كاتدرائية القديس جاورجيوس للروم الأرثوذكس ودير مار الياس بطينا في بيروت
كاتدرائية القديس جاورجيوس للروم الأرثوذكس
مقدمة
كنيسة جميلة جدا ولم تصر بهذا الجمال الا بعد مرور تاريخ طويل من التعب والالم و…
كاتدرائية (الكاتدرائية هي كنيسة مطران الابرشية) القديس جاورجيوس، ليست مجرد معلم سياحي جميل مستجد يقع في وسط بيروت وقلبها النابض بالحياة، بل هي متجذرة هناك منذ مئات السنين وربما اكثر وتؤرخ وتوثق للحضور الارثوذكسي في بيروت، والتاريخ المدني والكنسي والوجدان البيروتي يشهدون لها. ولا يخفى أن بعض المؤرخين يعيدون وجودها إلى القرن الثاني المسيحي حين شيد أول بناء تحت الكنيسة الحالية المبنية على أنقاض ثلاث كنائس متعاقبة كما اثبتت الحفريات في الموقع الأهم وكان هوموقع مدرسة بيروت الحقوقية التي عدت من اول معالم الحضارة في الامبراطورية الرومانية التي اشتهرت بيروت بوجودها وتغنت وقدمت لهذه الامبراطورية الرومانية التي شملت كل جغرافية البحر المتوسط خيرة فقهاء القانون…
كاتدرائية القديس جاورجيوس الارثوذكسية
من أجمل وأقدم كنائس بيروت للروم الأرثوذكس ان لم تكن أقدمها ومن اهم المعالم المسيحية عامة في بيروت وكل لبنان. يرجح تشييدها على أنقاض كنيسة القيامة (القرون الأولى) قرب مدرسة الحقوق الرومانية الشهيرة. بناء الكنيسة الحالي يعود الى القرن السابع عشر (لوجود وثيقة عثمانية فيها مؤرخة سنة 1080ه) كما ندرجها ادناه، وكانت آنذاك كنيسة متواضعة هي الوحيدة في المدينة.
موقعها…
تقع في رأس بيروت بين شارع المكحول وشارع بلس (مقابل الجامعة الأميركية) بالقرب من ساحة النجمة في العاصمة اللبنانية بيروت. وهذه الكنيسة بُنيت على أنقاض كنيسة أنستسي الرومانية القديمة. بناها عام 1860ارثوذكس بيروت على عهد مطرانها اليوناني ايروثيوس.
حالياً في حرمها مدرسة من خمسة طوابق تسهر على تعليم 1300 طالب وطالبة من جميع الطوائف، ومعها بناية من طابقين. وفي الحرم أيضا ً مدافن يرجع تاريخها الى زمن بناء الكنيسة.
هي كاتدرائية ابرشية بيروت ومطرانها في بيروت وبلدة سوق الغرب التابعة لها. وهي أقدم كنيسة موجودة بالمدينة،
تاريخها
بنيت هذه الكنيسة على أنقاض كنيسة “أنستسي” بقرار من الإمبراطور الرومي ثيوذوسيوس الثاني، ونفذ العمل أسقف بيروت أستاثيوس سنة 450مسيحية، وكانت قد بنيت بالقرب من مدرسة الحقوق والتي أسسها جوستنيان الاول. دمرت بواسطة زلزال سنة 551 مسيحية…
أعيد بناؤها خلال القرن الثاني عشر. وفي سنة 1759 دمرت بزلزال مدمر آخر ضرب سورية كلها تدمرت فيه الكاتدرائية المريمية بدمشق، وجانب من الجامع الاموي ومئذنة عيسى…واوابد اخرى في انطاكية واللاذقية…
أعيد بناؤها من جديد بمذبح واحد مخصص للقديس جاورجيوس، لكنها انهارت بعد 3 سنوات. ثم أعيد بناؤها على شكلها الحالي سنة 1772 وأصبحت بثلاثة مذابح مقدسة كما سنرى ادناه.
عرفت هذه الكنيسة في القرون الماضية ب”دير مار جرجس” وقد ضمت مايلي
مقر متروبوليت بيروت “قلاية مطران بيروت”، قلايات الاكليروس والرهبان، مركز المجلس الملي، مدرسة، مكتبة، مستشفى، مطبعة (كانت أول مطبعة عربية في بيروت).
