراع القائم بينه وبين الإمبراطور أوكتافيوس. وبعد الصلح، قاما بعقد السلام مع المتمرد بومبيي. لكن حين سمعت كليوباترا بخبر زواج أنتوني، فقدت صوابها لكثرة الغيرة، على الرغم من ثقتها بأن أنتوني لا يحب أوكتافيا حقاً.

لاحقاً يرحل أنتوني إلى أثينا، إلى حين اندلاع الحرب بين قيصر وبومبيي مرة أخرى، ليقوم بإرسال أوكتافيا إلى روما، ويعود بدوره إلى مصر. الأمر الذي أثار سخط قيصر معلناً الحرب على كلّ من أنتوني وكليوباترا. وحين وصل الرومان إلى مصر، أعطوا لأنتوني حرية الاختيار في كيفية شنّ القتال، لكن على الرغم من شهرته كأعظم مقاتل برّي في العالم، اختار أنتوني خوض الصراع في خضّم البحار. إلّا أن البحرية المصرية كانت غير كافية للقيام بهكذا حرب، فقامت بالهرب والعودة أدراجها إلى مصر، متبوعةً بأنتوني وجنده، حيث لحق قيصر بهم وقام بهزيمة أنتوني.

ونتيجة الهزيمة ووصول قيصر إلى مصر، قررت كليوبترا أن ترحل إلى ضريحها وتبعث برسالة إلى أنتوني، مخبرةً إياه فيها أنها توفيت، الأمر الذي دمّر أنتوني فقرر حينها أن ينهي حياته لكنه فشل في عملية الانتحار، وانتهى الأمر ببضعة جروح وإصابات مع بقائه على قيد الحياة. ليأخذه أتباعه إلى ضريح كليوبترا، حيث مات بين يديها.

تشعر كليوبترا بعدها بأن حياتها قد تمزّقت إرباً، لأنها فقدت حبيبها أنتوني، وأضحت تحت رحمة قيصر في الوقت عينه. ولأن الأمر أثقل كاهلها قررت أن تلجأ إلى الانتحار، حيث طلبت من أحدهم إرسال عدد من الأفاعي السامّة إليها، وحرّضتهم على لسعها. وصل قيصر بعد موتها، ليأمر بدفن هذين العاشقين سوياً.

أبولو ودافني

أبولو ودافني
أبولو ودافني

كان أبولو يسخر كثيراً من إيروس، إله الحب، ولمعاقبته، قام أيروس برماية أبولو بإحدى سهامه الذهبية، مما جعل أبولو يغرق في حب الحورية دفني، إلهة من إلهات الطبيعة. ولسوء حظ أبولو، قام أيروس أيضاً برماية دافني بسهم قيادي معاكس، مما جعلها ترفض أبولو.

كان أبولو يلاحق دافني التي كانت تحاول الهرب منه، مما جعلها تطلب مساعدة أبيها، إله النهر. وحين كان أبولو على وشك الإمساك بها، قام والدها بتحويلها إلى شجرة غار مما حطّم قلب أبولو. وحتى عندما تحولت دافني إلى شجرة، كانت ترتعد من لمسة أبولو لها.

باريس وهيلين

باريس وهيلين
باريس وهيلين

أُهينت إيريس، إلهة النزاع، لأنها لم تُدعَ إلى زفاف بيلوس وثيتيس. وانتقاماً لذلك، رمت تفاحة ذهبية بنقوش تقول ”إلى الأعدل“، علماً منها أن ذلك سيسبب جدلاً بين الإلهات الأخريات. حيث طلبت كل من أفروديت، هيرا وأثينا من زيوس أن يقرر لمن منهن تنتمي التفاحة، لكن زيوس لم يرد أن يسبب مشاكل أكثر لأنه عبر اختياره لإحداهن سيجلب على نفسه امتعاض الأخرتين. وبدلاً من ذلك، قرر أن يعطي مهمة الاختيار لباريس، الإله الخالد. حيث وعدت كل واحدة منهن الإله باريس بشتى الهدايا في حال قام باختيارها.

