سفر أعمال الرسل
المقدمة
هو السفر الخامس من اسفار الانجيل المقدس وقد كتبه القديس لوقا
من هو القديس لوقا الانجيلي؟
– هو كاتب الإنجيل الثالث وسفر أعمال الرسل.
– هو لوقا الطبيب (كولوسي 14:4) معاون بولس الرسول ورفيقه في عدد من أسفاره.
– هو من أنطاكية، وكتبنا الليتورجية تصفه بأنّه “جمال الانطاكيين” (صلاة المساء).
– هو أحد التلميذين اللذين دنا منهما السيّد في الطريق إلى عمواس وسار معهما. (لوقا 18:24 ).
– هو بحسب تقليد الكنيسة كان رساماً وينسبون إليه أوّل أيقونة لوالدة الإله.
سفر أعمال الرسل
في هذه الدراسة لسفر أعمال الرسل، نتعرف على لوقا الذي كان يعمل طبيبا وكذلك هو رفيق رسول الامم ومشرع المسيحية بولس، كما أن لوقا هو كاتب الانجيل المسمى بأسمه وكذلك هو من دون سفر أعمال الرسل، وقد كتب سفر أعمال الرسل في وقت قريب من رحلة بولس إلى روما، سنة 63- 64 مسيحية تحديدا. يدرك أنه دوَّن بشارته المسماة انجيل لوقا في ماقبل هذا التاريخ.
يغطى سفر الأعمال فترة زمنية امتدت حوالي 34 سنة منذ صعود الرب يسوع حتى دخول الرسول بولس السجن في رومية وكتب خلالها رسائله لتسالونيكى وكورنثوس وغلاطية وكولوسى وفيليمون وافسس وفيلبى
وفي الحقيقة كما اسلفنا ان سفر الأعمال هو السفر الخامس من اسفار العهد الجديد اي البشرى الخامسة والانجيل الخامس بحسب لوقا الحبيب والمؤرخ والطبيب…بعد أن كتب الانجيل الثالث بيده.
لوقا معاون بولس الرسول ورفيقه في عدد من أسفاره (كولوسي14:4)
يقول عنه تراثنا الانطاكي أنه من أنطاكية، وكتبنا الليتورجية الارثوذكسية تصفه “جمال الانطاكيين” (في صلاة المساء)، وأنه رأى السيد في مدينة عمواس بعد قيامته وأكل معه، هو وكلاوبا، اي كان احد الرسولين الوارد ذكرهما في الانجيل المقدس عند بشرى قيامة الرب
هوأحد السبعين رسولاً، الوارد ذكره مفرداً في انجيل لوقا (18:24). إذاً هو أحد التلميذين اللذين دنا منهما السيدّ في الطريق إلى عمواس وسار معهما. فإذا ما صح ذلك يكون اغفال ذكر اسم التلميذ الآخر وهو لوقا، غير كلاوبا، مقصوداً، ربما من باب الخفر والاتضاع. إلى ذلك يذكر الكُتاب المتأخرون أنه كان رساماً وينسبون إليه أول ايقونة لوالدة الإله.
أما لقاؤه ببولس الرسول فيبدو أنه كان في مدينة ترواس. وقد رافقه في قسم من رحلته التبشيرية الثانية وفي رحلته الثالثة. ويظهر، كما يذكر تقليد قديم، أنه أقام في مدينة فيليبي فترة من الزمن رافق خلالها تيطس في رحلات تبشيرية في المدينة والجوار.
مكث لوقا الانجيلي مع بولس الرسول في قيصرية فلسطين مدة عامين قضاها هذا الأخير مسجونا. كذلك رافقه الى روما وبقى بجانبه هناك أيضا، في فترة سجنه. ثم بعد استشهاد رسول الأمم يُظن أنه انتقل الى دالماتيا وغالبا مبشرا بالانجيل. هذا اذا ما اخذنا بشهادة القديس ابيفانيوس القبرصي (315 – 403م).
اسلوب القديس لوقا كمؤرخ
يشير اسلوب القديس لوقا وطريقته في نظم الأحداث وعرضها، في نظر العلماء والدارسين، الى ثقافة يونانية راقية وعقل علمي، فهو أكثر الانجيليين التصاقا بالبشارة كتاريخ. الى ذلك تعتبره صلواتنا اللبتورجية “…خطيبا بليغا للكنيسة الموقرة…” (صلاة السحر).
