Quantcast
Channel: د.جوزيف زيتون
Viewing all articles
Browse latest Browse all 1470

هل الكاتدرائية المريمية كنيسة كاثوليكية استولى عليها الأرثوذكس؟

$
0
0

سؤال صادم بلا شك…

تمهيد تاريخي

منذ فترة تقارب الستة أشهر وإلى الآن، تتساقط عليّ الاستفسارات من الكثير جداً من الاصدقاء: “شو المريمية كانت للكاثوليك وخلصوها منهم الروم؟…

وطلبوا مني تبيان الحقيقة علناً.

فالمعروف حتى للجنين في حشا امه ان المريمية هي كاتدرائية الكرسي الأنطاكي وهي كنيسة مريم الارثوذكسية، كما أثبتنا، وقبلنا معلمنا الخوري المؤرخ المرحوم أيوب نجم سميا (البقاعي- قب الياس) “مؤرخ الكاتدرائية المريمية” هي ابنة ال 20 قرناً وهي منذ عام 705 مسيحية هي كاتدرائية اسقف دمشق الرومي الخلقيدونية، ومنذ عام 1344مسيحية هي بالتالي كاتدرائية البطريرك الانطاكي بعد انتقال الكرسي الانطاكي الرسولي اليها من مدينة أنطاكية على أثردمارها، وشتات وتيه كرسيها الرسولي الذي  كان قد بدأ مع أول غزوة للأفرنج (الاخوة بالمسيح !!!) السنة 1092 مسيحية،(الظالمة للوجود المسيحي في ارض الشام ارض الكرسيين الأنطاكي والأورشليمي، أرض المسيحية الذين يتشدق الغرب العلماني بتسميتهم صليبيين(1)، ويقتدي بهم فيها بعض كبار المثقفين والمؤرخين المسلمين الحاليين بنية تعصبية ذميمة بغية  الإساءة لاخوتهم مسيحيي المشرق مشيعين عن ظلم هؤلاء الحاملين لراية الصليب للمسلمين).

واجهة وجرسية الكاتدرائية المريمية

واجهة وجرسية الكاتدرائية المريمية

مظالم الفرنج بحق مسيحيي المشرق

ان من يتعامى منهم عن هذه البديهية يكون ظالماً لمسيحيي المشرق ولكني قانع بأنهم (اي مثقفي وكتاب التاريخ في المشرق) متأكدون ان هذا الظلم بحده الأعظمي حَّلَّ على المسيحيين المشرقيين من نظرائهم الفرنجة، واصحاب الضمير منهم يعترفون بهذه الحقيقة الدامغة ، وهذه كانت رغبة الباباوات جعل مسيحيي المشرق اتباع الكرسي البابوي، اضافة الى النية الاستعمارية التي كانت عند ملوك اوربة الذين جيشوا الحملات الأربع عشرة خلال قرنين من الزمان، لأن هذه المنطقة المتوسطية للعالم القديم بقاراته الثلاث، هي طريق التجارة المتوسط مع الشرق الأقصى، والمسمى اصطلاحاً طريق الحرير وطريق التوابل… مع وجود قلة من المتهوسين الدينيين امثال الراهب بطرس الذين نادوا بتخليص القبر المقدس من المسلمين.

إن كتب التاريخ الحديثة والمخطوطات التاريخية المعاصرة للحملات تؤكد ذلك، وأفعال قتل الاكليروس الارثوذكسي، واولهم البطاركة، واحلال لاتينين محلهم معلنة…في الكرسيين الأنطاكي والأورشليمي وقد اعتلى الكرسي الأنطاكي ستة بطاركة لاتين طيلة فترة الحملات وحتى تدمير انطاكية بيد الظاهر بيبرس، وكانوا يبذلون ما امكن وبكل قسوة متاحة لجعل الشعب الارثوذكسي وابناء الكنائس الشرقية لاتينيين او تابعين لبابا رومه، فهي لذلك دعيت ب”الحرب المقدسة”.

وهذه اشارة في مستهل بحثنا كمدخل لما صرنا عليه، واقع تشرذمنا حالياً الى طوائف كل طائفة منها تحتكر لذاتها “الكرسي الأنطاكي” حيث كانت ثمة كنائس نشأت منها طوائف.

والطائفة هي مجموعة عددية صغيرة مهما كان عددها، بينما كانت نسبة الوجود المسيحي في بلاد الشام في مستهل حملات الفرنجة في القرن الحادي عشر أكثر من 69% ، وعندما طُرد الفرنجة من المشرق، انخفضت النسبة، بسبب قهر المماليك للمسيحيين، لأنهم اعتبروهم والفرنجة في مركب واحد (كما اسلفنا)، يتوجب إما طردهم من المشرق، أو أسلمتهم، أو إبادتهم كما فعل بيبرس البندقداري المملوكي والتركي الأصل بدءاً من انطاكية وحتى اصغر قرى القلمون…!!!

بيبرس هذا الذي يعتبر محرراً في (تاريخنا وقد زيفوا معظمه)، كان قاتلاً للمسيحيين على الهوية، فقام بتدمير مدينة انطاكية وقتل وسبي مسيحييها(كلهم روم ارثوذكس) وعددهم مائة ألف انطاكي عام 1268 في حربه ضد الفرنج (نسبة الى سهل الفرنك في فرنسا حالياً) حيث كان عارفاً بجلاء جيوش الفرنجة عنها قبل حصاره لها، وأن ليس فيها إلا أهلها، ولكنه بيت النية على اعتماد سياسة التطهير الديني بحق المسيحيين(سياسة الفاطميين والمماليك)، كما فعل في بلدات القلمون في طريق عودته من انطاكية بعد تدميره لها وقتل وسبي شعبها، بقتل وتهجير مسيحييها ( بلدات القلمون) وكلهم أنطاكيون ارثوذكس، وكما سبق وفعل في انطاكية، لجهة انه احضر مسلمين من مناطق أخرى واحلهم محلهم، وخاصة منهم من هم أصوله التركمانية كأصله الوافدين من الشرق الأقصى، وحوَّلَ الكنائس والأديرة إلى جوامع ومساجد.

لقد نال الأرثوذكس وأبناء الكنائس الشرقية المنكرات من الفرنجة، أثناء وجودهم الاحتلالي لبلاد الشام، ولاحقاً من الحكام المسلمين لبلاد الشام، وحتى من عامة الشعب حيث اعتبروهم من بقايا حملات الفرنجة، لذا تدنت نسبة الوجود المسيحي بعد طرد الفرنجة في مساحة بلاد الشام من 69% الى 20 % قتلاً وتهجيراً وإكراها في اعتناق الإسلام…

لقد قضى أكثر من مليوني ارثوذكسي فقط في بلاد الشام و جنوب آسية الصغرى ومن أتباع الكرسي الأنطاكي على يد الفاطميين والمماليك… ليتابع بعد ذلك السلاجقة مسلسل اضطهاد وابادة الارثوذكسيين اليونانيين واتباع انطاكية العظمى في ابرشيات آسية الصغرى (ماردين وديار بكر، وكيليكياس، وارض روم).

نقل الكرسي الأنطاكي الى دمشق  

في هذه الفترة اي منذ1092 مع أول غزوة للفرنجة وحتى 1342 مسيحية، كان البطاركة الأنطاكيون يقيمون في التيه والشتات بين القسطنطينية وآسية الصغرى وقبرص (لم تكن قد قامت بعد أية دولة تركية سلجوقية او عثمانية في آسية الصغرى، وكانت آسية الصغرى برمتها تابعة للدولة الرومية البيزنطية وعاصمتها القسطنطينية التي عندما احتلها الفرنجة لمدة سبعين سنة اقام الامبراطور البيزنطي دولته الفتية في ايقونية بآسية الصغرى). إلى أن قام البطريرك الأنطاكي اغناطيوس الثاني فنقل المقر البطريركي عام 1342 إلى دمشق نظراً لأهميتها الروحية، فهي مدينة اهتداء بولس الرسول، ومنطلق البشرى الى انطاكية وكل المسكونة، ولتقدم اسقفها بعد البطريرك الانطاكي، ولمكانتها السياسية كعاصمة بلاد الشام وزاهيتها، وتحقق ذلك عام 1344 وبالبطريرك اغناطيوس الثاني، فتوحدت سلسلة بطاركة انطاكية التي بدأت ببطرس الرسول 45- 53 مسيحية بسلسلة أساقفة دمشق التي بدأت عام 35 م بحنانيا الرسول.

وبالتالي استقر في الدار البطريركية الارثوذكسية الحالية التي هي بالأساس مطرانية دمشق ومقر مطرانها، وصارت كنيسة مريم كاتدرائيته مع الكنيستين الأخريين: كبريانوس ويوستينا، والقديس نيقولاوس.

وإلى الآن… بإذن الله، وحتى ينقضي الدهر…

داخل المريمية وايقونسطاسها

داخل المريمية وايقونسطاسها

وأعود إلى البداية…وجواباً عن هذا السؤال الصادم ” لمن المريمية؟”.

أوضح

منذ فترة أشهر خلت انتشرت على موقع بطريركية الروم الكاثوليك الشقيقة وعلى صفحتها، قصة بناء “كاتدرائية سيدة النياح” وقد ورد فيها “محضر اتفاق” نتج عن اجتماع البطريرك مكسيموس مظلوم وأعيان الروم الكاثوليك بدمشق في 1 تموز 1834 بخصوص هذه الكنيسة، ومااستُنتِجَ من الاتفاق عبر بنود ثلاثة، وخاتمة، وهذه التي أثارت النفوس، واشتعلت بها صفحات التواصل الاجتماعي والتي توحي بأن المريمية كاثوليكية وان الروم استلبوها من الكاثوليك، والحق يقال انها صدمتني وأنا الباحث في التاريخ الأنطاكي وتاريخ دمشق المسيحية، مع علمي انها وثيقة كتبت قبل قرنين من الزمان، وبمنطق جّسَّدَّ التباغض والازدراء والقطيعة وتحريم الزواج بين الفريقين وحتى المخالطة اجتماعيا، مع شديد الأسف.

والخاتمة (مطرح النظر) هي التالية حرفياً :

“وهكذا اتخذوا احتياطهم من الذئاب الخاطفة ومن تقلقل كل قصبة تحركها الريح لئلا تأتي أيام تذهب فيها معاهدهم إلى غير جهة الكاثوليك كما حصل بكنيستهم(لكنيستهم) المريمية وبغيرها (وغيرها) من المعاهد”.

وهذا يعني ببساطة ان الكاثوليك بعد اجتماعهم التاريخي بالبطريرك مظلوم، بعد السماح له اصولا بدخول دمشق (اثر اعتراف والي مصر والشام محمد علي باشا بالكاثوليك طائفة مستقلة عن الكرسي الانطاكي، هذا الاعتراف الذي تم بفضل يوحنا البحري الكاثوليكي كبير مستشاري ابراهيم باشا واضطرار السلطان العثماني بمنحهم اعتراف الدولة العثمانية بهم وبضغوط كبيرة من سفيري فرنسا والنمسا والكرسي البابوي) وضعوا هذه الاتفاقية التي تضمن “عدم انتزاع الروم هذه الكنيسة من يدهم كما فعلوا قبل مائة سنة وانتزعوا المريمية وغيرها من المعاهد من يدهم…!” ( في الكنيسة كانت مدارس التعليم)

وكي لا أوصف من البعض بالتعصب الطائفي، قررت عدم الرد، واكتفيت بالتوضيح مباشرة وشفهياً، وبرسائل على الخاص لكل من سألني، ومنهم من الاكليروس، ولكن الأشد إيلاماً دوماً، هو قلب الحقائق وعكسها في التاريخ المشترك منذ نشوء الطائفة الشقيقة السنة 1724 وانا عارف بكل شيء ومن الوثائق، وباحث فيها.

لا سيما وأن من يعرف أن العمر الفعلي لطائفة الروم الكاثوليك هو اقل من ثلاثة قرون، وتاريخ نشوئها الفعلي كان في عام 1724 مسيحية، وأما التاريخ الرسمي للاعتراف بها فكان عام 1835 أي بعد مائة وأحدى عشرة سنة، فمن أين حصلوا على الكنائس والأديار التاريخية التي تعود إلى فجر المسيحية؟، ولكن بإمعان النظر قليلاً، يدرك السائل تماماً أن الأديرة والكنائس التي هي بحوزتهم والعائدة إلى القرون المسيحية الأولى اي إلى ما قبل دخول المسلمين للمشرق المسيحي اي الشام الكبرى، هي أرثوذكسية بالمطلق، وتم الاستيلاء عليها، والباحث وحتى من تبقى من كبار السن يدركون الأسباب

كاتدرائية سيدة النياح للروم الكاثوليك

كاتدرائية سيدة النياح للروم الكاثوليك

– وهي إما بوضع اليد بعد تغيير المذهب للشريحة الأكبر بتقديم المعونات المالية (كما فعل غبطة البطريرك الكاثوليكي كيرلس مغبغب، ومعه المطران نيقولاوس قاضي عام 1920 في معرة صيدنايا عندما زار القرية (وهي فقيرة) وأغرى رعيتها الأرثوذكسية الفقيرة بالمساعدة المالية في حال رغب من يرغب باعتناق الكثلكة، وبمنح كل شاب أرثوذكسي من معرة صيدنايا خلال وجوده لمدة يوم فقط بالتكلل عنده بمنحه ليرة ذهبية عثمانية، فتقدم عشرات الشباب( وفق روايات اهل القرية وشهادة شفهية من قواص البطريرك قبل وفاته مسناً، وهو قريبي ومن العائلات الكاثوليكية الشهيرة)، وقد تم تغيير القيد بسجلات النفوس من روم ارثوذكس الى روم كاثوليك. وفي أمكنة أخرى أنشئت لهم قيود لم تكن موجودة قبلاً هي: قيد “روم كاثوليك”)…

– أو بمساعدة الولاة العثمانيين بالأصفر الرنان والرشوة وشراء ضمائرهم، وبمساعي سفراء فرنسا والنمسا والصرح البابوي وضغوطهم على السلطان العثماني… أو بتغيير النفوس دون علم أصحابها في قضاء العجم(من داريا حتى عرنة)( وتحديدا في جديدة عرطوز من قبل مأمور النفوس (أبو حمد أفندي وهو سريان كاثوليك من قلعة جندل) ولكنه سجلهم في القيود روم كاثوليك ما اضطر مثلث الرحمات البطريرك غريغوريوس الرابع، وهو البطريرك المشهور عنه حكمته وصلابة موقفه للاحتجاج مراراً  أمام السلطات الفرنسية المنتدبة  لتغيير هذه القيود، ونقل مأمور النفوس، بدون نتيجة وأوفد ممثلاً شخصياً عنه قابل ممثل المندوب السامي في دمشق ولم يكن يلق إلا وعوداً خلبية… وبقي الحال على حاله …