وكانت إحدى الهدايا التي عرضتها أفروديت، هي هيلين، أجمل امرأة في العالم، وزوجة مينيلوس الإسبرطي. قامت أفروديت بجعل هيلين تقع في حب باريس، ولأخذ جائزته المزعومة من أفروديت، سافر باريس من طروادة إلى مجمع مينيلوس حيث تم تكريمه على أنه ضيف. فقام باريس بإغراء هيلين التي هربت معه في سفينته إلى طروادة، الأمر الذي يعتبر اختطافاً بصرف النظر عن قبول هيلين بالأمر.

وحين علم مينيلوس بأمر اختفاء هيلين، قاد مع أخيه أغاميمنون قواتهم الخاصة وأبحروا نحو طروادة لشنّ الحرب عليها مستعنين بقوة البطل الإغريقي أخيل. حيث حصلت حرب تروجان الطاحنة التي استمرت لأكثر من 10 سنوات، مات فيها كلّ من هيكتور أخ باريس، وأخيل، والعديد من الأشخاص من كلا الشعبين.

لم يكن من المؤكد موت باريس في تلك الحرب، حيث تقول بعض الروايات أن سهم مسموماً قد أصاب باريس من قبل الرامي الإغريقي فيلوستيت، لكن إصابة السهم كانت خفيفة فلم تستطع القضاء عليه. ومع انتشار السم في جسده، لجأ إلى زوجته الأولى أونون، حورية البحر، لتخلّص جسده من أثر السموم. غير أنّها لم تقبل بذلك، مما أدى إلى وفاة باريس. وبعيد وفاته، تزوّج أخوه ديفوبوس من هيلين، الذي ما لبث أن قُتل على يد ميلينوس زوج هيلين الأول. ليعودا معاً إلى إسبرطة ويعيشا سوياً مجدداً بعد كلّ التراجيديا التي حدثت.

قيس وليلى

قيس وليلى
قيس وليلى

كان قيس بن الملّوح في طفولته يرعى أغنام والده مع ابنة عمه ليلى بنة العامريّة، حيث ترعرعا معاً حتى أصبحا ناضجين، وغُرم قيس بليلى التي أخفت حبّها له طوالاً. فراح يكتب له كثيراً من قصائد الحب العذري التي ذاعت في قبائلهما، إلى أن جمع أجود أنواع النوق ليطلب يدها من عمّه.

إلّا أن والد ليلى رفض طلبه لأن القبائل آنذاك كانت تمتنع عن تزويج اثنين ذاع حبّهما وإن كان عذرياً كما في قصائد قيس، وذلك لدحر العار. وبعد فترة وجيزة، تزوجت ليلى من ورد بن محمد العقيلي نزولاً عند رغبة أسرتها ودون موافقتها، ورحلا سوياً إلى مدينة الطائف. الأمر الذي فطر قلب قيس، فقرر أن يرحل إلى البادية ليبقى وحيداً دون أحد سوى الحيوانات، وامتنع عن الطعام حتى أصبح هزيلاً جداً.

ونسبة لأفعاله المجنونة التي قام بها نتيجة حبّه الكبير لليلى، أُطلق عليه لقب المجنون، ”مجنون ليلى“. ولحسرة بعض الأصحاب لما آل إليه وضع قيس المزري، توسط العديد منهم إلى أبي ليلى، حتى قامت بعض الصراعات والحروب بين القبائل، وفيها هزمت قبيلة العامرية، إلّا أنّه ورغم كل الصراعات والهزائم، لم يقبل والدها أن يتزوج قيس من ابنته ليلى وقوفاً عند تصرفاته التي عكست عدم اتزان عقله.