انجيل لوقا
أما مزايا إنجيله، فالصورة التي اهتم بابرازها عن السيد هي أنه المخلص الإلهي للعالم أجمع وطبيب النفوس والاجساد. ولوقا أكثر الانجيليين ذكرا للرب يسوع مصلياً وفي شهادته حث على الصلاة المتواصلة. كما يظهر الرب يسوع في انجيله عطوفاً على النساء والارامل والفقراء والأميين والايتام على نحو مميز.
سفر اعمال الرسل هو انجيل الروح القدس
واعمال الرسل يُسمى “إنجيل الروح القدس”، إذ يركز بقوة على شخص يسوع المسي القائم والممجد كرأس الكنيسة العامل بقيادة روحه القدوس.
كما يكشف عن الكنيسة الرسولية ككنيسة حيَّة ونامية، تمتد بالروح القدس إلى العالم كله: في أورشليم (7:6)، واليهودية والسامرة (31:9)، وإنطاكية (24:12)، وآسيةالصغرى (5:16)، وأوربة (20:19)، ورومة عاصمة العالم الأممي (31:28).
كتبه في روما حيث كان رفيقا للرسول بولس. وقد كتب لوقا سفر الأعمال في ختام السنتين اللتين قضاهما بولس في رومة (أعمال 30:28) أي ما بين سنتي 62 م. و64 م.، قبل خراب أورشليم (سنة 70 م.) إذ أشار إلي نبوة السيد عن هذا الخراب الذي تم بيد تيطس الروماني الذي اخمد ثورة اليهود (21: 4، 5) كما لم يشر إلي استشهاد الرسول بولس والرسول بطرس في رومة بأمر نيرون(66 م.).
نلاحظ ان لوقا لا يذكر اسمه لا في الإنجيل ولا هنا تواضعاً وليوجه النظر إلى الرب الإنسان الكامل بالروح القدس
ثاوفيلوس
وجه القديس لوقا انجيله وسفر اعمال الرسل الى رجل اسمه ثاوفيلوس سبق له أن اقتبل الكلمة. وقد أراد لوقا أن يزود هذا الرجل الذي يصفه بـ”العزيز”، بالقول الصحيح عن البشارة، ربما لتمكينه من التمييز بين الشهادة الصحيحة والشهادة المزورة عن المسيح بعدما أخذت كتابات منحولة طريقها الى التداول.
أما من هو ثاوفيلوس هذا فليس لدينا قول قاطع بشأنه. بعض المصادر يقول أنه كان رجلا ايطالياً شريفا وبعضها أنه كان حاكم مدينة آخائية.وقد كتبه إلى ثاوفيلس كأنه استكمال لإنجيل لوقا فهو حلقة وصل بين الأناجيل الأربعة والرسائل
الآية كمفتاح
لَكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ”. ( أع 1 :8 )
مفاتيح سفر أعمال الرسل
كلمة يسوع أو اسم الرب يسوع أو الاسمين 78 مرة وكلمة الروح القدس ومشتقات الكلمة 55 مرة
مظاهر خاصة بسفرأعمال الرسل
1 – إن كانت الأناجيل تحدثنا عن عمل الله في حياة وموت المسيح لأجلنا فسفر أعمال الرسل يحدثنا عن عمل الله بالروح القدس فينا
2- يوجد تشابه بين الأناجيل الأربعة وسفر التكوين( سفر البدايات) وبين سفر الخروج وسفر الأعمال حيث الخلاص والحرية بواسطة دم المسيح ( وكان الرب يضم كل يوم للكنيسة الذين يخلصون اع2 :47 )
3- شاء الروح القدس تسجيل تاريخ الكنيسة الأولى لتكون مثال للكنيسة في كل الأجيال في المحبة ص2 :34 ،37 والتكاثر ص9 :31 باستخدام آواني بشرية ضعيفة ص4 :13 رغم تدخل الشيطان ص 13 :10 والاضطهاد الذي يؤدى إلى نمو الكنيسة ص8 :1 ،4 -12 :1 ،24
4- رغم أن الرسول بولس والرسول بطرس هما الشخصيتان البارزتان في هذا السفر ولكن هذا لا ينفى أهمية شخصيات أخرى ولو اقل شهرة ذكرت بالسفر مثل / استفانوس والشمامسة ص6 ,7 / فيلبس المبشر ص8 :44 ، 2 :10 / حنانيا 9 :10 19 / كرنليوس 10 ،11/ برنابا 11 :25 ،30 / مرقس 13 :1 ،14 :28 / سيلا 15 :36 ،18 :22 / ابلوس 18 :24 ،26 / تيموثاوس 1 :1 ،3 / ليديا 16: 13-15 / ياسون 17: 5 -7 / أكيلا وبريسكيلا 18: 2 / تيرانس 19:9 / أرسطوس 19:22 / أغابوس 21: 10-16/ مناسون 21: 16 / ابن أخت بولس 23: 16-24 / يوليوس 27: 1-43 5- لم ينتهي السفر بكلمة آمين لأن الروح القدس مازال يعمل إلى الآن
سمة سفر أعمال الرسل
لم يقصد لوقا البشير الحبيب أن يقدم لنا سجلا كاملا عن حياة الرسل الكرازية إنما أراد يبين لنا أن الله هو العامل في الكرازة بروحه القدوس، وقد حقق الوعد للتلاميذ يوم العنصرة بامتداد الكرازة في أورشليم واليهودية والسامرة وأخيرا إلى أقاصي الأرض (1: 8)، وقد بقي السفر غير مختوم لأن عمل الله لم يتوقف حتى يتم خلاص جميع المختارين وتكمل الكنيسة.