وكما في صافيتا ومرمريتا ومناطق كثيرة في مجاهل ريف حماه وحمص وتم الاستيلاء على كنائسها وأديرتها الأرثوذكسية، وفي وادي النصارى وعكار وهي قلعة الأرثوذكسية بتبشير مباشر من مطران طرابلس الكاثوليكي، وبالمعونات العينية والمالية ورسامة الكهنة لرعايا قبل إنشائها… ، في اواخر العقد الثاني من القرن العشرين( مع اعلاني للقارىء الحبيب، انزعاجي لأني لم أكن اتمنى الخوض في هذا الطريق الشائك والرد مبيناً الاسباب والنتائج التي شرذمت الوجود المسيحي في رقعة بلاد الشام برمتها  لدرجة الكارثية،وعندي الكثير من الشواهد…)

وبقي الاستيلاء على الكنائس والأديرة الأرثوذكسية مستمراً حتى القرن 20 في عهد الانتداب الفرنسي في سورية ولبنان لذي كان “انتداباً كاثولكياً” بامتياز، كما المحنا في الفقرة السابقة، ولدينا ثبوت تاريخية بما تم استلابه من الأوابد الروحية الآثارية بعد استلاب رعاياها في كل الكرسي الأنطاكي، وخاصة في أبرشية دمشق… منها بدمشق باب بولس ( باب كيسان) عام 1935 بمنحه من سلطات الانتداب الفرنسي، ودير مار توما في صيدنايا الذي وفق كتاب الاب ميخائيل زربطاني المطبوع في كندا( ارجح المنقول في دير البتول)ان مفتاحه كان مع رئيسة دير سيدة صيدنايا وانه كان مغلق ويحتاج الى صيانة شاملة وان مكاري دير سيدة صيدنايا صحبه اليه ومعه المفتاح وزاره ووصفه واعاد المكاري المفتاح الى رئيسة دير السيدة، ودير مار الياس في معرة صيدنايا وكان ارثوذكسياً الى اواخر العقد الثاني من القرن 20.

ومع ذلك ودفعاً لأي سجال مقيت مؤلم لنا نحن الأرثوذكس، لأنه اساساً يفتح جراحنا الكثيرة ويعيد نزفها بغزارة الماً على اوابدنا الكثيرة المخطوفة، تابع أحبارنا العلماء عدم الرد كعادتنا، بالرغم من القدح والذم المستمرين بنا وبعقائدنا خلال القرنين 19 و20 م، ولا تزال هذه (الفرية- التهمة) معتمدة ومستمرة من كبار الكهنة والعلماء الأجلاء من الروم الكاثوليك، وحتى من الشعب العادي الذي لا يعرف إلا انه كاثوليكي بالولادة، ولكنه مقتنع بأن كنيسته هي الأحسن والأدق والأكثر ديناميكية وتطوراً مع العصر وروحه،”والروم جهلة متخلفون ومتعصبون…” بفضل ما زرعه فيهم المبشرون الورعون خلال القرون الثلاثة المنصرمة، كما فعل الأب فيرسو اليسوعي المتدخل في رهبان البلمند “لرعايتهم وتلقينهم امور الايمان!!!”  ومعه الأب نصر لله الحلبي عام 1704 الذي نصح الراهبين الحلبيين من رهبان البلمند:” أن يذهبوا إلى جبل لبنان ويفتشوا على مطرح خالي، وبعده نحن نجي إلى عندكم ونعمل رهبنة قانونية. لأن في هذا الدير الإنسان ما يحسن يعيش في حرية الإيمان لأن فيه أناس معاندين وعشرتنا معهم لا تصلح. فسمعوا من شوره وراحوا حوشوا دير الذي يقال له مار يوحنا الشوير وأرسلوا اخبروهم عنه.” كما أورد الأب قسطنطين باشا المخلصي في كتابه (تاريخ الطائفة الملكية). ودير مار يوحنا كان منسكاً رهبانياً أرثوذكسيا ويعيش فيه راهب وملكيته ورعايته لأسرته …

قررت عدم الرد علناً كما أسلفت… وكي لا أتهم فوراً بالتعصب الطائفي “الروم شو متعصبين” رغم أن حق الرد مصان وممنوح للمتهم الذي ثبتت جريمته، فكيف بالمتهم بدون إدانة مبرمة،
ونحن بموجب ما ورد متهمون بارتكاب جرم السطو، وبسط اليد على ممتلكات الغير، وبخاصة “المريمية” بكل ثقلها الأرثوذكسي ككاتدرائية الكرسي الأنطاكي المقدس و الأقدم والأعرق، ومن حقنا كمتهمين الرد ودفع التهمة “وكل متهم بريء ما لم تثبت إدانته بحكم قطعي مبرم”..

داخل كاتدرائية سيدة النياح الكاثوليكية

داخل كاتدرائية سيدة النياح الكاثوليكية

وقد نسي هؤلاء الإخوة  أصولهم الرومية الأرثوذكسية مع استبدالهم لكلمة “الأرثوذكسية” في كل أدبياتهم ب”الملكية”(2) للتمييز والتفرد، (سيما وقد نهجوا نهج إلغاء  كلمة الأرثوذكسية ما أمكن من كل كتبهم الطقسية)، وفي الوقت عينه اتبعوا الغرب البابوي وتكنوا بالكثلكة.

وأطلق أصحابها على الخلقيدونيين لقب “ملكيين” تنزيلا وحطاً من قدرهم، فهم صنيعة  الملك البيزنطي يأتمرون بأمره ويقودهم ويطيعونه بكل شيء، لأن من أطلق فكرة الطبيعتين والمشيئتين هو الإمبراطور هرقل  ولاسيما ان الملوك البيزنطيون كانوا يدعون إلى المجامع ويرأسونها، والدولة الرومية البيزنطية كانت تتمثل بشخص الإمبراطور، والأباطرة الروميين كانوا حماة الايمان القويم. وبالمقابل فإن الخلقيدونيين لقبوا الرافضين باللاخلقيدونيين، وفي موضع آخر لقبوا السريان أصحاب الطبيعة الواحدة والمشيئة الواحدة بلقب اليعاقبة نسبة الى زعيمهم يعقوب البرادعي…

فالحال هذه ان هذا اللقب فرض على الخلقيدونيين أي علينا نحن الروم واللاتين في القرنين 5 و6 م، بينما كان ظهور الروم الكاثوليك فعلياً عام 1724 م اي في مطلع القرن 18 المسيحي، اما الاعتراف بهم رسميا فقد تم في الثلث الأول من القرن 19  المسيحي. ونذَّكر بأن هذه التسمية كانت تهكمية، ولاتعني انها كنيسة ملكية كما قصد اخوتنا الكاثوليك اعتمادهاكعنوان لكنيستهم، كتسمية بديلة عن الارثوذكسية، حين تنظيمهم لكنيستهم 1835م حين الاعتراف بها واطلاق عنوانها، ولو كانت ملكية بالمفهوم المفخم فيتوجب علينا نحن الروم ان نتمسك بها نحن لأننا كنا ومازلنا الأصل وحافظنا على التقليد الرسولي والآباء القديسين والمجامع السبعة والقوانين التي اقرتها دون ادخالات منفردة، ولكن المنطق يقول بأننا لسنا ملكيين بيزنطيين، بل نحن ارثوذكسيين اي اصحاب المعتقد القويم، وانطاكيين مفتخرين بفرادتنا الأنطاكية الأرثوذكسية.

ومن باب الانصاف لملوك الروم انهم حقاً كانوا حماة الايمان الارثوذكسي القويم، لذا رعوا المجامع المسكونية السبعة التي جمعت الجميع من روما الى اورشليم وبقية الكنائس المستقلة حينئذ كقبرص… تحت رئاستهم وحمايتهم، ولولاهم لما بنيت الكنائس والاديرة فهم من بناها بدءا بكنيسة القيامة والمهد بيد قسطنطين الكبير،ولما بقيت لنا الكنائس والاديرة المقدسة في فلسطين، وقد اعادوا اعمارها بعد تدميرها في العهود الظلامية الفاطمية والمملوكية …وخاصة القيامة والمهد الارثوذكسيتين وكيف بسطت الكنائس الأخرى الأيدي عليهما وشاركتهم في القيامة…وكذلك كنيسة مهد بيت لحم بهمة الغيارى اللاتين ابناء سهل اللاتيوم بمنطقة رومة اين منها فلسطين، والذين اسموا انفسهم حراس الأراضي المقدسة!!! ولا اعلم حراساً على اي شيء…ومثلها فعلوا عام 1848م باستيلائهم بمعونة والي دمشق العثماني المرتشي بمالهم على كنيسة حنانيا الرسول الارثوذكسية في دمشق القديمة…

كنيسة حنانيا الرسول وكانت ارثوذكسية قبل ان يضبطها اللاتين

كنيسة حنانيا الرسول وكانت ارثوذكسية قبل ان يضبطها اللاتين

أن ردي هنا الذي أوردته هو دفعاً ودحضاً لتهمة شائنة مادية، ومعنوية فادحتين، اقل ما يقال عنها أن الأرثوذكس سارقون قاموا ب”السلبطة، والسطو على مقدسات ومعابد ومعاهد كاثوليكية بعد اضطهادهم أصحابها”، والمؤسف ان نشرها قد تم الآن وبكل الوسائل المكتوبة والمقرؤة ولغاية في نفس يعقوب. وقد اشتعلت النفوس بنقمة متبادلة في زمن عصيب على الوطن السوري والمشرق، وعلى المسيحيين الذين أمسوا فيه قلة تتناقص باستمرار… وربما ان استمر نزفنا نصل الى شبه ندرة في هذا الوطن المسيحي، لذا نحن أحوج ما نكون في وحدة متكاملة لدفع الضرر، ولاسيما وان الطوائف (للعارفين) وخاصة اللاحقة في نشوئها، نشأت ليس ورعاً من مؤسسيها بل بفعل الطمع بالتزعم و”حب الرئاسة والكلام البطال” على قول القديس افرام السوري. سامح الله من كان السبب والفاعل وقد شرذموا الكنيسة الواحدة بفعلهم فنشأوا كفرع ضعيف، وان دعمتهم رومة وحكام جبل لبنان والولاة العثمانيين المرتشين، لقلة عددهم حتى ان بطريركيتهم شملت ثلاثة كراسي هي انطاكية والاسكندرية واورشليم، وضعف الأصل بانشقاقهم عنه.

وهنا لابد من القول بكل فخر، أن المسيحية الأنطاكية او الكرسي الانطاكي المقدس، لم يقم بغزو اية كنيسة اخرى مبشراً رعاياها بورع كاذب بقصد الاستلاب، بل بقي في المشرق وكان داعية محبة وخير وسلام، فأنشأ بفضل المطران ميخائيل السوري التابع لبطريركية القسطنطينية الكنيسة الروسية الارثوذكسية بعدما عمد مئات الوف من الروس في انهار روسيا في اكبر معمودية شهدها التاريخ السنة 978 مسيحية، وبفضل البطريرك الانطاكي يواكيم الخامس اواخر القرن 16 تم الاعتراف بموسكو بطريركية خامسة ممثلة بايوب متروبوليت موسكووصار البطريرك الارثوذكسي الخامس…

بينما هم جاؤوا اليها، فتح بطاركتها ورعاتها ايديهم ترحيباً ب”الاخوة في المسيح”، لكن هؤلاء الاخوة في المسيح، ومع شديد الأسف، خانوا الثقة ومحبة بطاركة الروم الارثوذكس للبابا غريغوريوس 13،ومن تلاه، وفق اخلاق انطاكية العظمى وانتمائها المسيحي وهو مكمن فرادتها وضعفها وقوتها بآن معاً…

واستلبوا الرعية الأنطاكية في اي مكان وصلوا اليه، وحاولوا الاستيلاء على انطاكية العظمى ولما فشلوا، أقاموا شيعاً انفصالية  متباعدة متباغضة مع امها، واقاموا كنائس ومذابح وهياكل وهيكليات رئاسية وادارية دخيلة لاحقة لبابا رومة فهو بطريركها الجديد وان جعل لها بطاركة تابعين له، مقابل الكنائس والمذابح والهياكل والهيكليات الرئاسية والادارية الاصيلة ببطاركتها الاساس، فضعف الأصل، ونشأ منه  الفرع ضعيفاً.

سبب ردي

ما دفعني الآن للرد هو أن هذا الأمر، كان قد تم نشره خطيا في مجلد وثائقي بالوثائق والصور أرخ لبطريركية الروم الكاثوليك بدمشق وكاتدرائيتها (سيدة النياح) اعد له السيد الزميل الأكاديمي الدكتور وسام بشارة كبكب أستاذ الفلسفة واللاهوت في معهد القديس بولس ونشره (مركز الأبحاث الملكية بدمشق عام “2010” ) مستنداً به على مقالات وأبحاث كثيرة المع إليها في مقدمة وصدر الكتاب الأنيق وخاصة لجهة “الاضطهادات” من الأرثوذكس للكاثوليك عموماً ولأول بطاركتهم كيرلس طاناس (وخاله افتيموس الصيفي مطران صور وصيدا وكان أول أسقف كاثوليكي. منذ كثلكته عام 1700) واستمرت الاضطهادات حتى الاعتراف بطائفة الكاثوليك عام 1835، وفق ادبياتهم وتآريخهم…

ولما كنت من أنصار التوثيق للحوادث التاريخية، فأنا أثمن هذا الجهد المبذول من السيد الدكتور وسام كبكب الذي أثمر هذا المرجع الموصوفة معلوماته التاريخية من غبطة البطريرك غريغوريوس الثالث (لحام) في كتاب بركته إلى الكاتب ب “شبه الكاملة” حول تاريخ هذه الكاتدرائية…

كما أن الكاتب د.كبكب ابرز الصعوبات الجمة التي واجهها وأوجزها في ست صعوبات:(اشتكى في معظمها من عدم وجود أرشيفات تفيد بحثه أو تعذر عليه الاطلاع عليها إن وجدت، وعدم وجود معلومات شفهية.. وأن الذي سد النقص في كتابه مقالات لعل أهمها مقال الأب غليل والارشمندريت فيليبس غرة…الخ) وفي هذه الحالة ووفق بديهيات كتابة التاريخ او التأريخ لحادثة تاريخية ما، ووفق عرف المؤرخين وكتَّاب التاريخ لا تعد ثبوتاً أساسية، إنما يؤخذ بها على سبيل الاستئناس… ولما كانت هذه “الوثيقة الموصوفة”  نتيجة محضر اتفاق واجتماع وما استنتجه معاصره الارشمندريت فيليبس غرة ببنوده الستة والاستنتاج الختامي، عدا عن ضحالته ( تشكل جرحاً غائراً للضميرالارثوذكسي، وبخاصة الدمشقي، الذي لم يستلب من احد لا فرداً ولا كنيسة عبر كل تاريخه وكان يفتح ذراعيه بكل الحب حتى لمن يطعنه بظهره.

سلب كنيسة القديس يوحنا الدمشقي الأرثوذكسية

كنيسة القديس يوحنا الدمشقي الأرثوذكسية من الداخل

كنيسة القديس يوحنا الدمشقي الأرثوذكسية من الداخل

اسوق هذه الحادثة للسيد الدكتور كبكب ولمركز الابحاث الملكية ولكل من كتب طاعناً بحق الارثوذكس” الذئاب الخاطفة”، وخاصة لجهة فرية الاضطهادات المزعومة، ولجهة فرية سرقة “المريمية وغيرها من المعاهد من قبل الذئاب الخاطفة” وهي حالة من حالات لعل المفترون يتعظون ويخجلون…!

الحادثة:

الخوري الكاثوليكي ايوانيكيوس مساميري بدمشق انتمى مع جماعة كبيرة من المثقفين الروم كاثوليكيين للأرثوذكسية عام 1858 احتجاجا على فرض  بطريرك الكاثوليك السيد اكليمنضوس بحوث تعييد الفصح وفق التقويم الغربي،  فأحبه البطريرك الأرثوذكسي ايروثيوس، ورقاه أسقفا ووكيلاً بطريركياً بتشجيع من القنصل الروسي في دمشق، وأطلق يده بكل شيء لأن البطريرك كان مقيماً في اسطنبول بعد كارثة 1860، ايوانيكيوس ارتد مجدداً الى الكثلكة بتشويق البطريرك الكاثوليكي غريغوريوس يوسف الذي سماه معاوناً بطريركيا له بدمشق، وهوفعل ملفت جداً، لكن المثير والملفت اكثر بما لايقاس، انه استلب كنيسة القديس يوحنا الدمشقي الأرثوذكسية  الكائنة بجوار الآسية بعدما تم الفراغ من بنائها وتزيينها وتأثيثها، قام  بتكرَّيسها بتكليف من البطريرك الأنطاكي ايروثيوس، ورفع فيها رئاسة البابا والبطريرك غريغوريوس، وقال أنها للروم الكاثوليك، بذريعة كاذبة “انه بناها من ماله الشخصي”!!! وارتد لطائفته بعد ست سنوات قضاها وكيلا بطريركيا للروم الأرثوذكس، بينما هي بُنيت من أموال التعويضات الممنوحة من الدولة العثمانية عن شهداء الأرثوذكس وقيمة دورهم المدمرة والمحروقة في مذبحة 1860 والممنوحة تعويضا من الدولة العثمانية ( كما منحت تعويضات للطوائف الأخرى تحت يد بطاركتها يصرفونها على ذوي ضحايا طوائفهم) وكانت هذه باستلامه كونه الوكيل البطريركي عن البطريرك الموجود في الأستانة، وكان يصرف منها على بناء الكنيسة باشراف المجلس الملي الدمشقي، وكانت تحت يده ايضاً عائدات الأوقاف الأرثوذكسية الدمشقية غير المحترقة في اسواق دمشق من دكاكين وخانات، وعائدات أخرى عبارة عن تقدمات البطريركية الروسية في موسكو ارسلها المعتمد الأنطاكي الارشمندريت غفرئيل شاتيلا الدمشقي، والسفارة الروسية في اسطنبول وقنصليتها بدمشق وكانت كلها لصالح الإنفاق على بناء كنيسة الدمشقي والمريمية المدمرة، وللإنفاق على الأرامل وذوي الضحايا في هذه الفتنة المدمرة، وتؤكد الوثائق البطريركية والسجلات المالية ووثائق التعويضات انه احتكرها كلها بيده، ولم ينفق منها قرشاً واحداً عليهم، وهي من حقهم، ولما رجوه ثم طالبوه بها طردهم من دار البطريركية مهيناً اياهم فرفعوا عدة عرائض الى البطريرك في الاستانة اشتكوه بها، فجاء الأخير على عجل من الاستانة وحاول ترميم الأمور وارضاء الطرفين ووزع منها بيد شماسه ملاتيوس الدوماني الدمشقي بالرغم من حنق المساميري ورفضه)، وكانت عودة ايوانيكيوس الى طائفته وتمسكه بكنيسة الدمشقي بغير حق وذلك في عام 1864 وحكم الباب العالي بأحقية الروم الأرثوذكس بالكنيسة، حيث كان هو قد وهب أرضها لهم لبناء كنيسة ثانية غير المريمية  عام 1858، ولكن الباب العالي لم يحكم بالحق بل وفقاً لشروط فرنسا والنمسا حاميتي الكاثوليك (بموجب نظام الامتيازات) وبابا رومه وقصاده الرسوليين في قاعدتهم بالأستانة، فحكم بتعويض ايوانيكيوس الانتهازي والسارق بمبالغ خيالية وتعويضه بكل ما ادعاه على من احتضنه وأحبه واكرمه (هذه هي السرقة الموصوفة مع الخيانة) فلقد سددت الضحية الدمشقية الارثوذكسية المجني عليها ثمن دمها وكنيستها للجاني ايوانيكيوس الخائن الانتهازي وهي تعويضات دمائهم وممتلكاتهم المدمرة الأمر المعروف والمدون في السجلات المالية والوثائق التاريخية…

وكانت كارثة معنوية هائلة وأكثر من المادية الفادحة على شعب ذبيح ذبح نصفه وهجر ربعه…!!!! ولم يحتمل اراخنة الشعب الارثوذكسي الدمشقي واعضاء المجلس الملي هذه الاهانة، وهجر كثيرون منهم دمشق، وسكنوا في الاشرفية ببيروت، وبنوا فيها بيوتهم ومدارسهم…

لذا ومن باب المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقي بصفتي أميناً للوثائق البطريركية بدمشق راجعني المتألمون من هذا الافتراء وطلبوا التوضيح والرد.

شعار الكرسي الأنطاكي

شعار الكرسي الأنطاكي

وقفت مع ذاتي، فأنا أمام تهمة بالسرقة قام بها الأرثوذكس الدمشقيون، وهي ليست مجرد معلومة وردت على صفحة الفيسبوك وانتهت. بل أمام معلومة ثابتة على مسطرة على موقع البطريركية الكاثوليكية الألكتروني قرأه الكل ويقرأه الكون كله، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أنا أمام مرجع ثابت للباحثين فوجئت بصدوره ويعود الى عام 2010 أصدره “مركز الأبحاث الملكية” التابع لبطريركية الروم الكاثوليك…!

وسلفاً أوضح دفعاً لأي لبس أو غموض، وبقصد إنارة الأذهان وتسليط ما أمكن من الضوء على الحقيقة وأنا قائم بأمانة الوثائق البطريركية، اني لما قررت الرد وددت أن أحاول وضع الأمور في نصابها ليس تعصباً كما قد يحلو للبعض وصفي به الذين بالتأكيد لن يرق لهم ردي، (وكما كان يوصف وعبر القرنين المنصرمين كل أرثوذكسي صحح معلومة خاطئة جهلاً او تجهيلاً للحقيقة الساطعة، او مدسوسة قصداً).

أنا اكتب الآن دفعاً لتعصب وتعصب مضاد نشآا واشعلهما نشر هذه المعلومة الفرية (من الافتراء) سيما وانها نتاج مقال، وكان من باب أولى، عدم نشرها حذراً من عواقبها. اما ان كانت وثيقة فيتوجب نشر صورتها توخياً للنزاهة والمصداقية.

هذا ما يتوجب على كل مؤرخ أو كاتب تاريخ أن يتقيد به، والمفروض به اساساً توخي الحيادية بعيداً عن الهوى والميل الشخصي والتعصب والتحزب وفق أدبيات التاريخ وتعميمات اربابه كإبن خلدون مثلاً.

لم يكتف الكاتب بادراج هذا الذي اعتبره ربما وثيقة تاريخية في الصفحة 41 من كتابه، بل كان قد قالها قبلا في الفقرة الأخيرة بالصفحة 29وفق التالي:” ونتج عن هذا الوضع ان مُنع الكاثوليك من إقامة شعائرهم الدينية ومن قبول الاسرار على يد كهنتهم، واجبروا على التخلي عن الكنيسة المريمية حسماً للنزاع مع الفرع الارثوذكسي. ومنع البطريرك الكاثوليكي من المجيء الى مقر كرسيه في دمشق تحت طائلة الملاحقة والاعتقال، فاضطر الى اللجوء الى جبل لبنان تاركاً وراءه الرعية ورعاتها…” وبذلك ابرز الكاتب اضطهاداً موصوفاً للكاثوليك!!!

الملاحظ ان النية انصرفت في ذكر هذه العجالة في مرجع كهذا يقرأه كل محب لكنيسته من الاخوة الكاثوليك الى اظهار مدى الظلم الذي فرضه الارثوذكس وبطاركتهم على الكاثوليك حتى انهم اجبروهم “على التخلي عن الكنيسة المريمية حسماً للنزاع مع الفرع الأرثوذكسي…”وجعل من يقرأه من العامة الأرثوذكس ينقمون ربما على اهلهم ورئاستهم في تلك الازمنة، ويشعرون بعقدة الذنب، وان كنا نحن كباحثين اعتدنا ومنذ الاعتراف الرسمي بالكيان الكاثوليكي عام 1834 على هذه الادبيات الكاثوليكية التي تصور ظلم الارثوذكس…

وهنا اقول: لم يكن للطائفة الارثوذكسية وقت محاولة السيد طاناس وزمرته وبعد رسامته المخالفة للأصول  الارثوذكسية خاصة، والمسيحية عامة ( وليس في ردي هنا متسع لابراز عدم القانونية لجهة ملابسات رسامة المطارنة الذين رسموه اولاً، ومن ثم رسامتهم له، وتنصيبه ومابني على…فهو…

ان قول الكاتب في مستهل الصفحة الثانية من مدخل الكتاب رقم 29  في قصة الرسامة والتنصيب التالي:”…  عمد الفريق الكاثوليكي الى انتخاب سيرافيم طاناس، ابن اخت المطران الصيفي وتلميذ مجمع انتشار الايمان في روما، بطريركا باسم كيرلس السادس، وجرت الرسامة في دمشق في 20 من ايلول 1724، في حين التأم السينودس القسطنطيني الدائم بعد اسبوع، في يوم الأحد 27 من ايلول، وانتخب سلفستروس القبرصي بطريركاً على الكرسي الأنطاكي الملكي ( 1724-1766).”

ويتابع في الفقرة التالية بالقول” صحيح ان هذه الازدواجية في السلطة لم تكن جديدة على الكنيسة الملكية الأنطاكية، فقد حدثت حالات مماثلة سابقاً، ولكن هذه المرة كانت الخطوة اخطر من سابقاتها لأنها دامت فترة اطول. وصحيح أن البطريرك كيرلس السادس كان يصبو الى أن يكون بطريركاً على جميع الملكيين، لاعلى الفرع الكاثوليكي فقط، إلا ان امتناع السلطة العثمانية عن الاعتراف به، واعترافها بمنافسه سلفسترس عرقل عمله وجعله بطريركاً لفئة من المؤمنين الملاحَقين، وهذا مادفعه الى اللجوء الى دير المخلص في جون (لبنان)، هرباً من الملاحقة.

وهكذا شهدت أنطاكية، في خريف العام 1724، ظهور بطريركين على الكرسي الملكي، أحدهما أرثوذكسي تدعمه السلطنة العثمانية والكرسي القسطنطيني، والآخر كاثوليكي يدعمه المرسلون اللاتين ويدعمه بحذر الكرسي الروماني…”

من يتتبع هذا الكلام من العامة يدرك ان ثمة تنافس بين بطريركين على اعتلاء السدة، ولكنه لا يدرك الواقع الناتج عن مداخلة روما عبر طغماتها التبشيرية الورعة للاستيلاء على السلطة الأنطاكية، لأنه لايعرف ممارسات الكرسي الروماني /وليس “الدعم بحذر”/ خلال عدة عقود من التبشير المنتظم وصرف المبالغ الطائلة، كما يحصل اليوم بحق الكرسي الانطاكي من كل القطعان المستشرسة ومن كل الدكاكين ومنها المتصهينة والمتهودة بالمال والرعاية والوعظ الكاذب لاقتناص الرعية الأنطاكية)، وارسال النجباء للدراسة في رومة ولعل ابرزهم كان الصيفي، وان الكرسي القسطنطيني تدخل فانتخب بعد اسبوع الراهب الآثوسي سلبسترس بطريركاً على انطاكية  ولا لجهة الرفض الشعبي من الأكثرية العظمى من الشعب الأرثوذكسي ولا من مطارنة المجمع الأنطاكي المقدس وربما نتحدث بمقال مستقل عن هذا)  واستيلائه على البطريركية… والمريمية، وكل الصرح البطريركي، ونادى بنفسه بطريركاً وعمم على المطارنة ليطيعوه ويرفعوا رئاسته تحت طائلة العقاب لأنه عرف برفضهم له ولرسامته المشبوهة…

القديس الشهيد في الكهنة يوسف الدمشقي

القديس الشهيد في الكهنة يوسف الدمشقي

وهنا الفت الانتباه الى ان هذا التمهيد ادى الى هذه النتيجة الانقلابية، واسأل هل كان يوجد فرع كاثوليكي سابقاً للعام 1724م لولا تبشير الرهبان الاستيلابي، وهل كان افتيموس الصيفي كاثوليكياً بالمولد والانتماء؟ ام ان رومة صيّرته كذلك في مدرسة القديس اثناسيوس اللاهوتية في روما ومجمع انتشار الايمان فيها واعادته خريجاً كاثوليكياً بالمطلق! ومارست الضغط برهبانها على البطريرك ليقيمه مطرانا على صيدا بعد ترمل الأبرشية، ولتتم رسامته في المريمية مجاهراً بصك اعترافه ببطريركيته الأنطاكية الأرثوذكسية، وخضوعه لها ولبطريركها ولآباء المجمع الأنطاكي المقدس حسب الأصول في المنتخب للأسقفية باعترافاته في حفل رسامته…

اما ان يقال أن المجمع القسطنطيني الدائم بعد اسبوع انتخب سلفسترس بطريركاً، فهو مجاف للحقيقة، لأن سلبسترس كان ،من فوره، مرشح الشعب الدمشقي الأرثوذكسي، واعضاء المجمع الأنطاكي المقدس الشرعي حين استولى طاناس على المريمية ونصبه الثلاثة (المشكوك بشرعيتهم وانتمائهم) بطريركاً… مقابل رفض شامل من اثني عشر متروبوليتا واغلبية الشعب الدمشقي.

وارسل الارثوذكس مجمعاً وشعباً دمشقياً واراخنته، ترشيحهم لسلبسترس القبرصي الآثوسي بطريركاً، مطالبين البطريرك المسكوني اقرار مرشحهم ورسامته، وهذه كانت سابقة لم تحصل قبلاً، فالكرسي الأنطاكي مجمعاً وشعباً دمشقياً هو من ينتخب بطاركته، ولكن هنا ولأن الحالة صارت شاذة بهذا الانقلاب الناتج عن تغلغل الرهبان الرومانيين ودسائسهم (التي سبق واقضت مضجع البطريرك اثناسيوس الدباس وحاول ايقافهم عند حدهم واوقف الصيفي وجرده بقرار مجمعي واعتقله وقرر نفيه لأنه لم يتوقف عن بث هذا الشذوذ بالتبشير بالكرسي الروماني عام 1723م) هذه الحالة الشاذة فرضت اللجوء الى الزعيم الروحي للمسيحيين الروميين في السلطنة العثمانية اي البطريرك المسكوني الذي اعطاه هذا الحق السلطان محمد الثاني حينما استولى على القسطنطينية الشهيدة، “بطريرك ملة باشي” والاستنجاد به لمنع استلاب الكرسي الأنطاكي من قبل الكرسي الروماني بواسطة هذه القلة المشايعة له والمعطاة لقب كاثوليك، كما اورد الكاتب هنا…ومن الطبيعي ان يحصل فارق اسبوع بين الحدثين ولاننسى كم تبعد القسطنطينية عن دمشق وكان القرن 18 اي مع عدم وجود مواصلات ووسائل اتصال فورية…!

وبهذه الحالة ايضاً لايستقيم قول الكاتب عن “وجود بطريركين  في وقت واحد على السدة الأنطاكية، وان هذا الأمر لم يكن الأول في حدوثه”، لدفوعنا التي دفعنا بها هذا الادعاء، فالسيد طاناس ليس شرعياً بكل المقاييس بأن يكون بطريركاً على كل الكرسي الأنطاكي، وممكن قبوله فقط على جماعته…والا لبقي وناضل للبقاء والتمسك بكل الكرسي، كما قلنا بأكثر من موضع…

ان وجود بطريرك غير شرعي ( مع الاعتذار) كالسيد طاناس، حاول الاستيلاء على السدة بالرغم من كل الملابسات السابقة والرفض الشعبي والمجمعي العارم، لايلغي انتخاب البطريرك الشرعي سلبسترس، بل بالعكس تماماً يؤكد شرعية سلبسترس وعدم شرعية طاناس، ففي الحالة التي سبقت اي بين البطريركين كيرلس ابن الزعيم واثناسيوس الدباس، فكلاهما كانا ارثوذكساً، واتُفق مجمعياً على ان يخلف احدهما الثاني بعد وفاته، وكلاهما حمل لقب بطريرك إنطاكية وسائر المشرق بعد انتخاب كل منهما من جماعته في المجمع الأنطاكي، وبعد تسوية الموضوع ايضاً.

وكذلك حصل في العصر الأنطاكي الحديث (الأزمة الأنطاكية) 1931م بين البطريركين ارسانيوس حداد والكسندروس طحان، وعولج الموضوع مجمعياً و(ارثوذكسياً من الكراسي الأرثوذكسية) بالعلاج السابق عينه. لذا هنا لامجال للمقارنة اطلاقاً. واكيد ان حضرة الكاتب د. كبكب ومركز الأبحاث الملكية يعيانها كحقيقة دامغة لا داعي لأن ادفع بها ويدفع بها غيري.

 هذا من جانب، ومن جانب ثان اقول لم يكن لدينا في دمشق الا  كنيسة المريمية ومايتبعها في داخل الصرح البطريركي اي كنيسة القديسين كبريانوس وبوستينة وكنيسة القديس نيقولاوس، واقول رداً على وصف ارثوذكس دمشق ب “الفرع الارثوذكسي” هو مخالف للواقع تماماً، فالارثوذكس بثقلهم العددي هم الشجرة، والكاثوليك هم الفرع الصغير لقلة العدد… والدليل على صغر العدد هو ماورد في المخطوطات التاريخية لدينا ولدى غيرنا… والاحصاءات الاسمية والعددية التي تبين من انحاز للكثلكة انهم القلة.

 المريمية في الفتح الاسلامي

وبالعودة الى ذاك الحدث، نشير هنا الى ان عدد الكنائس الارثوذكسية في دمشق (عدا اللاخلقيدونية الواقعة في القسم الشرقي) حين دخول المسلمين اليها كان 35 كنيسة ارثوذكسية نصفها في القسم الشرقي، وتحولت الى مساجد فورا لأن هذا القسم فُتح حرباً بقيادة خالد اضافة الى كنائس واديرة الغوطة الشرقية وعددها 18 ووفق شريعة الفتح كان منها دير اسقفية اليعاقبة الواقع شرق دمشق( جامع الشيخ ارسلان اليوم والذي سماه البعض دير خالد وقد جعله مقراً لقيادته واقام فيه اول مسجد بدمشق وكنا قد دحضنا في تدوينة سابقة لنا منشورة هنا في موقعنا، هذه التسمية الدخيلة المبتذلة).

بينما النصف الآخر كان في غرب دمشق، وكان في مقدمها كاتدرائية دمشق  التي على اسم النبي يوحنا المعمدان. وجميعها يجب ان تبقى كنائس، لأن الدخول اليها تم صلحاً بشرط دفع الجزية. وتم الاتفاق بالتنسيق بين سرجون النصراني وابوعبيدة بن الجراح… ولكن بدأ استلابها تدريجياً، وبُدىء اولاً بكاتدرائية دمشق فباتت الجامع الأموي، وباتت بقية الكنائس في الشطر الغربي جوامع ومساجد مع اديار قاسيون والغوطة الغربية…اما المريمية التالية في الأهمية لكاتدرائية دمشق فقد أغلقها المسلمون من السنة 635 يوم فتحهم العسكري لدمشق الى السنة 705 حين استولى الوليد على كاتدرائية يوحنا المعمدان بالقوة وحولها الى جامع بني امية، وسبب اغلاق كنيسة مريم انها كانت واقعة على الخط الفاصل بين دخول المسلمين شرقاً حرباً و غرباً صلحاً فاعتبرت من املاك الدولة، وقد أعادها الوليد للأرثوذكس عندما صادر كاتدرائية المعمدان والاسقفية المجاورة، بقوله لهم:” اننا نعوض النصارى بكنيسة مريم بدلاً من كنيسة يحي.”

بطرس وبولس

بطرس وبولس

وهنا اؤكد قبلاً للدكتور الزميل كبكب ولكل قارىء،ان تكرار تصوير المشهد على ان الارثوذكس استولوا على كنيسة مريم او تخلى لهم الكاثوليك عنها بالرغم من مخالفته للواقع هو الامر الطبيعي حيث لم يبق لهم الاها، عدا عن عدم الاعتراف بهذه القلة العددية(الكاثوليك) امام اخوتهم الأرثوذكس الأكبر والأكثر عددا وقوة، وهم ومن خلال السيد طاناس غير معترف على وجودهم قانونياً عند الدولة، وفوق ذلك مغتصبون للمركز البطريركي وكنيسته المريمية، ولما كان قد هرب السيد طاناس ومعه انصاره من مطارنة وكهنة حينما قارب سلبسترس الدخول الى دمشق، وافرغ المريمية والبطريركية من بدلات رؤساء الكهنة والكهنة والتجهيزات الكنسية التي كان قد احضرها معه من البلقان ورومانيا البطريرك اثناسيوس الدباس،  واخذها معه الى جون وكأنها ملك شخصي له… او هومن احضرها…

عذراً من الزميل د. وسام كبكب (الذي لم التقيه ولا اعرفه) لنقدي ما كتب، وليس مهما عندي ان اتهموني بالتعصب، وفي الواقع انا ادفع تعصبهم بهذه الكتابات التي لم تعد تسمن ولاتغني من جوع كما كانت في القرنين 19 و20م، وكفى كتابة هذه الكتابات الطاعنة التي توسع الشرخ وهو ما اقصد، ومن سبقني بداية لعدم الرد، وأنا من أصغر المؤتمنين على تاريخ كنيسة إنطاكية العظمى (بصفتي أميناً للوثائق البطريركية في دمشق والقابض على مواد تاريخنا الوثائقية التي لا تكذب) وثائق إنطاكية العظمى وعراقتها ابنة  العشرين قرناً. سيما وان مقدمة كتابه هي تكرار وتكرار ممل لما كتب منذ مابعد منتصف القرن 19 من طعن بحق الارثوذكس، وادعاء ظلمهم لطائفته من عدد من السادة الاجلاء والعلمانيين دون ذكر الاسماء وعددهم بكل اسف كبير… ومعهم من طعن اكثر من الجماعات الرهبانية وخاصة اليسوعيين منهم بالارثوذكسية وذهبوا الى وصفها بالهرطقة، او “المشاقين” تعني منشقين، ورحم الله القلة الذين ردوا عليهم  كالارشمندريت العلامة جراسيموس مسرة ( متروبوليت بيروت 1902-1936) والقديس روفائيل هواويني مؤسس الابرشية الأميركية ( 1893-1915) والكاتب الشهيرغطاس بطرس قندلفت… في الربع الأخير من القرن 19…

لقد صورالكتاب الروم الكاثوليك للعالم/ كما في هذا الكتاب/ ان انطاكية كانت منذ بطرس الرسول كاثوليكية قطعاً، وكانت خاضعة لبابا رومة!!!، ولكن بطاركتها ارتدوا عن الكثلكة ورئاسة البابا لمصلحة اللاهوتيين اليونانيين خصوم البابوية ورئاستها وعصمة باباواتها منذ الانشقاق الكبير 1054 مسيحية، وغيّب هؤلاء الأعزاء عن بالهم اننا كنا ولازلنا في العالم الارثوذكسي بكراسي القسطنطينية والاسكندرية وانطاكية واورشليم وحدة متكاملة في المعتقد الارثوذكسي واللغة الطقسية… وكنا قبلا كلنا بفضل هذه الوحدة الارثوذكسية، نعاني من تدخل غير مبرر وبدون وجه حق من تصرفات السدة الرومانية التي ادت بالنتيجة مع همبرتو الى القطيعة1453م التي عززتها  بعد حوالي 40 سنة غزوات الفرنجة العسكرية الدموية، وحملات التبشير”الورعة” اللاحقة، ومجمع ترانت الذي اطلقها، والاحداثات البابوية المنفردة من عصمة البابا الى صكوك الغفران، والكارثة الناشئة في الكنيسة الكاثوليكية البابوية عن هذه البدعة المتمثلة ب”الانشقاق البروتستانتي” بسبب العصمة والسلطوية والدوس على القوانين المجمع عليها بما يقارب الهرطقة… وتبنت كل الكراسي الأرثوذكسية الأخرى من موسكو الى جيورجيا مع رئاسات الأساقفة المستقلة هذا التوجه الأرثوذكسي اي اليوم حوالي 500 مليون ارثوذكسي في العالم.

فهل كل هذا الشطط من باب “عصمة البابا ونيابته للمسيح على الارض” الذي ادى الى انشقاقات في كل الكنائس تبعت رومة… ومن انشق عنها من “محتجين لوثريين وكالفينيين…” عددهم يفوق البابويين عالمياً، و”الكاثوليك القدماء” و”الانكليكان” ونؤكد ان ربنا يسوع المسيح ليس بحاجة الى انسان فانٍ يرقد في القبر الى الابد كبقية البشر، لينوب عنه في كنيسته الحية لانه كما عَّلمنا “هو في وسط كنيسته فلن تتزعزع”.

والحق يقال انه مع كل المحاولات للترؤس التي ادت الى نشوء الطوائف والمذاهب المتباعدة والمتباغضة لاتزال الكنيسة واقفة ومزدهرة لأن الروح القدس يرعاها… ” وليس شخص قداسة البابا ولا قداسة او غبطة البطريرك ولانيافة المتروبوليت وسيادة الأسقف وان كانت اداة مساعدة…

ورد في المدخل:”…وتعمقت القطيعة عندما تبنت الكنيسة الملكية بعض الأفكار التي كان يروجها اللاهوتيون اليونان في مساجلاتهم العقائدية واللاتين، والجدير بالذكر ان الكنيسة الملكية لم يكن بينها وبين روما اي خلاف مبدئي، كما انه لم يتخذ أي اجراء رسمي لقطع العلاقات بين الكنيسة ( الارشمندريت اغناطيوس ديك)

ويبدو ان سيادة الارشمندريت ديك نسي ان الكراسي الرسولية الأرثوذكسية واحدة بسبب الشركة والعقيدة ولغة الطقوس بينما الصلف التدخلي من قبل رومة وادعاء رئاسة المجامع المسكونية السبعة (بالرغم من رئاسة الأباطرة لها) وسواها بمجامع رومانية فاتيكانية غيرها، لبسط السيطرة على كل الكراسي الرسولية وبطاركتها واوضاعها الداخلية بعقلية سلطوية، انها هي السبب، ولم تكن حادثة همبرتوالصلف المتكبر اول الممارسات البعيدة عن الروح المسيحية، او اساسها بل كان منها استلاب البلغار والرومان والصرب الارثوذكس، ونشر العقيدة البابوية بينهم، وهم كانوا قد اهتدوا بفضل القسطنطينية ومبشريها الشقيقين كيرلس ومتوديوس…وجاءت الحملات التي برعاية البابا (متوج الملوك في اوربة الذين يقبلون يمينه) وما قامت به من مظالم وقتل للأرثوذكسيين واقيم ستة بطاركة من اللاتين على انطاكية بعد قتل اولهم في إنطاكية، والتنكيل بالأساقفة والكهنة الارثوذكس…ثم جاء التبشير والاقتناص مستغلين جوع الناس وفقرهم ( كما في ايامنا) ايام ظلم المماليك والعثمانيين ونشوء الكنائس الخارجة من امهاتها والالتصاق برومة الكاثوليكية ومنهم كنيسة الروم الكاثوليك الشقيقة… واحدث محاولات الاقتناص تبشير الروس بالكثلكة واقام الفاتيكان ابرشيات (ولها كرادلة)لا رعايا لها في روسيا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي بالبيروسترويكا…

واكيد يتناسى الأحباء كتبة الروم الكاثوليك كم وكم افتُعلت من مشكلات مع الأرثوذكس بعد الاعتراف بهم ككنيسة مستقلة ولعل منها كانت مادُعي ب”حرب القلنسوة” منتصف القرن 19، عندما اصر الاكليروس الشقيق على لبس القلنسوة الأرثوذكسية، ورفضوا لبس القلنسوة المسدسة وبلون بنفسجي ،المقررة من الباب العالي، دفعاً للتمييز وليستمروا بمسلسل الاقتناص وقد دفعوا الكثير من الرشاوي للولاة وارباب السلطة العثمانية ودفعنا مقابلها للمنعهم من ارتداء القلنسوة الأرثوذكسية حماية لرعايانا، ومورست ضغوط سياسية هائلة من فرنسا والنمسا حماة الكاثوليك في السلطنة العثمانية والقواعد الرهبانية الغربية اللمثلة للبابا في الأستانة. وانتصرت ارادتهم وبقوا يلبسونها!!!

واكيد سيادة الارشمندريت ديك وسواه من اصحاب نظرية الاضطهاد الارثوذكسي لأبناء كنيستهم الكاثوليكية رعاة ورعية، تناسوا ان مظالم ومفاسد البابوية ومنها صكوك الغفران دفعت بمارتن لوثر الراهب اليسوعي المتشدد في خدمة رومه البابوية ينفض عنها ومعه كالفن… ومعه نصف المانيا وكانت اكبر خسارة للكنيسة الرومانية هذا الانشقاق اللاحتجاجي ( البروتسانتي) المدمر، ولسبب مقارب انشقت الكنيسة الانكليزية ونشأت الكنيسة الوطنية (الانكليكانية…) وسواها وسواها…

واكيد فان الجميع يدركون ان بطاركة انطاكية بالرغم من ضنك المظالم من المسلمين وحكامهم وانقطاع التواصل بين الكراسي الانطاكي والاورشليمي والاسكندري الواقعة تحت حكم المسلمين مع القسطنطيني وجميعهم في وحدة وشركة ارثوذكسية، حاولوا لعب دور توفيقي بين القسطنطينية وروما لرأب الصدع، بين الكرسيين الأكبر ولرتق القطيعة بين البابا والبطريرك القسطنطيني واعادة وصل ما انقطع، لذلك كانوا على علاقة طيبة مع باباوات رومة الأمر الذي فسره هؤلاء الجهابذة انه خضوع لرومة من خلال رسائل  جلوس كان يرسلها البطريرك الأنطاكي الى رومه كما مع القسطنطينية وبقية الكراسي الارثوذكسية معرفاً عن صيرورته بطريركاً، وتناسوا انهم وبسبب انفتاح بطاركة انطاكية، افسحوا في المجال ” للإخوة في الايمان” طغمات الرهبنات الرجالية ثم النسائية، وسمحوا لها بدخول بيوت المؤمنين وحتى الكنائس والتعليم فيها، وبالتالي استغلوا ذلك وقاموا بالتبشير بالكثلكة مع الدعم المالي والتعليمي بقصد الاحتواء، وبهذا دفع هؤلاء البطاركة المحبين ثمن اخطائهم المُحبة التي كانت فادحة بنتيجتها، عندما استطاع هؤلاء الذئاب لابسي صوف الحملان من شق الصف المسيحي، و حصل ماحصل من مشاكل وقلاقل ادت الى القطيعة والانشقاق عن الكنيسة الأم والالتحاق “بكنيسة الأخ بالمسيح المبشرالورع”.

وأؤكد وبالرغم من هذا الاتهام الظالم لهؤلاء البطاركة من كتاب الكاثوليك بالانحياز للكثلكة… حتى من بعض كبار الكتاب الأرثوذكس بالقول “بأن ميول هؤلاء كانت بابوية”، أؤكد لهم انهم يخضعوا قط لسلطة بابا رومية…وهو الامر الطبيعي فالجميع متساوون في الرتبة والرئاسة فبطريرك انطاكية مساوٍ لبابا رومية، ان لم نقل انه اسبق منه في التأسيس بعشرين سنة، والمؤسس واحد، وكما هو مساوي ايضاً لكل من بطاركة القسطنطينية،والاسكندرية، واورشليم… فهل الأنطاكي من السذاجة والخنوع ليتخلى عن سلطاته المستمدة من بطرس وبولس الهامتين… لشقيقه وان كان الأول بين المتساوين؟

واسَّفِّهُ كل مايشيعه كثيرون عن تبعية بطاركتنا الانطاكيين العظام لبابا رومه امثال افتيموس كرمة، ومكاريوس ابن الزعيم، وحفيده كيرلس، واثناسيوس الدباس، ومن كانوا قبلهم، ومن اتى بعدهم، وهؤلاء كانوا عظماء سبقوا عصورهم وطنياً ومسيحياً وانطاكياً وارثوذكسياً عالمياً، وقامات انطاكية منيرة في زمن الظلام العثماني والجوع والفقر وشتى انواع الاضطهاد والصلف… ولم يتوجهوا قط الى رومة لطلب الاحسان، بل الى روسيا والبلقان ومن قياصرتها وامرائها ومؤمنيها وكنائسها اخذوا الاحسان لصالح الكرسي الانطاكي، واعادوا اعمار المريمية والصرح البطريركي، بعد كل تدمير حصل لهما في نكباتهما التسع، وكم فكوا ضيقة مدارس الآسية وانقذوها من الديون الثقيلة لأنها كانت تعلم ابناء الرعية الفقيرة وبالمجان. ونشير بكل فخر الى ان الآسية احدثها البطريرك العلامة افتموس كرمة السنة 1635 واستمرت الى يومنا وحدَّثها الشهيد في الكهنة القديس يوسف الدمشقي، الذي لم يتمكن للظروف المادية المعروفة من تحويلها الى اول جامعة في بلاد الشام، واستشهد وكادرها وتدمرت…1860م، وطوي مشروع تحويلها الى جامعة منذ افتتاح اول اكاديمية لاهوتية واول اكاديمية للموسيقى الرومية فيها العام 1851 … وكذلك فعل بطاركة اورشليم…

فإن كان البطاركة الانطاكيون خاضعين لبابا رومية استنادا على رسائل سلامية اعتبروها خضوعية  ينشرونها بين الحين والآخر لدعم زعمهم هذا… فمن باب اولى وعلى قاعدة الغرم بالغنم ان يحصلوا على مساعداته كافة (كما الطوائف المتكثلكة لاحقاً) من اجل كنائسهم المرهقة بالظلم والغدرالعثماني المشبع بالرشوة… بدلاً من عذاب واخطار الترحال في المجاهل الى اوربة الشرقية، وسنيه الطويلة كما في رحلتي البطريرك مكاريوس ابن الزعيم الى روسيا حيث دامت الاولى سبع سنوات والثانية ثلاث سنوات. وقبله يواكيم الخامس (1581-1592) وغيرهما كثر… ولكان ابن الزعيم المتهم الاساس بتبعيته لرومة  قد نال من بابا رومه المعونة المالية والغذائية والطبية وكل اشكال المؤازرة لكنيسته وشعبه مقابلاً لهذه التبعية والخضوع، وخاصة ايفاده الاولاد النجباء للدراسة في رومه، ولما كان هؤلاء “الرهبان الورعين” من فعل هذا الأمر خلسة، كما حصل للصيفي وغيره وبفضلهم صار مطراناً على صيدا واول اسقف كاثوليكي في انطاكية والفاتحة الكاثوليكية في الكرسي الأنطاكي…فمنذ البطريرك المسكوني ارميا الثاني 1572-1595 والبطريرك الأنطاكي يواكيم الخامس الذي اتصل به البابا غريغوريوس الثالث عشر وقد زاره باسم البابا المذكور الأبوان اليانو وبرونووعرض التعاون مع البطريرك يواكيم واستضافة الطلاب الأنطاكيين في مدرسة القديس اثناسيوس التي فتحها البابا المذكور ” محبة بطوائف الروم واليونان ولتعليم اولادهم فيها “

من وقتها، وان لم يقبل البطريرك بهذا العرض، فإن مؤامرة الاستلاب نُسجت خيوطها بدقة وخيطت، وظهرت ثوباً يتباكى اصحابه عليه كحال الادعاء بسلب الروم للمريمية وغيرها بالتباكي على المظالم والاستلاب، وتجند كبار الأحبار والعلمانيين للدفاع عن هذا الافتئات والافتراء بدون حق على الرئاسة الأرثوذكسية، التي كما رئاسات الدول من حقها الدفاع عن دولها تجاه الغزو العسكري والسياسي والاقتصادي، من حق الرئاسات الروحية الارثوذكسية الدفاع عن كنيستها ورعيتها تجاه الاستلاب المنظم الذي لم تقوَّ حراب الفرنجة الصليبيين على انتزاعها وجعلها على مذهبهم البابوي بالحديد والنار، بينما المبشرون البابويين انتصروا وشقوا الثوب الارثوذكسي الواحد، فكانوا ذئاباً بثياب حملان..!! لكن من انشق من الروم وابناء الكنائس الشرقية لم يصيروا لاتينيين كما كانت رغبة المبشرين والصرح البابوي، بل حافظوا على انتمائهم المشرقي، وبالمقابل حاولوا استلاب كنائس اهلهم فانتصروا في معظم المناطق بدعم من روما ورهبانها اليسوعيين جنود البابوية الذين اطلقت ايديهم بمجمع ترنت واشتروا بدورهم الولاة العثمانيين والموظفين الكبار بالرشوة والأصفر الرنان حتى الصدر الأعظم والباب العالي بالدعم السياسي بمواجهة الروس من قبل سفراء فرنسا والنمسا ثم بريطانيا وجرمانيا وايرلندا واميركا دعماً للمرسلين البروتستانت منذ الثلث الأول للقرن 19.

اكرر… تم اظهار الصيفي وطاناس وجراسيموس وفينان و… انهم ضحايا الاضطهاد الارثوذكسي من البطاركة اليونانيين المتربعين على السدة الانطاكية من سلبسترس وخلفائه، والملفت بموجب الشهادات الحاضرة وخاصة في هذا الكتاب ان اخوتنا الكاثوليك واحبارهم البطاركة والمطارنة والكهنة “صمدوا 110 سنوات على القهر الأرثوذكسي لهم”، دفاعا عن ايمانهم الكاثوليكي وكأني بهم المسيحيون الأوائل في دفاعهم عن مسيحيتهم…

واسأل اصحاب هذا التفكير: “الم يحاول الارثوذكسيون المرتدون عن كنيستهم الاستيلاء على الابرشيات وكنائسها واديارها لصالح طائفتهم الجديدة؟، بعد البطريركية والمريمية بدمشق وكنيسة صيدا الارثوذكسية…والأديار كديرالمخلص (بعد فشلهم في حملة زاخر ورفقته في الاستيلاء على البلمند ولكنه استولى على مطبعة الدباس، وهي مطبعة رومانيا، وصارت مطبعة البلمند، واستولى الرهبان على حلب ومعظم رعيتها بنتيجة دسيسة السمك في مأدبة العشاء في الصوم الكبير التي اولموها للبطريرك سلبسترس وصارت حلب قاعدة الكثلكة وتم استلاب كنائسها علناً…) خدمة للقصد البابوي وقصاده ورهبانه؟ وأسألهم بالتالي :” لو كان الحال معكوساً ماذا كانوا قد فعلوا؟

وألفُتُهُم مذكراً بتلك الحادثة المشينة /سلب كنيسة القديس يوحنا الدمشقي الأرثوذكسية/ من ايوانيكيوس مساميري ورفقته المرتد مجدداً الى طائفته الأساس بمساعي البطريرك غريغوريوس يوسف بكل وسيلة متاحة لارجاعه (حقه وواجبه) وتم له ذلك بعد 6 سنوات بعودة المذكور وبجعبته ماسرق من تعويضات الضحايا الارثوذكس في مذبحة 1860 وعائدات الاوقاف الارثوذكسية، ومفتاح كنيسة يوحنا الدمشقي الارثوذكسية… كما اسلفت وصيره البطريرك غريغوريوس نائباً بطريركياً له في الشام…؟

في هذه الحالة اليس من واجب الأب تأديب ابنه الذي شق عصا الطاعة عليه وانتمى لغير عائلة  وحاول استلاب مالأبيه واخوته اسماً وعراقة ومكانة وكياناً؟؟؟ والمؤلم للأب ادعاء ابنه ان والده واخوته ظلموه واضطهدوه وسرقوا ماله وتباكى ولا يزال… بعدما وضع يده على كل ما استطاع من عقارات واموال ابيه والعائلة…!

والأنكى ان هذا الابن ادعَّى على ابيه واخوته انهم اخذوا منه بيت العائلة وحرموه منه، كما في هذه “القصة التراجيدية” (قصة التباكي على “المريمية” المسروقة “مع غيرها من المعاهد… من قبل الذئاب الخاطفة”) واسألك يادكتور كبكب: من هم برأيك الذئاب الخاطفة اليسوا هم ابيه واخوته؟…اليس عيباً… ومنتهى العيب ذلك أن نتشدق بتلك الكذبة” الاضطهاد والظلم والفعل الشائن” ونتباكى بغير حق عليه وننشره وخاصة في عصرنا الحاضروقد “كذبنا الكذبة وصدقناها” واتهمنا ابينا واخوتنا بسرقة حقهم!!!