فمرضت ليلى لشدة حسرتها وأساها على زواجها من رجل آخر، إلى أن وافتها المنية لشدة الحزن. لكن قيس لم يعلم بالأمر لأنه كان تائهاً في البرية يكتب القصائد ويزهد بما حوله. وحين علم بالأمر، قضى يبحث عن ضريحها بأسى كبير، حتّى وجده، فبكى كثيراً عليها إلى أن توفي بقربها، وهناك دُفنا إلى جانب بعضيهما.

بيراموس وثيسبي
بيراموس وثيسبي
بيراموس وثيسبي – صورة من فليكر لـHEN-Magonza

تعتبر هذه الأسطورة البابلية هي التي استمد منها شكسبير رائعته روميو وجولييت، حيث تبدأ القصة في بابل العراقية من شاب دُعي بيرم، واشتهر بكونه من أجمل شبّان البلاد.

كان بيرم يسكن بجوار ثيسبي، وهي فتاة بابلية جميلة، ويفصل بينهما جدار متلاصق مشترك واحد. وبعد أن ترعرعا إلى جانب بعضهما والحب ينمو معهما، قررا الزواج حين نضجا، لكن تقاليد العائلات وقفت عائقاً أمام حبّهما الطويل ومنعتهما من الارتباط.

سرعان ما اكتشفا شقاً صغيراً في جدار الحائط المشترك الذي أصبح الوسيلة الوحيدة المتاحة للقاء كلماتهما، ليلاً ونهاراً، ومن كلّ جانب. وذات ليلة، قرر كلّ منهما الهروب من المدينة إلى البراري حيث لا يمكن لأحد إيقافهما من الزواج والحب، واتفقا على أن يكون اللقاء بالقرب من شجرة ذات ثمار بيضاء بين الأوراق الخضر، وذلك إلى جانب ضريح الملك نينوى.

وعند وقوع ليلة الهروب، وصلت ثيسبي إلى شجرة التوت وقبر نينوى، لكنّها لم تجد بيرم هناك، فقررت انتظاره في رهبة البراري وحدها إلى حين وصوله، حتّى رأت لبوة من بعيد تخرج من بين الأشجار متجهة نحو النبع بعد أن تناولت فريستها وتضرّجت بالدماء. الأمر الذي أرهب تيبسي، فهرعت تركض بعيداً قبل أن تلحظها اللبوة، حين أسقطت منديلها ولم تأبه لاستعادته في طريق الهروب.

مرّت اللبوة قرب المنديل ونهشته ومزقته بفهما المليء بالدماء، قبل أن ترتوي من النبع وتعود إلى عرينها، تاركةً منديل تيبسي الممزق جانباً على الأرض. وحين وصل بيرم، لم يجد سوى منديل تيبسي ممزقاً ومرمياً ومملوءاً بالدماء، وخطى اللبوة على طول الطريق إلى العرين، فتراءى له أن وصوله متأخراً أدّى إلى موت حبيبته تيبسي عبر افتراسها من قبل لبوة البراري دون قدرتها على المقاومة، فأكلتها وتركت منديلها دليلاً على ذلك المشهد الفظيع.

هرع بيرم إلى المنديل وقبله بحرارة والدموع تحرق وجنتيه، ثم اتجه نحو شجرة التوت مكان ميعادهما، مخاطباً إياها قائلاً ”إنك الآن ستشربين من دمي“. فحرر سيفه وطعن نفسه بين ضلوعه، ليفور الدم ويلطخ الثمار البيضاء التي انصبغت بلون دمائه، فولّدت التوت الشامي أحمر اللون. وعندما تحلّت ثيبسي بالشجاعة، وقررت العودة إلى مكان اللقاء، وجدت ثمار التوت تغيرت لونها وصارت حمراء، فاستغربت كثيراً، إلى أن سمعت أنيناً بالقرب منها، فنظرت إلى الأرض لتجد حبيبها بيرم ملقاً على الأرض ومحاطاً ببركة من دمائه. سارعت إلى احتضانه بين يديها، ورجته أن ينظر إليها مرة واحدة، ففتح عينيه ورمقها بنظرة الوداع الأخير قبل أن يرحل عن العالم.

فرددت له كلماتها الأخيرة بحسرة كبيرة ”لقد قتلت نفسك لشدة حبك لي، وأنا وعدتك ألّا يفصل بيننا سوى الموت. أمّا الآن، فحتّى الموت لن يفرقنا.“ واستلّت السيف ذاته الذي قتل به بيرم نفسه، لتغرزه في قلبها، وتموت بالقرب من حبيبها. فحتى إله الحب فجعت من حزنها على حبّهما الراحل الكبير، وبقيت ثمار التوت الشامي الأحمر تخليداً لحبّهما العظيم، وقد وضع رمادهما في زجاجة واحدة، حيث لم يفرق بينهما أي شيء، ولا حتى الموت.

شاه جهان وممتاز محل

شاه جهان وممتاز محل
شاه جهان وممتاز محل

دارت أحداث هذه القصة في الهند عام 1607، حين رأى الأمير خرم ولي عهد الإمبراطورية ذو الخامسة عشر ربيعاً، فتاة جميلة ابنة أحد النبلاء المقرّب من البلاط، واسمها ارجمند بانو بكم، في الرابعة عشر من عمرها، فتولدت مشاعر حبّه لها على الفور، وغرم بها، حتى طلب من والده الامبراطور جهانكير أن يخطبها له، ليتزوجا بعد الخطبة بخمسة أعوام.

على الرغم من زواج الأمير خرم من ثلاث فتيات أخريات، إلّا أن قلبه بقي ملكاً لأرجمند وحدها، فأطلق عليها اسم ممتاز محل، واصطحبها معه في كافة غزواته وحروبه، وأنجبت له أربعة عشر طفلاً أميراً.

وبعد وفاة والده الإمبراطور، صار الأمير خرم إمبراطور البلاد، وأطلق عليه لقب شاه جهان؛ ملك العالم. ونتيجة إحدى الغزوات التي قامت ضده، اضطر إلى الذهاب إلى أفغنستان لمواجهة أحد حكام مدنها، مصطحباً معه زوجته ممتاز على الرغم من كونها حاملاً في أشهرها الأخيرة. لكن مشاق الرحلة التي طالت، أرهقتها وعسّرت ولادتها، مما أدّى إلى احتضارها بالقرب من زوجها الذي غرق في دموعه.

وقبل وفاتها، أوصته بأمرين، أولهما ألّا يتزوج بعدها لكي لا ينجب أطفال من امرأة أخرى فيصارعوا أولادها على العرش، والثاني أن يشيّد لها ضريحاً فريداً يخلّدها للأبد. ثم توفيت ممتاز، واعتكف بعدها الامبراطور لمدة طويلة حزناً على رحيل زوجته المفضلة، ليخرج بعدها شائباً، هزيلاً وذا قامة منحنية.

وفي العام ذاته من وفاة زوجته، بعث رسله إلى كافة أصقاع الأرض، لاستحضار أجود المهندسين والفنانين، منفقاً أموالاً طائلة على ذلك، لبناء أعظم ضريح لزوجته الراحلة، ضريح تاج محل في الهند. وعند وفاته، دفن بالقرب من زوجته في الضريح ذاته.

تقول بعض الأساطير أن شاه جهان قام بقطع أيدي جميع العاملين والفنانين الذين ساهموا بتشييد القصر، وذلك لكي لا يتسنى لهم تشييد بناء مماثل له في المستقبل.