يدعي”أعمال الروح القدس”، كما يدعى” أعمال المسيح الصاعد الى السماء والممجد ” لأنه يبرز عمل المسيح نفسه بروحه في تلاميذه.
تكررت كلمتا الروح القدس 54 مرة؛ و”كلمة الله” 40 مرة؛ و”اسم يسوع” 37 مرة؛ و”نصلي او صلاة” 35 مرة.
الشخصيات الرئيسة في سفر أعمال الرسل
بطرس، يوحنا، يعقوب، استفانوس، فيلبس، بولس ، برنابا، كرنيليوس، يعقوب أخو الرب، تيموثاوس، ليديا، سيلا، تيطس، أبلوس، أغابوس، حنانيا،فيلكس، فستوس، أغريباس، لوقا.
الاماكن الرئيسة التي يغطيها سفر أعمال ال الرسل
اورشليم، اليهودية، السامرة، انطاكية، آسية الصغرى، رومة العاصمة…
موضوعاته
يتناول سفر أعمال الرسل أخبار الكنيسة منذ الصعود حتى خروج بولس الرسول من السجن اول مرة في رومة. والمؤكد وفق المؤرخ الدكتور اسد رستم أن لوقا هو الذي أعدَّ هذا السفر والانجيل الثالث أيضاً، فقد أجمع آباء الكنيسة على ذلك منذ النصف الأول من القرن الثاني. والاشارة هنا الى القانون الموتاروري والى اقوال ايريناوس واقليمس الاسكندري وترتليانوس وغيرهم. ويضاف الى هذا ان الانجيل الثالث وسفر أعمال الرسل يتضمنان تعابير طبية مشتركة يتفق ورودها، وما نعلمه من خبرة لوقا في الطب وممارسته ومرافقته بولس الرسول كطبيبه الشخصي.(كولوسي 14:4).
وقد أثبت السير وليم رمزي وغيره صحة الأخبار الواردة في سفر الأعمال وتدقيق راويها بما كشفه ويكشفه علم الآثار المسيحية، وما يعتبره البعض تناقضاً بين أخبار الأعمال ومايماثلها في بعض رسائل بولس هو في الواقع ليس تناقضاً بل اختلافاً ناجماً عن الفرق في الأغراض التي هدفت اليها هذه المصنفات.
وقد اختلف في تحديد الزمن الذي صنف فيه هذا السفر . فمقدمة لوقا التي صنفتفي منتصف القرن الثاني تقول انهدون في آخيا بعد استشهاد بولس الرسول. وكان القول السائد قبل ذلك انه دون عند انتهاء اقامة هذا الرسول الأولى في رومه. ورأى افسابيوس المؤرخ الفلسطيني أن في رسالة بولس الثانية الى تيموثاوس(16:4) مايكفي لتأييدهذا القول. وقال ادولف هارنك العلامة الألماني هذا القول نفسه متخذاً من سكوت سفر الأعمال عن استشهاد بولس حجة للقول بتدوين هذا السفر قبل هذا الاستشهاد ويرى بعض رجال الاختصاص أن سفر الأعمال دوِّنَ بين السنة 90 والسنة 95 لأنهم يجدون تشابهاً بين بعض آياته وبين بعض ماجاء في تاريخ يوسيفوس فيقولون اما أن يكون كاتب سفر الأعمال قد أصغى الى ماقاله يوسيفوس في رومة في السنة 90 واما أن يكون قد اطلع على مصنف يوسيفوس الذي دون في السنة 93. والرأي السائد هو ان هذا السفر دوِّنَ حوالي السنة 75 بعد ميلاد المسيح.