جرى توسيع الكنيسة على مراحل
سنة 1715على عهد المتروبوليت نيوفيطوس جرى توسيعها وتجديدها بطريقة شبه عشوائية. وحين تضررت الكنيسة سنة 1759 بالهزة الارضية، تم جمع الأموال لتوسيعها وترميمها فامتدت الأشغال من 1764 الى 1767، وفي السنة نفسها سقط سقف الكاتدرائية أثناء القداس على رؤوس المؤمنين فتوفي تسعون رجلا ً. وأعيد ترميمها سنة 1772 على عهد المتروبوليت يواكيم وضمت ثلاثة هياكل: في الوسط هيكل القديس جاورجيوس، ويمينا ً هيكل القديس نيقولاوس، ويسارا ً هيكل مار الياس. وزينت بأيقونسطاس من خشب الجوز المغشى بالذهب (1783) وجمل بأيقونات تعود غالبيتها الى القرن الثامن عشر. عام 1904 جرى توسيعها مجددا ًفي عهد المتروبوليت جراسيموس مسرة وزينت بجداريات غطت جدرانها وسقفها، وتم تصوين ساحتها وحرمها.
الكارثة الكبرى
كانت الكارثة الكبرى التي ضربت هذه الكاتدرائية في الحرب الاهلية في لبنان (1975-1990) تضررت الكاتدرائية وسرقت معظم أيقوناتها وأوانيها وحُرق جزء من الأيقونسطاس والباقي سرق، وتهشمت الجداريات، وما تبقى منها ساءت حالته بأحوال الطقس لأن سقفها تضرر.
التجديد والترميم الأخير
في 16/10/ 1995 أعلن راعي ابرشية بيروت وتوابعها الحالي سيادة المتروبوليت الياس عوده عزمه على ترميم هذه الكاتدرائية فبوشرت الأعمال بازالة الركام وتدعيم السقف واجراء الحفريات الأثرية ودراسة وضع المبنى. وأدت الحفريات الأثرية الى اكتشاف آثار ثلاث كنائس، أقدمها كنيسة القيامة (على الأرجح) وكانت تعود الى سنة 551 مسيحية وقد تهدمت بالهزة الأرضية التي دمرت مدينة بيروت، وقد عُمِرَتْ فوقها كنيسة تعود الى القرن الوسطى بقيت آثارها، وفوقها آثار كنيسة من القرن الثامن عشر، اضافة الى اكتشاف مقبرة وقطع موزاييك وأوان كنسية مختلفة. والعمل جار على تحويل الحفريات الى متحف جوفي.
وتوزعت أعمال الترميم على الشكل التالي
1- الأيقونسطاس: تم العثور على أجزاء منه فجرى ترميمها وأعيدت صناعة الأقسام المسروقة منه وضم القديم الى الجديد.
2- الأرضية: أصلحت وزينت بالموزاييك، واحدى قطع الموزاييك نسخة عما وجد تحت الكاتدرائية. 3
3- الجداريات: رمم فريق روسي ما كان صالحا ً منها ونزع عن الحائط ما كان مشوها وألصقه على قماش ووضع في صالون الكنيسة. ويعمل حاليا ً فريق من الرسامين اليونانيين على رسم ما تبقى من جداريات.
الحجج الشرعية(1)
وبين أوراق شيخ كنيسة بيروت المرحوم السيد فريد فتح الله عرمان مرسوم صادر عن محمد باشا والي ايالة صيدا في الرابع والعشرين من ربيع الول سنة 1184هجرية ( 17 تموز 1770) هذا نصه:
” صدر المرسوم المطاع الواجب القبول والاتباع لقدرة النواب المشترعين نايب مدينة بيروت وقدوة العلماء المدرسين نعني أفندي زيد علمهما يحيطون علماً أنه وصل لطرفنا عرضحالكم وصار معلومنا ما أعرضتوه لدينا بخصوص كنيسة طايفة النصاره الروم الذميون القاطنين في بلدتكم أنه من مدة ثلاثة سنوات تسقط بناها وانهدم منها جانب وانها كنيسة قديمة وان الطايفة المذكورة لا يمكنهم الاقامة بدون ترميم كنيستهم واصلاحها وانهم تحت الجزية ومنتفعة منهم الاقلام الميرية.
فبناء على ذلك اصدرنا لكم بيدهم هذا البيورلدي واذناهم ان يباشروا ترميم كنيستهم ويصلحوا بناها كما كانت اولا. المراد حال وقوفكم على مضمونه تعرفوا ان طايفة النصارى المذكورين مأذونين من طرفنابذلك فلا يعارضهم معارض ولاينازعهم منازع بوجه من الوجوه. فاعتمدوا على بيورلدينا هذا واعملوا بموجبه والحذر من الخلاف في 24 ربيع الاول سنة 1184ه”.