ماري وبيير كوري
ماري وبيير كوري
ماري وبيير كوري

نشأت مانيا سلادوفسكي اليتيمة في بولندا، أثناء فترة الحرب الروسية على بلدها. وعلى الرغم من أن العلم كان ممنوعاً على النساء آنذاك وعقوبته النفي إلى سيبيريا، تعلّمت مانيا مع نساء أخريات بولنديات سرّاً، لاسيما أنّها تعلمت القراءة والكتابة عبر مشاهدة أختيها وهما تتعلمان ذلك، وصارت معلمة لدى أسرة ريفية ثرية مدة ثلاث سنوات، وذلك في السر أيضاً.

سافرت إلى باريس لتكمل دراستها في جامعة السوربون الفرنسية وهي في الرابعة والعشرين، حيث دعيت باسم ماري، لتنال جائزة في الفيزياء، تبعتها جائزة أخرى في الرياضيات. ورغم الظروف الصعبة التي أجبرتها على التقشف لجمع المال والقوت، استكملت دراستها وصارت واحدة من بين اثنتين من النساء المتبقيات في الجامعة، لتتصدر ترتيب الأنوثة في مجال العلوم.

وأثناء بحثها عن عمل لتوفير المال والعلم، سنحت لها فرصة عمل في مختبر بيير كوري؛ الباحث والدكتور في جامعة السوربون، والذي لم يكن يرى جدوى من العلاقات العاطفية لانهماكه في أمور العلم. لكنه سرعان ما وقع في غرام ماري، ليتزوجا بعد ذلك بمدة وجيزة عام 1895. ونتيجة حبّهما العاطفي والعلمي الكبير، وعملهما المشترك بين العاطفة والكيمياء، اكتشفا معاً عنصر الراديوم والبولونيوم عام 1898، ليحصلا بعدها على جائزة نوبل في الفيزياء.

أنجبا طفلة دعيت إيرين، وتابعا تربيتها بطريقة علمية، مدونين ملاحظات طوال فترة نموها، لتكبر أيرين وتحصل على جائزة نوبل مع زوجها أيضاً! توفي بيير كوري نتيجة حادث سير عام 1906، فأخذت مكانه في السوربون لتصبح بذلك أول أستاذة أنثى تدرّس في الجامعات، مستكملة وحدها عزل معدن الراديوم الخالص. وفي عام 1934، توفت ماري نتيجة مرض في الدم لكثرة تعرضها للأشعاع.

الملكة فيكتوريا والأمير ألبرت

الملكة فيكتوريا والأمير ألبرت
الملكة فيكتوريا والأمير ألبرت

تتحدث قصة الحب هذه عن الملكة البريطانية التي ندبت وفاة زوجها لمدة 40 سنة. كانت فيكتوريا شابة مليئة بالحياة والتفاؤل وكانت مولعة بالرسم. اعتلت عرش بريطانيا عام 1837 بعد وفاة عمّها الملك ويليام الرابع. وتزوجت أول نسيب لها، الأمير ألبرت، أمير ساكس كوبرغ غوثا.

وفيما كان الأمير ألبرت يفتقر للشعبية في بعض الأماكن كونه ألمانياً، صار فيما بعد محبوباً جداً لصدقه وجهده وإخلاصه لعائلته. أنجب الزوجان تسعة أولاد، وأحبت فيكتوريا زوجها كثيراً. حيث اعتمدت على نصائحه فيما يخص أمور الدولة، لاسيما في الأمور الدبلوماسية.

وحين مات ألبرت عام 1861، أصيبت فيكتوريا بانهيار كبير، وامتنعت عن الظهور أمام العلن لمدة ثلاث سنوات. الأمر الدي ولّد انتقاداً كبيراً لدى الشعب نتيجة عزلتها المطوّلة. كما قد أقيمت العديد من المحاولات لاغتيال الملكة فيكتوريا. لكن بعد مدة، وتحت تأثير سلطة الوزير الأول بينجامين ديزرايلي، أكملت فيكتوريا حياتها العامّة، مفتتحةً البرلمان البريطاني عام 1866. وعلى الرغم من ذلك، لم تتوقف فيكتوريا عن ندب وفاة حبيبها الأمير، واستمرت في ارتداء ملابس سوداء حتى وفاتها عام 1901.

