الانديكتي ابتداء السنة الطقسية
مدخل
تحتفل كنيستنا الارثوذكسية عامة وفي كرسينا الانطاكي المقدس في الوطن والانتشار في الأول من ايلول بعيد رأس السنة الكنسية طقسياً وليتورجيا ويدعى بـ”الأنديكتي” من اللفظة اليونانية “انديقتيون”.
محطّات في أوّل شهر أيلول
1- كان القياصرة الرومان يفرضون جزية سنوية على رعاياهم، وهذه الجزية تدفع لنفقات الجنود، وكان وقت جمع هذه الجزية هو قبل الشتاء أي في شهر أيلول، وكانوا يسمونها “أنديكشيو” وتعني حداً، أو إعلاماً عن الجزية، ومنها أتت الكلمة اليونانية “أندكتيون” التي تعني في الكنسية بداية السنة الجديدة.
2- اعتباراً من القرن الرابع الميلادي كانت السنوات تُحسب بحسب دورة مالية من السنين تدعى “أنديكتيون Indiction ” ومدّتها 15 سنة، لها علاقة بجباية الضرائب حيث يُعاد فيها تخمين الأملاك الضريبية، ولم تنه السلطة البابوية العمل بتلك الدورة المالية إلا في القرن العاشر أيام البابا “يوحنا الثالث عشر” 965 -972م، حيث بدأ استعمال “التقويم الميلادي” الذي أنشأه الراهب “ديونيسيوس أكزيجوس” بين 500 -525م، والذي لم يصبح معمولًا به في “أوربة” إلا في القرن الحادي عشر الميلادي وفي “إسبانيا” في القرن 14م، وفي “اليونان” في القرن 15م.
3- كانت حياة الناس قديماً تعتمد على الزراعة وكان كلّ شيء مرتبط بالمواسم الزراعيّة ويظهر هذا جليّاً بالعبادة والطقوس الدينيّة عند الوثنين واليهود في العهد القديم.
4- شهر أيلول هو موسم جمع الأثمار والحبوب إلى المخازن، وإعداد العدّة لإلقاء البذور، في الأرض، من جديد.
تصلّي الكنيسة في هذا اليوم من أجل إكليل السنة ومباركته…. ( طلبة رأس السنة)
” يا مانحاً من السماء الأزمنة والأمطار المخصبة للذين على الأرض، تقبّل، أيضاً الآن، ابتهالات عبيدك… فإن رأفاتك تعمّ حقاً جميع أعمالك. بارك كلّ دخول وخروج نأتيه مسهّلاً أعمال أيدينا….(كاثسما للأنديقتي – صلاة السحر)
ملاحظة: لا يزال المزارعون حتى الآن يبنون حساباتهم على أن السنة الزراعية تبدأ في شهر أيلول.
5- تحتفل الكنيسة، في هذا اليوم، بذكرى دخول الرّب يسوع المسيح إلى مجمع اليهود في الناصرة، حيث دُفع
إليه سفر إشعياء النبي، على ما ذكر لوقا الإنجيلي، فقرأ
“روح الرب عليّ لأنه مسحني لأبشر المساكين، أرسلني لأشفي المنكسري القلوب، لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر، وأرسل المنسحقين في الحرية وأكرز بسنة الرب المقبولة”. (لو4)
إذ تحتفل الكنيسة بهذه الذكرى، تدخلنا في الزمن الجديد، في سنة الرّب المقبولة، في زمن ملكوت السموات الذي دشّنه الرب
يسوع المسيح عندما أعلن، بعدما انتهى من قراءته من سفر إشعياء، “أنه اليوم قد تمّ هذا المكتوب في مسامعكم”.
خلاصة:على هذا يكون بدء السنة الكنيسة الجديدة قد اقترن، عبر التاريخ، بتدبير إداري إمبراطوري، وتلوّهت بمسعى لتقدّيس الخليقة والمواسم، وتتوّج بالدّخول في “سنة الرب المقبولة”.