دكتور كبكب ان تركيزكم على هذه أمر يدعو للاستغراب والاشمئزاز لدرجة الغثيان، فاما ان نحاكي كمؤرخين الحوادث التاريخية ومرافقاتها بموضوعية، كما يفترض بنا، اولنصمت وكفى ما نحن قد وصلنا اليه من شرذمة مسيحية ومن نزف هجرة بفعل التعصب والتكفيرالاسلامي، واؤكد لمحبتك ان جميع من بقي اميناً لكنيسته الأنطاكية الأم تحمل الجوع والظلم والاضطهاد في شتى العهود ومنذ 14 قرناً ولم يغير مبدأه بكل وسائل الضغط وآخرها مقابل الاصفر الرنان…بينما من انشق نَعِمَ بانتفاعه هذا( كما لايزال يحصل وخاصة حالياً في استغلال ظروف الناس وفاقتهم)، وفق قاعدة “الغرم بالغنم”… ويكفيني ان اقول لك عن حادثة شُنقَ بها ثلاثة من وكلاء المريمية ليلة سبت النورمنتصف القرن الثامن عشر، لأنهم قاموا خلسة وتحت اجنحة الظلام بترميم جدار متداعي في المريمية وبوضع خطر قابل للسقوط في اية لحظة، وكانت معايدة دامية منوالي دمشق لأرثوذكسها المتوجهين فجراً لحضور صلاة الهجمة بالفصح المجيد، عندما شاهدوا بأم العين المشانق الثلاثة لوكلاء كنيستهم على باب المريمية الخشبي الحالي…!

دكتور كبكب هؤلاء الشهداء كانوا ارثوذكساً…!!!

فكفى رجاء التباكي بهذه الطريقة، واظهار ان الروم جلادون بينما الكاثوليك ضحايا…

والسؤال المشروع والضيق في هذه الحالة: لماذا يتمسك الاخوة الكاثوليك اليوم اكثر فأكثر بتسمية “الروم الملكيين” وباللغة اليونانية طقسياً؟ في حين أنهم/ وفق ادبياتهم/ عادوا الى الجذور الكاثوليكية على قول احبارهم “بحركة تصحيحية وحدوية خضوعية” وهم “ورثة الايمان الحقيقي الكاثوليكي”، بينما نحن كما ورد في كتبهم “مشاقين”اقرب الى الهرطقة “وانفصاليين عن الام كنيسة روما ورأسها بابا رومه خليفة بطرس الرسول ونائب المسيح على الارض” فلم اذن يتمسكون بها في حين ان عقيدتهم الكاثوليكية تلزمهم باللاتينية…وليست الرومية عقيدة ولغة…؟

في ترتيب الكراسي الرسولية

وللمعلومة والتوضيح لمن لا يعرف، ووفق المجامع المسكونية، فان الترتيب الاسقفي وقبل الانشقاق اعتمد مبدأ التقسيم السياسي، وعواصم الولايات وتقدم اساقفتها وحسب الاهمية السياسية منطلقاً لترتيب تدرج الكراسي الرسولية فجُعل اسقف رومة في الاول، لأنه اسقف العاصمة ويتواصل مع السلطات الزمنية، وعند انشاء القسطنطينية أعطي الحق ذاته لأسقفها وللسبب عينه، ثم اسقف الاسكندرية لأنهاعاصمة الشمال الافريقي  ووادي النيل وقرطاج الرومانية…ثم انطاكية عاصمة ولاية الشرق الروماني وعينه، واخيرا اورشليم لقدسيتها فهي وطن الرب يسوع…

وقد دعيت هذه الكراسي رسولية لأن من اسسها هم رسل المسيح مؤسس الكنيسة وراعيها، ولو اعتمدنا الحرفية بتمامها هنا لكان اسقف انطاكية هو الاول وقبل بابا رومه، لأنه خليفة بطرس الهامة الذي اسس مع بولس الهامة كرسي انطاكية قبل تأسيسهما كرسي روما بعشرين سنة، وهنا يحضرني ترحيب مثلث الرحمات البابا يوحنا بولس الثاني بمثلث الرحمات المعلم الانطاكي ابينا البطريرك اغناطيوس الرابع الذي كان في زيارته السلامية (الأولى) عام 1979 للصرح البابوي: قال قداسته مرحباً:”يرحب اسقف ثاني كرسي رسولي اسسه بطرس الرسول، بأسقف اول كرسي رسولي اسسه بطرس الرسول هو انطاكية.”

فهل من اوضح من هذا الاعتراف من البابا رئيس الكنيسة اللاتينية، ومن التحق بها من الكنائس الشرقية كالروم الكاثوليك، والمعصوم عن الخطأ؟

ونحن يا احبة ووفق هذه الشهادة نحن ابناء الكرسي الانطاكي الحقيقي ولم ولن نتزعزع عن بنوتنا له، وبطريركنا هو بطريركه… وشيخ عشيرته كما كان بطرس الرسول (والمعنى في قلب الشاعر)

واضاف قداسته:” نحن نتوق الى الوحدة المسيحية وخاصة مع انطاكية الارثوذكسية” فكان جواب المعلم الأنطاكي:” ونحن مع الوحدة، ولكننا ضد الاحتواء”

لذا رددت بالعموم، وليس بالتفصيل، على مثالب المقدمة والمتن، وخاصة مطرح بحثنا باننا سلبنا منهم  “مريميتنا اي كنيستنا الكاتدرائية نحن اي مريمية التاريخ، مريمية الشام”  وهم المضطهدون من الروم الارثوذكس وقد صمدوا في وجه هذا الاضطهاد الموصوف الذي كان السبب في موت الصيفي المضَّطهَد / وهو عمره 80 سنة!!!/ (وكأنهم المسيحيون الأوائل المضطهدون في عهد الدولة الرومانية ونحن الرومان المضطهدين لهم)…

وكنيستنا الدمشقية الأقدس والأعظم بعد انطاكية العظمى، اسسها حنانيا الرسول احد السبعين المختارين بالروح الإلهي واشعلها وضَّاءَةً بولس اناء الروح المصطفى المستنير على “طريق دمشق” في سهل كوكب والمعمد من حنانيا في بيت يهوذا الدمشقي على بعد 200 متر من مريمية الشام في منطقة مئذنة الشحم حالياً، و هذا الموقع الذي تقدس بعماد شاول صار بالترتيب الالهي موقعاً لاستشهاد لؤلؤة دمشق وكوكبها الثالث الشهيد الأنطاكي الحديث الشهيد في الكهنة يوسف الدمشقي 1860

كنيسة انطاكية وعبر دمشق وانطاكية العظمى، نقلت البشرى الخلاصية لكل المسكونة، وانتجت اعذب الألحان مع رومانوس المرنم واعظم كتابات وميامر يوحنا الدمشقي والموسيقى الرومية بألحانها الثمانية التي هذبها بنَّفَّسه الطهور، واندراوس الدمشقي الكريتي … والشهيد يوسف الدمشقي ونصف أرثوذكس دمشق الشهداء القديسون… 1860 الذين تعيد كنيستنا لذكرى استشهادهم في 10 تموز” الشهيد في الكهنة القديس يوسف الدمشقي ورفقته”

دمشق الأرثوذكسية هي التي أعطت كاتدرائية دمشق “السليبة”(الجامع الأموي) بقية الكنائس “السليبة” 35كنيسة(مساجد) والتي أعطت كنيسة حنانيا الرسول واستلبت لاتينيا ًمنتصف القرن 19… والسبحة تطول..

نبذة في التاريخ الانطاكي

أتحدث بعجالة عن تاريخنا الانطاكي التي تضيق الاسفار عن استيعابه، وخاصة مرحلته الحديثة والمعاصرة التي ادت الى نشوء فرع كنيسة الروم الكاثوليك من شجرته الارثوذكسية منذ ثلاثة قرون وخضوعها الى كنيسة رومية ويرأسها بطريرك تابع لقداسة بابا رومة كبقية الطوائف الكاثوليكية الشرقية.

انطاكية العظمى، هي الكرسي الرسولي الرابع بعد رومه والقسطنطينية والإسكندرية، أسسه الهامتان بطرس وبولس، واستوى عليه بطرس اول الأساقفة ( البطريرك أو شيخ العشيرة)(3) منذ45 – 53 مسيحية قبل ان يستقيل ويتابع التبشير ليصل الى رومة العاصمة ويلتقي ببولس ويؤسسا معا كرسيها الرسولي كما فعلا بأنطاكية قبل أكثر من 20 سنة، ويستوي عليه بطرس الرسول كأول الأساقفة من 64 -66 ويستشهد والرسول بولس بأمر نيرون سنتئذ.

نرى أسقف (بطريرك) أنطاكية متقدماً منذ عهود المسيحية الأولى على سائر أساقفة الشرق، فهو الذي ترأس المجامع المكانية في الشرق (أنقرة 315 – قيصرية 316) واعترف المجمع المسكوني الأول نيقية (325) للكنيسة الأنطاكية بالرئاسة على سائر أساقفة الشرق.

وثبت المجمع المسكوني الثاني (القسطنطينية 383) هذه الرئاسة، في حين قرر المجمع المسكوني الثالث (افسس 431) استقلال كنيسة قبرص عن أنطاكية برئاسة رئيس أساقفة.

ومرت بالكرسي الأنطاكي المقدس حوادث عاصفة عبر تاريخه العريق سلخت من حظيرته أبناء أحباء، وارتبطت في معظمها بصراعات قومية، وخلافات لاهوتية متعلقة بتفسير مغلوط للغة الكنسية الرئيسة في ذلك العصر، وهي اللغة اليونانية، إضافة إلى النزعة الاستقلالية للكنائس الشرقية عن كنيسة الدولة الرسمية وكان أول انفصال في الكرسي أنطاكية عام 498 مسيحية، هو الذي فصل النساطرة (الآشوريون والكلدان) بعدما حرم مجمع افسس (431) هرطقة “نسطوريوس” أسقف القسطنطينية وكان الآشوريون والكلدان قد أيدوا بدعة نسطوريوس بأن المسيح ليس ابن الله، وان والدته ليست والدة الاله. ورفضوا الحرم الذي لحق به فانفصلوا عن الكنيسة الأنطاكية واتخذوا مقراً لكنيستهم في المدائن (فارس) ثم بابل، وتلا ذلك انفصال “السريان والأرمن” عن أنطاكية،”والأقباط، والأحباش”عن الإسكندرية،نتيجة رفضهم لمقررات خلقيدونية (المجمع المسكوني الرابع 451م) والتي أكدت طبيعتي السيد المسيح الإلهية والبشرية ومشيئتيه، وأنه شخص واحد. في حين قالت العائلة الشرقية بالطبيعة الواحدة والمشيئة الواحدة، وهكذا نشأت الكنيسة السريانية المستقلة عام  513 مسيحية. واتخذت من ماردين مقراً لها، وكذلك الحال كان بالنسبة للأرمن.

وفي عام (680-681) مسيحية عقد في القسطنطينية المجمع المسكوني السادس وقرر رد القول بالمشيئة الواحدة التي اقترحها الإمبراطور هرقل كمحاولة منه لإعادة ” اللاخلقيدونيين ” إلى الشركة الكنسية. وتتلخص بأن في المسيح طبيعتين إلهية وبشرية ومشيئة واحدة فقط.

وقد تبنى هذا القول ” الموارنة ” وكانوا قبلاً ارثوذكس المعتقد خلقيدونيين ، وانفصلوا عن أنطاكية وأقاموا ” يوحنا مارون ” بطريركاً عليهم عام  685 مسيحية، وتكنوا به وليس بمار مارون القديس القورشي نسبة الى قورش من سهول حلب، وهو قديس ارثوذكسي وعاش في القرن الرابع بينما نشأت الكنيسة المارونية ككنيسة وبطريركية كما مر اواخر القرن السابع. وفي الحروب “الصليبية ” أعلن الموارنة خضوعهم لرومه (1183) مسيحية زمن البطريرك (أرميا العمشيتي) وكانوا بذلك الكنيسة الشرقية الأولى التي تعلن خضوعها لرومه.

ومنذ منتصف القرن الثامن للميلاد طالبت الكنيسة الكرجية الأرثوذكسية باستقلالها عن الكرسي الأنطاكي وحصلت عليه عام 1050 مسيحية وأصبحت كنيسة أرثوذكسية مستقلة.

إلا أن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية ما لبثت أن ضمتها إليها عام 1811 م حتى أعيد لها استقلالها عام 1917، ونالت بالتالي تسمية بطريركية مستقلة هي بطريركية جيورجيا  الارثوذكسية.

اسباب ترؤس رومه

وجدير ذكره انه بعد سقوط رومة عام 476مسيحية بيد البرابرة الجرمان الذي هو نهاية العصور القديمة وبداية العصور الوسطى في اوربة، لم يعد من سلطة امبراطورية مركزية في القسم الغربي من اوربة، فبادر أسقف رومة واعلن رئاسته على الكنيسة في كل المسكونة اعتماداً على ان القديس بطرس “هو الصخرة” وفق ادبيات الكنيسة الكاثوليكية وبالتالي هو خليفة الرب يسوع على الارض “ارع خرافي، ارع حلماني”، لذلك هو رئيس الكنيسة. وكان التعويض من الحاشية البابوية لبابا رومية من خلال خلق دور سياسي ورئاسي له كبديل عن الأمبراطور الحاكم، فأضحى البلاط البابوي بلاطاً ملوكياً امبراطورياً. لذ منح لقب “الحبر الأعظم” الذي كان هو لقب “الكاهن الوثني الأعظم” وحتى لقب “الأمبراطور” في الامبراطورية الرومانية قبل تنصرها، حتى ان الامبراطور قسطنطين لُقبَ ومن خَلَفَّهُ به. لكن الامبراطور الحسن العبادة ثيوذوسيوس الكبير الغاه لأنه لايليق بملك مملكة مدينة الله القسطنطينية العظمى ان يتكنوا بلقب كاهن الوثن الأعظم.

وبدأت الكنيسة البابوية تحاول فرض هذا الواقع من خلال ادعاء الرئاسة، واولوية البابا التي اوصلت الى العصمة، وذلك تعويضاً عن التقدم السياسي السريع لرومة الجديدة ( القسطنطينية) التي مُنح اسقفها كما مُنح قبلاً اسقف رومة القديمة تسمية “الاول بين المتساوين” وصار واسقف العاصمة القديمة على نفس السوية في التقدم الشرفي.

ومن نافلة القول، ان هذه الفوقية وحب الرئاسة والادعاء بها نابعة من العقلية العسكرية عند رومه، التي يتمسك بها اللاتين الذين كانوا يفاخرون باعظم امبراطورية في التاريخ، وانتهت بيد البرابرة الجرمان. وبذلك اشترعوا “التشريع المقارب للالهي” بان بابا رومية هو “نائب المسيح على الارض” فضلاً عن صيرورته تبعاً لذلك، الرئيس السياسي الأعلى لأوربة ومتوِجاً لأمبراطور “الامبراطورية الجرمانية المقدسة” الذي يقبل يمينه…  

هذا ومع ما تم ادخاله من بدع وتحريفات، كانت السبب في احتجاج الراهب اليسوعي المتزمت للبابوية “مارتن لوثر” والانشقاق البروتستانتي (الاحتجاجي)، وبالتالي عقد مجمع ترانت بين 1545-1563 الذي هو عبارة عن عدة مؤتمرات اقرت اصلاحات جذرية في الكنيسة البابوية لعل اهمها مدارس التعليم اللاهوتي للحد من البروتستانتية، وثانيها انها اطلقت يد الرهبنة اليسوعية بصفتها حامية الايمان الكاثوليكي… ومحاكم التفتيش واقرت اللاتينية لغة وحيدة للكنيسة اللاتينية.

ومعروف ما مورس من تنكيل بحق البروتستانت، وتم وقف تقدمها في الشطر الغربي من اوربة، واقتلاعها بالحديد والنار في الكثير من المناطق، ودور محاكم التفتيش الدموية، والشيء ذاته تم في كثلكة ارثوذكس شبه الجزيرة الايبيرية والسواحل الشرقية لايطاليا خلال القرنين 16 و17 م ثم التفتوا الى الفعل ذاته في الشعوب والرعايا المسيحية الأرثوذكسية في اوكرانيا والبلقان ورومانيا(الفلاخ والبغدان)،وفي الكنائس الشرقية في نطاق الدولة العثمانية.
وحتى اندحار الفرنجة وسقوط أنطاكية ودمارها والفتك بشعبها سنة1268 كان البطاركة الأنطاكيون يقيمون في القسطنطينية، إلا أن الكرسي الأنطاكي هجرها نهائياً متجولاً في آسية الصغرى حتى عام 1344 (وكان قد تعاقب عليه خمسة بطاركة) حين تقرر نقله إلى دمشق أهم مدينة في بلاد الشام وتالية أنطاكية من حيث مكانة أسقفها. وكان أسقف دمشق آنئذٍ يواكيم وترتيبه 58 بعد حنانيا الرسول أول أساقفتها، فتقرر رسمه بطريركاً على الكرسي بدمشق إلا أن المنية وافته، فخلفه البطريرك اغناطيوس الثاني الذي أقام في مقر أسقفية دمشق وهي الدار البطريركية الحالية وصارت المريمية كاتدرائيته.

وقدم الحكم العثماني لبلاد الشام التسهيلات للتبشير البابوي المنتظم الذي كان ،كما اسلفنا، قد فرغ لتوه من وقف المد البروتستانتي اللوثري في الإمبراطورية الجرمانية المقدسة، ومن كثلكة أرثوذكس شيه الجزيرة الايبيرية و القسم الجنوبي من إيطاليا إضافة إلى فينيسيا وألبانيا وكرواتيا. وكانت الإرساليات التبشيرية البابوية (اليسوعية – الكرملية . . .) قد جعلت من القسطنطينية عاصمة “ملة روم” مركزاً رئيساً لعملها باستقطاب أرثوذكس كراسي أنطاكية والقسطنطينية . . مع الكنائس الشرقية للكثلكة. وقد أقامت المدارس و المشافي والمياتم ومأوى الغرباء تسهيلاً لعملها الذي ما لبثت أن مدته إلى سائر مناطق الكنائس الأرثوذكسية والكنائس الشرقية.
وقد استغلت هذه الإرساليات اندفاع أبناء الأرثوذكس لتلقي العلم في أوربة فتبنت العديد من الأولاد النجباء وأرسلتهم إلى كلية القديس أثناسيوس اللاهوتية في الفاتيكان وتدرس باللغة اليونانية، التي أفتتحها البابا غريغوريوس الثالث عشر عام 1577 (وكان يسوعياً متشدداً رغم ادعائه الحب للروم واليونان) وبنى فيها عام 1581 كنيسة جعل الخدمة الإلهية فيها باليونانية، وكانت النتيجة صيرورة الأرثوذكس الذين درسوا فيها أرثوذكساً بالاسم عدا من اعتنق الكثلكة منهم وجاهر بها بعد عودته إلى بلاده وأصبح من أهم دعاتهم وكان أولهم مطران صيدا افتيموس صيفي الذي أعلن إيمانه الكاثوليكي حال رسامته على صيدا واعترف به البابا كأول أسقف كاثوليكي عام 1700 في الكرسي الأنطاكي.

وكان البطريرك كيرلس الثالث (ابن الزعيم) قد شاخ وحضرته الوفاة عام 1720 فدخل عليه الخوري عبد المسيح وكان ممن قالوا بالكثلكة وسأله ان كان يريد ان يعترف. فأجابه البطريرك: ” أي شيء عملت لا قتلت ولا زنيت ولاسرقت اقرأ افشين.” وانتقل في 15 كانون الثاني 1720.

وكان افتيموس الصيفي اسقف صيدا في دمشق آنئذ فأحاط به انصاره وارادوا ان ينادوا به بطريركاً واستعانوا بعثمان باشا ابي طوق صديقه، وارادوا ان يستولوا على البطريركية بالقوة فعارضهم المرسلون الرومانيون في شخص كل من الأب توما دي كامبايا والأب بطرس فروماج وقالا: “انه (أي افتيموس) محروم من البطاركة وان رائده تغيير الطقوس والعوايد وتخريب نظام الكنيسة، وفصلا ذلك في أنه بده يبطل الماء الحار في القداس ويلزمكم في أكل السمك ويطعم رهبانكم لحم حتى يحقر كنيستكم”

وكان منذ 1694 قد تم الصلح بين البطريركين كيرلس حفيد البطريرك مكاريوس ابن الزعيم واثناسيوس الدباس (بعد حصول هذه الحالة الشاذة بتربع بطريركين بآن واحد على السدة الانطاكية) وسوي الأمر ببقاء كيرلس بطريركاً في دمشق، واثناسيوس في حلب، وكلاهما يحمل لقب بطريرك ويعيش من مدخول ابرشيته، وعند وفاة أي منهما يتولى الثاني بطريركاً على كل الكرسي الانطاكي، مايعني صيرورة اثناسيوس بطريركاً حكماً، لذا نجد الراهبين توما وبطرس قد ايدا اثناسيوس لأنه سبق ان نُصِبَ بطريركاً فطالب افتيموس باسترداد مبلغ 500 غرش ذهبي دفعه للبطريرك كيرلس حين شرطونيته مطرانا على صور وصيدا ( وهو ماندعوه بالسيمونية) فاسترده وذهب الى الكنيسة وأقام اسم اثناسيوس.

 وكان واقع الكرسي الأنطاكي المقدس آنذاك رديئاً جداً، كواقع أبنائه الفقراء والمقهورين، في عصر الانحطاط العثماني، الذين خضع بعضهم لإغراءات المبشرين المادية، مما حدا بالبطاركة والمطارنة الأرثوذكس إلى التوجه نحو أوربة الشرقية الأرثوذكسية، لجمع التبرعات والإعانات للوقوف بوجه هذا التغلغل المنتظم بين أوساط الشعب الأرثوذكسي الفقير، وبالتالي لفتح المدارس والمدارس الكهنوتية ووفاء الديون وفوائدها الباهظة التي ترتبت على الكرسي الأنطاكي. وكان البطريرك ” مكاريوس بن الزعيم ” 1648 قد قام لذلك برحلتين إلى رومانيا وروسيا والبلقان مع حاشية بطريركية كبيرة، واستمرت الرحلة الأولى من عام 1652 إلى عام 1659 والثانية 1666 – 1669. وقد دوّن ولده ” الأرشيدياكون ” بولس أحداث هاتين الرحلتين. وأستطاع ابن الزعيم وفاء الديون، وتطوير المدرسة البطريركية (الآسية)، وتجديد الدار البطريركية. وكذلك فعل البطريرك أثناسيوس الدباس، الذي أهداه ملك رومانيا مطبعة تطبع بالأحرف عربية في أوائل القرن18  لطباعة الكتب الدينية، حيث هاله عدم وجود كتب طقسية عربية مطبوعة لمنفعة ابناء الكرسي الأنطاكي العريق، وكانت هي أول مطبعة عربية في الشرق، عمل عليها الشماس عبد الله زاخر الحلبي في مطرانية حلب، طُبعتْ بها الكتب الطقسية الأرثوذكسية، ونقلها البطريرك اثناسيوس الى البلمند عندما انتقل عام 1720 بطريركاً شرعياً الى دمشق مقر كرسيه الانطاكي، وانتقل الى البلمند ايضا الشماس زاخر للدراسة والترهب. ولما انتقل الرهبان الموالون لرومة بهمة الاب فيرسو اليسوعي الى دير مار يوحنا الشوير نقل معه “المطبعة الرومانية” كما يفيد التقليد البلمندي ولنا في ذلك بحثاً وافياً في موقعنا  ( انظره)…

عندما تولى اثناسيوس الدباس البطريركية في اوائل آب1720 وكان سلفه البطريرك كيرلس قد وقف جميع متروكاته على الكرسي البطريركي، فلما استتب الأمر لأثناسيوس وجد معظها مندثراً فأخذ منه الغيظ كل مأخذ. وزاد في غيظه بما لاحظه من نشاط الرهبان الافرنج وتدخلهم السافر في شؤون الكنيسة الأرثوذكسية.

ولكن لما كانت وسائله المادية ضعيفة لا تساعده على محاربة رهبان الفرنجة بسلاحهم، تذاكر مع البطريركية المسكونية بواقع “الشركة الأرثوذكسية”، ثم سافر بنفسه الى القسطنطينية، واجنهد لعقد مجمع ارثوذكسي للنظر في مايجب اتخاذه من احتياطات لتحصين الرعية الارثوذكسية بوجه الاستلاب، واخصها في دمشق. وانعقد هذا المجمع الأرثوذكسي في اواخر السنة 1722 في القسطنطينية برئاسة المسكوني ارميا واشترك به الانطاكي اثناسيوس والاورشليمي خريسنتوس واثنا عشر مطراناً. وحكم هذا المجمع على التعاليم غير الارثوذكسية، ولاسيما رئاسة وعصمة البابا، و(الفيلوكفي) انبثاق الروح من الآب والابن، بما خالف دستور الايمان،والتقديس على الفطير، ونار المطهر، وسعادة القديسين والمخنوق، وصوم السبت، ومنع الميرون والمناولة عن الاطفال…

وهذه البدع الدخيلة على الكرسي الأنطاكي، كان هؤلاء الرهبان يبشرون بها في الكرسي الانطاكي عامة، وخاصة في دمشق وحلب وصيدا وصور…وكانوا يدخلون البيوت الارثوذكسية بكثافة ويقومون بهذا التعليم، وقد تم تعميم هذه المقررات ارثوذكسيا ” برسالة البطاركة” واعتمدها حتى بطرس الأكبر والمجمع الروسي المقدس…

وانجز اثناسيوس جملة من الكتب الطقسية الارثوذكسية، منها كتاب “صخرة الشك” الذي يثبت ايمان الارثوذكسيين والمطبوع عام 1721 فاستفز بعمله الشماس زاخر الذي اعلن الكثلكة فرد عليه بكتاب اسماه:” التفنيد للمجمع العنيد” وبموجز دعاه” مخنصر التنفيذ” وطبعه الآباء اليسوعيون في بيروت سنة 1865 وقام بعده الخوري نقولا الصايغ فصنف في الدفاع عن الكثلكة كتاباً اسماه” الحصن العظيم مقابل المجمع الأثيم.”

اذن في هذه العجالة التي لم نتعرض فيها الى ماكتبه البطريرك اثناسيوس لوقف الكثلكة وما رد عليه الكاثوليك، نلاحظ كيف بدأ يكافح الكثلكة التي نشرها اليسوعيون وكان قد صار منها العدد المتزايد من الرجالات ذوي الوزن في الداخل كزاخر وافتيموس والصايغ…

اعتبر البطريرك اثناسيوس مطران صور وصيدا افتيموس الصيفي محروماً (لخروجه عن التعاليم الارثوذكسية وضربه عرض الحائط ب”رسالة البطاركة” في الحفاظ على البيعة الارثوذكسية، لا بل استباح الشارع الارثوذكسي في ابرشيته وفي دمشق كونه دمشقي وبمساعدة الكهنة الذين انقلبوا كاثوليكاً والمدعومين من رهبان الافرنج اصحاب الحظوة عند والي دمشق ) واعلن ذلك في ابرشيات الكرسي الأنطاكي. واستصدر فرماناً بنفي افتيموس وابن اخته الخوري سيرافيم  وعدد من الكهنة واودعوا السجن في قلعة صيدا استعداداً لنفيهم الى ادنة، وجاء الى صيدا مطران يوناني يحمل ثلاثة اوامر سلطانية قضت بضبط المطرانية والأملاك وتأديب من اعترف بسلطة رومة. وزار هذا المطران الصيفي في سجنه وفاوضه في العودة الى حضن الكنيسة الارثوذكسية فأبى.

وكان والي صيدا عثمان باشا ابو طوق صديقاً مقرباً للمطران الصيفي فاستصدر له عفوا من السلطنه (مقابل مبلغ مالي مغري تمت المفاوضة معه عليه) بعد ان شهد له بحسن السلوك وخرج افتيموس وجماعته من السجن.