هيلويز وأبيلارد

هيلويز وأبيلارد
هيلويز وأبيلارد

حوالي عام 1100، سافر أبيلارد إلى باريس ليدرس في مدرسة نوتردام الفرنسية، حيث اكتسب سمعة واسعة لكونه فيلسوفاً رائعاً. فيما بعد، عيّن فولبرت؛ كاهن نوتردام، أبيلارد ليقوم بتعليم ابنة أخيه هيلواز. حيث وقع كلّ من المعلم أبيلارد و طالبته هيلواز بغرام بعضهما، حمِلت بطفل منه، وتزوجا في السر.

فقد الكاهن فولبرت صوابه حين علم بالأمر، فعمد أبيلارد إلى إرسال حبيبته الصغيرة إلى دير رهبنة قريب لكي تكون بأمان. وحين اعتقد الكاهن بأن أبيلارد كان يسعى لهجرة هيلواز، أرسل خدمه لإخصاء أبيلارد أثناء نومه. فكرّس فيما بعد حياته للتعليم، وصار ناسكاً. أمّا هيلواز ذات القلب المنفطر، فصارت راهبة. وعلى الرغم من بعدهما ومعاناتهما الكبيرة، حافظ كل منهما على حبّه الصادق وإخلاصه للآخر. ونشرت فيما بعد رسائل الحب التي تبادلاها، وصارت قصتهما إحدى أشهر قصص الحب المثيرة للمشاعر في التاريخ.

بيتهوفن وتيريزا مالفاتي
بيتهوفن
بيتهوفن

تيريزا مالفاتي هي موسيقية نمساوية، كانت صديقة مقربة للموسيقي المشهور لوفيج فان بيتهوفن. أحبّها بيتهوفن كثيراً، إلّا أنّها تزوجت من صديقه ايجنز فون غلانغنستاين.

لكن بيتهوفن استمر في إرسال رسائل حبّ كثيرة لها، ورغم تكوّن ارتباط عاطفي انعكس بعلاقة حب كبيرة بينهما، لم يستطيعا الارتباط ببعضهما نتيجة حكم المجتمع الطبقي آنذاك، الأمر الذي وقف عائقاً أمام تتويج علاقتهما بارتباط رسمي. فلم يكن على بيتهوفن سوى أن يهديها أفضل ما يتميز به، وهو مقطوعة مؤلفة ومهداة لأجلها، مقطوعة ”من أجل إيليزا“ عام 1810، والتي تعد إحدى أشهر مقطوعاته. حيث عثر على هذه المقطوعة في أوراقها الشخصية، مخطوطة بألحان حبيبها بيتهوفن.

شهرزاد وشهريار

شهرزاد وشهريار
شهرزاد وشهريار

قرر السطان شهريار؛ ومعنى اسمه ملك المدينة، أن يتزوج من إحدى شابّات المدينة ليستقر ويكوّن أسرة له. لكن سرعان ما تخونه زوجته تلك مع أحد عبيد البلاط، كما فعلت سابقاً زوجة أخيه الصغير. وحين يكتشف شهريار ذلك، يولّد الأمر فيه حالة شديدة من الكره والبغض تجاه النساء نتيجة تعرضه للخيانة وعدم قدرته على الثقة بهنّ بعد ذلك، لاعتباره أن النساء خُلقن لأجل المتعة فقط. فيعلن بعد ذلك قراره بزواج امرأة عذراء في كل يوم، ليقتلها بعد دخلتها في مطلع الفجر.

وبعد أن طبّق الأمر وقام بقتل العديد من النساء بسيف قاطع ونفس مسرورة، وصل الأمر إلى شهرزاد، ابنة وزيره، التي تقرر بحكمة أن تنقذ نفسها وقريناتها من الموت المحتّم والأليم وظلم السلطان. فتبدأ بسرد قصة تلو الأخرى كل يوم، حتى مطلع الفجر، لتتوقف عن متابعة أحداثها دون أن تنهيها. واستمرت بسرد قصة جديدة حين انتهاء سابقتها، مؤجلة بذلك قرار موتها ليلة بعد ليلة، رغبةً من السلطان بمعرفة النهاية.