* معلومات مساعدة
التقويم الروماني القديم
كانت الدولة الرومانية تستخدم تقويمًا يتألف من عشرة أشهر، ومنه جاءت تسمية أكثر الأشهر، ثم استخدموا تقويماً شمسي – قمري حيث أن طول السنة فيه 355 يومًا وعدد الأشهر 12 شهراً وعدد الأيام في الأشهر بين 29 و30، وهذا يوافق السنة القمرية، ثم في السنة التالية لها يضاف شهر طوله 22 أو 23 يوماً على التعاقب فيكون طول السنة الكبيسة 377 أو 378 يوماً.
وتكون متوسط حصيلة دورة أربع (355+377+355+378) تساوي 366.25 وهو ما يعادل طول السنة الشمسية، ويُعزى هذا التقويم للإمبراطور نوما الروماني، ولكن هذا التقويم طاله التلاعب، فجعلوا بعض الشهور التي سميت على أسماء القياصرة 31 يومًا على حساب الشهور الأخرى، وكان عد السنين يبتدأ من سنة تأسيس مدينة روما عاصمة الإمبراطورية. وهي سنة 753 ق.م.
التقويم اليولياني: Julian Calendar هذه التسمية مرتبطة بيوليوس قيصر الذي فرضه في سنة 46 ق.م ليدخل دخل حيّز التنفيذ عام 45 ق.م. الموافق لسنة 709 لأنشاء روما.
يحاول التقويم اليولياني محاكاة السنة الشمسية ويتكوّن من 365 و25 يومًا مقسّمة على 12 شهرًا.
لما احتلّت الإمبراطورية الرومانية مصر استفاد الرومان من علوم المصريين الفراعنة الفلكية، فقام يوليوس قيصر بتعديل التقويم الروماني القديم بالاستعانة بأحد الفلكيين الإسكندريين يدعى سوسيجنيو، وقد تمثّل تعديله في جعل السنة العادية 365 يومًا والكبيسة 366 يومًا، وتكون سنة كبيسة كلّ أربع سنوات، وجعل عدد أيام الأشهر الفردية 31 يومًا والزوجية 30 يومًا، عدا شهر شباط فيكون في السنة العادية 28 وفي الكبيسة 29.
استعيض منذ القرن 16 عن التقويم اليولياني (لعدم دقتّه) بالتقويم الغريغوري .
استمر استخدام التقويم اليولياني في الكنائس الأورثوذكسية حتى القرن العشرين إذ قامت هذه الكنائس باعتماد التقويم المعدّل عام 1923م.
ينشأ بين التقويمين منذ عام 1900 وحتى عام 2099 فارقًا قدره 13 يومًا ،إذ يتأخر بها التقويم اليولياني عن التقويم الغريغوري.
ملاحظة: لا يزال هذا التقويم مستخدمًا في أديرة جبل آثوس.
التقويم الميلادي
كان عد السنين في التقويم اليولياني مبني على التقويم الروماني القديم الذي يعتبر سنة إنشاء مدينة روما عاصمة الإمبراطورية الرومانية بداية للتاريخ وهو سنة 753 ق.م ، ثم وفي منتصف القرن السادس دعا الراهب الأرمني ديونيسيوس اكسيجونوس إلى وجوب أن يكون ميلاد المسيح هو بداية التقويم ونجح هذا الراهب في دعوته، فأصبح عد السنين منذ سنة 532 م يعتمد على سنة ميلاد المسيح، وهي سنة 753 منذ تأسيس روما على حساب ديونيسيوس.
التعديل الغريغوري
لاحظ غريغوريوس الثالث عشر بابا روما (القرن السادس عشر) أن يوم الاعتدال الربيعي وقع في 11 آذار بدلاً من 21 آذار، بفارق عشرة أيام، فكلّف الراهب اليسيوس ليليوس ليقوم بتعديل التقويم اليولياني.
فتمّ الاتفاق على حذف ثلاثة أيام كلّ 400 سنة وأن تكون السنة القرنية (التي هي من مضاعفات 100) سنة بسيطة إلاّ إذا قبلت القسمة على (400) بدون باقٍ، وهكذا نام الناس يوم الخميس 4 تشرين الأوّل 1582م واستيقظوا يوم الجمعة 15 تشرين الاوّل 1582م.
(موقع بطريركية انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس)