اشعياء النبي…وانا
المجد لتدبيرك يارب المجد لك…
منذ حداثتي ومع بدء مطالعتي للكتاب المقدس الذي كان من تركة العائلة وبحوزة جدي واعطاني اياه ليكون لي كان يعتريني شعور بالارتياح والروعة الروحية
كنت اغرق في قراءة اسفار العهد القديم فيه وان كنت امام اسئلة محيرة عن علاقته بالعهد الجديد الخاص ببشارات الانجيليين الاربعة والذي يحكي عن مسيرة ربنا يسوع المسيح…
فما العلاقة بين العهدين وهو السؤال الذي كان يؤرقني؟ ولم اعتبروا العهد القديم من الكتاب المقدس؟ وخاصة التاريخي منه فنحن مسيحيون وهو يتحدث عن التاريخ اليهودي…؟!
سألت كبير العائلة شقيق جدي بالدم الخوري ايوب سميا الخوري الشهير،وهو عرابي في عشق الكهنوت لفضائله وعلمه وتقواه وحسن رعايته (وكان قد سعى لأذهب الى اكليريكية البلمند وعمري 10 سنوات فلم تتم الموافقة من رئاسة الاكليريكية لصغر سني)
سألته هذا السؤال الذي كان يحيرني في جلسة عائلية روحية له معنا كل آل زيتون ببيتنا العربي في دخلة الفاعور…فأعجب واذكر انه قال لي يازوزو هو المدخل للعهد الجديد بنبؤاته وخاصة اشعياء ومزامير داود…
خجلت من المتابعة لأني لم افهم كثيراً، وهو احس بذلك فتابع بالقول اقرأه بعمق اكبر وبعد فترة ستكتشف الصلة بمفردك اقرأ يا ولدي سفر أشعياء…
قرأت هذا السفر الرائع الذي كتبه اشعياء قبل ثمانية قرون متنبأ عن المسيح الحبيب المتألم بآلام تفوق الوصف البشري…
بقيت في ذاكرتي كل كلمة وكل آية في هذه النبؤة سيما واني لم اكن ومنذ الطفولة لم اكن اقطع اية صلاة في كنيسة الصليب وخاصة في الصوم الكبير المقدس والجمعة العظيمة والنبؤات وعندما كبرت قليلاً صرت اقف مع جوقة كنيسة الصليب وانا الاصغر بقيادة الاستاذ الصديق اليوم فوزي بشارة وكان يعطيني احياناً بعض القراءات…
كانت القشعريرة تضرب جسدي وعروقي في قراءات سفر اشعياء وتحديدا في الفصل الثالث والخمسين:
“مزدرى، ومتروك من الناس، رجل أوجاع، وعارف بالألم، ومثل من يستر الوجه عنه، مزدرى فلم نعبأ به. لقد حمل آلامنا واحتمل أوجاعنا وسُحق بسبب آثامنا، نزل به العقاب من أجل سلامنا، وبجرحه شفينا. كلّنا ضللنا كالغنم، كلٌ واحد مال الى طريقه، فألقى الرب عليه إثم كلّنا.
عومل بقسوة، فتواضع ولم يفتح فاه، كحمل سيق الى الذبح، كنعجة صامتة أمام الذين يجزونه، ولم يفتح فاه.” (3/53-7)
احسست في كل مرة ، وأنا أقرأ هذه الآيات، بنبضات قلبي تتسارع، وضاق بي صدري كل مرة، وكأن أضلعي تتمزق من شدة الخفقان، فتنهدت وصرخت مرة بشكل لاشعوري: “انه يتحدث عن آلام المسيح، يالك يا أشعياء من نبي مجيد…”
نعم وجدت وجه المسيح في كل كلمة في العهد القديم، وفي اشعياء وجدت وجه المسيح المتألم، واكتشفت صورة مسبقة لدرب الصليب، وطريق الجلجلة، كما في اناجيل الخميس والجمعة العظيمين وسبت النور.
غمرت الغبطة كل كياني ونفسي الحائرة وفرحت ذاك الفرح الروحي المثالي والسرمدي وانا البشري الخاطىء… ولا ازال…
وقلت ولا ازال :
المجد لتدبيرك يارب المجد لك… لهذا الربط بين العهدين القديم والجديد
المجد لطول اناتك يارب…
وهذه عند آلامه…
المجد لقيامتك المقدسة يارب…
وهذه فرحاً بالقيامة…