استمر الأمر مدة ألف ليلة، حتى استطاعت في نهاية الأمر أن تستولي على قلب السلطان شهريار الذي وقع في حبّها، منقذة بذلك جميع نساء المملكة من جبروت السلطان، بعد أن استعاد عاطفته الرقيقة تجاه عظمة النساء وحبّهن الكبير، بحكمة شهرزاد.

بينجامين بريتن وبيتر بيرز

بينجامين بريتن وبيتر بيرز
بينجامين بريتن وبيتر بيرز

كان بنجامين ملحناً بريطانياً كبيراً وعازف بيانو، ويعتبر من أشهر ملحني ومؤلفي موسيقى القرن العشرين. وفي عام 1937، توفيت والدته، والتي كان متعلقاً بها إلى حد كبير، ما أصابه باكتئاب وتحطّم شديد، وفي الوقت ذاته، أتاح له الأمر فرصة تكوين علاقة شخصية مع آخرين للمرة الأولى في حياته.

فالتقى بعدها ببيتر بيرز، صاحب الصوت الصادح، ليعملا معاً في مجال الموسيقى. وإضافة إلى علاقة العمل، نشأت بينها روابط عاطفية كبيرة، إلى أن اكتملت هذه العلاقة في رحلتهما إلى الولايات المتحدة الأميريكية عام 1939. لكن المثلية آنذاك كانت جريمة مصرّحة في القانون، لذا تحفّظا على إظهار حبّهما العاطفي علناً، رغم أن الشرطة جاءت إلى منزل بينجامين أثناء ملاحقتها لعدد من المثليين واعتقالها العديد منهم بتهمة المثلية.

دامت علاقتهما حتى وفاة بريتن، وذلك عام 1976 نتيجة فشل في القلب. ورغم أن السلطات عرضت أن يُدفن في كنيسة ويستمنستر، إلّا أن بريتن دفن في كنيسة بطرس وبولس في ألديبرغ لأنه أوصى قبل وفاته أن يُدفن إلى جانب حبيبه وشريك حياته بيتر بيرز، حيث دُفن بيرز حين توفي أيضاً وذلك عام 1986. أمّا المنزل الأحمر في ألديبرغ، حيث عاش كل من بيرز وبريتن طوال حياتهما معاً، فحفظ بتصميمه الأساسي، وأصبح مقراً لمؤسسة بريتن-بيرز التي تأسست لدعم إرثهما الموسيقي.

الخاتمة

آلاف الأعوام قضت على تاريخ البشرية، ولم يخلّد ما فاق الحروب والألم. نتساءل لم وصل العالم إلى وحشيته هذه، ونبحث في التاريخ لنجد أن حتى أروع قصص الحب لم تسلم من تراجيديا التقاليد والصراعات. فالبشر وعلى مرّ العصور، قضوا سنين يطورون مفاهيم التفرقة بين طبقة ودين وجنس ولون، دون أن يجتمعوا معاً مرة على أسس الحب والوحدة. لو أن العالم آمن بالحب بقدر إيمانه بالحرب، لما مات إنسان. فحتّى أشد الطغاة لم يقدر على الحياة دون الحب، ولم يقدر عليه سوى البغض.

في نهاية الأمر، أسوة بكل من رحلوا لأجل الحب، سماً وحجارةً وسيوف ومن أعلى شاهق، نقول ألّا حي سواهم، ونحن الأموات. تعددت الأسباب، والموت لن يكون واحد. سلام من الأرض إلى أحضان عشتار، وأفروديت، لحد العاشقين في سلام الحب.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 1470

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>