لكنه وبعد عزل ابو طوق خاف على نفسه فاستصدر من القاضي الشرعي في صيدا فتوى شرعية تثبت التحقيق في قضيته وصدور العفو بحقه (بما خالف الواقع) وكان ذلك في حوالي 19 حزيران 1723 ( قسطنطين الباشا) وجال جولة رعائية زار فيها صور وصيدا وبعلبك ثم دمشق وبلغ به الاعياء اشده وعمره 80 سنة فتوفي فيها، ودفن في مدفن القديس جاورجيوس الارثوذكسي الخاص بالكهنة في اواخر تشرين الثاني سنة 1723.

في عام 1926 تم نقل شاهدة القبر سراً وفي الليل الى بطريركية الكاثوليك من قبل ناطور المدفن الذي رشوه، وبعد التحقيق معه من قبل مخفر الشاغور في الحادثة اعترف الناطور بذلك.  وتوثق الوثائق البطريركية هذه الحادثة ومجريات التحقيق وجواب رئيس شرطة دمشق لغبطة البطريرك غريغوريوس الرابع بأن شاهدة القبر موجودة في بطريركية الكاثوليك فأمر غبطته باغلاق الموضوع بقوله:” هم احق منا بذلك لأن افتيموس كان اول اسقف كاثوليكي.” وفي شهادة الخوري قسطنطين باشا في كتابه” تاريخ الطائفة الملكية.”مايخالف الوثيقة التي لدينا…حيث جاء فيها:” عثر بعض الفعلة العاملين في المدفن على حجر تاريخ افتيميوس فنقله بعض الرهبان سراً من المدفن الى محطة القطار في دمشق. فأعلم مدير الشرطة البطريرك غريغوريوس بذلك فقال قولته المأثورة اعلاه، فنقل الحجر الى دير المخلص.” وهذه الرواية غير صحيحة لأن صورة طبق الأصل عن محضر ضبط الشرطة من اول الشكوى بسرقة حجر القبر وجواب رئيس الشرطة موجودة في الوثائق البطريركية وهي اصدق إنباءً….! والواقع الوثائقي يحكي عكس ذلك(ان شاهدة القبر كانت معروفة وان الحادثة سجلت في شرطة دمشق على انها سرقة موصوفة وان رئيس شرطة دمشق رجا البطريرك غريغوريوس طي الموضوع للحساسية، وتوافقت رغبة البطريرك مع رغبة رئيس الشرطة ( والذين وسطوه لطي الموضوع) بالرغم من انها سرقة تمت من اوقاف طائفته،  وامر باغلاق الضبط وقال قولته المأثورة عنه.

اوردت هذه الوثيقة لأثبت لزميلنا د. كبكب بان ماكتبه بالاستناد الى مقالات هي محل نظر ونقد، وحتى نقض كلي، وان ماقام به البطريرك اثناسيوس بعزل افتيموس، ومن يعيثون في الكنيسة الدمشقية الارثوذكسية بتعاليم مخالفة للارثوذكسية ول”رسالة البطاركة”، وموقف بطريرك انطاكية اثناسيوس، هو حق مشروع لأنه كان في موقف الدفاع عن النفس، وعن كنيسته، بالرغم من الافساح في المجال للصيفي للعودة الى الكنيسة الأم كما مر… لابل قام وبعد شرائه حريته برشوة أبي طوق، استصدر حكماً شرعياً، من القاضي الشرعي بصيدا، مخالفاً للواقع قضى ببراءته وتابع تحدي البطريرك بتجواله وتبشيره في ابرشيته المعزول عنها وفي غيرها وبالذات تبشيره رعايا دمشق، لنفس الغرض ولكنه توفي فيها وقد بلغ من العمر 80 سنة، أي ان الوفاة ليست بسبب تأثير سجنه كما قيل في المقدمة، (وفقاً للزميل كبكب) بل بسبب تقدمه في السن…

وبوفاة البطريرك اثناسيوس الدباس 1724 كان التغلغل اليسوعي قد بلغ حده الأعظمي بين أوساط الرعية الأرثوذكسية بدمشق وحلب وصيدا، بالإضافة إلى الرهبنات وكهنة الرعايا، فظهرت الكثلكة واضحة، وخاصة في دمشق والحراك بين الفريقين لانتخاب بطريرك للكرسي خلفاً للبطريرك اثناسيوس. وقد ارتأى الشعب والأساقفة الأرثوذكس (للحفاظ على أرثوذكسية الكرسي الأنطاكي التي ومنذ اعتلاء الدباس السدة البطريركية، كان يجاهد ضد الكثلكة) انتداب خليفة له الكاهن سلبسترس القبرصي، وكان الدباس قد اوصى مسيحيي حلب وغيرها ان ينتدبوه، وسبق له وخدم عنده اولا كشماس، ورافقه في الكثير من اسفاره الى بلاد الفلاخ والبغدان وغيرها ثم انخرط في اكليروس الكنيسة القسطنطينية. وكان سلفستروس وقتئذ مقيماً في الجبل المقدس آثوس متنسكاً زاهدا.” (غطاس قندلفت تاريخ البطاركة الانطاكيين المنار 1899) وطلبوا من البطريركية المسكونية إرساله على اعتبار الامتيازات الممنوحة للبطريرك المسكوني لكونه زعيم (ملة الروم).

وقد انتخبه المجمع المسكوني بطريركاً على أنطاكية وأرسله على جناح السرعة إلى دمشق لضبط الأمور المضطربة في الكرسي الأنطاكي، في حين أن الفريق المتكثلك انتخب الخوري كيرلس طاناس ابن اخت الصيفي (وهو ربيب اليسوعيين ومدرسة رومه ايضاً كخاله) بطريركاً وأسماه كيرلس السادس وجرت رسامته بشكل غير شرعي ومخالف للأصول في الكنيسة عامة (راجع تاريخ انطاكية د.اسد رستم ج3 من الصفحة 138-)143  وتمت الرسامة في الكاتدرائية المريمية، ولم تأبه رومة لهذا الشذوذ وهذا الخروج على التقاليد الرسولية المقدسة فأصدر البابا بندكتوس الثالث عشر براءة رسولية في الخامس عشر من آذار سنة 1729 ثبت بها كيرلس طاناس بطريركاً على انطاكية وارسل له الباليوم…”  

 إلا أن وصول البطريرك الشرعي سلبسترس إلى دمشق جعله يغادرها إلى دير المخلص في صيدا، وكما اسلفنا، افرغ المقر البطريركي والكنيسة المريمية من التجهيزات الكنسية والبدلات الكهنوتية و… وكل شيء، وأخذها معه كأنه ملكه الشخصي… وجعل دير المخلص مقراً لبطريركيته وأعلن انشاء ابرشيات واقام لها مطارنة وكهنة وجمعيات رهبانية تبشيرية. وقد اعترفت الدولة العثمانية بها كنيسة مستقلة 1835 بعد ان وافق والي مصر والشام محمد علي باشا اولاً بها بفضل كبير مستشاري ابنه ابراهيم باشا السيد حنا البحري الكاثوليكي ،وقد وافقت على استقلالية الكاثوليك عن الكرسي الأنطاكي المقدس  تحت اسم (بطريركية أنطاكية و سائر المشرق والإسكندرية وأورشليم للروم الملكيين الكاثوليك) واحتفظت بالطقوس الشرقية الأرثوذكسية مع خضوعها في الوقت ذاته لرئاسة البابا فهو يثبت اساقفتها وبطاركتها كبقية الطوائف الشرقية المتحدة برومه.


الخلاصة والخاتمة

نحن مهما كتبنا لانفي البحث حقه، ولكنا نلخص ماقلناه بمايلي:

  • كنيسة مريم ارثوذكسية منذ مستهل القرن الثالث المسيحي بعد اندثار صاحبتها شيعة المريميين الهرطوقية، ولا مجال للادعاء ابداً انها كاثوليكية…بما سوقناه من اسانيد موضوعية.
  • كل الكنائس والأديرة التاريخية التي تعود الى ماقبل ظهور الروم الكاثوليك فعلياً مع كيرلس طاناس عام 1724 هي ارثوذكسية بالمطلق وهذه هي بديهية وطبيعة الأمور ومنطقها، وانها صارت بملكهم بوضع اليد كما بينا في سياق النص، وما اوردناه من بعض الأمثلة.
  • ان الادعاء بالظلم الواقع على الكاثوليك من الروم الارثوذكس وخاصة بفعل البطاركة والمطارنة خلال الفترة التي امتدت بين النشوء الفعلي العام 1724 والاعتراف الرسمي 1835 كان (ان صح هذا الادعاء) هو حق الرئاسات الروحية للدفاع عن بيعتها التي مزقتها قبلاً حراب الفرنجة وادمتها فعلاً لا قولاً وفق شهادات المؤرخين المسلمين المعاصرين خلال قرنين من الزمن، وهي رد فعل طبيعي على فعل الغدر الذي مارسته الرهبنات التي خانت الأمانة المعطاة لها من الرئاسة الروحية الأنطاكية منذ اواخر القرن 16 الى الربع الأول من القرن19 وتحديداً 1724 ولاحقاً في كل مكان، وخاصة في دمشق وحلب وصيدا والبلمند وزحلة… “احذروا من الذئاب الذين يأتوكم بثياب الحملان”. واكرر ان الحال لو كان معكوساً لكرر الاخوة المتباكون محاكم التفتيش التي امرت بقتل ابناء الطوائف الأخرى وحرقهم احياء…

    ورجاء التوقف عن ادعاء الذات كمضطهدة كالمسيحيين الأوائل، علما ان مامورس من استلاب منظم بعد الاعتراف الرسمي ببطريركية الكاثوليك في كل الكرسي الانطاكي للنفوس والبلدات والأديرة والكنائس وختامه في ظل الانتداب الفرنسي الكاثوليكي واضطهاد الارثوذكس يحتاج الى مجلدات لتدوينه…

  • ان في اي انفصال اضعاف للأصل ولفرعه، فالشجرة التي تفقد غصنا تضعف ويكون الفرع اساساً ضعيفاً والساقية المتفرعة من النهر يخف ماؤها تبعاً لنقص ماء النهر…لذا اتمنى ان يتوقف اصحاب الضغينة عن بثها لأنها لن تخدمهم بل بالعكس، لاسيما واننا اصبحنا اشباه رعايا في ظل المؤامرة الدولية الصهيونية الأصولية والممارسات الدموية بحقنا من تهجير وذبح وذبح كهنة وخطف كهنة وراهبات ومطارنة والصمت المريب المرافق لخطف ملاكي حلب بولس ويوحنا وكهنتها منذ حوالي اربعة سنوات…والاجدر وبدلاً من نكىء الجراح وصب الزيت على نار الفرقة وكأننا نتماشى مع السياسة الكونية بالطائفية والمذهبية، الأجدر العودة الى الشجرة الأم والنهر الأنطاكي ولنعد وحدة واحدة وهو ما يريده المسيحي حتى غير الممارس لايمانه …

واختم بالقول بالرغم من كل شيء فان الكنيسة عموماً والانطاكية خاصة باقية لأن “الله في وسطها فلن تتزعزع.”

اصلحنا الله واياكم سواء السبيل…

الهوامش

(1) في مؤتمر إعادة كتابة تاريخ بلاد الشام في عمان 2006 الذي اعدت له جامعات دمشق وعمان واليرموك اعترضنا على اعتماد تسمية الحروب الصليبية وتم اعتماد اعتراضنا لأن في هذه التسمية جرحاً لكرامة المسيحيين فالصليب ليس ادة للقتل وطالبنا بتثبيت التسمية الأساس وهي:”حروب الفرنجة” التي كانت معتمدة حتى من المؤرخين المسلمين المعاصرين لهذه الحملات التي دامت قرنين، وهي كانت حروباً استعمارية وهدفت إلى (لتننة) ارثوذكس الشرق، ولم تكن الطوائف الكاثوليكية قد نشأت بعد حيث كانت بواكيرنشوئها في القرن 16، واستعمل الفرنجة من المنكرات بحق اشقائهم في المسيحية ابناء الكرسي الأنطاكي وكنائس المشرق اللاخلقيدونية، الحديد والنارلإرغامهم على اعتناق الكثلكة والخضوع للبابوية،وبشهد التاريخ عن مجازر ارتكبها هؤلاء البرابرة  بحيث نال الكرسيان الانطاكي والأورشليمي نصيباً رئيساً في المنكرات الافرنجية.

2) الملكيون : في أعقاب مجمع خلقيدونية ، ونتيجة لرفض العائلة الشرقية اصحاب العقيدة والمشيئة الواحدتين، قرار هذا المجمع بأن للسيد المسيح طبيعتين إلهية وبشرية ومشيئتين إلهية وبشرية وان المسيح يجمع في ذاته الطبيعتين والمشيئتين. وكانت قد نشأت الكنيسة السريانية المستقلة عام 513 مسيحية وأطلق أصحابها على الخلقيدونيين لقب “ملكيين” تنزيلا وحطاً من قدرهم، فهم صنيعة  الملك البيزنطي يأتمرون بأمره ويقودهم ويطيعونه بكل شيء، لأن من أطلق فكرة الطبيعتين والمشيئتين هو الإمبراطور هرقل  ولاسيما ان الملوك البيزنطيون كانوا يدعون إلى المجامع ويرأسونها، والدولة الرومية البيزنطية كانت تتمثل بشخص الإمبراطور، والأباطرة الروميين كانوا حماة الايمان القويم. وبالمقابل فإن الخلقيدونيين لقبوا الرافضين باللاخلقيدونيين، وفي موضع آخر لقبوا السريان أصحاب الطبيعة الواحدة والمشيئة الواحدة بلقب اليعاقبة نسبة الى زعيمهم يعقوب البرادعي…

(3) وما إطلاق تسمية البطريرك من قبل مجمع “خلقيدونية” عام 451 على أسقف أنطاكية وحده دون سائر الكراسي الأخرى ( رومه والقسطنطينية والإسكندرية وأورشليم ).

مصادر البحث

– الوثائق البطريركية، وثائق ابرشية دمشق

– رستم، د.اسد كتاب “كنيسة مدينة الله انطاكية العظمى”

– رستم، د.اسد كتاب “نحن ورومة والفاتيكان”

– خريسوستموس، كتاب ” تاريخ كنيسة انطاكية”

-سميرنوف، كتاب:”كتاب تاريخ الكنيسة المسيحية”

– زيتون، د.جوزيف “سيرة القديس يوسف الدمشقي”

– زيتون، د.جوزيف” كنيسة القديس حنانيا الرسول الارثوذكسية في الميدان.”


Viewing all articles
Browse latest Browse all 1470

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>