والاشارة هنا هي الى تجديد بناء الكاتدرائية في عهد الطيب الذكر يوانيكيوس متروبوليت بيروت وتوابعها فانه عندما الروم الكاثوليكيون في بناء كنيسة مار الياس والامطوش التابع لها رغب الارثوذكسيون في اعادة بناء الكاتدرائية لأنها كانت “قديمة وضيقة” فلم يوافقهم يوانيكيوس على ذلك. فلما أنفذه المثلث الرحمات البطريرك سلبسترس بالميرون الى قبرص في السنة 1764. ولما بدأوا بتركيب الايكونسطاس والأمبون وجاء الاحد الثاني من الصوم الكبير وبدأ المتروبوليت بالقداس في هيكل السيدة سقطت قبة الكنيسة فقتل من الشعب سبعاً وثمانين شخصاًفكان لابد من اعادة العمل ومن هنا هذا المرسوم المؤرخ في السنة 1770.
دير النبي الياس بطينا
يعود تاريخ بنائه الى ما قبل القرن التاسع عشر.
يقع في محلة اليونسكو في بيروت وتشغل مبانيه حاليا ً مدرسة مار الياس بطينا الثانوية للروم الأرثوذكس.
كنيسته
كانت كنيسته مزارا ً داخل مغارة محفورة في الصخر، في سقفها فتحات لتهويتها، ومذابح الكنيسة الحالية في التجاويف الصخرية. تم توسيع هذا المقام من مزار الى الكنيسة الكبيرة الحالية، والقسم القديم المحفور في الصخر هيكل الكنيسة الحالية.
أيقونسطاس كنيسة النبي الياس خشبي، جميل الزخارف، روسي الصنع، تزينه أيقونات روسية قديمة. وفي الكنيسة أيقونة قديمة عجائبية للنبي الياس، يقصدها الزوار من كافة الطوائف الى الكنيسة للتبرك وطلب شفاعة النبي الياس الذي سميت المنطقة المحيطة بالكنيسة على اسمه، وأهلها يذكرون العديد من عجائبه.
وفي خزانة (2)شيخ كنيسة بيروت الطيب الذكر فريد عرمان بياناً صادراً عن السيداحمد افندي العز نايب بيروت ومفتيها في الرابع من ربيع الثاني سنة 1244 هجرية(15 تشرين الاول 1828) هذانصه:
” الحمد لله تعالى. سبب تحريره هو انه حضر كل من السيد سليم الرحمن ابن السيد عبد القادر النحاس والسيد علي ابن السيد ابراهيم المناصفي وعلي بن مصطفى فخر الدين العانوتي ويحي ابن الشيخ…وسعيد بن محمد سراج وعمر بن علي ابن الحاج ابراهيم الغول وحسين بن عبد الله البعلبكي عبد الساتر واخبروا وقرروا جمعا وفرادى غب الاستخبار الشرعي ان الكنيسة المعروفة بكنيسة مار الياس بطينا الكاينة في ارض وطا بطينا الشهيرة خارج مدينة بيروت المحروسة هي مختصة بطايفة الروم وواضعون ايديهم عليها مدة مديدة لايعلم اولها وانهم كذلك كانوا يسمعون من آبائهم واجدادهم ان الكنيسة المذكورة مختصة بالطائفة المذكورة وواضعون ايديهم عليها من قديم الزمان الى الآن ولا يعرفونها الا كذلك من غير منازع للطائفة المذكورة في الكنيسة المذكورة من احد طوائف النصارى غير الطائفة المرقومة وان كلا منهم يشهد بذلك اذا استشهد شرعا اخباراً وتقريراً واستخباراً صحيحات شرعيات صادرات بطواعية ورضى واختيار من غير اكراه ولا اجبار. والتمس مني هذا الرقيم الشرعي ليكون اعلاماً ناطق بذلك فسطرته حسب اخيارهم غب الطلب والسؤال تحريرا في اليوم الرابع من شهر ربيع الثاني سنة اربع واربعين ومايتين والف. نمقه الفقير اليه سبحانه وتعالى السيد احمد العز نايب ومفتي مدينة بيروت عفي عنه”
والداعي لهذا البيان كان فيما يظهر قول الموارنة بأن لهم في الدير حصة.
ومما يؤيد هذا القول مانقل عن السلف بأن الروم ابتاعوا للموارنة الأرض التي نشأت عليها فيما بعد كنيسة مار الياس رأس بيروت والله اعلم.”
حواشي البحث
(1)الدكتور اسد رستم مؤرخ الكرسي الانطاكي مجلة النور/ العددان 7 و8 1960
(2) المصدر ذاته