وقد جاء هذا السفر مطولاً ومختصراً فهو مختصر في نسخة سيدنا ونسختي الفاتيكان والكسندرينوس ومطول في نسخة بيزاي وغيرها ويرى بلاس وزاهن ان لوقا نفسه أعد هذا السفر بشكلين أحدهما مطول والآخر مختصر. ويرى غيرهما ان المختصر هو الأصل، وأن المطول يتضمن إضافات أُدخلت على الأصل في القرن الثاني بيد مجهولة.!
اقسام سفر الأعمال
يجوز تقسيم سفر الأعمال الى ستة أجزاء
الاول: (1:1- 7:6) ويتضمن اخبار اورشليم ام الكنائس ظهور المسيح لتلاميذه و الوعد بحلول الروح القدس و الصعود (أع ص1). وعظات القديس بطرس.
الثاني: (8:6 – 9 :31) ويصف انتشار الدعوة في فلسطين ويدون عظات استفانوس.
الثالث: (32: 9 – 12 : 24) وصول الدعوة الى انطاكية ويذكر دخول كورنيليوس في المسيحية.
الرابع: (16 : 25 – 16 : 5) يبحث في رحلة بولس الى غلاطية وفي مجمع الرسل في اورشليم.
الخامس: ( 16: 6 -19 :20 ) يذكر انتشار المسيحية في مقدونية واليونان وآسية.
السادس: (19 : 31 – 38 : 31) يحفظ خبر وصول الانجيلي الى رومة ودخول بولس الى السجن فيها.سفر اعمال الرسل فيه 28 قسماً في 14 قسماً الاولى منه غطى مرحلة بطرس الرسول، وفي ال16 قسم المتبقية غطى فيها فيها مرحلة بولس الرسول.
قيمة سفر الأعمال
قيمة سفر الأعمال التاريخية عظيمة جدًا فهو المرجع الصادق الدقيق والثبت الأمين لتاريخ الكنيسة المسيحية منذ نشأتها إلى سنة 63 م.، و يشرح لنا السفر كيف قام الرسل بشجاعة تامة بالتبشير في جهات عديدة من العالم بعد حلول الروح القدس.
يؤكد سفر أعمال الرسل ان المسيحية هي الدين الالهي بدليل حلول الروح القدس على التلاميذ وقيامهم بأعمال يعجز عنها كل انسان ماكانت لتتم لولا تأييدها بالروح القدس.ويؤكد سفر الأعمال ان يسوع هو المسيح المنتظر كما تشهد بذلك قيامته. وانه هو احد الثالوث الأقدس. وان المعمودية باسم الثالوث تغفر الخطايا وتنيل موهبة الروح القدس وان الشركة بكسر الخبز ضرورية لازمة وان المؤمنين بيسوع يختلفون عن سائر اليهود وان رسالتهم عالمية تشمل الأمم.
ويتضح من سفر الأعمال ان الرسل كانوا مع رأس الكنيسة يديرون دفتها وان شيوخا وأسافغة وشمامسة عاونوهم في ادارة الكنيسة.
رقاد لوقا الحبيب
لا نعرف تماما لا أين ولا متى رقد القديس لوقا. بعض المصادر يقول انه بلغ الثمانين من العمر وأنه رقد في الاسكندرية، ومن هناك نقل الى مدينة القسطنطينية في القرن الرابع، أيام الامبراطور قسطنديوس (357م). الى رفاته تعزى عجائب شفاء عديدة ويقال ان سائلا كان يخرج من قبره ويشفي من يُدهنون به من ذوي أمراض العيون.
خاتمة
اختم ببعض الاكتشافات الأثرية المؤكدة لسفر أعمال الرسل كتوثيق امين…
اكتشافات أثرية
1- في (أع 18 :12) يشير إلى الوقت الذي كان فيه غاليون واليا على آخائية (مقاطعة حكمها اليونانيون) وقد تم العثور في دلفى(مدينة يونانية) على مخطوطات تقررأن غاليون كان حاكما على اخائية سنة51 م.
2- عند الحفر بعمق 6 أمتار في أطلال مدينة افسس وجدوا الأرضية الرخامية لمعبد ارطاميس ص19
3- وجدوا آريوس باغوس في أثينا (أع 17 :19) وتماثيله…
4- مدينة رومة العاصمة الرومانية ( أع 28) الكثير من بقايا المدينة القديمة مازال موجوداً وتم اكتشاف آثار وعملات ترجع لعصر الرسل.